حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

ج31وج.32.عمدة القارئ شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني

 

 ج31 .وج.32.عمدة القارئ   شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني

ج31.عمدة القارئ

وسعيد بن شرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وباللام الكندي مات سنة ثنتي عشرة ومائتين ويزيد هو من الزيادة وهو ابن أبي حبيب وأبو الخير وهو مرثد بن عبد الله ورجال هذا الحديث كلهم مصريون
وهذا الحديث قد مر في كتاب الجنائز في باب الصلاة على الشهداء فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن الليث إلى آخره نحوه
قوله إن النبي خرج يوما وفي بعض النسخ عن عقبة بن عامر عن النبي خرج يوما قيل حذف فيه لفظ إنه قلت يكون تقديره عن النبي أنه خرج وقيل هذه اللفظة تحذف كثيرا من الخط ولا بد من التلفظ بها قوله فرطكم بفتح الراء وهو الذي يتقدم الواردة فيهيء لهم الإرشاد والدلاء ونحوها قوله أعطيت مفاتيح خزائن الأرض وقال الكرماني وفي بعضها خزائن مفاتيح الأرض والأول أظهر قوله أن تنافسوا أصله أن تتنافسوا فحذفت إحدى التائين من التنافس وهو الرغبة في الشيء والانفراد به وكذلك المنافسة
7953 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( أسامة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أشرف ) النبي على أطم من الآطام فقال هل ترون ما أرى إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن أمر مغيب على الناس وأبو نعيم الفضل بن دكين وابن عيينة هو سفيان ابن عيينة
والحديث قد مضى في أواخر الحج في باب آطام المدينة فإنه أخرجه هناك عن علي عن سفيان إلى آخره
قوله على أطم الأطم يخفف ويثقل والجمع آطام وهو حصون لأهل المدينة والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم أي أنها لكثيرة وتعم الناس لا تختص بها طائفة قال الكرماني وهذا إشارة إلى الحروب الحادثة فيها كوقعة الحرة وغيرها
8953 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( عروة بن الزبير ) أن ( زينب بنت أبي سلمة حدثته ) أن أم ( حبيبة بنت أبي سفيان حدثتها ) عن ( زينب بنت جحش ) أن النبي دخل عليها فزعا يقول لا إلاه إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بإصبعه وبالتي تليها فقالت زينب فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن أمر مغيب عن الناس وقد شاهده هو وأبو اليمان الحكم بن نافع
وفيه ثلاث صحابيات وهي زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي واسم أبي سلمة عبد الرحمن بن عبد الأسد وأم حبيبة زوج النبي واسمها رملة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش زوج النبي وفي مسلم روى الحديث زينب عن حبيبة عن أمها عن زينب فاجتمعت فيه أربع صحابيات وقد مضى الحديث في أحاديث الأنبياء في باب قصة يأجوج ومأجوج ومضى الكلام فيه هناك
قوله فزعا أي خائفا مما أخبر به أنه يصيب أمته قوله ويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة ولا يترحم عليه و ويح كلمة تقال لمن وقع في هلكة يترحم عليه قوله للعرب يعني للمسلمين لأن أكثر المسلمين العرب ومواليهم قوله من ردم يأجوج ومأجوج أي من سدهم قوله بإصبعه أي الإبهام وقد صرح به في كتاب الأنبياء في باب ويسألونك عن ذي القرنين ( الكهف 38 ) قوله أنهلك وفينا الصالحون أرادت أيقع الهلاك بقوم وفيهم من لا يستحق ذلك قال نعم إذا كثر الخبث أي الزنا وقيل إذا عز الأشرار وذل الصالحون

(16/136)


9953 - وعن ( الزهري حدثتني هند بنت الحارث ) أن أم ( سلمة ) قالت استيقظ النبي فقال سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن وماذا أنزل من الفتن
هو عطف على الزهري في الحديث السابق متصل به في الإسناد وأورده مختصرا وتمامه يأتي في الفتن عن أبي اليمان المذكور آنفا قوله ماذا أنزل من الخزائن قال الداودي الخزائن الكنوز والفتن ههنا القتال الذي يكون بين المسلمين وقيل خزائن الله علم غيوبه التي لا يعلمها إلا هو
00 - 6 - 3 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون ) عن ( عبد الرحمن ابن أبي صعصعة ) عن أبيه عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال قال لي إني أراك تحب الغنم وتتخذها فأصلحها وأصلح رعامها فإني سمعت النبي يقول يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم يتبع بها شعف الجبال أو سعف الجبال في مواقع القطر يفر بدينه من الفتن
مطابقته للترجمة في قوله يأتي على الناس زمان إلى آخره وأبو نعيم الفضل بن دكين وعبد العزيز بن أبي سلمة هو عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة واسم أبي سلمة دينار والماجشون بكسر الجيم وفتحها وضمها قال الكرماني وفي بعض النسخ عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون بزيادة لفظة ابن بعد أبي سلمة والصواب عدمه وجاز فيه ضم النون لأنه صفة لعبد العزيز ويجوز كسرها لأنه صفة لأبي سلمة قلت وقال ابن سعد يعقوب بن أبي سلمة هو الماجشون فسمي بذلك هو وولده فيعرفون جميعا بالماجشون وسمي بذلك لأن وجنتيه كانتا حمراوان فسمي بالفارسية الما يكون فيه خمر شبه وجنتاه بالخمر فعربه أهل المدينة فقالوا الماجشون ويعقوب بن أبي سلمة هو عم عبد العزيز المذكور وعبد الرحمن بن أبي صعصعة هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ينسب إلى جده وروايته لهذا الحديث عن أبيه لا عن أبي صعصعة فافهم
وأول الحديث مضى في باب ذكر الجن وثوابهم فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
وقوله يأتي على الناس زمان إلى آخره في باب خير مال المسلم غنم ولكن فيها بعض زيادة ونقص في المتن يعرف عند النظر وقوله رعامها بضم الراء وتخفيف العين المهملة وهو المخاط يقال شاة رعوم بها ماء يسيل من أنفها الرعام أي نح الرعام منها ويروى رعاتها جمع الراعي نحو القضاة والقاضي قوله شعف الجبال بالشين المعجمة قوله أو سعف الجبال بالسين المهملة شك من الراوي وهو جمع سعفة في رأس الجبل والشك إما في حركة العين وسكونها وإما في السين المهملة أو المعجمة وهي غصن النخل وقال ابن الأثير غصن النخل إذا يبس يسمى سعفة بالسين المهملة وإذا كان رطبا فهي شطبة والشعف بالشين المعجمة رأس جبل من الجبال ومنه قيل لأعلى شعر الرأس شعفة
1063 - حدثنا ( عبد العزيز الأويسي ) حدثنا ( إبراهيم ) عن ( صالح بن كيسان ) عن ( ابن شهاب ) عن ( ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن فتن ستقع وهذا من علامات النبوة وعبد العزيز هو ابن عبد الله ابن يحيى أبو القاسم القرشي الأويسي بضم الهمزة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة نسبة

(16/137)


إلى أويس أحد أجداده وهو من أفراده وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
وفيه ثلاثة من التابعين إثنان منهم مذكوران بالابن والثالث بالكنية والحديث أخرجه مسلم
قوله فتن بكسر الفاء جمع فتنة قوله ومن يشرف بضم الياء آخر الحروف من الإشراف وهو الانتصاب للشيء والتطلع إليه والتعرض له ويروى من تشرف على وزن تفعل من الماضي وكذا في رواية مسلم قوله تستشرفه أي تغلبه وتصرعه وقيل هو من الإشراف على الهلاك أي تستهلكه وقيل من طلع لها بشخصه طالعته بشرفها قوله ملجأ أي موضعا يلتجىء إليه فليعذ به وهو أمر للغائب من عاذ به قوله أو معاذا شك من الراوي وهو بمعنى ملجأ أيضا
وفيه الحث على تجنب الفتن والهرب منها وأن شرها يكون بحسب التعلق بها
2063 - وعن ( ابن شهاب ) حدثني ( أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ) عن ( عبد الرحمان بن مطيع ابن الأسود ) عن ( نوفل بن معاوية ) مثل حديث أبي هريرة هذا إلا أن أبا بكر يزيد من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله
هو بإسناد حديث أبي هريرة إلى الزهري وشيخ الزهري هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي المدني الضرير ويقال له راهب قريش لكثرة صلاته ويقال اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن وعبد الرحمن بن مطيع بن الأسود بن حارثة يكنى أبا عبد الله وعبد الرحمن هذا تابعي على الصحيح وذكره ابن حبان وابن منده في الصحابة وأخوه عبد الله بن مطيع الذي ولي الكوفة مذكور في الصحابة وعبد الرحمن هذا ليس له في البخاري إلا هذا الحديث ونوفل بن معاوية بن عروة الكناني الديلي وهو من مسلمة الفتح عاش إلى خلافة يزيد بن معاوية ويقال إنه جاوز المائة وليس له في البخاري غير هذا الحديث وهو خال عبد الرحمن بن مطيع الراوي عنه
والحديث أخرجه مسلم أيضا عن عمرو الناقد والحسن الحلواني وعبد بن حميد
قوله مثل حديث أبي هريرة هذا أشار به إلى الحديث السابق الذي رواه أبو هريرة قوله إلا أن أبا بكر أي شيخ الزهري قوله يزيد من الصلاة إلى آخره قيل يحتمل أن يكون زاده مرسلا ويحتمل أن يكون بالإسناد المذكور عن عبد الرحمن بن مطيع قوله من الصلاة المراد بها صلاة العصر وقد صرح بذلك النسائي في روايته قوله أهله وماله بالنصب فيهما وهو من وتره حقه أي نقصه
3063 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( زيد بن وهب ) عن ( ابن مسعود ) عن النبي قال ستكون أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله فما تأمرنا قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ( الحديث 3063 - طرفه في 2507 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن الأمور التي ستقع ورجاله قد ذكروا غير مرة والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن مسدد وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أبي سعيد الأشج وعن أبي كريب ومحمد بن عبد الله بن نمير وعن عثمان بن أبي شيبة الكل عن الأعمش وأخرجه الترمذي في الفتن عن محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد به
قوله أثرة بفتح الهمزة وفتح الثاء المثلثة وبضم الهمزة وسكون الثاء أي استبداد واختصاص بالأموال فيما حقه الاشتراك قوله تؤدون الحق الذي عليكم قيل المراد بالحق السمع والطاعة للأئمة ولا يخرج عليهم قوله وتسألون الله الذي لكم

(16/138)


4063 - حدثني ( محمد بن عبد الرحيم ) حدثنا ( أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) عن ( أبي زرعة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله يهلك الناس هذا الحي من قريش قالوا فما تأمرنا قال لو أن الناس اعتزلوهم
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن المغيبات ومحمد بن عبد الرحيم الملقب بصاعقة مر في الوضوء وأبو معمر بفتح الميمين اسمه إسماعيل بن إبراهيم الهذلي الهروي البغدادي مات سنة ست وثلاثين ومائتين وهو أحد مشايخ البخاري ومسلم وروى البخاري عنه ههنا بواسطة وهو صاعقة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وأبو أسامة حماد ابن أسامة وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف واسمه يزيد بن حميد الضبعي مات سنة ثمان وعشرين ومائة وأبو التياح لقبه وكنيته أبو حماد وأبو زرعة بضم الزاي وسكون الراء اسمه هرم بن عمرو بن حريز بن عبد الله البجلي
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أحمد بن إبراهيم الدورقي
قوله يهلك بضم الياء من الإهلاك والناس بالنصب مفعوله وقوله هذا الحي بالرفع فاعله يعني بسبب وقوع الفتن والحروب بينهم يتخبط أحوال الناس قوله لو أن الناس جزاؤه محذوف تقديره لكان خيرا ونحو ذلك ويجوز أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب
قال محمود حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة عن أبي التياح سمعت أبا زرعة
محمود بن غيلان هو أحد مشايخ البخاري المشهورين وأبو داود سليمان الطيالسي ولم يخرج له البخاري إلا استشهادا وأراد بذلك تصريح أبي التياح بسماعه من أبي زرعة
5063 - حدثنا ( أحمد بن محمد المكي ) حدثنا ( عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ) عن جده قال ( كنت مع مروان وأبي هريرة فسمعت أبا هريرة ) يقول سمعت الصادق المصدوق يقول هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش فقال مروان غلمة قال أبو هريرة إن شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن محمد بن الوليد أبو محمد الأزرقي المكي ويقال الزرقي المكي وعمرو بن يحيى ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص أبو أمية القرشي سمع جده سعيد بن عمرو أبا عثمان القرشي الكوفي وروى له مسلم أيضا إلا أن ابن ابنه عمرو من أفراد البخاري وكذلك أحمد بن محمد من أفراده
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن موسى بن إسماعيل
قوله الصادق في نفسه والمصدوق من عند الله والمصدق من عند الناس قوله غلمة بكسر الغين جمع غلام جمع قلة والغلام الطار الشارب وقال بعضهم قال الكرماني تعجب مروان من وقوع ذلك من غلمة فأجابه أبو هريرة إن شئت صرحت بأسمائهم انتهى وكأنه غفل عن الطريق المذكورة في الفتن فإنها ظاهرة في أن مروان لم يوردها مورد التعجب فإن لفظه هناك فقال مروان لعنة الله عليهم غلمة فظهر أن في هذه الطريق اختصارا انتهى قلت لا مانع من تعجبه من ذلك مع لعنه عليهم فلا وجه لنسبته إلى التغفل قوله إن شئت خطاب لمروان ويروى إن شئتم خطاب له ولمن كان معه أو يكون له للتعظيم
6063 - حدثنا يحيى بن موسى حدثني الوليد قال حدثني الوليد قال حدثني ابن جابر قال حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي قال حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر

(16/139)


مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا فقال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك
مطابقته للترجمة ظاهرة مثل الذي ذكرناه فيما قبل و ( يحيى بن موسى ) بن عبد ربه السختياني البلخي الذي يقال له خت بفتح الخاء المعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق و ( الوليد ) هو ابن مسلم القرشي الأموي أبو العباس الدمشقي و ( ابن جابر ) هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر مر في الصلاة وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن عبيد الله بضم العين مصغر الحضرمي بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وأبو إدريس إسمه عائذ الله بالعين المهملة وبالذال المعجمة من العوذ ابن عبد الله الخولاني وهؤلاء الأربعة شاميون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن أبي موسى محمد بن المثنى به وأخرجه مسلم قال المزي في الفتن وليس كذلك وإنما أخرجه في كتاب الإمارة والجماعة عن محمد بن المثنى به وأخرجه ابن ماجه في الفتن عن علي بن محمد ببعضه
قوله مخافة نصب على التعليل وكلمة أن مصدرية قوله دخن بفتح الدال المهملة والخاء المعجمة وهو الدخان والمعنى ليس خيرا خالصا ولكن يكون معه شوب وكدورة بمنزلة الدخان في النار وقيل الدخن الأمور المكروهة قاله ابن فارس وقال صاحب ( العين ) الدخن الحقد وقال أبو عبيد تفسيره في الحديث الآخر وهو قوله لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه وفي ( الجامع ) هو فساد في القلب وهو مثل الدغل وقال النووي المراد من الدخن أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء قوله بغير هدي بالتنوين ويروى بغير هدى بضم الهاء وتنوين الدال ويروى بغير هديي بإضافة الهدي إلى ياء المتكلم قوله تعرف منهم وتنكر قال القاضي عياض الخير بعد الشر أيام عمر بن عبد العزيز والذي يعرف منهم وينكر الأمراء بعده ومنهم من يدعو إلى بدعة أو ضلالة كالخوارج ونحوهم قوله دعاة بضم الدال جمع داع قوله من جلدتنا قال الكرماني أي من العرب وقال الخطابي أي من أنفسنا وقومنا والجلد غشاء البدن واللون إنما يظهر فيه وقال الداودي من بني آدم وقال الشيخ أبو الحسن أراد أنهم في الظاهر مثلنا معنا وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وجلدة الشيء ظاهره قوله ولو أن تعض أي ولو كان الاعتزال بأن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك العض بالأسنان وهو من باب عضض يعضض مثل مس يمس ومنه قوله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه ( الفرقان 72 ) فأدغمت الضاد في الضاد فصار عض يعض وحكى القزاز ضم العين في المضارع مثل شد يشد قوله وأنت على ذلك الواو فيه للحال
7063 - حدثني ( محمد بن المثنى ) قال حدثني ( يحيى بن سعيد ) عن ( إسماعيل ) حدثني ( قيس ) عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر ( انظر الحديث 6063 وطرفه )
هذا طريق آخر من حديث حذيفة أخرجه محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي الكوفي عن قيس بن أبي حازم عنه
قوله تعلم على وزن تفعل ماض من التعلم وأصحابي فاعله والخير بالنصب مفعوله وتعلمت من باب التفعل أيضا أي وتعلمت أنا الشر والمعنى أصحابي كانوا يسألون عن أبواب الخير ويتعلمون الخير وإنا كنت

(16/140)


أخاف على نفسي من إدراك الشر وتعلمت من ذلك ما يجلب الخير ويدفع الشر
8063 - حدثنا ( الحكم بن نافع ) حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أبو سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه إخبارا عن الغيب
قوله فئتان بكسر الفاء بعدها همزة مفتوحة تثنية فئة وهي الجماعة قال بعضهم المراد بهما من كان مع علي ومعاوية لما تحاربا بصفين قوله دعواهما أي دينهما واحد لأن كلا منهما كان يتسمى بالإسلام أو المراد أن كلا منهما كان يدعي أنه المحق وذلك أن عليا رضي الله تعالى عنه كان إذ ذاك إمام المسلمين وأفضلهم يومئذ باتفاق أهل السنة ولأن أهل الحل والعقد بايعوه بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وتخلف عن بيعته أهل الشام وقال الكرماني دعواهما واحدة أي يدعي كل منهما أنه على الحق وخصمه مبطل ولا بد أن يكون أحدهما مصيبا والآخر مخطئا كما كان بين علي ومعاوية وكان علي رضي الله تعالى عنه هو المصيب ومخالفه مخطىء معذور في الخطأ لأنه بالإجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه وقال إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر انتهى وفيه نظر وهو موضع التأمل بل الأحسن السكوت عن ذلك
113 - ( حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال لا تقوم الساعة حتى يقتتل فتيان فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواها واحدة ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله )
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة المذكور وفيه زيادة وهي قوله تكون بينهما مقتلة عظيمة وقوله ولا تقوم الساعة حتى يبعث إلى آخره قوله مقتلة عظيمة المقتلة بفتح الميم مصدر ميمي أي قتل عظيم فإن كان المراد من الفئتين فئة علي وفئة معاوية كما زعموا فقد قتل بينهما وحكى ابن الجوزي في المنتظم عن أبي الحسن البراء قال قتل بصفين سبعون ألفا خمسة وعشرون ألفا من أهل العراق وخمسة وأربعون ألفا من أهل الشام فمن أصحاب أمير المؤمنين علي خمسة وعشرون بدريا وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام وكانت فيه تسعون وقعة وحكى عن ابن سيف أنه قال أقاموا بصفين تسعة أو سبعة أشهر وكان القتال بينهم سبعين زحفا قال وقال الزهري بلغني أنه كان يدفن في القبر الواحد خمسون رجلا قوله حتى يبعث على صيغة المجهول أي حتى يخرج ويظهر وليس المراد بالبعث الإرسال المقارن للنبوة بل هو كقوله تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين قوله دجالون جمع دجال واشتقاقه من الدجل وهو التخليط والتمويه ويطلق على الكذب فعلى هذا قوله كذابون تأكيد قوله قريبا نصب على الحال من النكرة الموصوفة ووقع في رواية أحمد قريب بالرفع على أنه صفة بعد صفة قوله من ثلاثين أي ثلاثين نفسا كل واحد منهم يزعم أنه رسول الله وعد منهم عبد الله بن الزبير ثلاثة وهم مسيلمة والأسود العنسي والمختار رواه أبو يعلى في مسنده بإسناد حسن عن عبد الله بن الزبير بلفظ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا منهم مسيلمة والعنسي والمختار ( قلت ) ومنهم طليحة بن خويلد وسجاح التميمية والحارث الكذاب وجماعة في خلافة بني العباس وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقا فإنهم لا يحصون كثرة لكون غالبهم من نشأة جنون أو سوداء غالبة وإنما المراد من كانت له شوكة وسول لهم الشيطان بشبهة قلت خرج مسيلمة باليمامة والأسود باليمن في آخر زمن النبي وقتل الأسود قبل أن يموت النبي وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وخرج طليحة في خلافة أبي بكر ثم تاب ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وقيل أن سجاح تابت والمختار بن عبيد الله الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير

(16/141)


ثم ادعى النبوة وزعم أن جبريل عليه الصلاة و السلام يأتيه وقتل في سنة بضع وستين والحارث خرج في خلافة عبد الملك بن مروان فقتل
114 - ( حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي الذي نعته )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم وفي استتابة المرتدين عن عبد الله بن محمد وفي فضائل القرآن عن عبد الله بن يوسف وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن المثنى به وعن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى وأحمد بن عبد الرحمن وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين وفي التفسير عن محمد بن عبد الأعلى وأخرجه ابن ماجه في السنة عن أبي بكر بن أبي شيبة
( ذكر معناه ) الكلام في بينما قد مر غير مرة قوله وهو يقسم الواو فيه للحال قوله أتاه ذو الخويصرة بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وكسر الصاد المهملة وبالراء وفي تفسير الثعلبي بينا رسول الله يقسم غنائم هوازن جاءه ذو الخويصرة التميمي أصل الخوارج فقال اعدل قال هذا غير ذي الخويصرة اليماني الذي بال في المسجد وقال ابن الأثير في كتاب الأذواء ذو الخويصرة رجل صحابي من بني تميم وهو الذي قال للنبي في قسم قسمه اعدل انتهى ولما ذكره السهيلي عقبه بقوله ويذكر عن الواقدي أنه حرقوص بن زهير الكعبي من سعد تميم وكان لحرقوص هذا مشاهد كثيرة مشهورة محمودة في حرب العراق مع الفرس أيام عمر رضي الله تعالى عنه ثم صار خارجيا قال وليس ذو الخويصرة هذا هو ذو الثدية الذي قتله علي رضي الله تعالى عنه بالنهروان ذاك اسمه نافع ذكره أبو داود وقيل المعروف أن ذا الثدية اسمه حرقوص وهو الذي حمل على علي رضي الله تعالى ليقتله فقتله علي رضي الله تعالى عنه قوله قد خبت بلفظ المتكلم وبالخطاب أي خبت أنت لكونك تابعا ومقتديا لمن لا يعدل والفتح أشهر وأوجه قوله فقال عمر أي ابن الخطاب وقال في موضع آخر فقال خالد بن الوليد ائذن لي في قتله ولا مانع أن يكون كل منهما استأذن في ذلك قوله فإن له أصحابا الفاء فيه ليس للتعليل في ترك القتل في كون الأصحاب له وإن استحق

(16/142)


وفتح الثاء المثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي الكوفي ورث مائتي ألف وأنفقها على أهل العلم وسويد بضم السين المهملة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف ابن غفلة بفتح الغين المعجمة والفاء وقد مر في أول كتاب اللقطة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن عن محمد بن كثير عن سفيان أيضا وفي استتابة المرتدين عن عمر بن حفص وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن عبد الله بن نمير وأبي سعيد الأشج وعن إسحاق بن إبراهيم وعن عثمان بن أبي شيبة وأبي بكر بن أبي كريب وزهير وعن أبي بكر بن نافع ومحمد بن أبي بكر الكل عن الأعمش عن خيثمة وأخرجه أبو داود في السنة عن محمد بن كثير وأخرجه النسائي في المحاربة عن محمد بن بشار ولم يذكر صدر الحديث
قوله فلإن أخر من الخرور وهو الوقوع والسقوط قوله خدعة بفتح الخاء المعجمة وضمها وكسرها والظاهر إباحة الكذب في الحرب لكن الاقتصار على التعريض أفضل قوله حدثاء الأسنان أي الصغار وقد يعبر عن السن بالعمر والحدثاء جمع حديث السن وكذا يقال غلمان حدثان بالضم قوله سفهاء الأحلام أي ضعفاء العقول والسفهاء جمع سفيه وهو خفيف العقل قوله يقولون من قول خير البرية أي من السنة وهو قول محمد خير الخليقة قال الكرماني ويروى من خير قول البرية أي من القرآن ويحتمل أن تكون الإضافة من باب ما يكون المضاف داخلا في المضاف إليه وحينئذ يراد به السنة لا القرآن هو كما قال الخوارج لا حكم إلا لله في قضية التحكيم وكانت كلمة حق ولكن أرادوا بها باطلا قوله يمرقون أي يخرجون وقد مر عن قريب قوله حناجرهم جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق قوله فإن قتلهم أجر لمن قتلهم هذا هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم وإنما كان الأجر في قتلهم لأنهم يشغلون عن الجهاد ويسعون بالفساد لافتراق كلمة المسلمين
2163 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) عن ( خباب بن الأرت ) قال ( شكونا إلى ) رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو القطان وإسماعيل بن أبي خالد وقيس بن أبي حازم البجلي وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة والراء وبالتاء المثناة من فوق كان سادس ستة في الإسلام مات بالكوفة رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الإكراه عن مسدد وفي مبعث النبي عن الحميدي وأخرجه أبو داود في الجهاد عن عمرو بن عون وعن خالد بن عبد الله وأخرجه النسائي في العلم عن عبدة ابن عبد الرحمن وفي الزينة عن يعقوب بن إبراهيم وابن المثنى ببعضه
قوله وهو متوسد والواو فيه للحال وبردة منصوبة به وهي نوع من الثياب معروف وكذلك البرد قوله ألا تستنصر أي ألا تطلب النصرة من الله لنا على الكفار وهذا بيان لقوله شكونا وكلمة ألا في الموضعين للحث والتحريض قوله بالمنشار بكسر الميم وسكون النون وهو آلة نشر الخشب ويقال أيضا الميشار بالياء آخر الحروف الساكنة موضع النون من نشرت الخشبة إذا قطعتها قوله ما دون لحمه أي تحت لحمه أو عند لحمه قوله ليتمن بفتح اللام وبالنون الثقيلة قوله من صنعاء إلى حضرموت قال الكرماني وصنعاء بفتح الصاد المهملة وسكون النون وبالمد قاعدة اليمن ومدينته العظمى و حضرموت بفتح الحاء المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء والميم بلدة أيضا باليمن وجاز في مثله بناء الإسمين وبناء الأول وإعراب الثاني فإن قلت لا مبالغة فيه لأنهما بلدان متقاربان

(16/144)


قلت الغرض بيان انتفاء الخوف من الكفار على المسلمين ويحتمل أن يراد بها صنعاء الروم أو صنعاء دمشق قرية في جانبها الغربي في ناحية الربوة قال الجوهري حضرموت اسم قبيلة أيضا انتهى كلامه قلت قال ياقوت في ( المشترك ) صنعاء اليمن أعظم مدنها وأجلها تشبه دمشق في كثرة البساتين والمياه وصنعاء قرية على باب دمشق من ناحية باب الفراديس واتصلت حيطانها بالعقبية وهي محلة في ظاهر دمشق قلت قوله لأنهما بلدان متقاربان وليس كذلك لأن بين عدن وصنعاء ثلاث مراحل وبين حضرموت والشحر أربعة أيام وبينه وبين عدن مسافة بعيدة فعلى هذا يكون بين صنعاء وحضرموت أكثر من أربعة أيام قوله أو الذئب عطف على الاسم الأعظم وإن أحتمل أن يعطف على المستثنى منه المقدر قوله ولكنكم تستعجلون وحاصل المعنى لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا فصبروا وأخبرهم الشارع بذلك ليقوى صبرهم على الأذى
3163 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد حدثنا ابن عون قال أنبأنا موسى ابن أنس عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال ما شأنك فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة ( الحديث 3163 - طرفه في 6484 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة لأن هذا أمر لا يطلع عليه إلا النبي وأخبر النبي أنه يعيش حميدا ويموت شهيدا فلما كان يوم اليمامة ثبت حتى قتل وروى ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس وفي قصة ثابت بن قيس فقال في آخرها قال أنس قلنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان في بعضنا بعض الانكشاف فأقبل وقد تكفن وتحنط فقاتل حتى قتل
ذكر رجاله وهم خمسة علي بن عبد الله المعروف بابن المديني وأزهر بفتح الهمزة وسكون الزاي ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه
ذكر معناه قوله أنبأنا موسى بن أنس ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس وأخرجه أبو نعيم عن الطبراني عنه وقال لا أدري ممن الوهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون عن موسى بن أنس قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) قعد ثابت بن قيس في بيته الحديث وهذا صورته مرسل إلا أنه يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة قوله افتقد ثابت بن قيس وقيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا قوله فقال رجل قيل هو سعد بن معاذ لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس فسأل النبي سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى فقال سعد إنه لجاري وما علمت له شكوى فإن قلت الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره وكان ذلك في سنة تسع وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة وذلك في سنة خمس قلت أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة وهو قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات 1 ) وقيل الرجل المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في ( تفسيره ) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن أنس في هذه القصة فقال سعد بن عبادة يا رسول الله هو جاري الحديث

(16/145)


قيل هو أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى قوله أنا أعلم لك هكذا رواية الأكثرين وقال الكرماني كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام وفي بعضها أنا أعلم قلت كأن النسخ التي وقعت عندهم ألا أعلم موضع أنا أعلم فلذلك قال كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام ثم أشار إلى رواية الأكثرين وهي أنا أعلم بقوله وفي بعضها أنا أعلم قوله لك أي لأجلك قوله علمه أي خبره قوله فأتاه أي فأتى الرجل المذكور ثابت بن قيس فوجده جالسا في بيته وقوله جالسا ومنكسا حالان مترادفان أو متداخلان ورأسه منصوب بقوله منكسا قوله ما شأنك أي ما حالك قوله فقال شر أي فقال ثابت حالي شر قوله كان يرفع صوته هذا التفات ومقتضى الحال إن يقول كنت أرفع صوتي ولكنه التفت من الحاضر إلى الغائب قوله فقد حبط عمله أي بطل وكان القياس فيه أيضا أن يقول فقد حبط عملي وكذا قوله وهو من أهل النار والقياس فيه وأنا من أهل النار قوله فأتى الرجل فأخبره أي فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا وكان ثابت لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) جلس في بيته وقال أنا من أهل النار وفي رواية لمسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا قوله فقال موسى بن أنس وهو الراوي المذكور عن أبيه أنس قوله فرجع المرة الآخرة أي فرجع الرجل المذكور ويروى المرة الأخرى قوله ببشارة بضم الباء وكسرها والكسر أشهر وهي الخبر السار سميت بذلك لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه قوله فقال إذهب إليه بيان البشارة أي فقال النبي للرجل المذكور إذهب إلى ثابت بن قيس فقل له إلى آخره فإن قلت فيه زيادة العدد على المبشرين بالجنة قلت التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد أو المراد بالعشرة الذين بشروا بها دفعة واحدة أو بلفظ البشارة وكيف لا والحسن والحسين وأزواج النبي من أهل الجنة قطعا ونحوهم
2163 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) عن ( خباب بن الأرت ) قال ( شكونا إلى ) رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو القطان وإسماعيل بن أبي خالد وقيس بن أبي حازم البجلي وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة والراء وبالتاء المثناة من فوق كان سادس ستة في الإسلام مات بالكوفة رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الإكراه عن مسدد وفي مبعث النبي عن الحميدي وأخرجه أبو داود في الجهاد عن عمرو بن عون وعن خالد بن عبد الله وأخرجه النسائي في العلم عن عبدة ابن عبد الرحمن وفي الزينة عن يعقوب بن إبراهيم وابن المثنى ببعضه
قوله وهو متوسد والواو فيه للحال وبردة منصوبة به وهي نوع من الثياب معروف وكذلك البرد قوله ألا تستنصر أي ألا تطلب النصرة من الله لنا على الكفار وهذا بيان لقوله شكونا وكلمة ألا في الموضعين للحث والتحريض قوله بالمنشار بكسر الميم وسكون النون وهو آلة نشر الخشب ويقال أيضا الميشار بالياء آخر الحروف الساكنة موضع النون من نشرت الخشبة إذا قطعتها قوله ما دون لحمه أي تحت لحمه أو عند لحمه قوله ليتمن بفتح اللام وبالنون الثقيلة قوله من صنعاء إلى حضرموت قال الكرماني وصنعاء بفتح الصاد المهملة وسكون النون وبالمد قاعدة اليمن ومدينته العظمى و حضرموت بفتح الحاء المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء والميم بلدة أيضا باليمن وجاز في مثله بناء الإسمين وبناء الأول وإعراب الثاني فإن قلت لا مبالغة فيه لأنهما بلدان متقاربان قلت الغرض بيان انتفاء الخوف من الكفار على المسلمين ويحتمل أن يراد بها صنعاء الروم أو صنعاء دمشق قرية في جانبها الغربي في ناحية الربوة قال الجوهري حضرموت اسم قبيلة أيضا انتهى كلامه قلت قال ياقوت في ( المشترك ) صنعاء اليمن أعظم مدنها وأجلها تشبه دمشق في كثرة البساتين والمياه وصنعاء قرية على باب دمشق من ناحية باب الفراديس واتصلت حيطانها بالعقبية وهي محلة في ظاهر دمشق قلت قوله لأنهما بلدان متقاربان وليس كذلك لأن بين عدن وصنعاء ثلاث مراحل وبين حضرموت والشحر أربعة أيام وبينه وبين عدن مسافة بعيدة فعلى هذا يكون بين صنعاء وحضرموت أكثر من أربعة أيام قوله أو الذئب عطف على الاسم الأعظم وإن أحتمل أن يعطف على المستثنى منه المقدر قوله ولكنكم تستعجلون وحاصل المعنى لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا فصبروا وأخبرهم الشارع بذلك ليقوى صبرهم على الأذى
3163 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد حدثنا ابن عون قال أنبأنا موسى ابن أنس عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال ما شأنك فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة ( الحديث 3163 - طرفه في 6484 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة لأن هذا أمر لا يطلع عليه إلا النبي وأخبر النبي أنه يعيش حميدا ويموت شهيدا فلما كان يوم اليمامة ثبت حتى قتل وروى ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس وفي قصة ثابت بن قيس فقال في آخرها قال أنس قلنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان في بعضنا بعض الانكشاف فأقبل وقد تكفن وتحنط فقاتل حتى قتل
ذكر رجاله وهم خمسة علي بن عبد الله المعروف بابن المديني وأزهر بفتح الهمزة وسكون الزاي ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه
ذكر معناه قوله أنبأنا موسى بن أنس ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس وأخرجه أبو نعيم عن الطبراني عنه وقال لا أدري ممن الوهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون عن موسى بن أنس قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) قعد ثابت بن قيس في بيته الحديث وهذا صورته مرسل إلا أنه يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة قوله افتقد ثابت بن قيس وقيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا قوله فقال رجل قيل هو سعد بن معاذ لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس فسأل النبي سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى فقال سعد إنه لجاري وما علمت له شكوى فإن قلت الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس وغيره وكان ذلك في سنة تسع وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة وذلك في سنة خمس قلت أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت والذي نزل في قصة الأقرع أول السورة وهو قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات 1 ) وقيل الرجل المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في ( تفسيره ) من طريق سعيد بن بشر عن قتادة عن أنس في هذه القصة فقال سعد بن عبادة يا رسول الله هو جاري الحديث قيل هو أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى قوله أنا أعلم لك هكذا رواية الأكثرين وقال الكرماني كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام وفي بعضها أنا أعلم قلت كأن النسخ التي وقعت عندهم ألا أعلم موضع أنا أعلم فلذلك قال كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام ثم أشار إلى رواية الأكثرين وهي أنا أعلم بقوله وفي بعضها أنا أعلم قوله لك أي لأجلك قوله علمه أي خبره قوله فأتاه أي فأتى الرجل المذكور ثابت بن قيس فوجده جالسا في بيته وقوله جالسا ومنكسا حالان مترادفان أو متداخلان ورأسه منصوب بقوله منكسا قوله ما شأنك أي ما حالك قوله فقال شر أي فقال ثابت حالي شر قوله كان يرفع صوته هذا التفات ومقتضى الحال إن يقول كنت أرفع صوتي ولكنه التفت من الحاضر إلى الغائب قوله فقد حبط عمله أي بطل وكان القياس فيه أيضا أن يقول فقد حبط عملي وكذا قوله وهو من أهل النار والقياس فيه وأنا من أهل النار قوله فأتى الرجل فأخبره أي فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا وكان ثابت لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) جلس في بيته وقال أنا من أهل النار وفي رواية لمسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا قوله فقال موسى بن أنس وهو الراوي المذكور عن أبيه أنس قوله فرجع المرة الآخرة أي فرجع الرجل المذكور ويروى المرة الأخرى قوله ببشارة بضم الباء وكسرها والكسر أشهر وهي الخبر السار سميت بذلك لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه قوله فقال إذهب إليه بيان البشارة أي فقال النبي للرجل المذكور إذهب إلى ثابت بن قيس فقل له إلى آخره فإن قلت فيه زيادة العدد على المبشرين بالجنة قلت التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد أو المراد بالعشرة الذين بشروا بها دفعة واحدة أو بلفظ البشارة وكيف لا والحسن والحسين وأزواج النبي من أهل الجنة قطعا ونحوهم
4163 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) سمعت ( البراء ابن عازب ) رضي الله تعالى عنهما ( قرأ رجل الكهف وفي الدار الدابة فجعلت تنفر فسلم ) فإذا ضبابة أو ( سحابة غشيته فذكره للنبي ) فقال اقرأ فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن أو تنزلت للقرآن
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخباره عن نزول السكينة عند قراءة القرآن وغندر هو محمد بن جعفر وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن أبي موسى وبندار كلاهما عن غندر وعن أبي موسى عن عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن محمود بن غيلان
قوله قرأ رجل هو أسيد بن حضير قوله الكهف أي سورة الكهف قوله تنفر بكسر الفاء من النفرة قوله فسلم أي دعا بالسلامة كما يقال أللهم سلم أو فوض الأمر إلى الله ورضي بحكمه أو قال سلام عليك قوله ضبابة هي سحابة تغشى الأرض كالدخان وقال ابن فارس الضبابة كل شيء كالغبار وقال الداودي قريب من السحاب وهو الغمام الذي لا يكون فيه مطر قوله أو سحابة شك من الراوي قوله غشيته أي أحاطت به قوله فلان أي يا فلان معناه كان ينبغي أن تستمر على القران وتغتنم ما حصل لك من نزول الرحمة وتستكثر من القراءة قوله فإنها أي فإن الضبابة المذكورة هي السكينة واختلفوا في معناها فقيل هي ريح هفافة ولها وجه كوجه الإنسان وقيل هي الملائكة وعليهم السكينة والمختار أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه ملائكة يستمعون القرآن
5163 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( أحمد بن يزيد بن إبراهيم أبو الحسن الحراني ) حدثنا ( زهير بن معاوية ) حدثنا ( أبو إسحاق ) سمعت ( البراء بن عازب ) يقول ( جاء أبو بكر ) رضي الله تعالى عنه ( إلى أبي في منزله فاشترى ) منه ( رحلا ) فقال ل ( عازب ابعث ابنك يحمله معي ) قال ( فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه ) فقال له ( أبي يا أبا بكر ) حدثني ( كيف صنعتما حين سريت مع ) رسول الله

(16/146)


قال نعم أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس فنزلنا عنده وسويت للنبي مكانا بيدي ينام عليه وبسطت فيه فروة وقلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أردنا فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة أو مكة قلت أفي غنمك لبن قال نعم قلت أفتحلب قال نعم فأخذ شاة فقلت انفض الضرع من التراب والشعر والقذى قال فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض فحلب في قعب كثبة من لبن ومعي إداوة حملتها للنبي يرتوي منها يشرب ويتوضأ فأتيت النبي فكرهت أن أوقظه فوافقته حين استيقظ فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله فقلت اشرب يا رسول الله قال فشرب حتى رضيت ثم قال ألم يأن للرحيل قلت بلى قال فارتحلنا بعد ما مالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك فقلت أتينا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه النبي فارتطمت به فرسه إلى بطنها أري في جلد من الأرض شك زهير فقال إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا له النبي فنجا فجعل لا يلقى أحدا إلا قال كفيتكم ما هنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال ووفى لنا
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه معجزة ظاهرة لا تخفى على متأمل
ذكر رجاله وهم خمسة الأول محمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي سكن بغداد وهو من أفراده وصغار شيوخه وشيخه الآخر محمد بن يوسف الفريابي أكبر من هذا وأقدم سماعا وقد أكثر البخاري عنه الثاني أحمد بن يزيد من الزيادة ابن إبراهيم أبو الحسن الحراني يعرف بالورتنيسي بفتح الواو وسكون الراء وفتح المثناة من فوق وتشديد النون المكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم سين مهملة قلت الورتنيس أحد أجداده وهو إبراهيم أبو أحمد الحاكم اسم الورتنيس إبراهيم الثالث زهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي الرابع أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الخامس البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهم
ذكر لطائف إسناده فيه ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وفي رواية أخبرنا أحمد بن يزيد وفيه السماع وفيه القول في موضع واحد وفيه أن أحمد بن يزيد انفرد به البخاري دون الخمسة وفيه أن زهير بن حرب هو الذي روى هذا الحديث تاما عن أبي إسحاق وأبوه خديج وإسرائيل وروى شعبة منه قصة اللبن خاصة وقد رواه عن أبي إسحاق مطولا أيضا حفيدة يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق وهو في باب الهجرة إلى المدينة لكنه لم يذكر منه قصة سراقة وزاد فيه قصة غيرها
ذكر معناه قوله جاء أبو بكرأي الصديق رضي الله تعالى عنه قوله إلى أبي هو عازب بن الحارث بن عدي الأوسي من قدماء الأنصار قوله فاشترى منه رحلا بفتح الراء وسكون الحاء المهملة وهو للناقة كالسرج للفرس وقيل الرحل أصغر من القتب واشتراه بثلاثة عشر درهما قوله فقال لعازب إبعث ابنك يحمله أي يحمل الرحل معي قوله قال فحملت معه أي قال البراء فحملت الرحل معه وفي رواية إسرائيل التي تأتي في فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه أن عازبا امتنع من

(16/147)


إرسال ابنه مع أبي بكر حتى يحدثه أبو بكر بالحديث وهي زيادة ثقة مقبولة قوله وخرج أبي ينتقد ثمنه أي يستوفيه قوله حين سريت سرى وأسرى لغتان بمعنى السير في الليل قال الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ( الإسراء 1 ) وقال والليل إذا يسر ( الفجر 4 ) قوله أسرينا ليلتنا يعني سرينا ليلا وذلك حين خرجا من الغار وكانا لبثا في الغار ثلاث ليال ثم خرجا قوله ومن الغد أي بعض الغد والعطف فيه كما في قوله
( علفتها تبنا وماء باردا )
إذ الإسراء إنما يكون بالليل قوله حتى قام قائم الظهيرة أي نصف النهار وهو استواء حالة الشمس وسمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ فكأنه قائم واقف وفي رواية إسرائيل أسرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا أي دخلنا في وقت الظهيرة قوله وخلا الطريقهذا يدل على أنه كان في زمن الحر وقيل في قوله على حين غفلة من أهلها أي نصف من النهار قوله فرفعت لنا صخرة أي ظهرت لأبصارنا ورفعت على صيغة المجهول قوله وبسطت فيه فروة وهو الجلد الذي يلبس وقيل المراد بها قطعة حشيش مجتمعة ويقوي المعنى الأول ما في رواية أبي يوسف بن أبي إسحاق ففرشت له فروة معي قوله وأنا أنفض لك ما حولك يعني من الغبار ونحو ذلك حتى لا يثيره عليه الريح وقيل معنى النفض هنا الحراسة يقال نفضت المكان إذا نظرت جميع ما فيه ويؤيده قوله في رواية إسرائيل ثم انطلقت أنظر ما حولى هل أرى من الطلب أحدا والنفضة قوم يبعثون في الأرض ينظرون هل بها عدو أو خوف قوله لرجل من أهل المدينة أو مكة هذا شك من الراوي وهو أحمد بن يزيد فإن مسلما أخرجه من طريق الحسن بن محمد بن أعين عن زهير فقال فيه لرجل من أهل المدينة ولم يشك ووقع في رواية خديج فسمى رجلا من أهل مكة ولم يشك فإن قلت كيف وجه هذا قلت المراد من المدينة في رواية مسلم هي مكة ولم يرد به المدينة النبوية لأنها حينئذ لم تكن تسمى المدينة وإنما كان يقال لها يثرب وأيضا فلم تجر العادة للرعاء أن يبعدوا في المراعي هذه المسافة البعيدة ووقع في رواية إسرائيل فقال لرجل من قريش سماه فعرفته وهذا يؤيد هذا الوجه لأن قريشا لم يكونوا يسكنون المدينة النبوية إذ ذاك قوله أفي غنمك لبنبفتح اللام والباء الموحدة وحكى عياض أن في رواية لبن بضم اللام وتشديد الباء الموحدة جمع لابن أي هل في غنمك ذوات لبن قوله أفتحلب قال نعم أي أحلب وأراد بهذا الاستفهام أمعك إذن من صاحب الغنم في الحلب لمن يمر بها على سبيل الضيافة فبهذا يندفع إشكال من يقول كيف استجاز أبو بكر أخذ اللبن من الراعي بغير إذن مالك الغنم وأجيب هنا بجواب آخر وهو أن أبا بكر عرف مالك الغنم وعرف رضاه بذلك لصداقته له أو لإذنه العام بذلك وقيل كان الغنم لحربي لا أمان له وقيل كانوا مضطرين قوله إنفض الضرع أي ثدي الشاة قوله والقذى بفتح القاف وفتح الذال المعجمة مقصورا وهو الذي يقع في العين يقال قذت عينه إذا وقع فيها القذى كأنه شبه ما يصير في الضرع من الأوساخ بالقذى في العين قوله في قعب هو القدح من الخشب قوله كثبة بضم الكاف وسكون الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة أي قطعة من لبن قدر ملء القدح وقيل قدر حلبة خفيفة وقال الهروي والقزاز كل ما جمعته من طعام أو لبن أو غيرهما فهي كثبة قال الهروي بعد أن يكون قليلا قوله إداوة بكسر الهمزة وهي تعمل من جلد يستصحبه المسافر قوله يرتوي منها أي يستقي قوله يشرب حال قوله فوافقته حتى استيقظ أي وافق إتياني وقت استيقاظه ويروى حتى تأنيت به حتى استيقظ قوله حتى برد بفتح الراء وقال الجوهري بضمها قوله حتى رضيت أي طابت نفسي لكثرة ما شرب قوله ألم يأن للرحيل أي قال النبي لأبي بكر رضي الله تعالى عنه ألم يأن وقت الارتحال قوله واتبعنا سراقة ابن مالك بن جعشم واتبعنا بفتح العين فاعل ومفعول و سراقة بالرفع فاعله وفي رواية إسرائيل فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا غير سراقة قوله أتينا بضم الهمزة على صيغة المجهول قوله فارتطمت به أي بسراقة فرسه ومعنى ارتطمت غاصت قوائمها في تلك الأرض الصلبة وارتطم في الوحل أي دخل فيه واحتبس ورطمت الشيء إذا أدخلته فارتطم قوله أرى بضم الهمزة أي أظن وهو لفظ زهير الراوي وفي رواية مسلم الشك من زهير يعني هل قال هذه اللفظة أم لا قوله في جلد بفتح الجيم واللام وهو الصلب من الأرض المستوي قوله فقال إني أراكما أي قال سراقة للنبي ولأبي بكر إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما قوله فالله بالرفع مبتدأ وقوله لكما خبره أي ناصر لكما قوله أن أرد عنكما أي أدعو لأن أرد فهو علة للدعاء ويروى بنصب لفظه الله أي

(16/148)


فأشهد الله لأجلكما أن أرد عنكما الطلب وقيل بالجر أيضا بنزع الخافض والتقدير إقسم بالله لكما بأن أرد الطلب وهو جمع طالب وفي ( شرح السنة ) أقسم بالله لكما على الرد قوله فنجا أي من الارتطام قوله ألا قال كفيتكم ويروى كفيتم قوله ما هنا يعني ما هنا الذي تطلبونه قوله فلا يلقى أحدا إلا رده بيان قوله ما هنا قوله ووفى لنا أي وفي سراقة بما وعده من رد الطلب
وفي هذا الحديث معجزة لرسول الله وفضيلة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وفيه خدمة التابع للمتبوع واستصحاب الركوة في السفر وفضل التوكل على الله تعالى وأن الرجل الجليل إذا نام يدافع عنه وقال الخطابي استدل به بعض شيوخ السوء من المحدثين على الأخذ في الحديث لأن عازبا لم يحمل الرحل حتى يحدثه أبو بكر بالقصة وليس الاستدلال صحيحا لأن هؤلاء اتخذوا الحديث بضاعة يبيعونها ويأخذون عليها أجرا وأما ما التمسه أبو بكر من تحميل الرحل فهو من باب المعروف والعادة المقررة أن تلامذة التجار يحملون الأثقال إلى بيت المشتري ولو لم يكن ذلك لكان لا يمنعه إفادة القصة قال تعالى اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ( يس 12 )
6163 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( عبد العزيز بن مختار ) حدثنا ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي دخل على أعرابي يعوده قال وكان النبي إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس طهور إن شاء الله فقال له لا بأس طهور إن شاء الله قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي فنعم إذا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فنعم إذا من حيث إن الأعرابي لما رد على النبي قوله لا بأس طهور إن شاء الله مات على وفق ما قاله وهذا من معجزاته وقال بعضهم ووجه دخوله في هذا الباب أن في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة أخرجه الطبراني وغيره من رواية شرحبيل والد عبد الرحمن فذكر نحو حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه وفي آخر فقال النبي أما إذا أبيت فهي كما تقول وقضاء الله كائن فما أمسى من الغد إلا ميتا انتهى قلت الذي ذكرنا أوجه لأن الذي ذكره هو حاصل قوله فنعم إذا وتوجيه المطابقة من نفس الحديث أوجه من توجيهها من حديث آخر هل البخاري وقف عليه أم لا وهل هو على شرطه أم لا وعبد العزيز بن المختار بالخاء المعجمة الأنصاري الدباغ مر في الصلاة وخالد هو ابن مهران الحذاء
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب عن إسحاق عن خالد وفي التوحيد عن محمد بن عبد الله وأخرجه النسائي في الطب وفي اليوم والليلة عن سوار بن عبد الله
قوله على أعرابي قال الزمخشري في ( ربيع الأبرار ) اسم هذا الأعرابي قيس فقال في باب الأمراض والعلل دخل النبي على قيس بن أبي حازم يعوده فذكر القصة وقال بعضهم لم أر تسميته لغيره فهذا إن كان محفوظا فهو غير قيس بن أبي حازم أحد المخضرمين لأن صاحب القصة مات في زمن النبي وقيس لم ير النبي في حياته قلت عدم رؤيته ذلك لا ينافي رؤية غيره مع أن بعضهم رأى النبي يخطب قوله يعوده في الموضعين جملة حالية قوله إن شاء الله بمعنى الدعاء قوله قال قلت أي قال الأعرابي مخاطبا للنبي قلت طهور قوله كلا أي ليس بطهور فأبى وسخط فلا جرم أماته الله قوله أو تثور بالثاء المثلثة شك من الراوي قوله تزيره بضم التاء المثناة من فوق من أزاره إذا حمله على الزيارة قوله فنعم إذا أي نعم بإزارة القبور حينئذ ويجوز أن يكون الشارع قد علم أنه سيموت من مرضه فقوله طهور إن شاء الله دعاء له بتكفير ذنوبه ويجوز أن يكون أخبر بذلك قبل موته بعد قوله
وقال صاحب ( التوضيح ) في قوله لا بأس طهور فيه دلالة على أن الطهور هو المطهر خلافا لأبي حنيفة في قوله الطهور هو الطاهر قلت ليت شعري من نقل هذا عن أبي حنيفة وكيف يقول ذلك والطهور صيغة مبالغة فإذا كان بمعنى طاهر يفوت المقصود

(16/149)


121 - ( حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه قال كان رجل نصرانيا فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي فعاد نصرانيا فكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه خارج القبر فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبح قد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه )
مطابقته للترجمة من حيث ظهرت معجزة النبي في لفظ الأرض إياه مرات لأنه لما ارتد عاقبه الله تعالى بذلك لتقوم الحجة على من يراه ويدل على صدق الشارع وأبو معمر بفتح الميمين اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد البصري وعبد الوارث بن سعيد البصري وعبد العزيز بن صهيب أبو حمزة البصري وهؤلاء كلهم بصريون والحديث من إفراده قوله نصرانيا منصوب على أنه خبر كان ويروى نصراني بالرافع على أن كان تامة ولم يدر اسمه لكن في رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس كان منا رجل من بني النجار قوله فعاد نصرانيا في رواية ثابت فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب فرفعوه قوله فكان يقول أي فكان هذا النصراني يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له وفي رواية الإسماعيلي كان يقول ما أرى يحسن محمد إلا ما كنت أكتب له وروى ابن حبان عن أبي هريرة نحوه قوله فأماته الله وفي رواية ثابت فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم قوله وقد لفظته الأرض أي رمته من القبر إلى الخارج ولفظته بكسر الفاء وبفتحها وقال القزاز في جامعه كل ما طرحته من يدك فقد لفظته ولا يقال بكسر الفاء وإنما يقال بالفتح -
8163 - حدثني ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال وأخبرني ( ابن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله
مطابقته للترجمة ظاهرة جدا والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن حرملة بن يحيى والحديث قد مر في الخمس من وجه آخر عن أبي هريرة في باب قول النبي أحلت لكم الغنائم وقد مر في أوائل الكتاب الكلام في كسرى وقيصر والمعنى لا يبقى كسرى بالعراق وقيصر بالشام ولما فتحت عراق والشام في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انفقت كنوزهما في سبيل الله مثل ما أخبر به النبي
9163 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الملك بن عمير ) عن ( جابر بن سمرة ) رفعه قال إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده وذكر وقال لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ( انظر الحديث 1213 وطرفه )
قبيصة هو ابن عقبة وسفيان هو الثوري والحديث قد مضى في الخمس عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن عبد الملك عن جابر بن سمرة
قوله رفعه ويروي يرفعه أي يرفع الحديث إلى النبي قوله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده هذا المقدار هو في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر بعده وإذا هلك

(16/150)


قيصر فلا قيصر بعده قوله وذكر أي وذكر بعد قوله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وقال لتنفقن كنوزهما في سبيل الله7 أي في أبواب البر والطاعات
0263 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( عبد الله بن أبي حسين ) حدثنا ( نافع بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال ( قدم مسيلمة الكذاب على عهد ) رسول الله فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقدمها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه رسول الله ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيك ما رأيت فأخبرني أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان بعدي فكان أحدهما العنسي والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأولتهما كذابين إلى آخره لأن فيه إخبارا عنه بأمر قد وقع بعضه في أيامه وبعضه بعده فإن العنسي قتل في أيامه ومسيلمة قتل بعده في وقعة اليمامة قتله وحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه فإن قلت قال يخرجان بعدي ومسيلمة خرج بعده وأما العنسي فإنه خرج في أيامه قلت معنى قوله بعدي يعني بعد ثبوت نبوتي أو بعد دعواي النبوة
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب ابن أبي حمزة الحمصي وعبد الله بن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي حسين النوفلي مر في البيع ونافع بن جبير بن مطعم مر في الوضوء
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي اليمان أيضا وأخرجه مسلم في الرؤيا عن محمد بن سهل عن أبي اليمان به وأخرجه الترمذي فيه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي اليمان بقصة الرؤيا دون قصة مسيلمة وقال غريب وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور عن أبي اليمان
ذكر معناه قوله قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله أي على زمنه وكان قدومه في سنة تسع من الهجرة وهي سنة الوفودات قال ابن اسحاق قدم على رسول الله وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة بن حبيب وقال ابن هشام هو مسيلمة بن ثمامة ويكنى أبا ثمامة وقال السهيلي هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير ابن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن همان بن ذهل بن الدول بن حنيفة ويكنى أبا ثمامة وقيل أبا هارون وكان قد تسمى بالرحمان وكان يقال له رحمان اليمامة وكان يعرف أبوابا من النيرنجات فكان يدخل البيضة في القارورة وهو أول من فعل ذلك وكان يقص جناح الطير ثم يصله ويدعي أن ظبية تأتيه من الجبل فيحلب لبنها قال الواقدي وكان وفد بني حنيفة بضعة عشر رجلا عليهم سلمى بن حنظلة وفيهم طلق بن علي وعلي بن سنان ومسيلمة بن حبيب الكذاب فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث وأجريت عليهم الضيافة فكانوا يؤتون بغداء وعشاء مرة خبزا ولحما ومرة خبزا ولبنا ومرة خبزا وسمنا ومرة تمرا ينثر لهم فلما قدموا المسجد وأسلموا وقد خلفوا مسيلمة في رحالهم ولما أردوا الانصراف أعطاهم جوائزهم خمس أواق من فضة وأمر لمسيلمة بمثل ما أعطاهم لما ذكروا أنه في رحالهم فقال إما أنه ليس بشركم مكانا فلما رجعوا إليه أخبروه بما قال عنه قال إنما قال ذلك لأنه عرف أن الأمر لي من بعده وبهذه الكلمة تشبث قبحه الله حتى ادعى النبوة وقال ابن إسحاق ثم انصرفوا عن رسول الله ولما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم وقال إني اشتركت معه

(16/151)


في الأمر ثم جعل يسجع لهم السجعات مضاهيا للقرآن فأصعقت على ذلك بنو حنيفة وقتل في أيام أبي بكر الصديق في وقعة اليمامة قتله وحشي قاتل حمزة كما ذكرناه وكان عمره حين قتل مائة وخمسين سنة قوله فأقبل إليه رسول الله تالفا له ولقومه رجاء إسلامهم وليبلغ ما أنزل إليه وقال القاضي عياض يحتمل أن سبب مجيئه أن مسيلمة قصده من بلده للقائه فجاءه مكافأة قال وكان مسيلمة حينئذ يظهر الإسلام وإنما ظهر كفره بعد ذلك قوله ومعه ثابت بن قيس بن شماس خطيب رسول الله وكان يجاوب الوفود عن خطبهم قوله وفي يد رسول الله الواو فيه للحال قوله لن تعدو أمر الله فيك أي خيبتك فيما أملته من النبوة وهلاكك دون ملكك أو فيما سبق من قضاء الله تعالى وقدره في شقاوتك ويروى لن تعد بحذف الواو للجزم والجزم بلن لغة حكاها الكسائي قوله ولئن أدبرت أي عن طاعتي ليعقرنك الله أي ليقتلنك ويهلكك وأصله من عقر الإبل ضرب قوائمها بالسيف وجرحها وكان كذلك قتله الله عز و جل يوم اليمامة قوله وإني لأراك بضم الهمزة أي لأظنك الشخص الذي رأيت في المنام في حقك ما رأيته
قوله فأخبرني أبو هريرةأي قال ابن عباس أخبرني أبو هريرة أن رسول الله إلى آخره وفي مسلم وإني لأراك الذي أريت قبل ما أريت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف عنه فقال ابن عباس فسألت عن قول رسول الله وإني لأراك الذي أريت فأخبرني أبو هريرة أن النبي قال بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين الحديث وهذا يعد من مسند أبي هريرة دون ابن عباس فلذلك ذكره الحافظ المزي في مسند أبي هريرة قوله سوارين من ذهب بضم السين وكسرها وقال النووي قال أهل اللغة أسوار أيضا بضم الهمزة وفيه ثلاث لغات وفي ( التوضيح ) قوله من ذهب للتأكيد لأن السوار لا يكون إلا من ذهب فإن كان من فضة فهو قلب قوله فأهمني شأنهما أي أحزنني أمرهما قوله أن أنفخهما أي أنفخ السوارين وهو أمر من النفخ فلما أمر بالنفخ نفخهما وتأويل نفخهما أنهما قتلا بريحه أي أن الأسود ومسيلمة قتلا بريحه والذهب زخرف يدل على زخرفهما ودلا بلفظهما على ملكين لأن الأساورة هم الملوك وفي النفخ دليل على اضمحلال أمرهما وكان كذلك قوله فأولتهما أي السوارين قوله يخرجان بعدي قال النووي أي يظهران شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة وإلا فقد كانا في زمنه انتهى وقد ذكرنا أن المراد بعد دعواي النبوة أو بعد ثبوت نبوتي قوله فكان أحدهما أي أحد السوارين في التأويل العنسي بفتح العين المهملة وسكون النون وبالسين المهملة وهو نسبة الأسود الصنعاني الذي ادعى النبوة وقيل اسمه عبلة بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة ابن كعب وكان يقال له ذو الخمار لأنه زعم أن الذي يأتيه ذو الخمار قتله فيروز الصحابي الديلي بصنعاء دخل عليه فحطم عنقه وهذا كان في حياة رسول الله في مرضه الذي توفي فيه على الأصح والمشهور وبشر رسول الله الصحابة بذلك ثم بعده حمل رأسه إليه وقيل كان ذلك في زمن الصديق رضي الله تعالى عنه والعنسي نسبة إلى عنس قال الرشاطي اسمه زيد بن مالك بن أدد ومالك هو جماع مذحج قال ابن دريد العنس الناقة الصلبة قوله والآخر أي السوار الأخر في التأويل مسيلمة الكذاب قوله اليمامة بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميمين وهي مدينة باليمن على أربع مراحل من مكة شرفها الله ومرحلتين من الطائف قيل سميت بذلك باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام يقال هو أبصر من زرقاء اليمامة فسميت اليمامة لكثرة ما أضيف إليها والنسبة إليها يمامي
2263 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( حماد بن أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) عن جده ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى أراه ) عن النبي قال رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع

(16/152)


المؤمنين ورأيت فيها بقرا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن رؤياه الصدق ووقوعها مثل ما عبرها به وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ثم دال مهملة ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة يروي عن جده أبي بردة واسمه الحارث وقيل عامر وقيل اسمه كنيته ابن أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في غير موضع من المغازي وعلامات النبوة والتعبير عن أبي كريب محمد بن العلاء وأخرجه مسلم في الرؤيا عن أبي كريب وعبد الله بن براد وأخرجه النسائي فيه عن موسى بن عبد الرحمن وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمود بن غيلان أربعتهم عن أبي أسامة عنه به
قوله أراه بضم الهمزة أي أظنه قوله وهلي بفتح الهاء يعني وهمي واعتقادي ويجوز فيه إسكان الهاء مثل نهر ونهر يقال وهلت إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه يقال وهل يهل وهلا وعن أبي زيد وهلت في الشيء وعنه أهل وهلا إذا نسيت وغلطت فيه وضبطه بكسر الهاء قوله أو الهجر بفتح الجيم وهي مدينة باليمن وهي قاعدة البحرين ويقال بدون الألف واللام بينها وبين البحرين عشر مراحل قوله فإذا هي المدينة كلمة إذا للمفاجأة وهي ترجع إلى أرض بها نخل و هو مبتدأ و المدينة بالرفع خبره قوله يثرب بالرفع أيضا عطف بيان بفتح الياء آخر الحروف وسكون الثاء المثلثة وكسر الراء ثم باء موحدة والنهي الذي ورد عن تسمية المدينة بيثرب إنما كان للتنزيه وإنما جمع بين الإسمين هنا لأجل خطاب من لا يعرفها وفي ( التوضيح ) وقد نهى عن التسمية بيثرب حتى قيل من قالها وهو عالم كتبت عليه خطيئة وسببه ما فيه من معنى التثريب والشارع من شأنه تغيير الأسماء القبيحة إلى الحسنة ويجوز أن يكون هذا قبل النهي كما أنه سماها في القرآن إخبارا به عن تسمية الكفار لها قبل أن ينزل تسميتها قوله وثواب الفتح أراد بالفتح فتح مكة أو هو مجاز عن اجتماع المؤمنين وإصلاح حالهم قوله بقرا قال النووي قد جاء في بعض الروايات هكذا رأيت بقرا تنحر وبهذه الزيادة يتم تأويل الرؤيا إذا نحر البقر هو قتل الصحابة بأحد قوله والله خير قال القاضي ضبطناه والله خير برفع الهاء والراء على المبتدأ والخبر قيل معناه ثواب الله خير أي صنع الله بالمقتولين خير لهم من مقامهم في الدنيا والأولى قول من قال إنه من جملة الرؤيا فإنها كلمة سمعها في الرؤيا عند رؤياه البقر بدليل تأويله لها بقوله فإذا الخير ما جاء الله به قوله وثواب الصدق إلى آخره يريد به بعد أحد ولا يريدها كان قبل أحد قوله بعد يوم بدر قال القاضي بضم دال بعد وبنصب يوم قال وروي بنصب الدال ومعناه ما جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين لأن الناس جمعوا لهم وخوفوهم فزادهم ذلك إيمانا قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ( آا عمران 371 ) وتفرق البدو عنهم هيبة لهم
3263 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( زكرياء ) عن ( فراس ) عن ( عامر ) عن ( مسروق ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ( أقبلت فاطمة تمشي ) كأن ( مشيتها مشي ) النبي فقال النبي مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها لم تبكين ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى قبض النبي فسألتها فقالت أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فبكيت فقال أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين فضحكت لذلك
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر عن حضور أجله ومن حيث إنه أخبر أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأبو نعيم

(16/153)


الفضل بن دكين وزكرياء هو ابن أبي زائدة وفراس بكسر الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف سين مهملة ابن يحيى المكتب مر في الزكاة وعامر هو الشعبي وفي بعض النسخ لفظ الشعبي مذكور ومسروق بن الأجدع
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاستئذان عن موسى بن إسماعيل وفي فضائل القرآن وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي كامل الجحدري وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير وأخرجه النسائي في الوفاة عن محمد بن معمر وفي المناقب عن علي بن حجر وفي أوله زيادة
قوله كأن مشيتها بكسر الميم لأن الفعلة بالكسر للحالة وبالفتح للمرة قوله مشي النبي بالرفع لأنه خبر كأن بالتشديد وكان إذا مشى كأنه ينحدر من صبب أي من موضع منحدر قوله أو شماله شك من الراوي قوله يعارضني القرآن من المعارضة وهي المقابلة ومنه عارضت الكتاب بالكتاب أي قابلت به قوله ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن أي كان الفرح قريب الحزن قوله لأفشي من الإفشاء وهو الإظهار قوله حتى قبض متعلق بمحذوف أي لم يقل حتى قبض قوله ولا أراه إلا حضر أجلي بضم الهمزة أي ولا أظنه إلا أن موتي قرب وبكاؤها في هذه الرواية كان من أجل قوله ما أراه إلا حضر أجلي وضحكها كان لأجل إخباره لها أنها سيدة نساء أهل الجنة أو سيدة نساء المسلمين وأما بكاؤها في الرواية التي تأتي الآن كان لأجل قوله إنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه وضحكها كان لأجل أنه قال فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه وماتت فاطمة بعد أبيها بستة أشهر قالت عائشة وذلك في رمضان عن خمس وعشرين سنة وقيل ماتت بعده بثلاثة أشهر
وفيه أن المرء لا يحب البقاء بعد محبوبه قال ابن عمر في عاصم
( فليت المنايا كن خلفن عاصمافعشن جميعا أو ذهبن بنا معا )
وفيه أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة قال الكرماني فهي أفضل من خديجة وعائشة رضي الله تعالى عنهما قلت المسألة مختلف فيها ولكن اللازم من الحديث ذلك إلا أن يقال إن الرواية بالشك والمتبادر إلى الذهن من لفظ المؤمنين غير النبي عرفا ودخول المتكلم في عموم كلامه مختلف فيه عند الأصوليين
5263 - حدثني ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها ( أنها ) قالت ( دعا ) النبي فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت قالت فسألتها عن ذلك
7263 - حدثنا ( محمد بن عرعرة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) قال كان ( عمر بن الخطاب ) رضي الله تعالى عنه ( يدني ابن عباس ) فقال له عبد الرحمان بن عوف إن لنا أبنا مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر ابن عباس عن هاذه الآية إذا جاء

(16/154)


نصر الله والفتح ( الفتح 1 ) فقال أجل رسول الله أعلمه إياه قال ما أعلم منها إلا ما تعلم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أعلمه إياه أي أعلم النبي ابن عباس أن هذه السورة في أجل رسول الله وهذا إخبار قبل وقوعه ووقع الأمر كذلك وأبو بشر بكسر الباء الموحدة واسمه جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي النعمان وفي التفسير عن موسى بن إسماعيل وفي المغازي أيضا عن محمد بن عرعرة أيضا وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن بشار عن غندر وعن عبد بن حميد وقال حسن صحيح
قوله يدني أي يقرب وفيه التفات قوله إن لنا إبنا مثله أي مثل ابن عباس في العمر وغرضه أننا شيوخ وهو شاب فلم تقدمه علينا وتقربه من نفسك قال أقربه وأقدمه من جهة علمه
( والعلم يرفع كل من لم يرفع )
قوله من حيث تعلم أي من أجل أنك تعلم أنه عالم وكان ذلك ببركة دعائه أللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل قوله أجل رسول الله أي مجيء النصر والفتح ودخول الناس في الدين علامة وفاة النبي أخبر الله رسوله بذلك
8263 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد الرحمان بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل ) حدثنا ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال ( خرج ) رسول الله في مرضه الذي مات فيه بملحفة قد عصب بعصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار حتى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام فمن ولي منكم شيئا يضر فيه قوما وينفع فيه آخرين فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم فكان ذلك آخر مجلس جلس به النبي ( انظر الحديث 729 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر بكثرة الناس وقلة الأنصار بعده وأن منهم من يتولى أمور الناس وأنه وصى إليهم بما ذكر فيه وأبو نعيم الفضل بن دكين وعبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة وباللام ابن أبي عامر الراهب قد مر في الجمعة قوله ابن الغسيل ويروى حنظلة الغسيل بدون لفظ الابن وكلاهما صحيح ولكن بشرط أن يرفع الإبن على أنه صفة لعبد الرحمن فافهم وحنظلة من سادات الصحابة وهو معروف بغسيل الملائكة فسألوا امرأته فقالت سمع الهيعة وهو جنب فلم يتأخر للاغتسال وكان يوم أحد فقالت حتى قتل قتله أبو سفيان بن حرب وقال حنظلة بحنظلة يعني بابنه حنظلة المقتول ببدر فلما قتل شهيدا أخبر رسول الله بأن الملائكة غسلته فسمي حنظلة الغسيل
والحديث أخرجه في الجمعة عن إسماعيل بن أبان عن ابن الغسيل وقد مر الكلام فيه هناك
قوله بعصابة دسماء قال الخطابي أي بعصابة سوداء قوله بمنزلة الملح وجه التشبيه الإصلاح بالقليل دون الإفساد بالكثير كما في قولهم النحو في الكلام كالملح في الطعام أو كونه قليلا بالنسبة إلى سائر أجزاء الطعام قوله فكان ذلك آخر مجلس إلى آخره من كلام ابن عباس قوله جلس به ويروى جلس فيه
9263 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( يحيى بن آدم ) حدثنا ( حسين الجعفي ) عن ( أبي موسى ) عن ( الحسن ) عن ( أبي بكرة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أخرج ) النبي ذات يوم الحسن فصعد به على المنبر فقال ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بأن الحسن رضي الله تعالى عنه يصلح به بين الفئتين من المسلمين وقد وقع مثل ما أخبر فإنه ترك الخلافة لمعاوية وارتفع النزاع بين الطائفتين
وعلي بن عبد الله المعروف بالمسندي ويحيى بن آدم بن سليمان

(16/155)


الكوفي صاحب الثوري وحسين بن علي بن الوليد الجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء نسبة إلى جعفى ابن سعد العشيرة من مذحج قال الجوهري أبو قبيلة من اليمن والنسبة إليه كذلك وأبو موسى إسرائيل بن موسى البصري نزل الهند والحسن هو البصري وأبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الصلح وقد مضى الكلام فيه هناك
قوله ذات يوم معناه قطعة من الزمان ذات يوم قوله ابني دليل على أن ابن البنت يطلق عليه الإبن ولا اعتبار بقول الشاعر
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
قوله فئتين أي طائفتين
0363 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( حميد بن هلال ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن النبي نعى جعفرا وزيدا قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر بقتل جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة بمؤته قبل أن يجيء خبرهما وهذا من علامات النبوة وسيأتي بيان ذلك في غزوة مؤتة مفصلا إن شاء الله تعالى
وأيوب هو السختياني وحميد بضم الحاء المهملة ابن هلال بن هبيرة أبو نصر البصري
ومضى الحديث في الجنائز عن أبي معمر عبد الله بن عمرو ومضى الكلام فيه هناك
قوله خبرهم ويروى خبرهما أي خبر جعفر وزيد والضمير في الرواية الأولى يرجع إليهما وإلى من قتل معهما أو المراد أهل مؤتة وما جرى بينهم قوله وعيناه الواو فيه للحال أي وعينا رسول الله تذرفان بالذال المعجمة والراء المكسورة يعني تسيلان دمعا
1363 - حدثنا ( عمرو بن عباس ) حدثنا ( ابن مهدي ) حدثنا ( سفيان ) عن ( محمد بن المنكدر ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي هل لكم من أنماط قلت وأنى يكون لنا الأنماط قال أما إنه سيكون لكم الأنماط فأنا أقول لها يعني امرأته أخري عني أنماطك فتقول ألم يقل النبي إنها ستكون لكم الأنماط فأدعها
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بأنه سيكون لهم الأنماط وقد كان ذلك وهي جمع نمط بفتحات وهو بساط له خمل رقيق
وعمرو بن عباس بالباء الموحدة المشددة أبو عثمان البصري من أفراده يروي عن عبد الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي البصري يروي عن سفيان الثوري
والحديث أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير وعن محمد بن المثنى وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن محمد بن بشار
قوله هل لكم من أنماط إنما قال النبي ذلك لجابر لما تزوج قوله وأنى يكون أي ومن أين يكون لنا الأنماط قوله أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهي من مقدمات اليمين وطلائعه كقول الشاعر
( أما والذي لا يعلم الغيب غيره )
ولما ذكر ابن هشام ألا بفتح الهمزة والتخفيف وذكر أنواعها قال واختها أما من مقدمات اليمين وطلائعه قوله فأنا أقول لها أي قال جابر أنا أقول لها يعني لامرأته قوله فتقول أي امرأته قوله فأدعها أي اتركها بحالها مفروشة
2363 - حدثني ( أحمد بن إسحاق ) حدثنا ( عبيد الله بن موسى ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( عمرو بن ميمون ) عن ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله تعالى عنه قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا قال فنزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا انطلق إلى الشأم فمر بالمدينة نزل على سعد فقال أمية لسعد انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت

(16/156)


فطفت فبينا سعد يطوف إذا أبو جهل فقال من هذا الذي يطوف بالكعبة فقال سعد أنا سعد فقال أبو جهل تطوف بالكعبة آمنا وقد أويتم محمدا وأصحابه فقال نعم فتلاحيا بينهما فقال أمية لسعد لا ترفع صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي ثم قال سعد والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشأم قال فجعل أمية يقول لسعد لا ترفع صوتك وجعل يمسكه فغضب سعد فقال دعنا عنك فإني سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك قال إياي قال نعم قال والله ما يكذب محمد إذا حدث فرجع إلى امرأته فقال أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي قالت وما قال قال زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي قالت فوالله ما يكذب محمد قال فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي قال فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل إنك من أشراف الوادي فسر يوما أو يومين فسار يومين معهم فقتله الله ( الحديث 2363 - طرفه في 0593 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بقتل أمية بن خلف فقتل في وقعة بدر قتله رجل من الأنصار من بني مازن وقال ابن هشام قتله معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وخبيب بن أساف اشتركوا فيه وهو أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح
ذكر رجاله وهم ستة الأول أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر أبو إسحاق السلمي السرماري وسرمار قرية من قرى بخارى الثاني عبيد الله بن موسى بن باذام أبو محمد العبسي الكوفي وهو أحد مشايخ البخاري الثالث إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الرابع أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الخامس عمرو بن ميمون الأزدي الكوفي أدرك الجاهلية السادس عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
وقد أخرج البخاري هذا الحديث أيضا في أول المغازي في باب ذكر النبي من يقتل ببدر
ذكر معناه قوله سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت وهو عمرو بن مالك الأوس الأنصاري الأشهلي يكنى أبا عمرو وأسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير وشهد بدرا وأحدا والخندق فرمي يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتفض جرحه فمات منه قوله معتمرا نصب على الحال وكانوا يعتمرون من المدينة قبل أن يعتمر رسول الله قوله فنزل أي سعد بن معاذ حين دخل مكة لأجل العمرة على أمية ابن خلف بن وهب يكنى بأبي صفوان من كبار المشركين قوله وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يعني لأجل التجارة فمر بالمدينة لأنها على طريقه فنزل على سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وكان مؤاخيا معه قوله وقال أمية لسعد إنتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس لأنه وقت غفلة وقائله انطلقت فطفت بالتاء المفتوحة فيهما لأنه خطاب أمية لسعد وفي رواية البخاري في أول المغازي فلما قدم رسول الله المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية أنظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار قوله فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل يعني قد حضر وفي رواية المغازي فإذا به أي فخرج أبو أمية بسعد قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال يا أبا صفوان يعني يقول لأمية من هذا معك قال فقال هذا سعد فقال أبو جهل يعني لسعد ألا أراك تطوف بمكة آمنا يعني حال كونك آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتغيثونهم أما والله لو أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما قوله الصباة بضم الصاد المهملة وتخفيف الباء الموحدة جمع صابيء مثل قضاه جمع قاض وكانوا يسمون النبي وأصحابه الذين هاجروا

(16/157)


إلى المدينة صباة من صبأ إذا مال عن دينه قوله فتلاحيا أي تخاصما وتنازعا وقيل تسابا يعني سعد بن معاذ وأبو جهل قوله على أبي الحكم بفتحتين هو عدو الله أبو جهل واسمه عمرو بن هشام المخزومي وكناه رسول الله بأبي جهل قوله فإنه سيد أهل الوادي أي فإن أبا جهل سيد أهل الوادي أراد به أهل مكة قوله ثم قال سعد أي لأبي جهل والله لئن منعتني من أن أطوف أي من طواف البيت لأقطعن متجرك بالشام أي تجارتك وفي رواية المغازي أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة قوله قال دعنا عنك أي فقال سعد لأمية بن خلف دعنا عنك أي أترك محاماتك لأبي جهل فإني سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك والخطاب لأمية وفي المغازي دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله يقول أنه قاتلك وفي رواية إنهم قاتلوك قال بمكة قال لا أدري قوله قال إياي أي قال أمية إياي قال سعد نعم إياك قوله فرجع إلى امرأته أي فرجع أمية إلى امرأته وفي رواية المغازي ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع إلى أهله قال يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد وهنا قال لها أتعلمين ما قال لي أخي اليثربي أراد به سعدا فنسبه إلى يثرب مدينة الرسول وإنما قال له أخي يعني في المصاحبة دون النسب ولا الدين قوله قال فوالله ما يكذب محمد أي قال أمية ما يكذب محمد لأنه كان موصوفا عندهم بالصدق والأمانة وإن كانوا لا يصدقونه قوله فلما خرجوا أي أهل مكة إلى بدر وجاء الصريخ قال في ( التوضيح ) فيه تقديم وتأخير وهو أن الصريخ جاءهم فخرجوا إلى بدر أخبرهم أنه وأصحابه خرجوا إلى عير أبي سفيان فخرجت قريش أشرين بطرين موقنين عند أنفسهم أنهم غالبون فكانوا ينحرون يوما عشرة من الأبل ويوما تسعة والصريخ فعيل من الصراخ وهو صوت المستصرخ أي المستغيث قوله فأراد أن لا يخرج أي أراد أمية أن لا يخرج من مكة مع قريش إلى بدر وفي المغازي فقال أمية والله لا أخرج من مكة فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس فقال أدركوا عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال يا أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل به أبو جهل حتى قال أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ثم قال أمية يا أم صفوان جهزيني فقالت له يا أبا صفوان أونسيت ما قال لك أخوك اليثربي قال لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا فلما خرج أمية جعل لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز و جل ببدر وإنما سقت ما في المغازي لأنه كالشرح لما هنا وقد ذكر الكرماني هنا شيئا بغير نظر ولا تأمل حتى نسب بذلك إلى التغفل عند بعض الشراح وهو أنه قال فإن قلت أين ما أخبر به سعد من كون أبي جهل قاتله أي قاتل أمية قلت أبو جهل كان السبب في خروجه فكأنه قتله إذ القتل كما يكون مباشرة قد يكون تسببا انتهى وإنما حمله على هذا الأمر العجيب لأنه فهم أن قول سعد لأمية إنه قاتلك أي إن أبا جهل قاتلك وليس كذلك وإنما أراد سعد أن النبي هو الذي يقتل أمية فلما فهم هذا الفهم استشكل ذلك بكون أبي جهل على دين أمية ثم تعسف بالجواب كذلك
3363 - حدثني ( عبد الرحمان بن شيبة ) حدثنا عبد الرحمان بن المغيرة عن أبيه عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي بعض نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها عمر فاستحالت بيده غربا فلم أر عبقريا في الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن وقال همام عن أبي هريرة عن النبي فنزع أبو بكر ذنوبين
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر عما رآه في المنام في أمر خلافة الشيخين وقد وقع مثل ما قال على ما نذكره ورؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حق بلا خلاف
وعبد الرحمان بن شيبة هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن محمد بن شيبة أبو بكر الخوارزمي القرشي مولاهم المدني وهو من أفراده و ( عبد الرحمن بن المغيرة ) بضم الميم وكسر الغين المعجمة ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد أبو القاسم الحزامي المديني يروي عن أبيه

(16/158)


المغيرة بن عبد الرحمن وهو يروي عن ( موسى بن عقبة ) بن أبي عياش الأسدي المديني الإمام وهو يروي عن ( سالم بن عبد الله ) عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التعبير عن أحمد بن يونس وأخرجه مسلم في الفضائل عن أحمد بن يونس به وأخرجه الترمذي في الرؤيا عن محمد بن بشار وأخرجه النسائي فيه عن يوسف ابن سعيد
قوله في صعيد هو في اللغة وجه الأرض قوله ذنوبا بفتح الذال المعجمة وهو الدلو الممتليء ماء وقال ابن فارس هو الدلو العظيم قوله أو ذنوبين شك من الراوي قوله وفي بعض نزعه أي في استقائه قوله ضعف بفتح الضاد المعجمة وضمها لغتان وليس فيه حط من فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وإنما هو إخبار عن حال ولايته فإنه اشتغل بقتال أهل الردة فلم يتفرغ لفتح الأمصار وجباية الأموال ولقصر مدته فإنها سنتان وثلاثة أشهر وعشرون يوما وكذلك قوله والله يغفر له ليس فيه تنقيص له ولا إشارة إلى ذنب وإنما هي كلمة يدعمون بها كلامهم ونعمت الدعامة قوله ثم أخدها أي الذنوب وقال الداودي أي فأخذ الخلافة قلت لفظ الخلافة غير مذكور وإنما الذنوب التي استحالت غربا كناية عن خلافة عمر رضي الله تعالى عنه قوله فاستحالت بيده غربا أي تحولت من الصغر إلى الكبر والغرب بفتح الغين المعجمة وسكون الراء الدلو العظيم يسقى به البعير فهي أكبر من الذنوب وهيه الحال إنما حصله له لطول أيامه وما فتح الله له من البلاد والأموال والغنائم في عهده وأنه مصر الأمصار ودون الدواوين وقال النووي هذا المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما وكل ذلك مأخوذ من النبي إذ هو صاحب الأمر فقام به أكمل قيام وقرر القواعد ثم خلفه أبو بكر رضي الله تعالى عنه سنتين فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر رضي الله تعالى عنه فاتسع الإسلام في زمنه فقد شبه أمر المسلمين بقليب فيه الماء الذي به حياتهم وصلاحهم وسقيهما قيامهما بمصالحهم وسقيه هو قيامه بمصالحهم قوله عبقريا بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح القاف وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف والعبقري هو الحاذق في عمله وهذا عبقري قومه أي سيدهم وقيل أصل هذا من عبقر وهي أرض يسكنها الجن فصار مثلا لكل منسوب إلى شيء غريب في جودة صنعته وكمال رفعته وقيل عبقر قرية يعمل فيها الثياب الحسنة فينسب إليها كل شيء جيد وقال الخطابي العبقري كل شيء يبلغ النهاية في الخير والشر قوله يفري فريه يفري بكسر الراء و فريه بفتح الفاء وسكون الراء وتخفيف الياء آخر الحروف ويروى فريه بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد الياء أي يعمل عملا مصلحا ويقطع قطعة مجيدا يقال فلان يفري فريه إذا كان يأتي بالعجب في عمله وقال الخليل يقال في الشجاع ما يفري أحد فريه مخففة الياء ومن شدد أخطأ يقال معناه ما كل أحد يفري على عمله قوله حتى ضرب الناس بعطن والعطن مبرك الإبل حول موردها لتشرب عللا بعد نهل وتستريح منه وقال القاضي ظاهر لفظ حتى ضرب الناس أنه عائد إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وقيل يعود إلى خلافتهما لأن بتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا الأمر لأن أبا بكر جمع شملهم وابتدأ الفتوح وتكامل في زمن عمر رضي الله تعالى عنه قوله وقال همام أي همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي ذنوبين يعني من غير شك وهذا تعليق وصله البخاري في التعبير من هذا الوجه من غيره
4363 - حدثني ( عباس بن الوليد النرسي ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت أبي حدثنا ( أبو عثمان ) قال ( أنبئت ) أن ( جبريل عليه السلام أتى ) النبي وعنده أم سلمة فجعل يحدث ثم قام فقال النبي لام سلمة من هاذا أو كما قال قال قالت هذا دحية قالت أم سلمة أيم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله بخبر جبريل أو كما قال قال فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا قال من أسامة بن زيد
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر جبريل عليه الصلاة و السلام وهو الذي كان يخبر النبي بالمغيبات فكان علما من أعلام نبوته وعباس بتشديد الباء الموحدة ابن الوليد أبو الوليد الرقام البصري وهو من أفراده مات سنة ثمان وثلاثين

(16/159)


ومائتين والنرسي بفتح النون وسكون الراء وبالسين المهملة قال الكلاباذي نرس لقد أحد أجداد عباس المذكور وكان اسمه نصر فقال له بعض النبط نرس بدل نصر فبقي لقبا عليه ومعتمر هو ابن سليمان التيمي وكان رأسا في العلم والعبادة كأبيه مات سنة سبع وثمانين ومائة وأبوه سليمان بن طرخان التيمي من السادة تابعي مات سنة ثلاث وأربعين ومائة وأبو عثمان اسمه عبد الرحمن بن مل النهدي بفتح النون ولد في زمن النبي
وهذا الحديث يأتي في فضائل القرآن وأخرجه مسلم في فضائل أم سلمة رضي الله تعالى عنها
قوله أنبئتعلى صيغة المجهول أي أخبرت وهذا مرسل لكنه صار مسندا متصلا حيث قال في آخر الحديث سمعته من أسامة بن زيد قوله وعنده أم سلمةجملة حالية واسمها هند بنت أبي أمية إحدى زوجات النبي قوله فجعل أي جبريل يحدث النبي ثم قام قوله أو كما قال أي النبي قوله قال قالت أي قال أبو عثمان قالت أم سلمة هذا دحية بكسر الدال المهملة وفتحها ابن خليفة الكلبي الصحابي وكان من أجمل الناس وكان جبريل عليه الصلاة و السلام يأتي رسول الله على صورته ويظهر لغيره على صورته وربما لا يراه إلا رسول الله قوله بخبر جبريل عليه الصلاة و السلام بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة ويروي يخبر جبريل على لفظ المضارع من أخبر ويروي أيضا خبر جبريل بدون ياء الجر قوله قال فقلت لأبي عثمان أي قال سليمان بن طرخان والد معتمر المذكور لأبي عثمان عبد الرحمن المذكور وممن سمعت هذا أي هذا الحديث قال سمعته من أسامة بن زيد بن حارثة وأمه أم أيمن حاضنة النبي وكان يسمى حب النبي واستعمله النبي وهو ابن ثمان عشرة سنة وتوفي في آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين بالمدينة رضي الله تعالى عنه
بسم الله الرحمان الرحيم
62 -
( باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ( البقرة 641 ) )
أي هذا باب في بيان ما جاء من ذكر قول الله تعال يعرفونه ( البقرة 641 ) الآية وأول الآية الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ( البقرة 641 ) الآية أخبر الله تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول كما يعرف أحدهم ولده والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا قال القرطبي ويروى أن عمر رضي الله تعالى عنه قال لعبد الله بن سلام أتعرف محمدا كما تعرف ابنك قال نعم وأكثر نزل الأمين من السماء بنعته فعرفته وإنني لا أدري ما كان من أمه وقيل يعرفون محمدا كما يعرفون أبناءهم من بين أبناء الناس لا يشك أحد ولا يتمارى في معرفة ابنه إذا رآه من بين أبناء الناس كلهم ثم أخبر الله تعالى أنهم مع هذا التحقق والإيقان العلمي ليكتمون الحق أي ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي وهم يعلمون أي والحال أنهم يعلمون الحق فإن قلت ما وجه دخول هذا الباب المترجم في أبواب علامات النبوة المذكورة قلت من جهة أنه أشار في الحديث إلى حكم التوراة والنبي سألهم عما في التوراة في حكم من زنى والحال أنه لم يقرأ التوراة ولا وقف عليها قبل ذلك فظهر الأمر كما أشار إليه وهو أيضا من أعظم علامات النبوة
5363 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك بن أنس ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن ( اليهود جاؤا إلى رسول الله ) فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقال نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله فرجما قال عبد الله فرأيت الرجل يحنأ على المرأة يقيها الحجارة

(16/160)


وجه المطابقة قد ذكرناه الآن والحديث أخرجه البخاري أيضا في المحاربين عن إسماعيل بن أبي أويس وأخرجه مسلم في الحدود عن أبي الطاهر وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي عن مالك به وأخرجه الترمذي فيه عن إسحاق بن موسى عن معمر عنه به مختصرا وأخرجه النسائي في الرجم عن قتيبة عنه بتمامه
قوله فذكروا له أي للنبي قوله أن رجلا منهم أي من اليهود وامرأة زنيا وفي رواية مسلم عن ابن عمر أن رسول الله رجم في الزنا يهوديين رجل وامرأة زنيا فأتت اليهود إلى رسول الله بهما الحديث قوله ما تجدون في التوراة هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولعله قد أوحي إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم ولذلك لم يخف عليه حين كتموه قوله في شأن الرجم أي في أمره وحكمه قوله فقالوا نفضحهم أي نكشف مساويهم والاسم الفضيحة من فضح فلان فلانا إذا كشف مساويه وبينهما للناس وفي رواية مسلم نسود وجوههما ونحملهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قوله ونحملهما بالحاء واللام في أكثر الروايات وفي بعضها نجملهما بالجيم المفتوحة وفي بعضها نحممهما بميمين وكله متقارب فمعنى نحملهما يعني على الجمل ومعنى الثاني نجعلهما جميعا على الجمل ومعنى الثالث نسود وجوههما بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم قوله فقال عبد الله بن سلام بتخفيف اللام ابن الحارث وهو إسرائيلي من بني قينقاع وهو من ولد يوسف الصديق وكان اسمه في الجاهلية الحصين فغيروه وكان حليف الأنصار مات سنة ثلاث وأربعين في ولاية معاوية بالمدينة شهد له الشارع بالجنة قوله أن فيها أي أن في التوراة الرجم على الزاني قوله فوضع أحدهم أي أحد اليهود هو عبد الله بن صوريا الأعور وقال المنذري إنه ابن صوري وقيده بعضهم بكسر الصاد قوله يحنأ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الحاء المهملة وفتح النون وبالهمزة في آخره قال الخطابي من حنيت الشيء أحنيه إذا غطيته والمحفوظ بالجيم والهمزة من جنأ الرجل على الشيء يجنأ إذا أكب عليه قيل فيه سبع روايات كلها راجعة إلى الوقاية قوله يقيها من وقى يقي وقاية وهو الحفظ من وصول الحجارة إليها
ذكر ما يستفاد منه فمنه أن الشافعي وأحمد احتجا به أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان وبه قال أبو يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد من شروط الإحصان الإسلام لقوله من أشرك بالله فليس بمحصن والجواب عن الحديث أن ذلك كان يحكم التوراة قبل نزول آية الجلد في أول ما دخل المدينة فصار منسوخا بها ومنه وجوب حد الزنا على الكافر ومنه أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع وفيه خلاف فقيل لا يخاطبون بها وقيل هم مخاطبون بالنهي دون الأمر ومنه أن الكفار إذا تحاكموا إلينا حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا قاله النووي قلت اختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ارتفعوا إلينا أواجب علينا أم نحن فيه مخيرون فقالت جماعة من فقهاء الحجاز والعراق إن الإمام أو الحاكم مخير إن شاء حكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الإسلام وإن شاء أعرض عنهم وممن قال ذلك مالك والشافعي في أحد قوليه وهو قول عطاء والشعبي والنخعي وروي عن ابن عباس في قوله فإن جاؤك ( المائدة 24 ) قال نزلت في بني قريظة وهي محكمة قال عامر والنخعي إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم وقال ابن القاسم إن تحاكم أهل الذمة إلى حاكم المسلمين ورضي الخصمان به جميعا فلا يحكم بينهما إلا برضا من أساقفهما فإن كره ذلك أساقفهم فلا يحكم بينهم وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهما وقال الزهري مضت النسة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم إلا أن يأتوا راغبين في حكمنا فنحكم بينهم بكتاب الله تعالى وقال آخرون واجب على الحاكم أن يحكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الله تعالى وزعموا أن قوله تعالى وأن احكم بينهم بما أنزل الله ( المائدة 94 ) ناسخ للتخيير في الحكم بينهم في الآية التي قبل هذه روي ذلك عن ابن عباس من حديث سفيان بن حسين والحكم عن مجاهد عنه ومنهم من يرويه عن سفيان والحكم عن مجاهد قوله وهو صحيح عن مجاهد وعكرمة وبه قال الزهري وعمر ابن عبد العزيز والسدي وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قولي الشافعي إلا أن أبا حنيفة قال إذا جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل وإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم وقال صاحباه يحكم وكذا أختلف أصحاب مالك

(16/161)


72 -
( باب سؤال المشركين أن يريهم النبي فأراهم انشقاق القمر )
أي هذا باب في بيان سؤال المشركين من أهل مكة أن يريهم النبي آية أي معجزة خارقة للعادة فأراهم النبي انشقاق القمر وهي معجزة عظيمة محسوسة خارجة عن عادة المعجزات وقال الخطابي انشقاق القمر آية عظيمة لا يعادلها شيء من آيات الأنبياء لأنه ظهر في ملكوت السماء والخطب فيه أعظم والبرهان به أظهر لأنه خارج عن جملة طباع ما في هذا العالم من العناصر
7363 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( يونس ) حدثنا ( شيبان ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) وقال لي ( خليفة ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أنه حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر

(16/162)


أخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن عبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي عن يونس هو ابن محمد المؤدب البغدادي عن شيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي عن قتادة عن أنس والثاني عن خليفة بن خياط عن يزيد من الزيادة ابن زريع بضم الزاي وفتح الراء العيشي البصري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله بن محمد وأخرجه مسلم في التوبة عن زهير بن حرب وعبد بن حميد قوله إن أهل مكة أراد به الكفار من قريش
8363 - حدثني ( خلف بن خالد القرشي ) حدثنا ( بكر بن مضر ) عن ( جعفر بن ربيعة ) عن ( عراك بن مالك ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن مسعود ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما أن القمر انشق في زمان النبي خلف بن خالد القرشي المصري يروي عن بكر بن مضر بن محمد القرشي المصري ثم الكناني المدني ويروي عن جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة القرشي المصري يروي عن عراك بن مالك الغفاري ثم الكناني المدني يروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وفتح الباء الموحدة ابن مسعود أحد الفقهاء السبعة يروي عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن يحيى بن بكير وفي انشقاق القمر عن عثمان بن صالح وأخرجه مسلم في التوبة عن موسى بن قريش وهذا كما رأيت أخرج البخاري في انشقاق القمر هنا عن ثلاثة من الصحابة أحدهم عبد الله بن مسعود وقد أخرج البخاري حديثه مختصرا وليس فيه التصريح بحضور ذلك وأورده في التفسير من طريق إبراهيم عن أبي معمر بتمامه وفيه فقال النبي اشهدوا وروى أبو نعيم في ( الدلائل ) من طريق عتبة بن عبد الله ابن عتبة عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود فلقد رأيت أحد شقيه على الجبل الذي بمنى ونحن بمكة والثاني أنس بن مالك فإنه لم يحضر ذلك لأنه كان بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين وكان أنس إذ ذاك ابن أربع أو خمس سنين بالمدينة والثالث ابن عباس وهو أيضا لم يحضر ذلك لأنه إذ ذاك لم يكن ولد
وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر أخرج حديثه الترمذي من حديث مجاهد عنه قال انفلق القمر على عهد رسول الله وقال رسول الله اشهدوا وقال هذا حديث حسن صحيح ومنهم جبير بن مطعم أخرج حديثه الترمذي أيضا من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال انشق القمر على عهد رسول الله حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل فقالوا سحرنا محمد فقال بعضهم لبعض لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم وعند عياض وذلك بمنى فرأيت الجبل بين فرجتي القمر ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال انشق القمر ونحن مع النبي ومنهم حذيفة بن اليمان روى عنه أيضا كذلك
82 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع في الأصول باب بغير ترجمة وهو كالفصل لما قبله وقال بعضهم كان حق هذا الباب أن يكون قبل كل من البابين اللذين قبله قلت لا يحتاج إلى هذا الكلام ولا الاعتذار عنه لأن البابين اللذين قبله من علامات النبوة أيضا وهذا الباب المجرد في نفس الأمر ملحق بما ألحق به البابان اللذان قبله
9363 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( معاذ ) قال حدثني أبي عن ( قتادة ) حدثنا ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن ( رجلين من أصحاب ) النبي ( خرجا من عند ) النبي في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيآن بين أيديهما فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله ( انظر الحديث 564 وطرفه )
كرامة أحد من الصحابة وممن كان بعدهم من معجزات النبي ويلحق بها ومحمد بن المثنى يروي عن معاذ بن هشام

(16/163)


وهو يروي عن أبيه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي واسم أبي عبد الله سنبر وهو يروي عن قتادة والحديث بعينه سندا ومتنا مر في باب مجرد بين أبواب المساجد ومثل هذا هو المكرر حقيقة وهو قليل وقد مر الكلام فيه والرجلان في الحديث أسيد بن حضير وعباد بن بشر
0463 - حدثنا ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) سمعت ( المغيرة بن شعبة ) عن النبي قال لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون
هذا ملحق بأبواب علامات النبوة وفيه معجزة ظاهرة فإن هذا الوصف ما زال يحمد الله تعالى في زمن النبي إلى الآن ولا يزول حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث
وعبد الله بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد بن الأسود البصري ويحيى القطان وإسماعيل بن أبي خالد البجلي الكوفي وقيس بن أبي حازم
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن عبيد الله بن موسى وفي التوحيد عن شهاب بن عباد وأخرجه مسلم في الجهاد عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير وعن ابن أبي عمر
قوله ظاهرين من ظهرت أي علوت والواو في قوله وهم ظاهرون للحال واحتجت به الحنابلة على أنه لا يجوز خلو الزمان عن المجتهد قوله حتى يأتيهم أمر الله قال النووي هو الريح الذي يأتي فيأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة ويروى حتى تقوم الساعة أي تقرب الساعة وهو خروج الريح ويروى لا تزال طائفة من أمتي وهو في مسلم كذلك قال البخاري وأما هذه الطائفة فهم أهل العلم وقال أحمد بن حنبل إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم قال القاضي إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحق وقال النووي يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة من أنواع المؤمنين فمنهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد ومنهم آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أنواع إخرى من أهل الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقطار الأرض قال وفيه دليل لكون الإجماع حجة وهو أصح ما يستدل به من الحديث وأما حديث لا تجتمع أمتي على ضلالة فضعيف
1463 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( الوليد ) قال حدثني ( ابن جابر ) قال حدثني ( عمير بن هانىء ) أنه سمع ( معاوية ) يقول سمعت النبي يقول لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك قال عمير فقال مالك بن يخامر قال معاذ وهم بالشأم فقال معاوية هذا مالك يزعم أنه سمع معاذا يقول وهم بالشأم
الكلام في مطابقته للترجمة مثل الكلام في الحديث الماضي والحميدي بضم الحاء عبيد الله بن الزبير بن عيسى نسبة إلى حميد أحد أجداده والوليد هو ابن مسلم القرشي الأموي الدمشقي وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد من الزيادة ابن جابر الأزدي الشامي وعمير مصغر عمرو بن هانىء بالنون بعد الألف الشامي مر في التهجد ومعاوية بن أبي سفيان الأموي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن الحميدي عن الوليد وأخرجه مسلم في الجهاد عن منصور بن أبي مزاحم
قوله عمير هو ابن هانىء الراوي قوله فقال مالك بن يخامر بضم الياء آخر الحروف وبالخاء المعجمة الخفيفة وبعد الألف ميم مكسورة الشامي من كبار التابعين وقيل إن له صحبة وليس بصحيح وماله في البخاري إلا هذا الحديث قوله قال معاذ هو معاذ بن جبل قوله وهم بالشام هذا مقول معاذ أي الأمة القائمة بأمر الله مستقرون بالشام قوله فقال معاوية هو ابن أبي سفيان قوله هذا مالك هو مالك بن يخامر المذكور قوله سمع معاذا يعني ابن جبل وحديث مالك هذا غير مرفوع

(16/164)


2463 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) أخبرنا ( سفيان ) حدثنا ( شبيب بن غرقدة ) قال سمعت ( الحي يحدثون ) عن ( عروة ) أن النبي أعطاه دينارا يشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشترى التراب لربح فيه قال سفيان كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه قال سمعه شبيب من عروة فأتيته فقال شبيب إني لم أسمعه من عروة قال سمعت الحي يخبرونه عنه ولكن سمعته يقول سمعت النبي يقول الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة قال وقد رأيت في داره سبعين فرسا قال سفيان يشتري له شاة كأنها أضحية
فيه من علامات النبوة ما في قوله فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشترى التراب لربح فيه يظهر ذلك عند التأمل
ذكر رجاله وهم خمسة الأول علي بن عبد الله المعروف بابن المديني الثاني سفيان بن عيينة الثالث شبيب بفتح الشين المعجمة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة أخرى ابن غرقدة بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف السلمي الكوفي من صغار التابعين الثقات وماله في البخاري غير هذا الحديث الرابع عروة بن الجعد أو ابن أبي الجعد البارقي بالباء الموحدة نسبة إلى بارق جبل باليمن الصحابي قال الشعبي أول من قضى على الكوفة عروة بن الجعد البارقي ويقال إن عمر رضي الله تعالى عنه استعمله على الكوفة قبل أن يستقضي شريحا رضي الله تعالى عنه الخامس الحسن بن عمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن المضرب البجلي الكوفي الفقيه كان على قضاء بغداد في خلافة أبي جعفر المنصور مات سنة ثلاث وخمسين ومائة وقال بعضهم الحسن بن عمارة أحد الفقهاء المتفق على ضعف حديثهم قلت سفيان الثوري من أقرانه وروي عنه أيضا سفيان بن عيينة وعبد الرزاق بن همام وأبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني ويحيى بن سعيد القطان وآخرون من أكابر المحدثين وفي ( التهذيب ) قال عيسى بن يونس الرملي الفاخوري سمعت أيوب بن سويد يقول كنت عند سفيان الثوري فذكر الحسن بن عمارة فغمزه فقلت له يا أبا عبد الله هو عندي خير منك وقال وكيف ذاك قلت جلست منه غير مرة فيجري ذكرك فما يذكرك إلا بخير قال أيوب ما ذكر سفيان الحسن بن عمارة بعد ذلك إلا بخير حتى فارقته وقال الطحاوي حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قال سمعت علي ابن يونس المروزي يقول سمعت جرير بن عبد الحميد يقول ما ظننت أني أعيش إلى دهر يحدث فيه عن محمد بن إسحاق ويسكت فيه عن الحسن بن عمارة
ذكر من أخرجه غيره أخرجه أبو داود في البيوع عن مسدد وعن الحسن بن الصباح وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد ابن سعيد الدارمي وأخرجه ابن ماجه في الأحكام عن أحمد بن سعيد وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأما حديث الخيل فقد أخرجه البخاري في الجهاد وفي الخمس وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به
ذكر معناه قوله سمعت الحي أي قبيلته المنسوبين إلى بارق نزله بنو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر مزيقاء وهذه العبارة تقتضي أن يكون سمعه من جماعة وأقلهم ثلاثة وقال الخطابي والبيهقي وآخرون هذا الحديث غير متصل لأن أحدا من الحي لم يسم وفي ( التوضيح ) وفيه جهالة الحي كما ترى فهو غير متصل والشافعي توقف فيه في بيع الفضولي وقال إن صح قلت به كذا في البويطي وحكى المزني عن الشافعي أنه حديث ليس بثابت عنده قال البيهقي وإنما ضعفه الشافعي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي وهم غير معروفين وفي موضع آخر إنما قال الشافعي لما في إسناده من الإرسال وهو أن شبيب بن غرقدة لم يسمعه من عروة البارقي إنما سمعه من الحي يخبرونه عنه وقال في موضع آخر الحي الذي أخبر شبيب ابن غرقدة عن عروة لا نعرفهم وليس هذا من شرط أصحاب الحديث في قبول الأخبار وقال المنذري في ( اختصاره للسنن )

(16/165)


سفيان بن عيينة أيضا وهو أيضا موصول بالإسناد الأول قوله في داره أي في دار عروة والقائل بالرؤية هو شبيب قوله له أي لرسول الله قوله كأنها أضحية الظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من سفيان وقد احتج بالحديث المذكور وأبو حنيفة وإسحاق ومالك في المشهور عنه على جواز بيع الفضولي لأن عروة لم يكن وكيلا إلا في الشراء وقال الكرماني والجواب عنه احتمال أن يكون وكيلا مطلقا في البيع والشراء انتهى قلت هذا عجيب يترك الظاهر حقيقة ويعمل بالاحتمال وعن الشافعي قولان في بيع الفضولي وقد ذكرناه عن قريب وفي ( التوضيح ) واختلف قول المالكية فيما إذا أمر بشراء سلعة بكذا فوجد سلعتين في صفة ما أمر به وثمنهما ما أمر أن يشتري به واحدة وقد رضي بشراء واحدة به فقال ابن القاسم الآمر مخير إن شاء أخذ واحدة بحصتها من الثمن ويرجع ببقية الثمن على المأمور وإن شاء أخذهما جميعا وقال إصبغ عند ابن حبيب تلزمان الآمر جميعا وقال عبد الملك في ( مبسوطه ) إن شاء الآمر أخذهما جميعا أو تركهما جميعا
4463 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( عبيد الله ) قال أخبرني ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ( انظر الحديث 9482 )
مطابقته للترجمة كما قبله من أن فيه علامة من علامات النبوة وهو إخباره عن أمر مستمر إلى يوم القيامة ويحيى هو ابن سعيد القطان وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب والحديث مر في الجهاد في باب الخيل معقود في نواصيها الخير فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع إلى آخره نحوه وقد مر الكلام فيه هناك
5463 - حدثنا ( قيس بن حفص ) حدثنا ( خالد بن الحارث ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) قال سمعت ( أنسا ) عن النبي قال الخيل معقود في نواصيها الخير ( انظر الحديث 1582 )
مطابقته لما قبله ظاهرة وقيس بن حفص أبو محمد الدارمي البصري وهو من أفراده وخالد بن الحارث أبو عثمان الهجيمي البصري وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وبعد الألف حاء مهملة واسمه يزيد بن حميد وقد مر الحديث في الجهاد فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن يحيى عن شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال قال رسول الله البركة في نواصي الخيل وقد مر الكلام فيه
6463 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( زيد بن أسلم ) عن ( أبي صالح السمان ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي قال الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة وما أصابت في طيلها من المرج أو الروضة كانت له حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواثها حسنات ولو أنها مرت بنهر فشربت ولم يرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له ورجل ربطها تغنيا وسترا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر وسئل النبي عن الحمر فقال ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( الزلزلة 7 - 8 )
وجه المطابقة في ذكره عقيب أبواب علامات النبوة يمكن أن يقال فيه إن فيه من جملة ما أخبر به ما وقع كما أخبر وقد مضى هذا الحديث بعين هذا الإسناد عن عبد الله بن مسلمة عن مالك وبعين هذا المتن في الجهاد في باب الخيل لثلاثة وهذا هو المكرر الحقيقي وقد مضى الكلام فيه مستوفى والمرج بالجيم الموضع الذي يرعى فيها الدواب والطيل بكسر الطاء المهملة وفتح الياء آخر الحروف الحبل الذي يطول للدابة ترعى فيه والاستنان العدو والشرف الشوط وأصله المكان العالي قوله أرواثها

(16/167)


وفي كتاب الشرب آثارها وفي الجهاد جمع بينهما والنواء بكسر النون وبالمد المناوأة وهي العداوة والحمر بضم الحاء المهملة جمع الحمار قال الكرماني وكثيرا يصحفون بالخمر بالمعجمة أي في صدقة الخمر
7463 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد ) سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول ( صبح ) رسول الله خيبر بكرة وقد خرجوا بالمساحي فلما رأوه قالوا محمد والخميس وأحالوا إلى الحصن يسعون فرفع النبي يديه وقال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
وجه المطابقة فيه مثل ما ذكرنا أنه أخبر عن خراب خيبر فوقع كما أخبر وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن سيرين
والحديث مضى في الجهاد في باب التكبير عند الحرب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن سفيان إلى آخره
قوله والخميس أي الجيش وسمي به لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والمقدمة والساقة والقلب قوله وأحالوا بالحاء المهملة أي أقبلوا وقيل تحولوا قال أبو عبد الله يقال أحال الرجل إلى مكان كذا تحول إليه وقال الخطابي حلت عن المكان تحولت عنه ورواه بعضهم عن أبي ذر بالجيم قال في ( التوضيح ) وليس بشيء وقال الكرماني وأحالوا بالحاء المهملة أقبلوا وبالجيم من الجولان قوله يسعون حال قوله فرفع النبي يديه قال الكرماني قال البخاري لفظ فرفع النبي يديه غريب أخشى أن يكون محفوظا قوله خربت خيبر أي ستخرب في توجهنا إليها
8463 - حدثني ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( ابن أبي الفديك ) عن ( ابن أبي ذئب ) عن ( المقبري ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله إني سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه قال ابسط رداءك فبسطته فغرف بيده فيه ثم قال ضم فضممته فما نسيت حديثا بعد
وجه المطابقة فيه أن فيه علامة من علامات النبوة على ما لا يخفى وإبراهيم بن المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل واسم أبي فديك بضم الفاء دينار الديلمي المديني وابن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام المدني والمقبري بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة هو سعيد بن أبي سعيد واسم أبيه كيسان المديني وهؤلاء كلهم مدنيون والحديث قد مضى في كتاب العلم في باب من حفظ العلم عن أبي مصعب عن أحمد بن أبي بكر عن محمد بن إبراهيم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قوله فما نسيت حديثا بعد وهناك فما نسيت شيئا بعده
1 -
( باب في فضائل أصحاب النبي )
أي هذا باب في بيان فضائل أصحاب النبي والفضائل جمع الفضيلة وهي خلاف النقيصة كما أن الفضل خلاف النقص والفضل في اللغة الزيادة من فضل يفضل من باب نصر ينصر وفيه لغة أخرى فضل يفضل من باب علم يعلم حكاها ابن السكيت وفيه لغة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له وقال سيبويه هذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين وفي بعض النسخ باب فضل أصحاب النبي وفي رواية أبي ذر وحده فضائل أصحاب النبي هكذا بدون لفظة باب والمراد بالفضائل الخصال الحميدة والخلال المرضية المشكورة والأصحاب جمع صحب مثل فرخ وأفراخ قاله الجوهري والصحابة بالفتح الأصحاب وهي في الأصل مصدر وجمع الأصحاب أصاحيب من صحبه يصحبه صحبة بالضم وصحابة بالفتح وجمع الصاحب صحب مثل راكب وركب وصحبة بالضم مثل فاره وفرهة وصحاب مثل جائع وجياع وصحبان مثل شاب وشبان

(16/168)


ومن صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه
أشار بهذا إلى تعريف الصاحب وفيه أقوال
الأول ما أشار إليه البخاري بقوله من صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه وقال الكرماني يعني الصحابي مسلم صحب النبي أو رآه وضمير المفعول للنبي والفاعل للمسلم على المشهور الصحيح ويحتمل العكس لأنهما متلازمان عرفا فإن قلت الترديد ينافي التعريف قلت الترديد في أقسام المحدود يعني الصحابي قسمان لكل منهما تعريف فإن قلت إذا صحبه فقد رآه قلت لا يلزم إذ عبد الله بن أم مكتوم صحابي اتفاقا مع أنه لم يره انتهى قلت من في محل الرفع على الابتداء وهي موصولة و صحب صلتها وقوله أوراه عطف عليه أو رأى النبي الصاحب ويحتمل العكس كما قاله الكرماني لكن الأول أولى ليدخل فيه مثل ابن أم مكتوم وقوله فهو من أصحابه جملة في محل الرفع على أنها خبر المبتدأ ودخول الفاء لتضمن المبتدأ الشرط وقوله من المسلمين قيد ليخرج به من صحبه أو رآه من الكفار فإنه لا يسمى صحابيا قيل في كلام البخاري نقص ما يحتاج إلى ذكره وهو ثم مات على الإسلام والعبارة السالمة من الاعتراض أن يقال الصحابي من لقي النبي ثم مات على الإسلام ليخرج من ارتد ومات كافرا كابن خطل وربيعة بن أمية ومقيس بن صبابة ونحوهم ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا وهو مردود لأنه يخرج مثل الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما ونحوه من أحداث الصحابة
القول الثاني إنه من طالت صحبته له وكثرت مجالسته مع طريق التبع له والأخذ عنه هكذا حكاه أبو المظفر السمعاني عن الأصوليين وقال إن اسم الصحابي يقع على ذلك من حيث اللغة والظاهر قال وأصحاب الحديث يطلقون إسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة يتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة ومن ارتد ثم عاد إلى الإسلام لكن لم يره ثانيا بعد عوده فالصحيح أنه معدود في الصحابة لإطباق المحدثين على عد الأشعث بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد وقال الآمدي الأشبه أن الصحابي من رآه وحكاه عن أحمد وأكثر أصحاب الشافعي واختاره ابن الحاجب أيضا لأن الصحبة تعم القليل والكثير وفي كلام أبي زرعة الرازي وأبي داود ما يقتضي أن الصحبة أخص من الرؤية فإنهما قالا في طارق بن شهاب له رؤية وليست له صحبة قال شيخنا ويدل على ذلك ما رواه محمد بن سعد في ( الطبقات ) عن علي بن محمد عن شعبة عن موسى السيناني قال أتيت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه فقلت أنت آخر من بقي من أصحاب رسول الله قال قد بقي قوم من الأعراب فأما من أصحابه فأنا آخر من بقي قال ابن الصلاح إسناده جيد
القول الثالث ما روى عن سعيد بن المسيب أنه لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وهذا فيه ضيق يوجب أن لا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا نعلم خلافا في عده من الصحابة قال شيخنا هذا عن ابن المسيب لا يصح لأن في إسناده محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث
القول الرابع إنه يشترط مع طول الصحبة الأخذ عنه حكاه الآمدي عن عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ من أئمة المعتزلة قال فيه ثعلب إنه غير ثقة ولا مأمون ولا يوجد هذا القول لغيره
القول الخامس أنه من رآه مسلما بالغا عاقلا حكاه الواقدي عن أهل العلم والتقييد بالبلوغ شاذ وقد مر عن قريب
القول السادس إنه من أدرك زمنه وهو مسلم وإن لم يره وهو قول يحيى بن عثمان المصري فإنه قال فيمن دفن أي بمصر من أصحاب رسول الله ممن أدركه ولم يسمع منه أبو تميم الجيشاني واسمه عبد الله بن مالك انتهى وإنما هاجر أبو تميم إلى المدينة في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه باتفاق أهل السير وممن حكى هذا القول من الأصوليين القرافى في ( شرح التنقيح ) وكذلك إن كان صغيرا محكوما بإسلامه تبعا لأحد أبويه
فائدة وتعرف الصحبة إما بالتواتر كأبي بكر وعمر وبقية العشرة وخلق منهم وإما بالإستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر كعكاشة بن محصن وضمام بن ثعلبة وغيرهما وإما بإخبار بعض الصحابة عنه أنه صحابي كحميمة بن أبي حميمة

(16/169)


الدوسي الذي مات بأصبهان مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع النبي وحكم له بالشهادة ذكر ذلك أبو نعيم في ( تاريخ أصبهان ) وإما بإخباره عن نفسه أنه صحابي بعد ثبوت عدالته قبل إخباره بذلك هكذا أطلق ابن الصلاح تبعا للخطيب وقال شيخنا لا بد من تقييد ما أطلق من ذلك بأن يكون ادعاؤه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مضي مائة سنة من حين وفاته فإنه لا يقبل وإن كان قد ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله في الحديث الصحيح أرأيتم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى أحد ممن على وجه الأرض يريد انخرام ذلك القرن فإن ذلك في سنة وفاته وقد اشترط الأصوليون في قبول ذلك منه أن يكون عرفت معاصرته للنبي قال الآمدي فلو قال من عاصره أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه
9463 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) قال سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما يقول حدثنا ( أبو سعيد الخدري ) قال قال رسول الله يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون أفيكم من صاحب رسول الله فيقولون لهم نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله فيقولون نعم فيفتح لهم ( انظر الحديث 7982 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وفيه رواية الصحابي عن الصحابي والحديث مضى في الجهاد في باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن سفيان عن عمرو إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله فئام بكسر الفاء الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه والعامة تقول فيام بلا همزة
0563 - حدثني ( إسحاق ) حدثنا ( النضر ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( أبي جمرة ) سمعت ( زهدم بن مضرب ) قال سمعت ( عمران بن حصين ) رضي الله تعالى عنهما يقول قال رسول الله خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري أذكر بعد قوله قرنين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن راهويه وبذلك جزم ابن السكن وأبو نعيم في ( المستخرج ) وقال الكرماني إسحاق إما ابن إبراهيم وإما ابن منصور والنضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل مصغر الشمل بالمعجمة مر في الوضوء وأبو جمرة بفتح الجيم وبالراء نضر بن عمران صاحب ابن عباس وزهدم بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح الدال المهملة وفي آخره ميم ابن مضرب بلفظ اسم الفاعل من التضريب بالضاد المعجمة الجرمي بفتح الجيم
والحديث مضى في كتاب الشهادات في باب لا يشهد على جور ومضى الكلام فيه هناك
قوله خير أمتي قرني أي أهل قرني وهم الصحابي والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا في أمر من الأمور المقصودة واختلف في القرن من عشرة إلى مائة وعشرين والأكثرون على أنه ثلاثون سنة قوله ثم الذين يلونهم أي القرن الذي بعدهم وهم التابعون قوله فلا أدري شك عمران بعد قرنه هل ذكر قرنين أو ذكر ثلاثة وجاء أكثر طرق هذا الحديث بغير شك وروى مسلم من حديث عائشة قال رجل يا رسول الله أي الناس خير قال القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث وروى الطيالسي من حديث عمر يرفعه خير أمتي القرن الذي أنا فيه والثاني ثم

(16/170)


الثالث ووقع في حديث جعدة بن هبيرة ورواه ابن أبي شيبة والطبراني إثبات القرن الرابع ولفظه خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الآخرون أردى ورجاله ثقات إلا أن جعدة بن هبيرة مختلف في صحبته فإن قلت روى ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير أحد التابعين بإسناد حسن قال قال رسول الله ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير ثلاثا ولن يخزى الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها وروى ابن عبد البر من حديث عمر رضي الله تعالى عنه رفعه أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني قلت لا يقاوم المسند الصحيح والثاني ضعيف قوله ثم إن من بعدكم قومابنضب قوما عند الأكثرين ويروى قوم بالرفع قال بعضهم يحتمل أن يكون من الناسخ على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب ويحتمل أن يكون إن تقريرية بمعنى نعم وفيه بعد وتكلف انتهى قلت الاحتمال الأول أبعد من الثاني والوجه فيه أن يكون ارتفاع قوم على تقدير صحة الرواية بفعل محذوف تقديره أن بعدكم يجيء قوم قوله يشهدون ولا يستشهدون معناه يظهر فيهم شهادة الزور قوله ويخونون ولا يؤتمنون قيل يطلبون الأمانة ثم يخونون فيها وقيل ليسوا ممن يوثق بهم قوله وينذرون بضم الذال وكسرها قوله ويظهر فيهم السمن بكسر السين وفتح الميم قيل معناه يكثرون بما ليس فيهم من الشرف وقيل يجمعون الأموال من أي وجه كان وقيل يغفلون عن أمر الدين ويقللون الاهتمام به لأن الغالب على السمين أن لا يهتم بالرياضة والظاهر أنه حقيقة في معناه وقالوا المذموم منه ما يتكسبه وأما الخلقي فلا
1563 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( منصور ) عن ( إبراهيم ) عن ( عبيدة ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه أن النبي قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكانوا يضربونا على الشهادة والعهد ونحن صغار
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو ابن عيينة ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحدة ابن قيس بن عمرو السلماني بفتح السين وسكون اللام المرادي قال العجلي هو جاهلي أسلم قبل وفاة النبي بسنتين وكان أعور
والحديث بعينه بهذا الإسناد والمتن مضى في الشهادات في باب لا يشهد على شهادة جور وهذا مكرر حقيقة غير أن هنا لفظ ونحن صغار ليس هناك
قوله ويمينه شهادته أي ويسبق يمينه شهادته قيل هذا دور وأجيب بأن المراد بيان حرصهم على الشهادة وترويجها يحلفون على ما يشهدون به فتارة يحلفون قبل أن يأتوا بالشهادة وتارة يعكسون أو هو مثل في سرعة الشهادة واليمين وحرص الرجل عليهما حتى لا يدري بأيهما يبتديء فكأنهما يتسابقان لقلة مبالاته في الدين قوله يضربونا وروى يضربوننا أي على الجمع بين اليمين والشهادة والمراد من العهد هنا اليمين
2 -
( باب مناقب المهاجرين وفضلهم )
أي هذا باب في بيان مناقب المهاجرين والمناقب جمع منقبة وهو ضد المثلبة والمهاجرون هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة إلى الله تعالى وقيل المراد بالمهاجرين من عدا الأنصار ومن أسلم يوم الفتح وهلم جرا فالصحابة من هذه الحيثية ثلاثة أصناف والأنصار هم الأوس والخزرج وحلفاؤهم ومواليهم وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر
منهم أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي رضي الله تعالى عنه
أي من المهاجرين ومن سادتهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه وجزم البخاري بأن اسمه عبد الله وهو المشهور وفي ( التلويح ) كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة وسمي في الإسلام عبد الله وكانت أمه تقول
( يا رب عبد الكعبة
استمع به يا ربه )
( فهو بصخر أشبه )
وصخر اسم أبي أمه واسمها سلمى بنت صخر بن مالك بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن

(16/171)


لؤي بن غالب وكانت تكنى أم الخير قوله ابن أبي قحافة بضم القاف وتخفيف الحاء المهملة وبعد الألف فاء واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب والباقي ذكرناه الآن يلتقي مع رسول الله في مرة ابن كعب أسلم أبواه وأمه أيضا هاجرت وذلك معدود من مناقبه لأنه انتظم إسلام أبويه وجميع أولاده وسمي أيضا الصديق في الإسلام لتصديقه النبي وذكر ابن سعد أن النبي لما أسري به قال لجبريل عليه الصلاة و السلام إن قومي لا يصدقوني فقال له جبريل يصدقك أبو بكر وهو الصديق وعن إبراهيم النخعي كان يسمى الأواه وكان يسمى أيضا عتيقا لقدمه في الإسلام وفي الخير وقيل لحسنه وجماله وسئل أبو طلحة لم سمي أبو بكر عتيقا فقال كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت اللهم إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي وقال ابن المعلى فكانت أمه إذا نقزته قالت
عتيق ما عتيق
ذو المنظر الأنيق
رشفت منه ريق
كالزرنب العتيق
وقيل سمي بالعتيق لأنه عتيق من النار وفي ( ربيع الأبرار ) للزمخشري قالت عائشة رضي الله تعالى عنها كان لأبي قحافة ثلاثة من الولد أسماؤهم عتيق ومعتق ومعيتق وفي ( الوشاح ) لابن دريد كان يلقب ذو الخلال لعباءة كان يخلها على صدره وقال السهيلي وكان يلقب أمير الشاكرين وأجمع المؤرخون وغيرهم على أنه يلقب خليفة رسول الله حاشى ابن خالويه فإنه قال في كتاب ( ليس ) الفرق بين الخليفة والخالفة أن الخالفة الذي يكون بعد الرئيس الأول قالوا لأبي بكر أنت خليفة رسول الله قال إني لست خليفة ولكني خليفته كنت بعده أي بقيت بعده واستخلفت فلانا جعلته خليفتي وقد ردوا عليه ذلك وولي أبو بكر الخلافة بعد رسول الله سنتين ونصفا وقيل سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال وقيل ثلاثة أشهر إلا خمس ليال وقيل ثلاثة أشهر وسبع ليال وقيل ثلاثة أشهر واثني عشر يوما وقيل عشرين شهرا واستكمل بخلافته سن النبي فمات وهو ابن ثلاث وستين سنة وصلى عليه عمر بن الخطاب في المسجد ودفن ليلا في بيت عائشة مع رسول الله ونزل في قبره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر وتوفي يوم الإثنين وقيل ليلة الثلاثاء الثمان وقيل لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة
وقول الله تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ( الحشر 8 ) وقال الله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إلى قوله إن الله معنا ( التوبة 04 )
وقول الله بالجر عطفا على قوله مناقب المهاجرين المجرور بإضافة الباب إليه وعلى قول أبي ذر وقول الله بالرفع لأنه عطف على لفظ مناقب المرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذه مناقب المهاجرين قوله تعالى للفقراء المهاجرين قال الزمخشري للفقراء بدل من قوله لذي القربى والمعطوف وهو قوله ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ( الحشر 7 ) قوله الذين أخرجوا أي أخرجهم كفار مكة من ديارهم قوله يبتغون فضلا أي يطلبون بهجرتهم فضل الله وغفرانه قوله وينصرون الله أي دين الله وشرع نبيه قوله أولئك هم الصادقون أي حققوا أقوالهم بأفعالهم إذ هجروا ديارهم لجهاد أعداء الله تعالى قوله تعالى إلا تنصروه يعني إلا تنصروا رسوله فإن الله ناصره ومؤيده وحافظه وكافيه كما تولى نصره إذ أخرجه الذين كفروا قوله إلى قوله إن الله معنا في رواية الأصيلي وكريمة هكذا إلى قوله إن الله معنا ويروي الآية وتمامها إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ( التوبة 04 ) قوله إذا أخرجه أي

(16/172)


حين أخرج النبي القوم الذين كفروا وهم أهل مكة من كفار قريش قوله ثاني اثنين حال من الضمير المنصوب في إذ أخرجه الذين كفروا يقال ثاني اثنين يعني أحد الإثنين وهما رسول الله وأبو بكر الصديق ويروى أن جبريل عليه الصلاة و السلام لما أمره بالخروج قال من يخرج معي قال أبو بكر وقرىء ثاني اثنني بالسكون قولهإذ هما بدل من قولهإذ أخرجه والغار ثقب في أعلى ثور جبل من جبال مكة على مسيرة ساعة قوله إذ يقول بدل ثان وصاحبه هو أبو بكر وقالوا من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله وليس ذلك لسائر الصحابة قوله فأنزل الله سكينته أي تأييده ونصره عليه أي على رسول الله في أشهر القولين وقيل على أبي بكر روي عن ابن عباس وغيره قالوا لأن الرسول لم تزل معه سكينة وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال قوله وأيده بجنود أي الملائكة قوله وجعل كلمة الذين كفروا السفلى قال ابن عباس أراد بكلمة الذين كفروا الشرك وأراد بكلمة الله لا إلاه إلا الله والله عزيز في انتقامه من الكافرين حكيم في تدبيره
قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وكان أبو بكر مع النبي في الغار
أما قول عائشة فسيأتي مطولا في باب الهجرة إلى المدينة وفيه ثم لحق رسول الله بغار في جبل ثور وأما قول أبي سعيد فقد أخرجه ابن حبان من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عنه في قصة بعث أبي بكر إلى الحج وفيه فقال له رسول الله أنت أخي وصاحبي في الغار وأما قول ابن عباس فقد أخرجه أحمد والحاكم من طريق عمرو بن ميمون عنه قال كان المشركون يرمون عليا وهم يظنون أنه النبي الحديث وفيه فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار
2563 - حدثنا ( عبد الله بن رجاء ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) قال اشتري أبو بكر رضي الله تعالى عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم قال ارتحلنا من مكة فأحيينا أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوى إليه فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي فيه ثم قلت له اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أري من الطلب أحدا فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له لمن أنت يا غلام قال لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت فهل أنت حالب لبنا قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت لرسول الله إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى النبي فوافقته قد استيقظ فقلت له اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت قد آن الرحيل يا رسول الله قال بلى فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال لا تحزن إن الله معنا
مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن فيه فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن رجاء بالجيم والمد ابن المثنى

(16/173)


الفداني أبو عمرو البصري وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي يروي عن جده أبي إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله الكوفي والبراء بن عازب بن الحارث الأنصاري الخزرجي الأوسي
والحديث مضى عن قريب في باب علامات النبوة ومضى الكلام فيه هناك ولنذكر هنا ما يحتاج إليه
قوله أو سرينا شك من الراوي من السرى وهو المشي في الليل قوله حتى أظهرنا كذا عند أبي ذر بالألف وأسقطها غيره والصواب الأول أي صرنا في وقت الظهر قوله قلت قد آن الرحيل أي دخل وقته وقد تقدم في علامات النبوة أن رسول الله قال ألم يأن الرحيل ولا منافاة لجواز اجتماعهما قوله هذا الطلب جمع الطالب قوله إن الله معنا اقتصر فيه على هذا المقدار وقد روى الإسماعيلي هذا الحديث عن أبي خليفة عن عبد الله بن رجاء شيخ البخاري فزاد فيه في آخره ومضى رسول الله وأنا معه حتى أتينا المدينة ليلا فتنازع القوم أيهم ينزل عليه فذكر القصة مطولة
تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة
هذا إشارة إلى تفسير قوله ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ( النحل 6 ) ولا مناسبة لذكره هنا أصلا إلا أنه ذكر في رواية الكشميهني وحده والصواب أن يذكر هذا عند حديث عائشة في قصة الهجرة فإن فيه ويرعى عليها عامر بن فهيرة ويريحها عليها ولا مناسبة له في حديث البراء لأنه لم يذكر فيه هذه اللفظة
3563 - حدثنا ( محمد بن سنان ) حدثنا ( همام ) عن ( ثابت البناني ) عن ( أنس ) عن ( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنه قال قلت ل ( لنبي ) وأنا ي الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه منقبة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ومحمد بن سنان بكسر السين المهملة وبالنونين بينهما ألف أبو بكر العوفي الباهلي الأعمى وهو من أفراده وهما بالتشديد هو ابن يحيى بن دينار الشيباني البصري وثابت هو ابن أسلم البصري أبو محمد البناني
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الهجرة عن موسى بن إسماعيل وفي التفسير عن عبد الله بها محمد وأخرجه مسلم في الفضائل عن زهير بن حرب وعبد بن حميد وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وأخرجه الترمذي في التفسير عن زياد بن أيوب
قوله عن ثابت في رواية خبان بن هلال في التفسير عن همام حدثنا ثابت قوله عن أنس عن أبي بكر في رواية حبان بن هلال حدثنا أنس حدثني أبو بكر قوله قلت للنبي وأنا في الغار وفي رواية حبان المذكورة فرأيت آثار المشركين وفي رواية موسى بن إسماعيل عن همام فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم قوله ما ظنك باثنين الله ثالثهما أراد النبي بالاثنين نفسه وأبا بكر ومعنى ثالثهما بالقدرة والنصرة والإعانة وفي رواية موسى بن أسماء فقال أسكت يا أبا بكر إثنان الله ثالثهما فقوله إثنان خبر مبتدأ محذوف تقديره نحن اثنان الله ناصرهما ومعينهما والله تعالى أعلم
3 -
( باب قول النبي سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر قاله ابن عباس عن النبي )
أي هذا باب في بيان قول النبي إلى آخره هذا وصله البخاري في الصلاة بلفظ سدوا عني كل خوخة في المسجد وهذا هنا نقل بالمعنى ولفظه في الصلاة في باب الخوخة والممر في المسجد وأخرجه من طريقين أحدهما عن محمد بن سنان ولفظه لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر والثاني عن عبد الله بن محمد الجعفي ولفظه سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر ومر الكلام فيه هناك

(16/174)


4563 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أبو عامر ) حدثنا ( فليح ) قال حدثني ( سالم أبو النضر ) عن ( بسر بن سعيد ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال ( خطب ) رسول الله الناس وقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد خير فكان رسول الله هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر ( انظر الحديث 664 وطرفه )
هذا الحديث قد مضى في كتاب الصلاة في باب الخوخة والممر في المسجد وقد أخرجه عن محمد بن سنان كما ذكرناه الآن وهو يروى عن فليح وهنا أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر أبو جعفر الجعفي البخاري المعروف بالمسندي عن أبي عامر العقدي واسمه عبد الملك بن عمرو البصري عن فليح بضم الفاء ابن سليمان الخزاعي وكان اسمه عبد الله وفليح لقبه وهو يروي عن سالم أبي النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة القرشي التيمي المدني عن بسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن سعيد مولى الحضرمي من أهل المدينة عن أبي سعيد الخدري وقد مر الكلام فيه هناك
قوله بين الدنيا وبين ما عنده وفي لفظ بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده قوله وكان أبو بكر أعلمنا به أي بالنبي قوله إن من أمن الناس ويروي إن أمن الناس قوله أبا بكر بالنصب في رواية الأكثرين وروي أبو بكر بالرفع وتكلم الشراح في وجه الرفع بالتعسفات فلا يحتاج إلى ذلك بل وجه الرفع إن صح على رواية إن أمن الناس بدون لفظة من ولفظ أمن أفعل تفضيل من المن وهو العطاء والبذل والمعني إن أبذل الناس لنفسه وماله لا من المنة وروى الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ ما لأحد عندنا يد إلا كافأناه عليها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله تعالى يوم القيامة وروى الطبراني من حديث ابن عباس ما أحد أعظم مني يدا من أبي بكر واساني بنفسه وماله وأنكحني ابنته وفي حديث مالك بن دينار عن أنس رفعه إن أعظم الناس علينا منا أبو بكر زوجني ابنته وواساني بنفسه وإن خير المسلمين مالا أبو بكر أعتق بلالا وحملني إلى دار الهجرة أخرجه ابن عساكر وجاء عن عائشة مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر رضي الله تعالى عنه فروى ابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أنفق أبو بكر على النبي أربعين ألف درهم وروي عن الزبير بن بكار عن عروة عن عائشة أنه لما مات أبو بكر ما ترك دينارا ولا درهما قوله ولو كنت متخذا خليلا قال الداودي لا ينافي هذا قول أبي هريرة وأبي ذر وغيرهما أخبرني خليلي لأن ذلك جائز لهم ولا يجوز لأحد منهم أن يقول أنا خليل النبي ولهذا يقول إبراهيم خليل الله ولا يقال الله خليل إبراهيم واختلف في معنى الخلة واشتقاقها فقيل الخليل المنقطع إلى الله تعالى الذي ليس في انقطاعه إليه ومحبته له اختلال وقيل الخليل المختص واختار هذا القول غير واحد وقيل أصل الخلة الاستصفاء وسمي إبراهيم خليل الله لأنه يوالي فيه ويعادي فيه وخلة الله له نصره وجعله إماما لمن بعده وقيل الخليل أصله الفقير المحتاج المنقطع مأخوذ من الخلة وهي الحاجة فسمي إبراهيم عليه الصلاة و السلام خليلا لأنه قصر حاجته على ربه وانقطع إليه بهمه ولم يجعله قبل غيره وقال أبو بكر بن فورك الخلة صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار وقيل أصل الخلة المحبة ومعناها الإسعاف والإلطاف وقيل الخليل من لا يتسع قلبه لسواه
واختلف العلماء أرباب القلوب أيهما أرفع درجة درجة الخلة أو درجة المحبة فجعلهما بعضهم سواء فلا يكون الحبيب إلا خليلا ولا يكون الخليل إلا حبيبا لكنه خص إبراهيم بالخلة ومحمد عليهما السلام بالمحبة وبعضهم قال درجة الخلة أرفع واحتج بقوله لو كنت متخذا خليلا غير ربي فلم يتخذه وقد أطلق

(16/175)


المحبة لفاطمة وابنيها وأسامة وغيرهم وأكثرهم جعل المحبة أرفع من الخلة لأن درجة الحبيب نبينا أرفع من درجة الخليل عليهما السلام وأصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحب ولكن هذا في حق من يصح الميل منه والانتفاع بالوفق وهي درجة المخلوق وأما الخالق عز و جل فمنزه عن الأعراض فمحبته لعبده تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئة أسباب القرب وإفاضة رحمته عليه وقصواها كشف الحجاب عن قلبه حتى يراه بقلبه وينظر إليه ببصيرته فيكون كما قال في الحديث فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ولا ينبغي أن يفهم من هذا سوى التجرد لله تعالى والانقطاع إليه والإعراض عن غيره وصفاء القلب وإخلاص الحركات له ونقل ابن فورك عن بعض المتكلمين كلاما في الفرق بين المحبة والخلة بكلام طويل ملخصه الخليل يصل بالواسطة من قوله وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ( الأنعام 57 ) والحبيب يصل لحبيبه به من قوله فكان قاب قوسين أو أدنى ( النجم 9 ) والخليل الذي تكون مغفرته في حد الطمع من قوله والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( الشعراء 28 ) والحبيب الذي مغفرته في حد اليقين من قوله عز و جل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ( الفتح 2 ) والخليل قال ولا تخزني يوم يبعثون ( الشعراء 78 ) والحبيب قيل له يوم لا يخزي الله النبي فابتدأ بالبشارة قبل السؤال والخليل قال في المحبة حسبي الله والحبيب قيل له يا أيها النبي حسبك الله ( الأنفال 46 ) والخليل قال واجعل لي لسان صدق ( الشعراء 78 ) والحبيب قيل له ورفعنا لك ذكرك ( الشرح 4 ) أعطي بلا سؤال والخليل قال واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ( إبراهيم 53 ) والحبيب قيل له إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ( الأحزاب 33 )
قوله ولكن أخوة الإسلام أخوة الإسلام مبتدأ وخبره محذوف نحو أفضل من كل أخوة ومودة لغير الإسلام وقيل وقع في بعض الروايات ولكن خوة الإسلام بغير الألف فقال ابن بطال لا أعرف معنى هذه الكلمة ولم أجد خوة بمعنى خلة في كلام العرب ولكن وجدت في بعض الروايات ولكن خلة الإسلام وهو الصواب وقال ابن التين لعل الألف سقطت من الكاتب فإن الألف ثابتة في سائر الروايات وقال ابن مالك في توجيهه نقلت حركة الهمزة إلى النون فحذفت الألف وجوز مع حذفها ضم نون لكن وسكونها ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا سكون النون فقط انتهى قلت هذا توجيه بعيد لا يوافق الأصول قوله لا يبقين بفتح أوله وبنون التأكيد وروي بالضم وإضافة النهي إلى الباب تجوز لأن عدم بقائه لازم للنهي عن إبقائه فكان المعنى لا تبقوه حتى لا تبقى قوله إلا سد على صيغة المجهول قوله إلا باب أبي بكر استثناء مفرغ ومعناه لا تبقوا بابا غير مسدود إلا باب أبي بكر فاتركوه بغير سد وفي رواية الطبراني من حديث معاوية في آخر هذا الحديث فإني رأيت عليه نورا فإن قلت روى النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص قال أمر رسول الله بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي رضي الله تعالى عنه وإسناده قوي وفي رواية الطبراني في ( الأوسط ) زيادة وهي فقالوا يا رسول الله سدت أبوابنا فقال ما أنا سددتها ولكن الله سدها ونحوه عن زيد بن أرقم أخرجه أحمد عن ابن عباس فهذا يخالف حديث الباب قلت جمع بينهما بأن المراد بالباب في حديث علي الباب الحقيقي والذي في حديث أبي بكر يراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه وقال الطحاوي في ( مشكل الآثار ) بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخله وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد قلت فلذلك لم يأذن النبي لأحد أن يمر من المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لأن بيته كان في المسجد رواه إسماعيل القاضي في ( أحكام القرآن ) وقال الخطابي وابن بطال وغيرهما في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر رضي الله تعالى عنه
وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة والأمر بالسد كناية عن طلبها كأنه قال لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها وإلى هذا مال ابن حبان فقال بعد أن أخرج هذا الحديث وفيه دليل على أن الخلافة له بعد النبي لأنه حسم بقوله سدوا عني كل خوخة في المسجد أطماع الناس كلهم عن أن يكونوا خلفاء بعده وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال جاء رسول الله فدخل بستانا وجاء آت فدق الباب فقال يا أنس إفتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة بعدي قال

(16/176)


فقلت يا رسول الله أعلمه قال أعلمه فإذا أبو بكر فقلت أبشر بالجنة وبالخلافة من بعد النبي قال ثم جاء آت فقال يا أنس إفتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد أبي بكر قلت أعلمه قال نعم قال فخرجت فإذا عمر رضي الله تعالى عنه فبشرته ثم جاء آت فقال يا أنس إفتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعد عمر وإنه مقتول قال فخرجت فإذا عثمان قال فدخل إلى النبي فقال يا إني والله ما نسيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيد بايعتك قال هو ذاك رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال هذا حديث حسن
4 -
( باب فضل أبي بكر بعد النبي )
أي هذا باب في بيان فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه بعد فضل النبي وليس المراد البعدية الزمانية لأن فضل أبي بكر كان ثابتا في حياته
5563 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( سليمان ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ( كنا نخير بين الناس في زمن ) النبي فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم ( الحديث 5563 - طرفه في7963 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فضل أبي بكر ثبت في أيام النبي بعد فضل النبي وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المديني وهو من أفراده وسليمان هو ابن بلال أبو أيوب القرشي التميمي ويحيى بن سعيد الأنصاري
والحديث من أفراده ورجال إسناده كلهم مدنيون
قوله نخير أي كنا نقول فلان خير من فلان وفلان خير من فلان في زمن النبي وبعده كنا نقول أبو بكر خير الناس ثم عمر ثم عثمان وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الآتية في مناقب عثمان كنا لا نعدل بأبي بكر أي لا نجعل له مثلا وفي رواية الترمذي كنا نقول ورسول الله حي أبو بكر وعمر وعثمان وقال حديث صحيح غريب ورواه الطبراني بلفظ كنا نقول ورسول الله حي أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان يسمع ذلك رسول الله فلا ينكره وعلى هذا أهل السنة والجماعة
5 -
( باب قول النبي لو كنت متخذا خليلا قاله أبو سعيد )
أي هذا باب في بيان قول النبي وأشار بهذا إلى حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق قبل باب فراجع إليه
6563 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي
مطابقته للترجمة ظاهرة ومسلم بن إبراهيم الأزدي القصاب البصري ووهيب تصغير وهب بن خالد البصري وأيوب هو السختياني
قوله لاتخذت أبا بكر عدم اتخاذه أبا بكر خليلا لعدم اتخاذه خليلا من الناس فهذا الحديث وغيره دل على نفي الخلة من النبي لأحد من الناس فإن قلت أخرج أبو الحسن الحربي في ( فوائده ) عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس دخلت عليه وهو يقول إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وإن خليلي أبو بكر ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فإن قلت هذا لا يقاوم الذي في ( الصحيح ) ولا يعارضه على أنه يعارضه ما رواه مسلم من حديث جندب أنه سمع النبي يقول قبل أن يموت بخمس إني أبرأ إلى الله تعالى أن يكون لي منكم خليل فإن قلت إن ثبت حديث أبي بن كعب فما التوفيق بينه وبين حديث جندب قلت يحمل على أنه بريء من ذلك تواضعا

(16/177)


لربه وإعظاما له ثم أذن الله له في ذلك اليوم لما رآه من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك فلا يتنافى الخبران قوله ولكن أخي وصاحبي أي ولكن هو أخي في الدين وصاحبي في السراء والضراء والحضر والسفر وفي رواية خيثمة في فضائل الصحابة عن أحمد بن أبي الأسود عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه ولكن أخي وصاحبي في الله تعالى
7563 - حدثنا ( معلى بن أسد وموسى ) قالا حدثنا ( وهيب ) عن ( أيوب ) وقال لو كنت متخذا خليلا لاتخذته خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس أخرجه عن معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي إلى آخره وكذا في أكثر الروايات التبوذكي وهو الصواب ووقع في رواية أبي ذر وحده التنوخي وهو تصحيف
قوله ولكن أخوة الإسلام أفضل قال الداودي لا أراه محفوظا وإن كان محفوظا فمعناه إن أخوة الإسلام دون المخاللة أفضل من المخاللة دون أخوة الإسلام وإن لم يكن قوله لو كنت متخذا خليلا غير ربي صحيحا لم يجز أن يقال أخوة الإسلام أفضل وليس يقضي في هذا بأخبار الآحاد
حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب عن أيوب مثله
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس مثل الحديث المذكور وهذه الطرق الثلاثة من أفراده
8563 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) أخبرنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( عبد الله ) بن أبي مليكة قال كتب أهل الكوفة إلى ابن الزبير في الجد فقال أما الذي قال رسول الله لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذته أنزله أبا يعني أبا بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضل أبي بكر حيث أجاب بأن الجد كالأب في استحقاق الميراث وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وقد مر عن قريب والحديث من أفراده
قوله كتب أهل الكوفة أي بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة قوله في الجد أي في مسألة الجد وميراثه قوله أما الذي جواب أما هو قوله أنزله والفاء فيه محذوفة أي أنزل أبو بكر الجد منزلة الأب في الإرث وحاصله أنه قال في جوابهم أما الذي قال رسول الله في حقه لو كنت متخذا خليلا لاتخذته جعل الجد كالأب وأنزله منزلته في استحقاق الميراث يريد أنه يرث وحده دون الأخوة كالأب وهو مذهب أبي حنيفة وعند الشافعي ومالك أنه يقاسم الإخوة ما لم ينقصه ذلك عن الثلث وهو قول زيد
( باب )
أي هذا باب وهذا كالفصل لما قبله
9563 - حدثنا ( الحميدي ومحمد بن عبد الله ) قالا حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( محمد ابن جبير بن مطعم ) عن أبيه قال ( أتت امرأة ) النبي فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال عليه السلام إن لم تجديني فأتي أبا بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إشارة إلى فضله وفيه إشارة أيضا إلى أنه هو الخليفة من بعده وأصرح من هذا دلالة على أنه هو الخليفة من بعده ما رواه الطبراني من حديث عصمة بن مالك قال قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك قال إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وفيه ضعف وروى الإسماعيلي في ( معجمه ) من حديث سهل

(16/178)


بن أبي حثمة قال بايع النبي أعرابيا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه فقال أبو بكر ثم سأله من يقضيه بعده قال عمر رضي الله تعالى عنه الحديث
والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى ومحمد بن عبد الله بن محمد بن زيد القرشي الأموي وكلاهما من أفراده وإبراهيم بن سعد يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأحكام عن عبد العزيز بن عبد الله وفي الاعتصام عن عبيد الله بن سعد وأخرجه مسلم في الفضائل عن عباد بن موسى وعن حجاج بن الشاعر وأخرجه الترمذي في المناقب عن عبد بن حميد
قوله أرأيت أي أخبرني قوله إن جئت ولم أجدك كأنها كنت عن موت رسول الله ومرادها إن جئت فوجدتك قد مت ماذا أعمل وفي رواية الإسماعيلي فإن رجعت فلم أجدك تعررض بالموت وفي رواية الحميدي في ( الأحكام ) كأنها تعني الموت
0663 - حدثني ( أحمد بن أبي الطيب ) حدثنا ( إسماعيل بن مجالد ) حدثنا ( بيان بن بشر ) عن ( وبرة ابن عبد الرحمان ) عن ( همام ) قال سمعت ( عمارا ) يقول ( رأيت ) رسول الله وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر ( الحديث 0663 - طرفه في 7583 )
مطابقته للترجمة من حيث إن في أبي بكر فضيلة خاصة لسبقه في الإسلام حيث لم يسلم أحد قبله من الرجال الأحرار وأحمد بن أبي الطيب اسمه سليمان المروزي البغدادي روى عنه البخاري هذا الحديث وإسماعيل بن مجالد بالجيم ابن عمير الهمداني الكوفي وليس له عند البخاري إلا هذا الحديث الواحد وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف وبعد الألف نون ابن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة المعلم الأحمسي بالمهملتين التابعي ووبرة بفتح الواو وسكون الباء الموحدة وفتحها ابن عبد الرحمن الحارثي وهمام بن الحارث النخعي الكوفي مر في الصلاة وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد وعمار هو ابن ياسر رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في إسلام أبي بكر عن عبد الله عن يحيى بن معين
قوله وما معه أي ممن أسلم قوله إلا خمسة أعبد وهم بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر فإنه أسلم قديما مع أبي بكر وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف ذكر ابن إسحاق أنه أسلم حين أسلم بلال فعذبه أمية فاشتراه أبو بكر فأعتقه وعبيد بن زيد الحبشي وذكر ابن السكن في ( كتاب الصحابة ) عن عبد الله بن داود أن النبي ورثه من أبيه هو وأم أيمن وفي ( التلويح ) هم عمار وزيد بن حارثة وبلال وعامر بن فهيرة وشقران والمرأتان خديجة وأم الفضل زوج العباس رضي الله تعالى عنهم وقيل المرأتان خديجة وأم أيمن أو سمية قلت عمار بن ياسر مولى بن مخزوم وأمه سمية بنت خياط وكان هو وأبوه يعذبون في الله فمر بهم النبي وهم يعذبون وقال صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة وشقران بضم الشين المعجمة وسكون القاف لقب واسمه صالح بن عدي الحبشي وقيل أوس وقيل هرمز ورثه النبي عن أمه وقيل عن أبيه وقيل كان لعبد الرحمن بن عوف فوهبه للنبي
1663 - حدثني ( هشام بن عمار ) حدثنا ( صدقة بن خالد ) حدثنا ( زيد بن واقد ) عن ( بسر بن عبيد الله ) عن ( عائذ الله أبي إدريس ) عن ( أبي الدرداء ) رضي الله تعالى عنه قال ( كنت جالسا عند ) النبي إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي فسلم عليه فجعل وجه النبي صلى الله

(16/179)


عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ( الحديث 1663 - طرفه في 0464 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام بن عمار بن نصير أبو الوليد السلمي الدمشقي وصدقة بن خالد أبو العباس مولى أم البنين بنت أبي سفيان بن حرب أخت معاوية وزيد بن واقد بكسر القاف الدمشقي ثقة قليل الحديث وليس له في البخاري غير هذا الحديث وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة الحضرمي الشامي وعائذ الله بالذال المعجمة من العوذ ابن عبد الله الخولاني بفتح الخاء المعجمة وبالنون وكنيته أبو إدريس وهؤلاء كلهم شاميون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله قيل إنه حماد الأيلي وهو من أفراده
قوله عن بسر بن عبيد الله وفي رواية عبد الله بن العلاء عند البخاري في التفسير حدثني بسر بن عبيد الله حدثني أبو إدريس سألت أبا الدرداء قوله أما صاحبكم وفي رواية الكشميهني أما صاحبك بالإفراد قوله فقد غامر بالغين المعجمة أي خاصم ولابس الخصومة ونحوها من الأمور يقال دخل في غمرة الخصومة وهي معظمها وغمر الحرب ونحوها والمغامر الذي يرمي بنفسه في الأمور والحروب وقيل من المعاجلة أي سارع قوله فسلم بتشديد اللام من السلام ووقع عند أبي نعيم في ( الحلية ) حتى سلم على رسول الله ولم يذكر الرد وهو مما يحذف للعلم به وقسيم إما محذوف نحوه وأما غيره فلا أعلمه قوله أثم بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم والهمزة للاستفهام أي أهنا أبو بكر قوله شيء وفي رواية التفسير بيني وبينه محاورة بالحاء المهملة أي مراجعة قوله ندمت زاد محمد بن المبارك على ما كان قوله فسألته أن يغفر لي وفي رواية التفسير أن يستغفر له فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه قوله فأبى علي زاد محمد بن المبارك فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره قوله ثلاثا أي أعاد هذه الكلمة ثلاث مرات قوله يتمعر بالعين المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب وأصله من المعر وهو الجدب يقال أمعر المكان إذا أجدب ويقال معناه يتغير لونه من الضجر ويقال ذهب رونقه حتى صار كالمكان الأمعر قوله حتى أشفق أبو بكر أي حتى خاف أبو بكر أن يكون من رسول الله إلى عمر ما يكره قوله فجثا بالجيم والثاء المثلثة أي برك على ركبتيه قوله أنا كنت أظلم أي من عمر في القصة المذكورة وإنما قال ذلك لأنه كان البادي قوله مرتين أي قال ذلك القول مرتين وقال الكرماني مرتين ظرف لقال أو لقوله كنت قوله وواساني وفي رواية الكشميهني وحده وأوساني والأول أوجه لأنه من المواساة قوله تاركو لي صاحبي وفي رواية التفسير تاركون لي على الأصل قوله لي فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الاختصاص وذلك جائز كقول الشاعر
( فرشني بخير لا أكونن ومدحتي
كناحت يوما صخرة بعسيل )
قلت رشني أمر من راش يريش يقال رشت فلانا أصلحت حاله والواو في ومدحتي للمصاحبة أي مع مدحتي والاستشهاد فيه في قوله يوما فإنه ظرف فصل به بين المضاف وهو قوله كناحت وبين المضاف إليه وهو صخرة والتقدير كناحت صخرة يوما بعسيل بفتح العين المهملة وكسر السين المهملة وهو قضيب الفيل قاله الجوهري وبهذا يرد على أبي البقاء حيث يقول إن حذف النون من خطأ الرواة لأن الكلمة ليست مضافة ولا فيها ألف ولام وإنما يجوز في هذين الموضعين ولا وجه لإنكاره لوقوع مثل هذه كثيرا في الأشعار وفي القرآن أيضا في قراءة ابن عامر وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم بنصب أولادهم وجر شركائهم قوله فما أوذي بعدها أي فما أوذي أبو بكر بعد هذه القضية لأجل ما أظهره النبي لهم من تعظيمه أبا بكر رضي الله تعالى عنه
وفي هذا الحديث فوائد الدلالة على فضل أبي بكر على جميع الصحابة وليس ينبغي للفاضل أن يغاضب من هو أفضل منه وجواز مدح الرجل في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان

(16/180)


والاغترار وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ( الأعراف 201 ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ في الفضل الغاية فليس بمعصوم وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله ألا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم وفيه أن الركبة ليست بعورة
2663 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( عبد العزيز بن المختار ) قال ( خالد الحذاء ) حدثنا عن ( أبي عثمان ) قال حدثني ( عمرو بن العاص ) رضي الله تعالى عنه أن النبي بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا ( الحديث 2663 - طرفه في 8534 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وذلك لأن كون أحب الناس إلى النبي أبا بكر يدل على أن له فضلا كثيرا وأنه أفضل الناس بعد النبي
وعبد العزيز بن المختار أبو إسماعيل الأنصاري الدباغ وخالد هو ابن مهران الحذاء وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي بالنون ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون إلا الصحابي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن إسحاق بن شاهين وأخرجه مسلم في الفضائل عن يحيى بن يحيى وأخرجه الترمذي في المناقب عن إبراهيم ابن يعقوب وبندار وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد
قوله خالد الحذاء حدثنا هو من تقديم الاسم على الصفة وقد استعملوه كثيرا تقدير الكلام حدثنا عبد العزيز قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان قوله ذات السلاسل بسينين مهملتين والمشهور فتح الأولى على لفظ جمع السلسلة وضبطه كذلك أبو عبيد البكري وضبطها ابن الأثير بالضم ثم فسره بمعنى السلسال أي السهل وفسره أبو عبيد بأنه اسم مكان سمي بذلك لأنهم كانوا مبعوثين إلى أرض بها رمل ينعقد بعضه على بعض كالسلسلة وكانت غزوة ذات السلاسل سنة سبع كذا صححه ابن أبي خالد في ( تاريخه ) وقال ابن سعد والحاكم في سنة ثمان في جمادي الآخرة وذكر ابن إسحاق أن أم العاص بن وائل كانت من بلي فبعثه النبي إلى العرب يستنفر إلى الإسلام يستألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض حذام يقال له السلاسل وبه سميت تلك الغزوة ذات السلاسل على ما يأتي الباقي في المغازي وقال ابن التين سميت ذات السلاسل لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا وعن يونس عن ابن شهاب قال هي مشارق الشام إلى بلي وسعد الله ومن يليهم من قضاعة وكندة وبلقين وصحنان وكفار العرب ويقال لها بدر الآخرة وقال ابن سعد وهي وادي القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام قوله فقلت أي الناس أحب إليكهذا السؤال من عمر وإنما كان لما وقع في نفسه حين أمره على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك قوله فعد رجالا ويروى فعدد رجالا يحتمل أن يكون منهم أبو عبيدة ابن الجراح على ما أخرجه الترمذي من حديث عبيد الله بن شقيق قال قلت لعائشة أي أصحاب رسول الله كان أحب إليه قالت أبو بكر قلت ثم من قالت عمر قلت ثم من قالت أبو عبيدة بن الجراح قلت ثم من فسكتت قيل يحتمل أن يفسر بعض الرجال الذين أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة
3663 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أبو سلمة بن عبد الرحمان ابن عوف ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس

(16/181)


لها راع غيري وبينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث قال الناس سبحان الله فقال النبي فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجال إسناده على هذا النسق قد تكرر ذكرهم جدا والحديث قد مر في باب ما ذكر عن بني إسرائيل في باب مجرد بعد حديث الغار فإنه رواه عن أبي هريرة بغير هذا الطريق وفيه تقديم وتأخير وقد مر الكلام في بينما وبينا غير مرة قوله راع مرفوع بالابتداء متصف بقوله في غنمه وخبره هو قوله عدا عليه الذئب قوله يوم السبع بضم الباء الموحدة ويروى بالسكون وبقية الكلام قد مرت هناك
4663 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( ابن المسيب ) سمع ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي يقول بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ضعفه ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب الناس بعطن
مطابقته للترجمة من حيث إنه رآه في المنام وهو ينزع من القليب وذكره قبل عمر وهو يدل على سبق أبي بكر على عمر وأن عمر من بعده وأما ضعفه في النزع فلا يدل على النقص لأن أيامه كانت قصيرة على ما ذكرنا وعبدان هو عبد الله بن عثمان وشيخه عبد الله بن المبارك
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن حرملة بن يحيى وقد مر نظيره في علامات النبوة عن عبد الله بن عمر ومر الكلام فيه هناك مستوفى والقليب بئر يحفر فيقلب ترابها قبل أن تطوى والغرب الدلو أكبر من الذنوب والعبقري كل شيء يبلغ النهاية به والعطن مناخ الإبل
5663 - حدثنا ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله إنك لست تصنع ذلك خيلاء قال موسى فقلت لسالم أذكر عبد الله من جر إزاره فقال لم أسمعه ذكر إلا ثوبه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إنك لست تصنع ذلك خيلاء وفيه فضيلة لأي بكر حيث شهد النبي له بما ينافي ما يكره وعبد الله شيخ شيخ البخاري هو ابن المبارك
والحديث أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن أحمد بن يونس وفي الأدب عن علي بن عبد الله عن سفيان وأخرجه أبو داود في اللباس عن النفيلي عن زهير وأخرجه النسائي في الزينة عن علي بن حجر
قوله خيلاء أي كبرا وتبخترا وانتصابه على أنه مفعول له أي لأجل الخيلاء قوله لم ينظر الله إليه أي لا يرحمه فالنظر هنا مجاز عن الرحمة وأما إذا استعمل في المخلوق يقال لا ينظر إليه زيد فهو كناية قوله يسترخي لعل عادته أنه عند المشي يميل إلى أحد الطرفين إلا أن يحفظ نفسه عن ذلك قوله فقلت لسالم القائل هو ( موسى بن عقبة ) قوله أذكر فعل ماض دخلت عليه همزة الاستفهام وعبد الله فاعله قوله فقال أي فقال سالم لم أسمع عبد الله ذكر في حديثه إلا ثوبه

(16/182)


6663 - حدثنا ( أبو اليمان ) حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( حميد بن عبد الرحمان بن عوف ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب يعني الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان فقال أبو بكر ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله قال نعم وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر
مطابقته للترجمة في قوله وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ورجاء النبي واقع محقق وفيه أقوى دليل على فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأبو اليمان الحكم بن نافع
والحديث مر في كتاب الصوم في باب الريان للصائمين من طريق آخر عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ومر الكلام فيه هناك
قوله في سبيل الله أي في طلب ثواب الله وهو أعم من الجهاد وغيره قوله هذا خير يعني فاضل لا بمعنى أفضل وإن كان اللفظ يحتمل ذلك قوله باب الريان بدل أو بيان عما قبله وذكر هنا أربعة أبواب من أبواب الجنة وقال بعضهم وتقدم في أوائل الجهاد أن أبواب الجنة ثمانية وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك وأما الثلاثة الأخرى فمنها باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس رواه أحمد عن روح بن عبادة عن الأشعث عن الحسن مرسلا إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا من مظلمة ومنها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب وأما الثالث فله باب الذكر فإن عند الترمذي ما يوميء إليه ويحتمل أن يكون باب العلم انتهى قلت ما فيه من طريق الظن والحسبان ولا تنحصر الأبواب التي أعدت للدخول منها لأصحاب الأعمال الصالحة من أنواع شتى وليس المراد منه الأبواب الثمانية التي دل القرآن على أربعة منها والحديث على أربعة أخرى وإنما المراد من تلك الأبواب هي الأبواب التي هي في داخل الأبواب الثمانية قوله ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبوابأي من أحد تلك الأبواب وفيه إضمار وهو من توزيع الأفراد على الأفراد لأن الجمع والموصول كلاهما عامان وكلمة ما للنفي قوله من ضرورة أي من ضرر والمقصود دخول الجنة فلا ضرر لمن دخل من أي باب دخلها فإن قلت روى مسلم من حديث عمر من توضأ ثم قال أشهد أن لا إلاه إلا الله الحديث فتحت له أبواب الجنة يدخلها من أيها شاء قلت لا منافاة بينه وبين ما تقدم وإن كان ظاهره المعارضة لأنه يفتح له أبواب الجنة على سبيل التكريم ثم عند دخوله لا يدخل إلا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم
7663 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) حدثنا ( سليمان بن بلال ) عن ( هشام بن عروة ) عن ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها زوج النبي أن رسول الله مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل يعني بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا

(16/183)


فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فنشج الناس يبكون قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت شخض بصر النبي ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص الحديث قالت عائشة فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدي وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى الشاكرين
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه فضيلة أبي بكر على سائر الصحابة حيث قدم على الكل فصار خليفة رسول الله
ذكر رجال الحديث وهم خمسة الأول إسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس واسمه عبد الله ابن أخت مالك بن أنس الثاني سليمان بن بلال أبو أيوب القرشي التيمي الثالث هشام بن عروة الرابع أبوه عروة بن الزبير ابن العوام الخامس عائشة أم المؤمنين
ذكر الرجال الذين فيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وسعد بن عبادة بن دلهم ابن حارثة الأنصاري الساعدي وكان نقيب بني ساعدة عند جميعهم وشهد بدرا عند البعض ولم يبايع أبا بكر ولا عمر وسار إلى الشام فأقام بحوران إلى أن مات سنة خمس عشرة ولم يختلفوا أنه وجد ميتا على مغتسله قيل إن قبره بالمنيحة قرية من غوطة دمشق وهو مشهور يزار إلى اليوم وأبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وقبره بغور بيسان عند قرية تسمى عميا وحباب بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف باء أخرى ابن المنذر بن الجموح الأنصاري السلمي وهو القائل يوم السقيفة أنا جديلها المحنك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن سالم أبو يوسف الأشعري الشامي مات سنة تسع وسبعين ومائة والزبيدي بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة واسمه محمد بن الوليد بن عامر أبو الهذيل الشامي الحمصي الزبيدي وقال ابن سعد مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن سبعين سنة وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وهذا الحديث من أفراده

(16/184)


ذكر معناه قوله وأبو بكر بالسنح بضم السين المهملة وسكون النون بعدها حاء مهملة وضبطه أبو عبيد البكري بضم النون وقال إنه منازل بني الحارث بن الخزرج بالعوالي بينه وبين المسجد النبوي ميل وبه ولد عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وكان أبو بكر نازلا به ومعه أسماء ابنته وسكن هناك أبو بكر لما تزوج ابنة خارجة الأنصارية قوله قال إسماعيل هو شيخ البخاري المذكور وهو ابن أبي أويس قوله يعني بالعالية أراد تفسير قول عائشة بالسنح العالية والعوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية والنسبة إليها علوي على غير قياس قوله والله ما مات رسول الله إنما حلف عمر رضي الله تعالى عنه على هذا بناء على ظنه حيث أدى اجتهاده إليه قوله قالت أي عائشة رضي الله تعالى عنها قوله ذلك أي عدم الموت قوله وليبعثنه الله أي ليبعثن الله محمدا في الدنيا فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم وهم الذين قالوا بموته قوله فجاء أبو بكرأي من السنح فكشف عن وجه رسول الله فقبله وقد مر في أول الجنائز قالت عائشة أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم النبي وهي مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى قوله بأبي أنت وأمي أي أنت مفدى بأبي وأمي قوله حيا وميتا أي في حالة حياتك وحالة موتك قوله لا يذيقك الله الموتتين بضم الياء من الإذاقة وأراد بالموتتين الموت في الدنيا والموت في القبر وهما الموتتان المعروفتان المشهورتان فلذلك ذكرهما بالتعريف وهما الموتتان الواقعتان لكل أحد غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم لا يموتون في قبورهم بل هم أحياء وأما سائر الخلق فإنهم يموتون في القبور ثم يحيون يوم القيامة ومذهب أهل السنة والجماعة أن في القبر حياة وموتا فلا بد من ذوق الموتتين لكل أحد غير الأنبياء وقد تمسك بقوله لا يذيقك الله الموتتين من أنكر الحياة في القبر وهم المعتزلة ومن نحا نحوهم وأجاب أهل السنة عن ذلك بأن المراد به نفي الحياة اللازم من الذي أثبته عمر رضي الله تعالى عنه بقوله ليبعثنه الله في الدنيا ليقطع أيدي القائلين بموته فليس فيه من نفي موت عالم البرزخ قوله ثم خرج أي ثم خرج أبو بكر من عند النبي قوله على رسلك بكسر الراء وسكون السين المهملة أي اتئد في الحلف أو كن على رسلك أي التؤدة لا تستعجل قوله إلا من كان كلمة ألا هنا للتنبيه على شيء يأتي أو يقوله قوله فنشج الناس بفتح النون وكسر الشين المعجمة بعدها جيم يقال نشج الباكي إذا غص في حلقه البكاء وقيل النشيج بكاء معه صوت نقله الخطابي وقيل هو بكاء بترجيع كما يردد الصبي بكاءه في صدره وقال ابن فارس نشج الباكي غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب والنحيب بكاء مع صوت قوله في سقيفة بني ساعدة وهو موضع سقف كالسباط كان مجتمع الأنصار ودار ندوتهم وساعدة هو ابن كعب بن الخزرج وقال ابن دريد ساعدة اسم من أسماء الأسد قوله فقالوا أي الأنصار منا أمير ومنكم أمير إنما قالوا ذلك بناء على عادة العرب أن لا يسود القبيلة إلا رجل منهم ولم يعلموا حينئذ أن حكم الإسلام بخلاف ذلك فلما سمعوا أنه قال الخلافة في قريش أذعنوا لذلك وبايعوا الصديق قوله خشيت أن لا يبلغه أبو بكر خشيت بالخاء المعجمة من الخشية وهو الخوف ويروى حسبت بالحاء والسين المهملتين من الحسبان وفي رواية ابن عباس قد كنت زورت أي هيأت وحسنت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد أي الحدة فقال على رسلك فكرهت أن أغضبه قوله فتكلم أبلغ الناس بنصب أبلغ على الحال وأبلغ أفعل التفضيل والبلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحة الكلام فالحال في الاصطلاح هي الأمور الداعية إلى المتكلم على الوجه المخصوص ويجوز الرفع على الفاعلية كذا قاله بعض الشراح وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أولى فالتقدير فتكلم أبو بكر وهو أبلغ الناس وقال السهيلي النصب أوجه ليكون تأكيدا لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفا بذلك غيره وفي رواية ابن عباس قال عمر رضي الله تعالى عنه ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت قوله فقال في كلامه أي فقال أبو بكر في جملة كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء كأنه أراد بهذا أن الإمارة أعني الخلافة لا تكون إلا في المهاجرين وأراد بقوله أنتم الوزراء أنتم المستشارون في الأمور تابعون للمهاجرين لأن مقام الوزارة الإعانة

(16/185)


والمشورة والاتباع فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل يعني لا نرضى أن تكون الإمارة فيكم بل منا أمير ومنكم أمير أراد أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار فلم يرض أبو بكر بذلك وهو معنى قوله فقال أبو بكر لا يعني لا نرضى بما تقول لكنا نحن الأمراء وأنتم الوزراء ثم بين وجه خصوصية المهاجرين بالإمارة بقوله هم أوسط العرب دارا أي قريش أوسط العرب دارا أي من جهة الدار وأراد بها مكة وقال الخطابي أراد بالدار أهل الدار وأراد بالأوسط الأخير والأشرف ومنه يقال فلان من أوسط الناس أي من أشرفهم وأحسبهم ويقال هو من أوسط قومه أي خيارهم قوله وأعربهم أحسابا بالباء الموحدة في أعربهم أي أشبه شمائل وأفعالا بالعرب ويروى أعرقهم بالقاف موضع الباء من العراقة وهي الأصالة في الحسب وكذا يقال في النسب والأحساب بفتح الهمزة جمع حسب وهو الأفعال وهو مأخوذ من الحساب يعني إذا حسبوا مناقبهم فمن كان يعد لنفسه ولأبيه مناقب أكثر كان أحسب قوله فبايعوا عمر هذا قول أبي بكر يقول للمهاجرين والأنصار بايعوا عمر أو بايعوا أبا عبيدة إنما قال هذا الكلام حتى لا يتوهموا أن له غرضا في الخلافة وأضاف إلى عمر أبا عبيدة حتى لا يظنوا أنه يحابي عمر فلما قال أبو بكر هذه المقالة قال عمر رضي الله تعالى عنه بل نبايعك أنت فقام وبايعه وبايع الناس قوله فقال قائل أي من الأنصار قتلتم سعدا يعني سعد بن عبادة وقال الكرماني هو كناية عن الإعراض والخذلان لا حقيقة القتل وقال بعضهم يرد هذا ما وقع في رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب فقال قائل من الأنصار اتقوا سعد بن عبادة لا تطؤه فقال عمر اقتلوه قتله الله انتهى قلت لا وجه قط للرد المذكور لأنه ليس المراد من قول عمر اقتلوه حقيقة القتل بل المراد منه أيضا الإعراض عنه وخذلانه كما في الأول ومعنى قول عمر قتله الله دعاء عليه لعدم نصرته للحق ومخالفته للجماعة لأنه تخلف عن البيعة وخرج من المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بالشام كما ذكرناه عن قريب
قوله وقال عبد الله بن سالم قد ذكرناه وهذا تعليق لم يذكره البخاري إلا معلقا غير تمام وقد وصله الطبراني في ( مسند الشاميين ) قوله شخص بصر النبي من الشخوص وهو ارتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه قوله في الرفيق الأعلى أي الجنة قاله صاحب ( التوضيح ) قلت الرفيق جماعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين يسكنون أعلى عليين وهو اسم جاء على فعيل وهو الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ومنه قوله تعالى وحسن أولئك رفيقا ( النساء 96 ) فإن قلت ما متعلق في الرفيق الأعلى قلت محذوف يدل عليه السياق نحو أدخلوني فيهم وذلك قاله حين خير بين الموت والحياة فاختار الموت قوله وقص الحديثأي قص القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وأراد بالحديث ما قاله عمر من قوله إنه لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيادي رجال المنافقين وأرجلهم وما قال أبو بكر من قوله إنه مات وتلا الآيتين كما مضى قوله قالت أي عائشة رضي الله تعالى عنها قوله من خطبتهما أي من خطبة أبي بكر وعمر وكلمة من للتبعيض ومن الأخرى في قوله ومن خطبة زائدة قوله لقد خوف عمر إلى آخره بيان الخطبة التي نفع الله بها قوله وإن فيهم لنفاقا أي أن في بعضهم لمنافقين وهم الذين عرض بهم عمر رضي الله تعالى عنه في قوله الذي سبق عن قريب قيل وقع في رواية الحميدي في ( الجمع بين الصحيحين ) وأن فيهم لتقي فقيل إنه من إصلاحه فإنه ظن أن قوله وإن فيهم لنفاقا تصحيف فصيره لتقي كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاق وقال القاضي عياض لا أدري هو إصلاح منه أو رواية فعلى الأول فلا استعظام فقد ظهر من أهل الردة ذلك ولا سيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر فكيف بضعفاء الإيمان فالصواب ما في النسخ والله أعلم
1763 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) حدثنا ( جامع بن أبي راشد ) حدثنا ( أبو يعلى ) عن ( محمد بن الحنفية ) قال قلت ل ( أبي أي الناس خير بعد ) رسول الله قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا إلا رجل من المسلمين
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو الثوري وجامع هو ابن أبي راشد الصيرفي الكوفي وأبو يعلى بفتح الياء آخر الحروف

(16/186)


وسكون العين المهملة وفتح اللام وبالقصر اسمه منذر من الإنذار بلفظ اسم الفاعل ضد الإبشار ابن يعلى الثوري الكوفي ومحمد بن الحنفية هو محمد بن علي بن أبي طالب يكنى أبا القاسم وشهرته بنسبة أمه وهي من سبي اليمامة واسمها خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة ابن دؤل بن حنيفة مات سنة إحدى وثمانين وهو ابن خمس وستين برضوى ودفن بالبقيع ورضوى جبل بالمدينة
والحديث أخرجه أبو داود في السنة عن شيخ البخاري إلى آخره نحوه
قوله قلت لأبي أي الناس خير وفي رواية الدارقطني عن منذر عن محمد بن علي قلت لأبي يا أبي من خير الناس بعد رسول الله قال أوما تعلم يا ابني قلت لا قال أبو بكر قوله وخشيت قيل لم خشي من الحق وأجيب بأنه لعل عنده بناء على ظنه أن عليا خير منه وخاف أن عليا يقول عثمان خير مني قوله ما أنا إلا رجل من المسلمين وهذا القول منه على سبيل الهضم والتواضع
وفيه خلاف بين أهل السنة والجماعة فمنهم من فضل عليا على عثمان والأكثرون بالعكس ومالك توقف فيه
2763 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) عن ( مالك ) عن ( عبد الرحمان بن القاسم ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها ( أنها ) قالت ( خرجنا مع ) رسول الله في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس أبا بكر فقالوا ألا تري ما صنعت عائشة أقامت برسول الله وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر فقالت عائشة فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر والحديث قد مر في كتاب التيمم في أوله فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك وهنا أخرجه عن قتيبة عن مالك ومر الكلام فيه هناك والبيداء بفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف اسم للمفازة في الأصل والمراد بها هنا موضع خاص قريب من المدينة وكذلك ذات الجيش بالجيم والياء آخر الحروف والشين المعجمة وأسيد بضم الهمزة مصغر أسد وحضير بضم الحاء المهملة مصغر حضر ضد السفر
3763 - حدثنا ( آدم بن أبي إياس ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الأعمش ) قال سمعت ( ذكوان ) يحدث عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
هذا لا يدل على فضل أبي بكر على الخصوص وإنما يدل على فضل الصحابة كلهم على غيرهم فلا مطابقة بينه وبين الترجمة إلا أنه لما دل على حرمة سب الصحابة كلهم فدلالته على الحمة في حق أبي بكر أقوى وآكد لأنه قد تقرر أنه أفضل الصحابة كلهم وأنه أفضل الناس بعد النبي فمن هذه الحيثية يمكن أن يؤخذ وجه المطابقة للترجمة
والأعمش هو سليمان وذكوان بالذال المعجمة أبو صالح الزيات السمان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عثمان بن أبي شيبة وعن

(16/187)


أبي سعيد الأشج وعن أبي كريب وعن أبي موسى وبندار وعن عبيد الله بن معاذ وأخرجه أبو داود في السنة عن مسدد وأخرجه الترمذي في المناقب عن الحسن بن علي الخلال وعن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن هشام وأخرجه ابن ماجه في السنة عن محمد بن الصباح وعن علي بن محمد وعن أبي كريب
قوله لا تسبوا أصحابي خطاب لغير الصحابة من المسلمين المفروضين في العقل جعل من سيوجد كالموجود ووجودهم المترقب كالحاضر هكذا قرره الكرماني ورد عليه بعضهم ونسبه إلى التغفل بأنه وقع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذا ذاك بالاتفاق قلت نعم روى مسلم حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن شيء فسبه خالد فقال رسول الله لا تسبوا أحدا من أصحابي الحديث ولكن الحديث لا يدل على أن المخاطب بذلك خالد والخطاب للجماعة ولا يبعد أن يكون الخطاب لغير الصحابة كما قاله الكرماني ويدخل فيه خالد أيضا لأنه ممن سب على تقدير أن يكون خالد إذ ذاك صحابيا والدعوى بأنه كان من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق يحتاج إلى دليل ولا يظهر ذلك إلا من التاريخ قوله أنفق مثل أحد ذهبا أي مثل جبل أحد الذي بالمدينة زاد البرقاني في المصافحة من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش كل يوم قوله ما بلغ مد أحدهم أي المد من كل شيء وهو بضم الميم في الأصل ربع الصاع وهو رطل وثلث بالعراقي عند الشافعي وأهل الحجاز وهو رطلان عند أبي حنيفة وأهل العراق وقيل أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما وإنما قدره به لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة وقال الخطابي يعني أن المد من التمر الذي يتصدق به الواحد من الصحابة مع الحاجة إليه أفضل من الكثير الذي ينفقه غيرهم من السعة وقد يروى مد أحدهم بفتح الميم يريد الفضل والطول وقال القاضي وسبب تفضيل نفقتهم أن إنفاقهم إنما كان في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن إنفاقهم كان في نصرته وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم قوله ولا نصيفه فيه أربع لغات نصف بكسر النون وبضمها وبفتحها ونصيف بزيادة الياء مثل العشر والعشير والثمن والثمين وقيل النصف هنا مكيال يكال به
تابعه جرير وعبد الله بن داود وأبو معاوية ومحاضر عن الأعمش
أي تابع شعبة جرير بن عبد الحميد في روايته عن سليمان الأعمش عن أبي سعيد الخدري وحديث جرير عن الأعمش قد ذكرناه عن قريب وعبد الله بن داود أي وتابعه أيضا عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع الهمداني أبو عبد الرحمن المعروف بالخريبي سكن الخريبة محلة بالبصرة وهي بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة وحديثه عن الأعمش رواه مسدد في مسنده رواه عنه قوله وأبو معاوية أي تابعه أبو معاوية بن محمد بن خازم بالمعجمتين الضرير وحديثه عن الأعمش عن أحمد في ( مسنده ) هكذا رواه مسلم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح هو ذكوان ولكن عن أبي هريرة قوله ومحاضر أي وتابعه محاضر بضم الميم وبالحاء المهملة وبالضاد المعجمة على وزن مجاهد ابن المورع بالراء المكسورة مر في آخر الحج وحديثه عند أبي الفتح الحداد في ( فوائده ) من طريق أحمد بن يونس الضبي عن محاضر فذكره مثل رواية جرير لكن قال بين خالد بن الوليد وبين أبي بكر بدل عبد الرحمن بن عوف وقول جرير أصح
4763 - حدثنا ( محمد بن مسكين أبو الحسن ) حدثنا ( يحيى بن حسان ) حدثنا ( سليمان ) عن ( شريك بن أبي نمر ) عن ( سعيد بن المسيب ) قال أخبرني ( أبو موسى الأشعري ) أنه توضأ في بيته ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله ولأكونن معه يومي هذا قال فجاء المسجد فسأل عن النبي فقالوا خرج ووجه ههنا فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر

(16/188)


أريس فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله حاجته فتوضأ فقمت إليه فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت لأكونن بواب رسول الله اليوم فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت من هذا فقال أبو بكر فقلت على رسلك ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فأقبلت حتى قلت لأبي بكر ادخل ورسول الله يبشرك بالجنة فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي وكشف عن ساقيه ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يريد أخاه يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عمر ابن الخطاب فقلت على رسلك ثم جئت إلى رسول الله فسلمت عليه فقلت هذا عمر ابن الخطاب يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فجئت فقلت له ادخل وبشرك رسول الله بالجنة فدخل فجلس مع رسول الله في القت عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يأت به فجاء إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عثمان بن عفان فقلت على رسلك فجئت إلى رسول الله فأخبرته فقال إئذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول الله بالجنة على بلوى تصيبك فدخل فوجد القف قد ملىء فجلس وجاهه من الشق الآخر قال شريك قال سعيد بن المسيب فأولتها قبورهم
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه التصريح بفضيلة هؤلاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان وأن أبا بكر أفضلهم لسبقه بالبشارة بالجنة ولجلوسه على يمين النبي والغرض من إيراده في مناقب أبي بكر خاصة الإشارة إلى هذا الوجه
ذكر رجاله وهم ستة الأول محمد بن مسكين بن نميلة اليمامي يكنى أبا الحسن وهو شيخ مسلم أيضا الثاني يحيى بن حسان بن حبان أبو زكرياء التنيسي حكى البخاري عن حسن بن عبد العزيز أنه مات سنة ثمان ومائتين الثالث سليمان بن بلال أبو أيوب وأبو محمد القرشي التيمي مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وكان بربريا مات سنة سبع وسبعين ومائة الرابع شريك بن عبد الله بن أبي نمر بلفظ الحيوان المشهور أبو عبد الله القرشي ويقال الليثي من أنفسهم مات سنة أربعين ومائة وهو منسوب إلى جده الخامس بن المسيب السادس أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه واسمه عبد الله بن قيس
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن سعيد بن أبي مريم وأخرجه مسلم في الفضائل عن محمد بن مسكين به وعن الحسن بن علي الحلواني وأبي بكر بن أبي إسحاق
ذكر معناه قوله لألزمن باللام المفتوحة وبالنون الثقيلة للتأكيد وكذلك قوله لأكونن قوله وجه بفتح الواو وتشديد الجيم على لفظ الماضي هكذا في رواية الأكثرين ومعناه توجه أو وجه نفسه وفي رواية الكشميهني بسكون الجيم بلفظ الاسم مضافا إلى الظرف أي جهة كذا وقال الكرماني وفي بعضها أي في بعض الرواية وجهته يعني بالرفع وهو مبتدأ

(16/189)


وههنا خبره قوله أريس بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف بعدها سين مهملة وهو بستان بالمدينة معروف قريب من قبا وفي هذا البئر سقط خاتم النبي من إصبع عثمان رضي الله تعالى عنه وهو منصرف وإن جعلته إسما لتلك البقعة يكون غير منصرف للعلمية والتأنيث قوله وتوسط قفها أي صار في وسط قفها والقف بضم القاف وتشديد الفاء قال النووي هو حافة البئر وأصله الغليظ المرتفع من الأرض وقال غيره القف الدكة التي جعلت حول البئر والجمع قفاف ويقال القف اليابس ويحتمل أن يكون سمي به لأن ما ارتفع حول البئر يكون يابسا دون غيره غالبا قوله فدلاهما أي أرسلهما قوله فقلت لأكونن بوابا للنبي ظاهره أنه اختار ذلك وفعله من تلقاء نفسه وقد صرح بذلك في رواية محمد بن جعفر عن شريك في الأدب وزاد فيه ولم يأمرني به وقال ابن التين فيه أن المرء يكون بوابا للإمام وإن لم يأمره فإن قلت وقع في رواية أبي عثمان التي تأتي في مناقب عثمان عن أبي موسى أن النبي دخل حائطا وأمره بحفظ باب الحائط وأخرج أبو عوانة في ( صحيحه ) من رواية عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث فقال يا أبا موسى أملك علي هذا الباب فانطلق فقضى حاجته وتوضأ ثم جاء فقعد على قف البئر وروى الترمذي من طريق أبي عثمان عن أبي موسى وقال لي يا أبا موسى أملك علي الباب فلا يدخلن علي أحد قلت وجه الجمع بينهما بأنه لما حدث نفسه بذلك صادف أمر النبي بأن يحفط عليه لباب فإن قلت يعارض هذا قول أنس رضي الله تعالى عنه لم يكن له بواب وقد سبق في كتاب الجنائز قلت مراد أنس أنه لم يكن له بواب مستمر مرتب لذلك على الدوام قوله على رسلك بكسر الراء على هينتك وهو من أسماء الأفعال ومعناه اتئد قوله وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني كان لأبي موسى أخوان أبو رهم وأبو بردة ويقال إن له أخا آخر اسمه محمد وأشهرهم أبو بردة واسمه عامر وقد أخرج أحمد في ( مسنده ) عنه حديثا قوله فإذا إنسان يحرك الباب فيه حسن الأدب في الاستئذان وقال ابن التين يحتمل أن يكون هذا قبل أن ينزل قوله تعالى لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ( النور 72 ) واعترض عليه باستبعاد ما قاله وذلك لأنه وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة فجاء رجل فاستأذن فعرف من هذا إن معنى قوله يحرك الباب يعني مستأذنا لا دافعا قوله يبشرك بالجنة زاد أبو عثمان في روايته فحمد الله تعالى قوله فقال عثمان إلى قوله فقال إئذن له وفي رواية أبي عثمان ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال إئذن له قوله على بلوى تصيبك وهي البلية التي صار بها شهيد الدار وفي رواية أبي عثمان فحمد الله ثم قال الله المستعان وفي رواية عند أحمد فجعل يقول أللهم صبرا حتى جلس قوله فجلس وجاهه بضم الواو وكسرها أي مقابله قوله قتل شريك هو شريك بن أبي نمر الراوي وهو موصول بالإسناد الماضي قوله فأولتها قبورهم أي أولت هؤلاء الثلاثة الجالسين على الهيئة المذكورة بقبورهم والتأويل بالقبور من جهة كون الشيخين مصاحبين له عند الحفرة المباركة لا من جهة أن أحدهما في اليمين والآخر في اليسار وأما عثمان فهو في البقيع مقابلا لهم وهذا من الفراسة الصادقة
5763 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) أن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه حدثهم أن النبي صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وصديق على ما لا يخفى ويحيى هو ابن سعيد القطان وسعيد هو ابن أبي عروبة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل عمر رضي الله تعالى عنه عن مسدد وأخرجه أبو داود في السنة عن مسدد أيضا وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار به وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة عن يحيى به وعن عمرو بن علي عن يحيى ويزيد ابن زريع به
قوله صعد أحدا هو الجبل المعروف بالمدينة فإن قلت وقع لأبي يعلى من وجه آخر عن سعيد حراء جبل بمكة قال بعضهم والأول أصح ولولا اتحاد المخرج لجوزت تعدد القصة قلت الاختلاف فيه من سعيد فإن في ( مسند

(16/190)


الحارث بن أسامة ) عن روح بن عبادة عن سعيد فقال أحد أو حراء بالشك ولكن لا شك في تعدد القصة فإن أحمد رواه من طريق بريدة بلفظ حراء وإسناده صحيح وأبا يعلى رواه من حديث سهل بن سعد بلفظ أحد وإسناده صحيح وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة فذكر أنه كان على حراء ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم فهذا كله يدل على تعدد القصة قوله وأبو بكر عطف على الضمير المرفوع الذي في صعد وهذا لا خلاف فيه لوجود قوله أحدا وهو الحائل وأما إذا كان بغير الحائل ففيه خلاف بين الكوفيين والبصريين وقد ذكرناه فيما مضى قوله فرجف أي اضطرب أحد بهم قوله إثبت أمر من ثبت قوله أحد بضم الدال منادى قد حذف حرف ندائه تقديره يا أحد قوله صديق هو أبو بكر قوله وشهيدان هما عمر وعثمان
6763 - حدثني ( أحمد بن سعيد أبو عبد الله ) حدثنا ( وهب بن جرير ) حدثنا ( صخر ) عن ( نافع ) أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله بينما أنا على بئر أنزع منها جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه فنزع حتى ضرب الناس بعطن قال وهب العطن مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت
وجه المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث إن فيه إشارة إلى أن الخلافة بعده لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وتقديمه على عمر وغيره يدل على أنه أفضل منه
وأحمد بن سعيد بن إبراهيم أبو عبد الله المروزي المعروف بالرباطي مات يوم عاشوراء أو النصف من محرم سنة ست وأربعين ومائتين وروى عنه مسلم أيضا وصخر بفتح الصاد المهملة وسكون الخاء المعجمة ابن جويرية بالجيم أبو رافع النميري يعد في البصريين
والحديث مضى قبل باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ( البقرة 641 ) الحديث في أواخر علامات النبوة
قوله بينا أنا على بئر أي في المنام وقال البيضاوي البئر إشارة إلى الدين الذي هو منبع ماء حياة النفوس قوله رويت بكسر الواو يعني أن معنى قوله حتى ضرب الناس بعطن حتى رويت الإبل فأناخت
7763 - حدثني ( الوليد بن صالح ) حدثنا ( عيسى بن يونس ) حدثنا ( عمر بن سعيد بن الحسين المكي ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال إني لواقف أبي في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله يقول كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب ( الحديث 7763 - طرفه في 5863 )
وجه المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث إنه يدل على فضل الشيخين ولكن الغرض منه منقبة أبي بكر لفضله على عمر وغيره لتقدمه في كل شيء حتى في ذكره
والوليد بن صالح الفلسطيني النخاس بالنون والخاء المعجمة الضبي مولاهم البغدادي فيه كلام لأن أحمد لم يكتب عنه قيل لأنه كان من أصحاب الرأي فرآه يصلي فلم تعجبه صلاته وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي وعمر بضم العين ابن سعيد

(16/191)


ابن أبي حسين النوفلي القرشي المكي وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة المكي
قوله لواقف اللام فيه للتأكيد مفتوحة قوله وقد وضع الواو فيه للحال قوله رحمك الله الخطاب فيه لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله لأرجو اللام فيه هي الفارقة بين أن المخففة والنافية قوله وأبو بكر عطف على الضمير المتصل بدون التأكيد وفيه خلاف بين البصريين والكوفيين فالحديث يرد على المانعين بدون التأكيد
8763 - حدثني ( محمد بن يزيد الكوفي ) حدثنا ( الوليد ) عن ( الأوزاعي ) عن ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( محمد بن إبراهيم ) عن ( عروة بن الزبير ) قال سألت ( عبد الله بن عمرو ) عن ( أشد ما صنع المشركون ب ) رسول الله قال رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ( غافر 82 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فجاء أبو بكر حتى دفعه عه إلى آخره
ومحمد بن يزيد من الزيادة البزاز بتشديد الزاي الأولى الكوفي كذا قاله الكرماني رحمه الله وقال بعضهم قيل هو أبو هاشم الرفاعي وهو مشهور بكنيته وقال الحاكم والكلاباذي هو غيره ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري محمد بن كثير وهو وهم نبه عليه أبو علي الجياني لأن محمد بن كثير لا تعرف له رواية عن الوليد وهو الوليد بن مسلم وقال أبو علي هكذا هذا الإسناد في رواية أبي زيد وأبي أحمد عن الفربري محمد بن يزيد والقول قول أبي زيد ومن تابعه والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو ويحيى بن أبي كثير اليمامي الطائي واسم أبي كثير صالح من أهل البصرة سكن اليمامة ومحمد بن إبراهيم بن الحارث أبو عبد الله التيمي القرشي المديني مات سنة عشرين ومائة
والحديث يأتي في باب ما لقي النبي وأصابه من المشركين بمكة من وجه آخر عن الوليد بن مسلم
قوله عقبة بن أبي معيط بضم الميم وفتح العين المهملة الأموي قتل يوم بدر كافرا بعد انصرافه منه بيوم
وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه
6 -
( باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عمر بن الخطاب وفي غالب النسخ ليست فيه لفظ باب هكذا مناقب عمر بن الخطاب أي هذا مناقب عمر بن الخطاب والمناقب جمع منقبة وقد مر بيانها وعمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي أبو حفص أمير المؤمنين وامه حنتمة بفتح الحاء المهملة وسكون النون ويقال خيثمة بالخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة ثم بالميم وهو الأشهر والأول أصح وهي بنت هاشم ذي الرمحين ابن المغيرة بن عبيد الله بن عمر بن مخزوم والنبي هو الذي كناه بأبي حفص وكانت حفصة أكبر أولاده ولقبه الفاروق بالاتفاق قيل أول من لقبه به النبي رواه ابن سعد من حديث عائشة وقيل أهل الكتاب أخرجه ابن سعد عن الزهري وقيل جبريل عليه الصلاة و السلام ذكره البغوي
176 - ( حدثنا حجاج بن منهال حدثنا عبد العزيز الماجشون حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا فقال هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا فقال لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأمي وأبي يا رسول الله أعليك أغار )

(16/192)


مطابقته للترجمة في قوله ورأيت قصرا إلى آخره وحجاج بن منهال بكسر الميم وسكون النون السلمي الأنماطي البصري وعبد العزيز هو ابن عبد الله بن أبي سلمة وفي رواية أبي ذر عبد العزيز بن الماجشون بزيادة لفظ ابن وقد مر تفسير الماجشون وهو لقب جده ويلقب به أولاده والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن محمد بن الفرج وأخرجه النسائي في المناقب عن نصير بن الفرج قوله رأيتني أي رأيت نفسي ودخلت الجنة جملة حالية قوله فإذا كلمة إذا المفاجأة قوله بالرميصاء وهو مصغر الرمصاء مؤنث الأرمص بالراء والصاد المهملة ولقبت بها لرمص كان بعينها واسمها سهلة وقيل رميلة وقيل غير ذلك وقيل هو اسمها ويقال فيه بالغين المعجمة بدل الراء وهي بنت ملحان بكسر الميم وبالحاء المهملة ابن خالد بن زيد الأنصارية زوجة أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري وهي أم أنس بن مالك خالة رسول الله من الرضاعة وهي أخت أم حرام بنت ملحان وقال أبو داود هو اسم أخت أم سليم من الرضاعة وجوز ابن التين أن يكون المراد امرأة أخرى لأبي طلحة قوله خشفة بفتح المعجمتين والفاء أي حركة وزنا ومعنى قاله بعضهم وفي التوضيح هو بفتح الخاء وسكون الشين وحكى شمر فتحها أيضا وقال الكرماني بفتح الخاء وسكون الشين الحس والحركة وقال أبو عبيد الخشفة الصوت ليس بالشديد يقال خشف يخشف خشفا إذا سمعت له صوتا أو حركة وقيل وأصله صوت دبيب الحيات وقال الفراء الخشفة الصوت للواحد والخشفة الحركة إذا وقع السيف على اللحم ومعنى الحديث هنا ما يسمع من حس وقع القدم قوله فقال هذا بلال القائل يحتمل أن يكون جبريل عليه الصلاة و السلام أو ملكا من الملائكة ويحتمل أن يكون بلالا نفسه قوله بفنائه بكسر الفاء وبالمد ما امتد مع القصر من جوانبه من خارج وقال الداودي قد يقال للقصر نفسه فناء قوله فقال لعمر وفي رواية الكشميهني فقالوا القائل أما جبريل كما قلنا والقائلون جمع من الملائكة ويروى فقالت أي الجارية قوله بأبي وأمي أي أنت مفدى بهما أو أفديك بهما قوله أعليك أغار هذا من القلب لأن الأصل أعليها أغار منك وقال الكرماني والأصل أن يقال أمنك أغار عليها ثم أجاب بأن لفظ عليك ليس متعلقا بقوله أغار بل معناه أمستعليا عليك أغار عليها مع أن كون الأصل ذلك ممنوع فلا محظور فيه -
0863 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( الليث ) قال حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال ( بينا نحن عند ) رسول الله إذ قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هاذا القصر فقالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة وعقيل بضم العين والحديث قد مضى في باب ما جاء في صفة الجنة بهذا الإسناد والمتن ومضى الكلام فيه هناك
2863 - حدثنا ( محمد بن عبد الله بن نمير ) حدثنا ( محمد بن بشر ) حدثنا ( عبيد الله ) قال حدثني ( أبو بكر بن سالم ) عن ( سالم ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي قال

(16/193)


أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد الله هو ابن عمر العمري وأبو بكر بن سالم هو ابن عبد الله بن عمر وهو من أقران الراوي عنه وهما مدنيان من صغار التابعين وأما أبو سالم فمعدود من كبارهم وهو أحد الفقهاء السبعة وليس لأبي بكر بن سالم في البخاري غير هذا الموضع وثقه العجلي ولا يعرف له راو إلا عبيد الله بن عمر المذكور وإنما أخرج له البخاري في المتابعات
والحديث مضى من طريق الزهري عن سالم ومضى في فضل أبي بكر من طريق صخر عن نافع عن ابن عمر ومضى فيه أيضا من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة نحوه
قوله بدلو بكرة بإضافة الدلو إلى البكرة بإسكان الكاف وحكي فتحها وقيل بكرة مثلثة الباء قلت البكرة بإسكان الكاف على أن المراد نسبة الدلو إلى الأنثى من الإبل وهي الشابة أي الدلو التي يستقي بها وأما بتحريك الكاف فالمراد الخشبة المستديرة التي تعلق فيها الدلو
قال ابن جبير العبقري عتاق الزرابي وقال يحيى الزرابي الطنافس لها خمل رقيق مبثوثة كثيرة
ابن جبير هو سعيد بن جبير وهذا تعليق وصله عبد بن حميد من طريقه قوله عتاق الزرابي أي حسان الزرابي وهو جمع عتيق وهو الكريم الرائع من كل شيء ووقع في رواية الأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر هنا قال ابن نمير والمراد به محمد بن عبد الله بن نمير شيخ البخاري فيه وقال الكرماني هو أولى إذ هو الراوي له قوله وقال يحيى قال الكرماني أي القطان إذ هو أيضا راوي هذا الحديث ومر آنفا في مناقب أبي بكر وقال بعضهم هو يحيى بن زياد الفراء ذكر ذلك في ( كتاب معاني القرآن ) له وظن الكرماني أنه يحيى بن سعيد القطان فجزم بذلك واستند إلى كون الحديث ورد في روايته كما تقدم في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه قلت استناد الكرماني أقوى ولا يلزم من ذكر الفراء الزرابي في كتابه أن يكون يحيى المذكور ها هو الفراء بل الأقرب ما قاله الكرماني لأن كثيرا من الرواة يفسرون ما وقع في ألفاظ الأحاديث التي يروونها قوله الطنافس جمع طنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء البساط الذي له خمل رقيق والخمل بفتح الخاء المعجمة والميم بعدها لام الأهداب قوله رقيق أي غير غليظة قوله مبثوثة أشار به إلى ما في قوله تعالى وزرابي مبثوثة ( الغاشية 61 ) وفسرها بقوله كثيرة وقال بعضهم هو بقية كلام يحيى بن زياد المذكور قلت هذه دعوى بلا دليل بل الظاهر أنه من كلام البخاري ولهذا قال هو ثم استطرد المصنف كعادته فذكر معنى صفة الزرابي الواردة في القرآن في قوله تعالى وزرابي مبثوثة ( الغاشية 61 ) وكلامه هذا يدل على أنه من كلام البخاري وأنه يرد عليه نسبته إلى يحيى فافهم
3863 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) قال حدثني أبي عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عبد الحميد ) أن ( محمد بن سعد ) أخبره أن أباه قال حدثني ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) عن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن زيد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب فأذن له رسول الله فدخل

(16/194)


عمر ورسول الله يضحك فقال عمر أضحك الله سنك يا رسول الله فقال النبي عجبت من هاؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم قال عمر يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ت فقلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله فقال رسول الله إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك ( انظر الحديث 4923 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله والذي نفسي بيده إلى آخره
وأخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن علي بن عبد الله عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح ابن كيسان عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن ( عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد ) بن الخطاب كان واليا لعمر ابن عبد العزيز على الكوفة يروي عن ( محمد بن سعد بن أبي وقاص ) وكلهم مدنيون وفيه أربعة من التابعين على نسق وهم صالح وابن شهاب وهما قريبان وعبد الحميد ومحمد بن سعد وهما قريبان وقد مر الحديث بهذا الطريق في باب صفة إبليس وجنوده والطريق الآخر عن عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني عن إبراهيم بن سعد المذكور عن صالح بن كيسان إلى آخره
قوله وعندن نسوة من قريش هن من أزواجه ويحتمل أن يكون معهن من غيرهن لكن قرينة كونهن يستكثرنه يؤيد الأول والمراد أنهن يطلبن منه أكثر مما يعطيهن كذا قاله بعضهم وقال النووي يستكثرنه أي يطلبن كثيرا من كلامه وجوابه لجوابهن وفي ( التوضيح ) يستكثرنه يردن العطاء وقد أبان في موضع آخر ذلك أنهن يردن النفقة وقال الداودي المراد أنهن يكثرن الكلام عنده وقال بعضهم هو مردود بما وقع التصريح به في حديث جابر عند مسلم أنهن يطلبن النفقة قلت الذي قاله النووي أظهر لأن الضمير المنصوب في يستكثرنه يرجع إلى الكلام الذي يدل عليه يكلمنه وثمة قرينة تؤيد هذا وهو أن عمر رضي الله تعالى عنه لم يكن يرى بالخطاب لأزواج النبي بقوله أي عدوات أنفسهن في حضرة النبي بل الظاهر أنهن غير أزواج النبي جئن لأجل حوائجهن كما قاله النووي وأكثرن الكلام كما قاله الداودي ورد كلامه ليس له وجه ولا يصلح أن يكون حديث جابر مؤيدا لما ذهب إليه هذا القائل لأن حديث سعيد غير حديث جابر ولئن سلمنا أن يكون معناهما واحدا فلا يلزم من قوله يطلبن النفقة أن تكون تلك النسوة أزواج النبي لاحتمال أن تكون أزواج تلك النسوة غائبين ولم يكن عندهن شيء فجئن إلى النبي وطلبن منه النفقة وأيضا لفظ النفقة غير مخصوص بنفقة الزوجات على ما لا يخفى قوله عالية بالنصب على الحال ويجوز بالرفع على أن يكون صفة لنسوة وأما علو أصواتهن فإما أنه كان قبل نزول قوله تعالى ولا ترفعوا أصواتكم ( الحجرات 2 ) وإما أنه كان باعتبار اجتماع أصواتهن لا أن كلام كل واحدة منهن بانفرادها أعلى من صوته قوله فبادرن أي أسرعن قوله أضحك الله سنك لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك بل أراد لازمه وهو السرور والفرح قوله يهبنني بفتح الهاء أي يوقرنني ولا يوقرن رسول الله قوله أفظ وأغلظ من الفظاظة والغلاظة وهما من أفعل التفضيل وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل فإن قلت كيف ذاك في النبي قلت باعتبار القدر الذي في النبي من إغلاظه على الكفار وعلى المنتهكين لحرمات الله تعالى فإن قلت يعارض هذا قوله تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ( آل عمران 3 ) قلت الذي في الآية يقتضي أن لا يكون ذلك صفة لازمة فلا يستلزم ما في الحديث ذلك بل يوجد ذلك عند الإنكار على الكفار كما ذكرناه وقال بعضهم وجوز بعضهم أن يكون الأفظ هنا بمعنى الفظ وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي لكون أفعل على بابه قلت أراد بالبعض الكرماني فإنه قال هكذا وليس بمحل للنظر فيه لأن هذا الباب واسع في كلام العرب قوله إيها بكسر الهمزة وسكون الباء آخر الحروف وبالهاء المفتوحة المنونة ويروى إيه بكسر الهمزة وكسر الهاء

(16/195)


المنونة والفرق بينهما أن معنى الأول لا تبتدئنا بحديث ومعنى الثاني زدنا حديثا ما وفيه لغة أخرى وهي إيه بكسر الهمزة والهاء بغير تنوين ومعناه زدنا مما عهدنا وال الجوهري إيه يعني بكسر الهمزة والهاء بغير تنوين اسم يسمى به الفعل لأن معناه الأمر تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل إيه بكسر الهاء وقال ابن السكيت فإن وصلت نونت فقلت إيه حديثا وقال الجوهري أيضا وإن أردت التبعيد قلت إيها بفتح الهمزة بمعنى هيهات وقال ابن الأثير إيه كلمة يراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت فقلت إيه حديثا وإذا قلت إيها بالنصب فإنما يراد بها نأمره بالسكوت وقال الطيبي الأمر بتوقير رسول الله مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه فكأن قوله إيه استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه فلذلك عقبه بقوله والذي نفسي بيده إلى آخره فإنه يشعر بأنه رضي مقالته وحمد فعاله قوله فجا أي طريقا واسعا
وفيه فضيلة عظيمة لعمر رضي الله تعالى عنه لأن هذا الكلام يقتضي أن لا سبيل للشيطان عليه إلا أن ذلك لا يقتضي وجوب العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان من أن يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته هكذا قرره بعضهم قلت هذا موضع التأمل لأن عدم سلوكه الطريق الذي يسلك فيه عمر رضي الله تعالى عنه إنما كان لأجل خوفه لا لأجل معنى آخر والدليل عليه ما رواه الطبراني في ( الأوسط ) من حديث حفصة بلفظ إن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه انتهى فالذي يكون حاله مع عمر هكذا كيف لا يمنع من الوصول إليه لأجل الوسوسة وتمكن الشيطان من وسوسة بني آدم ما هو إلا بأنه يجري في عروق بني آدم مثل ما يجري الدم فالذي يهرب منه ويخر على وجهه إذا رآه كيف يجد طريقا إليه وما ذاك إلا خاصة له وضعها الله فيه فضلا منه وكرما وبهذا لا ندعي العصمة لأنها من خواص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
4863 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) قال قال ( عبد الله ) ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله تعالى عنه ( الحديث 4863 - طرفه في 3683 )
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو ابن سعيد القطان وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأخرجه البخاري أيضا في إسلام عمر رضي الله تعالى عنه عن محمد بن كثير عن سفيان
قوله ما زلنا أعزة إلى آخره لما فيه من الجلد والقوة في أمر الله تعالى وروى ابن أبي شيبة والطبراني من طريق القاسم بن عبد الرحمن قال قال عبد الله بن مسعود كان إسلام عمر عزا وهجرته نصرا وإمارته رحمة والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر رضي الله تعالى عنه
5863 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) حدثنا ( عمر بن سعيد ) عن ( ابن أبي مليكة ) أنه سمع ( ابن عباس ) يقول وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيرا أسمع النبي يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ( انظر الحديث 7763 )
مطابقته للترجمة في قوله ذهبت أنا وأبو بكر وعمر إلى آخره وعبدان لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة وعبد الله هو ابن المبارك وعمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي القرشي المكي وابن أبي مليكة بضم الميم عبد الله بن أبي مليكة وقد مر هؤلاء غير مرة
والحديث مر عن قريب في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن الوليد بن صالح عن عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد

(16/196)


إلى آخره ومر الكلام فيه هناك
قوله وضع عمر على سريره يعني لأجل الغسل قوله فتكنفه الناس بالنون والفاء أي أحاطوا به من جميع جوانبه والأكناف النواحي قوله فلم يرعني بضم الراء أي لم يخوفني ولم يفجأني قوله آخذ على وزن فاعل وفي رواية الكشميهني أخذ بلفظ الفعل الماضي قوله فإذا علي أي فإذا هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكلمة إذا للمفاجأة قوله أحب بالنصب والرفع قاله الكرماني وغيره ولم يذكر أحد وجههما قلت أما النصب فعلى أنه صفة لأحد وأما الرفع فعلى أنه يكون خبر مبتدأ محذوف قوله وأيم الله أي يمين الله قوله مع صاحبيك أراد بهما النبي وأبا بكر قوله وحسبت أني يجوز بفتح الهمزة وكسرها وأما الفتح فعلى أنه مفعول حسبت وأما الكسر فعلى الاستئناف التعليلي أي كان في حسابي لأجل سماعي قول رسول الله
6863 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) قال وقال لي ( خليفة ) حدثنا ( محمد ابن سواء وكهمس بن المنهال ) قالا حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال ( صعد ) النبي إلى أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله قال اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان ( انظر الحديث 5763 وطرفه )
مطابقته للترجمة في ذكر عمر وأخرجه من طريقين أحدهما عن مسدد بن مسرهد عن يزيد بن زريع بضم الزاي وفتح الراء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس والآخر بطريق المذاكرة عن خليفة بن خياط أحد شيوخه عن محمد بن سواء بفتح السين المهملة وتخفيف الواو وبالمد الضريري السدوسي مات سنة سبع وثمانين ومائة يروي هو وكهمس بن المنهال كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وليس لكهمس في البخاري غير هذا الموضع وسقط جميع ذلك من رواية أبي ذر واقتصر فيه على طريق يزيد بن زريع
وقد مر الحديث في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن يحيى عن سعيد عن قتادة
قوله إثبت أحد يعني يا أحد قوله أو شهيد كان مقتضى الظاهر أن يقول شهيدان ولكن معناه ما عليك غير هؤلاء الأجناس أي لا يخلو عنهم وقيل شهيد فعيل يستوي فيه المثنى والجمع ويروى إلا نبي وصديق بالواو أو شهيد بأو لأن فيه تغيير الأسلوب للإشعار بمغايرة حالهما لأن النبوة والصديقية حاصلتان حينئذ بخلاف الشهادة والأولان حقيقة والثاني مجاز ويروى بلفظ أو فيهما كما في المتن هنا وقيل أو بمعنى الواو
7863 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال حدثني ( عمر ) هو ( ابن محمد ) أن ( زيد بن أسلم ) حدثه عن أبيه قال سألني ( ابن عمر ) عن بعض ( شأنه ) يعني ( عمر فأخبرته ) فقال ( ما رأيت أحدا قط بعد ) رسول الله من حين قبض كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب
مطابقته للترجمة في قوله ما رأيت أحدا إلى آخره
ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي سكن مصر وابن وهب هو عبد الله ابن وهب المصري وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وزيد بن أسلم أبو أسامة يروي عن أبيه أسلم مولى عمر بن الخطاب يكنى أبا خالد كان من سبي اليمن قال الواقدي أبو زيد الحبشي البجاوي بفتح الباء الموحدة وتخفيف الجيم وبالواو من بجاوة من سبي اليمن اشتراه عمر بن الخطاب بمكة سنة إحدى عشرة لما بعثه أبو بكر الصديق ليقيم للناس الحج مات قبل مروان بن الحكم وهو صلى عليه وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة
قوله عن بعض شأنه أي عن بعض شأن عمر قوله فقال أي ابن عمر قوله بعد رسول الله أي بعده في هذه الخصال أو بعد موته قوله أحد بفتح الجيم وتشديد الدال أفعل التفضيل من جد إذا اجتهد يعني أجد في الأمور قوله وأجود أفعل أيضا من الجود يعني

(16/197)


ولا أجود في الأموال قوله حتى انتهى من عمر بن الخطاب يعني حتى انتهى إلى آخر عمره حاصله أنه لم يكن أحد أجد منه ولا أجود في مدة خلافته
8863 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن رجلا ( سأل ) النبي عن الساعة فقال متى الساعة قال وماذا أعددت لها قال لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت قال أنس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي أنت مع من أحببت قال أنس فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قول أنس فإنه قرن أبا بكر وعمر بالنبي في العمل
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن أبي الربيع
قوله أن رجلا قيل هذا الرجل هو ذو الخويصرة اليماني وزعم ابن بشكوال أنه أبو موسى الأشعري أو أبو ذر وسيأتي في الأدب من طريق آخر عن أنس أن السائل هنا أعرابي ووقع عند الدارقطني من حديث ابن مسعود أن الأعرابي الذي بال في المسجد قال يا محمد متى الساعة فقال وما أعددت لها قال بعضهم فدل على أن السائل في حديث أنس هو الأعرابي الذي بال في المسجد قلت لا دليل واضح هنا لاحتمال تعدد السائلين قوله فما فرحنا بكسر الراء بصيغة الفعل الماضي قوله فرحنا بفتح الراء والحاء مصدر أي كفرحنا وانتصابه بنزع الخافض قوله معهم أي مع النبي وأبي بكر وعمر فإن قلت الدرجات متفاوتة فكيف يكون أنس في درجة النبي ومعه قلت المراد المعية في الجنة أي أرجو أن أكون في دار الثواب لا العقاب ونحن أيضا نحبهم ونرجو ذلك من الله الكريم
9863 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر زاد زكرياء بن أبي زائدة عن سعد عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر ( انظر الحديث 9643 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن أبيه سعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه ومضى هذا في باب ما ذكر عن بني إسرائيل فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز ابن عبد الله عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة إلى آخره وأصحاب إبراهيم بن سعد كلهم رووا بهذا الإسناد عن أبي هريرة إلا عبد الله بن وهب فإنه خالفهم فقال عن إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد عن أبي سلمة عن عائشة قال أبو مسعود لا أعلم أحدا تابع ابن وهب على هذا والمعروف عن أبي هريرة لا عن عائشة وزكرياء بن أبي زائدة ذكره كما ذكره البخاري كما يأتي الآن فإن قلت قال محمد بن عجلان عن سعيد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة أخرجه مسلم والترمذي والنسائي قلت قال أبو مسعود وهو مشهور عن ابن عجلان فكان أبا سلمة سمعه من عائشة ومن أبي هريرة جميعا قوله زاد زكرياء إلى آخره معلق وفي روايته زيادتان إحداهما بيان كونهم من بني إسرائيل والأخرى تفسير المراد بالمحدث في رواية غيره فإنه قال بدلها يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء وتعليق زكرياء وصله الإسماعيلي وأبو نعيم في ( مستخرجيهما )
قوله محدثون ويروى ناس محدثون وقد مر تفسير محدثون هناك قوله لقد كان

(16/198)


قبلكم ويروى لقد كان فيمن كان قبلكم قوله يكلمون قال الكرماني يعني الملائكة تكلمهم فعلى هذا يكلمون على صيغة المجهول قوله فإن يكن من أمتي ويروى في أمتي قوله أحد وفي رواية الكشميهني من أحد قوله فعمر أي فهو عمر وكلمة إن ليست للشك فإن أمته أفضل الأمم فإذا كان موجودا فبالأولى أن يكون في هذه الأمة بل للتأكيد كقول الأجير إن عملت لك فوفني حقي
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما من نبي ولا محدث
أشار بهذا إلى قراءة ابن عباس في قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ( الحج 25 ) الآية فإنه زاد فيها ولا محدث وأخرجه عبد بن حميد من حديث عمرو بن دينار قال كان ابن عباس يقرأ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث
0963 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثنا ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) قالا ( سمعنا أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه يقول قال رسول الله بينما راع في غنمه عدا الذئب فأخذ منها شاة فطلبها حتى استنقذها فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله فقال النبي فإني أومن به وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر هذا الحديث مضى في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري إلى آخره وذكر فيه قصة البقرة ومضى الكلام فيه هناك
1963 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( أبو أمامة بن سهل بن حنيف ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره قالوا فما أولته يا رسول الله قال الدين
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضيلة عمر رضي الله تعالى عنه والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال فإنه أخرجه هناك عن محمد بن عبيد الله عن إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله قمص بضم الميم وسكونها جمع قميص قوله الثدي بضم الثاء المثلثة وكسر الدال وتشديد الياء جمع ثدي قوله اجتره يعني يسحبه لطوله قوله قالوا أي الحاضرون من الصحابة وسيأتي في التعبير أن السائل في ذلك أبو بكر رضي الله تعالى عنه فإن قلت يلزم منه أن يكون عمر أفضل من أبي بكر قلت خص أبو بكر من عموم قوله عرض علي الناس ويحتمل أن أبا بكر لم يكن في الذين عرضوا والله أعلم
2963 - حدثنا ( الصلت بن محمد ) حدثنا ( إسماعيل بن إبراهيم ) حدثنا ( أيوب ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) قال ل ( ما طعن عمر جعل يألم ) فقال له ( ابن عباس وكأنه يجزعه يا أمير ) المؤمنين ( ولئن ) كان ( ذاك لقد صحبت ) رسول الله فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبا بكر فأحست صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون قال أما ما ذكرت من صحبة

(16/199)


رسول الله ورضاه فإنما ذاك من من الله تعالى من به علي وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من من الله جل ذكره من به علي وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز و جل قبل أن أراه قال حماد بن زيد حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس دخلت على عمر بهذا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لقد صحبت رسول الله إلى قوله أما ما ذكرت من صحبة رسول الله وذلك أن له فضلا عظيما من حيث إنه صحب رسول الله وفارقه وهو عنه راض وكذلك مع أبي بكر وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم
والصلت بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وبالتاء المثناة من فوق ابن محمد بن عبد الرحمن أبو همام الخاركي بالخاء المعجمة وبالراء البصري وهو من أفراده وإسماعيل بن إبراهيم هو إسماعيل بن علية وعلية بضم العين أمه وقد مرت غير مرة وأيوب هو السختياني وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله والمسور بن مخرمة بكسر الميم في الإبن وفتحها في الأب ولهما صحبة والحديث من أفراده
قوله لما طعن عمر طعنه أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة ضربه في خاصرته وهو في صلاة الصبح يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قوله وكأنه يجزعه أي وكأن ابن عباس يجزعه بضم الياء وفتح الجيم وتشديد الزاي أي ينسبه إلى الجزع ويلومه وقيل معناه يزيل عنه الجزع كما في قوله تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم ( سبإ 32 ) أي أزيل عنهم الفزع قوله ولئن كان ذاك هكذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني ولا كل ذلك أي لا تبالغ في الجزع فيما أنت فيه وقال الكرماني ولا كان ذلك هكذا قاله ثم قال هذا دعاء أي لا يكون ما تخاف منه من العذاب ونحوه أو لا يكون الموت بهذه الطعنة قوله ثم فارقته أي ثم فارقت رسول الله هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره ثم فارقت بحذف الضمير المنصوب قوله وهو عنك راض الواو فيه للحال قوله ثم صحبت صحبتهم بفتح الصاد والحاء وهو جمع صاحب وأراد به أصحاب النبي وأبي بكر قال بعضهم هذا في رواية بعضهم وفيه نظر للإتيان بصيغة الجمع في موضع التثنية قلت لا يتوجه النظر فيه أصلا بل الموضع موضع ذكر الجمع لأن المراد أصحاب النبي وأبو بكر وقال عياض يحتمل أن يكون الأصل ثم صحبتهم فزيد فيه صحبة الذي هو الجمع قوله فإن ذلك من بفتح الميم وتشديد النون أي عطاء وفي رواية الكشميهني فإنما ذلك قوله فهو من أجلك أي جزعي من أجلك وأجل أصحابك قال ذلك لما شعر من فتن تقع بعده وفي رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي أصيحابك بالتصغير قوله طلاع الأرض بكسر الطاء المهملة وتخفيف اللام أي ملء الأرض قال الهروي أي ما يملأ الأرض حتى يطلع ويسيل وقال ابن سيده طلاع الأرض ما طلعت عليه الشمس وكذا قاله ابن فارس وقال الخطابي طلاعها ملؤها أي ما يطلع عليها ويشرق فوقها من الذهب قوله قبل أن أراه أي العذاب إنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير فيما يجب عليه من حقوق الرعية قوله قال حماد بن زيد إلى آخره معلق ووصله الإسماعيلي من رواية القواريري عن حماد بن زيد
3963 - حدثنا ( يوسف بن موسى ) حدثنا ( أبو أسامة ) قال حدثني ( عثمان بن غياث ) حدثنا ( أبو عثمان النهدي ) عن ( أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه قال ( كنت مع ) النبي في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح فقال النبي افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر فبشره بما قال النبي فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي فحمد الله ثم استفتح رجل

(16/200)


فقال لي افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم قال الله المستعان
مطابقته للترجمة ظاهرة ويوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد ومات بها سنة اثنتين وخمسين ومائتين وهو من أفراده وأبو أسامة حماد بن أسامة الليثي وعثمان بن غياث بكسر الغين المعجمة وتخفيف الياء وبعد الألف ثاء مثلثة الراسبي ويقال الباهلي من أهل البصرة وأبو عثمان النهدي بفتح النون عبد الرحمن بن مل والحديث مضى عن قريب في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن أبي موسى الأشعري مطولا من غير هذا الوجه ومر الكلام فيه مستوفى قوله المستعان اسم مفعول يقال استعان به واستعان إياه
4963 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال أخبرني ( حيوة ) قال حدثني ( أبو عقيل زهرة بن معبد ) أنه سمع جده ( عبد الله بن هشام ) قال كنا مع النبي وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب
مطابقته للترجمة من حيث إن أخذ اليد دليل على غاية المحبة وكمال المودة والاتحاد ولولا أن في عمر فضلا عظيما لما أخذ النبي يده
ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر وتوفي بها سنة ثمان أو سبع وثلاثين ومائتين وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وحيوة بفتح الحاء المهملة والواو بينهما ياء ساكنة آخر الحروف ابن شريح بضم الشين المعجمة أبو زرعة الحضرمي المصري الفقيه العابد الزاهد مات سنة ثلاث وخمسين ومائة وأبو عقيل بفتح العين المهملة وكسر القاف زهرة بضم الزاي على المشهور وقيل بفتحها وإسكان الهاء ابن معبد بفتح الميم القرشي المصري وجده عبد الله بن هشام بن زهرة بن عثمان وهو من أفراد البخاري وأخرجه أيضا في النذور عن يحيى ابن سليمان أيضا بأتم منه
7 -
( باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف يجتمع مع النبي في عبد مناف وكنيته أبو عمرو الذي استقر عليه الأمر وفيه قولان أيضا أبو عبد الله وأبو ليلى وعن الزهري أنه كان يكنى أبا عبد الله بابنه عبد الله رزقه الله من رقية بنت رسول الله وحكى ابن قتيبة أن بعض من ينتقصه يكنيه أبي ليلى يشير إلى لين جانبه وقد اشتهر أن لقبه دو النورين وقيل للمهلب بن أبي صفرة لم قيل لعثمان ذو النورين قال لأنه لم نعلم أحدا أسبل سترا على ابنتي نبي غيره وروى خيثمة في ( الفضائل ) والدارقطني في ( الأفراد ) من حديث علي رضي الله تعالى عنه أنه ذكر عثمان فقال ذاك امرأ يدعى في السماء ذو النورين وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ابن عبد مناف وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله
وقال النبي من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان
هذا التعليق مضى في الوقف في باب إذا وقف أرضا أو بئرا عن عبدان عن أبيه عن شعبة إلى آخره ووصله الدارقطني والإسماعيلي وغيرهما من طريق القاسم بن محمد المروزي عن عبدان ولفظ البخاري عنه أن عثمان رضي الله تعالى عنه قال ألستم تعلمون أن رسول الله قال من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرتها الحديث وقد مضى الكلام فيه هناك مستقصى
وقال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزه عثمان

(16/201)


أي وقال النبي إلى آخره قد مر في الباب المذكور آنفا في الحديث المذكور فيه وجيش العسرة هو غزوة تبوك وسميت بها لأنها كانت في زمان شدة الحر وجدب البلاد وفي شقة بعيدة وعد وكثير قوله فجهزه عثمان أي جهز جيش العسرة وقال الكرماني فجهزه بتسعمائة وخمسين بعيرا وخمسين فرسا وجاء إلى النبي بألف دينار
5963 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( أيوب ) عن ( أبي عثمان ) عن ( أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه أن النبي دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط فجاء رجل يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فإذا عمر ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه فإذا عثمان بن عفان
مطابقته للترجمة ظاهرة وحماد هو ابن زيد وفي بعض النسخ مذكور وأيوب هو السختياني وأبو عثمان عبد الرحمن ابن مل وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري والحديث مضى عن قريب في آخر الباب الذي قبله قوله هنيهة بالتصغير وأصلها من الهنة كناية عن الشيء من نحو الزمان وغيره وأصلها هنوة وتصغيرها هنية وقد تبدل من الياء الثانية هاء فيقال هنيهة أي شيء قليل
قال حماد وحدثنا عاصم الأحول وعلي بن الحكم سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى بنحوه وزاد فيه عاصم أن النبي كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته فلما دخل عثمان غطاها
حماد هذا هو ابن زيد عند الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر وحده وقال حماد بن سلمة حدثنا عاصم إلى آخره والأول هو الأصوب وقوله قال حماد متصل بالإسناد الأول وبقية منه فلذلك ذكره وحدثنا عاصم بالواو وعلي بن الحكم بفتحتين أبو الحكم البناني البصري مات سنة إحدى وثلاثين ومائة وقد مر في الإجارة في باب عسب الفحل ولما أخرج الطبراني هذا الحديث قال في آخره قال حماد فحدثني علي بن الحكم وعاصم أنهما سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى نحوا من هذا وأما حديث حماد بن سلمة فقد أخرجه ابن أبي حثمة في ( تاريخه ) لكن عن علي بن الحكم وحده وأخرجه عن موسى ابن إسماعيل وكذا أخرجه الطبراني من طريق حجاج بن منهال كلهم عن حماد بن سلمة عن علي بن الحكم وحده به وليست فيه هذه الزيادة
قوله أو ركبته شك من الراوي ووهم الداودي هذه الرواية فقال هذه الرواية وهم وقد أدخل بعض الرواة حديثا في حديث إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله وهو في بيته منكشف فخذه فجلس أبو بكر ثم أتى عمر كذلك ثم استأذن عثمان فغطى النبي فخذه فقيل له في ذلك فقال إن عثمان رجل حيي فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته وأيضا فإن عثمان أولى بالاستحياء لكونه ختنه فزوج البنت أكثر حياء من أبي الزوجة يوضحه إرسال علي رضي الله تعالى عنه ليسأل عن حكم المذي
6963 - حدثني ( أحمد بن شبيب بن سعيد ) قال حدثني أبي عن ( يونس ) قال ( ابن شهاب ) أخبرني ( عروة ) أن ( عبيد الله بن عدي بن الخيار ) أخبره أن ( المسور بن مخرمة وعبد الرحمان ابن الأسود بن عبد يغوث ) قالا ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد فقد أكثر الناس فيه فقصدت لعثما حتى خرج إلى الصلاة قلت إن لي إليك حاجة وهي نصيحة لك قال يا أيها المرء

(16/202)


قال معمر أراه قال أعوذ بالله منك فانصرفت فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال ما نصيحتك فقلت إن الله سبحانه بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ولرسوله فهاجرت الهجرتين وصحبت رسول الله ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد قال أردكت رسول الله قلت لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال أما بعد فإن الله بعث محمدا بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمنت بما بعث به وهاجرت الهجرتين كما قلت وصحبت رسول الله وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم أبو بكر مثله ثم عمر مثله ثم استخلفت أفليس لي من الحق مثل الذي لهم قلت بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله ثم دعا عليا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ثم دعا عليا رضي الله تعالى عنه إلى آخره من حيث إنه أقام الحد على أخيه فهذا فيه دلالة على مراعاة الحق وفيه منقبة من مناقبه
وأحمد بن شبيب بن سعيد أبو عبد الله الحبطي البصري وأبوه شبيب ابن سعيد يروي عن يونس بن يزيد روى عنه ابنه هنا وفي الاستقراض مفردا وي غير موضع مقرونا وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عدي بفتح العين المهملة وكسر الدال المهملة ابن الخيار النوفلي الفقيه والمسور بن مخرمة بفتح الميم في الأب وكسرها في الإبن وقد مرا عن قريب وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بفتح الياء آخر الحروف وضم الغين المعجمة وفي آخره ثاء مثلثة القرشي الزهري المديني وهو من أفراد البخاري
قوله ما يمنعك الخطاب لعبيد الله بن عدي وفي رواية معمر عن الزهري التي تأتي في هجرة الحبشة قالا ما يمنعك أن تكلم خالك لأن عبيد الله هذا هو ابن أخت عثمان بن عفان قوله لأخيه أي لأجل أخيه وفي رواية الكشميهني في أخيه الوليد بن عقبة وصرح بذلك في رواية معمر وكان الوليد هذا أخا عثمان لأمه وعقبة هو ابن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس وكان عثمان رضي الله تعالى عنه ولى الوليد الكوفة وكان عاملا بالجزيرة على عربها وكان على الكوفة سعد بن أبي وقاص وكان عثمان ولاه لما ولي الخلافة بوصية من عمر رضي الله تعالى عنه وكان عمر قد عزله عن الكوفة كما ذكرنا ثم عزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى الوليد عليها وكان سبب العزل أن عبد الله بن مسعود كان على بيت المال في الكوفة فاقترض منه سعد مالا فجاء يتقاضاه فاختصما فبلغ عثمان فغضب عليهما وعزل سعدا واستحضر الوليد من الجزيرة وولاه الكوفة قوله فقد أكثر الناس فيه أي في الوليد يعني أكثروا فيه من الكلام في حقه بسبب ما صدر منه وكان قد صلى بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم فقال أزيدكم وكان سكرانا وبلغ الخبر بذلك إلى عثمان وترك إقامة الحد عليه فتكلموا بذلك فيه وأنكروا أيضا عن عثمان عزل سعد بن أبي وقاص مع كونه أحد العشرة ومن أهل الشورى واجتمع له من الفضل والسن والعلم والدين والسبق إلى الإسلام ما لم يتفق منه شيء للوليد بن عقبة ثم لما ظهر لعثمان سوء سيرته عزله ولكن أخر إقامة الحد عليه ليكشف عن حال من يشهد عليه بذلك فلما ظهر له الأمر أمر بإقامة الحد عليه كما نذكره وروى المدايني من طريق الشعبي أن عثمان لما شهدوا عنده على الوليد حبسه قوله فقصدت القائل هو عبيد الله بن عدي حاصل المعنى أنه قصد الحضور عند عثمان حتى خرج إلى الصلاة وفي رواية الكشميهني حين خرج والمعنى على هذه الرواية صادف عبيد الله وقت خروج عثمان إلى الصلاة وعلى الرواية الأولى أنه جعل قصده منتظرا خروج عثمان قوله وهي نصيحة لك الواو فيه للحال ولفظه هي ترجع إلى الحاجة قوله قال أي

(16/203)


قال عثمان يا أيها المرء منك يخاطب بذلك عبيد الله بن عدي تقديره أعوذ بالله منك وقد صرح معمر بذلك في روايته في هجرة الحبشة على ما يأتي وأشار إليه ههنا بقوله قال معمر أراه قال أعوذ بالله منك أي قال معمر بن راشد البصري وكان قد سكن اليمن قوله أراه أي أظنه قال أيها المرء أعوذ بالله منك وقال ابن التين إنما استعاذ منه خشية أن يكلمه بشيء يقتضي الإنكار عليه وهو في ذلك معذور فيضيق بذلك صدره قوله فانصرفت أي من عند عثمان رضي الله تعالى عنه قوله فرجعت إليهم أي إلى المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود ومن كان عندهما وفي رواية معمر فانصرفت فحدثتهما أي المسور وعبد الرحمن بن الأسود ومن كان عندهما بالذي قلت لعثمان فقالا قد قضيت الذي عليك قوله إذ جاء رسول عثمان كلمة إذ للمفاجأة وفي رواية معمر فبينما أنا جالس معهما إذ جاء رسول عثمان فقال لي قد ابتلاك الله فانطلقت قوله فأتيته أي فأتيت عثمان فقال ما نصيحتك أراد بها ما في قوله لما جاء إليه وقال له إن لي إليك حاجة وهي نصيحة لك قوله فقلت أشار به إلى تفسير تلك النصيحة بالفاء التفسيرية وهي من قوله أن الله سبحانه إلى قوله أدركت رسول الله قوله وكنت بفتح تاء الخطاب يخاطب به عثمان وكذا بفتح التاء في قوله هاجرت ورأيت وأراد بالهجرتن الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة قوله ورأيت هديه بفتح الهاء وسكون الدال أي رأيت طريقته قوله وقد أكثر الناس في شأن الوليد أي أكثروا فيه الكلام بسبب شربه الخمر وسوء سيرته وزاد معمر في روايته عقيب هذا الكلام وحق عليك أن تقيم عليه الحد قوله قال أدركت رسول الله أي قال عثمان لعبيد الله بن عدي يخاطب بقوله أدركت رسول الله وفي رواية معمر فقال لي يا ابن أختي وفي رواية صالح بن الأخضر عن الزهري عند عمر بن شبه هل رأيت رسول الله قال لا ومراده بالإدراك إدراك السماع والأخذ عنه وبالرؤية رؤية المميز له ولم يرد نفي الإدراك بالعين فإنه ولد في حياة النبي وقال ابن ماكولا ولد على عهد النبي وقتل أبوه يوم بدر كافرا وقال ابن سعد في طبقة الفتحيين والمدائني وعمر بن شبة في ( أخبار المدينة ) إن هذه القصة المحكية ههنا وقعت لعدي ابن الخيار نفسه مع عثمان رضي الله تعالى عنه والله أعلم قوله قلت لا أي ما رأيته ولكن أدركت زمانه قوله خلصبفتح اللام يقال خلص فلان إلى فلان أي وصل إليه وضبطه بعضهم بضم اللام وأنه غير صحيح وفي حديث المعراج فلما خلصت لمستوى أي وصلت وبلغت وقد ضبط بفتح اللام قوله إلى العذراء وهي البكر وأراد عبيد الله بن عدي بهذا الكلام أن علم النبي لم يكن مكتوما ولا خاصا بل كان شائعا ذائعا حتى وصل إلى العذراء المخدرة في بيتها فوصوله إليه مع حرصه عليه بالطريق الأولى قوله كما قلت بفتح التاء خطاب لعبيد الله بن عدي وجه التشبيه فيه بيان حال وصول علم رسول الله يعني كما وصل علم الشريعة إليها من وراء الحجاب فوصوله إليه بالطريق الأحرى قوله ثم أبو بكر مثله أراد ثم صحبت أبا بكر رضي الله تعالى عنه وما عصيته وما غششته مثل ما فعلت مع النبي قوله ثم عمر مثله يعني ثم صحبت عمر أيضا فما فعلت شيئا من ذلك قوله ثم استخلفت على صيغة المجهول قوله أفليس لي الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار أي أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم علي قوله قلت بلى القائل هو عبيد الله بن عدي قوله فما هذه الأحاديث جمع أحدوثة وهي ما يتحدث به وهي التي كانوا يتكلمون بها من تأخيره إقامة الحد على الوليد قوله ثم دعا عليا هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فأمره أن يجلده أي فأمر عثمان عليا أن يجلد الوليد بن عقبة ويجلده بالضمير المنصوب في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أن يجلد بلا ضميره قوله فجلده ثمانين وفي رواية معمر فجلد الوليد أربعين جلدة قيل هذه الرواية أصح من رواية يونس والوهم فيه من الراوي عنه شبيب بن سعيد والمرجح لرواية معمر ما رواه مسلم من طريق أبي ساسان قال شهدت عثمان أتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران يعني مولى عثمان بن عفان أنه قد شرب الخمر فقال عثمان قم يا علي فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن

(16/204)


ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال أمسك ثم قال جلد النبي أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي انتهى فإن قلت من الشاهد الآخر الذي لم يسم في هذه الرواية قلت قيل هو الصعب بن جثامة الصحابي المشهور رواه يعقوب بن سفيان في ( تاريخه ) وعند الطبري من طريق سيف في ( الفتوح ) أن الذي شهد عليه ولد الصعب واسمه جثامة كاسم جده وفي رواية أخرى أن ممن شهد عليه أبا زينب بن عوف الأزدي وأبا مورع الأسدي أبو زينب اسمه زهير بن الحارث بن عوف بن كاسي الحجر وقال أبو عمر من ذكره في الصحابة فقد أخطأ ليس له شيء يدل على ذلك وأبو المورع
وذكر المسعودي في ( المروج ) أن عثمان قال للذين شهدوا ما يدريكم أنه شرب الخمر قالوا هي التي كنا نشربها في الجاهلية وذكر الطبري أن الوليد ولي الكوفة خمس سنين قالوا وكان جوادا فولى عثمان بعده سعيد بن العاص فسار فيهم سيرة عادلة وكانت تولية عثمان سعيد بن العاص الكوفة في سنة ثلاثين من الهجرة وفتح سعيد هذا طبرستان في هذه السنة وقال الواقدي لما ولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة وقدمها قال لا أصعد المنبر حتى تغسلوه من آثار الوليد الفاسق فإنه نجس فاغسلوه ثم ظهرت بعد ذلك من سعيد بن العاص هنات
واحتج أصحابنا بهذا الحديث أن حد السكران من شرب الخمر وغيرها من الأنبذة ثمانون جلدة وقال الشافعي أربعون جلدة وبه قال أحمد في رواية لأن النبي ضرب في الخمر بالجريد والنعال وضرب أبو بكر أربعين قلنا ما رواه كان بجريدتين والنعلين فكان كل ضربة بضربتين والذي يدل على هذا قول أبي سعيد جلد على عهد رسول الله في الخمر بنعلين فلما كان في زمن عمر رضي الله تعالى عنه جعل بدل كل نعل سوطا رواه أحمد
7963 - حدثني ( محمد بن حاتم بن بزيع ) حدثنا ( شاذان ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ) عن ( عبيد الله ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ( كنا في زمن ) النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن عثمان أفضل الناس بعد الشيخين ومحمد بن حاتم بالحاء المهملة وكسر التاء المثناة من فوق ابن بزيع بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة أبو سعيد مات ببغداد في رمضان سنة تسع وأربعين ومائتين وشاذان بالشين المعجمة والذال المعجمة وفي آخره نون واسمه الأسود ابن عامر ويلقب بشاذان أصله شامي سكن بغداد وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون بكسر الجيم وفتحها وهو بضم النون صفة لعبد العزيز وبكسرها صفة لأبي سلمة لأن كلا منهما يلقب به وعبيد الله هو ابن عمر العمري
والحديث أخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة عن الأسود بن عامر به
قوله لا نعدل بأبي بكر أحدا أي لا نجعل أحدا مثلا له ثم عمر كذلك ثم عثمان كذلك قوله ثم نترك أصحاب النبي أرادوا أنهم بعد تفضيل الشيخين وعثمان لا يتعرض لأصحاب النبي بعدهم بالتفضيل وعدمه وذلك لأنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فيظهر لهم فضائل هؤلاء الثلاثة ظهورا بينا فيجزمون به قوله لا نفاضل أي في نفس الأمر تفسير قوله ثم نترك يعني لا نحكم بعدهم بتفضيل أحد على أحد ونسكت عنهم وقال الخطابي وجه هذا أنه أريد به الشيوخ وذوو الأسنان وهم الذين كان رسول الله إذا حزنه أمر شاورهم وكان علي رضي الله تعالى عنه في زمانه حديث السن ولم ير ابن عمر الإزدراء بعلي رضي الله تعالى عنه ولا تأخيره عن الفضيلة بعد عثمان لأن فضله مشهور لا ينكره ابن عمر ولا غيره من الصحابة قلت وقد تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان ومن تقديم بقية العشرة المبشرة على غيرهم ومن تقديم

(16/205)


أهل بدر على من لم يشهدها وقال الكرماني ما ملخصه لا حجة في قوله كنا نترك لأن الأصوليين اختلفوا في صيغة كنا نفعل لا في صيغة كنا لا نفعل لتصور تقرير السؤال في الأول دون الثاني وعلى تقدير أن يكون حجة فما هو من العمليات حتى يكفي فيه الظن ولئن سلمنا فقد عارضه ما هو أقوى منه ثم قال ويحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن ذلك كان وقع له في بعض أزمنة النبي فلا يمنع ذلك أن يظهر بعد ذلك ولئن سلمنا عمومه لكن انعقد الإجماع على أفضلية علي بعد عثمان انتهى قلت في دعواه الإجماع نظر لأن جماعة من أهل السنة يقدمون عليا على عثمان رضي الله تعالى عنهما
تابعه عبد الله بن صالح عن عبد العزيز
أي تابع شاذان عبد الله بن صالح كاتب الليث الجهني المصري وقيل عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي الكوفي في روايته عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون بإسناده المذكور وكلاهما من مشايخ البخاري
8963 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) حدثنا ( عثمان ) هو ( ابن موهب ) قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هاؤلاء القوم قال هاؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني عنه هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم فقال تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد قال نعم قال هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال الله أكبر قال ابن عمر تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله وكانت مريضة فقال رسول الله إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال رسول الله بيده اليمناى هاذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان فقال له ابن عمر اذهب بها الآن معك
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضيلة عظيمة لعثمان وهي أن الله عفا عنه وغفر له وحصل له السهم والأجر وهو غائب ولم يحصل ذلك لغيره وأشار النبي إلى يده اليمنى وقال هذه يد عثمان وهذا فضل عظيم أعطاه الله إياه
وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وعثمان هو ابن عبد الله بن موهب بفتح الميم وسكون الواو وضبطه بعضهم كسرها وبعدها باء موحدة تابعي وسط من طبقة الحسن البصري وهو ثقة باتفاقهم وفي الرواة آخر يقال له عثمان بن موهب تابعي أيضا بصري لكنه أصغر منه روى عن أنس وروى عنه زيد الحباب وحده أخرج له النسائي
قوله جلوسا أي جالسين قوله قال قريش أي هم قريش ويروى قالوا قريش بصيغة الجمع فعلى الأول قال واحد من القوم الذين كانوا هناك قوله فمن الشيخ أي الكبير الذي يرجعون إليه في قوله قوله قالوا عبد الله ابن عمر أي كبيرهم هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قوله هل تعلم إلى آخره مشتمل على ثلاث مسائل سأل ابن عمر عنها والذي يظهر أنه كان متعصبا على عثمان رضي الله تعالى عنه فلذلك قال الله أكبر مستحسنا ولكن أراد أن يبين معتقده فيه لما أجاب عبد الله بن عمر عن كل واحدة منها بجواب حسن مطابق لما كان في نفس الأمر قوله فأشهد أن الله

(16/206)


عفا عنه وغفر له إنما قال ابن عمر هذه المقالة أخذا من قوله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ( آل عمران 551 ) قوله يوم التقى الجمعان ( آل عمران 551 ) هو يوم أحد والجمعان النبي مع أصحابه وأبو سفيان بن حرب مع كفار قريش قوله ببعض ما كسبوا أي ببعض ذنوبهم السالفة قوله ولقد عفا الله عنهم ( آل عمران 551 ) أي عما كان منهم من الفرار وروى البيهقي في ( دلائل النبوة ) من حديث عمار بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال انهزم الناس عن رسول الله يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل الحديث وقال ابن سعد وثبت رسول الله يعني يوم أحد ما زال يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وسبعة من الأنصار حتى تحاجزوا وقال البخاري لم يبق مع رسول الله إلا اثنا عشر رجلا على ما يأتي إن شاء الله تعالى وقال البلاذري ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنهم ومن الأنصار الحباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت ابن أبي الأفلح والحارث بن الصمة وأسيد بن حضير وسعد بن معاذ وقيل وسهل بن حنيف قوله تحته بنت رسول الله وهي رقية وروى الحاكم في ( المستدرك ) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال خلف النبي عثمان وأسامة بن زيد على رقية في مرضها لما خرج إلى بدر فماتت رقية حين وصل زيد بن ثابت بالبشارة وكان عمر رقية لما ماتت عشرين سنة قوله مكانه أي مكان عثمان قوله هذه يد عثمان أي بدلها قوله على يده أي اليسرى قوله فقال هذه أي البيعة لعثمان أي عن عثمان قوله إذهب بها الآن معك أي إقرن هذا العذر بالجواب حتى لا يبقى لك فيما أجبتك به حجة على ما كنت تعتقده من غيبة عثمان رضي الله تعالى عنه وقال الطيبي قاله ابن عمر تهكما به أي توجه بما تمسكت به فإنه لا ينفعك بعد ما بينت لك
9963 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) أن ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه حدثهم قال ( صعد ) النبي أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف وقال اسكن أحد أظنه ضربه برجله فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ( انظر الحديث 5763 وطرفه )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وشهيدان لأن أحدهما هو عثمان رضي الله تعالى عنه وهذا الحديث وقع هنا عند الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر والخطيب قبل حديث محمد بن حاتم بن بزيع عن شاذان في هذا الباب ومر في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن يحيى عن سعيد عن قتادة ومضى الكلام فيه هناك
قوله فرجف أي اضطرب أحد وقال ويروى فقال بالفاء أي فقال النبي قوله أحد بضم الدال لأنه منادى مفرد وحذف منه حرف النداء وروي حراء فإن صحت رواية أنس بلفظ حراء فالتوفيق بينهما يكون بالحمل على التعدد ووقع لفظ حراء في حديث أبي هريرة أخرجه مسلم قال كان رسول الله على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال إهدأ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد وفي رواية له وسعد
8 -
( باب قصة البيعة والإتفاق على عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وفيه مقتل عمر رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان قصة البيعة بعد عمر بن الخطاب واتفاق الصحابة على تقديم عثمان بن عفان في الخلافة قوله وفيه مقتل عمر بن الخطاب لم يوجد إلا في رواية السرخسي والبيعة بفتح الباء الموحدة عبارة عن المعاقدة عليه والمعاهدة فإن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره

(16/207)


73 - 3 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( حصين ) عن ( عمرو بن ميمون ) قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال كيف فعلتما أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض مالا تطيق قالا حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل قال انظرا أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيق قال قالا لا فقال عمر لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب قال إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب وكان إذا مر بين الصفين قال استووا حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فمن يلي عمر فقد رأى الذي أراى وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله فصلى بهم عبد الرحمان صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال يا ابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال غلام المغيرة قال الصنع قال نعم قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس وقائل يقول أخاف عليه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه وجاء رجل شاب فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله وقدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال ردوا علي الغلام قال ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه قال إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذاالمال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم

(16/208)


للمؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي فلما أقبل قيل هاذا عبد الله ابن عمر قد جاء قال ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك قال الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت قال الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا أوص يا أمير المؤمنين استخلف قال ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمان وقال يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجزه ولا خيانة وقال أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يعفى عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الأسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله ابن عمر قال يستأذن عمر بن الخطاب قالت أدخلوه فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هاؤلاء الرهط فقال عبد الرحمان اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي فقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان وقال سعد قد جعلت إمري إلى عبد الرحمان بن عوف فقال عبد الرحمان أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان فقال عبد الرحمان أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آلو عن أفضلكم قالا نعم فأخذ بيد أحدهما فقال لك قرابة من رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك فلما أخذ الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه

(16/209)


مطابقته للترجمة ظاهرة لأن الحديث يشتمل على جميع ما في الترجمة وموسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري البصري الذي يقال له التبوذكي وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري وحصين بضم الحاء وفتح الصاد بالمهملتين وبالنون ابن عبد الرحمن الكوفي وعمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله الكوفي أدرك الجاهلية وروى عن جماعة من الصحابة وكان بالشام ثم سكن الكوفة
وقد مضى قطعة من هذا الحديث في كتاب الجنائز في باب ما جاء في قبر النبي
ذكر معناه قوله قبل أن يصاب أي قبل أن يقتل بأيام أي أربعة لما سيأتي قوله حذيفة بن اليمان وهو حذيفة بن حسيل ويقال أحسل بن جابر أبو عبد الله العبسي حليف بني الأشهل صاحب سر رسول الله واليمان لقب حسيل وإنما لقب به لأنه حالف اليمانية قوله وعثمان بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء ابن واهب الأنصاري الأوسي الصحابي وهو أحد من تولى مساحة سواد العراق بأمر عمر بن الخطاب وولاه أيضا السواد مع حذيفة بن اليمان قوله قال كيف فعلتما أي قال عمر لحذيفة وعثمان كيف فعلتما في أرض سواد العراق توليتما مسحها قوله أتخافان أن تكونا حملتما الأرض أي هل تخافان بأن تكونا أي من كونكما قد حملتما الأرض أي أرض العراق ما لا تطيق حمله وذلك لأنه كان بعثهما يضربان الخراج عليها والجزية على أهلها فسألهما هل فعلا ذلك أم لا فأجابا وقالا حملناها أمرا هي أي الأرض المذكورة و هو في محل الرفع على الابتداء قوله له أي لما حملناها مطيقة خبر المبتدأ يعني ما حملناها شيئا فوق طاقتها وروى ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل عن حصين بهذا الإسناد فقال حذيفة لو شئت لأضعفت أي جعلت خراجها ضعفين وروى من طريق الحكم عن عمرو بن ميمون أن عمر أي رضي الله تعالى عنه قال لعثمان بن حنيف لئن زدت على كل رأس درهمين وعلى كل جريب درهما وقفيزا من طعام لأطاقوا ذلك قال نعم وقال الكرماني ويروى أتخافا بحذف النون تخفيفا وذلك جائز بلا ناصب ولا جازم قوله قال انظر أي قال عمر انظرا في التحميل ويجوز أن يكون هذا كناية عن الحذر لأنه مستلزم للنظر قوله قال قالا لا أي قال عمرو بن ميمون قال حذيفة وعثمان ما حملنا الأرض فوق طاقتها قوله فما أتت عليه أي على عمر رضي الله تعالى عنه إلا رابعة أي صبيحة رابعة ويروى إلا أربعة أي أربعة أيام حتى أصيب أي حتى طعن بالسكين قوله قال إني لقائم أي قال عمرو بن ميمون إني لقائم في الصف ننتظر صلاة الصبح قوله ما بيني وبينه أي ليس بيني وبين عمر رضي الله تعالى عنه إلا عبد الله بن عباس وفي رواية أبي إسحاق إلا رجلان قوله غداة نصب على الظرف مضاف إلى الجملة أي صبيحة الطعن عبيد الله قوله فيهن أي في الصفوف وفي رواية الكشميهني فيهم أي في هل الصفوف قوله أو النحل شك من الراوي أي أو سورة النحل قوله أو أكلني الكلب شك من الراوي وأراد بالكلب العلج الذي طعنه وهو غلام المغيرة بن شعبة ويكنى أبو لؤلؤة واسمه فيروز قوله حتى طعنه يعني طعنه ثلاث مرات وفي رواية أبي إسحاق فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعنه ثلاث طعنات فرأيت عمر يقول دونكم الكلب فقد قتلني وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى الزهري قال كان عمر رضي الله تعالى عنه لا يأذن لسبي قد احتلم من دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخله المدينة ويقول إن عنده أعمالا ينتفع به الناس إنه حداد نقاش نجار فأذن له فضرب عليه المغيرة كل شهر مائة فشكى إلى عمر شدة الخراج فقال له ما خراجك بكثير من جنب ما تعمل فانصرف ساخطا فلبث عمر ليالي فمر به العبد فقال ألم أحدث أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت إليه عابسا فقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها فأقبل عمر رضي الله تعالى عنه على من معه فقال توعدني العبد فلبث ليالي ثم اشتمل على خنجر ذي رأسين نصابه وسطه فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس حتى خرج عمر يوقظ الناس الصلاة الصلاة فلما دنا عمر منه وثب عليه وطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة قد خرقت الصفاق وهي التي قتلته وروى مسلم من طريق مهران بن أبي طلحة أن عمر خطب فقال رأيت كأن ديكا نقرني ثلاث نقرات ولا أراه إلا حضور أجلي قوله فطار العلج بكسر العين المهملة وسكون اللام وفي آخره جيم وهو الرجل من كفار العجم وهذه القصة كانت في أربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قوله حتى طعن ثلاث عشر رجلا وفي رواية أبي

(16/210)


إسحاق أثني عشر رجلا معه وهو ثالث عشر ومنهم كليب بن البكير الليثي وله ولأخوته عاقل وعامر وإياس صحبة قوله مات منهم سبعة أي سبعة أنفس وعاش الباقون قوله فلما رأى ذلك رجل قيل هو من المهاجرين يقال له حطان التيمي اليربوعي قوله برنسا بضم الباء الموحدة وسكون الراء وضم النون وهي قلنسوة طويلة وقيل كساء يجعله الرجل في رأسه وفي رواية ابن سعد بإسناد ضعيف منقطع قال فطعن أبو لؤلؤة نفرا فأخذ أبا لؤلؤة رهط من قريش منهم عبد الله بن عوف وهاشم ابن عتبة الزهريان ورجل من بني سهم وطرح عليه عبد الله بن عوف خميصة كانت عليه فإن ثبت هذا يحمل على أن الكل اشتركوا في ذلك وروى ابن سعد عن الواقدي بإسناد آخر أن عبد الله بن عوف المذكور احتز رأس أبي لؤلؤة قوله فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وقال الكرماني رمى رجل من أهل العراق برنسه عليه وبرك على رأسه فلما علم أنه لا يستطيع أن يتحرك قتل نفسه قوله فقدمه أي فقدم عمر عبد الرحمن بن عوف للصلاة بالناس وقد كان ذلك بعد أن كبر عمر وقال مالك قبل أن يدخل في الصلاة قوله صلاة خفيفة في رواية إبن إسحاق بأقصر سورتين من القرآن إنا أعطيناك وإذا جاء نصر الله والفتح قوله قال يا ابن عباس أنظر من قتلني وفي رواية ابن إسحاق فقال عمر رضي الله تعالى عنه يا عبد الله ابن عباس أخرج فناد في الناس أعن ملاء منكم كان هذا فقالوا معاذ الله ما علمنا ولا اطلعنا قوله قال الصنع أي قال عمر أهو الصنع بفتح الصاد المهملة وفتح النون أي الصانع وفي رواية ابن أبي شيبة وابن سعد الصناع بتخفيف النون وقال في ( الفصيح ) رجل صنع اليد واللسان وامرأة صناع اليد وفي ( نوادر أبي زيد ) الصناع يقع على الرجل والمرأة وكذلك الصنع وكان هذا الغلام نجارا وقيل نحاتا للأحجار وكان مجوسيا وقيل كان نصرانيا قوله منيتي بفتح الميم وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف أي موتى هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره ميتتي بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعدها تاء مثناة فوق أي قتلتي على هذا النوع فإن الميتة على وزن الفعلة بكسر الفاء وقد علم أن الفعلة بالكسر للنوع وبالفتح للمرة قوله رجل يدعي الإسلام وفي رواية ابن شهاب فقال الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط ويستفاد من هذا أن المسلم إذا قتل متعمدا يرجى له المغفرة خلافا لمن قال من المعتزلة وغيرهم إنه لا يغفر له أبدا قوله قد كنت أنت وأبوك خطاب لابن عباس وفي رواية ابن سعد من طريق محمد بن سيرين عن ابن عباس فقال عمر هذا من عمل أصحابك كنت أريد أن لا يدخلها علج من السبي فغلبتموني قوله فقال إن شئت فعلت أي فقال ابن عباس إن شئت يخاطب به عمر و فعلت بضم التاء وقد فسره بقوله أي إن شئت قتلنا وقال ابن التين إنما قال له ذلك لعلمه بأن عمر رضي الله تعالى عنه لا يأمره بقتلهم قوله كذبت هو خطاب من عمر لابن عباس وهذا على ما ألفوا من شدة عمر في الدين وكان لا يبالي من مثل هذا الخطاب وأهل الحجاز يقولون كذبت في موضع أخطأت قلت هنا قرينة في استعمال كذبت موضع أخطأت غير موجه قوله فاحتمل إلى بيته قال عمرو بن ميمون فبعد ذلك احتمل عمر إلى بيته قوله فأتى بنبيذ فشرب المراد بالنبيذ هنا تمرات كانوا ينبذونها في ماء أي ينقعونها لاستعذاب الماء من غير اشتداد ولا إسكار قوله فخرج من جوفه أي من جرحه وهكذا رواية الكشميهني وهي الصواب وفي رواية ابن شهاب فأخبرني سالم قال سمعت عبد الله بن عمر يقول قال عمر أرسلوا إلى طبيب ينظر إلى جرحي قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشيب النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة قال فدعوت طبيبا آخر من الأنصار فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعن أبيض فقال إعهد يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني ولو قال غير ذلك لكذبته قوله وجاء الناس يثنون عليه وفي رواية الكشميهني فجعلوا يثنون عليه وفي رواية ابن سعد من طريق جويرية بن قدامة فدخل عليه الصحابة ثم أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق فكلما دخل عليه قوم بكوا وأثنوا عليه وأتاه كعب أي كعب الأحبار فقال ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيدا وأنت تقول من أين وأنى في جزيرة العرب قوله وجاء رجل شاب وفي رواية كتاب الجنائز التي تقدمت وولج عليه شاب من الأنصار قوله وقدم بفتح القاف أي فضل وجاء بكسر القاف أيضا بمعنى سبق في الإسلام ويقال معناه بالفتح سابقة ويقال لفلان قدم صدق أي إثرة حسنة وقال الجوهري القدم السابقة في الأمر قوله قد علمت في محل الرفع على

(16/211)


الابتداء وخبره مقدما هو قوله لك قوله ثم شهادة بالرفع عطفا على ما قد علمت ويجوز بالجر أيضا عطفا على قوله من صحبة قال الكرماني ويجوز بالنصب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف قلت تقديره ثم استشهدت شهادة ويجوز أن يكون منصوبا على أنه مفعول به تقديره ثم رزقت شهادة قوله وددت أي أحببت أو تمنيت قوله أن ذلك كفاف أي أن الذي جرى كفاف بفتح الكاف وهو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه ويقال معناه أن ذلك مكفوف عني شرها وقيل معناه لا ينال مني ولا أنال منه وقوله لا علي ولا لي أي رضيت سواء بسواء بحيث يكف الشر عني لا عقابه علي ولا ثوابه لي قوله إذا إزاره كلمة إذا للمفاجأة قوله أبقى لثوبك بالباء الموحدة من البقاء هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره أنقى بالنون بدل الباء قوله ابن أخي أي يا ابن أخي في الإسلام قوله مال آل عمر لفظةآل مقحمة أي مال عمر ويحتمل أن يريد رهطه قوله في بني عدي بفتح العين وكسر الدال المهملتين وهو الجد الأعلى لعمر رضي الله تعالى عنه أبو قبيلته وهم العدويون قوله ولا تعدهم بسكون العين أي لا تتجاوزهم فإن قلت روى عمرو بن شبة في ( كتاب المدينة ) بإسناد صحيح أن نافعا مولى ابن عمر قال من أين يكون على عمر دين وقد باع رجل من ورثته ميراثه بمائة ألف قلت قيل هذا لا ينفي أن يكون عند موته عليه دين فقد يكون الشخص كثير المال ولا يستلزم نفي الدين عنه قوله ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم أمير المؤمنين قال ابن التين إنما قال ذلك عندما أيقن بالموت إشارة بذلك إلى عائشة حتى لا تحابيه لكونه أمير المؤمنين قوله ولأوثرن به على نفسي أي أخصه بما سأله من الدفن عند النبي وأترك نفسي قيل فيه دليل على أنها كانت تملك البيت ورد بأنها كانت تملك السكن إلى أن توفيت ولا يلزم منه التملك بطريق الإرث لأن أمهات المؤمنين محبوسات بعد وفاته لا يتزوجن إلى أن يمتن فهم كالمعتدات في ذلك وكان الناس يصلون الجمعة في حجر أزواجه وروى عن عائشة في حديث لا يثبت أنها استأذنت النبي إن عاشت بعده أن تدفن إلى جانبه فقال لها وأنى لك بذلك وليس في ذلك الموضع إلا قبري وقبر أبي بكر وعمر وعيسى بن مريم قوله إرفعوني أي من الأرض كأنه كان مضطجعا فأمرهم أن يقعدوه قوله فأسنده رجل إليه أي أسند عمر رجل إليه قيل يحتمل أن يكون هذا ابن عباس قلت إن كان مستند هذا القائل في الاحتمال المذكور كون ابن عباس في القضية فلغيره أن يقول يحتمل أن يكون عمرو بن ميمون لقوله فيما مضى فانطلقنا معه قوله أذنت أي عائشة قوله فقل يستأذن هذا الإستئذان بعد الإذن في الاستئذان الأول لاحتمال أن يكون الإذن في الاستئذان الأول في حياته حياء منه وأن ترجع عن ذلك بعد موته فأراد عمر أن لا يكرهها في ذلك قوله حفصة هي بنت عمر بن الخطاب قوله فولجت عليه أي دخلت على عمر رضي الله تعالى عنه فبكت من البكاء هذه رواية الكشميهني ورواية غيره فلبثت أي فمكثت قوله فولجت داخلا لهم أي فدخلت حفصة داخلا لهم على وزن فاعل أي مدخلا كان لأهلها قوله من الداخل أي من الشخص الداخل قوله وسعدا هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه فإن قلت سعيد وأبو عبيدة أيضا من العشرة المبشرة وتوفي رسول الله وهو عنهما راض قلت أما سعيد فهو ابن عم عمر رضي الله تعالى عنه فلعله لم يذكره لذلك أو لأنه لم يره أهلا لها بسبب من الأسباب وأما عبيدة فمات قبل ذلك قوله يشهدكم عبد الله بن عمر أي يحضركم ولكن ليس له من الأمر شيء وإنما قال هذا مع أهليته لأنه رأى غيره أولى منه قوله كهيئة التعزية قال الكرماني هذا من كلام الراوي لا من كلام عمر رضي الله تعالى عنه وقال بعضهم فلم أعرف من أين تهيأ له الجزم بذلك مع الاحتمال قلت لم يبين وجه الاحتمال ما هو ولا ثمة في كلامه ما يدل على الجزم قوله فإن أصابت الإمرة بكسر الهمزة وفي رواية الكشميهني الإمارة قوله سعدا هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قوله فهو ذاك يعني هو محله وأهل له قوله وإلا أي وإن لم تصب الإمرة سعدا قوله فليستعن به أي بسعد قوله أيكم فاعل فليستعن قوله ما أمر أي ما دام أميرا وأمر على صيغة المجهول من التأمير قوله فإني لم أعزله أي لم أعزل سعدا يعني عن الكوفة عن عجز أي عن التصرف ولا عن خيانة في المال قوله وقال أي عمر أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين قال الشعبي هم من أدرك بيعة الرضوان وقال سعيد بن المسيب من صلى القبلتين قوله أن يعرف بفتح الهمزةأي بأن يعرف قوله ويحفظ بالنصب عطفا على

(16/212)


أن يعرف قوله الذين تبوأوا الدار أي سكنوا المدينة قبل الهجرة وقال المفسرون المراد بالدار دار الهجرة نزلها الأنصار قبل المهاجرين وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي بسنتين قوله والإيمان فيه إضمار أي وآثروا الإيمان من باب علفتها تبنا وماء باردا لأن الإيمان ليس بمكان فيتبوأ فيه والتبوء التمكن والاستقرار وليس المراد أن الأنصار آمنوا قبل المهاجرين بل قبل مجيء النبي إليهم قوله ردء الإسلام بكسر الراء أي عون الإسلام الذي يدفع عنه قوله وجباة الأموال بضم الجيم وتخفيف الباء جمع جابي كالقضاة جمع قاضي وهم الذين كانوا يجبون الأموال أي يجمعونها قوله وغيظ العدو أي يغيظون العدو بكثرتهم وقوتهم قوله إلا فضلهم أي إلا ما فضل عنهم وفي رواية الكشميهني ويؤخذ منهم والأول هو الصواب قوله من حواشي أموالهمأي التي ليست بخيار ولا كرام قوله بذمة الله المراد به أهل الذمة قوله وأن يقاتل من ورائهم يعني إذا قصدهم عدو لهم يقاتلون لدفعهم عنهم وقد استوفى عمر رضي الله تعالى عنه في وصيته جميع الطوائف لأن الناس إما مسلم وإما كافر فالكافر إما حربي ولا يوصى به وإما ذمي وقد ذكره والمسلم إما مهاجري أو أنصاري أو غيرهما وكلهم إما بدوي وإما حضري وقد بين الجميع قوله ولا يكلفوهم إلا طاقتهم أي من الجزية قوله فانطلقنا وفي رواية الكشميهني فانقلبنا أي رجعنا قوله فسلم عبد الله بن عمر أي على عائشة رضي الله تعالى عنها قوله فقالت أي عائشة قوله أدخلوه بفتح الهمزة من الإدخال قوله فأدخل على صيغة المجهول وكذلك فوضع قوله هناك أي في بيت عائشة عند قبر النبي وقبر أبي بكر رضي الله تعالى عنه وهو معنى قوله مع صاحبيه واختلف في صفة القبور الثلاثة المكرمة فالأكثرون على أن قبر أبي بكر وراء قبر رسول الله وقبر عمر وراء قبر أبي بكر وقيل إن قبره مقدم إلى القبلة وقبر أبي بكر حذاء منكبه وقبر عمر حذاء منكبي أبي بكر وقيل قبر أبي بكر عند رأس النبي وقبر عمر عند رجليه وقيل قبر أبي بكر عند رجل النبي وقبر عمر عند رجل أبي بكر وقيل غير ذلك قوله إلى ثلاثة منكم أي في الاختيار ليقل الاختلاف قوله قال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان هذا يصرح بأن طلحة قد كان حاضرا فإن قلت قد تقدم أنه كان غائبا عند وصية عمر قلت لعله حضر بعد أن مات وقبل أن يستمر أمر الشورى وهذا أصح مما رواه المدايني أنه لم يحضر إلا بعد أن بويع عثمان قوله والله عليه والإسلام بالرفع فيهما لأن لفظة الله مبتدأ وقوله عليه خبره ومتعلقه محذوف أي والله رقيب عليه والإسلام عطف عليه والمعنى والإسلام كذلك قوله لينظرن بلفظ الأمر للغائب قوله أفضلهم في نفسه بلفظ اللام أي ليتفكر كل واحد منهما في نفسه أيهما أفضل ويروى بفتح اللام جوابا للقسم المقدر قوله فأسكت الشيخان بفتح الهمزة بمعنى سكت ويروى بضم الهمزة على صيغة المجهول والمراد بالشيخين علي وعثمان قوله أفتجعلونه أي أمر الولاية قوله والله بالرفع على أنه مبتدأ وخبره هو قوله علي الله رقيب أي شاهد علي قوله أن لا آلو أي بأن لا ألو بأن لا أقصر عن أفضلكم قوله فأخذ بيد أحدهما هو علي رضي الله تعالى عنه يدل عليه بقية الكلام قوله والقدم بكسر القاف وفتحها قوله ما قد علمت صفة أو بدل عن القدم قوله فالله عليك أي فالله رقيب عليك قوله لئن أمرتك بتشديد الميم قوله وإن أمرت بتشديد الميم قوله ثم خلا بالآخر وهو الزبير رضي الله تعالى عنه أيضا قوله وولج أهل الدار أي ودخل أهل المدينة
وفي هذا الحديث فوائد فيه شفقة عمر رضي الله تعالى عنه على المسلمين وعلى أهل الذمة أيضا وفيه اهتمامه بأمور الدين بأكثر من اهتمامه بأمر نفسه وفيه الوصية بأداء الدين وفيه الاعتناء بالدفن عند أهل الخير وفيه المشورة في نصب الإمام وأن الإمامة تنعقد بالبيعة وفيه جواز تولية المفضول مع وجود الأفضل منه قاله ابن بطال ثم علله بقوله لأنه لو لم يجز لهم لم يجعل عمر رضي الله تعالى عنه الأمر شورى بين ستة أنفس مع علمه بأن بعضهم أفضل من بعض وفيه الملازمة بالأمر بالمعروف على كل حال وفيه إقامة السنة في تسوية الصفوف وفيه الاحتراز من تثقيل الخراج والجزية وترك ما لا يطاق

(16/213)


9 -
( باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب علي بن أبي طالب بن عبد المطلب المكنى بأبي الحسن كناه بذلك أهله وكناه رسول الله بأبي تراب لما رآه في المسجد نائما ووجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص إليه التراب كما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد في أبواب المساجد وهنا أيضا يأتي عن قريب وروى ابن إسحاق أنه قال له ذلك في غزوة العسيرة وصححه الحاكم وقال ابن إسحاق حدثني بعض أهل العلم أنه إنما سماه بذلك لأنه كان إذا عاتب علي فاطمة رضي الله تعالى عنها في شيء يأخذ ترابا فيضعه على رأسه فكان إذا رأى التراب عرف أنه عاتب علي فاطمة فيقول ما لك يا أبا تراب وأم علي رضي الله تعالى عنه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وصارت من كبار الصحابيات وماتت في زمن النبي
وقال النبي لعلي أنت مني وأنا منك
هذا التعليق طرف من حديث البراء بن عازب أخرجه مطولا في باب عمرة القضاء على ما سيأتي إن شاء الله تعالى وفيه قال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا قوله أنت مبتدأ ومني خبره ومتعلق الخبر خاص وكلمة مني هذه تسمى بمن الاتصالية ومعناه أنت متصل بي وليس المراد به اتصاله من جهة النبوة بل من جهة العلم والقرب والنسب وكان أب النبي شقيق أبي علي رضي الله تعالى عنه وكذلك الكلام في قوله وأنا منك وفي حديث آخر أنت مني بمنزلة هارون من موسى ومعناه أنت متصل بي ونازل مني منزلة هارون من موسى وفيه تشبيه ووجه التشبيه مبهم وبينه وبقوله إلا أنه لا نبي بعدي يعني أن اتصاله ليس من جهة النبوة فبقي الاتصال من جهة الخلافة لأنها تلي النبوة في المرتبة ثم أنها إما أن تكون في حياته أو بعد مماته فخرج بعد مماته لأن هارون مات قبل موسى عليهما السلام فتبين أن يكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك لأن هذا القول من النبي كان مخرجه إلى غزوة تبوك وقد خلف عليا على أهله وأمره بالإقامة فيهم وهذا الحديث أخرجه الترمذي من حديث عمران بن حصين بلفظ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ثم قال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان وأخرجه أبو القاسم إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم البصري في فضائل الصحابة من حديث بريدة مطولا قال النبي لي لا تقع في علي فإن عليا مني وأنا منه ومن حديث الحكم بن عطية حدثنا محمد بن علي بن أبي طالب أن علي بن أبي طالب وجعفرا وزيدا دخلوا على رسول الله فقال أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأما أنت يا علي فأنت مني وأنا منك وفي حديث أبي رافع فقال جبريل عليه الصلاة و السلام وأنا منكما يا رسول الله
وقال عمر توفي رسول الله وهو عنه راض
هذا التعليق تقدم قريبا في وفاة عمر رضي الله تعالى عنه مسندا عند قوله ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا الحديث
1073 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن سعد ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا يشتكي عينيه يا رسول الله قال فأرسلوا إليه فأتوني به فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى

(16/214)


الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه يدل على فضيلة علي رضي الله تعالى عنه وشجاعته وفيه معجزة النبي حيث أخبر بفتح خيبر على يد من يعطى له الراية
وعبد العزيز هو ابن أبي حازم سلمة بن دينار سمع أباه أبا حازم
والحديث مر في كتاب الجهاد في باب فضل من أسلم على يديه رجل فإنه أخرجه هناك عن قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن عبد القاري عن أبي حازم عن سهل بن سعد إلى آخره ومر الكلام فيه هناك
قوله كلهم يرجوويروى يرجون قوله يدوكون بالدال المهملة وبالكاف أي يخوضون من الدوكة وهو الاختلاط والخوض يقال بات القوم يدوكون دوكا إذا باتوا في اختلاط ودوران وقيل يخوضون ويتحدثون في ذلك ويروى يذكرون بالذال المعجمة من الذكر قوله فأرسلوا على صيغة الماضي المبني للفاعل قوله فأتي به على صيغة المجهول والضمير في به يرجع إلى علي رضي الله تعالى عنه ويروى فأرسلوا على صيغة الأمر من الإرسال فأتوني به على صيغة الأمر أيضا من الإتيان قوله ودعا لهويروى فدعا له بالفاء قوله فأعطاه ويروى وأعطاه بالواو ويروى فأعطي على صيغة المجهول والراية العلم قوله أنفذ بضم الفاء أي إمض قوله على رسلك أي على هينتك قوله حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم والنعم بفتحتين والإبل الحمر هي أحسن أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وليس عندهم شيء أعظم منه وتشبيه أمور الآخر بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب إلى الفهم وإلا فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها وأمثالها معها
وفي ( التلويح ) ومن خواصه أي خواص علي رضي الله تعالى عنه فيما ذكره أبو الشاء أنه كان أقضى الصحابة وأن رسول الله تخلف عن أصحابه لأجله وأنه باب مدينة العلم وأنه لما أراد كسر الأصنام التي في الكعبة المشرفة أصعده النبي برجليه على منكبيه وأنه حاز سهم جبريل عليه الصلاة و السلام بتبوك فقيل فيه
( علي حوى سهمين من غير أن غزاغزاة تبوك حبذا سهم مسهم )
وأن النظر إلى وجهه عبادة روته عائشة رضي الله تعالى عنها وأنه أحب الخلق إلى الله بعد رسول الله رواه أنس في حديث الطائر وسماه النبي يعسوب الدين وسماه أيضا رز الأرض وقد رويت هذه اللفظة مهموزة وملينة ولكل واحد منهما معنى فمن همز أراد الصوت والصوت جمال الإنسان فكأنه قال أنت جمال الأرض والملين هو المنفرد الوحيد كأنه قال أنت وحيد الأرض وتقول رززت السكين إذا رسخته في الأرض بالوتد فكأنه قال أنت وتد الأرض وكل ذلك محتمل وهو مدح ووصف وأن النبي تولى تسميته وتغديته أياما بريقه المبارك حين وضعه
2073 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة ) قال كان ( علي ) قد ( تخلف ) عن النبي في خيبر وكان به رمد فقال أنا أتخلف عن رسول الله فخرج علي فلحق بالنبي فلما كان مساء الليله التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا هذا علي فأعطاه رسول الله ففتح الله عليه

(16/215)


هذا طريق آخر في الحديث السابق من حيث المعنى أخرجه أيضا عن قتيبة بن سعيد عن حاتم بالحاء المهملة وبالتاء المثناة من فوق ابن إسماعيل الكوفي سكن المدينة عن يزيد من الزيادة ابن عبيد مولى سلمة بن الأكوع عن مولاه سلمة بن الأكوع
والحديث مر في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي فإنه أخرجه هناك بهؤلاء الرواة بعينهم وبعين هذا المتن وقد مر الكلام فيه هناك وفي ( الإكليل ) للحاكم أن رسول الله بعث أبا بكر إلى بعض حصون خيبر فقاتل وجهد ولم يك فتح فبعث عمر رضي الله تعالى عنه فلم يك فتح فأعطاه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال رواه جماعة من الصحابة غير سهل أبو هريرة وعلي وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام والحسن بن علي وابن عباس وجابر ابن عبد الله وعبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع وعمران بن حصين وأبو ليلى الأنصاري وبريدة وعامر بن أبي وقاص وآخرون
قوله أو ليأخذنشك من الراوي وكذا قوله أو قال يحب الله ورسوله وفي الحديث الماضي بصق في عينيه ولم يذكر هنا في حديث سلمة ويروى قال علي فوضع رأسي في حجره ثم بصق في ألية راحتيه ثم دلك بها عيني ثم قال أللهم لا يشتكي حرا ولا قرا قال علي فما اشتكيت عيني لا حرا ولا قرا حتى الساعة وفي لفظ دعا له بست دعوات أللهم أعنه واستعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به أللهم وال من والاه وعاد من عاداه قوله فأعطاه رسول الله أي رايته وقال ابن عباس فكانت راية رسول الله بعد ذلك في المواطن كلها مع علي رضي الله تعالى عنه وفي حديث جابر بن سمرة قالوا يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة قال من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا علي بن أبي طالب وفي كتاب أبي القاسم البصري من حديث قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد أن النبي قال لأعطين الراية رجلا كرارا غير فرار فقال حسان يا رسول الله أتأذن لي أن أقول في علي شعرا قال قل قال
( وكان علي أرمد العين يبتغي
دواء فلما لم يحسن مداويا )
( حباه رسوله الله منه بتفلة
فبورك مرقيا وبورك راقيا )
( وقال سأعطي الراية اليوم صارما
فذاك محب للرسول مواتيا )
( بحب النبي والإله يحبه
فيفتح هاتيك الحصون التواليا )
( فأقضي بها دون البرية كلها
عليا وسماه الوزير المواخيا )
3073 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي حازم ) عن أبيه أن رجلا ( جاء إلي سهل بن سعد ) فقال هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا عند المنبر قال فيقول ماذا قال يقول له أبو تراب فضحك قال والله ما سماه إلا النبي وما كان له إسم أحب إليه منه فاستطعمت الحديث سهلا وقلت يا أبا عباس كيف قال دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي أين ابن عمك قالت في المسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول إجلس يا أبا تراب مرتين
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه دلالة على فضيلة علي رضي الله تعالى عنه وعلو منزلته عند النبي وذلك لأنه مشى إليه ودخل المسجد ومسح التراب عن ظهره واسترضاه تلطفا به لأنه كان وقع بين علي وفاطمة شيء فلذلك خرج إلى المسجد واضطجع فيه صرح بذلك في رواية البخاري التي مضت في كتاب الصلاة حيث قال النبي لفاطمة أين ابن عمك قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ولم يقل الحديث
وأبو حازم

(16/216)


اسمه سلمة بن دينار وقد مر عن قريب والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن عبد العزيز إلى آخره
قوله هذا فلان لأمير المدينة أي كنى بفلان عن أمير المدينة والاسم يراد بالكنية وتطلق التسمية على التكنية ووقع في رواية الإسماعيلي هذا فلان بن فلان قوله يدعو عليا أراد أنه يذكر عليا بشيء غير مرضي قوله قال فيقول ماذا قال أي قال أبو حازم فيقول سهل بن سعد ماذا قلان فلان الذي كنى به عن أمير المدينة قوله قال يقول له أي قال أبو حازم يقول فلان لعلي أبو تراب فضحك أي سهل وقال والله إلى آخره قوله فاستطعمت الحديث سهلا أي سألت من سهل الحديث وإتمام القصة وفيه إستعارة الإستطعام للتحدث والجامع بينهما حصول الذوق فمن الطعام الذوق الحسي ومن التحدث الذوق المعنوي قوله يا أبا عباس بتشديد الباء الموحدة والسين المهملة وهو كنية سهل بن سعد ويروي يا أبا العباس بالألف واللام قوله وخلص التراب أي وصل إلى ظهره قوله فجعل أي النبي يمسح التراب عن ظهره أي عن ظهر علي رضي الله تعالى عنه قوله مرتين ظرف لقوله فيقول إجلس
وفيه جواز النوم في المسجد واستلطاف الغضبان وتواضع النبي ومنزلة علي رضي الله تعالى عنه
4073 - حدثنا ( محمد بن رافع ) حدثنا ( حسين ) عن ( زائدة ) عن ( أبي حصين ) عن ( سعد بن عبيدة ) قال جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال لعل ذاك يسوءك قال نعم قال فأرغم الله بأنفك ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي ثم قال لعل ذاك يسوءك قال أجل قال فأرغم الله بأنفك قال انطلق فاجهد علي جهدك
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله فإن عبد الله بن عمر مدحه بأوصافه الحميدة فيدل على أن له فضلا وفضيلة
ومحمد بن رافع بن أبي زيد القشيري النيسابوري شيخ مسلم أيضا وحسين هو ابن علي بن الوليد الجعفي الكوفي وزائدة هو ابن قدامة وأبو حصين بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين واسمه عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي وسعد بن عبيدة أبو حمزة الكوفي السلمي
والحديث من أفراده
قوله فذكر محاسن عمله أي عمل عثمان والمحاسن جمع حسن على غير القياس كأنه جمع محسن وكأنه ذكر للرجل إنفاق عثمان في جيش العسرة وتسبيله بئر رومة وغير ذلك من محاسنه قوله لعل ذاك يسوءك أي لعل ما ذكرت من محاسنه لا يطيب لك ويصعب عليك قال نعم يسوءني قوله فأرغم الله بأنفك الباء فيه زائدة يقال أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام أي أذله وأهانه والرغام في الأصل التراب فكأنه يقول اسقطك الله على الأرض فيلصق وجهك بالرغام قوله ثم سأله عن علي أي ثم سأل ذلك الرجل عبد الله بن عمر عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فذكر عبد الله محاسن عمله من شهوده بدرا وغيرها وفتح خيبر على يديه وقتله مرحبا اليهودي وغير ذلك قوله قال هو ذاك بيته أي قال عبد الله هو أي علي الذي بيته كان أوسط بيوت النبي يشير بذلك إلى أن لعلي منزلة عند النبي من حيث أن بيته أوسط بيوت النبي وقيل أحسنها بناء قوله ثم قال أي عبد الله لعل ذاك يسوءك قال الرجل أجل أي نعم يسوءني ثم رد عليه عبد الله بقوله أرغم الله بأنفك مثل ما قال في الأول ثم قال انطلق أي إذهب من عندي فاجهد علي بتشديد الياء جهدك أي إبلغ غايتك في هذا الأمر واعمل في حقي ما تستطيع وتقدر فإني قلت حقا وقائل الحق لا يبالي بما يقال في حقه من الأباطيل وفي رواية عطاء بن السائب عن سعد بن عبيد في هذا الحديث فقال الرجل فإني أبغضه قال ابن عمر أبغضك الله
5073 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) سمعت ( ابن أبي ليلى ) قال حدثنا ( علي ) أن ( فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من أثر الرحا فأتى ) النبي صلى الله عليه

(16/217)


وسلم سبي فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي أخبرته عائشة بمجيء فاطمة فجاء النبي إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري وقال ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثا وثلاثين وتحمدا ثلاثة وثلاثين فهو خير لكما من خادم
مطابقته للترجمة من حيث إنه دخل بين علي وفاطمة في الفراش فأمرهما بعدم القيام وهذا يدل على أن لعلي منزلة عظيمة عنده
وغندر بضم الغين المعجمة هو محمد بن جعفر وقد تكرر ذكره والحكم بفتحتين هو ابن عتيبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق تصغير عتبة وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن بن أبي ليلى واسم أبي ليلى يسار ضد اليمين وقيل بلال وقال ابن الأثير في ( جامع الأصول ) إذا أطلق المحدثون ابن أبي ليلى فإنما يعنون به عبد الرحمن بن أبي ليلى وإذا أطلقه الفقهاء يعنون به عبد الرحمن
والحديث قد مر في الخمس في باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله
قوله على مكانكما أي إلزما مكانكما ولا تفارقاه قوله فقعد من كلام علي أي فقعد النبي بيننا قوله ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام كلمة الحث والتحضيض قوله تكبرا بلفظ المضارع وترك النون وحذفت إما للتخفيف وإما على لغة من قال إن كلمة جازمة وهي لغة شاذة ويروى فكبرا على صيغة الأمر وبقية الكلام مرت هناك
6073 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد ) قال سمعت ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه قال قال النبي لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ( الحديث 6073 - طرفه في 6144 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعد هو ابن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي موسى وبندار ثلاثتهم عن غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عنه به وأخرجه النسائي في المناقب وابن ماجه في السنة جميعا عن بندار به قال الخطابي هذا إنما قاله لعلي حين خرج إلى تبوك ولم يستصحبه فقال أتخلفني مع الذرية فقال أما ترضى إلى آخره فضرب له المثل باستخلاف موسى هارون على بني إسرائيل حين خرج إلى الطور ولم يرد به الخلافة بعد الموت فإن المشبه به وهو هارون كانت وفاته قبل وفاة موسى عليه الصلاة و السلام وإنما كان خليفته في حياته في وقت خاص فليكن كذلك الأمر فيمن ضرب المثل به
قوله أن تكون مني أي نازلا مني منزلته والتاء زائدة وهذا تعلق به الرافضة في خلافة علي وقد مر تحقيق الكلام فيه عند قوله لعلي أنت مني وأنا منك في أول الباب
7073 - حدثنا ( علي بن الجعد ) قال أخبرنا ( شعبة ) عن ( أيوب ) عن ( ابن سيرين ) عن ( عبيدة ) عن ( علي ) رضي الله تعالى عنه قال اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الأختلاف حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي فكان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروى على علي الكذب
هذا الحديث مقدم على حديث سعد المذكور في رواية أبي ذر ومؤخر في رواية الباقين والأمر في ذلك سهل وأيوب هو السختياني وابن سيرين هو محمد بن سيرين وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحدة السلماني
والحديث من أفراده
قوله قال إقضوا كما كنتم تقضون أي قال علي لأهل العراق إقضوا اليوم كما كنتم تقضون قبل هذا وسبب ذلك أن عليا لما قدم إلى العراق قال كنت رأيت مع عمر أن تعتق أمهات الأولاد وقد رأيت الآن أن يسترققن فقال عبيدة رأيك يومئذ في الجماعة أحب إلي من رأيك اليوم في الفرقة فقال اقضوا كما كنتم تقضون وخشي ما وقع فيه من تأويل أهل العراق ويروى

(16/218)


اقضوا على ما كنتم تقضون قوله فإني أكره الاختلاف يعني أن يخالف أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وقال الكرماني اختلاف الأمة رحمة فلم كرهه قلت المكروه الاختلاف الذي يؤدي إلى النزاع والفتنة قوله حتى تكون للناس جماعة أو أموت إنما قال أو أموت بكلمة أو مع أن الأمرين كلاهما مطلوبان لأنه لا ينافي الجمع بينهما قوله فكان ابن سيرين أي محمد ابن سيرين قوله إن عامة ما يروى على علي ويروى عن علي وهو الأوجه قوله وعامة ما يروى مبتدأ وخبره هو قوله الكذب وإنما قال ذلك لأن كثيرا من أهل الكوفة الذين يروون عنه ليس لهم ذلك ولا سيما الرافضة منهم فإن عامة ما يروون عنه كذب واختلاق قوله أو أموت يجوز بالنصب عطفا على حتى يكون ويجوز بالرفع على أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير أو أنا أموت وفي بيع أمهات الأولاد اختلاف في الصدر الأول فروي عن علي وابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم إباحة بيعهن وإليه ذهب داود وبشر بن غياث وهو قول قديم للشافعي ورواية عن أحمد وقد صح عن علي رضي الله تعالى عنه الميل إلى قول الجماعة وروي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة و السلام قال من وطىء أمه فولدت فهي معتقه عن دبر منه رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني
01 -
( باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب جعفر بن أبي طالب أخ علي بن أبي طالب شقيقه وكان أسن منه بعشر سنين واستشهد بمؤتة على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى سنة ثمان من الهجرة وكنيته أبو عبد الله الطيار ذو الجناحين وذو الهجرتين الشجاع الجواد كان متقدم الإسلام هاجر إلى الحبشة وكان هو سبب إسلام النجاشي ثم هاجر إلى المدينة ثم أمره رسول الله على جيش غزوة مؤتة على ما يجيء بيانه ولما قطعت يداه في غزوة مؤتة جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة رضي الله تعالى عنه ولفظة باب هنا وفيما بعده من الأبواب كلها سقطت في رواية أبي ذر وثبتت في رواية الباقين
وقال النبي أشبهت خلقي وخلقي
هذا التعليق رواه البخاري موصولا مطولا في باب عمرة القضاء من حديث البراء ومر الكلام في أول مناقب علي رضي الله تعالى عنه في قوله أنت مني وأنا منك
8073 - حدثنا ( أحمد بن أبي بكر ) حدثنا ( محمد بن إبراهيم بن دينار أبو عبد الله الجهني ) عن ( ابن أبي ذئب ) عن ( سعيد المقبري ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أن الناس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة وإني كنت ألزم رسول الله بشبع بطني حتى لا آكل الخمير ولا ألبس الحبير ولا يخدمني فلان ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع وإن كنت لأستقرىء الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب كان يقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعق ما فيها
مطابقته للترجمة في قوله وكان أخير الناس إلى آخره لأن هذا منقبة حسنة
وأحمد بن أبي بكر واسمه قاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف أبو مصعب القرشي الزهري ومحمد بن إبراهيم بن دينار يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري وهؤلاء كلهم مدنيون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن عبد الرحمن بن أبي شيبة عن ابن أبي فديك
قوله أكثر أبو هريرة أي في رواية الحديث قوله بشبع أي بسبب شبع بطني

(16/219)


وفي رواية الكشميهني لشبع بطني أي لأجل شبع بطني بكسر الشين وفتح الباء قوله حتى لا أكل هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره حين لا أكل وهو الأوجه قوله الخمير بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وهو الخبز الذي خمر وجعل في عجينه الخميرة ويروى الخبيز بكسر الباء الموحدة وفي آخره زاي وهو الخبز المأدوم والخبزة بضم المعجمة وسكون الباء الموحدة وبالزاي الأدم قوله ولا ألبس الحبير بفتح الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وبالراء في آخره الجديد والحسن وقيل الثوب المحبر كالبرود اليمانية وقال الهروي الحبير ثياب تصبغ باليمن ويروى ولا ألبس الحرير قوله فلان وفلانة أراد به من يخدم من الذكور والإناث قوله وكنت ألصق بطني وفائدة إلصاق البطن بالحصباء إنكسار حرارة شدة الجوع وقوله وإن كنت لاستقرىء الرجل قال بعضهم أي اطلب منه القرى فيظن أني أطلب منه القراءة قال ووقع بيان ذلك في رواية لأبي نعيم في ( الحلية ) عن أبي هريرة أنه وجد عمر فقال أقريني فظن أنه من القراءة فأخذ يقرئه القرآن ولم يطعمه قال وإنما أردت منه الطعام انتهى قلت هذا الذي قاله غير صحيح ويظهر فساده من قوله كنت لأستقرىء الرجل الآية هي معي أي والحال أن تلك الآية معي وهي جملة إسمية وقعت حالا بغير واو قال الكرماني أي الآية معي أي كنت أحفظها والحاصل أن أبا هريرة يقول لواحد من الناس إني أطلب قراءة آية من القرآن والحال أنه يحفظها ولكن يتخيل في قصده من هذا أن يؤديه إلى بيته فيطعمه شيئا وهو معنى قوله كي ينقلب بي أي يرجع بي إلى منزله فيطعمني شيئا والدليل على هذا ما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة إن كنت لأسأل الرجل عن الآية وأنا أعلم بها منه ما أسأله إلا ليطعمني شيئا واستدلال هذا القائل على المعنى الذي فسره بما رواه أبو نعيم لا يفيده أصلا لأنه قضية أخرى مخصوصة بما وقع بينه وبين عمر رضي الله تعالى عنه والذي هنا أعم من ذلك قوله وكان أخير الناس على وزن أفعل التفضيل وفي رواية الكشميهني وكان خير الناس لغتان فصيحتان مستعملتان قوله للمساكين وفي رواية الكشميهني للمسكين بالإفراد وهو جنس يتناول المساكين وكان جعفر يسمى بأبي المساكين وكان النبي يكنيه بهذا قوله ما كان في بيته في محل النصب لأنه مفعول ثان ليطعمنا قوله حتى إن كان كلمة إن هذه مخففة من المثقلة قوله ليخرج بضم الياء من الإخراج و العكة بالنصب مفعوله وهي بضم العين المهملة وتشديد الكاف وعاء السمن قوله فنلعق بنون المتكلم مع الغير من لعق يلعق من باب علم يعلم لعقا بفتح اللام وهو اللحس فإن قلت بين قوله ليس فيها شيء وبين قوله فنلعق منافاة ظاهرا قلت لا منافاة لأن معنى قوله ليس فيها شيء يعني يمكن إخراجه منها بغير قطعها ومعنى قوله فنلعق يعني بعد الشق نلعق مما يبقى في جوانبها فافهم
9073 - حدثني ( عمرو بن علي ) حدثنا ( يزيد بن هارون ) أخبرنا ( إسماعيل بن أبي خالد ) عن ( الشعبي ) أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال السلام عليك يا ابن ذي الجناحين ( الحديث 9073 - طرفه في 4624 )
مطابقته للترجمة من حيث إن إطلاق ذي الجناحين على جعفر منقبة عظيمة وقد روى الطبراني بإسناد حسن من حديث عبد الله بن جعفر قال قال رسول الله هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء وعن أبي هريرة أن رسول الله قال رأيت جعفر بن أبي طالب يطير مع الملائكة رواه الترمذي والحاكم وعن أبي هريرة عن النبي قال مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد على شرط مسلم وأخرجاه أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا دخلت البارحة الجنة فرأيت فيها جعفرا يطير مع الملائكة وفي طريق آخر عنه أن جعفرا يطير مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه
وحديث ابن عمر هذا أخرجه البخاري عن عمرو بن علي بن بحر أبي حفص الباهلي البصري الصيرفي وهو شيخ مسلم أيضا عن يزيد من الزيادة ابن هارون الواسطي عن إسماعيل بن أبي خالد واسم أبي خالد سعد ويقال كثير الكوفي عن عامر

(16/220)


الشعبي عن عبد الله بن عمر وأخرجه البخاري أيضا في المغازي عن محمد بن أبي بكر المقدمي وأخرجه النسائي في المناقب عن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون
قال أبو عبد الله الجناحان كل ناصيتين
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وهذا وقع في رواية النسفي وحده وأشار بهذا إلى أن الجناحين يطلقان لكل ناحيتين يعني لكل جنبين ومنه يقال جنح الطريق جانبه وجنح القوم ناحيتهم وقال الجوهري وجناح الطير يده
11 -
( ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه )
أي هذا ذكر عباس بن عبد المطلب عم النبي وكان أسن من النبي بسنتين أو بثلاث وكان إسلامه على المشهور بعد فتح مكة وقيل قبل ذلك وهذه الترجمة مع حديثها سقط من رواية أبي ذر والنسفي والله أعلم
0173 - حدثنا ( الحسن بن محمد ) حدثنا ( محمد بن عبد الله الأنصاري ) حدثني ( أبي عبد الله ابن المثنى ) عن ( ثمامة بن عبد الله بن أنس ) رضي الله تعالى عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال أللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون ( انظر الحديث 0101 )
مطابقته لهذه الترجمة ظاهرة والحسن بن محمد بن الصباح أبو علي الزعفراني مات يوم الاثنين لثمان بقين من رمضان سنة ستين ومائتين وهو من أفراده ومحمد بن عبد الله الأنصاري يروي عن أبيه عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك وهو يروي عن عمه ثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله بن أنس وهذا الحديث بعين هذا الإسناد والمتن قد مر في كتاب الاستسقاء في باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء وقد مر الكلام فيه هناك
21 -
( باب مناقب قرابة رسول الله ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي )
أي هذا باب في بيان مناقب قرابة رسول الله وقرابة رسول الله من ينتسب إلى جده الأقرب وهو عبد المطلب ممن صحب النبي منهم أو رآه من ذكر أو أنثى وهم علي وأولاده الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم من فاطمة وجعفر وأولاده عبد الله وعون ومحمد ويقال كأن لجعفر بن أبي طالب ابن اسمه أحمد وعقيل بن أبي طالب وولده مسلم بن عقيل وحمزة بن عبد المطلب وأولاده يعلى وعمارة وأمامة والعباس بن عبد المطلب وأولاده الذكور العشرة وهم الفضل وعبد الله وقثم وعبيد الله والحارث ومعبد وعبد الرحمن وكثير وعون وتمام وفيه يقول العباس
( تموا بتمام فصاروا عشرهيا رب فاجعلهم كراما برره )
ويقال إن لكل منهم رؤية وكان له من الإناث أم حبيب وآمنة وصفية وأكثرهم من لبابة أم الفضل ومعتب بن أبي لهب والعباس بن عتبة بن أبي لهب وكان زوج آمنة بنت العباس وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب واخته ضباعة وكانت زوج المقداد بن الأسود وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه جعفر ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وابناه المغيرة والحارث ولعبد الله بن الحارث هذا رؤية وكان يلقب ببه بباءين موحدتين الثانية ثقيلة وأميمة وأروى وعاتكة وصفية بنات عبد المطلب أسلمت صفية وصحبت وفي الباقيات خلاف
قوله ومنقبة فاطمة بالجر عطفا على المناقب وهي ضد المثلبة وقال الطيبي المنقبة طريق منفذ في الحال واستعير للفعل الكريم إما لكونه تأثيرا له أو لكونه منهجا في رفعه

(16/221)


قلت لم يقع في رواية أبي ذر هذه اللفظة أعني منقبة فاطمة بنت رسول الله وفي ( التوضيح ) فاطمة تكنى بأم أبيها أنكحها عليا بعد وقعة أحد وهي بنت خمس عشرة وخمسة أشهر ونصف وكان سن علي رضي الله تعالى عنه يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر
وقال النبي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
هذا التعليق مر موصولا في أواخر باب علامات النبوة فليرجع إليه
1173 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي فيما أفاء الله على رسوله تطلب صدقة النبي التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر أن رسول الله قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل وإني والله لا أغير شيئا من صدقات النبي التي كانت عليها في عهد النبي ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله فتشهد علي ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وذكر قرابتهم من رسول الله وحقهم فتكلم أبو بكر فقال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي
مطابقته للترجمة تستأنس من قوله لقرابة النبي إلى آخره وأبو اليمان بفتح الياء آخر الحروف الحكم بن نافع وهذا الإسناد بعينه قد مر غير مرة والحديث مر بأتم من هذا في أول كتاب الخمس
قوله تطلب صدقة النبي إن قيل كيف تطلب الصدقة وهي لجميع المؤمنين يقال إن معناه تطلب ما هي صدقة في الواقع ملك لرسول الله بحسب اعتقادها قال الكرماني فلفظ الصدقة هو لفظ الراوي قوله لا نورث قيل إن فاطمة لم تكن علمت هذا قوله لا نورثوفيه أنه كان أبقى رباعه لقوت أهله في حياته ومماته وما يعرض له من امور المسلمين وفيه أن خيبر خمست وفيه أنه كان له في الخمس حظ وفيه أن لبني هاشم حقا في مال الله وهو من الفيء والخمس والجزية وشبه ذلك ليتنزهوا عن الصدقة
قوله فتشهد علي قال صاحب ( التوضيح ) وهذا إلى آخره ليس من هذا الحديث إنما كان ذلك بعد موت فاطمة وقد أتى به في موضع آخر قوله فتكلم أبو بكر إلى آخره قاله على سبيل الاعتذار عن منعه إياها ما طلبته منه من تركة النبي
3173 - أخبرني ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( خالد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( واقد ) قال سمعت أبي يحدث عن ( ابن عمر ) عن ( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنهم قال ارقبوا محمدا في أهل بيته ( الحديث 3173 - طرفه في 1573 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري وهو من أفراده وخالد هو ابن الحارث ابن سليم بن الهجيمي البصري وواقد بكسر القاف وبالدال المهملة ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر يروي عن أبيه محمد عن عبد الله بن عمر عن أبي بكر رضي الله تعالى عنهم
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما عن يحيى بن معين وصدقة بن الفضل
قوله إرقبوا أمر للناس يعني إحفظوا محمدا في أهل بيته فلا

(16/222)


تؤذوهم ولا تسبوهم وأهل بيته هم فاطمة والحسن والحسين لأنه لف عليهم كساء وقال هؤلاء أهل بيتي أو هم مع أزواجه لأنه هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق
4173 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) أن رسول الله قال فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري وابن عيينة هو سفيان بن عينة تصغير عين وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وقد مر غير مرة والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتحها وقد مر عن قريب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن قتيبة وفي الطلاق عن أبي الوليد وأخرجه مسلم في الفضائل عن أحمد بن يوسن وقتيبة عن أبي معمر وأخرجه أبو داود في النكاح عن أحمد بن يونس وقتيبة وأخرجه الترمذي في المناقب عن قتيبة وأخرجه النسائي عن قتيبة وعن الحارث بن مسكين وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن عيسى بن حماد
قوله بضعة بفتح الباء وهي القطعة من الشيء
5173 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت دعا النبي فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيها فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت قالت فسألتها عن ذالكفقالت سارني النبي فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت
هذا الحديث بعين هذا الإسناد والمتن عن يحيى بن قزعة مضى في أواخر باب علامات النبوة وهذا تكرار بلا زيادة فائدة ولهذا لم يقع في رواية أبي ذر ولم يذكره النسفي أيضا وكذلك الحديث الذي قبله لم يقع في روايتيهما لأنه يأتي مطولا كما ذكرنا
31 -
( باب مناقب الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب القرشي الأسدي أبو عبد الله يجتمع مع النبي في قصي وعدد ما بينهما من الآباء سواء وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي وهو أحد العشرة المبشرة المشهود لهم بالجنة شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله وهاجر الهجرتين وأسلم وهو ابن ستة عشر سنة وروى الحاكم بإسناد صحيح عن عروة قال أسلم الزبير وهو ابن ثمان سنين قتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وقبره بوادي السباع ناحية البصرة قتله عمرو بن جرموز
وقال ابن عباس هو حواري النبي
هذه قطعة من حديث سيأتي في تفسير براءة من طريق ابن أبي مليكة قوله الحواري بفتح الحاء والواو المخففة وتشديد الياء وهو لفظ مفرد ومعناه الناصر رواه الترمذي عن سفيان بن عيينة وقال الزبير عن محمد بن سلام سألت يونس بن حبيب عن الحواري قال الخالص وعن ابن الكلبي الحواري الخليل وقيل الصافي فإن قلت الصحابة كلهم أنصار رسول الله خلصاء فما وجه التخصيص به قلنا هذا قاله حين قال يوم الأحزاب من يأتيني بخبر القوم قال الزبير أنا ثم قال من يأتيني بخبر القوم فقال أنا وهكذا مرة ثالثة ولا شك أنه في ذلك الوقت نصر نصرة زائدة على غيره

(16/223)


وسمي الحواريون لبياض ثيابهم
هذا من كلام البخاري أراد به حواري عيسى عليه الصلاة و السلام ووصله ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به وقال أبو أرطأة كانوا قصارين فسموا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها وقال الضحاك سموا حواريين لصفاء قلوبهم وقال عبد الله بن المبارك سموا بذلك لأنهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة ونورها وبهاؤها وأصل الحوار عند العرب البيض ومنه الأحور والحوراء ودقيق حواري وقال قتادة هم الذين تصلح لهم الخلافة وقال النضر بن شميل الحواري خاصة الرجل الذي يستعين به فيما ينوبه وقيل الحواريون كانوا صيادين يصطادون السمك وقيل كانوا صباغين وقال الثعلبي كانوا أصفياء عيسى وأولياءه وأنصاره ووزراءه وكانوا اثني عشر رجلا وأسماؤهم بطرس ويعقوبس ويحنس واندرابيس وقبيلس وابرثلما ومنتا وأتوماس ويعقوب بن خلقانا ونشيمس وقنانيا ويوذس فهؤلاء حواريو عيسى عليه الصلاة و السلام وأما حواريو هذه الأمة فقال قتادة إن الحواريين كلهم من قريش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهم
7173 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه قال أخبرني ( مروان بن الحكم ) قال أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصاى فدخل عليه رجل من قريش قال استخلف قال وقالوه قال نعم قال ومن فسكت فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث فقال استخلف فقال عثمان وقالوا فقال نعم قال ومن هو فسكت قال فلعلهم قالوا الزبير قال نعم قال أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت وإن كان لأحبهم إلى رسول الله ( الحديث 7173 - طرفه في 8173 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أما والذي نفسي بيده إلى آخره وخالد بن مخلد بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما البجلي القطواني الكوفي وعلي بن مسهر بضم الميم على لفظ اسم الفاعل من الإسهار بالسين المهملة
وهذا الحديث ذكره الحافظ المزي في مسند عثمان رضي الله تعالى عنه وأخرجه النسائي في المناقب عن معاوية بن صالح
قوله رعاف بالرفع لأنه فاعل أصاب وعثمان بالنصب مفعوله قوله سنة الرعاف كان ذلك سنة إحدى وثلاثين وكان للناس فيها رعاف كثير قوله استخلف أي إجعل لك خليفة من بعدك قوله قال وقالوه أي قال عثمان وقال الناس هذا القول قال الرجل نعم قالوه قوله قال ومن أي قال عثمان ومن استخلفه فسكت الرجل قوله فدخل عليه أي على عثمان قوله الحارث يعني ابن الحكم وهو أخو مروان راوي الخبر قوله فقال استخلف أي فقال الحارث لعثمان استخلف قوله وقال وقالوا أي وقال عثمان وقال الناس هذا قوله فقال نعم أي فقال الحارث نعم قالوا هذا القول قوله قال ومن هوأي قال عثمان من هو الخليفة الذي قالوا إني استخلفه قوله فسكت أي الحارث قوله قال فلعلهم قالوا الزبيرأي قال عثمان رضي الله تعالى عنه فلعل هؤلاء قالوا هو الزبير بن العوام قوله قال نعم أي قال الحارث قالوا هو الزبير بن العوام قوله قال أما والذي أي قال عثمان أما وحق الله الذي نفسي بيده إنه أي الزبير لخيرهم أي لخير هؤلاء قوله ما علمت يجوز أن تكون ما مصدرية أي في علمي ويجوز أن تكون موصولة ويكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي علمت والضمير المنصوب الذي يرجع إلى الموصول محذوف تقديره علمته قال الداودي يحتمل أن يكون المراد من الخيرية في شيء مخصوص كحسن الخلق وإن حمل على ظاهره ففيه ما يبين أن قول ابن عمر ثم نترك أصحاب رسول الله لا نفاضل بينهم لم يرد به جميع الصحابة فإن بعضهم قد وقع منه تفضيل بعضهم على بعض وهو عثمان في حق الزبير رضي الله تعالى عنهما قوله وإن كان كلمة إن مخففة

(16/224)


من الثقيلة تقديره وإنه كان لأحبهم أي لأحب هؤلاء الذين أشاروا على عثمان بالاستخلاف ويروى بدون اللام الفارقة وهو لغة
8173 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) أخبرني أبي سمعت ( مروان بن الحكم ) كنت عند عثمان أتاه رجل فقال استخلف قال وقيل ذاك قال نعم الزبير قال أما والله إنكم لتعلمون إنه خيركم ثلاثا ( انظر الحديث 7173 )
مطابقته للترجمة في قوله إنه خيركم وعبيد بن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي واسمه في الأصل عبد الله وهو من أفراد البخاري وأبو أسامة يروي عن هشام وهو يروي عن أبيه عروة وهو يروي عن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية
قوله قال وقيل ذلك أي قال عثمان أو قيل ذلك أشار به إلى الاستخلاف الذي يدل عليه قوله استخلف ويروى ذاك بدون اللام وهمزة الاستفهام مقدرة قبل واو وقيل قوله الزبير أي الذي قيل بأن يستخلف هو الزبير ابن العوام قوله أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهي كلمة استفتاح بمنزلة ألا وتكثر قبل القسم قوله ثلاثا أي قالها ثلاث مرات
0273 - حدثنا ( أحمد بن محمد ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عبد الله ابن الزبير ) رضي الله تعالى عنهما قال كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا فلما رجعت قلت يا أبت رأيتك تختلف قال أو هل رأيتني يا بني قلت نعم قال كان رسول الله قال من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم فانطلقت فلما رجعت جمع لي رسول الله أبويه فقال فداك أبي وأمي
مطابقته للترجمة في قوله جمع لي رسول الله إلى آخره فإن قوله للزبير فداك أبي وأمي منقبة عظيمة له
وأحمد بن محمد بن موسى أبو العباس يقال له مردويه السمسار المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي
والحديث أخرجه مسلم حدثنا إسماعيل بن خليل وسويد بن سعيد كلاهما عن علي بن مسهر قال إسماعيل أخبرنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسان وكان يطاطيء لي مرة فأنظر وأطاطىء له مرة فينظر فكنت أعرف أبي إذا مر على فرسه في السلاح إلى بني قريظة قال وأخبرني عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال فذكرت ذلك لأبي فقال ورأيتني يا بني قلت نعم قال أما والله لقد جمع لي رسول الله يومئذ أبويه فقال فداك أبي وأمي وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه النسوة يعني نسوة النبي وساق الحديث يعني حديث ابن مسهر في هذا الإسناد ولم يذكر عبد الله بن عروة في هذا الحديث ولكن أدرج القصة في حديث هشام عن أبيه عن ابن الزبير
قوله يوم الأحزاب هو يوم الخندق لما حاصر قريش ومن معهم المسلمين بالمدينة وحفر الخندق بسبب ذلك قوله جعلت على صيغة المجهول قوله وعمر بن أبي سلمةواسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد القرشي المخزومي أبو حفص المدني ربيب رسول الله قوله في النساء أي بين النساء قوله يختلف أي يجيء ويذهب وفي رواية الإسماعيلي مرتين أو ثلاثا قوله وهل رأيتني يا بني قال نعم

(16/225)


فيه صحة سماع الصغير وإنه لا يتوقف على أربع أو خمس لأن ابن الزبير كان يومئذ ابن سنتين وأشهر أو ثلاث وأشهر وقد مر الكلام فيه في كتاب العلم في باب ما يصح سماع الصغير قوله فداك أبي وأمي
1273 - حدثنا ( علي بن حفص ) حدثنا ( ابن المبارك ) أخبرنا ( هشام بن عروة ) عن أبيه أن ( أصحاب ) النبي قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك ألا تشد فنشد معك فحمل عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن حفص المروزي سكن عسقلان وابن المبارك هو علي بن المبارك الهنائي البصري
قوله يوم اليرموك بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وضم الميم وسكون الواو وفي آخره كاف قال الصاغاني في ( العباب ) اليرموك موضع بناحية الشام وهو يفعول قلت هو موضع بين أذرعات ودمشق وقال سيف بن عمر كانت وقعة اليرموك في سنة ثلاث عشرة من الهجرة قبل فتح دمشق وتبعه على ذلك ابن جرير الطبري وقال محمد بن إسحاق كانت في رجب سنة خمس عشرة وكذا نقل ابن عساكر عن أبي عبيد والوليد وابن لهيعة والليث وأبي معشر أنها كانت في سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق وقال ابن الكلبي كانت وقعة اليرموك يوم الإثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة وقال ابن عساكر وهذا هو المحفوظ وكانت من أعظم فتوح المسلمين وكان رأس عسكر هرقل ماهان الأرمني ورأس عسكر المسلمين أبا عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه وكانت بينهم خمس وقعات عظيمة فآخر الأمر نصر الله المسلمين وقتلوا منهم مائة ألف وخمسة آلاف نفس وأسروا أربعين ألفا وقتل من المسلمين أربعة آلاف ختم الله لهم بالشهادة وقتل ماهان على دمشق وبعث أبو عبيدة الكتاب والبشارة إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بحذيفة بن اليمان مع عشرة من المهاجرين والأنصار وغنم المسلمون غنيمة عظيمة حتى أصاب الفارس أربعة وعشرين ألف مثقال من الذهب وكذلك من الفضة وكان المسلمون خمسة وأربعين ألفا وقيل ستة وستين ألفا وقد ذكرنا أن القتلى منهم أربعة آلاف وكانت الروم في تسعمائة ألف وكان جبلة بن الإيهم مع عرب غسان في ستين ألفا والله أعلم قوله ألا تشد كلمة ألا للتحضيض والحث وتشد بضم الشين المعجمة أي ألا تشد على المشركين فلله در الزبير بن العوام فيما فعل في هذه الوقعة وكذلك خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه والشد في الحرب الحملة والجولة قوله فحمل عليهم أي فحمل الزبير على الروم والقرينة دالة عليه قوله فضربوه أي فضرب الروم الزبير رضي الله تعالى عنه قوله بينهما أي بين الضربتين قوله ضربها على صيغة المجهول
41 -
( باب مناقب طلجة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب طلحة بن عبيد الله وفي بعض النسخ باب ذكر طلحة بن عبيد الله وفي رواية ذر مناقب طلحة بدون لفظة باب
وعبيد الله هو ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب يجتمع مع رسول الله في مرة بن كعب ومع أبي بكر الصديق في تيم بن مرة وعدد ما بينهم من الآباء سواء ويكنى طلحة أبا محمد واسم أمه الصعبة بنت الحضرمي أخت العلاء بن الحضرمي أسلمت وهاجرت وعاشت بعد ابنها قليلا وروى الطبري من طريق ابن عباس قال أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم عبد الرحمن بن عوف وقتل طلحة يوم الجمل سنة ست وثلاثين رمي بسهم وروي من طرق كثيرة أن مروان بن الحكم رماه فأصاب ركبته فلم يزل ينزف الدم منها حتى مات وكان يومئذ أول قتيل واختلف في عمره فالأكثرون على أنه كان خمسا وسبعين وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام وأحد الخمسة الذين أسلموا على يدي أبي بكر الصديق وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض

(16/226)


وقال عمر توفي النبي وهو عنه راض
قد مر هذا التعليق عن قريب في قصة البيعة وفيه مقتل عمر رضي الله تعالى عنه مطولا ومسندا وهو قول عمر ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن
2273 -
3273 - حدثني ( محمد بن أبي بكر المقدمي حدثن معتمر ) عن أبيه عن ( أبي عثمان ) قال لم يبق مع النبي في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله غير طلحة وسعد عن حديثهما ( الحديث 2273 - طرفه في 0604 ) ( الحديث 3273 - طرفه في 1604 )
مطابقته للترجمة من حيث إن طلحة بقي مع رسول الله يوم الحرب عند فرار الناس عنه وفيه منقبة عظيمة له ومعتمر هو ابن سليمان التيمي يروي عن أبيه سليمان عن أبي عثمان عبد الرحمن النهدي قوله في بعض تلك الأيام أراد به يوم أحد قوله غير طلحة بالرفع لأنه فاعل قوله لم يبق قوله عن حديثهما يعني يروي أبو عثمان هذا من حديث طلحة وسعد أراد أنهما حدثاه بذلك
4273 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( خالد ) حدثنا ( ابن أبي خالد ) عن ( قيس بن أبي حازم ) قال رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي قد شلت ( الحديث 4273 - طرفه في3604 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وخالد هو ابن عبد الله الواسطي وابن أبي خالد هو إسماعيل واسم أبي خالد سعد ويقال هرمز الأحمسي البجلي وقيس بن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي واسمه عوف الأحمسي البجلي قدم المدينة بعد ما قبض النبي
قوله التي وقى بها يعني يوم أحد وقد صرح بذلك علي بن مسهر عن إسماعيل عند الإسماعيلي وروى الطبري من طريق موسى بن طلحة عن أبيه أنه أصابه في يده سهم ومن حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنه وقى رسول الله لما أراد بعض المشركين أن يضربه وفي ( مسند الطيالسي ) من حديث عائشة عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما قال ثم أتينا طلحة يعني يوم أحد فوجدنا به بضعا وسبعين جراحة وإذا هو قد قطعت إصبعه وفي ( الجهاد ) لابن المبارك من طريق موسى بن طلحة إن إصبعه التي اصيبت هي التي تلي الإبهام قوله قد شلت بفتح الشين تشل ذكره ثعلب قال الشنتمري هو بطلان في اليد أو الرجل من آفة تعتريها وليس معناه قطعت كما ذكره ابن سيده قال الزمخشري إذا استرخت وقال كراع هو تقبض في الكف وأصله شللت على وزن فعلت بكسر العين وقال ابن درستويه والعامة تقول شلت يده بالضم وهو خطأ وقال اللحياني ومنهم من يقول شلت يعني بالضم وهو قليل وعن ابن الأعرابي لا يقال شلت يعني بالضم إلا في لغة رديئة وفي ( العويص ) لابن سيده أشللت يده بالألف وقال أبو الشاء ومن خواص طلحة بن عبيد الله أن رسول الله إذا لم يره قال مالي لا أرى المليح الفصيح ولقبه بالفياض وطلحة الخير وطلحة الجود ولم يثبت معه يوم أحد غيره وعن المبرد كان يقال لطلحة بن عبيد الله طلحة الطلحات وخلف مالا جزيلا ثلاثين ألف ألف وفي الصحابة من اسمه طلحة نحو العشرين
51 -
( باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري أحد العشرة ويكنى أبا إسحاق وكان يقال له فارس الإسلام وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان مجاب الدعوة وكان سابع سبعة في الإسلام وهو الذي كوف الكوفة ونفى الأعاجم وفتح الله على يديه أكثر فارس مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل على رقاب الناس إلى المدينة

(16/227)


ودفن بالبقيع وصلى عليه مروان بن الحكم وهو آخر العشرة وفاة في سنة خمس وخمسين وهو المشهور وعمره يوم مات ثلاث وثمانون وقيل ثلاث وسبعون والله أعلم
وبنو زهرة أخوال النبي
لأن أم النبي آمنة منهم وأقارب الأم أخوال
وهو سعد بن مالك
أشار به إلى أن اسم أبي وقاص والد سعد هو مالك بن وهب ويقال وهيب ويقال أهيب بن عبد مناف بن زهرة ابن كلاب بن مرة يجتمع مع النبي في كلاب بن مرة وعدد ما بينهما من الآباء متفاوت وأمه حمنة بنت سفيان ابن أمية بن عبد شمس لم تسلم
5273 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( عبد الوهاب ) قال سمعت ( يحيى ) قال سمعت ( سعيد بن المسيب ) قال سمعت ( سعدا ) يقول جمع لي النبي أبويه يوم أحد
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي ويحيى هو ابن سعيد القطان
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن مسدد وعن قتيبة وأخرجه مسلم في الفضائل عن محمد بن المثنى به وعن قتيبة ومحمد بن رمح عن القعنبي وأخرجه الترمذي في الاستئذان في المناقب عن قتيبة وأخرجه النسائي في السنة عن محمد بن رمح به وعن هشام بن عمار قوله جمع لي أي في التفدية بأن قال فداك أبي وأمي
6273 - حدثنا ( مكي بن إبراهيم ) حدثنا ( هاشم بن هاشم ) عن ( عامر بن سعد ) عن أبيه قال لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام
مطابقته للترجمة من حيث إنه كان ثلث الإسلام وهو منقبة عظيمة وهاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري يعد في أهل المدينة وهو يروي عن عامر بن سعد وابن أبي وقاص يروي عن أبيه سعد
قوله لقد رأيتني أي رأيت نفسي والحال وأنا ثلث الإسلام أراد به أنه ثالث من أسلم أولا وأراد بالإثنين أبا بكر وخديجة أو النبي وأبا بكر والظاهر أنه أراد الرجال الأحرار لأن أبا عمر ذكر في الاستيعاب أنه سابع سبعة في الإسلام وقد تقدم في ترجمة الصديق حديث عمار رأيت النبي وما معه إلا خمسة أعبد وأبو بكر فهؤلاء ستة ويكون هو السابع بهذا الإعتبار أو قال ذلك بحسب إطلاعه والسبب فيه أن من كان أسلم في ابتداء الأمر كان يخفي إسلامه فبهذا الاعتبار قال وأنا ثلث الإسلام
7273 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن أبي زائدة حدثنا هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت سعد بن أبي وقاص يقول ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام ( انظر الحديث 6273 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( إبراهيم بن موسى ) بن يزيد التميمي الفراء أبو إسحاق يعرف بالصغير يروي عن يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة واسمه ميمون ويقال خالد الهمداني الكوفي القاضي
قوله ما أسلم أحد ظاهره أنه لم يسلم أحد قبله وهذا مشكل لأنه قد أسلم قبله جماعة ولكن يحمل هذا على مقتضى ما كان اتصل بعلمه حينئذ وقد روى ابن منده في المعرفة من طريق أبي بدر عن هاشم بلفظ ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه وهذا لا إشكال فيه لأنه لا مانع أن لا يشاركه أحد في الإسلام يوم أسلم ولا ينافي هذا إسلام جماعة قبل يوم إسلامه فافهم قوله ولقد مكثت إلى آخره هذا أيضا على مقتضى إطلاعه كما ذكرنا عن قريب

(16/228)


تابعه أبو أسامة حدثنا هاشم
أي تابع ( ابن أبي زائدة ) أبو أسامة حماد بن أسامة عن هاشم وأسند البخاري هذه المتابعة في إسلام سعد رضي الله تعالى عنه على ما يأتي إن شاء الله تعالى ويروى أبو أسامة حدثنا هاشم
8273 - حدثنا ( عمرو بن عون ) حدثنا ( خالد بن عبد الله ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) قال سمعت ( سعدا ) رضي الله تعالى عنه يقول إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله وكنا نغزو مع النبي وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى إن أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ما له خلط ثم أصبحت بنو اسد تعزرني على الإسلام لقد خبت إذا وضل عملي وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا لا يحسن يصلي
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله وفيه منقبة عظيمة له
وعمرو بفتح العين ابن عون بفتح العين وبالنون مر في الصلاة روى عنه البخاري هنا بلا واسطة وفي بعض المواضع يروي عنه بواسطة عبد الله بن محمد المسندي وخالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي يروي عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي عن قيس بن أبي حازم عن سعد بن أبي وقاص
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن عبد الله بن محمد وفي الرقاق عن مسدد وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن حبيب وعن محمد بن عبد الله ابن نمير وعن يحيى عن وكيع وأخرجه الترمذي في الزهد عن محمد بن بشار وعن عمرو بن إسماعيل وأخرجه النسائي في المناقب عن محمد بن المثنى وفي الرقائق عن قتيبة وأخرجه ابن ماجه في السنة عن علي بن محمد
قوله إني لأول العرب رمى كان ذلك في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكان القتال فيها أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين وكانت هي أول سرية بعثها رسول الله في السنة الأولى من الهجرة بعث ناسا من المسلمين إلى رابغ ليلقوا عيرا لقريش فتراموا بالسهام ولم يكن بينهم مسايفة أي مضاربة ومحاربة وكان سعد أول من رمى وكانوا ستين راكبا من المهاجرين وفيهم سعد وعقد له اللواء وهو أول لواء عقده رسول الله فالتقى عبيدة وأبو سفيان الأموي وكان هو على المشركين وهذا أول قتال جرى في الإسلام وأول من رمى إليهم هو سعد وفيه قال
( ألا هل جاء رسول الله أني
حميت صحابي بصدور نبلي )
( فما يعتد رام من معد
بسهم مع رسول الله قبلي )
قوله كما يضع أي يضع عند قضاء الحاجة أي يخرج منهم مثل البعر ليبسه وعدم الغذاء المألوف قوله ما له خلط بكسر الخاء المعجمة أي لا يختلط بعضه ببعض لجفافه قوله تعزرني على الإسلام أي تؤذيني والمعنى تعلمني الصلاة وتعيرني بأني لا أحسنها قوله لقد خبت من الخيبة أي إن كنت محتاجا إلى تعليمهم فقد ضل عملي فيما مضى خاسئا من ذلك قوله وكانواأي بنو أسد قوله وشوا به بالشين المعجمة أي سعوا به أي بسعد يقال وشى به وشاية إذا نم عليه وسعى به فهو واش وجمعه وشاة وأصله استخراج الحديث باللطف والسؤال وقد مرت قصته مع الذين زعموا أنه لا يحسن يصلي في صفة الصلاة
61 -
( باب ذكر أصهار النبي )
أي هذا باب في بيان ذكر أصهار النبي وفي بعض النسخ ذكر أصهار رسول الله وليس فيه ذكر لفظ باب وأصهاره هم الذين تزوجوا إليه والصهر يطلق على جميع أقارب المرأة ومنهم من يخصه وقال الجوهري الأصهار أهل بيت المرأة وعن الخليل قال ومن العرب من يجعل الصهر من الأحماء والأختان

(16/229)


والأختان جمع ختن وهو كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ وهم الأختان هكذا عند العرب وأما عند العامة فختن الرجل زوج ابنته
منهم أبو العاص بن الربيع
أي من أصهار النبي أبو العاص واسمه لقيط مقسم بكسر الميم وقيل هشيم ويلقب جرو البطحاء ابن الربيع بن الربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ويقال بإسقاط الربيعة وهو مشهور بكنيته وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة وكان ابن خالتها وتزوج زينب بنت رسول الله قبل البعثة وهي أكبر بنات رسول الله وقد أسر أبو العاص ببدر مع المشركين وفدته زينب فشرط عليه النبي أن يرسلها إليه فوفى له بذلك فهذا معنى قوله في آخر الحديث ووعدني فوفى لي ثم أسر أبو العاص مرة أخرى فأجارته زينب فأسلم فردها النبي إلى نكاحه وقال أبو عمر وكان الذي أسر إبا العاص عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري فلما بعث أهل فكة في فداى أساراهم قدم في فداء أخوه عمرو بن الربيع بمال دفعته إليه زينب بنت رسول الله من ذلك قلادة لها كانت لخديجة أمها قد أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ثم هاجرت زينب مسلمة وتركته على شركه فلم يزل كذلك مقيما على الشرك حتى كان قبيل الفتح خرج بتجارة إلى الشام ومعه أموال من أموال قريش فلما انصرف قافلا لقيته سرية لرسول الله أميرهم زيد بن حارثة وكان أبو العاص في جماعة عير قريش وكان زيد في نحو سبعين ومائة راكب فأخذوا ما في تلك العير من الثقل وأسروا ناسا منهم وأفلتهم أبو العاص هربا ثم أقبل من الليل حتى دخل على زينب فاستجار بها فأجارته ودخل رسول الله على زينب وقال أكرمي مثواه ثم ردوا عليه ما أخذوا منه فلم يفقد منه شيئا فاحتمل إلى مكة فأدى إلى كل أحد ماله ثم خرج حتى قدم على رسول الله مسلما وحسن إسلامه ورد رسول الله ابنته عليه فقيل ردها عليه على النكاح الأول قاله ابن عباس وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ردها عليه بنكاح جديد وبه قال الشعبي وولدت له أمامة التي كان النبي يحملها وهو يصلي وولدت له أيضا ابنا اسمه علي كان في زمن النبي مراهقا ويقال إنه مات قبل وفاة النبي واستشهد أبو العاص في وقعة اليمامة
9273 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( علي بن حسين ) أن ( المسور ابن مخرمة ) قال إن عليا خطب بنت أبي جهل فسمعت بذلك فاطمة فأتت رسول الله فقالت يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكح بنت أبي جهل فقام رسول الله فسمعته حين تشهد يقول أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك علي الخطبة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم مات في سنة أربع أو خمس وتسعين والحديث مضى في الخمس في باب ما ذكر من درع النبي
قوله بنت أبي جهل اسمها جويرية بالجيم وقيل الجميلة وقيل العوراء وكان علي رضي الله تعالى عنه قد أخذ بعموم الجواز فلما أنكره النبي أعرض عن الخطبة فيقال تزوجها عتاب بن أسيد وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بن الناس ويأخذوا به إما على سبيل الإيجاب وإما على

(16/230)


سبيل الأولوية وادعى الشريف المرتضي الموسوي في ( غرره ) أن خطبة علي لابنة أبي جهل موضوع فلا يستوي سماعه ورد عليه بأنه ثبت في ( الصحيح ) في حديث المسور بن مخرمة وأخرجه الترمذي عن عبد الله بن الزبير وصححه قوله وهذا علي ناكح بنت أبي جهل وفي رواية الطبراني عن أبي زرعة عن أبي اليمان وهذا علي ناكحا بالنصب على الحال المنتظرة وإطلاق اسم الناكح عليه مجاز باعتبار ما كان قصد إليه قوله فحدثني وصدقني كأنه أراد بذلك أنه كان على شرط على أبي العاص أن لا يتزوج على زينب فثبت على شرطه فلذلك شكره النبي بالثناء عليه بالوفاء والصدق قوله وصدقني بتخفيف الدال المفتوحة قوله بضعة بفتح الباء الموحدة وفي رواية للحاكم مضغة مني بالميم يغيظني ما يغيظها ويبسطني ما يبسطها وقال صحيح الإسناد
وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة عن ابن شهاب عن علي عن مسور سمعت النبي وذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي
هذه الزيادة قد تقدمت في كتاب الخمس مطولا أخرجها عن سعيد بن محمد الجرمي عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن ابن شهاب عن علي بن الحسين إلى آخره وقد تقدم الكلام فيه هناك
71 -
( باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي )
أي هذا باب في بيان مناقب زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى الكلبي أسر زيد في الجاهلية فاشتراه حكيم ابن حزام لعمته خديجة فاستوهبه النبي منها ويقال خرجت به أمه تزور قومها فاتفق غارة فيهم فاحتملوا زيدا وهو ابن ثمان سنين ووفدوا به إلى سوق عكاظة فعرضوه على البيع فاشتراه حكيم بن حزام بالزاي لخديجة بأربعمائة درهم فلما تزوجها رسول الله وهبته له ثم إن خبره اتصل بأهله فحضره أبوه حارثة في فدائه فخيره النبي بين المقام عنده والرجوع إليه فاختار رسول الله وتبناه رسول الله وزوجه حاضنته أم أيمن ضد الأيسر فولدت له أسامة ومن فضائله أن الله سماه في القرآن وهو أول من أسلم من الموالي فأسلم من أول يوم تشرف برؤية النبي وكان من الأمراء الشهداء ومن الرماة المذكورين وله حديثان وقال ابن عمر ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت ادعوهم لآبائهم ( الأحزاب 5 ) وذكر ابن منده في ( معرفة الصحابة ) عن آل بيت زيد بن حارثة أن حارثة أسلم يومئذ أعني يوم جاء أبوه يأخذه بالفداء
وقال البراء عن النبي أنت أخونا ومولانا
هذا قطعة من حديث البراء أخرجه مطولا في كتاب الصلح في باب كيف يكتب هذا ما صالح إلى آخره
0373 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( سليمان ) قال حدثني ( عبد الله بن دينار ) عن ( عبد الله ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ( بعث ) النبي بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي أن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل وايم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي بعده
مطابقته للترجمة ظاهرة جدا وسليمان هو ابن بلال والحديث من أفراده
قوله بعثا بفتح الباء الموحدة

(16/231)


وسكون العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة وهو السرية قوله وأمر بتشديد الميم قوله فطعن يقال طعن بالرمح وباليد يطعن بالضم وطعن في العرض والنسب يطعن بالفتح وقيل هما لغتان فيهما قوله بعض الناس منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي قوله في إمارته بكسر الهمزة قوله في إمارة أبيه وهي إمارة زيد بن حارثة في غزوة مؤتة قوله إن كان لخليقا أي إن زيدا كان خليقا بالإمارة يعني أنهم طعنوا في إمارة زيد وظهر لهم في الآخر أنه كان جديرا لائقا بها فكذلك حال أسامة
وفيه جواز إمارة الموالي وتولية الصغار على الكبار والمفضول على الفاضل للمصلحة وقال الكرماني الأحب بمعنى المحبوب قلت ما ظهر لي وجه العدول عن معنى التفضيل ومع هذا ذكره بكلمة من التبعيضية
1373 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت دخل علي قائف والنبي شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض قال فسر بذلك النبي وأعجبه فأخبر به عائشة رضي الله تعالى عنها
مطابقته للترجمة تستأنس من قوله فسر بذلك النبي إلى آخره والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن منصور بن أبي مزاحم
قوله قائف هو الذي يلحق الفروع بالأصول بالشبه والعلامات ويراد به ههنا مجزز بالجيم وتشديد الزاي الأولي المدلجي وأبعد من قال بالحاء المهملة وحكى فتح الزاي الأولى والصواب الكسر لأنه جز نواصي العرب وهو ابن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمر بن مدلج الكناني المدلجي ودخوله على عائشة إما قبل نزول الحجاب أو بعده وكان من وراء حجاب قوله فأعجبه وأخبر به عائشة لعله لم يعلم أنها علمت ذلك أو أخبرها وإن كان علم بعلمها تأكيدا للخبر أو نسي أنها علمت ذلك وشاهدته معه وقد مر الكلام في حكم القائف في باب صفة النبي في الحديث الذي أخرجه عن يحيى عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه الحديث
81 -
( باب ذكر أسامة بن زيد )
أي هذا باب في ذكر أسامة بن زيد قال الكرماني قال ذكر أسامة ولم يقل مناقب أسامة كما قال فيما تقدم لأن المذكور في الباب أعم من المناقب كالحديث الآتي
2373 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن قريشا أهمهم شأن المخزومية فقالوا من يجترىء عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله
مطابقته للترجمة في قوله من يجترىء عليه إلى آخره والحديث مر بأتم منه في باب ما ذكر في بني إسرائيل ومر الكلام فيه هناك
قوله شأن المخزومية أي أمرها وحالها واسمها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد ابن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعمها أبو سلمة عبد الله بن مخزوم قوله حب الحب بكسر الحاء بمعني المحبوب
( وحدثنا علي حدثنا سفيان قال ذهبت أسأل الزهري عن حديث المخزومية فصاح بي

(16/232)


قلت لسفيان فلم تحتمله عن أحد قال وجدته في كتاب كان كتبه أيوب بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من بني مخزوم سرقت فقالوا من يكلم فيها النبي فلم يجترىء أحد أن يكلمه فكلمه أسامة بن زيد فقال إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه لو كانت فاطمة لقطعت يدها )
هذا طريق آخر في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أخرجه عن علي بن عبد الله المعروف بابن المديني عن سفيان بن عيينة إلى آخره قوله قال وجدته أي قال سفيان وجدت هذا الحديث في كتاب كتبه أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي عن محمد بن مسلم الزهري الوجادة أن يوقف على كتاب بخط شيخ فيه أحاديث ليس له رواية ما فيها فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتاب فلان بخطه حدثنا فلان ويسوق باقي الإسناد والمتن وقد استمر العمل عليه قديما وحديثا وهو من باب المرسل وفيه شوب من الاتصال قوله تركوه يعني أحدثوا ذلك بعد أنبيائهم قوله لو كانت يعني لو كانت السارقة فاطمة لقطعت يدها وفيه ترك الرحمة فيمن وجب عليه الحد -
( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله وليس هذا في كثير من النسخ بموجود
4373 - حدثني ( الحسن بن محمد ) حدثنا ( أبو عباد يحيى بن عباد ) حدثنا ( الماجشون ) أخبرنا ( عبد الله بن دينار ) قال ( نظر ابن عمر ) يوما وهو في المسجد إلى رجل يسحب ثياه في ناحية من المسجد فقال انظر من هاذا ليت هذا عندي قال له إنسان أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمان هذا محمد بن أسامة قال فطأطأ ابن عمر رأسه ونقر بيديه في الأرض ثم قال لو رآه رسول الله لأحبه
مطابقته للترجمة بطريق الإلحاق والحسن بن محمد بن الصباح أبو علي الزعفراني وهو من أفراده ويحيى بن عباد بتشديد الباء الموحدة أبو عباد الضبعي البصري والماجشون هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة والحديث من أفراده
قوله وهو في المسجد الواو فيه للحال قوله يسحب
قوله ليت هذا عندي أي قريبا مني حتى أنصحه وأعظه وقد روي عبدي بالباء الموحدة وكأنه على هذا كان أسود اللون مثل العبيد السود قوله له إنسان أي قال لعبد الله بن عمر شخص أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن وهو كنية عبد الله بن عمر قوله محمد بن أسامة أي أسامة بن زيد قوله فطأطأ ابن عمر أي طأطأ رأسه أي خفضه قوله لأحبه إنما قال ذلك لما كان يعلم من محبة رسول الله لأسامة ولأبيه زيد بن حارثة ولذريتهما فإنه قاس محمدا المذكور على أبيه وعلى جده حيث كانا محبوبين لرسول الله
5373 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت أبي حدثنا ( أبو عثمان ) عن ( أسامة بن زيد ) رضي الله تعالى عنهما حدث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن فيقول اللهم

(16/233)


أحبهما فإني أحبهما
مطابقته للترجمة ظاهرة ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل الحسن عن مسدد وفي الأدب عن عبد الله بن محمد وعن علي بن المديني وأخرجه النسائي رحمه الله في المناقب عن أبي قدامة وعن الحسن بن قزعة وعن قتيبة وعن سوار بن عبد الله
قوله والحسنهو ابن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قوله أحبهما بفتح الهمزة وكسر الحاء وفتح الباء المشددة قوله أحبهما بضم الهمزة وضم الباء وفيه منقبة عظيمة لأسامة بن زيد والحسن بن علي
6373 - وقال ( نعيم ) عن ( ابن المبارك ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني مولى ل ( أسامة بن زيد ) أن الحجاج بن أيمن بن أم أيمن وكان أيمن بن أم أيمن أخا أسامة بن زيد لأمه وهو رجل من الأنصار فرآه ابن عمر لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال أعد
7373 - قال ( أبو عبد الله ) وحدثني سليمان بن عبد الرحمان حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمان بن نمر عن الزهري حدثني حرملة مولى أسامة ابن زيد أنه بينما هما مع عبد الله بن عمر إذ دخل الحجاج بن أيمن فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال أعد فلما ولى قال لي ابن عمر من هاذا قلت الحجاج بن أيمن ابن أم أيمن فقال ابن عمر لو رأى هذا رسول الله لأحبه فذكر حبه وما ولدته أم أيمن قال أو زادني بعض أصحابي عن سليمان وكانت حاضنة النبي ( انظر الحديث 6373 )
نعيم بضم النون هو حماد بن معاوية بن الحارث بن سلمة بن مالك أبو عبد الله الخزاعي المروزي الأعور الرفاء الفارض أحد شيوخ البخاري وفي ( التهذيب ) روى عنه البخاري مقرونا بغيره سكن مصر ومات بسر من رأى مسجونا في محنة سنة ثمان وعشرين ومائتين قاله أبو داود وقال إبراهيم بن محمد نفطويه كان مقيدا فجر بأقياده وألقي في حفرة لم يكفن ولم يصل عليه فعل ذلك به صاحب ابن أبي دؤاد وفي ( التهذيب ) خرج نعيم إلى مصر فأقام بها نيفا وأربعين سنة ثم حمل إلى العراق في امتحان القرآن مع البويطي مقيدين فمات نعيم بالعسكر بسامرة وابن المبارك هو عبد الله ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد يروي عن محمد بن مسلم الزهري ومولى أسامة بن زيد هو حرملة بفتح الحاء المهملة وسكون الراء وفتح الميم سمع أسامة وعلي بن أبي طالب روى عنه أبو جعفر محمد بن علي والزهري في مواضع والحجاج بن أيمن بن عبيد ابن عمرو بن هلال الأنصاري الخزرجي وقيل الحبشي من موالى الخزرج ابن أم أيمن حاضنة رسول الله وأخو أسامة لأمه قال ابن إسحاق استشهد يوم حنين وله ابن اسمه حجاج وذكره الذهبي أيضا في ( تجريد الصحابة ) وتزوج أم أيمن قبل زيد بن حارثة فولدت له أيمن ونسب أيمن إلى أمه لشرفها على أبيه وشهرتها عند أهل البيت النبوي وتزوج زيد بن حارثة أم أيمن وكانت حاضنة النبي ورثها من أبيه فولدت له أسامة بن زيد وعاشت أم أيمن بعد النبي قليلا واسمها بركة بفتح الباء الموحدة أعتقها أبو النبي وأسلمت قديما وقال أبو عمر بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان وهي أم أيمن غلبت عليها كنيتها هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة وإلى المدينة جميعا وقال الواقدي كانت بركة لعبد الله بن عبد المطلب وصارت للنبي وقال أبو عمر بإسناده إلى سليمان بن أبي شيخ كانت بركة لأم رسول الله وكان يقول أم أيمن أمي بعد أمي وكان رسول الله يزورها وكان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يزورانها في منزلها كما كان النبي يزورها

(16/234)


ذكر معناه قوله وهو رجل أي أيمن رجل من الأنصار وقد ذكرناه الآن قوله فرآه ابن عمر رأى معطوف على شيء مقدر وهو خبر أن الحجاج بن أيمن رآه عبد الله بن عمر فرأه يقصر في صلاته وهو معنى قوله لا يتم ركوعه ولا سجوده قوله فقال أعد أي قال عبد الله بن عمر للحجاج أعد صلاتك وفي رواية الإسماعيلي فقال يا ابن أخي أتحسب أنك قد صليت إنك لم تصل فأعد صلاتك
قوله قال أبو عبد الله هو البخاري نفسه حدثني ( سليمان بن عبد الرحمن ) ابن ابنة شرحبيل بن أيوب الدمشقي عن ( الوليد بن مسلم ) القرشي الأموي الدمشقي عن ( عبد الرحمن بن نمر ) بفتح النون وكسر الميم اليحصبي بلفظ مضارع حصب الدمشقي عن محمد بن مسلم الزهري عن حرملة إلى آخره قوله بينما هو قيل فيه تجريد كأن حرملة قال بينما أنا فجرد من نفسه شخصا فقال بينما هو وقيل فيه التفات من الحاضر إلى الغائب قوله فلما ولى أي الحجاج قوله قال لي ابن عمر يا حرملة من هذا قلت الحجاج بن أيمن قوله لأحبه يعني لمحبته أيمن وأمه أم أيمن ولأسامة بن زيد قوله وما ولدته أمه كذا ثبت في رواية أبي ذر بواو العطف والضمير على هذا لأسامة في قوله فذكر حبه أي ميله إلى أيمن يعني حبه إياه وفي رواية غير أبي ذر فذكر حبه ما ولدته أم أيمن فعلى هذا فالضمير للنبي وما ولدته هو المفعول والمراد بما ولدته أم أيمن ما ولدته من ذكر وأنثى قال الكرماني فذكر حبه أي حب أيمن وأولاد أم أيمن والفاعل محذوف أي رسول الله أو حب رسول الله لها مقرونا بأولادها فهو مضاف إلى الفاعل قوله وزادني بعض أصحابي أي قال البخاري وزادني بعض أصحابي على ما مر قيل هو إما يعقوب بن سفيان فإنه رواه في ( تاريخه ) عن سليمان بن عبد الرحمن بالإسناد المذكور وزاد فيه وكانت أم أيمن حاضنة النبي وأما الذهلي فإنه أخرجه في ( الزهريات ) عن سليمان أيضا وكأن هذا القدر لم يسمعه البخاري من سليمان فحمله عن بعض أصحابه فبين ما سمعه مما لم يسمعه فلله دره ما أدق تحريره وما أشد تحبيره
91 -
( باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب المكي المدني أسلم قديما مع أبيه قبل أن يبلغ الحلم وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين منهم وأمه زينب ويقال رايطة بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون وأخيه قدامة بن مظعون للجميع صحبة مات بمكة في سنة ثلاث وسبعين وعمره ست وثمانون سنة وقيل كان سبب موته أن الحجاج دس عليه من مس رجله بحربة مسمومة فمرض بها إلى أن مات
8373 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال كان الرجل في حياة النبي إذا رأى رؤيا قصها على النبي فتمنيت أن أري رؤيا أقصها على النبي وكنت غلاما أعزب وكنت أنام في المسجد على عهد النبي فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا لها قرنان كقرني البئر وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي لن ترع فقصصتهاعلى حفصة فقصتها حفصة على النبي فقال نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل قال سالم فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا
مطابقته للترجمة في قوله نعم الرجل عبد الله وقول الملك الثالث لن ترع وإسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم السعدي البخاري وكان ينزل مدينة بخارى بباب بني سعد ووقع في رواية أبي

(16/235)


ذر وحده هكذا حدثنا محمد حدثنا إسحاق بن نصر وأراد بمحمد البخاري نفسه وقد مر في كتاب الصلاة في باب فضل من تعار من الليل من حديث نافع عن ابن عمر مطولا وفيه قصة رؤية الملكين بمعنى ما في ذلك
قوله رؤيا بدون التنوين يختص بالمنام كالرؤية باليقظة فرقوا بينهما بحرفي التأنيث أي الألف المقصورة والتاء قوله أعزب وهو الذي لا أهل له ويروى عزبا قوله وإذا لها قرنان كلمة إذا للمفاجأة والقرنان تثنية قرن وأراد بهما الطرفين قوله لن ترع بالجزم كذا في رواية القابسي وقال ابن التين هي لغة قليلة يعني الجزم بلن وقال القزاز ولا أحفظ له شاهدا وفي رواية الأكثرين بلفظ لن تراع قال بعضهم وهو الوجه قلت لن ترع أيضا الوجه لأن الجزم بلن لغة حكاها الكسائي ومعناه لا تخف
1473 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثنا ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن ( ابن عمر ) عن ( أخته حفصة ) أن النبي قال لها إن عبد الله رجل صالح
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن قول النبي إن عبد الله رجل صالح منقبة عظيمة له ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر يروي عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس بن يزيد عن محمد بن مسلم الزهري وفيه رواية التابعي عن التابعي وفيه رواية الصحابي عن الصحابية وهو أيضا رواية الأخ عن أخته
02 -
( باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان مناقب عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ويكنى عمار بأبي اليقظان العنسي بالنون وأمه سمية بضم السين المهملة مصغر أسلم هو وأبوه قديما وعذبوا لأجل الإسلام وقتل أبو جهل أمه فكانت أول شهيدة في الإسلام ومات أبوه قديما وعاش عمار إلى أن قتل في وقعة صفين وكان مع علي بن أبي طالب مع الفئة العادلة وحذيفة بن اليمان بن جابر ابن عمرو العبسي بالباء الموحدة حليف بني عبد الأشهل من الأنصار وأسلم هو وأبوه اليمان ومات بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وقيل إنما جمع البخاري بين عمار وحذيفة في الترجمة لوقوع الثناء عليهما من أبي الدرداء في حديث واحد
2473 - حدثنا ( مالك بن إسماعيل ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( المغيرة ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) قال قدمت الشأم فصليت ركعتين ثم قلت اللهم يسر لي جليسا صالحا فأتيت قوما فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي قلت من هاذا قالوا أبو الدرداء فقلت إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا فيسرك لي قال ممن أنت قلت من أهل الكوفة قال أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه أو ليس فيكم صاحب سر النبي الذي لا يعلم أحد غيره ثم قال كيف يقرأ عبد الله والليل إذا يغشي فقرأت عليه والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى قال والله لقد أقرأنيها رسول الله من فيه إلى في
مطابقته للترجمة في قوله وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان لأن المراد به هو عمار بن ياسر وفي قوله أوليس فيكم صاحب سر النبي لأن المراد به حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه
ومالك بن إسماعيل بن زياد أبو غسان النهدي الكوفي وروى عنه مسلم بواسطة وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي والمغيرة هو ابن مقسم أبو هشام الضبي الكوفي وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس النخعي
قوله فجلست إليهم أي حتى انتهى جلوسي إليهم قوله فإذا شيخ كلمة إذا للمفاجأة قوله قالوا أبا الدرداء واسمه عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي الفقيه الحكيم مات بدمشق سنة

(16/236)


اثنتين وثلاثين قوله قال ممن أنت ويروى فقال بفاء العطف قوله أو ليس عندكم ابن أم عبد أراد به عبد الله بن مسعود لأن أمه أم عبد بنت عبدود بن سواء مات ابن مسعود بالمدينة وقيل بالكوفة والأول أثبت سنة اثنتين وثلاثين وقيل كان مراد أبي الدرداء من هذا السؤال أنه فهم من علقمة أنه قدم دمشق لطلب العلم فقال أوليس عندكم من العلماء من لا يحتاج إلى غيره ويستفاد منه إن الشخص لا يرحل عن بلده لأجل طلب العلم إلا إذا لم يجد أحدا يعلمه قوله صاحب النعلين أي نعلي النبي وكان ابن مسعود هو الذي كان يحمل نعلي النبي ويتعاهدهما قوله والوساد وفي رواية شعبة صاحب السواك بالكاف أو السواد بالدال ووقع في رواية الكشميهني والوسادة ورواية السواد أوجه لأن السواد السرار براءين بكسر السين فيهما والوساد المخدة وقال الجوهري السواد السرار تقول ساودته مساودة وسوادا أي ساررته وأصله إدناء سوادك من سواده وهو الشخص قوله والمطهرة بكسر الميم الإداوة وكل إناء يتطهر به وفي رواية السرخسي والمطهر بغير هاء وكان النبي خصص ابن مسعود بنفسه اختصاصا شديدا كان لا يحجبه رسول الله إذا جاء ولا يخفي عنه سره وكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك وكان يقول إذنك علي أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى انهاك قوله وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان كذا هو بواو العطف في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أفيكم بهمزة الاستفهام وفي رواية شعبة أليس فيكم أو منكم بالشك ومعنى قوله الذي أجاره الله من الشيطان يعني على لسان نبيه وفي رواية شعبة أجاره الله على لسان نبيه وزاد في روايته يعني عمارا وأراد به قوله ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار وذلك حين أكرهوه على الكفر بسبه قيل ويحتمل أن يكون المراد بذلك حديث عائشة مرفوعا ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما رواه الترمذي قوله وليس فيكم الهمزة فيه للاستفهام قوله صاحب سر النبي أراد به حذيفة فإنه أعلمه أمورا من أحوال المنافقين وأمورا من الذي يجري بين هذه الأمة فيما بعده وجعل ذلك سرا بينه وبينه قوله الذي لا يعلم كذا هو في رواية الأكثرين بحذف الضمير المنصوب في يعلم وفي رواية الكشميهني الذي لا يعلمه وكان عمر رضي الله تعالى عنه إذا مات واحد يتبع حذيفة فإن صلى عليه هو صلى عليه أيضا عمر وإلا فلا قوله كيف يقرأ عبد الله يعني ابن مسعود قوله والذكر والأنثى أي وكان يقرأ بدون وما خلق وهذه خلاف القراءة المتواترة المشهورة ويقال قرأ عبد الله والذكر والأنثى أنزل كذلك ثم أنزل وما خلق فلم يسمعه عبد الله ولا أبو الدرداء وسمعه سائر الناس وأثبتوه وهذا كظن عبد الله أن المعوذتين ليستا من القرآن والله أعلم
3473 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( مغيرة ) عن ( إبراهيم ) قال ( ذهب علقمة ) إلى الشأم فلما دخل المسجد قال أللهم يسر لي جليسا صالحا فجلس إلى أبي الدرداء فقال أبو الدرداء ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره يعني حذيفة قال قلت بلى قال أليس فيكم أو منكم الذي أجاره الله على لسان نبيه يعني من الشيطان يعني عمارا قلت بلى قال أليس فيكم أو منكم صاحب السواك أو السرار قال بلى قال كيف كان عبد الله يقرأ والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى قلت والذكر والأنثى قال ما زال بي هاؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شيء سمعته من رسول لله
هذا طريق آخر في الحديث المذكور من طريق سليمان بن حرب وهو في نفس الأمر يفسر بعضه بعض الحديث السابق قوله قال ممن أنت ويروى فقال لي ممن أنت قوله من الشيطان على لسان نبيه ويروى من الشيطان يعني على لسان نبيه قوله أو السرار شك من الراوي قوله يستنزلوني ويروي يستنزلونني قوله من رسول الله ويروى من نبي الله والله أعلم

(16/237)


12 -
( باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي عبيدة واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر يجتمع مع النبي في فهر بن مالك وعدد ما بينهما من الآباء متفاوت جدا بخمسة آباء فيكون أبو عبيدة من حيث العدد في درجة عبد مناف ومنهم من أدخل في نسبه بين الجراح وهلال ربيعة فيكون على هذا في درجة هاشم وأمه أم غنم بنت جابر بن عبد الله بن العلاء بن عامر بن عميرة بن الوديعة بن الحارث بن فهر ويقال أميمة بنت جابر بن عبد العزى ومن بني الحارث بن فهر وهو أمين هذه الأمة وقتل أبوه يوم بدر كافرا ويقال إنه هو الذي قتله ومات أبو عبيدة وهو أمير على الشام من قبل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وقبره بغور بيسان عند قرية تسمى عمتا وصلى عليه معاذ بن جبل
4473 - حدثنا ( عمرو بن علي ) حدثنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( خالد ) عن ( أبي قلابة ) قال حدثني ( أنس بن مالك ) أن رسول الله قال إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمرو بن علي بن بحر أبو حفص الباهلي البصري الصيرفي وهو شيخ مسلم أيضا وعبد الأعلى أبو محمد السامي البصري وخالد هو بن مهران الحذاء وأبو قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام واسمه عبد الله بن زيد الجرمي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي الوليد وفي خبر الواحد عن سليمان بن حرب وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر وزهير وأخرجه النسائي في المناقب عن حميد بن مسعدة
قوله أميننا الأمين الثقة الرضا قوله أيتها الأمة صورته صورة النداء لكن المراد منه الاختصاص أي أميننا مخصوصين من بين الأمم أبو عبيدة فعلى هذا يكون منصوبا على الاختصاص وقال القاضي هو بالرفع على النداء والأفصح أن يكون منصوبا على الاختصاص والأمانة مشتركة بين أبي عبيدة وغيره من الصحابة لكن المقصود بيان زيادتها في أبي عبيدة والنبي خص كل واحد من كبار الصحابة بفضيلة واحدة وصفه بها فأشعر بقدر زائد فيها على غيره يوضح ذلك ما رواه الترمذي من حديث قتادة عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت وأقرؤهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ورواه ابن حبان أيضا
5473 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( صلة ) عن ( حذيفة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لأهل نجران لأبعثن يعني عليكم يعني أمينا حق أمين فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه
مطابقته للترجمة في قوله حق أمين وأبو إسحاق عمر بن عبد الله السبيعي وصلة بكسر الصاد المهملة وتخفيف اللام هو ابن زفر العبسي الكوفي مات في زمن مصعب بن الزبير
والحديث أخرجه البخاري أيضا في خبر الواحد عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن بندار وعن العباس بن سهيل وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم به وعن نصر بن علي وإسماعيل بن مسعود وأخرجه ابن ماجه في السنة عن بندار به وعن علي بن محمد
قوله عن حذيفة قال أبو مسعود الدمشقي هكذا قال يحيى بن آدم فيه عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة ويحيى إمام وقال غيره عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن ابن مسعود وحذيفة أصح قوله لأهل نجران

(16/238)


بفتح النون وسكون الجيم وبالراء بلد باليمن وأهلها العاقب واسمه عبد المسيح والسيد وأبو الحارث بن علقمة وأخوه كرز وأوس وزيد بن قيس وشيبة وخويلد وعمرو وعبيد الله وكان وفد نجران سنة تسع كما ذكره ابن سعد وكانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم وكانوا نصارى ولم يسلموا إذ ذاك ثم لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى أتيا إلى النبي فأسلما وقال ابن إسحاق قدم وفد نصارى نجران ستون راكبا منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم وثلاثة منهم يؤول إليهم أمرهم وهم العاقد والسيد وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وصاحب مدارسهم ولما دخلوا المسجد النبوي دخلوا في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون إلى المشرق فقال رسول الله دعوهم وكان المتكلم أبا حارثة والسيد والعاقب وسألوه أن يرسل معهم أمينا فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وكان أبو حارثة يعرف أمر رسول الله ولكن صده الشرف والجاه عن اتباع الحق قوله لأبعثن أي لما سألوا أن يرسل إليهم أمينا قال لأبعثن أمينا حق أمين قوله يعني عليكم يعني أمينا رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر لأبعثن حق أمين وفي رواية مسلم لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين قوله فأشرف أصحابه أي تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على أن يكون هو الأمين الموعود في الحديث لا حرصا على الولاية من حيث هي وفي رواية مسلم فاستشرف لها أصحاب رسول الله قوله فبعث أبا عبيدة وفي رواية أبي يعلى قم يا أبا عبيدة فأرسله معهم
( باب مناقب مصعب بن عمير )
أي هذا باب في بيان مناقب مصعب ذكر مناقب مصعب بن عميير ولم يذكر فيه شيئا وكأنه لم يجد شيئا على شرطه وبيض له وفي بعض النسخ ذكر مصعب بن عمير ليس إلا ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري يكنى أبا عبد الله كان من أجلة الصحابة وفضلائهم وكان رسول الله قد بعثه إلى المدينة قبل الهجرة بعد العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين وكان يدعى القاريء والمقرىء ويقال إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة وقتل يوم أحد شهيدا قتله ابن قمية الليثي فيما قال ابن إسحاق وهو يومئذ ابن أربعين سنة أو أزيد شيئا وأسلم بعد دخول رسول الله دار الأرقم وكان بلغه أن رسول الله يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه وكان يختلف إلى رسول الله سرا فبصر به عثمان بن طلحة يصلي فأخبر به قومه وأمه فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة وهاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا
5473 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( صلة ) عن ( حذيفة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لأهل نجران لأبعثن يعني عليكم يعني أمينا حق أمين فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه
مطابقته للترجمة في قوله حق أمين وأبو إسحاق عمر بن عبد الله السبيعي وصلة بكسر الصاد المهملة وتخفيف اللام هو ابن زفر العبسي الكوفي مات في زمن مصعب بن الزبير
والحديث أخرجه البخاري أيضا في خبر الواحد عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن بندار وعن العباس بن سهيل وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم به وعن نصر بن علي وإسماعيل بن مسعود وأخرجه ابن ماجه في السنة عن بندار به وعن علي بن محمد
قوله عن حذيفة قال أبو مسعود الدمشقي هكذا قال يحيى بن آدم فيه عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة ويحيى إمام وقال غيره عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن ابن مسعود وحذيفة أصح قوله لأهل نجران بفتح النون وسكون الجيم وبالراء بلد باليمن وأهلها العاقب واسمه عبد المسيح والسيد وأبو الحارث بن علقمة وأخوه كرز وأوس وزيد بن قيس وشيبة وخويلد وعمرو وعبيد الله وكان وفد نجران سنة تسع كما ذكره ابن سعد وكانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم وكانوا نصارى ولم يسلموا إذ ذاك ثم لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى أتيا إلى النبي فأسلما وقال ابن إسحاق قدم وفد نصارى نجران ستون راكبا منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم وثلاثة منهم يؤول إليهم أمرهم وهم العاقد والسيد وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وصاحب مدارسهم ولما دخلوا المسجد النبوي دخلوا في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون إلى المشرق فقال رسول الله دعوهم وكان المتكلم أبا حارثة والسيد والعاقب وسألوه أن يرسل معهم أمينا فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وكان أبو حارثة يعرف أمر رسول الله ولكن صده الشرف والجاه عن اتباع الحق قوله لأبعثن أي لما سألوا أن يرسل إليهم أمينا قال لأبعثن أمينا حق أمين قوله يعني عليكم يعني أمينا رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر لأبعثن حق أمين وفي رواية مسلم لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين قوله فأشرف أصحابه أي تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على أن يكون هو الأمين الموعود في الحديث لا حرصا على الولاية من حيث هي وفي رواية مسلم فاستشرف لها أصحاب رسول الله قوله فبعث أبا عبيدة وفي رواية أبي يعلى قم يا أبا عبيدة فأرسله معهم
( باب مناقب مصعب بن عمير )
أي هذا باب في بيان مناقب مصعب ذكر مناقب مصعب بن عميير ولم يذكر فيه شيئا وكأنه لم يجد شيئا على شرطه وبيض له وفي بعض النسخ ذكر مصعب بن عمير ليس إلا ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري يكنى أبا عبد الله كان من أجلة الصحابة وفضلائهم وكان رسول الله قد بعثه إلى المدينة قبل الهجرة بعد العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين وكان يدعى القاريء والمقرىء ويقال إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة وقتل يوم أحد شهيدا قتله ابن قمية الليثي فيما قال ابن إسحاق وهو يومئذ ابن أربعين سنة أو أزيد شيئا وأسلم بعد دخول رسول الله دار الأرقم وكان بلغه أن رسول الله يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه وكان يختلف إلى رسول الله سرا فبصر به عثمان بن طلحة يصلي فأخبر به قومه وأمه فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض الحبشة وهاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا
22 -
( باب مناقب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما
(
أي هذا باب في بيان مناقب أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى عنهما وفضائلهما لا تعد ومناقبهما لا تحد وترك الحسن الخلافة لله تعالى لا لعلة ولا لذلة ولا لقلة وكان ذلك تحقيقا لمعجزة جده رسول الله حيث قال يصلح الله به بين طائفتين وهما طائفته وطائفة معاوية مات بالمدينة مسموما سنة تسع وأربعين ولم يكن بين ولادته وحمل الحسين إلا طهر واحد وأما الحسين فقتله سنان بكسر السين المهملة وبالنونين ابن أنس النخعي يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق ويقال كان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثرين وقيل بعد ذلك ومولد الحسين في شعبان سنة أربع من الهجرة في قول الأكثرين
قال نافع بن جبير عن أبي هريرة عانق النبي الحسن
نافع بن جبير بن مطعم مر في الوضوء وهذا التعليق قد مضى موصولا مطولا في كتاب البيوع في باب ما ذكر في الأسواق
22 -
( باب مناقب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما
(
أي هذا باب في بيان مناقب أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى عنهما وفضائلهما لا تعد ومناقبهما لا تحد وترك الحسن الخلافة لله تعالى لا لعلة ولا لذلة ولا لقلة وكان ذلك تحقيقا لمعجزة جده رسول الله حيث قال يصلح الله به بين طائفتين وهما طائفته وطائفة معاوية مات بالمدينة مسموما سنة تسع وأربعين ولم يكن بين ولادته وحمل الحسين إلا طهر واحد وأما الحسين فقتله سنان بكسر السين المهملة وبالنونين ابن أنس النخعي يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق ويقال كان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثرين وقيل بعد ذلك ومولد الحسين في شعبان سنة أربع من الهجرة في قول الأكثرين
قال نافع بن جبير عن أبي هريرة عانق النبي الحسن
نافع بن جبير بن مطعم مر في الوضوء وهذا التعليق قد مضى موصولا مطولا في كتاب البيوع في باب ما ذكر في الأسواق

(16/239)


6473 - حدثنا ( صدقة ) حدثنا ( ابن عيينة ) حدثنا ( أبو أبو موسى ) عن ( الحسن ) سمع ( أبا بكرة ) سمعت النبي على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
مطابقته للترجمة في قوله هذا سيد
ذكر رجاله وهم خمسة صدقة بن الفضل أبو الفضل المروزي وهو من أفراده وابن عيينة هو سفيان بن عيينة وأبو موسى إسرائيل بن موسى من أهل البصرة نزل الهند لم يروه عن الحسن غيره والحسن هو البصري وأبو بكرة اسمه نفيع بضم النون وفتح الفاء ابن الحارث بن كلدة الثقفي
والحديث مضى في الصلح في باب قول النبي للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
8473 - حدثني ( محمد بن الحسين بن إبراهيم ) قال حدثني ( حسين بن محمد ) حدثنا ( جرير ) عن ( محمد ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن علي عليه السلام فجعل في طست فجعل ينكت وقال في حسنه شيئا فقال أنس كان أشبههم برسول الله وكان مخضوبا بالوسمة
مطابقته للترجمة في قوله كان أشبههم برسول الله
ومحمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر أخو أبي الحسن علي بن أشكاب العامري البغدادي مات يوم الثلاثاء يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ومائتين ببغداد وهو من أفراده والحسين بن محمد بن بهرام أبو أحمد التميمي المروزي المعلم نزل ببغداد مات سنة أربع عشرة ومائتين وجرير ابن حازم ومحمد هو ابن سيرين
والحديث من أفراده
قوله أتي بضم الهمزة على صيغة المجهول وعبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف هو الذي ادعاه معاوية أخا لأبيه أبي سفيان فألحقه بنسبه وهو الذي يقال له زياد ابن أبيه ويقال له زياد بن سمية بضم السين المهملة وهي أمة كانت للحارث والد أبي بكرة نفيع بضم النون وفتح الفاء وقال ابن معين ويقال لعبيد الله بن مرجانة وهي أمه وقال غيره وكانت مجوسية وقال البخاري وكانت مرجانة سبية من أصفهان وكان زياد من أصحاب علي رضي الله تعالى عنه فلما استلحقه معاوية صار من أشد الناس بغضا لعلي بن أبي طالب وأولاده وعبيد الله ابنه هو الذي سير الجيش لقتال الحسين رضي الله تعالى عنه وهو يومئذ أمير الكوفة ليزيد بن معاوية ابن أبي سفيان وكان جيشه ألف فارس ورأسهم الحر بن يزيد التميمي وعلى مقدمتهم الحصين بن نمير الكوفي ثم جرى ما جرى فأخر الأمر قتل الحسين
واختلفوا في قاتله فقيل الحصين بن نمير وقيل مهاجر بن أوس التميمي وقيل كثير

(16/240)


ابن عبد الله الشعبي وقيل شمر بن ذي الجوشن وقيل سنان بن أبي أوس بن عمرو النخعي وهو الأشهر فأخذ رأس الحسين ودفعه إلى خولي بن يزيد وكان سنان طعنه فوقع ثم قال لخولي احتز رأسه فأراد أن يفعل فارعد وضعف فقال له سنان فت الله عضدك وأبان يديك فنزل إليه فذبحه وكان ذلك يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ثم حملوا رأس الحسين ورؤوس القتلى من أصحابه إلى عبيد الله بن زياد وهو بالكوفة وكانت الرؤوس اثنين وسبعين رأسا حمل خولي بن يزيد رأس الحسين وحملت كندة ثلاثة عشر رأسا وهوازن عشرين وبنو تميم عشرين وبنو أسد سبعة ومذحج أحد عشر وكان مع الرؤوس والسبايا شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج وعروة بن قيس فاقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد ثم نذكر الآن ما جرى بعد أن قدموا برأس الحسين على هذا اللعين عبيد الله ابن زياد
قوله فجعل على صيغة المجهول أي جعل رأس الحسين رضي الله تعالى عنه في طست بفتح الطاء المهملة وسكون السين المهملة قال الجوهري الطست الطس بلغة طي أبدل من إحدى السينين تاء للاستثقال وفي ( المغرب ) بالشين المعجمة الطشت مؤنثة وهي أعجمية والطس تعريبها والجمع طشاش وطشوش وقد يقال الطشوت قوله فجعل ينكت أي فجعل عبيد الله بن زياد ينكت أي يضرب بقضيب على الأرض فيؤثر فيها وهو بالتاء المثناة من فوق وفي رواية الترمذي وابن حبان من طريق حفصة بنت سيرين عن أنس فجعل يقول بقضيب له في أنفه وفي رواية الطبراني من حديث زيد بن أرقم فجعل يجعل قضيبا في يده في عينيه وأنفه فقلت أرفع قضيبك فقد رأيت فم رسول الله في موضعه قوله فقال في حسنه شيئا وفي رواية الترمذي رحمه الله ما رأيت مثل هذا حسنا لم يذكر فقال أنس كان أشبههم برسول الله أي أشبه أهل البيت وزاد البزار من وجه آخر عن أنس قال فقلت له إني رأيت رسول الله يلثم حيث يقع قضيبك قال فانقبض انتهى وقال سبط ابن الجوزي أما كان لرسول الله على أنس من الحقوق أن ينكر على ابن زياد فعله ويقبح له ما وقع من قرع ثنايا الحسين بالقضيب لكن الفحل زيد بن أرقم فإنه أنكر عليه فروى الطبري عن أبي محنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال شهدت ابن زياد وهو ينكث بقضيب بين ثنيتيه ساعة فلما رآه زيد بن أرقم لاهجه عن نكثه بالقضيب فقال له أعل بهذا القضيب عن هاتين الشفتين فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلهما ثم انفضح الشيخ يبكي فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فقام وخرج فسمعت الناس يقولون والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله فقلت ما الذي قال قال مر بنا وهو يقول أنتم يا معاشر العرب عبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فبعدا لمن رضي بالذل والعار قلت فلله ذر زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي من أعيان الصحابة غزا مع النبي سبع عشرة غزوة وشهد صفين مع علي بن أبي طالب وكان من خواص أصحابه ومات بالكوفة سنة ست وستين وقيل ثمان وستين ثم إن الله تعالى جازى هذا الفاسق الظالم عبيد الله بن زياد بأن جعل قتله على يدي إبراهيم بن الأشتر يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة سنة ست وستين على أرض يقال لها الجازر بينها وبين الموصل خمسة فراسخ وكان المختار بن أبي عبيدة الثقفي أرسله لقتال ابن زياد ولما قتل ابن زياد جيء برأسه وبرؤوس أصحابه وطرحت بين يدي المختار وجاءت حية دقيقة تخللت الرؤوس حتى دخلت في فم ابن مرجانة وهو ابن زياد وخرجت من منخره ودخلت في منخره وخرجت من فيه وجعلت تدخل وتخرج من رأسه بين الرؤوس ثم إن المختار بعث برأس ابن زياد ورؤوس الذين قتلوا معه إلى مكة إلى محمد بن الحنفية وقيل إلى عبد الله بن الزبير فنصبها بمكة وأحرق ابن الأشتر جثة ابن زياد وجثث الباقين قوله وكان أي الحسين مخضوبا بالوسمة بفتح الواو وسكون السين المهملة وجاء فتحها وهو نبت يختضب به يميل إلى سواد

(16/241)


9473 - حدثنا ( حجاج بن المنهال ) حدثنا ( شعبة ) قال أخبرني ( عدي ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال ( رأيت ) النبي والحسن بن علي على عاتقه يقول أللهم إني أحبه فأحبه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعدي بفتح العين المهملة وكسر الدال ابن ثابت الأنصاري مر في الإيمان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عبيد الله بن معاذ وعن أبي بكر بن نافع وبندار وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار به وعن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن علي بن الحسين الدرهمي
قوله والحسن الواو فيه للحال ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة الحسن أو الحسين بالشك ثم ذكر أن أكثر أصحاب شعبة رووه فقالوا الحسن بغير شك قوله على عاتقه اسم لما بين المنكب والعنق قوله يقول جملة حالية قوله إني أحبه بضم الهمزة وكسر الحاء قوله فأحبه بفتح الهمزة لأنه أمر من أحب
0573 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) قال أخبرني ( عمر بن سعيد بن أبي حسين ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( عقبة بن الحارث ) قال رأيت أبا بكر رضي الله تعالى عنه وحمل الحسن وهو يقول بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي وعلي يضحك ( انظر الحديث 2453 )
مطابقته للترجمة في قوله وحمل الحسن إلى آخره وعبدان هو عبد الله لقب لعبدان وقد تكرر ذكره وعبد الله هو ابن المبارك وعمر بن سعيد بن أبي سعيد حسين القرشي النوفلي يروي عن عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم وعقبة بضم العين وسكون القاف ابن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أبو سروعة القرشي المكي سمع النبي وهو من أفراده
قوله وحمل الحسن الواو فيه للحال وكذا الواو في قوله وهو يقول قوله بأبي شبيه وقد مر هذا في أول باب صفة النبي من حديث عقبة بن الحارث ومعنى بأبي مفدى أي هو مفدى بأبي قوله شبيه مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو شبيه بالنبي قوله ليس شبيه روي بالرفع وبالنصب فوجه الرفع على أن ليس بمعنى لا العاطفة يعني لا شبيه بعلي وقال ابن مالك أصله ليس شبيه ويكون شبيه اسم ليس وخبرها الضمير المتصل المحذوف استغناء عن تلفظه بنيته ووجه النصب على أن يكون اسم ليس هو الضمير الذي فيه وخبرها قوله شبيها فإن قلت هذا يعارض قول علي رضي الله تعالى عنه في صفة النبي لم أر قبله ولا بعده مثله قلت يحمل المنفي على عموم الشبه والمثبت على معظمه
1573 - حدثني ( يحيى بن معين وصدقة ) قالا أخبرنا ( محمد بن جعفر ) عن ( شعبة ) عن ( واقد بن محمد ) عن أبيه عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قال ( أبو بكر ارقبوا ) محمدا في أهل بيته ( انظر الحديث 3173 )
هذا الحديث مر عن قريب في باب مناقب قرابة رسول الله فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن عبد الوهاب عن خالد عن شعبة عن واقد بكسر القاف ابن محمد بن زيد ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب
2573 - حدثني ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام بن يوسف ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أنس ) وقال ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني ( أنس ) قال لم يكن أحد أشبه بالنبي من الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما
مطابقته للترجمة من حيث إن الحسن إذا لم يكن أحد أشبه بالنبي منه كانت له منقبة عظيمة وفضل ظاهر وإبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي الفراء أبو إسحاق الرازي وقد مر في مواضع وهشام بن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني يروي عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه
وأخرج هذا مسندا ثم أخرجه معلقا

(16/242)


فقال وقال عبد الرزاق إلى آخره وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق به وقال حسن صحيح قيل إنما قصد البخاري بهذا التعليق بيان سماع الزهري له من أنس وقيل هذا يعارض ما رواه محمد بن سيرين عن أنس وقد مضى عن قريب ولفظه كان أي الحسن أشبههم برسول الله ووفق بينهما بأن الذي وقع في رواية الزهري هنا في حياة النبي لأنه يومئذ كان أشد شبها بالنبي من أخيه الحسين والذي وقع في رواية ابن سيرين كان بعد ذلك وقيل إن المراد أن كلا منهما كان أشد شبها في بعض أعضائه فقد روى الترمذي وابن حبان من طريق هانيء بن هانىء عن علي قال كان الحسن أشبه برسول الله ما بين الرأس إلى الصدر والحسين أشبه بالنبي ما كان أسفل في ذلك
3573 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( محمد بن أبي يعقوب ) سمعت ( ابن أبي نعم ) سمعت ( عبد الله بن عمر ) وسأله عن المحرم قال شعبة أحسبه يقتل الذباب فقال أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله وقال النبي هما ريحانتاي من الدنيا ( الحديث 3573 - طرفه في 4995 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتضمن فضل الحسين ظاهرا وغندر هو محمد بن جعفر ومحمد بن أبي يعقوب هو محمد ابن أبي عبد الله بن أبي يعقوب الضبي البصري وينسب إلى جده وابن أبي نعم بضم النون وسكون العين المهملة الترمذي اسمه عبد الرحمن يكنى أبا الحكم البجلي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن موسى بن إسماعيل وأخرجه الترمذي في المناقب عن عقبة بن مكرم العمي الضبي
قوله عن المحرم أي بالحج والعمرة يعني سأل رجل ابن عمر عن حال المحرم يقتل الذباب حالة الإحرام وفي الأدب في رواية مهدي بن ميمون عن ابن أبي يعقوب وسأله رجل وقيل في رواية أبي ذر فسألته ورد هذا بأن في رواية الترمذي أن رجلا من أهل العراق سأل قوله قال شعبة أحسبه يقتل الذباب أي أظنه سأل عن المحرم يقتل الذباب ووقع في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة بغير شك فإن قلت وقع في رواية مهدي ابن ميمون في الأدب سئل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب قلت يحتمل أن يكون السؤال وقع عن الأمرين قوله فقال أهل العراق أي قال عبد الله بن عمر إلى آخره إنما قال متعجبا حيث يسألون عن قتل الذباب ويتفكرون فيه وقد كانوا اجترأوا على قتل الحسين بن علي وابن بنت رسول الله وهذا شيء عجيب يسألون عن الشيء اليسير ويفرطون في الشيء الخطر العظيم قوله هما أي الحسن والحسين ريحانتاي كذا في رواية الأكثرين بالتثنية وفي رواية أبي ذر بالإفراد والتذكير أعني هما ريحاني وجه التشبيه أن الولد يشم ويقبل فكأنهم من جملة الرياحين وقال الكرماني الريحان الرزق أو المشموم قلت لا وجه هنا أن يكون بمعنى الرزق على ما لا يخفى وروى الترمذي من حديث أنس أن النبي كان يدعو الحسن والحسين فيشمهما ويضمهما إليه وروى الطبراني في ( الأوسط ) من طريق أبي أيوب قال دخلت على رسول الله الحسن والحسين يلعبان بين يديه فقلت أتحبهما يا رسول الله قال وكيف لا وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما
32 -
( باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر رضي الله تعالى عنهما )
ورباح بفتح الراء والباء الموحدة واسم أمه حمامة كانت لبعض بني جمح وقد مضى بيانه في البيوع في باب الشراء والبيع مع المشركين وذكر ابن سعد أنه كان من مولدي الشراة وكان أبو بكر اشتراه بخمس أواق
وقال النبي سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة

(16/243)


هذا التعليق قطعة من حديث مضى في صلاة الليل والدف بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء السير اللين ويقال الخفق وإنما قال بين يدي ليبين أنه يفعل ذلك
4573 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي سلمة ) عن ( محمد بن المنكدر ) أخبرنا ( جابر ابن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال كان عمر يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا
مطابقته للترجمة من حيث إن عمر أطلق على بلال بالسيادة وهي منقبة عظيمة وأبو نعيم الفضل بن دكين وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار قوله وأعتق سيدنا السيد الأول حقيقة والسيد الثاني مجاز لأنه قاله تواضعا ويقال معناه أنه من سادة هذه الأمة وليس أنه أفضل من عمر وقيل إن السيادة لا تثبت إلا فضيلة
5573 - حدثنا ( ابن نمير ) عن ( محمد بن عبيد ) حدثنا ( إسماعيل ) عن ( قيس ) أن بلالا قال لأبي بكر إن كنت اشتريتني لنفسك فأمسكني وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله فدعني وعمل الله لأن كلامه هذا يدل على أن قصده التجرد إلى الله والاشتغال بعمله وهو منقبة غير قليلة
وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير وقد ذكر غير مرة ومحمد بن عبيد الطنافسي مر في بدء الخلق وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن حازم
قوله إن كنت اشتريتني إلى آخره هذه القول من بلال كان في خلافة أبي بكر وصرح بذلك في رواية أحمد عن أبي أسامة عن إسماعيل بلفظ قال بلال لأبي بكر حين توفي رسول الله قوله فدعني أي فاتركني وفي رواية أبي أسامة فذرني وهو بمعنى دعني قوله وعمل الله أي مع عمل الله وفي رواية الكشميهني فدعني وعملي لله وفي رواية أبي أسامة فذرني أعمل لله وذكر الكرماني أراد بلال أن يهاجر من المدينة فمنعه أبو بكر إرادة أن يؤذن في مسجد رسول الله فقال إني لا أريد المدينة بدون رسول الله ولا أتحمل مقام رسول الله خاليا عنه وقال ابن سعد في ( الطبقات ) أن بلالا قال رأيت أفضل عمل المؤمن الجهاد فأردت أن أرابط في سبيل الله وأن أبا بكر قال لبلال أنشدك الله وحقي فأقام معه بلال حتى توفي فلما مات أذن له عمر فتوجه إلى الشام مجاهدا وتوفي بها في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وقيل مات سنة عشرين والله أعلم
42 -
( باب ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب فيه ذكر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم النبي يكنى أبا العباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وفي غالب النسخ ليس لفظ باب مذكورا وإنما لم يقل مناقب ابن عباس مثل غيره لأنه قد عقد له بابا في كتاب العلم حيث قال باب قول النبي أللهم علمه الكتاب ثم ذكر عنه أنه قال ضمني رسول الله وقال أللهم علمه الكتاب وهذا منقبة عظيمة واكتفى به عن ذكر لفظ مناقب هنا
6573 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال ( ضمني ) النبي إلى صدره وقال أللهم علمه الحكمة حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث وقال اللهم علمه الكتاب حدثنا موسى حدثنا وهيب عن خالد مثله
قد ذكرنا الآن أن هذا الحديث قد تقدم في كتاب العلم وأخرجه هنا أيضا من ثلاث طرق الأول عن مسدد

(16/244)


عن عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري عن خالد الحذاء عن عكرمة مولى ابن عباس الثاني عن أبي معمر بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة واسمه عبد الله بن عمرو المنقري التميمي المقعد عن عبد الوارث إلى آخره الثالث عن موسى ابن إسماعيل التبوذكي عن وهيب مصغر وهب بن خالد بن عجلان أبي بكر البصري عن خالد الحذاء
قوله الحكمة أي العلم وقيل إتقان الأمور وفي بعض النسخ والحكمة الإصابة من غير النبوة قوله مثله أي مثل ما روى أبو معمر
52 -
( باب مناقب خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بفتح الياء آخر الحروف والقاف والظاء القائمة ابن مرة بن كعب يجتمع مع النبي ومع أبي بكر جميعا في مرة بن كعب وكان من فرسان الصحابة أسلم بين الفتح والحديبية ويقال قبل غزوة مؤتة بشهرين وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان وكان الفتح بعد ذلك في رمضان وشهد مع رسول الله مشاهد ظهرت فيها نجابته ثم كان قتل أهل الردة على يديه ثم فتوح البلاد الكبار ومات على فراشه بحمص وقيل بالمدينة والأول أصح سنة إحدى وعشرين وقال صاحب ( التوضيح ) قال الصديق رضي الله تعالى عنه حين احتضر والنسوة يبكين دعهن تهريق دموعهن على أبي سليمان فهل قامت النساء عن مثله قلت هذا غلط فاحش يظهر بالتأمل وقال الزبير بن بكار انقرض ولد خالد ولم يبق منهم أحد وورثهم أيوب بن سلمة
7573 - حدثنا ( أحمد بن واقد ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( حميد بن هلال ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم
مطابقته للترجمة في قوله حتى أخذ سيف من سيوف الله
وأحمد بن واقد هو أحمد بن عبد الملك بن واقد بكسر القاف أبو يحيى الحراني وينسب إلى جده وأيوب السختياني
والحديث قد مر في الجنائز عن أبي معمر وفي الجهاد عن يوسف ابن يعقوب الصفار وفي علامات النبوة عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن أحمد بن واقد أيضا ومر الكلام فيه هناك أعني في الجنائز وزيد هو ابن حارثة وجعفر هو ابن أبي طالب وابن رواحة هو عبد الله
قوله تذرفان أي تسيلان دمعا قوله حتى أخذ ويروى أخذها وأراد بسيف خالد بن الوليد ومن يومئذ سمي سيف الله وقد أخرج ابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله تعالى صبه الله تعالى على الكفار
62 -
( باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سالم مولى أبي حذيفة أما سالم فقال أبو عمر سالم بن معقل يكنى أبا عبد الله كان من أهل فارس من اصطخر وقيل إنه من عجم الفرس وكان من فضلاء الصحابة وكبارهم وهو معدود في المهاجرين لأنه لما أعتقه مولاته زوج أبي حذيفة وإلى أبا حذيفة وتبناه فلذلك عد في المهاجرين وهو معدود أيضا في الأنصار في بني عبيد لعتق مولاته الأنصارية زوج أبي حذيفة له فهو يعد في قريش من المهاجرين لما ذكرنا وفي الأنصار لما وصفنا وفي العجم لما تقدم ذكره أيضا ويعد في القرآن أيضا مع ذلك وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر رضي الله تعالى عنه قبل أن يقدم رسول الله المدينة وقد روي أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وكان يفرط في الثناء عليه وكان رسول الله قد آخى بينه وبين معاذ بن ماعص وقيل إنه آخى بينه وبين أبي بكر ولا يصح وروي عن

(16/245)


عمر أنه قال لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى قال أبو عمر هذا عندي على أنه كان يصدر فيها عن رأيه والله أعلم قال وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما فكان ينسب إليه ويقال سالم بن أبي حذيفة حتى نزلت ادعوهم لآبائهم ( الأحزاب 5 ) وكان سالم عبد الثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصارية كانت من المهاجرات الأولى ومن فضلاء نساء الصحابة قلت ثبيتة بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح التاء المثناة من فوق وقيل اسمها عمرة بنت يعار وعن ابن إسحاق اسمها سلمى بنت يعار ويعار بضم الياء آخر الحروف وفتحها وبالعين المهملة وقال أبو عمر شهد سالم مولى أبي حذيفة بدرا وقتل يوم اليمامة شهيدا هو ومولاه أبو حذيفة فوجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر وذلك سنة اثنتي عشرة من الهجرة وأما أبو حذيفة فاختلف في اسمه فقيل مهشم وقيل هشيم وقيل هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين جمع الله له الشرف والفضل صلى القبلتين وهاجر الهجرتين وكان إسلامه قبل دخول رسول الله دار الأرقم للدعاء فيها إلى الإسلام وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية والمشاهد كلها وقتل يوم اليمامة شهيدا كما ذكرناه الآن وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة
8573 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) عن ( إبراهيم ) عن ( مسروق ) قال ذكر ( عبد الله عند عبد الله بن عمرو ) فقال ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت رسول الله يقول استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ
مطابقته للترجمة في قوله وسالم مولى أبي حذيفة وإبراهيم هو النخعي ومسروق هو ابن الأجدع
والحديث أخرجه البخاري أيضا في مناقب أبي بن كعب عن أبي الوليد وفي فضائل القرآن عن حفص بن عمرو في مناقب معاذ بن جبل عن محمد بن بشار وفي مناقب عبد الله بن مسعود عن حفص بن عمر وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن جماعة آخرين وأخرجه الترمذي في المناقب عن هناد وأخرجه النسائي فيه وفي فضائل القرآن عن بشر بن خالد وعن آخرين
قوله ذكر على صيغة المجهول قوله عبد الله أراد به عبد الله بن مسعود قوله استقرئوا أي اطلبوا القراءة من أربعة أنفس قوله من عبد الله إلى آخره بيان للأربعة قوله فبدأ به أي بعبد الله بن مسعود والتقديم يفيد الاهتمام بالمقدم وتفضيله على غيره ووجه تخصيص هؤلاء الأربعة أنهم كانوا أكثر ضبطا للفظ القرآن وأتقن للأداء وإن كان غيرهم أفقه في المعالي منهم وقيل لأنهم تفرغوا لأخذه منه مشافهة وقيل لأنه يؤخذ منهم وقيل إنه أراد الإعلام بما يكون بعده وهذا لا يدل على أن غيرهم لم يجمعه قوله أو بمعاذ ويروى أو بمعاذ بن جبل
72 -
( باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم ويقال ابن شمخ بن فار بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو عبد الرحمن الهذلي وأمه أم عبد بنت عبدود بن سواد من هذيل أيضا أسلمت وصحبت وأبوه مات في الجاهلية وعبد الله أسلم قديما وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله وهو صاحب نعل رسول الله وقد ذكرناه عن قريب مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة وقيل مات بالكوفة والأول أصح

(16/246)


247 - ( حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا وائل قال سمعت مسروقا قال قال عبد الله بن عمرو إن رسول الله لم يكن فاحشا ولا متفاحشا وقال إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا وقال استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل )
مطابقته للترجمة في قوله عبد الله بن مسعود والحديث مر في الباب الذي قبله غير أنه زاد في هذا حديثا تقدم في صفة النبي وسليمان هو الأعمش بن مهران وأبو وائل من الويل بالياء آخر الحروف اسمه شقيق قوله فاحشا أي متكلما بالقبيح ولا متفاحشا أي ولا متكلفا للتكلم به 0
1673 - حدثنا موسى عن أبي عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة دخلت الشأم فصليت ركعتين فقلت اللهم يسر لي جليسا صالحا فرأيت شيخا مقبلا فلما دنا قلت أرجو أن يكون استجاب الله قال من أين أنت قلت من أهل الكوفة قال أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد المطهرة أو لم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان أولم يكن فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره كيف قرأ ابن أم عبد والليل فقرأت والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى قال أقرأنيها النبي فاه إلى في فما زال هؤلاء حتى كادوا يردوني
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( موسى ) هو ابن إسماعيل التبوذكي وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وال ( مغيرة ) بن مقسم الكوفي و ( إبراهيم ) هو النخعي و ( علقمة ) بن قيس النخعي والحديث مر في باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله تعالى عنهما من طريقين ومر الكلام فيه هناك قوله استجاب أي دعائي قوله يردوني ويروى يردونني على الأصل أي من قراءة الذكر والأنثى ( الليل 3 ) إلى قراءة وما خلق الذكر والأنثى ( الليل 3 )
2673 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن عبد الرحمان بن يزيد قال سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي حتى نأخذ عنه فقال ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي من ابن أم عبد ( الحديث 2673 - طرفه في 7906 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي و ( عبد الرحمن بن يزيد ) من الزيادة النخعي أخو الأسد بن يزيد والحديث أخرجه الترمذي في المناقب عن ابن بشار وأخرجه النسائي فيه عن بندار
قوله السمت وهو الهيئة الحسنة والهدي بفتح الهاء وسكون الدال الطريقة والمذهب و الدل بفتح الدال المهملة وتشديف اللام الشكل والشمائل وكأنه مأخوذ مما يدل ظاهر حاله على حسن فعاله وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود وهي اسم أمه وقد مر عن قريب
3673 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ) قال حدثني أبي عن ( أبي إسحاق ) قال حدثني ( الأسود بن يزيد ) قال سمعت ( أبا موسى الأشعري ) رضي الله تعالى عنه يقول قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نراى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي لما نري من دخوله ودخول أمه على النبي ( الحديث 3673 - طرفه في 4834 )

(16/247)


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لما نرى إلى آخره ومحمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي يروى عن أبيه يوسف بن إسحاق وهو يروي عن جده أبي إسحاق السبيعي
والحديث أخرجه البخاري في المغازي عن عبد الله بن محمد وإسحاق بن نصر وأخرجه مسلم في الفضائل عن إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعن آخرين وأخرجه الترمذي في المناقب عن أبي كريب به وأخرجه النسائي فيه عن عبدة بن عبد الله وعن محمد بن بشار
قوله قدمت أنا وأخي قد ذكرنا في مناقب أبي بكر أن لأبي موسى أخوين أبو رهم وأبو بردة وقيل إن له أخا آخر اسمه محمد وأشهرهم أبو بردة بضم الباء الموحدة واسمه عامر قوله ما نرى يجوز أن يكون حالا من فاعل مكثنا ويجوز أن يكون صفة لقوله حينا قوله لما نرى اللام فيه للتعليل وكلمة ما مصدرية أي لأجل رؤيتنا دخول عبد الله بن مسعود ودخول أمه على النبي وذلك يدل على خصوصيته بملازمة النبي وفيه دلالة على فضله وخيره
82 -
( باب ذكر معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب فيه ذكر أبي عبد الرحمن بن معاوية بن أبي سفيان واسمه صخر ويكنى أيضا أبا حنظلة بن حرب بن أبي أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فمعاوية وأبوه من مسلمة الفتح وقيل إنه أسلم زمن الحديبية وأسلمت أمه أيضا بعده وكتب معاوية للنبي وولي إمرة دمشق عن عمر بن الخطاب بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة واستمر عليها بعد ذلك في خلافة عثمان ثم زمان محاربته لعلي والحسن ثم اجتمع عليه الناس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات سنة ستين فكانت ولايته ما بين إمارة ومحاربة ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية
4673 - حدثنا ( الحسن بن بشر ) حدثنا ( المعافى ) عن ( عثمان بن الأسود ) عن ( ابن أبي مليكة ) قال أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لإبن عباس فأتى ابن عباس فقال دعه فإنه قد صحب رسول الله ( الحديث 4673 - طرفه في 5673 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر معاوية وفيه دلالة أيضا على فضله من حيث إنه صحب النبي
والحسن بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة أبو مسلم بن المسيب أبو علي البجلي الكوفي مات سنة إحدى وعشرين ومائتين والمعافى بلفظ اسم المفعول من المعافاة بالمهملة والفاء ابن عمران الأزدي الموصلي يكنى أبا مسعود أحد الأعلام من الثقات النبلاء ولقد لقي بعض التابعين وتلمذ لسفيان الثوري وكان يلقب ياقوتة العلماء وكان الثوري شديد التعظيم له مات سنة خمس أو ست وثمانين ومائة وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وموضع آخر تقدم في الاستسقاء وعثمان بن الأسود بن موسى المكي وابن أبي مليكة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة
وأخرجه البخاري أيضا عن ابن أبي مريم عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة على ما يجيء الآن
قوله وعنده مولى لابن عباس وهو كريب روى ذلك محمد بن نصر المروزي في كتاب ( الوتر ) له من طريق ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن كريب قوله فأتى ابن عباس فقال دعه فيه حذف تقديره فأتى ابن عباس فأخبره بذلك فقال الفاء فيه فصيحة وهي التي تفصح عن المقدر المذكور قوله دعه أي اترك القول فيه والإنكار عليه فإنه صحب رسول الله وإنه عارف بالفقه
5673 - حدثنا ( ابن أبي مريم ) حدثنا ( نافع بن عمر ) حدثني ( ابن أبي مليكة ) قيل ل ( ابن عباس ) هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب إنه فقيه ( انظر الحديث 4673 )

(16/248)


هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم عن نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي وقد تقدم في العلم قوله إلا بواحدة أي بركعة واحدة قوله أصاب أي السنة قوله إنه أي إن معاوية فقيه يعني يعرف أبواب الفقه
6673 - حدثني ( عمرو بن عباس ) حدثنا ( محمد بن جعفر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) قال سمعت ( حمران بن أبان ) عن ( معاوية ) رضي الله تعالى عنه قال إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا النبي فما رأيناه يصليهما ولقد نهى عنهما يعني الركعتين بعد العصر ( انظر الحديث 785 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر معاوية ولا يدل هذا على فضيلته فإن قلت قد ورد في فضيلته أحاديث كثيرة قلت نعم ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد نص عليه إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما فلذلك قال باب ذكر معاوية ولم يقل فضيلة ولا منقبة
وعمرو بن عباس أبو عثمان البصري وهو من أفراده ومات في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين ومحمد بن جعفر هو غندر وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف واسمه يزيد بن حميد الضبعي البصري وحمران بضم الحاء المهملة ابن أبان بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة مولى عثمان بن عفان
والحديث من أفراده وقد مر هذا الحديث في كتاب الصلاة في باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس وقد مر الكلام فيه هناك
92 -
( باب مناقب فاطمة عليها السلام )
أي هذا باب في بيان مناقب فاطمة بنت النبي وأمها خديجة بنت خويلد ولدت فاطمة في الإسلام وكان مولدها وقريش تبني الكعبة وكان بناء قريش الكعبة قبل مبعث النبي بسبع سنين وستة أشهر وأنكحها رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بعد وقعة أحد وقيل تزوجها بعد أن ابتني رسول الله بعائشة بأربعة أشهر ونصفا وبنى بها بعد تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف وكان سنها يومئذ خمس عشرة وخمسة أشهر ونصفا وكان سن علي يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وقال أبو عمر فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ولم يتزوج علي رضي الله تعالى عنه عليها غيرها حتى ماتت وتوفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة وقال المدايني وصلى عليها العباس وقال الكرماني غسلها علي وصلى عليها ودفنها ليلا بوصيتها وقال أبو عمر توفيت بعد رسول الله بيسير وقال محمد بن علي بستة أشهر وقال عمرو بن دينار بثمانية أشهر وقال ابن بريدة عاشت بعد أبيها سبعين يوما
وقال النبي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
هذا التعليق أخرجه البخاري في علامات النبوة وقد مر الكلام فيه هناك وغيره
7673 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي يروي عن سفيان بن عيينة والحديث مر في باب ذكر أصهار النبي بأتم منه ومضى الكلام فيه قوله بضعة مني بفتح الباء الموحدة وبضمها على قول وبكسرها أيضا واستدل به البيهقي على أن من سبها فإنه يكفر
03 -
( باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها )

(16/249)


أي هذا باب في بيعن عمرو بن عون ومسدد وأخرجه مسلم في الفضائل عن القعنبي وعن يحيى بن يحيى وقتيبة وعلي بن حجر وأخرجه الترمذي في المناقب عن علي بن حجر وأخرجه النسائي في الوليمة عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه ابن ماجه في الأطعمة عن حرملة بن يحيى
قوله الثريد في الأصل الخبز المكسور يقال ثردت الخبز ثردا أي كسرته فهو ثريد ومثرود والإسم الثردة بالضم وقال ابن الأثير في شرح هذا الموضع قيل لم يرد عين الثريد وإنما أراد الطعام المتخذ من اللحم والثريد معا لأن الثريد غالبا لا يكون إلا من لحم والعرب قلما تجد طبيخا ولا سيما بلحم ويقال الثريد أحد اللحمين بل اللذة والقوة إذا كان اللحم نضيجا في المرق أكثر مما في نفس اللحم انتهى قلت علم من هذا أن الثريد طعام متخذ من اللحم يكون فيه خبز مكسور فلا يسمى اللحم المطبوخ وحده بدون الخبز المكسور ثريدا ولا الخبز المكسور وحده بدون اللحم ثريدا والظاهر أن فضل الثريد على سائر الطعام إنما كان في زمنهم لأنهم قلما كانوا يجدون الطبيخ ولا سيما إذا كان باللحم وأما في هذا الزمان فأطعمة معمولة من أشياء كثيرة متنوعة فيها من أنواع اللحوم ومعها أنواع من الخبز الحواري فلا يقال إن مجرد اللحم مع الخبز المكسور أفضل من هذه الأطعمة المختلفة الأجناس والأنواع وهذا ظاهر لا يخفى
1773 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( عبد الوهاب بن عبد المجيد ) حدثنا ( ابن عون ) عن ( القاسم بن محمد ) أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله وعلى أبي بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن ابن عباس قطع لعائشة بدخول الجنة إذ لا يقال ذلك إلا بتوقيف وهذه فضيلة عظيمة وابن عون بفتح العين المهملة وسكون الواو عبد الله البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن ابن المثنى نحوه
قوله اشتكت أي ضعفت قوله تقدمين بفتح الدال قوله على فرط بفتح الفاء والراء وهو المتقدم من كل شيء ويقال الفرط الفارط أي السابق إلى الماء والمنزل قوله صدق صفة فرط أي صادق وهو عبارة عن الحسن قال تعالى في مقعد صدق ( القمر 55 ) قوله على رسول الله بدل منه بتكرير العامل وحاصل المعنى أن النبي وأبا بكر قد سبقاك وأنت تلحقينهما وهما قد هيئا لك المنزل في الجنة فلا تحملي الهم وافرحي بذلك
2773 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) سمعت ( أبا وائل ) قال لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولاكن الله ابتلاكم تتبعونه أو إياها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إنها أي إن عائشة زوجته أي زوجة النبي في الدنيا والآخرة وفي هذا فضل عظيم لها
وغندر هو محمد بن جعفر والحكم هو ابن عتيبة وأبو وائل هو شقيق قوله بعث علي أي علي بن أبي طالب وكان علي رضي الله تعالى عنه بعث عمار بن ياسر والحسن ابنه إلى الكوفة لأجل نصرته في مقاتلة كانت بينه وبين عائشة بالبصرة ويسمى بيوم الجمل بالجيم قوله ليستنفرهم أي ليستنجدهم ويستنصرهم من الاستنفار وهو الاستنجاد والاستنصار قوله خطب جواب لما قوله أنهاأي أن عائشة زوج النبي في الدنيا والآخرة وروى ابن حبان من طريق سعيد بن كثير عن عائشة أن النبي قال لها أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة قوله تتبعونه أي تتبعون عليا أو تتبعون إياها أي عائشة قيل الضمير المنصوب في تتبعونه يرجع إلى الله تعالى والمراد باتباع حكمه الشرعي في طاعة الإمام وعدم الخروج عليه فإن قلت خاطب الله تعالى أزواج النبي بقوله قرن في بيوتكن ( الأحزاب 33 ) ولهذا قالت أم سلمة لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى الله تعالى قلت كانت عائشة

(16/251)


ان فضل عائشة رضي الله تعالى عنها هي الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنهما قيل إنما قال البخاري ذكر معاوية ومناقب فاطمة وفضل عائشة لأنه أراد بذكر الفضل مراعاة لفظ الحديث في حقها وأما الذكر فهو أعم من المناقب وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس تزوجها رسول الله بمكة قبل الهجرة بسنتين في قول أبي عبيدة وقيل قبلها بثلاث سنين وقيل بسنة ونصف وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة بعد منصرفه من وقعة بدر في شوال سنة اثنتين من الهجرة وهي بنت تسع سنين ومات النبي ولها نحو ثمان عشرة سنة وعاشت بعده قريبا من خمسين سنة وأكثر الناس الأخذ عنها ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئا كثيرا حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها روي لها عن رسول الله ألف حديث وعشرة أحاديث ولم تلد للنبي وسألته أن تكتني فقال إكتني بابن أختك قالت أم عبد الله
8673 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال ( أبو سلمة ) إن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله يوما يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته تراى ما لا أراى تريد رسول الله
مطابقته للترجمة من حيث إن سلام جبريل عليها يدل على أن لها فضلا عظيما واستدل به بعضهم لفضل خديجة على عائشة لأن الذي ورد في حق خديجة أن النبي قال لها إن جبريل يقرئك السلام من ربك وهنا السلام من جبريل خاصة ويحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري وهذا روى له مسلم أيضا ويونس بن يزيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف والحديث مر في بدء الخلق ومر الكلام فيه هناك قوله يا عائش مرخم يجوز في الشين الضم والفتح قوله ترى خطاب لرسول الله وأوضحه بقوله تريد رسول الله
9673 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) قال وحدثنا ( عمرو ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) عن ( مرة ) عن ( أبي موسى الأشعري ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
مطابقته للترجمة في قوله فضل عائشة إلى آخره وأخرج هذا الحديث من طريقين الأول عن آدم بن أبي إياس عن شعبة عن عمرو بن مرة إلى آخره الثاني عن عمرو بن مرزوق عن شعبة عن عمرو بن مرة بضم الميم وتشديد الراء الأعمى الكوفي عن مرة الهمداني الكوفي عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه والحديث مضى في قصة موسى في باب قول الله تعالى ضرب الله مثلا ( إبراهيم 42 النحل 57 67 و211 الزمر 92 التحريم 01 و11 ) الآية ومضى الكلام فيه هناك
قوله كمل بتثليث الميم قوله ولم يكمل أي من نساء عصرها وقال ابن حبان الأفضلية التي يدل عليها هذا الحديث وغيره مقيدة بنساء النبي حتى لا يقع بينه وبين قوله أفضل نساء إهل الجنة خديجة وفاطمة تعارض ظاهرا
0773 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) قال حدثني ( محمد بن جعفر ) عن عبد الله بن عبد الرحمان أنه سمع أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله يقول فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبي القاسم القرشي العامري الأويسي المديني ومحمد بن جعفر ابن أبي كثير و ( عبد الله بن عبد الرحمن ) بن معمر بن حزم أبو طوالة الأنصاري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة

(16/250)


رضي الله تعالى عنها متأولة هي وطلحة والزبير وكان مرادهم إيقاع الإصلاح بين الناس وأخذ القصاص من قتلة عثمان رضي الله تعالى عنه
3773 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي شكوا ذالك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة
مطابقته للترجمة تفهم من قوله جزاك الله خيرا إلى آخره وأبو أسامة حماد بن أسامة يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير والحديث مرسل لأن عروة تابعي والحديث مر بطوله في أول كتاب التيمم
قوله من أسماء هي أخت عائشة والقلادة والعقد بكسر العين واحد وهو كل ما يعقد ويعلق في العنق فإن قلت قالت في الرواية الأخرى عقدا لي وهذا يخلف قولها استعارت قلت لا مخالفة في الحقيقة لأنها ملك لأسماء وإضافته في تلك الرواية إلى نفسها لكونه في يدها قوله فهلكت أي ضاعت قوله أسيد بضم الهمزة وفتح السين وحضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة الأنصاري الصحابي قوله فصلوا بغير وضوء قال النووي فيه دليل على أن من عدم الماء والتراب يصلي على حاله وللشافعي فيه أربعة أقوال أصحها أنه يجب عليه أن يصلي ويجب أن يعيدها والثاني تحرم عليه الصلاة وتجب الإعادة والثالث لا تجب عليه ولكن تستحب ويجب القضاء الرابع تجب الصلاة ولا تجب الإعادة وهذا مذهب المزني وعند أبي حنيفة يمسك عن الصلاة ولا يجب عليه التشبه وعند أبي يوسف ومحمد يجب التشبه ولا خلاف في القضاء
4773 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه أن رسول الله لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول أين أنا غدا أين أنا غدا حرصا على بيت عائشة قالت عائشة فلما

(16/252)


كان يومي سكن
هذا الإسناد بعين الإسناد الأول وهو أيضا مرسل قيل ظاهره كذا ولكن قول عائشة في آخر الحديث قالت عائشة يوضح أن كله موصول
قوله في مرضه أي مرضه الذي مات فيه وفي رواية مسلم قالت إن كان رسول الله ليتفقد يقول أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاء ليوم عائشة وهنا حرصا أي لأجل حرصه على بيت عائشة قوله فلما كان يومي سكن قال الكرماني أي مات أو سكت عن هذا القول وقال بعضهم الثاني هو الصحيح والأول خطأ صريح قلت الخطأ الصريح تخطئته لأن في رواية مسلم فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري والسحر بفتح السين وضمها وإسكان الحاء الرئة وما تعلق بها
5773 - حدثنا ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( حماد ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه قال كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان أوحيت ما دار قالت فذكرت ذالك أم سلمة للنبي قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لا تؤذيني في عائشة إلى آخره وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري مات في سنة ثمان وعشرين ومائتين وهو من أفراده وحماد هو ابن زيد وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير والحديث مر في كتاب الهبة في باب قبول الهدية ومر الكلام فيه هناك
قوله يتحرون أي يقصدون ويجتهدون قوله وإنا نريد الخير بنون المتكلم مع الغير وأم سلمة أم المؤمنين واسمها هند وقد مر غير مرة قوله فمري أي قولي وبه يستدل على أن العلو والاستعلاء لا يشترط في الأمر قوله في لحاف وهو اسم ما يتغطى به قال الكرماني والمعتنون بهذا الكتاب من الشيوخ رضي الله تعالى عنهم ضبطوه فقالوا ههنا منتصف الكتاب أي كتاب البخاري وباب مناقب الأنصار هو ابتداء النصف الأخير منه
1 -
( باب مناقب الأنصار )
أي هذا باب في مناقب الأنصار والأنصار جمع نصير مثل شريف وأشراف والنصير الناصر وجمعه نصر مثل صاحب وصحب والأنصار إسم إسلامي سمي به النبي الأوس والخزرج وحلفاءهم والأوس ينتسبون إلى أوس بن حارثة والخزرج ينتسبون إلى الخزرج بن حارثة وهما ابنا قيلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة وقيل قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد ابن قضاعة وأبوهما حارثة بن ثعلبة من اليمن
وقول الله عز و جل والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ( الحشر 9 )
وقول الله عز و جل بالجر عطفا على قوله مناقب الأنصار لأنه مضاف مجرور بإضافة الباب إليه وفي النسخ التي لم يذكر فيها لفظ باب يكون مرفوعا لأنه يكون عطفا على لفظ المناقب أيضا لأنه حينئذ يكون مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا مناقب الأنصار يعني هذا الذي نذكره مناقب الأنصار قوله والذين تبوؤا ( الحشر 9 ) أي اتخذوا ولزموا والتبوؤ في الأصل التمكن والاستقرار والمراد بالدار دار الهجرة نزلها الأنصار قبل المهاجرين وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي بسنتين فأحسن الله عليهم الثناء قوله والإيمان فيه إضمار أي وآثروا الإيمان وهذا من قبيل قول الشاعر
علفتها تبنا وماء باردا
وزعم محمد بن الحسن بن زبالة أن الإيمان اسم من أسماء المدينة واحتج بالآية ولا حجة له فيها لأن الإيمان ليس بمكان قوله من قبلهم أي من قبل المهاجرين قوله يحبون من هاجر إليهم أي من المسلمين حتى بلغ من محبتهم أن نزلوا لهم عن نسائهم وشاطروهم أموالهم ومساكنهم قوله حاجة أي حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون وقد مر شيء من ذلك في أوائل مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه
6773 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( مهدي بن ميمون ) حدثنا ( غيلان بن جرير ) قال قلت لأنس أرأيتم اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله قال بل سمانا الله كنا ندخل على أنس فيحدثنا مناقب الأنصار ومشاهدهم ويقبل علي أو على رجل من الأزد فيقول فعل قومك يوم كذا وكذا وكذا وكذا ( الحديث 6773 - طرفه في 4483 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث والحديث أخرجه البخاري أيضا في آخر أيام الجاهلية عن أبي النعمان محمد بن الفضل وأخرجه النسائي في التفسير عن إسحاق بن إبراهيم
قوله أرأيتمأي أخبروني أنكم قبل القرآن كنتم تسمون بالأنصار أم لا قوله بل سمانا الله كما في قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ( التوبة 011 ) قوله

(16/253)


كنا ندخل على أنس أي بالبصرة قوله فيقبل علي أي مخاطبا لي من الإقبال و علي بتشديد الياء قوله أو على رجل شك من الراوي أي أو يقبل أنس على رجل من الأزد والظاهر أن المراد هو غيلان المذكور لأنه من الأزد ويحتمل أن يكون غيره من الأزد فإن قلت فعلى التقديرين قال أنس فعل قومك بالخطاب إلى غيلان أو غيره من الأزد بقوله قومك وليس قومه من الأنصار قلت هذا باعتبار النسبة الأعمية إلى الأزد فإن الأزد يجمعهم قوله فعل قومك كذا أي يحكي ما كان من مآثرهم في المغازي ونصر الإسلام قوله كذا وكذا واعلم أن كذا ترد على ثلاثة أوجه أحدها أن تكون كلمة واحدة مركبة من كلمتين مكنيا بها عن غير عدد وهذا هو المراد به هنا كما جاء في الحديث يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا فعلت كذا وكذا
7773 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان ( يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله ) فقدم رسول الله وقد افترق ملأهم وقتلت سرواتهم وجرحوا فقدمه الله لرسوله في دخولهم في الإسلام
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث مثل ما في الحديث السابق وسنده بعينه مضى في الباب السابق والحديث أخرجه البخاري أيضا في الهجرة عن عبيد الله بن سعيد
ذكر معناه قوله بعاث بضم الباء الموحدة وتخفيف العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة وهو يوم من أيام الأوس والخزرج معروف وقال العسكري روى بعضهم عن الخليل بن أحمد بالغين المعجمة وقال أبو منصور الأزهري صحفه ابن المظفر وما كان الخليل ليخفى عليه هذا اليوم لأنه من مشاهير أيام العرب وإنما صحفه الليث وعزاه إلى الخليل نفسه وهو لسانه وذكر النووي أن أبا عبيدة معمر بن المثنى ذكره أيضا بغين معجمة وحكى القزاز في ( الجامع ) أنه يقال بفتح أوله أيضا وذكر عياض أن الأصيلي رواه بالوجهين يعني بالعين المهملة والمعجمة وأن الذي وقع في رواية أبي ذر بالغين المعجمة وجها واحدا وهو مكان ويقال إنه حصن على ميلين من المدينة وقال ابن قرقول يجوز صرفه وتركه قلت إذا كان اسم يوم يجوز صرفه وإذا كان اسم بقعة يترك صرفه للتأنيث والعلمية وقال أبو موسى المديني بعاث حصن للأوس وقال ابن قرقول وهو على ليلتين من المدينة وكانت به وقعة عظيمة بين الأوس والخزرج قتل فيها كثير منهم وكان رئيس الأول فيه حضير والد أسيد بن حضير وكان يقال له حضير الكتائب وكان فارسهم ويقال إنه ركز الرمح في قدمه يوم بعاث وقال أترون أني أفر فقتل يومئذ وكان له حصن منيع يقال له وأقم وكان رئيس الخزرج يومئذ وكان ذلك قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بأربعين سنة وقيل بأكثر من ذلك وقال في ( الواعي ) بقيت الحرب بينهم قائمة مائة وعشرين سنة حتى جاء الإسلام وفي ( الجامع ) كأنه سمى بعاثا لنهوض القبائل بعضها إلى بعض وقال أبو الفرج الأصبهاني إن سبب ذلك أنه كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف فقتل رجل من الأوس حليفا للخزرج فأرادوا أن يقيدوه فامتنعوا فوقعت بينهم الحرب لأجل ذلك قوله يوما قدمه الله لرسوله أي قدم ذلك اليوم لأجل رسول الله إذ لو كان أشرافهم أحياء لاستكبروا عن متابعة رسول الله ولمنع حب رياستهم عن دخول رئيس عليهم فكان ذلك من جملة مقدمات الخير وذكر أبو أحمد العسكري في ( كتاب الصحابة ) قال بعضهم كان يوم بعاث قبل قدوم النبي بخمس سنين قوله فقدم رسول الله أي المدينة وقد افترق الواو فيه للحال قوله ملأهم أي جماعتهم قوله سرواتهم بفتح السين المهملة والراء والواو أي خيارهم وأشرافهم والسروات جمع السراة وهو جمع السري وهو السيد الشريف الكريم وقال ابن الأثير السري النفيس الشريف وقيل السخي ذو مروءة والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد تضم السين والاسم منه السرو انتهى قلت السرو سخاء في مروءة يقال سرا

(16/254)


يسرو وسرى بالكسر يسري سروا فيهما وسر ويسر وسراوة أي صار سريا قال الجوهري جمع السري سراة وهو جمع عزيز أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره وجرحوا بضم الجيم وكسر الراء من الجرح ويروى وحرجوا بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبالجيم من الحرج وهو في الأصل الضيق ويقع على الإثم والحرام وقيل الحرج أضيق الضيق قوله فقدمه الله أي فقدم الله ذلك اليوم لرسوله أي لأجله قوله في دخولهم في الإسلام كلمة في هنا للتعليل أي لأجل دخولهم أي دخول الأنصار الذين بقوا من الذين قتلوا يوم بعاث في الإسلام وجاء في بمعنى التعليل في القرآن والحديث أما القرآن فقوله تعالى فذلكن الذي لمتنني فيه ( يوسف 23 ) وأما الحديث فقوله إن امرأة دخلت النار في الهرة
8773 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) قال سمعت ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه يقول قالت ( الأنصار يوم فتح مكة وأعطى قريشا والله ) إن ( هذا لهو العجب ) إن ( سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم فبلغ ) ذلك النبي فدعا الأنصار قال فقال ما الذي بلغني عنكم وكانوا لا يكذبون فقالوا هو الذي بلغك قال أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم وترجعون برسول الله إلى بيوتكم لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم
مطابقته للترجمة في قوله قال أولا ترضون إلى آخره فإن فيه منقبة عظيمة لهم وأبو الوليد هشام بن عبد الملك وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره حاء مهملة واسمه يزيد بن حميد الضبعي البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن سليمان بن حرب وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن الوليد وأخرجه النسائي في المناقب عن إسحاق بن إبراهيم
قوله يوم فتح مكة يعني عام فتح مكة لأن الغنائم المشار إليها كانت غنائم حنين وكان ذلك بعد الفتح بشهرين قوله وأعطى قريشا الواو فيه للحال قوله والله إلى قوله ترد عليهم مقول الأنصار قوله إن هذا إشارة إلى الإعطاء الذي دل عليه قوله وأعطى قريشا قوله إن سيوفنا تقطر من دماء قريش فيه من أنواع البديع القلب نحو عرضت الناقة على الحوض والأصل دماؤهم تقطر من سيوفنا هكذا قالوا ويجوز أن يكون على الأصل ويكون المعنى إن سيوفنا من كثرة ما أصابها من دماء قريش تقطر دماءهم قوله وكانوا لا يكذبون يعني الأنصار قوله هو الذي بلغك يعني الذي بلغك نحن قلناه ولا ننكر قوله لسلكت أراد بذلك حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم لما شاهد منهم من حسن الجوار والوفاء بالعهد لا متابعة لهم لأنه هو المتبوع المطاع المفترض الطاعة والمتابعة له واجبة على كل مؤمن ومؤمنة قوله أو شعبهم بكسر الشين وسكون العين المهملة وهو الطريق في الجبل ويجمع على شعاب وأما الشعب بالفتح فهو ما تشعب من قبائل العرب والعجم ويجمع على شعوب
2 -
( باب قول النبي لولا الهجرة لكنت من الأنصار قاله عبد الله بن زيد عن النبي )
أي هذا باب يذكر فيه قول النبي إلى آخره وقال محيي السنة ليس المراد منه الانتقال عن النسب الولادي ومعناه لولا أن الهجرة أمر ديني وعبادة مأمور بها لانتسبت إلى داركم والغرض منه التعريض بأنه لا فضيلة أعلى من النصرة بعد الهجرة وبيان أنهم بلغوا من الكرامة مبلغا لولا أنه من المهاجرين لعد نفسه من الأنصار رضي الله تعالى عنهم وتلخيصه لولا فضلي على الأنصار بالهجرة لكنت واحدا منهم قوله قاله عبد الله بن زيد أي ابن عاصم بن كعب أبو محمد الأنصاري البخاري المازني رضي الله تعالى عنه وأخرج هذا المعلق بتمامه موصولا في المغازي في باب غزوة الطائف عن موسى بن إسماعيل عن وهيب

(16/255)


عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال لما أفاء الله على رسوله الحديث وفيه لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
9773 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( محمد بن زياد ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي أو قال أبو القاسم لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار فقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخراى
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه جزءا هو الترجمة وغندر بضم الغين المعجمة هو محمد بن جعفر وقد مر غير مرة والحديث أخرجه النسائي في المناقب نحوه عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة به
قوله ما ظلم أي رسول الله في هذا القول قوله بأبي وأمي أي هو مفدى بأبي وأمي قوله آووه بيان لما قبله من الإيواء أي آوى الأنصار رسول الله بمعنى ضموه إليهم وأحاطوا به واتخذوا له منزلا قوله أو كلمة أخرى أي قال أبو هريرة كلمة أخرى مع قوله آووه ونصروه وهي قوله وواسوه بالمال وأصحابه أيضا بأموالهم
3 -
( باب إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار )
هذا باب في بيان إخاء النبي وهو من قولهم وآخاه موآخاة وإخاء أي اتخذه أخا
0873 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) قال حدثني ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن جده قال ( لما قدموا المدينة آخاى رسول الله ) بين عبد الرحمان بن عوف وسعد بن الربيع قال لعبد الرحمان إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها قال بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق بن قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبي مهيم قال تزوجت قال كم سقت إليها قال نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب شك إبراهيم ( انظر الحديث 8402 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم عن جده عبد الرحمن بن عوف
والحديث مر في أول كتاب البيوع فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله عن إبراهيم بن سعد إلى آخره
قوله وسعد بن الربيع بفتح الراء ضد الخريف الخزرجي الأنصاري العقبي النقيب البدري استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وقينقاع بفتح القافين وسكون الياء آخر الحروف وضم النون وفي آخره عين مهملة قوله الغدو والغدوات كقوله تعاى بالغدو والآصال ( الأعراف 502 الرعد 51 النور 63 ) أي فعل مثله في كل صبيحة يوم قوله مهيم بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء آخر الحروف وفي آخره ميم أي ما حالك وما شأنك وما الخبر قوله نواة وهي خمسة دراهم قوله أو وزن شك من الراوي وهو إبراهيم بن سعد المذكور
1873 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( حميد ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أنه قال ( قدم علينا عبد الرحمان بن عوف وآخاى رسول الله ) بينه وبين سعد

(16/256)


ابن الربيع وكان كثير المال فقال سعد قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا سأقسم مالي بيني وبينك شطرين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها فقال عبد الرحمان بارك الله لك في أهلك فلم يرجع يومئذ حتى أفضل شيئا من سمن وأقط فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء رسول الله وعليه وضر من صفرة فقال له رسول الله مهيم قال تزوجت امرأة من الأنصار فقال ما سقت فيها قال وزن نواة من ذهب أو نواة من ذهب فقال أولم ولو بشاة
مطابقته للترجمة في قوله وآخى رسول الله بينه وبين سعد وإسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم الأنصاري المديني كان يكون ببغداد مات سنة ثمانين ومائة وبعضه مر في كتاب الكفالة في باب قول الله تعالى والذين عاقدت إيمانكم ( النساء 33 ) بعين هذا الإسناد
قوله وضر بفتح الواو والضاد المعجمة وبالراء أي لطخ من الطيب ونحوه وأكثر المباحث تقدم هناك وفيه الأمر بالوليمة والأشهر استحبابها وهي الطعام الذي يصنع عند العرس
2873 - حدثنا ( الصلت بن محمد أبو همام ) قال سمعت ( المغيرة بن عبد الرحمان ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قالت الأنصار اقسم بيننا وبينهم النخل قال لا قال تكفونا المؤونة وتشركونا في التمر قالوا سمعنا وأطعنا
مطابقته للترجمة في قوله سمعنا وأطعنا وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز والحديث مر في المزارعة في باب إذا قال إكفني مؤونة النخل فإنه أخرجه هناك عن الحكم بن نافع عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
قوله وبينهم يعني وبين المهاجرين قوله تكفونا ويروى تكفوننا على الأصل وكذا الوجهان في تشركونا قوله قالوا أي الأنصار رضي الله تعالى عنهم
4 -
( باب حب الأنصار من الإيمان )
أي هذا باب في بيان حب الأنصار
4873 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن عبد الرحمان بن عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي قال آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار ( انظر الحديث 71 )

(16/257)


مضى الحديث في كتاب الإيمان في باب علامة الإيمان حب الأنصار فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة عن ( عبد الرحمن بن عبد الله بن جبر ) عن أنس إلى آخره وعبد الله بن عبد الله هو الصحيح وما وقع عن عبد الله بن عبد الله ابن جبر لا يصح وقال ابن منجويه أهل العراق يقولون في جده جبر ولا يصح وإنما هو جابر بن عتيك الأنصاري المدني
5 -
( باب قول النبي للأنصار أنتم أحب الناس إلي )
أي هذا باب يذكر فيه قول النبي للأنصار أنتم أحب الناس إلي والحكم بأحبية الأنصار إليه من الناس لا ينافي أحيية أحد إليه من غير الأنصار لأن الحكم للكل بشيء لا ينافي الحكم به لفرد من أفراده فلا تعارض بينه وبين قوله أبو بكر في جواب من أحب الناس إليك فافهم
5873 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال ( رأى ) النبي النساء والصبيان مقبلين قال حسبت أنه قال من عرس فقام النبي ممثلا فقال اللهم أنتم من أحب الناس إلي قالها ثلاث مرار ( الحديث 5873 - طرفه في0815 )
مطابقته للترجمة في قوله أنتم من أحب الناس إلي وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعدي البصري وعبد الوارث هو ابن سعيد وعبد العزيز بن صهيب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن عبد الرحمن بن المبارك
قوله حسبت الشك فيه من الراوي والعرس بضم العين المهملة وهو طعام الوليمة يذكر ويؤنث قوله ممثلا بضم الميم الأولى وفتح الثانية وكسر الثاء المثلثة من باب التفعيل أي منتصبا قائما قال ابن التين كذا وقع رباعيا والذي ذكره أهل اللغة مثل الرجل بفتح الميم وضم المثلثة مثولا إذا انتصب قائما ثلاثي انتهى قلت كان غرضه الإنكار على الذي وقع هنا وليس بموجه لأن ممثلا معناه هنا مكلفا نفسه ذلك وطالبا ذلك فلذلك عدى فعله وأما مثل الذي هو ثلاثي فهو لازم غير متعد وفي رواية النكاح ممتنا بفتح التاء المثناة من فوق وبالنون من المنة أي متفضلا عليهم
6873 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم بن كثير ) حدثنا ( بهز بن أسد ) حدثنا ( شعبة ) قال أخبرني ( هشام ابن زيد ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ومعها صبي لها فكلمها رسول الله فقال والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي مرتين
الترجمة مذكورة في الحديث ويعقوب المذكور هو الدورقي وهو شيخ مسلم أيضا وهشام بن زيد بن أنس بن مالك سمع جده أنسا
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن بندار عن غندر وفي النذور عن إسحاق عن وهب بن جرير وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار وعن يحيى بن حبيب وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في المناقب عن أبي كريب به وعن محمد بن عبد الأعلى
قوله فكلمها رسول الله أي ابتدأها بالكلام تأنيسا لها ويحتمل أنه أجابها عما سألته
6 -
( باب اتباع الأنصار )
أي هذا باب في اتباع الأنصار بفتح الهمزة جمع تبع وأراد بهم الحلفاء والموالي لأنهم أتباع الأنصار وليسوا بأنصار
7873 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو ) سمعت ( أبا حمزة ) عن ( زيد بن أرقم ) قالت الأنصار لكل نبي أتباع وإنا قد اتبعناك فادع الله أن يجعل أتباعنا

(16/258)


منا فدعا به فنميت ذلك إلى ابن أبي ليلى قال قد زعم ذلك زيد ( الحديث 7873 - طرفه في 8873 )
مطابقته للترجمة تظهر من معناه وعمرو هو ابن مرة بن عبد الله أبو عبد الله الجملي أحد الأعلام الكوفي الضرير قال أبو حاتم ثقة يرى الإرجاء مات سنة ست عشرة ومائة وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي اسمه طلحة بن يزيد من الزيادة مولى قرظة بن كعب الأنصاري و قرظة بفتح القاف والراء والظاء المعجمة صحابي معروف وهو ابن كعب بن ثعلبة ابن عمرو بن كعب بن عامر بن زيد مناة أنصاري خزرجي مات في ولاية المغيرة على الكوفة لمعاوية وذلك في حدود سنة خمسين
قوله أن يجعل أتباعنا منا أي يقال لهم الأنصار حتى تتناولهم الوصية بهم بالأحسان إليهم ونحو ذلك قوله فدعا به أي بما سألوه من ذلك وفي الرواية التي تأتي بلفظ أللهم إجعل أتباعهم منهم قوله فنميت أي رفعته ونقلته وهو بتخفيف الميم وأما بتشديد الميم فمعناه أبلغته على جهة الإفساد وقائل ذلك هو عمرو بن مرة قوله إلى ابن أبي ليلى وهو عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله قد زعم ذلك زيد أي قال قال ذلك زيد وأهل الحجاز يطلقون الزعم على القول وزيد هو زيد بن أرقم وجزم به أبو نعيم في ( المستخرج ) وقيل يحتمل أن يكون غير زيد بن أرقم كزيد بن ثابت وما ذكره أبو نعيم هو الصحيح
8873 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( عمرو بن مرة ) قال سمعت ( أبا حمزة ) رجلا ( من الأنصار ) قالت الأنصار إن لكل قوم أتباعا وإنا قد اتبعناك فادع الله أن يجعل أتباعنا منا قال النبي اللهم اجعل أتباعهم منهم قال عمرو فذكرته لابن أبي ليلى قال قد زعم ذاك زيد قال شعبة أظنه زيد بن أرقم ( انظر الحديث 7873 )
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن آدم بن أبي إياس إلى آخره وهو من أفراد البخاري
قوله رجلا من الأنصار نصب على أنه بيان أو بدل من أبا حمزة وأبو حمزة يروي عن حذيفة مرسلا وعن زيد بن أرقم وعنه عمرو بن مرة فقط قوله قال شعبة أظنه أي أظن قول ابن أبي ليلى ذاك زيد أنه زيد بن أرقم وظنه صحيح فإنه زيد بن أرقم كما ذكرناه
7 -
( باب فضل دور الأنصار )
أي هذا باب في بيان فضل دور الأنصار والدور بالضم جمع دار قال ابن الأثير هي المنازل المسكونة والمحال وتجمع أيضا على ديار والمراد ههنا القبائل وكل قبيلة اجتمعت في محلة سميت تلك المحلة دارا وسمي ساكنوها بها مجازا على حذف المضاف أي أهل الدور قال وأما قوله وهل ترك لنا عقيل من دار فإنما يريد به المنزل لا القبيلة
9873 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) عن ( أبي أسيد ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير
مطابقته للترجمة ظاهرة وغندر بضم الغين المعجمة قد تكرر ذكره وهو محمد بن جعفر وأبو أسيد بضم الهمزة وفتح السين المهملة مصغر أسد واسمه مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في مناقب سعد بن عبادة عن إسحاق عن عبد الصمد وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمد بن بشار به وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن المثنى عن غندر به
قوله خير دور الأنصار أي خير قبائلهم بنو النجار بفتح النون وتشديد الجيم وهذا من باب إطلاق المحل وإرادة الحال أو خيريتها بسبب خيرية أهلها والنجار هو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج والخزرج أخو الأوس ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقيا بن عامر بن ماء السماء

(16/259)


ابن حارثة الغطريف بن امرىء القيس البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن وهو جماع غسان بن الأزد بن الغوث بن يشجب ابن ملكان بن زيد بن كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن إرفخشذ بن سام بن نوح عليه الصلاة و السلام والأزد يقال له الأسد أيضا بالسين وقحطان فعلان من القحط وهو الشدة ويقال شيء قحيط أي شديد وسمي تيم الله بالنجار لأنه اختتن بقدوم وقيل جرحه رجل بالقدوم فسمي النجار وبنو النجار هم رهط سعد بن معاذ وأبي أيوب ومنهم أبو قيس صرمة بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار النجاري ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وهم بالنصرانية ثم أمسك عنها وقال أعبد رب إبراهيم عليه الصلاة و السلام فلما قدم النبي المدينة أسلم فحسن إسلامه وأما الطائفة النجارية فتنسب إلى حسين النجار أخذ عن بشر بن غياث المريسي القائل بخلق القرآن قوله ثم بنو عبد الأشهل هم من الأوس وعبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج الأصغر بن عمرو وهو النبيت بن مالك بن أوس بن حارثة وبقية النسب قد مرت الآن وقال ابن دريد زعموا أن الأشهل صنم والنسبة إليه أشهلي منهم أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل قوله ثم بنو الحارث بن خزرج والخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس المذكور منهم رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن زيد بن جشم بن الحارث بن الخزرج المذكور قوله ثم بنو ساعدة هم من الخزرج المذكور أيضا وساعدة بن كعب بن الخزرج قال ابن دريد ساعدة اسم من أسماء الأسد منهم سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج ابن ساعدة الأنصاري الخزرجي الشاعر قلت أبو حزيمة بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي كذا قاله الدارقني وقال أبو عمر حليمة باللام موضع الزاي وقال الخطيب خزيمة بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي ويقال خزيمة بكسر الزاي قوله وفي كل دور الأنصار خير المذكور هنا لفظ خير في الموضعين الأول قوله خير دور الأنصار ولفظ خير فيه بمعنى أفعل التفضيل أي أفضل دور الأنصار أي قبائلهم كما ذكرنا والثاني قوله وفي كل دور الأنصار خير ولفظ خير فيه على أصله أي في كل دور الأنصار أي في قبائلهم خير وإن تفاوتت مراتبهم
فقال سعد ما أري النبي إلا قد فضل علينا فقيل قد فضلكم على كثير
أي قال سعد بن عبادة بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وهو من بني ساعدة قوله ما أرى يجوز بفتح الهمزة من الرؤية وبضمها بمعنى الظن قوله قد فضل علينا أي قد فضل النبي علينا بعض القبائل وإنما كان ذلك لأنه من بني ساعدة ولم يذكر النبي بني ساعدة إلا بكلمة ثم بعد ذكره القبائل الثلاثة قوله فقيل قد فضلكم على كثير أي على كثير من القبائل الغير المذكورين من الأنصار
وقال عبد الصمد حدثنا شعبة حدثنا قتادة سمعت أنسا قال أبو أسيد عن النبي بهذا وقال سعد بن عبادة
عبد الصمد هو ابن عبد الوارث بن سعيد التنوري البصري وهذا التعليق ذكره موصولا في مناقب سعد بن عبادة عن إسحاق عن عبد الصمد عن شعبة عن قتادة قال سمعت أنس بن مالك قال أبو أسيد قال رسول الله خير دور الأنصار بنو النجار الحديث ويأتي عن قريب إن شاء الله تعالى قوله وقال سعد بن عبادة أي صرح بأن سعدا في قوله قال سعد ما أرى النبي هو سعد بن عبادة
0973 - حدثنا ( سعد بن حفص الطلحي ) حدثنا ( شيبان ) عن ( يحيى ) قال ( أبو سلمة ) أخبرني ( أبو أسيد ) أنه سمع النبي يقول خير الأنصار أو قال خير دور الأنصار بنو النجار وبنو عبد الأشهل وبنو الحارث وبنو ساعدة

(16/260)


هذا طريق آخر عن أبي أسيد عن النبي أخرجه عن سعد بن حفص أبي محمد الطلحي الكوفي عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي عن يحيى بن أبي كثير واسم أبي كثير صالح اليمامي الطائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وأخرجه البخاري أيضا في الأدب عن أبي قبيصة عن سفيان وأخرجه مسلم في الفضائل عن يحيى بن يحيى وعن عمرو بن علي وأخرجه النسائي في المناقب عن عمرو بن علي وآخرين
8 -
( باب قول النبي للأنصار اصبروا حتى تلقوني على الحوض قاله عبد الله بن زيد عن النبي )
أي هذا باب في بيان قول النبي مخاطبا للأنصار إلى آخره قوله على الحوض أي الكوثر قوله قاله عبد الله بن زيد أي ابن عاصم المازني رضي الله تعالى عنه وهذا التعليق وصله البخاري بأتم من هذا في غزوة حنين على ما سيجيء إن شاء الله تعالى
2973 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) عن ( أسيد بن حضير ) أن رجلا من الأنصار قال يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا قال ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض
( الحديث 2973 - طرفه في 7507 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الإسناد بهؤلاء الرجال قد مر عن قريب فرادى ومجموعا والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن محمد بن عرعرة وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي موسى وبندار وعن يحيى بن حبيب وعن عبيد الله بن معاذ وأخرجه الترمذي في الفتن عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي في المناقب عن محمد بن عبد الأعلى قوله ألا تستعملني

(16/261)


أي ألا تجعلني عاملا على الصدقة أو متوليا على بلد قوله كما استعملت فلانا أي كاستعمالك فلانا قيل هو عمرو بن العاص قوله أثرة بضم الهمزة وسكون الثاء المثلثة وفتح الراء وفي رواية الكشميهني أثرة بفتح الهمزة والثاء قال ابن الأثير الأثرة الاسم من آثر يوثر إيثارا إذا أعطى أراد أن يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء والاستئثار الانفراد بالشيء وقال الكرماني الأثرة الاستئثار لنفسه والاستقلال والاختصاص يعني أن الأمراء يخصصون أنفسهم بالأموال ولا يشركونكم فيها قلت وقع الأمر كما وصف وهو من جملة ما أخبر به من الأمور التي تأتي بعده
3973 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( هشام ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول قال النبي للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني وموعدكم الحوض
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن أنس نفسه والذي قبله عنه عن أسيد رواية الصحابي عن الصحابي وفيه رواية قتادة عن أنس وههنا عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك فإنه يروي عن جده أنس رضي الله تعالى عنه قوله وموعدكم الحوض أي حوض النبي
4973 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( يحيى بن سعيد ) سمع ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه حين خرج معه إلى الوليد قال دعا النبي الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها قال إما لا فاصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة
مطابقته للترجمة في قوله فاصبروا وعبد الله بن محمد أبو جعفر البخاري المعروف بالمسندي وسفيان هو ابن عيينة ويحيى ابن سعيد الأنصاري
والحديث قد مر في الجزية في باب ما اقطع النبي من البحرين فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن يونس عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن أنس وفي الشرب أيضا عن سليمان بن حرب
قوله حين خرج معه أي حين خرج يحيى أي سافر معه أي مع أنس قوله إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان وكان أنس قد توجه من البصرة حين آذاه الحجاج إلى دمشق يشكوه إلى الوليد بن عبد الملك فأنصفه منه قوله إلى أن يقطع بضم الياء آخر الحروف من الإقطاع وهو أن يعطي الإمام قطعة من الأرض وغيرها قوله البحرين تثنية بحر إسم بلد بساحل الهند قوله إما لا بكسر الهمزة وتشديد الميم وفتح اللام أصله أن ما لا تريدوا أو لا تقبلوا فأدغمت النون في الميم وحذف فعل الشرط وقد تمال كلمة لا وقد روى بفتح الهمزة من أن ما قيل هو خطأ إلا على لغة بعض بني تميم فإنهم يفتحون الهمزة من أما حيث وردت وقيل اللام من قوله إما لا مفتوحة عند الجمهور ووقع عند الأصيلي في البيوع من ( الموطأ ) بكسر اللام والمعروف فتحها قوله فإنه أي فإن إقطاع المال سيصيبكم حال كونه أثرة بمعنى استئثار الغير عليكم واستئثار المقطع بكسر الطاء لنفسه وعدم الالتفات إلى غيره كما هو في غالب أهل هذا الزمان فافهم فإنه موضع الدقة
9 -
( باب دعاء النبي أصلح الأنصار والمهاجرة )
أي هذا باب في بيان دعاء النبي للأنصار والمهاجرين بقوله أصلح الأنصار والمهاجرة وقد ذكرنا أن الأنصار جمع نصير بمعنى ناصر كشريف يجمع على أشراف والمهاجرة بكسر الجيم الجماعة المهاجرون الذين هاجروا من مكة إلى المدينة

(16/262)


6973 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( حميد الطويل ) سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال كانت الأنصار يوم الخندق تقول
( نحن الذين بايعوا محمدا
على الجهاد ما حيينا أبدا )
فأجابهم
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخره
فأكرم الأنصار والمهاجره )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الجهاد أخرجه عن حفص بن عمر وأخرجه النسائي في المناقب عن أحمد بن سليمان
7973 - حدثني ( محمد بن عبيد الله ) حدثنا ( ابن أبي حازم ) عن أبيه عن ( سهل ) قال ( جاءنا ) رسول الله ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتادنا فقال رسول الله
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرهفاغفر للمهاجرين والأنصار )
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد أبو ثابت مولى عثمان بن عفان الأموي القرشي المدني وابن أبي حازم عبد العزيز يروي عن ابيه أبي حازم واسمه سلمة بن دينار وسهل هو بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي له ولأبيه صحبة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن القعنبي وأخرجه النسائي في المناقب وفي الرقاق عن قتيبة
قوله على أكتادناجمع كتد بالتاء المثناة من فوق وهو ما بين الكاهل إلى الظهر وفي رواية الكشميهني أكبادنا بالباء الموحدة جمع كبد ووجهه أنا نحمل التراب على جنوبنا مما يلي الكبد
01 -
( باب قول الله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ( الحشر 9 ) )
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى إلخ إنما ذكر هذه الآية بناء على أنها نزلت في الأنصار ولكن ظاهر حديث الباب يدل على أنها نزلت في رجل أنصاري على ما يجيء بيانه عن قريب وعلى كل حال المطابقة موجودة من حيث إنها فيمن يسمى بالأنصاري مفردا أو بالأنصار جمعا واختلفوا في سبب نزول على ما نذكره الآن قوله ويؤثرون من آثرته بكذا

(16/263)


أي خصصته أي يؤثرون بأموالهم ومساكنهم أي لا عن غنى بل مع احتياجهم وهو معنى قوله ولو كان بهم خصاصة ( الحشر 9 ) أي فقر وحاجة
8973 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الله بن داود ) عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا أتى النبي فبعث إلى نسائه فقلن ما معنا إلا الماء فقال رسول الله من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من الأنصار أنا فانطلق به إلى امرأته فقال أكرمي ضيف رسول الله فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين فلما أصبح غدا إلى رسول الله فقال ضحك الليلة أو عجب من فعالكما فأنزل الله ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فألئك هم المفلحون ( الحشر 9 ) ( الحديث 8973 - طرفه في 9884 )
قد ذكرنا أن المطابقة موجودة وعبد الله بن داود بن عامر الهمداني الكوفي سكن الحديبية بالبصرة وهو من أفراده و ( فضيل بن غزوان ) بن جرير أبو الفضل الكوفي وأبو حازم بالحاء والزاي اسمه سلمان الأشجعي ولا يشتبه عليك ب ( أبي حازم ) سلمة بن دينار المذكور في آخر الباب الذي قبله
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن يعقوب بن إبراهيم وأخرجه مسلم في الأطعمة عن زهير بن حرب وأبي كريب وأخرجه الترمذي في التفسير عن أبي كريب وأخرجه النسائي فيه عن هناد عن وكيع
قوله فبعث إلى نسائه أي يطلب منهن ما يضيف الرجل به قوله فقلن ما معنا أي ما عندنا إلا الماء قوله من يضم أي يجمعه إلى نفسه في الأكل قوله أو يضيف شك من الراوي من أضاف يضيف يقال ضفت الرجل إذا نزلت به في ضيافة وأضفته إذا أنزلته وتضيفته إذا نزلت به وتضيفني إذا نزلني قوله فقال رجل من الأنصار قيل هذا أبو طلحة بن زيد بن سهل وهو المفهوم من كلام الحميدي لأنه لما ذكر حديث ( أبي هريرة ) قال في رواية ابن فضيل فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة زيد بن سهل وقال الخطيب لا أراه زيد بن سهل بل آخر تكنى أبا طلحة قلت كأنه استبعد أن يكون أبو طلحة هو زيد بن سهل لأنه كان أكثر الأنصار مالا بالمدينة وقال القاضي إسماعيل في ( أحكام القرآن ) هو ثابت بن قيس بن الشماس قال وذلك لأن رجلا من المسلمين عبر عليه ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر به حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس وقال ابن بشكوال قيل هو عبد الله بن رواحة وذكر النحاس في تفسير هذه الآية أنها نزلت في أبي المتوكل الناجي ورد عليه بأن أبا المتوكل تابعي وقيل هو أبو هريرة راوي الحديث نسب ذلك إلى البحتري القاضي أحد الضعفاء المتروكين قوله قوت صبياني ويروى صبيان بدون الإضافة قوله وأصبحي سراجك بهمزة القطع أي أوقديه أو نوريه قوله فجعلا يريانه بضم الياء من الإراءة قوله أنهما أي أن الأنصاري وامرأته هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره كأنهما بالكاف قوله طاويين حال تثنية طاو وهو الجائع الذي يطوي ليله بالجوع قوله ضحك الله يراد بالضحك لازمه لأن الضحك لا يصح على الله عز و جل وهو الرضا بذلك وكلما جاء هكذا من أمثاله يراد لوازمها قوله أو عجب شك من الراوي وهو كذلك يراد لازمه وهو الرضا بهذا الفعل قوله فأنزل الله هذا هو الأصح في سبب نزول هذه الآية وذكر الواحدي عن ابن عمر قال أهدي لرجل من الصحابة رأس شاة فقال إن أخي وعياله أحوج منا إلى هذا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أهل أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ويؤثرون على

(16/264)


أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ( الحشر 9 ) قوله ومن يوق نفسه ( الحشر 9 ) قال الزمخشري ومن غلب ما أمرته به نفسه وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه فأولئك هم المفلحون ( الحشر 9 ) الظافرون بما أرادوا وقرىء ومن يوق بتشديد القاف وأصله من الوقاية وهي الحفظ والشح بالضم والكسر وقد قرىء بها اللوم وأن تكون النفس كزة حريصة على المنع وقيل الشح والبخل بمعنى واحد وقيل الشح أخذ المال بغير حق والبخل المنع من المال المستحق وقيل الشح بما في يد الغير والبخل بما في يده وقيل البخيل إذا وجد شبع والشحيح لا يشبع أبدا فالشح أعم
11 -
( باب قول النبي أقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم )
أي هذا باب في ذكر قوله اقبلوا من محسن الأنصار وتجاوزوا عن مسيئهم أي لا تؤاخدوه بإساءته
9973 - حدثني ( محمد بن يحيى أبو علي ) حدثنا ( شاذان أخو عبدان ) حدثنا أبي أخبرنا ( شعبة بن الحجاج ) عن ( هشام بن زيد ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) يقول مر أبو بكر والعباس رضي الله تعالى عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما يبكيكم قالوا ذكرنا مجلس النبي منا فدخل على النبي فأخبره بذالك قال فخرج النبي وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذالك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ( الحديث 9973 - طرفه في 1083 )
مطابقته للترجمة في آخر الحديث لأنه عين الترجمة ومحمد بن يحيى أبو علي اليشكري المروزي الصائغ بالغين المعجمة كان أحد الحفاظ روى عنه مسلم والنسائي أيضا وقال ثقة مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين وقيل مات قبل البخاري بأربع سنين قلت نعم لأن البخاري مات في سنة ست وخمسين ومائتين وشاذان بالمعجمة اسمه عبد العزيز بن عثمان بن جبلة وهو أخو عبدان وهو أكبر من شاذان وقد أكثر البخاري في ( صحيحه ) عن عبدان وأدرك شاذان ولكنه روى عنه هنا بواسطة وأبوهما عثمان بن جبلة روى عنه ابنه عبدان عند البخاري ومسلم وروى عنه شاذان عند البخاري في غير موضع وهشام بن زيد بن أنس بن مالك روى عن جده أنس بن مالك
والحديث أخرجه النسائي أيضا عن شيخ البخاري محمد بن يحيى المذكور في المناقب
قوله والعباس هو ابن عبد المطلب عم النبي وكان مرورهما بمجلس من مجالس الأنصار في مرض النبي قوله وهم يبكون جملة حالية قوله فقال ما يبكيكم يحتمل أن يكون هذا القائل أبا بكر ويحتمل أن يكون العباس وقال بعضهم والذي يظهر لي أنه العباس قلت لا قرينة هنا تدل على ذلك ثم قوي ما قاله من أنه العباس بالحديث الثاني الذي يأتي الآن الذي رواه ابن عباس فقال هذا من رواية ابنه يعني ابن عباس فكأنه سمع ذلك منه قلت هذا أبعد من ذلك لأن الوصية في حديث ابن عباس أعم من الوصية التي في حديث العباس لأنها في حديثه مختصة بالأنصار بخلاف حديث ابن عباس فأين ذا من ذاك حتى يكون هذا دليلا على أن القائل في قوله فقال ما يبكيكم هو العباس من غير احتمال أن يكون أبا بكر رضي الله تعالى عنه قوله ذكرنا مجلس النبي لأنهم كانوا يجلسون معه وكان ذلك في مرض النبي فخافوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه فبكوا حزنا على فوات ذلك قوله فدخل على النبي أي فدخل هذا القائل

(16/265)


ما يبكيكم على النبي فأخبره بذلك أي بما شاهد من بكائهم قوله فخرج النبي القائل يحتمل أن يكون القائل ما يبكيكم ويحتمل أن يكون الراوي وهو أنس رضي الله تعالى عنه وهذا هو الأظهر قوله وقد عصب الواو فيه للحال و عصب بتخفيف الصاد ومصدره عصب وهو متعد وكذا عصب بالتشديد ومصدره تعصيب يقال عصب رأسه بالعصابة تعصيبا قوله حاشية برد بالنصب مفعول عصب وفي رواية المستملي حاشة بردة والبرد نوع من الثياب معروف والجمع أبراد وبرود والبردة الشملة المخططة وقيل كساء أسود مربع تلبسه الأعراب وجمعها برد قوله كرشي بفتح الكاف وكسر الراء وعيبتي بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة والكرش لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان والعيبة مستودع الثياب والأول أمر باطن والثاني ظاهر فيحتمل أنه ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأمورهم الظاهرة والباطنة وقال الخطابي يريد أنهم بطانتي وخاصتي ومثله بالكرش لأنه مستقر غذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤه وقد يكون المراد بالكرش أهل الرجل وعياله والعيبة التي يخزن فيها المرء حرثيا به أي أنهم موضع سره وأمانته وقال ابن دريد هذا من كلامه الموجز الذي لم يسبق إليه قوله قد قضوا الذي عليهم وهو ما وقع لهم من المبايعة ليلة العقبة فإنهم كانوا بايعوا على أن يؤوا النبي وينصروه على أن لهم الجنة فوفوا بذلك قوله وبقي الذي لهم وهو دخول الجنة قوله فأقبلوا أي إذا كان الأمر كذلك فأقبلوا من محسنهم أي من محسن الأنصار قوله وتجاوزوا قد ذكرنا أن معناه لا تؤاخذوهم بالإساءة والتجاوز عن المسيء مخصوص بغير الحدود وفيه وصية عظيمة لأجلهم وفضيلة عزيزة لهم
00 - 8 - 3 - حدثنا ( أحمهد بن يعقوب ) حدثنا ( ابن الغسيل ) سمعت ( عكرمة ) يقول سمعت ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما يقول ( خرج ) رسول الله وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه وعليه عصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم ( انظر الحديث 729 وطرفه )
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وأحمد بن يعقوب أبو يعقوب المسعودي الكوفي وهو من أفراده وابن الغسيل هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة
والحديث مضى في كتاب صلاة الجمعة في باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل بن أبان عن ابن الغسيل
قوله خرج النبي أي من البيت إلى المسجد قوله وعليه الواو فيه للحال قوله متعطفا نصب على الحال أي مرتديا والعطاف الرداء قوله بها أي بالملحفة قوله وعليه الواو فيه أيضا للحال قوله عصابة دسماء العصابة بالكسر ما يعصب به الرأس من عمامة أو منديل أو خرقة والدسماء السوداء ومنه الحديث الآخر خرج وقد عصب رأسه بعصابة دسمة وقال الداودي الدسماء الوسخة من العرق والغبار قوله فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار لأن الأنصار هم الذين سمعوا رسول الله ونصروه وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم اللاحق ولا يدرك شاوهم السابق وكلما مضى منهم أحد مضى من غير بدل فيكثر غيرهم ويقلون قوله حتى يكونوا كالملح في الطعام يعني من القلة ووجه التشبيه بين الأنصار والملح هو أن الملح جزء يسير من الطعام وفيه إصلاحه فكذلك الأنصار وأولادهم من بعدهم جزء يسير بالنسبة إلى المهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم فلذلك قال مخاطبا للمهاجرين فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أي في ذلك الأمر أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم أي محسن الأنصار والذين ملكوا من بعد النبي من الخلفاء الراشدين كلهم من المهاجرين وكذلك من بني أمية ومن بني العباس كلهم من أولاد المهاجرين

(16/266)


1083 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه عن النبي قال الأنصار كرشي وعيبتي والناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ( انظر الحديث 9973 )
هؤلاء الرجال قد ذكروا غير مرة والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار والترمذي أيضا عن بندار في المناقب والنسائي عن حرمي بن عمارة عن شعبة عن قتادة عن أنس عن أسيد بن حضير قوله ويقلون أي الأنصار
21 -
( باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سعد بن معاذ بضم الميم وإعجام الذال ابن النعمان بن امرىء القيس ابن عبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج بن النبيت واسمه عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي ثم الأشهلي وهو كبير الأوس كما أن سعد بن عبادة كبير الخزرج أسلم على يد مصعب بن عمير لما أرسله النبي إلى المدينة يعلم المسلمين فلما أسلم قال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام وشهد بدرا بلا خلاف فيه وشهد أحدا والخندق ورماه يومئذ حبان بن العراقة في أكحله فعاش شهرا ثم انتفض جرحه فمات منه وكان موته بعد الخندق بشهر وبعد قريظة بليال وأمه كبشة بنت رافع لها صحبة
2083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى عنه يقول ( أهديت للنبي ) حلة حرير فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه لمناديل سعد بن معاذ خير منها أو ألين رواه قتادة والزهري سمعا أنس بن مالك عن النبي
مطابقته للترجمة في قوله لمناديل سعد بن معاذ خير منها وجاء فيه إن لمناديل سعد في الجنة أحسن ما ترون وفيه منقبة عظيمة له وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن محمد بن عمرو
قوله أهديت كان الذي أهدها أكيدر دومة كما بينه في حديث أنس في كتاب الهداية في باب قبول الهدية من المشركين وفيه لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا وتخصيص سعد به قيل لأنه كان يعجبه ذلك الجنس من الثوب أو لأجل كون اللامسين المتعجبين من الأنصار فقال مناديل سيدكم خير منها قال الطيبي مناديل جمع منديل وهو الذي يحمل في اليد وقال ابن الأعرابي وغيره هو مشتق من الندل وهو النقل لأنه ينقل من واحد وقيل من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به إنما ضرب المثل بالمناديل لأنها ليست من علية الثياب بل هي تتبدل في أنواع من المرافق يتمسح بها الأيدي وينفض بها الغبار عن البدن ويعطى بها ما يهدى وتتخذ لفائف للثياب فصار سبيلها سبيل الخادم وسبيل سائر الثياب سبيل المخدوم فإذا كان أدناها هكذا فما ظنك بعليتها قوله رواه قتادة روايته وصلها البخاري في الهبة والزهري أي ورواه الزهري أيضا ووصل البخاري روايته في اللباس على ما سيأتي إن شاء الله تعالى
3083 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( فضل بن مساور ختن أبي عوانة ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي سفيان ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه سمعت النبي يقول اهتز العرش لموت سعد بن معاذ

(16/267)


اهتزاز العرش لموت سعد منقبة عظيمة له وفضل بن مساور بلفظ اسم الفاعل من المساورة بالسين المهملة وهي المواثبة والمقاتلة أبو مساور البصري من أفراد البخاري وليس له في البخاري إلا هذا الموضع وهو ختن أبي عوانة وهو كل من كان من قبل المرأة مثل الأخ والأب وأما العامة فختن الرجل عندهم زوج ابنته وهو يروي عن أبي عوانة الوضاح اليشكري عن سليمان الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع المكي
والحديث أخرجه مسلم عن عمرو الناقد وأخرجه ابن ماجه في السنة عن علي بن محمد
قوله اهتز العرش العرش في اللغة السرير فإن كان المراد به السرير الذي حمل عليه فمعنى الاهتزاز الحركة والاضطراب وذلك فضيلة له كما كان رجف أحد فضيلة لمن كان عليه وهو رسول الله وأصحابه وإن كان المراد به عرش الله تعالى فيراد منه حملته ومعنى الإهتزاز السرور والاستبشار بقدومه ومنه اهتزت الأرض بالنبات إذا اخضرت وحسنت وقال الكرماني أقول ويحتمل أن يكون اهتزاز نفس العرش حقيقة والله على كل شيء قدير قلت فيه تأمل وقال الطيبي قالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم سعد وجعل الله في العرش تمييزا ولا مانع منه كما قال وإن منها لما يهبط من خشية الله ( البقرة 842 آل عمران 92 و981 المائدة 71 91 04 الأنفال 14 التوبة 93 الحشر 6 ) وقال المازري هو على حقيقته ولا ينكر هذا من جهة العقل لأن العرش جسم والأجسام تقبل الحركة والسكون وقيل المراد بالاهتزاز الاستبشار ومنه قول العرب فلان يهتز للكرم لا يريدون اضطراب جسمه وحركته وإنما يريدون ارتياحه إليه وإقباله عليه وقال الحربي هو كناية عن تعظيم شأن وفاته والعرب تنسب الشيء المعظم إلى أعظم الأشياء فيقولون أظلمت لموت فلان الأرض وقامت له القيامة
وعن الأعمش حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي مثله فقال رجل لجابر فإن فإن البراء يقول اهتز السرير فقال إنه كان بين هاذين الحيين ضغائن سمعت النبي يقول اهتز عرش الرحمان لموت سعد بن معاذ
هو عطف على الإسناد الذي قبله أي وروى أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان الزيات عن جابر بن عبد الله وأشار البخاري برواية الأعمش عن أبي صالح عن جابر إلى أنه لا يخرج لأبي سفيان المذكور إلا مقرونا بغيره أو استشهادا قوله مثلهأي مثل حديث أبي سفيان عن جابر قوله فقال رجل لم يدر من هو قال لجابر بن عبد الله راوي الحديث كيف تقول اهتز العرش فإن البراء بن عازب يقول اهتز السرير قوله فقال أي قال جابر في جواب الرجل إنه كان بين هذين الحيين أي الأوس والخزرج ضغائن بالضاد والغين المعجمتين جمع ضغينة وهي الحقد وقال الخطابي إنما قال جابر ذلك لأن سعدا كان من الأوس والبراء خزرجي والخزرج لا تقر بالفضل للأوس ورد عليه بأن البراء أيضا أوسي يعرف ذلك بالنظر في نسبه لأن نسبهما ينتهي إلى الأوس فإذا كان كذلك لا ينسب البراء إلى غرض النفس وإنما حمل لفظ العرش على معنى يحتمله إذ كثيرا يطلق ويراد به السرير ولا يلزم بذلك قدح في عدالته كما لا يلزم بذلك القول قدح في عدالة جابر وقد روى اهتزاز العرش لسعد عن جماعة غير جابر منهم أبو سعيد الخدري وأسيد بن حضير ورميثة وأسماء بنت يزيد بن السكن وعبد الله بن بدر وابن عمر بلفظ اهتز العرش فرحا بسعد ذكرها الحاكم وحذيفة بن اليمان وعائشة عند ابن سعد والحسن ويزيد بن الأصم مرسلا وسعد بن أبي وقاص في كتاب أبي عروبة الحراني وفي ( الإكليل ) بسند صحيح إن جبريل عليه الصلاة و السلام أتى النبي حين قبض سعد فقال من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر بموته أهلها وعند الترمذي مصححا عن أنس لما حملت جنازة سعد قال المنافقون ما أخف جنازته وذلك لحكمه في بني قريظة فبلغ ذلك النبي فقال إن الملائكة كانت تحمله زاد ابن سعد في ( الطبقات ) لما قال المنافقون ذلك قال لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل اليوم وكان رجلا جسيما وكان يفوح من قبره رائحة المسك وأخذ إنسان قبضة من تراب قبره فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك

(16/268)


4083 - حدثنا ( محمد بن عرعرة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد بن إبراهيم ) عن ( أبي أمامة بن سهل بن حنيف ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل إليه فجاء على حمار فلما بلغ قريبا من المسجد قال النبي قوموا إلى خيركم أو سيدكم فقال يا سعد إن هؤلاء نزلوا على حكمك قال فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسباى ذراريهم قال حكمت بحكم الله أو بحكم الملك
مطابقته للترجمة في قوله قوموا إلى خيركم وفي قوله حكمت بحكم الله وأبو أمامة بضم الهمزة أسعد بن سهل بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف الأوسي الأنصاري أدرك النبي ويقال إنه سماه وكناه باسم جده وكنيته ولم يسمع من النبي شيئا مات سنة مائة
والحديث قد مضى في الجهاد في باب إذا نزل العدو على حكم رجل فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن شعبة إلى آخره وقد مضى الكلام فيه
قوله أن أناسا ويروى أن ناسا وهم بنو قريظة وقد صرح به هناك قوله فأرسل إليه أي فأرسل النبي إلى سعد قوله قريبا من المسجد أراد به المسجد الذي أعده أسام محاصرته لبني قريظة والذي ظن أنه المسجد النبوي فقد غلط والصواب ما ذكرناه وفي رواية أبي داود فلما دنا من النبي وهو يؤيد ما ذكرناه حيث لم يقل من مسجد النبي قوله إلى خيركم إن كان الخطاب للأنصار فظاهر لأنه سيد الأنصار وإن كان أعم منه فإما بإن لم يكن في المجلس من هو خير منه وإما بأن يراد به السيادة الخاصة أي من جهة تحكيمه في هذه القضية ونحوها قوله أو سيدكم شك من الراوي وكذلك قوله أو بحكم الملك وهناك بحكم الملك بلا شك وقال الكرماني الملك بكسر اللام وفتحها قلت أما الكسر فظاهر وأما الفتح فمعناه أنه الحكم الذي نزل به الملك وهو جبريل عليه الصلاة و السلام وأخبر به النبي
31 -
( باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان منقبة أسيد بضم الهمزة وفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف ابن حضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة ابن سماك بن عتيك بن رافع بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي يكنى أبا يحيى وقيل غير ذلك ومات في سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على الأصح وحمله عمر حتى وضعه في قبره بالبقيع وعباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن وقش بن رغبة بن عبد الأشهل بن جشم بن الحرث ابن الخزرج الأوسي الأشهلي من كبار الصحابة قتل يوم اليمامة ومن قال بشير بفتح الباء الموحدة وكسر الشين فقد غلط
5083 - حدثنا ( علي بن مسلم ) حدثنا ( حبان ) حدثنا ( همام ) أخبرنا ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن ( رجلين خرجا من عند ) النبي في ليلة مظلمة وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا فتفرق النور معهما ( انظر الحديث 564 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مسلم الطوسي البغدادي وهو من أفراده وحبان بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن هلال الباهلي وهمام بتشديد الميم ابن يحيى العوذي الشيباني البصري قوله أن رجلين خرجا من عند النبي قيل ظهر من رواية معمر أن أسيد بن حضير أحدهما ومن رواية حماد أن الثاني عباد بن بشر انتهى قلت رواية معمر تأتي الآن ورواية حماد كذلك معلقتين ولكن في ظهورهما من روايتهما نظر على ما نذكره إن شاء الله تعالى
وقال معمر عن ثابت عن أنس أن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار وقال حماد

(16/269)


أخبرنا ثابت عن أنس كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند النبي
تعليق معمر بن راشد وصله عبد الرزاق في ( مصنفه ) عنه ومن طريقة الإسماعيلي بلفظ أن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار تحدثا عند رسول الله حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة الظلمة ثم خرجا وبيد كل منهما عصا فأضاءت عصا أحدهما حتى مشيا في ضوئها حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله وتعليق حماد بن سلمة وصله أحمد والحاكم في ( المستدرك ) بلفظ أن أسيد بن حضير وعباد ابن بشر كانا عند النبي في ليلة ظلماء حندس فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر ووجه النظر الذي نبهنا عليه هو أن حديث الباب ساكت عن تعيين الرجلين وتعيينهما بالمعلقين غير جازم بذلك لاحتمال كون الرجلين غير أسيد بن حضير وعباد بن بشر والذي اتفق للرجلين المذكورين اتفق أيضا لأسيد وعباد وقال هذا القائل المذكور أيضا إن البخاري جزم به في الترجمة وأشار إلى حديثهما وفيه أيضا نظر لاحتمال تعدد الاحتمال لتعدد أصحاب القضية كما ذكرنا
41 -
( باب مناقب معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أد بن سعد بن علي بن أسد ابن ساردة بن تزيد بن جشم من الخزرج الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن المدني هو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار وآخى رسول الله بينه وبين عبد الرحمن بن مسعود أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله وهو من الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله وكان أميرا للنبي على اليمن ورجع بعده إلى المدينة ثم خرج إلى الشام مجاهدا ومات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وهو ابن أربع وثلاثين بناحية الأردن وقبره بغور بيان في شرقيه وعمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس نسبت الطاعون إليها لأنه أول ما بدا منها قيل إنه لم يولد له قط وقيل ولد له ولد يسمى عبد الرحمن وأنه قاتل معه يوم اليرموك وبه كان يكنى
6083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو ) عن ( إبراهيم ) عن ( مسروق ) عن ( عبد الله بن عمرو ) رضي الله تعالى عنهما سمعت النبي يقول استقرئوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة واأبي ومعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهم
مطابقته للترجمة في قوله ومعاذ بن جبل وكان ينبغي أن يقال باب منقبة معاذ لأنه لم يذكر فيه إلا منقبة واحدة وقد أخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة رفعه نعم الرجل معاذ بن جبل والحديث مر في مناقب سالم مولى أبي حذيفة فإنه أخرجه هناك عن سلمان بن حرب عن شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم وأخرجه من طريق آخر عن عبد الله بن عمرو في باب مناقب عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم وأخرجه من طريق آخر عن عبد الله بن عمرو في باب مناقب عبد الله بن مسعود ومر الكلام فيه هناك
51 -
( باب منقبة سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان منقبة سعد بن عبادة بن دليم بن أبي حارثة بن أبي صريمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة يكنى أبا الحارث وهو والد قيس بن سعد أحد مشاهير الصحابة رضي الله تعالى عنهم وكان سعد كبير الخزرج وكان جوادا كريما مات بحوران من أرض الشام سنة أربع عشرة أو خمس عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
وقالت عائشة وكان قبل ذلك رجلا صالحا

(16/270)


هذا قطعة من حديث طويل في قضية الإفك ذكره في التفسير في سورة النور وقيل تمام هذه القطعة فقام رسول الله فاستعذر يومئذ عن عبد الله بن أبي بن سلول قالت يعني عائشة فقال رسول الله وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرني في رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن حملته الحمية فقال لسعد كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا الحديث قوله وكان أي سعد بن عبادة قوله قبل ذلك أي قبل حديث الإفك وظاهره أنه ليس في حديث الإفك مثل ما كان ولكن لم يكن مرادها الغض منه لأن سعدا لم يكن منه في تلك المقالة إلا الرد على سعد بن معاذ ولا يلزم منه زوال تلك الصفة عنه في وقت صدور الإفك بل هذه الصفة مستمرة فيه إن شاء الله تعالى
7083 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( قتادة ) قال سمعت ( أنس ابن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال ( أبو أسيد ) قال رسول الله خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير فقال سعد بن عبادة وكان ذا قدم في الإسلام أرى رسول الله قد فضل علينا فقيل له قد فضلكم على ناس كثير
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هذا هو ابن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب المروزي وهو شيخ مسلم أيضا وقيل هو إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه المروزي وهو الصحيح والحديث مضى في باب فضل دور الأنصار فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
61 -
( باب مناقب أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي بن كعب بن قس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري يكنى أبا المنذر وأبا الطفيل وكان من السابقين من الأنصار شهد العقبة وما بعدها مات سنة ثلاثين وقيل قبل ذلك بالمدينة
8083 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) عن ( إبراهيم ) عن ( مسروق ) قال ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو فقال ذاك رجل لا أزال أحبه سمعت النبي يقول خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك والحديث مر في باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب إلى آخره
9083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) قال سمعت ( شعبة ) سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال النبي لابي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا ( البينة 1 ) قال وسماني قال نعم قال فبكى
مطابقته للترجمة أظهر ما يكون وهي منقبة عظيمة لم يشاركه فيها أحد من الناس وهي قراءة رسول الله القرآن عليه

(16/271)


وسماه عمر رضي الله تعالى عنه سيد المسلمين وقد تكرر ذكر رجاله لا سيما على هذا النسق
والحديث أخرجه في التفسير أيضاعن غندر وأخرجه مسلم في الصلاة وفي الفضائل عن أبي موسى وبندار وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الأعلى وفي التفسير عن إبراهيم بن الحسن
قوله قال النبي لأبي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك وفي رواية لأحمد من حديث علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن أبي حية لما نزلت لم يكن قال جبرائيل عليه الصلاة و السلام لرسول الله إن ربك أمرك أن تقرئها أبيا فقال له إن الله أمرني أن أقرئك هذه السورة فبكى والحكمة في أمره بالقراءة عليه هي أنه يتعلق أبي ألفاظه وكيفية أدائه ومواضع الوقوف فكانت القراءة عليه لتعليمه لا ليتعلم منه وأنه يسن عرض القرآن على حفاظه المجودين لأدائه وإن كانوا دونه في النسب والدين والفضيلة ونحو ذلك أو أن ينبه الناس على فضيلة أبي ويحثهم على الأخذ عنه وتقديمه في ذلك وكان كذلك وصار بعد النبي رأسا وإماما مشهورا فيه قوله لم يكن الذين كفروا ( البينة 1 ) تخصيص هذه السورة لأنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة وقال القرطبي خص هذه السورة بالذكر لما احتوت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء عليه الصلاة و السلام وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها وقيل لأن فيها رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ( البينة 2 ) قوله قال وسماني الله أي قال أبي وسماني الله يعني هل نص علي باسمي أو قال إقرأ على واحد من أصحابك فاخترتني أنت قال نعم أي قال النبي نعم إن الله سماك وفي رواية للطبراني عن أبي بن كعب قال نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى وقال القرطبي وفي رواية الله سماني لك بهمزة الاستفهام على التعجب منه إذ كان ذلك عنده مستبعدا لأن تسميته تعالى له وتعيينه ليقرأ عليه النبي تشريف عظيم فلذلك بكى من شدة الفرح والسرور وقال النووي قيل بكاؤه خوفا من تقصيره على شكر هذه النعمة العظيمة وروى الحاكم مصححا من حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب أن النبي قرأ عليه لم يكن ( البينة 1 ) وقرأ فيها إن الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية من تعجل خيرا فلن يكفره والله أعلم
71 -
( باب مناقب زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري أبو سعيد ويقال أبو خارجة المدني وأمه النوار بنت مالك بن النجار قدم رسول الله المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة وكان يكتب الوحي لرسول الله وكان من فضلاء الصحابة ومن أصحاب الفتوى توفي سنة خمس وأربعين بالمدينة أو سنة ست وخمسين
0183 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( يحيى ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه جمع القرآن على عهد النبي أربعة كلهم من الأنصار أبي ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد ابن ثابت قلت لأنس من أبو زيد قال أحد عمومتي
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن جمع زيد بن ثابت القرآن على عهد النبي منقبة عظيمة ويحيى هو ابن سعيد القطان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وعن يحيى بن حبيب وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار عن يحيى وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن يحيى وفي فضائل القرآن عن إسحاق بن إبراهيم وعن بندار عن يحيى
قوله جمع القرآن أي استظهره حفظا قوله وأبو زيد قال ابن المديني اسمه أوس وعن يحيى بن معين هو ثابت بن زيد بن مالك الأشهلي وقيل هو سعد بن عبيد بن النعمان وبذلك جزم الطبراني عن شيخه أبي بكر بن صدقة قال هو الذي كان يقال له القارىء وكان على القادسية واستشهد بها سنة خمس عشرة وهو والد عمير بن سعد وعن الواقدي هو قيس بن السكن بن

(16/272)


قيس بن زعور بن حرام الأنصاري ويرجحه قول أنس أحد عمومتي فإنه من قبيلة بني حرام وأنس بن مالك بن النضر ابن ضمضم بالمعجمة ابن زيد بن حرام قوله عمومتي أي أعمامي وفي ( الاستيعاب ) افتخر الحيان فقالت الأوس منا غسيل الملائكة حنظلة والذي حمته الدبر عاصم والذي اهتز لموته العرش سعد ومن شهادته بشهادة رجلين خزيمة وقال الخزرج منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله معاذ وأبي وزيد وأبو زيد فإن قيل غيرهم أيضا جمعوا مثل الخلفاء الأربعة وأجيب بأن مفهوم العدد لا ينفي الزائد وقيل جمعوه حفظا عن ظهر القلب فإن قيل كيف جمعوه كله وقد نزل بعض القرآن بقرب وفاة النبي وأجيب بأنهم حفظوا ذلك البعض أيضا قبل الوفاة فإن قلت هذا يعارض حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي تقدم استقرئوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي ومعاذ وأسقط في حديث الباب ابن مسعود وسالم وزاد زيد بن ثابت وأبا زيد قلت لا معارضة لأنه لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكون كلهم استظهر جميع القرآن وقيل لا يؤخذ بمفهوم حديث أنس لأنه لا يلزم من قوله جمعه أربعة أن لا يكون جمعه غيرهم فلعله أراد أنه لم يقع جمعه لأربعة من قبيلة واحدة إلا لهذه القبيلة وهي الأنصار
81 -
( باب مناقب أبي طلحة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي النجاري وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك شهد المشاهد كلها وهو أحد النقباء مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وقيل أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه وقال أبو زرعة الدمشقي مات بالشام وعاش بعد رسول الله أربعين سنة يسرد الصوم وروي عن أنس أنه مات في البحر غازيا
1183 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال ل ( ما ) كان ( يوم أحد انهزم الناس ) عن النبي وأبو طلحة بين يدي النبي مجوب به عليه بحجفة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديدا لقد يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر ومعه الجعبة من النبل فيقول انشرها لأبي طلحة فأشرف النبي ينظر إلي القوم فيقول أبو طلحة يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيآن فتفرغانها في أفواه القوم ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثا مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث في مواضع على ما لا يخفى وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري مولاهم المقعد البصري وعبد الوارث بن سعيد وعبد العزيز بن صهيب ورجاله كلهم بصريون
ومضى بعض هذا الحديث في الجهاد في باب غزو النساء مع الرجال فإنه أخرجه هناك بهذا الإسناد بعينه
قوله وأبو طلحة الواو فيه للحال وهو مبتدأ وقوله مجوب خبره وهو بضم الميم وفتح الجيم وكسر الواو المشددة وفي آخره باء موحدة ومعناه مترس عليه يقيه بالجوبة وهو الترس قوله عليه أي على النبي قوله بحجفة متعلق بقوله مجوب والحجفة بفتح الحاء المهملة وفتح الجيم والفاء أيضا وهي الترس إذا كان من جلد ليس فيها خشب قوله راميا أي راميا بالقوس قوله شديدا يعني موصوفا بشدة الرمي وهكذا في رواية الأكثرين شديدا بالنصب وبعده لقد

(16/273)


يكسر بلام التأكيد وكلمة قد للتحقيق و يكسر يفعل بالتشديد ليدل على كثرة الكسر وهذه الصيغة تأتي متعدية ولازمة ويروى شديد القد بإضافة لفظ الشديد إلى لفظ القد بكسر القاف وتشديد الدال وهو السير من جلد غير مدبوغ ومعناه شديد وتر القوس في النزع والمد وبهذا جزم الخطابي وتبعه ابن التين وعلى هذه الرواية يقرأ قوسان بالرفع على أنه فاعل يكسر على أن يكون يكسر لازما قوله أو ثلاثا ويروى أو ثلاث أيضا بالرفع عطفا عطفا عليه وكلمة أو للشك من الراوي ويروى شديد المد بالميم المفتوحة والدال المشددة قوله من النبل أي السهام قوله فيقول أي فيقول النبي أنشرها من النشر بالنون المفتوحة وسكون الشين المعجمة من انتشار الماء وتفرقه ويروى نثرها من النثر بالنون المفتوحة وسكون الثاء المثلثة ومعناهما واحد قوله فأشرف من الإشراف وهو الإطلاع من فوق قوله لا تشرف مجزوم لأنه نهي أي لا تطلع قوله يصبك مجزوم لأنه جواب النهي نحو لا تدن من الأسد يأكلك ويروى تصيبك على تقدير السهم يصيبك قوله سهم بيان للمحذوف ومن سهام القول بيان أن السهم من العدو قوله نحري دون نحرك أي صدري عند صدرك أي أقف أنا بحيث يكون صدري كالترس لصدرك هكذا فسره الكرماني قلت الأوجه أن يقال هذا نحري قدام نحرك يعني أقف بين يديك بحيث أن السهم إذاجاء يصيب نحري ولا يصيب نحرك قوله وأم سليم بضم السين المهملة وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وهي زوجة أبي طلحة وأم أنس بن مالك وخالة رسول الله من الرضاعقوله لمشمرتان تثنية على صيغة الفاعل من شمرت ثيابي أذا رفعتها واللام فيه للتأكيد قوله خدم بالنصب قوله لأنه مفعول أرى وهو بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة جمع الخدمة وهي الخلخال و السوق بالضم جمع ساق وهذا كان قبل نزول آية الحجاب قوله تنقزان بالنون الساكنة والقاف المضمومة وبالزاي من النقز وهو النقل وقال الداودي أي تنقلان وقال الخطابي إنما هو تزفران أي تحملان قال وأما النقز فهو الوثب البعيد وقال ابن قرقول تزفران بالزاي والفاء والراء يقال إزفر لنا القرب أي إحملها ملأى على ظهرك وفي ( المطالع ) تنقزان القرب على ظهورهما هكذا جاء في حديث أبي معمر قال البخاري وقال غيره تنقلان وكذا رواه مسلم قيل معنى تنقزان على الرواية الأولي تثبان والنقز الوثب والقفز كأنه من سرعة السير وضبط الشيوخ القرب بنصب الباء ووجهه بعيد على الضبط المتقدم وأما مع تنقلان فصحيح وكان بعض شيوخنا يقرأ هذا الحرف بضم باء القرب ويجعله مبتدأ كأنه قال والقرب على متونهما والذي عندي في الرواية اختلال ولهذا جاء البخاري بعدها بالرواية البينة الصحيحة وقد تخرج رواية الشيوخ بالنصب على عدم الخافض كأنه قال تنقزان القرب أي تحركان القرب بشدة عدوهما بها فكانت القرب ترتفع وتنخفض مثل الوثب على ظهورهما قوله على متونهما أي على ظهورهما وهو بضم الميم جمع متن وهو الظهر قوله تفرغانه بضم التاء يقال أفرغت الإناء إفراغا وفرغته بالتشديد تفريغا إذا قلبت ما فيه
91 -
( باب مناقب عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عبد الله بن سلام بتخفيف اللام ابن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري من بني قينقاع ويكنى أبا يوسف وهو من ذرية ابن يوسف الصديق عليه الصلاة و السلام وقال أبو عمر وكان حليفا للأنصار ويقال كان حليفا للقواقلة من بني عوف بن الخزرج وكان اسمه في الجاهلية الحصين فلما أسلم سماه رسول الله عبد الله وتوفي بالمدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين وهو أحد الأحبار أسلم إذ قدم النبي المدينة وروى أبو إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة فإنه سمع معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله يقول لعبد الله بن سلام أنه عاشر عشرة في الجنة وقال أبو عمر هذا حديث حسن الإسناد صحيح
300 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف قال سمعت مالكا يحدث عن أبي النضر مولى عمر بن

(16/274)


عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال ما سمعت النبي يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام قال وفيه نزلت هذه الآية وشهد شاهد من بني إسرائيل الآية قال لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث )
مطابقته للترجمة لا تخفى فإن فيه منقبة عظيمة له وأبو النضر بالضاد المعجمة اسمه سالم وهو ابن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني قال الواقدي توفي في زمن مروان بن محمد والحديث أخرجه مسلم في فضائل عبد الله بن سلام عن زهير بن حرب وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور قوله عن أبي النضر وفي رواية أبي يعلى عن يحبى بن معين عن أبي مسهر عن مالك حدثني أبو النضر قوله عن عامر وفي رواية عاصم بن مهجع عن مالك وعند الدارقطني سمعت عامر بن سعد قوله عن أبيه هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة بالجنة وفي رواية إسحق بن الطباع عن مالك عند الدارقطني سمعت أبي قوله ما سمعت النبي قيل كيف قال سعد هذا وقد علم أنه قال ذلك فيه وفي باقي العشرة وأجاب عنه الخطابي بأنه كره التزكية لنفسه ولزم التواضع ولم ير لنفسه من الاستحقاق ما رآه لأخيه وقال ابن التين هذا غير بين لأنه نفى باقي العشرة بقوله قلت الأوجه أن يقال لفظ ما سمعت لم ينف أصل الإخبار بالجنة لغيره وقال الكرماني التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد أو المراد بالعشرة الذين جاء فيهم لفظ البشارة المبشرون بها في مجلس واحد أو لم يقل لأحد غيره حال مشيه على الأرض ولا بد من التأويل وكيف لا والحسنان وأزواج النبي بل أهل بدر ونحوهم من أهل الجنة قطعا انتهى قال وفيه نزلت أي وفي عبد الله بن سلام نزلت هذه الآية وشهد شاهد من بني إسرائيل وفي التفسير الشاهد هو عبد الله بن سلام وتمام الآية على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين وقال الزمخشري الضمير في مثله للقرآن أي على مثله في المعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعان القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك وحاصل المعنى وشهد شاهد من بني إسرائيل على كونه من عند الله ومن جملة من قال أن الشاهد هو عبد الله بن سلام الحسن البصري ومجاهد والضحاك وأنكره مسروق والشعبي وقالا السورة مكية يعني سورة الأحقاف يعني السورة التي فيها الآية المذكورة قال الشعبي وأسلم عبد الله بن سلام قبل موته بعامين واختلفا في المراد بالآية فقال مسروق الشاهد موسى عليه السلام وقال الشعبي هو رجل من أهل الكتاب وأجيب بأنه يجوز أن تكون الآية مدنية من سورة مكية وقال صاحب مقامات النزيل هذه السورة يعني سورة الأحقاف مكية إلا آيتان مدنيتان منهما هذه الآية وقال ابن عباس ومقاتل الشاهد ابن يامين وروى السدي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله بن سلام وابن يامين واسمه عمير بن وهب النضري وروى عبد بن حميد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن اسمه ميمون بن يامين وفيه نزلت هذه الآية وقال الذهبي في تجريد الصحابة يامين بن يامين الإسرائيلي أسلم وكان من بني النضر وقيل يامين بن عمر وقال في باب الميم ميمون بن يامين قال سعيد بن جبير كان رأس اليهود بالمدينة فأسلم قوله قال لا أدري أي قال عبد الله بن يوسف الراوي عن مالك لا أدري قال مالك الآية عند الرواية أو كانت هذه الكلمة مذكورة في جملة الحديث فلا يكون خاصا بمالك رضي الله تعالى عنه وقيل هذا الشك من القعنبي أحد الرواة عن مالك وليس بصحيح بل هو عبد الله بن يوسف وروى إسماعيل بن عبد الله الملقب بسمويه في فوائده هذا عن عبد الله بن يوسف ولم يذكر هذا الكلام عنه وكذا رواه الإسمعيلي من وجه آخر عن عبد الله بن يوسف والدارقطني أيضا عنه في غرائب مالك من وجهين آخرين وأخرجه من طريق ثالث عنه بلفظ آخر مقتصرا على الزيادة دون الحديث وقال أنه وهم وروى ابن منده في الإيمان من طريق إسحق بن يسار عن عبد الله بن يوسف الحديث والزيادة والذي يظهر من هذا الاختلاف أنها مدرجة
301 - ( حدثني عبد الله بن محمد حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن محمد عن قيس -
3183 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أزهر السمان ) عن ( ابن عون ) عن ( محمد ) عن ( قيس

(16/275)


ابن عباد ) قال كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت إنك حين دخلت المسجد قالوا هذا رجل من أهل الجنة قال والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وسأحدثك لم ذلك رأيت رؤيا على عهد النبي فقصصتها عليه ورأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة فقيل لي ارقه قلت لا أستطيع فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي فقصصتها على النبي قال تلك الروضة الإسلام وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة عروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت وذاك الرجل عبد الله بن سلام
مطابقته للترجمة ظاهرة
ذكر رجاله وهم خمسة الأول عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي الثاني أزهر بسكون الزاي وفتح الهاء ابن سعد الباهلي مولاهم السمان بتشديد الميم البصري يكنى أبا بكر مات سنة ثلاث ومائتين الثالث عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون البصري الرابع محمد بن سيرين الخامس قيس بن عباد بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة البصري قتله الحجاج صبرا
وأخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله بن محمد وأخرجه مسلم في فضائل عبد الله بن سلام عن محمد بن المثنى وعن محمد بن عمرو بن جبلة
ذكر معناه قوله كنت جالسا في مسجد المدينة وفي رواية مسلم قال كنت بالمدينة في ناس فيهم بعض أصحاب النبي فجاء رجل في وجهه أثر من خشوع قوله تجوز فيهما أي خفف وتكلف الجواز فيهما قوله ثم خرج وتبعته وفي رواية مسلم فأتبعته فدخل منزله ودخلت فتحدثنا فلما استأنس قلت له إنك لما دخلت قال رجل كذا وكذا قوله قال والله لا ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وفي رواية مسلم قال سبحان الله ما ينبغي لأحد وهذا إنكار من عبد الله بن سلام حيث قطعوا له بالحنة فيحتمل أن هؤلاء بلغهم خبر سعد أنه من أهل الجنة ولم يسمع هو ذلك أو أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعا أو غرضه إني رأيت رؤيا على عهده فقال ذلك وهذا لا يدل على النص بقطع رسول الله على أني من أهل الجنة فلهذا كان محل الإنكار قوله لم ذلك أي لأجل ما قالوا ذلك القول قوله ذكر أي عبد الله بن سلام قوله أرقه بهاء السكت في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أرق بدون الهاء وهو أمر من رقى يرقى من باب علم يعلم إذا ارتفع وعلا ومصدره رقي بضم الراء وكسر القاف وتشديد الياء قوله فأتاني منصف بكسر الميم وسكون النون وهو الخادم وفي رواية الكشميهني بفتح الميم والأول أشهر قوله فرفع ثيابي وفي رواية مسلم ثم قال بثيابي من خلفي ووصف أنه رفعه من خلفه بيده قوله فرقيت بكسر القاف على المشهور وحكي فتحها قوله فاستيقظت وفي رواية مسلم ولقد استيقظت قوله وإنها الواو فيه للحال أي وإن العروة في يدي معناه أنه بعد الأخذ استيقظ في الحال قبل الترك لها يعني استيقظت حال الأخذ من غير فاصلة بينهما أو أن أثرها في يدي كان يده بعد الاستيقاظ كانت مقبوضة بعد كأنها تستمسك شيئا مع أنه لا محذور في التزام كون العروة في يده عند الاستيقاظ لشمول قدرة الله لنحوه قوله الإسلام يريد به جميع ما يتعلق بالدين ويريد بالعمود الأركان الخمسة أو كلمة الشهادة وحدها ويريد بالعروة الوثقى الإيمان قال تعالى ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ( البقرة 652 ) والوثقى على وزن فعلى من وثق به ثقة ووثوقا أي ائتمنه وأوثقه ووثقه بالتشديد أحكمه قوله وذلك الرجل عبد الله بن سلام

(16/276)


يحتمل أن يكون هو قوله ولا مانع أن يخبر بذلك ويريد نفسه ويحتمل أن يكون من كلام الراوي
وقال لي خليفة حدثنا معاذ حدثنا ابن عون عن محمد حدثنا قيس بن عباد عن ابن سلام قال وصيف مكان منصف
أي قال لي خليفة بن خياط وهو أحد شيوخه حدثنا معاذ بن معاذ بن نصر العنبري قاضي البصرة حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين حدثنا قيس بن عباد المذكور في الرواية السابقة عن عبد الله بن سلام أنه قال فأتاني وصيف مكان منصف والوصيف بمعناه وهو الخادم الصغير غلاما كان أو جارية ومن طريق معاذ بن معاذ المذكور روى مسلم الحديث المذكور فقال حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ حدثنا ابن عون إلى آخره نحوه ورواه مسلم أيضا عن قتيبة من حديث خرشة بن الحر مطولا بألفاظ غير ما في الرواية الأولى
4183 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعيد بن أبي بردة ) عن أبيه قال أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه فقال ألا تجيء فأطعمك سويقا وتمرا وتدخل في بيت ثم قال إنك بأرض الربا بها فاش إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه فإنه ربا ولم يذكر النضر وأبو داود ووهب عن شعبة البيت ( الحديث 4183 - طرفه في 2437 )
مطابقته للترجمة من وجهين أحدهما من حيث إنه علم منه أن النبي دخل في بيت عبد الله وفيه تعظيم له والآخر من حيث إنه أمر بترك قبول هدية المستقرض وهذا من غاية الورع وفيه منقبة عظيمة
وسعيد بن أبي بردة يروي عن أبيه أبي بردة بضم الباء الموحدة عامر بن أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة مات سنة ثلاث ومائة وهو ابن نيف وثمانين سنة
قوله وتدخل في بيت التنوين فيه للتعظيم أي بيت عظيم مشرف بدخول رسول الله فيه وهو أحد وجهي المطابقة على ما ذكرنا قوله بأرض أي أرض العراق أي إنك مقيم بأرض قوله الربا بها فاش جملة إسمية من المبتدأ والخبر في محل الجر لأنها صفة لأرض ومعنى فاش ظاهر وشاسع كثير من الفشو قوله حمل تبن بكسر الحاء قوله أو في الموضعين للتنويع قوله قت بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق وهو نوع من علف الدواب قوله فإنه ربا أي فإن قبول هدية المستقرض جار مجرى الربا من حيث إنه زائد على ما أخذه من المستقرض ويمكن أن يكون رأي عبد الله بن سلام أنه عنده حقيقة الربا وعلى كل حال الورع والزهد والتقوى ينفي ذلك قوله ولم يذكر النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة هو ابن شميل وأشار بهذا إلى أن النضر ابن شميل وأبا داود سليمان الطيالسي ووهب بن جرير لما رووا الحديث المذكور عن شعبة لم يذكروا فيه لفظ وتدخل في بيت
02 -
( باب تزويج النبي خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها )
أي هذا باب في بيان تزويج النبي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي تجتمع مع رسول الله في قصي وهي من أقرب نسائه إليه في النسب ولم يتزوج من ذرية قصي غيرها إلا أم حبيبة قال الزبير كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم والأصم اسمه جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن لؤي تزوجها رسول الله في سنة خمس وعشرين من مولده في قول الجمهور وقال أبو عمر كانت إذ تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة وأقامت معه أربعا وعشرين سنة وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة وستة أشهر وكان رسول الله إذ تزوجها ابن إحدى وعشرين سنة وقيل ابن خمس وعشرين وهو الأكثر وقيل ابن ثلاثين وتوفيت قبل الهجرة بخمس سنين

(16/277)


وقيل بأربع وقال قتادة قبل الهجرة بثلاث سنين قال أبو عمر قول قتادة عندنا أصح وقال أبو عمر يقال إنها توفيت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام توفيت في شهر رمضان ودفنت في الحجون وذكر البيهقي أن أباها خويلد هو الذي زوجه إياها وذكر ابن الكلبي أنه زوجها إياه عمها عمرو بن أسد وذكر ابن إسحاق أن الذي زوجه إياها أخوها عمرو بن خويلد وكانت قبل النبي عند أبي هالة بن النباش بن زرارة التميمي حليف بني عبد الدار قال الزبير اسمه مالك وقال ابن منده زرارة وقال العسكري هند وقال أبو عبيدة اسمه النباش وابنه هند ومات أبو هالة في الجاهلية وكانت خديجة قبله عند عتيق بن عائذ المخزومي ثم خلف عليها رسول الله ولم يختلفوا أنه ولد له منها أولاده كلهم إلا إبراهيم وقال إبن إسحاق ولدت خديجة له زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى والطاهر والطيب فالثلاثة هكلوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه فإن قلت كيف قال باب تزويج النبي خديجة وكان يقتضي الكلام أن يقال باب تزوج النبي من باب التفعل لا من باب التفعيل وهذا يقتضي أن يكون التزويج لغيره قلت قد وقع في بعض النسخ باب تزوج النبي خديجة على الأصل ولكن في أكثر النسخ بلفظ تزويج فوجهه أن يقال إن التفعيل يجيء بمعنى التفعل ولهذا يقال بمعنى المتقدمة أو المراد تزويج النبي خديجة من نفسه قوله وفضلها أي وفي بيان فضل خديجة رضي الله تعالى عنها
5183 - حدثني ( محمد ) أخبرنا ( عبدة ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه قال سمعت ( عبد الله بن جعفر ) قال سمعت ( عليا ) رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله يقول ح وحدثني صدقة أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت عبد الله بن جعفر عن علي رضي الله تعالى عنهم عن النبي قال خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة ( انظر الحديث 2343 )
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين الأول عن محمد بن سلام البخاري البيكندي وهو من أفراده عن عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي الثاني عن صدقة بن الفضل المروزي عن عبدة إلى آخره
وفيه رواية تابعي عن تابعي هشام عن أبيه ورواية صحابي عن صحابي عبد الله بن جعفر عن عمه علي بن أبي طالب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في باب وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ( آل عمران 24 ) ومضى الكلام فيه هناك قال القرطبي الضمير يعني في نسائها عائد على غير مذكور لكنه يفسره الحال والشأن يعني به نساء الدنيا وقال الطيبي الضمير الأول يرجع إلى الأمة التي كانت فيها مريم عليها الصلاة والسلام والثاني إلى هذه الأمة ولهذا كرر الكلام تنبيها على أن حكم كل واحدة منهما غير حكم الأخرى ووقع في رواية مسلم عن وكيع عن هشام في هذا الحديث وأشار وكيع إلى السماء والأرض فكأنه أراد أن يبين أن المراد نساء الدنيا وأن الضميرين يرجعان إلى الدنيا وبهذا جزم القرطبي أيضا وقال الكرماني والضمير يرجع إلى الأرض وقال بعضهم والذي يظهر لي أن قوله خير نسائها خبر مقدم والضمير لمريم وكأنه قال مريم خير نسائها أي نساء زمانها وكذا في خديجة قلت هذا فيه تعسف من وجوه الأول تقديم الخبر لغير نكتة غير طائل والثاني إضافة النساء إلى مريم غير صحيحة والثالث فيه الحذف وهو غير الأصل
6183 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثنا ( الليث ) قال ( كتب إلي هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ما غرت على امرأة للنبي ما غرت على خديجة هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب وإن كان ليذبح الشاة

(16/278)


فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وهو سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري وقد نسب إلى جده والحديث من أفراده
قوله كتب إلي هشام يعني هشام بن عروة ابن الزبير ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر عن الليث حدثني هشام بن عروة قيل لعل الليث لقي هشاما بعد أن كتب إليه بهذا الحديث فحدثه به وقيل كان مذهب الليث أن الكتابة والتحديث سواء ونقل عنه الخطيب ذلك قوله ما غرت بكسر الغين المعجمة من الغيرة وهي الحمية والأنفة يقال رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى وجاء في حديث أن امرأة غيرى على وزن فعلى من الغيرة يقال غرت على أهلي أغار غيرة فأنا غائر وغيور للمبالغة وفيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عمن دونهن وكانت عائشة تغار من نساء النبي ولكن تغار من خديجة أكثر وذلك لكثرة ذكر رسول الله إياها وأصل غيرة المرأ من تخيل محبة غيرها أكثر منها وكثرة الذكر تدل على كثرة المحبة وقال القرطبي مرادها بالذكر لها مدحها والثناء عليها قوله هلكت قبل أن يتزوجنيأي ماتت خديجة قبل أن يتزوج النبي بعائشة ويأتي عن قريب بيان المدة إن شاء الله تعالى وأشارت عائشة بذلك إلى أن خديجة لو كانت حية في زمانها لكانت غيرتها منها أكثر وأشد قوله وأمره الله أن يبشرها أي أمر الله تعالى النبي أن يبشر خديجة ببيت من قصب بفتحتين قال الجوهري هو أنابيب من جوهر وقال النووي المراد به قصب اللؤلؤ المجوف وقيل قصب من ذهب منظوم بالجواهر ويقال القصب هنا اللؤلؤ المجوف الواسع كالقصر المنيف وقد جاء في رواية عبد الله بن وهب قال أبو هريرة قلت يا رسول الله وما بيت من قصب قال بيت من لؤلؤة مجوفة رواه السمرقندي في ( صحيح مسلم ) مجوبة وروى الخطابي مجوبة بضم الجيم أي قطع داخلها فتفرغ وخلا من قولهم جبت الشيء إذا قطعته وروى أبو القاسم بن مطير بإسناده عن فاطمة رضي الله تعالى عنها سيدة نساء العالمين أنها قالت يا رسول الله أين أمي خديجة قال في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب بين مريم وآسية امرأة فرعون قالت يا رسول الله أمن هذا القصب قال لا من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت فإن قلت قال من قصب ولم يقل من لؤلؤ ونحوه قلت هذا من باب المشاكلة لأنها لما أحرزت قصب السبق إلى الإيمان دون غيرها من الرجال والنساء ذكر الجزاء بلفظ العمل والعرب تسمي السابق محرز القصب فإن قلت كيف بشرها ببيت وأدنى أهل الجنة منزلة من يعطي مسيرة ألف عام في الجنة كما في حديث ابن عمر عند الترمذي قلت قيل ببيت زائد على ما أعده الله لها من ثواب أعمالها وقال الخطابي البيت هنا عبارة عن قصر ألا يرى قد يقال لمنزل الرجل بيته ويقال في القوم هل هو أهل بيت شرف وعز وقال السهيلي ماملخصه أنه من باب المشاكلة لأنها كانت ربة بيت في الإسلام ولم يكن على وجه الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت وجزاء الفعل يذكر بلفظ الفعل وإن كان أشرف منه كما قيل من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة لم يرد مثله في كونه مسجدا ولا في صفته ولكنه قابل البنيان بالبنيان أي كما بنى بني له قوله وإن كان كلمة إن مخففة من المثقلة ويراد بها تأكيد الكلام ولهذا أتت باللام في قولهاليذبح قوله فيهدي في خلائلها بالخاء المعجمة جمع خليلة وهي الصديقة وهذا أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها قوله منها أي من الشاة قوله ما يسعهن أي ما يسع لهن كذا في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي والحموي ما يتسعهن أي ما يتسع لهن وفي رواية النسفي ما يشبعهن من الإشباع قيل ليس في روايته كلمة ما
7183 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا حميد بن عبد الرحمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما غرت على خديجة من كثرة ذكر

(16/279)


رسول الله إياها قالت وتزوجني بعدها بثلاث سنين وأمره ربه عز و جل أو جبريل عليه السلام أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب
هذا طريق آخر في حديث عائشة المذكور عن قتيبة عن ( حميد بن عبد الرحمن ) الرؤاسي بضم الراء وهمزة بعد الراء وسين مهملة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر في الحدود وفيه زيادة قوله وتزوجني بعدها أي بعد موت خديجة بثلاث سنين قال النووي أرادت بذلك زمن دخولها عليه وأما العقد فتقدم على ذلك بمدة سنة ونصف قوله أو جبريل شك من الراوي
8183 - حدثني ( عمر بن محمد بن حسن ) حدثنا أبي حدثنا ( حفص ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ( ما غرت على أحد من نساء ) النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد
هذا طريق آخر في حديث عائشة المذكور أخرجه عن عمر بن محمد بن حسن المعروف بابن التل بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد اللام الأسدي الكوفي مات في شوال سنة خمسين ومائتين يروي عن أبيه محمد بن حسن بن الزبير أبي جعفر الأسدي الكوفي هو وابنه من أفراد البخاري وهو يروي عن حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها عن هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها وهذا الإسناد نازل لأنه يروي عن حفص بن غياص بواسطة شخص وهنا روى عنه بواسطة اثنين وليس في البخاري لعمر إلا هذا الحديث وآخر في الزكاة وقد مر وهو من صغار شيوخه
والحديث أخرجه مسلم في فضل خديجة أيضا عن سهل بن عثمان وأخرجه الترمذي في البر عن أبي هشام الرفاعي
قوله وما رأيتها جملة حالية وفي رواية مسلم ولم أدركها والمعنى ما رأيتها عند النبي ولا أدركتها عنده ورؤيتها إياها كانت ممكنة وكذلك إدراكها إياها لأنها كانت عند موت خديجة بنت ست سنين ولكن نفيها الرؤية والإدراك بالقيد المذكور قوله كأنه لم يكن وفي رواية الكشميهني كأن لم يكن بحذف الهاء قوله أنها كانت أي أن خديجة كانت وكانت أي كانت فاضلة وكانت عاملة وكانت تقية ونحوها ذلك قوله وكان لي منها أي من خديجة ولد وقد ذكرنا أن جميع أولاده من خديجة إلا ابنه إبراهيم فإنه من مارية القبطية
وقال النووي وفي هذا الحديث ونحوه دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيا وميتا وإكرام معارف ذلك الصاحب
307 - ( حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن إسماعيل قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما بشر النبي خديجة قال نعم ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب )
يحيى هو القطان وإسماعيل هو ابن أبي خالد وعبد الله بن أبي أوفى واسم أبي أوفى علقمة الأسلمي لهما صحبة قوله بشر النبي خديجة أي هل بشر النبي وأداة الاستفهام محذوفة قوله قال نعم أي قال عبد الله نعم بشرها ببيت من قصب وقد مضى في أبواب العمرة في باب متى يحل المعتمر في رواية جرير عن إسماعيل أنهم قالوا لعبد الله بن أبي أوفى حدثنا ما قال لخديجة قال قال بشروا خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب وقد

(16/280)


مر الكلام فيه هناك والقصب قد مر تفسيره والصخب بالمهملة والمعجمة المفتوحتين الصوت المختلط المرتفع والنصب المشقة والتعب وذكر الصخب والنصب أيضا من باب المشاكلة لأنه لما دعاها إلى الإيمان أجابته سريعا ولم تحوجه إلى أن يصخب كما يصخب الرجل إذا تعصت عليه امرأته ولا أن ينصب بل أزالت عنه كل نصب وآنسته من كل وحشة وهونت عليه كل مكروه وأزاحت بمالها كل كدر ونصب فوصف منزلها الذي بشرت به بالصفة المقابلة لفعلها وصورة حالها -
0283 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) قال حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن ( عمارة ) عن ( أبي زرعة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أتى جبريل ) النبي فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( الحديث 0283 - طرفه في 7947 )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث من مراسيل الصحابة لأن أبا هريرة لم يدرك خديجة ولا أيامها وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن قعقاع وأبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي اسمه هرم وقيل عبد الله وقيل غير ذلك
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن زهير بن حرب وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر وأبي كريب وابن نمير وأخرجه النسائي في المناقب عن عمرو بن علي
قوله عن أبي هريرة وفي رواية مسلم سمعت أبا هريرة قوله أتى جبريل وعند الطبراني أن ذلك كان وهو بحراء قوله قد أتت وفي رواية مسلم قد أتتك أي توجهت أليك قوله فيه إدام أو طعام أو شراب شك من الراوي وعند الطبراني أنه كان حيسا قوله فإذا هي أتتك أي وصلت إليك قوله فاقرأ عليها السلام أي سلم عليها من ربها ومني فإن قلت كيف ردت الجواب قلت بين ذلك الطبراني في روايته فقالت هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام وللنسائي من رواية أنس قال قال جبريل للنبي إن الله يقرىء خديجة السلام يعني فأخبرها فقالت إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته وفي رواية ابن السني زيادة وهي قولها وعلى من سمع السلام إلا الشيطان فإن قلت فلم ما قالت وعلى الله السلام كما قالت وعلى جبريل وعليك يا رسول الله قلت لأن الله هو السلام وهو إسم من أسمائه فلا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين ألا يرى أن بعض الصحابة لما قالوا في التشهد السلام على الله نهاهم النبي عن ذلك وقال إن الله هو السلام فقولوا التحيات لله ولأن السلام دعاء أيضا بالسلامة فلا يصلح أن يرد به على الله ففيه دلالة على صحة فهم خديجة وقوة إدراكها مثل هذا فإن قلت لما ردت الجواب بما ذكرنا هل كان جبريل عليه الصلاة و السلام حاضرا قلت بلى كان حاضرا فردت عليه وردت على النبي مرتين ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك
1283 - وقال ( إسماعيل بن خليل ) قال أخبرنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك فقال اللهم هالة قالت فغرت فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيرا منها
مطابقته للجزء الأول من الترجمة من حيث دلالته على التزويج بطريق اللزوم وقال الكرماني المراد من الترجمة لفظ وفضلها كما تقول أعجبني زيد وكرمه وتريد أعجبني كرم زيد قلت على قوله لا يوجد في الباب للجزء الأول من الترجمة حديث يطابقها
وإسماعيل بن خالد أبو عبد الله الخزار الكوفي روى عنه البخاري ومسلم وقال البخاري جاءنا نعيه سنة خمس

(16/281)


وعشرين ومائتين قوله وقال إسماعيل صورته صورة التعليق في النسخ كلها لكن الحافظ المزي قال حديث استأذنت هالة وذكر الحديث ثم قال حينئذ في فضل خديجة عن إسماعيل بن خليل فهذه العبارة تدل على أنه روى عنه فتقتضي اتصاله وأخرجه مسلم في الفضائل عن سويد بن سعيد وأخرجه أبو عوانة عن محمد بن يحيى الذهلي عن إسماعيل المذكور
قوله استأذنت هالة بالهاء وتخفيف اللام وهي أخت خديجة وكلتاهما بنتا خويلد بن أسد وكانت زوج الربيع بن عبد العزى ابن عبد شمس والد أبي العاص زوج زينب بنت النبي وذكرت في الصحابة وقد هاجرت إلى المدينة لأن استيذانها كان بالمدينة قوله فعرف استئذان خديجة أي تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة قوله فارتاع لذلك من الروع أي فزع ولكن المراد لازمه وهو التغير ويروى فارتاح بالحاء المهملة أي اهتز لذلك سرورا قوله فقال أللهم هالة بالنصب تقديره يا الله إجعلها هالة فتكون هالة منصوبا على المفعولية ويجوز رفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذه هالة وروى المستغفري من طريق حماد بن سلمة عن هشام بهذا السند قدم ابن لخديجة يقال له هالة فسمع النبي في قابلته كلام هالة فانتبه وقال هالة هالة ثم قال المستغفري الصواب هالة أخت خديجة قوله قالت أي عائشة فغرت من الغيرة فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش أرادت به خديجة قوله حمراء الشدقين بالحاء المهملة والراء والشدق بالكسر جانب الفم أرادت أنها عجوز كبيرة جدا قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق بشدها بياض من الأسنان إنما بقيت فيه حمرة اللثات وقال القرطبي قيل معنى حمراء الشدقين بيضاء الشدقين والعرب تطلق الأحمر على الأبيض كراهة لاسم البياض لكونه يشبه البرص وفيه نظر لا يخفى وحكى ابن التين أنه روي بالجيم والزاي ولم يذكر له معنى وهو تصحيف قاله بعضهم وقال صاحب ( التوضيح ) روى كلاهما ولم يذكر المعنى أيضا قوله خيرا منها أي من خديجة وقال ابن التين في سكوت النبي على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة رضي الله تعالى عنهما إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن وقال الطبري وغيره الغيرة تسامح للنساء ما يقع منهن ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن عليها ولهذا لم يزجر عائشة عن ذلك قلت فعلى هذا سكوته على المقالة المذكورة لا يدل على أفضلية عائشة على خديجة على أنه جاءت رواية بالرد لهذه المقالة وهي ما رواه أحمد والطبراني من رواة ابن أبي نجيح عن عائشة أنها قالت قد أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن فغضب حتى قلت والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير
12 -
( باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب فيه ذكر جرير بن عبد الله بن جابر وهو الشليل بفتح الشين المعجمة وبلامين بينهما ياء آخر الحروف ابن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف البجلي نسبة إلى بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة أم ولد أنمار بن أراش أحد أجداد جرير وكنيته أبو عمرو نزل الكوفة ثم نزل قرقيسيا وبها مات سنة إحدى وخمسين وكان سيدا مطاعا مليحا طوالا بديع الجمال صحيح الإسلام كبير القد قال على وجهه مسحة ملك وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال إنه يوسف هذه الأمة ولما دخل على رسول الله أكرمه وبسط له رداءه وقال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه رواه الطبراني في ( الأوسط ) من حديث قيس عنه وقال أبو عمر كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله قال جرير أسلمت قبل موت النبي بأربعين يوما وفيه نظر لأنه ثبت في ( الصحيح ) أن النبي قال له استنصت الناس في حجة الوداع وذلك قبل موته بأكثر من ثمانين يوما قيل الصحيح أن إسلامه كان في سنة الوفود سنة تسع أو سنة عشر
2283 - حدثنا ( إسحاق الواسطي ) قال حدثنا ( خالد ) عن ( بيان ) عن ( قيس ) قال ( سمعته ) يقول قال ( جرير بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنه ما حجبني رسول الله منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك ( انظر الحديث 5303 وطرفه )

(16/282)


مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر جرير وإكرام النبي إياه وإسحاق هو ابن شاهين الواسطي ابن بشر وهو من أفراد البخاري وخالد هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي من الصالحين وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر بالباء الموحدة المكسورة الأحمسي المعلم وقيس هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي والحديث مضى في الجهاد في باب من لا يثبت على الخيل بأتم منه
3283 - وعن ( قيس ) عن ( جرير بن عبد الله ) قال كان في الجاهلية بيت يقال له ذو الخلصة وكان يقال له الكعبة اليمانية أو الكعبة الشامية فقال لي رسول الله هل أنت مريحي من ذي الخلصة قال فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس قال فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده فأتيناه فأخبرناه فدعا لنا ولأحمس
فيه أيضا ذكر جرير وخبره وفيه المطابقة وفيه إكرام النبي له حيث دعا له ولأحمس وهو بالمهملتين اسم قبيلة وهو أحمس بن غوث وغوث هذا ابن بجيلة بنت مصعب المذكور آنفا
قوله وعن قيس هو موصول بالإسناد المذكور وهو قيس بن أبي حازم
والحديث مضى بأتم منه في الجهاد في باب البشارة في الفتوح ومضى الكلام فيه هناك ولكن نتكلم ببعض شيء لطول العهد من هناك فنقول
قوله بيت وكان لخثعم وكان باليمن وكان فيه صنم يدعى بالخلصة بالخاء المعجمة المفتوحة وباللام المفتوحة وحكى سكونها واليمانية بتخفيف الياء على الأصح وقال النووي فيه إشكال إذ كانوا يسمونها بالكعبة اليمانية فقط وأما الكعبة الشامية فهي الكعبة المكرمة التي بمكة شرفها الله تعالى وفرقوا بينهما بالوصف للتمييز فلا بد من تأويل اللفظ بأن يقال كان يقال لها الكعبة اليمانية والتي بمكة الكعبة الشامية وقد يروى بدون الواو فمعناه كان يقال هذان اللفظان أحدهما لموضع والآخر لآخر وقال القاضي ذكر الشامية غلط من الرواة والصواب حذفه وقال الكرماني الضمير في له راجع إلى البيت والمراد به بيت للصنم كان يقال لبيت الصنم الكعبة اليمانية والكعبة الشامية فلا غلط ولا حاجة إلى التأويل بالعدول عن الظاهر قوله مريحي من الإراحة بالراء المهملة
22 -
( باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب فيه ذكر حذيفة بن اليمان واليمان لقب واسمه حسيل وقيل حسل وإنما قيل له اليمان لأنه حالف اليمانية وحسل بن جابر بن أسد بن عمرو بن مالك أبو عبد الله العبسي حليف بني الأشهل صاحب سر رسول الله له ولأبيه صحبة قتل أبوه يوم أحد وكان حذيفة أميرا على المدائن استعمله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومات بعد قتل عثمان بأربعين يوما سكن الكوفة وقال الذهبي مات بدمشق وقد ذكره البخاري فيما مضى في مناقب عمار وحذيفة رضي الله تعالى عنهما قوله العبسي بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وبالسين المهملة نسبة إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان
4283 - حدثني ( إسماعيل بن خليل ) قال أخبرنا ( سلمة بن رجاء ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت لما كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة فصاح إبليس أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم على أخراهم فاجتلدت أخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه فنادى أي عباد الله أبي أبي فقالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة غفر الله لكم قال أبي فوالله ما زالت في حذيفة منها بقية خير حتى لقي الله عز و جل
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن خليل عن قريب مضى وسلمة بن رجاء بفتح اللام أبو عبد الرحمن الكوفي والحديث

(16/283)


من أفراده
قوله هزم على صيغة المجهول قوله بينة أي ظاهرة قوله أخراكمأي اقتلوا اخراكم أو انصروا أخراكم قال ذلك إبليس تغليطا وتلبيسا والخطاب للمسلمين أو للمشركين فاجتلدت يقال تجالد القوم بالسيوف وكذلك اجتلدوا قوله أبي أبي بالتكرار يعني هذا أبي يحذر المسلمين عن قتله ولم يسمعوه فقتلوه يظنونه من المشركين ولا يدرون فتصدق حذيفة بديته على من أصابه قوله فقالت أي عائشة قوله ما احتجزوا أي ما انفصلوا من القتال وما امتنع بعضهم من بعض حتى قتلوه أي أبا حذيفة قوله قال أي هشام بن عروة قال أبي أي عروة وفصل هذا من حديث عائشة فصار مرسلا قوله منها أي من هذه الكلمة أي بسببها وهي قول حذيفة غفر الله لكم قوله بقية خير حتى لقي الله عز و جل يؤخذ منه أن فعل الخير تعود بركته على صاحبه في طول حياته وهذا الباب والذي قبله وقعا في بعض النسخ قبل باب تزويج النبي خديجة رضي الله تعالى عنها
32 -
( باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضي الله تعالى عنها )
أي هذا باب فيه ذكر هند يجوز فيه الصرف ومنعه بنت عتبة بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق ابن ربيعة ابن عبد شمس وهي والدة معاوية بن أبي سفيان قتل أبوها ببدر كما سيأتي وشهدت هي مع زوجها أبي سفيان أحدا وحرضت على قتل حمزة رضي الله تعالى عنه عم النبي لكونه قتل عمها شيبة فقتله وحشي بن حرب ثم أسلمت هند يوم الفتح وكانت من عقلاء النساء وكانت قبل أبي سفيان عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ثم طلقها في قصة جرت ثم تزوجها أبو سفيان فأنجبت عنده وماتت في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه
5283 - وقال ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) حدثني ( عروة ) أن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت جاءت هند بنت عتبة قالت يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزو من أهل خبائك قالت وأيضا والذي نفسي بيده قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا قال لا أراه إلا بالمعروف
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه ذكر هند وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وقد مر غير مرة وعبد الله هو ابن المبارك المروزي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النفقات عن محمد بن مقاتل وفي الأيمان والنذور عن يحيى بن بكير وأخرجه هنا معلقا وكلام أبي نعيم في ( المستخرج ) يقتضي أن البخاري أخرجه موصولا ووصله البيهقي عن عبدان
قوله خباء هي الخيمة التي من الوبر أو الصوف على عمودين أو ثلاثة وقال الكرماني يحتمل أن تريد به نفسه فكنت عنه بذلك إجلالا له وأهل بيته والخباء يعبر به عن مسكن الرجل وداره قوله قالت وأيضا والذي نفسي بيده هذا جواب لهند بتصديق ما ذكرته يعني وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك وقيل معناه وأيضا ستزيدين في ذلك ويتمكن الإيمان في قلبك فيزيد حبك لرسول الله ويقوى رجوعك عن غضبه وهذا المعنى أولى وأوجه من الأول بيان ذلك من جهة طرف الحب والبغض فقد كان في المشركين من هو أشد أذى للنبي من هند وأهلها وكان في المسلمين بعد أن أسلمت من هو أحب إلى النبي منها ومن أهلها فلا يمكن حمل الخبر على ظاهره فيفسر بما ذكرناه أولا قوله قالت يا رسول الله أي قالت هند يا رسول الله إن أبا سفيان تعني زوجها والد معاوية رجل مسيك بكسر الميم وتشديد السين المهملة وهي صيغة مبالغة أي بخيل جدا شحيح قوله هل علي بتشديد الياء استفهام على سبيل الاستعلام أي هل علي حرج أو إثم أن أطعم أي بأن أطعم من الإطعام قوله من الذي له أي من المال الذي لأبي سفيان قوله عيالنا بالنصب لأنه مفعول أطعم بضم الهمزة قوله قال لا أي قال النبي لا أرى ذلك أي الإطعام إلا بالمعروف أي بقدر الحاجة

(16/284)


والضرورة دون الزيادة عليها
وفيه وجوب النفقة للأولاد الصغار الفقراء ومنهم من احتج به على جواز الحكم للغائب ورد ذلك بأن هذا كان إفتاء لا حكما
42 -
( باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل )
أي هذا باب في بيان حديث زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرة وابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأن عمر هو ابن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى وعمرو الذي هو والد زيد أخو خطاب والد عمر بن الخطاب فيكون زيد هذا ابن عم عمر بن الخطاب وكان زيد هذا ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان وجانب الشرك ولكنه مات قبل مبعث النبي وقال سعيد بن المسيب مات وقريش تبني الكعبة قبل نزول الوحي على رسول الله بخمس سنين وعن زكريا السعدي أنه لما مات دفن بأصل حراء وعند ابن إسحاق أنه لما توسط بلاد لحم عدوا عليه فقتلوه وعند الزبير بلغنا أن زيدا كان بالشام فلما بلغه خروج سيدنا رسول الله أقبل يريده فقتله أهل ميفعة وقال البكري وهي قرية من أرض البلقاء بالشام ويقال كان زيد سكن حراء وكان يدخل مكة سرا ثم سار إلى الشام يسأل عن الدين فسمته النصارى فمات فإن قلت ما حكمه من جهة الدين قلت ذكره الذهبي في ( تجريد الصحابة ) وقال قال النبي يبعث أمة وحده وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال سئل رسول الله عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية ويقول إلهي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم ويسجد فقال رسول الله يحشر ذاك أمه وحده بيني وبين عيسى ابن مريم عليهما السلام رواه ابن أبي شيبة وروى محمد بن سعد من حديث عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال قال لي زيد بن عمرو إني خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان وإن كانا يصليان إلى هذه القبلة وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه وأنا أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي وإن طالت بك حياة فأقرئه مني السلام قال عامر فلما أسلمت أعلمت النبي بخبره قال فرد عليه السلام وترحم عليه وقال لقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا وروى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد وفيه قال سألت أنا وعمر رسول الله عن زيد فقال غفر الله له ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم عليه الصلاة و السلام وقال الباغندي عن أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين وقال ابن كثير وهذا إسناد جيد وليس في شيء من الكتب فإن قلت لم ذكر البخاري هذا الباب في كتابه قلت أشار به إلى أن النبي لقيه قبل أن يبعث وذكر في شأنه ما ذكره حتى إن الذهبي وغيره ذكروه في الصحابة وقال صاحب ( التوضيح ) ميل البخاري إليه قلت فلذلك ذكره بين ذكر الصحابة
6283 - حدثني ( محمد بن أبي بكر ) حدثنا ( فضيل بن سليمان ) حدثنا موسى حدثنا سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي فقدمت إلى النبي سفرة فأبى أن يأكل منها ثم قال زيد إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله إنكارا لذلك وإعظاما له ( الحديث 6283 - طرفه في 9945 )

(16/285)


مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه حديث زيد المذكور ومحمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم أبو عبد الله المعروف بالمقدمي البصري يروي عن فضيل بن سليمان النميري البصري يروي عن ( موسى ) بن عقبة بن أبي عياش الأسدي المديني عن ( سالم بن عبد الله ) بن عمر بن الخطاب عن أبيه عبد الله
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الذبائح عن معلى بن أسد وأخرجه النسائي في المناقب عن أحمد بن سليمان
قوله يلدح بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح الدال المهملة وفي آخره حاء مهملة قال البكري هو موضع في ديار بني فزارة وهو واد في طريق التنعيم إلى مكة قوله فقدمت على صيغة المجهول قوله سفرة قال ابن الأثير السفرة طعام يتخذه المسافر وأكثر ما يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به كما سميت المزادة راوية وغير ذلك من الأسماء المنقولة قوله فأبى أي أبى زيد أي امتنع أن يأكل منها وقال ابن بطال كانت السفرة لقريش فقدموها للنبي فأبى أن يأكل منها فقدمها النبي لزيد بن عمرو فأبى أن يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها أولا إنا لا نأكل كل ما ذبح على أنصابكم انتهى والأنصاب جمع النصب قال الكرماني وهو ما نصب فعبد من دون الله عز و جل قلت هي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام وقال الكرماني هل أكل رسول الله منها قلت جعله في سفرة رسول الله لا يدل على أنه كان يأكله وكم شيء يوضع في سفرة المسافر مما لا يأكله هو بل يأكل من معه وإنما لم ينه الرسول من معه عن أكله لأنه لم يوح إليه إذ ذاك ولم يؤمر بتبليغ شيء تحريما وتحليلا حينئذ انتهى قلت لو اطلع الكرماني على كلام القوم لما احتاج إلى هذا السؤال والجواب وقد ذكرنا الآن عن ابن بطال ما يغني عن ذلك وقوله أيضا في سفرة رسول الله غير صحيح لأن السفرة كانت لقريش كما مر الآن وقال السهيلي إن قلت كيف وفق زيد إلى ترك أكل ذلك وسيدنا أولى بالفضيلة في الجاهلية لما ثبت من عصمته قلت عنه جوابان أحدهما أنه ليس في الحديث أنه أكل منها وإنما فيه أن زيدا لما قدمت إليه أبى ثانيهما أن زيدا إنما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدم وإنما تقدم شرع إبراهيم عليه السلام بتحريم الميتة لا بتحريم ما ذبح لغير الله وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام وقال الخطابي امتناع زيد من أكل ما في السفرة إنما هو من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيهما مما ذبح على الأنصاب وقد كان رسول الله أيضا لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها لأصنامهم فأما ذبائحهم لمأكلهم فلم نجد في الحديث أنه كان يتنزه عنها وقد كان بين ظهرانيهم مقيما ولم يذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة لأن قريشا كانوا يتنزهون أيضا في الجاهلية عن الميتة مع أنه أباح الله لنا طعام أهل الكتاب والنصارى يذبحون ويشركون في ذلك الله تعالى قوله وإن كان زيد بن عمرو هو موصول بالإسناد المذكور قوله كان يعيب بفتح الياء قوله إنكارا نصب على التعليل وإعظاما عطف عليه
7283 - قال موسى حدثني سالم بن عبد الله ولا أعلمه إلا يحدث به عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم فقال إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني فقال لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله قال زيد ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنا أستطيعه فهل تدلني على غيره قال ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال زيد وما

(16/286)


الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله فقال لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله قال ما أفر إلا من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع فهل تدلني على غيره قال ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال وما الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج فلما برز رفع يديه فقال اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم
( موسى ) هو ابن عقبة المذكور الذي روى عن سالم وظاهره التعليق ولهذا قال الإسماعيلي ما أدري هذه القصة الثانية من رواية الفضيل عن موسى أم لا وقيل هو موصول بالإسناد المذكور وفيه نظر لا يخفى
قوله ويتبعه بالتشديد من الاتباع ويروى عن الكشميهني يبتغيه من الابتغاء بالغين المعجمة وهو الطلب قوله لعلي كلمة لعل للترجي تنصب الإسم وترفع الخبر واسمها هنا ياء المتكلم وخبرها قوله أن أدين قوله فأخبرني أي عن حال دينكم وكيفيته قوله من غضب الله المراد من غضب الله هو إيصال العذاب قوله فذكر مثله أي مثل ما ذكر لعالم اليهود قوله من لعنة الله المراد من اللعنة إبعاد الله عبده من رحمته وطرده عن بابه لأن اللعنة في اللغة الطرد وإنما خص الغضب باليهود واللعنة بالنصارى لأن الغضب أردى من اللعنة فكان اليهود أحق به لأنهم أشد عداوة لأهل الحق قوله وأنا أستطيع أي والحال أن لي قدرة على عدم حمل ذلك قوله فلما برز أي لما ظهر خارجا عن أرضهم قوله إني أشهدك بكسر الهمزة قوله أني على دين إبراهيم عليه السلام بفتح الهمزة وفي حديث سعد بن زيد فانطلق زيد وهو يقول لبيك حقا حقا تعبدا ورقا ثم يخر فيسجد لله عز و جل
8283 - وقال ( الليث كتب إلي هشام ) عن أبيه عن ( أسماء بنت أبي بكر ) رضي الله تعالى عنهما قالت رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري وكان يحيى الموؤدة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته لا تقتلها أنا أكفيكها مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها
أي قال الليث بن سعد كتب إلي هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير وهذا تعليق وصله أبو بكر بن أبي داود عن عيسى بن حماد المعروف بزغبة عن الليث إلى آخره
وأخرجه النسائي في المناقب عن الحسين بن منصور بن جعفر عن أبي أسامة عن هشام بن عروة
قوله ما منكم على دين إبراهيم عليه السلام غيري وفي رواية أبي أسامة كان يقول إلهي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم ورواية ابن أبي الزناد وكان قد ترك عبادة الأوثان وترك أكل ما يذبح على النصب وفي رواية ابن إسحاق وكان يقول أللهم لو أعلم أحب الوجود إليك لعبدتك به ولكن لا أعلمه ثم يسجد على راحتيه قوله وكان يحيي الموؤدة الإحياء هنا مجاز عن الإبقاء وهو على وزن مفعولة من الوأد وهو القتل كان إذا ولد لأحدهم في الجاهلية بنت دفنها في التراب وهي حية يقال وأدها يئدها وأدا فهي موؤدة وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز وفي الحديث الوئيد في الجنة أي الموؤدة فعيل بمعنى مفعول وزعم بعض العرب أنهم كانوا يفعلون ذلك غيرة على البنات وقول الله عز و جل هو الحق ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أي خشية إملاق أي فقر وقلة وذكر النقاش في تفسيره أنهم كانوا يئدون من البنات من كانت منهن زرقاء أو هرشاء أو شيماء أو كشحاء تشاؤما منهم بهذه الصفات قلت هرشاء من التهريش وهو مقاتلة الكلاب والشيماء من التشاؤم والكشحاء من الكشاحة وهو إضمار العداوة قوله أنا أكفيكها مؤونتها كذا في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر أنا أكفيك مؤنتها قوله فإذا ترعرعت براءين وعينين مهملتين أولاهما مفتوحة أي تحركت ونشأت
52 -
( باب بنيان الكعبة )
أي هذا باب في بيان بنيان الكعبة على يد قريش في حياة النبي قبل بعثته وذكر ابن إسحاق وغيره إن قريشا لما بنت الكعبة كان عمر النبي خمسا وعشرين سنة وروى إسحاق بن راهويه من

(16/287)


طريق خالد بن عرعرة عن علي رضي الله تعالى عنه في قصة بناء إبراهيم عليه الصلاة و السلام البيت قال فمر عليه الدهر فانهدم فبنته العمالقة فمر عليه الدهر فانهدم فبنته جرهم فمر عليه الدهر فانهدم فبنته قريش ورسول الله يومئذ شاب فلما أرادوا أن يضعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فقالوا يحكم بيننا أول من يخرج من هذه السكة فكان النبي أول من خرج منها فحكم بينهم أن يجعلوه في ثوب ثم يرفعه من كل قبيلة رجل وذكر أبو داود الطيالسي في الحديث أنهم قالوا نحكم أول من يدخل من باب بني شيبة فكان النبي أول من دخل منه فأخبروه فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل فخان يأخذ بطائفة من الثوب فرفعوه ثم أخذه فوضعه بيده وذكر الفاكهي أن الذي أشار عليهم أن يحكموا أول داخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي أخو الوليد
واختلفوا في أول من بنى الكعبة فقيل أول من بناها الملائكة ليطوفوا خوفا من الله حين قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ( البقرة 03 ) الآية وقيل أول من بناها آدم عليه الصلاة و السلام ذكره ابن إسحاق وقيل أول من بناها شيث عليه الصلاة و السلام وكان في عهد آدم البيت المعمور فرفع وقيل رفع وقت الطوفان وقيل كانت تسعة أذرع من عهد إبراهيم عليه السلام ولم يكن لها سقف ولما بناها قريش قبل الإسلام زادوا فيها تسعة أذرع فكانت ثمان عشرة ذراعا ورفعوا بابها من الأرض لا يصعد إليها إلا بدرج أو سلم وذلك حين سرق دويك مولى بني مليح مال الكعبة وأول من عمل لها غلقان تبع ثم لما بناها ابن الزبير زاد فيها تسعة أذرع أخرى فكانت سبعا وعشرين ذراعا وعلى ذلك هي إلى الآن
9283 - حدثني ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) قال أخبرني ( ابن جريج ) قال أخبرني ( عمرو بن دينار ) سمع ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال لما بنيت الكعبة ذهب النبي وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي إجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال إزاري إزاري فشد عليه إزاره ( انظر الحديث 463 وطرفه )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لما بنيت الكعبة ومن قوله ينقلان الحجارة لأن نقلها كان للبناء ومحمود هو ابن غيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي
والحديث من مراسيل الصحابة مضى في كتاب الحج في باب فضل مكة وبنيانها فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن أبي عاصم عن ابن جريج إلخ نحوه
قوله لما بنيت على صيغة المجهول يعني لما بناها قريش في عهد النبي قوله يقيك أي يحفظك من الوقاية قوله فخر فيه حذف تقديره ففعل ما قاله عباس فخر أي فسقط إلى الأرض وفي حديث أبي الطفيل الذي تقدم في الحج فبينما رسول الله ينقل الحجارة معهم إذ انكشفت عورته فنودي يا محمد غط عورتك فذلك أول ما نودي فما رؤيت له عورة بعد ولا قبل قوله طمحت عيناه أي ارتفعت قوله إزاري إزاري هكذا هو مكرر أي ناولوني إزاري
0383 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد ) قالا لم ( يكن على عهد ) النبي حول البيت حائط كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطا قال عبيد الله جدره قصير فبناه ابن الزبير
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله فبنى حوله حائطا الخ وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وعبيد الله بن أبي يزيد من الزيادة مولى أهل الكوفة المكي وهو عمرو بن دينار تابعيان لم يدركا النبي فهو من باب الإرسال

(16/288)


وقيل منقطع قوله على عهد النبي أي على زمنه قوله حتى كان عمر أي زمان خلافته وهو أيضا منقطع لأنهما لم يدركا عمر رضي الله تعالى عنه أيضا قوله جدره بفتح الجيم أي جداره وهو مبتدأ وقوله قصير خبره والجملة صفة لقوله حائطا وأغرب الكرماني بقوله جدره بفتح الجيم بلفظ المفرد منصوبا وقصيرا حال أي بنى عمر جدره قصيرا والذي قلنا أوجه قوله فبناه ابن الزبير أي بنى البيت عبد الله بن الزبير مرتفعا طويلا وهذا المقدار من الحديث موصول وقد مضى عن قريب طول البيت وكيف كان أولا
62 -
( باب أيام الجاهلية )
أي هذا باب في بيان أيام الجاهلية وهي الأيام التي كانت قبل الإسلام قال بعضهم أي ما كان بين مولد النبي والمبعث وفيه نظر وقال الكرماني أيام الجاهلية هي مدة الفطرة التي كانت بين عيسى ورسول الله عليهما الصلاة والسلام وسميت بها لكثرة جهالاتهم قلت هذا هو الصواب
1383 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) قال ( هشام ) حدثني أبي عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما نزل رمضان كان من شاء صامه ومن شاء لا يصومه
مطابقته للترجمة في قوله تصومه قريش في الجاهلية ويحيى قو القطان وهشام هو ابن عروة بن الزبير والحديث مضى في كتاب الصوم في باب صيام عاشوراء فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة ومضى الكلام فيه هناك
2383 - حدثنا ( مسلم ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( ابن طاوس ) عن أبيه عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من الفجور في الأرض وكانوا يسمون المحرم صفرا ويقولون إذا برا الدبر وعفا الأثر حلت العمرة لمن اعتمر قال فقدم رسول الله وأصحابه رابعة مهلين بالحج وأمرهم النبي أن يجعلوها عمرة قالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله كانوا يرون أن العمرة إلى قوله قال فقدم لأن ما ذكر فيه كله من أفعال الجاهلية ومسلم هو ابن إبراهيم ووهيب بالتصغير هو ابن خالد وابن طاووس هو عبد الله يروي عن أبيه
والحديث مضى في كتاب الحج في باب التمتع والإفراد فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن وهيب الخ ومضى الكلام فيه هناك
قوله يسمون المحرم صفرا أي يجعلونه مكانه في الحرمة وذلك هو النسيء المشهور بينهم كانوا يؤخرون ذا الحجة إلى المحرم والمحرم إلى صفر وهلم جرا قوله الدبر بالدال المهملة وفتح الباء الموحدة وهو الجرح الذي يحصل على ظهر الإبل ونحوه قوله وعفا الأثر أي انمحى أثر الدبر قوله رابعة أي صبح رابعة من شهر ذي الحجة أو ليلة رابعة قوله مهلين حال قوله أي الحل أي أي شيء من الأشياء يحل لنا قوله الحل كله أي يحل فيه جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع
3383 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال كان ( عمرو ) يقول حدثنا ( سعيد بن المسيب ) عن أبيه عن جده قال جاء سيل في الجاهلية فكسا ما بين الجبلين قال سفيان ويقول إن هذا لحديث له شأن

(16/289)


مطابقته للترجمة في قوله في الجاهلية وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وفي رواية الإسماعيلي حدثنا عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب التابعي الكبير الفقيه ومسيب هو ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو ابن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أبو محمد المدني مات سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك وهو ابن خمس وسبعين سنة وهو يروي عن أبيه المسيب بتشديد الياء آخر الحروف المفتوحة وحكى كسرها وكان المسيب ممن بايع تحت الشجرة وكان تاجرا وقال النووي قال الحفاظ لم يرو عن المسيب إلا ابنه سعيد قال وفيه رد على الحاكم أبي عبد الله الحافظ فيما قال لم يخرج البخاري عن أحد ممن لم يرو عنه
إلا راو واحد قال ولعله أراد من غير الصحابة والمسيب هو ابن حزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي وفي آخره نون وكان من المهاجرين ومن أشراف قريش في الجاهلية وقال أبو عمر قال رسول الله لحزن ما اسمك قال حزن قال رسول الله أنت سهل فقال إسم سماني به أبي ويروى أنه قال له إنما السهولة للحمار قال سعيد بن المسيب فما زالت الحزونة تعرف فينا حتى اليوم وفيه أخرج البخاري أيضا في الأدب عن إسحاق بن نصر وعلي بن عبد الله ومحمود على ما سيجيء إن شاء الله تعالى
قولهفي الجاهليةأي قبل الإسلام قولهفكساما بين الجبلينأي غطى ما بين جبلي مكة المشرفين عليها
قوله قال سفيان هو الراوي قوله ويقول أي عمرو المذكور قوله شأن أي قصة طويلة وذكر موسى بن عقبة أن السيل كان يأتي من فوق الردم بأعلى مكة فيخربه فتخوفوا أن يدخل الماء الكعبة فأرادوا تشييد بنيانها فكان أول من طلعها وهدم منها شيئا الوليد بن المغيرة وذكر القصة قال الكرماني الحكمة في أن البيت ضبط في طوفان نوح عليه الصلاة و السلام من الغرق ورفع إلى السماء وفي ها السيل قد غرق أنه لعله كان ذلك عذابا وهذا لم يكن عذابا انتهى قلت هذا تصرف عجيب لأنه لما جاء الطوفان كان البيت المعمور موضع البيت ولما أهبط الله آدم عليه الصلاة و السلام إلى الأرض أتي إليه من الهند وقيل لما آل الأمر إلى شيث بنى الكعبة وذكر ابن هشام أن الماء لم يعله حين الطوفان ولكنه قام حوله وبقي في الهواء إلى السماء وأن نوحا عليه الصلاة و السلام طاف به هو ومن معه في السفينة ثم بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
4383 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( بيان أبي بشر ) عن ( قيس بن أبي حازم ) قال دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم فقال ما لها لا تكلم قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هاذا من عمل الجاهلية فتكلمت فقالت من أنت قال امرء من المهاجرين قالت أي المهاجرين قال من قريش قالت من أي قريش أنت قال إنك لسؤول أنا أبو بكر قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم قالت وما لأئمة قال أما كان لقومك رؤس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم قالت بلى قال فهم أولئك على الناس
مطابقته للترجمة في قوله هذا من عمل الجاهلية وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر المكنى بأبي بشر الأحمسي المعلم الكوفي وابن أبي حازم بالحاء المهملة وبالزاي اسمه عوف قدم إلى المدينة طالبا النبي بعدما قبض وقد مر غير مرة
قوله دخل أبو بكر يعني الصديق رضي الله تعالى عنه قوله من أحمس بالمهملتين وفتح الميم وهي قبيلة من بجيلة ورد على ابن التين في قوله امرأة من الحمس وهم من قريش قوله يقال لها زينب هي بنت المهاجر روى حديثها محمد بن سعد في ( الطبقات ) من طريق عبد الله بن جابر الأحمسي عن عمته زينب بنت المهاجر قالت خرجت حاجة فذكر هذا

(16/290)


الحديث وذكر ابن منده في ( تاريخ النساء ) له أن زينب بنت جابر أدركت النبي وروت عن أبي بكر وروى عنها عبد الله بن جابر وهي عمته قال وقيل هي بنت المهاجر بن جابر وذكر الدارقطني في العلل أن في رواية شريك وغيره عن إسماعيل بن أبي خالد في حديث الباب أنها زينب بنت عوف قال وذكر ابن عيينة عن إسماعيل أنها جدة إبراهيم بن المهاجر قيل الجمع بين هذه الأقوال ممكن بأن من قال بنت المهاجر نسبها إلى أبيها وبنت جابر نسبها إلى جدها الأدنى أو بنت عوف نسبها إلى جدها الأعلى قوله مصمتة بلفظ اسم الفاعل بمعنى صامتة يعني ساكتة يقال أصمت إصماتا وصمت صموتا وصمتا وصماتا والاسم الصمت بالضم قوله فإن هذا أي ترك الكلام لا يحل قوله هذا أي الصمات من عمل الجاهلية وقد احتج بهذا على أن من حلف لا يتكلم استحب له أن يتكلم ولا كفارة عليه لأن أبا بكر لم يأمرها بالكفارة وقال ابن قدامة في ( المغني ) ليس من شريعة الإسلام صمت الكلام وظاهر الأخبار تحريمه واحتج بحديث أبي بكر وبحديث علي رضي الله تعالى عنه يرفعه لا يتم بعد احتلام ولا يصمت يوم إلى الليل أخرجه أبو داود وقال فإن نذر ذلك لم يلزمه الوفاء وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا فإن قلت روى الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص من صمت نجا وأخرج ابن أبي الدنيا مرسلا برجال ثقاة أيسر العبادة الصمت قلت الصمت المباح المرغوب فيه ترك الكلام الباطل وكذا المباح الذي يجر إلى شيء من ذلك والصمت المنهي عنه ترك الكلام عن الحق لمن يستطيعه وكذا المباح الذي يستوي طرفاه قوله إنك بكسر الكاف لأنه خطاب لزينب المذكورة قوله لسؤول أي كثيرة السؤال وصيغة فعول يستوي فيها المذكر والمؤنث واللام فيه للتأكيد قوله الأمر الصالح أي دين الإسلام وما اشتمل عليه من العدل واجتماع الكلمة ونصر المظلوم ووضع كل شيء في محله قوله بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم وقت البقاء بالاستقامة إذ هم باستقامتهم تقام الحدود وتؤخذ الحقوق ويوضع كل شيء في موضعه وفي رواية الكشميهني ما اسقامت لكم وقال المغيرة كنا في بلاء شديد نعبد الشجر والحجر ونمص الجلد والنوى فبعث إلينا رب السموات رسولا منا فأمرنا بعبادة الله وحده وترك ما يعبد أباؤنا وذكر الحديث وما كانوا عليه على عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه من الأمر واجتماع الكلمة وأن لا يظلم أحد أحدا
5383 - حدثني ( فروة بن أبي المغراء ) أخبرنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب وكان لها حفأ في المسجد قالت فكانت تأتينا فتحدث عندنا فإذا فرغت من حديثها قالت
( ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا
ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني )
فلما أكثرت قالت لها عائشة وما يوم الوشاح قالت خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم فسقط منها فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحما فأخذت فاتهموني به فعذبوني حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي فبينما هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديا حتى وازت برؤوسنا ثم ألقته فأخذوه فقلت لهم هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة ( انظر الحديث 934 )
مطابقته للترجمة من حيث ما كان عليه أهل الجاهلية من الجفاء في الفعل والقول ألا ترى أن الذين أتهموا هذه المرأة السوداء كيف جفوها وعذبوها وبالغوا فيه حتى فتشوا في قبلها قوله وفروة بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي من أفراد البخاري
والحديث مضى في أبواب المساجد في باب نوم المرأة في المسجد فإنه أخرجه هناك عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن هشام إلخ بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك
قوله حفش

(16/291)


بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء وفي آخرة شين معجمة وهو البيت الضيق الصغير قوله والوشاح بكسر الواو ويقال له إشاح أيضا وهو شيء ينسج عريضا من أديم وربما رصع بالجوهر والخرز وتشده المرأة بين عاتقها وكشحها قوله من تعاجيب ربنا ويروى من تباريح ربنا والتعاجيب العجائب لا واحد لها من لفظها والتباريح جمع تبريح وهو المشقة والشدة قوله ألا أنه ويروى على أنه قوله من بلدة الكفر قوله ويروي من دارة الكفر الحديا مصغر الحدأة على وزن العنبة قوله وازت أي حاذت
6383 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله فكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه فإن فيه النهي عن الحلف بالآباء لأنه من أفعال الجاهلية والحديث أخرجه مسلم في الأيمان والنذور عن يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر
وكلمة ألا للتنبيه فتدل على تحقق ما قبلها قوله من كان حالفا يعني من أراد أن يحلف لتأكيد فعل أو قول فلا يحلف إلا بالله لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به غيره وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لأن أحلف بالله تعالى مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر ويكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته وسواء في ذلك النبي والكعبة والملائكة والأمانة والروح وغير ذلك ومن أشدها كراهة الحلف بالأمانة فإن قلت قد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله والصافات والذاريات والعاديات قلت إن الله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفها قوله فكانت قريش تحلف بآبائها بأن يقول واحد منهم عند إرادة الحلف وأبي أفعل هذا أو وأبي لا أفعل أو يقول وحق أبي أو تربة أبي ونحو ذلك فنهى رسول الله عن ذلك فقال لا تحلفوا بآبائكم لأن هذا من أيمان الجاهلية وفي رواية مسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وفي رواية لا تحلفوا بالطواغيت ولا بآبائكم قال النووي فإن قيل هذا الحديث مخالف لقوله أفلح وأبيه إن صدق فجوابه إن هذه كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين وقال غيره بل هي من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد ولا يراد بها القسم كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء
7383 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال أخبرني ( عمرو ) أن ( عبد الرحمان ابن القاسم ) حدثه أن ( القاسم ) كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة قالت كان أهل الجاهلية يقومون لها يقولون إذا رأوها كنت في أهلك ما أنت مرتين
مطابقته للترجمة في لفظ أهل الجاهلية ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي سكن مصر قال المنذري قدم مصر وحدث بها وتوفي بها سنة ثمان ويقال سبع وثلاثين ومائتين وهو من أفراده وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وعمرو هو ابن الحارث المصري وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
قوله كان يمشي بين يدي الجنازة وفيه خلاف فعند الشافعية المشي أمام الجنازة أفضل وعند الحنفية وراءها أفضل لأنها متبوعة وبه قال في رواية وعنه الأفضل أن تكون المشاة أمامها والركبان خلفها وبه قال أحمد قوله ولا يقوم لها أي ولا يقوم القاسم أي للجنازة ويخبر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت كان أي أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوا الجنازة والظاهر أن أمر الشارع بالقيام لها لم يبلغ عائشة فرأت أن ذلك من أفعال أهل الجاهلية ولكن الشارع فعله واختلف في نسخه فقالت الشافعية ومالك هو منسوخ بجلوسه والمختار أنه باق وبه قال ابن الماجشون قال

(16/292)


هو على التوسعة والقيام فيه أجر وحكمة باق وقال أبو حنيفة إذا تقدمها لم يجلس حتى تحضر ويصلي عليها قوله كنت في أهلك ما أنت مرتين كلمة ما موصولة وبعض صلته محذوف أي الذي أنت فيه كنت في الحياة مثله إن خيرا فخير وإن شرا فشر وذلك فيما كانوا يدعون من أن روح الإنسان تصير طائرا مثله وهو المشهور عندهم بالصدي والهام ويجوز أن تكون كلمة ما استفهامية أي كنت في أهلك شريفا مثلا فأي شيء أنت الآن ويجوز أن يكون ما نافية ولفظ مرتين من تتمة المقول أي كنت مرة في القوم ولست بكائن فيهم مرة أخرى كما هو معتقد الكفار حيث قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا ( الجاثية 42 )
8383 - حدثني ( عمرو بن عباس ) حدثنا عبد الرحمان حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو ابن ميمون قال قال عمر رضي الله تعالى عنه إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير فخالفهم النبي فأفاض قبل أن تطلع الشمس ( انظر الحديث 4861 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن المشركين لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس وعمرو بن عباس بتشديد الباء الموحدة أبو عثمان البصري وهو من أفراده و ( عبد الرحمن ) هو ابن مهدي بن حسان العنبري البصري و ( سفيان ) هو الثوري وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي وعمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله الكوفي أدرك الجاهلية وكان بالشام ثم سكن الكوفة والحديث قد مضى في الحج في باب متى يدفع من جمع
قوله لا يفيضون من الإفاضة وهي الدفع هنا وكل دفعة إفاضة والمعنى لا يدفعون من جمع بفتح الجيم وسكون الميم بعدها عين مهملة وهي المزدلفة قوله حتى تشرق بفتح التاء وضم الراء كذا ضبطه ابن التين والمشهور بضم التاء وكسر الراء قوله على ثبير بفتح الثاء المثلثة وكسر الباء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء وهو جبل معروف عند مكة
1483 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الملك بن عمير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد
( ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكادع امية بن أبي الصلت أن يسلم )
مطابقته للترجمة من حيث إن كلا من لبيد وأمية شاعر جاهلي أما لبيد فهو ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب

(16/293)


ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن الجعفري العامري شاعر من فحول الشعراء مفلق متقدم في الفصاحة مجيد فارس جواد حكيم يكنى أبا عقيل مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وهو عند ابن سلام من الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية وفد على رسول الله سنة وفد بني جعفر فأسلم وحسن إسلامه وقال ابن قتيبة قدم على رسول الله في وفد كلاب وكان شريفا في الجاهلية والإسلام مات بالكوفة في إمارة الوليد بن عقبة عليها في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه وقال مالك بن أنس بلغني أنه عاش مائة وأربعين سنة وقيل مات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة وقال أكثر أهل العلم بالأخبار لم يقل شعرا منذ أسلم وأما أمية فهو ابن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة ابن عوف بن عقدة بن غيرة بن ثقيف أبو عثمان ويقال أبو الحكم قدم دمشق قبل الإسلام وقيل إنه كان صالحا وقال الواقدي وكان قد تنبأ في الجاهلية في أول زمانه وأنه كان في أول عمره على الإيمان ثم زاغ عنه وأنه هو الذي أراد الله بقوله واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ( الأعراف 571 ) الآية وكان شاعرا مجيدا إلا أنه لقراءته الكتب المنزلة كان يأتي في شعره بأشياء لا تعرفها العرب فلذلك كانت العلماء لا تحتج بشعره وقال أبو الفرج وقيل لما بعث رسول الله أخذ أمية ابنيه وهرب بهما إلى اليمن ثم عاد إلى الطائف ومات في السنة الثانية من الهجرة
ذكر رجاله وهم خمسة الأول أبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين الثاني سفيان بن عيينة الثالث عبد الملك بن عمير الكوفي الرابع أبو سلمة بن عبد الرحمن الخامس أبو هريرة رضي الله تعالى عنه
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن ابن بشار وفي الرقاق عن محمد بن المثنى وأخرجه مسلم في الشعر عن محمد بن الصباح وعن جماعة آخرين وأخرجه الترمذي في الإستيذان عن علي بن حجر وفي الشمائل عن محمد بن بشار وأخرجه ابن ماجه في الأدب عن محمد بن الصباح
ذكر معناه قوله أصدق كلمة أصدق أفعل التفضيل تدل على المبالغة في الصدق وفي رواية البخاري ومسلم أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد إلى آخره وروينا هذه الرواية أيضا من طريق الترمذي وقد رويت هذه اللفظة بألفاظ مختلفة أصدق بيت قاله الشاعر وإن أصدق بيت قالته الشعراء وكلها في ( الصحيح ) ومنها أشعر كلمة قالتها العرب قاله ابن مالك في ( شرحه للتسهيل ) وكلها من وصف المعاني مبالغة بما يوصف به الأعيان كقولهم شعر شاعر خوف خائف وموت مائت ثم يصاغ منه أفعل باعتبار ذلك المعنى فيقال شعرك أشعر من شعره وخوفي أخوف من خوفه قوله كلمة فيه إطلاق الكلمة على الكلام وهو مجاز مهمل عند النحويين مستعمل عند المتكلمين وهو من باب تسمية الشيء باسم جزئه على سبيل التوسع قوله ألا كل شيء كلمة ألا حرف استفتاح فتصدر بها الجملة الإسمية والفعلية ولفظ كل إذا أضيف إلى النكرة يقتضي عموم الأفراد وإذا أضيف إلى المعرفة يقتضي عموم الأجزاء يظهر ذلك في كل رمان مأكول وكل الرمان مأكول فالأول صحيح دون الثاني قوله ما خلا الله كلمة خلا وعدا إذا وقعا صلة لما المصدرية وجب أن يكونا فعلين لأن الحرف لا يوصل بالحرف فوجب أن يكونا فعلين فوجب النصب ولفظة الله منصوبة بقوله خلا وقوله كل شيء مبتدأ وقوله باطل خبره ومعناه ذاهب من بطل الشيء يبطل بطلا وبطلا وبطولا وبطلانا ومعناه كل شيء سوى الله تعالى زائل فائت مضمحل ليس له دوام فإن قلت الطاعات والعبادات حق لا محالة وكذا قوله في دعائه في الليل أنت الحق وقولك الحق والجنة والنار حق فكيف توصف هذه الأشياء بالبطلان قلت المراد من قوله ما خلا الله أي ما خلاه وخلا صفاته الذاتية والفعلية من رحمة وعذاب وغير ذلك وجواب آخر الجنة والنار إنما يبقيان بإبقاء الله لهما وخلق الدوام لأهلهما وكل شيء سوى الله يجوز عليه الزوال لذاته وكل شيء لا يزول فبإبقاء الله تعالى والنصف الأخير للبيت
وكل نعيم لا محالة زائل
وهو من قصيدة من الطويل وجملتها عشرة أبيات ذكرناها في ( شرح الشواهد الكبرى ) وتكلمنا بما فيه الكفاية قوله وكاد أمية بن أبي الصلت ولفظة كاد من أفعال المقاربة وهو ما وضع لدنو الخبر رجاء أو حصولا وأخذا فيه تقول

(16/294)


كاد زيد يخرج وكاد أن يخرج أي قارب أمية الإسلام ولكنه لم يسلم وكان يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث وأدرك الإسلام ولم يسلم وفي ( صحيح مسلم ) عن الشريد بفتح الشين المعجمة ابن سويد قال ردفت رسول الله يوما فقال هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء قلت نعم قال هيه فأنشدته بيتا فقال هيه حتى أنشدته مائة بيت فقال لقد كاد يسلم في شعره وروى ابن منده من حديث ابن عباس أن الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية أتت النبي فأنشدته من شعر أمية قال لقد كاد أن يسلم في شعره
2483 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( أخي ) عن ( سليمان بن بلال ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( عبد الرحمان ابن القاسم ) عن ( القاسم بن محمد ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام تدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه
مطابقته للترجمة في قوله كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وإسماعيل هو ابن أبي أويس واسمه عبد الله المدني ابن أخت مالك ابن أنس وأخوه عبد الحميد يكنى أبا بكر المدني وسليمان هو ابن بلال أبو أيوب القرشي التيمي المدني ويحيى بن سعيد هو الأنصاري قاضي المدينة
قوله يخرج بضم الياء من الإخراج أراد أنه يأتي له بما يكسبه من الخراج وهو ما يقرره السيد على عبده من مال يدفعه إليه من كسبه قوله كنت تكهنت من الكهانة وهو إخبار عما سيكون من غير دليل شرعي وكان هذا كثيرا في الجاهلية خصوصا قبل ظهور النبي قوله وما أحسن الواو فيه للحال قوله فأعطاني بذلك أي بمقابلة ما تكهنت له قوله فقاء أي استفرغ كل ما أكل منه وإنما قاء لأن حلوان الكاهن منهي عنه والمحصل من المال بطريق الخديعة حرام وقال ابن التين والله تعالى وضع ما كان في الجاهلية ولو كان في الإسلام لغرم مثل ما أكل أو قيمته إن لم يكن مما يقضي فيه بالمثل
3483 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( عبيد الله ) قال أخبرني ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حبل الحبلة قال وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي نتجت فنهاهم النبي عن ذلك ( انظر الحديث 3412 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو ابن سعيد القطان وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم والحديث مضى في كتاب البيوع في باب بيع الغرر وحبل الحبلة ومضى الكلام فيه هناك مستوفى
4483 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( مهدي ) قال حدثنا ( غيلان بن جرير ) كنا نأتي أنس بن مالك فيحدثنا عن الأنصار وكان يقول لي فعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا وفعل قومك كذا وكذا يوم كذا وكذا ( انظر الحديث 6773 )
مطابقته للترجمة من حيث إن قوله فعل قومك كذا وكذا إلى آخره يحتمل أن يشير به إلى ما صدر عنهم من الوقائع في الجاهلية فإن قلت يحتمل أيضا أن يشير به إلى ما صدر عنهم من الوقائع في الإسلام فلا يطابق الترجمة قلت يحتمل الأعم منهما أيضا فالمطابقة بهذا المقدار كافية
وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ومهدي هو ابن ميمون المغولي الأزدي

(16/295)


البصري وغيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ابن جرير بفتح الجيم المغولي الأزدي البصري مات في سنة تسع وعشرين ومائة
والحديث أخرجه النسائي أيضا في التفسير عن إسحاق بن إبراهيم عن المخزومي عن مهدي نحوه
72 -
( القسامة في الجاهلية )
أي هذا بيان القسامة التي كانت في الجاهلية وأقرت في الإسلام والقسامة أقسام المتهمين بالقتل على نفي القتل عنهم وقيل هي قسمة اليمين عليهم وعند الشافعي قسمة أولياء الدم الأيمان على أنفسهم بحسب استحقاقهم الدم أو أقسامهم ولا يلزم عليهم تحليف أهل الجاهلية المدعى عليهم إذ لا حجة في فعلهم وفي بعض النسخ باب القسامة في الجاهلية وهذه الترجمة ثبتت عند أكثر الرواة عن الفربري ولم تقع عند النسفي
5483 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( قطن أبو الهيثم ) حدثنا ( أبو يزيد المدني ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى فانطلق معه في إبله فمر رجل به من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقه فلما نزلوا عقلت الأبل إلا بعيرا واحدا فقال الذي استأجره ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل قال ليس له عقال قال ليس له عقال قال فأين عقاله قال فحذفه بعصا كان فيها أجله فمر به رجل من أهل اليمن فقال أتشهد الموسم قال ما أشهد وربما شهدته قال هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر قال نعم قال فكنت إذا أنت شهدت الموسم فناد يا آل قريش فإذا أجابوك فناد يا آل بني هاشم فإن أجابوك فسل عن أبي طالب فأخبره أن فلانا قتلني في عقال ومات المستأجر فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال ما فعل صاحبنا قال مرض فأحسنت القيام عليه فوليت دفنه قال قد كان أهل ذاك منك فمكث حينا ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم فقال يا آل قريش قالوا هاذه قريش قال يا آل بني هاشم قالوا هاذه بنو هاشم قال أين أبو طالب قالوا هاذا أبو طالب قال أمرني فلان أن أبلغك رسالة أن فلانا في عقال فأتاه أبو طالب فقال له اختر منا إحدى ثلاث إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا وإن شئت حلف خمسون من قومك إنك لم تقتله فإن أبيت قتلناك به فأتى قومه فقالوا نحلف فأتته امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له فقالت يا أبا طالب أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان ففعل فأتاه رجل منهم فقال يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل يصيب كل رجل بعيران هذان بعيران فاقبلهما عني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان فقبلهما وجاء ثمانية وأربعون فحلفوا قال ابن عباس فوالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين عين تطرف

(16/296)


مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو معمر عبد الله بن عمرو المقعد وقد تكرر ذكره وعبد الوارث هو بن سعيد أبو عبيدة وقطن بالقاف والطاء المهملة ثم النون هو ابن كعب أبو الهيثم القطعي بضم القاف البصري وأبو يزيد من الزيادة المدني البصري ويقال له المديني بزيادة الياء آخر الحروف ولعل أصله كان من المدينة ولكن لم يرو عنه أحد من أهل المدينة وسئل عنه مالك فلم يعرفه ولا عرف إسمه وقد وثقه ابن معين وغيره وليس له ولا للراوي عنه في البخاري إلا هذا الحديث
وأخرجه النسائي في القسامة عن محمد بن يحيى عن معمر نحوه
ذكر معناه قوله إن أول قسامة أي في حكم أبي طالب واختلفوا في أول من سن الدية مائة من الإبل فقال ابن إسحاق عبد المطلب وقيل القلمس وقيل النضر بن كنانة بن خزيمة قتل أخاه لأمه فوداه مائة من الإبل من ماله وقال ابن الكلبي وثب ابن كنانة على علي بن مسعود فقتله فوداه خزيمة بمائة من الإبل فهي أول دية كانت في العرب وقيل قتل معاوية بن بكر بن هوازن أخاه زيدا فوداه عامر بن الضرب مائة من الإبل فهي أول دية كانت في العرب قوله لفينا في محل الرفع لأنه خبر لقوله أول قسامة واللام فيه لتأكيد معنى الحكم بها قوله بني هاشم مجرور لأنه بدل من الضمير المجرور وقال الكرماني إنه منصوب على الإختصاص وقال بعضهم يحتمل أن يكون نصبا على التمييز أو على النداء بحذف حرف النداء قلت لا وجه لأن يكون منصوبا على التمييز لأن التمييز ما يرفع الإبهام المستقر عن ذات مذكورة أو مقدرة والمراد بالإبهام المستقر ما كان بالوضع أي ما وضعه الواضع مبهما وليس في قوله لفينا إبهام بوضع الواضع ولا وجه أيضا لأن يكون منصوبا على النداء لأن المنادي غير المنادى وهنا قوله بني هاشم هو معنى قوله لفينا والوجه ما ذكرناه قوله كان رجل من بني هاشم هو عمرو بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف نص عليه الزبير بن بكار في هذه القصة وسماه ابن الكلبي عامرا قوله استأجره رجل قال الكرماني وفي بعضها حذف المفعول منه وجاء على الوجهين هكذا استأجر رجل في رواية الأصيلي وأبي ذر وفي رواية كريمة وغيرها استأجر رجلا من قريش وهو مقلوب والأول هو الصواب قوله من فخذ أخرى بكسر الخاء المعجمة وقد تسكن الفخذ أقل من البطن الأقل من العمارة الأقل من الفصيلة الأقل من القبيلة ونص الزبير بن بكار على أن المستأجر المذكور هو خداش بن عبد الله بن أبي قيس العامري وخداش بكسر الخاء المعجمة وبدال مهملة وشين معجمة قوله فمر به أي بالأجير قوله عروة جوالقه بضم الجيم وكسر اللام الوعاء من جلدو وثياب وغيرها وهو فارسي معرب وأصله كواله والجمع الجوالق بفتح الجيم والجواليق بزيادة الياء آخر الحروف قوله أغثني من الإغاثة بالغين المعجمة والثاء المثلثة ومعناه أعني بالعين المهملة والنون قوله بعقال بكسر العين المهملة وهو الحبل قوله فحذفه فيه حذف تقديره فأعطيته فحذفه بالحاء المهملة ويروى بالمعجمة أي رماه والحذف الرمي بالأصابع قوله كان فيها أجله أي فأصاب مقتله وأشرف على الموت بدليل قوله فمر به رجل من أهل اليمن قبل أن يقضي قوله أتشهد الموسم أي موسم الحج ومجتمعهم قوله مرة من الدهر أي وقتا من الأوقات قوله قال فكنت بضم الكاف وسكون النون من الكون هكذا رواية أبي ذر والأصيلي وفي رواية الأكثرين فكتب من الكتابة وهو الأوجه وفي رواية الزبير بن بكار فكتب إلى أبي طالب يخبره بذلك قوله يا آل قريش الهمزة للاستغاثة قوله يا آل بني هاشم وفي رواية الكشميهني يا بني هاشم قوله قتلني في عقال أي بسبب عقال قوله ومات المستأجر بفتح الجيم قوله أهل ذاك بالنصب ويروى ذلك قوله وافى الموسم أي أتاه قوله أين أبو طالب هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره من أبو طالب هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره من أبو طالب قوله أن فلانا قتله ويروى فتكه بالفاء والكاف قوله إحدى ثلاث يحتمل أن تكون هذه الثلاث كانت معروفة بينهم ويحتمل أن تكون هذه الثلاث كانت معروفة بينهم ويحتمل أن يكون شيء اخترعه أبو طالب وقال ابن التين لم ينقل أنهم تشاوروا في ذلك ولا تدافعوا فدل على أنهم كانوا يعرفون القسامة قبل ذلك قيل فيه نظر لقول ابن عباس راوي الحديث إنها أول قسامة ورد بأنه يمكن أن يكون مراد ابن عباس الوقوع وإن كانوا يعرفون الحكم قبل ذلك وقد ذكرنا الاختلاف فيه عن قريب قوله إن شئت أن تؤدي ويروى تؤدي بدون لفظة أن قوله فإنك الفاء فيه للسببية قوله حلف فعل ماض وخمسون بالرفع فاعله قوله فأتته امرأة من بني هاشم هي زينب بنت

(16/297)


علقمة أخت المقتول وكانت تحت رجل منهم وهو عبد العزيز بن أبي قيس العامري واسم ولدها منه حويطب مصغرا بمهملتين وقد عاش حويطب بعد هذا دهرا طويلا وله صحبة وسيأتي حديثه في كتاب الأحكام قوله أن تجيزا بني هذا بالجيم والزاي أي تهبه ما يلزمه من اليمين وقال صاحب ( جامع الأصول ) إن كان تجير بالراء فمعناه تؤمنه من اليمين وإن كان بالزاي فمعناه تأذن له في ترك اليمين قوله ولا تصبر يمينهبالصاد المهملة وبالباء الموحدة المضمومة قال الجوهري صبر الرجل إذا حلف صبرا إذا حبس على اليمين حتى يحلف والمصبورة هي اليمين وقال الخطابي معنى الصبر في الإيمان الإلزام حتى لا يسعه أن لا يحلف وحاصل معنى صبر اليمين هو أن يلزم المأمور بها ويكره عليها قوله حيث تصبر الأيمان أي بين الركن والمقام وقال صاحب ( التوضيح ) ومن هذا استدل الشافعي على أنه لا يحلف بين الركن والمقام على أقل من عشرين دينارا وهو ما يجب فيه الزكاة قيل لا يدرى كيف يستقيم هذا الاستدلال ولم يذكر أحد من أصحاب الشافعي أن الشافعي استدل لذلك بهذه القضية قوله فحلفوا زاد ابن الكلبي حلفوا عند الركن أن خداشا بريء من دم المقتول قوله قال ابن عباس والذي نفسي بيده قال ابن التين كان الذي أخبر ابن عباس بذلك جماعة اطمأنت نفسه إلى صدقهم حتى وسعه أن يحلف على ذلك قيل يعني أنه كان حين القسامة لم يولد ويحتمل أن يكون الذي أخبره بذلك هو النبي وهذا وجه دخول هذا الحديث في ( الصحيح ) قوله فما حال الحول أي من يوم حلفوا قوله ومن ثمانية وأربعين وفي رواية أبي ذر ومن الثمانية وعند الأصيلي والأربعين قوله عين تطرف بكسر الراء أي تتحرك وزاد ابن الكلبي وصارت رباع الجميع لحويطب فلذلك كان أكثر من بمكة رباعا وكان في الجاهلية أن من ظلم أحدا يعجل له عقوبته وروى الفاكهي من طريق ابن أبي نجيح عن أبيه قال حلف ناس عن البيت قسامة على باطل ثم خرجوا فنزلوا تحت صخرة فانهدمت عليهم قال عمر رضي الله تعالى عنه كان يفعل بهم ذلك في الجاهلية ليتناهوا عن الظلم لأنهم كانوا لا يعرفون البعث فلما جاء الإسلام أخر القصاص إلى يوم القيامة
6483 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان ( يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله ) فقدم رسول الله وقد افترق ملأهم وقتلت سرواتهم وجرحوا قدمه الله لرسوله في دخولهم في الإسلام ( انظر الحديث 7773 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن يوم بعاث كان في الجاهلية وعبيد بن إسماعيل كان اسمه في الأصل عبد الله ويكنى أبا محمد الهباري القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير والحديث مضى في باب مناقب الأنصار بعين هذا الإسناد والمتن عن عبيد إلى آخره ومضى الكلام فيه
7483 - وقال ( ابن وهب ) أخبرنا ( عمرو ) عن ( بكير بن الأشج ) أن ( كريبا ) مولى ( ابن عباس ) حدثه أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ليس السعي ببطن الوادي بين الصفا والمروة سنة إنما كان أهل الجاهلية يسعونها ويقولون لا نجيز البطحاء إلا شدا
أي قال عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث المصري عن بكير مصغر بكر بالياء الموحدة ابن الأشج بفتح المعجمة وشد الجيم وهو بكير بن عبد الله بن الأشج مولى بني مخزوم كان من صلحاء أهل المدينة
وهذا تعليق وصله أبو نعيم في ( المستخرج ) من طريق حرملة بن يحيى عن عبد الله بن وهب
قوله ليس السعي المراد منه السعي اللغوي وهو العدو أي ليس الإسراع في السعي ببطن الوادي بين الصفا والمروة سنة وفي رواية الكشميهني بسنة بباء الجر وقال ابن التين خولف فيه

(16/298)


ابن عباس بل قالوا إنه فريضة قلت أراد ابن عباس أن شدة السعي ليس بسنة ولا يريد بذلك نفس سنية السعي المجرد وفيه خلاف فعند مالك والشافعي وأحمد السعي بين الصفا والمروة من أركان الحج وعند أصحابنا ليس بركن بل هو من الواجبات كما علم في موضعه قوله لا نجيز بضم النون أي لا نقطع البطحاء بمسيل الوادي يقال أجزته أي خلفته وقطعته ويقال جزت الموضع أي سرت فيه وأجزته خلفته وقطعته وقيل أجزته بمعنى جزته ويروى لا تجوز البطحاء أي لا نتجاوزها إلا شدا وانتصابه على أنه صفة لمصدر محذوف أي لا نجيز إجازة شدا أي بقوة وعدو شديد ويجوز أن يكون حالا بمعنى شادين
8483 - حدثنا ( عبد الله بن محمد الجعفي ) حدثنا ( سفيان ) أخبرنا ( مطرف ) سمعت ( أبا السفر ) يقول سمعت ( ابن عباس ) رضي الله عنهما يقول يا أيها الناس اسمعوا مني ما أقول لكم وأسمعوني ما تقولون ولا تذهبوا فتقولوا قال ابن عباس قال ابن عباس من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر ولا تقولوا الحطيم فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه
مطابقته للترجمة في قوله فإن الرجل في الجاهلية وسفيان هو ابن عيينة ومطرف على صيغة الفاعل من التطريف ابن طريف بالطاء المهملة الحارثي وأبو السفر بالسين المهملة والفاء المفتوحتين واسمه سعيد بن يحمد بضم الياء آخر الحروف وسكون الحاء المهملة وكسر الميم الكوفي الهمداني
قوله اسمعوا إسماع ضبط وإتقان قوله ما أقول مفعول اسمعوا قوله واسمعوني بفتح الهمزة وسكون السين من الإسماع قوله ما تقولون مفعول ثان لقوله اسمعوني قوله ولا تذهبوا أي قبل أن تضبطوا فتقولوا قال ابن عباس بلا ضبط ولا إتقان قوله قال ابن عباس كلام مستقل وليس بتكرار وهو مقول قوله اسمعوا مني ما أقول لكم وقوله من طاف مقول قوله قال بان عباس قوله من وراء الحجر بكسر المهملة وهو المحوط الذي تحت الميزاب قوله ولا تقولوا الحطيم لأنه من أوضاع الجاهلية كانت عادتهم أنهم إذا كانوا يتحالفون بينهم كانوا يحطمون أي يدفعون نعلا أو سوطا أو قوسا إلى الحجر علامة لعقد حلفهم فسموه بذلك لكونه يحطم أمتعتهم وقيل إنما قيل له الحطيم لما حطم من جداره فلم يسو ببناء البيت وترك خارجا منه وقيلإنما سمي الحطيم لأن بعضهم كان إذا دعا على من ظلمه في ذلك الموضع هلك قلت فعلى هذا يكون الحطيم بمعنى الحاطم فعيل بمعنى فاعل وقال ابن الكلبي سمي الحطيم حطيما لما يحجر عليه أو لأنه قصر به عن بناء البيت وأخرج عنه قلت فعلى هذا يكون الحطيم بمعنى المحطوم فعيل بمعنى مفعول وقيل سمي به لأن الناس يحطم فيه بعضهم بعضا من الزحام عند الدعاء فيه وقيل الحطيم هو بئر الكعبة التي كان يلقى فيها ما ينذر لها وقيل الحطيم ما بين الحجر الأسود والمقام وقيل من زمزم إلى الحجر يسمى حطيما قوله فيلقى بضم الياء من الإلقاء وهو الرمي قوله سوطه أو نعله أو قوسه كلمة أو فيه للتنويع والتقدير يلقي في الحطيم
9483 - حدثنا ( نعيم بن حماد ) حدثنا ( هشيم ) عن ( حصين ) عن ( عمرو بن ميمون ) قال رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم
مطابقته للترجمة ظاهرة ونعيم بضم النون ابن حماد بتشديد الميم أبو عبد الله الرفاء الفارض المروزي سكن مصر قال أبو داود مات سنة ثمان وعشرين ومائتين وهشيم بضم الهاء ابن بشير بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة السلمي الواسطي وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي وعمرو بفتح العين ابن ميمون قد مر عن قريب
قوله قردة بكسر القاف وسكون الراء وهي الحيوان المشهور وتجمع على قرود وقردة أيضا بكسر القاف وفتح الراء

(16/299)


كما في متن الحديث قوله قد زنت حال من قردة المفردة فإن قلت كيف ذكر قوله اجتمع مع أن فاعله جماعة وهو قوله قردة وكذلك ذكر الضمير المرفوع في رجموها وفي قوله معهم قلت أما الأول فلوقوع الفصل بين الفعل والفاعل وأما الثاني فباعتبار أن الراوي كان بين القردة فغلب المذكر على المؤنث وأصل هذه القصة ما ذكرها الإسماعيلي مشروحة من طريق عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون قال كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد الأول سلا رفيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها من تحت خد الأول برفق فاستيقظ فزعا فشمها فصاح فاجتمعت القرود فجعل يصيخ ويومي إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد أعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم وقال ابن التين لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم وقال ابن عبد البر إضافة الزنا إلى غير المكلف وإقامة الحدود في البهائم عند جماعة أهل العلم منكر ولو صح لكانوا من الجن لأن العبادات في الجن والإنس دون غيرهما وقال الكرماني يحتمل أن يقال كانوا من الإنس فمسخوا قردة وتغيروا عن الصورة الإنسانية فقط وكان صورته صورة الزنا والرجم ولم يكن ثمة تكليف ولا حد وإنما ظنه الذي ظن في الجاهلية مع أن هذه الحكاية لم توجد في بعض نسخ البخاري وقال الحميدي في ( الجمع بين الصحيحين ) هذا الحديث وقع في بضع نسخ البخاري وأن أبا مسعود وحده ذكره في ( الأطراف ) قال وليس هذا في نسخ البخاري أصلا فلعله من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري وقال بعضهم في الرد على ابن التين بأنه ثبت في ( صحيح مسلم ) أن الممسوخ لا نسل له ويعكر عليه بما ثبت أيضا في صحيح مسلم أن النبي لما أوتي بالضب قال لعله من القرون التي مسخت وقال في الفأر فقدت أمة من بني إسرائيل لا أراها إلا الفار وإليه ذهب أبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن العربي حيث قالا إن الموجود من القردة من نسل الممسوخ وأجيب بأنه قال ذلك قبل الوحي إليه يحقيقة الأمر في ذلك وفيه نظر لعدم الدليل عليه وقال في الرد على ابن عبد البر بأنه لا يلزم من كون صورة الواقعة صورة الزنا والرجم يكون ذلك زنا حقيقة ولا حدا وإنما أطلق ذلك عليه لشبهه به فلا يستلزم ذلك إيقاع التكليف على الحيوان وأجيب عنه بالجواب الأول من جوابي الكرماني في ذلك وقال في الرد على الحميدي بقوله وما قاله الحميدي مردود فإن الحديث المذكور في معظم الأصول التي وقفنا عليها ورد عليه بأن وقوف الحميدي على الأصول أكثر وأصح من وقوف هذا المعترض لأنه جمع بين ( الصحيحين ) ومثله أدرى بحالهما ولو كان في أصل البخاري هذا الحديث لم يجزم بنفيه عن الأصول قطعا وجزما على أنه غير موجود في رواية النسفي وقال هذا القائل أيضا وتجويز الحميدي أن يزاد في ( صحيح البخاري ) ما ليس منه ينافي ما عليه العلماء من الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري في كتابه ومن اتفاقهم على أنه مقطوع بنسبته إليه قلت فيه نظر لأن منهم من تعرض إلى بعض رجاله بعدم الوثوق وبكونه من أهل الأهواء ودعوى الحكم بتصحيح جميع ما أورده البخاري فيه غير موجهة لأن دعوى الكلية تحتاج إلى دليل قاطع ويرد ما قاله أيضا بأن النسفي لم يذكر هذا الحديث فيه
0583 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبيد الله ) سمع ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال خلال من خلال الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة ونسي الثالثة قال سفيان ويقولون إنها الاستسقاء بالأنواء
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعبيد الله تصغير عبد بن أبي يزيد المكي مولى آل قارظ بن شيبة الكناني وثقه ابن المديني وابن معين وآخرون وكان مكثرا قال ابن عيينة مات سنة ست وعشرين ومائة وله ست وثمانون سنة
قوله خلال أي خصال ثلاث من خصال الجاهلية أحدها االطعن في الأنساب كطعنهم في نسب أسامة

(16/300)


وثانيها النياحة على الأموات قوله ونسي الثالثة أي نسي عبيد الله الراوي الخلة الثالثة ووقع ذلك في رواية ابن أبي عمر عن سفيان ونسي عبيد الله الثالثة فعين الناسي أخرجه الإسماعيلي قوله قال سفيان أي ابن عيينة أحد الرواة يقولون إنها أي الخلة الثالثة هي الاستسقاء بالأنواء وهو جمع نوء وهو منزل القمر كانوا يقولون مطرنا بنوء كذا وسقينا بنوء كذا وقد مر الكلام فيه مستقصى في كتاب الاستسقاء
82 -
( باب مبعث النبي )
أي هذا باب في بيان مبعث النبي والمبعث مصدر ميمي من البعث وهو الإرسال
محمد
بالجر عطف بيان للنبي وهو على صيغة اسم المفعول من باب التفعيل صيغت للمبالغة وقال ابن إسحاق كانت آمنة بنت وهب أم رسول الله تحدث أنها أوتيت حين حملت برسول الله إلخ وفيه فإذا وقع فسميه محمدا فإن اسمه في التوراة أحمد وذكر البيهقي في ( الدلائل ) بإسناد مرسل أن عبد المطلب لما ولد النبي عمل له مأدبة فلما أكلوا سألوه ما سميته قال محمدا قالوا فبما رغبت به عن أسماء أهل بيتك قال أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض
ابن عبد الله
لا خلاف في اسمه أنه عبد الله قال الواقدي ولد عبد الله في أيام كسرى أنو شروان لأربعة وعشرين سنة خلت من ملكه وكنيته أبو أحمد واختلفوا في زمان موته فقيل إنه مات ورسول الله حاملة به أمه وقال عامة المؤرخين إنه مات قبل ولادته بشهر أو بشهرين وقال مقاتل بعد ولادته بثمانية وعشرين شهرا وقيل بعد ولادته بسبعة أشهر وقال الواقدي وأثبت الأقاويل عندنا أنه مات ورسول الله حمل وكانت وفاته بالمدينة في دار النابغة عند أخواله من بني النجار ويقال إنه دفن في دار الحارث بن إبراهيم بن سراقة العدوي وهو من أخوال عبد المطلب وكان أبوه عبد المطلب بعثه يمتار له تمرا من المدينة وقيل إنه خرج في تجارة إلى الشام في عير لقريش فمرض بالمدينة شهرا ومات وقال الواقدي وتوفي عبد الله وهو ابن خمس وعشرين سنة وقيل ابن ثلاثين سنة وترك أم أيمن وكانت تحضن رسول الله وعبد الله شقيق أبي طالب
ابن عبد المطلب
اسمه شيبة الحمد عند الجمهور لجوده وقيل شيبة لقبه لقب به لشيبة كانت في رأسه ويقال اسمه عامر وكنيته أبو الحارث كني باسم ولده الحارث وهو أكبر أولاده وله كنية أخرى وهي أبو البطحاء وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وإنما قيل له عبد المطلب لأن أباه هاشما لما مر بالمدينة في تجارته إلى الشام نزل على عمرو بن زيد بن لبيد المذكور آنفا فأعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها فزوجها منه ولما رجع من الشام بني بها وأخذها معه إلى مكة ثم خرج في تجارة فأخذها معه وهي حبلى وتركها في المدينة ودخل الشام ومات بغزة ووضعت سلمى ولدها فسمته شيبة فأقام عند أخواله بني النجار سبع سنين ثم جاء عمه المطلب بن عبد مناف فأخذه خفية من أمه فذهب به إلى مكة فلما رآه الناس وراءه على الراحلة قالوا من هذا معك فقال عبدي ثم جاؤا فهنأوه به وجعلوا يقولون له عبد المطلب لذلك فغلب عليه وحكى الواقدي عن مخرمة بن نوفل الزهري قال توفي عبد المطلب في السنة الثامنة من مولد النبي ودفن في الحجون واختلفوا في سنه فقيل ثمانون سنة قاله الواقدي وقيل مائة وعشر سنين وعشرة أشهر وقال هشام مائة وعشرون
ابن هاشم
اسمه عمرو وسمي به لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في زمن المجاعة وكان أكبر ولد أبيه وعن ابن جرير أنه كان توأم أخيه عبد شمس وأن هاشما خرج ورجله ملتصقة برأس عبد شمس فما تخلصت حتى سال بينهما دم فتفاءل الناس بذلك أن يكون بين أولادهما حروب فكانت وقعة بني العباس مع بني أمية بن عبد شمس سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة وشقيقهم الثالث المطلب وكان أصغر ولد أبيه وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال ورابعهم نوفل من أم أخرى وهي واقدة بنت عمرو المازنية وقد ذكرنا أن هاشما مات بغزة

(16/301)


ابن عبد مناف
اسمه المغيرة كنيته أبو عبد شمس وكان يقال له قمر البطحاء لجماله وإنما لقبته به أمه حبى بنت خليل بن حبشية بن سلول بن خزاعة وذلك لأنها أخدمته مناف وكان صنما عظيما لهم
ابن قصي
اسمه زيد وهو تصغير قاص سمي به لأنه قصي عن قومه وكان في بني عذرة مع أخيه لأمه وذلك لأن أمه تزوجت بعد أبيه بربيعة بن حزام بن عذرة فسافر بها إلى بلاده وابنها صغير فسمي بقصي لذلك ثم عاد إلى مكة وهو كبير وأمه فاطمة بنت سعد بن سيل بن حمالة وكان قصي حاز شرف مكة وأمرها وكان سيدا مطاعا رئيسا معظما وبنى دارا لإزاحة الظلامات وفصل الخصومات سماها دار الندوة ولما مات دفن بالحجون
ابن كلاب
اسمه حكيم وكان مولعا بالصيد وأكثر صيده بالكلاب ولذلك لقب به ويقال اسمه عروة قاله أبو البركات وأمه هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر
ابن مرة
هو منقول من وصف الحنظلة ويجوز أن تكون الهاء للمبالغة فيكون منقولا من وصف الرجل بالمرارة وقيل هو مأخوذ من القوة والشدة وأمه نحشبة وقيل وحشية بنت سفيان بن محارب بن فهر
ابن كعب
قيل هو منقول من الكعب الذي هو قطعة من السمن وهي الكتلة الجامدة في الزق أو في غيره من الظروف أو من كعب القدم وهو أشبه وقال السهيلي قيل سمي بذلك لستره على قومه ولين جانبه لهم منقول من كعب القدم وقال ابن دريد من كعب القناة لارتفاعه على قومه وشرفه فيهم فلذلك كانوا يخضعون له حتى أرخوا لموته وهو أول من جمع قومه يوم الجمعة وكانوا يسمونه يوم العروبة حتى جاء الإسلام
ابن لؤي
بضم اللام وبالهمزة قول الأكثرين وهو تصغير لائي وهو الثور الوحشي وقال ابن دريد من لواء الجيش وهو ممدود وإن كان من لوى الرجل فهو مقصور وأمه عاتكة بنت مخلد بن النضر بن كنانة وهي أحد العواتك اللاتي ولدت رسول الله وقيل بل أمه سلمى بنت عمرو بن ربيعة الخزاعية
ابن غالب
يكني أبا تميم وأمه ليلى بنت الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة
ابن فهر
بكسر الفاء قال ابن دريد الفهر الحجر الأملس يملأ الكف أو نحوه وهو مؤنث وقال أبو ذر الهروي يذكر ويؤنث وقال السهيلي الفهر من الحجارة الطويل وكنيته أبو غالب وهو جماع قريش في قول الكلبي وقال علي بن كيسان فهر هو أبو قريش ومن لم يكن من ولد فهر فليس من قريش
ابن مالك
كنيته أبو الحارث وأمه عاتكة بنت غزوان
ابن النضر
اسمه قيس سمي بالنضر لوضاءته وجماله وإشراق لون وجهه والنضر هو الذهب الأحمر وهو النضار وأمه برة بنت مر بن أد ابن طابخة بن إلياس بن مضر وكنية النضر أبو يخلد كني بابنه يخلد
ابن كنانة
هو بلفظ وعاء السهام إذا كانت من جلود قاله ابن دريد والكنانة الجعبة وكنيته أبو النضر وأمه عوانة بنت سعد بن قيس
ابن خزيمة
تصغير خزمة بفتح المعجمتين واحدة الخزم بالتحريك وهو شجر يتخذ من لحائه الحبال وقال الزجاج يجوز أن يكون الخزم بفتح الخاء وسكون الزاي تقول خزمته فهو مخزوم إذا أدخلت في أنفه الخزام
ابن مدركة
اسمه عمرو عند الجمهور وقال ابن إسحاق عامر واسم أخيه طابخة فاصطاد صيدا فبينما هما يطبخانه إذ نفرت الإبل فذهب عامر في طلبها حتى أدركها وجلس الآخر يطبخ فلما راحا على أبيهما ذكرا له ذلك فقال لعامر أنت مدركة وقال لأخيه عمرو أنت طابخة
ابن إلياس
بكسر الهمزة عند ابن الأنباري وجعله موافقا لاسم إلياس النبي فإن إلياس النبي بكسر الهمزة لا غير وقال غيره بفتح الياء وسكون الهمزة ضد الرجاء واللام فيه للمح الصفة وهو أول من أهدى البدن إلى البيت وقال السهيلي ويذكر عن النبي أنه قال لا تسبوا إلياس فإنه كان مؤمنا وذكر أنه كان يسمع تلبية

(16/302)


النبي في صلبه ويقال إلياس لقب له واسمه إلياسين وهو أول من لقب به وقال الواقدي ويقال الناس بالنون وهو وهم وأمه الرباب بنت حيدة بن معد بن عدنان ويقال هو أول من وضع الركن في البيت بعد الطوفان وكانت بنو إسماعيل قد غيرت معالم إبراهيم عليه الصلاة و السلام لما طال الزمان فرفعوا الركن من البيت وتركوه في أبي قبيس فرده إلياس إلى موضعه
ابن مضر
من المضيرة وهو شيء يصنع من اللبن سمي به لبياض لونه والعرب تسمي الأبيض أحمر فلذلك قيل مضر الحمراء وقيل لأنه كان يحب شرب اللبن الماضر وهو الحامض وهو أول من سن الحداء لأنه كان حسن الصوت وأمه سودة بنت عك وقيل خبية بنت عك بخاء معجمة وباء موحدة
ابن نزار
بفتح النون ويقال بكسرها وهو الأصح من النزر وهو الشيء القليل وكان أبوه حين ولد له نظر إلى النور بين عينيه وهو نور النبوة وفرح فرحا شديدا ونحر وأطعم وقال إن هذا كله نزر في حق هذا المولود فسمي نزارا لذلك وأمه معانة بنت حوشم بن جلهمة بن عمرو بن هلينبة ابن دوه بن جرهم وقال السهيلي ويقال إسمها ناعمة ويكنى نزار أبا إياد وقيل أبا ربيعة
ابن معد
بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الدال وقال ابن الأنباري فيه ثلاثة أقوال الأول أن يكون مفعلا من العد والثاني أن يكون فعلا من معد في الأرض إذا فسد والثالث أن يكون من المعدين وهما موضع عقبي الفارس من الفرس وقال أبو ذر الهروي معد من تمعد إذا اشتد ويقال تمعدد أيضا إذا أبعد في الذهاب وأم معد مهدد وقيل مهاد بنت لهم وقيل اللهم بن جلحت وفي رواية خليد بن طسم بن يلمع بن إسليحيا بن لوذان بن سام بن نوح عليه السلام
حتى ص 303
ابن عدنان
على وزن فعلان من عدن إذا أقام ومنه المعدن بكسر الدال لأنه يقام فيه على طلب جواهره
واقتصر البخاري في ذكر نسبه الشريف على هذا ولم يذكره إلى آدم عليه السلام لأن أهل النسب أجمعوا عليه إلى هنا وما وراء ذلك فيه اختلاف كثير جدا واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل عليه السلام من الآباء فقيل سبعة آباء بينهما وقيل تسعة وقيل خمسة عشر أبا وقيل أربعون وأخذوا ذلك من كتاب رخيا وهو يورخ كاتب إرمياء عليه السلام وكان قد حملا معد بن عدنان إلى جزيرة العرب ليالي بخت نصر فأثبت رخيا في كتبه نسبة عدنان فهو معروف عند أخبار أهل الكتاب وعلمائهم مثبت في أسفارهم والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان قالوا عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب ابن يشجب بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن إرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام ابن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام
1583 - حدثنا ( أحمد بن أبي رجاء ) حدثنا ( النضر ) عن ( هشام ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال ( انزل على ) رسول الله وهو ابن أربعين فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة فمكث بها عشر سنين ثم توفي
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن أبي رجاء واسمه عبد الله بن أيوب أبو الوليد الحنفي الهروي توفي بهراة في سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وقبره مشهور يزار وهو من أفراده والنضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل أبو الحسن المازني وهشام هو ابن حسان البصري وعكرمة مولى ابن عباس
قوله أنزل على رسول الله أي الوحي قوله وهو ابن أربعين أي وعمره أربعون سنة فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة بعد الوحي ثم هاجر إلى المدينة وأقام بها عشر سنين ثم توفي فيكون عمره ثلاثا وستين سنة هذا حاصل كلام ابن عباس وروى ابن سعد من رواية عمار بن أبي عمار عن ابن عباس أقام النبي بمكة خمس عشرة سبع سنين يرى الضوء والنور ويسمع

(16/303)


الصوت وثمان سنين يوحى إليه وكذا ذكره الحسن وعن ابن جبير عن ابن عباس نزل القرآن بمكة عشرا أو خمسا يعني سنين أو أكثر وعن الحسن أيضا أنزل عليه ثمان سنين بمكة قبل الهجرة وعشر سنين بالمدينة قلت قول البخاري هو قول الأكثر وكان النزول يوم الإثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل لتسع وقيل لأربع وعشرين ليلة فيما ذكره ابن عساكر وعن أبي قلابة نزل عليه القرآن لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان وعند المسعودي يوم الإثنين لعشر خلون من ربيع الأول وعند ابن إسحاق ابتداء التنزيل يوم الجمعة من رمضان وعمره أربعون سنة وعشرون يوما وهو تاسع شباط لسبع مائة وأربعة وعشرين عاما من سني ذي القرنين وقال ابن عبد البر يوم الإثنين لثمان خلون من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الفيل وقيل في أول ربيع وفي ( تاريخ يعقوب بن سفيان الفسوي ) على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة وعن مكحول أوحي إليه بعد اثنين وأربعين سنة وقال الواقدي وابن أبي عاصم والدولابي في ( تاريخه ) نزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين سنة لسبع وعشرين من رجب قاله الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما وعند الحاكم مصححا إن إسرافيل عليه السلام وكل به أولا ثلاث سنين قبل جبريل عليه السلام وأنكر ذلك الواقدي وقال أهل العلم ببلدنا ينكرون أن يكون وكل به غير جبريل عليه السلام وزعم السهيلي أن إسرافيل عليه السلام وكل به تدربا وتدريجا لجبريل عليه السلام كما كان أول نبوته الرؤيا الصادقة
92 -
( باب ما لقي النبي وأصحابه من المشركين بمكة )
أي هذا باب في بيان ما لقي النبي وما لقي أصحابه من أذى المشركين حال كونهم بمكة
2583 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( بيان وإسماعيل ) قالا ( سمعنا قيسا ) يقول سمعت ( خبابا ) يقول ( أتيت ) النبي وهو متوسد برده وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت ألا تدعو الله فقعد وهو محمر وجهه فقال لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله زاد بيان والذئب على غنمه ( انظر الحديث 2163 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله ولقد لقينا من المشركين شدة والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى ونسبته إلى أحد أجداده حميد وقد تكرر ذكره وسفيان هو ابن عيينة وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر الأحمسي المعلم الكوفي وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة والراء وتشديد التاء المثناة من فوق ابن حنظلة مولى خزاعة
والحديث مضى في علامات النبوة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن المثنى عن يحيى عن إسماعيل عن قيس عن خباب ومضى الكلام فيه هناك
قوله وهو متوسد الواو فيه للحال قوله برده بهاء الضمير رواية الكشميهني وفي رواية غيره بردة بتاء الإفراد قوله وهو في ظل الكعبة الواو فيه للحال أي والحال أنه متوسد بردة له في ظل الكعبة قوله ولقد لقينا الواو فيه أيضا للحال وإن كان يحتمل غيره قوله وهو محمر وجهه الواو فيه للحال قيل من أثر النوم وقال ابن التين من الغضب وهو الأوجه قوله من كان بفتح الميم وسكون النون موصول وأراد بهم الأنبياء تقدموا وأتباعهم قوله ليمشط على صيغة المجهول قوله بمشاط الحديد بكسر الميم في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني بأمشاط بفتح الهمزة وسكون الميم وكلاهما جمع مشط بضم الميم وكسرها وأنكر ابن دريد الكسر في المفرد قوله ذلك أي قتلهم المسلمين من المشط أو الأمشاط وكلاهما مصدر قوله ويوضع المنشار بكسر الميم وسكون النون وهي الآلة التي ينشر بها الأخشاب ويروى الميشار

(16/304)


بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف يهمز ولا يهمز قوله بإثنين ويروى باثنتين قوله ذلك أي وضع المنشار على مفرق رأسه قوله وليتمن الله بضم الياء آخر الحروف وكسر التاء المثناة من فوق من الإتمام واللام فيه للتأكيد ولفظ الله مرفوع فاعله قوله هذا الأمر أي أمر الإسلام قوله من صنعاء إلى حضرموت الصنعاء صنعاء اليمن أعظم مدنها وأجلها تشبه بدمشق في كثرة البساتين والمياه وحضرموت بلد عامر باليمن كثير التمر بينه وبين الشحر أربعة أيام وهي بليدة قريبة من عدن بينه وبين صنعاء ثلاث مراحل قوله زادبيان أي زاد بيان الراوي في حديثه والذئب بالنصب عطف على المستثنى منه لا على المستثنى كذا قاله الكرماني وقال بعضهم ولا يمتنع أن يكون عطفا على المستثنى والتقدير ولا يخاف على غنمه إلا الذئب لأن مساق الحديث إنما هو للأمن من عدوان بعض الناس على بعض كما كانوا في الجاهلية لا للأمن من عدوان الذئب فإن ذلك إنما يكون في آخر الزمان عند نزول عيسىعليه الصلاة و السلام انتهى قلت هذا تصرف عجيب لأن مساق الحديث أعم من عدوان الناس وعدوان الذئب ونحوه لأن قوله الراكب أعم من أن يكون معه غنم أو غيره وعدم خوفه يكون من الناس والحيوان وقوله فإن ذلك إنما يكون في آخر الزمان إلى آخره غير مختص بزمان عيسى عليه الصلاة و السلام وإنما وقع هذا في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فإن الرعاة كانوا آمنين من الذئاب في أيامه حتى إنهم ما عرفوا موته رضي الله تعالى عنه إلا بعدوان الذئب على الغنم ولئن سلمنا أن ذلك في زمن عيسى عليه الصلاة و السلام وزمن عيسى عليه الصلاة و السلام بعد نزوله فهو محسوب من زمن النبي لأنه ينزل وهو تابع للنبي كما عرف في موضعه
3583 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( الأسود ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال ( قرأ ) النبي النجم فسجد فما بقي أحد إلا سجد إلا رجل رأيته أخذ كفا من حصا فرفعه فسجد عليه وقال هاذا يكفيني فلقد رأيته بعد قتل كافرا بالله
مطابقته للترجمة من حيث إن امتناع الرجل المذكور فيه عن السجدة مع المسلمين ومخالفته إياهم نوع أذى لهم فلا يخفى ذلك وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي والأسود هو ابن يزيد النخعي وعبد الله هو ابن مسعود وقال صاحب ( التوضيح ) قال الداودي لعله عبد الله بن عمرو أو عبد الله بن عمر وفي نسبة ذلك إلى الداودي نظر والحديث مضى في أول أبواب سجود القراءة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن غندر إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك قوله رجل هو أمية بن خلف وقيل الوليد بن مغيرة قوله بعد أي بعد ذلك
4583 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( عمرو بن ميمون ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال ( بينا ) النبي ساجد وحوله ناس من قريش جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع فقال النبي اللهم عليك الملأ من قريش أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أو أبي بن خلف شعبة الشاك فرأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر غير أمية أو أبي تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر
مطابقته للجزء الأول من الترجمة وهي ظاهرة وغندر هو محمد بن جعفر والحديث مضى في أواخر كتاب الوضوء في باب

(16/305)


إذا ألقى على ظهر المصلي قذرا أو جيفة بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك قوله بسلى بفتح السين المهملة وفتح اللام مقصورا الجلدة الرقيقة يكون فيها الولد من المواشي قوله عليك الملأ أي إلزم جماعتهم وأشرافهم أي أهلكهم
5883 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) حدثني ( سعيد بن جبير ) أو قال حدثني ( الحكم ) عن ( سعيد بن جبير ) قال أمرني عبد الرحمان بن أبزى قال سل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ( الفرقان 86 ) ومن يقتل مؤمنا متعمدا ( النساء 39 ) فسألت ابن عباس فقال لما أنزلت التي في الفرقان قال مشركو أهل مكة فقد قتلنا النفس التي حرم الله ودعونا مع الله إلاها آخر وقد أتينا الفواحش فأنزل الله إلا من تاب وآمن الآية فهذه لأولئك وأما التي في النساء الرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ثم قتل فجزاؤه جهنم خالدا فيها فذكرته لمجاهد فقال إلا من ندم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله مشركو أهل مكة فقد قتلنا النفس التي حرم الله لأنه لم يك في إيصالهم الأذى للمسلمين أشد من قتلهم وتعذيبهم إياهم وقال بعضهم والغرض منه أي من هذا الحديث الإشارة إلى أن صنيع المشركين بالمسلمين من القتل والتعذيب وغير ذلك يسقط عنهم بالإسلام انتهى قلت أراد بذلك بيان وجه المطابقة للترجمة فلا مطابقة بينهما بالوجه الذي ذكره أصلا لأن الترجمة ليست بمعقودة لما ذكره
وعثمان بن أبي شيبة هو أخو أبي بكر بن أبي شيبة وأبو شيبة اسمه إبراهيم وهو جدهما لأنهما ابنا محمد بن أبي شيبة وكلاهما من شيوخ البخاري ومسلم وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر والحكم بفتح الحاء المهملة والكاف هو ابن عتيبة الكوفي وعبد الرحمن بن أبزى بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح الزاي مقصورا مولى خزاعة كوفي أدرك النبي وصلى خلفه مر في التيمم
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن آدم وعن عبدان وعن سعد بن حفص وحديثه أتم وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلاهما عن غندر وعن هارون بن عبد الله وأخرجه أبو داود في الفتن عن يوسف بن موسى وأخرجه النسائي في المحاربة وفي التفسير عن محمد بن المثنى به
قوله أو قال حدثني الحكم أي أو قال منصور حدثني الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير الحاصل أن منصورا شك في روايته بين سعيد وبين الحكم حيث قال حدثني سعيد بن جبير أو قال حدثني الحكم عن سعيد بن جبير قوله ما أمرهما أي ما التوفيق بينهما حيث دلت الأولى على العفو عند التوبة والثانية على وجوب الجزاء مطلقا قوله ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق كذا وقع في الرواية والذي وقع في التلاوة وهو ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ( الفرقان 86 ) كذا في سورة الفرقان قوله قال لما أنزلت جواب ابن عباس وهو أن الآية التي في الفرقان وهي الأولى في حق الكفار والتي في سورة النساء وهي الثانية في حق المسلمين وفي رواية مسلم عن سعيد بن جبير قال أمرني عبد الرحمن بن أبزى أن أسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ( النساء 39 ) فسألته فقال لم ينسخها شيء وعن هذه الآية والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ( الفرقان 86 ) نزلت في أهل الشرك وفي رواية له عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية بمكة والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى قوله فيه مهانا ( الفرقان 86 ) فقال المشركون وما يغني عنا الإسلام وقد عدلنا بالله وقد قتلنا النفس التي حرم الله وآتينا الفواحش فأنزل الله تعالى إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ( الفرقان 07 ) إلى آخر الآية قال فأما من دخل في الإسلام وعقل ثم قتل فلا توبة له وفي رواية له عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس ألمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة قال لا قال فتلوت هذه الآية التي في الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ( الفرقان 86 ) إلى آخر الآية قال هذه آية مكية نسختها آية مدنية ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ( النساء 39 ) وحاصل الكلام أن ابن عباس رضي الله تعالى

(16/306)


عنهما قال إن قاتل النفس عمدا بغير حق لا توبة له واحتج في ذلك بقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ( النساء 39 ) ادعى أن هذه الآية مدنية نسخت هذه الآية المكية وهي والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ( الفرقان 86 ) الآية هذا هو المشهور عن ابن عباس وروي عنه أن له توبة وجواز المغفرة له لقوله تعالى ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ( النساء 011 ) وهذه الرواية الثانية هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم قال النووي وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا فمحمول على التغليظ والتحذير من القتل وليس في هذه الآية التي احتج بها ابن عباس تصريح بأنه يخلد وإنما فيها أنه جزاؤه ولا يلزم منه أن يجازى قوله فذكرته لمجاهد أي قال عبد الرحمن بن أبزى فذكرت الحديث لمجاهد بن جبير فقال إلا من ندم يعني قال الآية الثانية مطلقة فتقيد بقوله إلا من ندم إلا من تاب حملا للمطلق على المقيد
6583 - حدثنا ( عياش بن الوليد ) حدثنا ( الوليد بن مسلم ) حدثني ( الأوزاعي ) حدثني ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( محمد بن إبراهيم التيمي ) قال حدثني ( عروة بن الزبير ) قال سألت ( ابن عمرو بن العاص ) قلت أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي قال بينا النبي يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ( غافر 82 ) ( انظر الحديث 8763 وطرفه )
مطابقته للجزء الأول من الترجمة أظهر ما يكون وعياش بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام البصري والوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي يروي عن عبد الرحمن الأوزاعي والحديث مر في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه أخرجه هناك عن محمد بن يزيد الكوفي عن الوليد عن الأوزاعي إلخ نحوه قوله أخبرني بأشد شيء إلخ قيل هذا يعارضه حديث عائشة أنه قال لها وكان أشد ما لقيت من قومك فذكر قصته بالطائف مع ثقيف وأجيب بأن عبد الله ابن عمرو أخبر بما رآه ولم يكن حاضرا للقصة التي وقعت بالطائف وما جاء عن أحد من الصحابة بخلاف حديث الباب فيحمل على التعدد
تابعه ابن إسحاق حدثني يحيى بن عروة عن عروة قلت لعبد الله بن عمرو
أي تابع عياش بن الوليد محمد بن إسحاق في روايته عن يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام عن أبيه عروة قلت لعبد الله بن عمرو وكلاهما قالا عبد الله بن عمرو وأخرج هذه المتابعة أحمد في ( مسنده ) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق إلخ نحوه
وقال عبدة عن هشام عن أبيه قيل لعمرو بن العاص
أي قال عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عروة قيل لعمرو بن العاص هكذا خالف هشام بن عروة أخاه يحيى ابن عروة في إسم الصحابي فإن يحيى قال عبد الله بن عمرو وقال هشام عمرو بن العاص وتعليق عبدة أسنده أبو عبد الرحمن في كتابه عن هناد عنه به من مسند عمرو بن العاص في كتاب التفسير
وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة حدثني عمرو بن العاص
أي قال محمد بن عمرو بن علقمة الليثي المدني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهذا التعليق وصله البخاري في خلق أفعال العباد على ما يجيء إن شاء الله تعالى وأخرجه أبو القاسم في معجمه عن عبد بن عباد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبدة به

(16/307)


3 -
( باب إسلام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان إسلام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
7583 - حدثني ( عبد الله بن حماد الآملي ) قال حدثني ( يحيى بن معين ) حدثنا ( إسماعيل بن مجالد ) عن ( بيان ) عن ( وبرة ) عن ( همام بن الحارث ) قال قال ( عمار بن ياسر رأيت ) رسول الله وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر ( انظر الحديث 0663 )
مطابقته للترجمة في قوله وأبو بكر من حيث أنه يفهم منه أن أبا بكر أسلم قبل الرجال وعبد الله بن حماد هكذا وقع منسوبا في رواية أبي ذر الهروي وهو من أقران البخاري بل أصغر منه ووقع في رواية غيره غير منسوب وقال الكرماني هو عبد الله ابن محمد المسندي وقيل هو عبد الله بن محمد الآملي ونسبته إلى آمل بفتح الهمزة وضم الميم وهو آمل جيحون مات بآمل حين خرج من سمرقند في رجب سنة ثلاث وسبعين ومائتين وهو روى عن البخاري أيضا ويحيى بن معين بفتح الميم وكسر العين ابن عون أبو زكريا البغدادي أصله من سرخس روى عنه البخاري ومسلم أيضا وقال مات بالمدينة في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وغسل على أعواد النبي وحمل على نعش رسول الله وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر وقد مر عن قريب ووبرة بفتح الواو والباء الموحدة ابن عبد الرحمن السلمي أبو العباس يعد في الكوفيين وهمام بن الحارث النخعي الكوفي مات في ولاية الحجاج
والحديث مضى في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه إخرجه هناك عن محمد بن أبي الطيب عن إسماعيل بن مجالد الخ ومضى الكلام فيه هناك
13 -
( باب إسلام سعد رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان إسلام سعد بن أبي وقاص ووقع في بعض النسخ سعد بن أبي وقاص هكذا منسوبا
8583 - حدثني ( إسحاق ) أخبرنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( هاشم ) قال سمعت ( سعيد بن المسيب ) قال سمعت ( أبا إسحاق سعد بن أبي وقاص ) يقول ما أسلمم أحد إلا في اليوم الذي أسلم فيه ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام ( انظر الحديث 6273 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله ولقد مكثت إلخ لأنه يدل على أنه من السابقين في الإسلام قيل قد أسلم قبله كثير أبو بكر وعلي وخديجة وزيد ونحوهم وأجيب بأنه لعلهم أسلموا في أول النهار وهو آخره وقيل كيف يكون ثلث الإسلام وقد أسلم مقدما عليه أكثر من اثنين وأجيب بأن ذكل نظرا إلى إسلام البالغين
والحديث مضى في باب مناقب سعد هذا فإنه أخرجه هناك عن مكي بن إبراهيم عن هاشم بن هاشم عن سعيد بن المسيب عنه وأخرجه هنا عن إسحاق هو ابن إبراهيم بن النصر السعدي البخاري عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هاشم هو ابن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وقد مر الكلام فيه هناك
23 -
( باب ذكر الجن )
أي هذا باب فيه ذكر الجن وتقدم الكلام في الجن في أوائل بدء الخلق
وقول الله تعالى قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ( الجن 1 )
وقول الله بالجر عطف على قوله ذكر الجن قوله قل أوحي يعني قل يا محمد أي أخبر قومك ما ليس لهم به علم ثم بين فقال أوحي إلي أي أخبرت بالوحي من الله أنه أي الأمر والشأن وكلمة أن بالفتح مع اسمه وخبره في محل الرفع لأنه قام مقام

(16/308)


فاعل أوحي استمع القرآن فحذف لأن ما بعده يدل عليه والاستماع طلب بالإصغاء إليه قوله نفر من الجنأي جماعة منهم ذكروا في التفسير وكانوا تسعة من جن نصيبين وقيل كانوا من جن الشيصبان وهم أكثر الجن عدداد وهم عامة جنود إبليس وقيل كانوا سبعة وكانوا من اليمن وكانوا يهود وقيل كانوا مشركين
واعلم أن الأحاديث التي وردت في ها الباب أعني فيما يتعلق بالجن تدل على أن وفادة الجن كانت ست مرات الأولى قيل فيها اغتيل واستظير والتمس الثانية كانت بالحجون الثالثة كانت بأعلى مكة وانصاع في الجبال الرابعة كانت ببقيع الغرقد وفي هؤلاء الليالي حضر ابن مسعود وخط عليه الخامسة كانت خارج المدينة وحضرها الزبير بن العوام السادسة كانت في بعض أسفاره وحضرها بلال بن الحارث وقال إبن إسحاق لما آيس رسول الله من خبر ثقيف انصرف عن الطائف راجعا إلى مكة حتى كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله فيما ذكر لي سبعة نفر من أهل جن نصيبين فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا فقص الله خبرهم عليه فقال تعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن إلى قوله أليم ( الأحقاف 92 ) ثم قال تعالى قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ( الجن 1 ) إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة فإن قلت في الصحيحين أن ابن عباس قال ما قرأ رسول الله على الجن ولا رآهم الحديث قلت هذا النفي من ابن عباس إنما هو حديث استمعوا التلاوة في صلاة الفجر ولم يرد به نفي الرؤية والتلاوة مطلقا وقال القرطبي معنى حديث ابن عباس لم يقصدهم بالقراءة فعلى هذا فلم يعلم رسول الله باستماعهم ولا كلمهم وإنما أعلمه الله تعالى بقوله قل أوحي إلي أنه استمع ( الجن 1 ) ويقال عبد الله بن مسعود أعلم بقصة الجن من عبد الله بن عباس فإنه حضرها وحفظها وعبد الله بن عباس كان إذ ذاك طفلا رضيعا فقد قيل إن قصة الجن كانت قبل الهجرة بثلاث سنين وقال الواقدي كانت في سنة إحدى عشرة من النبوة وابن عباس كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام وقيل يجمع بين ما نفاه وما أثبته غيره بتعدد وفود الجن على النبي
9583 - حدثني ( عبيد الله بن سعيد ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( مسعر ) عن ( معن بن عبد الرحمان ) قال سمعت أبي قال سألت ( مسروقا من آذن ) النبي بالجن ليلة استمعوا القرآن فقال حدثني أبوك يعني عبد الله أنه آذنت بهم شجرة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد الله بالتصغير ابن سعيد أبو قدامة السرخسي وهو أبو سعيد الأشج ومعن بفتح الميم وسكون العين المهملة وفي آخره نون ابن عبد الرحمن وهو يروي عن أبيه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ومسروق هو ابن الأجدع وفي الأصل أجدع لقبه واسمه عبد الرحمن
قوله من أذن أي من أعلم النبي بالجن في ليلة استماع القرآن قوله فقال حدثني أبوك أي قال مسروق لعبد الرحمن حدثني بذلك أبوك يعني عبد الله بن مسعود قوله آذنت بهم أي آذنت النبي بالجن شجرة بالرفع لأنه فاعل آذنت وفي مسند إسحاق بن راهويه سمرة موضع شجرة وروى البيهقي في ( دلائل النبوة ) بإسناده إلى عبد الله بن مسعود أنه يقول إن رسول الله قال لأصحابه وهو بمكة من أحب منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فليفعل الحديث مطولا وفيه قال ابن مسعود سمعت الجن تقول للنبي من يشهد أنك رسول الله وكان قريبا من هناك شجرة فقال لهم النبي أرأيتم إن شهدت هذه الشجرة أتؤمنون قالوا نعم فدعاها النبي فأقبلت قال ابن مسعود فلقد رأيتها تجر أغصانها قال لها النبي أتشهدي أني رسول الله قالت أشهد أنك رسول الله فإن قلت ما فيه من إعلامه أصحابه بخروجه إليهم يخالف ما روى في ( الصحيح ) من فقدانهم إياه حتى قيل اغتيل أو استطير قلت المراد من فقده غير الذي علم بخروجه فإن قلت ظاهر كلام ابن مسعود فقدناه والتمسناه وبتنا بشر ليلة يدل على أنه فقده والتمسه وبات ليلة وفي هذا الحديث قد علم بخروجه وخرج معه ورأى الجن ولم يفارق الخط الذي خطه=

ج32.عمدة القارئ

== حتى عاد إليه بعد الفجر قلت إذا قلنا إن ليلة الجن كانت متعددة لا يبقى إشكال وقد ذكرنا أنها كانت متعددة
0683 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عمرو بن يحيى بن سعيد ) قال أخبرني جدي عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أنه كان ( يحمل مع ) النبي إداوة لوضوئه وحاجته فبينما هو يتبعه بها فقال من هاذا فقال أنا أبو هريرة فقال ابغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثه فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعتها إلى جنبه ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت معه فقلت ما بال العظم والروثة قال هما من طعام الجن وإنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما ( انظر الحديث 551 )
مطابقته للترجمة في قوله هما من طعام الجن إلى آخره وموسى بن إسماعيل المنقري الذي يقال له التبوذكي وقد مر غير مرة وعمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص والحديث مضى في كتاب الطهارة في باب الاستنجاء بالحجارة فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن محمد المكي عن عمرو بن يحيى إلخ ومضى الكلام فيه هناك
قوله إبغني أي أطلب لي أحجارا وهو من الثلاثي من باب رمى يرمي يقال بغيتك الشيء أي طلبته لك وأبغيته أي أعنتك على طلبه قوله أستنفض بها أي أستنجي بها وهو من نفض الثوب لأن المستنجي ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي يزيله ويدفعه قوله وفد جن نصيبين الوفد القوم يقدمون ونصيبين بلدة مشهورة بالجزيرة أعني جزيرة ابن عمر في الشرق ووقع في كلام ابن التين إنها في الشام وهو وهم وغلط قوله طعاما أي حقيقة وذلك بعد أن يفضل من الإنس وطعاما هكذا رواية السرخسي وفي رواية غيره طعما قيل بالشم يكتفون قلت للناس في أكل الجن وشربهم ثلاثة أقوال أحدها أن جميع الجن لا يأكلون ولا يشربون وهذا قول ساقط الثاني أن صنفا منهم يأكلون ويشربون وصنفا منهم يأكلون ولا يشربون وعن وهب خالص الجن ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتوالدون ويتناكحون منهم السعالي والغيلان والقطرب وغيرها الثالث أن جميع الجن يأكلون ويشربون لظاهر الأحاديث الصحيحة وعمومها واختلف أصحاب هذا القول في أكلهم وشربهم فقال بعضهم أكلهم وشربهم تشمم واسترواح لا مضغ ولا بلع وهذا قول لا يرد عليه دليل وقال بعضهم أكلهم وشربهم مضغ وبلع وهذا القول هو الذي تشهد به الأحاديث الصحيحة

(16/310)


عمدة القاري شرح صحيح البخاري
للعلامة بدر الدين العيني
الجزء السابع عشر
عمدة القارى17
33 -
( باب إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان إسلاك أبي ذر واسمه جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حزام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وقيل غير ذلك وفي ( التهذيب ) اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا فقيل اسمه جندب بن جنادة وقيل بربر بن جندب وقيل بربر بن عشرقة وقيل جندب بن السكن والمشهور ما ذكرناه أولا وأمه رملة بنت الوقيعة من بني غفار بن مليل وكان أخا عمرو بن عبسة لأمه قال خليفة بن خياط مات سنة اثنتين وثلاثين بالربذة قرية من قرى المدينة في خلافة عثمان بن عفان وصلى عليه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
3861 - حدثني ( عمرو بن عباس ) حدثنا عبد الرحمان بن مهدي حدثنا المثنى عن أبي جمرة عن ابن عباس رضي لله تعالى عنهما قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي قال لأخيه اركب إلى هاذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال له رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فرآه علي فعرف أنه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال أما نال للرجل أن يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي على مثل ذلك فأقام معه ثم قال ألا تحدثني ما الذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدننيفعلت ففعل فأخبره قال فإنه حق وهو رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت

(17/2)


شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه فقال له النبي ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري قال والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه قال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشأم فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه ( انظر الحديث 3522 )
مطابقته للترجمة في قوله وأسلم مكانه وعمرو بن عباس أبو عثمان البصري قال أبو داود مات سنة خمس وثلاثين ومائتين وهو من أفراده و ( عبد الرحمن بن مهدي ) بن حسان العنبري البصري مات سنة ثمان وتسعين ومائة و ( المثنى ) ضد المفرد هو ابن سعيد الضبعي له في البخاري حديثان هذا وآخر تقدم في ذكر بني إسرائيل وأبو جمرة بالجيم والراء هو نصر بن عمران
والحديث قد مضى في مناقب قريش في باب قصة زمزم فإنه أخرجه هناك عن زيد بن حزم وعن أبي قتيبة عن مثنى ابن سعيد عن ( أبي جمرة ) عن ابن عباس مطولا وبين ألفاظهما بعض زيادة ونقصان ومضى الكلام فيه هناك ولنتكلم فيه هنا أيضا زيادة للبيان
قوله لأخيه هو أنيس قوله إلى هذا الوادي أي وادي مكة الذي به المسجد قوله فاعلم من الإعلام لي أي لأجلي قوله علم هذا منصوب بقوله إعلم قوله فانطلق الأخ وفي رواية الكشميهني فانطلق الآخر يعني أنيس قوله حتى قدمه أي حتى قدم الوادي أي وادي مكة وفي رواية ابن مهدي فانطلق الآخر حتى قدم مكة قوله وكلامابالنصب عطف على الضمير المنصوب في روايته فإن قلت الكلام لا يرى قلت فيه وجهان الإضمار والمجاز من قبيل قوله
( علفتها تبنا وماء باردا )
أما الإضمار فهو سقيته ماء وأما المجاز فهو أن علفته بمعنى أعطيته وأما ههنا فالإضمار هو أن يقدر وسمعته يقول كلاما وأما المجاز فهو أن يضمن الرؤية معنى الأخذ عنه فالتقدير وأخذت عنه كلاما ما هو بالشعر قوله وكره أن يسأل عنه لأنه عرف أن قومه يؤذون من يقصده أو يؤذونه بسبب قصد من يقصده أو لكراهتهم في ظهور أمره لا يدلون من يسأل عنه عليه أو يمنعونه من الاجتماع به أو يخدعونه حتى يرجع عنه فرآه علي هو ابن أبي طالب كرم الله وجهه وهذا يدل على أن قصة أبي ذر وقعت بعد المبعث بأكثر من سنتين بحيث يتهيأ لعلي أن يستقل بمخاطبة الغريب ويضيفه فإن الأصح في سن علي حين البعث كان عشر سنين وقيل أقل من ذلك قوله فعرف أنه غريب وفي رواية أبي قتيبة فقال كان الرجل غريب قلت نعم قوله أما نال للرجل أي أما حان يقال نال له بمعنى آن له ويروى أما آن بمد الهمزة وأنى بفتح الهمزة والقصر وفتح النون وكلها بمعنى قوله أن يعلم منزله أي مقصده قوله يوم الثالث بالإضافة كما في مسجد الجامع فإن التقدير فيه مسجد الوقت الجامع فالجامع صفة للوقت لا للمسجد وكذلك التقدير في يوم الثالث قوله فعاد علي على مثل ذلك وفي رواية فعل علي مثل ذلك وفي رواية الكشميهني فغدا على ذلك قوله لترشدنني كذا في رواية الأكثرين بنونين وفي رواية الكشميهني لترشدني بنون واحدة واللام فيه للتأكيد قوله فأخبره كذا هو في رواية الكشميهني وفي رواية فأخبرته بتاء المتكلم قبل الضمير وفيه التفات قوله كأني أريق الماء وفي رواية أبي قتيبة كأني أصلح نعلي ويحمل على أنه قالهما جميعا قوله يقفوه أي يتبعه قوله ودخل معه أي دخل أبو ذر مع علي رضي الله تعالى عنه فسمع من قول النبي وفي حديث عبد الله بن الصامت أن أبا ذر لقي النبي وأبا بكر في الطواف بالليل والجمع بين الروايتين بأنه لقيه أولا مع علي ثم لقيه في الطواف مع أبي بكر

(17/3)


أو بالعكس قوله إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري وفي رواية أبي قتيبة أكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل قوله لأصرخن بها أي بكلمة التوحيد أراد أنه يرفع صوته جهارا بين المشركين وضبط في بعض النسخ لأصرحن بالحاء المهملة من التصريح قوله بين ظهرانيهم أي في جمعهم قال ابن فارس يقال هو نازل بين ظهرانيهم وأظهرهم ولا تقل بين ظهرانيهم بكسر النون قلت معناه لأصرحن بها على سبيل الاستظهار وزيدت النون المفتوحة والألف تأكيدا وقد مر الكلام فيه غير مرة قوله حتى أضجعوه أي أرموه على الأرض قوله فأنقذه أي خلصه منهم أي من المشركين
34 -
( باب إسلام سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان إسلام سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وتقدمت بقية نسبه وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
35 -
( باب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان إسلام عمر بن الخطاب وقد ذكرنا نسبه في مناقبه
3863 - حدثني ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل بن أبي خالد ) عن ( قيس بن أبي حازم ) عن ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله تعالى عنه قال ما زلنا أعزاء منذ أسلم عمر ( انظر الحديث 3684 )
مطابقته للترجمة في قوله منذ أسلم عمر رضي الله تعالى عنه وسفيان هو الثوري وأخرجه أيضا عن محمد بن المثنى عن يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد
347 - ( حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني عمر بن محمد قال وأخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال بينما هو في الدار خائفا إذ جاءه العاص بن وائل

(17/4)


السهمي أبو عمرو عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير وهو من بني سهم وهم حلفاؤنا في الجاهلية فقال له ما بالك قال زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت قال لا سبيل إليك بعد أن قالها أمنت فخرج العاص فلقي الناس قال سال بهم الوادي فقال أين تريدون فقالوا نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ قال لا سبيل إليه فكر الناس )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله هذا ابن الخطاب الذي صبأ وكانوا يقولون صبأ لمن أسلم ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي وسكن مصر وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب مدني نزل عسقلان أخو عاصم وزيد وواقد وأبي بكر وعمر هذا يروي عن جده عبد الله بن عمر ( فإن قلت ) كيف قال وأخبرني جدي بالواو ويروى فأخبرني بالفاء ( قلت ) للإشعار بأنه أخبره أيضا بغير هذا الحديث أنه قال قال كذا وأخبرني كذا وجده زيد يروي عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب والحديث من أفراده قوله بينما هو أي عمر بن الخطاب قوله خائفا حال من الضمير قوله إذ جاءه جواب بينما قوله العاص بن وائل مرفوع لأنه فاعل جاء والضمير المنصوب فيه يرجع إلى ما يرجع إليه قوله هو في الدار أي عمر بن الخطاب كما ذكرنا والعاص بضم الصاد وأصله العوص ويجوز بكسر الصاد لأن أصله العاصي نحو القاضي ولكن الياء خففت فيه وهو ابن وائل بالهمزة بعد الألف السهمي بفتح السين وسكون الهاء والد عمرو بن العاص وهو جاهلي أدرك الإسلام ولم يسلم وهو ابن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب قوله أبو عمرو كنية العاص المذكور وهو عمرو بن العاص الصحابي قوله عليه حلة حبرة جملة اسمية وقعت حالا بغير واو والحبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة وهي برد مخططة بالوشي ويروى حبر بغير هاء وهو جمع حبرة قوله مكفوف بحرير من كففت الثوب إذا خططته قوله حلفاؤنا جمع حليف من الحلف وهو المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق قوله سيقتلونني ويروي سيقتلوني قوله إن أسلمت بفتح الهمزة أي لإن أسلمت أي لأجل إسلامي وكلمة إن مصدرية قوله آمنت بفتح الهمزة وكسر الميم وسكون النون وضم التاء المثناة من فوق من الأمان أي زال خوفي لأن العاص كان مطاعا في قومه ووقع في رواية الأصيلي بمد الهمزة وهو خطأ فإنه كان قد أسلم قبل ذلك وذكر عياض أن في رواية الحميدي بالقصر أيضا لكنه بفتح التاء وهو أيضا خطأ لأنه يصير من كلام العاص بن وائل وليس كذلك بل هو من كلام عمر رضي الله تعالى عنه يريد أنه أمن لما قال له العاص ابن وائل تلك المقالة قوله قد سال بهم الوادي أي وادي مكة وهو كناية عن امتلائه بالناس قوله فقال أي العاص قوله هذا ابن الخطاب يعني عمر بن الخطاب قوله الذي صبأ أي مال عن دين آبائه وخرج قوله فكر أي رجع
348 - ( حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عمرو بن دينار سمعته يقول قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره وقالوا صبأ عمر وأنا غلام فوق ظهر بيتي فجاء رجل عليه قباء من ديباج فقال قد صبأ عمر فما ذاك وأنا له جار قال فرأيت الناس تصدعوا عنه فقلت من هذا الرجل قالوا العاص بن وائل )
مطابقته للترجمة في قوله لما أسلم عمر وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة قوله سمعته يقول أي سمعت عمرو بن دينار يقول قال عبد الله بن عمر والقائل بهذا هو سفيان قوله صبأ عمر أي خرج من دينه إلى دين آخر قوله وأنا غلام القائل هو عبد الله وفسره في رواية أخرى أنه كان ابن خمس سنين وإذا كان كذلك خرج منه أن إسلام عمر بعد المبعث بست سنين أو سبع لأن ابن عمر كان يوم أحد ابن أربع عشرة سنة وذلك بعد المبعث بست عشرة سنة فيكون مولده

(17/5)


بعد المبعث بسنتين قوله فوق ظهر بيتي قال الداودي هو غلط والمحفوظ على ظهر بيتنا ورد عليه ابن التين بأنه أراد أنه الآن بيته وكان قبل ذلك لأبيه وقال بعضهم ولا يخفى عدم الاحتياج إلى هذا التأويل وإنما نسب ابن عمر البيت إلى نفسه مجازا أو مراده المكان الذي كان يأوي فيه سواء كان ملكه أم لا قلت الصواب مع الداودي ولا وجه للرد عليه لأنه لا يخفى أن ابن عمر كان عمره إذ ذاك خمس سنين وهو لا يفارق بيت أبيه ولا وجه لقوله بيتي بإضافته إلى نفسه ولا يحتاج إلى دعوى المجاز هنا من غير ضرورة ولا نكتة داعية إليه ولا وجه أيضا أن يقال مراد ابن عمر المكان الذي يأوي فيه لأنه لم يكن يأوي إلا في بيت أبيه عادة خصوصا وهو ابن خمس سنين قوله فجاء رجل وهو العاص بن وائل على ما يوضحه في آخر الحديث قوله فما ذاك أي فلا بأس عليه ولا اعتراض عليه والحال أنا له جار بالجيم وتخفيف الراء والجار هو الذي أجرته من أن يظلمه ظالم قوله تصدعوا عنه أي تفرقوا فقلت من هذا القائل هو عبد الله يسأل الناس عن هذا الرجل الذي عليه قباء من ديباج وتفرق الناس بسببه قوله قالوا العاص بن وائل أي قالوا هو العاص بن وائل ويروى قلت يا أبت من هذا جزاه الله خيرا قال العاص بن وائل لا جزاه الله خيرا -
3866 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال حدثني ( عمر ) أن ( سالما ) حدثه عن ( عبد الله بن عمر ) قال ما سمعت عمر لشيء قط يقول إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال عمر لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم علي الرجل فدعي له فقال له فقال له ذلك فقال ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قال فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني قال كنت كاهنهم في الجاهلية قال فما أعجب ما جاءتك به جنيتك قال بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قال عمر صدق بينما أنا عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول لا إلاه إلا الله فوثب القوم قلت لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا ثم نادى يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول لا إلاه إلا الله فقمت فما نشبنا أن قيل هاذا نبي
وجه ذكر هذا الحديث في الباب ما قبل أن القصة التي في هذا الحديث هي التي كانت سببا لإسلام عمر رضي الله تعالى عنه ويحيى شيخ البخاري وابن وهب قد مر ذكرهما عن قريب وعمر هو محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقال الكلاباذي أي هو عمرو بالواو ابن الحارث قيل هو وهم وهو من أفراده
قوله لشيء قال بعضهم أي عن شيء واللام قد تأتي بمعنى عن كقوله تعالى وقال الذين كفروا للذين آمنوا ( العنكبوت 12 الأحقاف 11 ) قلت لا حاجة إلى العدول عن معناه الذي هو للتعليل أي لأجل شيء قوله إلا كان كما يظن لأنه كان من المحدثين وقد تقدم في مناقبه أنه كان محدثا بفتح الدال وقد ذكرنا أن معنى المحدثين الملهمون والملهم هو الذي يلقي في نفسه الشي فيخبر به حدسا وفراسة قوله بينما عمر قد ذكرنا غير مرة أن أصله بين فزيدت فيه ما ويضاف إلى جملة إسمية وهي قوله عمر جالس وقوله إذ مر به جواب بينما وهو سواد بفتح السين المهملة وتخفيف الواو ابن قارب بالقاف والراء المكسورة وفي آخره باء موحدة الدوسي كذا قال الكلبي وقال ابن أبي خيثم سواد بن قارب الدورسي من بني دوس قال أبو حاتم له صحبة وقال عمر كان يتكهن في الجاهلية وكان شاعرا ثم أسلم وداعبه عمر بن الخطاب يوما وقال ما فعلت كهانتك يا سواد فغضب وقال ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جاهليتنا وكفرنا شر من الكهانة فما لك تعيرني بشيء تبت منه وأرجو من الله العفو عنه قوله لقد أخطأ ظني أي في

(17/6)


كونه في الجاهلية بأن صار مسلما قوله أو بسكون الواو أي أو إن هذا يعني سواد بن قارب مستمر على دينه في الجاهلية يعني على عبادة ما كانوا يعبدون قوله لقد كان كاهنهم أي كاهن قومه قوله علي بتشديد الياء قوله الرجل بالنصب أي أحضروه إلي وقربوه مني قوله فدعي به على صيغة المجهول أي دعي بالرجل وهو سواد بن قارب ويروى فدعي له فإن صحت هذه الرواية يكون الضمير في قوله له راجعا إلى عمر رضي الله تعالى عنه أي دعي الرجل لأجله قوله فقال له ذلك أي قال له عمر وذلك إشارة إلى ما قاله في غيبته قبل أن يحضر بين يديه من التردد بقوله أو في الموضعين وفي رواية محمد بن كعب فقال فأنت على ما كنت عليه من كهانتك فغضب سواد واقتصر عمر هنا على أخف الأمرين وهما الكهانة والشرك تلطفا به قوله ما رأيت كاليوم أي ما رأيت يوما مثل هذا اليوم حيث استقبل به أي فيه رجل مسلم وارتفاع رجل بقوله استقبل الذي هو على صيغة البناء للفاعل وقال الكرماني استقبل على صيغة المجهول فعلى هذا قوله الرجل مرفوع أيضا لأن الفعل مستند إليه والباء في به بمعنى في أيضا والضمير يرجع إلى اليوم وفي رواية النسفي وأبي ذر رجلا مسلما بالنصب وقال الكرماني رجلا منصوب لأنه مفعول رأيت وفي القلب من هذا دغدغة على ما لا يخفى إن كان مراده رأيت المصرح به في الحديث فإن قدر لفظ رأيت آخر يكون موجها تقديره حينئذ ما رأيت يوما مثل هذا اليوم رأيت استقبل به أي بالكلام المذكور رجلا مسلما قوله استقبل به جملة معترضة بين الفاعل والمفعول وحاصل المعنى ما رأيت كاليوم رأيت فيه رجلا استقبل به أي في اليوم ورأيت الشراح فيه عاجزين فمنهم من لم يتعرض إلى شيء ما كأنه ما اطلع على المتن ومنهم من تصرف فيه بالتعسف قوله فإني أعزم أي قال سواد بن قارب كنت كاهن القوم والكاهن هو الذي يتعاطى الأخبار المغيبة ويخبر بها وكان في العرب في الجاهلية كهان كثير وأكثرهم كان يعتمد على تابعه من الجن وأما الذي كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله فهو الذي يسمى عرافا قوله فما أعجب كلمة ما استفهامية وأعجب بالرفع أي أي شيء أعجب قوله ما جاءت به كلمة ما يجوز أن تكون موصولة بدلا من كلمة ما في ما أعجب ويجوز أن تكون مصدرية والتقدير أي شيء أعجب من مجيء جنيتك بالأخبار والجنية تأنيث الجني وأنثه تحقيرا له وقيل يحتمل أن يكون قد عرف أن تابع سواد من الجن أنثى أو هو كما يقال تابع الذكر أنثى وتابع الأنثى الذكر قوله جاءتني أي الجنية قوله الفزع بفتح الفاء والزاي الخوف وفي رواية محمد بن كعب أن ذلك كان وهو بين النائم واليقظان قوله فقالت أي الجنية قوله ألم تر الجن إلى آخره من الرجز و الجن منصوب بقوله ألم تر قوله وإبلاسها بالنصب عطفا على ما قبله وإبلاس بكسر الهمزة وسكون الباء الموحدة وقال ابن الأثير الإبلاس الحيرة ومنه الحديث ألم تر الجن وإبلاسها أي تحيرها وقال الكرماني إبلاسها أي انكسارها وقال غيره صيرورتها مثل إبليس حائرا بائرا قوله ويأسها بالنصب أيضا عطفا على ما قبله والياس بالياء آخر الحروف ضد الرجاء قوله من بعد إنكاسها بكسر الهمزة وسكون النون أي من بعد انتكاسها والانتكاس الانقلاب على الرأس ويروى من بعد أنساكها بفتح الهمزة قال ابن الأثير هكذا جاء في رواية أي متعبداتها وقال ابن فارس الأنساك جمع نسك وهو المكان الذي يألفه أراد أنها يئست من السمع بعد أن كانت ألفته وروى الداودي من بعد إيناسها وقال يعني كانت تأنس إلى ما تسمع قوله ولحوقها بالنصب عطفا على إبلاسها ويجوز بالجر عطفا على أنكاسها قوله بالقلاص بكسر القاف وهو جمع قلوص وهي الناقة الشابة وقال الكرماني وأريد بالقلاص أهل القلاص وهم العرب على طريق الكناية وقال غيره أراد تفرقهم ونفارهم كراهية الإسلام قوله وإحلاسها بفتح الهمزة جمع حلس بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وهو كساء رقيق يوضع تحت البردعة رعاية لظهر الدواب وفي رواية أن الجني عاوده ثلاث مرات قال البيهقي في ( دلائل النبوة ) من حديث أبي إسحاق عن البراء بن عازم كان له أي لسواد بن قارب رائي من الجن قال بينا أنا نائم إذ جاءني فقال قم فافهم واعقل إن كنت تفعل قد بعث رسول من لؤي بن غالب ثم أنشأ يقول
( عجبت للجن وأجناسهاوشدها العيس بأحلاسها )

(17/7)


( تهوي إلى مكة تبغي الهدىما مؤمنوها مثل أرجاسها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى رأسها )
قال ثم نبهني وقال يا سواد إن الله قد بعث نبيا فانهض إليه تسعد وترشد فلما كان في الليلة الثانية أتاني فنبهني ثم قال
( عجبت للجن وتطلابهاوشدها العيس بأقتابها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدىليس قدامها كأذنابها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى نابها )
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فنبهني فقال
( عجبت للجن وتجارهاوشدها العيس بأكوارها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدىليس ذوو الشر كأخيارها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمما مؤمنو الجن ككفارها )
قال فوقع في قلبي الإسلام وأتيت المدينة فلما رآني رسول الله قال مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك قال قلت شعرا فاسمعه مني فقلت
( أتاني رئبي بعد ليل وهجعةفلم أك فيما قد بليت بكاذب )
( ثلاث ليال قوله كل ليلةأتاك نبي من لؤي بن غالب )
( فشمرت عن ساقي الإزار ووسطتبي الذعلب الوجناء عند السباسب )
( فأشهد أن الله لا رب غيرهوأنك مأمون على كل غائب )
( وأنك أدنى المرسلين شفاعةإلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب )
( فمرنا بما يأتيك يا خير مرسلوإن كان فيما جاء شيب الذوائب )
( فكن لي شفيعا لا ذو شفاعةسواك بمغن عن سواد بن قارب )
قال فضحك النبي حتى بدت نواجذه قوله إلى أرجاسها جمع رجس وهو النجس وأراد بهم المشركين قوله واسم من سما يسمو أي أعل وانظر بعينيك قوله تطلبانها التاء فيه زائدة وهو من المصادر الشاذة والعيس بكسر العين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة جمع عيساء قال ابن الأثير العيس الإبل البيض مع شقرة يسيرة واحدها أعيس وعيسا والأقتاب جمع قتب بفتحتين وهو للجمل كالإكاف لغيره قوله ليس قداماها من قوادم الطير وهي مقاديم ريشه وهي عشرة في كل جناح الواحدة قادمة وهي القدامى أيضا ويقال القدامى تكون واحدة وتكون جمعا والأذناب جمع ذنب قوله إلى نابها الناب بالنون وبالباء الموحدة ومعناه سيد القوم وقال الجوهري ناب القوم سيدهم والناب المسنة من الإبل النوق قوله وتجآرها التاء فيه زائدة وأصله من جأر إذا تضرع وهو من المصادر الشاذة والأكوار جمع كور بالضم وهو رحل الناقة بأداته وهو كالسرج وآلته للفرس وقال ابن الأثير وكثير من الناس يفتح الكاف وهو خطأ قوله رئي بفتح الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء وهو التابع من الجن وقال ابن الأثير رئي بوزن كمي وهو فعيل أو فعول سمي به لأنه يتراءى لمتبوعه أو هو من الرأي من قولهم فلان رأى قومه إذا كان صاحب رأيهم وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها قوله فيما قد بليت بالباء الموحدة أي فيما قد جربت قوله الذعلب بكسر الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر اللام وفي آخره باء موحدة وهي الناقة السريعة والوجناء بفتح الواو وسكون الجيم بالنون الممدودة والهمزة في آخره وهي الغليظة الصلبة وقيل العظيمة الوجنتين والسباسب بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة وكسر السين الثانية وفي آخره باء أخرى وهو جمع سبسب وهي القفر والمفازة قوله أدنى المرسلين أي أقربهم وأولاهم قوله بينما أنا عند

(17/8)


( تهوي إلى مكة تبغي الهدىما مؤمنوها مثل أرجاسها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى رأسها )
قال ثم نبهني وقال يا سواد إن الله قد بعث نبيا فانهض إليه تسعد وترشد فلما كان في الليلة الثانية أتاني فنبهني ثم قال
( عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس قدامها كأذنابها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى نابها )
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فنبهني فقال
( عجبت للجن وتجارها وشدها العيس بأكوارها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشر كأخيارها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمما مؤمنو الجن ككفارها )
قال فوقع في قلبي الإسلام وأتيت المدينة فلما رآني رسول الله قال مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك قال قلت شعرا فاسمعه مني فقلت
( أتاني رئبي بعد ليل وهجعة فلم أك فيما قد بليت بكاذب )
( ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك نبي من لؤي بن غالب )
( فشمرت عن ساقي الإزار ووسطتبي الذعلب الوجناء عند السباسب )
( فأشهد أن الله لا رب غير هو أنك مأمون على كل غائب )
( وأنك أدنى المرسلين شفاعةإلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب )
( فمرنا بما يأتيك يا خير مرسلوإن كان فيما جاء شيب الذوائب )
( فكن لي شفيعا لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب )
قال فضحك النبي حتى بدت نواجذه قوله إلى أرجاسها جمع رجس وهو النجس وأراد بهم المشركين قوله واسم من سما يسمو أي أعل وانظر بعينيك قوله تطلبانها التاء فيه زائدة وهو من المصادر الشاذة والعيس بكسر العين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة جمع عيساء قال ابن الأثير العيس الإبل البيض مع شقرة يسيرة واحدها أعيس وعيسا والأقتاب جمع قتب بفتحتين وهو للجمل كالإكاف لغيره قوله ليس قداماها من قوادم الطير وهي مقاديم ريشه وهي عشرة في كل جناح الواحدة قادمة وهي القدامى أيضا ويقال القدامى تكون واحدة وتكون جمعا والأذناب جمع ذنب قوله إلى نابها الناب بالنون وبالباء الموحدة ومعناه سيد القوم وقال الجوهري ناب القوم سيدهم والناب المسنة من الإبل النوق قوله وتجآرها التاء فيه زائدة وأصله من جأر إذا تضرع وهو من المصادر الشاذة والأكوار جمع كور بالضم وهو رحل الناقة بأداته وهو كالسرج وآلته للفرس وقال ابن الأثير وكثير من الناس يفتح الكاف وهو خطأ قوله رئي بفتح الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء وهو التابع من الجن وقال ابن الأثير رئي بوزن كمي وهو فعيل أو فعول سمي به لأنه يتراءى لمتبوعه أو هو من الرأي من قولهم فلان رأى قومه إذا كان صاحب رأيهم وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها قوله فيما قد بليت بالباء الموحدة أي فيما قد جربت قوله الذعلب بكسر الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر اللام وفي آخره باء موحدة وهي الناقة السريعة والوجناء بفتح الواو وسكون الجيم بالنون الممدودة والهمزة في آخره وهي الغليظة الصلبة وقيل العظيمة الوجنتين والسباسب بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة وكسر السين الثانية وفي آخره باء أخرى وهو جمع سبسب وهي القفر والمفازة قوله أدنى المرسلين أي أقربهم وأولاهم قوله بينما أنا عند

(17/8)


( تهوي إلى مكة تبغي الهدىما مؤمنوها مثل أرجاسها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى رأسها )
قال ثم نبهني وقال يا سواد إن الله قد بعث نبيا فانهض إليه تسعد وترشد فلما كان في الليلة الثانية أتاني فنبهني ثم قال
( عجبت للجن وتطلابهاوشدها العيس بأقتابها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدىليس قدامها كأذنابها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمواسم بعينيك إلى نابها )
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فنبهني فقال
( عجبت للجن وتجارهاوشدها العيس بأكوارها )
( تهوي إلى مكة تبغي الهدىليس ذوو الشر كأخيارها )
( فانهض إلى الصفوة من هاشمما مؤمنو الجن ككفارها )
قال فوقع في قلبي الإسلام وأتيت المدينة فلما رآني رسول الله قال مرحبا بك يا سواد بن قارب قد علمنا ما جاء بك قال قلت شعرا فاسمعه مني فقلت
( أتاني رئبي بعد ليل وهجعةفلم أك فيما قد بليت بكاذب )
( ثلاث ليال قوله كل ليلةأتاك نبي من لؤي بن غالب )
( فشمرت عن ساقي الإزار ووسطتبي الذعلب الوجناء عند السباسب )
( فأشهد أن الله لا رب غيرهوأنك مأمون على كل غائب )
( وأنك أدنى المرسلين شفاعةإلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب )
( فمرنا بما يأتيك يا خير مرسلوإن كان فيما جاء شيب الذوائب )
( فكن لي شفيعا لا ذو شفاعةسواك بمغن عن سواد بن قارب )
قال فضحك النبي حتى بدت نواجذه قوله إلى أرجاسها جمع رجس وهو النجس وأراد بهم المشركين قوله واسم من سما يسمو أي أعل وانظر بعينيك قوله تطلبانها التاء فيه زائدة وهو من المصادر الشاذة والعيس بكسر العين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة جمع عيساء قال ابن الأثير العيس الإبل البيض مع شقرة يسيرة واحدها أعيس وعيسا والأقتاب جمع قتب بفتحتين وهو للجمل كالإكاف لغيره قوله ليس قداماها من قوادم الطير وهي مقاديم ريشه وهي عشرة في كل جناح الواحدة قادمة وهي القدامى أيضا ويقال القدامى تكون واحدة وتكون جمعا والأذناب جمع ذنب قوله إلى نابها الناب بالنون وبالباء الموحدة ومعناه سيد القوم وقال الجوهري ناب القوم سيدهم والناب المسنة من الإبل النوق قوله وتجآرها التاء فيه زائدة وأصله من جأر إذا تضرع وهو من المصادر الشاذة والأكوار جمع كور بالضم وهو رحل الناقة بأداته وهو كالسرج وآلته للفرس وقال ابن الأثير وكثير من الناس يفتح الكاف وهو خطأ قوله رئي بفتح الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء وهو التابع من الجن وقال ابن الأثير رئي بوزن كمي وهو فعيل أو فعول سمي به لأنه يتراءى لمتبوعه أو هو من الرأي من قولهم فلان رأى قومه إذا كان صاحب رأيهم وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها قوله فيما قد بليت بالباء الموحدة أي فيما قد جربت قوله الذعلب بكسر الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر اللام وفي آخره باء موحدة وهي الناقة السريعة والوجناء بفتح الواو وسكون الجيم بالنون الممدودة والهمزة في آخره وهي الغليظة الصلبة وقيل العظيمة الوجنتين والسباسب بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة وكسر السين الثانية وفي آخره باء أخرى وهو جمع سبسب وهي القفر والمفازة قوله أدنى المرسلين أي أقربهم وأولاهم قوله بينما أنا عند

(17/8)


ينقض فأقامه أي ينكسر وينهدم قوله لكان محقوقا أي واجبا حقا يقال حق عليك أن تفعل كذا ومحقوق أن تفعل ذلك قوله أن ينقض كلمة أن مصدرية أي الانقضاض -
36 -
( باب انشقاق القمر )
أي هذا باب في بيان انشقاق القمر في زمن النبي معجزة له وهي من أمهات معجزات رسول الله وآياته النيرة التي اختصت به إذ كانت معجزات سائر الأنبياء لم تتجاوز عن الأرضيات إلى السماويات وقد نطق القرآن به قال تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر ( القمر 1 ) ولقد زعم بعض الفلاسفة بزعمهم الفاسد أن الفلكيات لا تقبل الخرق والالتئام ونحن نقول القمر مخلوق من مخلوقات الله تعالى يفعل فيه ما يشاء كما يفنيه ويكوره في آخر أمره
3868 - حدثني ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( بشر بن المفضل ) حدثنا ( سعيد بن أبي عروبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن أنسا لم يدرك هذا وقد مضى هذا في باب سؤال المشركين أن يريهم النبي آية فأراهم انشقاق القمر وأخرجه هناك من حديث شيبان عن قتادة عن أنس ومن حديث سعيد عن قتادة عن أنس وفيه فأراهم انشقاق القمر وههنا فأراهم القمر شقتين إلى آخرهم وشقتين بكسر الشين المعجمة أي نصفين وهكذا وقع في رواية مسلم وفي ( مصنف عبد الرزاق ) عن معمر بلفظ مرتين وكذلك أخرجه الإمام أحمد وإسحاق في ( مسنديهما ) عن عبد الرزاق وقد اتفق البخاري ومسلم عليه من رواية شعبة عن قتادة بلفظ فرقتين قوله حتى رأوا حراء أي جبل حراء بينهما أي بين الشقتين و حراء بكسر الحاء المهملة وبالمد جبل على يسار السائر من مكة إلى منى وقد مر بيانه مستقصى في بدء الوحي
3869 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) عن ( أبي معمر ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال انشق القمر ونحن مع النبي بمنى فقال اشهدوا وذهبت فرقة نحو الجبل
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان اسمه عبد الله وقد تكرر ذكره وأبو حمزة بالحاء المهملة وبالزاي اسمه محمد بن ميمون اليشكري والأعمش سليمان وإبراهيم هو النخعي وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وقد مضى هذا الحديث في باب سؤال المشركين إن يريهم النبي آية فإنه أخرجه هناك عن صدقة بن الفضل عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود وانشق القمر على عهد رسول الله شقتين فقال النبي اشهدوا قوله عن الأعمش عن إبراهيم وفي رواية السرخسي والكشميهني في آخر الباب من وجه آخر عن الأعمش حدثنا إبراهيم قوله عن أبي معمر هذا هو المحفوظ ووقع في رواية ابن مردويه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ووقع في رواية أبي نعيم عن شعبة عن الأعمش ووقع في التفسير عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر وهو المشهور
قوله ونحن مع النبي الواو فيه للحال وفي رواية مسلم من طريق علي بن سهل عن الأعمش بينما نحن مع النبي بمنى إذ انفلق القمر فإن قلت يعارضه قول أنس أن ذلك كان بمكة قلت لا معارضة لأنه لم يصرح أنه كان ليلة إذ بمكة ولئن سلمنا التصريح بذلك فمنى من جملة مكة والذي وقع في رواية الطبراني من

(17/10)


حديث زر بن حبيش عن ابن مسعود قال انشق القمر بمكة فرأيته فرقتين فهو محمول على ما ذكرناه وكذا كل ما روي نحوه قوله اشهدوا أي اضبطوا هذا القدر بالمشاهدة قوله وذهبت فرقة نحو الجبل أي ذهبت قطعة في ناحية جبل حراء وبقيت ناحية في مكانه وقال الكرماني والمشهور أنهما التأما في الحال لا بعد الغروب ثم قال فإن قلت ما التلفيق بينه وبين ما قال رأوا حراء بينهما قلت إذا نزلت قطعة تحت حراء وبقيت قطعة منه فهو بينهما وكذا إذا ذهبت الفرقة عن يمين حراء أو شماله أو الانشقاق كان مرتين
وقال أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله انشق بمكة
أبو الضحى مسلم بن صبيح بضم الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة الكوفي ومسروق هو ابن الأجدع وعبد الله هو ابن مسعود وظاهر هذا تعليق وصله أبو داود الطيالسي عن أبي عوانة وقيل يحتمل أن يكون هذا معطوفا على قوله عن إبراهيم فإن أبا الضحى من شيوخ الأعمش فيكون للأعمش فيه إسنادان قلت الإحتمال الناشيء عن غير دليل لا يعتبر به
وتابعه محمد بن مسلم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله
أي تابع إبراهيم في روايته عن أبي معمر محمد بن مسلم الطائفي عن عبد الله بن أبي نجيح واسمه يسار ضد اليمين ومتابعته إياه في قوله إن ذلك كان بمكة لا في جميع سياق الحديث ووصل هذه المتابعة عبد الرزاق في ( مصنفه ) ورواه البيهقي من طريقه في ( دلائل النبوة ) عن ابن عيينة ومحمد بن مسلم جميعا عن ابن أبي نجيح بهذا الإسناد ولفظه رأيت القمر منشقا شقتين شقة على أبي قبيس وشقة على السويد وهي ناحية خارج مكة عندها حبل فإن قلت هذا يعارض حديث أنس المذكور قلت يحمل على التعدد وقال الزمخشري كان الانشقاق مرتين وقيل التعبير بأبي قبيس من تعبير بعض الرواة
3870 - حدثنا ( عثمان بن صالح ) حدثنا ( بكر بن مضر ) قال حدثني ( جعفر بن ربيعة ) عن ( عراك بن مالك ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ) عن ( عبد الله بن عباس ) رضي الله تعالى عنهما أن القمر انشق على زمان رسول الله ( انظر الحديث 3638وطرفه )
الحديث مضى في باب سؤال المشركين أن يريهم النبي آية فإنه أخرجه هناك عن خلف بن خالد القرشي حدثنا بكر بن مضر الخ وأخرجه هنا عن عثمان بن صالح السهمي المصري عن بكر بن مضر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وبالراء وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس كان حينئذ طفلا ابن سنتين أو ثلاث
3871 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( إبراهيم ) عن ( أبي معمر ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال انشق القمر
مضى هذا أيضا في الباب المذكور الآن ورجاله قد ذكروا عن قريب وفيما مضى غير مرة
37 -
( باب هجرة الحبشة )
أي هذا باب في بيان هجرة المسلمين من مكة إلى أرض الحبشة الهجرة في الأصل اسم من الهجر ضد الوصل وقد هجره هجرا وهجرانا ثم غلبت على الخروج من أرض إلى أرض وترك الأولى للثانية يقال منه هاجر مهاجرة وكان وقوع هجرة المسلمين من مكة إلى أرض الحبشة مرتين أولاهما كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث قال الواقدي أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة وأنهم انتهوا إلى البحر ما بين ماش وراكب فاستأجروا سفينة بنصف دينار إلى الحبشة وهم عثمان ابن عفان وامرأته رقية بنت رسول الله وأبو حذيفة بن عتبة وامرأته سهلة بنت سهيل والزبير ابن العوام ومصعب بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية وعثمان بن مظعون

(17/11)


وعامر بن ربيعة العنزي وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة وأبو سبرة بن أبي رهم وحاطب بن عمرو وسهيل بن بيضاء وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهم والثانية من الهجرة فكان أهلها اثنين وثمانين رجلا سوى نسائهم وأبنائهم وعمار بن ياسر يشك فيه فإن كان فيهم فقد كانوا ثلاثة وثمانين رجلا وقد ذكرناهم في ( تاريخنا الكبير ) على ما ذكره ابن إسحاق رحمه الله وجزم ابن إسحاق بأن ابن مسعود كان في الهجرة الثانية
وقالت عائشة قال النبي أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة
هذا تعليق سيأتي موصولا مطولا في باب الهجرة إلى المدينة قوله أريت بضم الهمزة على صيغة المجهول قوله لابتين تثنية لابة واللابة بتخفيف الباء الموحدة وهي الحرة ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها والمدينة ما بين حرتين عظيمتين والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء قوله قبل المدينة بكسر القاف وفتح الباء أي جهة المدينة وناحيتها فيه عن أبي موسى وأسماء عن النبي
أي في هذا الباب روى عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه وسيأتي في آخر الباب حديثه مسندا متصلا قوله وأسماء هي بنت عميس الخثعمية وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي لأمها روت عن النبي وكانت أولا تحت جعفر بن أبي طالب وهاجرت معه إلى أرض الحبشة ثم قتل عنها يوم مؤتة فتزوجها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فمات عنها ثم تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وحديثها سيأتي في غزوة خيبر إن شاء الله تعالى
3872 - حدثنا ( عبد الله بن محمد الجعفي ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) حدثنا ( عروة بن الزبير ) أن ( عبيد الله بن عدي بن الخيار ) أخبره أن ( المسور بن مخرمة وعبد الرحمان ابن الأسود بن عبد يغوث ) قالا له ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد بن عقبة وكان أكثر الناس فيما فعل به قال عبيد الله فانتصبت لعثمان حين خرج إلى الصلاة فقلت له إن لي إليك حاجة وهي نصيحة فقال أيها المرء أعوذ بالله منك فانصرفت فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى ابن عبد يغوث فحدثتهما بالذي قلت لعثمان وقال لي فقالا قد قضيت الذي كان عليك فبينما أنا جالس معهما إذ جاءني رسول عثمان فقالا لي قد ابتلاك الله فانطلقت حتى دخلت عليه فقال ما نصيحتك التي ذكرت آنفا قال فتشهدت ثم قلت إن الله بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ورسوله وآمنت به وهاجرت الهجرتين الأوليين وصحبت رسول الله ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد بن عقبة فحق عليك أن تقيم عليه الحد فقال لي يا ابن أخي أدركت رسول الله قال قلت لا ولكن قد خلص إلي من علمه ما خلص إلى العذراء في سترها قال فتشهد عثمان فقال إن الله قد بعث محمدا بالحق

(17/12)


وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ورسوله وآمنت بما بعث به محمد وهاجرت الهجرتين الأوليين كما قلت وصحبت رسول الله وبايعته والله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم استخلفت الله أبا بكر فوالله ما عصيته ولا غششته ثم استخلف عمر فوالله ما عصيته ولا غششته ثم استخلف أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم علي قال بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم فأما ما ذكرت من شأن الوليد بن عقبة فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق قال فجلد الوليد أربعين جلدة وأمر عليا أن يجلده وكان هو يجلده وقال يونس وابن أخي الزهري عن الزهري أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم ( انظر الحديث 3696 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله عثمان وهاجرت الهجرتين وهشام هو ابن يوسف الصنعاني والحديث قد مر في مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن شبيب عن سعيد عن أبيه عن يونس عن ابن شهاب عن عروة ومضى الكلام فيه هناك ولكن نتكلم هنا أيضا لأن الروايتين فيهما من الزيادة والنقصان على ما لا يخفى
قوله في أخيه الوليد بن عقبة وكان أخا عثمان لأمه وهاجر الهجرتين الأوليين بضم الهمزة وباليائين آخر الحروف تثنية أولى وهو على طريق التغليب بالنسبة إلى هجرة الحبشة فإنها كانت أولى وثانية وأما هجرة المدينة فلم تكن إلا واحدة وقال الكرماني والهجرتين الأوليين أي هجرة المدينة وهجرة الحبشة وإنما قال الأوليين أي بالنسبة إلى هجرة من هاجر بعده من الصحابة قلت الصواب ما ذكرناه قوله رأيت هديه بفتح الهاء وسكون الدال أي طريقته وسيرته قوله يا ابن أخي قال الكرماني يا ابن أخي سهو والصواب يا ابن أختي لأنه كان خاله إلا أن يقال إنه تكلم به على ما هو عادة العرب من قولهم يا ابن عمي ويا ابن أخي قوله قد خلص بفتحتين أي قد وصل والعذراء االبكر أراد أن علم الشريعة وصل إليه كما وصل إلى المخدرات قوله أربعين قيل مر فيما مضى أنه جلده ثمانين وأجيب بأن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد وقال بعض العلماء كان يضربه بسوط له طرفان فمن اعتبر الطرفين عده ثمانين ومن اعتبر نفس السوط عده أربعين قوله وبايعته بالباء الموحدة من المبايعة ويروى وتابعته بالتاء المثناة من فوق من المتابعة قوله قال يونس هو ابن يزيد الأيلي وابن أخي الزهري هو محمد بن عبد الله بن مسلم والزهري هو محمد بن مسلم وتعليق يونس وصله البخاري في مناقب عثمان وتعليق ابن أخي الزهري وصله قاسم ابن أصبغ في ( مصنفه ) ومن طريقه وصله ابن عبد البر في ( تمهيده ) والتعليقان والذي بعده من التفسير في رواية المستملي وحده
356 - ( حدثني محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال حدثني أبي عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصورا فيه تيك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة )
مطابقته للترجمة من حيث أن كلا من أم حبيبة وأم سلمة من المهاجرات إلى الحبشة فإنها أم حبيبة هاجرت في الهجرة الثانية مع زوجها عبد الله بن جحش فمات هناك ويقال أنه كان تنصر وتزوجها النبي بعده وأما أم سلمة فإنها قد هاجرت في الهجرة الأولى مع زوجها أبي سلمة بن عبد الأسد واسمها هند وأم حبيبة اسمها رملة بنت أبي

(17/13)


سفيان ويحيى هو ابن سعيد القطان وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب بناء المسجد على القبر فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة ومضى أيضا في كتاب الصلاة في باب الصلاة في البيعة أخرجه عن محمد عن عبدة عن هشام بن عروة الخ ومر الكلام فيه هناك
357 - ( حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا إسحاق بن سعيد السعيدي عن أبيه عن أم خالد بنت خالد قالت قدمت من أرض الحبشة وأنا جويرية فكساني رسول الله خميصة لها أعلام فجعل رسول الله يمسح الأعلام بيده ويقول سناه سناه قال الحميدي يعني حسن حسن )
مطابقته للترجمة في قوله قدمت من أرض الحبشة والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى وسفيان هو ابن عيينة وإسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص وجد أبيه هو سعيد بن العاص وهو ابن عم أم خالد المذكورة وأم خالد اسمها أمة بفتح الهمزة والميم وبالهاء وخالد هذا هو ابن الزبير بن العوام وبنت خالد بن سعيد بن العاص والحديث مضى بأتم منه وأطول في الجهاد وفي باب من تكلم بالفارسية والرطانة فإنه أخرجه هناك عن حبان بن موسى عن عبد الله عن خالد بن سعيد الخ ومضى الكلام فيه هناك والخميصة بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وهي ثوب خز أو صوف معلم وقيل لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة وجمعها خمائص قوله سناه بفتح السين المهملة وتخفيف النون كلمة حبشية معناها حسن كما فسره الحميدي شيخ البخاري -
3875 - حدثنا ( يحيى بن حماد ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( سليمان ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال كنا نسلم على النبي وهو يصلي فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله إنا كنا نسلم عليك فترد علينا قال إن في الصلاة شغلا فقلت لإبراهيم كيف تصنع أنت قال أرد في نفسي ( انظر الحديث 1199 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله فلما رجعنا من عند النجاشي وهو بفتح النون وتخفيف الجيم وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء وتخفيفها وهو اسم من ملك الحبشة ككسرى اسم من ملك الفرس وقيصر اسم من ملك الروم ويحيى بن حماد الشيباني البصري روى البخاري عنه بالواسطة في آخر الحيض وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس النخعي والحديث مضى في أواخر الصلاة في باب لا يرد السلام في الصلاة وأخرجه هناك عن عبد الله بن أبي شيبة عن ابن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم الخ وفيه كنت أسلم فلما رجعت سلمت عليه قوله لشغلا ويروى شغلا بلام التأكيد
3876 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( بريد بن عبد الله ) عن ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتى قدمنا فوافقنا النبي حين افتتح خيبر فقال النبي لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان
مطابقته للترجمة في قوله فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة وذلك من حيث إن النبي أطلق على ذلك هجرة حيث قال لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان
وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف

(17/14)


ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وبريد يروي عن جده أبي بردة عامر أو الحارث وقيل كنيته اسمه وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث أخرجه مقطعا في الخمس وفي المغازي وههنا وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي كريب وأبي عامر
قوله مخرج النبي المخرج بفتح الميم مصدر ميمي بمعنى الخروج والواو في ونحن باليمن للحال قوله فركبنا السفينة أي لنصل إلى مكة قوله فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي أراد أن الريح هاج عليهم فما ملكوا أمرهم حتى أوصلهم إلى بلاد الحبشة قوله فوافقنا بالفاء وسكون القاف في الموضعين فإن قلت روى أحمد بإسناد حسن عن ابن مسعود قال بعثنا النبي إلى النجاشي ونحن نحوا من ثمانين رجلا فيهم عبد الله بن مسعود وجعفر بن أبي طالب عبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وأبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم الحديث قلت المذكور هنا هو الصحيح ومع هذا فقد يمكن الجمع على تقدير صحة الخبرين بأن يكون أبو موسى هاجر أولا إلى مكة فأسلم فبعثه النبي مع من بعث إلى الحبشة فتوجه هو إلى بلاد قومه وهم مقابل الحبشة من الجانب الشرقي فلما تحققوا استقرار النبي وأصحابه بالمدينة هاجر هو ومن أسلم من قومه فألقتهم السفينة لأجل هيجان الريح إلى الحبشة فعلى هذا معنى قوله بلغنا مخرج النبي أي خروجه إلى المدينة وليس المعنى بلغنا مبعثه لأنه يبعد جدا أن يتأخر بعد علمه بمبعثه سنين عديدة قوله حين افتتح خيبر كان افتتاح خيبر في سنة سبع وعن الزهري في سنة ست وفي مسلم فوافقنا رسول الله حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال فأعطانا منها وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم قوله لكن أنتم يا أهل السفينة هجرتان يعني هجرة من مكة إلى الحبشة وهجرة من الحبشة إلى المدينة وأما الذين لم يهاجروا إلى الحبشة فليس لهم إلا هجرة واحد من المدينة إلى مكة
38 -
( باب موت النجاشي )
أي هذا باب في بيان موت النجاشي صاحب الحبشة وقد مر تفسير النجاشي عن قريب فإن قلت كان موت النجاشي بعد الهجرة سنة سبع وقيل سنة ثمان والأول قول الأكثرين فما وجه ذكره هنا قلت ذكره هنا استطرادا لكون المسلمين هاجروا
3877 - حدثنا ( أبو الربيع ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( ابن جريج ) عن ( عطاء ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه قال النبي حين مات النجاشي مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بموته وأمرهم بالصلاة عليه وليس فيه تاريخ موته وأبو الربيع هو سليمان بن داود وابن عيينة سفيان وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وعطاء هو ابن أبي رباح والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب الصفوف على الجنازة ومر الكلام فيه هناك قوله أصحمة بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وبالحاء المهملة وقيل بالمعجمة وفتح الميم وهو اسم النجاشي ملك الحبشة آمن برسول الله غائبا عنه وتفسيره بالعربية عطية
3878 - حدثنا ( عبد الأعلى بن حماد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) حدثنا ( قتادة ) أن ( عطاء ) حدثهم عن ( جابر بن عبد الله الأنصاري ) رضي الله تعالى عنهما أن نبي الله صلى على النجاشي فصفنا وراءه فكنت في الصف الثاني أو الثالث

(17/15)


مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى على النجاشي بعد إخباره بموته وسعيد هو ابن أبي عروبة والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة قوله فصفنابفتح الصاد وتشديد الفاء المفتوحة والضمير المرفوع فيه يرجع إلى رسول الله
3879 - حدثني ( عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( يزيد بن هارون ) عن ( سليم بن حيان ) حدثنا ( سعيد بن ميناء ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعا
مطابقته للترجمة من حيث أن النبي صلى على النجاشي بعد اخباره بموته وسعيد هو ابن ابي عروةوالحديث مضى في كتاب الجنائز في باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة قوله فصفنا بفتح الصاد وتشديد الفاء المفتوحة والضمير المرفوع فيه يرجع إلى رسول الله
ح ( دثني عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( يزيد بن هارون ) عن ( مسلم بن حيان ) حدثنا ( سعيد بن ميناء ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما أن النبي صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعا
مطابقته للترجمة مثل مطابقة ما قبله ويزيد هو ابن هارون وسليم بفتح السين المهملة وكسر اللام ابن حيان من الحياة ضد الموت وسعيد بن ميناء بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالنون ممدودا ومقصورا والحديث مضى في الجنائز في باب التكبير على الجنازة أربعا فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سنان عن سليم بن حيان الخ
( تابعه عبد الصمد )
أي تابع يزيد بن هارون عبد الصمد بن عبد الوارث في روايته إياه عن سليم بن حيان وقد مضى في الجنائز بيان من وصله
ح ( دثني عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( يزيد بن هارون ) عن ( مسلم بن حيان ) حدثنا ( سعيد بن ميناء ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما أن النبي صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعا
مطابقته للترجمة مثل مطابقة ما قبله ويزيد هو ابن هارون وسليم بفتح السين المهملة وكسر اللام ابن حيان من الحياة ضد الموت وسعيد بن ميناء بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالنون ممدودا ومقصورا والحديث مضى في الجنائز في باب التكبير على الجنازة أربعا فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سنان عن سليم بن حيان الخ
( تابعه عبد الصمد )
أي تابع يزيد بن هارون عبد الصمد بن عبد الوارث في روايته إياه عن سليم بن حيان وقد مضى في الجنائز بيان من وصله
3880 - حدثنا ( زهير بن حرب ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا أبي عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) قال حدثني ( أبو سلمة بن عبد الرحمن وابن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه أخبرهما أن رسول الله نعى لهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه وقال استغفروا لأخيكم
مطابقته للترجمة ظاهرة ويعقوب بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أصله مدني كان بالعراق وصالح هو ابن كيسان مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري وابن المسيب هو سعيد بن المسيب والحديث مضى في الجنائز في باب الصلاة على الجنازة بالمصلى فإنه أخرجه هناك عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب إلخ قوله نعى من نعى الميت ينعاه نعيا إذا أذاع موته وأخبر به وإذا ندبه
3881 - وعن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) قال حدثني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه ( أخبرهم ) أن رسول الله صف بهم في المصلى فصلى عليه وكبر أربعا
أي عن صالح بن كيسان المذكور وهو معطوف على الإسناد الأول الموصوف قوله حدثني أبو سلمة وسعيد بن المسيب هكذا هو في رواية الكشميهني وحده وفي رواية غيره حدثني سعيد هو ابن المسيب وذكر أبي سلمة زائدا لم يتابع عليه
39 -
( باب تقاسم المشركين على النبي )
أي هذا باب في بيان تقاسم المشركين أي تحالفهم على أن يجتمعوا ويقتلوا النبي على ما ذكره أصحاب السير فحماه الله تعالى ونصره عليهم
3882 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) قال حدثني ( إبراهيم بن سعد ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله حين أراد حنينا منزلنا غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر

(17/16)


مطابقته للترجمة في قوله حيث تقاسموا على الكفر وتقاسمهم على الكفر هو تقاسمهم على قتل النبي وهو من أعظم الكفر وأشده والحديث مضى في باب نزول النبي بمكة فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري إلخ فإن قلت لفظه هناك حين أراد قدوم مكة وهنا حين أراد حنينا أي حين قصد غزوة حنين والخيف ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء وفيه مسجد الخيف قلت لا معارضة بينهما لأنه يحمل على أنه قال حين أراد دخول مكة في غزوة الفتح وفي ذلك القدوم غزا حنينا فإن قلت قد تقدم أيضا من طريق الأوزاعي عن الزهري بلفظ قال رسول الله من الغد يوم النحر وهو بمنى نحن نازلون غدا الحديث وهذا يدل على أنه قاله في حجة الوداع قلت يحمل على التعدد والله أعلم
40 -
( باب قصة أبي طالب )
أي هذا باب في بيان قصة أبي طالب واسمه عبد مناف واشتهر بكنيته وهو شقيق والد النبي ولذلك أوصى به عبد المطلب عند موته إليه فكفله إلى أن كبر واستمر على نصره بعد أن بعث إلى أن مات قبل الهجرة وله خمسون سنة إلا ثلاثة أشهر وأياما ويقال مات بعد خروجهم من الشعب وذلك في آخر السنة العاشرة
3883 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سفيان ) حدثنا ( عبد الملك ) حدثنا ( عبد الله بن الحارث ) حدثنا ( العباس بن عبد المطلب ) رضي الله تعالى عنه قال للنبي ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه بعض قصة أبي طالب ويحيى هو ابن سعيد القطان وسفيان هو الثوري وعبد الملك هو ابن عمير وعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعباس عم جده
والحديث أخرجه أيضا في الأدب عن موسى بن إسماعيل وأخرجه مسلم في الإيمان عن محمد بن أبي بكر وعبيد الله بن عمرو محمد بن عبد الملك وعن محمد بن حاتم وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن يحيى
قوله ما أغنيت عن عمك أي أي شيء دفعته عنه وماذا نفعته قوله يحوطك من حاطه إذا صانه وحفظه وذب عنه وتوفر على مصالحه قوله في ضحضاح بفتح الضادين المعجمتين وسكون الحاء المهملة الأولى وهو قريب القعر وضحضح الشراب إذا دق ويقال هو استعارة فإن الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب ويقال أيضا لما قرب من الماء والمعنى أنه خفف عنه العذاب وروى البزار من حديث جابر قيل للنبي هل نفعت أبا طالب قال أخرجته من النار إلى ضحضاح منها قوله في الدرك بفتح الراء وسكونها وفيه التصريح بتفاوت عذاب أهل النار فإن قلت أعمال الكفرة هباء منثورا لا فائدة فيها قلت هذا النفع من بركة رسول الله وخصائصه فإن قلت روى ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي أن يقول لا إلاه إلا الله فأبى فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها قلت في سنده من لم يسم ولو كان صحيحا لعارضه حديث الباب لأنه أصح منه فضلا عن أنه لم يصح
3884 - حدثنا ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( ابن المسيب ) عن أبيه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي وعنده أبو جهل فقال أي عم قل لا إلاه إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب

(17/17)


عن ملة عبد المطلب فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب فقال النبي لأستغفرن لك ما لم أنه عنه فنزلت ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ( التوبة 113 ) فنزلت ما كان للنبي الآية قيل في نزول هذه الآية في هذه القصة نظر لأنها عامة في حقه وحق غيره قوله إنك لا تهدي من أحببت ( القصص 56 )
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمود هو ابن غيلان أبو أحمد العدوي المروزي وابن المسيب هو سعيد يروي عن أبيه المسيب ابن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي وقيل قال الحفاظ لم يرو عن المسيب إلا سعيد والمشهور من شرط البخاري أنه لا يروي عمن له راو واحد وأجيب بأنه لعله أراد من غير الصحابة رضي الله تعالى عنهم
قوله لما حضرته الوفاة أي قربت وفاته وظهرت علاماتها وذلك قبل النزع والغرغرة قوله وعنده أبو جهل الواو فيه للحال وأبو جهل هو عمرو ابن هشام بن المغيرة المخزومي عدو الله فرعون هذه الأمة قوله أي عم أي يا عمي قوله كلمة منصوب لأنه بدل من مقول القول الذي هو لا إلاه إلا الله قوله أحاج بتشديد الجيم وأصله أحاجج وقد تقدم في آخر الجنائز بلفظ أشهد لك بها عند الله قوله بها أي بهذه الكلمة قوله وعبد الله بن أبي أمية هو ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وهو أخو أم سلمة التي تزوجها النبي بعد ذلك وقد أسلم عبد الله هذا يوم الفتح وقيل قبل الفتح واستشهد في تلك السنة في غزوة حنين قوله أترغب الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله فلم يزالا أي أبو جهل وعبد الله المذكور قوله يكلمانه ويروى يكلماه بإسقاط النون على لغة قليلة قوله على ملة خبر مبتدأ محذوف أي أنا على ملة عبد المطلب أي على ما كان يعتقده من غير دين الإسلام قوله ما لم أنه بضم الهمزة وسكون النون على صيغة المجهول أي ما لم ينهني الله عنه أي عن الاستغفار المذكور الذي دل عليه قوله لأستغفرن لك قوله ونزلت إنك لا تهدي من أحببت ( القصص 56 ) هذا ظاهر أنه نزل في قصة أبي طالب وروى أحمد من طريق أبي حازم عن أبي هريرة في قصة أبي طالب قال فأنزل الله إنك لا تهدي من أحببت ( القصص 56 ) وهذا كله ظاهر على أنه مات على غير الإسلام فإن قلت ذكر السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أسلم قلت مثل هذا لا يعارض ما في الصحيح والله أعلم
3885 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثنا ( ابن الهاد ) عن ( عبد الله بن خباب ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي وذكر عنده عمه فقال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه ( الحديث 3885 - طرفه في 6564 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه من جملة قصة ما أخبر النبي في هذا الحديث وابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن الهاد الليثي وعبد الله بن خباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى الأنصاري التابعي وأبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان الخدري
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الأيمان عن قتيبة عن الليث به قوله وذكر عنده على صيغة المجهول والواو فيه للحال وقال بعضهم يؤخذ من الحديث الأول أن الذاكر هو العباس بن عبد المطلب لأنه الذي سأل عن ذلك قلت لا يلزم من ذلك أن يكون الذاكر هو العباس لاحتمال أن يكون الذاكر غيره قوله يبلغ كعبيه قال السهيلي الحكمة فيه أن أبا طالب كان تابعا لرسول الله بجملته إلا أنه استمر ثابت القدم على دين قومه فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على دين قومه
368 - ( حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا ابن أبي حازم والدراوردي عن يزيد

(17/18)


بهذا وقال تغلي منه أم دماغه )
هذا طريق آخر عن إبراهيم بن حمزة أبي اسحق الربيري الأسدي المديني وهو من أفراده وابن أبي حازم هو عبد العزيز بن أبي حازم واسمه سلمة بن دينار والدراوردي هو عبد العزيز بن محمد روى له البخاري مقرونا بغيره هنا وفي مواضع وروى له مسلم وكلاهما يرويان عن يزيد بن الهاد المذكور في الحديث السابق قوله بهذا أي بالحديث المذكور ولفظه تغلي منه أم دماغه أي أصل دماغه وقال الدراوردي المراد أم رأسه وأطلق على الرأس الدماغ من تسمية الشيء بما يقاربه وجاء في الرقاق من حديث النعمان بن بشير نحوه وفي آخره كما يغلي المرجل بالقمقم والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم الإناء الذي يغلي فيه الماء وغيره والقمقم بضم القافين وسكون الجيم الأولى معروف وهو الذي يسخن فيه الماء قال ابن الأثير كذا وقع كما يغلي المرجل والقمقم وهذا أوضح إن صحت الرواية وقيل يحتمل أن تكون الباء بمعنى مع وقيل القمقم هو البسر كانوا يغلونه على النار استعجالا لنضجه فإن ثبت هذا فلا يبقى إشكال وفيه دليل على أن العذاب متفاوت وجاء في رواية ابن إسحاق أهون أهل النار عذابا من ينتعل نعلين من نار يغلي منهما دماغه حتى يسيل على قدميه
( باب حديث الإسراء )
أي هذا باب في بيان ما جاء في حديث الإسراء من القرآن والحديث
( وقول الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )
وقول الله بالجر عطف على حديث الإسراء قوله سبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل وأصله للتنزيه والمعنى أسبح الله الذي أسرى بعبده أي أنزهه من جميع النقائص والعيوب قوله بعبده والمراد به النبي وإنما لم يقل برسوله أو نبيه إشارة إلى أنه مع هذا الإكرام الذي أكرمه الله تعالى وهذا التعظيم الذي عظمه الله به هو عبده ومخلوقه لئلا يتغالوا فيه كما تغالت النصارى في المسيح حيث قالوا أنه ابن الله وكما تغالى طائفة من اليهود في عزير عليه الصلاة و السلام حيث قالوا أنه ابن الله تعالى وتعظم أن يكون له ابن بل هو واحد أحد فرد صمد ليس بأب ولا بابن قوله أسرى مأخوذ من السرى وهو سير الليل يقال أسرى وسرى إذا سار ليلا وكلاهما بمعنى واحد عند الأكثرين وقال الحوفي أسرى سار ليلا وسرى سار نهار وقيل أسرى سار من أول الليل وسرى سار من آخره ومعنى أسرى به أي جعل البراق ساريا به من المسجد الحرام وهو مسجد مكة إلى المسجد الأقصى وهو مسجد بيت المقدس قوله ليلا ظرف للإسراء وهو للتأكيد وفائدته دفع توهم المجاز لأن الإسراء قد يطلق على سير النهار كما ذكرناه ويقال هو إشارة إلى أن ذلك وقع في بعض الليل لا في جميعه والعرب تقول أسرى فلان ليلا إذا سار بعضه وسرى ليله إذا سار جميعه فإن قلت ما الحكمة في إسرائه إلى بيت المقدس ثم إلى السموات فهلا أسري به من المسجد الحرام إلى السموات قلت ليجمع في تلك الليلة بين رؤية القبلتين أو لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فرحل إليه ليجمع بين أشتات الفضائل أو لأنه محل المحشر وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية وكان الإسراء إليه فإن قلت هل كانت ليلة الإسراء هي ليلة المعراج أيضا أو هما متغايرتان قلت قال ابن دحية مال البخاري إلى أنهما متغايرتان لأنه أفرد لكل منهما ترجمة ورد عليه بأنه لا دلالة في ذلك على التغاير عنده بل كلامه في أول الصلاة ظاهر في اتحادهما لأنه ترجم باب كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء والصلاة إنما فرضت في المعراج فدل على اتحادهما عنده قلت فيه تأمل واختلف السلف في هذا فمنهم من ذهب إلى أنهما وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه بعد المبعث وهذا مذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين ومنه من ذهب إلى أن الإسراء كان في ليلة والمعراج في ليلة ومنهم من ذهب إلى أن ذلك كله وقع مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدا ومرة ثانية في اليقظة فقالوا الإسراء في اليقظة والمعراج في المنام والذين قالوا الإسراء

(17/19)


في ليلة والمعراج في ليلة أخرى وأنهما في اليقظة قالوا في الأول رجع من بيت المقدس وفي صبيحته أخبر قريشا بما وقع وفي الثاني أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به من ليلته إلى السماء إلى آخر ما وقع ومنهم من قال بوقوع المعراج مرارا منهم الإمام أبو شامة واستندوا في ذلك إلى ما أخرجه البزار وسعيد بن المنصور من طريق أبي عمران الجوني عن أنس رفعه قال بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه الصلاة و السلام فوكز بين كتفي فقمنا إلى صخرة مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الآخر فارتفعت حتى سدت الخافقين الحديث وفيه فتح لي باب من السماء ورأيت النور الأعظم قيل الظاهر أنها وقعت في المدينة -
3886 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( أبو سلمة بن عبد الرحمان ) سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله يقول لما كذبني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه ( الحديث 3886 - طرفه في 4710 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه مشتمل على بعض ما وقع في الإسراء ورجاله قد تكرر ذكرهم والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن أحمد بن صالح وأخرجه مسلم في الإيمان عن قتيبة عن ليث به وأخرجه الترمذي والنسائي جميعا في التفسير عن قتيبة به
قوله أبو سلمة سمعت جابر بن عبد الله كذا هو في رواية الزهري عن أبي سلمة وخالفه عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة فقال عن أبي هريرة أخرجه مسلم وهو محمول على أن لأبي سلمة فيه شيخين لأن في رواية عبد الله بن الفضل زيادة ليست في رواية الزهري قوله لما كذبني وفي رواية الكشميهني كذبتني بزيادة تاء التأنيث أي كذبتني في الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ( الإسراء 1 ) قوله قمت في الحجر بكسر الحاء وهو ما تحت ميزاب الرحمة وهو من جهة الشام قوله فجلا لي الله بيت المقدس أي كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته ووقع في رواية عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عند مسلم قال فسألوني عن أشياء لم أثبتها فكربت كربا لم أكرب مثله قط فرفعه الله إلي أنظر إليه ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به قال بعضهم يحتمل أنه حمل إلى موضع بحيث يراه ثم أعيد قلت لا طائل في ذكر الاحتمال بل قوله فرفعه الله يدل قطعا على أن الله رفعه ووضعه بين يديه قطعا والدليل عليه ما روي عن ابن عباس فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع عند دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه وهذا أبلغ في المعجزة ولا استحالة فيه فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين وفي حديث أم هانىء عند ابن سعد أنهم قالوا له كم للمسجد من باب قال ولم أكن عددتها فجعلت أنظر إليه وأعدها بابا بابا وفيه عند أبي يعلى أن الذي سأله عن صفة بيت المقدس هو المطعم بن عدي والد جبير بن مطعم قوله فطفقت أخبرهم بكسر الفاء وسكون القاف وهو من أفعال المقاربة ومعناه الأخذ في الفعل قوله عن آياته أي علاماته وأوضاعه وأحواله قوله وأنا أنظر إليه أي إلى بيت المقدس والواو فيه للحال
42 -
( باب المعراج )
أي هذا باب في بيان المعراج هكذا وقع في رواية الأكثرين وفي رواية النسفي قصة المعراج أي هذه قصة المعراج بكسر الميم قال بعضهم وحكى ضمها قلت هذا غير صحيح وهو من عرج يعرج عروجا إذا صعد قال ابن الأثير المعراج بالكسر شبه السلم مفعال من العروج الصعود كأنه آلة له واختلف في وقت المعراج فقيل إنه كان قبل المبعث وهو شاذ إلا إذا حمل على أنه وقع في المنام فله وجه وقيل كان قبل الهجرة بسنة في ربيع الأول وهو قول الأكثرين حتى بالغ ابن حزم فنقل الإجماع على ذلك وقال السدي قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر وأخرجه من طريقه الطبري والبيهقي فعلى هذا كان في شوال وحكى ابن عبد البر أنه كان في رجب وجزم به النووي وقيل بثمانية عشر شهرا حكاه عبد البر أيضا وقيل كان قبل الهجرة بسنة وثلاثة أشهر فعلى هذا يكون في ذي الحجة وبه جزم ابن فارس وقيل كان قبل الهجرة بثلاث سنين

(17/20)


حكاه ابن الأثير وحكى عياض عن الزهري أنه كان بعد المبعث بخمس سنين وروى ابن أبي شيبة من حديث جابر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم قالا ولد رسول الله يوم الإثنين وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه مات
3887 - حدثنا ( هدبة بن خالد ) حدثنا ( همام بن يحيى ) حدثنا ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) عن ( مالك بن صعصعة ) رضي الله تعالى عنهما أخبرنا أن النبي حدثهم عن ليلة أسري به بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فقد قال وسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقا له الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال أنس نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هاذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل من هاذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إلى إدريس قال هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا هارون قال هاذا هاارون فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل من معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا موسى فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكي قيل له

(17/21)


ما يبكيك قال أبكي لأن غلاما بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا إبراهيم قال هذا أبوك فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام قال مرحبا بالإبن الصالح والنبي الصالح ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران فقلت ما هذان يا جبريل قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع لي البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلوات خمسين صلاة كل يوم فرجعت فمررت على موسى فقال بما أمرت قال أمرت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال بما أمرت قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي
مطابقته للترجمة ظاهرة والكلام فيه على أنواع
الأول في رجاله وهم خمسة الأول هدبة بضم الهاء وسكون الدال المهملة وبالباء الموحدة ابن خالد القيسي المصري أخو أمية ويقال هداب وروى عنه مسلم أيضا مات سنة خمس أو ست أو سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين الثاني همام بتشديد الميم الأولى ابن يحيى بن دينار العوذي البصري مات سنة ثلاث وستين ومائة في رمضان الثالث قتادة بن دعامة السدوسي الأعمى البصري التابعي الرابع أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه الخامس مالك بن صعصعة بفتح الصادين المهملتين وسكون العين المهملة الأولى المدني الأنصاري البصري
النوع الثاني في لطائف إسناده منها أن هؤلاء كلهم بصريون ومنها أن فيه رواية الصحابي عن الصحابي ومنها أن مالك بن صعصعة ليس له في البخاري ولا في غيره سوى هذا الحديث ولا يعرف روى عنه إلا أنس بن مالك ومنها أن قوله عن أنس بالعنعنة وقد مضى في أول بدء الخلق من وجه آخر عن قتادة حدثنا أنس رضي الله تعالى عنه
النوع الثالث أنه روى ما يتعلق بالإسراء في مواضع منها في أول كتاب الصلاة من حديث ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن أبي ذر ومنها في بدء الخلق في باب ذكر الملائكة من حديث هدبة عن همام عن قتادة عن أنس ومن حديث خليفة عن يزيد بن زريع عن سعيد وهشام كلاهما عن قتادة عن أنس عن

(17/22)


مالك بن صعصعة ومنها ههنا عن هدبة أيضا فانظر إلى تفاوت ما بين روايتي هدبة من زيادة ونقصان
النوع الرابع في أن مسلما أخرجه في الإيمان عن موسى وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن بشار وعن ابن أبي عدي ببعضه وقال وفي الحديث قصة وأخرجه النسائي في الصلاة عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي بطوله وعن إسماعيل بن مسعود وطول فيه
النوع الخامس في معناه فقوله أن نبي الله ويروى أن النبي قوله حدثهم ويروى حدثني بإفراد الضمير المنصوب قوله عن ليلة أسري به على صيغة المجهول وهي صفة لليلة والضمير فيه يرجع إلى النبي وهذا رواية الكشميهني بزيادة لفظة به وفي رواية غيره أسرى دون لفظ به قوله بينا أنا قد ذكرنا غير مرة أن بين ظرف زيدت فيه الألف وربما تزاد فيه الميم أيضا ويضاف إلى جملة وهي مبتدأ وفي الحطيم خبره أي كائن أو مستقر فيه والمراد بالحطيم الحجر هنا على الأصح واستبعد قول من قال المراد به ما بين الركن والمقام أو بين زمزم والحجر وسمي الحطيم لأنه حطم من جداره فلم يسو ببناء الكعبة وترك خارجا منه وقال النضر إنما سمي الحجر حطيما لأن البيت رفع وترك ذلك محطوما وكذلك قال الخطابي قوله وربما قال في الحجر هو شك من قتادة قوله مضطجعا نصب على الحال من قوله أنا وفي رواية بين النائم واليقظان فإن قلت في رواية شريك التي تأتي في التوحيد في آخر الحديث فلما استيقظت قلت إن كانت القصة متعددة فلا إشكال وإلا فالمعنى أفقت مما كنت فيه من شغل البال بمشاهدة الملكوت فإن قلت قد تقدم في أول بدء الخلق بينا أنا عند البيت ووقع في رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر فرج سقف بيتي وأنا بمكة وفي رواية الواقدي بأسانيده أنه أسري به من شعب أبي طالب وفي حديث أم هانىء عند الطبراني أنه بات في بيتها قالت ففقدته من الليل فقال إن جبريل عليه الصلاة و السلام أتاني قلت الجمع بين هذه الأقوال أنه نام في بيت أم هانىء وبيتها عند شعب أبي طالب ففرج سقف بيته وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس ثم أخرجه الملك إلى باب المسجد فأركبه البراق قوله إذ أتاني جواب بينا قوله آت هو جبريل عليه الصلاة و السلام وأصله أتى فاعل إعلال قاض قوله فقد بالقاف وتشديد الدال أي فشق وهو المستفاد من قوله قال وسمعته يقول فشق وفاعل قال قتادة والمقول عنه أنس وتوضحه رواية أحمد قال قتادة وربما سمعت أنسا يقول فشق قوله فقلت للجارود القائل قتادة والجارود بالجيم وضم الراء وبالدال المهملة ابن أبي سبرة بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة وبالراء الهذلي التابعي صاحب أنس وقد أخرج له أبو داود من روايته عن أنس حديثا غير هذا قوله من ثغرة بضم الثاء المثلثة وسكون الغين المعجمة وهي ثغرة النحر التي بين الترقوتين قوله إلى شعرته بكسر الشين المعجمة وهو شعر العانة قوله من قصه بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهو رأس الصدر قوله إلى شعرته وقال الكرماني ويروى بدل الشعرة الثنة بضم الثاء المثلثة وتشديد النون وهي ما بين السرة والعانة وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة المعراج وقال إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد ورد بأنه ثبت شق الصدر أيضا عند البعثة ثم وقع أيضا عند إرادة العروج إلى السماء ولا إنكار في ذلك لكونه من الأمور الخارقة للعادة لصلاحية القدرة وإظهار المعجزة ثم الحكمة في الأول وهو في حال الطفولية لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان ولهذا قال في حديث أنس عند مسلم هذا حظ الشيطان منك وذلك العلقة التي أخرجها وفي الثاني أعني عند البعث ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال وفي الثالث أعني عند العروج إلى السماء ليتأهب للمناجاة قوله بطست بفتح الطاء وكسرها وسكون السين المهملة وبالتاء المثناة من فوق وقد تحذف وهو الأكثر وقد يؤنث باعتبار الآنية وإنما خص الطست لكونه أشهر آلات الغسل عرفا وخص الذهب لكونه الأعلى أواني الحسية وأصفاها ولأن للذهب خواص ليست لغيره وهي أنه لا تأكله النار ولا يبليه التراب ولا يلحقه الصدى وهو أثقل الجواهر فناسب ثقل الوحي فإن قلت استعمال الذهب حرام للرجال قلت لعل ذلك قبل التحريم وقيل إنه مخصوص بأحوال الدنيا وما وقع في تلك الليلة يلحق بأحكام الآخرة لأن الغالب أنه من أحوال

(17/23)


الغيب قوله مملوءة صفة الطست وقد ذكرنا أنه يؤنث باعتبار الآنية قوله إيمانا نصب على التمييز وزاد في بدء الخلق وحكمه وقال النووي معناه أن الطست كان فيه شيء تحصل به زيادة في كمال الإيمان وكمال الحكمة فإن قلت الملء المذكور حقيقة أم مجاز قلت يجوزان أن يكون حقيقة لأن تجسد المعاني جائز كما جاء في وزن الأعمال يوم القيامة وقال البيضاوي لعل ذلك من باب التمثيل إذ تمثيل المعاني قد وقع كثيرا كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط وفائدته كشف المعنوي بالمحسوس قوله فغسل قلبي وفي رواية لمسلم فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم وفيه فضيلة ماء زمزم على جميع المياه فإن قلت لم لم يغسله بماء الجنة قلت لما اجتمع في زمزم من كون أصل مائها من الجنة ثم استقر في الأرض فأريد بذلك بقاء بركة النبي في الأرض ويقال لبقاء بركة إسماعيل عليه الصلاة و السلام فإنه ركضه قوله حشي على صيغة المجهولالضمير فيه يرجع إلى القلب ثم أعيدأي قلبه إلى حالته الأولى قولهثم اتيت على صيغة المجهول أيضا فإن قلت ما الحكمة في أنه أتى بدابة فلم لم تطوله الأرض قلت إنما فعل ذلك تأنيسا له بالعادة في مقام خرق العادة وأيضا أن الملك إذا طلب من يحبه يبعث إليه مركوبا ووقع في خاطري من الفيض الإلهي أن طي الأرض يشترك فيه الأولياء بخلاف المركوب الذي يقطع المساقاة البعيدة براكبه أسرع من طرفة العين فإنه مخصوص بالأنبياء عليهم السلام قوله دون البغل وفوق الحمار الحكمة في كون هذه الدابة بهذه الصفة الإشارة إلى الإسراع الشديد بدابة لا توصف بذلك في العادة أو باعتبار أن الركوب كان في سلم وأمن لا في حرب وخوف قوله أبيض صفة دابة والتذكير باعتبار أنها البراق أو باعتبار أنها المركوب وكونه أبيض باعتبار أنه أصل الألوان أو باعتبار أنه كان يحب البياض قوله فقال له أي لأنس والجارود فاعل قال قوله هو البراق أي الدابة المذكورة المتصفة بالصفة المذكورة هو البراق بهمز مقدرة وتذكير الضمير باعتبار لفظ البراق وإنما قال الجارود هو البراق لأن أنسا رضي الله تعالى عنه لم يتلفظ بلفظ البراق في رواية قتادة عنه قوله يا أبا حمزة خطاب لأنس لأنه كنيته قوله يضع خطوه بفتح الخاء المعجمة وهو المرة وبالضم بعدما بين القدمين في المشي قوله طرفه بفتح الطاء المهملة وسكون الراء وبالفاء وهو نظر عينه فإنه يضع خطوه عند منتهى ما يرى يبصره وهذا يدل على أنه كان يمشي على وجه الأرض ولكن بالمشي الموصوف
وروى ابن سعد عن الواقدي بأسانيده له جناحان فهذا يدل على أنه يطير بين السماء والأرض ويدل على وصفه بالمشي ما روي عن ابن مسعود عند أبي يعلى والبزار إذا أتى على جبل ارتفعت رجلاه فإذا هبط ارتفعت يداه وعن ابن عباس رواه الثعلبي بسند ضعيف له خد كخد الإنسان وعرف كالفرس وقوائم كالإبل وأظلاف وذنب كالبقر وكان صدره ياقوتة حمراء قلت البراق بضم الباء الموحدة مشتق من البريق وهو اللمعان سمي به لنصوع لونه وشدة بريقه أو هو مشتق من البرق سمي به لشدة حركته وسرعة مشيه كالبرق وقال ابن أبي حمزة خص البراق بذلك إشارة إلى الاختصاص به لأنه لم ينقل أن أحدا ملكه بخلاف غير جنسه من الدواب قلت هذا يدل على أن غير نبينا لم يركب البراق وبه قال ابن دحية أيضا ولكن رد هذا بما رواه الترمذي من رواية قتادة عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ليلة أسري به أتى بالبراق مسرجا ملجما فاستصعب عليه فقال له جبريل عليه الصلاة و السلام ما حملك على هذا فوالله ما ركبك خلق قط أكرم على الله منه قال فارفض عرقا وقال الترمذي حسن غريب وصححه ابن حبان وفي رواية النسائي وابن مردويه وكانت تسخر للأنبياء عليهم السلام قبله أي كانت الدابة التي تسمى بالبراق تسخر للأنبياء قبل النبي ونحوه في حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق وهذا يصرح على أن البراق كان معدا لركوب الأنبياء وجاء أن إبراهيم عليه الصلاة و السلام لما كان يريد زيارة هاجر وإسماعيل عليهما السلام وهما في مكة كان يركب البراق ثم الحكمة في نفرته مختلف فيها فقال ابن بطال بعد عهده بالأنبياء وطول الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وقال غيره قال جبريل عليه السلام للنبي حين شمس به البراق لعلك يا محمد مسست الصفراء اليوم يعني الذهب فأخبر النبي أنه ما مسها إلا أنه مر بها فقال تبا لمن يعبدك من دون اللهد وما شمس إلا لذلك

(17/24)


وقال ابن التين إنما استصعب البراق تيها وزهوا بركوب النبي وأراد جبريل استنطاقه فلذلك خجل وارفض عرقا من ذلك وقريب من ذلك رجفة الجبل به حتى قال له اثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيد فإنها هزة الطرب لا هزة الغضب وسمع العبد الضعيف من مشايخه الثقاة أنه إنما شمس به ليعده الرسول بالركوب عليه يوم القيامة فلما وعده بذلك قرو ذلك لأنه جاء في التفسير في قوله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى ( الضحى 6 ) أن الله أعد له في الجنة أربعين ألف براق ترتع في مروج الجنة
قوله فحملت عليه على صيغة المجهول أي على البراق وذكر في ( شرف المصطفى ) كان الذي أمسك بركابه جبريل عليه الصلاة و السلام وبزمام البراق ميكائيل عليه الصلاة و السلام فإن قلت لما ركب النبي البراق ما فعل جبريل عليه السلام قلت وقع في حديث حذيفة عند أحمد قال أتى رسول الله بالبراق فلم يزال ظهره هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس قيل هذا لم يسنده حذيفة إلى النبي فيحتمل أنه قاله عن اجتهاد ويحتمل أن يكون جبريل رافقه في السير لا في الركوب وقال ابن دحية وغيره معناه وجبريل قائد أو سائق أو دليل قال وإنما جزمنا بذلك لأن قصة المعراج كانت كرامة للنبي فلا مدخل لغيره فيها ورد عليه ما قاله بما روى ابن حبان في ( صحيحه ) من حديث ابن مسعود أن جبريل عليه الصلاة و السلام حمله على البراق رديفا له وفي رواية الحارث في مسنده اتى بالبراق فركبه خلف جبريل عليه السلام فسار بهما فهذا صريح في ركوبه معه والله أعلم قوله فانطلق بي جبريل وفي روايته المتقدمة فانطلقت مع جبريل عليه السلام ولا مغايرة بينهما وفي حديث أبي ذر في أول الصلاة ثم أخذ بيدي فعرج بي وظاهر هذا يدل على أن جبريل كان دليلا له فيما قصد له قلت كونه دليلا لا ينافي ركوبه معه قوله حتى أتى السماء الدنيا ظاهره يدل على أنه استمر على البراق حتى عرج إلى السماء وتمسك به من زعم أن المعراج كان في ليلة غير ليلة الإسراء إلى بيت المقدس وكان في ليلة المعراج على معراج وهو سلم ويدل عليه ما رواه ابن إسحاق والبيهقي في ( الدلائل ) من حديث طويل وفيه فإذا أنا بدابة كالبغل مضطرب الأذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصليت ثم أتيت بالمعراج وفي رواية ابن إسحاق فأصعدن صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء الحديث وفي رواية كعب فوضعت له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل وفي ( شرف المصطفى ) في حديث أبي سعيد أنه أتي بالمعراج من جنة الفردوس وأنه منضد باللؤلؤ وعن يمينه ملائكة وعن يساره ملائكة وفي رواية ثابت عن أنس عن النبي قال أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء عليهم السلام ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فذكر القصة قال ثم عرج بي إلى السماء فإن قلت أنكر حذيفة رواية ثابت فربطته بالحلقة فروى أحمد والترمذي من حديث حذيفة قال تحدثون أنه ربطه أخاف أن يفر منه وقد سخر له عالم الغيب والشهادة قلت قال البيهقي المثبت مقدم على النافي لأن المثبت له زيادة علم على من نفي فهو أولى بالقبول وروى البزار من حديث بريدة لما كان ليلة أسري به جاء جبريل الصخرة التي ببيت المقدس فوضع إصبعه فيها فخرقها فشد بها البراق فإن قلت هل للباب الذي دخل منه جبريل والنبي من أبواب سماء الدنيا اسم قلت نعم وروى البيهقي حتى أتى إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة وعليه ملك يقال له إسماعيل تحت يده إثنا عشر ألف ملك قوله فاستفتح أي طلب فتح الباب قوله فقيل من هذا أي قال قائل من داخل الباب من هذا الذي يستفتح الباب قوله قيل جبريل أي قال قائل من خارج الباب ممن كان مع جبريل والنبي عليهما السلام هو جبريل عليه السلام قوله من معك يدل على أنهم أحسوا معه برفيق وإلا لكان السؤال بلفظ أمعك أحد فإن قلت من أين لهم هذا الإحساس قلت قال بعضهم يحتمل أن يكون بمشاهدة لكون السماء شفافة وفيه نظر لأن الأمر لو كان كذلك لما قالوا من هذا حين استفتح جبريل عليه السلام والأوجه أن يقال إن إحساسهم بذلك كان بزيادة أنوار ظهرت لهم دلت على أن جبريل لم يكن وحده قوله قال محمد أي قال جبريل معي محمد وفيه دليل على أن الاسم أولى وأوضح في التوضيح من

(17/25)


الكنية قوله قيل وقد أرسل إليه أي هل أرسل إليه ليعرج به إلى السماء الحكمة في قولهم هذا هي أن الله أراد إطلاع نبيه على أنه معروف عند الملأ الأعلى لأنهم قالوا أرسل إليه فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سيقع وإلا لكانوا يقولون من محمد مثلا قوله مرحبا به أي أصاب رحبا وسعة وكنى بذلك عن الانشراح واستنبط منه بعضهم جواز رد السلام بغير لفظ السلام ورد عليه بأن هذا لم يكن ردا للسلام فإنه كان قبل أن يفتح الباب والسلام ورده بعد ذلك قوله فنعم المجيء جاء كلمة نعم للمدح والمخصوص بالمدح محذوف وفيه تقديم وتأخير تقديره جاء فنعم المجيء مجيئه في خير وقت إلى خير أمة قوله فلما خلصت بفتح اللام أي وصلت قوله فإذا فيها آدم كلمة إذا للمفاجأة والضمير في فيها يرجع إلى السماء الدنيا قوله بالابن الصالح ذكر الابن لافتخاره بأبوة النبي ووصفه بالصالح لأن الصالح صفة تشمل خلال الخير ولذلك ذكره كل من الأنبياء الذين لاقاهم في السموات والصالح هو الذي يقوم بما يلزمه من حقوق الله وحقوق العباد قوله وهما ابنا خالة أي يحيى وعيسى لأن أم يحيى إيشاع بنت فاقوذا اخت حنة أم مريم وبيان ذلك أن زكريا عليه الصلاة و السلام وعمران بن ماثان كانا متزوجين بأختين إحداهما عند زكريا وهي إيشاع بنت فاقوذا والأخرى عند عمران وهي حنة بنت فاقوذا أم مريم فولدت إيشاع يحيى وولدت حنة مريم فتكون إيشاع خالة مريم وتكون حنة خالة يحيى فيطلق عليهما أنهما ابنا خالة بهذا الاعتبار ويروى إبنا الخالة بالألف واللام وفي رواية مسلم مثل رواية البخاري في منازل الأنبياء المذكورين فيه غير أن في رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر أنه لم يثبت أسماءهم وقال فيه وإبراهيم في السماء السادسة ووقع في رواية شريك عن أنس أن إدريس في الثالثة وهارون في الرابعة ورواية من ضبط أولى ولا سيما مع اتفاق قتادة وثابت فقتادة عند البخاري وثابت عند مسلم ووافقهما يزيد بن أبي مالك عن أنس إلا أنه خالف في إدريس وهارون فقال هارون في الرابعة وإدريس في الخامس ووافقهم أبو سعيد إلا أن في روايته يوسف في الثانية وعيسى ويحيى في الثالثة والأول أثبت فإن قلت كيف رأى هؤلاء الأنبياء عليهم السلام في السموات مع أن أجسادهم هي في قبورهم في الأرض قلت أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم ويقال أحضرت أجسادهم لملاقاة النبي تلك الليلة تشريفا وتكريما ويؤيده حديث عبد الرحمن بن هاشم عن أنس وفيه وبعث له آدم فمن دونه من الأنبياء فأمهم قوله فإذا يوسف وزاد مسلم في روايته عن ثابت عن أنس فإذا هو قد أعطى شطر الحسن وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي وأبي هريرة عند ابن عائذ والطبري فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب فإن قلت هذا يدل على أن يوسف كان أحسن من جميع الناس قلت روى الترمذي من حديث أنس ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم أحسنهم صوتا وأحسنهم وجها فعلى هذا حمل ما في حديث المعراج على غير النبي وحمله بعضهم على أن المراد أن يوسف أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا وفيه ما فيه قوله هذا إدريس فسلم عليه فإن قلت قال بعضهم إن إدريس في الجنة يدل عليه قوله تعالى ورفعناه مكانا عليا ( مريم 57 ) قيل المكان العلي هو الجنة قلت سمعت بعض مشايخي الثقاة أن إدريس لما أخبر بعروج النبي استأذن ربه أن يستقبله فأذن له فاستقبله ولقيه في السماء الرابعة فإن قلت كيف قال إدريس مرحبا بالأخ الصالح والحال أنه أب من آباء النبي وأنه جد أعلى لنوح عليه السلام لأن نوحا هو ابن لامك ابن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام قلت قد قيل عن إدريس أنه إلياس وأنه ليس بجد لنوح عليه السلام وقيل ليس فيه ما يمنع أن يكون إدريس أبا للنبي وإنما قال له بالأخ الصالح تأدبا وهو أخ وإن كان أبا فالأنبياء أخوة قوله فلما تجاوزت أي عديت موسى عليه السلام قوله قوله بكى أي موسى وكان بكاؤه حزنا على قومه وقصور عددهم وعلى فوات الفضل العظيم منهم ويقال لم يكن بكاء موسى حسدا معاذ الله فإن الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين فكيف بمن اصطفاه الله بل كان آسفا على ما فاته من الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجة بسبب

(17/26)


ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزمة لتنقيص أجره لأن لكل نبي مثل أجر كل من اتبعه ولهذا كان من اتبعه في العدد دون من اتبع نبينا مع طول مدتهم بالنسبة لمدة هذه الأمة قوله لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من يدخلها من أمتي قوله غلاما ليس للتحقير والاستصغار به بل إنما هو لتعظيم منة الله على رسول الله من غير طول العمر ويقال بل قال ذلك على سبيل التنويه بقدرة الله وعظيم كرمه إذا أعطى لمن كان في ذلك السن ما لم يعطه أحدا قبله ممن هو أسن منه
وفي هذا الموضع عبارات وقعت في أحاديث ففي رواية شريك عن أنس لم أظن أحدا يرفع علي وفي حديث أبي سعيد قال موسى يزعم بنو إسرائيل أني أكرم على الله وهذا أكرم على الله مني زاد الأموي في روايته ولو كان هذا وحده هان علي ولكن معه أمته وهم أفضل الأمم عند الله وفي رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أنه مر بموسى عليه الصلاة و السلام يرفع صوته فيقول أكرمته وفضلته فقال جبريل عليه الصلاة و السلام هذا موسى قلت ومن يعاتب قال يعاتب ربه فيك قلت ويرفع صوته على ربه قال إن الله قد عرف له حدته وفي حديث ابن مسعود عند الحارث وأبي يعلى والبزار سمعت صوتا وتذمرا فسألت جبريل عليه السلام فقال هذا موسى قلت على من تذمره قال على ربه قلت على ربه قال إنه يعرف ذلك منه فإن قلت ما وجه قوله لما أتى السماء السادسة فإذا موسى وقد قال في حديث آخر رأيت موسى ليلة الإسراء وهو يصلي في قبره قلت لا إشكال في ذلك على قول من يقول بتعدد الإسراء وعلى قول من يقول بأن الإسراء مرة واحدة فالجواب أن موسى عليه الصلاة و السلام صعد إلى السماء السادسة بعد أن رآه النبي في قبره حتى اجتمع به هناك وما ذلك على الله بعزيز ولا على موسى بكثير
قوله فإذا إبراهيم عليه الصلاة و السلام وهو في السماء السابعة على رواية البخاري وعلى رواية مسلم في السماء السادسة في رواية الزهري عن أنس حيث قال وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة وكذا في رواية البخاري في أول كتاب الصلاة في السماء السادسة وأجيب بأنه لا منافاة لاحتمال أن يكون في السادسة وصعد قبل رسول الله إلى السابعة وقيل يحتمل أنه جاء إلى السماء السادسة استقبالا وهو في السابعة على سبيل التوطن وعلى تعدد الإسراء لا إشكال فإن قلت ما الحكمة في الاقتصار على هؤلاء الأنبياء المذكورين فيه دون غيرهم منهم قلت للإشارة إلى ما سيقع له مع قومه مع نظير ما وقع لكل منهم ففي آدم ما وقع له من الخروج من الجنة فكذلك في النبي وقع له من الخروج من مكة وفي عيسى ويحيى على ما وقع له أول الهجرة من عداوة اليهود وتماديهم في البغي عليه وفي يوسف على ما وقع له مع إخوته فكذلك النبي ما وقع له من قريش في نصبهم الحرب له وفي إدريس على رفيع منزلته عند الله فكذلك النبي وفي هارون على أن قومه رجعوا إلى محبته بعد أن آذوه فكذلك النبي فأكثر قومه رجعوا إليه بعد العداوة وفي موسى على ما وقع له من معالجة قومه فكذلك النبي عالج قريشا وغيرهم أشد المعالجة وفي إبراهيم عليه الصلاة و السلام في استناده إلى البيت المعمور بما ختم الله له في آخر عمره من إقامة مناسك الحج وتعظيم البيت فكذلك النبي أقام مناسك الحج وعظم البيت وأمر بتعظيمه وقيل الحكمة فيه أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أمروا بملاقاة النبي ليلة المعراج فمنهم من أدركه في أول الوهلة ومنهم من تأخر فلحق ومنهم من فاته فإن قلت ما الحكمة في كون كل منهم في مكانه المذكور فيه قلت أما آدم فإنه أول الأنبياء وأول الآباء وهو الأصل فكان أولا في السماء الأولى وأما عيسى عليه السلام فإنه أقرب الأنبياء عهدا من نبينا ويليه يوسف عليه السلام لأن أمة محمد تدخل الجنة على صورته وأما إدريس فلقوله تعالى ورفعناه مكانا عليا ( مريم 57 ) والسماء الرابعة من السبع وسط معتدل وأما هارون فلقربه من أخيه موسى وموسى أرفع منه لفضل كلام الله وأما إبراهيم فلأنه الأب الأخير فناسب أن يتجدد للنبي يلقيه أنس لتوجهه بعده إلى عالم آخر والله أعلم قوله ثم رفعت إلى سدرة المنتهى الرفع تقريبك الشيء وقد قيل في قوله تعالى وفرش مرفوعة ( الواقعة 34 ) أي

(17/27)


مقربة لهم وكأنه أراد أن سدرة المنتهى استبينت له كل الاستبانة حتى اطلع عليها كل الاطلاع بمثابة الشيء المقرب إليه وفي معناه رفع لي البيت المعمور ورفع لي بيت المقدس وسميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يتجاوزها أحد إلا رسول الله و رفعت على صيغة للمتكلم هذا هكذا رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني رفعت بفتح العين وسكونه التاء أي رفعت السدرة لي أي لأجلي وفي رواية الأكثرين صلة رفعت كلمة إلى وفي رواية الكشميهني حرف الجر وهو اللام قوله فإذا نبقها كلمة إذا للمفاجأة و النبق بفتح النون وكسر الباء الموحدة وبسكونها أيضا وهو جمع نبقة وهو حمل السدر فإن قلت لم اختيرت السدة دون غيرها قلت لأن فيها ثلاثة أوصاف ظل ممدود وطعام لذيذ ورائحة زكية قوله مثل قلال هجر قال الخطابي القلال بكسر القاف جمع قلة بالضم وتشديد اللام وهي الجرار يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال وكانت معروفة عند المخاطبين فلذلك وقع التمثيل بها قال وهي التي وقع حد الماء الكثير بها في قوله إذا بلغ الماء قلتين ويقال القلة جرة كبيرة تسع قربتين وأكثر و هجر بفتح الهاء والجيم وهو اسم بلد بقرب مدينة النبي مذكر منصرف وهو غير هجر البحرين وقيل غير منصرف للعلمية والتأنيث قلت إذا جعل علما للبلدة يكون غير منصرف قوله الفيلة بكسر الفاء وفتح الياء جمع الفيل ووقع في بدء الخلق مثل آذان الفيول وهو جمع فيل أيضا قوله وإذا أربعة أنهار وفي بدء الخلق فإذا في أصلها أي في أصل سدرة المنتهى أربعة أنهار وفي رواية مسلم يخرج من أصلها فإن قلت وقع في ( صحيح مسلم ) من حديث أبي هريرة أربعة أنهار من الجنة النيل والفرات وسيحان وجيحان قلت أجيب بأنه يحتمل أن تكون سدرة المنتهى مغروسة في الجنة والأنهار تخرج من أصلها فيصح أنها من الجنة قوله نهران باطنان قال مقاتل هو السلسبيل والكوثر والباطن أجل من الظاهر لأن الباطن جعل في دار البقاء والظاهر جعل في دار الفناء قوله وأما الظاهران فالنيل والفرات النيل نهر مصر والفرات نهر بغداد بالجانب الغربي منها كذا قاله الكرماني وليس كذلك على ما نذكره الآن وهو بالتاء الممدودة في الخط في حالتي الوصل والوقف وقال الطيبي النيل والفرات يخرجان من أصلها ثم يسيران حيث أراد الله تعالى ثم يخرجان من الأرض ويسيران فيها وهذا لا يمنعه شرع ولا عقل وهو ظاهر الحديث فوجب المصير إليه قال القاضي يدل هذا على أن أصل السدرة في الأرض لخروج النيل والفرات من أصلها قلت لا يلزم من خروجهما من أصلها أن يكون أصلها في الأرض بل الأوجه ما ذكرناه قلت اتفقوا على أن مبدأ النيل من جبال القمر بالإضافة وبضم القاف وسكون الميم ويقال بفتح القاف والميم تشبيها للقمر في بياضه ينبع من اثني عشر عينا ثم ينبعث منها عشرة أنهار أحدها نيل مصر وهو أول العيون يجري على بلاد الحبشة في قفار ومفاوز وقال ابن الأثير ليس في الدنيا نهر أطول منه لأنه مسيرة شهرين في الإسلام وشهرين في النوبة وأربعة أشهر في الخراب والفرات اسم نهر بالكوفة قاله الجوهري واختلفوا في مخرجه على قولين أحدهما أنه من جبل ببلد الروم يقال له أفردخش بينه وبين قاليقلا مسيرة يوم والثاني أنه من أطراف أرمينية قوله ثم رفع لي البيت المعمور وزاد الكشميهني يدخله كل يوم سبعون ألف ملك وقد مر معنى رفع عن قريب قال الله تعالى والبيت المعمور وروي عن عطاء عن ابن عباس أنه قال اسمه الضراح بضم الضاد المعجمة وفي آخره حاء مهملة قال الصغاني ويقال له الضريح أيضا واختلف العلماء في أي موضع هو فقيل في السماء الدنيا وهو قول ابن عباس ومجاهد والربيع وقيل في السماء السادسة روي عن علي رضي الله تعالى عنه وقيل في السماء السابعة قاله مجاهد والضحاك وهو قول البخاري أيضا يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه ولا تنافي في هذه الأقوال لأنه يحتمل أن الله تعالى رفعه ليلة المعراج إلى السماء السادسة ثم إلى السابعة تعظيما للنبي حتى يراه في أماكن ثم أعاده إلى السماء الدنيا
قوله ثم أتيت بإناء على صيغة المجهول قوله هي الفطرة أنت عليها ويروى هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك قال القرطبي يحتمل أن يكون سبب تسمية اللبن فطرة لكونه أول شيء يدخل بطن المولود ويشق أمعاءه والسر في ميل النبي إليه دون غيره لكونه كان مألوفا فإن قلت وقع في حديث أبي هريرة عند ابن عائذ في حديث المعراج بعد ذكر إبراهيم قال ثم انطلقنا فإذا نحن

(17/28)


بثلاثة آنية مغطاة فقال لي جبريل يا محمد ألا تشرب مما سقاك ربك فتناولت أحدها فإذا هو عسل فشربت منه قليلا ثم تناولت الآخر فإذا هو لبن فشربت منه حتى رويت فقال ألا تشرب من الثالث قلت قد رويت قال وفقك الله وفي رواية البزار من هذا الوجه أن الثالث كان خمرا لكن وقع عنده أن ذلك كان ببيت المقدس وأن الأول كان ماء ولم يذكر العسل وفي حديث ابن عباس عند أحمد فلما أتى المسجد الأقصى قام يصلي فلما انصرف جيء بقدحين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل فأخذ اللبن الحديث ووقع في رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس أيضا إتيانه بالآنية كان ببيت المقدس قبل المعراج ولفظه ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه الصلاة و السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فأخذت اللبن فقال جبريل أخذت الفطرة ثم عرج إلى السماء وفي حديث شداد بن أوس فصليت في المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني فأتيت بإناءين أحدهما لبن والآخر عسل فعدلت بينهما ثم هداني الله فأخذت اللبن فقال شيخ بين يدي يعني لجبريل أخذ صاحبك الفطرة وفي حديث أبي سعيد عند إبن إسحاق في قصة الإسراء فصلى بهم يعني الأنبياء ثم أتى بثلاثة آنية إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء فأخذت اللبن الحديث وفي رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عند البخاري في الأشربة أتى رسول الله ليلة أسري به بإناء فيه خمر وإناء فيه لبن فنظر إليهما فأخذ اللبن فقال له جبريل عليه الصلاة و السلام الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك وفي رواية عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة عن أنس عن البيهقي فعرض عليه الماء والخمر واللبن فأخذ اللبن فقال له جبريل أصبت الفطرة ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمتك قلت قالوا بالجمع بين هذا الاختلاف إما بحمل ثم على غير بابها من الترتيب وإنما هي بمعنى الواو هنا وأما بوقوع عرض الآنية مرتين مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس بسبب ما وقع له من العطش ومرة عند وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة وأما الاختلاف في عدد الآنية وما فيها فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر ومجموعها أربعة آنية فيها أربعة أشياء من الأنهار الأربعة التي رآها تخرج من أصل سدرة المنتهى ولعله عرض عليه من كل نهر إناء والله أعلم
قوله وبما أمرت على صيغة المجهول ويروى بما أمرت بدون الألف قوله وعالجت بني إسرائيل أي مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت منهم من الطاعة والمعالجة مثل المجادلة ولكني أرضى وأسلم فيه حذف تقديره حتى استحييت فلا أرجع فإني إذا رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكني أرضى وأسلم وبهذا يجاب عما قيل لكن حقها أن تقع بين كلامين متغايرين معنى فما وجهه هنا وقال الطيبي ومراجعة النبي في باب الصلاة إنما جازت من رسولنا محمد وموسى عليهما السلام لأنهما عرفا أن الأمر الأول غير واجب قطعا فلو كان واجبا قطعا لا يقبل التخفيف وقيل في الأول فرض خمسين ثم رحم عباده ونسخها بخمس كآية الرضاع وعدة المتوفى عنها زوجها وفيه دليل على أنه يجوز نسخ الشيء قبل وقوعه قوله أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وفي رواية أنس عن أبي ذر التي تقدمت في أول الصلاة هن خمس وهن خمسون وفي رواية ثابت عن أنس عند مسلم حتى قال يا محمد خمس صلوات في كل يوم وليلة كل صلاة عشرة فتلك خمسون صلاة وفي رواية يزيد بن أبي مالك عند النسائي وأتيت سدرة المنتهى فغشيتني ضبابة فخررت ساجدا فقيل لي إني يوم خلقت السموات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها أنت وأمتك فذكر مراجعته مع موسى عليه الصلاة و السلام وفيه أنه فرض على بني إسرائيل فما قاموا بها وقال في آخره خمس بخمسين فقم بها أنت وأمتك فعرفت أنها عزمة من الله فرجعت إلى موسى فقال لي ارجع فلم ارجع فإن قلت ما الحكمة في وقوع المراجعة مع موسى عليه السلام دون غيره من الأنبياء قلت لأن ابتداء المراجعة كان موسى عليه الصلاة و السلام فلذلك وقعت معه وقيل قد قال موسى من كلامه أنه عالج بني إسرائيل على أقل من ذلك فما قبلوه وما وافقوه ويستفاد منه أن مقام الخلة مقام الرضا والتسليم ومقام التكليم مقام الإدلال والانبساط ومن ثمة استبد موسى بأمر النبي

(17/29)


بطلب التخفيف دون إبراهيم عليه السلام مع أن للنبي من الاختصاص بإبراهيم أزيد مما له من موسى لمقام الأبوة ورفعة المنزلة والاتباع في الملة
3888 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( عمرو ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ( الإسراء 60 ) قال هي رؤيا عين أريها رسول الله ليلة أسري به إلى بيت المقدس
مطابقته للترجمة ظاهرة والحميدي عبد الله بن الزبير وقد تكرر ذكره وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار والحديث أخرجه البخاري أيضا عن الحميدي في القدر وفي التفسير عن علي بن عبد الله وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن يحيى وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن منصور
قوله في قوله تعالى أي في تفسير قوله تعالى إلا فتنة أي بلاء قاله سعيد بن المسيب قوله رؤيا عين قيد به للإشعار بأن الرؤيا بمعنى الرؤية في اليقظة وقال الزمخشري تعلق بهذه الآية من قال كان الإسراء في المنام ومن قال كان الإسراء في اليقظة فسر الرؤيا بالرؤية ويقال قد أثبت الله تعالى في القرآن رؤيا القلب فقال ما كذب الفؤاد ما رأى ( النجم 11 ) ورؤيا العين فقال ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى ( النجم 17 ) الآية وروى الطبراني في ( الأوسط ) بإسناد قوي عن ابن عباس قال رأى محمد ربه مرتين ومن وجه آخر قال نظر محمد إلى ربه جعل الكلام لموسى والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد فظهر من ذلك أن مراد ابن عباس ههنا رؤيا العين وفيه رد لمن قال المراد بالرؤيا في هذه الآية رؤياه أنه دخل المسجد الحرام المشار إليها بقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ( الفتح 27 ) قال هذا القائل والمراد بقوله فتنة للناس ما وقع من صد المشركين له في الحديبية عن دخول المسجد الحرام انتهى قيل هذا وإن كان ممكنا أن يكون المراد لكن الاعتماد في تفسيرها على ترجمان القرآن أولى والله أعلم
قال والشجرة الملعونة في القرآن قال هي شجرة الزقوم
أراد بهذا تفسير الشجرة المذكورة في بقية الآية المذكورة وهذا التفسير مروي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك وقالوا أيضا ما جعل رؤياه التي رآها إلا فتنة للناس لأن جماعة ارتدوا وقالوا كيف يسري به إلى بيت المقدس في ليلة واحدة وقالوا في الشجرة كيف تكون في النار ولا تأكلها النار فكان في ذلك فتنة لقوم وانتصارا لقوم منهم الصديق رضي الله تعالى عنه وقيل إنما سمي الصديق حينئذ ومعنى كونها ملعونة للعن أكلها وقيل العرب تقول لكل طعام ضار مكروه ملعون والزقوم ما وصفه الله تعالى في كتابه العزيز فقال إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ( الصافات 6465 ) وهو فعول من الزقم وهو اللقم الشديد والشرب المفرط وفي الحديث أن أبا جهل قال إن محمدا يخوفنا شجرة الزقوم هاتوا الزبد والتمر وتزقموا أي كلوا وقيل أكل الزبد والتمر بلغة إفريقية الزقوم
43 -
( باب وفود الأنصار إلى النبي بمكة وبيعة العقبة )
أي هذا باب في بيان وفود الأنصار أي قدومهم إلى النبي وهو بمكة قوله وبيعة العقبة أي التي ينسب إليها جمرة العقبة وهي بمنى كان رسول الله يعرض نفسه على القبائل في كل موسم وأنه أتى كندة وبني حنيفة وبني كلب وبني عامر بن صعصعة وغيرهم فلم يجب أحد منهم إلى ما سأل وقال موسى بن عقبة عن الزهري كان يقول لهم لا أكره أحدا منكم على شيء بل أريد أن تمنعوا من يؤذيني حتى أبلغ رسالة ربي فلا يقبله أحد بل يقولون قوم الرجل أعلم به فبينا هو عند العقبة إذ لقي رهطا من الخزرج

(17/30)


فدعاهم إلى الله تعالى فأجابوه فجاء في العام المقبل إثنا عشر رجلا إلى الموسم من الأنصار أحدهم عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه فاجتمعوا برسول الله في العقبة وبايعوه وهي بيعة العقبة الأولى فجاء في العام الآخر سبعون إلى الحج فواعدهم رسول الله فلما اجتمعوا أخرجوا من كل فرقة نقيبا فبايعوه ثمة ليلا وهي البيعة الثانية
3889 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) وحدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( عنبسة ) حدثنا ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عبد الرحمان بن عبد الله بن كعب بن مالك ) أن ( عبد الله بن كعب وكان قائد كعب حين عمي ) قال سمعت ( كعب بن مالك ) يحدث حين تخلف عن النبي في غزوة تبوك بطوله قال ابن بكير في حديثه ولقد شهدت مع النبي ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها
مطابقته للترجمة في قوله ولقد شهدت إلى آخره وأخرج هذا الحديث من طريقين الأول عن يحيى بن بكير وهو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عن الليث بن سعد المصري عن عقيل بن خالد الأيلي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الرحمن على ما يجيء الآن والثاني عن أحمد بن صالح أبي جعفر المصري عن عنبسة بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبالسين المهملة ابن خالد بن يزيد الأيلي يروي عن عمه يونس بن يزيد عن ابن شهاب إلى آخره ومضى الحديث في الوصايا وفي صفة النبي وسيأتي في المغازي في موضعين وفي التفسير كذلك وفي الاستئذان وفي الأحكام مطولا ومختصرا ومضى فيه بعض الكلام
قوله قال ابن بكير في حديثه يريد أن اللفظ الذي سبق لعقيل لا ليونس قوله ولقد شهدت أي قال كعب حضرت العقبة الثانية قوله حين تواثقنا باالثاء المثلثة والقاف أي حين وقع بيننا الميثاق على ما تبايعنا عليه قوله إن لي بها أي بدلها وفي مقابلتها وما أحبه لأن هذه البيعة كانت في أول الإسلام ومنها فشا الإسلام وتأكدت أسبابه وأساسه قوله وإن كانت بدر أذكر كلمة أن واصلة بما قبلها قوله بدر أي غزوة بدر وقوله أذكر أفعل التفضيل بمعنى المذكور يعني أكثر شهرة وذكرا بين الناس
3890 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال كان ( عمرو ) يقول سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما يقول شهد بي خالاي العقبة ( الحديث 3890 - طرفه في 3891 )
مطابقته للترجمة في قوله شهد بي خالاي العقبة وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان بن عيينة وعمر هو ابن دينار والحديث من أفراده قوله خالاي تثنية خال مضاف إلى ياء المتكلم الخفيفة ويروى بالياء الثقيلة قاله الكرماني ثم قال أي مع خالي قلت لم أدر وجه ذلك على ما لا يخفى ويروى بالأفراد كما يجيء الآن قوله العقبة لم يفسرها أي عقبة هي الأولى أم الثانية وقال بعضهم هي العقبة الثانية وقال أبو عمر بن عبد البر هي العقبة الأولى كما يجيء عن قريب في ترجمة البراء والقول ما قالت حذام
قال أبو عبد الله قال ابن عيينة أحدهما البراء بن معرور
أبو عبد الله هو البخاري أي قال البخاري نفسه قال سفيان بن عيينة راوي الحديث أحد الخالين البراء بتخفيف الراء وبالمد ابن معرور بفتح الميم وسكون العين المهملة وضم الراء الأولى قال أبو عمر المعرور هو ابن صخر بن خنساء بن سنان ابن عبيد بن عدي بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي الخزرجي أبو بشر وأمه الرباب بنت النعمان وهو أحد النقباء ليلة العقبة الأولى وكان سيد الأنصار وكبيرهم وهو أول من استقبل الكعبة للصلاة إليها وأول من أوصى بثلث ماله مات في حياة

(17/31)


النبي قبل قدومه المدينة بشهر في صفر ولما قدم رسول الله المدينة أتى قبره في أصحابه وكبر عليه أربعا وصلى وفي بعض النسخ موضع قال أبو عبد الله قال عبد الله بن محمد وهو الجعفي أن ابن عيينة قال أحدهما البراء بن معرور كذا في رواية أبي ذر وغيره ووقع في رواية الإسماعيلي قال سفيان خالاه البراء بن معرور وأخوه ولم يسمه واعترض الدمياطي قول سفيان في الحديث فقال هذا وهم لأن أم جابر هي أنيسة بنت غنمة بن عدي وأخواها ثعلبة وعمر وهما خالا جابر وقد شهد العقبة الأخيرة وأما البراء بن معرور فليس هو من أخوال جابر انتهى وقال بعضهم لكنه من أقارب أمه وأقارب الأم يسمون أخوالا مجازا قلت لا ضرورة إلى الذهاب إلى المجاز من غير داع له مع شهرة النسب فيما بينهم لأن ثعلبة وعمرا ابنا غنمة بن عدي بن سنان بن عبيد ابن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة وشهد ثعلبة العقبة في السبعين وشهد بدرا وهو أحد الذين كسروا الهة بني سلمة قتل يوم الخندق شهيدا قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي قال أبو عمر وقيل قتل يوم خيبر شهيدا وأما عمرو أخوه فإنه شهد بيعة العقبة مع أخيه ثعلبة وهو أحد البكائين الذين نزلت فيهم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ( التوبة 92 ) الآية ومات وليس له عقب وقال صاحب ( التوضيح ) قال شيخنا في شرحه يريد والله أعلم بخالاي عبس بن عامر بن عدي بن سنان بن عبيد وخالد بن عدي بن سنان وذلك أن أمه أنيسة بنت غنمة وهذا أقرب من قول ابن عيينة أحدهما البراء بن معرور وأخوه لأنهم كلهم شهدوا العقبة لأن البراء من بني خنساء بن سنان بن عبيد إلى آخر ما ذكره الآن انتهى قلت كأنه أراد بشيخه علاء الدين مغلطاي فإن له شرحا على البخاري واعترض عليه بعضهم مما عاصرناه من أصحاب الدعاوى العريضة فقال أما عبس فقد رأيناه في الصحابة وأما خالد بن عدي بن سنان فلم نره في الصحابة إنما كان في كتاب ابن الأثير خالد بن عدي كان ينزل الأشعر قلت قال أبو عمر خالد بن عدي الجهني يعد في أهل المدينة وكان ينزل الأشعر روى عنه بشر بن سعيد وقال الذهبي له حديث في مسند أبي يعلى
3892 - حدثني ( إسحاق بن منصور ) أخبرنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( ابن أخي ابن شهاب ) عن ( عمه ) قال أخبرني ( أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله ) أن عبادة بن الصامت من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله ومن أصحابه ليلة العقبة أخبره أن رسول الله قال وحوله عصابة من أصحابه تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتون ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه قال فبايعته على ذلك
مطابقته للترجمة في قوله بايعوني وفي قوله فبايعته وإسحاق بن منصور بن مهران الكوسج أبو يعقوب المروزي

(17/32)


ويعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وهو يروي عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري وهو يروي عن عمه أبي بكر محمد بن مسلم وهو يروي عن أبي إدريس عائذ الله بصيغة اسم الفاعل من العوذ بالعين المهملة وبالذال المعجمة ابن عبد الله بن عمرو الخولاني العوذي ويقال العيذي أيضا كان من علماء أهل الشام وعبادهم وقرائهم مات سنة ثمانين والحديث قد مضى في أول كتاب الإيمان في باب مجرد فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري إلى آخره
3893 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( الليث ) عن ( يزيد بن أبي حبيب ) عن ( أبي الخير ) عن ( الصنابحي ) عن ( عبادة بن الصامت ) رضي الله تعالى عنه أنه قال إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله وقال بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا ننتهب ولا نعصي بالجنة إن فعلنا ذلك فإن غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى الله
مطابقته للترجمة في قوله بايعوا وفي قوله بايعناه وأبو الخير ضد الشر اسمه مرثد بفتح الميم وبالثاء المثلثة وسكون الراء بينهما وبالدال المهملة والصنابحي بضم الصاد المهملة وتخفيف النون وكسر الباء الموحدة وبالحاء المهملة واسمه عبد الرحمن ابن عسيلة مصغر عسلة بالمهملتين التابعي وأصله من اليمن خرج منها مهاجرا إلى النبي فمات وهو في الطريق
والحديث أخرجه أيضا في الديات عن عبد الله بن يوسف وأخرجه مسلم في الحدود عن قتيبة ومحمد بن رمح
قوله من النقباء وهم الأشراف وقيل الأمناء الذين يعرفون طرق أمورهم وقيل شهداء القوم وضمناؤهم قوله ولا تنتهب بالنصب أيضا عطفا على المنصوبات قبله أي لا نأخذ مال أحد بغير حقه وحمله بعضهم على العموم فمنعوا من النهب فيما أباحه مالكه في الأملاك وشبهها واحتج المجيز بأنه نحر بدنات وقال من شاء فليقطع قوله ولا نعصي بالعين والصاد المهملتين وهذه رواية أبي ذر وفي روزاية غيرة ولا نقضي بالقاف والضاد المعجمة ومعنى الأولى أن لا نعصي الله في شيء من ذلك قوله بالجنة متعلق بقوله بايعناه وحاصل المعنى أنا بايعناه على أن لا نفعل شيئا من المذكورات بمقابلة الجنة يعني يكون لنا الجنة عند ذلك ومعنى الثانية لا نقضي له بالجنة بل الأمر فيه موكول إلى الله تعالى لا حتم في شيء منه وقال الكرماني ويروى فالجنة بالفاء قلت ذكر ذلك وسكت فإن صحت الرواية بالفاء فالتقدير فالجنة جزاؤنا إن فعلنا ذلك قوله فإن غشينا بالغين والشين المعجمتين من الغشيان وهو الإصابة قوله شيئا بالنصب مفعول غشينا ويروى إن غشينا بفتح الياء على لفظ الماضي و نا مفعوله وقوله شيء بالرفع فاعله على هذه الرواية قوله كان قضاء ذلك أي كان الحكم فيه عند الغشيان من ذلك مفوضا إلى الله تعالى إن شاء عاقب وإن شاء عفا أللهم أعف عنا يا كريم
44 -
( باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها )
أي هذا باب في بيان تزويج النبي عائشة رضي الله تعالى عنها وكان ينبغي أن يقول باب تزويج النبي ووقع هكذا في بعض النسخ وقال الكرماني التزويج بمعنى التزوج نحو التقديم بمعنى التقدم والمراد تزويجه لنفسه إياها أو هو مضاف إلى المفعول الأول قلت هذا موضع التأمل والصواب هو الذي وقع في بعض النسخ باب تزوج النبي ووقع من رواية أبي ذر تزويج النبي بدون لفظة باب أي هذا بيان تزويج النبي قوله وقدومها أي وفي بيان قدوم عائشة المدينة وكان قدوم عائشة مع أمها وأختها أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلى المدينة بعد أبي بكر لأن أبا بكر هاجر مع النبي وبعد أن استقر ركاب النبي وأبو بكر بالمدينة بعد الهجرة بعثا زيد بن حارثة وأبا رافع مولى رسول الله ليأتيا بأهاليهم من مكة وبعثا معهما بجملين وخمسمائة درهم ليشتريا بها إبلا من قديد فذهبا فجاآ ببنتي النبي فاطمة وأم كلثوم وزوجته سودة وعائشة وأمها أم رومان فقدمن ونزلن بالسنح

(17/33)


ثم دخل رسول الله بعائشة بالسنح في منزل أبي بكر وكان بعد الهجرة بسبعة أشهر أو ثمانية أشهر واختلفوا في سنها يومئذ فقال الواقدي كانت بنت ست سنين وعن ابن عباس سبع سنين والأصح أنها كانت بنت تسع سنين لأنه تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي رسول الله وهي بنت ثمان عشرة سنة واختلفوا في أي شهر دخل بها فذكر البلاذري أنه في رمضان وعن ابن إسحاق والطبري في ذي القعدة بعد مقدمه المدينة بثمانية أشهر والأصح أنه في شوال لما روى مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة قالت تزوجني رسول الله في شوال وبنى بي في شوال الحديث قوله وبنائه بها أي وفي بيان بناء النبي بعائشة وقد اعترض على البخاري بأن الجوهري قال العامة تقول بنى بأهله وهو خطأ وإنما يقال بنى على أهله ورد على المعترض بأن الفصحاء استعملوه بالباء والدليل عليه قول عائشة بنى بي في شوال وسيأتي قول عروة في آخر الحديث وبنى بها والأصل في هذا أن الداخل على أهله يضرب عليه قبلة ليلة الدخول ثم قيل لكل داخل بأهله بان
377 - ( حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفي جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين )
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه مشتمل على تزوجه إياها وبنائه بها وفروة بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنه والحديث أخرجه ابن ماجة في النكاح عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر قوله فقدمنا المدينة قد ذكرنا قدومها عن قريب قوله فوعكت على صيغة المجهول أي حميت من الوعك وهي الحمى قوله فتمرق بالراء وفي رواية الكشميهني أي انتتف وفي رواية غيره بالزاي أي تقطع قوله فوفى بالفاء أي كثر وفيه حذف تقديره فنصلت من الوعك فنبر بي شعري فوفي قوله جميمة بالرفع فاعل وفي وقال ابن الأثير ومنه حديث عائشة حين بنى بها رسول الله قالت وفت لي جميمة أي كثرت والجميمة بالجيم مصغر الجمة بتشديد الميم والجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين وإذا كان إلى شحمة الأذنين يسمى وفرة قوله أم رومان عطف بيان لقولها أمي وهي كنية أم عائشة واسمها زينب بنت عامر بن عويمر قاله الذهبي وقال أبو عمر أم رومان يقال بفتح الراء وضمها بنت عامر ولم يذكر لها اسما ماتت في حياة النبي سنة ست من الهجرة فنزل النبي قبرها واستغفر لها وقال اللهم لم يخف عليك ما ألقيت أم رومان فيك وفي رسولك قوله لفي أرجوحة بضم الهمزة وإسكان الراء وضم الجيم وبالحاء المهملة نوع لعب للصبيان يطفرون به بين الجذعين بحبل وغيره وقال الجوهري ترجحت الأرجوحة بالغلام مالت به قوله لأنهج بالنون أي أتنفس تنفسا عاليا قال الكرماني وأنهج بلفظ المجهول يقال أنهج الرجل إذا غلبه التنفس من الإعياء والنهج تتابع النفس وقال ابن فارس يقال أتانا فلان ينهج أي مبهورا منقطع النفس وقال الهروي أنهج أريد التنفس يقال نهج وأنهج وقال أبو عبيد لا يقال نهج قوله وعلى خير طائر أي قدمت على خير قال وقيل على خير حظ ونصيب قوله فلم يرعني بضم الراء وسكون العين المهملة أي لم يفاجئني وإنما يقال ذلك في الشيء لا تتوقعه فيهجم عليك في غير زمانه أو مكانه ويقال معناه لم يفزعني شيء إلا دخوله علي وكنت

(17/34)


بذلك عن المفاجأة بالدخول على غير عالم بذلك فإنه يفزع غالبا قوله ضحى أي ظهرا ويروى قد ضحا وهكذا ذكره ابن الأثير فقال فلم يرعني إلا رسول الله قد ضحى أي ظهر قلت فعلى هذا ضحا فعل ماض يقال ضحا يضحو ضحوا إذا ظهر ويقال أيضا ضحا الظل إذا صار شمسا قوله فأسلمتني إليه أي أسلمتني النسوة من الأنصار إلى النبي قوله وأنا يومئذ الواو فيه للحال أي يوم التسليم كنت بنت تسع سنين -
3895 - حدثنا ( معلى ) حدثني ( وهيب ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن النبي قال لها أريتك في المنام مرتين أري أنك في سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله هذه امرأتك ومعلى بضم الميم بلفظ اسم المفعول من باب التفضيل من العلو بالعين المهملة ابن أسد العمي أبو الهيثم البصري وروى عنه مسلم أيضا مات بالبصرة سنة ثمان عشرة ومائتين ووهيب مصغر وهب بن خالد البصري والحديث من أفراده
قوله أريتك بضم الهمزة قوله أرى بضم الهمزة أيضا أي أظن قوله في سرقة بفتح السين المهملة وفتح الراء والقاف وهي القطعة من الحرير وأصلها بالفارسية سره أي جيد فعربوه كما عربوا استبرق ونحوه ووصف أعرابي رجلا فقال لسانه أرق من ورقه وألين من سرقة قوله فإذا هي كلمة إذا للمفاجأة
45 -
( باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة )

(17/35)


أي هذا باب في بيان هجرة النبي وهجرة أصحابه إلى المدينة أما هجرة النبي فكانت أول يوم من ربيع الأول بعد بيعة العقبة بشهرين وبضعة عشرة أيام وجزم به الأموري في المغازي عن إبن إسحاق وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وأما هجرة أصحابه فكان أبو بكر قد توجه معه وعامر بن فهيرة وتوجه قبل ذلك بين العقبتين جماعة منهم ابن أم مكتوم ويقال إن أول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي زوج أم سلمة وقدم بعده عامر بن ربيعة حليف بني عدي ثم توجه مصعب بن عمير ثم كان أول من هاجر بعد بيعة العقبة عامر بن ربيعة على ما ذكره ابن إسحاق ثم توجه باقي الصحابة شيئا فشيئا وعن شعبة عن إسحاق سمعت البراء بن عازب قال أول ما قدم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فكانا يقرئان الناس وقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ثم قدم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في عشرين من أصحابه ثم قدم رسول الله على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى وفي مسلم التصريح بأن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه هاجر قبل قدوم النبي المدينة
وقال عبد الله بن زيد وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهما عن النبي لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار
تعليق عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري البخاري المازني أخرجه البخاري موصولا مطولا في المغازي في باب غزوة الطائف وذكره أيضا معلقا في باب مناقب الأنصار وكذلك أخرج تعليق أبي هريرة فيه في باب قول النبي لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار
وقال أبو موسى عن النبي رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب
أبو موسى عبد الله بن قيس ومضى تعليقه في باب علامات النبوة مطولا ومضى الكلام فيه هناك
قوله وهلي بفتح الواو والهاء وسكونها أي وهمي واليمامة مدينة باليمن على مرحلتين من الطائف وهجر بفتح الهاء والجيم ويروى والهجر بالألف واللام قال الكرماني هي قرية قريبة من المدينة وقال بعضهم وزعم بعض الشراح أن المراد بهجر هنا قرية قريبة من المدينة وهو خطأ فإن الذي يناسب أن يهاجر إليه لا بد وأن يكون بلدا كثير الأهل وهذه القرية التي ذكرها لا يعرفها أحد قلت أراد به الحط على الكرماني حيث نسبه إلى الخطأ والذي قاله غير خطأ فهذا ياقوت ذكره في ( المشترك ) وكيف يقول لا يعرفها أحد وقوله لا بد إلى آخره غير مسلم فمن هو الذي شرط هذا من العلماء ولا ينزل في موضع إلا ويكثر أهله ويعظم شأنه ويثرب اسم مدينة النبي وهو غير منصرف
3897 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( الأعمش ) قال سمعت ( أبا ) وائل يقول عدنا خبابا فقال هاجرنا مع النبي نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرة فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فأمرنا رسول الله أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئا من إذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها
مطابقته للترجمة في قوله هاجرنا مع النبي والحميدي عبد الله بن الزبير وسفيان بن عيينة والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق والكل قد ذكروا غير مرة والحديث قد مر في كتاب الجنائز في باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه
قوله هاجرنا مع النبي معناه هاجرنا بإذنه لأنه لم يهاجر مع النبي صلى الله

(17/36)


عليه وسلم إلا أبو بكر وعامر بن فهيرة قوله نمرة بفتح النون وكسر الميم وهي كساء ملون مخطط أو بردة تلبسها الإماء وتجمع على نمرات ونمور قوله أينعت أي أدركت ونضجت يقال ينع الثمر وأينع يينع ويونع فهو يانع ومونع قوله يهدبها بكسر الدال وضمها أي يقطعها ويجتنيها من هدب الثمرة إذا اجتناها
3898 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( حماد ) هو ( ابن زيد ) عن ( يحيى ) عن ( محمد بن إبراهيم ) عن ( علقمة بن وقاص ) قال سمعت عمر رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي أراه يقول الأعمال بالنية فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري ومحمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي القرشي المدني والحديث قد مر في أول الكتاب ومضى الكلام فيه مطولا
3900 - قال ( يحيى بن حمزة ) وحدثني ( الأوزاعي ) عن ( عطاء بن أبي رباح ) قال زرت عائشة رضي الله تعالى عنها مع عبيد بن عمير الليثي فسألناها عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام واليوم يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية ( انظر الحديث 3080 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة قوله قال يحيى بن حمزة هو يحيى بن حمزة المذكور فيما قبله وهو متصل بما قبله قوله زرت عائشة وقد مضى في أبواب الطواف من الحج أنها كانت حينئذ مجاورة في جبل ثبير قوله فسألناها عن الهجرة أي التي كانت قبل الفتح واجبة إلى المدينة ثم نسخت بقوله لا هجرة بعد الفتح ووقع عند الأموي في المغازي من وجه آخر عن عطاء فقالت إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة والنبي بالمدينة قوله لا هجرة اليوم أي بعد الفتح قوله وأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام لأن مكة صارت بعد الفتح دار إيمان ودخل الناس في الإسلام في جميع القبائل فارتفعت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب قوله ولكن جهاد أي ولكن جهاد هو هجرة يعني لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار أي ما دام في الدنيا دار كفر فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه قوله ونية أي ثواب النية في الهجرة أو في الجهاد وتقدم الكلام فيه في أول كتاب الجهاد
3901 - حدثني ( زكرياء بن يحيى ) حدثنا ( ابن نمير ) قال ( هشام فأخبرني أبي ) عن ( عائشة )

(17/37)


رضي الله تعالى عنها أن سعدا قال أللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وأخرجوه أي كانوا سببا لخروجه من مكة إلى المدينة وخروجه هذا هو الهجرة وزكرياء بن يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر أبو يحيى البلخي الحافظ الفقيه وهو من أفراده وابن نمير هو عبد الله بن نمير أبو هشام الخارقي الهمداني وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عن عائشة
قوله أن سعدا هو ابن معاذ الأنصاري الأوسي مات بعد حكمه في بني قريظة سنة خمس قوله من قوم يعني بني قريضة وكانوا يهودا أشد الناس عداوة للمؤمنين كما وصفهم الله تعالى ودعا سعد أن لا يميته الله حتى تقر عينه بهلاكهم فاستجيب له وكان جرح في أكحله ينبل فنزلوا على حكمه فحكم بقتل المقاتلة وسبي الذرية ثم انفجر أكحله فمات وسيأتي بقية الكلام في غزوة بني قريظة إن شاء الله تعالى
وقال أبان بن يزيد حدثنا هشام عن أبيه أخبرتني عائشة من قوم كذبوا نبيك وأخرجوه من قريش
أشار بهذا إلى أن أبان بن يزيد العطار وافق ابن نمير في روايته عن هشام لهذا الحديث وبين القوم الذين أبهموا بأنهم قريش وزعم الداودي أن المراد بالقوم بنو قريظة وقوله من قريش ليس بمحفوظ ورد عليه بأن الرواية الثابتة لا ترد بالظن والزعم والدليل على أن المراد قريش ما سيأتي في المغازي في بقية الحديث من كلام سعد قال أللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له الحديث وأيضا قوله في الحديث وأخرجوه هم قريش لأنهم الذين أخرجوه وأما بنو قريظة فلا
3902 - حدثنا ( مطر بن الفضل ) حدثنا ( روح ) حدثنا ( هشام ) حدثنا ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال بعث رسول الله لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله ثم أمر بالهجرة قوله ثلاث عشرة سنة يوحى إليه وهذا أصح مما رواه أحمد عن يحيى بن سعيد عن هشام بن حسان بهذا الإسناد قال أنزل على النبي وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشرا قلت ثلاث سنين بعد الأربعين التي قبض فيها إسرافيل عليه السلام وقد مر الكلام فيه مستوفى في كتاب المبعث
3903 - حدثني ( مطر بن الفضل ) حدثنا ( روح بن عبادة ) حدثنا ( زكرياء بن إسحاق ) حدثنا ( عمرو بن دينار ) عن ( ابن عباس ) قال مكث رسول الله بمكة ثلاث عشرة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين
مطابقته للترجمة من حيث إن كونه بمكة بعد مبعثه ثلاث عشرة سنة يدل على أن بقية عمره كانت في المدينة وهو بالضرورة يدل على الهجرة من مكة إلى المدينة وهذا طريق آخر أيضا عن مطر بن الفضل بالمعجمة الساكنة المروزي مات بفربر بفتح الفاء وكسرها وفتح الراء الأولى وسكون الباء الموحدة وروح بفتح الراء وسكون الواو وبالحاء المهملة ابن عبادة بضم العين المهملة وفتح الباء الموحدة المخففة وهشام هو ابن حسان القهدوسي بضم القاف ومضى الكلام فيه في كتاب المبعث

(17/38)


386 - ( حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عبيد يعني ابن حنين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله جلس على المنبر فقال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا فكان رسول الله هو المخير وكان أبو بكر هو أعلمنا به وقال رسول الله إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر إلا خلة الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر رضي الله عنه )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أن من أمن الناس علي في صحبته ولم يصاحب معه في الهجرة إلا أبو بكر رضي الله تعالى عنه وهذا بطريق الاستئناس وإن كان فيه بعض بعد وهذا القدر كاف في المطابقة وأبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة واسمه سالم وعبيد بضم العين ابن حنين بضم الحاء المهملة وفتح النون الأولى مولى زيد بن الخطاب القرشي والحديث مر في باب قول النبي سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن أبي عامر عن فليح عن سالم عن أبي النضر عن بشر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري والراوي هنا عن أبي سعيد هو عبيد بن حنين وكذلك مضى في كتاب الصلاة في باب الخوخة والممر في المسجد فإن الراوي هناك أيضا عن أبي سعيد هو بشر بن سعيد ومر الكلام فيه هناك قوله وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ وفي الحديث الذي في كتاب الصلاة فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ القائل هو أبو سعيد وجاء فى حديث ابن عباس عند البلادري فقال له أبو سعيد ما يبكيك يا أبا بكر فذكر الحديث قوله انظروا يعني كانوا يتعجبون من تفديته إذ لم يفهموا المناسبة بين الكلامين قوله هو المخير بفتح الياء أي خير الله رسوله بين بقائه في الدنيا ورحلته إلى الآخرة وفي إعراب لفظ المخير وجهان النصب على أنه خبر كان ولفظه هو ضمير فصل وفيه خلاف هل هو اسم أو حرف والرفع على أنه خبر مبتدأ وهو قوله هو والجملة في محل النصب على أنها خبر كان قوله يخبر رسول الله فعل وفاعل قوله إلا خلة الإسلام الاستثناء فيه منقطع أي لكن خلة الإسلام أفضل وفيما تقدم إلا أخوة الإسلام قوله خوخة بفتح المعجمتين بينهما واو ساكنة هو الباب الصغير وكان بعض الصحابة فتحوا أبوابا في ديارهم إلى المسجد فأمر الشاعر بسدها كلها إلا خوخة أبي بكر ليتميز بذلك فضله وفيه إيماء إلى الخلافة -
3905 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) قال ( ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير ) أن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها زوج النبي قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي فقال ابن الدغنة فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك

(17/39)


تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل معه ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذالك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذالك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناءهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فأفزع ذالك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذالك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذالك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الإستعلان قالت عائشة فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال قد علمت الذي عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عز و جل والنبي يومئذ بمكة فقال النبي للمسلمين إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلاى المدينة وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر وهل ترجو ذالك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هاذا رسول الله متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هاذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي لأبي بكر أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج

(17/40)


فقال أبو بكر الصحابة بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله نعم قال أبو بكر فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله بالثمن قالت عائشة فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذالك سميت ذات النطاقين قالت ثم لحق رسول الله وأبو بكر بغار في جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذالك حين يختلط الظلام ويرعاى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذالك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث وأستأجر رسول الله وأبو بكر رجلا من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل
3906 - قال ( ابن شهاب ) وأخبرني ( عبد الرحمان بن مالك المدلجي ) وهو ( ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم ) أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله وأبي بكر دية كل واحد منهما من قتله أو أسره فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت له إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا يبتغون ضالة لهم ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الإلتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام

(17/41)


فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله فقلت له أن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قال أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشأم فكسا الزبير رسول الله وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله عند ذلك فلبث رسول الله في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله حين بركت به راحلته هاذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن
( هاذا الحمال لا حمال خيبرهاذا أبرأ ربنا وأطهر )
ويقول
( أللهم إن الأجر أجر الآخرهفارحم الأنصار والمهاجره )
فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت

(17/42)


مطابقته للترجمة ظاهرة أظهر ما يكون ورجاله قد ذكروا غير مرة وعقيل بضم العين ومضى جزء من أول هذا الحديث في كتاب الصلاة في باب المسجد يكون في الطريق أخرجه هناك بهذا الإسناد بعينه وكذلك أخرجه في كتاب الإجازة في باب استئجار المشركين عند الضرورة عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر عن الزهري عن عائشة من قوله واستأجر رسول الله وأبو بكر رجلا من بني الديل إلى قوله وهو على طريق الساحل وكذلك أخرجه في الكفالة بإسناد هذا الباب من قوله إن عائشة زوج النبي قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان إلى قوله ورق السمر أربعة أشهر وكذلك أخرجه في الأدب في باب هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرة وعشية فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم عن هشام إلى آخره من قوله قالت لم أعقل أبوي إلى قوله قد أذن لي بالخروج وحاصل الكلام أن البخاري أخرج هذا الحديث في هذه المواضع مقطعة مختصرة ولم يخرجه مطولا إلا هنا فافهم
ذكر معناه قوله أبوي وهما أبو بكر الصديق وأم رومان ولفظ أبوي تثنية مضافة إلى ياء المتكلم منصوبة على المفعولية قوله الدين أي دين الإسلام وقال بعضهم وهو منصوب بنزع الخافض أي بالدين ويجوز أن يكون مفعولا به على التجوز قلت إذا قلنا معنى يدينان يطيعان من الدين بمعنى الطاعة لا يحتاج إلى تقدير ناصب لأن المعنى حينئذ إلا وهما يطيعان الدين أي الإسلام وكل من يطيع الإسلام فهو مسلم وقوله على تجوز فيه نظر لا يخفى قوله فلما ابتلي المسلمون أي بأذى الكفار من قريش وغيرهم قوله مهاجرا حال من أبي بكر قوله نحو أرض الحبشة يعني ليلحق من سبقه إليها من المسلمين قوله برك الغماد البرك بفتح الباء الموحدة وحكى كسرها وسكون الراء وبالكاف وقال الجوهري البرك مثل القرد موضع بناحية اليمن والغماد بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبالدال المهملة وهو موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن مما يلي ساحل البحر وقال ابن فارس بضم الغين وفي ( التوضيح ) برك الغماد موضع في أقاصي هجر قوله إبن الدغنة بضم الدال المهملة والغين المعجمة وتشديد النون عند أهل اللغة وعند المحدثين بفتح الدال وكسر الغين وفتح النون الخفيفة وقال الجياني رويناه بهما وهو اسم أمه وقيل أم أبيه وقيل دايته ومعنى الدغنة المسترخية وأصلها الغمامة الكثيرة المطر وعن الواقدي عن معمر عن الزهري أن اسمه الحارث بن زيد وحكى السهيلي أن اسمه مالك وقال الكرماني قال ابن إسحاق اسمه ربيعة بفتح الراء وقال بعضهم ووقع في شرح الكرماني أن ابن إسحاق سماه ربيعة بن رفيع وهو وهم من الكرماني فإن ربيعة المذكور آخر يقال له ابن الدغنة لكنه سلمي والمذكور هنا من القارة قلت لا ينسب الكرماني إلى الوهم لأنه نقل عن ابن إسحاق أنه قال ابن الدغنة اسمه ربيعة بن رفيع ولم يذكر أنه سلمي أو من القارة فالوهم من غيره وأما السلمي فذكره أبو عمر وقال ربيعة ابن رفيع أهبان بن ثعلبة السلمي كان يقال له ابن الدغنة وهي أمه فغلبت على اسمه شهد حنينا ثم قدم على رسول الله في بني تميم وهو الذي قتل دريد بن الصمة يوم حنين وآخر يقال له ابن دغنة يسمى حابس وذكره أبو عمر وذكره الذهبي عنه وقال حابس بن دغنة الكلبي له في أعلام النبوة وله صحبة ورؤية قوله وهو سيد القارة بالقاف وتخفيف الراء وهي قبيلة مشهورة من بني الهون بالضم والتخفيف ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر كانوا حلفاء بني زهرة من قريش قوله أخرجني قومي لم يخرجوه حقيقة ولكنهم تسببوا في خروجه قوله أن أسيح بالسين والحاء المهملتين من السياحة يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض ومعناه ههنا إرادة مفارقة الأمصار وسكنى البراري وإنما قال أبو بكر إن أسيح ولم يذكر جهة مقصده مع أنه قصد التوجه إلى أرض الحبشة لأن ابن الدغنة كان كافرا قوله لا تخرج ولا تخرج الأول بفتح التاء من الخروج والثاني بضمها على صيغة المجهول من الإخراج قوله المعدوم وفي رواية الكشميهني المعدم ومعنى تكسب المعدوم تعطيه المال وتملكه إياه يقال كسبت للرجل مالا وأكسبته وقال الخطابي وأفصح اللغتين حذف الألف ومنع القزاز إثباتها وجوزها ابن الأعرابي قوله وتحمل الكل بفتح الكاف وتشديد اللام وهو ما يثقل حمله من القيام بالعيال ونحوه مما لا يقوم

(17/43)


بأمر نفسه قوله على نوائب الحق جمع نائبة ومعناه تعين بما تقدر عليه من أصابته نوائب أي ما ينزل به من المهمات والحوادث قوله فأنا لك جار أي مجير أمنع من يؤذيك والجار الناصر الحامي المانع المدافع قوله ارجع أمر لأبي بكر أي ارجع إلى بلدك ووطنك قوله فرجع أي أبو بكر قوله وارتحل معه أي مع أبي بكر ابن الدغنة وقد تقدم في الكفالة ارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر قوله لا يخرج بفتح الياء من الخروج ولا يخرج بضم الياء قوله أتخرجون بهمزة الاستفهام على سبيل الأنكار ورجلا منصوب به قوله فلم تكذب من التكذيب و قريش فاعله أراد أن أحدا منهم لم يرد قوله في أمان أبي بكر ولم يمنع أحد جواره وكل من كذب بشيء فقد رده فأطلق التكذيب وأراد لازمه وتقدم في الكفالة بلفظ فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة قوله فليعبد ربه عطف على محذوف تقديره مر أبا بكر لا يتعرض إلى شيء وليقعد في حاله فليعبد ربه قوله ولا يؤذينا بذلك أي بما يصدر منه من صلاته وقراءته قوله ولا يستعلن به أي بما يفعله من الصلاة والقراءة قوله فلبث أبو بكر أي مكث على ما شرطوا عليه ولم يبين فيه مدة المكث قوله ثم بدا لأبي بكر أي ثم ظهر له رأي غير الرأي الأول قوله بفناء داره بكسر الفاء وتخفيف النون وبالمد وهي سعة أمام البيت وقيل ما امتد من جوانب البيت قوله فيتقذف عليه أي على أبي بكر رضي الله تعالى عنه ويتقذف على وزن يتفعل بالتاء المثناة من فوق والقاف والذال المعجمة الثقيلة من القذف أي يتدافعون فيقذف بعضهم بعضا فيتساقطون عليه ويروى فيتقصف بالصاد المهملة أي يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض وينكسر وقال الخطابي هذا هو المحفوظ وأما يتقذف فلا وجه له ههنا إلا أن يجعل من القذف وفسره بما ذكرناه الآن وفي رواية الكشميهني بنون وقاف مفتوحة وصاد مهملة مكسورة أي يسقط قوله بكاء على وزن فعال بالتشديد صيغة المبالغة أي كثير البكاء قوله لا يملك عينيه أي لا يطيق إمساكهما من البكاء من رقة قلبه قوله إذا ظرفية والعامل فيه لا يملك ويجوز أن يكون شرطية والجزاء مقدر تقديره إذا قرأ القرآن لا يملك عينيه ونحو ذلك قوله وأفزع ذلك أي أخاف ما فعله أبو بكر من صلاته وقراءته وتعبده لله فقوله ذلك فاعل أفزع وقوله المشركين بالنصب مفعوله يعني خافوا من ذلك على النساء والصبيان أن يميلوا إلى دين الإسلام قوله فقدم عليهم أي على أشراف قريش من المشركين وفي رواية الكشميهني فقدم عليه أي على أبي بكر قوله أجرنا بقصر الهمزة وبالجيم والراء في رواية الأكثرين وفي رواية القابسي بالزاي أي أبحنا له قوله بجوارك أي بسبب جوارك أبا بكر رضي الله تعالى عنه قوله أن تفتن بصيغة المجهول وقوله نساؤنا مرفوع وأبناؤنا عطف عليه وفي رواية أبي ذر أن يفتن على صيغة المعلوم والضمير الذي فيه يرجع إلى أبي بكر و نساءنا بالنصب مفعوله وأبناءنا عطف عليه قوله فانهه أي فانه أبا بكر وهو أمر لابن الدغنة قوله وإن أبى أي امتنع إلا أن يعلن بضم الياء من الإعلان بذلك أي بما ذكر من الصلاة والقراءة قوله فسله أصله فاسأله وكذا هو في رواية الكشميهني من سال ولما نقلت حركة الهمزة إلى السين وحذفت للتخفيف استغنى عن همزة الوصل فحذفت فصار سله قوله ذمتك أي أمانك وعهدك قوله أن نخفرك بضم النون وسكون الخاء المعجمة وكسر الفاء من الإخفار يقال خفرت الرجل إذا أجرته وحفظته وأخفرته إذا نقضت عهده قوله ولسنا مقرين ويروى بمقرين أي لا نسكت عليه الإنكار للمعنى الذي ذكروه من الخشية على نسائهم وأبنائهم أن يدخلوا في دينه قوله الذي عاقدت بضم التاء التي للمتكلم قوله على ذلك أي على الذي عاقدت عليه قوله أني أخفرت بضم الهمزة على صيغة المجهول قوله وأرضى بجوار الله أي بأمانه وحمايته قوله والنبي الواو فيه للحال قوله أريت بضم الهمزة على صيغة المجهول قوله بين لابتين وهما الحرتان وهي تثنية حرة وهذا اللفظ مدرج في الخبر من تفسير الزهري واللابتان تثنية لابة بتخفيف الباء الموحدة وهي الحرة وهي شبه الجبل من حجارة سود يريد المدينة وهي بين الحرتين قوله قبل المدينة بكسر القاف والباء الموحدة المخففة قوله ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة أي رجع معظم الذين هاجروا إلى الحبشة إلى المدينة لما سمعوا استيطان المسلمين المدينة ولم يرجع جميعهم لأن جعفرا ومن كان معه تخلفوا في الحبشة قوله وتجهز أبو بكر قبل المدينة بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي جهتها وتقدم في الكفالة وخرج أبو بكر مهاجرا هو نصب على الحال المقدرة

(17/44)


أي مقدرا الهجرة وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عند ابن حبان استأذن أبو بكر النبي في الخروج من مكة ويروى تجهز أبو بكر إلى المدينة أي إلى الخروج إلى المدينة قوله على رسلك بكسر الراء وسكون السين المهملة أي على مهلك أي وهينتك أي لا تستعجل وفي رواية ابن حبان فقال اصبر قوله أن يؤذن على صيغة المجهول قوله بأبي أنت لفظ أنت مبتدأ و بأبي خبره أي أنت مفدى بأبي قيل يحتمل أن يكون أنت فاعل ترجو وقوله بأبي قسم وقوله ذلك إشارة إلى الإذن الذي يدل عليه أن يؤذن قوله فحبس أبو بكر نفسه أي منعها من الهجرة وفي رواية ابن حبان فانتظره أبو بكر رضي الله تعالى عنه قوله على رسول الله أي لأجله وكلمة على تأتي للتعليل كما في قوله تعالى ولتكبروا الله على ما هداكم ( البقرة 185 ) قولهليصحبهأي لا يصحب رسول الله في الهجرة قولهوعلفأي أبو بكر قوله تثنية راحلة وهي من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيه للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت قوله السمر بفتح السين المهملة وضم الميم وهو شجر الطلح وقيل شجر أم غيلان وقيل كل ما له ظل ثقيل قوله وهو الخبط أي ورق السمر هو الخبط بفتح الخاء المعجمة وبالباء الموحدة وهو الورق المضروب بالعصا الساقط من الشجر وقوله وهو الخبط مدرج أيضا من تفسير الزهري
قوله قال ابن شهاب إلى آخره موصول بالإسناد المذكور أولا أي قال محمد بن مسلم بن شهاب الراوي قال عروة ابن الزبير قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها قوله فبينما قد مر الكلام فيه غير مرة قوله جلوس أي جالسون قوله في نحر الظهيرة أي في أول وقت الحرارة وهي المهاجرة ويقال أول الزوال وهو أشد ما يكون من حر النهار والغالب في أيام الحر القيلولة فيها قوله متقنعا أي مغطيا رأسه وانتصابه على الحال كما في قولك هذا زيد قائما أي أشير إليه وهو العامل فيه ومن له يد في العربية لا يخفى عليه هذا وأمثاله قوله فداء له بكسر الفاء وبالمد في رواية الكشميهني وفي رواية غيره بالقصر وانتصاب فداء على تقدير أن يكون له أبي وأمي فداء ويجوز الرفع على أنه خبر المبتدأ وهو قوله أبي وأمي فداء له أي للنبي فإن قلت على هذا أين المطابقة بين المبتدأ والخبر قلت الفداء يشمل الواحد فما فوقه قوله إلا أمر أي أمر قد حدث وكذا جاء في رواية موسى بن عقبة ولفظه فقال أبو بكر يا رسول الله ما جاء بك إلا أمر حدث قوله فأذن على صيغة المجهول قوله أخرج من عندك بفتح الهمزة من الإخراج ومن عندك مفعوله قوله إنما هم أهلك أشار به إلى عائشة وأسماء كما فسره موسى بن عقبة ففي روايته قال أخرج من عندك قال لا عين عليك إنما هما ابنتاي قوله فإني وفي رواية الكشميهني فإنه قوله قد أذن لي على صيغة المجهول قوله الصحابة بالنصب أي أريد الصحابة يا رسول الله يعني المصاحبة قوله نعم قال يعني نعم الصحبة التي تطلبها قوله بالثمن أي لا آخذ إلا بالثمن وفي رواية ابن إسحاق لا أركب بعيرا ليس هو لي قال فهو لك قال لا ولكن بالثمن الذي ابتعته به قال أخذته بكذا وكذا قال هو لك وفي رواية الطبراني عن أسماء قال بثمنها يا أبا بكر قال بثمنها إن شئت وعن الواقدي أن الثمن ثمانمائة وأن الراحلة التي أخذها رسول الله من أبي بكر هي القصواء وأنها كانت من نعم بني قشير وأنها عاشت بعد النبي قليلا وماتت في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وكانت مرسلة ترعى بالبقيع وذكر ابن إسحاق أنها الجذعاء وكانت من إبل بني الحريش وكذا في رواية أخرجها ابن حبان أنها الجدعاء قوله فجهزنا هما أي النبي وأبا بكر قوله أحث الجهاز لفظ أحث بالحاء المهملة والثاء المثلثة أفعل التفضيل من الحث وهو الإسراع والحثيث على وزن فعيل المسرع الحريص وأحث أفعل منه وفي رواية أبي ذر أحب بالباء الموحدة والأول أصح و الجهاز بفتح الجيم وكسرها ما يحتاج إليه في السفر ونحوه قوله ووضعنا لهما أي للنبي وأبي بكر ويروى وصنعنا من صنع والسفرة الزاد هنا لأن أصل السفرة في اللغة الزاد الذي يصنع للمسافر ثم استعمل في وعاء الزاد ومثله المزادة للماء وكذلك الراوية وعن الواقدي أنه كان في السفرة شاة مطبوخة قوله في

(17/45)


جراب بكسر الجيم وربما فتحت قوله من نطاقها بكسر النون وهو إزار فيه تكة تلبسه النساء والمنطق كل شيء شددت به وسطك قاله ابن فارس قال الداودي هو المئزر وقال الهروي النطاق هو المنطق وهو أن تأخذ المرأة ثوبا فتلبسه ثم تشد إزارها وسطها بحبل ثم ترسل الأعلى على الأسفل قوله ذات النطاقين هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره ذات النطاق بالإفراد وقال الهروي سميت بذات النطاقين لأنها كانت تجعل نطاقا على نطاق وقيل كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد لرسول الله وهو في الغار وفي رواية ابن سعد شدت نطاقها فأوكت بقطعة منه الجراب وشدت فم القربة بالباقي فسميت ذات النطاقين قوله ثور بالثاء المثلثة على لفظ الحيوان المشهور وذكر الواقدي رحمه الله تعالى أنهما خرجا من خوخة في ظهر بيت أبي بكر وقال الحاكم تواترت الأخبار على أن خروجه كان يوم الإثنين ودخوله المدينة كان يوم الإثنين إلا أن محمد بن موسى الخوارزمي قال إنه خرج من مكة يوم الخميس قلت الذي يفهم من كلام ابن إسحاق كان خروجه بالليل وذلك أن أعيان قريش لما اجتمعوا فيما يفعلون في أمر النبي أشار كل واحد برأي فما أصغوا إليه فآخر الأمر أشار أبو جهل بقتله فأتى جبريل عليه الصلاة و السلام رسول الله فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه قال فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه نم على فراشي فأخذ رسول الله حفنة من تراب في يده فجعل ينثره على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات يس والقرآن الحكيم إلى قوله فهم لا يبصرون ( يس 1 - 9 ) ولم يبق منهم أحد إلا وقد وضع على رأسه تراب ثم انصرف رسول الله قوله عندهما أي عند النبي وأبي بكر رضي الله تعالى عنه عبد الله بن أبي بكر قيل في نسخة عبد الرحمن وهو وهم قوله بفتح الثاء المثلثة وكسر القاف ويجوز إسكانها وفتحها وفي آخره فاء وهو الحاذق الفطن تقول ثقفت الشيء إذا أقمت عوجه وقال الخطابي الثقافة حسن التلقي للأدب يقال غلام ثقف وقال ابن فارس ويقال رجل ثقف قوله لقن بفتح اللام وكسر القاف وبالنون وهو السريع الفهم ويقال اللقن الحسن التلقي لما يسمعه ويعلمه قوله فيدلجبتشديد الدال وبالجيم أي يخرج بالسحر منصرفا إلى مكة يقال أدلج إذا سار في أول الليل وقيل في كله وأدلج بتشديد الدال إذا سار في آخره قوله يكتادان به وفي رواية الكشميهني يكادان بغير تاء مثناة من فوق وهو من قولهم كدت الرجل إذا طلبت له الغوائل ومكرت به قوله إلا وعاء أي حفظه قوله عامر بن فهيرة بضم الفاء وفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وبالراء مولى أبي بكر الصديق كان مولدا من مولدي الأزد أسود اللون مملوكا للطفيل بن عبد الله بن سخبرة فأسلم وهو مملوك فاشتراه أبو بكر وأعتقه وكان حسن الإسلام وكان يرعى الغنم في ثور ويروح بها على رسول الله وأبي بكر في الغار وشهد بدرا وأحدا ثم قتل يوم بئر معونة وهو ابن أربعين سنة قتله عامر بن الطفيل ويروى عنه أنه قال رأيت أول طعنة طعنتها عامر بن فهيرة نورا خرج منها وقال أبو عمر وروى ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال زعم عروة بن الزبير أن عامر بن فهيرة قتل يومئذ فلم يوجد جسده يرون أن الملائكة دفنته وكانت بئر معونة سنة أربع من الهجرة قوله منحة بكسر الميم وسكون النون وبالحاء المهملة وهي في الأصل الشاة التي يجعل الرجل لبنها لغيره ثم يقع على كل شاة وقال ابن فارس المنحة والمنيحة منحة اللبن والمنحة الناقة أو الشاة يعطي لبنها ثم جعلت كل عطية منحة وفي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن الغنم كانت لأبي بكر فكان يروح عليهما الغنم كل ليلة فيحلبان ثم يسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس فلا يفطن له قوله في رسل بكسر الراء وسكون السين المهملة وهو اللبن الطري قوله ورضيفهما الرضيف بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة على وزن رغيف وهو اللبن الذي جعل فيه الرضفة وهي الحجارة المحماة لتزول وخامته وثقله وقيل الرضيف الناقة المحلوبة فإن قلت كيف إعرابه قلت إن جعلته عطفا على لبن منحتهما يكون مرفوعا وإن جعلته عطفا على المضاف إليه فيه يكون مجرورا فافهم وفي ( التوضيح ) ويروى وصريفها والصريف اللبن ساعة يحلب وقال ابن الأثير في باب الصاد المهملة وفي حديث الغار ويبيتان في رسلها وصريفها الصريف اللبن ساعة

(17/46)


يصرف عن الضرع قوله حتى ينعق بهما كلمة حتى للغاية و ينعق بكسر العين المهملة أي يصيح بغنمه والنعق صوت الراعي والضمير في بهما يرجع إلى لفظ المنحة و لفظ الغنم وهذا هو رواية أبي ذر أعني بهما التثنية وفي رواية غيره بها بالإفراد قال الكرماني أي المنحة أو بالغنم قوله عامر مرفوع لأنه فاعل ينعق قوله بغلس أي في غلس وهو ظلام آخر الليل قوله من بني الديل بكسر الدال وسكون الياء آخر الحروف وقيل بضم أوله وبالهمزة المكسورة في ثانيه قوله وهو أي الرجل الذي استأجراه من بني عبد بن عدي بن الديل بن عبد مناف بن كنانة ويقال من بني عدي بن عمرو بن خزاعة وقال ابن هشام اسمه عبد الله بن أرقد وفي رواية الأموي عن ابن إسحاق أريقد بالتصغير وعند ابن سعد عبد الله ابن أريقط بالطاء موضع الدال بالتصغير وهذا هو الأشهر وقال ابن التين عن مالك إسمه رقيط وكان كافرا قوله هاديا نصب لأنه صفة رجلا يعني يهديهما إلى الطريق قوله خريتا صفة بعد صفة وهو بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وبالياء آخر الحروف الساكنة وفي آخره تاء مثناة من فوق والخريت الماهر بالهداية أشار به إلى تفسير الخريت وهذا مدرج في الخبر من كلام الزهري وعن الخطابي الخريت مأخوذ من خرت الإبرة كأنه يهتدي لمثل خرتها من الطريق وخرت الإبرة بالضم ثقبها وحكى عن الكسائي خرتنا الأرض إذا عرفناها ولم تخف علينا طرقها وقال ابن الأثير الخريت الماهر الذي يهتدي لأخرات المفازة وهي طرقها الخفية قوله قد غمس حلفا في آل العاص بن الوائل هذه الجملة وقعت حالا من قوله رجلا والأصل في الجملة الفعلية الماضية إذا وقعت حالا أن يكون فيها كلمة قد إما ظاهرة وإما مقدرة كما في قوله تعالى أوجاؤكم حصرت صدورهم ( النساء 90 ) أي قد حصرت قوله غمس حلفا أي أخذ بنصيب من حلفهم وعقدهم يأمن به كانت عادتهم أن يحضروا في جفنة طيبا أو دما أو رمادا فيدخلون فيه أيديهم عند التحالف ليتم عقدهم عليه باشتراكهم في شيء واحد والحلف بفتح الحاء وكسر اللام مصدر حلفت وقد تسكن اللام ويراد به العهد بين القوم قوله فأمناه بقصر الهمزة وكسر الميم أي ائتمناه كما في قوله تعالى فإن أمن بعضكم بعضا ( البقرة 283 ) وأمنته على كذا وائتمنته بمعنى قوله فأخذ بهم طريق السواحل وفي رواية موسى بن عقبة فأجاز بهما أسفل مكة ثم مضى هما حتى جاء بهما الساحل أسفل من عسفان ثم أجاز بهما حتى عارض الطريق
قوله قال ابن شهاب هو موصول بإسناد حديث عائشة المذكور وهو محمد بن مسلم الزهري أحد رواة الحديث قوله عبد الرحمن بن مالك بن جعشم بضم الجيم وسكون العين المهملة وضم الشين المعجمة وحكى فتح الجيم أيضا المدلجي بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام وبالجيم من بني مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة ومالك والد عبد الرحمن هذا ذكره ابن حبان في التابعين وليس له ولا لأخيه سراقة ولا لابنه عبد الرحمن في البخاري غير هذا الحديث قوله وهو ابن أخي سراقة بن جعشم أي عبد الرحمن هو ابن أخي سراقة وفي رواية أبي ذر سراقة بن مالك بن جعشم والأول هو المعتمد عليه وقال الكرماني سراقة بن جعشم ويروى سراقة بن مالك بن جعشم والأول هو الموافق لكونه ابن أخيه لكن المشهور هو الثاني كما في كتاب ( الاستيعاب ) قلت يعني ذكر أبو عمر في كتاب ( الاستيعاب ) سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك إلى آخره وذكر أنه يعد في أهل المدينة ويقال إنه سكن مكة وكنية سراقة أبو سفيانوكان ينزل قديدا وعاشا إلى خلافة عثمان وقال الذهبي سراقة بن مالك بن جعشم الكناني المدلجي أبو سفيان أسلم بعد الطائف ويقال وحيث جاء في الروايات سراقة بن جعشم يكون نسبته إلى جده قوله دية في كل واحد أي مائة من الإبل وصرح بذلك موسى بن عقبة وصالح ابن كيسان في روايتهما عن الزهري قوله ودية منصوب بقوله يجعلون ويروى دية كل واحد بإضافة دية إلى كل قوله من قتله ويروى لمن قتله والضمير المنصوب فيه يرجع إلى النبي وكذلك في أو أسره قوله فبينما أنا جالس قول سراقة قوله أقبل جواب بينما ويروى إذ أقبل قوله ونحن جلوس الواو فيه للحال والجلوس جمع جالس قوله فقال يا سراقة القائل هو الرجل الذي هو من بني مدلج قوله رأيت أنفا أي في هذه الساعة قوله أسودة أي أشخاصا قوله فعرفت أنهم هم أي عرفت أن الأسودة هم محمد وأصحابه قوله فقلت لهالقائل سراقة لذلك الرجل إنهم أي إن الأسودة ليسوا بهم أي بمحمد وأصحابه ثم استدرك بقوله ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا أي في نظرنا معاينة

(17/47)


يتبعون ضالة لهم قوله ثم قمت كلام سراقة وكذلك قوله فدخلت وأمرت جاريتي إلى قوله قال ابن شهاب قوله أكمة وهي الرابية المرتفعة عن الأرض قوله فخططت بالخاء المعجمة وفي رواية الكشميهني والأصيلي بالمهملة أي أمكنت أسفله قوله بزجه بضم الزاء وتشديد الجيم وهو الحديدة التي في أسفل الرمح وفي رواية الكشميهني فخططت به قوله وخفضت عاليه أي عالي الرمح لئلا يظهر بريقه لمن بعد منه لأنه كره أن يتبعه أحد فيشركه في الجعالة وروى ابن أبي شيبة من حديث الحسن عن سراقة وجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني أهل الماء فيها قوله فرفعتها بالراء أي أسرعت بها السير قال ابن الأثير أي كلفتها المرفوع من السير وهو فوق الموضوع ودون العدو يقال أرفع دابتك أي أسرع بها ويروى دفعتها بالدال يقال دفع ناقته إذا حملها على السير قوله تقرب بي من التقريب وهو السير دون العدو وفوق العادة وقال الأصمعي هو أن ترفع الفرس يديها معا وتضعهما معا قوله فخررت عنها أي عن دابتي من الخرور بالخاء المعجمة وهو السقوط قوله فأهويت يدي أي بسطتها إليها للأخذ والكنانة الخريطة المستطيلة من جولد تجعل فيها السهام وهي الجعبة قوله الأزلام وهي القداح وهو السهام التي لا ريش لها ولا نصل وكان لهم في الجاهلية هذه الأزلام مكتوبا عليها ( لا ) ( ونعم ) فإذا اتفق لهم أمر من غير قصد كانوا يخرجونها فإن خرج ما عليه ( نعم ) مضى على عزمه وإن خرج ( لا ) انصرف عنه قوله فاستقسمت بها من الاستقسام وهو طلب معرفة النفع والضر بالأزلام أي التفاؤل بها قوله فخرج الذي أكره أي الذي لا يضرهم وصرح به الإسماعيلي وموسى وابن إسحاق زاد أو كنت أرجو أن أرده وأخذ المائة الناقة قوله وعصيت الأزلام الواو فيه للحال أراد أنه ما التفت إلى الذي خرج ما يكرهه قوله تقرب بي يعني فرسه ومضى معنى التقريب آنفا قوله وهو لا يلتفت الواو فيه للحال أي والحال أن النبي لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات قوله ساخت يدا فرسي أراد أنه حين سمع النبي ساخت يدا فرسه بالخاء المعجمة أي غاصت وفي حديث أسماء بنت أبي بكر فوقعت لمنخريها قوله حتى بلغتا الركبتين وفي رواية البزار فارتطمت به فرسه إلى بطنها قوله فحررت عنها بالخاء المعجمة أي سقطت قوله ثم زجرتها أي حثثتها وحملتها على القيام فنهضت أي أسرعت للقيام ولم تكد من أفعال المقاربة أي لم تقرب من إخراج يديها قوله فلما استوت قائمة أي بعد تحمل شدة في القيام وفي رواية أنس ثم قامت تحمحم الحمحمة بالحائين المهمتين صوت الفرس وصهيله قوله إذا كلمة مفاجأة وهي جواب لما قوله لأثر يديها اللتين غاصتا في الأرض قوله عثان بضم العين المهملة وبالثاء المثلثة وبعد الألف نون وهو الدخان من غير نار و عثان مرفوع بالابتداء وخبره هو قوله لأثر يديها مقدما قوله ساطع أي منتشر مرتفع وفي رواية الكشميهني غبار بغين معجمة مضمومة وباء موحدة وبراء قال الكرماني هذه هي الأصح وقيل الأولى هي الأشهر وفي رواية موسى ابن عقبة والإسماعيلي واتبعها دخان مثل الغبار وفيه فعلمت أنه منع مني قوله فناديتهم بالأمان وفي رواية ابن إسحاق فناديت القوم أنا سراقة بن مالك بن جعشم أنظروني أكلمكم فوالله لا آتيكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه قوله وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم أي من الحرص على الظفر بهم وبذل المال لمن يحصلهم لهم قوله فلم يرزآني براء ثم زاي أي لم يأخذا مني شيئا ولم ينقصا من مالي يقال رزأته أرزؤه وأصله النقص ويرزآني تثنية يرزأ والضمير فيه يرجع إلى النبي وأبي بكر وكذلك في ولم يسألاني قوله إلا أن قال أي النبي وأبو بكر ويروى إلا أن قالا بالتثنية يعني كلاهما قالا إخف عنا بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة أمر من الإخفاء قوله فسألته أي قال سراقة سألت النبي أن يكتب لي كتاب أمن بسكون الميم وفي رواية الإسماعيلي كتاب موادعة وفي رواية إبن إسحاق كتابا يكون آية بيني وبينك قوله فأمر أي النبي عامر بن فهيرة قوله فكتب لي في رقعة من أدم وهو بفتحتين اسم لجمع أديم وهو الجلد المدبوغ ويروى من أديم وفي رواية ابن إسحاق فكتب لي كتابا في عظم أو رقعة أو خرقة ثم ألقاه إلي فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت
قوله قال ابن شهاب هو متصل إلى ابن شهاب الزهري بالإسناد المذكور أولا قوله فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله وهذا مرسل وصله

(17/48)


الحاكم من طريق معمر عن الزهري قال أخبرني عروة أنه سمع الزبير الحديث قوله لقي الزبير أي ابن العوام وقال موسى ابن عقبة يقال لما دنا أي النبي كان طلحة قدم من الشام فخرج عامدا إلى مكة إما متلقيا وإما معتمرا ومعه ثياب أهداها لأبي بكر من ثياب الشام فلما لقيه أعطاه فلبس منها هو وأبو بكر رضي الله تعالى عنه وقال الدمياطي لم يذكر الزبير بن بكار الزبير بن العوام ولا أهل السير وإنما هو طلحة بن عبيد الله وقال ابن سعد لما ارتحل النبي من الحجاز في هجرته إلى المدينة لقيه طلحة بن عبيد الله من الغد جائيا من الشام فكسا رسول الله وأبا بكر من ثياب الشام وأخبر النبي أن من بالمدينة من المسلمين قد استبطأوا رسول الله فتعجل رسول الله وقد رجح الدمياطي الذي في ( السير ) على الذي في ( الصحيح ) والأولى أن يجمع بينهما بأن يكون كل من طلحة والزبير أهدى لهما من الثياب قوله في ركب بفتح الراء وسكون الكاف جمع راكب كتجر جمع تاجر قوله قافلين نصب على الحال أي راجعين قوله مخرج رسول الله ويروى بمخرج رسول الله وهو مصدر ميمي بمعنى الخروج قوله يغدون بسكون الغين المعجمة أي يخرجون غدوة قوله أو في رجل أي اطلع إلى مكان عال فأشرف منه قوله على أطم بضمتين وهو الحصن ويقال بناء من حجر كالقصر قوله مبيضين نصب على الحال أي عليهم الثياب البيض التي كساهم إياها الزبير أو طلحة أو كلاهما وقال ابن التين يحتمل أن يكون معناه مستعجلين وحكى عن ابن فارس يقال بائض أي مستعجل قوله يزول بهم السراب أي يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له وقيل معناه ظهرت حركتهم فيه للعين والسراب بفتح السين المهملة هو الذي يرى في شدة الحر كالماء فإذا جئته لم تلق شيئا كما قال تعالى يحسبه الظمآن ماء ( النور 39 ) الآية قوله يا معشر العرب وفي رواية عبد الرحمن بن عويمر يا بني قيلة بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وهي الجدة الكبرى من الأنصار والدة الأوس والخزرج وهي قيلة بنت كاهل بن عدي قوله هذا جدكم بفتح الجيم أي حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه وفي رواية معمر هذا صاحبكم قوله بظهر الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي الأرض التي عليها الحجارة السود وقد مرت غير مرة قوله في بني عمرو بن عوف أي ابن مالك بن أوس بن حارثة ومنازلهم بقباء وهي على فرسخ من المسجد النبوي بالمدينة قوله وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول ولم يبين أي يوم الإثنين من الشهر وفيه اختلاف كثير ففي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب قدمها لهلال ربيع الأول أي أول يوم منه وعن إبن إسحاق قدمها لليلتين خلتا من ربيع الأول ونحوه عند أبي معشر لكن قال ليلة الإثنين وفي ( شرف المصطفى ) من طريق أبي بكر بن حزم قدم لثلاث عشرة من ربيع الأول وفيه من حديث عمر ثم نزل على بني عمرو بن عوف يوم الإثنين لليلتين بقيتا من ربيع الأول وعند الزبير في خبر المدينة عن ابن شهاب في نصف ربيع الأول ويمكن الجمع بين هذه الروايات بالحمل على الاختلاف في مدة إقامته بقباء فعن أنس أنه أقام بقباء أربع عشرة ليلة وعن الكلبي أربع ليال فقط وعن موسى بن عقبة ثلاث ليال وحكى عن الزبير بن بكار إثنين وعشرين يوما وعلى اعتداد يوم الدخول والخروج وعدم اعتدادهما فافهم قوله فقام أبو بكر للناس أي يتلقاهم قوله فطفق أي جعل من جاء من الأنصار يحيى أبا بكر أي يسلم عليه قال ابن التين إنما كانوا يفعلون ذلك بأبي بكر لكثرة تردده إليهم في التجارة إلى الشام فكانوا يعرفونه وأما النبي فلم يأتها بعد أن كبر قوله فنزل رسول الله في بني عمرو بن عوف قيل نزل على كلثوم به الهدم وقيل سعيد بن حثمة ولا خلاف أنه نزل في المدينة على أبي أيوب رضي الله تعالى عنه قوله وأسس المسجد أي مسجد قباء قوله المسجد الذي أسس على التقوى هذا صريح في أنه مسجده وقد اختلف في ذلك في زمانه فقيل إنه مسجده وقيل إنه مسجد قباء والأول أثبت وقال الداودي إنه ليس باختلاف وكلاهما أسس على التقوى قوله وكان مربدا بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وهو الموضع الذي يجفف فيه التمر قوله لسهيل وسهل ابني رافع بن عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وسهيل شهد بدرا دون أخيه سهل قوله في حجر أسعد بن زرارة بفتح الحاء وسكون الجيم وهو من حجر الثوب وهو طرفه المقدم لأن الإنسان يربي ولده في حجره

(17/49)


والولي القائم بأمره كذلك وقال ابن الأثير الحجر بالفتح والكسر الثوب والحصن والمصدر بالفتح لا غير وأسعد بن زرارة بالألف في أوله وفي رواية أبي ذر وحده سعد بن زرارة بدون الألف والأول هو الأوجه وكان من السابقين إلى الإسلام من الأنصار ووقع في ( مرسل ابن سيرين ) عند أبي عبيد في الغريب أنهما كانا في حجر معاذ بن عفراء وحكى الزبير أنهما كانا في حجر أبي أيوب والأول أثبت قوله حتى ابتاعه منهما أي حتى اشتراه من سهيل وسهل وعن الواقدي عن معمر عن الزهري أن النبي أمر أبا بكر أن يعطيهما ثمنه وقيل أعطاهما عشرة دنانير وعن الزبير أن أبا أيوب أرضاهما عن ثمنه فإن قلت قد تقدم في أبواب المساجد من حديث أنس أنه قال يا بني النجار ثامنوني بحائطكم قالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى اللهقلت يجمع بينهما بأنهم لما قالوا لا نطلب ثمنه إلا إلى الله سأل عمن يختص بملكه منهم فعينوا له الغلامين فابتاعه منهما ويحتمل أن يكون الذين قالوا لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تحملوا عنه الغلامين بالثمن قوله فطفق أي جعل ينقل اللبن بفتح اللام وكسر الباء الموحدة وهو الطوب النيء الذي لم يحرق قوله هذا الحمال بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم أي هذا محمول من اللبن أبر عند الله أي أبقى ذخرا وأكثر ثوابا وأدوم منفعة وأشد طهارة من حمال خيبر أي التي تحمل منها من التمر والزبيب ونحو ذلك وفي رواية المستملي هذا الجمال بفتح الجيم قوله ربنا منادى مضاف أي يا ربنا قوله فتمثل بشعر رجل من المسلمين وقال الكرماني يحتمل أن يراد به الشعر المذكور وأن يراد شعر آخر وقال بعضهم الأول هو المعتمد قلت لم يبين وجهه والاعتماد لا يكون إلا بالعماد
قوله قال ابن شهاب أي محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أحد رواة الحديث قوله غير هذا البيت ويروى غير هذه الأبيات زاد ابن عائذ في آخره التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبنيان المسجد وقال ابن التين أنكر على الزهري هذا من وجهين أحدهما أنه رجز وليس بشعر والثاني أن العلماء اختلفوا هل كان ينشد النبي شعرا أم لا وعلى الجواز هل كان ينشد بيتا واحدا ويزيد وأجيب عن الأول أن الجمهور على أن الرجز من أقسام الشعر إذا كان موزونا وعن الثاني أن الممتنع على النبي إنشاؤه لا إنشاده والله أعلم
3907 - حدثنا ( عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه ( وفاطمة ) عن ( أسماء ) رضي الله تعالى عنهما صنعت سفرة للنبي وأبي بكر حين أرادا المدينة فقلت لأبي ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي قال فشقيه ففعلت فسميت ذات النطاقين ( انظر الحديث 2979 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتعلق بالهجرة وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه وعن فاطمة بنت المنذر بن الزبير وهي زوجة هشام المذكور وأسماء بنت أبي بكر جدة فاطمة المذكورة والحديث مر في الجهاد في باب حمل الزاد في الغزو فإنه رواه هناك عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة إلى آخره بأتم منه ومر الكلام فيه هناك قوله أربطهويروى أربطها فالتذكير إما باعتبار الطرف أو على تقدير حذف المضاف أي رأس السفرة ويستفاد منه أن الذي أمر بشق نطاقها لتربط بها السفرة هو أبوها أبو بكر رضي الله تعالى عنه
389 - ( حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه قال لما أقبل النبي إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم فدعا عليه النبي فساخت به فرسه قال ادع الله لي ولا أضرك فدعا له قال فعطش رسول الله فمر براع قال أبو بكر فأخذت قدحا فحلبت فيه كثبة من لبن فأتيته فشرب حتى رضيت )
مطابقته للترجمة في قوله لما أقبل النبي إلى المدينة وإقباله إليها هو هجرته إليها وغندر بضم الغين المعجمة وهو لقب محمد بن جعفر وقد تكرر ذكره قوله وأبو اسحق عمرو بن عبد الله السبيعي والبراء هو ابن عازب

(17/50)


رضي الله تعالى عنه والحديث من قوله فمر براع إلى آخره قد مضى بأتم منه في كتاب اللقطة في باب مجرد من الترجمة عقيب باب من عرف اللقطة ولم يدفعها فإنه أخرجه هناك عن اسحق بن إبراهيم عن النضر عن إسرائيل عن أبي إسحاق إلى آخره قوله كثبة بضم الكاف وسكون الثاء المثلثة وبالباء الموحدة وهي قدر حلبة وقيل ملء القدح -
3909 - حدثني ( زكرياء بن يحيى ) عن ( أبي أسامة ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( أسماء ) رضي الله تعالى عنهما أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء ثم أتيت به النبي فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله ثم حنكه بتمرة ثم دعا له وبرك عليه وكان أول مولود ولد في الإسلام ( الحديث 3909 - طرفه في 5469 )
مطابقته للجزء الثاني للترجمة وهو قوله وأصحابه أي وهجرة أصحابه كما ذكرناه وزكريا بن يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر اللؤلؤي البلخي الحافظ الفقيه إمام مصنف في السنة مات سنة إثنتين وثلاثين ومائتين وهو من أفراده
والحديث أخرجه البخاري أيضا في العقيقة عن إسحاق بن منصور وأخرجه مسلم في الاستيذان عن أبي كريب وعن أبي بكر ابن أبي شيبة وعن الحكم بن موسى
قوله أنها حملت بعبد الله يعني في مكة قوله فخرجت أي من مكة مهاجرة إلى المدينة قوله وأنا متم الواو فيه للحال ومعنى متم أتممت مدة الحمل الغالب وهي تسعة أشهر قوله فولدته بقباء ولم يكن هذا إلا بعد تحول النبي من قباء قوله ثم أتيت به أي بعبد الله وذلك بالمدينة قوله في حجره بفتح الحاء وكسرها قوله ثم تفل بفتح التاء المثناة من فوق وبالفاء قوله في فيه أي في فمه قوله حنكه من حنكت الصبي إذا مضغت تمرا أو غيره ثم دلكته بحنكه قوله وبرك عليه أي دعا له بالبركة أي قال بارك الله فيك أو أللهم بارك فيه قوله وكان أول مولود أي كان عبد الله بن الزبير أول مولود ولد في الإسلام أي بالمدينة لا مطلقا وأما من ولد في غير المدينة من المهاجرين فقيل عبد الله بن جعفر بالحبشة وأما من الأنصار بالمدينة فكان أول مولود ولد لهم بعد الهجرة مسلمة ابن مخلد كما رواه ابن أبي شيبة وقيل النعمان بن بشير
تابعه خالد بن مخلد عن علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن أسماء رضي الله تعالى عنها أنها هاجرت إلى النبي وهي حبلى
أي تابع زكريا بن يحيى خالد بن مخلد بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام القطواني ينسب إلى التشيع وقال أحمد وغيره له مناكير مات سنة ثلاث عشرة ومائتين وعلي بن مسهر أبو الحسن قاضي الموصل الكوفي الحافظ المحدث الفقيه مات سنة سبع وثمانين ومائة وأخرج هذه المتابعة الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد بهذا السند ولفظه أنها هاجرت وهي حبلى بعبد الله فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي نحوه وزاد في آخره ثم صلى عليه أي دعا له وسماه عبد الله
3911 - حدثني ( محمد ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا أبي حدثنا ( عبد العزيز بن صهيب ) حدثنا ( أنس ابن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال أقبل نبي الله إلى المدينة وهو مردف أبا بكر وأبو بكر شيخ يعرف ونبي الله شاب لا يعرف قال فيلقى الرجل أبا بكر فيقول يا أبا بكر من هاذا الرجل الذي بين يديك فيقول هاذ الرجل يهديني السبيل قال فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق وإنما

(17/51)


يعني سبيل الخير فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم فقال يا رسول الله هاذا فارس قد لحق بنا فالتفت نبي الله فقال اللهم اصرعه فصرعه الفرس ثم قامت تحمحم فقال يا نبي الله مرني بم شئت قال فقف مكانك لا تتركن أحدا يلحق بنا قال فكان أول النهار جاهدا على نبي الله وكان آخر النهار مسلحة له فنزل رسول الله جانب الحرة ثم بعث إلى الأنصار فجاؤا إلى نبي الله وأبي بكر فسلموا عليهما وقالوا اركبا آمنين مطاعين فركب نبي الله وأبو بكر وحفوا دونهما بالسلاح فقيل في المدينة جاء نبي الله جاء نبي الله فأشرفوا ينظرون ويقولون جاء نبي الله جاء نبي الله فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب فإنه ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يخترف لهم فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها فجاء وهي معه فسمع من نبي الله ثم رجع إلى أهله فقال نبي الله أي بيوت أهلنا أقرب فقال أبو أيوب أنا يا نبي الله هاذه داري وهاذا بابي قال فانطلق فهيىء لنا مقيلا قال قوما على بركة الله تعالى فلما جاء نبي الله جاء عبد الله بن سلام فقال أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في فأرسل نبي الله فأقبلوا فدخلوا عليه فقال لهم رسول الله يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إلاه إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق فأسلموا قالوا ما نعلمه قالوا للنبي قالها ثلاث مرار قال فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام قالوا ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أفرأيتم إن أسلم قالوا حاشى لله ما كان ليسلم قال أفرأيتم إن أسلم قالوا حاشى لله ما كان ليسلم قال أفرأيتم إن أسلم قالوا حاشى لله ما كان ليسلم قال يا ابن سلام اخرج عليهم فخرج فقال يا معشر اليهود اتقوا الله فوالله الذي لا إلاه هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق فقالوا له كذبت فأخرجهم رسول الله
مطابقته للترجمة في قوله أقبل نبي الله إلى المدينة وإقباله إليها هو هجرته وشيخه محمد الذي ذكره مجردا هو محمد بن سلام وقال أبو نعيم في ( مستخرجه ) أظن أنه محمد بن المثنى وعبد الصمد يروي عن أبيه عبد الوارث بن سعيد البصري والحديث من أفراده
قوله وهو مردف الواو فيه للحال وقال الداودي يحتمل أنه مرتدف خلفه على الراحلة التي هو عليها ويحتمل أن يكون على راحلة أخرى وراءه قال الله تعالى بألف من الملائكة مردفين ( الأنفال 9 ) أي يتلو بعضهم بعضا واعترض عليه ابن التين بأن الاحتمال الثاني غير صحيح لأنه يلزم منه أن يمشي أبو بكر بين يدي النبي وأجاب بعضهم عن هذا بأنه إنما يلزم ذلك لو كان الخبر جاء بالعكس كأن يقول والنبي مرتدف خلف أبي بكر وأما عن لفظ وهو مردف فلا قلت في كل كلامي المعترض والمجيب نظر أما كلام المعترض

(17/52)


فلا نسلم فيه الملازمة التي ذكرها ولئن سلمنا فماذا يترتب إذا مشى أبو بكر بين يدي النبي بل هو المطلوب عند الملوك وأكابر الناس ولائمة ملك ولا كبير أشرف من النبي ولا أجل قدرا وأما كلام المجيب فإنه يسقط بسقوط الاعتراض قوله وأبو بكر شيخ يعرف أما كونه شيخا فلأنه قد شاب ومع هذا فرسول الله كان أسن من أبي بكر على الصحيح لكن كان شعر أبي بكر أبيض وأكثر بياضا من شعر رسول الله وأما كونه يعرف فلأنه كان يمر على أهل المدينة في سفر التجارة بخلاف النبي قوله يهديني السبيل وسبب هذا القول ما ذكره ابن سعد في رواية له أن النبي قال لأبي بكر أله الناس عني فكان إذا سئل من أنت قال باغي حاجة فإذا قيل من هذا قال هاد يهديني يريد الهداية في الدين ويحسبه الآخر دليلا قوله ويحسب أي يظن قوله فقال يا رسول الله هذا فارس وهو سراقة بن مالك جعشم قوله ثم قامت تحمحم من الحمحمة بالمهملتين وهي صوت الفرس وقال ابن التين في هذا الكلام نظر لأن الفرس إن كانت أنثى فلا يجوز فصرعه وإن كان ذكرا فلا يقال ثم قامت وقال بعضهم وإنكاره من العجائب والجواب أنه ذكر باعتبار لفظ الفرس وأنث باعتبار ما في نفس الأمر من أنها كانت أنثى قلت الجواب الذي يقال ما قاله أهل اللغة منهم الجوهري الفرس يقع على الذكر والأنثى ولم يقل أحد إنه يذكر باعتبار لفظه ويؤنث باعتبار أنها كانت أنثى فهذا الذي ذكره على قوله يمشي في غير الفرس أيضا ولكن لم يقل به أحد ولا له وجه قوله لا تتركن أحدا يلحق بنا هو كقولهم لا تدن من الأسد يهلكك قال الكرماني وهو ظاهر على مذهب الكسائي ولم يبين ذلك قلت هذا المثال غير صحيح عند غير الكسائي لأن فيه فساد المعنى لأن انتفاء الدنو ليس سببا للهلاك والكسائي يجوز هذا لأنه يقدر الشرط إيجابيا في قوة إن دنوت من الأسد يهلكك وتحقيقه يعرف في موضعه قوله مسلحة له أي يدفع عنه الأذى وقال الكرماني المسلحة بفتح الميم صاحب السلاح قلت فيه ما فيه قال الجوهري المسلحة قوم ذوو سلاح والمسلحة كالثغر والمرقب وقال ابن الأثير المسلحة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوو سلاح أو لأنهم يسكنون المسلحة وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غفلة فإذا رأواه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له والجمع مسالح قوله عليهما أي على النبي وأبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله آمنين تثنية آمن نصب على الحال وكذا قوله مطاعين تثنية مطاع نصب على الحال إما المتداخلة أو المترادفة قوله وحفوا دونهما أي أحدقوهما بالسلاح قال الله تعالى وترى الملائكة حافين من حول العرش ( الزمر 75 ) أي محدقين قوله فأقبل أي رسول الله قوله يسير حال أي أقبل حال كونه سائرا قوله فإنه ليحدث أهله الضمير في أنه يرجع إلى النبي قوله إذ سمع كلمة إذ للمفاجأة قوله وهو في نخل الواو فيه للحال قوله يخترف لهم بالخاء المعجمة وبالفاء أي يجتني من الثمار قوله فعجل أي ااستعجل قوله لهم أي لأهله قوله فيها أي في النخل النخل والنخيل بمعنى والواحدة نخلة قوله فجاء وهي معه الواو فيه للحال أي الثمرة التي اجتناها معه ويروى وهو معه أي الذي اجتناه قوله أهلنا إنما قال أهلنا لقرابة ما بينهم من النساء لأن جدته والدة عبد المطلب وهي سلمى بنت عمرو منهم أي من بني مالك بن النجار ولهذا جاء في حديث البراء أنه نزل على أخواله أو أجداده من بني النجار قوله مقيلا أي مكانا يقيل فيه والمقيل أيضا النوم نصف النهار وقال الأزهري القيلولة والمقيل الاستراحة نصف النهار كان معها نوم أو لا بدليل قوله تعالى وأحسن مقيلا ( الفرقان 24 ) والجنة لا نوم فيها يقال قلت أقيل قائلة وقيلولة ومقيلا قال الداودي فهي لنا مقيلا يعني دار أبي أيوب رضي الله تعالى عنه قوله فلما جاء نبي الله أي إلى منزل أبي أيوب جاء عبد الله بن سلام إليه قوله قالوا في بتشديد الياء في الموضعين قوله فدخلوا عليه أي على النبي بعد أن خبأ عبد الله بن سلام وفي رواية يحيى بن عبد الله فأدخلني في بعض بيوتك ثم سلهم عني فإنهم إن علموا بذلك بهتوني وعابوني قال فأدخلني بعض بيوته قوله قال يا ابن سلام أي قال النبي يا عبد الله بن سلام أخرج عليهم إنما قال عليهم دون لهم لأنه صار عدوا لهم بإسلامه ومفارقته إياهم قوله فأخرجهم أي من عنده

(17/53)


393 - ( حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج قال أخبرني عبيد الله بن عمر عن نافع يعني عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمسمائة فقيل له هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف فقال إنما هاجر به أبواه يقول ليس هو كمن هاجر بنفسه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء أبو اسحق الرازي يعرف بالصغير وهشام هو ابن يوسف الصنعاني وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وعبيد الله بن عمر هو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والحديث من أفراده قوله عن نافع يعني عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب هذا هكذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره عن نافع عن عمر وهذا منقطع لأن نافعا لم يلحق عمر رضي الله عنه وقال الكرماني أما نافع عن عمر فهو مرسل لأن نافعا لم يدرك عمر وفي بعضها نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قوله فرض للمهاجرين الأولين أي فرض عمر يعني عين من مال بيت المال للمهاجرين الأولين وهم الذين صلوا إلى القبلتين وقيل هم الذين شهدوا بدرا قوله أربعة آلاف في أربعة آلاف قال صاحب التوضيح معناه أربعة آلاف في أربعة آلاف وقيل معناه في أربعة أعوام وقال الكرماني وفي بعضها أربعة آلاف في أربعة بزياد لفظ في أربعة ولعل فائدة ذكرها التوزيع وبيان أن لكل مهاجر أربعة آلاف أو المراد في أربعة فصول قوله فقيل له أي لعمر بن الخطاب هو يعني عبد الله ابنه من المهاجرين فلأجل أي شيء نقصته من أربعة آلاف إلى آخره فقال إلى آخره وكان عبد الله في عياله وكان عمره حينئذ ثنتي عشرة سنة وأشهر وفرض عمر أيضا للحسن والحسين مثل ما فرض للمهاجرين -
2913 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( خباب ) قال هاجرنا مع رسول الله
3914 - ح وحدثنا ( مسدد ) حدثني ( يحيى ) عن ( الأعمش ) قال سمعت ( شقيق بن سلمة ) قال حدثنا ( خباب ) قال هاجرنا مع رسول الله نبتغي وجه الله وجب أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم ( نجد له شيئا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه فإذا غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا رسول الله أن نغطي رأسه بها ونجعل على رجليه من إذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها قال أبو عبد الله ينع إذا نضج
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى عن قريب في أول الباب ومر أيضا في الجنائز وذكره ههنا أيضا من طريقين أحدهما عن محمد بن كثير بالثاء المثلثة عن سفيان بن عيينة عن سليمان الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة والآخر عن مسدد عن يحيى القطان إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك قوله هاجرنا مع رسول الله أي هاجر نا بإذنه لأنه لم يهاجر مع النبي إلا أبو بكر وعامر بن فهيرة قوله نبتغي أي نطلب قوله أينعت أي أدركت ونضجت يقال أينع الثمر يونع وينع يينع فهو مونع ويانع وأينع أكثر استعمالا قوله يهدبها من هدب الثمرة إذا اجتناها قوله قال أبو عبد الله هو البخاري نفسه
3915 - حدثنا ( يحيى بن بشر ) حدثنا ( روح ) حدثنا ( عوف ) عن ( معاوية بن قرة ) قال حدثني ( أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ) قال قال لي عبد الله بن عمر هل تدري ما قال أبي لأبيك قال قلت لا قال فإن أبي قال لأبيك يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله وهجرتنا معه

(17/54)


وجهادنا معه وعملنا كلنا معه برد لنا وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس فقال أبي لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله وصلينا وصمنا وعملنا خيرا كثيرا وأسلم على أيدينا بشر كثير وإنا لنرجو ذالك فقال أبي لاكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس فقلت إن أباك والله خير من أبي
مطابقته للترجمة في قوله وهجرتنا معه ويحيى بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة أبو زكريا البلخي وكان من عباد الله الصالحين وروح بفتح الراء ابن عبادة بضم العين وعوف هو الأعرابي وأبو بردة بضم الباء الموحدة اسمه عامر وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري
قوله وعملنا كلنا ويروى كله قوله برد بلفظ الماضيأي ثبت وسلم لنا يقال برد لي على الغريم حق أي ثبت ويقال ما برد على فلان فعلي وفي رواية سعيد بن بردة خلص بدل برد قوله كفافا أي سواء بسواء كذا فسره بعضهم وقال الكرماني أي لا لي ولا علي أي لا موجبا للثواب ولا للعقاب قلت التحقيق فيه أن الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة وهو نصب على الحال وقيل أراد به مكفوفا عني شرها وقيل معناه أن لا ينال مني ولا أنال منه أي يكف عني وأكف عنه قوله فقال أبي لا والله كذا وقع والصواب فقال أبوك لأن ابن عمر هو الذي يحكى لأبي بردة ما دار بين عمر وأبي موسى وقد وقع في رواية النسفي على الصواب ولفظه فقال أبوك لا والله قوله فقال أبي لكني إلى آخره كلام عمر رضي الله تعالى عنه وهذا ليس قطعا للرجاء وإنما قال عمر رضي الله تعالى عنه ما قال هضما لنفسه أو لما رأى أن الإنسان لا يخلو عن تقصير ما في كل خير يعمله أراد أن يقع التقاص بينهما ويبقى هو في الدين سالما قوله فقلت القائل هو أبو بردة خاطب بذلك ابن عمر قوله خير من أبي وفي رواية سعيد بن أبي بردة أفقه من أبي
3916 - حدثني ( محمد بن صباح ) أو ( بلغني ) عنه حدثنا ( إسماعيل ) عن ( عاصم ) عن ( أبي عثمان النهدي ) قال سمعت ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما إذا قيل له هاجر قبل أبيه يغضب قال وقدمت أنا وعمر على رسول الله فوجدناه قائلا فرجعنا إلى المنزل فأرسلني عمر وقال اذهب فانظر هل استيقظ فأتيته فدخلت عليه فبايعته ثم انطلقت إلى عمر فأخبرته أنه قد استيقظ فانطلقنا إليه نهرول هرولة حتى دخل عليه فبايعه ثم بايعته
مطابقته للترجمة في قوله هاجر ومحمد بن الصباح بتشديد الباء الموحدة الدولابي البزار بمعجمتين نزيل بغداد وإسماعيل هو ابن علية وعاصم هو ابن سليمان الأحول وأبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل وهؤلاء كلهم بصريون
قوله أو بلغني عنه قال الكرماني هو نوع من الرواية عن المجهول وقيل يحتمل أن يكون الذي بلغه عنه هو عباد بن الوليد أبو بدر الغبري بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحدة الخفيفة لأن أبا نعيم أخرجه في ( مستخرجه ) من طريقه عن محمد بن الصباح بلفظ إذا قيل له أي لابن عمر هاجر قبل أبيه يغضب يعني يتكلم بكلام الغضبان وكان سبب غضبه أن لا يرفع فوق قدره ولا ينافس والده وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يقول لعن الله من يزعم أني هاجرت قبل أبي إنما قدمني في ثقله وفي إسناده ضعف والجواب الذي قاله هنا أصح منه قوله قدمت أنا وعمر على رسول الله أراد عند البيعة قيل لعلها بيعة الرضوان وزعم الداودي أنها بيعة صدرت حين قدم النبي المدينة قيل فيه بعد لأن ابن عمر لم يكن حينئذ في نسق من يبايع وقد عرض على النبي بعد ذلك بثلاث سنين يوم أحد فلم يجزه فيحتمل أن تكون البيعة حينئذ على غير القتال قوله قائلا من القيلولة قوله هرولة وهي السير بين المشي على مهل والعدو

(17/55)


3917 - حدثنا ( أحمد بن عثمان ) حدثنا ( شريح بن مسلمة ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف ) عن أبيه عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت البراء يحدث قال ابتاع أبو بكر من عازب رحلا فحملته معه قال فسأله عازب عن مسير رسول الله قال أخذ علينا بالرصد فخرجنا ليلا فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة ثم رفعت لنا صخرة فأتيناها ولها شيء من ظل قال ففرشت لرسول الله فروة معي ثم اضطجع عليها النبي فانطلقت أنفض ما حوله فإذا أنا براع قد أقبل في غنيمة يريد من الصخرة مثل الذي أردنا فسألته لمن أنت يا غلام فقال أنا لفلان فقلت له هل في غنمك من لبن قال نعم قلت له هل أنت حالب قال نعم فأخذ شاة من غنمه فقلت له انفض الضرع قال فحلب كثبة من لبن ومعي إداوة من ماء عليها خرقة قد روأتها لرسول الله فصببت على اللبن حتى برد أسفله ثم أتيت به النبي فقلت اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله حتى رضيت ثم ارتحلنا والطلب في إثرنا
3919 - حدثنا سليمان بن عبد الرحمان حدثنا محمد بن حمير حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة أن عقبة بن وساج حدثه عن أنس خادم النبي قال قدم النبي وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر فغلفها بالحناء والكتم ( الحديث 3919 - طرفه في 3920 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله قدم النبي لأن معناه قدم من مكة مهاجرا إلى المدينة و ( سليمان بن عبد الرحمن ) ابن ابنة شرحبيل بن أيوب الدمشقي مات سنة ثلاثين ومائتين وهو من أفراده و ( محمد بن حمير ) بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وفتح الياء آخر الحروف وبالراء أبو عبد الحميد الحمصي وهو من أفراده و ( إبراهيم بن أبي عبلة ) بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة واسمه شمر بن يقظان العقيلي الشامي وعقبة بضم العين المهملة وسكون القاف وبالباء الموحدة

(17/56)


ابن وساج بفتح الواو وتشديد السين المهملة وبالجيم البصري سكن الشام قتل سنة اثنتين وثمانين والحديث من أفراده
قوله أشمط من الشمط وهو بياض شعر الرأس يخالطه سواد قوله فغلفها بالغين المعجمة وبالفاء أي خضبها والضمير المنصوب يرجع إلى اللحية وإن لم يمض ذكرها لأن القرينة الحالية تدل عليه قوله بالحناء بكسر الحاء وتشديد النون وبالمد واحدته حناة وأصله الهمز يقال حنأ لحيته بالحناء وزعم السهيلي أنه يجمع على حنان يعني بضم الحاء وتشديد النون على غير القياس وقال هو عندي لغة لا جمع له وقال ابن سيده في ( المحكم ) الحناء بكسر الحاء لغة في الحناء عن ثعلب ووقع في ( معجم الطبراني ) أن النبي سماه طيبا وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه فلا يجوزونه للمحرم قوله والكتم بفتح التاء المثناة من فوق قال الكرماني هو الوسمة وقيل نبت يخلط بالوسمة يختضب به وقيل هو حناء قريش يعني الذي صبغه أصفر وقيل هور النيل وقيل هو غير الوسمة وفي ( التلويح ) الكتم من شجر الجبال يجفف ورقه ويخلط بالحناء ويختضب به الشعر فيقنىء لونه ويقويه ويقال هو ينبت في أصعب الصخور فيتدلى تدليا خيطانا لطافا وهو أخضر وورقه كورق الآس أو أصغر ومجتناه صعب وما أكثر من يعطب ممن يجتنيه ولذلك هو قليل وفي ( ديوان الأدب ) هو بالتخفيف وأما أبو عبيد فشدده
3920 - وقال ( دحيم ) حدثنا ( الوليد ) حدثنا ( الأوزاعي ) حدثني ( أبو عبيد ) عن ( عقبة بن وساج ) حدثني ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال قدم النبي المدينة فكان أسن أصحابه أبو بكر فغلفها بالحناء والكتم حتى قنأ لونها ( انظر الحديث 3919 )
هذا طريق آخر ذكره معلقا عن دحيم بضم الدال وفتح الحاء المهملتين واسمه عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي الحافظ قال أبو داود لم يكن في زمانه مثله مات سنة خمس وأربعين ومائتين روى عنه البخاري في ( الأدب ) وأبو عبيد مصغرا لعبد ضد الحر اسمه حيي بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء آخر الحروف الأولى وتشديد الثانية وقيل هو حي بلفظ ضد الميت يقال له أبو عبيد بن أبي عمرو وكان صاحب سليمان بن عبد الملك ومولاه
ووصل هذا المعلق الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عنه
قوله فكان أسن أصحابه أي الذين قدموا معه حينئذ وقبله أيضا قوله فغلفها أي اللحية كما ذكرنا قوله حتى قنأ بفتح القاف والنون وبالهمزة أي حتى اشتد حمرتها حتى ضربت إلى السواد يقال قنأت لحيته من الخضاب تقنأ قنوءا وقنأ الرجل لحيته بالتشديد تقنئة ويقال أحمر قانىء واصفر فاقع وأخضر ناضر وأسود حالك وأبيض ناصع ويقق
3921 - حدثنا ( أصبغ ) حدثنا ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه تزوج امرأة من كلب يقال لها أم بكر فلما هاجر أبو بكر طلقها فتزوجها ابن عمها هاذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة رثى كفار قريش
( وماذا بالقليب قليب بدرمن الشيزى تزين بالسنام )
( وماذا بالقليب قليب بدرمن القينات والشرب الكرام )
( تحيى بالسلامة أم بكروهل لي بعد قومي من سلام )
( يحدثنا الرسول بأن سنحياوكيف حياة أضداء وهام )
مطابقته للترجمة في قوله فلما هاجر وأصبغ بفتح الهمزة وبالغين المعجمة أبو عبد الله المصري وهو من أفراده وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ويونس هو ابن يزيد الأيلي وابن شهاب محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
والحديث من

(17/57)


أفراده وذكره الحافظ المزي في ( مسند أبي بكر ) رضي الله تعالى عنه
قوله من كلبأي من بني كلب وهو كلب بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وأما الكلبي المشهور فهو من بني كلب بن وبرة بن ثعلب بن قضاعة قوله هذا الشاعر وهو أبو بكر شداد بن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جعونة ويقال له ابن شعوب بفتح الشين المعجمة وضم العين المهملة وسكون الواو وفي آخره باء موحدة وقال ابن حبيب وهي أمه وهي خزاعية وقال ابن هشام وله شعر كثير قاله وهو كافر ثم أسلم ثم ارتد قوله رثى من رثيت الميت أرثيه ورثوته أيضا إذا بكيته وعددت محاسنه وكذلك إذا نظمت فيه شعرا ورثى له أي رق له وتوجع قال ابن الأثير المرثئة من أبنية المصادر نحو المغفرة والمعذرة قوله بالقليب وهو البئر التي لم تطو وقليب بدر وهي البئر التي ألقى رسول الله فيها جيف صناديد قريش الذين قتلوا يوم بدر قال الشاعر المذكور هذه الأبيات المذكورة في مرثيتهم قوله من الشيزي بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الزاي مقصورا وهو شجر يتخذ منه الجفان والقصاع الخشب التي يعمل فيها الثريد وقال الأصمعي هي من شجر الجوز يسود بالدسم وأراد بالشيزى ما تتخذ منه الجفنة وبالجفنة صاحبها كأنه قال ماذا بقليب بدر من أجل أصحاب الجفان المزينة بلحوم أسنمة الإبل وقيل كانوا يسمون الرجل المطعام جفنة لأنه يطعم الناس فيها وقال الداودي الشيزي الجمال قال لأن الإبل إذا سمنت تعظم أسمنتها ويعظم جمالها ورد عليه ابن التين فقال إنما أراد أن الجفنة من الثريد تزين بقطع اللحم من السنام قوله من القينات جمع قينة بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون وهي المغنية وتطلق على الأمة أيضا سواء كانت مغنية أو لا قوله والشرب بفتح الشين المعجمة وسكون الراء جمع شارب كتجر وتاجر وقيل هو اسم جمع وأراد بهم الندماء الذين يجتمعون للشرب قوله تحيي بالسلامة أم بكر تحيى من حيى يحيي بالتشديد تحية وفاعله هو قوله أم بكر وأراد بالسلامة السلام لأن معنى السلام الذي هو التحية السلامة ألا ترى كيف عطف عليه في المصراع الآخر بالسلام يريد وهل لي بعد هلاك قومي من سلامة وفي رواية الكشميهني تحييني بالإفراد وفي رواية غيره تحيينا بضمير الجمع قوله وهل لي بالواو في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فهل لي بالفاء قوله أصداء بفتح الهمزة جمع صدي وهو ذكر البوم وهام جمع هامة وهي جمجمة الرأس وقيل الصدي هو الطائر الذي يطير بالليل وقيل الصدي ما كان يزعمه أهل الجاهلية من أن روح الإنسان تصير طائرا يقال له الصدي وذلك من ترهات الجاهلية وأباطيلهم وإنكارهم البعث وقال الداودي الصدي عظام الميت والهام جمع هامة وهم الموتى يقال أصبح فلان هامة إذا مات ويحتمل أن يريد الإشراف لأن هامة القوم سيدهم وعن أبي عبيد في ( تفسيره ) أن العرب كانت تقول إذا مات الميت يكون من عظامه هامة تطير وقال الهروي يسمون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا مات الصدي وذكر ابن فارس أن العرب كانت تقول إن القتيل إذا لم يدرك بثأره يصير هامة في القبر فتزقو فتقول إسقوني إسقوني فإذا أدرك بثأره طارت
3922 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( همام ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) عن ( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنه قال كنت مع النبي في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا قال اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما ( انظر الحديث 3653 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه أمرا من أمور الهجرة وهمام هو ابن يحيى الشيباني البصري وثابت هو البناني ومضى الحديث في باب مناقب المهاجرين فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سنان عن همام عن ثابت إلى آخره قوله طأطأ بصره أي طامنه وأماله إلى تحت قوله اثنان خبر مبتدأ محذوف أي نحن اثنان الله ثالثهما أي معاونهما وناصرهما وإلا فهو مع كل اثنين بعلمه
3922 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( همام ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) عن ( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنه قال كنت مع النبي في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا قال اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما ( انظر الحديث 3653 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه أمرا من أمور الهجرة وهمام هو ابن يحيى الشيباني البصري وثابت هو البناني ومضى الحديث في باب مناقب المهاجرين فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سنان عن همام عن ثابت إلى آخره قوله طأطأ بصره أي طامنه وأماله إلى تحت قوله اثنان خبر مبتدأ محذوف أي نحن اثنان الله ثالثهما أي معاونهما وناصرهما وإلا فهو مع كل اثنين بعلمه
3923 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( الوليد بن مسلم ) حدثنا ( الأوزاعي ) وقال ( محمد بن يوسف )

(17/58)


حدثنا ( الأوزاعي ) حدثنا ( الزهري ) قال حدثني ( عطاء بن يزيد الليثي ) قال حدثني ( أبو سعيد ) رضي الله تعالى عنه قال جاء أعرابي إلى النبي فسأله عن الهجرة فقال ويحك إن الهجرة شأنها شديد فهل لك من إبل قال نعم قال فتعطي صدقتها قال نعم قال فهل تمنح منها قال نعم قال فتحلبها يوم ورودها قال نعم قال فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فسأله عن الهجرة وذلك بطريق الاستئناس وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المديني والوليد بن مسلم الدمشقي والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو إلى هنا طريق متصل ومن قوله قال محمد بن يوسف طريق معلق فالموصول أخرجه في كتاب الزكاة في باب زكاة الأبل عن علي بن عبد الله عن وليد بن مسلم عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه إلى آخر والمعلق أخرجه في كتابه الهبة في باب فضل المنحة عن محمد بن يوسف أحد مشايخه بالإسناد المذكور ومضى الكلام فيه في كتاب الزكاة قوله فهل تمنح منها أي هل تعطيها لغيرك ليحلب منها وينتفع بها قوله يوم ورودها أي على الماء وإنما قيد الحلب بيوم الشرب لأنه أرفق للإبل والمساكين قوله فلن يترك من الوتر وهو النقص أي لن ينقصك إذا أديت الحقوق فلا عليك في إقامتك في وطنك
46 -
(
باب مقدم النبي وأصحابه المدينة )
أي هذا باب في بيان قدوم النبي وقدوم أصحابه المدينة وكان وصول النبي إلى قباء يوم الاثنين أول شهر ربيع الأول ومر الكلام فيه عن قريب وكان وصول أكثر أصحابه قبله ونزل رسول الله على كلثوم بن الهدم قاله ابن شهاب وقيل نزل على سعد بن خيثمة وجمع بينهما بأن نزوله كان على كلثوم وكان يجلس مع أصحابه عند سعد بن خيثمة لأنه كان أعزب وكان يقال لبيته بيت العزاب قال ابن شهاب وبلغ علي بن أبي طالب نزوله أمنا بقباء فركب راحلته فلحق به وهو بقباء
3924 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) قال ( أنبأنا أبو إسحاق ) سمع ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن مكتوم ثم قدم علينا عمار بن ياسر وبلال رضي الله تعالى عنهم
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيها مقدم أصحابه أيضا وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي والبراء هو ابن عازب
وأخرج البخاري هذا الحديث أيضا في فضائل القرآن عن أبي الوليد وفي التفسير عن عبدان عن أبيه
قوله أنبأنا وكان شعبة يروي أن أنبأنا وأخبرنا وحدثنا بمعنى وقيل يجوز أن يقال أنبأنا عند الإجازة لأنها إنباء عرفا فعلى هذا يكون الإنباء أعم من الإخبار قوله أول من قدم علينا أي بالمدينة وزاد الحاكم في ( الإكليل ) عن شعبة من المهاجرين قوله مصعب بن عمير بضم الميم وسكون الصاد وعمير مصغر عمرو بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري وفي رواية ابن أبي شيبة مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار وذكر موسى بن عقبة أنه نزل على خبيب ابن عدي قوله وابن أم مكتوم هو عمرو ويقال عبد الله وهو من بني عامر بن لؤي قلت عمرو بن قيس بن زائدة ويقال زياد ابن الأصم والأصم هو جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن بغيض بن عامر بن لؤي ويقال عمرو بن زائدة ويقال عبد الله بن زائدة القرشي وقال الكرماني هو عمرو بن قيس بن زائدة على الأصح العامري القرشي الأعمي مؤذن النبي

(17/59)


واسم أمه عاتكة بالعين المهملة وبالتاء المثناة من فوق بنت عبد الله بن عتكة بن عامر بن مخزوم المخزومية قتل بالقادسية شهيدا وقيل رجع منها إلى المدينة ومات بها وهو ابن خال خديجة بنت خويلد وفي رواية ابن أبي شيبة ثم أتانا بعده يعني بعد مصعب بن عمرو بن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهم فقلنا له ما فعل رسول الله قال هم على أثري قوله ثم قدم علينا عمار بن ياسر العبسي أبو اليقظان مولى بني مخزوم وأمه سمية بنت خياط أسلم بمكة قديما وأبوه وأمه قتل بصفين سنة سبع وثلاثين ودفن هناك وكان مع علي رضي الله تعالى عنه وبلال المؤذن وهو ابن رباح وحمامة أمه مولاة أبي بكر الصديق شهد المشاهد كلها مع رسول الله وسكن بعده دمشق ومات بها سنة عشرين ودفن بباب الصغير وقيل بباب كيسان وقيل مات بحلب ودفن بباب الأربعين
3925 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت ( البراء ابن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن مكتوم وكانا يقرئان الناس فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي ثم قدم النبي فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله حتى جعل الإماء يقلن قدم رسول الله فما قدم حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور من المفصل
مطابقته للترجمة ظاهرة وغندر بضم الغين محمد بن جعفر وأبو إسحاق قد مر الآن فإن قلت جزم موسى بن عقبة بأن أول من قدم المدينة من المهاجرين مطلقا أبو سلمة بن عبد الأسد وهنا أول من قدم مصعب قلت قد يجمع بينهما بأن أبا سلمة خرج لا لقصد الإقامة بالمدينة بل فرارا من المشركين بخلاف مصعب بن عمير فإنه خرج إليها للإقامة بها وتعليم من أسلم من أهلها بأمر النبي فلكل منهما أولية من جهة
قوله وكان يقرئان الناس أي مصعب وابن أم مكتوم وفي أكثر النسخ وكانوا يقرئون الناس بصيغة الجمع بعد ذكر اثنين وفي رواية الحاكم وكانوا يقرئوننا قوله وسعد هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة قوله ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي ذكر ابن إسحاق منهم زيد بن الخطاب وسعيد بن زيد بن عمرو وعبد الله ابني سراقة وخنيس بن حذافة وواقد بن عبد الله وخولي بن أبي خولي ومالك بن أبي خولي وأخاه هلال وعياش بن أبي ربيعة وخالدا وإياسا وعامرا وعاقلا من بني البكير قال فنزلوا جميعا أي هؤلاء الثلاثة عشر على رفاعة بن المنذر وروى ابن عائذ في المغازي بإسناد له عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال خرج عمر والزبير وطلحة وعثمان وعياش بن أبي ربيعة في طائفة فتوجه عثمان وطلحة إلى الشام انتهى وذكر موسى بن عقبة أن أكثر المهاجرين نزلوا على بني عمرو بن عوف بقباء إلا عبد الرحمن بن عوف فإنه نزل على سعد بن الربيع وهو خزرجي قوله فرحهم منصوب بنزع الخافض أي كفرحهم قوله حتى جعل الإماء جمع أمة وفي رواية الحاكم من طريق إسحاق بن أبي طلحة عن أنس فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدف وهن يقلن
نحن جوار من بني النجار
يا حبذا محمدا من جار
وفي ( شرف المصطفى ) لما دخل النبي جعل الولائد يقلن
( طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع )
( وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع )

(17/60)


قوله في سور من المفصل أي مع سور من المفصل وهو السبع الأخير من القرآنفإن قلت قوله حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى ( الأعلى 1 ) يدل على أنها نزلت بمكة وذكروا أن قوله تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ( الأعلى 9 - 10 ) نزلت في صلاة العيد وصدقة الفطر في السنة الثانية من الهجرة قلت لا يبعد أن تكون السورة مكية وتكون الآيتان مدنيتان وجواب آخر وهو الأوجه أن نزول السورة كلها كان بمكة ولكن النبي بين أن المراد من الآيتين صلاة العيد وصدقة الفطر ولا شك أن النبي مبين للشرائع والأحكام
3926 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها أنها قالت لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال قالت فدخلت عليهما فقلت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول
( كل امرىء مصبح في أهله
والموت أدنى من شراك نعله )
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول
( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةبواد وحولي إذخر وجليل )
( وهل أردن يوما مياه مجنةوهل يبدون لي شامة وطفيل )
قالت عائشة فجئت رسول الله فأخبرته فقال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مر في كتاب الحج في آخر الأبواب فإنه أخرجه هناك عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة إلى آخره وفيه أللهم العن شيبة إلى قوله إلى أرض الوباء وقد مر الكلام فيه هناك
قوله وعك على صيغة المجهول أي حم قوله قالت أي عائشة قوله عليهما أي على أبي بكر وبلال قوله كيف تجدك بتاء الخطاب أي كيف تجد نفسك ومثله تجدك الثاني قوله مصبح بفتح الباء الموحدة أي مصاب بالموت صباحا وقيل المراد يقال له صبحك الله بالخير وقد يفجؤه الموت في بقية النهار قوله أدنى أي أقرب والشراك بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء سير النعل على وجهها قوله إذا أقلع أي الكف وزال قوله عقيرته بفتح العين المهملة وكسر القاف وهو الصوت بالبكاء أو بالغناء قوله بوادأي بوادي مكة والواو في وحولي للحال قوله وجليل بالجيم وهو نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت قوله أردن متكلم المضارع بالنون الخفيفة قوله مجنة بفتح الميم والجيم والنون اسم موضع على أميال من مكة وكان به سوق في الجاهلية قوله وهل يبدون أي وهل يظهرن وهو بالنون الخفيفة قوله شامة بالشين المعجمة وتخفيف الميم وطفيل بفتح الطاء المهملة وكسر الفاء وهما جبلان بقرب مكة وقال الخطابي كنت أحسب أنهما جبلان حتى ثبت عندي أنهما عينان وقال بعضهم زعم بعضهم أن الصواب بالموحدة يعني شابة بالباء الموحدة بدل الميم والمعروف بالميم قلت القائل به هو الصغاني
( إذا قالت حذام فصدقوها )
قوله في صاعها ويروى وصاعنا قوله بالجحفة بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الفاء على سبع مراحل من المدينة وبينه وبين البحر ستة أميال وهو ميقات أهل مصر الآن وأما في ذلك الوقت فكان مسكن اليهود لعنهم الله تعالى
3927 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) حدثني

(17/61)


( عروة بن الزبير ) أن ( عبيد الله بن عدي ) أخبره ( دخلت على عثمان ) وقال ( بشر بن شعيب ) حدثني أبي عن ( الزهري ) حدثني ( عروة بن الزبير ) أن ( عبيد الله بن عدي بن الخيار ) أخبره قال ( دخلت على عثمان ) فتشهد ثم قال أما بعد فإن الله بعث محمدا بالحق وكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث به محمد ثم هاجرت هجرتين ونلت صهر رسول الله وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله تعالى ( انظر الحديث 3696 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله ثم هاجرت هجرتين وكان عثمان ممن رجع من الحبشة فهاجر من مكة إلى المدينة ومعه زوجته رقية بنت النبي وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي وهشام هو ابن يوسف الصنعاني ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد وعبيد الله بن عدي بتشديد الياء ابن الخيار ويروى بدون الألف واللام النوفلي أدرك زمن النبي ولكن لم يثبت له رؤية ولا رواية إلى هنا موصول قوله وقال بشر معلق وهو بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن شعيب يروي عن أبيه شعيب بن أبي حمزة الحمصي عن محمد بن مسلم الزهري والحديث مر بأتم منه في مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه والمعلق وصله أحمد في ( مسنده ) عن بشر بن يعقوب بتمامه قوله هجرتين هما هجرة الحبشة وهجرة المدينة قوله ونلت بالنون ويروى وكنت صهر رسول الله أي الاتصال به من جهة القرابة النسبية أي ببنتيه
تابعه إسحاق الكلبي حدثني الزهري مثله
أي تابع شعيبا الراوي عن الزهري بقوله حدثني إسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي ووصل هذه المتابعة أبو بكر بن شاذان بإسناده إلى يحيى بن صالح عنه عن الزهري مثله
3928 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثني ( ابن وهب ) حدثنا ( مالك ) ح وأخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله ) أن ( ابن عباس ) أخبره أن عبد الرحمان بن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى في آخر حجة حجها عمر فوجدني فقال عبد الرحمان فقلت يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وإني أرى أن نمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة وتخلص لأهل الفقه وأشراف الناس وذوي رأيهم قال عمر لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة
مطابقته للترجمة في قوله فإنها دار الهجرة والسنة ورجاله قد ذكروا غير مرة ويحيى بن سليمان الجعفي سكن مصر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
والحديث أخرجه البخاري في المحاربين مطولا عن علي بن عبد الله وعن عبد العزيز بن عبد الله وفي المغازي والاعتصام عن موسى بن إسماعيل وأخرجه بقية الجماعة قوله قال ابن وهب أخبرني يونس وكذلك قال في المظالم في باب ما جاء في السقائف حيث قال حدثني يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني مالك وأخبرني يونس عن إبن شهاب إلى آخره مختصرا حاصله أن عبد الله بن وهب روى هذا الحديث عن مالك وروى عن يونس بن يزيد أيضا وله فيه شيخان والحديث الذي يأتي في المحاربين يفسر هذا لأنه مختصر منه
قوله رجع إلى أهله وهو بمنى أي والحال أن أهله بمنى وأراد به منزله ويوضحه ما في حديث المحاربين عن ابن عباس كنت أقرىء رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في آخر حجة حجها إذ رجع إلى عبد الرحمن فقال لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت فغضب عمر ثم قال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم

(17/62)


إلى أن قال فامهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقة وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة الحديث بطوله فإن لم يقف الناظر فيه لم يحصل له تمكن في فهم حديث الباب لأنه مختصر والمطول شرح له فلذلك ذكرنا منه قدر الاحتياج ههنا وسيجيء مزيد الكلام في المحاربين إن شاء الله تعالى قوله إن الموسم أي موسم الحج وهو مجتمع الناس وسمى به لأنه معلم لجميع الناس قوله رعاع الناس بفتح الراء وتخفيف العين المهملة الأولى الأسقاط والسفلة وغوغاؤهم أصل الغوغاء الجراد حتى يخف للطيران ثم استعير للسفلة من الناس المسرعين إلى الشر ويجوز أن يكون من الغوغاء الصوت والجلبة الكثيرة لكثرة لغلطهم وصياحهم قوله والسنة ويروى والسلامة عن الكشميهني قوله وتخلص أي تصل قوله أول مقام أراد به قيامه في المدينة بالكلام والحكم
3928 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثني ( ابن وهب ) حدثنا ( مالك ) ح وأخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله ) أن ( ابن عباس ) أخبره أن عبد الرحمان بن عوف رجع إلى أهله وهو بمنى في آخر حجة حجها عمر فوجدني فقال عبد الرحمان فقلت يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وإني أرى أن نمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة وتخلص لأهل الفقه وأشراف الناس وذوي رأيهم قال عمر لأقومن في أول مقام أقومه بالمدينة
مطابقته للترجمة في قوله فإنها دار الهجرة والسنة ورجاله قد ذكروا غير مرة ويحيى بن سليمان الجعفي سكن مصر وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
والحديث أخرجه البخاري في المحاربين مطولا عن علي بن عبد الله وعن عبد العزيز بن عبد الله وفي المغازي والاعتصام عن موسى بن إسماعيل وأخرجه بقية الجماعة قوله قال ابن وهب أخبرني يونس وكذلك قال في المظالم في باب ما جاء في السقائف حيث قال حدثني يحيى بن سليمان قال حدثني ابن وهب قال حدثني مالك وأخبرني يونس عن إبن شهاب إلى آخره مختصرا حاصله أن عبد الله بن وهب روى هذا الحديث عن مالك وروى عن يونس بن يزيد أيضا وله فيه شيخان والحديث الذي يأتي في المحاربين يفسر هذا لأنه مختصر منه
قوله رجع إلى أهله وهو بمنى أي والحال أن أهله بمنى وأراد به منزله ويوضحه ما في حديث المحاربين عن ابن عباس كنت أقرىء رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في آخر حجة حجها إذ رجع إلى عبد الرحمن فقال لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت فغضب عمر ثم قال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم إلى أن قال فامهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقة وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة الحديث بطوله فإن لم يقف الناظر فيه لم يحصل له تمكن في فهم حديث الباب لأنه مختصر والمطول شرح له فلذلك ذكرنا منه قدر الاحتياج ههنا وسيجيء مزيد الكلام في المحاربين إن شاء الله تعالى قوله إن الموسم أي موسم الحج وهو مجتمع الناس وسمى به لأنه معلم لجميع الناس قوله رعاع الناس بفتح الراء وتخفيف العين المهملة الأولى الأسقاط والسفلة وغوغاؤهم أصل الغوغاء الجراد حتى يخف للطيران ثم استعير للسفلة من الناس المسرعين إلى الشر ويجوز أن يكون من الغوغاء الصوت والجلبة الكثيرة لكثرة لغلطهم وصياحهم قوله والسنة ويروى والسلامة عن الكشميهني قوله وتخلص أي تصل قوله أول مقام أراد به قيامه في المدينة بالكلام والحكم
3929 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( إبراهيم الأنصاري بن سعد ) أخبرنا ( ابن شهاب ) عن ( خارجة بن زيد بن ثابت ) أن أم العلاء امرأة من نسائهم بايعت النبي أخبرته أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين قالت أم العلاء فاشتكى عثمان عندنا فمرضته حتى توفي وجعلناه في أثوابه فدخل علينا النبي فقلت رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال النبي وما يدريك أن الله أكرمه قالت قلت لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمن قال أما هو فقد جاءه والله اليقين والله إني لأرجو له الخير وما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي قالت فوالله لا أزكي أحدا بعده قالت فأحزنني ذلك فنمت فأريت لعثمان بن مظعون عينا تجري فجئت رسول الله فأخبرته فقال ذلك عمله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف وأم العلاء قال الترمذي هي والدة خارجة بن زيد بن ثابت الراوي عنها وأم العلاء هي بنت الحارث بن ثابت بن خارجة الأنصارية الخزرجية واسمها كنيتها والحديث مر في كتاب الجنائز في باب الدخول على الميت فإنه أخرجه هناك عن يحيى ن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب إلى آخره قوله من نسائهم أي من نساء الأنصار قوله حتى اقترعت ووقع أيضا قرعت والأول هو المعروف قوله طار لهم أي خرج لهم في القرعة قوله أبا السائب هو كنية عثمان بن مظعون بالظاء المعجمة
408 - ( حدثنا عبيد الله بن سعيد حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز و جل لرسوله فقدم رسول الله المدينة وقد افترق ملوهم وقتلت سرواتهم في دخولهم في الإسلام )
مطابقته للترجمة في قوله فقدم رسول الله وعبيد الله بن سعيد بن يحيى أبو قدامة اليشكري السرخسي وهو من مشايخ مسلم أيضا وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة والحديث في باب مناقب الأنصار فإنه أخرجه هناك عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة إلى آخره قوله يوم بعاث بضم الباء الموحدة وتخفيف

(17/63)


العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة وهو يوم جرى بين الأوس والخزرج فيه قتال قوله وقد افترق الواو فيه للحال قوله ماؤهم أي أشرافهم قوله وسرواتهم أي ساداتهم وهو جمع سراة ويجمع السرى يعني النفيس على سراة أيضا على غير قياس قوله في دخولهم يتعلق بقوله قدمه الله تعالى يعني لو كان صناديدهم أحياء لما انقادوا لرسول الله حبا للرياسة
409 - ( حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن هشام عن أبيه عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها يوم فطر أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر مزمار الشيطان مرتين فقال النبي دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم )
مطابقته للترجمة من حيث أنه مطابق للحديث السابق في ذكر يوم بعاث والمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء ولم أر أحدا من الشراح ذكر له مطابقة والذي ذكرته من الفيض الالهي ورجاله قد ذكروا غير مرة وغندر محمد بن جعفر وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه والحديث قد مر بأتم منه فإنه أخرجه هناك في باب إذا فاتته صلاة العيد يصلي ركعتين عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك قوله والنبي الواو فيه للحال قوله أو أضحى شك من الراوي أي أو يوم أضحى قوله قينتان تثنية قينة بفتح القاف وهي المغنية قوله بما تقاذفت بالقاف والذال المعجمة أي بما ترامت به الأنصار في ذلك اليوم ويروى بما تعازفت بالعين المهملة والزاي قال الخطابي يحتمل أن يكون من عزف اللهو وضرب المعازف على تلك الأشعار المحرضة للقتال وأن يكون من العزف وهو أصوات الوغى كعزيف الرياح وهو ما يسمع من دويها والمعازف الملاهي والعازف اللاعب بها وفي بعض النسخ وعندها قينتان بما تقاذفت الأنصار بدون لفظ تغنيان فلذلك قال الخطابي يريد بالقينتين جارتين لا مغنيتين وأراد بهذا تنزيه بيت رسول الله من أن يكون فيه غناء من مغنيتين مشهورتين ( قلت ) فعلى هذا الابدان بقدر متعلق مناسب لقوله بما وهو أن يقال قينتان تنشدان بما تقاذفت الأنصار فافهم -
3932 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الوارث ) ح وحدثنا ( إسحاق بن منصور ) أخبرنا ( عبد الصمد ) قال سمعت أبي يحدث حدثنا ( أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي ) قال حدثني ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال لما قدم رسول الله المدينة نزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف قال فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أرسل إلى ملاء بني النجار قال فجاؤا متقلدي سيوفهم قال وكأني أنظر إلى رسول الله على راحلته وأبو بكر ردفه وملإ بني النجار حوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب قال فكان يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم قال ثم إنه أمر ببناء المسجد فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاؤا فقال يا بني النجار ثامنوني حائطكم هاذا فقالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا الله تعالى قال فكان فيه ما أقول لكم كانت فيه قبور المشركين وكانت فيه خرب وكان فيه نخل فأمر رسول الله بقبور المشركين فنبشت وبالخرب فسويت وبالنخل فقطع قال فصفوا النخل قبلة المسجد قال وجعلوا عضادتيه حجارة قال جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون ورسول الله معهم يقولون
( أللهم إنه لا خير إلا خير الآخرهفانصر الأنصار والمهاجره )

(17/64)


مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الوارث هو ابن عبد الصمد والحديث مر في كتاب الصلاة في باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس إلى آخره وتقدم الكلام فيه هناك وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف
قوله علو المدينة بضم العين وسكون اللام وكل ما كان في جهة نجد يسمى العالية وما كان في جهة تهامة يسمى السافلة وقباء من عوالي المدينة وأخذ من نزول النبي في علو المدينة التفاؤل له ولدينه بالعلو قوله يقال لهم بنو عمرو بن عوف وهو ابن مالك ابن الأوس بن حارثة قوله إلى ملأ بني النجار أي جماعتهم قوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب معنى ألقى نزل أو ألقى رحله وفناء الدار بكسر الفاء ما امتد من جوانبها واسم أبي أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري من بني مالك ابن النجار قوله ثامنوني أي عينوا لي ثمنه أو ساوموني بثمنه يقال ثامنت الرجل في كذا أي ساومته قوله حائطكم أي بستانكم قال فكان فيه أي قال أنس فكان في حائطكم قوله خرب بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء ويروى خرب بفتح الخاء وكسر الراء وقال الخطابي أكثر الرواية بالفتح ثم بالكسر قال ويحتمل الخرب بالضم ثم السكون قال وهي الخروق المستديرة في الأرض ويحتمل الجرف بكسر الجيم وفتح الراء وبالفاء وهو ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض ويحتمل الحدب بفتح الحاء والدال المهملتين وهو المرتفع من الأرض وهذه احتمالات لا يلتفت إليها مع وجود الرواية المشهورة الصحيحة قوله عضادتيه تثنية عضادة وهي ما حول الباب
47 -
( باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه )
أي هذا باب في بيان حكم إقامة المهاجر بعد قضاء نسكه من حج أو عمرة
3933 - حدثني ( إبراهيم بن حمزة ) حدثنا ( حاتم ) عن ( عبد الرحمان بن حميد الزهري ) قال سمعت عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن أخت النمر ما سمعت في سكنى مكة قال سمعت العلاء بن الحضرمي قال قال رسول الله ثلاث للمهاجر بعد الصدر
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن حمزة بالحاء والزاي أبو إسحاق الزبيري الأسدي المدني مات سنة ثلاثين ومائتين وهو من أفراده وحاتم هو ابن إسماعيل الكوفي سكن المدينة وعبد الرحمن بن حميد بضم الحاء ابن عبد الرحمن ابن عوف الزهري والسائب بالسين المهملة ابن يزيد من الزيادة ابن أخت النمر بلفظ الحيوان المشهور الكندي على المشهور والعلاء بن الحضرمي صحابي جليل ولاه النبي البحرين وكان مجاب الدعوة ومات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وماله في البخاري إلا هذا الحديث
وأخرجه مسلم في الحج عن القعنبي وعن يحيى وعن حسن الحلواني وعبد بن حميد وعن حجاج بن الشاعر وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن رافع وعن محمد بن عبد الله وعن عبيد الله بن سعد وفي الصلاة عن الحارث بن مسكين وعن محمد بن عبد الملك وأخرجه ابن ماجه في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة
قوله ثلاث أي ثلاث ليال ترخص في الإقامة للمهاجر بعد طواف الصدر وهو بعد الرجوع من منى وكانت الإقامة بمكة حراما على الذين هاجروا منها قبل الفتح إلى رسول الله ثم أبيح لهم إذا دخلوها بحج أو عمرة أن يقيموا بعد قضاء نسكهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا عليها وإن حكم الإقامة ثلاث ليال حكم المسافر وفي كلام الداودي اختصاص ذلك بالمهاجرين الأولين ولا معنى لتقييده بالأولين وقال النووي معنى هذا الحديث أن الذين هاجروا يحرم عليهم استيطان مكة وحكى عياض أنه قول الجمهور قال وأجازه لهم جماعة بعد الفتح فحملوا هذا القول على الزمن الذي كانت الهجرة المذكورة واجبة فيه قال واتفق الجميع على أن

(17/65)


الهجرة قبل الفتح كانت واجبة عليهم وأن سكنى المدينة كان واجبا لنصرة النبي ومواساته بالنفس وأما غير المهاجرين فيجوز له سكنى أي بلد أراد سواء مكة وغيرها بالاتفاق
48 -
( باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ )
أي هذا باب في بيان التاريخ هو تعريف الوقت وكذلك التوريخ قال الصيداوي أخذ التاريخ من الأرخ كأنه شيء حدث كما يحدث الولد قال الصغاني قال ابن شميل يقال للانثى من بقر الوحش أرخ بالفتح وجمعه اراخ مثل فرخ وفراخ وقال الصيداوي هو الارخ بالكسر وضعف الأزهري قوله وقال الجوهري أرخت الكتاب بيوم كذا وورخته بمعنى قلت فرق الأصمعي بين اللغتين فقال بنو تميم يقولون ورخت الكتاب توريخا وقيس تقول أرخته تأريخا وقيل التاريخ معرب من ماء وروز ومعناه حساب الأيام والشهور والأعوام فعربته العرب قوله من أين أرخوا التاريخ أي ابتداء التاريخ من أي وقت كان وفيه اختلاف فروى ابن الجوزي بإسناده إلى الشعبي قال لما كثر بنو آدم في الأرض وانتشروا أرخوا من هبوط آدم عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان يوسف عليه السلام ثم إلى خروج موسى عليه السلام من مصر بني اسرائيل ثم إلى زمان داود عليه السلام فكان التاريخ منه إلى الطوفان ثم إلى نار الخليل عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان سليمان عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان عيسى عليه الصلاة و السلام ورواه أيضا ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وحكى محمد بن سعد عن ابن الكلبي أن حمير كانت تؤرخ بالتبابعة وغسان بالسد وأهل صنعاء بظهور الحبشة على اليمن ثم بغلبة الفرس ثم أرخت العرب بالأيام المشهورة كحرب البسوس وداحس والغبراء وبيوم ذي قار والفجارات ونحوها وبين حرب البسوس ومبعث نبينا ستون سنة وقال ابن هشام الكلبي عن أبيه أما الروم فأرخت بقتل دارا بن دارا إلى ظهور الفرس عليهم وأما القبط فأرخت ببخت نصر إلى فلابطرة صاحبة مصر وأما اليهود فأرخت بخراب بيت المقدس وأما النصارى فبرفع المسيح عليه الصلاة و السلام وأما ابتداء تاريخ الإسلام ففيه اختلاف أيضا فروى الحافظ ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) عن أنس بن مالك أنه كان التاريخ من مقدم رسول الله المدينة في ربيع الأول فأرخوا وعن ابن عباس قدم النبي المدينة وليس لهم تاريخ وكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه فأقاموا على ذلك إلى أن توفي النبي وانقطع التاريخ ومضت أيام أبي بكر على هذا وأربع سنين من خلافة عمر على هذا ثم وضع التاريخ واختلفوا في سببه فروى ابن السمرقندي أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه كتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فأرخ لتستقيم الأحوال فأرخ وقال أبو اليقظان رفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال أي شعبان هذا الذي نحن فيه أم الماضي أم الذي يأتي وقال الهيثم ابن عدي أول من أرخ يعلى بن أمية كتب إلى عمر من اليمن كتابا مؤرخا فاستحسنه وشرع في التاريخ وقال ابن عباس لما عزم عمر على التاريخ جمع الصحابة فاستشارهم فقال سعد بن أبي وقاص أرخ لوفاة رسول الله وقال طلحة أرخ لمبعثه وقال علي بن أبي طالب أرخ لهجرته فإنها فرقت بين الحق والباطل وقال آخرون لمولده وقال قوم لنبوته وكان هذا في سنة سبع عشرة من الهجرة وقيل في سنة ست عشرة واتفقوا على قول علي رضي الله تعالى عنه ثم اختلفوا في الشهور فقال عبد الرحمن بن عوف أرخ لرجب فإنه أول الأشهر الحرم وقال طلحة من رمضان لأنه شهر الأمة وقال علي من المحرم لأنه أول السنة
48 -
( باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ )
أي هذا باب في بيان التاريخ هو تعريف الوقت وكذلك التوريخ قال الصيداوي أخذ التاريخ من الأرخ كأنه شيء حدث كما يحدث الولد قال الصغاني قال ابن شميل يقال للانثى من بقر الوحش أرخ بالفتح وجمعه اراخ مثل فرخ وفراخ وقال الصيداوي هو الارخ بالكسر وضعف الأزهري قوله وقال الجوهري أرخت الكتاب بيوم كذا وورخته بمعنى قلت فرق الأصمعي بين اللغتين فقال بنو تميم يقولون ورخت الكتاب توريخا وقيس تقول أرخته تأريخا وقيل التاريخ معرب من ماء وروز ومعناه حساب الأيام والشهور والأعوام فعربته العرب قوله من أين أرخوا التاريخ أي ابتداء التاريخ من أي وقت كان وفيه اختلاف فروى ابن الجوزي بإسناده إلى الشعبي قال لما كثر بنو آدم في الأرض وانتشروا أرخوا من هبوط آدم عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان يوسف عليه السلام ثم إلى خروج موسى عليه السلام من مصر بني اسرائيل ثم إلى زمان داود عليه السلام فكان التاريخ منه إلى الطوفان ثم إلى نار الخليل عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان سليمان عليه الصلاة و السلام ثم إلى زمان عيسى عليه الصلاة و السلام ورواه أيضا ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وحكى محمد بن سعد عن ابن الكلبي أن حمير كانت تؤرخ بالتبابعة وغسان بالسد وأهل صنعاء بظهور الحبشة على اليمن ثم بغلبة الفرس ثم أرخت العرب بالأيام المشهورة كحرب البسوس وداحس والغبراء وبيوم ذي قار والفجارات ونحوها وبين حرب البسوس ومبعث نبينا ستون سنة وقال ابن هشام الكلبي عن أبيه أما الروم فأرخت بقتل دارا بن دارا إلى ظهور الفرس عليهم وأما القبط فأرخت ببخت نصر إلى فلابطرة صاحبة مصر وأما اليهود فأرخت بخراب بيت المقدس وأما النصارى فبرفع المسيح عليه الصلاة و السلام وأما ابتداء تاريخ الإسلام ففيه اختلاف أيضا فروى الحافظ ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) عن أنس بن مالك أنه كان التاريخ من مقدم رسول الله المدينة في ربيع الأول فأرخوا وعن ابن عباس قدم النبي المدينة وليس لهم تاريخ وكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه فأقاموا على ذلك إلى أن توفي النبي وانقطع التاريخ ومضت أيام أبي بكر على هذا وأربع سنين من خلافة عمر على هذا ثم وضع التاريخ واختلفوا في سببه فروى ابن السمرقندي أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه كتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فأرخ لتستقيم الأحوال فأرخ وقال أبو اليقظان رفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال أي شعبان هذا الذي نحن فيه أم الماضي أم الذي يأتي وقال الهيثم ابن عدي أول من أرخ يعلى بن أمية كتب إلى عمر من اليمن كتابا مؤرخا فاستحسنه وشرع في التاريخ وقال ابن عباس لما عزم عمر على التاريخ جمع الصحابة فاستشارهم فقال سعد بن أبي وقاص أرخ لوفاة رسول الله وقال طلحة أرخ لمبعثه وقال علي بن أبي طالب أرخ لهجرته فإنها فرقت بين الحق والباطل وقال آخرون لمولده وقال قوم لنبوته وكان هذا في سنة سبع عشرة من الهجرة وقيل في سنة ست عشرة واتفقوا على قول علي رضي الله تعالى عنه ثم اختلفوا في الشهور فقال عبد الرحمن بن عوف أرخ لرجب فإنه أول الأشهر الحرم وقال طلحة من رمضان لأنه شهر الأمة وقال علي من المحرم لأنه أول السنة
3934 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن أبيه عن ( سهل بن سعد ) قال ما عدوا من مبعث النبي ولا من وفاته ما عدوا إلا من مقدمه المدينة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز هو ابن أبي حازم سلمة بن دينار قوله ما عدوا أي التاريخ من مبعث النبي صلى الله

(17/66)


عليه وسلم ولا عدوه من وفاته وإنما عدوه من وقت مقدمه المدينة أي من وقت قدومه مهاجرا إليها وقد ذكرناه مستقصى قال الكرماني فإن قلت قدومه المدينة كان في ربيع الأول فلم جعلوا ابتداءه من المحرم قلت لأنه أول السنة أو لأن الهجرة من مكة كانت فيه وقد ذكرنا الآن ما يغني عن هذا السؤال والجواب
3935 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي ففرضت أربعا وتركت صلاة السفر على الأول ( انظر الحديث 350 وطرفه )
لما كان البابان السابقان داخلين في باب هجرة النبي جاءت المناسبة لذكر هذا الحديث هنا وقد مر الحديث في كتاب الصلاة في أول الأبواب وهو باب كيف فرضت الصلاة وقد مر الكلام فيه مستقصى هناك قوله على الأول رواية أبي ذر ويروى على الأولى
تابعه عبد الرزاق عن معمر
أي تابع يزيد بن زريع في رواية الحديث عن معمر بن راشد عبد الرازق بن همام الصنعاني وهذه المتابعة وصلها الإسماعيلي عنه
49 -
( باب قول النبي اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ومرثيته لمن مات بمكة )
أي هذا باب في ذكر قول النبي أللهم أمض لأصحابي هجرتهم ويأتي تفسيره في حديث الباب قوله ومرثيته بالجر عطف على قوله قول النبي أي وفي ذكر مرثية النبي للذين ماتوا بمكة وهو من رثى للميت إذا رق له ورثيته إذا بكيته وعددت محاسنه والمراد من مرثيته هنا التوجع له لكونه مات في البلدة التي هاجر منها
414 - ( حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا إبراهيم عن الزهري عن عامر بن سعد بن مالك عن أبيه قال عادني النبي عام حجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت فقلت يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قال فأتصدق بشطره قال لا قال الثلث يا سعد والثلث كثير إنك أن تذر ذريتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس قال أحمد بن يونس وموسى عن إبراهيم أن تذر ورثتك ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرك الله بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك قلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثى له رسول الله أن توفي بمكة )

(17/67)


مطابقته للترجمة في قوله اللهم امض لأصحابي هجرتهم إلى آخر الحديث ويحيى بن قزعة بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات الحجازي وهو من أفراده وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن محمد بن مسلم الزهري وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص وهذا الحديث قد مر في كتاب الجنائز في باب رثاء النبي سعد بن خولة فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه إلى آخره ومر الكلام فيه هناك قوله أشفيت أي أشرفت من الوجع منه أي من المرض قوله أن تذر ذريتك هكذا في رواية الكشميهني والقابسي وفي رواية الأكثرين ورثتك قوله وأن بفتح الهمزة ويروى بكسرها وجزاؤه قوله خير قوله عالة جمع العائل وهو الفقير قوله يتكففون أي يبسطون أكفهم إلى الناس للسؤال قوله قال أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس أحد مشايخ البخاري قوله وموسى هو موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي وهو أيضا أحد مشايخ البخاري قوله عن إبراهيم هو ابن سعد فتعليق أحمد أخرجه البخاري في حجة الوداع في آخر المغازي وتعليق موسى أخرجه في الدعوات قوله بنافق يستعمل بمعنى منفق وهو رواية الكشميهني أعني منفق وهو الصواب قوله إلا أجرك الله بقصر الهمزة قوله وأخلف على صيغة المجهول أي في مكة أو في الدنيا قوله امض من الامضاء أي أنفذها وتممها لهم ولا تنقصها عليهم قوله لكن البائس هو شديد الحاجة أوالفقير قوله يرثي له رسول الله كلام سعد بن أبي وقاص والأكثر على أنه كلام الزهري قوله أن توفي بفتح الهمزة للتعليل أي لأجل أنه توفي في مكة ويروى أنه مات بمكة -
50 -
( باب كيف آخى النبي بين أصحابه )
أي هذا باب في بيان كيفية إخاء النبي بين أصحابه قال أبو عمر كانت المؤاخاة مرتين مرة بين المهاجرين خاصة وذلك بمكة ومرة بين المهاجرين والأنصار وهذه هي المقصودة هنا
وقال عبد الرحمان بن عوف آخى النبي بيني وبين سعد بن الربيع لما قدمنا المدينة
هذه قطعة من حديث أخرجه البخاري بتمامه في البيوع في أول باب من أبوابه فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز ابن عبد الله عن أبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال قال عبد الرحمن بن عوف لما قدمنا المدينة آخى رسول الله بيني وبين سعد بن الربيع الحديث
وقال أبو جحيفة آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء
أبو جحيفة بضم الجيم وفتح الحاء وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء اسمه وهب بن عبد الله السوائي وهو من صغار الصحابة قيل مات رسول الله وهو لم يبلغ الحلم نزل الكوفة وابتنى بها دارا مات في سنة أربع وسبعين وهذا التعليق قطعة من حديث أخرجه البخاري بتمامه في كتاب الصيام في باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن جعفر بن عوف عن أبي العميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال آخى النبي إلى آخره
3937 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( حميد ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال قدم عبد الرحمان بن عوف فآخى النبي بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله فقال عبد الرحمان بارك الله لك في أهلك ومالك دلني على السوق فربح شيئا من أقط وسمن فرآه النبي بعد أيام وعليه وضر من صفرة فقال النبي مهيم يا عبد الرحمان قال يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار قال فما سقت فيها فقال

(17/68)


وزن نواة من ذهب فقال النبي أولم ولو بشاة
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه كيفية المؤاخاة ومحمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي وسفيان هو ابن عيينة والحديث مر في كتاب البيوع في أول أبوابه فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن يونس عن زهير عن حميد عن أنس إلى آخره ومر الكلام فيه هناك قوله قدم عبد الرحمن أي المدينة ويروى بوجود لفظ المدينة قوله فربح الفاء فيه فاء الفصيحة أي فدله فذهب فاتجر فربح قوله وعليه وضر الواو فيه للحال والوضر بفتح الضاد المعجمة اللطخ من الخلوق أو طيب له لون قوله مهيم بفتح الميم والياء آخر الحروف أي ما الخبر قوله نواة بالنون وهو وزن خمسة دراهم وفيه أن الوليمة بعد البناء
51 -
( باب )
أي هذا باب إن قدرنا هكذا يكون لفظ باب معربا وإلا فهو غير معرب لأن الإعراب يستدعي التركيب وهو كالفصل للباب الذي قبله
416 - ( حدثني حامد بن عمر عن بشر بن المفضل حدثنا حميد حدثنا أنس أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي المدينة فأتاه يسأله عن أشياء فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه قال أخبرني به جبريل آنفا قال ابن سلام ذاك عدو اليهود من الملائكة قال أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي فجاءت اليهود فقال النبي أي رجل عبد الله ابن سلام فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن أفضلنا فقال النبي أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام قالوا أعاذه الله من ذلك فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قالوا شرنا وابن شرنا وتنقصوه قال هذا كنت أخاف يا رسول الله )
مطابقته للترجمة لباب هجرة النبي ظاهرة وذلك أنا قد ذكرنا أن الأبواب المذكورة بعد باب هجرة النبي كلها تابعة لباب هجرة النبي وحامد بن عمر بن حفص بن عبد الله بن أبي بكرة الثقفي البكراوي من أهل البصرة شيخ مسلم أيضا وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن الفضل ابن لاحق أبو إسماعيل الرقاشي البصري والحديث مر في كتاب الأنبياء في باب قول الله عز و جل وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ومر الكلام فيه هناك قوله ينزع بالزاي المكسورة أي يشبه أباه ويذهب إليه قوله فزيادة كبد الحوت الزيادة هي القطعة المنفردة المعلقة بالكبد وهي في الطعم في غاية اللذة ويقال أنها أهنأ طعام وأمرؤه ووقع في حديث ثوبان أن تحفتهم حين يدخلون الجنة زيادة كبد النون والنون هو الحوت الذي عليه الأرض والإشارة بذلك إلى نفاذ الدنيا وفي حديث ثوبان بزيادة وهي أنه ينحر لهم عقيب ذلك نون الجنة الذي كان يأكل من أطرافها وشرابهم عليه من عين

(17/69)


تسمى سلسبيلا وذكر الطبراني من طريق الضحاك عن ابن عباس قال ينطح الثور الحوت بقرنه فيأكل منه أهل الجنة ثم يحيا فينحر الثور بذنبه فيأكلونه ثم يحيا فيستمران كذلك وهذا منقطع ضعيف قوله أما الولد وفي رواية الفزاري عن حميد في ترجمة آدم وأما شبه الولد قوله نزع الولد بالنصب على المفعولية أي جذبه إليه وفي رواية الفزاري كان الشبه له قوله قوم بهت بضم الباء الموحدة والهاء جمع بهيت كقضيب وقضب وقال الكرماني جمع بهوت وهو كثير البهتان
417 - ( حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان عن عمرو سمع أبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم قال باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة فقلت سبحان الله أيصلح هذا فقال سبحان الله والله لقد بعتها في السوق فما عابه أحد فسألت البراء بن عازب فقال قدم النبي ونحن نتبايع هذا البيع فقال ما كان يدا بيد فليس به بأس وما كان نسيئة فلا يصلح والق زيد بن أرقم فاسأله فإنه كان أعظمنا تجارة فسألت زيد بن أرقم فقال مثله )
مطابقته للترجمة المذكورة أولا في قوله فقال قدم النبي ونحن نتبايع وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار والحديث مر في كتاب البيوع في باب بيع الورق بالذهب نسيئة وفي كتاب الشركة في باب الاشتراك في الذهب والفضة قوله والق أمر من لقي يلقى قوله مثله أي مثل ما قال البراء
( وقال سفيان مرة فقال قدم علينا النبي المدينة ونحن نتبايع وقال نسيئة إلى الموسم أو الحج )
أي قال سفيان بن عيينة الراوي وأشار بهذا إلى أن سفيان روى مرة مثل الذي مضى وليس فيه تعيين مدة النسيئة وروى أخرى بتعيين المدة وهو قوله إلى الموسم قوله أو الحج شك من الراوي أي أو إلى وقت الحج -
52 -
( باب إتيان اليهود النبي حين قدم المدينة )
أي هذا باب في بيان إتيان اليهود إلى آخره
هادوا صاروا يهود وأما قوله هدنا تبنا هائد تائب
مشى البخاري ههنا على عادته في ذكر ألفاظ من القرآن مما يماثل لفظ الحديث فإن قوله هادوا ( ) مذكور في قوله ومن الذين هادوا سماعون للكذب ( ) ومعناه هنا صاروا يهود وأما قوله هدنا ( ) فمذكور في قوله إنا هدنا إليك ( ) ومعناه تبنا إليك وكذا فسر أبو عبيد اللفظين المذكورين وقال الجوهري هاد يهود هودا تاب ورجع إلى الحق فهو هائد وقوم هود مثل حائل وحول وبازل وبزل وقال أبو عبيد التهود التوبة والعمل الصالح ويقال أيضا هاد وتهود إذا صار يهوديا
3941 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( قرة ) عن ( محمد ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي قال لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود
مطابقته للترجمة تأتي بتعسف وهو أن يقال لو أتى إليه عشرة من اليهود حين قدم المدينة لآمن اليهود بيان صحة هذه الملازمة أن يقال إن لو للمضي فمعناه لو آمن في الزمان الماضي قبل قدوم النبي المدينة أو عقب قدومه مثلا عشرة لتابعهم الكل لكن لم يؤمنوا حينئذ فلم يتابعهم الكل قيل قال كعب العشرة هم الذين سماهم الله في سورة المائدة فعلى هذا فالمراد من العشرة في الحديث ناس معينون منهم وإلا فقد آمن به أكثر من عشرة قال كعب لم يسلم من الذين سماهم في المائدة إلا عبد الله بن سلام وعبد الله بن صوريا فإن قلت ذكر البيهقي في ( دلائله ) أن حبرا من أحبار اليهود سمع رسول الله يقرأ سورة يوسف فجاء معه بنفر من اليهود فأسلموا كلهم قلت قد يكون النفر غير أحبار وهم أتباع غير معينين منهم والمراد بالعشرة الأعيان منهم
والحديث المذكور أخرجه مسلم أيضا في التوبة عن يحيى

(17/70)


ابن حبيب عن قرة بضم القاف وتشديد الراء ابن خالد السدوسي عن محمد بن سيرين
3942 - حدثني ( أحمد ) أو ( محمد بن عبيد الله الغداني ) حدثنا ( حماد بن أسامة ) أخبرنا ( أبو عميس ) عن ( قيس بن مسلم ) عن ( طارق بن شهاب ) عن ( أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه قال دخل النبي المدينة وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه فقال النبي نحن أحق بصومه فأمر بصومه ( انظر الحديث 2005 )
مطابقته للترجمة تأتي بالتعسف مثل مطابقة الحديث السابق وذلك أن في حديث ابن عباس الذي مضى في كتاب الصوم قال قدم النبي المدينة الحديث وفيه فأنا أحق بموسى منكم فدل على أن اليهود أتوا النبي وقالوا هذا يوم نجا الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى فقال أنا أحق بموسى منكم فصامه وحديث أبي موسى وحديث ابن عباس كلاهما من أصل واحد فبهذا الوجه تحصل المطابقة فافهم
قوله أحمد أو محمد بن عبيد الله بالشك منه هنا وقد ذكره في التاريخ فيمن اسمه أحمد وعبيد تصغير العبد وفي رواية السرخسي والمستملي عبد الله بالتكبير والأول أصح واسم جده سهيل الغداني بضم الغين المعجمة وتخفيف الدال المهملة وأبو عميس بضم العين المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة واسمه عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق ابن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي قوله دخل النبي وفي رواية الكشميهني قدم وقد مر الكلام فيه في كتاب الصوم
3943 - حدثنا ( زياد بن أيوب ) حدثنا ( هشيم ) حدثنا ( أبو بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال لما قدم النبي المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ونحن نصومه تعظيما له فقال رسول الله نحن أولى بموسى منكم ثم أمر بصومه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله نحن أولى بموسى منكم كما حققناه في ترجمة الحديث السابق وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن أيوب أبو هاشم الطوسي كان يقال له دلوية بفتح الدال المهملة وضم اللام وتخفيف الياء آخر الحروف كان الإمام أحمد يقول إنه شعبة الصغير سكن بغداد ومات سنة اثنتين وخمسين ومائتين وهو من أفراده وهشيم مصغر هشم ابن بشير السلمي الواسطي وأبو بشر بكسر الباء الموحدة اسمه جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس البصري ويقال الواسطي والحديث مضى في كتاب الصوم في باب صيام عاشوراء
3944 - حدثنا ( عبدان ) حدثنا ( عبد الله ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) عن ( عبد الله بن عباس ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وكان النبي يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق النبي رأسه ( انظر الحديث 3558 وطرفه )
لا وجه لذكر هذا الحديث في هذا الباب إلا أن يقال وقع استطرادا لما وقع في الحديث السابق وعبدان لقب عبد الله ابن عثمان وقد مر غير مرة وعبد الله هو ابن المبارك
والحديث مر في باب صفة النبي فإنه أخرجه هناك عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس عن الزهري إلى آخره
قوله يسدل أي يرخي من سدل الثوب

(17/71)


إذا أرخاه وهو من باب نصر ينصر وجاء أيضا من باب ضرب يضرب والفرق فرق الشعر بعضه من بعض
3945 - حدثني ( زياد بن أيوب ) حدثنا ( هشيم ) أخبرنا ( أبو بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال هم أهل الكتاب جزؤه أجزاءا فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه
لما كان أهل الكتاب مذكورا في الحديث السابق في حديث ابن عباس قال ابن عباس هم أهل الكتاب الذين جزؤه أي جزؤا القرآن أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ذكر هذا في تفسير قوله تعالى الذين جعلوا القرآن عضين ( الحجر 91 ) أي أجزاء وهو جمع عضة وأصلها عضوة على وزن فعلة من عضا الشاة إذا جزأها أعضاء وفي رواية الكشميهني بعد قوله وكفروا ببعضه يعني في قوله تعالى الذين جعلوا القرآن عضين ( الحجر 91 )
53 -
( باب إسلام سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في ذكر شيء فيه دلالة على إسلام سلمان الفارسي وقد مضى في كتاب البيوع في باب الشراء من المشركين كيفية إسلام سلمان ومكاتبته وقصته مشهورة وولاه عمر رضي الله تعالى عنه العراق وكان يعمل في الخوص بيده فيأكل منه عاش مائتين وخمسين سنة بلا خلاف وقيل ثلاثمائة وخمسين وقيل إنه أدرك وحي عيسى بن مريم عليهما السلام ومات بالمداين سنة ست وثلاثين
3946 - حدثني ( الحسن بن عمر بن شقيق ) حدثنا ( معتمر ) قال أبي ح وحدثنا ( أبو عثمان ) عن ( سلمان الفارسي ) أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب
ليس فيه شيء يدل على الترجمة إلا أن يقال إن تداوله هذا العدد من واحد إلى واحد إنما كان لطلب الإسلام فبهذا المقدرا تحصل المطابقة ومعتمر بن سليمان التيمي قوله وحدثنا بالواو إشعارا بأنه حدثه غير ذلك أيضا وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل بضم الميم وكسرها النهدي بفتح النون التابعي قوله إنه تداوله أي تداولته الأيدي أي أخذته هذه مرة وهذه مرة والرب السيد والمالك وأراد به سلمان المالك
3947 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عوف ) عن ( أبي عثمان ) قال سمعت سلمان رضي الله تعالى عنه يقول أنا من رام هرمز
سفيان هو ابن عيينة وعوف هو الأعرابي قوله من رام هرمز بالراء وضم الميم وبالميم وبالزاي وقيل إنه بفتح الميم الأولى وهي بلدة بخوزستان بضم الخاء المعجمة وبالزاي من بلاد فارس قريب عراق العرب وروى ابن عباس عن سلمان أنه قال كنت من أصبهان من قرية جي بفتح الجيم وتشديد الياء وكان أبي دهقانا
3948 - حدثني ( الحسن بن مدرك ) حدثنا ( يحيى بن حماد ) أخبرنا ( أبو عوانة ) عن ( عاصم الأحول ) عن ( أبي عثمان ) عن ( سلمان ) قال فترة بين عيسى ومحمد ستمائة سنة
هذا لا تعلق له بالترجمة وكذلك الذي قبله وإنما ذكرهما اتفاقا لكونهما يتعلقان به وقال الكرماني تعلق هذه الأحاديث بإسلامه يعني أنه أسلم بعد تداول بضعة عشر ربا وبعد هجرته عن وطنه وبعد عيشه مدة طويلة والحسن بن مدرك بلفظ اسم الفاعل من الإدراك مر في آخر الحيض وأبو عوانة الوضاح اليشكري وقد مر غير مرة والمراد بالفطرة المدة التي لا يبعث فيها رسول من الله تعالى ولا يمتنع أن يكون فيها نبي يدعو إلى شريعة الرسول الأخير قلت من الأنبياء في الفترة حنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس قال ابن عباس كان من ولد إسماعيل عليه السلام وكان في فترة ومنهم خالد بن سنان العبسي وروى الطبراني بإسناده عن ابن عباس قال جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي فبسط لها

(17/72)


ثوبه وقال بنت نبي ضيعه قومه وعن عطاء عن ابن عباس لما ظهر رسول الله بمكة وفدت عليه ابنة خالد بن سنان وهي عجوز كبيرة فرحب بها وقال مرحبا بابنة أخي كان أبوها نبيا وإنما ضيعه قومه ومنهم شعيب بن ذي مهزم غير شعيب بن ضيفون ذكر السهيلي أنه نبي من العرب في زمن معد بن عدنان وقال ابن كثير والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير فقد ثبت في الصحيح عن رسول الله أنه قال أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم عليهما السلام لأنه ليس بيني وبينه نبي قيل يحتمل أن يكون مراده نبي مرسل ولا يمتنع أن يكون نبي غير مرسل يدعو الناس إلى شريعة الرسول الأخير كما ذكرناه والحمد لله على التمام وعلى النبي الصلاة والسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
64 -
( كتاب المغازي )
أي هذا كتاب في بيان مغازي النبي والمغازي جمع مغزى والمغزى يصلح أن يكون مصدرا تقول غزا يغزو غزوا ومغزى ومغزاة ويصلح أن يكون موضع الغزو وكونه مصدرا متعين هنا والغزوة من الغزو ويجمع على غزوات وقال ابن سيده في ( الحكم ) غزا الشيء غزوا إذا أراده وطلبه والغزو السير إلى القتال مع العدو وقال ابن جني الغزاوة كالشقاوة وأكثر ما يأتي الفعالة مصدرا إذا كانت لغير المتعدي وعن ثعلب إذا قيل غزاه فهو عمل سنة وإذا قيل غزوة فهي المرة الواحدة من الغزو وقال الجوهري غزوت العدو غزوا والاسم الغزاة ورجل غاز والجمع غزاة مثل قاض وقضاة وغزى وغزى وغزاء وأما عدد مغازيه فيأتي عن قريب أنها تسع عشرة وعن بريدة ست عشرة وعنه تسع عشرة وقاتل في ثمان غزوات أولهن بدر وأحد والأحزاب والمريسيع وقديد وخيبر ومكة وحنين وأما سراياه وبعوثه فقال ابن إسحاق ثمانية وثلاثون وقال ابن سعد سبعة وأربعون وأول البعوث بعث حمزة بن عبد المطلب أو عبيدة بن الحارث على اختلاف وآخر البعث أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين
1 -
( باب غزوة العشيرة أو العسيرة )
أي هذا باب في بيان غزوة العشيرة بضم العين المهملة وفتح الشين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء قوله أو العسيرة بالشك وضبطها مثل ضبط العشيرة إلا أنها بالسين المهملة وقال النووي جاء في كتاب المغازي من ( صحيح البخاري ) العسيرة أي بضم المهملة الأولى وفتح الثانية و العسير بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية بحذف الهاء والمعروف فيها العشيرة بإعجام الشين وبالهاء وقال السهيلي معنى العسيرة والعسيرا إنه اسم مصغر من العسرى والعسر فإذا صغر تصغير الترخيم قيل عسيرة وهي بقلة أذية أي عصيفة ثم تكون سحاء ثم يقال لها العسرى وأما العشيرة فتصغير واحدة العشر وقال ابن الأثير يقال العشير ذوات العشيرة والعشير هو موضع من بطن ينبع وقال ياقوت قال الأزهري ذو العشيرة موضع بالصمان ينسب إلى عشرة نابتة فيه وذو العشيرة موضع من ناحية ينبع غزاها رسول الله وعشيرة أيضا قرية عند أكمة أراها من نواحي اليمامة وهي لتيم عدي
قال ابن إسحاق أول ما غزا النبي الأبواء ثم بواط ثم العشيرة
أي قال محمد بن إسحاق بن يسار ضد اليمين المدني التابعي رأى أنس بن مالك صاحب ( كتاب المغازي ) المدني قدم بغداد وحدث بها ومات سنة خمسين ومائة ودفن في مقبرة الخيزران وهي اليوم مشهورة بمشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وترجمته طويلة استشهد به البخاري في ( الصحيح ) وروى له في ( كتاب القراءة خلف الإمام ) وغيره وروى له مسلم في المتابعات واحتجت به الأربعة قوله أول ما غزا النبي الأبواء قال الواقدي رحمه الله تعالى هي أول غزوة غزاها رسول الله بنفسه ويقال لها غزوة ودان وقال ابن إسحاق خرج النبي غازيا في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة وقال ابن هشام واستعمل على المدينة سعد

(17/73)


ابن عبادة وقال ابن جرير يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة من كنانة فوادعته فيها بنو ضمرة ورجع رسول الله ولم يلق كيدا والأبواء بفتح الهمزة وبالباء الموحدة الساكنة ممدودا موضع معروف بين مكة والمدينة وهي إلى المدينة أقرب كأنه سمى بجمع بو وهو جلد ولد الإبل المحشي بالتبن وقال البكري الأبواء قرية جامعة مذكورة في رسم الفرع و ودان بفتح الواو وتشديد الدال المهملة على وزن فعلان قال البكري قرية من أمهات القرى وقال ياقوت بينها وبين أبواء ثمانية أميال قوله ثم بواط أي غزا بواط وهو بضم الباء الموحدة وتخفيف الواو بعد الألف طاء مهملة قال الصغاني بواط جبل من جبال جهينة من ناحية ذي خشب وبين بواط والمدينة ثلاثة برد أو أكثر وقال ابن إسحاق غزا رسول الله في شهر ربيع الأول يعني من السنة الثانية من الهجرة يريد قريشا قال ابن هشام واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون وقال الواقدي استخلف عليها سعد بن معاذ وكان رسول الله في مائتي راكب وكان لواؤه مع سعد بن أبي وقاص وكان قصده أن يتعرض لعير قريش وكان فيه أمية ابن خلف ومائة رجل وخمسمائة بعير قال ابن إسحاق حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق فيها كيدا فلبث بها شهر ربيع الأخر وبعض جمادى قوله ثم العشيرة أي ثم غزا العشيرة قال ابن إسحاق ثم غزا رسول الله قريشا قال ابن هشام واستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد وقال الواقدي وكان لواؤه مع حمزة رضي الله تعالى عنه قال وخرج رسول الله يتعرض لعير قريش ذاهبة إلى الشام حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا قلت ولم يكن في هذه الغزوات الثلاث حرب
3949 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( وهب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له كم غزا النبي من غزوة قال تسع عشرة قيل كم غزوت أنت معه قال سبع عشرة قلت فأيهم كانت أول قال العسيرة أو العشير فذكرت لقتادة فقال العشير
مطابقته للترجمة ظاهرة ووهب هو ابن جرير البصري وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وزيد بن أرقم الأنصاري
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن عمرو بن خالد عن زهير وعن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل وأخرجه مسلم في المغازي أيضا عن بندار وأبي موسى وفيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وفي المناسك عن أبي خيثمة وأخرجه الترمذي في الجهاد عن محمد بن غيلان حدثنا وهب بن جرير وأبو داود قالا حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال كنت إلى آخره نحوه غير أن في لفظه قلت وأيتهن كان أول قال ذات العشيرة أو العسيرة وروى مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر يقول غزوت مع رسول الله تسع عشرة غزوة قال جابر لم أشهد بدرا ولا أحدا منعني أبي فلما قتل أبي عبد الله يوم أحد لم أتخلف عن رسول الله في غزوة قط ومقتضى حديثه أن غزواته إحدى وعشرين غزوة لأنه ذكر أنه لم يغز معه بدرا ولا أحدا وأنه غزا معه تسع عشرة غزوة بعد أحد وقد ذكر أصحاب المغازي والسير أكثر من ذلك فذكر محمد بن سعد عن جماعة من أهل السير منهم موسى بن عقبة وابن إسحاق وأبو مسعر وعبد الرحمن بن أبي الزناد في آخرين وقال دخل حديث بعضهم في بعض قالوا عدد مغازي رسول الله سبع وعشرون غزوة وكانت سراياه التي بعث فيها سبعا وأربعين سرية فإن قلت قد ذكر أصحاب السير قبل غزوة العشير ثلاث غزوات قلت أما أن يكون زيد بن أرقم لم يكن يومئذ أسلم أو كانت ثلاث غزوات صغيرة فإن من عد من الصحابة ذكر أعظمها أو كانت قبل أن يشتهر أمر الغزو بالنسبة إلى ما علمه قوله فأيهم قال الدمياطي مقتضى الكلام أيهن أو أيها وفي رواية الترمذي أيتهن كما ذكرنا قوله فذكرت الذاكر لعبادة هو شعبة

(17/74)


2 -
( باب ذكر النبي من يقتل ببدر )
أي هذا باب في بيان ذكر النبي من يقتل في غزوة بدر وفي بعض النسخ من قتل على صيغة المجهول من الماضي والوجه هو يقتل على صيغة المجهول من المضارع وهي رواية أبي ذر وفيه الدلالة على معجزته الباهرة حيث أخبر عما سيأتي
3950 - حدثني ( أحمد بن عثمان ) حدثنا ( شريح بن مسلمة ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف ) عن أبيه عن ( أبي إسحاق ) قال حدثني ( عمرو بن ميمون ) أنه سمع ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله تعالى عنه حدث عن ( سعد بن معاذ ) أنه قال كان صديقا لأمية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية فلما قدم رسول الله المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال يا أبا صفوان من هاذا معك فقال هاذا سعد فقال له أبو جهل ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما فقال له سعد ورفع صوته عليه أما والله لئن منعتني هاذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة فقال له أمية لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي فقال سعد دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله يقول إنهم قاتلوك قال بمكة قال لا أدري ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع أمية إلى أهله قال يا أم صفوان ألم ترى ما قال لي سعد قالت وما قال لك قال زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقلت له بمكة قال لا أدري فقال أمية والله لا أخرج من مكة فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال أدركوا عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال يا أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل به أبو جهل حتى قال أما إذ غلبتني فوالله لأشتريأ أجود بعير بمكة ثم قال أمية يا أم صفوان جهزيني فقالت له يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي قال لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز و جل ببدر ( انظر الحديث 3632 )
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه أخبر بمن يقتل ببدر فهذا أمية قتل ببدر وهذا من أبلغ معجزاته وأحمد بن عثمان بن حكيم الأودي وشريح بضم الشين المعجمة وبالحاء المهملة ابن مسلمة بفتح الميم واللام الكوفي وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ويوسف هذا يروي عن جده أبي إسحاق
والحديث قد تقدم في علامات النبوة في الإسلام فإنه أخرجه هنا عن أحمد بن إسحاق عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق إلى آخر وتقدم الكلام فيه هناك
قوله وقد أويتم بالمد والقصر والصباة بضم الصاد جمع الصابي وهو

(17/75)


المائل عن دينه إلى دين غيره قوله طريقك قال الكرماني بالنصب والرفع ولم يبين وجههما قلت أما بالنصب فعلى أنه بدل من قوله ما هو أشد عليك منه وأما الرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو طريقك قوله قاتلوك ويروى قاتليك على غير القياس بتأويل يكونون قاتليك ويروى قاتلتك أي الطائفة القاتلون لك قوله قال بمكة أي قال أمية إنهم قاتلوني بمكة قوله أخبرهم أي أخبر النبي أصحابه رضي الله تعالى عنهم قوله أنهم أي أن أبا جهل وأتباعه قاتلي بتشديد الياء قوله استنفر أي طلب الخروج من الناس قوله عيركم بكسر العين المهملة وهو الإبل التي تحمل الميرة قوله متى يراك الناس ويروى متى يرك الناس بالجزم قوله أخوك اليثربي أراد به سعدا والمراد الأخوة بينهما بحسب المعاهدة والموالاة قوله أن أجوز أي أنفذ أو أن أسلك قوله حتى قتله الله أي قدر الله قتله بيد بلال مؤذن رسول الله ولما كان أبو جهل هو السبب في خروج أمية إلى القتال أضيف إليه لأن القتل كما يكون مباشرة يكون سببا
3 -
( باب قصة غزوة بدر )
أي هذا باب في بيان قصة غزوة بدر ولفظ باب ما ثبت إلا في رواية كريمة
وقول الله تعالى ولقد نصركم ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هاذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ( آل عمران 123 - 127 )
وقول الله بالجر عطفا على قوله قصة غزوة بدر وسيقت هذه الآيات الكريمة كلها في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر والأصيلي وقول الله تعالى ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إلى قوله فينقلبوا خائبين قوله ولقد نصركم الله في معرض المنة حيث أعز الله الإسلام وأهله يوم بدر ورفع فيه الشرك وخرب محله هذا مع قلة العدد في المسلمين يومئذ وكثرة العدو وفي سوابغ الحديد والبيض والعدة الكاملة والخيول المسومة والخيلاء الزائدة فأعز الله رسوله وأظهر وحيه وتنزيله وبيض الله وجه النبي وقبيله وأخزى الشيطان وجيله ولهذا قال ممتنا على عادة المؤمنين وحزبه المفلحين المتقين ولقد نصركم الله ببدر قال الشعبي بدر بئر لرجل يسمى بدر بن الحارث بن مخلد بن النضر بن كنانة وقيل سميت بدرا لاستدارتها كالبدر وقيل لصفائها ورؤية البدر فيها وقال السهيلي احتفرها رجل من بني غفار ثم من بني النجار واسمه بدر بن كلدة وقال الواقدي ذكرت هذا لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا لأي شيء سميت الصفراء ولأي شيء سمي الجار إنما هو اسم الموضع قال وذكرت ذلك ليحيى بن النعمان الغفاري فقال سمعت شيوخنا من غفار يقولون هو ماؤنا ومنزلنا وما ملكه أحد قط قد اسمه بدر وما هو من بلاد جهينة إنما هو من بلاد غفار قال الواقدي هو المعروف عندنا وفي ( الإكليل ) بدر موضع بأرض العرب يقال لها الأثيل بقرب ينبع والصفراء والجار والجحفة وهو موسم من مواسم العرب ومجمع من مجامعهم في الجاهلية وبها قليب وآبار ومياه تستعذب وعن الزهري كان بدر متجرا يؤتى في كل عام وقال البكري هي على مائة وعشرين فرسخا من المدينة ومنها إلى الجار ستة عشر ميلا وبه عينان جاريتان عليهما الموز والنخل والعنب قوله وأنتم أذلة جمع ذليل وهو جمع قلة وجمع الكثرة ذلال وجاء بجمع القلة ليدل على أنهم على ذلتهم كانوا قليلا وذلتهم ما كان بهم من ضعف الحال وقلة السلاح والمال والمركوب وعدوهم كثيرون مع شكة وشوكة وسنبين ذلك عن قريب قوله فاتقوا الله أي مخالفة أمره وعقابه وقال الزمخشري فاتقوا الله في الثبات مع رسوله لعلكم تشكرون بتقواكم ما أنعم به عليكم ولعلكم ينعم الله عليكم نعمة أخرى تشكرونها فوضع الشكر موضع الإنعام لأنه سبب

(17/76)


له قوله إذ تقول ظرف لقوله نصركم أو بدل ثان من إذ غدوت وقال ابن كثير اختلف المفسرون في هذا هل كان يوم بدر أو يوم أحد على قولين أحدهما أن قوله إذ تقول يتعلق بقوله ولقد نصركم الله ببدر روي هذا عن الحسن البصري وعامر الشعبي والربيع بن أنس وغيرهم واختاره ابن جرير والثاني أنه يتعلق بقوله وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال ( آل عمران 121 ) وذلك يوم أحد وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم لكن قالوا لم يحصل الإمداد بخمسة آلاف لأن المسلمين فروا يومئذ زاد عكرمة ولا بثلاثة آلاف قوله ألن يكفيكم قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن داود عن عامر يعني الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين فشق عليهم فأنزل الله ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين إلى قوله مسومين قال فبلغت كرز الهزيمة فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة آلاف وقال الربيع بن أنس أمد الله المسلمين بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف فإن قلت ما الجمع بين هذه الآية على هذا القول وبين قوله في قضية بدر إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ( الأنفال 9 ) قلت التنصيص على الألف ههنا لا ينافي الثلاثة آلاف فما فوقها فمعنى مردفين يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم والكفاية مقدار سد الخلة والاكتفاء الاقتصار على ذلك والإمداد إعطاء الشيء بعد الشيء قال المفضل كل ما كان على جهة القوة والإعانة قيل فيه أمده وكل ما كان على جهة الزيادة قيل فيه مده ومنه قوله تعالى والبحر يمده ( لقمان 27 ) وقال بعضهم المد في الشر والإمداد في الخير بدليل قوله ويمدهم في طغيانهم يعمهون ( البقرة 15 ) ونمد له من العذاب مدا ( مريم 79 ) وقال في الخير إني ممدكم بألف ( الأنفال 9 ) قوله بلى تصديق لما وعده بالإمداد والكفاية وقال الزمخشري بلى إيجاب لما بعد لن يعني بل يكفيكم الإمداد بهم فأوجب الكفاية قوله أن تصبروا أي على لقاء العدو وتتقوا معصية الله ومخالفة نبيه قوله ويأتوكم من فورهم هذا يعني المشركين من فورهم هذا يعني من ساعتهم هذه قيل يوم فورهم يوم بدر وقيل يوم أحد وقيل يوم فورهم يوم غضبهم ثبت هذا في رواية الكشميهني وهو قول عكرمة ومجاهد وروي عن الحسن وقتادة والربيع والسدي أي من وجههم هذا وأصل الفور غليان القدر ثم قيل للغضبان فائر قوله يمددكم جزاء أن قوله مسومين أي معلمين بالسيماء قال أبو إسحاق السبيعي عن حارثة عن مضرب عن علي بن أبي طالب قال كان سيماء الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض وكان سيماؤهم أيضا في نواصي خيولهم وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي هريرة مسومين قال بالعهن الأحمر وقال مكحول مسومين بالعمائم وروى ابن مردويه من حديث عبد القدوس بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال قال رسول الله في قوله مسومين قال معلمين وكانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم سود ويوم أحد عمائم حمر وروى من حديث حصين بن مخارق عن سعد عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر وقال ابن أبي حاتم حدثنا الأحمسي حدثنا وكيع حدثنا هشام ابن عروة عن يحيى بن عباد أن الزبير رضي الله تعالى عنه كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر وقال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم ويوم حنين عمائم حمر ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر وكانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون وقال عروة كانت الملائكة يومئذ على خيل بلق وعمائمهم صفر وقال أبو إسحاق عمائمهم بيض وقال الحسن عملوا على أذناب خيلهم ونواصيهم بصوف أبيض قوله وما جعله الله إلا بشرى لكم أي ما جعل الله هذا الوعد إلا بشارة لكم قوله ولتطمئن قلوبكم به واضح مثل وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ( فصلت 12 ) قوله وما النصر إلا من عند الله أي دون الملائكة وكثرة العدد ولكن نزولهم سبب من أسباب النصر لا يحتاج الرب إليه قوله العزيز أي الذي لا يغالب الحكيم الذي تجري أفعاله على ما يريد وهو أعلم بمصالح العبيد قوله ليقطع طرفا فيه حرف العطف محذوف أي وليقطع طائفة من الذين كفروا وقال السدي ليهدم ركنا من أركان المشركين بالقتل والأسر قوله أو يكبتهم أي يهزمهم وقيل يصرعهم وقيل يهلكهم وقيل يلعنهم قوله فينقلبوا أي فيرجعوا خائبين أي لم يحصلوا على ما أملوه

(17/77)


وقال وحشي قتل حمزة طعيمة بن عدي بن الخيار يوم بدر
وحشي بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء هو ابن حرب ضد الصلح الحبشي مولى طعيمة مصغر الطعمة بالمهملتين وقيل مولى جبير بن مطعم بن عدي بن الخيار كذا وقع فيه ابن الخيار وهو وهم والصواب ابن نوفل وقال ابن الأثير هو طعيمة بن عدي بن نوفل ولم يذكر ابن الخيار قوله قتل حمزة أي ابن عبد المطلب وكان جبير بن مطعم وهو ابن أخي طعيمة قال له لما قتل حمزة يوم بدر طعيمة إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر فقتله يوم أحد على ما سيأتي إن شاء الله تعالى وهذا التعليق رواه البخاري في غزوة أحد في باب قتل حمزة رضي الله تعالى عنه
وقوله تعالى وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم الآية ( الأنفال 7 )
كلمة إذ منصوبة بإضمار اذكر والمراد بإحدى الطائفتين الطائفة التي فيها العير والتي فيها النفير وكان في العير أبو سفيان ومن معه ومعهم من الأموال وكان في النفير أبو جهل وعتبة بن ربيعة وغيرهما من رؤساء قريش مستعدين للسلاح متأهبين للقتال ومراد المسلمين حصول العير لم وقصة ذلك مختصرة أن النبي خرج من المدينة طالبا لعير أبي سفيان التي بلغه خبرها أنا صادرة من الشام فيها أموال جزيلة لقريش فاستنهض رسول الله المسلمين من خف منهم فخرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجل وطلب نحو الساحل من على طريق بدر وعلم أبو سفيان بخروج النبي في طلبه فبعث ضمضم بن عمرو نذيرا إلى أهل مكة فنهضوا في قريب من ألف مقنع ما بين تسعمائة إلى الألف وتيامن أبو سفيان بالعير إلى ساحل البحر فنجا وجاء النفير فوردوا ماء بدر وجمع الله بين المسلمين والكافرين على غير ميعاد لما يريد الله تعالى من إعلاء كلمة المسلمين ونصرهم على عدوهم والتفرقة بين الحق والباطل والغرض أن رسول الله لما بلغه خروج النفير أوحى الله إليه بعدة إحدى الطائفتين إما العير وإما النفير ورغب كثير من المسلمين إلى العير لأنه كسب بلا قتال كما قال تعالى وتودون أن غير ذات الشوكة ( الأنفال 7 ) الآية قوله أنها لكم بدل من إحدى الطائفتين ( الأنفال 7 ) قوله وتودون أي تحبون أن الطائفة التي لا حد لها ولا منعة ولا قتال تكون لكم وهي العير والشوكة الشدة والقوة وأصلها من الشوك وقال أبو عبيدة يقال ما أشد شوكة بني فلان أي حدهم وكأنها مستعارة من واحد الشوك
قال أبو عبد الله الشوكة الحدة
أبو عبد الله هو البخاري ففسر الشوكة بالحدة وقد ذكرناه وليس هذا بمذكور في بعض النسخ
3951 - حدثني ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبد الرحمان ابن عبد الله بن كعب ) أن ( عبد الله بن كعب ) قال سمعت ( كعب بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني تخلفت عن غزوة بدر ولم يعاتب أحد تخلف عنها إنما خرج رسول الله يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد
مطابقته للترجمة تظهر من لفظ الحديث وقال بعضهم والغرض منه هنا قوله ولم يعاتب أحدا انتهى قلت أراد به وجه المطابقة بين الحديث والترجمة وليس الغرض ذلك لأن ما قاله لا يطابق الترجمة بل الوجه ما ذكرناه ورجاله قد مروا ولا سيما شيخه إلى عبد الرحمن وهو طرف من حديث كعب بن مالك في قصة توبته وسيأتي مطولا في غزوة تبوك
قوله

(17/78)


إلا في غزوة وجه هذا الاستثناء أن غير صفة والمعنى ما تخلفت إلا في تبوك حال مغايرة تخلف بدر لتخلف تبوك لأن التوجه فيه لم يكن بقصد الغزو بل بقصد أخذ العير وهو معنى قوله إنما خرج رسول الله إلى آخره قوله ولم يعاتب على صيغة المجهول ولفظ أحد مرفوع وفي رواية الكشمسهيني ولم يعاتب الله أحدا قوله يريد عير قريش جملة حالية يعني لم يرد القتال قوله على غير ميعاد يعني بين النبي وبين كفار قريش
4 -
( باب قول الله تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذالك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ( الأنفال 9 - 12 ) )
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى إذ تستغيثون ربكم الآيات هكذا سيقت هذه الآيات كلها في رواية كريمة وفي رواية الأكثرين باب قول الله تعالى إذ تستغيثون ربكم إلى قوله شديد العقاب قوله إذ تستغيثون بدل من قوله إذ يعدكم ( الأنفال 7 ) وقيل يتعلق بقوله ليحق الحق ويبطل الباطل ( الأنفال 8 ) واستغاثتهم أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال طفقوا يدعون الله تعالى أي رب انصرنا على عدوك يا غياث المستغيثين أغثنا وسيجيء بيان الاستغاثة في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قوله إني ممدكم من الإمداد وقد مر الكلام فيه عن قريب وأصل أني بأني فحذف الجار وسلط عليه استجاب فنصب محله وعن أبي عمرو أنه قرأ أني ممدكم بالكسر على إرادة القول أو على إجراء استجاب مجرى قال لأن الاستجابة من القول قوله مردفين أي مردف بعضهم بعضا وعن ابن عباس متتابعين يعني وراء كل ملك ملك وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا إسحاق حدثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثني عبد العزيز بن عمران عن الربيعي عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن علي رضي الله تعالى عنه قال نزل جبريل عليه الصلاة و السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي وفيها أبو بكر رضي الله تعالى عنه ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي وأنا في الميسرة وهذا يقتضي لو صح إسناده أن الألف مردفة بمثلها ولهذا قرأ بعضهم مردفين بفتح الدال قوله وما جعله الله أي وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم ( الأنفال 7 ) وإلا فالله تعالى قادر على نصركم على أعدائكم بدون ذلك ولهذا قال وما النصر إلا من عند الله قوله إذ يغشيكم النعاس كلمة إذ بدل ثان من إذ يعدكم أو منصوب بالنصر أو بما في من عند الله من معنى الفعل أو بما جعله الله ومعنى يغشيكم يغطيكم يقال غشاه تغشية إذا غطاه قال الزمخشري قرىء بالتشديد والتخفيف ونصب النعاس والضمير لله عز و جل قوله أمنة مفعول له أي لأمنكم قال المفسرون ذكرهم الله بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أمانا من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم وقال أبو طلحة كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد ولقد سقط السيف من يدي مرارا ولقد نظرت إليهم يمتدون وهم تحت الجحف وقال سفيان الثوري عن أبي عاصم عن أبي رزين عن عبد الله بن عباس أنه قال النعاس في القتال أمنة من الله وفي الصلاة وسوسة من الشيطان وقال قتادة النعاس في الرأس والنوم في القلب وقال سهل بن عبد الله هو يحل في الرأس مع حياة القلب والنوم يحل في القلب بعد نزوله من الرأس قوله وينزل عليكم إلى قوله الأقدام وعن ابن عباس نزل المسلمون يوم بدر على كثيب أعفر سوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب وسبقهم المشركون إلى ماء بدر وغلبوهم عليه وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم

(17/79)


جنبا وأصابهم الظمأ ووسوس إليهم الشيطان وقال تزعمون أن فيكم نبي الله وأنكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون جنبا ومحدثين فكيف ترجون أن تظهروا عليهم فأرسل الله عليهم مطرا من السماء سال منه الوادي فشرب منه المسلمون واغتسلوا وسقوا الركاب وملأوا الأسقية وأطفأت الغبار واشتد الرمل حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت وسوسة الشيطان فذلك قوله تعالى وينزل عليكم الآية قوله إذ يوحي ربكبدل ثالث من إذ يعدكم ( الأنفال 7 ) وأنه نصب بيثبت به الأقدام قوله إني معكم مفعول يوحي وقرىء إني بالكسر على إرادة القول قوله فثبتوا الذين آمنوا المعنى أني معينكم على التثبيت فثبتوهم وقال ابن إسحاق فآزروهم وقيل قاتلوا معهم وقيل كثروا سوادهم قوله الرعب أي الخوف والمذلة والصغار فاضربوا فوق الأعناق وقال الزمخشري أراد أعالي الأعناق التي هي المذابح لأنها مفاصل فكان إيقاع الضرب فيها حزا وتطييرا للرؤوس وقيل أراد الرؤوس لأنها فوق الأعناق قوله كل بنان قال الزمخشري البنان الأصابع يريد الأطراف وقيل كل مفصل قوله ذلك إشارة إلى ما أصابهم من الضرب والقتل والعقاب العاجل ومحله الرفع على الابتداء وقوله بأنهم خبره أي ذلك العقاب وقع عليهم بسبب مشاقهم قوله شاقوا الله ورسوله أي خالفوهما قوله شديد العقاب أي هو الطالب الغالب لمن خالفه وناواه لا يفوته شيء ولا يقوم لغضبه شيء
3952 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( مخارق ) عن ( طارق بن شهاب ) قال سمعت ( ابن مسعود ) يقول شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى النبي وهو يدعو على المشركين فقال لا نقول كما قال قوم موسى إذهب أنت وربك فقاتلا ولاكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النبي أشرق وجهه وسره يعني قوله ( الحديث 3952 - طرفه في 4609 )
ذكر في هذا الباب حديثين أحدهما هذا وهو في بيان ما وقع قبل الوقعة والآخر حديث ابن عباس فيه بيان الاستغاثة وكل منهما متعلق بما ذكر في الآيات الكريمة والمطابقة بهذا المقدار تكفي وأبو نعيم الفضل بن دكين وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ومخارق بضم الميم وتخفيف الخاء المعجمة وكسر الراء وفي آخره قاف ابن عبد الله ابن جابر البجلي الأحمسي بالمهملتين ويقال اسم أبيه عبد الرحمن ويقال خليفة وهو كوفي ثقة عند الجميع وقيل ليس له رواية عن غير طارق بن شهاب بن عبد شمس بن سلمة البجلي الأحمسي الكوفي يكنى أبا عبد الله رأى النبي وغزا في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين غزوة سمع جماعة من الصحابة ومات سنة ثلاث وثمانين
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن أبي نعيم أيضا وعن حمدان بن عمرو وأخرجه النسائي في التفسير عن أبي بكر بن النضر
قوله شهدت من المقداد بكسر الميم ابن الأسود وفي الحقيقة اسم أبيه عمرو والأسود كان تبناه فصار ينسب إليه قوله لأن أكون أنا اللام فيه مفتوحة ولفظة أنا وقعت في رواية الكشميهني وعلى هذه الرواية يجوز في قوله صاحبه الرفع والنصب وعلى رواية غيره يتعين النصب قوله صاحبه أي صاحب المشهد قوله مما عدل به على صيغة المجهول أي مما وزن به من شيء يقابله وقال الكرماني أي من الثواب الذي عدل ذلك المشهد به وهذا فيه مبالغة وإلا قدره من الثواب خير من الدنيا وما فيها والأولى أن يقال أي من كل شيء يقابل ويوازن به من الدنيويات قوله وهو يدعو الواو فيه للحال قوله فقال أي المقداد قوله لا نقول بنون الجمع قوله كما قال قوم موسى أي كقول قوم موسى لموسى عليه السلام وأصل ذلك ما رواه ابن مردويه حدثنا علي بن الحسن حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله لما سار إلى بدر استشار المسلمين فأشار عليه عمر رضي الله تعالى عنه ثم استشارهم

(17/80)


فقال الأنصاري يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله إذ لا نقول له كما قال بنو إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ( المائدة 24 ) والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك ورواه أحمد والنسائي أيضا وروى أحمد بإسناده عن طارق بن شهاب أن المقداد قال لرسول الله يوم بدر يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ( المائدة 24 ) ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون قوله أشرق وجهه من الإشراق أي استنار قوله وسره يعني قوله أي سر النبي قول المقداد رضي الله تعالى عنه
3953 - حدثني ( محمد بن عبد الله بن حوشب ) حدثنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال قال النبي يوم بدر أللهم أنشدك عهدك ووعدك أللهم إن شئت لم تعبد فأخذ أبو بكر بيده فقال حسبك فخرج وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر ( القمر 45 )
قد مر وجه ذكره وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي وخالد هو الحذاء والحديث قد مضى في كتاب الجهاد في باب ما قيل في درع النبي فإنه أخرجه هناك عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب عن خالد إلى آخره
قوله أنشدك بضم الشين أي أطلب منك الوفاء بما عهدت ووعدت من الغلبة على الكفار والنصر للرسول وإظهار الدين قوله إن شئت لم تعبد أي إن شئت لا تعبد بعد هذا فبوم لسلطون على المؤمنين وفي حديث عمر أللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض قوله حسبك أي يكفيك من القول فاتركه وقال الخطابي لا يتوهم أن أبا بكر كان أوثق بوعد ربه من النبي في تلك الحالة لأنه لا يجوز ذلك قطعا بل كان الحامل للنبي على ذلك الشفقة على أصحابه وتقويتهم إذ كان ذلك أول مشهد شهدوه من لقاء العدو فابتهل في الدعاء ليسكنهم إذ كانوا يعلمون أن وسيلته مقبولة ودعاءه مستجاب فلما قال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه مقالته كف عن الدعاء إذ علم أنه أستجيب دعاؤه بما وجده أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة حتى قال له ذلك القول ولهذا قال بعده سيهزم الجمع ويولون الدبر ( القمر 45 ) فإن قلت هل وقع مثل هذا في يوم غير يوم بدر قلت روى أبو نعيم من حديث أنس أنه قال يوم أحد أللهم إنك إن تشأ لا تعبد في الأرض والله أعلم
5 -
( باب )
قد مر غير مرة أن لفظ باب إذا وقع مجردا يكون كالفصل لما قبله وهذا هكذا وقع بغير ترجمة عند الجميع ووقع في نسخة صاحب ( التوضيح ) باب فضل من شهد بدرا وهذا غير صواب لأن هذه الترجمة بعينها ستأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى
3954 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني عبد الكريم أنه سمع مقسما مولى عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عباس أنه سمعه يقول لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إلاى بدر ( الحديث 3954 - طرفه في 4595 )
مطابقته لما قبله من حيث إن فيه بيان أنه لا مساواة بين من حضر غزوة بدر وبين من غاب عنها و ( إبراهيم بن موسى ) هو أبو إسحاق الفراء المعروف بالصغير و ( هشام ) هو ابن يوسف وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج و ( عبد الكريم ) هو ابن مالك الجزري أبو أمية مقسم بكسر الميم أبو القاسم مولى ابن عباس وهو في الأصل مولى عبد الله ابن الحارث الهاشمي وإنما قيل له مولى ابن عباس لشدة ملازمته له وما له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد
والحديث

(17/81)


أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن إبراهيم بن موسى وعن إسحاق عن عبد الرزاق وأخرجه الترمذي في التفسير عن الحسن بن محمد الزعفراني وقال حسن غريب
6 -
( باب عدة أصحاب بدر )
أي هذا باب في بيان عدد أصحاب غزوة بدر الذين شهدوا الوقعة ومن ألحق بهم
3956 - وحدثني ( محمود ) حدثنا ( وهب ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) قال استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين والأنصار نيفا وأربعين ومائتين ( انظر الحديث 3955 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي والبراء هو ابن عازب الأنصاري ومحمود هو ابن غيلان ووهب هو ابن جرير
قوله استصغرت على صيغة المجهول قوله يوم بدر يعني يوم عرض الناس يوم بدر واعترض عياض وابن التين بأن هذا يرده قول ابن عمر استصغرت يوم أحد ورد عليهما بأنه لا منافاة بين الإخبارين فيحمل على أنه استصغر يوم بدر ثم استصغر يوم أحد بل جاء ذلك صريحا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه نفسه وأنه عرض يوم بدر وهو ابن ثلاث عشرة سنة فاستصغر وعرض يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فاستصغر يقال استصغره أي عده صغيرا قوله نيفا بالتشديد والتخفيف يقال عشرة ونيف وكل ما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني ونيف فلان على السبعين أي زاد عليها وقيل النيف كالبضع بين الثلاث إلى التسع وقيل من الواحد إلى الثلاث والبضع ما بين الثلاث والتسع قيل ما دون نصف العقد أي ما دون الخمسة وقيل ما دون العشرة وقال قتادة أكثر من ثلاثة إلى عشرة وقيل ما بين ثلاثة وخمسة ذكره أبو عبيد قوله نيفا على ستين منصوب لأنه خبر كان ويجوز في نيفا الثاني النصب والرفع أما النصب فعلى تقدير وكان الأنصار نيفا وقوله وأربعين عطف عليه وقوله ومائتين عطف على أربعين وأما الرفع فعلى أنه خبر لقوله والأنصار لكونه مبتدأ أو يقرأ على هذا وأربعون ومائتان لأنهما حينئذ معطوفان على المرفوع
واختلفوا في عدد من حضر يوم بدر للقتال فقال ابن إسحاق كان جميعهم ثلاثمائة رجل وأربعة عشر رجلا من المهاجرين ثلاثة وثمانون ومن الأوس أحد وستون رجلا ومن الخزرج مائة وسبعون رجلا منهم رسول الله وهذا مخالف لما ذكره البخاري في حديث الباب ووقع في رواية مسلم من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر الحديث وقال ابن سعد خرج رسول الله إليها في ثلاثمائة رجل وخمسة نفر كان المهاجرون منهم أربعة وسبعين وسائرهم من الأنصار وثمانية تخلفوا لعلة ضرب رسول الله بسهامهم وأجرهم وهم عثمان بن عفان تخلف على امرأته رقية وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعثهما عليه الصلاة و السلام يتجسسان خبر العير وأبو لبابة خلفه على المدينة وعاصم بن عدي خلفه على أهل العالية والحارث ابن حاطب رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم والحارث بن الصمة كسر بالروحاء وخوات بن جبير كسر أيضا فهؤلاء ثمانية لا اختلاف فيهم عندنا وفي ( الإكليل ) كانوا ثلاثمائة رجل وخمسة عشر رجلا كما خرج طالوت وفي ( الأوائل ) العسكري حضر بدرا ثلاثة وثمانون مهاجريا وأحد وستون أويسيا ومائة وسبعون خزرجيا وعند ابن عقبة وستة عشر وعند البزار من حديث أبي موسى ثلاثمائة وسبعة عشر ووقع في رواية زهير وإسرائيل وسفيان على ما يجيء عن قريب في هذا الباب كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر فإن قلت ما وجه هذا الاختلاف قلت الذين شهدوا منهم في الحقيقة ثلاثمائة وخمسة أو ستة نص على الستة ابن جرير من حديث ابن عباس ونص على الخمسة ابن سعد والذي زاد على هذا ضم إليهم من استصغر ولم يؤذن له في القتال يومئذ كالبراء وابن عمر وكذلك أنس رضي الله تعالى عنه وقد روى أحمد بسند صحيح عنه أنه سئل

(17/82)


هل شهدت بدرا فقال وأين أغيب عن بدر وكأنه كان في خدمة النبي كما ثبت عنه أنه خدمه عشر سنين وذلك يقتضي أن ابتداء خدمته له حين قدوم النبي المدينة فكأنه خرج معه إلى بدر أو خرج مع عمه زوج أمه أبي طلحة وكذلك جابر ابن عبد الله فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عنه أنه قال كنت أمنح الماء لأصحابي يوم بدر وذكر بعضهم سعد بن مالك الساعدي والد سهل وأنه مات في الطريق واختلف في سعد بن عبادة هل شهدها أو رد لحاجة فإذا وقع التحرير في هذا يظهر وجه الاختلاف في العدد
3957 - حدثنا ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى عنه يقول حدثني أصحاب محمد ممن شهد بدرا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر بضعة عشر وثلاثمائة قال البراء لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن
هذا طريق آخر في حديث البراء أخرجه عن عمرو بن خالد الحراني عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله والحديث من أفراده
قوله أصحاب طالوت هو ابن قشن بن أقبيل بن صادق بن يحوم بن يحورث بن أفيح بن ناحور بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام واسم طالوت بالعبرانية شاول وكان دباغا يعمل الأدم قاله وهب وقال عكرمة والسدي كان سقاء يسقي على حمار له من النيل فضل حماره فخرج في طلبه وقد ذكر الله تعالى قصته في القرآن في سورة البقرة وملخصها أن الله عز و جل بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له أشمويل من ذرية هارون عليه السلام وكان قد غلب عليهم جالوت ملك العمالقة وكانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وطلب بنو إسرائيل من أشمويل أن يجعل عليهم ملكا يقاتل جالوت فسأل الله فأمر عليهم طالوت وذلك أن أشمويل حين سأل الله ذلك أتى بعصا وقرن فيه دهن القدس وقيل له إن الذي يكون لكم ملكا يكون طوله طول هذا العصا وإذا دخل عليك ينشف هذا الدهن فاتفق أن طالوت حين خرج في طلب حماره دخل عليه فرآه فقاسه فجاء طول العصا ونشف الدهن الذي في القرن ولما رأى أشمويل ذلك قال له أنت ملك بني إسرائيل وأخبرهم بذلك وقال الله تعالى وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ( البقرة 247 ) وقصته طويلة فآخر الأمر اجتمع عنده ثمانون ألفا فقال لهم طالوت بأمر أشمويل إن الله مبتليكم بنهر ( البقرة 249 ) ليرى طاعتكم وهو نهر الأردن وقال ابن كثير هو النهر المسمى بالشريعة فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني ( البقرة 249 ) يعني من أهل ديني وطاعتي فشربوا منه إلا قليلا ( البقرة 249 ) وهم ثلاثمائة وبضعة عشر كما ذكر في حديث الباب وكان فيهم داود عليه السلام فلما وقعت المقاتلة بين طالوت وجالوت عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر بحوران من نواحي دمشق قتل داود جالوت كما أخبر الله في كتابه العزيز وما أشمويل بعد إنكسار جالوت وكان عمره اثنين وخمسين سنة ثم إن طالوت اشتغل بالغزو حتى قتل هو وأولاده جميعا وكانت مدة ملكه أربعين سنة وكان أحلم الناس وأعلمهم وأطولهم فلذلك سمي طالوت وقيل أوحي إليه ونبيء ذكره الزمخشري والله أعلم ثم افترقت أسباط بني إسرائيل فملك سبط يهوذا داود عليه السلام ابن إيشا قوله جازوا معه النهر بالجيم والزاي وهو رواية الكشميهني بغير ألف في أوله وفي رواية غيره وأجازوا بالألف وفي رواية إسرائيل جاوزوا من المجاوزة والكل بمعنى التعدية وقد مر تفسير النهر وتفسير بضعة أيضا عن قريب قوله لا والله كلمة لا إما النفي كلام تقدم بينهم فيما يتعلق بالمسألة وإما زائدة لتأكيد معنى عدم المجاوزة
3958 - حدثنا ( عبد الله بن رجاء ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) قال كنا أصحاب محمد فتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة
هذا طريق آخر في حديث البراء أخرجه عن عبد الله بن رجاء ضد الخوف البصري عن إسرائيل بن يونس عن جده

(17/83)


أبي إسحاق عمرو بن عبد الله قوله أصحاب محمد بالرفع مبتدأ و نتحدث مع فاعله خبره والجملة في محل النصب خبر كان قوله أصحاب بدر أي أصحاب غزوة بدر قوله على عدة أصحاب طالوت خبر إن وكلمة على بمعنى الاستعلاء المعنوي وفي الحقيقة تؤدي معنى التشبيه ولا تخفى المشابهة بين القضيتين من وجوه لا تخفى
3959 - حدثني ( عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سفيان ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) ح وحدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال كنا نتحدث أن أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر بعدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر وما جاوز معه إلا مؤمن
هذان طريقان آخران في حديث البراء أحدهما عن عبد الله وهو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم وكنية عبد الله أبو بكر العبسي الكوفي أخو عثمان بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد القطان الأحول البصري عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن البراء وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن بندار عن أبي عامر العقدي والطريق الثاني عن محمد بن كثير العبدي البصري عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق
7 -
( باب دعاء النبي على كفار قريش شيبة وعتبة والوليد وأبي جهل بن هشام وهلاكهم )
أي هذا باب في بيان دعاء النبي على كفار قريش وهذه الترجمة ثبتت لأكثر الرواة وسقطت في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني
قوله شيبة هو ابن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف وقال بعضهم شيبة بن ربيعة بالجر وبالفتح على البدلية وكذا عتبة قلت من له مساس بالعربية لا يعرف كذا بل شيبة لا ينصرف للعلمية والتأنيث فيكون مفتوحا في محل الجر وهو وما بعده عطف بيان لكفار قريش و عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق ابن ربيعة المذكور والوليد بفتح الواو وهو ابن عتبة المذكور وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان يكنى أبا الحكم فكناه رسول الله أبا جهل قوله وهلاكهم بالجر أي وفي بيان هلاكهم فقبل الله دعاءه وكلهم قتلوا يوم بدر أما شيبة فقتله حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وأما عتبة فقتله عبيد بن الحارث بن المطلب وقال ابن هشام اشترك فيه هو وحمزة وعلي رضي الله تعالى عنهم وأما الوليد فقتله علي بن أبي طالب وأما أبو جهل فقتله معاذ بن عمرو بن جموح ومعاذ بن عفراء وعبد الله بن مسعود وقد جز رأسه وأتى به إلى النبي
3960 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( عمرو بن ميمون ) عن ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله تعالى عنه قال استقبل النبي الكعبة فدعا على نفر من قريش على شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأبي جهل بن هشام فأشهد بالله لقد رأيتهم صرعى قد غيرتهم الشمس وكان يوما حارا
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث قد مر في كتاب الوضوء في باب إذا ألقى على المصلى قذر وفي كتاب الصلاة في باب المرأة تطرح على المصلى شيئا من الأذى بأتم منه وأطول قوله صرعى جمع صريع أي مطروحين بين القتلى في المصارع التي عينها رسول الله قبل القتال
8 -
( باب قتل أبي جهل )

(17/84)


أي هذا باب في بيان قتل أبي جهل أي في كيفية قتله وهذه الترجمة ثبتت لغير أبي ذر قيل سقوطها أوجه لأن فيه هلاك غير أبي جهل أيضا قلت وفي بعض النسخ أيضا باب قتل أبي جهل وغيره فعلى هذا ثبوتها أوجه
3961 - حدثنا ( ابن نمير ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( إسماعيل ) أخبرنا ( قيس ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر فقال أبو جهل هل أعمد من رجل قتلتموه
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير وقد مر غير مرة وأبو أسامة حماد بن أسامة وإسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي البجلي والحديث من أفراده
قوله رمق وهو بقية الروح يتردد في الحلق قوله هل أعمد من رجل أي هل أعجب من رجل قتله قومه يعني ليس قتلكم لي إلا قتل رجل قتله قومه لا يزيد على ذلك ولا هو فخر لكم ولا عار علي يقال أنا أعمد من كذا أي أعجب منه وقيل أعمد بمعنى أغضب من قولهم عمد عليه إذا غضب والحاصل أنه يهون على نفسه ما حل به من الهلاك وأنه ليس بعار عليه أن يقتله قومه وقال السهيلي هو عندي من قولهم عمد البعير يعمد إذا انفضح سنامه فهلك أي أهلك من رجل قتله قومه وقال أبو عبيد معناه هل زاد على سيده قتله قومه وعن عبيدة أي هل كان ذلك إلا هذا يقول إن هذا ليس بعار علي وفي ( تهذيب ) الأزهري قال شمر هذا استفهام أي أعجب من رجل قتله قومه وقد ذكرنا هذا
3962 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( سليمان التيمي ) أن ( أنسا ) حدثهم قال قال النبي ح وحدثني عمرو بن خالد حدثنا زهير عن سليمان التيمي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال النبي من ينظر ما صنع أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد قال أأنت أبو جهل قال فأخذ بلحيته قال وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه قال أحمد بن يونس أنت أبو جهل
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين أحدهما عن أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي عن زهير بن معاوية الجعفي الكوفي عن سليمان بن طرخان التيمي البصري عن أنس وأخرجه مسلم في المغازي أيضا عن علي بن حجر وعن حامد بن عمر والآخر عن عمرو بن خالد الجزري سكن مصر عن زهير إلى آخره وقال الكرماني الحديث من مراسيل الصحابة لأن الأصح أن أنسا لم يشهد بدرا قلت قد ذكرنا عن قريب عن أبي داود أنه روى بإسناد صحيح عن أنس أنه قال كنت أمنح الماء لأصحابي يوم بدر
قوله ابنا عفراء يعني معاذا ومعوذا وفي ( صحيح مسلم ) أن للذين قتلاه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء وهو ابن الحارث بن رفاعة بن سواد وعفراء أمه وهي ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية وكذلك تقدم في كتاب الجهاد في باب من لم يخمس الأسلاب أن معاذ بن عمرو هو الذي قطع رجل أبي جهل وصرعه ثم ضربه معوذ بن عفراء حتى أثبته ثم تركه وبه رمق فدفق عليه عبد الله بن مسعود واحتز رأسه فإن قلت ما وجه الجمع بين هذه الأقاويل قلت لعل القتل كان بفعل الكل فأسند كل راو إلى ما رآه من الضرب أو من زيادة الأثر على حسب اعتقاده قوله حتى برد بفتحتين أي حتى مات قوله قال أي ابن مسعود أنت أبو جهل هذا على أصل رواية المستملي وحده وفي رواية الأكثرين أنت أبا جهل بالنصب على النداء أي أنت مصروع يا أبا جهل أو هو على مذهب من يقول ولو ضربه يا أبا قبيس أو تقديره أنت تكون أبا جهل وخاطبه بذلك مقرعا له ومتشفيا منه لأنه كان يؤذيه بمكة أشد الأذى وعند أبي إسحاق والحاكم من حديث ابن عباس قال ابن مسعود فوجدته بآخر رمق فوضعت رجلي على عنقه فقلت أخزاك الله يا عدو الله قال وبما أخزاني هل أعمد من رجل قتلتموه وقال عياض إن ابن مسعود إنما

(17/85)


وضع رجله على عنق أبي جهل ليصدق رؤياه فإنه رأى ذلك في المنام قال وزعم رجال من بني مخزوم أنه قال لقد أرتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا قال ثم احتززت رأسه فجئت به رسول الله فقلت هذا رأس عدو الله أبي جهل فقال والله الذي لا إله إلا هو فحلف له ويقال مر ابن مسعود على أبي جهل فقال الحمد لله الذي أخزاك وأعز الإسلام فقال أبو جهل أتشتمني يا رويع هذيل فقال نعم والله وأقتلك فحذفه أبو جهل بسيفه وقال دونك هذا إذا فأخذه عبد الله فضربه حتى قتله وجاء به إلى النبي وقال يا رسول الله قتلت أبا جهل فقال الله الذي لا إله إلا هو فحلف له فأخذه النبي بيده ثم انطلق معه حتى أراه إياه فقام عنده وقال الحمد لله الذي أعز الإسلام وأهله ثلاث مرات وعن أبي إسحاق لما جاء النبي البشير بقتل أبي جهل استحلفه ثلاثة أيمان بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته قتيلا فحلف له فخر ساجدا قوله وهل فوق رجل قتلتموه قال النووي أي لا عار في قتلكم إياي قوله أو رجل قتله قومه شك من الراوي وهو سليمان التيمي بينه ابن علية عنه وقال التيمي أيضا قال أبو مجلز قال أبو جهل فلو غير أكار قتلني وهذا في مسلم وهو مرسل وأبو مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام وفي آخره زاي واسمه لاحق بن حميد السدوسي البصري التابعي المشهور وروى عنه سليمان التيمي وغيره والأكار بفتح الهمزة وتشديد الكاف وفي آخره راء وهو الزراع وأراد بذلك ابني عفراء لأنهما من الأنصار وهم أصحاب زرع ونخل وأشار بذلك إلى تنقيصهم
قوله أحمد بن يونس وهو شيخه في الطريق الأول للحديث المذكور أي قال أحمد في روايته قال ابن مسعود أنت أبو جهل على الأصل وعامة الرواة على قوله أنت أبو جهل وقد ذكرنا وجهه
3963 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( ابن أبي عدي ) عن ( سليمان التيمي ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي يوم بدر من ينظر ما فعل أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد فأخذ بلحيته فقال أنت أبا جهل قال وهل فوق رجل قتله قومه أو قال قتلتموه ( انظر الحديث 3962 وطرفه )
هذا طريق آخر في حديث أنس أخرجه عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي بفتح العين المهملة وكسر الدال وتشديد الياء واسمه محمد بن إبراهيم أبو عمرو البصري وإبراهيم هو اسم أبي عدي السلمي عن سليمان التيمي قوله ما فعل أبو جهل وفي الحديث السابق ما صنع أبو جهل و فعل من أعم الأفعال بخلاف صنع قوله حتى برد قد ذكرنا أن معناه مات وفي رواية لمسلم حتى برك يعني حتى سقط على الأرض قال القاضي رواية الجمور برد يعني بالدال واختار جماعة محققون الكاف
حدثني ابن المثنى أخبرنا معاذ بن معاذ حدثنا سليمان أخبرنا أنس بن مالك نحوه
هذا طريق آخر في حديث أنس أخرجه عن محمد بن المثنى عن معاذ بضم الميم ابن معاذ التيمي عن أنس رضي الله تعالى عنه زاد هنا اسم والد أنس كما نراه
16 - ( حدثنا علي بن عبد الله قال كتبت عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم عن أبيه عن جده في بدر يعني حديث ابني عفراء )
علي بن عبد الله هو ابن المديني قوله كتبت كناية عن سمعت لأن الكتابة لازم السماع عادة وقول بعضهم ظاهره أنه كتبه عنه ولم يسمعه منه بعيد ظاهرا ويوسف بن الماجشون هو يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة واسمه دينار والماجشون هو لقب يعقوب وتفسيره المورد وقد ذكر فيما مضى مستقصى وإبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن عوف يروي عنه ابنه صالح وصالح يروي عن أبيه إبراهيم عن جده عبد الرحمن والضمير في جده يرجع إلى صالح والحديث

(17/86)


مضى مطولا في كتاب الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن يوسف بن الماجشون إلى آخره ومر الكلام فيه هناك مستقصى قوله في بدر أي في قصة غزوة بدر قوله يعني حديث ابني عفراء أراد به الحديث الذي مضى في الخمس
17 - ( حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة )
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن مسلم الرقاشي والد أبي قلابة عبد الملك بن محمد البصري وهو شيخ مسلم أيضا والرقاشي بفتح الراء والقاف المخففة وبالشين المعجمة في ربيعة بن نزار نسبة إلى رقاش بنت ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي البصري وأبو مجلز ضبطناه عن قريب في هذا الباب وقيس بن عباد بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة الضبعي البصري وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث آخر تقدم في مناقب عبد الله بن مسلم وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهم سليمان بن طرخان وأبو مجلز وقيس بن عباد والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن حجاج بن منهال وأخرجه النسائي في السير عن هلال بن بشر البصري قوله أنا أول من يجثو أراد بالأولية تقييده بالمجاهدين من هذه الأمة لأن المبارزة المذكورة أول مبارزة وقعت في الإسلام ويجثو بالجيم والثاء المثلثة من جثا يجثو أي يقعد على ركبتيه مخاصما قوله وقال قيس بن عباد موصول بالإسناد المذكور قوله فيهم أنزلت أي في علي وحمزة وعبيدة بن الحرث وروى قيس بن عباد على ما يجيء الآن أن أبا ذر الغفاري كان يقسم بالله سبحانه أنزلت هذه الآية يعني قوله هذان خصمان اختصموا في ستة نفر من قريش تبارزوا يوم بدر حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث رضي الله تعالى عنهم وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة قوله هذا خصمان الخصم صفة يوصف بها الفوج أو الفريق كأنه قيل هذان فوجان أو فريقان يختصمان وهذان بالنظر إلى اللفظ واختصموا بالنظر إلى المعنى وقال الله تعالى في حق أحد الفريقين الذين كفروا وهم عتبة وشيبة والوليد فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار الآية قوله هم الذين تبارزوا من التبارز وهو الخروج من الصف على الانفراد للقتال قوله حمزة بالرفع مع ما عطف عليه عطف بيان لقوله هم الذين تبارزوا ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهم حمزة والثاني علي إلى آخره بهذا التقدير ولم يقع في هذه الرواية تفصيل المبارزين وذكر ابن إسحاق أن عبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة كانا أسن القوم فبرز عبيدة لعتبة وحمزة لشيبة وعلي للوليد وفي رواية موسى بن عقبة برز حمزة لعتبة وعبيدة لشيبة وعلي للوليد ثم اتفقا فقتل علي الوليد وقتل حمزة الذي بارزه واختلف عبيدة ومن بارزه بضربتين فوقعت الضربة في ركبة عبيدة فمات منها لما رجعوا بالصفراء ومال حمزة وعلي إلى الذي بارز عبيدة فأعاناه على قتله وعبيدة مصغر عبدة ابن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي كان أسن من رسول الله بعشر سنين أسلم قبل دخوله دار الأرقم وكان عمره يوم مات ثلاثا وستين سنة -
3966 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن ( أبي هاشم ) عن ( أبي مجلز ) عن ( قيس بن عباد ) عن ( أبي ذر )

(17/87)


رضي الله تعالى عنه قال نزلت هاذان خصمان اختصموا في ربهم في ستة من قريش علي وحمزة وعبيدة ابن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة
قيس بن عباد المذكور روى هذا الحديث عن علي وأبي ذر كليهما وسفيان هو ابن عيينة وأبو هاشم اسمه يحيى بن دينار الرماني لنزوله قصر الرمان الواسطي والحديث أخرجه البخاري أيضا هنا عن يحيى بن جعفر وعن يعقوب بن إبراهيم وفي التفسير عن حجاج بن منهال وأخرجه مسلم في آخر كتابه عن عمرو بن زرارة وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن ابن المثنى وأخرجه النسائي في السير وفي المناقب عن محمد بن منيع وعن سليمان بن عبيد الله وفي التفسير عن بندار وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن يحيى بن حكيم وعن محمد بن إسماعيل
3967 - حدثنا ( إسحاق بن إبراهيم الصواف ) حدثنا ( يوسف بن يعقوب ) كان ( ينزل في بني ضبيعة ) وهو مولى ل ( بني سدوس ) حدثنا ( سليمان التيمي ) عن ( أبي مجلز ) عن ( قيس بن عباد ) قال قال علي رضي الله تعالى عنه فينا نزلت هاذه الآية هاذان خصمان اختصموا في ربهم ( الحج 19 ) ( انظر الحديث 3965 وطرفه )
هذا طريق آخر في حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أخرجه عن إسحاق بن إبراهيم الصواف البصري وهو من أفراده عن يوسف بن يعقوب أبو يعقوب السدوسي مولاهم ويقال له الضبعي لأنه كان ينزل بني ضبيعة بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالعين المهملة وكان بقفاه سلعة فقيل له السلعي وهو البصري وليس له في البخاري سوى هذا الحديث
3968 - حدثنا ( يحيى بن جعفر ) أخبرنا ( وكيع ) عن ( سفيان ) عن ( أبي هاشم ) عن ( أبي مجلز ) عن ( قيس ابن عباد ) سمعت ( أبا ذر ) رضي الله تعالى عنه يقسم لنزلت هاؤلاء الآيات في هاؤلاء الرهط الستة يوم بدر نحوه
هذا طريق آخر في حديث أبي ذر أخرجه عن يحيى بن جعفر بن أعين أبو زكريا البخاري البيكندي وهو من أفراده وسفيان هو الثوري قوله يقسم بضم الياء أي يحلف واللام في لنزلت للتأكيد وأراد بالآيات قوله تعالى هذان خصمان اختصموا ( الحج 19 ) إلى تمام ثلاث آيات وقال مجاهد سألت ابن عباس فقال سورة الحج نزلت بمكة سوى ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة في ستة نفر من قريش ثلاثة مؤمنون وثلاثة كافرون فالمؤمنون علي وحمزة وعبيدة رضي الله تعالى عنهم وذكر الباقي مثل ما في الكتاب فنزلت فيهم هذان خصمان ( الحج 19 ) إلى تمام ثلاث آيات قلت ثلاثة من المسلمين من بني عبد مناف وثلاثة من المشركين من بني عبد شمس بن عبد مناف
3969 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم الدورقي ) حدثنا ( هشيم ) أخبرنا ( أبو هاشم ) عن ( أبي مجلز ) عن ( قيس ) قال سمعت ( أبا ذر ) يقسم قسما إن هاذه الآية هذاان خصمان اختصموا في ربهم ( الحج 19 ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ( انظر الحديث 3966 وطرفه )
هذا طريق آخر في حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه أخرجه عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هشيم بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة الواسطي عن أبي هاشم الرماني عن أبي مجلز لاحق عن قيس بن عباد قوله قسما نصب على أنه مفعول مطلق قوله في الذين أي في الرهط الذين قوله حمزة بفتح التاء في موضع الجر لأنه غير منصرف و علي بالجر عطف عليه و عبيدة أيضا بالفتح في موضع الجر لأنه معطوف على المجرور وكذلك عتبة وشيبة قوله والوليد بالجر لكونه معطوفا على المجرورات

(17/88)


3970 - حدثني ( أحمد بن سعيد أبو عبد الله ) حدثنا ( إسحاق بن منصور ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف ) عن أبيه عن ( أبي إسحاق ) سأل البراء وأنا أسمع قال أشهد علي بدرا قال بارز وظاهر
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن سعيد بن إبراهيم أبو عبد الله المعروف بالرباطي وهو شيخ مسلم أيضا وإسحاق بن منصور أبو عبد الله السلولي الكوفي وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وإبراهيم يروي عن أبيه يوسف ويوسف يروي عن جده أبي إسحاق وإسحاق مات قبل أبيه والحديث من أفراده
قوله وأنا أسمع أي والحال أنا أسمع سؤال السائل المذكور عن البراء قوله قال أي السائل المذكور قوله أشهد الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار و شهد فعل ماض بمعنى حضر وعلي بن أبي طالب بالرفع فاعله قوله بدرا أي غزوة بدر قال أي البراء بارز من المبارزة وقد مر تفسيرها عن قريب قوله وظاهر بلفظ الماضي أيضا أي لبس درعا على درع ويروى ظهر من الظهور وفي الكلام حذف تقديره قال نعم شهد بدرا وبارز وظاهر
3971 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) قال حدثني ( يوسف بن الماجشون ) عن ( صالح بن إبراهيم ابن عبد الرحمان بن عوف ) عن أبيه عن جده عبد الرحمان قال كاتبت أمية بن خلف فلما كان يوم بدر فذكر قتله وقتل ابنه فقال بلال لا نجوت إن نجا أمية ( انظر الحديث 2301 )
هذا الحديث بهذا الإسناد والمتن قد مر في كتاب الوكالة في باب إذا وكل مسلم حربيا بأتم منه وأطول
قوله كاتبت معناه عاهدت أمية بن خلف بفتحتين ولفظ الذي في كتاب الوكالة كاتبت أمية بن خلف كتابا بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في صاغيته وصاغية الرجل خاصته والذين يميلون إليه ويأتونه قوله فذكر قتلهأي قتل أمية وتفسيره في الحديث الذي في الوكالة وهو أن ( عبد الرحمن ) قال فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس فأبصره بلال فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار فقال أمية بن خلف لا نجوت إن نجا أمية فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لإشغالهم فقتلوه ثم أبوا حتى يتبعونا وكان رجلا ثقيلا فلما أدركونا قلت له ابرك فبرك فألقيت عليه نفسي لأمنعه فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه قوله فقال بلال لا نجوت إن نجا أمية قال الكرماني فقتله بلال لأنه كان قد عذب بلالا كثيرا في المستضعفين بمكة وفيه فيه
( هنيئا زادك الرحمن فضلافقد أدركت ثأرك يا بلال )
قلت الحديث لا يدل على أن بلالأ اختص بقتل أمية وقال ابن إسحاق أمية بن خلف قتله رجل من الأنصار من بني مازن وقال ابن هشام ويقال قتله الحصن بن الحارث بن عبد المطلب ويمكن أن يكون بلال مع الذين تخللوه بالسيوف تحت عبد الرحمن ابن عوف فصار من جملة القاتلين وكان بلال اشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه بمكة من أمية بن خلف كما ذكرناه
3972 - حدثنا ( عبدان بن عثمان ) قال أخبرني أبي عن ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( الأسود ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه غير أن شيخا أخذ كفا من تراب فرفعه إلى جبهته فقال يكفيني هاذا قال عبد الله فلقد رأيته بعد قتل كافرا
مطابقته للترجمة تأتي على النسخة التي قيل فيها عدة أصحاب بدر وغيره أو تقول المراد من قوله شيخا هو أمية بن خلف وأنه قيل في غزوة بدر وأنه قد ذكر في الحديث السابق فحصل بينهما التناسب من هذا الوجه وعبدان هو عبد الله يروي عن أبيه عثمان بن جبلة المروزي وأبو إسحاق عمرو والأسود بن يزيد وعبد الله بن مسعود والحديث مر في أبواب سجود

(17/89)


القرآن في باب سجدة النجم فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن شعبة إلى آخره
3973 - أخبرني إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن هشام عن عروة قال كان في الزبيره ثلاث ضربات بالسيف إحداهن في عاتقه قال إن كنت لأدخل أصابعي فيها قال ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك قال عروة وقال لي عبد الملك بن مروان حين قتل عبد الله بن الزبير يا عروة هل تعرف سيف الزبير قلت نعم قال فما فيه قلت فيه فلة فلها يوم بدر قال صدقت
( بهن فلول من قراع الكتائب )
ثم رده على عروة قال هشام فأقمناه بيننا ثلاثة آلاف وأخذه بعضنا ولوددت أني كنت أخذته ( انظر الحديث 3721 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة فإنه يصرح بحضور الزبير بن العوام وقعة بدر فيدخل في العدة و ( إبراهيم بن موسى ) هو أبو إسحاق الفراء الرازي و ( معمر ) بفتح الميمين يروي عن ( هشام ) بن ( عروة ) بن الزبير
قوله أخبرنيويروى حدثني قوله حدثنا هشام ويروى أخبرنا هشام قوله إحداهن في عاتقه وتقدم في مناقب الزبير من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام أن الضربات الثلاث كن في عاتقه وكذا هو في الرواية التي بعده والعاتق ما بين العنق والمنكب قوله قال أي عروة قوله إن كنت إن هذه مخففة من الثقيلة قوله لأدخل من الإدخال واللام فيه للتأكيد وفاعله هو عروة قوله أصابعي فيها وفي رواية الكشميهني فيهن وزاد في المناقب وفي الرواية التي بعدها ألعب وأنا صغير قوله ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك وفي رواية المبارك أنه ضرب يوم اليرموك ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قيل إن كان اختلافا على هشام فرواية ابن المباك أثبت لأن في حديث معمر عن هشام مقالا وإلا فيحتمل أن يكون كان فيه في غير عاتقه ضربتان أيضا فيجمع بذلك بين الخبرين و اليرموك بفتح الياء آخر الحروف وقيل بالضم أيضا وسكون الراء وضم الميم وسكون الواو وفي آخره كاف قال الكرماني هو موضع بناحية الشام وقال بعضهم من نواحي فلسطين ويقال إنه نهر قلت اليرموك موضع بين أذرعات ودمشق وكانت به وقعة عظيمة بين المسلمين وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه وبين عسكر الروم وأرسلهم هرقل وأميرهم يسمى ماهان الأرمني وقال سيف بن عمر كانت وقعة يرموك في سنة ثلاث عشرة من الهجرة قبل فتح دمشق وتبعه على ذلك ابن جرير الطبري وقال إبن إسحاق كانت في سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق وعليه الجمهور وقتل فيها من المسلمين أربعة آلاف نفس ومن الروم زهاء على مائة ألف وخمسة آلاف وأسر أربعون ألفا وكان في المسلمين مائة شخص ممن شهد غزوة بدر قوله قال عروة هو موصول بالإسناد المذكور قوله فلة بفتح الفاء وتشديد اللام وهي واحدة فلول السيف وهي كسور في حده وفله يفله أي كسره قوله فلها بضم الفاء وتشديد اللام على صيغة المجهول والضمير فيه يرجع إلى الفلة قوله قال صدقت أي قال عبد الملك لعروة صدقت ثم قال قوله
بهن فلول من قراع الكتائب
وهذا مصراع بيت أوله
( ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم )
وقائله النابغة الذبياني وهذا من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم قوله فلول أي كلال والقراع بكسر القاف المضاربة بالسيف وكذا المقارعة والكتائب جمع الكتيبة وهي الجيش قوله ثم رده أي ثم رد عبد الملك السيف على عروة وكان عروة مع أخيه عبد الله بن الزبير لما حاصره الحجاج بمكة فلما قتل عبد الله أخذ الحجاج ما وجد له فأرسل به إلى عبد الملك ابن مروان وهو خليفة بدمشق وكان في ذلك سيف الزبير الذي سأل عبد الملك عروة عنه وكان عروة خرج إلى الشام إلى عبد الملك قوله قال هشام هو ابن عروة وهو أيضا موصول بالإسناد المذكور قوله فأقمناه أي ذكرنا قيمته تقول قومت الشيء وأقمته أي ذكرت ما يقوم مقامه من الثمن قوله وأخذه بعضنا أي بعض الورثة وهو عثمان بن عروة أخو هشام قوله ولوددت إلى آخره من كلام هشام

(17/90)


3974 - حدثنا ( فروة ) عن ( علي ) عن ( هشام ) عن أبيه قال كان سيف الزبير محلى بفضة قال هشام وكان سيف عروة محلى بفضة
هذا من تعليق الحديث السابق فيكون مطابقا للترجمة لأن المطابق للمطابق لشيء مطابق لذلك الشيء وفروة بفتح الفاء وسكون الراء وهو ابن أبي مغراه بفتح الميم وسكون الغين المعجمة ممدودا أبو القاسم الكندي الكوفي واسم أبي المغراء معدي كرب قال البخاري مات فروة سنة خمس وعشرين ومائتين وعلي هو ابن مسهر وهشام هو ابن عروة بن الزبير قوله محلى بالحاء المهملة وتشديد اللام من الحلية
3975 - حدثنا ( أحمد بن محمد ) حدثنا ( عبد الله ) أخبرنا ( هشام بن عروة ) عن أبيه أن أصحاب رسول الله قالوا للزبير يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك فقال إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلا فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة كنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير قال عروة وكان معه عبد الله بن الزبير يومئذ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس وكل به رجلا ( انظر الحديث 3721 وطرفه )
وجه المطابقة تؤخذ من قوله يوم بدر لدلالته على حضوره بدرا وأحمد بن موسى أبو العباس يقال له مردويه السمسار المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي والحديث من أفراده
قوله ألا تشد كلمة ألا للتحضيض و تشد من شد عليه في الحرب أي حمل عليه والمعنى ألا تشد على المشركين فنشد معك قوله كذبتم أي أخلفتم قوله قالوا لا نفعل أي قال أصحاب رسول الله لا نكذب وقيل معناه لا نجبن ولا ننصرف وقال الكرماني يحتمل أن يكون لا ردا لكلامه أي لا نخلف ولا نكذب ثم قالوا نفعل أي الشد قوله فجاوزهم وما معه أحد أي من الذين قالوا له ألا تشد فنشد معك قوله ثم رجع مقبلا أي ثم رجع الزبير حال كونه مقبلا إلى الأصحاب قوله فأخذوا أي الأعداء من الروم بلجام فرسه قوله كنت أدخل من الإدخال قوله وأنا صغير الواو فيه للحال قوله كان معه أي مع الزبير عبد الله ابنه قوله يومئذ أي يوم وقعة اليرموك قوله وهو ابن عشر سنين الواو فيه للحال وقوله عشر سنين بحسب إلغاء الكسر وإلا فسنه يومئذ كان على الصحيح مقدار إثنتي عشرة سنة قوله فحمله على فرس أي فحمل الزبير عبد الله على فرس وذلك لأنه فهم منه الشجاعة والفروسية فخشي عليه أن يهجم بتلك الفروسية على ما لا يطيقه وجعل معه أيضا رجلا ليحفظه من كيد العدو غرة إذا اشتغل هو بالقتال وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أن كان مع أبيه يوم اليرموك فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم
3976 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) سمع ( روح بن عبادة ) حدثنا ( سعيد بن أبي عروبة ) عن ( قتادة ) قال ذكر لنا ( أنس بن مالك ) عن ( أبي طلحة ) أن نبي الله أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد

(17/91)


وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قال فقال عمر يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها فقال رسول الله والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم قال قتادة أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما ( انظر الحديث 3065 )
مطابقته للترجمة الزائدة وهي قوله وغيره بعد قوله باب عدة أصحاب بدر وعلى تقدير عدم هذه الزيادة يكون وجه المطابقة هو كون هذا الحديث مما يتعلق بغزوة بدر بطريق الاستئناس والاستقراب
وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي وفيه رواية صحابي عن صحابي أنس عن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري
قوله من صناديد قريش الصناديد جمع صنديد بوزن عفريت وهو السيد الشجاع العظيم ووقع عند ابن عائذ عن سعيد بن بشر عن قتادة بضعة وعشرين ولا منافاة بين الروايتين لأن البضع يطلق على الأربع أيضا وفي حديث البراء على ما سيأتي أن قتلى بدر كانوا سبعين والذين طرحوا في القليب كانوا الرؤساء منهم قوله فقذفوا على صيغة المجهول أي طرحوا قوله في طوى بفتح الطاء المهملة وكسر الواو وتشديد الياء وهي البئر المطوية بالحجارة ويجمع على أطواء قوله خبيث أي غير طيب ومخبث بضم الميم وكسر الباء الموحدة من قولهم أخبث أي اتخذ أصحابا خبثا قوله وكان إذا ظهر أي وكان رسول الله إذا غلب على قوم أقام بالعرصة وهي كل موضع واسع لا بناء فيه وهذا أخرجه في كتاب الجهاد في باب من غلب العدو فأقام على عرصتهم ثلاثا حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا روح بن عباد حدثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة عن النبي أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال ومر الكلام فيه هناك قوله فشد على صيغة المجهول ورحلها مرفوع به قوله على شفة الركي أي على طرف البئر وفي رواية الكشميهني على شفير الركي والركي بفتح الراء وتشديد الياء وهو البئر قبل أن تطوى فإن قلت بين قوله في طوى وبين قوله الركي منافاة قلت لا منافاة لأنها كانت مطوية ثم استهدمت فصارت كالركي قوله فجعل يناديهم بأسمائهم وفي رواية إبن إسحاق وأحمد وغيرهما من حديث حميد عن أنس فنادى يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا أمية بن خلف ويا أبا جهل بن هشام الحديث وفي ذكر أمية معهم نظر لأن أمية لم يلق في القليب لأنه كان ضخما فانتفخ فألقوا عليه من الحجارة والتراب ما غيبه فإن قلت ما وجه تخصيص هؤلاء بالخطاب قلت لأنه تقدم منهم من المعاندة العظيمة فخاطبهم بذلك توبيخا لهم وطرح باي القتلى في أمكنة أخرى وقال الواقدي القليب الذي ألقوا فيه كان قد حفره رجل من بني النجار فناسب أن يلقى فيه هؤلاء الكفار قوله قال عمر يا رسول الله ما تكلم كلمة ما استفهامية قوله منهم أي من الذين ألقوا في القليب
قوله قال قتادة هو موصول بالإسناد المذكور قوله حتى أسمعهم رسول الله قوله توبيخا أي لأجل التوبيخ وهو التعيير واللوم قوله وندما وفي رواية الإسماعيلي تندما والمنصوبات كلها على التعليل
3977 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( عمرو ) عن ( عطاء ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما الذين بدلوا نعمة الله كفرا قال هم والله كفار قريش قال عمرو هم قريش ومحمد نعمة الله وأحلوا قومهم دار البوار قال النار يوم بدر ( الحديث 3977 - طرفه في 4700 )
وجه ذكر هذا هنا ما ذكرناه في ترجمة الحديث السابق والحميدي عبد الله بن الزبير وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هم ابن دينار وعطاء هو ابن أبي رباح
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن علي بن عبد الله عن سفيان وأخرجه النسائي في التفسير عن قتيبة عن سفيان
قوله قال هم أي قال ابن عباس هم أي الذين بدلوا نعمة الله كفرا والله كفار قريش ورواه عبد الرزاق عن ابن عيينة قال هم كفار قريش أو أهل مكة وروى الطبري عن أبي كريب عن ابن عيينة هم والله

(17/92)


أهل مكة قال ابن عيينة يعني كفارهم وروى الطبري من وجه آخر عن علي رضي الله تعالى عنه نحوه لكن فيه فأما بنو مخزوم فقطع الله دابرهم يوم بدر وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين وأخرج الطبري عن عمر رضي الله تعالى عنه نحوه وأخرج أيضا من وجه ضعيف عن ابن عباس قال هم جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم قوله قال عمرو أي عمرو بن دينار المذكور وهو موصول بالإسناد المذكور وقول عمرو هذا موقوف عليه وكذا قوله دار البوار النار يوم بدر قوله يوم بدر ظرف لقوله أحلوا أي أنهم أهلكوا قومهم يوم بدر فأدخلوا النار والبوار الهلاك وسميت جهنم دار البوار لإهلاكها من يدخلها
3978 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه قال ذكر ( عند عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن ابن عمر رفع إلى النبي أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله فقالت وهل ابن عمر رحمه الله إنما قال رسول الله إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن قالت وذاك مثل قوله إن رسول الله قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى ( النمل 280 الروم 52 ) وما أنت بمسمع من في القبور ( فاطر 22 ) تقول حين تبوؤا مقاعدهم من النار ( انظر الحديث 1371 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن له تعلقا بقضية بدر أو تقول لقوله وغيره في باب قصة غزوة بدر وغيره على تقدير وجود لفظ وغيره في بعض النسخ كما ذكرناه
وعبيد بضم العين ابن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد ابن أسامة وهشام هو ابن عروة بن الزبير
قوله ذكر على صيغة المجهول وفي رواية الإسماعيلي أن عائشة بلغها قوله إن ابن عمر رفع إلى النبي يعني قال قال رسول الله يعذب الميت إلى آخره في حديث مطول ومر الكلام فيه هناك قوله فقالت أي عائشة وهل ابن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعنى وأما وهل بفتح الهاء فمعناه فزع ونسي قوله إنما قال رسول الله إنه ليعذب بخطيئته وذنبه والحال أن أهله ليبكون عليه الآن وهذا وجه رد عائشة على ابن عمر والحاصل هنا أن ابن عمر حمل كلامه على الحقيقة وأن عائشة حملته على المجاز حيث أولته بما ذكرته قوله قالت أي عائشة وذاك مثل قوله أي الذي قاله ابن عمر هنا قوله إن رسول الله إلى قوله حق ولفظ مثل في قوله فقال لهم مثل ما قال وقع في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فقال لهم ما قال أي ابن عمر قوله إنهم ليسمعون بيان له أو بدل ووجه المشابهة بينهما حمل ابن عمر على الظاهر والمراد منهما أي من الحديثين غير الظاهر قوله إنما قالأي النبي إنهم الآن ليعلمون أنما كنت أقول لهم حق أرادت بذلك أن لفظ الحديث أنهم ليعلمون وأن ابن عمر وهم في قوله ليسمعون وقال البيهقي العلم لا يمنع من السماع وقال الإسماعيلي إن كانت عائشة قالت ما قالته رواية فرواية ابن عمر أنهم ليسمعون وعلمهم لا يمنع من سماعهم قوله ثم قرأت عائشة إلى آخره أرادت بذلك تأكيد ما ذهبت إليه وأجيب عن الآية بأن الذي يسمعهم هو الله تعالى والمعنى أنه لا يسمعهم ولكن الله أحياهم حتى سمعوا كما قال قتادة وقال السهيلي وعائشة لم تحضر وغيرها ممن حضر حفظا للفظه وقد قالوا له أتخاطب قوما قد جيفوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم وإذا جاز أن يكونوا سامعين إما بآذان رؤوسهم إذا قلنا إن الأرواح تعاد إلى الأجساد عند المسألة وهو قول الأكثر من أهل السنة وإما بآذان القلب والروح على مذهب من يقول يتوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع منه إلى الجسد أو إلى بعضه قوله يقول القائل

(17/93)


هو عروة يريد أن يبين مراد عائشة فأشار إلى أن إطلاق النفي في قوله إنك لا تسمع الموتى ( النحل 80 الروم 52 ) مقيد بحالة استقرارهم في النار وهو معنى قوله حين تبوؤا أي حين اتخذوا مقاعدهم في النار قيل فعلى هذا لا معارضة بين إنكار عائشة وإثبات ابن عمر قلت الرواية التي بعد هذا تدل على إنكارها مطلقا يعلم ذلك بالتأمل
3981 - حدثني عثمان حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وقف النبي على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبي إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى ( النحل 80 الروم 52 ) حتى قرأت الآية ( انظر الحديث 1370 وطرفه ) ( انظر الحديث 1371 وطرفه )
هذا طريق آخر في الحديث السابق أخرجه عن عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم العبسي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة ابن سليمان الكلابي الكوفي قوله فذكر بضم الدال أي ذكر ما قال ابن عمر لعائشة رضي الله تعالى عنها فقالت وإن كانوا أحياء صورة وكذا المراد من الآية الأخرى وقال الزمخشري في قوله إنك لا تسمع الموتى ( النمل 80 الروم 52 ) شبهوا بالموتى وهم أحياء لأن حالهم كحال الأموات وفي قوله وما أنت بمسمع من في القبور ( النمل 80 الروم 52 ) أي الذين هم كالمقبورين
3978 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه قال ذكر ( عند عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن ابن عمر رفع إلى النبي أن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله فقالت وهل ابن عمر رحمه الله إنما قال رسول الله إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن قالت وذاك مثل قوله إن رسول الله قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال إنهم ليسمعون ما أقول إنما قال إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى ( النمل 280 الروم 52 ) وما أنت بمسمع من في القبور ( فاطر 22 ) تقول حين تبوؤا مقاعدهم من النار ( انظر الحديث 1371 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن له تعلقا بقضية بدر أو تقول لقوله وغيره في باب قصة غزوة بدر وغيره على تقدير وجود لفظ وغيره في بعض النسخ كما ذكرناه
وعبيد بضم العين ابن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد ابن أسامة وهشام هو ابن عروة بن الزبير
قوله ذكر على صيغة المجهول وفي رواية الإسماعيلي أن عائشة بلغها قوله إن ابن عمر رفع إلى النبي يعني قال قال رسول الله يعذب الميت إلى آخره في حديث مطول ومر الكلام فيه هناك قوله فقالت أي عائشة وهل ابن عمر بكسر الهاء أي غلط وزنا ومعنى وأما وهل بفتح الهاء فمعناه فزع ونسي قوله إنما قال رسول الله إنه ليعذب بخطيئته وذنبه والحال أن أهله ليبكون عليه الآن وهذا وجه رد عائشة على ابن عمر والحاصل هنا أن ابن عمر حمل كلامه على الحقيقة وأن عائشة حملته على المجاز حيث أولته بما ذكرته قوله قالت أي عائشة وذاك مثل قوله أي الذي قاله ابن عمر هنا قوله إن رسول الله إلى قوله حق ولفظ مثل في قوله فقال لهم مثل ما قال وقع في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فقال لهم ما قال أي ابن عمر قوله إنهم ليسمعون بيان له أو بدل ووجه المشابهة بينهما حمل ابن عمر على الظاهر والمراد منهما أي من الحديثين غير الظاهر قوله إنما قالأي النبي إنهم الآن ليعلمون أنما كنت أقول لهم حق أرادت بذلك أن لفظ الحديث أنهم ليعلمون وأن ابن عمر وهم في قوله ليسمعون وقال البيهقي العلم لا يمنع من السماع وقال الإسماعيلي إن كانت عائشة قالت ما قالته رواية فرواية ابن عمر أنهم ليسمعون وعلمهم لا يمنع من سماعهم قوله ثم قرأت عائشة إلى آخره أرادت بذلك تأكيد ما ذهبت إليه وأجيب عن الآية بأن الذي يسمعهم هو الله تعالى والمعنى أنه لا يسمعهم ولكن الله أحياهم حتى سمعوا كما قال قتادة وقال السهيلي وعائشة لم تحضر وغيرها ممن حضر حفظا للفظه وقد قالوا له أتخاطب قوما قد جيفوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم وإذا جاز أن يكونوا سامعين إما بآذان رؤوسهم إذا قلنا إن الأرواح تعاد إلى الأجساد عند المسألة وهو قول الأكثر من أهل السنة وإما بآذان القلب والروح على مذهب من يقول يتوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع منه إلى الجسد أو إلى بعضه قوله يقول القائل هو عروة يريد أن يبين مراد عائشة فأشار إلى أن إطلاق النفي في قوله إنك لا تسمع الموتى ( النحل 80 الروم 52 ) مقيد بحالة استقرارهم في النار وهو معنى قوله حين تبوؤا أي حين اتخذوا مقاعدهم في النار قيل فعلى هذا لا معارضة بين إنكار عائشة وإثبات ابن عمر قلت الرواية التي بعد هذا تدل على إنكارها مطلقا يعلم ذلك بالتأمل
3981 - حدثني عثمان حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال وقف النبي على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال إنهم الآن يسمعون ما أقول فذكر لعائشة فقالت إنما قال النبي إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى ( النحل 80 الروم 52 ) حتى قرأت الآية ( انظر الحديث 1370 وطرفه ) ( انظر الحديث 1371 وطرفه )
هذا طريق آخر في الحديث السابق أخرجه عن عثمان بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم العبسي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة ابن سليمان الكلابي الكوفي قوله فذكر بضم الدال أي ذكر ما قال ابن عمر لعائشة رضي الله تعالى عنها فقالت وإن كانوا أحياء صورة وكذا المراد من الآية الأخرى وقال الزمخشري في قوله إنك لا تسمع الموتى ( النمل 80 الروم 52 ) شبهوا بالموتى وهم أحياء لأن حالهم كحال الأموات وفي قوله وما أنت بمسمع من في القبور ( النمل 80 الروم 52 ) أي الذين هم كالمقبورين
9 -
( باب فضل من شهد بدرا )
أي هذا باب في بيان فضل من شهد غزوة بدر مع النبي من المسلمين مقاتلا للمشركين وكان ينبغي أن يقول باب أفضلية من شهد بدرا لأن المراد بيان ذلك لا بيان مطلق الفضل
3982 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( معاوية بن عمرو ) حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( حميد ) قال سمعت ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه يقول أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبي فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى ترى ما أصنع فقال ويحك أو هبلت أو جنة واحدة هي إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس
مطابقته للترجمة ظاهرة ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي بالزاي البغدادي روى عنه البخاري بلا واسطة في الجمعة في باب إذا نفر الناس وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري أحد الأعلام قال أبو حاتم ثقة مأمون إمام مات بالمصيصة سنة ست وثمانين ومائة
والحديث مضى في كتاب الجهاد من حديث قتادة عن أنس
قوله أصيب حارثة بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة ابن سراقة بضم السين المهملة الأنصاري وهو أول قتيل قتل من الأنصار ببدر وكان خرج نظارا وهو غلام فرماه حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله قوله أمه هي الربيع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف وبالعين المهملة بنت النضر عمة أنس بن مالك قوله ترى ويروى تر بالجزم وهو مثل قوله تعالى أينما تكونوا يدرككم الموت ( النساء 78 ) قرىء بالرفع فقيل هو على حذف الفاء كأنه قيل فيدرككم قوله ويحك هو كلمة ترحم وإشفاق وقال الداودي هو توبيخ قوله أو هبلت الهمزة فيه للاستفهام والواو مفتوحة للعطف على مقدر ولقد غلط صاحب ( التوضيح ) فقال أو هبلت بلفظ صيغة المعلوم والمجهول فقيل صيغة المجهول رواية أبي الحسن وصيغة المعلوم رواية أبي ذر من قولهم هبلته أي ثكلته وهبله اللحم أي غلب عليه وقيل

(17/94)


هذا اللفظ قد يرد بمعنى المدح والإعجاب وقال الداودي معناه أجهلت ورد عليه بأنه لم يقع عند أحد من أهل اللغة بهذا المعنى قوله أوجنة كذلك الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار والواو للعطف قوله هي في محل الرفع على الابتداء وخبره محذوف تقديره هي جنة واحدة والهمزة فيه مقدرة تقديره أهي جنة واحدة يعني ليست بجنة واحدة إنها جنان وهو جمع تكسير ويجمع على جنات أيضا وهو جمع قلة قوله وإنه أي وإن حارثة في جنة الفردوس وهو أوسط الجنة وأعلاها ومنه يتفجر أنهار الجنة والفردوس البستان قال الفراء عربي وقيل بلسان الروم وروي عنه أنه قال الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها
3983 - حدثني ( إسحاق بن إبراهيم ) أخبرنا ( عبد الله بن إدريس ) قال سمعت حصين بن عبد الرحمان عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمان السلمي عن علي رضي الله تعالى عنه قال بعثني رسول الله وأبا مرثد والزبير وكلنا فارس قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله فقلنا الكتاب فقالت ما معنا كتاب فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا فقلنا ما كذب رسول الله لتخرجن الكتاب أو لنجردنك فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته فانطلقنا بها إلى رسول الله فقال عمر يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال النبي ما حملك على ما صنعت قال حاطب والله ما بي إلا أكون مؤمنا بالله ورسوله أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله فقال النبي صدق ولا تقولوا له إلا خيرا فقال عمر إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه فقال أليس من أهل بدر فقال لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم فدمعت عينا عمر وقال الله ورسوله أعلم
مطابقته للترجمة في قوله فقال أليس من أهل بدر إلى آخره وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه وروى عنه مسلم أيضا وعبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي بفتح الهمزة وسكون الواو وبالدال المهملة الكوفي و حصين بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون ابن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي وسعد بن عبيدة مصغر عبدة أبو حمزة الكوفي السلمي ختن أبي عبد الرحمن السلمي الذي يروي عنه واسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة ولحبيب صحبة وعلي هو ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد وهم ( حصين بن عبد الرحمن ) وسعد بن عبيدة وأبو عبد الرحمن
والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب الجاسوس وقد مر الكلام فيه هناك
قوله وأبا مرثد بفتح الميم وسكون الراء وفتح الثاء المثلثة وفي آخره دال مهملة واسمه كناز بكسر الكاف وتخفيف النون وفي آخره زاي أي ابن الحصين ويقال الحصين الغنوي قال الواقدي توفي سنة ثنتي عشرة من الهجرة زاد غيره بالشام في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله والزبير هو ابن العوام رضي الله تعالى عنه وقد تقدم في الجهاد أنه بعث ( علي ) ا والمقداد والزبير ولا منافاة لاحتمال أنه بعث الأربعة قوله تسير جملة وقعت حالا من الضمير المنصوب في أدركناها

(17/95)


قوله الكتاب بالنصب أي هاتي الكتاب أو أخرجيه قوله فأنخناها أي فأنخناها بعيرها قوله أو لنجردنك كلمة أو هنا بمعنى إلى نحو لألزمنك أو تعطيني حقي قوله أهوت إلى حجزتها بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبالزاي قال ابن الأثير أصل الحجزة موضع الإزار ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة وقال غيره وحجزة الإزار معقده وحجزة السراويل التي فيها التكة واحتجز الرجل بإزاره إذا شده على وسطه قوله محتجزة أي شادة كساها على وسطها فإن قلت تقدم في الجهاد أنها أخرجته من العقاص لا من الحجزة قلت الحجزة هي المعقدة مطلقا وقد مر الكلام فيه من وجوه قوله ما بي إلا أكون كلمة إلا للاستثناء بكسر الهمزة وتقديره أن لا أكون قوله القوم أي المشركين قوله يد أي يد نعمة ويد منة قوله لعل الله قال النووي معنى الترجي راجع إلى عمر لأن وقوعه محقق عند الرسول قلت الترجي في كلام الله وكلام رسوله للوقوع وقد وقع عند أحمد وأبي داود وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة بالجزم ولفظه إن الله اطلع على أهل بدر فقال إعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وعند أحمد بإسناد على شرط مسلم من حديث جابر مرفوعا لن يدخل النار أحد شهد بدرا قوله إعملوا ما شئتم ظاهره مشكل لأنه للإباحة وهو خلاف عقد الشرع وأجيب بأنه إخبار عن الماضي أي كل عمل كان لكم فهو مغفور ويؤيده أنه لو كان لما يستقبل من العمل لم يقع بلفظ الماضي ولقال فسأغفر لكم ورد بأنه لو كان للماضي لما حسن الاستدلال به في قصة حاطب لأنه خاطب به عمر منكرا عليه ما قال في أمر حاطب وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين فدل على أن المراد ما سيأتي وإنما أورده بلفظ الماضي مبالغة في تحقيقه وقيل معناه الغفران لهم في الآخرة وإلا فلو توجه على أحد منهم حد مثلا يستوفى منه ألا ترى أن عمر رضي الله تعالى عنه حد قدامة بن مظعون حين شرب الخمر وهو يدري قوله أو فقد غفرت لكم شك من الراوي
10 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع مجردا عن الترجمة وهو غير معرب إلا إذا قدر ما ذكرنا لأن الإعراب يستدعي التركيب وكل ما ذكر فيه لا يخلو عن أمر من أمور بدر
33 - ( حدثني عبد الله بن محمد الجعفي حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد والزبير بن المنذر بن أبي أسيد عن أبي أسيد رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله يوم بدر إذا أكثبوكم فارموهم واستبقوا نبلكم )
عبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي وأبو أحمد هو محمد بن عبد الله الأسدي الزبيري وليس من نسل الزبير بن العوام وعبد الرحمن هو ابن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل وهو المعروف بغسيل الملائكة قتل يوم أحد شهيدا قتله أبو سفيان بن حرب وكان قد ألم بأهله حين خروجه إلى أحد ثم هجم عليه في الخروج إلى النفير ما أنساه الغسل وأعجله عنه فلما قتل شهيدا أخبر رسول الله بأن الملائكة غسلته وسليمان المذكور نسب إلى حنظلة المذكور وهو جد أبيه وحمزة بن أبي أسيد مصغر الأسد واسمه مالك بن ربيعة بن مالك الأنصاري الساعدي الخزرجي والزبير بن المنذر بلفظ اسم فاعل من الانذار ابن مالك المذكور وفيه اختلاف فقيل هو الزبير بن مالك وقال الحاكم في كتاب المدخل هو زبير بن المنذر بن أبي أسيد وقيل زبير بن أبي أسيد وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي روى ابن الغسيل عن الزبير فقال عن الزبير بن المنذر بن أبي أسيد عن أبي أسيد وروى عنه غيره فقال عن الزبير بن أبي أسيد عن أبي أسيد وقال الكرماني وفيه اختلاف آخر من جهة النسخ ففي بعضها ذكر في الإسناد ابن الزبير بن المنذر وفي بعضها في الإسناد الثاني يعني الذي يأتي ذكر المنذر عن أبي أسيد وأسقط لفظ الزبير هذا والمفهوم من بعض الكتب أن الزبير هو بنفسه المنذر سماه رسول الله بالمنذر والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب التحريض على الرمي

(17/96)


أخرجه عن أبي نعيم عن عبد الرحمن بن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه الحديث قوله إذا أكثبوكم من الاكثاب من الكثب بتحريك الثاء المثلثة وهو القرب يقال رماه من كثب ويقال أكثبك الصيد أي أمكنك ووقع في الرواية الثانية يعني أكثر وكم قيل هذا تفسير لا يعرفه أهل اللغة وحاصل المعنى إذا قربوا منكم فأمكنوكم من أنفسهم فارموهم قوله واستبقوا أمر من الاستبقاء وهو طلب البقاء وقال بعضهم هو أمر من الإبقاء ( قلت ) ليس كذلك لا يقول هذا إلا من هو عار عن علم التصريف وقال الداودي معنى قوله ارموهم يعني بالحجارة لأنها لا تكاد تخطيء إذا رمى بها في الجماعة قال ومعنى قوله واستبقوا نبلكم أي إلى أن تحصل المصادمة والنبل السهام العربية -
3985 - حدثني ( محمد بن عبد الرحيم ) حدثنا ( أبو أحمد الزبيري ) حدثنا ( عبد الرحمان بن الغسيل ) عن ( حمزة بن أبي أسيد والمنذر بن أبي أسيد ) عن ( أبي أسيد ) رضي الله تعالى عنه قال قال لنا رسول الله يوم بدر إذا أكثبوكم يعني أكثروكم فارموهم واستبقوا نبلكم ( انظر الحديث 2900 وطرفه )
هذا طريق آخر في الحديث السابق عن محمد بن عبد الرحيم أبي يحيى الذي يقال له صاعقة
3986 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال سمعت ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال جعل النبي على الرماة يوم أحد عبد الله بن جبير فأصابوا منا سبعين وكان النبي وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة سبعين أسيرا أو سبعين قتيلا قال أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال
قد مر وجه ذكره هنا في أول الباب وعمرو بن خالد بن فروخ الجزري وزهير بن معاوية وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
والحديث مضى في الجهاد عن عمرو بن خالد أيضا عن زهير عن أبي إسحاق عن البراء بأتم منه مطولا ومضى الكلام فيه هناك
قوله عبد الله بن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة الأنصاري كان أمير الرماة يوم أحد فاستشهد قوله أبو سفيان اسمه صخر بن حرب بن أمية والد معاوية وكان رئيس المشركين يومئذ فأسلم يوم الفتح قوله يوم بيوم بدر يعني هذا يوم في مقابلة يوم بدر قوله سجال جمع سجل وهو الدلو شبه المتحاربان بالمستقيين يستقي هذا دلوا وذلك دلوا كما قال الشاعر
( فيوم علينا ويوم لنا
ويوم نساء ويوم نسر )
3987 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن جده ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى ) أراه عن النبي قال وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد وثواب الصدق الذي أتانا بعد يوم بدر
محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وأبو أسامة حماد بن أسامة و بريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة ابن عبد الله بن أبي بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري والحديث مضى في أواخر باب علامات النبوة بهذا الإسناد بعينه بأتم منه وقد مر الكلام فيه هناك
قوله وإذا الخير قطعة من آخر الحديث المذكور في باب علامات النبوة وقبله ورأيت فيها بقرا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به إلى آخره توضيح ذلك أن رسول الله رأى في المنام بقرا تنحر وخيرا فعبر نحو البقر بإصابة المؤمنين فقال فإذا هم المؤمنون يوم أحد يعني حيث أصيبوا فيه والخير بأنه هو الخير الذي جاء الله بعد ذلك قوله من الخير بيان لقوله ما جاء الله به قوله بعد بضم الدال أي بعد ذلك يعني بعد يوم أحد وقد علم أن ما بعد بعد إذا حذف وقطع عن

(17/97)


الإضافة يبنى على الضم قوله وثواب الصدق بالجر عطف على قوله من الخير وأريد بالصدق الأمر المرضي الصالح ويحتمل أن يكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة أي الصواب الصالح الجيد
3988 - حدثني ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن جده قال قال ( عبد الرحمان ابن عوف ) إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه يا عم أرني أبا جهل فقلت يا ابن أخي وما تصنع به قال عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله فما سرني أني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء ( انظر الحديث 3141 وطرفه )
وجه ذكره هنا ما ذكرناه في أول الباب ويعقوب ذكر مجردا في رواية الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر والأصيلي يعقوب بن إبراهيم وجزم الكلاباذي بأنه ابن حميد بن كاسب وذكر في ( رجال الصحيحين ) وللبخاري وحده يعقوب غير منسوب يقال هو ابن حميد بن كاسب أبو يوسف المدني سكن مكة سمع إبراهيم بن سعد روى عنه البخاري وقيل له يعقوب بن كاسب ما قولك فيه قال لم نر إلا خيرا وهو في الأصل صدوق روى عنه في الصلح وفي باب من شهد بدرا من الملائكة وقال مات آخر سنة أربعين ومائتين وقال الكرماني الحديث مسلسل بالأبوة إذ هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن يعني كل واحد منهم يروي عن أبيه قلت هذا غلط لأن يعقوب مات قبل أن يرحل البخاري وروى له الكثير بواسطة والذي قاله الكرماني جوزه أبو مسعود في ( الأطراف ) ولكنهم غلطوه فكأن الكرماني لم يطلع إلا على هذا فجزم بأنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد والآفة في مثل هذا من عدم التأمل والتقليد ومال المزي إلى أنه يعقوب بن إبراهيم الدورقي والله أعلم وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه يروي عن أبيه سعد وسعد يروي عن جده عبد الرحمن بن عوف
والحديث مضى في الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن يوسف بن الماجشون بأتم منه وأطول ومضى الكلام فيه هناك
قوله فكأني لم آمن بمكانهما أي من العدو لجهة مكانهما ويحتمل أن يكون مكانهما كناية عنهما أي لم أثق بهما لأنه لم يعرفهما فلم يأمن أن يكونا من العدو وجاء في ( مغازي ابن عائذ ) ما يوضح معنى هذا فإنه أخرج هذه القصة مطولة بإسناد منقطع وزاد فيها فاشفقت أن يؤتى الناس من ناحيتي لكوني بين غلامين حديثين قوله إذ قال أي حين قال لي أحدهما أي أحد الغلامين المذكورين قوله أرني بفتح الهمزة أمر من الإراءة قوله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه أي أو أن أموت دونه وكلمة أو هنا يصلح أن تكون شرطية لأنها من جملة معانيها الاثنا عشر ولكن التحقيق هنا أن كلمة أو بمعنى الواو ولكن الفعل الذي قبلها دل على معنى حرف الشرط فدخلها معنى الشرط والأولى أن تكون بمعنى إلى والمعنى إن رأيته أن أعالج قتله إلى أن أموت دونه قوله فما سرني كلمة ما للنفي قوله مكانهما أي بدلهما قوله إليه أي إلى أبي جهل قوله مثل الصقرين تثنية صقر وهو الطائر الذي يصاد به وإنما شبههما بالصقر لما فيه من الشهامة والإقدام على الصيد ولأنه إذا نشب لم يفارقه حتى يأخذه ولأول من صاد بالصقر من العرب الحارث بن معاوية بن ثور الكندي ثم اشتهر الصيد به قوله وهما أي الغلامان المذكوران ابنا عفراء معاذ ومعوذ وقد مر البحث فيه قريبا وبعيدا
3988 - حدثني ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن جده قال قال ( عبد الرحمان ابن عوف ) إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه يا عم أرني أبا جهل فقلت يا ابن أخي وما تصنع به قال عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله فما سرني أني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء ( انظر الحديث 3141 وطرفه )
وجه ذكره هنا ما ذكرناه في أول الباب ويعقوب ذكر مجردا في رواية الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر والأصيلي يعقوب بن إبراهيم وجزم الكلاباذي بأنه ابن حميد بن كاسب وذكر في ( رجال الصحيحين ) وللبخاري وحده يعقوب غير منسوب يقال هو ابن حميد بن كاسب أبو يوسف المدني سكن مكة سمع إبراهيم بن سعد روى عنه البخاري وقيل له يعقوب بن كاسب ما قولك فيه قال لم نر إلا خيرا وهو في الأصل صدوق روى عنه في الصلح وفي باب من شهد بدرا من الملائكة وقال مات آخر سنة أربعين ومائتين وقال الكرماني الحديث مسلسل بالأبوة إذ هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن يعني كل واحد منهم يروي عن أبيه قلت هذا غلط لأن يعقوب مات قبل أن يرحل البخاري وروى له الكثير بواسطة والذي قاله الكرماني جوزه أبو مسعود في ( الأطراف ) ولكنهم غلطوه فكأن الكرماني لم يطلع إلا على هذا فجزم بأنه يعقوب بن إبراهيم بن سعد والآفة في مثل هذا من عدم التأمل والتقليد ومال المزي إلى أنه يعقوب بن إبراهيم الدورقي والله أعلم وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه يروي عن أبيه سعد وسعد يروي عن جده عبد الرحمن بن عوف
والحديث مضى في الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن يوسف بن الماجشون بأتم منه وأطول ومضى الكلام فيه هناك
قوله فكأني لم آمن بمكانهما أي من العدو لجهة مكانهما ويحتمل أن يكون مكانهما كناية عنهما أي لم أثق بهما لأنه لم يعرفهما فلم يأمن أن يكونا من العدو وجاء في ( مغازي ابن عائذ ) ما يوضح معنى هذا فإنه أخرج هذه القصة مطولة بإسناد منقطع وزاد فيها فاشفقت أن يؤتى الناس من ناحيتي لكوني بين غلامين حديثين قوله إذ قال أي حين قال لي أحدهما أي أحد الغلامين المذكورين قوله أرني بفتح الهمزة أمر من الإراءة قوله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه أي أو أن أموت دونه وكلمة أو هنا يصلح أن تكون شرطية لأنها من جملة معانيها الاثنا عشر ولكن التحقيق هنا أن كلمة أو بمعنى الواو ولكن الفعل الذي قبلها دل على معنى حرف الشرط فدخلها معنى الشرط والأولى أن تكون بمعنى إلى والمعنى إن رأيته أن أعالج قتله إلى أن أموت دونه قوله فما سرني كلمة ما للنفي قوله مكانهما أي بدلهما قوله إليه أي إلى أبي جهل قوله مثل الصقرين تثنية صقر وهو الطائر الذي يصاد به وإنما شبههما بالصقر لما فيه من الشهامة والإقدام على الصيد ولأنه إذا نشب لم يفارقه حتى يأخذه ولأول من صاد بالصقر من العرب الحارث بن معاوية بن ثور الكندي ثم اشتهر الصيد به قوله وهما أي الغلامان المذكوران ابنا عفراء معاذ ومعوذ وقد مر البحث فيه قريبا وبعيدا
3989 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( إبراهيم ) أخبرنا ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عمرو بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة وكان ) من أصحاب أبي هريرة عن ( أبي هريرة ) رضي

(17/98)


الله تعالى عنه قال بعث رسول الله عشرة عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم ابن عمر بن الخطاب حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه فقالوا تمر يثرب فاتبعوا آثارهم فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجؤا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا فقال عاصم بن ثابت أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ثم قال أللهم أخبر عنا نبيك فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها قال الرجل الثالث هاذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهاؤلاء أسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فانطلق بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر فابتاع بنو الحرث بن عامر ابن نوفل خبيبا وكان خبيب هو قتل الحرث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته فدرج بني لها وهي غافلة عنه حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذالك قالت والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة وكانت تقول إنه لرزق رزقه الله خبيبا فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين فقال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ثم أنشأ يقول
فلست أبالي حين أقتل مسلما
على أي جنب كان لله مصرعي
وذالك في ذات الإلاه وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة وأخبر أصحابه يوم أصيبوا خبرهم وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يعرف وكان قتل رجلا عظيما من عظمائهم فبعث الله لعاصم مثل الظلمة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا
ذكره هنا لأجل قوله وكان قتل عظيما من عظمائهم فإنه سيأتي في الطريق الآخر التصريح بأن ذلك يوم بدر والذي قتله عاصم المذكور يوم بدر من المشركين عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية قتله صبرا بأمر النبي
وموسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري البصري الذي يقال له التبوذكي وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن

(17/99)


ابن عوف وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري وعمرو بفتح العين ابن أسيد بفتح الهمزة وكسير السين ابن جارية بالجيم هكذا وقع في رواية الكشميهني وفي رواية غيره عمرو بن جارية وهو هو غير أنه نسب إلى جده في رواية الأكثرين ووقع في رواية البخاري في غزوة الرجيع عمرو بن أبي سفيان وهي كنية أبيه أسيد وأكثر أصحاب الزهري قالوا فيه عمرو بفتح العين وقال بعضهم بضم العين ورجح البخاري أنه عمرو بالواو وقال ابن السكن في رواية عمير بالتصغير والأكثرون على أنه عمرو بفتح العين
والحديث قد مضى في كتاب الجهاد في باب هل يستأسر الرجل ومضى الكلام فيه مستقصى
قوله عينا أي جاسوسا وانتصابه على أنه بدل من عشرة قوله أمر بتشديد الميم قوله جد عاصم بن عمر يعني لأمه قوله بالهدأة بفتح الهاء والدال المهملة والهمزة وقيل بإسكان الدال بالألف واللام وقيل بغيرهما والنسبة إليها هدوي على غير قياس وقيل رويت بتخفيف الدال وتشديدها وعن أبي حاتم أن هذه بين مكة والمدينة وقال ابن سعد على على سبعة أميال من عسفان وهو بضم العين المهملة موضع على مرحلتين من مكة قوله ذكروا على صيغة المجهول قوله بنو لحيان بكسر اللام وسكون الحاء المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وقال الرشاطي لحيان في هذيل وقال الهمداني لحيان من بقايا جرهم دخلت في هذيل وقال ابن دريد هو من لحيث العود ولحوته إذا قشرته وهذيل هو ابن مدركة بن إلياس بن مضر قوله فنفروا إليهم أي ذهبوا لقتالهم قوله مأكلهم اسم المكان أي في مأكلهم قوله فأعطونا بأيديكم أي انقادوا وسلموا قوله منهم خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة أخرى وهو ابن عدي الأنصاري قوله وزيد بن الدثنة بفتح الدال المهملة وكسر الثاء المثلثة وبالنون ابن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي قوله ورجل آخر هو عبد الله بن طارق حليف بني ظفر قوله أوتار قسيهم الأوتار جمع وتر والقسي جمع قوس وأصله قووس لأنه فعول إلا أنهم قدموا اللام وصيروه قسوا على وزن فلوع ثم قلبوا الواو ياء فصار قسي ثم كسروا السين فصار على وزن فليع ويجمع القوس على أقواس أيضا وقياس والقوس يذكر ويؤنث فمن أنثه قال في تصغيره قويسية ومن ذكره قال قويس قوله فأبى أن يصحبهم ولم يبين فيه ما فعلوا به وبين في غزوة الرجيع أنهم قتلوه قوله فابتاع بنو الحارث أي اشترى وفي ( التوضيح ) فابتاع حجير بن أبي إهاب خبيبا لابن أخيه عقبة بن الحارث بن عامر خال أبي إهاب ليقتله بأبيه وعند أبي معشر اشترت خبيبا ابنة أبي سروعة واشترك معها ناس وقال الواقدي اشترى صفوان بن أمية زيدا ليقتله بأبيه بخمسين فريضة ويقال إنه اشترك فيه ناس من قريش وخبيب اشتراه حجير بن أبي إهاب بثمانين مثقالا من ذهب ويقال بخمسين فريضة والفريضة بالضاد المعجمة البعير المأخوذ من الزكاة ثم اتسع فيه حتى سمي البعير فريضة في غير الزكاة ويقال اشترته بنت الحارث بمائة من الإبل وعند معمر اشتراه بنو الحارث ابن نوفل وعند ابن عقبة اشترك في ابتياع خبيب أبو إهاب بن عزيز وعكرمة بن أبي جهل والأخنس بن شريف وعبيدة بن حكيم بن الأوقص وأمية بن أبي عتبة وبنو الحضرمي وشعبة بن عبد الله وصفوان بن أمية وهم أبناء من قتل من المشركين ببدر ودفعوه إلى عقبة بن الحارث فسجنه في داره قوله وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر واعترض الدمياطي فقال لم يقتل خبيب هذه وإنما هو أحد بني جحجبي الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ولم يشهد بدرا والذي شهد بدرا وقتل فيها الحارث هو خبيب بن يساف بن عقبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحرث بن الخزرج وخبيب بن عدي أحد بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس شهد أحدا ومات خبيب بن يساف في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه قلت قال أبو عمر في كتابه ( الاستيعاب ) خبيب بن عدي الأنصاري من بني جحجبي بن كلفة بن عمرو بن عوف شهد بدرا وأسر يوم الرجيع وقال أيضا خبيب بن أساف ويقال يساف شهد بدرا وأحدا والخندق وكان نازلا بالمدينة قوله موسى جاز صرفه ومنعه نظرا إلى اشتقاقه كذا قاله الكرماني سكت عليه قلت موسى ما يحلق به من أوسى رأسه أي حلق قال الفراء هي فعلى وتؤنث وقال عبد الله بن سعيد الأموري هو مذكر لا غير يقال هذا موسى وهو مفعل وقال أبو عبيد لم يسمع التذكير فيه إلا من الأموي وقال أبو عمرو

(17/100)


ابن العلاء هو مفعل يدل على ذلك أنه يصرف في النكرة وفعلى لا تنصرف على حال قوله يستحد بها من الاستحدادد وهو إزالة شعر الحانة وأراد به التنظيف للمقاربة لأن ذلك كان حين فهم إجماعهم على القتل قوله فدرج أي ذهب إليه قوله مجلسه بضم الميم إسم فاعل من الإجلاس مضاف إلى المفعول قوله قالت ففزعت فزعة لأنها لما رأت الصبي على فخذه والموسى بيده ظنت أنه يقتله فقال خبيب أتخشين أن أقتله كلمة أن مصدرية أي أتخشين قتله ويروى أتخشى بحذف النون بغير جازم وناصب لغة ويفهم من كلام ابن إسحاق أن هذه المرأة هي مارية مولاة حجير بن أبي إهاب لأنه روى أن خبيبا قال لها إبعثي إلي بحديدة قالت فأعطيت غلاما من الحي الموسى فقلت أدخل بها على هذا الرجل البيت قالت فوالله ما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه قلت ما صنعت أصاب الرجل والله ثأره بقتل هذا الغلام فلما ناوله الحديدة قال لعمرك والله ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلى قوله يأكل قطفا بكسر القاف وهو العنقود من العنب وبجمعه جاء القرآن قطوفها دانية ( الحاقة 23 ) ويقال قطف العنب إذا قطعه من الكرم قطافا وقد يجعل القطاف إسما للوقت ومن باع إلى القطاف والفتح لغة وقال إبن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح أنه حدث عن مارية مولاة حجير بن إهاب وكانت قد أسلمت قالت كان خبيب حبس في بيتي فلقد اطلعت عليه يوما وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه قوله ما بي جزع الذي هو ملتبس بي من إرادة الصلاة قوله احصهم من الإحصاء بالمهملتين دعا عليهم بالهلاك استئصالا بحيث لا يبقى واحد من عددهم قوله بددا بكسر الباء الموحدة وفتح الدال المهملة الأولى أي متفرقة متقطعة قوله ثم قام إليه أبو سروعة بكسر السين المهملة وسكون الراء وفتح الواو وبالعين المهملة وقال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد عن عقبة بن الحارث قال سمعته يقول والله ما أنا قتلت خبيبا لأني كنت أصغر من ذلك ولكن أبا ميسرة أخابني عبد الدار أخذ الحربة فجعلها في يدي ثم أخذ بيدي وبالحربة ثم طعنه بها حتى قتله وقال الحاكم في ( الإكليل ) رموا زيدا يعني ابن الدثنة بالنبل وأرادوا فتنته فلم يزدد إلا إيمانا وأنه قال وهو جالس في اليوم الذي قتلا فيه وعليكما أو عليك السلام خبيب قتله قريش ولا ندري أذكر زيدا أم لا وزعموا أن خبيبا دفنه عمرو بن أمية وقال البيهقي في ( دلائله ) أن خبيبا لما قال أللهم إني لا أجد رسولا إلى رسولك يبلغه عني السلام جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله فأخبره بذلك وقال ابن سعد وكانا صليا ركعتين قبل أن يقتلا قلت نص البخاري على أن خبيبا هو الذي صلاهما قوله الصلاة بالنصب لأنه مفعول قوله سن قوله وأخبر أصحابه أي وأخبر النبي وأصحابه بقضية هؤلاء وهو من المعجزات قوله يوم أصيبوا على صيغة المجهول أي يوم أصيب هؤلاء ويروى يوم أصيب على تقدير أصيب كل واحد منهم قوله حين حدثوا على صيغة المجهول أي حين أخبروا قوله مثل الظلة من الدبر الظلة بضم الظاء المعجمة وتشديد اللام كل ما أظلك ويجمع على ظلل ومنه عذاب يوم الظلة ( الشعراء 189 ) وهي سحابة أظلتهم فلجأوا إلى ظلها من شدة الحر فأطبقت عليهم وأهلكتهم و الدبر بفتح الدال المهملة وسكون الباء الموحدة وبالراء الزنابير قاله أبو حنيفة قال وقد يقال أيضا للنحل دبر بالفتح وواحدها دبرة قال ويقال له خشرم ولا واحد له من لفظه قيل واحده خشرمة وقال الأصمعي الدبر النحل ولا واحد له روى ذلك أبو عبيدة عنه وأما غيره فروى عنه أن واحدتها دبرة قال أبو حنيفة والدبر عند من رأينا من الأعراب الزنابير وقال الباهلي الدبر النحل والجمع الدبور وذكر بعض الرواة أنه يقال لأولاد الجراد الدبر وذكر أبو يوسف في ( لطائفه ) قال أيكم ينزل خبيبا من خشبته وله الجنة فقال الزبير أنا والمقداد قالا فوجدنا حول الخشبة أربعين رجلا فأنزلناه فإذا هو رطب لم يتغير بعد أربعين يوما ويده على جرحه وهو ينبض أي يسيل دما كالمسك فحمله الزبير على فرسه فلما لحقه الكفار قذفه فابتلعته الأرض فسمي بليع الأرض

(17/101)


وقال كعب بن مالك ذكروا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي رجلين صالحين قد شهدا بدرا
لما كانت هذه الأبواب المذكورة فيما يتعلق بغزوة بدر والترجمة الأولى في باب عدة أصحاب بدر ذكر أن مرارة ابن الربيع وهلال بن أمية من أهل بدر وأنهما داخلان في العدة ردا على من أنكر من الناس أنهما لم يشهدا بدرا وربما نسب ذلك أيضا إلى الزهري فرد ذلك بنسبته إلى كعب بن مالك فإن الحديث الطويل الموصول الذي سيأتي في غزوة تبوك قد أخذ عنه وهو أعرف بمن شهد بدرا ممن لم يشهد فقوله وقال كعب بن مالك إلى آخره قطعة من الحديث الطويل وممن رد ذلك واعترض الحافظ الدمياطي فإنه قال لم يذكر أحد أن مرارة وهلالا شهدا بدرا إلا ما جاء في حديث كعب هذا وإنما ذكرا في الطبقة الثانية من الأنصار ممن لم يشهد بدرا وشهدا أحدا ورد عليه بجزم البخاري بذلك مع جماعة تبعوه في ذلك على أن المثبت أولى من النافي مع إخبار المثبت به والله أعلم
3990 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ل ( يث ) عن ( يحيى ) عن ( نافع ) أن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما ذكر له أن ( سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ) وكان بدريا مرض في يوم جمعة فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة وترك الجمعة
ذكره هنا لقوله وكان بدريا وإنما نسب إليه مع أنه لم يشهده لأنه كان ممن ضرب له النبي بسهمه وأجره وذلك لأنه بعثه وطلحة بن عبيد الله إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار عن عير أهل مكة ففاتهما بدر فضرب بسهميهما وأجريهما فعدا بذلك من أهل بدر
وقتيبة هو ابن سعيد والليث بن سعد ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري والحديث من أفراده
قوله ذكر له على صيغة المجهول أي ذكر لعبد الله بن عمر قوله أن سعيد بن زيد هو أحد العشرة المبشرة قوله فركب إليه أي فركب ابن عمر إلى سعيد قوله وترك الجمعة أي ترك صلاة الجمعة قال الكرماني كان لعذر وهو إشراف القريب على الهلاك لأنه كان ابن عمر رضي الله تعالى عنه وزوج أخته وقال صاحب ( التوضيح ) أيضا هذا لأجل قرابته منه وهو عذر قلت فيما قالا نظر نعم لو كان في عدم حضوره هلاكه لأجل علة من العلل كان له في ذلك الوقت ترك الجمعة وقال ابن التين يترك الجمعة إذا لم يكن معه من يقوم به
3991 - وقال ( الليث ) حدثني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال حدثني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن أباه ( كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري ) يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله حين استفتته فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما تعملت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها مالي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر قالت سبيعة فلما قال لي ذالك جمعت علي ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله فسألته عن ذالك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي ( الحديث 3991 - طرفه في 5319 )

(17/102)


ذكره هنا لأجل قوله وكان ممن شهد بدرا وعبيد الله بضم العين يروى عن أبيه عبد الله بن عتبة بضم العين وسكون المثناة من فوق ابن مسعود الهذلي يروي عن عمر بن عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهري وعبد الله بن الأرقم أسلم عام الفتح وكتب للنبي واستعمله عمر بن الخطاب على بيت المال وسبيعة بضم السين المهملة وفتح الباء الموحدة مصغر سبعة بنت الحارث الأسلمية وتعليق الليث وصله قاسم بن أصبغ في ( مصنفه ) عن المطلب بن شعيب عن عبد الله بن صالح عن الليث بتمامه
والحديث أخرجه أيضا في الطلاق مختصرا عن يحيى بن بكير عن الليث عن يزيد بن أبي خبيب وأخرجه مسلم في الطلاق عن أبي الطاهر بن أبي السرح وحرملة بن يحيى وأخرجه أبو داود فيه عن سليمان بن داود وأخرجه النسائي فيه عن يونس بن عبد الأعلى وعن كثير بن عبيد وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة
قوله يأمره من الأحوال المقدرة قوله حين استفتته أي في انقضاء عدة الحامل بالوضع قوله يخبره من الأحوال المقدرة أيضا قوله سعد بن خولة بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو وباللام وهو من بني عامر بن لؤي من أنفسهم عند بعضهم وعند بعضهم هو حليف لهم وقال ابن هشام هو من اليمن حليف لبني عامر بن لؤي وقال غيره كان من عجم الفرس وكان من مهاجرة الحبشة الهجرة الثانية في قول الواقدي وذكر ابن هشام عن زياد عن ابن إسحاق أنه ممن شهد بدرا وكذا في رواية البخاري قوله في حجة الوداع هذا لا خلاف فيه إلا ما ذكره الطبري محمد بن جرير فإنه قال توفي سعد بن خولة سنة سبع والصحيح ما ذكره البخاري قوله وهي أي سبيعة ذات حمل قوله فلم تنشب أي فلم تلبث أن وضعت حملها بعد وفاته أي وفاة سعد بن خولة وقال أبو عمر وضعت بعد وفاة زوجها بليال وقيل بخمس وعشرين ليلة وقيل بأقل من ذلك قوله فلما تعلت بفتح العين المهملة وتشديد اللام يقال تعلت المرأة من نفاسها وتعللت إذا خرجت منه وطهرت من دمها قوله تجملت أي تزينت قوله للخطاب بضم الخاء المعجمة جمع خاطب قوله أبو السنابل بفتح السين المهملة والنون وبالباء الموحدة وباللام ابن بعك بفتح الباء الموحدة وإسكان العين المهملة وفتح الكاف الأولى وهو منصرف واسمه عمرو قاله الكرماني وقال أبو عمر في باب الحاء في ( الاستيعاب ) حبة بن بعكك أبو السنابل القرشي العامري وهو مشهور بكنيته وحبة بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وذكر في باب الكنى أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري وأمه عمرة بنت أوس من بني عذرة بن هذيم قيل اسمه حبة بن بعكك من مسلمة الفتح كان شاعرا ومات بمكة روى عنه الأسود بن يزيد قصته مع سبيعة الأسلمية قوله لعلك ترجين من الترجية وفي رواية مسلم فقال أبو السنابل مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح إنك والله ما أنت بناكح أي ليس من شأنك النكاح ولست من أهله يقال امرأة ناكح مثل حائض وطالق ولا يقال ناكحة إلا إذا أرادوا بناء الاسم لها فيقال نكحت فهي ناكحة قوله إن بداء لي أي ظهر لي
وفي مسلم بعد هذا قال ابن شهاب فلا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنها لا يقربها زوجها حتى تطهر قلت وهذا قول أكثر الصحابة والفقهاء وتأولوا قوله تعالى يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ( البقرة 234 ) في الحائل دون الحامل عملا بالآية الأخرى وهي وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ( الطلاق 4 ) وروى عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم إنها تعتد بآخر الأجلين وبه قال سحنون حكاه عنه عبد الحق وعند أصحابنا عدة الحامل بوضع الحمل سواء كانت حرة أو أمة وسواء كانت العدة عن طلاق أو وفاة أو غير ذلك لأن آية الحمل متأخرة فيكون غيرها منسوخا بها أو مخصوصا
تابعه أصبغ عن ابن وهب عن يونس
أي تابع الليث أصبغ بن الفرج المصري أحد مشايخ البخاري في روايته الحديث المذكور عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد وهذه المتابعة رواها الإسماعيلي من طريق محمد بن عبد الملك بن رنجويه عن أصبغ
وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب وسألناه فقال أخبرني محمد بن عبد الرحمان بن ثوبان مولى بني عامر بن لؤي أن محمد بن إياس بن البكير وكان أبوه شهد بدرا أخبره

(17/103)


هذا أيضا تعليق ذكره عن الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن يزيد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وصله البخاري في ( تاريخه الكبير ) قال حدثنا عبد الله بن صالح أخبرنا الليث فذكر الحديث المذكور بتمامه قوله وسألناه السائل هو ابن شهاب قوله فقال أخبرني وفي رواية الكشميهني حدثني وفي رواية غيره فقال حدثه محمد بن ثوبان بفتح الثاء المثلثة وسكون الواو العامري ابن محمد بن إياس بتخفيف الياء آخر الحروف وبالسين المهملة ابن البكير بضم الباء الموحدة وفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف ويروى بكير بكسر الباء وتشديد الكاف وقال أبو عمر ويقال ابن أبي بكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث الليثي حليف بني عدي وأياس شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله وكان إسلامه وإسلام أخيه عامر في دار الأرقم وابنه محمد يروي عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم قوله أخبره خبر قوله أن محمد بن أياس أي أخبره بهذا الحديث أو بغيره لأن المقصود بيان أنه شهد بدرا لا بيان أنه أخبره بهذا ولهذا قال وكان أبوه شهد بدرا وهي جملة معترضة بين اسم إن وخبرها
11 -
( باب شهود الملائكة بدرا )
أي هذا باب في بيان حضور الملائكة غزوة بدر مع المسلمين نصرة لهم وعونا على الكافرين
3992 - حدثني ( إسحاق بن إبراهيم ) أخبرنا ( جرير ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( معاذ بن رفاعة ابن رافع الزرقي ) عن أبيه وكان أبوه من أهل بدر قال جاء جبريل إلى النبي فقال ما تعدون أهل بدر فيكم قال من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة ( الحديث 3992 - طرفه في 3994 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه وجرير هو ابن عبد الحميد ويحيى بن سعيد الأنصاري ومعاذ بضم الميم وبالذال المعجمة ابن رفاعة بكسر الراء وتخفيف الفاء ابن رافع الزرقي بضم الزاي وفتح الراء وبالقاف الأنصاري والحديث من أفراده
قوله وكان أبوه أي أبو معاذ هو رفاعة من أهل بدر وقال أبو عمر رفاعة بن رافع بن مالك ابن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي يكنى أبا معاذ شهد بدرا بلا خلاف وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله وشهد رفاعة مع علي رضي الله تعالى عنه الجمل وصفين وتوفي في أول إمارة معاوية وأبوه رافع أحد النقباء الإثني عشر شهد العقبة مع السبعين ولم يشهد بدرا على خلاف فيه قوله أو كلمة نحوها شك من الراوي أي أو قال كلمة نحو قوله من أفضل المسلمين نحو قوله من خيار المسلمين كما جاء في رواية البيهقي سأل جبريل النبي كيف أهل بدر فيكم قال خيارنا قوله قال وكذلك أي قال جبريل عليه السلام من شهد بدرا من الملائكة هم من أفضلهم أيضا وفي رواية البيهقي قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة
3993 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( يحيى ) عن ( معاذ بن رفاعة بن رافع وكان رفاعة من أهل بدر وكان ) رافع من أهل العقبة فكان يقول لإبنه ما يسرني أني شهدت بدرا بالعقبة قال سأل جبريل النبي بهذا
هذا طريق آخر في حديث رفاعة أخرجه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن معاذ إلى آخره وهذا مرسل
قوله وكان رافع من أهل العقبة أي التي بمنى وهو كان أحد الستة وأحد الإثني عشر وأحد السبعين من الأنصار الذين بايعوا رسول الله بمنى قبل الهجرة قوله ما يسرني كلمة ما استفهامية وفيه معنى التمني لشهود بدر ويحتمل أن تكون نافية والباء في بالعقبة باء البدل أي بدل العقبة قال الكرماني فإن قلت غزوة بدر

(17/104)


أفضل المغازي قلت لعل اجتهاده أدى إلى أن بيعة العقبة لما كانت منشأ نصرة الإسلام وسبب هجرة النبي التي هي سبب لقوته واستعداده للغزوات كلها كانت أفضل قوله سأل جبريل عليه السلام بهذا أي بما تقدم في رواية جرير رحمه الله
3994 - حدثنا ( إسحاق بن منصور ) أخبرنا ( يزيد ) أخبرنا ( يزيد ) أخبرنا ( يحيى ) سمع ( معاذ بن رفاعة ) أن ملكا سأل النبي نحوه وعن يحيى أن يزيد بن الهاد أخبره أنه كان معه يوم حدثه معاذ هذا الحديث فقال يزيد فقال معاذ إن السائل هو جبريل عليه السلام ( انظر الحديث 3992 )
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن إسحاق بن منصور أبي يعقوب المروزي عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهذا أيضا ظاهر الإرسال
قوله أن ملكا سأل النبي إنما قال أن ملكا سأل مع أنه تابعي غير صحابي على سبيل الإرشاد أو على وجه الاعتماد على الطريق السابق والمسؤول به هو شهود بدر وذلك كان قبل وقوعه أو أفضلية بدر أو العقبة يقال سألته عنه وبه بمعنى واحد قال تعالى سأل سائل بعذاب واقع ( المعارج 1 ) أي عن عذاب قوله نحوه أي نحو ما سأل جبريل عليه الصلاة و السلام مع أن معاذا بين في آخر الحديث أن السائل هو جبريل عليه السلام
قوله عن يحيى هو متصل بما قبله أي عن يحيى بن سعيد الأنصاري المذكور أن يزيد بن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أخبره أي أخبر يحيى أنه كان مع يزيد بن الهاد قوله فقال يزيد أي ابن الهاد فقال معاذ بن رفاعة أن السائل في قوله أن ملكا هو جبريل عليه السلام
3995 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي قال يوم بدر هذا جبريل آخد برأس فرسه عليه أداة الحرب ( الحديث 3995 - طرفه في 4041 )
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( إبراهيم بن موسى ) الفراء الرازي و ( عبد الوهاب ) بن عبد المجيد الثقفي و ( خالد ) هو الحذاء
والحديث من أفراده وهو من مراسيل الصحابة وعن إبن إسحاق أن النبي في يوم بدر خفق خفقة ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ فعنان فرسه يقوده على ثناياه الغبار ومن مرسل عطية بن قيس أخرجه سعيد بن منصور أن جبريل عليه السلام أتى النبي بعدما فرغ من بدر على فرس حمراء معقود الناصية قد عصب الغبار ثنيته عليه درعه وقال يا محمد إن الله بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى أفرضيت قال نعم وروى البيهقي من طريق محمد بن جبير بن مطعم أنه سمع عليا رضي الله تعالى عنه يقول هبت ريح شديدة لم أر مثلها ثم هبت ريح شديدة وأظنه ذكر ثالثة فكانت الأولى جبريل والثانية ميكائيل والثالثة إسرافيل عليهم السلام وكان ميكائيل عن يمين النبي وفيها أبو بكر وإسرافيل عن يساره وأنا فيها ومن طريق أبي صالح عن علي رضي الله تعالى عنه قال قيل لي ولأبي بكر يوم بدر مع أحد كما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل عليه السلام ملك عظيم يحضر الصف ويشهد القتال وأخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه الحاكم فإن قلت ما الحكمة في قتال الملائكة مع النبي مع أن جبريل عليه السلام كان قادرا على دفع الكفار بريشة من جناحه قلت ليكون لفعل النبي وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيش
12 -
( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله لأنه يتعلق ببيان من شهد بدرا وهكذا وقع بغير ترجمة في رواية الجميع
3996 - حدثني ( خليفة ) حدثنا ( محمد بن عبد الله الأنصاري ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن

(17/105)


( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال مات أبو زيد ولم يترك عقبا وكان بدريا
خليفة هو ابن خياط بالخاء المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف أبو عمرو الحافظ العصفري البصري مات سنة ست وأربعين ومائتين ومحمد بن عبد الله الأنصاري من كبار مشايخ البخاري وحدث عنه هنا بالواسطة وسعيد هو ابن أبي عروبة وأبو زيد اسمه قيس بن السكن الأنصاري أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله وهو أحد عمومة أنس رضي الله تعالى عنهما وقال أبو عمر قيس بن السكن بن قيس بن زعور بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري الخزرجي غلبت عليه كنيته وقال ابن سعد يذكرون أنه ممن جمع القرآن على عهد رسول الله وكان له من الولد زيد وإسحاق وخولة وأمهم أم خولة بنت سفيان بن قيس بن زعور وشهد قيس بن السكن بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله وقتل يوم جسر أبي عبيد شهيدا سنة خمس عشرة وليس له عقب وبخط الدمياطي بعد هذا أبو زيد ثابت بن زيد بن قيس بن زيد بن النعمان بن مالك الأغر ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج ومن ولد أبي زيد سعيد بن أويس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد النحوي البصري وهو أحد الستة الذي جمعوا القرآن وهلك في خلافة عمر رضي الله عنه وفي معجم الصحابة للذهبي أبو زيد أوس وقيل معاذ الأنصاري الذي جمع القرآن وقال ابن معين اسمه ثابت بن زيد وهو والد عمير استشهد بالقادسية قال وقيل قيس هو ابن السكن بن قيس الخزرجي النجاري مشهور بكنيته وقال ابن التين أبو زيد هذا أحد أعمام زيد بن ثابت قوله ولم يترك عقبا والعقب الولد وولد الولد وقال ابن فارس بل الورثة كلهم قال والأول أصح
3997 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) قال حدثني ( يحيى بن سعيد ) عن ( القاسم بن محمد ) عن ( ابن خباب ) أن ( أبا سعيد بن مالك الخدري ) رضي الله تعالى عنه قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضحى فقال ما أنا بآكله حتى أسأل فانطلق إلى أخيه لامه وكان بدريا قتادة بن النعمان فسأله فقال إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام ( الحديث 3997 - طرفه في 5568 )
الغرض من ذكره هنا لقوله وكان بدريا والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وابن خباب هو عبد الله ابن خباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى مولى بني عدي بن النجار الأنصاري وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري رضي الله تعالى عنه وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق واحد
قوله من لحوم الأضحى ويروى الأضاحي قوله بآكله على صيغة اسم الفاعل من أكل قوله إلى أخيه لأمه وهي أنيسة بنت قيس بن عمرو قوله وكان بدريا أي وكان أخوه لأمه وهو قتادة ممن شهد غزوة بدر قوله قتادة بن النعمان يجوز فيه الرفع والنصب والجر أما الرفع فعلى أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو قتادة بن النعمان وأما النصب فعلى أنه مفعول لفعل محذوف تقديره أعني قتادة وأما الجر فعلى أنه بدل من أخيه وبقية نسب قتادة هو ابن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب وكعب هو ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الظفري يكنى أبا عمرو وقيل أبا عمر وقيل أبا عبد الله عقبي بدري أحدي وشهد المشاهد كلها وأصيبت عينه يوم بدر وقيل يوم الخندق وقيل يوم أحد وهو الأصح فسالت حدقته على وجهه فأرادوا قطعها ثم أتوا النبي فرفع حدقته بيده حتى وضعها موضعها ثم غمزها براحته وقال أللهم اكسه جمالا فمات وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعد وقال الهيثم بن عدي فأتى رسول الله وعينه في يده فقال ما هذه يا قتادة قال هو كما ترى فقال إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت رددتها ودعوت الله تعالى فلم تفقد منها شيئا فقال يا رسول الله إن الجنة لجزاء جليل وعطاء جميل ولكني رجل مبتلى بحب النساء وأخاف أن يقلن أعور فلا يردنني ولكن تردها وتسأل الله تعالى لي الجنة فأخذها

(17/106)


رسول الله بيده وأعادها إلى مكانها فكانت أحسن عينيه إلى أن مات ودعا له بالجنة وقال عبد الله بن محمد بن عمارة قال يا رسول الله إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني فردها رسول الله بيده فاستوت وعن إبن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله وقال أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وكان قريب عهد بعرس فأتى النبي فأخذها بيده فردها فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا وقال أبو معشر السندي قدم رجل من ولد قتادة بن النعمان على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال ممن الرجل فقال
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه
فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت لما كانت لأول أمرها
فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد
توفي قتادة في سنة ثلاث وعشرين وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في قبره أخوه أبو سعيد الخدري وهو ابن خمس وستين سنة قوله إنه أي إن الشأن قوله نقض بالقاف والضاد المعجمة بمعنى ناقض قوله لما كانوا ينهون عنه أي لما كانت الصحابة ينهون على صيغة المجهول من أكل لحوم أضاحيهم بعد ثلاثة أيام واحتج بهذا الحديث قوم على أنه يحرم إمساك لحوم الأضاحي والأكل منها بعد ثلاثة أيام واحتجوا أيضا بحديث علي رضي الله تعالى عنه قال إن رسول الله نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث وقال جماهير العلماء يباح الأكل والإمساك بعد الثلاث والنهي منسوخ بقوله كلوا بعد وادخروا وتزودوا على ما يجيء بيانه في كتاب الأضاحي مفصلا إن شاء الله تعالى
3998 - حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال قال الزبير لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه وهو يكنى أبا ذات الكرش فقال أنا أبو ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات قال هشام فأخبرت أن الزبير قال لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها قال عروة فسأله إياها رسول الله فأعطاه فلما قبض رسول الله أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل
ذكره هنا لأجل قوله يوم بدر وعبيد مصغر عبد واسمه في الأصل عبد الله بن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة والزبير هو ابن العوام و عبيدة بضم العين وفتح الباء الموحدة وقيل بفتح العين وكسر الموحدة ابن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس
قوله وهو مدجج بضم الميم وفتح الدال المهملة وكسر الجيم الأولى وفتحها على صيغة اسم الفاعل من دجج بالتشديد في شكته وتدجج أي تغطى بالسلاح فلا يظهر منه شيء والمدجج شاكي السلاح تامه قوله أبو ذات الكرش بفتح الكاف وكسر الراء وهو لذي الخف والظلف وكل محتر كالمعدة للإنسان وكرش الرجل أيضا عياله والكرش أيضا الجماعة من الناس قوله بالعنزة بفتح النون وهي كالحربة قاله الداودي وقال ابن فارس هي شبه العكاز قوله قال هشام هو ابن عروة وهو موصول بالإسناد المذكور قوله فأخبرت على صيغة المجهول قوله ثم تمطات وقال الدمياطي الصواب تمطيت وهو من التمطي وهو مد اليدين في المشي وتمطط أي تمدد قوله فكان الجهد بفتح الجيم وبضمها قوله أن نزعتها

(17/107)


بفتح الهمزة والضمير في نزعتها وفي طرفاها للعنزة ومعنى انثنى انعطف قوله قال عروة موصول بالإسناد المذكور قوله فسأله إياها أي سأل الزبير العنزة رسول الله قوله فأعطاهأي فأعطى الزبير رسول الله العنزة عارية قوله أخذها يعني أخذ الزبير العنزة بعد موت رسول الله لأنها كانت عارية قوله ثم طلبها أبو بكر رضي الله تعالى عنه أي ثم طلب العنزة أبو بكر من الزبير فأعطاه إياها عارية وكذلك جرى مع عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما قوله عند آل علي رضي الله تعالى عنه أي عند علي نفسه ولفظة الآل مقحمة وبعد علي كانت عند أولاده ثم طلبها الزبير من أولاد علي فكانت عنده إلى أن قتل
47 - حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو أدريس عائذ الله بن عبد الله أن عبادة بن الصامت وكان شهد بدرا أن رسول الله قال بايعوني ) ذكره هنا لاجل قوله وكان شهدر بدرا وأبو اليمان الحكم بن نافع والحديث مر بهذا الاسناد بعينه باتم منه في كتاب الإيمان في باب حدثنا أبو اليمان
48 - ( حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي أن أبا حذيفة وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتى أنزل الله تعالى ادعوهم لآبائهم فجاءت سهلة النبي فذكر الحديث )
ذكره هنا لأجل قوله وكان ممن شهد بدرا ورجاله قد ذكروا غير مرة والحديث من إفراده قوله أن أبا حذيفة بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف يقال اسمه مهشم بالشين المعجمة ويقال هشيم بضم الهاء ويقال هاشم والأكثر على أنه هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين وهاجر الهجرتين وصلى القبلتين وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية والمشاهد كلها وقتل يوم اليمامة شهيدا وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة قوله تبنى سالما أي ادعى أنه ابنه وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى ادعوهم لآبائهم وسالم كان ابن معقل بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف وقيل هو ابن عبيد مصغرا وفي الاستيعاب كان سالم عبد الثبيتة بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح التاء المثناة من فوق بنت يعار بالياء آخر الحروف والعين المهملة والراء الأنصارية زوج أبي حذيفة فأعتقته فانقطع إلى أبي حذيفة فتبناه قوله وأنكحه أي زوجه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة وكذا رواه أبو داود والنسائي وقالا هند بنت الوليد وكذا سماها الزبير وخالفهم مالك فأخرجه في موطئه من طريق الزهري أيضا عن عروة عن عائشة وسماها فاطمة بنت الوليد وكذا قاله أبو عمر تقليدا لمالك ولم يذكر ابن سعد ولا أبو عمر في الصحابة هند بنت الوليد ولم يذكر ابن سعد مرة فاطمة بنت الوليد بل ذكر عمتها فاطمة بنت عتبة وأنها التي تزوج بها سالم قال الدمياطي ولا أظنه صحيحا وقد ذكر ابن منده في الصحابة عن أبي بكر بن الحارث عن فاطمة بنت الوليد أنها كانت بالشام تلبس الثياب من ثياب الخز ثم تأتزر فقيل لها أما يغنيك هذا عن الإزار فقالت إني سمعت رسول الله يأمر بالإزار وفي معجم الذهبي فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة زوج سالم مولى أبي حذيفة من المهاجرات تزوجها بعد سالم الحارث بن هشام فيما زعم إسحاق الفروي وليس بشيء ثم قال فاطمة بنت الوليد المخزومية أخت خالد بايعت يوم الفتح وهي

(17/108)


زوج ابن عمها الحارث بن هشام قوله وهو مولى لامرأة من الأنصار أي سالم مولى لامرأة وهي ثبيتة المذكورة آنفا ( فإن قلت ) قد مضى في فضائل الصحابة باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة وبينه وبين قوله هنا تفاوت ( قلت ) النسبة إلى ابن حذيفة إنما كانت بأدنى ملابسة فهو إطلاق مجازي قوله كما تبنى رسول الله زيد بن حارثة الكلبي من بني عبدود وكان عبد الرسول فأعتقه وتبناه قبل الوحي بالآية المذكورة وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه في الإسلام فجعل الفقير أخا للغني ليعود عليه فلما تزوج النبي زينب بنت جحش الأسدي وكانت تحت زيد بن حارثة قالت اليهود والمنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وينهى الناس عنها فأنزل الله هذه الآية أعني قوله ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله قوله فجاءت سهلة بفتح السين المهملة وسكون الهاء بنت سهيل بن عمرو العامرية هاجرت مع زوجها أبي حذيفة بن عتبة المذكور ولما جاءت سهلة إلى النبي قالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وقد أنزل الله تعالى فيه ما قد علمت فقال النبي أرضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة هذا لفظ أبي داود وفي رواية النسائي فجاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي فقال يا رسول الله إني لأرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم علي قالت قال رسول الله أرضعيه قلت إنه ذو لحية فقال أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة قالت والله ما عرفته في وجه أبي حذيفة وفي رواية له أرضعيه تحرمي عليه فأرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة رضي الله تعالى عنه
49 - ( حدثنا علي حدثنا بشر بن المفضل حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت دخل علي النبي غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين )
ذكره هنا أن كان بطريق الاستطراد حيث فيه ذكر بدر فله وجه ما وعلي هو ابن عبد الله المديني وبشر بكسر الباء الموحدة ابن المفضل بتشديد الضاد المعجمة المفتوحة ابن لاحق أبو إسماعيل البصري وخالد بن ذكوان أبو الحسن المدني سكن البصرة والربيع بضم الراء وفتح الباء الموحدة وكسر الياء آخر الحروف المشددة بنت معوذ بصيغة اسم الفاعل من التعويذ بالذال المعجمة ابن عفراء الأنصارية ومعوذ له صحبة أيضا والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن مسدد وأخرجه أبو داود في الأدب عن مسدد به وأخرجه الترمذي في النكاح عن حميد بن مسعدة عن بشر بن المفضل به وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة قوله غداة نصب على الظرف مضاف إلى الجملة التي بعدها وهي قوله بني بضم الباء الموحدة على صيغة المجهول وعلي بتشديد الياء والبناء عبارة عن الدخول بالمرأة قوله كمجلسك بفتح اللام بمعنى الجلوس وجويريات يضربن جملة حالية قوله بالدف بضم الدال وفتحها وتشديد الفاء قوله يندبن بفتح الياء من الندب وهو ذكر الميت بأحسن أوصافه وهو مما يهيج الشوق إليه والبكاء عليه قوله من قتل في محل النصب على أنه مفعول يندبن وفيه إباحة ضرب الدف صبيحة العرس وإباحة سماعهن ومن يمنعه من العلماء يقول كان هذا وأمثاله في ابتداء الإسلام وفيه منع نسبة علم الغيب لأحد من المخلوقين -
3997 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) قال حدثني ( يحيى بن سعيد ) عن ( القاسم بن محمد ) عن ( ابن خباب ) أن ( أبا سعيد بن مالك الخدري ) رضي الله تعالى عنه قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضحى فقال ما أنا بآكله حتى أسأل فانطلق إلى أخيه لامه وكان بدريا قتادة بن النعمان فسأله فقال إنه حدث بعدك أمر نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضحى بعد ثلاثة أيام ( الحديث 3997 - طرفه في 5568 )
الغرض من ذكره هنا لقوله وكان بدريا والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وابن خباب هو عبد الله ابن خباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى مولى بني عدي بن النجار الأنصاري وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري رضي الله تعالى عنه وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق واحد
قوله من لحوم الأضحى ويروى الأضاحي قوله بآكله على صيغة اسم الفاعل من أكل قوله إلى أخيه لأمه وهي أنيسة بنت قيس بن عمرو قوله وكان بدريا أي وكان أخوه لأمه وهو قتادة ممن شهد غزوة بدر قوله قتادة بن النعمان يجوز فيه الرفع والنصب والجر أما الرفع فعلى أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو قتادة بن النعمان وأما النصب فعلى أنه مفعول لفعل محذوف تقديره أعني قتادة وأما الجر فعلى أنه بدل من أخيه وبقية نسب قتادة هو ابن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب وكعب هو ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الظفري يكنى أبا عمرو وقيل أبا عمر وقيل أبا عبد الله عقبي بدري أحدي وشهد المشاهد كلها وأصيبت عينه يوم بدر وقيل يوم الخندق وقيل يوم أحد وهو الأصح فسالت حدقته على وجهه فأرادوا قطعها ثم أتوا النبي فرفع حدقته بيده حتى وضعها موضعها ثم غمزها براحته وقال أللهم اكسه جمالا فمات وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعد وقال الهيثم بن عدي فأتى رسول الله وعينه في يده فقال ما هذه يا قتادة قال هو كما ترى فقال إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت رددتها ودعوت الله تعالى فلم تفقد منها شيئا فقال يا رسول الله إن الجنة لجزاء جليل وعطاء جميل ولكني رجل مبتلى بحب النساء وأخاف أن يقلن أعور فلا يردنني ولكن تردها وتسأل الله تعالى لي الجنة فأخذها رسول الله بيده وأعادها إلى مكانها فكانت أحسن عينيه إلى أن مات ودعا له بالجنة وقال عبد الله بن محمد بن عمارة قال يا رسول الله إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني فردها رسول الله بيده فاستوت وعن إبن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله وقال أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وكان قريب عهد بعرس فأتى النبي فأخذها بيده فردها فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا وقال أبو معشر السندي قدم رجل من ولد قتادة بن النعمان على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال ممن الرجل فقال
( أنا ابن الذي سالت على الخد عينه
فردت بكف المصطفى أحسن الرد )
( فعادت لما كانت لأول أمرها
فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد )
توفي قتادة في سنة ثلاث وعشرين وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في قبره أخوه أبو سعيد الخدري وهو ابن خمس وستين سنة قوله إنه أي إن الشأن قوله نقض بالقاف والضاد المعجمة بمعنى ناقض قوله لما كانوا ينهون عنه أي لما كانت الصحابة ينهون على صيغة المجهول من أكل لحوم أضاحيهم بعد ثلاثة أيام واحتج بهذا الحديث قوم على أنه يحرم إمساك لحوم الأضاحي والأكل منها بعد ثلاثة أيام واحتجوا أيضا بحديث علي رضي الله تعالى عنه قال إن رسول الله نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث وقال جماهير العلماء يباح الأكل والإمساك بعد الثلاث والنهي منسوخ بقوله كلوا بعد وادخروا وتزودوا على ما يجيء بيانه في كتاب الأضاحي مفصلا إن شاء الله تعالى
3998 - حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال قال الزبير لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه وهو يكنى أبا ذات الكرش فقال أنا أبو ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات قال هشام فأخبرت أن الزبير قال لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها قال عروة فسأله إياها رسول الله فأعطاه فلما قبض رسول الله أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قتل
ذكره هنا لأجل قوله يوم بدر وعبيد مصغر عبد واسمه في الأصل عبد الله بن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة والزبير هو ابن العوام و عبيدة بضم العين وفتح الباء الموحدة وقيل بفتح العين وكسر الموحدة ابن سعيد بن العاص بن أمية ابن عبد شمس
قوله وهو مدجج بضم الميم وفتح الدال المهملة وكسر الجيم الأولى وفتحها على صيغة اسم الفاعل من دجج بالتشديد في شكته وتدجج أي تغطى بالسلاح فلا يظهر منه شيء والمدجج شاكي السلاح تامه قوله أبو ذات الكرش بفتح الكاف وكسر الراء وهو لذي الخف والظلف وكل محتر كالمعدة للإنسان وكرش الرجل أيضا عياله والكرش أيضا الجماعة من الناس قوله بالعنزة بفتح النون وهي كالحربة قاله الداودي وقال ابن فارس هي شبه العكاز قوله قال هشام هو ابن عروة وهو موصول بالإسناد المذكور قوله فأخبرت على صيغة المجهول قوله ثم تمطات وقال الدمياطي الصواب تمطيت وهو من التمطي وهو مد اليدين في المشي وتمطط أي تمدد قوله فكان الجهد بفتح الجيم وبضمها قوله أن نزعتها بفتح الهمزة والضمير في نزعتها وفي طرفاها للعنزة ومعنى انثنى انعطف قوله قال عروة موصول بالإسناد المذكور قوله فسأله إياها أي سأل الزبير العنزة رسول الله قوله فأعطاهأي فأعطى الزبير رسول الله العنزة عارية قوله أخذها يعني أخذ الزبير العنزة بعد موت رسول الله لأنها كانت عارية قوله ثم طلبها أبو بكر رضي الله تعالى عنه أي ثم طلب العنزة أبو بكر من الزبير فأعطاه إياها عارية وكذلك جرى مع عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما قوله عند آل علي رضي الله تعالى عنه أي عند علي نفسه ولفظة الآل مقحمة وبعد علي كانت عند أولاده ثم طلبها الزبير من أولاد علي فكانت عنده إلى أن قتل
3999 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله ) أن ( عبادة بن الصامت ) وكان شهد بدرا أن رسول الله قال بايعوني
ذكره هنا لأجل قوله وكان شهد بدرا وأبو اليمان الحكم بن نافع والحديث مر بهذا الإسناد بعينه بأتم منه في كتاب الإيمان في باب حدثنا أبو اليمان
4002 - حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري ح
وحدثنا إسماعيل قال حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال أخبرني أبو طلحة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله وكان قد شهد بدرا مع رسول الله أنه

(17/109)


قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب لا صورة يريد التماثيل التي فيها الأرواح
ذكره هنا لأجل قوله وكان قد شهد بدرا أخرجه من طريقين الأول عن ( إبراهيم بن موسى ) الفراء الرازي عن ( هشام ) بن يوسف الصنعاني عن ( معمر ) بفتح الميمين ابن راشد عن محمد بن مسلم ( الزهري ) والثاني عن ( إسماعيل ) بن أبي أويس المدني عن ( أخي ) ه عبد الحميد عن ( سليمان ) بن بلال عن ( محمد بن أبي عتيق ) بفتح العين سبط الصديق عن ( ابن شهاب ) الزهري وقد مضى الحديث في بدء الخلق ومضى الكلام فيه هناك
قوله يريد هو من قول ( ابن عباس ) قاله القابسي وجزم به ابن التين تفسيرا له وتخصيصا لعمومه والتماثيل جمع تمثال وهو الصورة
4003 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) ح وحدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( عنبسة ) حدثنا ( يونس ) عن ( الزهري ) أخبرنا ( علي بن حسين ) أن ( حسين بن علي عليهم السلام ) أخبره أن ( عليا ) قال كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر وكان النبي أعطاني مما أفاء الله عليه من الخمس يومئذ فلما أردت أن أبتني بفاطمة عليها السلام بنت النبي واعدت رجلا صواغا في بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر فأردت أن أبيعه من الصواغين فنستعين به في وليمة عرسي فبينا أنا أجمع لشارفي من الأقتاب والغرائر والحبال وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار حتى جمعت ما جمعته فإذا أنا بشارفي قد أجبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما فلم أملك عيني حين رأيت المنظر قلت من فعل هاذا قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هاذا البيت في شرب من الأنصار عنده قينة وأصحابه فقالت في غنائها ألا يا حمز للشرف النواء فوثب حمزة إلى السيف فأجب أسنمتهما وبقر خواصرهما وأخذ من أكبادهما قال علي فانطلقت حتى أدخل على النبي وعنده زيد بن حارثة وعرف النبي الذي لقيت فقال مالك قلت يا رسول الله ما رأيت كاليوم عدا حمزة على ناقتي فأجب أسنمتهما وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب فدعا النبي بردائه فارتدى ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد ابن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن عليه فأذن له فطفق النبي يلوم حمزة فيما فعل فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه فنظر حمزة إلى النبي ثم صعد النظر فنظر إلى ركبته ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ثم قال حمزة وهل أنتم إلا عبيد لأبي فعرف النبي أنه ثمل فنكص رسول الله على عقبيه القهقرى فخرج وخرجنا معه
ذكره هنا لقوله من المغنم يوم بدر وأخرجه من طريقين الأول عن عبدان هو عبد الله بن عثمان المروزي عن عبد الله بن المبارك المروزي عن يونس بن يزيد الايلي والثاني عن أحمد بن صالح بن أبي جعفر المصري عن عنبسة بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبالسين المهملة ابن خالد ابن أخي يونس بن يزيد المذكور عن عمه يونس عن محمد بن مسلم

(17/110)


الزهري عن علي بن حسين بن علي عن أبيه حسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم
والحديث مضى في باب فرض الخمس فإنه أخرجه هناك
قوله شارف وهي المسنة من النوق والغرائر جمع الغرارة وهي وعاء للتبن ونحوه وهو معرب قوله أجبت على صيغة المجهول من الجب وهو القطع ويروى جبت قيل هذا هو الصواب قوله حمز مرخم بحذف التاء والشرب بفتح الشين المعجمة وسكون الراء جمع شارب كتجر جمع تاجر قوله والشرف جمع شارف والنواء بالكسر جمع الناوية وهي السمينة والثمل بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم السكران
4004 - حدثني ( محمد بن عباد ) أخبرنا ( ابن عيينة ) قال ( أنفذه ) لنا ( ابن الأصبهاني ) سمعه ( من ابن معقل ) أن عليا رضي الله تعالى عنه كبر على سهل بن حنيف فقال إنه شهد بدرا
ذكره هنا لقوله إنه شهد بدرا ومحمد بن عباد بفتح العين وتشديد الباء الموحدة أبو عبد الله المكي نزيل بغداد ثقة مشهور مات ببغداد سنة أربع وثلاثين ومائتين وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وابن عيينة هو سفيان وابن الأصبهاني هو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي وابن معقل هو عبد الله بن معقل بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف المزني لأبيه صحبة وسهل بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء ابن واهب بن العكيم بن ثعلبة أبو عبد الله وقيل أبو الوليد وقيل أبو ثابت مات بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي بن أبي طالب وكبر عليه ستا قاله أبو عمر والبغوي وقال الحافظ أبو ذر كبر عليه خمسا
قوله أنفذه لنا أي بلغ به منتهاه من الرواية كقولك أنفذت السهم أي رميت به فأصبت وقيل المراد به أنه أرسله فكأنه حمله عنه مكاتبة
4005 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( سالم بن عبد الله ) أنه سمع ( عبدالله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما يحدث أن ( عمر بن الخطاب ) حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله قد شهد بدرا توفي بالمدينة قال عمر فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال سأنظر في أمري فلبثت ليالي فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هاذا قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك قلت نعم قال فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله قد ذكرها فلم أكن لافشي سر رسول الله ولو تركها لقبلتها
ذكره هنا لأجل قوله قد شهد بدرا ورجاله قد ذكروا عن قريب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن عبد العزيز ابن عبد الله وعن عبد الله بن محمد وأخرجه النسائي في النكاح عن إسحاق بن إبراهيم وعن محمد بن عبد الله المخزومي
قوله حين تأيمت يقال تأيمت المرأة وآمت إذا قامت لتتزوج والأيم التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا مطلقة كانت أو متوفى عنها زوجها قوله من خنيس بضم الخاء المعجمة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة ابن حذافة بضم الحاء المهملة وتخفيف الذال المعجمة وبالفاء ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي وكان من المهاجرين الأولين شهد بدرا بعد هجرته إلى أرض الحبشة ثم شهد أحدا ونالته ثمة جراحة مات منها بالمدينة وهو أخو عبد الله بن حذافة قوله

(17/111)


أوجد مني عليه أي أشد غضبا وهو من الموجدة يقال وجد عليه إذا غضب وإنما قال عمر ذلك لأن لكل منهما كان للآخر من مزيد المحبة فلذلك كان غضبه من أبي بكر أشد من غضبه من عثمان
4007 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) سمعت ( عروة بن الزبير ) يحدث ( عمر بن عبد العزيز ) في إمارته أخر المغيرة بن شعبة العصر وهو أمير الكوفة فدخل أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري جد زيد بن حسن شهد بدرا فقال لقد علمت نزل جبريل فصلى فصلى رسول الله خمس صلوات ثم قال هاكذا أمرت كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه ( انظر الحديث 521 وطرفه )
ذكره هنا لأجل قوله شهد بدر قوله جد زيد بن حسن هو ابن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أبو أمه وأمه أم بشير بنت أبي مسعود تزوجها سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل فولدت له ثم خلف عليها الحسن بن علي بن أبي طالب فولدت له زيدا ثم خلف عليها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي فولدت له عمرا قوله شهد بدرا هذا إخبار عن حقيقة شهوده غزوة بدر فلذلك جزم به البخاري حيث ذكره أولا في الحديث السابق بقوله البدري بالتوصيف وذكره هنا بالإخبار على وجه الجزم قوله لقد علمت بلفظ الخطاب وهكذا لفظ أمرت ولكنه على صيغة المجهول قوله كذلك إلى آخره كلام عروة وفيه نوع من الإرسال قوله بشير بفتح الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة هو ابن أبي مسعود المذكور وقد مر الحديث المذكور في أول كتاب مواقيت الصلاة فإنه أخرجه هناك مطولا عن عبد الله بن مسلمة عن مالك ومر الكلام فيه مستوفى
4008 - حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمان بن يزيد عن علقمة عن أبي مسعود البدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه قال عبد الرحمن فلقيت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت فسألته فحدثنيه
ذكره هنا لأجل قوله البدري و ( موسى ) هو ابن إسماعيل التبوذكي و ( أبو عوانة ) بفتح العين المهملة اسمه الوضاح اليشكري و ( الأعمش ) هو سليمان و ( إبراهيم ) هو النخعي وفيه أربعة من التابعين على نسق واحد
والحديث أخرجه البخاري أيضا في

(17/112)


فضائل القرآن عن علي بن عبد الله وعن عمر بن حفص عن محمد بن كثير عن أبي نعيم وأخرجه مسلم في الصلاة عن منجاب ابن الحارث وعن علي بن حشرم وعن جماعة آخرين وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن أحمد بن منيع وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حشرم وعن آخرين وأخرجه ابن ماجه في الصلاة عن عثمان بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن نمير
قوله الآيتان هما آمن الرسول ( البقرة 285 ) إلى آخره قيل أقل ما يكفي في قيام الليل آيتان لهذا الحديث يريد مع أم القرآن وقيل أقله ثلاث آيات لأنه ليس سورة أقل من ذلك قوله كفتاهأي أغنتاه عن قيام الليل وقيل أقل ما يجزىء من القرآن في قيام الليل وقيل يكفيان الشر ويقيان من المكروه قوله وهو يطوف جملة حالية قوله فحدثنيه أي بالحديث المذكور
وفيه الحديث في الطواف وتعليم العلم والسؤال عنه وما خف من الحديث فهو جائز فيه
4009 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( محمود بن الربيع ) أن عتبان بن مالك وكان من أصحاب النبي ممن شهد بدرا من الأنصار أنه أتى رسول الله
ذكره هنا لأجل قوله ممن شهد بدرا ولهذا لم يذكر بقية الحديث ومحمود بن الربيع أبو محمد الأنصاري الحارثي ويقال أبو نعيم عقل مجة مجها رسول الله في وجهه من دلو كان في دارهم وهو ابن خمس سنين وقال أبو عمر معدود في أهل المدينة وقال إبراهيم بن المنذر مات سنة تسع وتسعين وهو ابن ثلاث وتسعين وعتبان بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة وبالنون ابن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم الخزرجي السالمي توفي زمن معاوية
والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب المساجد في البيوت وفي باب صلاة النوافل جماعة مطولا
4011 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( عبد الله بن عامر بن ربيعة ) وكان من أكبر بني عدي وكان أبوه شهد بدرا مع النبي أن عمر استعمل قدامة ابن مظعون على البحرين وكان شهد بدرا وهو خال عبد الله بن عمر وحفصة رضي الله تعالى عنهم
ذكره هنا لأجل قوله شهد بدرا في الموضعين وأبو اليمان الحكم بن نافع وعبد الله بن عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك بن ربيعة بن عامر بن سعد بن الحارث بن رفيدة بن عنز بن وائل بن قاسط بن قصي حالف عامر الخطاب بن نفيل ثم تبناه وأسلم قبل دخول النبي دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة مع امرأته ليلى بنت أبي حثمة العدوية ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وسائر المشاهد وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وقيل سنة ثنتين وقيل سنة خمس وثلاثين بعد قتل

(17/113)


عثمان بأيام روى عنه جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم وابنه عبد الله الراوي عنه الزهري ولد على عهد رسول الله قيل سنة ست من الهجرة وحفظ عنه وهو صغير وتوفى رسول الله وهو ابن أربع سنين أو خمس سنين وتوفي سنة خمس وثمانين وله أخ آخر يسمى عبد الله أيضا وله صحبة أيضا صحب هو وأبوه النبي واستشهد يوم الطائف مع النبي
قوله وكان من أكبر بني عدي أي وكان عبد الله بن عامر من أكبر بني عدي بفتح العين وكسر الدال المهملتين وتشديد الياء ابن كعب ابن لؤي ولم يكن منهم وإنما كان حليفا لهم ووصفه بكونه أكبرهم بالنسبة لمن لقيه الزهري منهم قوله قدامة بضم القاف ابن مظعون بسكون الظاء المعجمة ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي يكنى أبا عمرو قيل أبا عمرو الأول أشهر هاجر إلى أرض الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله ابني مظعون شهد بدرا وسائر المشاهد استعمله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على البحرين ثم عزله وولى عثمان بن أبي العاص وكان سبب عزله إياه أنه أخبر أنه شرب مسكرا فلما ثبت عنده حده وغضب على قدامة ثم رأى عمر في منامه أنه قيل له صالح قدامة فإنه أخوك فاستيقظ فقال علي به فأبى فأخبر فقال جروه فأتي به فجعل عمر يستغفر له فاصطلحا قوله وهو أي قدامة المذكور خال عبد الله بن عمر بن الخطاب وحفصة بنت عمر بن الخطاب وكانت صفية بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب زوجة قدامة وأم عبد الله وحفصة زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون وأخيه قدامة بن مظعون
4013 - حدثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء ) حدثنا ( جويرية ) عن ( مالك ) عن ( الزهري ) أن ( سالم ابن عبد الله ) أخبره قال ( أخبر رافع بن خديج عبد الله بن عمر ) أن عميه وكانا شهدا بدرا أخبراه أن رسول الله نهى عن كراء المزارع قلت لسالم فتكريها أنت قال نعم إن رافعا أكثر على نفسه ( انظر الحديث 2339 وطرفه ) ( وانظر الحديث 2347 )
ذكره هنا لأجل قوله وكانا شهدا بدرا وعبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري وهو يروي عن عمه جويرية ابن أسماء وهو من مشايخ مسلم أيضا وهو يروي عن مالك بن أنس عن محمد بن مسلم الزهري
قوله أخبر فعل ماض من الإخبار وقوله رافع بن خديج بالرفع فاعله وعبد الله بن عمر بالنصب مفعوله ووقع في رواية المستملي أخبرني رافع قيل هو خطأ وخديج بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وبالجيم ابن رافع بن عدي بن زيد الأنصاري الحارثي الخزرجي قوله أن عميهتثنية عم وهما ظهير مصغر ظهر ومظهر ابنا رافع بن عدي بن زيد وشهد ظهير العقبة الثانية وقتل مظهر بخيبر زمن عمر بن الخطاب قتله غلمان له فأجلى عمر أهل خيبر من أجل ذلك لأنه كان يأمرهم وقال الدمياطي لم يشهد بدرا إنما شهد أحدا قيل أنه اعتمد في ذلك على قول ابن سعد والمثبت أثبت من النافي قوله فتكريها أنت أي افتكري المزارع أنت قال نعم وأصل الحديث مر في كتاب المزارعة في باب ما كان من أصحاب النبي يواسي بعضهم بعضا قوله إن رافعا أكثر على نفسه هذا إنكار من سالم على رافع قال الكرماني فإن قلت رافع رفع الحديث إلى رسول الله فلم قال هو أكثر على نفسه قلت لعل غرضه أنه لا يفرق بين الكراء ببعض ما يحصل من الأرض والكراء بالنقد ونحوه والأول هو المنهي عنه لا مطلقا
4014 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( حصين بن عبد الرحمان ) قال سمعت ( عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي ) قال رأيت رفاعة بن رافع الأنصاري وكان شهد بدرا
ذكره هنا لأجل قوله وكان شهد بدرا وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين قوله الليثي بالنصب لأنه صفة عبد الله وكذلك قوله الأنصاري بالنصب لأنه صفة رفاعة وقد تقدمت ترجمة رفاعة وتمام هذا الحديث أخرجه الإسماعيلي من

(17/114)


طريق معاذ بن معاذ عن شعبة بلفظ سمع رجلا من أهل بدر يقال له رفاعة بن رافع كبر في صلاته حين دخلها ومن طريق ابن أبي عدي عن شعبة ولفظه عن رفاعة رجل من أهل بدر أنه دخل في الصلاة فقال الله أكبر كبيرا ولم يذكر البخاري ذلك لأنه موقوف
4015 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ويونس ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ابن الزبير ) أنه أخبره أن ( المسور بن مخرمة ) أخبره أن ( عمرو بن عوف ) وهو حليف لبني عامر ابن لؤي وكان شهد بدرا مع النبي أن رسول الله بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلا الفجر مع النبي فلما انصرف تعرضوا له فتبسم رسول الله حين رآهم ثم قال أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء قالوا أجل يا رسول الله قال فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم ( انظر الحديث 3158 وطرفه )
ذكره هنا لأجل قوله وكان شهد بدرا وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وقد تكرر ذكره وعبد الله هو ابن المبارك المروزي وعمرو بن عوف بالفاء الأنصاري كذا هو عنا عمرو وكذا عند ابن إسحاق وسماه موسى وأبو معشر والواقدي عمير بن عوف بالتصغير وكذا سماه ابن سعد وقال إنه مولى سهيل بن عمرو يكنى أبا عمرو وكان من مولدي مكة نزل على كلثوم ابن الهدم لما هاجر وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وصلى عليه وأبو عبيدة اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح وفي الإسناد صحابيان وتابعيان
والحديث مضى في باب الجزية والموادعة وقال بعضهم تقدم في فداء المشركين من كتاب الجهاد وليس كذلك ومر الكلام فيه هناك مستوفى
قوله أهل البحرين على لفظ تثنية البحر هو موضع بين البصرة وعمان قوله أمر بتشديد الميم والعلاء بن الحضرمي كان مجاب الدعوة وأنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها واسم الحضرمي عبد الله بن عماد ويقال غير ذلك وقال الحسن بن عثمان مات العلاء سنة إحدى عشرة وكان واليا على البحرين فاستعمل عليها عمر رضي الله تعالى عنه مكانه أبا هريرة ويقال توفي وهو عليها فأقره أبو بكر رضي الله تعالى عنه خلافته كلها ثم أقره عمر رضي الله تعالى عنه وتوفي في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه سنة أربع عشرة قوله وأملوا من الأمل قوله الفقر بالنصب مفعول مقدم على الفعل قوله على من قبلكم ويروى على من كان قبلكم قوله فتنافسوها أي رغبوا فيها على وجه المعارضة

(17/115)


4018 - حدثني ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( محمد بن فليح ) عن موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله فقالوا ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه قال والله لا تذرون منه درهما ( انظر الحديث 2537 وطرفه )
ذكره هنا لأجل قوله أن رجالا من الأنصار لأنهم كانوا بدريين وإبراهيم بن المنذر بن عبد الله أبو إسحاق الحزامي المديني ومحمد بن فليح بضم الفاء وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في العتق وفي الجهاد
قوله فلنترك مضارع بنون الجمع مجزوم لأن التقدير إن تأذن فلنترك واللام فيه للتأكيد وقال بعضهم فلنترك بصيغة الأمر واللام للمبالغة قلت هذا خطأ محض لا يقوله من مس شيئا من علم الصرف وقد غر هذا القائل قول الكرماني فإن قلت الإذن سبب للترك أو لأمرهم أنفسهم بالترك قلت الترك بلفظ الأمر مبالغة كأنهم تأمرهم أنفسهم بذلك ولو صحت الرواية بالنصب فهو في تقدير الخبر للمبتدأ المحذوف أي فالإذن للترك انتهى وفيه تعسف لا يخفى قوله لابن أختنا عباس وكان عباس من جهة الأم قريبا للأنصار كذا قاله الكرماني وسكت عليه وأم العباس وهو ابن عبد المطلب ليست من الأنصار بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية فأطلق على جدة العباس أختنا لكونها منهم وعلى العباس ابنها لكونها جدته وأم العباس وضرار نثيلة بضم النون وفتح الثاء المثلثة وسكون الياء آخر الحروف وفتح اللام بنت جناب بالجيم والنون ابن حبيب بن مالك بن عمرو بن عامر الضحيان الأصغر بن زيد مناة بن عامر الضحيان الأكبر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر قاله أبو عبيدة وقال ابن الزبير اسمها نثلة بفتح النون وسكون الثاء المثلثة بنت جناب إلى آخره وأم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن خندف بن عدي بن النجار وكان هاشم والد عبد المطلب لما مر بالمدينة نزل على عمرو بن زيد المذكور وكان سيد قومه فأعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها وزوجها منه قوله عباس بالجر لأنه عطف بيان من ابن أختنا قوله فداءه منصوب على أنه مفعول فلنترك وروى ابن عائذ في المغازي من طريق مرسل أن عمر رضي الله تعالى عنه لما ولي وثاق الأسرى شدوا وثاق العباس فسمعه رسول الله يئن فلم يأخذه النوم فبلغ الأنصار فأطلقوا العباس فكان الأنصار لما فهموا رضا رسول الله بفك وثاقه سألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم إلى ذلك وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس أن النبي قال يا عباس إفد نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال قال إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني قال الله أعلم بما تقول إن يك ما تقول حقا فإن الله يجزيك ولكن ظاهر الأمر أنك كنت علينا وذكر ( موسى بن عقبة ) أن فداءهم كان أربعين أوقية ذهبا وعند أبي نعيم في ( الدلائل ) بإسناد حسن من حديث ابن عباس كان فداء كل واحد أربعين أوقية فجعل على العباس مائة أوقية وعلى عقيل ثمانين فقال له العباس أللقرابة صنعت هذا قال فأنزل الله تعالى يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ( الأنفال 70 ) الآية فقال العباس وددت لو كنت أخذ مني أضعافها لقوله تعالى يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ( الأنفال 70 ) قوله لا تذرون بفتح الذال المعجمة أي لا تتركون من الفداء درهما واحدا وزاد الكشميهني في رواية لا تذرون له أي للعباس وأمات العرب ماضي هذه المادة فلم يقولوا وذر وكذا ماضي يدع إلا في قراءة ما ودعك بالتخفيف
4019 - حدثنا ( أبو عاصم ) عن ( ابن جريج ) عن ( الزهري ) عن ( عطاء بن يزيد ) عن ( عبيد الله بن عدي ) عن ( المقدار بن الأسود ) ح وحدثني ( إسحاق ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم بن سعد ) حدثنا ( ابن أخي ابن شهاب ) عن ( عمه ) قال أخبرني ( عطاء بن يزيد الليثي ثم الجندعي ) أن ( عبيد الله بن عدي

(17/116)


ابن الخيار ) أخبره أن ( المقداد بن عمرو الكندي ) وكان حليفا لبني زهرة وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله أخبره أنه قال لرسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله آقتله يا رسول الله بعد أن قالها فقال رسول الله لا تقتله فقال يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذالك بعدما قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ( الحديث 4019 - طرفه في 6865 )
ذكره هنا لأجل قوله وكان ممن شهد بدرا
وأخرجه من طريقين الأول عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل البصري عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن محمد بن مسلم الزهري عن عطاء بن يزيد من الزيادة أبي يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي عن المقداد بن عمرو كذا قال هنا ابن عمرو وكذا ذكره بعد في تسمية من شهد بدرا وكنيته أبو معبد وذكر في الطهارة المقداد بن الأسود والصحيح ما ذكره هنا والأسود إنما رباه فنسب إليه ويقال كان في حجره ويقال كان عبدا حبشيا له فتبناه فلا تصح عبوديته وقال ابن حبان كان أبوه عمر وحالف كندة فنسب إليها وقال أبو عمر المقداد بن الأسود نسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري لأنه كان تبناه وحالفه في الجاهلية فقيل المقداد بن الأسود وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن عمرو بن سعد البهراني وكان المقداد من الفضلاء النجباء الكبار الخيار من أصحاب النبي وشهد فتح مصر ومات في أرضه بالجرف فحمل إلى المدينة ودفن بها وصلى عليه عثمان ابن عفان سنة ثلاث وثلاثين الطريق الثاني عن إسحاق بن منصور عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف القرشي الزهري عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن مسلم الزهري عن عطاء بن يزيد إلى آخره
وفي إسناده ثلاثة من التابعين على نسق واحد وهم مدنيون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الديات عن عبدان عن ابن المبارك وأخرجه مسلم في الإيمان عن قتيبة وعن آخرين وأخرجه أبو داود في الجهاد والنسائي في السير جميعا عن قتيبة
ذكر معناه قوله الليثي بالرفع لأنه صفة عطاء المرفوع بأنه فاعل أخبرني والليثي نسبة إلى ليث بن بكر بن عبد مناف ابن كنانة والجندعي بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها وبالعين المهملة نسبة إلى جندع بن ليث بن بكر وقال ابن دريد الجندع واحد الجنادع وهي الخنافس الصغار والكندي نسبة إلى كندة بكسر الكاف وسكون النون وبالدال المهملة وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث سمى كنده لأنه كند أباه أي عقه قوله وكان حليفا لبني زهرة أي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر قوله أرأيت أي أخبرني قوله ثم لاذ مني بشجرة أي تحيل في الفرار مني بها ومنه قوله تعالى يتسللون منكم لواذا ( النور 63 ) إلا إن لواذا مصدر لاوذ ومصدر لاذ لياذا قوله قال أسلمت لله يثبت به الإسلام فلا يحتاج إلى كلمة الشهادة قوله أقتله بهمزة الاستفهام على سبيل الاستعلام قوله فإنه بمنزلتك معناه أنه مثلك في كونه مباح الدم فقط وقال الكرماني القتل ليس سببا لكون كل منهما بمنزلة الآخر فما وجه الشرطية قلت أمثاله عند النحاة مؤولة بالإخبار أي قتلك إياه سبب لقتلك وعند البيانيين بأن المراد لازمه نحو يباح دمك إذا عصيت وقال الخطابي معنى هذا أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يقول كلمة التوحيد فإذا قالها صار محظور الدم كالمسلم فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحا بحق القصاص كالكافر بحق الدين ولم يرد به إلحاقه بالكفر على ما يقوله الخوارج من تكفير المسلم بالكبيرة
4020 - حدثني ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( ابن علية ) حدثنا ( سليمان التيمي ) حدثنا ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله يوم بدر من ينظر ما صنع أبو جهل فانطلق ابن مسعود فوجده

(17/117)


قد ضربه ابنا عفراء حتى برد فقال آنت أبا جهل قال ابن علية قال سليمان هاكذا قالها أنس قال أنت أبا جهل قال وهل فوق رجل قتلتموه قال سليمان أو قال قتله قومه قال وقال أبو مجلز قال أبو جهل فلو غير أكار قتلني ( انظر الحديث 3962 وطرفه )
ذكره هنا مع كونه تقدم في أوائل هذه الغزوة لأجل قوله قد ضربه بنا عفراء لأنه يدل قطعا أنهما شهدا بدرا وهما معاذ ومعوذ الأنصاريان وقد مر عن قريب ويعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي وهو شيخ مسلم أيضا وابن علية هو إسماعيل ابن إبراهيم وعلية أمه بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد الياء آخر الحروف وسليمان هو ابن طرخان أبو المعتمر التيمي البصري
قوله حتى برد أي مات قوله أنت أبا جهل بهمزة الاستفهام على سبيل التقريع ونصب أبا جهل على طريقة النداء أو على لغة من جوز ذلك قوله وهل فوق رجل قتلتموه أي ليس فعلكم زائدا على قتل رجل
قوله أبو مجلز هو لاحق بن حميد قوله فلو غير أكار قتلني أي لو قتلني غير أكار لأن لو يأتي بعدها إلا الفعل والأكار بفتح الهمزة وتشديد الكاف الزراع والفلاح وكان الذين قتلوه من الأنصار وهم أهل الزراعة يريد بذلك استخفافهم
4021 - حدثنا ( موسى ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عبيد الله بن عبد الله ) حدثني ( ابن عباس ) عن ( عمر ) رضي الله تعالى ( عنهم ) لما توفي النبي قلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فلقينا منهم رجلان صالحان شهدا بدرا فحدثت به عروة بن الزبير فقال هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي
ذكره هنا لأجل قوله رجلان صالحان شهدا بدرا وموسى هو ابن إسماعيل المنقري وعبد الواحد هو ابن زياد العبدي البصري وهذا قطعة من حديث السقيفة قد مر مطولا في المظالم وفي الهجرة وقد مر الكلام فيه مستوفى
قوله فلقينا بفتح الياء آخر الحروف فعل ومفعول ورجلان فاعله قوله عويم بضم العين المهملة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ميم ابن ساعدة بن عائش بن قيس بن النعمان بن زيد بن أمية شهد العقبتين جميعا في قول الواقدي وغيره وشهد بدرا وأحدا والخندق ومات في حياة رسول الله وقيل بل مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه بالمدينة وهو ابن خمس أو ست وستين قوله ومعهن بفتح الميم وسكون العين وفي آخره نون ابن عدي بن الجد بن عجلان بن ضبيعة البلوي من يلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف بن عمرو بن عوف الأنصاري شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد مع النبي وقتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
4022 - حدثنا ( إسحاق بن إبراهيم ) سمع ( محمد بن فضيل ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) كان عطاء البدريين خمسة آلاف خمسة آلاف وقال عمر لأفضلنهم على من بعدهم
وجه ذكره هنا ظاهر وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ومحمد بن فضيل مصغر فضل بالضاد المعجمة ابن غزوان الكوفي وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم قوله كان عطاء البدريين أي المال الذي يعطى كل واحد منهم في كل سنة خمسة آلاف في عهد عمر ومن بعده قوله لأفضلنهم من التفضيل يعني في زيادة العطاء وفيه فضل ظاهر للبدريين
69 - ( حدثني إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور وذلك أول ما وقر

(17/118)


الإيمان في القلب وعن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن النبي قال في أسارى بدر لو كان مطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له )
قيل وجه إيراده هنا ما تقدم في الجهاد إنه كان قدم في سار بدر أي في طلب فداوءهم ( قلت ) هذا الوجه غير ظاهر على ما لا يخفى وإسحاق بن منصور بن بهرام المروزي وقد مضى في كتاب الصلاة في باب الجهر في المغرب حديث جبير بن مطعم أنه قال سمعت النبي قرأ في المغرب بالطور قوله وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي أي أول ما حصل وقور الإيمان في قلبي إي ثباته ووقوره وإن قلت تقدم بالجهاد في باب فداء المشركين أن جبيرا حين سمع قراءته بالمغرب بالطور كان كافرا وقد جاء إلى المدينة في اسارى بدر وإنما أسلم بعد ذلك يوم الفتح قلت التصريح بالكلمة والتزام أحكام الإسلام كان عند الفتح وإما حصول وقور الإيمان في صدره فكان في ذلك اليوم قوله وعن الزهري موصول بالإسناد الأول قوله النتنى بنونين مفتوحين بينهما تاء مثناه من فوق وهو جمع نتن بفتح النون وكسر التاء كزمن يجمع على زمني سمى أسارى بدر الدين قتلوا وصاروا جيفا بالنتنى لكفرهم كقوله تعالى إنما المشركين نجس قوله لتركتهم أي بغير فداء وإنما قال ذلك لليداتى كانت للمطعم وهي قيامه في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ومن معهم من المسلمين حتى حصروهم في الشعب ودخول رسول الله في جواره حين رجع من الطائف ومات المطعم قبل وقعة البدر وله بضع وتسعون سنة ( وقال الليث عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب وقعت الفتنة الأولى يعني مقتل عثمان فلم تبقى من أصحاب بدر أحد ثم وقعت الفتنة الثانية يعني الحرة فلم تبقى من أصحاب الحديبية أحد ثم وقعت الثالثة فلم ترتفع وللناس طباخ )
تعليق الليث بن سعد هذا الذي رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري نحوه قوله يعني مقتل عثمان تفسير لقوله الفتنة الأولى وكان مقتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمسة وثلاثون قاله الواقدي وعنه أيضا أنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة وحاصروه تسع وأربعين يوما وقال الزبير حاصروه شهرين وعشرين يوما قوله فلم تبق بضم التاء من الإبقاء قيل هذا غلط لأن عليا وطلحة والزبير وآخرون من البدريين عاشوا بعد عثمان زمانا وكيف يقال فلم تبق الأولى من أصحاب بدر أحدا واجيب بأنه ظن أنهم قتلوا عند مقتل عثمان وليس ذلك مرادا وفيه نظر لا يخفى وقال الكرماني المراد عثمان صار سببا لهلاك كثير من البدريين كما في القتال الذي بين علي ومعاوية ونحوه ثم قال أحد نكرة في سياق النفي فيفيد العموم ثم أجاب بقوله ما من عام إلا وقد خص إلا قوله تعالى والله بكل شيء عليم مع أن لفظ العام الذي قصد به المبالغة اختلفوا فيه هل معناه العموم أم لا وقال الداودي الفتنة الأولى مقتل الحسين رضي الله تعالى عنه قيل هذا خطأ لأن في زمن مقتل الحسين لم يكن أحد من البدريين موجودا قوله يعني الحرة تفسير للفتنة الثانية يعني الفتنة الثانية هي وقعة الحرة أي حرة المدينة وهي خارجها وهو موضع الذي قاتل عسكر يزيد بن معاوية فيه أهل المدينة في سنة اثنين وستين الأصح أنها كانت في سنة ثلاث وستين وكان رأس عسكر يزيد مسلم بن عقبة قال المدائني كان في سبعة وعشرين ألفا اثنى عشر ألف فارس وخمسة عشر ألف راجل وكانوا نزلوا شرقي المدينة في الحرة وهي أرض ذات حجارة سود ولما وقع القتال انتصر مسلم بن عقبة وقتل سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار وكان السبب في ذلك أن أهل المدينة خلعوا يزيد وولوا على قريش عبد الله بن مطيع وعلى الأنصار عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر وأخرجوا عامل يزيد من بين أظهرهم وهو عثمان بن

(17/119)


محمد بن أبي سفيان بن عم يزيد واجتمعوا على اجلاء بني أمية من المدينة فاجتمعوا وهم قريب من الف رجل في دار مروان بن الحكم والقصة في ذلك طويلة بسطناها في تاريخنا الكبير قوله ثم وقعت الفتنة الثالثة كذا وقع في الأصول ولم بينها وزعم الداودي أنها فتنة الازارقة قيل فيه نظر ولم بين وجهه وقال ابن التين يحتمل أن يكون يوم خرج بالمدينة أبو حمزة الخارجي وبه جزم محمد بن عبد الحكم وكان ذلك في خلافة مروان بن محمد بن مروان الحكم سنة ثلاثين ومائة وكان مجيئه من حضرموت من عند عبد الله بن يحيى بن زيد مظهر خلاف مروان في سبعمائة فارس وكان حضوره في الموسم وكان على مكة والمدينة والطائف عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان فوقع بينهما الإتفاق إلى أن ينفر الناس النفير الأخير ووقعوا بعرفة ودفع بالناس عبد الواحد ثم مضى إلى المدينة وخلى مكة لأبي حمزة فدخلها من غير قتال ولما بلغ الخبر مروان انتخب من عسكره أربعة آلاف واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي ولما تلاقيا اقتتلوا فقتل أبو حمزة وعسكره والله أعلم قوله وللناس طباخ بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة الخفيفة وفي آخره خاء معجمة أي قوة وشدة وقال الخليل أصل الطباخ السمن والقوة ويستعمل في الفعل والخير وقال حسان
المال يغشى رجالا لا طباخ لهم
كالسيل يغشى أصول الدندن البالي
والدندن بكسر الدالين المهملتين وسكون النون بينهما هو الذي يسود من النبات لقدمه ويروى وبالناس ويروى وفي الناس
70 - ( حدثنا حجاج بن منهال حدثنا عبد الله بن عمر النميري حدثنا يونس بن يزيد قال سمعت عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله عن حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي كل حدثني طائفة من الحديث قالت فأقبلت أنا وأم مسطح فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت بئس ما قلت تسبين رجلا شهد بدرا فذكر حديث الإفك ) ذكره هنا لأجل شهادة عائشة لمسطح أنه من أهل بدر وهو مسطح بكسر الميم ابن أثاثة بضم الهمزة وتخفيف الثائين المثلثتين ابن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي وأمه سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد ابن تميم بن مرة وهي ابنة خالة أبي بكر الصديق ويقال مسطح لقب واسمه عوف ابن أثاثة توفي سنة أربع وثلاثين وهو ابن ست وخمسين سنة وقيل شهد مسطح صفين وتوفي في سنة سبع وثلاثين وحجاج بن منهال بكسر الميم وسكون النون ويروى المنهال بالألف واللام وعبد الله بن عمر بن غانم النمير بضم النون وفتح الميم وقيل النمر أيضا بدون التصغير الرعيني قاضي إفريقيا انفرد به البخاري وهو مستقيم الحديث مات سنة تسعين ومائة وولد سنة ثمان وعشرين ومائة قاله الدمياطي وهو الذي كان يكتب للإمام مالك بن أنس في المسائل وليس له عند البخاري غير هذا الحديث وهذا طرف من حديث الإفك وقد مضى في الشهادات في باب تعديل النساء بعضهن بعضا مطولا ومضى الكلام فيه مشروحا
4026 - حدثنا ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( محمد بن فليح بن سليمان ) عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال هذه مغازي رسول الله فذكر الحديث فقال رسول الله وهو يلقيهم هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا قال موسى قال نافع قال عبد الله قال ناس من أصحابه يا رسول الله تنادي ناسا أمواتا قال رسول الله ما أنتم بأسمع لما قلت منهم ( انظر الحديث 1371 وطرفه )

(17/120)


ذكر هذا هنا لبيان ما حمله ( موسى بن عقبة ) عن ابن شهاب من أمور غزوة بدر قوله هذه مغازي أي قال ( ابن شهاب ) بعد أن ذكر غزوات رسول الله هذه المذكورات في مغازي رسول الله قوله فذكر الحديث أي حديث بدر قوله وهو يلقيهم بتشديد القاف المكسورة وسكون الياء آخر الحروف وفي رواية المستملي بسكون اللام وتخفيف القاف من الإلقاء وفي رواية الكشميهني وهو يلعنهم من اللعن وكذا هو في ( مغازي موسى بن عقبة ) قوله قال موسى هو ابن عقبة المذكور وقال نافع مولى ابن عمر قال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قوله قال ناس من أصحابه قد مضى منهم هؤلاء ومنهم عمر بن الخطاب قوله ما أنتم بأسمع لما قلت منهم فيه دليل على جواز الفصل بين أفعل التفضيل وكلمة من فافهم
قال أبو عبد الله فجميع من شهد بدرا من قريش ممن ضرب له بسهمه أحد وثمانون رجلا وكان عروة بن الزبير يقول قال الزبير قسمت سهمانهم فكانوا مائة والله أعلم
أبو عبد الله هو البخاري نفسه فعلى هذا يكون قوله فجميع من شهد بدرا من مقوله وليس في كثير من النسخ ذلك فعلى هذا قوله فجميع من شهد بدرا من مقول موسى بن عقبة عن ابن شهاب وبه قال الكرماني قوله ممن ضرب له بسهمه أي أعطاه نصيبا من الغنيمة وإن لم يشهدها لعذر له فصيره كمن شهدها قوله وكان عروة بن الزبير إلى آخره إما من بقية كلام البخاري وإما من بقية كلام موسى بن عقبة على ما ذكر من النسختين قوله فكانوا مائة أي من شهد بدرا من قريش مائة رجل
4027 - حدثني ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام ) عن ( معمر ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( الزبير ) قال ضربت يوم بدر للمهاجرين بمائة سهم
هشام الذي يروي عن معمر هو هشام بن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني اليماني وهو من أفراد البخاري فإن قلت يعارض هذا حديث البراء الذي مضى في أوائل هذه القصة وهي قوله إن المهاجرين كانوا زيادة على ستين قلت يجمع بينهما بأن حديث البراء ورد فيمن شهدها حسا وهذا الحديث فيمن شهدها حسا وحكما ويكون المراد بالمائة في قول الزبير الأحرار ومن انضم إليهم من مواليهم وأتباعهم
13 -
( باب تسمية من سمي من أهل بدر في الجامع الذي وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم )
أي هذا باب في بيان تسمية من سمي أي من جاء ذكره من أهل بدر في ( الجامع ) أي في هذا الصحيح الذي هو جامع لأقوال رسول الله وأفعاله وأحواله وأيامه والمقصود منه تسمية من علم في هذا الكتاب أنه من أهل بدر على الخصوص لا تسمية المذكورين منهم فيه إطلاقا إذ كثير منهم ممن لم يختلف في شهوده بدرا كأبي عبيدة بن الجراح لم يذكره ههنا ولا تسمية من روى حديثا فإن كثيرا من المذكورين ههنا لم يرووا حديثا فيه نحو حارثة وغيره
النبي محمد بن عبد الله الهاشمي
أي أحد من سمي منهم النبي وإنما بدأ به تيمنا وتبركا به وإلا فكونه من أهل بدر مقطوع به
أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان القرشي ثم عمر بن الخطاب العدوي ثم عثمان بن عفان خلفه النبي على ابنته فضرب له بسهمه ثم علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله تعالى عنهم
أي منهم أبو بكر الصديق واسمه عبد الله واسم أبيه عثمان وهو المكنى بأبي قحافة ثم عمر وعلي لا خلاف في شهودهما بدرا وأما عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية أبو عمرو ويقال أبو عبد الله ويقال أبو ليلى الأموي فإنه لم يشهد بدرا لتخلفه على

(17/121)


تمريض زوجته رقية وكانت عليلة ولكن لما ضرب له رسول الله بسهمه وأجره عد في البدريين لذلك فلذلك ذكره البخاري مع أبي بكر وعمر وعلي رضي الله تعالى عنهم وقدمهم على غيرهم من الصحابة لشرفهم وفي بعض النسخ قدم رسول الله فقط وذكر الباقين بالترتيب والدليل على كون أبي بكر مع النبي يوم بدر أخذه بيد النبي وقوله حسبك لما قال رسول الله أللهم إني أنشدك وقد تقدم بيانه وعلى كون عمر معه قوله يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها وذلك حين قال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا وعلى كون علي معه قوله كان لي شارف من المغنم يوم بدر وقد تقدم بيانه
ثم إياس بن البكير
شرع في ذكره من سمي من أهل بدر بترتيب حروف الهجاء فذكر في حرف الألف إياس بكسر الهمزة وفتحها وتخفيف الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة ابن البكير بضم الباء الموحدة مصغر بكر وقيل ابن أبي البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غبرة بن سعد بن ليث الليثي خليفة بني عدي شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ولم يذكر في الهمزة إلا إياس بن البكير وقد شهد بدرا إياس آخر وهو إياس بن ورقة الأنصاري وقتل يوم اليمامة شهيدا
بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق القرشي
لم يذكر في الباء إلا بلال بن رباح بتخفيف الباء الموحدة وقد مر في كتاب الوكالة إذ قال بلال يوم لا نجوت إن نجا أمية بن خلف
حمزة بن عبد المطلب الهاشمي
ذكره في حرف الحاء المهملة جماعة منهم حمزة بن عبد المطلب عم النبي وهو الذي قتل شيبة بن ربيعة يوم بدر وقتل آخرين أيضا
حاطب بن أبي بلتعة حليف لقريش
من المذكورين في حرف الحاء حاطب بن أبي بلتعة بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح التاء المثناة من فوق وبالعين المهملة واسمه عمرو اللخمي حليف قريش وقد ذكر فيما تقدم أن عمر رضي الله تعالى عنه أراد قتله فقال له رسول الله إنه قد شهد بدرا
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي
أبو حذيفة اسمه هاشم ويقال هشيم ويقال مهشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي كان من فضلاء الصحابة شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وسائر المشاهد مع رسول الله وقتل يوم اليمامة شهيدا وقد ذكر في باب شهود الملائكة قال وكان ممن شهد بدرا
حارثة بن الربيع الأنصاري قتل يوم بدر وهو حارثة بن سراقة كان في النظارة
هذا أيضا في الحاء المهملة والربيع بضم الراء مصغر الربيع وهو اسم أمه واسم أبيه سراقة بضم السين المهملة وتخفيف الراء ابن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وأمه أم حارثة عمة أنس بن مالك قتل يوم بدر قتله حبان بن العرقة وهو أول قتيل قتل يوم بدر من الأنصار وقد مر في باب فضل من شهد بدرا قوله كان في النظارة بتشديد الظاء المعجمة وهم القوم ينظرون إلى شيء وكان حارثة ينظر ماء بدر وفي رواية النسائي ما خرج لقتال
خبيب بن عدي الأنصاري
هذا في الخاء المعجمة وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة ابن عدي الأنصاري الأوسي من بني جحجبى بن كلفة بن عمرو بن عوف وقد مر في باب فضل من شهد بدرا قال كان خبيب قتل الحارث بن عامر يوم بدر
خنيس بضم الخاء المعجمة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة ابن حذافة بضم الحاء المهملة

(17/122)


وتخفيف الذال المعجمة وبالفاء ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي وقد مر في الباب المجرد بعد باب شهود الملائكة بدرا وقال إن عمر رضي الله تعالى عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة وكان من أصحاب رسول الله قد شهد بدرا توفي بالمدينة
رفاعة بن رافع الأنصاري
رفاعة بكسر الراء وتخفيف الفاء ابن رافع ضد الخافض ابن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي وقد مر في باب فضل من شهد بدرا
رفاعة بن عبد المنذر أبو لبابة الأنصاري
رفاعة مثل المذكور ابن عبد المنذر بلفظ اسم الفاعل من الإنذار ضد الإبشار أبو لبابة بضم اللام وتخفيف الباءين الموحدتين بينهما ألف الأنصاري من بني عمرو بن عوف وتقدم في الباب المتقدم آنفا قال حدثه أبو لبابة البدري وقال الدمياطي إنما هو أخو أبي لبابة وليس بأبي لبابة واسم أبي لبابة بشير بن عبد المنذر
الزبير بن العوام القرشي
تقدم الزبير في عدة أحاديث
زيد بن سهل أبو طلحة الأنصاري
مر فيما تقدم قال وكان بدريا وهو زوج أم أنس بن مالك وهو مشهور بكنيته مات في سنة إحدى وخمسين
أبو زيد الأنصاري
اسمه قيس بن السكن الأنصاري البخاري تقدم في حديث أنس وكان بدريا
سعد بن مالك الزهري
هو ابن أبي وقاص ولا خلاف في كونه بدريا وفي بعض النسخ ليس بمذكور
سعد بن خولة القرشي
تقدم في باب الفضل قال وكان بدريا
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي
تقدم في باب الفضل قال وكان بدريا
سهل بن حنيف الأنصاري
حنيف مصغر حنف بالحاء المهملة والنون والفاء تقدم عن قريب في حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كبر عليه خمسا فقال إنه شهد بدرا وفيه كلام قد ذكرناه عن قريب
ظهير بن رافع الأنصاري وأخوه
ظهير بضم الظاء المعجمة وقد تقدم في حديث رافع بن خديج وأنه عمه قوله وأخوه أي أخو ظهير ولم يسمه البخاري واسمه مظهر بلفظ اسم الفاعل من الإظهار وقد تقدم أنهما شهدا بدرا
عبد الله بن مسعود الهذلي
بضم الهاء وفتح الذال المعجمة وقد تقدم في أول المغازي بلفظ قال رسول الله يوم بدر من ينظر ما فعل أبو جهل فانطلق ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
عتبة بن مسعود الهذلي
هو أخو عبد الله بن مسعود وهو بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق ولم يتقدم له ذكر فيما مضى قيل ولا ذكره أحد ممن صنف في المغازي في البدريين وقد سقط ذكره من رواية النسفي ولم يذكره الكرماني وقال أيضا في شرحه في العدد وقال أبو عمر عتبة بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة أخو عبد الله بن مسعود شقيقه وقيل أخوه من أبيه والأول أصح شهد أحدا وما بعدها من المشاهد ومات بالمدينة وصلى عليه عمر بن الخطاب وكانت وفاته قبل وفاة أخيه عبد الله
عبد الرحمان بن عوف الزهري
تقدم في قتل أبي جهل وغيره وفي باب الفضل قال إني لفي الصف يوم بدر

(17/123)


عبيدة بن الحارث القرشي
عبيدة بضم العين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي وكان أسن من رسول الله بعشر سنين وكان له قدر ومنزلة عند رسول الله مات بالصفراء على ليلة من بدر وكان عتبة بن ربيعة قطع رجله يومئذ
عبادة بن الصامت الأنصاري
بضم العين وتخفيف الموحدة ذكر في باب بعد باب شهود الملائكة بدرا بلفظ وكان شهد بدرا
عمرو بن عوف حليف بني عامر بن لؤي
قال أبو عمر شهد بدرا وسكن المدينة ولا عقب له
عقبة بن عمرو الأنصاري
هو الذي يقال له أبو مسعود البدري تقدم ذكره في ثلاثة أحاديث
عامر بن ربيعة العنزي
بفتح العين والنون وبالزاي ووقع في رواية الكشميهني العدوي وكلاهما صواب لأنه عنزي الأصل عدوى الحلف وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى عامر بن الربيعة العدوي حليف عمر بن الخطاب كان بدريا مات سنة ثلاث وثلاثين
عاصم بن ثابت الأنصاري
تقدم في كتاب الجهاد في باب قتل الأسير قال كان قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر
عويم بن ساعدة الأنصاري
عويم مصغر العام تقدم في حديث السقيفة
عتبان بن مالك الأنصاري
عتبان بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة تقدم فيما بعد شهود الملائكة بدرا
قدامة بن مظعون
قدامة بضم القاف وتخفيف الدال ومظعون بالظاء المعجمة والعين المهملة وتقدم في الباب المذكور
قتادة بن النعمان الأنصاري
تقدم في أوائل الباب في حديث أبي سعيد
معاذ بن عمرو بن الجموح
معاذ بضم الميم وبالعين المهملة وبالذال المعجمة ابن عمرو بفتح العين ابن الجموح بفتح الجيم وقد تقدم في باب من لم يخمس الأسلاب حيث قال رسول الله سلبه أي سلب أبي جهل لمعاذ بن عمرو
معوذ بن عفراء وأخوه
معوذ بضم الميم وفتح العين وتشديد الواو المكسورة وبفتحها على الأشهر وجزم الوقشي أنه بالكسر ابن عفراء بفتح العين المهملة وسكون الفاء وبالراء والمد وقد ذكرنا أن عفراء اسم أمه وهو معوذ بن الحارث بن رفاعة قال أبو عمر معوذ بن عفراء هو الذي قتل أبا جهل يوم بدر ثم قاتل حتى قتل يومئذ ببدر شهيدا قتله أبو مسافع قوله وأخوه واسمه عوف ابن الحارث تقدم ذكرهما
مالك بن ربيعة أبو أسيد الأنصاري
مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد بضم الهمز وفتح السين الأنصاري الساعدي وقال أبو عمر صح عن إبن إسحاق البدن بالباء المنقوطة وبالنون شهد بدرا وغيرها ومات بالمدينة سنة ستين وقد يتوهم من لا معرفة له بهذا الفن أن مالك بن ربيعة هو عطف بيان من قوله وأخوه وليس كذلك بل قوله مالك بن ربيعة كلام مستأنف ولكن لو قال بواو العطف لكان أولى وأبعد من الوهم المذكور على أن في بعض النسخ قد وقع

(17/124)


بواو العطف عند بعض الرواة
مرارة بن الربيع الأنصاري
مرارة بضم الميم ابن الربيع ويقال ابن ربيعة الأنصاري من بني عمرو بن عوف شهد بدرا وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله في غزوة تبوك ولم يذكره بعضهم بناء على ما قيل إنه ليس ببدري وذكر في باب الفضل قال ذكروا مرارة وهلالا رجلين صالحين شهدا بدرا
معن بن عدي الأنصاري
تقدم مع ذكر عويم بن ساعدة
مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف
مسطح بكسر الميم ابن أثاثة بضم الهمزة والثاءين المثلثتين وقد تقدم عن قريب
مقداد بن عمرو الكندي حليف بني زهرة
مقداد بكسر الميم وقد تقدم ذكره قريبا
هلال بن أمية الأنصاري رضي الله تعالى عنهم
ذكره في قصة كعب مع مرارة فجميع ما ذكره البخاري هنا أربعة وأربعون غير النبي
14 -
( باب حديث بني النضير )
أي هذا باب في بيان حديث بني النضير بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وهم قبيلة من يهود المدينة وكان بينهم وبين رسول الله عقد موادعة وقال ابن إسحاق قريظة والنضير والنحام وعمو هم أصول بني الخزرج بن الصريح بن التومان ابن السمط بن أليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النحام بن تخوم بن عازر بن عزراء بن هارون بن عمران بن يصهر بن فاهث ابن لاوي بن يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة و السلام
ومخرج رسول الله إليهم في دية الرجلين وما أرادوا من الغدر برسول الله
ومخرج بالجر عطف على حديث بني النضير أي وفي بيان خروج النبي وهو مصدر ميمي قوله إليهم أي إلى بني النضير قوله في دية الرجلين كلمة في هنا للتعليل أي كان خروجه إليهم بسبب دية الرجلين وذلك كما في قوله تعالى فذلك الذي لمتنني فيه ( يوسف 32 ) وفي الحديث امرأة دخلت النار في هرة وكان الرجلان المذكوران من بني عامر قاله ابن إسحاق وقال ابن هشام من بني كلاب وذكر أبو عمر أنهما من سليم فخرجا من المدينة ونزلا في ظل فيه عمرو بن أمية الضمري وكان معهما عقد وعهد من النبي وجوار ولم يعلم به عمرو وقد سألهما حين نزلا ممن أنتما فقالا من بني عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما ولما قدم عمرو على النبي وأخبره قال لقد قتلت قتيلين لأودينهما فخرج رسول الله إلى بني النضير مستعينا بهم في دية القتيلين قال إبن إسحاق وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعقد فقالوا نعم يا أبا القاسم نعينك ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ورسول الله إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بكسر الجيم وتخفيف الحاء المهملة وبالشين المعجمة ابن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة وكان رسول الله في نفر فيهم أبو بكر وعمر وعلي وزاد أبو نعيم الزبير وطلحة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة رضي الله تعالى عنهم قال ابن إسحاق فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعا إلى المدينة وهذا معنى قوله وما أرادوا أي وفي بيان ما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله وقال ابن سعد خرج إليهم رسول الله يستعينهم يوم السبت في شهر ربيع الأول على رأس سبعة وثلاثين شهرا من الهجرة بعد غزوة الرجيع وأن ابن جحاش لما هم بما هم به قال سلام بن مشكم لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم وإنه لينقض العهد بيننا وبينه وبعث إليهم النبي محمد بن مسلمة أن أخرجوا من بلدي لا تساكنوني بها وقد

(17/125)


هممتم بما هممتم به من الغدر وقد أجلتكم عشرا فمن رئي بعد ذلك فقد ضربت عنقه فمكثوا أياما يتجهزون فأرسل إليهم ابن أبي فثبطهم فأرسلوا إلى النبي إنا لا نخرج فاصنع ما بدا لك فقال الله أكبر حاربت يهود فخرج إليهم فاعتزلتهم قريظة فلم تعنهم وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان فحاصرهم خمسة عشر يوما وقال ابن الطلاع ثلاثة وعشرين يوما وعن عائشة رضي الله تعالى عنها خمسة وعشرين يوما وقال ابن سعد ثم أجلاهم فتحملوا على ستمائة بعير وكانت صفيا له حبسا لنوائبه ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد إلا لأبي بكر وعمر وابن عوف وصهيب بن سنان والزبير بن العوام وأبي سلمة بن عبد الأسد وأبي دجانة وقال ابن إسحاق فاحتملوا إلى خيبر وإلى الشام وقال فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنهم خلوا الأموال من الخيل والمزارع لرسول الله خاصة وقال إبن إسحاق لم يسلم منهم إلا يامين بن عمير وأبو سعيد ابن وهب فأحرزا أموالهما
قال الزهري عن عروة بن الزبير كانت على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أحد أي قال محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير بن العوام كانت غزوة بني النضير على رأس ستة أشهر من وقعة غزوة بدر قبل غزوة أحد وهذا التعليق وصله الحاكم عن أبي عبد الله الأصبهاني حدثنا الحسين بن جهم حدثنا موسى بن المساور حدثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري به
وقول الله تعالى هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا ( الحشر 2 )
وقول الله بالجر عطفا على قوله ومخرج رسول الله هذه الآية من سورة الحشر قال أبو إسحاق أنزل الله تعالى هذه السورة بكمالها في بني النضير فيها ما أصابهم به من نقمة وما سلط عليهم رسوله وما عمل به فيهم قوله لأول الحشر أي الجلاء وذلك أن بني النضير أول من أخرج من ديارهم وروى ابن مردويه قصة بني النضير بإسناد صحيح مطولة وفيه أنه قاتلهم حتى نزلوا على الجلاء وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام وكذا رواه عبد بن حميد في ( تفسيره ) عن عبد الرزاق وفيه رد على ابن التين حيث زعم أنه ليس في هذه القصة حديث بإسناد
وجعله ابن إسحاق بعد بئر معونة وأحد
أي جعل محمد بن إسحاق صاحب ( المغازي ) قتال بني النضير بعد بئر معونة فكانت في صفر من سنة أربع من الهجرة وقال إبن إسحاق أقام رسول الله بعد أحد بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة والمحرم ثم بعث بأصحاب بئر معونة في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد وقال موسى بن عقبة كان أمير القوم المنذر بن عمرو ويقال مرثد بن أبي مرثد ووقع في رواية القابسي وجعله إسحاق قال عياض وهو وهم والصواب ابن إسحاق وهو محمد بن إسحاق ابن يسار وقال الكرماني محمد بن إسحاق بن نصر بفتح النون وسكون المهملة وليس كذلك والصواب ابن يسار وهو مشهور ليس فيه خفاء
4028 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( ابن جريج ) عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي فأمنهم وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام ويهود بني حارثة وكل يهود بالمدينة

(17/126)


مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري والبخاري يروي عنه فتارة ينسبه إلى أبيه وتارة إلى جده وعبد الرزاق بن همام اليماني وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي و ( موسى بن عقبة ) بن أبي عياش الأسدي المدني
قوله حاربت النضير فعل وفاعل قوله وقريظة بالرفع عطف على النضير وهو مصغر القرظ بالقاف والراء والظاء وهم أيضا قبيلة من يهود المدينة والمفعول محذوف تقديره حاربت هاتان القبيلتان رسول الله قوله فأجلى أي النبي والضمير الذي فيه هو الفاعل قوله وبني النضير بالنصب مفعوله يقال جلا من الوطن يجلو جلاء وأجلى يجلي إجلاء إذا خرج مفارقا وجلوته أنا وأجليته وكلاهما لازم ومتعد قوله وأقر قريظة أي في منازلهم ومن عليهم ولم يأخذ منهم شيئا قوله حتى حاربت قريظة يعني إقراره ومنه عليهم إلى أن حاربوا قوله فقتل رجالهم يعني لما حاربوا مع رسول الله حاصرهم رسول الله خمسة وعشرين يوما حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين بعدما أخرج الخمس فأعطى للفارس ثلاثة أسهم سهمين للفرس وسهما لفارسه وسهما للراجل وكانت الخيل ستة وثلاثين قوله إلا بعضهم أي إلا بعض قريظة قوله فأمنهم أي جعلهم أمنين قوله بني قينقاع بالنصب على أنه بدل من قوله يهود بالمدينة ونون قينقاع مثلثة قوله وكل يهود أي وأجلى كل يهود بالمدينة ويروى كل يهود المدينة
4029 - حدثني ( الحسن بن مدرك ) حدثنا ( يحيى بن حماد ) أخبرنا ( أبو عوانة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) قال قلت لابن عباس سورة الحشر قال قل سورة النضير
الحسن بن مدرك على لفظ اسم الفاعل من الإدراك أبو علي الطحان وهو من أفراده ويحيى بن حماد الشيباني البصري مات سنة خمس عشرة ومائتين وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري الواسطي قوله قل سورة النضير لأنها نزلت فيهم وقال الداودي كأن ابن عساكر كره تسميتها سورة الحشر لئلا يظن أن المراد بالحشر يوم القيامة
تابعه هشيم عن أبي بشر
أي تابع أبا عوانة هشيم بن بشير الواسطي في روايته عن أبي بشر ووصل البخاري هذه المتابعة في التفسير كما سيأتي إن شاء الله تعالى
4030 - حدثنا ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( معتمر ) عن أبيه سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال كان الرجل يجعل للنبي النخلات حتى افتتح قريظة والنضير فكان بعد ذالك يرد عليهم مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن أبي الأسود واسمه حميد بن الأسود أبو بكر البصري الحافظ وهو من أفراده ومعتمر بن سليمان يروي عن أبيه سليمان بن طرخان البصري والحديث بعينه سندا ومتنا مضى في الخمس في باب كيف قسم النبي قريظة والنضير ومضى الكلام فيه هناك
76 - ( حدثنا آدم حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال حرق رسول الله نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فنزلت ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله )

(17/127)


مطابقته للترجمة ظاهرة وآدم هو ابن أبي إياس والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن يحيى بن يحيى وقتيبة ومحمد بن رمح وأخرجه أبو داود في الجهاد عن محمد بن رمح وأخرجه الترمذي والنسائي جميعا في السير وفي التفسير عن قتيبة به وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن محمد بن رمح ولما روى الترمذي هذا الحديث قال وقد ذهب قوم من أهل العلم إلى هذا ولم يروا بأسا بقطع الأشجار وتخريب الحصون وكره بعضهم ذلك وهو قول الأوزاعي وقال الأوزاعي ونهى أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أن يقطع شجرا مثمرا ويخرب عامرا وعمل بذلك المسلمون بعده وقال الشافعي لا بأس بالتحريق في أرض العدو وقطع الأشجار والثمار وقال أحمد قد يكون في مواضع لا يجدون منه بدا فأما بالعبث فلا يحرق وقال إسحق التحريق سنة إذا كان لكافر فيها انتهى قلت ما حكاه الترمذي عن الشافعي من أنه لا بأس بالتحريق وقطع الأشجار حكاه النووي في شرح مسلم عن الأئمة الأربعة والجمهور والمعروف ذلك قوله نخل بني النضير هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره نخل النضير قوله وهي البويرة بضم الباء الموحدة مصغر البورة وهو موضع بقرب المدينة ونخل كان لبني النضير وقال الجوهري البؤرة بالهمزة الحفرة قوله من لينة اختلفوا في تفسيرها فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى اللينة من الألوان وهي ما لم تكن برنية ولا عجوة وقال ابن إسحق اللينة ما خالف العجوة من النخيل وهو قول عكرمة ويزيد بن رومان وقتادة وروى عن ابن عباس أيضا وهو الذي رجحه النووي ويقال اللينة أنواع التمر كلها إلا العجوة وقيل كرام النخل وقيل كل النخل وقيل كل الأشجار للينها وقيل هي النخلة القريبة من الأرض وقيل اللينة العجوة والعتيق والنخيل رواه ابن مردويه في التفسير عن جابر بن عبد الله قوله فبإذن الله قيل يحتمل أن يراد بالعلم ومنه قوله تعالى فاذنوا بحرب أي فاعلموا ويحتمل أن يراد بالإذن إباحة الفعل وهو الأظهر وقال ابن إسحق فبأمر الله وعلى هذا فهل استمر الأمران بعد ذلك أنهم يخيرون بين قطع النخيل وتحريقها وبين إبقائها أو أن ذلك كان على الترتيب فكان الإذن أولا في القطع ثم في الترك آخرا أما على سبيل الوجوب والاستحباب فيكون القطع والتحريق منسوخا قيل يدل عليه حديث جابر رواه ابن مردويه في تفسيره من رواية سليمان بن موسى عن أبي الزبير عن جابر قال رخص لهم رسول الله في قطع النخل ثم شدد عليهم فأتوا النبي فقال يا رسول الله علينا إثم فيما قطعنا أو وزر فيما تركنا فأنزل الله تعالى ما قطعتم من لينة الآية فدل ذلك على أنه نهاهم عن القطع فيكون محمل الآية ما قطعتم من لينة أولا بالإذن في القطع أو تركتموها آخرا بالنهي عن ذلك فبإذن الله في الحالتين معا لأنه رخص أولا ثم نهاهم آخرا قلت حديث جابر ضعيف وسليمان بن موسى الأشدق عنده مناكير قاله البخاري وفيه أيضا سفيان بن وكيع متكلم فيه وقال أبو زرعة يتهم بالكذب فحديث جابر لا يصح -
4032 - حدثني ( إسحاق ) أخبرنا ( حبان ) أخبرنا ( جويرية بن أسماء ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي حرق نخل بني النضير قال ولها يقول حسان بن ثابت
( وهان على سراة بني لؤيحريق بالبويرة مستطير )
قال فأجابه أبو سفيان بن الحارث
( أدام الله ذالك من صنيع
وحرق في نواحيها السعير )
( ستعلم أينا منها بنزه
وتعلم أي أرضينا تضير )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن منصور المروزي وقيل إسحاق بن راهويه والأول أشهر وحبان بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن هلال الباهلي البصري
والحديث مر في كتاب المزارعة في باب قطع الشجر والنخل ومر الكلام فيه هناك ونذكر بعض شيء لبعد المدى
قوله وهان وفي رواية الكشميهني لهان باللام بدل الواو وفي رواية

(17/128)


الإسماعيلي هان بلا لام ولا واو قوله على سراة سراة القوم ساداتهمقوله بني لؤي بضم اللام وفتح الهمزة وتشديد الياء والمراد بهم صناديد قريش وأكابرهم وقال الكرماني أي رسول الله وأقاربه وفي ( التوضيح ) لأن قريشا هم الذين حملوا كعب بن أسد القرظي صاحب عقد بني قريظة على نقض العهد بينه وبين النبي حتى خرج معهم إلى الخندق قوله مستطير أي منتشر مشتعل قوله فأجابه أبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب وهو ابن عم النبي وكان حينئذ لم يسلم وقد أسلم بعد في الفتح وثبت مع النبي بحنين قوله أدام الله قال الكرماني فإن قلت كيف قال أدام الله ذلك أي تحريق المسلمين أرض الكافرين وهو كان كافرا لا يدعو لهم قلت غرضه أدام الله تحريق تلك الأرض بحيث يتصل بنواحيها وهي المدينة وسائر مواضع أهل الإسلام فيكون دعاء عليهم لا لهم قوله منها أي من البويرة أي جهتها وإحراقها ويروى منهم أي من بني النضير قوله بنزه بضم النون وسكون الزاي أي ببعد وزنا ومعنى وهو في الأصل من النزاتهة وهي البعد من السوء وجاء فيه فتح النون قوله أي أرضينا بالتثنية أي المدينة التي هي دار الإيمان ومكة التي كانت بها الكفار قوله تضير بفتح التاء المثناة من فوق وكسر الضاد المعجمة من ضار يضير ضيرا وهو الضر قال الكرماني وفي بعضها نضير بالنون من النضارة على وزن فعيل وقد وقع في ( عيون الأثر ) لأبي الفتح بن سيد الناس عن أبي عمرو الشيباني أن الذي قال
هان على سراة بني لؤي
هو أبو سفيان ابن الحارث وأنه قال عز بدل هان وأن الذي أجاب بقوله
أدام الله ذلك من صنيع
البيتين هو حسان قال وهو من أشبه من الرواية التي وقعت في البخاري انتهى قيل لم يذكر مستند الترجيح والذي يظهر أن الذي في ( الصحيح ) أصح انتهى قلت يصلح للترجيح قول أبي عمرو الشيباني لأنى أدري بذلك من غيره على ما لا يخفى على أحد
4033 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( مالك بن أوس بن الحدثان النصري ) أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون فقال نعم فأدخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي يستأذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هاذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من مال بني النضير فاستب علي وعباس فقال الرهط يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر إتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذالك فأقبل عمر على عباس وعلي فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قد قال ذلك قالا نعم قال فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحانه كان خص رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال جل ذكره وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ( الحشر 6 ) إلى قوله قدير ( الحشر 6 ) فكانت هاذه خالصة لرسول الله ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هاذا المال منها فكان رسول الله ينفق على أهله نفقته سنتهم من هاذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل ذالك رسول الله حياته ثم توفي النبي فقال أبو بكر فأنا ولي

(17/129)


رسول الله فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله وأنتم حينئذ فأقبل على علي وعباس وقال تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان والله يعلم إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل رسول الله وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسا فقلت لكما إن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله وأبو بكر وما عملت فيه مذ وليت وإلا فلا تكلماني فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذالك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذالك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إلي فأنا أكفيكماه قال فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي تقول أرسل أزواج النبي عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله فكنت أنا أردهن فقلت لهن ألا تتقين الله ألم تعلمن أن النبي كان يقول لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذالك نفسه إنما يأكل آل محمد في هاذا المال فانتهاى إلى أزواج النبي إلى ما أخبرتهن قال فكانت هاذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها ثم كان بيد حسن بن علي ثم بيد حسين ابن علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا يتداولانها ثم بيد زيد بن حسن وهي صدقة رسول الله حقا
مطابقته للترجمة في قوله وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير وأبو اليمان الحكم بن نافع وهذا الإسناد قد تكرر ذكره والحديث مر في الخمس في باب فرض الخمس فإنه أخرجه هناك عن إسحاق بن محمد الفروي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس مطولا إلى قوله فإني أكفيكما وقد مر الكلام فيه مستوفى
قوله يرفأ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وبالفاء مهموزا وغير مهموز وقد تدخل عليه الللام فيقال اليرفاء وهو حاجب من حجاب عمر قوله فاستب لم يكن هذا السب من قبيل القذف ولا من نوع المحرمات ولعل عليا ذكر تخلف عباس عن الهجرة ونحو ذلك قوله اتئدوا أي لا تستعجلوا وهي من التؤدة وهي التأني والمهلة قوله أنشدكم بضم الشين قوله لا نورث بفتح الراء والمعنى على الكسر أيضا صحيح ويريد به الأنبياء عليهم السلام وعورض بقوله وورث سليمان داود ( النمل16 ) وقوله في زكريا يرثني ويرث من آل يعقوب ( مريم 6 ) وأجيب بأن المراد إرث العلم والنبوة ولو كان المراد المال كان زكريا عليه السلام أحق بالميراث من آل يعقوب قوله قد قال ذلك أي قوله لا نورث قوله احتازها بالحاء المهملة من الاحتياز وهو الجمع قوله ولا استأثرها من الاستئثار وهو الاستبداد والاستقلال قوله وأنتم جمع وتذكران مثنى فلا مطابقة بين المبتدأ والخبر لكن هو على مذهب من قال أقل الجمع اثنان أو يكون لفظ حينئذ خبره وتذكران ابتداء كلام الكرماني ويروى أنتما

(17/130)


قوله فجئتني قال أولا جئتما ثم قال بالإفراد لأنه لعلهما جاآ بالاتفاق أولا ثم جاء عباس وحده قوله وبدا لي أي ظهر لي
قوله قال فحدثت أي قال الزهري قوله فغلبه عليها أي بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها لا بتخصيص الحاصل بنفسه قوله يتداولانها أي علي بن حسين وحسن بن حسن مكبران ابن علي وكل منهما ابن عمر الآخر يتناوبان في تصرفهما وزيد بن الحسن بن علي أخو الحسن المذكور
4033 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( مالك بن أوس بن الحدثان النصري ) أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون فقال نعم فأدخلهم فلبث قليلا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي يستأذنان قال نعم فلما دخلا قال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هاذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من مال بني النضير فاستب علي وعباس فقال الرهط يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال عمر إتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذلك نفسه قالوا قد قال ذالك فأقبل عمر على عباس وعلي فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قد قال ذلك قالا نعم قال فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله سبحانه كان خص رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره فقال جل ذكره وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ( الحشر 6 ) إلى قوله قدير ( الحشر 6 ) فكانت هاذه خالصة لرسول الله ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هاذا المال منها فكان رسول الله ينفق على أهله نفقته سنتهم من هاذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل ذالك رسول الله حياته ثم توفي النبي فقال أبو بكر فأنا ولي رسول الله فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله وأنتم حينئذ فأقبل على علي وعباس وقال تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان والله يعلم إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله وأبي بكر فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل رسول الله وأبو بكر والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق ثم جئتماني كلاكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فجئتني يعني عباسا فقلت لكما إن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله وأبو بكر وما عملت فيه مذ وليت وإلا فلا تكلماني فقلتما ادفعه إلينا بذلك فدفعته إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذالك فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيه بقضاء غير ذالك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنه فادفعا إلي فأنا أكفيكماه قال فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير فقال صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي تقول أرسل أزواج النبي عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله فكنت أنا أردهن فقلت لهن ألا تتقين الله ألم تعلمن أن النبي كان يقول لا نورث ما تركنا صدقة يريد بذالك نفسه إنما يأكل آل محمد في هاذا المال فانتهاى إلى أزواج النبي إلى ما أخبرتهن قال فكانت هاذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها ثم كان بيد حسن بن علي ثم بيد حسين ابن علي بن حسين وحسن بن حسن كلاهما كانا يتداولانها ثم بيد زيد بن حسن وهي صدقة رسول الله حقا
مطابقته للترجمة في قوله وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير وأبو اليمان الحكم بن نافع وهذا الإسناد قد تكرر ذكره والحديث مر في الخمس في باب فرض الخمس فإنه أخرجه هناك عن إسحاق بن محمد الفروي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس مطولا إلى قوله فإني أكفيكما وقد مر الكلام فيه مستوفى
قوله يرفأ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وبالفاء مهموزا وغير مهموز وقد تدخل عليه الللام فيقال اليرفاء وهو حاجب من حجاب عمر قوله فاستب لم يكن هذا السب من قبيل القذف ولا من نوع المحرمات ولعل عليا ذكر تخلف عباس عن الهجرة ونحو ذلك قوله اتئدوا أي لا تستعجلوا وهي من التؤدة وهي التأني والمهلة قوله أنشدكم بضم الشين قوله لا نورث بفتح الراء والمعنى على الكسر أيضا صحيح ويريد به الأنبياء عليهم السلام وعورض بقوله وورث سليمان داود ( النمل16 ) وقوله في زكريا يرثني ويرث من آل يعقوب ( مريم 6 ) وأجيب بأن المراد إرث العلم والنبوة ولو كان المراد المال كان زكريا عليه السلام أحق بالميراث من آل يعقوب قوله قد قال ذلك أي قوله لا نورث قوله احتازها بالحاء المهملة من الاحتياز وهو الجمع قوله ولا استأثرها من الاستئثار وهو الاستبداد والاستقلال قوله وأنتم جمع وتذكران مثنى فلا مطابقة بين المبتدأ والخبر لكن هو على مذهب من قال أقل الجمع اثنان أو يكون لفظ حينئذ خبره وتذكران ابتداء كلام الكرماني ويروى أنتما قوله فجئتني قال أولا جئتما ثم قال بالإفراد لأنه لعلهما جاآ بالاتفاق أولا ثم جاء عباس وحده قوله وبدا لي أي ظهر لي
قوله قال فحدثت أي قال الزهري قوله فغلبه عليها أي بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها لا بتخصيص الحاصل بنفسه قوله يتداولانها أي علي بن حسين وحسن بن حسن مكبران ابن علي وكل منهما ابن عمر الآخر يتناوبان في تصرفهما وزيد بن الحسن بن علي أخو الحسن المذكور
4035 - حدثنا ( أبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) أن فاطمة عليها السلام والعباس أتيا بكر يلتمسان ميراثهما أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال أبو بكر سمعت النبي يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد في هاذا المال والله لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي
هذا الحديث مطابق للحديث السابق والمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء وهذا السند بهؤلاء الرجال قد مر غير مرة وهشام هو ابن يوسف الصنعاني والحديث مر في فرض الخمس ومر الكلام فيه هناك
قوله في هذا المال أي في جملة من يأكل من هذا المال لا أنه لهم بخصوصه حاصله أنهم يعطون منه ما يكفيهم ليس على وجه الميراث قوله لقرابة رسول الله الخ اعتذار من أبي بكر عن منعه القسمة ولا يلزم من ذلك أن لا يصلهم ببره من جهة أخرى
15 -
( باب قتل كعب بن الأشرف )
أي هذا باب في بيان كيفية قتل كعب بن الأشرف اليهودي القرظي الشاعر كان يهجو النبي والمسلمين ويظاهر عليهم الكفار ولما أصاب المشركين يوم بدر ما أصابهم اشتد عليه وكان يبكي على قتلى بدر وينشد الأشعار فمن ذلك ما حكاه الواقدي
( طحنت رحى بدر مهالك أهله
ولمثل بدر تستهل وتدمع )
( قتلت سراة الناس حول حياضهمعلا تبعدوا إن الملوك تصرع )
إلى أبيات كثيرة فأجابه حسان بن ثابت
( أبكاه كعب ثم عل بعبرة
منه وعاش مجدعا لا يسمع )
إلى أبيات وقال ابن إسحاق كان كعب من بني نبهان وهم بطن من طيىء وكان قتله في رمضان سنة ثلاث وقيل في ربيع الأول والأول أشهر
4037 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال ( عمرو ) سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما يقول قال رسول الله من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقام محمد ابن مسلمة فقال يا رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم قال فأذن لي أن أقول شيئا قال قل فأتاه محمد بن مسلمة فقال إن هاذا الرجل قد سألناه صدقة وإنه قد عنانا وإني قد أتيتك أستسلفك قال وأيضا ولله لتملنه قال وإنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين وحدثنا عمرو غير مرة فلم يذكر وسقا أو وسقين فقلت له فيه وسقا أو وسقين فقال أرى فيه وسقا أو وسقين فقال نعم ارهنوني قالوا أي شيء تريد قال ارهنوني نساءكم قالوا كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب قال فارهنوني أبناءكم قالوا كيف نرهنك

(17/131)


أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين هاذا عار علينا ولكنا نرهنك اللأمة قال سفيان يعني السلاح فواعده أن يأتيه فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هاذه الساعة فقال إنما هو محمد ابن مسلمة وأخي أبو نائلة وقال غير عمرو قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب قال ويدخل محمد ابن مسلمة معه رجلين قيل لسفيان سماهم عمرو وقال سمى بعضهم قال عمرو جاء معه برجلين وقال غير عمرو أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر قال عمرو وجاء معه برجلين فقال إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه وقال مرة ثم أشمكم فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب وقال غير عمرو قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب قال عمرو فقال أتأذن لي أن أشم رأسك قال نعم فشمه ثم أشم أصحابه ثم قال أتأذن لي قال نعم فلما استمكن منه قال دونكم فقتلوه ثم أتوا النبي فأخبروه
فيه كيفية قتل كعب وهي المطابقة بين الترجمة والحديث وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار والحديث مضى مختصرا بهذا الإسناد في باب رهن السلاح
قوله حدثنا سفيان قال عمر وفي رواية قتيبة عن سفيان في الجهاد عن سفيان حدثنا عمرو قوله من لكعب بن الأشرف أي من يستعد لقتله ومن الذي ينتدب إليه قوله فإنه قد آذى الله ورسوله هذه كناية عن مخالفة الله تعالى ومخالفة نبيه قوله فقام محمد بن مسلمة بفتح الميم واللام ابن سلمة بن خالد بن عدي ابن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس حليف لبني عبد الأشهل شهد بدرا والمشاهد كلها ومات بالمدينة في صفر سنة ثلاث وأربعين وقيل ست وأربعين وقيل سنة سبع وأربعين وهو ابن سبع وسبعين سنة وصلى عليه مروان بن الحكم وهو كان يومئذ أمير المدينة وكان من فضلاء الصحابة واستخلفه النبي على المدينة في بعض غزواته وقيل إنه استخلفه في غزوة قرقرة الكدر وقيل إنه استخلفه عام تبوك واعتزل الفتنة واتخذ سيفا من خشب وجعله في سفن وذكر أن رسول الله أمره بذلك ولم يشهد الجمل ولا صفين وأقام بالربذة قوله أتحب الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله فأذن لي أن أقول شيئا يعني مما يسر كعبا قوله قال قل أي قال النبي لمحمد بن مسلمة قل وفي رواية محمد بن إسحاق فقال يا رسول الله لا بد لنا أن نقول فقال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك قوله فأتاه أي أتى كعبا محمد بن مسلمة قوله إن هذا الرجل يعني النبي قوله قد سألنا بفتح الهمزة واللام فعل وفاعل ومفعول وصدقة بالنصب مفعول ثان وفي رواية الواقدي سألنا الصدقة ونحن لا نجد ما نأكل قوله وإنه أي وإن النبي قد عنانا بفتح العين المهملة وتشديد النون أي أتعبنا وكلفنا المشقة وقال الجوهري عني بالكسر يعني عناء أي تعب ونصب وعنيته أنا تعنية وتعنيته أنا فتعنى قوله قال وأيضا أي قال كعب وزيادة على ذلك قوله لتملنه بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد اللام والنون من الملالة ومعناه ليزيدن ملالتكم وضجركم عنه وفي رواية ابن إسحاق قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى جاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا فقال كعب بن الأشرف أما والله لقد أخبرتكم أن الأمر سيصير إلى هذا قوله أن ندعه أي نتركه قوله شأنه أي حاله وأمره قوله وسق الوسق وقر بعير وهو ستون صاعا بصاع النبي قوله أو وسقين شك من الراوي

(17/132)


وفي رواية عروة وأحب أن تسلفنا طعاما قال أين طعامكم قال أنفقناه على هذا الرجل وأصحابه قال ألم يأن لكم أن تعرفوا ما أنتم عليه من الباطل
قوله وحدثنا عمرو غير مرة قيل قائل هذا علي بن المديني وقال الكرماني أي قال سفيان حدثنا عمرو غير مرة أي مرارا وهذا هو الظاهر قوله أرى فيه أي أظن في الحديث قوله أرهنوني أي إدفعوا إلي شيئا يكون رهنا على التمر الذي تريدونه قوله وأنت أجمل العرب أي صورة والنساء يملن إلى الصور الحسان وفي رواية ابن سعد من مرسل عكرمة ولأنا منك وأي امرأة تمنع منك لجمالك وقال بعضهم قالوا ذلك تهكما قلت مرسل عكرمة يرد هذا قوله فيسب أحدهم بضم الياء على صيغة المجهول قوله اللامة بتشديد اللام وقد فسرها سفيان بأنها السلاح وقال غيره من أهل اللغة اللامة الدرع فعلى هذا إطلاق السلاح عليها من إطلاق اسم الكل على البعض وفي مرسل عكرمة ولكنا نرهنك سلاحنا مع علمك بحاجتنا إليه قال نعم قوله فجاءه ليلا أي فجاء محمد بن مسلمة كعبا في الليل والحال أن معه أبو نائلة بنون وبعد الألف ياء آخر الحروف ساكنة وقيل بالهمزة بعد الألف واسمه سلكان بكسر السين المهملة وسكون اللام ابن سلامة ابن وقش بن رغبة بن زعور بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي ويقال سلكان لقب واسمه سعد شهد أحدا وكان من الرماة المذكورين من أصحاب النبي وكان شاعرا قوله وكان أخاه من الرضاعة أي كان أبو نائلة أخا كعب من الرضاعة وذكر الواقدي أن محمد بن مسلمة أيضا كان أخاه من الرضاعة وزاد الحميدي في روايته وكانوا أربعة سمى عمرو منهم اثنين والاثنان الآخران عباد بن بشر والحارث بن أوس وقال ابن إسحاق فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة الأشهلي وعباد بن بشر بن وقش الأشهلي وأبو عبس بن جبر أخو بني حارثة والحارث بن أوس فهؤلاء خمسة
قوله وقال غير عمرو أي قال سفيان قال غير عمرو بن دينار المذكور وبين الحميدي في روايته عن سفيان أن الغير الذي أبهمه سفيان في هذه القصة هو العبسي قوله وأنه حدثه بذلك عن عكرمة مرسلا كأنه يقطر منه الدم كناية عن صوت طالب شر وخراب وقال ابن إسحاق لما انتهى هؤلاء إلى حصن كعب هتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب في ملحفة له فأخذت امرأته بناحيتها وقالت إلى أين في مثل هذه الساعة فقال إنه أبو نائلة لو وجدني نائما أيقظني فقالت والله إني لأعرف في صوته الشر فقال لها كعب لو دعي الفتى إلى طعنة لأجاب ثم نزل قوله فقال إذا ما جاء أي فقال محمد بن مسلمة إذا ما جاء كعب قوله فإني قائل بشعره أي فإني جاذب بشعره وقد استعملت العرب لفظ القول في موضع غيره من المعاني وأطلقوه على غير الكلام واللسان فيقول قال بيده أي أخذ وقال برجله أي مشى وقال بالماء على يده أي قلب وقال بثوبه أي رفعه وكل ذلك على المجاز والاتساع قوله ثم أشمكم بضم الهمزة من الإشمام أي أمكنكم من الشم قوله متوشحا نصب على الحال من الضمير الذي في نزل أي متلبسا بثوبه وسلاحه قوله وهو ينفح منه ريح الطيب جملة حالية و ينفح بالحاء المهملة معناه يفوح وريح الطيب بالرفع فاعل ينفح قوله ما رأيت كاليوم ريحا أي ما رأيت ريحا أطيب في يوم مثل هذا اليوم قوله قال غير عمرو أي قال سفيان قال غير عمرو بن دينار عندي أعطر نساء العرب وفي رواية أخرى عند أعطر سيد العرب وكان لفظ سيد تصحيفا من نساء فإن كانت محفوظة فالمعنى أعطر نساء سيد العرب على الحذف أو المراد شخص أو مصاحب أعطر من سيدهم قوله وأكمل العرب وفي رواية الإصيلي أجمل بالجيم بدل الكاف وهذا أشبه قوله دونكم أي خذوه بأسيافكم قوله فقتلوه وفي رواية عروة وضربه محمد بن مسلمة فقتله وأصاب ذباب السيف الحارث بن أوس وأقبلوا حتى إذا كانوا بجرف بعاث تخلف الحارث ونزف فلما افتقده أصحابه رجعوا فاحتملوه ثم أقبلوا سراعا حتى دخلوا المدينة وفي رواية الواقدي أن النبي تفل على جرح الحارث بن أوس فلم يؤذه وفي رواية ابن الكلبي فضربوه حتى برد وصاح عند أول ضربة واجتمعت اليهود فأخذوا على غير طريق أصحاب رسول الله ففاتوهم وفي مرسل عكرمة فأصبحت اليهود مذعورين فأتوا النبي فقالوا قتل سيدنا غيلة فذكر لهم النبي صنيعه وما كان يحرض عليه ويؤذي المسلمين وقال ابن سعد فخافوا ولم ينطقوا وذكر في ( كتاب شرف المصطفى ) أن الذين قتلوا كعب بن الأشرف حملوا رأسه في مخلاة إلى

(17/133)


المدينة فقيل إنه أول رأس حمل في الإسلام وقيل أول رأس حمل رأس عمرو بن الحمق وقيل رأس أبي عزة الجمحي الذي قال له النبي لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
16 -
( باب قتل أبي رافع )
أي هذا باب في بيان قتل أبي رافع اليهودي
عبد الله بن أبي الحقيق
عبد الله مجرور لأنه عطف بيان لأنه اسم أبي رافع وأبوه الحقيق بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى وسكون الياء آخر الحروف واسم أبي رافع عبد الله عند الهيثم وقيل الذي سماه عبد الله هو عبد الله بن أنيس وذلك فيما أخرجه الحاكم في ( الإكليل ) من حديثه مطولا وأوله أن الرهط الذين بعثهم رسول الله إلى عبد الله بن أبي الحقيق ليقتلوه هم عبد الله بن عتيك وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة وحليف لهم رجل من الأنصار قدموا خيبر ليلا فذكر الحديث
يقال سلام بن أبي الحقيق
أي يقال إسم أبي رافع سلام بفتح السين المهملة وتشديد اللام والقائل بهذا هو محمد بن إسحاق صاحب ( المغازي )
كان بخيبر
أي كان أبو رافع يسكن بخيبر بلد عنزة في جهة الشمال والشرق من المدينة على نحو ست مراحل وخيبر بلغة اليهود حصن وكان في صدر الإسلام دار بني قريظة والنضير
ويقال في حصن له بأرض الحجاز
أي يقال كان أبو رافع في حصن كان له بأرض الحجاز قال الواقدي الحجاز من المدينة إلى تبوك ومن المدينة إلى طريق الكوفة ومن وراء ذلك إلى أن يشارف أرض البصرة فهو نجد وما بين العراق وبين وجرة وغمرة الطائف نجد وما كان من وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز وقال المدائني الحجاز جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام وفيه المدينة وعمان وإنما سمي حجازا لأنه يحجز بين نجد وتهامة ومن المدينة إلى طريق مكة إلى أن يبلغ مهبط العرج حجاز أيضا وما وراء ذلك إلى مكة وجدة فهو تهامة وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز
وقال الزهري هو بعد كعب بن الأشرف
أي قال محمد بن مسلم الزهري قتل أبي رافع كان بعد قتل كعب بن الأشرف وقد ذكرنا أن قتل كعب بن الأشرف كان في رمضان سنة ثلاث وقال الواقدي كانت قصة أبي رافع في سنة ست وهو وهم وقيل في سنة خمس في ذي الحجة وقيل في سنة أربع وقيل في رجب سنة ثلاث وهذا التعليق وصله يعقوب بن سفيان في ( تاريخه ) عن حجاج بن أبي منيع عن جده عن الزهري
4038 - حدثني ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( يحيى بن آدم ) حدثنا ( ابن أبي زائدة ) عن أبيه عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال بعث رسول الله رهطا إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري ويحيى بن آدم بن سليمان الكوفي صاحب الثوري رحمه الله وابن أبي زائدة واسمه ميمون ويقال خالد الهمداني الكوفي القاضي وهو يروي عن أبيه زكريا وهو يروي عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي
والحديث مضى في الجهاد في باب قتل النائم

(17/134)


المشرك فإنه أخرجه هناك عن علي بن مسلم عن يحيى بن زكريا إلخ ومر الكلام فيه هناك ولنذكر هنا أيضا ما يحتاج إليه
قوله رهط الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين ولا يكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه ويجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الجمع وقد ذكرنا عن الحاكم آنفا أنهم كانوا أربعة منهم عبد الله بن عتيك بفتح العين المهملة وكسر التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف وبالكاف ابن مالك بن الأوس ويقال عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن زيد بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري استشهد عبد الله هذا يوم اليمامة قال أبو عمر وأظنه وأخاه جابر بن عتيك شهدا بدرا ولم يختلف أن عبد الله شهد أحدا وقال ابن الكلبي وأبوه أنه شهد صفين مع علي رضي الله تعالى عنه قال أبو عمر فإن كان فلم يقتل يوم اليمامة والله أعلم قوله بيته بفتح الموحدة وسكون الياء أي بيت أبي رافع وهو منصوب على المفعولية هذا في رواية الأكثرين وفي رواية السرخسي والمستملي ببيته بتشديد الياء آخر الحروف فعل ماض من التثبيت والجملة حالية بتقدير قد والتقدير دخل على أبي رافع عبد الله ابن عتيك قد بيت الدخول ليلا أي في الليل قوله وهو أي والحال أن أبا رافع نائم فقتله
4039 - حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار فأمر عليهم عبد الله بن عتيك وكان أبو رافع يؤذي رسول الله ويعين عليه وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم فقال عبد الله لأصحابه اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لعلي أن أدخل فأقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب فدخلت فكمنت فلما دخل الناس اغلق الباب ثم علق الأغاليق على وتد قال فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقت علي من داخل قلت إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت فقلت يا أبا رافع قال من هاذا فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهش مما أغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت إليه فقلت ما هاذا الصوت يا أبا رافع فقال لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف قال فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أري أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء

(17/135)


فقد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي فحدثته فقال لي ابسط رجلك فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط
هذا طريق آخر أخرجه مطولا وفيه بيان قصة أبي رافع و ( يوسف بن موسى ) بن رافع ويوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطان الكوفي سكن بغداد ومات بها سنة اثنين وخمسين ومائتين وهو من أفراده و ( عبيد الله بن موسى ) بن باذام أبو محمد العبسي الكوفي وهو أيضا شيخ البخاري روى عنه هنا بالواسطة و ( إسرائيل ) هو ابن يونس بن ( أبي إسحاق ) السبيعي يروي عن جده أبي إسحاق
قوله رجالا من الأنصار قد سمى منهم في هذا الباب عبد الله بن عتيك ومسعود بن سنان وعبد الله بن أنيس وأبا قتادة وخزاعى ابن أسود وإن كان عبد الله بن عتبة محفوظا فكانوا ستة وقد ترجمنا عبد الله بن عتيك وأما مسعود بن سنان فهو ابن سنان ابن الأسود حليف لبني غنم بن سلمة من الأنصار شهد أحدا وقتل يوم اليمامة شهيدا وعبد الله بن أنيس بضم الهمزة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة ابن أسعد بن حرام بن حبيب بن غنم بن كعب بن غنم بن تفاثة بن أياس بن يربوع بن فالبرك بن وبرة أخي كلب بن وبرة البرك بن وبرة دخل في جهينة وقال أبو عمر عبد الله بن أنيس الجهني ثم الأنصاري حليف بني سلمة وقيل هو من جهينة حليف للأنصار وقيل هو من الأنصار توفي سنة أربع وخمسين شهد أحدا وما بعدها وأبو قتادة الأنصاري فارس رسول الله اختلف في اسمه فقيل الحارث بن ربعي بن بلدهة وقيل بلدمة بن خناس بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي وقيل النعمان الربعي وقيل عمرو بن ربعي واختلف في شهوده بدرا فقال بعضهم كان بدريا ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق في البدريين وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد كلها وعن الشعبي أن عليا رضي الله تعالى عنه كبر على أبي قتادة ستا وكان بدريا وعنه أنه كبر عليه سبعا وكان بدريا وقال الحسن بن عثمان مات أبو قتادة سنة أربعين وشهد مع علي رضي الله تعالى عنه مشاهده كلها في خلافته ومات بالكوفة وهو ابن سبعين سنة وخزاعي بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وبالعين المهملة ابن أسود بن خزاعي الأسلمي حليف الأنصار ذكره الذهبي في تجريد أسماء الصحابة وقال قيل له صحبة ولم يذكره أبو عمر في الصحابة وقيل بالقلب أسود بن خزاعي وقيل أسود بن حرام ذكره في ( الإكليل ) في حديث عبد الله بن أنيس وكذا ذكره موسى بن عقبة في ( المغازي ) وذكر في ( دلائل البيهقي ) من طريق موسى بن عقبة على الشك هل هو أسود بن خزاعي أو أسود بن حرام وقال الذهبي في تجريد الصحابة ) الأسود بن خزاعي وقيل خزاعي بن أسود أحد من قتل ابن أبي الحقيق ذكره ابن إسحاق وهو أسلمي من حلفاء بني سلمة الأنصاريين وقال الذهبي أيضا الأسود بن أبيض استدركه أبو موسى قيل هو أحد من بيت ابن أبي الحقيق وأما عبد الله بن عتبة فبالعين المضمومة وسكون التاء المثناة من فوق وقال أبو عمر عبد الله بن عتبة أبو قيس الذكواني مدني وقال الذهبي قيل له صحبة وقال ابن الأثير في ( جامع الأصول ) إنه ابن عنبة بكسر العين وفتح النون وغلطه بعضهم بأنه خولاني لا أنصاري ومتأخر الإسلام وهذه القصة متقدمة وقال الذهبي عبد الله بن عتبة أبو عتبة الخولاني نزل مصر وقال بكر بن زرعة له صحبة وقد صلى القبلتين وسمع من النبي قوله فأمر عليهم بتشديد الميم من التأمير قوله وكان أبو رافع يؤذي رسول الله لأنه ممن أعان غطفان وغيرهم من مشركي العرب بالمال الكثير على رسول الله قوله وراح الناس بسرحهم أي رجعوا بمواشيهم التي ترعى والسرح بفتح السين المهملة وسكون الراء وبالحاء المهملة وهي السائمة من إبل وبقر وغنم قوله ثم تقنع بثوبه أي تغطى به ليخفي شخصه لئلا يعرف قوله فهتف به البواب أي ناداه وفي رواية فنادى صاحب الباب فإن قلت كيف قال البواب يا عبد الله فهذا يدل على أنه عرفه فلو عرفه لما مكنه من الدخول مع أنه كان مستخفيا منه قلت لم يرد به اسمه العلم بل الظاهر أنه أراد به المعنى الحقيقي لأن الكل عبيد الله قوله فكمنت أي اختبأت

(17/136)


وفي رواية يوسف ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن قوله ثم غلق الأغاليق وهو بالغين المعجمة جمع غلق بفتح أوله وهو ما يغلق به الباب والمراد بها المفاتيح كأنه كان يغلق بها ويفتح بها كذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره بالعين المهملة وفي ( التوضيح ) هو جمع إغليق وهو المفتاح قوله على وتد ويروى على ود وهو مدغم الوتد قاله الكرماني يعني قلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال وقال هي مسمرة على الباب فكيف تعلق على الوتد قلت يراد بها الأقاليد والإقليد كما يفتح به يغلق أيضا به قوله يسمر عنده على صيغة المجهول من المضارع أي يتحدثون عنده بعد العشاء وهو من السمر وهو الاقتصاص بالليل قوله في علالي جمع علية بضم العين المهملة وكسر اللام وتشديد الياء آخر الحروف وهي الغرفة وفي رواية ابن إسحاق وكان في علية له عجلة بفتح العين المهملة والجيم قال بعضهم هي سلم من الخشب وقال ابن الأثير العجلة من نخل ينقر الجذع ويحمل فيه شبه الدرج قوله نذروا بكسر الذال أي علموا وأصله من الإنذار وهو الإعلام بالشيء الذي يحذر منه وذكر ابن سعد أن عبد الله بن عتيك كان يرطن باليهودية فاستفتح فقالت له امرأة أبي رافع من أنت قال جئت أبا رافع بهديه ففتحت له قوله فأهويت نحو الصوت أي قصدت نحو صاحب الصوت وفي رواية يوسف فعمدت نحو الصوت قوله وأنا دهش جملة إسمية وقعت حالا ودهش أي تحير وهو بفتح الدال وكسر الهاء وفي آخره شين معجمة قوله فما أغنيت شيئا يقال ما يغني عنك أي ما يجدي عنك وما ينفعك حاصل المعنى لم أقتله قوله لأمك الويل دعاء عليه والويل مبتدأ و لأمك مقدما خبره قوله أثخنته أي أثخنت الضربة أبا رافع والحال أني لم أقتله أيضا قوله ظبه السيف وهو حرف حد السيف ويجمع على ظبات وظبين وأما الضبيب بفتح الضاد المعجمة وكسر الباء الموحدة الأولى على وزن رغيف فلا أدري له معنى يصح في هذا وإنما هو سيلان الدم من الفم يقال ضبت لثته ضبيبا وقال الخطابي هكذا يروى وما أراه محفوظا وقال عياض روى بعضهم الصبيب بالمهملة قال وأظن أنه الطرف قلت هو رواية أبي ذر وكذا ذكره الحربي وقال الكرماني لو كان بالذال المعجمة مصغر ذباب السيف وهو طرفه لكان ظاهرا وفي رواية يوسف فأضع السيف في بطنه ثم انكفىء عليه حتى أسمع صوت العظم قوله وأنا أرى بضم الهمزة أي أظن وذكر ابن إسحاق في روايته أنه كان سيء البصر قوله فانكسرت ساقي فوثبت يده قيل هو وهم والصواب رجله قوله قام الناعي بالنون والعين المهملة من النعي وهو خبر الموت والاسم الناعي قوله أنعي أبا رافع كذا ثبت في الروايات بفتح العين قال ابن التين هي لغة والمعروف أنعوا قوله النجاء بالنصب أي أسرعوا قوله فكأنها أي فكأن رجلي لم أشتكها من الشكاية
4040 - حدثنا ( أحمد بن عثمان ) حدثنا ( شريح ) هو ( ابن مسلمة ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف ) عن أبيه عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال بعث رسول الله إلى أبي رافع عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عتبة في ناس معهم فانطلقوا حتى دنوا من الحصن فقال لهم عبد الله بن عتيك امكثوا أنتم حتى أنطلق أنا فأنظر قال فتلطفت أن أدخل الحصن ففقدوا حمارا لهم قال فخرجوا بقبس يطلبونه قال فخشيت أن أعرف قال فغطيت رأسي ورجلي كأني أقضي حاجة ثم نادى صاحب الباب من أراد أن يدخل فليدخل قبل أن أغلقه فدخلت ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن عند أبي رافع وتحدثوا حتى ذهبت ساعة من الليل ثم رجعوا إلى بيوتهم فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركة خرجت قال ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن في كوة فأخذته ففتحت به باب الحصن قال قلت إن نذر بي القوم انطلقت على مهل ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم فغلقتها عليهم من ظاهر ثم

(17/137)


صعدت إلى أبي رافع في سلم فإذا البيت مظلم قد طفىء سراجه فلم أدر أين الرجل فقلت يا أبا رافع قال من هاذا قال فعمدت نحو الصوت فأضربه وصاح فلم تغن شيئا قال ثم جئت كأني أغيثه فقلت مالك يا أبا رافع وغيرت صوتي فقال ألا أعجبك لامك الويل دخل علي رجل فضربني بالسيف قال فعمدت له أيضا فأضربه أخرى فلم تغن شيئا فصاح وقام أهله قال ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث فإذا هو مستلق على ظهره فأضع السيف في بطنه ثم أنكفىء عليه حتى سمعت صوت العظم ثم خرجت دهشا حتى أتيت السلم أريد أن أنزل فأسقط منه فانخلعت رجلي فعصبتها ثم أتيت أصحابي أحجل فقلت لهم انطلقوا فبشروا رسول الله فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية فقال أنعى أبا رافع قال فقمت أمشي ما بي قلبة فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي فبشرتهم
هذا طريق آخر في حديث البراء أخرجه عن أحمد بن عثمان بن حكيم أبو عبد الله الكوفي عن شريح بضم الشين المعجمة ابن مسلمة الكوفي عن إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق وإبراهيم هذا يروي عن أبيه يوسف ويوسف يروي عن جده أبي إسحاق عمرو السبيعي عن البراء بن عازب ورجال هذا الأسناد كلهم كوفيون
قوله وعبد الله بن عتبة بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق وقد مر الكلام فيه عن قريب قوله بقبس أي شعلة من النار قوله فلما هدأت الأصوات كذا هو بالهمزة وذكر ابن التين بغير همز ثم قال وصوابه الهمز أي سكنت ونام الناس قوله فأضربه ذكر بلفظ المضارع مبالغة لاستحضار صورة الحال وإن كان ذلك قد مضى قوله فلم تغن أي لم تنفع شيئا قوله أغيثه بضم الهمزة من الإغاثة قوله وقام أهله وفي رواية ابن إسحاق فصاحت امرأته فنوهت بنا فجعلنا نرفع السيف عليها ثم نذكر نهي النبي عن قتل النساء فنكف عنها قوله ثم أنكفىء أي أنقلب عليه قوله فانخلعت رجلي وفي الرواية المتقدمة فانكسرت والتلفيق بينهما بأن يقال إنهما وقعا أو أراد من كل منهما مجرد اختلال الرجل قوله أحجل بالحاء المهملة ثم الجيم من الحجلان وهو مشي المقيد كما يحجل البعير على ثلاث والغلام على رجل واحدة قوله ما بي قلبة بفتح القاف واللام أي تقلب واضطرب من جهة الرجل فإن قلت سبق أنه قال فمسحها فكأنها لم أشتكها قلت لا منافاة بينهما إذ لا يلزم من عدم التقلب عودها إلى حالتها الأولى وعدم بقاء الأثر فيها
17 -
( باب غزوة أحد )
أي هذا باب في بيان غزوة أحد وليس في رواية أبي ذر لفظة باب وكانت غزوة أحد في شوال سنة ثلاث يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت منه عند ابن عائذ وعند ابن سعد لسبع ليال خلون منه على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة وقال إسحاق للنصف منه وعند البيهقي عن مالك كانت بدر لسنة ونصف من الهجرة وأحد بعدها بسنة وفي رواية كانت على أحد وثلاثين شهرا وأحد جبل من جبال المدينة على أثل من فرسخ منها سمي أحد لتوحده وانقطاعه عن جبال أخر هناك وقال السهيلي وفيه قبر هارون بن عمران وبه قبض وكان هو وأخوه موسى عليهما الصلاة والسلام مرا به حاجين أو معتمرين وفي الآثار المسندة أنه يوم القيامة عند باب الجنة من داخلها وفي بعضها أنه ركن لبابها ذكره ابن سلام في ( تفسيره ) وفي ( المسند ) من حديث أبي عيسى بن جبير مرفوعا أحد جبل يحبنا ونحبه وكان على باب الجنة وقال السهيلي ويقال لأحد ذو عينين وعينان تثنية عين جبل بأحد وهو الذي قام عليه إبليس عليه اللعنة ويوم أحد وقال إن سيدنا رسول الله قد قتل وبه أقام رسول الله الرماة يوم أحد

(17/138)


وقول الله عز و جل وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ( آل عمران 121 ) وقوله جل ذكره ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ( آل عمران 139 143 ) وقوله ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم تستأصلونهم قتلا بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ( آل عمران 152 ) وقوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ( 169 ) الآية
هذه الآيات كلها في سورة آل عمران وكلها تتعلق بوقعة أحد وقال إبن إسحاق أنزل الله في شأن أحد ستين آي من آل عمران وروى ابن أبي حاتم من طريق المسور بن مخرمة قال قلت لعبد الرحمن بن عوف أخبرني عن قصتكم يوم أحد قال إقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجدها وإذا غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال ( آل عمران121 ) إلى قوله أمنة نعاسا ( آل عمران 154 )
قوله وقول الله عز و جل بالجر عطفا على قوله غزوة أحد قوله وإذ غدوت تقديره أذكر يا محمد حين غدوت أي حين خرجت أول النهار من حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها واختلف في هذا اليوم الذي عنى الله به فعند الجمهور المراد به يوم أحد قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغير واحد وعن الحسن البصري المراد بذلك يوم الأحزاب رواه ابن جرير وهو غريب لا يعول عليه وقيل يوم بدر وهو أيضا لا يعول عليه وكانت وقعة أحد يوم السبت من شوال سنة ثلاث من الهجرة وقال قتادة لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال وقال عكرمة يوم السبت النصف من شوال وقال ابن إسحاق وكانت إقامة رسول الله بعد قدومه من غزوة الفرع من نجران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وشهر رمضان وغزوة قريش وغزوة أحد في شوال سنة ثلاث وقال البلاذري لتسع خلون من شوال وقال مالك كانت الوقعة أول النهار وهي التي أنزل الله فيها وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال ( آل عمران 121 ) الآيات قوله تبوىء المؤمنين أي تنزلهم مقاعد أي منازل وتجعلهم ميمنة وميسرة وقال الزمخشري مقاعد أي مواطن ومواقف وقرىء مقاعدا بالتنوين قوله للقتال أي لأجل القتال مع المشركين من قريش وغيرهم وكانوا قريبا من ثلاثة آلاف ونزلوا قريبا من أحد تلقاء المدينة وكان قائدهم أبا سفيان ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة وكان خالد بن الوليد على ميمنة خيلهم وعكرمة بن أبي جهل على ميسرتهم وقال ابن سعد وجعلوا على الخيل صفوان بن أمية وقيل عمرو بن العاص وعلى الرماة عبد الله بن أبي ربيعة وكانوا مائة وفيهم سبعمائة ذراع والظعن خمسة عشر وقال ابن هشام لما خرج رسول الله والمسلمون يوم أحد استعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس وقال موسى بن عقبة كانوا ألف رجل فلما نزل بأحد رجع عنه عبد الله بن أبي بن سلول في ثلاثمائة فبقي رسول الله في سبعمائة قال البيهقي هذا هو المشهور عند أهل المغازي قال و المشهور عن الزهري أنهم بقوا في أربعمائة مقاتل ولم يكن معهم فرس واحد وكان مع المشركين مائة فرس وقال الواقدي وكان مع رسول الله فرسان فرس له وفرس لأبي بردة وأمر رسول الله على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وهم خمسون رجلا وقال لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال ثم جرى ما ذكره أهل السير قوله والله سميع عليمأي سميع بما تقولون عليم بضمائركم قوله وقوله جل ذكره بالجر أيضا عطفا على قول الله عز و جل قوله ولا تهنوا أي

(17/139)


لا تضعفوا بسبب ما جرى وهذا تسلية من الله لرسوله وللمؤمنين عما أصابهم يوم أحد وأصل لا تهنوا توهنوا حذفت الواو طردا للباب لأنها حذفت في يهن أصله يوهن لوقوع الواو بين الياء والكسرة والوهن الضعف يقال وهن يهن بالكسر في المضارع ويستعمل وهن لازما ومتعديا قال تعالى وهن العظم مني ( مريم 4 ) وفي الحديث وهنتهم حمى يثرب وقال الفراء يقال وهنه الله وأوهنه زاد غيره ووهنه قوله ولا تحزنوا أي على ظهور أعدائكم وما فاتكم من الغنيمة وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين وهم حمزة ومصعب بن عمير صاحب راية النبي وعبد الله بن جحش ابن عمة النبي وعثمان بن شماس وسعد مولى ابن عتبة ومن الأنصار سبعون رجلا قوله وأنتم الأعلون وهو جمع أعلى أي بالحجة في الدنيا والآخرة ولكم الغلبة فيما بعد قوله إن كنتم مؤمنين أي إذا كنتم وقيل إذ دمتم على الإيمان في المستقبل قوله إن يمسكم قرح الآية قال راشد بن سعد انصرف النبي يوم أحد كئيبا وجعلت المرأة تجىء بابنها وأبيها وزوجها مقتولين فقال أهكذا تفعل برسولك فأنزل الله تعالى هذه الآية ويقال أقبل علي رضي الله تعالى عنه يومئذ وفيه نيف وستون جراحة من طعنة وضربة ورمية فجعل يمسحها بيده وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن قوله إن يمسسكم من المس وهو الإصابة والقرح بالفتح الجراح واحدتها قرحة وبالضم اسم الجراح وبفتح الراء مصدر قرح يقرح وقال الكسائي القرح بالفتح والضم واحد أي الجراح وقال الفراء هو بالفتح مصدر قرحته فهو نفس الجراح وبالضم الألم وقال أبو البقاء بضم القاف والراء على الاتباع والمعنى والله أعلم لا تحزنوا إن أصابكم جرح يوم أحد فقد أصاب المشركين مثله يوم بدر ومع هذا إن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار قوله وتلك الأيام تلك مبتدأ والأيام خبره ونداولها في موضع الحال والعامل فيها معنى الإشارة ويجوز أن يكون الأيام بدلا أو عطف بيان ونداولها الخبر والمعنى لا تهنوا فالحرب سجال وأنا أداول الأيام بين الناس فأديل الكافر من المؤمن تغليظا للمحنة والابتلاء ولو كانت الغلبة للمؤمنين لصاروا كالمضطرين ويقال نديل عليكم الأعداء تارة وإن كانت العاقبة لكم لما لنا في ذلك من الحكم ولهذا قال وليعلم الله الذين آمنوا ( آل عمران 140 ) قال ابن عباس في مثل هذا لنرى من يصبر على مناجزة الأعداء قوله ويتخذ منكم أي وليتخذ منكم شهداء يعني نكرم ناسا منكم بالشهادة يعني المستشهدين يوم أحد وليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة وقال ابن جريج كان المسلمون يقولون ربنا أرنا يوما كيوم بدر نلتمس فيه الشهادة فاتخذ الله منهم شهداء يوم أحد قوله والله لا يحب الظالمين أي المشركين قوله وليمحص الله الذين آمنوا معطوف على قوله وليعلم الله والتمحيص الطهير والتصفية وقيل التمحيص الابتلاء والاختبار والمعنى ليكفر الله عن المؤمنين ذنوبهم إن كانت لهم ذنوب وليرفع لهم درجات بحسب ما أصيبوا به قوله ويمحق الكافرين أي يهلكهم وقيل ينقصهم ويقللهم يقال محق الله الشيء وامتحق وانمحق قوله أم حسبتم كلمة أم منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار والمعنى أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا بالقتال والشدائد كما دخل الذين قتلوا وثبتوا على ألم الجراح قوله ولما يعلم الله كلمة لما بمعنى لم إلا أن فيه ضربا من التوقع فدل على نفي الجهاد فيما مضى وعلى توقعه فيما يستقبل قوله ويعلم الصابرين قال الزجاج الواو هنا بمعنى حتى أي حتى يعلم صبرهم وقرأ الحسن بكسر الميم عطفا على الأول ومنهم من قرأ بالضم على تقدير وهو يعلم وحاصل المعنى لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تبتلوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقارعة الأعداء قوله ولقد كنتم تمنون الموت قال ابن عباس لما أخبر الله تعالى على لسان نبيه ما فعل بشهدائهم يوم بدر من الكرامة رغبوا في ذلك فأراهم يوم أحد فلم يلبثوا أن انهزموا فنزلت هذه الآية أي ولقد كنتم تمنون الموت ( آل عمران 143 ) أي القتال من قبل أن تلقوه يوم أحد فقد رأيتموه يومئذ وأنتم تنظرون يعني الموت في لمعان السيوف وحد الأسنة واشتباك الرماح وصفوف الرجال للقتال فكيف انهزمتم فإن قلت كيف جاز تمني الشهادة وفيه غلبة الكفار على المسلمين قلت لأن غرض المتمني ليس إلا

(17/140)


حصول الشهادة مع قطع النظر عن غلبة الكفار وإن كان متضمنا لها قوله ولقد صدقكم الله وعده قال محمد بن كعب لما رجع النبي وأصحابه من أحد إلى المدينة قال قوم منهم من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر فنزلت هذه الآية قال المفسرون وعدهم الله النصر بأحد فلما طلبوا الغنيمة هزموا قوله إذ تحسونهم بإذنه أي حين تقتلونهم قتلا ذريعا بإذنه أي بأمره وتيسيره ويقال سنة حسوس إذا أتت على كل شيء وجراد محسوس إذا قتله البرد قوله حتى إذا فشلتم أي جبنتم وضعفتم يقال فشل الرجل يفشل فهو فشيل وفيه تقديم وتأخير أي حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم وقيل حتى بمعنى إلى وحينئذ لا جواب أي صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم وتنازعتم أي اختلفتم وكان ذلك في أول الأمر لما انهزم المشركون قال بعض الرمات الذين كانوا عند المركز ما مقامنا هنا قد انهزم القوم وقال بعضهم لا تجاوزوا أمر رسول الله فثبت عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر يسير دون العشرة وانطلق الباقون ينتهبون فلما نظر خالد بن الوليد وعكرمة ابن أبي جهل ذلك حملوا على الرماة فقتلوا عبد الله وأصحابه وأقبلوا على المسلمين قوله عصيتم أي بترك المركز قوله من بعد ما أراكم ما تحبون من النصر والظفر بهم قوله منكم من يريد الدنيا أي الغنيمة ومنكم من يريد الآخرة وهم الذين ثبتوا في المركز قوله ثم صرفكم عنهم أي ردكم عن المشركين بهزيمتكم وردهم عليكم ليختبركم ويمنحكم قوله ولقد عفا عنكم أي عن ذنبكم بعصيان رسول الله والانهزام وقال ابن جريج ولقد عفا عنكم بأن لم يستأصلكم وكذا قال محمد بن إسحاق رواه ابن جرير قوله والله ذو فضل على المؤمنين قيل إذا عفا عنهم وقيل إذا لم يقتلوا جميعا قوله ولا تحسبن الذين قتلوا الآية نزلت في شهداء أحد وروى مسلم من طريق مسروق قال سألنا عبد الله بن مسعود عن هؤلاء الآيات قال إنا قد سألنا عنها فقيل لنا إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها الحديث وعن ابن عباس فيما رواه أحمد أنه قال لما أصيب إخواننا بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا في الجنة نرزق لئلا يزهدوا عن القتال فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله هذه الآية وقيل نزلت في شهداء بدر وقيل في شهداء بئر معونة وقيل غير ذلك وروى أحمد من حديث ابن عباس أيضا قال قال رسول الله الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا وقال ابن كثير في ( تفسيره ) وكان الشهداء أقسام منهم من تسرح أرواحهم في الجنة ومنهم من يكون على هذا النهر بباب الجنة وقد يحتمل أن ينتهي سيرهم إلى هذا النهر فيجتمعون هنالك ويغدى عليهم رزقهم هناك ويراح والله أعلم
4041 - حدثنا ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال قال النبي يوم أحد هاذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب ( انظر الحديث 3995 )
هذا الحديث غير واقع في محله هنا لأنه تقدم في باب شهود الملائكة بدرا بسنده ومتنه وفيه قال ولهذا لم يذكره هنا أبو ذر ولا غيره من متقني رواة البخاري ولا استخرجه الإسماعيلي ولا أبو نعيم ولم يقع هذا إلا في رواية أبي الوقت والأصيلي وهو وهم وعبد الوهاب هو الثقفي وخالد هو الحذاء
4042 - حدثنا ( محمد بن عبد الرحيم ) أخبرنا ( زكرياء بن عدي ) أخبرنا ( بن المبارك ) عن ( حيوة ) عن ( يزيد بن أبي حبيب ) عن ( أبي الخير ) عن ( عقبة بن عامر ) قال صلى رسول الله على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال إني بين

(17/141)


أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولاكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه من جملة أمور غزوة أحد ومحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى كان يقال له صاعقة وزكريا بن عدي أبو يحيى الكوفي وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك المروزي وحيوة هو ابن شريح الحضرمي الكندي المصري أبو زرعة مات سنة تسع خمسين ومائة ويزيد بن أبي حبيب واسمه سويد ويكنى يزيد بأبي رجاء المصري وأبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله
والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب الصلاة على الشهيد فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك قال الكرماني فإن قلت فما قول الشافعية حيث لا يصلون عليه أي على الشهيد قلت تقدم أيضا ثمة أنه لم يصل على أهل أحد فلا بد من التوفيق بينهما بأن تحمل الصلاة على المعنى اللغوي أي دعا لهم بدعاء الميت انتهى قلت حفظ شيئا وغابت عنه أشياء فكيف تحمل الصلاة على المعنى اللغوي وفي رواية للبخاري ومسلم في حديث عقبة بن عامر أن النبي خرج يوما فصلى على شهداء أحد صلاته على الميت ثم انصرف ويقول الحنفية جاء عن ابن عباس وابن الزبير وعقبة بن عامر وعكرمة وسعيد بن المسيب والحسن البصري ومكحول والثوري والأوزاعي والمزني وأحمد في رواية واختارها الخلال
4043 - حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله تعالى عنه قال لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله وقال لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا فلما لقينا هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة فقال عبد الله بن جبير عهد إلي النبي أن لا تبرحوا فأبوا فلما أبوا صرف وجوههم فأصيب سبعون قتيلا وأشرف أبو سفيان فقال أفي القوم محمد فقال لا تجيبوه فقال أفي القوم ابن أبي قحافة قال لا تجيبوه فقال أفي القوم ابن الخطاب فقال إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا فلم يملك عمر نفسه فقال كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يحزنك قال أبو سفيان أعل هبل فقال النبي أجيبوه قالوا قالوا ما نقول قال قولوا الله أعلى وأجل قال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي أجيبوه قالوا ما نقول قال قولوا الله مولانا ولا مولى لكم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر والحرب سجال وتجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( عبيد الله بن موسى ) بن باذام أبو محمد الكوفي و ( إسرائيل ) هو ابن يونس بن ( أبي إسحاق ) يروي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي والحديث من أفراده
قوله يومئذ أي يوم أحد قوله من الرماة بضم الراء جمع رام وفي حديث زهير وكانوا خمسين رجلا قوله وأمر بتشديد الميم من التأمير قوله عبد الله هو ابن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة ابن النعمان بن أمية بن امرىء القيس اسمه البرك بن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأنصاري شهد العقبة ثم شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا قال أبو عمر لا أعلم له رواية عن النبي وهو

(17/142)


أخو خوات بن جبير بن النعمان لأبيه وأمه قوله إن ظهرنا أي غلبناهم قوله وإن رأيتموهم ظهروا علينا وفي رواية زهير وإن رأيتمونا تخطفنا الطير وفي حديث ابن عباس رواه أحمد والطبراني والحاكم أن النبي أقامهم في موضع ثم قال لهم إحموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا قوله يشتددن كذا هو في رواية الأكثرين بفتح أوله وسكون الشين المعجمة وفتح التاء المثناة من فوق وبعدها دال مكسورة ثم أخرى ساكنة أي يسرعن المشي يقال اشتد في مشيه إذا أسرع وكذا في رواية الكشميهني وفي رواية زهير وله رواية أخرى هنا يسندن بضم أوله وسكون السين المهملة بعدها نون مكسورة ودال مهملة أي يصعدن يقال أسند في الجبل يسند إذا صعد وفي رواية الباقين يشددن بفتح أوله وسكون الشين المعجمة وضم الدال الأولى وسكون الثانية وقال عياض وقع للقابسي في الجهاد يسندن وكذا لابن السكن فيه وفي الفضائل وعند الأصيلي والنسفي يشدن بمعجمة ودال واحدة وفي أبي داود يصعدن قوله رفعن عن سوقهن ويروى يرفعن والسوق جمع ساق وذلك ليعينهن ذلك على سرعة الهروب قوله قد بدت أي ظهرت خلاخلهن وهو جمع خلخال كما أن الخلاخيل جمع خلخال وهما بمعنى واحد قوله الغنيمة بالنصب أي خذوا الغنيمة وقد ظهر أصحابكم فما تنتظرون وفي رواية زهير فقال عبد الله أنسيتم ما قال لكم رسول الله قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة قوله فلما أبوا صرف وجوههم أي تحيروا فلم يدروا أن يذهبون وأين يتوجهون قوله فأصيب سبعون قتيلا ولم يكن في عهده ملحمة هي أشد ولا أكثر قتلى من أحد قوله وأشرف أبو سفيان أي اطلع أبو سفيان بن حرب رئيس المشركين يومئذ قوله أفي القوم الهمزة فيه للاستفهام للاستعلام قوله أبقى الله عليك ما يحزنك بالحاء المهملة والزاي والنون من الحزن ويروى ما يخزيك بضم الياء وسكون الخاء المعجمة وكسر الزاي من الخزي قوله أعل هبلأعل أمر من علا يعلو و هبل بضم الهاء وتخفيف الباء الموحدة اسم صنم كان في الكعبة وهو منادى حذف منه حرف النداء أي يا هبل قال ابن إسحاق معناه ظهر دينك وقال السهيلي معناه زد علوا وفي ( التوضيح ) أي ليرتفع أمرك ويعز دينك فقد غلبت قلت كل هذا ليس معناه الحقيقي ولكن في الواقع يرجع معناه إلى معناه إلى هذه المعاني قال الكرماني ما معنى أعل ولا علو في هبل ثم أجاب بقوله هو بمعنى العلى أو المراد أعلى من كل شيء انتهى قلت ظن أنه أعلى هبل على وزن أفعل التفضيل فلذلك سأل بما سأل وأجاب بما أجاب وهو واهم في هذا والصواب ما ذكرناه قوله العزى وهو تأنيث الأعز بالزاي وهو اسم صنم لقريش ويقال العزى سمرة كانت غطفان يعبدونها وبنوا عليها بيتا وأقاموا لها سدنة فبعث إليها رسول الله خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه فهدم البيت وأحرق السمرة وهو يقول
( يا عزى كفرانك لا سبحانك
إني رأيت الله قد أهانك )
قوله الله مولانا ولا مولى لكم أي الله ناصرنا ولا ناصر لكم قوله يوم بيوم بدر أي هذا يوم بمقابلة يوم بدر لأن في بدر قتل منهم سبعون وفي أحد قتلوا سبعين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قوله والحرب سجال يعني ساجلة يعني متداولة يوم لنا ويوم علينا قوله وتجدون وفي رواية الكشميهني وستجدون قوله مثلة بضم الميم على وزن فعلة من مثل إذا قطع وجذع كما فعلوا بحمزة رضي الله تعالى عنه قال إبن إسحاق حدثني صالح بن كيسان قال خرجت هند والنسوة معها يمثلن بالقتلى يجذعن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من ذلك خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها أي اللاتي كن عليها لوحشي جزاء له على قتل حمزة رضي الله تعالى عنه وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها قوله لم آمر بها أي بالمثلة وفي رواية إبن إسحاق والله ما رضيت وما سخطت وما نهيت وما أمرت وفي حديث ابن عباس ولم يكن ذلك عن رأس سراتتا ثم أدركته حمية الجاهلية أما أنه إذ كان لم يكرهه قوله ولم تسؤني أي والحال أن المثلة التي فعلوها لم تسؤني وإن كنت ما أمرت
4044 - أخبرني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) عن ( جابر ) قال اصطبح الخمر يوم أحد

(17/143)


ناس ثم قتلوا شهداء ( انظر الحديث 2815 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار والحديث مضى في الجهاد عن علي بن عبد الله في باب فضل قول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا ( آل عمران 169 ) قوله اصطبح الخمر أي شربه صبوحا والحديث دل على أن تحريم الخمر إنما كان بعد أحد
4045 - حدثنا ( عبدان ) حدثنا ( عبد الله بن المبارك ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( سعد بن إبراهيم ) عن أبيه ( إبراهيم ) أن عبد الرحمان بن عوف أتي بطعام وكان صائما فقال قتل مصعب بن عمير وهو خير مني كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدت رأسه وأراه قال وقتل حمزة وهو خير مني ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام
مطابقته للترجمة في قوله قتل مصعب بن عمير وفي قوله وقتل حمزة رضي الله تعالى عنه وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي وسعد بن إبراهيم بن ( عبد الرحمن بن عوف ) والحديث مضى في الجنائز في باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد فإنه أخرجه هناك عن محمد بن مقاتل عن عبد الله إلخ ومضى الكلام فيه هناك
قوله بطعام وفي رواية نوفل بن إياس كان خبزا ولحما أخرجه الترمذي في الشمائل قوله وهو صائم وذكر أبو عمر أن ذلك كان في مرض موته قوله وهو خير مني لعله قال ذلك تواضعا ويحتمل أن يكون ذلك قبل استقرار الأمر من تفضيل العشرة على غيرهم قوله ثم بسط لنا أشار بذلك إلى ما حصل من الفتوحات والغنائم قوله حتى ترك الطعام وفي رواية أحمد عن غندر عن شعبة وأحسبه لم يأكله
4036 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) سمع ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال قال رجل للنبي يوم أحد أرأيت إن قتلت فأين أنا قال في الجنة فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار
والحديث أخرجه مسلم في الجهاد عن سعيد بن عمرو وسويد بن سعيد وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن منصور
قوله قال رجل زعم ابن بشكوال أنه عمير بن الحمام بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم قال صاحب ( التوضيح ) أيضا إنه عمير بن الحمام بن الجموح بن زيد الأنصاري وليس في الصحابة عمير بن الحمام سواء وهو قد تبع في ذلك صاحب ( التلويح ) وقيل وقع التصريح في حديث أنس بأن ذلك كان يوم بدر وهنا التصريح بأنه يوم أحد فالظاهر أنهما قضيتان وقعتا لرجلين وهذا هو الصواب
4047 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( الأعمش ) عن ( شقيق ) عن ( خباب ) رضي الله تعالى عنه قال هاجرنا مع رسول الله نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله ومنا من مضى أو ذهب لم يأكل من أجره شيئا كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطي بها رجلاه خرج رأسه فقال لنا النبي غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر أو قال ألقوا على رجله الإذخر ومنا من قد

(17/144)


أينعت له ثمرته فهو يهدبها
مطابقته للترجمة في قوله كان منهم مصعب بن عمير الخ وزهير هو ابن معاوية والأعمش هو سليمان وشقيق هو ابن سلمة وخباب هو ابن الأرت والحديث مضى في الجنائز في باب إذا لم يجد كفنا فإنه أخرجه هناك عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش إلخ ومضى الكلام فيه هناك قوله يهدبها من هدب الثمرة إذا اجتناها واخترف منها
4048 - أخبرنا ( حسان بن حسان ) حدثنا ( محمد بن طلحة ) حدثنا ( حميد ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن عمه غاب عن بدر فقال غبت عن أول قتال النبي لئن أشهدني الله مع النبي ليرين الله ما آجد فلقي يوم أحد فهزم الناس فقال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما جاء به المشركون فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ فقال أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد فمضى فقتل فما عرف حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم ( انظر الحديث 2805 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وحسان بن حسان ويقال له حسان بن أبي عباد أو علي البصري سكن مكة وهو من شيوخ البخاري القدماء روى عنه هنا وفي العمرة ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين ومحمد بن طلحة بن مصرف على وزن اسم الفاعل من التصريف الهمداني اليامي وحميد هو الطويل
والحديث مضى في الجهاد في باب قول الله تعالى من المؤمنين رجال ( الأحزاب 23 ) فإنه أخرجه هناك من طريقين بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك
قوله أن عمه وهو أنس بن النضر بسكون الضاد المعجمة قوله عن بدر أي عن غزوة بدر قوله عن أول قتال النبي أراد به أول القتالات العظيمة وليس المراد به أول الغزوات قوله ليرين الله بفتح الياء آخر الحروف والراء والياء أيضا وتشديد النون وهو فعل مضارع مؤكد باللام والنون الثقيلة ولفظة الله بالرفع فاعله قوله ما أجد بفتح الهمزة وكسر الجيم وتشديد الدال قال بعضهم هو من الرباعي يقال أجد في الشيء يجد إذا بالغ فيه قلت قوله من الرباعي ليس باصطلاح أهل الصرف بل هو مضاعف من الثلاثي المزيد فيه وهو هكذا رواية الأكثرين وقال ابن التين صوابه بفتح الهمزة وضم الجيم يقال جد يجد إذا اجتهد في الأمر وأما أجد فإنما يقال لمن سار في أرض مستوية ولا معنى له ههنا قال وضبطه بعضهم بفتح الهمزة وكسر الجيم وتخفيف الدال من الوجد أي ما ألقى من الشدة في القتال قوله فهزم الناس على صيغة المجهول قوله فقال أين يا سعد ويروى أي سعد يعني يا سعد قوله إني أجد ريح الجنة كناية عن شدة قتاله في ذلك اليوم المؤدي إلى استشهاده المؤدي إلى الجنة وقيل يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما كان يعهده فعرف أنها ريح الجنة وفيه نظر لا يخفى قوله دون أحد أي عند أحد قوله فمضى قيل فيه حدف أي فمضى إلى القتال وقاتل قتالا شديدا قوله بشامة وهي الخال قوله أو ببنانه شك من الراوي وهو بنان الأصبع وهو المشهور وكذا وقع في رواية ثابت عن أنس عند مسلم قوله وبه أي وبأنس بن النضر والواوان في وضربته ورميته للتنويع والتقسيم يدل عليه رواية عبد الأعلى بلفظ ضربة بالسيف أو طعنة بالرمح أو رمية بالسهم وليست كلمة أو للشك
4049 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) حدثنا ( ابن شهاب ) أخبرني ( خارجة بن زيد بن ثابت ) أنه سمع ( زيد بن ثابت ) رضي الله تعالى عنه يقول فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف كنت أسمع رسول الله يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا

(17/145)


الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ( الأحزاب 23 ) فألحقناها في سورتها في المصحف
مطابقته للترجمة من حيث أن في هذه الآية ومنهم من قضى نحبه ( الأحزاب 23 ) 0 إنما قضوه في أحد منهم أنس بن النضر المذكور في الحديث السابق ونزولها في أنس بن النضر ونظائره من شهداء أحد رضي الله تعالى عنهم
وإبراهيم بن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وابن شها هو محمد بن مسلم الزهري وخارجة ضد الداخلة ابن زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري الأنصاري
والحديث مضى في الجهاد في باب قول الله تعالى من المؤمنين رجال ( الأحزاب 23 ) فإنه أخرجه هناك من طريقين ومضى الكلام فيه هناك
قوله فالتمسناها أي طلبناها قوله مع خزيمة بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي قوله ما عاهدوا الله المعاهدة كانت ليلة العقبة على الإسلام والنصرة وقيل على أن لا يفروا لأنهم كانوا لم يشهدوا بدرا قوله نحبه النحب الحاجة أي سهم من قضى عهده وحاجته ومنهم من ينتظر أن يقضيه بقتال وصدق لقاء وقيل من مضى نذره وأصل النحب النذر فاستعير مكان الأجل لأنه وقع بالنحب وكان هو سببا له وكان رجال حلفوا بعد بدر لئن لقوا العدو ليقاتلن حتى يستشهدوا ففعلوا فقتل بعضهم وبعضهم ينتظر ذلك وآخر الآية وما بدلوا تبديلا ( الأحزاب 23 ) أي ما غيروا العهد الذي عاهدوا ربهم عليه من الصبر وعدم الفرار قوله فألحقناها في سورتها أي فألحقنا الآية المذكورة في سورتها وهي الأحزاب قال الكرماني فإن قلت كيف جاز إلحاق الآية بالمصحف بقول واحد أو اثنين وشرط كونه قرآنا التواتر قلت كان متواترا عندهم وإنما فقدوا مكتوبيتها فما وجدها مكتوبة إلا عنده وفيه أن الآيات كان لها في حياة رسول الله مقامات مخصوصة من السور
4050 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عدي بن ثابت ) قال سمعت ( عبد الله بن يزيد ) يحدث عن ( زيد بن ثابت ) رضي الله تعالى عنه قال لما خرج النبي إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه وكان أصحاب النبي فرقتين فرقة تقول نقاتلهم وفرقة تقول لا نقاتلهم فنزلت فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ( النساء 88 ) وقال إنها طيبة تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الفضة ( انظر الحديث 1884 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك وعبد الله بن يزيد من الزيادة هو الخطمي صحابي صغير والحديث مر في فضل المدينة في باب المدينة تنفي الخبث فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن شعبة إلخ
قوله رجع ناس أراد به عبد الله بن أبي بن سلول ومن معه فإنه رجع بثلث الناس وقد مر بيانه هناك وعن قريب أيضا قوله وكان أصحاب النبي فرقتين يعني في الحكم فيمن انصرف مع عبد الله بن أبي قوله فنزلت أي هذه الآية فما لكم في المنافقين الآية هذا هو الأصح في سبب نزولها وقيل سبب نزولها في الذين تشاتموا حين قال عبد الله بن أبي لرسول الله لا تؤذينا برائحة حمارك وقال زيد بن أسلم عن ابن أسعد بن معاذ أنها نزلت في تقول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أبي حين استعذر منه رسول الله على المنبر في قضية الإفك وهذا غريب قوله والله أركسهم أي ردهم وأوقعهم في الخطأ قال ابن عباس أركسهم أي أوقعهم وقال قتادة أهلكهم قوله بما كسبوا أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول وأتباعهم الباطل قوله إنها أي المدينة وهو حديث آخر جمعهما الراوي وقد مر في الحج قوله تنفي المراد من النفي الإظهار والتمييز من الذنوب أصحابها قوله خبث الفضة الخبث بفتحتين ما تلقيه النار من وسخ الفضة والنحاس وغيرهما إذا أذيبت
18 -
( باب )
أي هذا باب وقد مر غير مرة أن لفظة باب إذا ذكر مجردا عن الترجمة يكون كالفعل لما قبله وههنا غير مجرد لأنه أضيف إلى قوله إذا همت فتكون الآية ترجمة فافهم

(17/146)


إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( آل عمران 122 )
إذ همت بدل من إذ غدوت قال الزمخشري أو عمل فيه معنى سميع عليم والطائفتان حيان من الأنصار بنو سلمة بفتح السين وكسر اللام من الخزرج و بنو حارثة من الأوس وهما الجناحان وقد ذكرنا أن رسول الله خرج يوم أحد في ألف وقيل في تسعماية وخمسين والمشركون في ثلاثة آلاف ووعدهم الفتح إن صبروا فانخذل عبد الله بن أبي بثلث الناس ثم هاتان الطائفتان همتا أن تفشلا أي يتجنبا ويتخلفا عن النبي ويذهبا مع عبد الله بن أبي ولكن الله عصمهما فلم ينصرفوا ومضوا مع النبي فذكرهم الله تعالى نعمته بعصمته فقال إذ همت طائفتان ( آل عمران 122 ) وألهم تعلق الخاطر بماله قدر والفشل الجبن والخور ولكن لم يكن همهما عزما فلذلك قال الله والله وليهما ( آل عمران 122 ) أي ناصرهما قال الزمخشري الله ناصرهما ومتولى أمرهما فما لهما يفشلان ولا يتوكلان على الله
4051 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) عن ( ابن عيينة ) عن ( عمرو ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه قال نزلت هذه الآية فينا إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ( آل عمران 122 ) بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول والله وليهما ( آل عمران 122 ) ( الحديث 4051 - طرفه في 4558 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن عيينة هو سفيان وعمرو هو ابن دينار والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن علي بن عبد الله وأخرجه مسلم في الفضائل عن إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن عبدة
قوله بني سلمة بالجر على أنه بدل من قوله فينا وبني حارثة عطف عليه قوله وما أحب أنها أي أن الآية لم تنزل والحال أن الله تعالى يقول والله وليهما ( آل عمران 122 ) وحاصل المعني أن ذلك فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف بثناء الله وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية وأن ذلك ألهم غير المأخوذ به لأنه لم يكن عن عزم وتصميم
4052 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( سفيان ) أخبرنا ( عمرو ) عن ( جابر ) قال قال لي رسول الله هل نكحت يا جابر قلت نعم قال ماذا أبكرا أم ثيبا قلت لا بل ثيبا قال فهلا جارية تلاعبك قلت يا رسول الله إن أبي قتل يوم أحد وترك تسع بنات كن لي تسع أخوات فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن قال أصبت
مطابقته للترجمة في قوله إن أبي قتل يوم أحد وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار
والحديث أخرجه في النكاح عن قتيبة به
قوله ماذا أي ما كان نكاحك أنكحت بكرا أم ثيبا والهمزة في أبكرا للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله لا أي قلت لا نكحت بكرا بل نكحت ثيبا قوله فهلا جارية يعني بكرا تلاعبك وهذه الجملة في محل النصب لأنها صفة لقوله جارية قوله إن أبي هو عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري قوله تسع بنات وفي رواية الشعبي ست بنات فكان ثلاث بنات منهن متزوجات أو بالعكس وفي باب استئذان الرجل الإمام ولي أخوات صغار فلم يعين عددهن وفي ( السيرة ) عند الخروج إلى حمراء الأسد أن أبي خلفني على أخوات سبع بتقديم السين على الباء ولا إشكال فيه لأن ذكر القليل لا ينافي ذكر الكثير قوله خرقاء تأنيث الأخرق وهي الحمقاء الجاهلة والخرق بالضم الجهل والحمق وقد خرق يخرق خرقا بالفتح وهو المصدر وبالضم الإسم وقيل الخرقاء المرأة التي لا رفق بها ولا سياسة قوله تمشطهن بضم الشين المعجمة من مشطتها الماشطة إذا سرحت شعرها بالمشط بضم الميم وبالفتح مصدر قوله أصبت يدل على أن الثيب في هذه الحالة أولى من البكر الصغيرة وهذا هو المراد من قول الفقهاء البكر أولى إذا لم يكن عذر فيما يظهر
94 - ( حدثني أحمد بن أبي سريج أخبرنا عبيد الله بن موسى حدثنا شيبان عن فراس عن

(17/147)


الشعبي قال حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أباه استشهد يوم أحد وترك عليه دينا وترك ست بنات فلما حضر جذاذ النخل قال أتيت رسول الله فقلت قد علمت أن والدي قد استشهد يوم أحد وترك دينا كثيرا وإني أحب أن يراك الغرماء فقال اذهب فبيدر كل تمر على ناحية ففلت ثم دعوته فلما نظروا إليه كأنهم اغروا بي تلك الساعة فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ثم جلس عليه ثم قال ادع لك أصحابك فما زال يكيل لهم حتى أدى الله عن والدي أمانته وأنا أرضى أن يؤدي الله أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة فسلم الله البيادر كلها حتى إني أنظر إلى البيدر الذي كان عليه النبي كأنها لم تنقص تمرة واحدة )
مطابقته للترجمة في قوله أن أباه استشهد يوم أحد وشيخ البخاري أبو جعفر أحمد بن أبي سريج بضم السين المهملة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره جيم واسمه الصباح النهشلي بفتح النون وسكون الهاء وبالشين المعجمة الرازي وهو من أفراده وعبيد الله بن موسى بن باذام أبو محمد الكوفي وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي سكن الكوفة أصله من البصرة وفراس بكسر الفاء وتخفيف الراء وبسين مهملة هو ابن يحيى مر في كتاب الزكاة والشعبي هو عامر بن شراحيل أبو عمرو الكوفي والحديث مر مرارا مطولا ومختصرا في الصلح والقرض وغيرهما قوله جذاذ النخل بفتح الجيم وكسرها أي قطعه ويروى جداد النخل بفتح الجيم وكسرها أيضا وهو القطع أيضا قوله فبيدر أمر من بيدر إذا جمع الطعام في موضع يسمى بيدرا قوله اغروا أي هيجوا قوله أطاف به أي ألم به وقاربه قوله حتى كأني الخ ادعى الداودي أن هذا ليس في أكثر الروايات -
4054 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن جده عن ( سعد بن أبي وقاص ) رضي الله تعالى عنه قال رأيت رسول الله يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأوسي المدني وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني كان على قضاء بغداد قوله ومعه رجلان وفي كتاب مسلم أنهما جبريل وميكائيل عليهما السلام قوله وكأشد القتال الكاف فيه زائدة قاله الكرماني قلت بل للتشبيه أي كأشد قتال بني آدم
96 - ( حدثني عبد الله بن محمد حدثنا مروان بن معاوية حدثنا هاشم بن هاشم السعدي قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت سعد بن أبي وقاص يقول نثل لي النبي كنانته يوم أحد فقال ارم فداك أبي وأمي )
مطابقته للترجمة ظاهرة وهاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص السعدي ابن أخي سعد بن أبي وقاص وإنما قيل له السعدي لأنه منسوب إلى عم أبيه سعد وهو جده من قبل الأم قوله نثل بالنون وبالثاء المثلثة يقال نثلت كنانتي إذا استخرجت ما فيها من النبل وكذلك إذا نفضت ما في الجراب من الزاد وفي التوضيح وضبطها بعضهم بمثناة أي قدمها إليه يقال استنتل فلان من الصف إذا تقدم على أصحابه والكنانة التركاش الذي يجمع فيه النبل قوله فداك أبي وأمي هذه كلمة تقولها العرب على الترحيب أي لو كان لي إلى الفداء سبيل لفديتك بأبوي اللذين هما عزيزان عندي والمراد من التفدية لازمها وهو الرضا أي ارم مرضيا وقد مر الكلام فيه غير مرة

(17/148)


4056 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( يحيى بن سعيد ) قال سمعت سعيد بن المسيب قال سمعت سعدا يقول جمع لي النبي أبويه يوم أحد
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى الأول هو يحيى بن سعيد القطان ويحيى الثاني هو ابن سعيد الأنصاري
4057 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ل ( يث ) عن ( يحيى ) عن ( ابن المسيب ) أنه قال قال ( سعد بن أبي وقاص ) رضي الله تعالى عنه لقد جمع لي رسول الله يوم أحد أبويه كليهما يريد حين قال فداك أبي وأمي وهو يقاتل
قد مر هذا في مناقب سعد فإنه أخرجه هناك عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب وهنا أخرجه عن مسدد عن ليس بن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب ومر الكلام فيه هناك
قوله كليهما كذا وقع في البخاري على الصواب وقال ابن التين إنه وقع فيه كلاهما وهو غير صواب
4058 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( مسعر ) عن ( سعد ) عن ( ابن شداد ) قال سمعت عليا رضي الله تعالى عنه يقول ما سمعت النبي يجمع أبويه لأحد غير سعد
هذا مناسب للحديث السابق فمن هذه الحيثية تقع المطابقة وأبو نعيم الفضل بن دكين ومسعر بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح العين المهملة وبالراء هو ابن كدام الكوفي وهو من أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وسعد هو ابن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف وابن شداد بفتح المعجمة وتشديد الدال الأولى هو عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي الكوفي
قوله غير سعد أي سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه وعدم سماع علي رضي الله تعالى عنه بجمع النبي أبويه لغير سعد لا ينافي سماع غيره في غيره
4059 - حدثنا ( يسرة بن صفوان ) حدثنا ( إبراهيم ) عن أبيه عن ( عبد الله بن شداد ) عن ( علي ) رضي الله تعالى عنه قال ما سمعت النبي جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك فإني سمعته يقول يوم أحد يا سعد ارم فداك أبي وأمي
مطابقته للترجمة ظاهرة وهو طريق آخر في حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أخرجه عن يسرة بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة والراء ابن صفوان اللخمي الدمشقي وهو من أفراده يروى عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
قوله إلا لسعد بن مالك وهو سعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك وفي رواية الكشميهني غير سعد بن مالك قوله يا سعد إرم وفي رواية الترمذي إرم أيها الغلام الحذور وقال الزهري رمى سعد يومئذ ألف سهم
101 - ( حدثنا موسى بن إسماعيل عن معتمر عن أبيه قال زعم أبو عثمان أنه لم يبق مع النبي في بعض تلك الأيام التي يقاتل فيهن غير طلحة وسعد عن حديثهما )
مطابقته للترجمة في قوله في بعض تلك الأيام لأن المراد به يوم أحد ومعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي قوله زعم أي قال أبو عثمان وهو عبد الرحمن بن مل النهدي وفي رواية الإسماعيلي سمعت أبا عثمان قوله في بعض تلك الأيام هو رواية أبي ذر وفي رواية غيره لم يبق مع النبي في تلك الأيام بدون لفظ بعض ورواية أبي ذر أبين وأوضح للمراد قوله التي يقاتل هو رواية أبي ذر وفي رواية غيره الذي فالتذكير بالنظر إلى لفظ البعض والتأنيث بالنظر إلى قوله تلك الأيام قوله طلحة أي ابن عبيد الله أحد العشرة المبشرة بالجنة قوله وسعد هو ابن أبي وقاص فإن قلت قد تقدم عن قريب أن المقداد كان ممن

(17/149)


بقي معه قلت يحتمل أنه حضر بعد تلك الجولة ويحتمل أن يكون انفرادهما مع النبي في بعض المقامات ويحتمل أن يكون المراد بتخصيص الاثنين المذكورين من المهاجرين كأنه قال لم يبق معه من المهاجرين غير هذين وأيضا كان فيه اختلاف الأحوال فإنهم تفرقوا في القتال قوله عن حديثهما أي روى أبو عثمان هذا عن حديثي طلحة وسعد يعني هما حدثا أبا عثمان بذلك -
4062 - حدثنا ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( حاتم بن إسماعيل ) عن ( محمد بن يوسف ) قال سمعت السائب بن يزيد قال صحبت عبد الرحمان بن عوف وطلحة بن عبيد الله والمقداد وسعدا رضي الله تعالى عنهم فما سمعت أحدا منهم يحدث عن النبي إلا أني سمعت طلحة يحدث عن يوم أحد ( انظر الحديث 2824 )
مطابقته للترجمة في قوله يحدث عن يوم أحد وعبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسمه حميد ابن الأسود البصري الحافظ وهو من أفراده مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين وحاتم بن إسماعيل أبو إسماعيل الكوفي سكن المدينة ومحمد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد ابن أخت نمر وأمه إبنة السائب بن يزيد سمع جده لأمه السائب بن يزيد ابن سعيد بن ثمامة بن الأسود ابن أخت النمر وهو من صغار الصحابة وقال السائب حج بي أبي مع رسول الله وأنا ابن سبع سنين هذه رواية محمد بن يوسف عنه وقال أبو عمر ولد في السنة الثانية من الهجرة فهو ترب ابن الزبير والنعمان ابن بشير في قول من قال ذلك كان عاملا لعمر رضي الله تعالى عنه على سوق المدينة مع عبد الله بن عتبة بن مسعود ومات في سنة ثمانين وقيل في سنة ست وثمانين وقيل في سنة إحدى وتسعين وهو ابن أربع وتسعين وسبب ما فيه أن هؤلاء خشو السهو فحذروا أن يقعوا في قوله من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النارد وفي قول طلحة ذكر المرء بعمله الصالح ليؤدي ما علم مما يعلم غيره لأنه انفرد برسول الله حينئذ
4063 - حدثني ( عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( وكيع ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) قال رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي يوم أحد ( انظر الحديث 2724 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي الكوفي وقيس هو ابن أبي حازم البجلي وطلحة هو ابن عبيد الله رضي الله تعالى عنه
قوله شلاء بفتح الشين المعجمة وتشديد اللام وبالمد وهي التي أصابها الشلل وهو ما يبطل عمل الأصابع كلها أو بعضها قوله وقى أي حفظ بها أي بيده وقد أوضح ذلك الحاكم في ( الإكليل ) من طريق موسى بن طلحة أن طلحة جرح يوم أحد تسعا وثلاثين أو خمسا وثلاثين وشلت أصبعه أي السبابة والتي تليها وجاء في رواية أن أصبعه قطعت فقال حس فقال النبي لو ذكرت الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك
104 - ( حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه قال لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي وأبو طلحة بين يدي النبي مجوب عليه بحجفة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل فيقول انثرها لأبي طلحة قال ويشرف النبي ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك

(17/150)


ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيآن فتفرغانه في أفواه القوم ولقد وقع السيف من يدي أبي طلحة إما مرتين وإما ثلاثا )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو معمر بفتح الميمين اسمه عبد الله بن عمرو بن الحجاج المنقري المعقد وهو شيخ مسلم أيضا وعبد الوارث بن سعيد وعبد العزيز بن صهيب وكل هؤلاء قد ذكروا غيرة مرة والحديث مضى في الجهاد في باب غزوة النساء وقتالهن مع الرجال ومضى في مناقب أبي طلحة مثل ما أخرجه هنا عن أبي معمر عن عبد الوارث إلى آخره نحوه قوله وأبو طلحة اسمه زيد بن سهل الأنصاري وهو زوج والدة أنس رضي الله تعالى عنهما وأنس حمل هذا الحديث عنه قوله مجوب بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الواو المكسورة ومعناه مترس من الجوبة وهي الترس والحجفة بفتح الحاء المهملة والجيم والفاء الترس الذي يتخذ من الجلد ويسمى بالبدرقة قوله شديد النزع بفتح النون وسكون الزاي وبالعين المهملة أي في رمي السهم وتقدم في الجهاد من وجه آخر بلفظ كان أبو طلحة حسن الرمي وكان يتترس مع النبي بترس واحد قوله بجعبة بفتح الجيم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة وهي الكنانة التي يجعل فيها السهام وضبطه بعضهم بضم الجيم وما أراه إلا غلطا قوله فيقول انثرها أي فيقول النبي انثر الجعبة التي فيها النبل لأجل أبي طلحة وانثر بضم الهمزة أمر من نثر بالنون والثاء المثلثة ينثر نثرا من باب نصر ينصر قوله ويشرف بضم الياء من الإشراف وهو الاطلاع إلى الشيء ويروى وتشرف على وزن تفعل قوله ينظر جملة حالية قوله لا تشرف من الإشراف أيضا وفي رواية أبي الوقت لا تشرف بفتح التاء والشين وتشديد الراء المفتوحة وأصله لا تتشرف بتاءين فحذفت إحداهما قوله يصيبك بالرفع والجزم أما الجزم فلأنه جواب النهي وأما الرفع فعلى تقدير فهو يصيبك ورواية أبي ذر الجزم على الأصل قوله نحري دون نحرك أي يصيب السهم نحري ولا يصيب نحرك وحاصله أفديك بنفسي وعائشة أم المؤمنين زوج النبي وأم سليم والدة أنس بن مالك وفي اسمها اختلاف قد ذكرناه في الجهاد قوله خدم سوقهما بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدمة وهي الخلاخيل والسوق بالضم جمع ساق قوله تنقزان القرب أي تحملانها وتنقزان بها وثبا يقال نقز وأنقز إذا وثب وقال ابن الأثير وفي نصب القرب بعد لأن ينقز غير متعد وأوله بعضهم بعدم الجار ورواه بعضهم بضم التاء من أنقز فعداه بالهمزة يريد تحريك القرب ووثوبها بشدة العدو والوثب وروي برفع القرب على الابتداء والجملة في موضع الحال وقيل معناه تنقلان وقال الداودي هو مثل تنقلان والذي ذكره أهل اللغة أن النقز بالنون والقاف والزاي الوثب فلعلهما كانتا تنهضان بالحمل وتنقزان وأنكره الخطابي وقال إنما هو تنقزان أي تحملان قوله في أفواه القوم قال الداودي الأفواه جمع في والفم لا جمع له من لفظه ( قلت ) الذي ذكره أهل اللغة أن أصل الفم فوه فأبدل من الواو ميم والجمع يرد الشيء إلى أصله كما أن إماء أصله موه فلذلك قالوا في جمعه أمواه قوله من يدي أبي طلحة وفي رواية الأصيلي من يد أبي طلحة بالإفراد ووقوع السيف كان لأجل النعاس الذي ألقى الله عليهم أمنة منه ووقع في رواية أبي معمر شيخ البخاري عند مسلم من النعاس صرح به وهو قوله تعالى إذ يغشيكم النعاس أمنة -
4065 - حدثني ( عبيد الله بن سعيد ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس لعنة الله عليه أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال أي عباد الله أبي أبي قال قالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة يغفر الله لكم قال عروة

(17/151)


فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد الله بن سعيد بن يحيى أبو قدامة اليشكري السرخسي وهو شيخ مسلم أيضا وأبو أسامة حماد بن أسامة
والحديث مر في باب صفة إبليس وجنوده فإنه أخرجه هناك عن زكريا بن يحيى عن أبي أسامة الخ نحوه ومر الكلام فيه هناك ولكن نتكلم هنا أيضا بما فيه لبعد العهد منه
قوله أخراكم أي احترزوا من جهة أخراكم وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين قوله فاجتلدت هي أي أولاهم نفرت مع أخراهم قوله فبصر حذيفة أي نظر إلى أبيه ورآه وقال يا عباد الله أبي أبي أي هذا أبي فلا تتعرضوا له واحفظوه وإنما قال أبي أبي بالتكرار حتى لا يظن أنه أبي بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء قوله قال قالت أي قال عروة قالت عائشة فوالله ما احتجزوا أي ما امتنعوا من قتله حتى قتلوه أي اليمان والد حذيفة وذكر ابن إسحاق قال حدثني عاصم ابن عمر عن محمود بن لبيد قال كان اليمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين فتركهما رسول الله مع النساء والصبيان فرغبا في الشهادة فأخذا سيفيهما ولحقا بالمسلمين بعد الهزيمة فلم يعرفوا بهما فأما ثابت فقتله المشركون وأما اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه وقال ابن سعد إن الذي قتل اليمان خطأ عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود وفي رواية ابن إسحاق قال حذيفة قتلتم أبي قالوا والله ما عرفناه وصدقوا فقال حذيفة يغفر الله لكم فأراد رسول الله أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله خيرا والعجب من ابن التين حيث يقول ولم يذكر في الحديث الدية في قتل اليمان والكفارة فأما لم تفرض حينئذ أو اكتفى بعلم السامع ولو اطلع على ما ذكرنا لما أغرب في كلامه
بصرت علمت من البصيرة في الأمر وأبصرت من بصر العين ويقال بصرت وأبصرت واحد
لما كان في الحديث المذكور لفظ بصر بفتح الباء وضم الصاد أشار إلى معناه وإلى الفرق بين بصر وأبصر فقال معنى بصر علم مأخوذ من البصيرة في الأمر فيكون من المعاني القلبية وقال أبصر بزيادة الهمزة في أوله يعني نظر لأنه من بصر العين وبصر العين حاستها وقال الجوهري البصر العلم وبصرت بالشيء علمته وقال تعالى بصرت لما لم يبصروا به ( طه 96 ) قوله ويقال بصرت وأبصرت واحد يعني كلاهما سواء كسرعت وأسرعت
19 -
( باب قول الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ( آل عمران 155 ) )
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى إن الذين تولوا منكم ( آل عمران 155 ) الآية واتفق أهل العلم بالنقل على أن المراد بهذه الآية ما وقع في أحد وقول من قال إنها في يوم بدر غير صحيح لأنه لم يول أحد من المسلمين يوم بدر قوله إن الذين تولوا منكم ( آل عمران 155 ) أي إن الذين فروا منكم يا معشر المسلمين قوله يوم التقى الجمعان أي جمع المسلمين وجمع الكفار قوله إنما استزلهم الشيطان أي حملهم على الزلل قوله ببعض ما كسبوا أي ببعض ذنوبهم السالفة وهو تركهم المشركين قوله ولقد عفا الله عنهم أي حلم عليهم إذ لم يعاجلهم بالعقوبة وقيل غفر لهم الخطيئة وروي أنه لما رجع إلى المدينة قال لأصحابه هذه وقعة تشاع في العرب فأطلبوهم حتى يسمعوا أنا قد طلبناهم فخرجوا فلم يدركوا القوم قوله إن الله غفور حليم أي يغفر الذنوب ويحلم على خلقه ويتجاوز عنهم
106 - ( حدثنا عبدان أخبرنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القعود قالوا هؤلاء قريش قال من الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء أتحدثني قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن

(17/152)


عفان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال نعم قال فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال فكبر قال ابن عمر تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله وكانت مريضة فقال له النبي إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان اذهب بهذا الآن معك )
مطابقته للترجمة تظهر من حيث المعنى وعبدان لقب عبد الله وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري وعثمان بن موهب بفتح الميم والهاء الأعرج الطلحي التيمي القرشي والحديث مضى بطوله في مناقب عثمان ومضى الكلام فيه هناك فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن عثمان بن موهب إلى آخره قوله أتحدثني الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستعلام وبعده في رواية أبي نعيم قال نعم -
20 -
( باب إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون ( آل عمران 153 ) )
أي هذا باب في ذكر قوله تعالى إذ تصعدون قوله إذ نصب بقوله ثم صرفكم عنهم ( آل عمران 152 ) أو بقوله ليبتليكم ( آل عمران 152 ) أو بإضمار إذكر يا محمد إذ تصعدون وهو من الإصعاد وهو الذهاب في الأرض والإبعاد فيه يقال صعد في الجبل وأصعد في الأرض يقال أصعدنا من مكة إلى المدينة وقرأ الحسن تصعدون بفتح التاء يعني في الجبل قال الزمخشري وتعضد القراءة الأولى قراءة أبي تصعدون بفتح التاء وتشديد العين من تصعد في السلم وقال المفضل صعد وأصعد بمعنى قوله ولا تلوون أي ولا تعرجون ولا تقيمون أي لا يلتفت بعضكم على بعض هربا وأصله من لي العنق في الالتفات ثم استعمل في ترك التصريح وقر الحسنتلون بواو واحدة وقال الزمخشري وقرىء يصعدون ويلوون بالياء يعني فيهما وقوله على أحد قال الكلبي يعني محمدا وقراءة عائشة رضي الله تعالى عنها على أحد بضم الهمزة والحاء يعني الجبل قوله والرسول الواو فيه للحال قوله يدعوكم كأنه يقول إلي عباد الله إلي عباد الله أنا رسول الله من يكرمه فله الجنة قوله في أخراكم أي من خلفكم وقال الزمخشري في ساقتكم وجماعتكم الأخرى وهي الجماعة المتأخرة قوله فأثابكم عطف على قوله ثم صرفكم أي فجازاكم الله غما حين صرفكم عنهم وابتلاكم بسبب غم أذقتموه رسول الله بعصيانكم له أو غما مضاعفا بعد غم متصلا بغم من الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر وقال ابن عباس الغم الأول بسبب الهزيمة وحين قيل قتل محمد والثاني حين علاهم المشركون فوق الجبل رواه ابن مردويه وروى ابن أبي حاتم عن قتادة نحو ذلك وقال السدي الغم الأول بسبب ما فاتهم من الغنيمة والفتح والثاني بإشراف العدو عليهم وقيل غير ذلك قوله لكيلا تحزنوا على ما فاتكم متصل بقوله ولقد عفا عنكم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة ولا ما أصابكم من القتل والجرح لأن عفوه يذهب ذلك كله وقيل صلة فيكون المعنى لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم عقوبة لكم في خلافكم والله خبير بعملكم كله
4067 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال سمعت ( البراء بن

(17/153)


عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم
مطابقته للترجمة للآية ظاهرة وعمرو بن خالد بن فروخ الحراني الجزري سكن مصر روى عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وقد مر الحديث في أوائل باب غزوة أحد فإنه أخرجه هناك بأتم منه عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك
4067 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال سمعت ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم
مطابقته للترجمة للآية ظاهرة وعمرو بن خالد بن فروخ الحراني الجزري سكن مصر روى عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وقد مر الحديث في أوائل باب غزوة أحد فإنه أخرجه هناك بأتم منه عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك
4067 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال سمعت ( البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما قال جعل النبي على الرجالة يوم أحد عبد الله بن جبير وأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم
مطابقته للترجمة للآية ظاهرة وعمرو بن خالد بن فروخ الحراني الجزري سكن مصر روى عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وقد مر الحديث في أوائل باب غزوة أحد فإنه أخرجه هناك بأتم منه عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك
21 -
( باب قوله تعالى ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ( آل عمران 154 ) )
قال المفسرون لما انصرف المشركون يوم أحد كانوا يتوعدون المسلمين بالرجوع ولم يأمن المسلمون كرتهم وكانوا تحت الحجفة متأهبين للقتال فأنزل الله عليهم دون المنافقين أمنة فأخذهم النعاس وإنما ينعس من أمن والخائف لا ينام وروى الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال النعاس في القتال أمن من الله وفي الصلاة وسوسة من الشيطان
قوله من بعد الغم أراد به الغم الذي حصل لهم عند الانهزام قوله أمنة مصدر كالأمن وقرىء أمنه بسكون الميم كأنها المرة من الأمن قوله نعاسا نصب على أنه بدل من أمنة ويجوز أن يكون عطف بيان ويجوز أن يكون نعاسا مفعولا لقوله أنزل الله وأمنة حالا منه مقدمة عليه كقوله رأيت راكبا رجلا وقال الزمخشري يجوز أن يكون أمنة مفعولا له بمعنى نعستم أمنة ويجوز أن يكون حالا من المخاطبين يعني ذوي أمنة أو على أنه جمع آمن كبار وبررة قوله يغشى قرىء بالياء والتاء على إرادة النعاس أو الأمنة قوله طائفة منكم هم أهل الصدق واليقين قوله وطائفة هم المنافقون قوله قد أهمتهم أنفسهم يعني لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف قوله يظنون بالله غير الحق وهو قولهم لا ينصر محمد وأصحابه أو أنه قتل أو أن أمره مضمحل قوله ظن الجاهلية أي كظن الجاهلية وهي زمن الفترة وقال الزمخشري يظنون بالله غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به وظن الجاهلية بدل منه ويجوز أن يراد لا يظن مثل ذلك الظن إلا أهل الشرك الجاهلون بالله قوله يقولون هل لنا من الأمر من شيء يعني يقولون لرسول الله يسألون هل لنا من الأمر من شيء معناه هل لنا معاشر المسلمين من أمر الله نصيب قط يعنون النصر والإظهار على العدو وقال الله تعالى قل يا محمد إن الأمر كله لله ولأوليائه المؤمنين وهو النصر والغلبة قوله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك أي ما لا يظهرون لك يا محمد يعني يقولون لك فيما يظهرون هل لنا من الأمر من شيء سؤال المؤمنين المسترشدين وهم فيما يظنون على النفاق يقولون في أنفسهم أو بعضهم لبعض منكرين لقولك لهم إن الأمر كله لله هكذا فسره الزمخشري وقال غيره والذي أخفوه قولهم لو كنا في بيوتنا ما قتلنا ههنا وقيل الذي أخفوه إسرارهم الكفر والشك في أمر الله تعالى وقيل هو الندم على حضورهم مع المسلمين بأحد والذي قال ذلك معتب ابن قشير فرد الله ذلك عليهم بقوله قل لو كنتم في بيوتكم يعني قل يا محمد أيها المنافقون لو كنتم في بيوتكم ولم تخرجوا إلى أحد لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم يعني لو تخلفتم لخرج منكم الذين كتب عليه القتل والمراد من مضاجعهم مصارعهم وقال محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال قال الزبير لقد رأيتني مع رسول الله حين اشتد الخوف علينا أرسل الله علينا النوم فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره قال فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا فحفظنا منه فأنزل الله تعالى يقولون لو ككان لنا

(17/154)


من الأمر من شيء ما قتلنا ههنا كقول معتب قوله وليبتلي الله أي ليختبر الله بأعمالكم وليمحص ما في قلوبكم أي ليطهر من الشك بما يريكم من عجائب صنعه من الأمنة وإظهار إسرار المنافقين وهذا التمحيص خاص بالمؤمنين قوله والله عليم بذات الصدور أي الأسرار التي في الصدور من خير وشر
4068 - وقال لي ( خليفة ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) عن ( أبي طلحة ) رضي الله تعالى عنهما قال كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا يسقط وآخذه ويسقط فآخذه ( الحديث 4068 - طرفه في 4562 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد هو ابن أبي عروبة وإنما قال البخاري رحمه الله تعالى قال لي خليفة ولم يقل حدثنا ونحوه لأنه لم يقله على طريق التحديث والتحميل بل على سبيل المذاكرة وقد تقدم في حديث البراء عن قريب ما رواه أنس عن أبي طلحة وهو زيد بن سهل الأنصاري
22 -
( باب ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ( آل عمران 128 ) )
أي هذا باب في ذكر قوله تعالى ليس لك من الأمر شيء الآية وبيان سبب نزولها اختلفوا فيه فقيل هو أن النبي كسرت رباعيته يوم أحد وشج جبينه حتى سال الدم على وجهه قال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم أخرجه مسلم في أفراده من حديث أنس رضي الله تعالى عنه وقيل سبب نزولها أنه لعن قوما من المنافقين وقيل إنه هم بسبب الذين انهزموا يوم أحد وكان فيهم عثمان بن عفان فنزلت هذه الآية فكف عنهم وقيل إن أصحاب الصفة خرجوا إلى قبيلتين من بني سليم عصية وذكوان فقتلوا فدعا عليهم أربعين صباحا وقيل لما رأى النبي حمزة ممثلا قال لأمثلن بكذا كذا فنزلت هذه الآية قوله ليس لك من الأمر شيء أي ليس إليك من إصلاحهم ولا من عذابهم شيء وقيل ليس إليك من النصر والهزيمة شيء واللام بمعنى إلى قوله أو يتوب عليهم أي حتى يتوب عليهم مما هم فيه من الكفر أو يعذبهم في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم ولهذا قال فإنهم ظالمون أي يستحقون ذلك
قال حميد وثابت عن أنس شج النبي يوم أحد فقال كيف يفلح قوم شجوا نبيهم فنزلت ليس لك من الأمر شيء
تعليق حميد الطويل وصله أحمد والترمذي والنسائي من طريق حميد به وتعليق ثابت البناني وصله مسلم وقد ذكرناه الآن وذكر ابن هشام في حديث أبي سعيد الخدري أن عتبة بن أبي وقاص هو الذي كسر رباعية النبي السفلى وجرح شفته السفلى وأن عبد الله بن شهاب الزهري هو الذي شجه في جبهته وأن عبد الله بن قمنة جرحه في وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته وإن مالك بن سنان مص الدم من وجنته ثم ازدرده فقال من مس دمي دمه لم تصبه النار
4069 - حدثنا ( يحيى بن عبد الله السلمي ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) حدثني ( سالم ) عن أبيه أنه سمع رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقال اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد فأنزل الله عز و جل ليس لك من الأمر شيء إلى قوله فإنهم ظالمون

(17/155)


مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن عبد الله بن زياد السلمي البلخي سكن مرو وهو من أفراد البخاري روى عنه هنا وفي تفسير الأنفال وعبد الله هو ابن المبارك يروي عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن حبان وفي الاعتصام عن أحمد بن محمد وأخرجه النسائي في الصلاة وفي التفسير عن عمرو بن يحيى بن الحارث قوله فلانا وفلانا وفلانا وسماهم في الرواية التي بعدها قوله ربنا ولك الحمد هذا بالواو في إحدى الروايات الثابتة قوله فأنزل الله تعالى بيان سبب نزول الآية المذكورة فذكر البخاري هذا وآخر كما يأتي وروى المحاملي بإسناده إلى نافع عن ابن عمران النبي كان يدعو على أربعة نفر فأنزل الله عز و جل ( ليس لك من الأمر شيء ) قال ثم هداهم الله إلى الإسلام وقيل استأذن بأن يدعو باستئصالهم فنزلت فعلم أن منهم من سيسلم
4070 - وعن ( حنظلة بن أبي سفيان ) قال سمعت ( سالم بن عبد الله ) يقول كان رسول الله يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت ليس لك من الأمر شيء إلى قوله فإنهم ظالمون
مطابقته للترجمة ظاهرة وهو بيان الوجه الآخر في سبب نزول هذه الآية وقد ذكرنا فيه وجوها عن قريب قوله سمعت سالم بن عبد الله يقول كان رسول الله يدعو إلخ مرسل قوله وعن حنظلة بن أبي سفيان قال بعضهم وهو معطوف على قوله أخبرنا معمر والراوي له عن حنظلة هو عبد الله بن المبارك ووهم من زعم أنه معلق قلت فيه نظر لأن احتماله التعليق أقوى مما قاله ولهذا لما ذكر المزي الحديث السابق قال وقال عقيب حديث يحيى وعن حنظلة عن سالم ولم يزد على هذا شيئا فلو كان موصولا لكان أشار إليه وهؤلاء الثلاثة المذكورون فيه قد أسلموا أما صفوان بن أمية بن خلف الجمحي القرشي فإنه هرب يوم الفتح ثم رجع إلى رسول الله فشهد معه حنينا والطائف وهو كافر ثم أسلم بعد ذلك ومات بمكة سنة اثنتين وأربعين في أول خلافة معاوية وأما سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي العامري فإنه كان أحد الأشراف من قريش وساداتهم في الجاهلية وأسر يوم بدر كافرا ثم أسلم وحسن إسلامه وكان كثير الصلاة والصوم والصدقة وخرج إلى الشام مجاهدا ومات هناك وأما الحرث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي فإنه شهد بدرا كافرا مع أخيه شقيقه أبي جهل وفر حينئذ وقتل أخوه ثم غزا أحدا مع المشركين أيضا ثم أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم ثم خرج إلى الشام مجاهدا ولم يزل في الجهاد حتى مات في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة
23 -
( باب ذكر أم سليط )
أي هذا باب في بيان ذكر أم سليط بفتح السين المهملة وكسر اللام وهي امرأة من المبايعات حضرت مع رسول الله يوم أحد
4071 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) وقال ( ثعلبة بن أبي مالك ) أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قسم مروطا بين نساء من أهل المدينة فبقي منها مرط جيد فقال له بعض من عنده يا أمير المؤمنين أعط هاذا بنت رسول الله التي عندك يريدون أم كلثوم بنت علي فقال عمر أم سليط أحق به منها وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله قال عمر فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد ( انظر الحديث 2881 )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو فإنه أخرجه هناك

(17/156)


عن عبدان عن عبد الله عن يونس الخ نحوه ومضى الكلام فيه هناك قوله مروطا جمع مرط وهو كساء من صوف أو خز يؤتزر به وربما تلقيه المرأة على رأسها وتتلفع به قوله تزفر بالزاي والفاء والراء قال البخاري تخيط وقال الخطابي تحمل وقال عياض تحمل القربة ملأى على ظهرها فتسقى الناس منها والزفر الحمل على الظهر والزفر القربة أيضا وقال كلاهما بفتح الزاي وسكون الفاء يقال منه زفر وأزفر
24 -
( باب قتل حمزة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان قتل حمزة عم النبي وفي رواية أبي ذر قتل حمزة بدون لفظة باب وفي رواية النسفي قتل حمزة سيد الشهداء ووردت هذه اللفظة في حديث مرفوع أخرجه الطبراني من طريق أصبغ بن بنانة عن علي قال قال رسول الله سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه
4072 - حدثني ( أبو جعفر محمد بن عبد الله ) حدثنا ( حجين بن المثنى ) حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ) عن ( عبد الله بن الفضل ) عن ( سليمان بن يسار ) عن ( جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ) قال خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله بن عدي هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة قلت نعم وكان وحشي يسكن حمص فسألنا عنه فقيل لنا هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت قال فجئنا حتى وقفنا عليه بيسير فسلمنا فرد السلام قال وعبيد الله معتجر بعمامته ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه فقال عبيد الله يا وحشي أتعرفني قال فنظر إليه ثم قال لا والله إلا أني لا أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص فولدت له غلاما بمكة فكنت أسترضع له فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه فلكأني نظرت إلى قدميك قال فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال ألا تخبرنا بقتل حمزة قال نعم إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر قال فلما أن خرج الناس عام عينين وعينين جبل بحيال أحد بينه وبينه واد خرجت مع الناس إلى القتال فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباغ فقال هل من مبارز قال فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال يا سباغ يا ابن أم أنمار مقطعة البظور أتحاد الله ورسوله قال ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب قال وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه قال فكان ذاك العهد به فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله رسولا فقيل لي إنه لا يهيج رسولا قال فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله فلما رآني قال أنت وحشي قلت نعم قال أنت قتلت حمزة قلت قد كان من الأمر ما قد بلغك قال فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني قال فخرجت فلما قبض رسول الله فخرج مسيلمة الكذاب قلت لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافيء به حمزة قال فخرجت مع الناس فكان

(17/157)


من أمره ما كان قال فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس قال فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه قال ووثب إليه رجل من الأنصاري فضربه بالسيف على هامته قال قال عبد الله بن الفضل فأخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول فقالت جارية على ظهر بيت وأمير المؤمنين قتله العبد الأسود
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء البغدادي ونسبته إلى محلة من محال بغداد وهو من أفراده وروى عنه هنا وفي الطلاق وحجين بضم الحاء المهملة وفتح الجيم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون ابن المثنى أصله من اليمامة وسكن بغداد وولي قضاء خراسان وليس له عند البخاري إلا هذا الموضع وعبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني من صغار التابعين وسليمان بن يسار ضد اليمين أخو عطاء التابعي وجعفر بن عمرو بن أمية الضمري بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وبالراء نسبة إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة وعمرو بن أمية هو الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه وعبيد الله بن عدي بفتح المهملة الأولى ابن الخيار ضد الأشرار ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف وقد مضى ذكره في مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه
ذكر معناه قوله حمص بكسر الحاء وسكون الميم مدينة مشهورة قديمة إحدى قواعد الشام ذات بساتين مشربها من نهر العاصي سميت بحمص بن المهر بن ألحاف بن مكتف من العماليق وهي بين حماة ودمشق وقال البكري لا يجوز فيها الصرف كما يجوز في هند لأنه اسم أعجمي قلت يجوز صرفها مثل هود ونوح لأن سكون وسطها يؤثر في منع إحدى العلتين فيبقى على علة واحدة قوله في وحشي بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف ابن حرب ضد الصلح كان من سودان مكة قال أبو عمر مولى لطعيمة بن عدي ويقال مولى جبير بن مطعم بن عدي كذا قال ابن إسحاق وكان يكنى أبا رسمة وكان يرمي بحربة فلا يكاد يخطىء وقال موسى بن عقبة مات وحشي بن حرب في الخمر وليس في الصحابة من سمي باسمه غيره قوله نسأله عن قتل حمزة وفي رواية الكشميهني نسأله عن قتله حمزة قوله فسألنا عنه فقيل لنا وفي رواية ابن إسحاق قال لنا رجل ونحن نسأل عنه إنه غلبت عليه الخمر فإن تجداه صاحيا تجداه عربيا يحدثكما بما شئتما وإن تجداه على غير ذلك فانصرفا عنه وفي رواية الطيالسي نحوه وقال فيه وإن أدركتماه شاربا فلا تسألاه قوله كأنه حميت بفتح الحاء المهملة وكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره تاء مثناة من فوق وهو الزق الذي لا شعر عليه وهو للسمن ويجمع على حمت قال ابن الأثير وهو النحي والزق الذي يكون فيه السمن أو الزيت ونحوهما والنحي يجمع على أنحاء وقيل أكثر ما يقال الحميت في أوعية السمن والزيت وقيل هو الزق مطلقا وقال أبو عبيد أما الزق الذي يجعل فيه اللبن فهو الوطب وجمعه أوطاب وما كان للشراب فهو الزق واسم الزق يجمع ذلك كله وقال الكرماني ويشبه الرجل السمين الجسيم بالحميت قوله معتجر من الاعتجار وهو لف العمامة على الرأس من غير تحنيك قوله أم قتال بكسر القاف وتخفيف التاء المثناة من فوق وفي رواية الكشميهني أم قبال بالباء الموحدة والأول أصح وهي عمة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية قوله بنت أبي العيص بكسر العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره صاد مهملة ابن أمية بن عبد شمس أم عبيد الله المذكور آنفا قوله أسترضع له أي اطلب له من يرضعه وزاد في رواية ابن إسحاق والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى فإني ناولتكها وهي على بعيرها فأخذتك فلمعت لي قدمك حين رفعتك فما هو إلا أن وقفت علي فعرفتهما وهذا يوضح قوله في حديث الباب فلكأني نظرت إلى قدميك يعني أنه شبه قدميه بقدمي الغلام الذي حمله وكان هو هو وبين الروايتين قريب من خمسين سنة فدل ذلك على ذكاء مفرط ومعرفة تامة بالقيافة قوله طعيمة مصغر طعمة قوله جبير بضم الجيم مصغر جبر ضد الكسر

(17/158)


ابن مطعم بضم الميم على وزن اسم فاعل من الإطعام ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي أسلم جبير يوم الفتح وقيل عام خيبر مات بالمدينة سنة سبع وخمسين في خلافة معاوية وكانت وفاة المطعم بن عدي في صفر سنة ثنتين من الهجرة قبل بدر بنحو سبعة أشهر قوله عدي بن الخيار قال الدمياطي صوابه عدي بن نوفل كما ذكرناه والمطعم والخيار ابنا عدي قوله فلما أن خرج الناس ويروى فلما خرج الناس بدون لفظة إن والمراد بالناس قريش ومن معهم قوله عام عينين أي عام أحد ثم فسر العينين بقوله وعينين جبل بحيال إحد أي من ناحية أحد يقال فلان بحيال كذا بكسر الحاء المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف أي بمقابله وهذا تفسير من بعض الرواة وإنما قال عام عينين دون عام أحد لأن قريشا كانوا نزلوا عنده وقال ابن إسحاق نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة قلت عينين تثنية عين قال الكرماني ضد المثنى ويروى بلفظ الجمع وعلى التقديرين النون تعتقب الإعراب منصرفا وغير منصرف قوله خرجت جواب لما قوله خرج سباع بكسر السين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وهو اسم لابن عبد العزى الخزاعي قوله يا ابن أم أنمار بفتح الهمزة وسكون النون وهي أمة كانت مولاة لشريق بن عمرو الثقفي والد الأخنس قوله مقطعة البظور بضم الباء الموحدة والظاء المعجمة جمع بظر وهو هنة في الفرج وهي اللحمة الكائنة بين شفري الفرج تقطع عند الختان وقال ابن إسحاق كانت أمه ختانة بمكة تختن النساء انتهى والعرف تطلق هذا اللفظ في معرض الذم والشتم وإلا قالوا ختانة قوله أتحاد الله بفتح همزة الاستفهام وضم التاء المثناة من فوق وبالحاء المهملة وتشديد الدال وأصله تحادد من المحادة وهي أن يكون ذا في حد وذا في حد ثم استعمل في المعاندة والمعاداة قوله ثم شد عليه أي ثم شد حمزة على سباع قوله فكان كالأمس الذاهب وهذا كناية عن إعدامه إياه بالقتل في الحال قوله الذاهب صفة لازمة مؤكدة قوله قال وكمنت أي قال وحشي وكمنت بفتح الميم أي اختفيت وفي رواية ابن عائذ عند شجرة وروى ابن أبي شيبة من مرسل عمرو بن إسحاق أن حمزة عثر فانكشف الدرع عن بطنه فأبصره العبد الحبشي فرماه بالحربة قوله في ثنته بضم الثاء المثلثة وتشديد النون وهي العانة وقيل ما بين السرة والعانة ويقال الثاء مثلثة وفي رواية الطيالسي فجعلت ألوذ من حمزة بشجرة ومعي حربتي إذا استمكنت منه هززت الحربة حتى رضيت منها ثم أرسلتها فوقعت بين ثندوتيه وذهب يقوم فلم يستطع والثندوة بفتح الثاء المثلثة وسكون النون وضم الدال المهملة وبالواو الخفيفة وهي من الرجل موضع الثدي من المرأة قوله فكان ذلك العهد به كناية عن موته قوله فلما رجع الناس أي قريش إلى مكة قوله حتى فشى فيها الإسلام أي أقمت بمكة إلى أن ظهر فيها الإسلام ثم خرجت منها وفي رواية ابن إسحاق فلما افتتح رسول الله مكة هربت منها إلى الطائف قوله رسولا كذا هو في رواية أبي ذر وأبي الوقت وفي رواية غيرهما رسلا بالجمع قوله فقيل لي إنه لا يهيج الرسل أي لا ينالهم منه إزعاج قوله ما قد بلغك يعني من أمر حمزة وقتله رضي الله تعالى عنه قوله فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني وفي رواية الطيالسي غيب وجهك عني فلا أراك قوله فأكافيء به بالهمزة أي فأساوي بقتل مسيلمة قتل حمزة قوله في ثلمة جدار أي في خلله قوله جمل أورق أي لونه مثل الرماد وكان ذلك من غبار الحرب قاله بعضهم قلت بل كان ذلك من سواد كفره وإنهماكه في الباطل قوله ثائر الرأس أي منتشر شعر رأسه قوله فأضعها بين ثديبه هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره فوضعتها قوله رجل من الأنصار هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وجزم به الواقدي وإسحاق بن راهويه والحاكم وقيل هو عدي بن سهل وجزم به سيف في ( كتاب الردة ) وقيل أبو دجانة وأغرب وثيمة في ( كتاب الردة ) فزعم أنه شن بفتح الشين المعجمة وتشديد النون ابن عبد الله وقال ابن عبد البر إن الذي قتله خلاس بن بشير بن الأصم
قوله قال قال عبد الله بن الفضل هو موصول بالإسناد المذكور أولا وفاعل قال الأول عبد العزيز بن عبد الله بن سلمة المذكور أي قال عبد الله بن الفضل أخبرني سليمان بن يسار المذكور فيه أنه سمع عبد الله بن عمر يقول إلى آخره قوله وأمير المؤمنين مندوب قوله قتله العبد الأسود وأرادت به الوحشي وقال بعضهم في قول الجارية أمير المؤمنين نظر لأن مسيلمة كان يدعي أنه نبي مرسل من الله فكانوا يقولون له رسول الله ونبي الله والتلقيب

(17/159)


بأمير المؤمنين حدث بعد ذلك وأول من لقب به عمر رضي الله تعالى عنه وذلك بعد قتل مسيلمة بمدة انتهى قلت قال ابن التين كان مسيلمة يسمى تارة بالنبي وتارة بأمير المؤمنين ورد عليه هذا القائل بقوله فإن كان يعني ابن التين أخذه من هذا الحديث فليس بجيد وإلا فيحتاج إلى نقل بذلك انتهى قلت قوله ليس بجيد غير جيد لأن في الحديث التصريح بذلك لأنها إنما قالت بذلك لما رأت أن أمور أصحابه كلها كانت إليه فلذلك أطلقت عليه الإمرة وأما نسبتها إلى المؤمنين فباعتبار أنهم كانوا آمنوا به في زعمهم الباطل وقوله أول من لقب به عمر لا ينافي ذلك لأن هذه الأولية بالنظر إلى أبي بكر حيث لم يطلقوا عليه أمير المؤمنين اكتفاء بلفظ الخلافة ومع هذا كان هو أيضا أمير المؤمنين
25 -
( باب ما أصاب النبي من الجراح يوم أحد )
أي هذا باب في بيان ما أصاب إلى آخره
4073 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( همام ) سمع ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه يشير إلى رباعيته اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله ( الحديث 4074 - طرفه في 4076 )
مطابقته للترجمة تأتي من حيث إن النبي لما جرح يوم أحد وشج في وجهه وكلمت شفته وكسرت رباعيته وأقبل ابي ابن خلف الجمحي وقد حلق ليقتلن محمدا فقال بل أنا أقتله فقال يا كذاب أين تفر فحمل عليه فطعنه في جيب الدرع فوقع يخور خوار الثور فاحتملوه فلم يلبث إلا بعض يوم حتى راحت روحه إلى الهاوية قال في ذلك الوقت اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله وهذا الحديث من مراسيل الصحابة وأخرجه أيضا مسلم في المغازي عن محمد بن رافع
وإسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاري كان ينزل بالمدينة بباب سعد فقيل له السعدي يروي عن عبد الرزاق بن همام اليماني عن معمر بن راشد عن همام بتشديد الميم ابن منبه
قوله واشتد غضب الله معناه أن ذلك من أعظم السيئات عنده ويجازى عليه وليس المراد منه الغضب الذي هو عرض لأن القديم لا تحله الأعراض لأنها حوادث فيستحيل وجودها فيه قوله بنبيه أي بنبي الله عز و جل قوله رباعيته بفتح الراء وبتخفيف الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف وهي السن التي تلي الثنية من كل جانب وللإنسان أربع رباعيات
4074 - حدثني ( مخلد بن مالك ) حدثنا ( يحيى بن سعيد الأموي ) حدثنا ( ابن جريج ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال اشتد غضب الله على من قتله النبي في سبيل الله اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبي الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ومخلد بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما ابن مالك أبو جعفر الحمال النيسابوري أصله رازي وهو من أفراده ووهم الحاكم حيث قال روى عنه مسلم لأن أحدا لم يذكره في رجاله ويحيى بن سعيد ابن أبان الأموي بضم الهمزة وفتح الميم يروي عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج والحديث مثل الذي قبله من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس لم يشهد الوقعة ولا أبو هريرة فكأنهما حملاه عمن شهدها أو سمعاه من النبي بعد ذلك
قوله في سبيل الله احتراز ممن يقتله في حد أو قصاص فإن من يقتله في سبيل الله كان قاصدا لقتل رسول الله قوله دموا بتشديد الميم أي جرحوه حتى خرج منه الدم فأصله دميوا حذفت الياء بعد نقل حركتها إلى ما قبلها ولا يقال دموا بالتخفيف لأنه غير متعد يقال دمى وجهه
( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله وليس في كثير من النسخ لفظ باب
4074 - حدثني ( مخلد بن مالك ) حدثنا ( يحيى بن سعيد الأموي ) حدثنا ( ابن جريج ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال اشتد غضب الله على من قتله النبي في سبيل الله اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبي الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ومخلد بفتح الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما ابن مالك أبو جعفر الحمال النيسابوري أصله رازي وهو من أفراده ووهم الحاكم حيث قال روى عنه مسلم لأن أحدا لم يذكره في رجاله ويحيى بن سعيد ابن أبان الأموي بضم الهمزة وفتح الميم يروي عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج والحديث مثل الذي قبله من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس لم يشهد الوقعة ولا أبو هريرة فكأنهما حملاه عمن شهدها أو سمعاه من النبي بعد ذلك
قوله في سبيل الله احتراز ممن يقتله في حد أو قصاص فإن من يقتله في سبيل الله كان قاصدا لقتل رسول الله قوله دموا بتشديد الميم أي جرحوه حتى خرج منه الدم فأصله دميوا حذفت الياء بعد نقل حركتها إلى ما قبلها ولا يقال دموا بالتخفيف لأنه غير متعد يقال دمى وجهه

(17/160)


( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله وليس في كثير من النسخ لفظ باب
4076 - حدثني ( عمرو بن علي ) حدثنا ( أبو عاصم ) حدثنا ( ابن جريج ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال اشتد غضب الله على من قتله نبي واشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله ( انظر الحديث 4074 )
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس المذكور آنفا أخرجه عن عمرو بن علي بن بحر بن أبي حفص البصري الصيرفي وروى مسلم عنه أيضا وأبو عاصم الضحاك بن مخلد المعروف بالنبيل وابن جريج قد مر الآن والله أعلم
26 -
( باب الذين استجابوا لله والرسول ( آل عمران 173 ) )
أي هذا باب في ذكر قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول ( آل عمران 173 ) وفي بيان سبب نزولها لأنها تتعلق بغزوة أحد
4077 - حدثنا ( محمد ) حدثنا ( أبو معاوية ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ( آل عمران 173 ) قالت لعروة يا ابن أختي كان أبوك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال من يذهب في إثرهم فانتدب منهم سبعون رجلا قال كان فيهم أبو بكر والزبير
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد هو ابن سلام قال أبو نعيم في ( مستخرجه ) أراه ابن سلام وأبو معاوية محمد بن حازم التميمي السعدي الضرير وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام يروي عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين والحديث من أفراده
قوله الذين مبتدأ وخبره قوله للذين أحسنوا ويجوز أن يكون صفة للمؤمنين الذين قبله وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ( آل عمران 171 ) ويجوز أن يكون نصبا على المدح والاستجابة الإجابة والطاعة والقرح الجرح قوله يا ابن أختي وذلك لأن عروة بن أسماء

(17/161)


أخت عائشة والزبير أبوه وأبو بكر عطف على أبوك ويروى أبواك فأبو بكر عطف على الزبير وأطلق الأب على أبي بكر وهو جده مجازا قوله انتدب يقال ندبه لأمر فانتدب أي دعاه له فأجاب قوله سبعون رجلا منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمار بن ياسر وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وذكر عبد الرزاق من مرسل عروة عبد الله بن مسعود وفي حديث الباب الزبير رضي الله تعالى عنهم وقال ابن جرير حدثني محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب يوم أحد بعد الذي كان منه ما كان فرجع إلى مكة فقال النبي إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب وكانت وقعة أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة وأنهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي واشتد عليهم الذي أصابهم وأن رسول الله ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين وقال إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال إن الناس قد جمعوا لكم ( آل عمران 173 ) فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد لأحضض فانتدب معه أبو بكر فذكر من ذكرناهم الآن وفيهم زيادة حذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول ( آل عمران 173 ) الآية
27 -
( باب من قتل من المسلمين يوم أحد منهم حمزة بن عبد المطلب واليمان وأنس بن النضر ومصعب بن عمير )
أي هذا باب في بيان من قتل من المسلمين يوم غزوة أحد منهم حمزة بن عبد المطلب عم النبي وقد مر بيانه في باب مفرد ومنهم اليمان بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميم وبعد الألف نون والد حذيفة وهو لقبه واسمه حسل بكسر الحاء المهملة وسكون السين المهملة وفي آخره لام وقد تقدم في آخر باب إذ همت طائفتان ( آل عمران 122 ) ومنهم أنس بن النضر وقد تقدم في أوائل الغزوة وفي رواية أبي ذر النضر بن أنس وكذا وقع عند النسائي وهو خطأ والصواب أنس بن النضر وأما النضر بن أنس فهو ولده وكان إذ ذاك صغيرا وعاش بعد ذلك زمانا ومنهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف وقد تقدم أيضا
4078 - حدثني ( عمرو بن علي ) حدثنا ( معاذ بن هشام ) قال حدثني أبي عن ( قتادة ) قال ما نعلم حيا من أحياء العرب أكثر شهيدا أعز يوم القيامة من الأنصار
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه وعمرو بن علي بن بحر أبو حفص البصري الصيرفي ومعاذ بضم الميم ابن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري سكن ناحية اليمن يروي عن أبيه عبد الله واسمه سفيان قال عمرو بن علي مات سنة ثلاث وخمسين ومائة قوله أعز بالعين المهملة والزاي من العزة وفي رواية الكشميهني أغر بالغين المعجمة والراء وانتصابه على أنه صفة أو بدل أو عطف بيان وقال الكرماني جاز حذف حرف العطف كما في التحيات المباركات وفيه نظر
قال قتادة وحدثنا أنس بن مالك أنه قتل منهم يوم أحد سبعون ويوم بئر معونة سبعون ويوم اليمامة سبعون قال وكان بئر معونة على عهد رسول الله ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مسيلمة الكذاب

(17/162)


هو موصول بالإسناد المذكور وأراد قتادة بذلك اعتضاد كلامه الأول
قوله قتل منهم أي من الأنصار هذا ظاهر الكلام إلا أن الذي قتل من المهاجرين قليل وهم حمزة بن عبد المطلب وعبد الله بن جحش وشمسا بن عثمان ومصعب بن عمير وهؤلاء ذكرهم ابن إسحاق لأنه ذكر من استشهد من المسلمين بأحد فبلغوا خمسة وستين منهم أربعة من المهاجرين وهم الذين ذكرناهم وروى ابن منده من حديث أبي بن كعب قال قتل من الأنصار يوم أحد أربعة وستون ومن المهاجرين ستة وصححه ابن حبان وقد ذكر موسى بن عقبة سعدا مولى حاطب والسادس ثقيف بن عمرو الأسلمي حليف بني عبد شمس قوله ويوم بئر معونة أي قتل يوم بئر معونة بفتح الميم وضم العين المهملة وبالنون وهو ماء لبني سليم وهو بين أرض بني عامر وأرض بني سليم وذكر الكندي أن بئر معونة من جبال ليلى في طريق المصعد من المدينة إلى مكة وقال ابن دحية هي بئر بين مكة وعسفان وأرض هذيل وجزم ابن التين بأنها على أربع مراحل من المدينة وقال ابن إسحاق أقام رسول الله يعني بعد أحد بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة والمحرم ثم بعث أصحاب بئر معونة في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد وقال موسى بن عقبة وكان أمير القوم المنذر بن عمرو ويقال مرثد بن أبي مرثد وأغرب مكحول حيث قال إنها كانت بعد الخندق وسيأتي أنه أرسل سبعين رجلا لحاجته يقال لهم القراء فتعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم فدعا عليهم النبي شهرا في صلاة الغداء وذاك بدء القنوت قوله ويوم اليمامة أي قتل يوم اليمامة سبعون واليمامة مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف ولما تولى أبو بكر رضي الله تعالى عنه الخلافة بعد النبي أرسل جيشا إلى قتال مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وجعل خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه أميرا عليهم وقصته طويلة وملخصها أن خالدا لما قرب من مسيلمة وتواجه الفريقان وقع حرب عظيم وصبر المسلمون صبرا لم يعهد مثله حتى فتح الله عليهم وولى الكفار الأدبار ودخل أكثرهم الحديقة وأحاط بهم الصحابة ثم دخلوها من حيطانها وأبوابها فقتلوا من فيها من المرتدة من أهل اليمامة حتى خلصوا إلى مسيلمة لعنه الله فتقدم إليه وحشي بن حرب قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه فرماه بحربة فأصابته وخرجت من الجانب الآخر وسارع إليه أبو دجانة سماك بن حرب فضربه بالسيف فسقط وكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل وقيل أحد وعشرون ألفا وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة والله أعلم وفيهم من الصحابة سبعون رجلا ويقال كان عمر مسيلمة يوم قتل مائة وأربعين سنة
4079 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( الليث ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبد الرحمان بن كعب بن مالك ) أن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما أخبره أن رسول الله كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول أيهم أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحد قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هاؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب من يقدم في اللحد فإنه أخرجه هناك عن ابن مقاتل عن عبد الله عن ليث بن سعد عن ابن شهاب إلخ ومضى الكلام فيه هناك
4080 - وقال ( أبو الوليد ) عن ( شعبة ) عن ( ابن المنكدر ) قال سمعت جابرا قال لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب النبي ينهوني والنبي لم ينه وقال النبي لا تبكيه أو ما تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع
مطابقته للترجمة ظاهرة فإن والد جابر هو عبد الله ممن قتل بأحد وأبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي وابن المنكدر

(17/163)


هو محمد بن المنكدر بن عبد الله القرشي التيمي المدني وهذا تعليق وصله الإسماعيلي حدثنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد إلخ والحديث مضى في الجنائز في باب ما يكره من النياحة على الميت بأتم منه أخرجه عن علي بن عبد الله عن سفيان عن ابن المنكدر
قوله ينهوني بحذف نون الجمع على لغة ويروى يلهونني على الأصل قوله لم ينه أي لم ينه جابرا والدليل عليه رواية الإسماعيلي والنبي لا ينهاني قوله لا تبكيه ظاهره يقتضي أن النهي لجابر وبه صرح الكرماني ولأن قوله لا تبكيه خطاب بصيغة المذكر فيكون النهي لجابر قوله أو ما تبكيه شك من الراوي قال الكرماني كلمة ما للاستفهام يعني لم تبكيه وقال بعضهم ظاهره أن النهي لجابر وليس كذلك وإنما النهي لفاطمة بنت عمرو وعمة جابر وقد أخرجه مسلم من طريق غندر عن شعبة بلفظ قتل أبي فذكر الحديث إلى أن قال وجعلت بنت عمرو عمتي تبكيه فقال النبي لا تبكيه وكذا تقدم عند المصنف في الجنائز نحو هذا انتهى قلت الذي تقدم عند المصنف في الجنائز ليس كذلك لأن لفظه هناك فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ثم ذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي فأمر رسول الله فرفع فسمع صوت صائحة فقال من هذه فقالوا بنت عمرو أو أخت عمرو قال فلم تبكي أو لا تبكي الحديث وكيف يترك صريح النهي لجابر ويقال النهي هنا لفاطمة بنت عمرو وليس لها هنا ذكر وهذا تصرف عجيب وإن كان أصل الحديث واحدا فلا يمنع أن يكون النهي هنا لجابر وهناك لفاطمة وبهذا قال الكرماني ومر هذا الحديث في باب ما يكره من النياحة لكن ثمة روي أنه قال لعمة عبد اللهلم تبكي أو لا تبكي وههنا قاله لجابر
4081 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) عن جده ( أبي بردة ) عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه أرى عن النبي قال رأيت في رؤياي أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخري فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء به الله من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها بقرا خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وأبو بردة بضم الباء أيضا اسمه عامر وقيل غير ذلك وقد مر غير مرة وبريد هذا يروي عن جده أبي بردة وأبو بردة يروي عن أبيه ( أبي موسى ) عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في غير موضع في المغازي وعلامات النبوة والتعبير
قوله أرى عن النبي كذا وقع في الأصول وهو بضم الهمزة بمعنى أظن قال بعضهم القائل ذلك هو البخاري فكأنه شك هل سمع من شيخه صيغة الرفع أم لا قلت يحتمل أن يكون قائله شيخه محمد بن العلاء قوله رأيت وفي رواية الكشميهني أريت على صيغة المجهول قوله سيفا وفي رواية الكشميهني سيفي وقد تقدم في أول الغزوة أنه ذو الفقار قوله فانقطع صدره وعند ابن إسحاق وأريت في ذباب سيفي ثلما وعند أبي الأسود في المغازي عن عروة رأيت سيفي ذا الفقار قد انقصم من عند ظبته وكذا عند ابن سعد قوله بقرا بالباء الموحدة والقاف وفي رواية أبي الأسود عن عروة بقرا تذبح وكذا في حديث ابن عباس عند أبي يعلى قوله والله خير كذا بالرفع فيهما على أنه مبتدأ وخبر وفيه حذف تقديره وثواب الله خير أو صنع الله بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا وقال السهيلي معناه رأيت بقرا تنحر والله عنده خير وفي رواية ابن إسحاق إني رأيت والله خيرا رأيت بقرا قال النووي جاء في رواية رأيت بقرا تنحر وبهذه الزيادة يتم تأويل الرؤيا إذ نحر البقر هو قتل الصحابة بأحد
119 - ( حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن شقيق عن خباب رضي

(17/164)


الله عنه قال هاجرنا مع النبي ونحن نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله فمنا من مضى أو ذهب لم يأكل من أجره شيئا كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطي بها رجليه خرج رأسه فقال لنا النبي غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر أو قال ألقوا على رجليه من الإذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهد بها )
مطابقته للترجمة في قوله فمنا من مضى الخ وزهير هو ابن معاوية والأعمش هو سليمان وشقيق هو ابن سلمة والحديث مضى في أوائل باب غزوة أحد فإنه أخرجه هناك بعين هذا الإسناد والمتن ومثل هذا يطلق عليه حقيقة التكرار فافهم
( باب أحد يحبنا ونحبه )
أي هذا باب يذكر فيه أحد يحبنا يعني جبل أحد يحبنا وفي بعض النسخ باب جبل أحد يحبنا قال الكرماني أي يحبنا أهله وهم أهل المدينة ويجوز أن تسند المحبة إلى نفس أحد حقيقة بأن يخلقها الله فيه والله على كل شيء قدير
( قاله عباس بن سهل عن أبي حميد عن النبي )
عباس بن سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري المديني وأبو حميد الساعدي الأنصاري اسمه عبد الرحمن وقيل المنذر وقيل غير ذلك وهو عم سهل بن سعد وهذا تعليق قال صاحب التلويح أخرجه البخاري مسندا في كتاب الحج حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل به قلت ليس فيه أحد يحبنا وإنما لفظه عن أبي حميد أقبلنا مع النبي من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال هذه طابة أخرجه في أواخر الحج في باب المدينة طابة وإنما هذا طرف من حديث وصله البزار
120 - ( حدثني نصر بن علي قال أخبرني أبي عن قرة بن خالد عن قتادة سمعت أنسا رضي الله عنه أن النبي قال هذا جبل يحبنا ونحبه )
مطابقته للترجمة ظاهرة ونصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري وهو شيخ مسلم أيضا يروي عن أبيه وأبوه يروي عن قرة بن خالد أبو محمد السدوسي البصري والحديث أخرجه مسلم أيضا في المناسك عن عبيد الله بن معاذ عن القواريري
121 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله طلع له أحد فقال هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث قد مضى في كتاب الجهاد في باب فضل الخدمة في الغزو بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك قوله لابتيها تثنية لابة بتخفيف الباء الموحدة وهي الحرة
122 - ( حدثني عمرو بن خالد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة أن النبي خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى -
4081 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) عن جده ( أبي بردة ) عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه أرى عن النبي قال رأيت في رؤياي أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخري فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء به الله من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها بقرا خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وأبو بردة بضم الباء أيضا اسمه عامر وقيل غير ذلك وقد مر غير مرة وبريد هذا يروي عن جده أبي بردة وأبو بردة يروي عن أبيه ( أبي موسى ) عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في غير موضع في المغازي وعلامات النبوة والتعبير
قوله أرى عن النبي كذا وقع في الأصول وهو بضم الهمزة بمعنى أظن قال بعضهم القائل ذلك هو البخاري فكأنه شك هل سمع من شيخه صيغة الرفع أم لا قلت يحتمل أن يكون قائله شيخه محمد بن العلاء قوله رأيت وفي رواية الكشميهني أريت على صيغة المجهول قوله سيفا وفي رواية الكشميهني سيفي وقد تقدم في أول الغزوة أنه ذو الفقار قوله فانقطع صدره وعند ابن إسحاق وأريت في ذباب سيفي ثلما وعند أبي الأسود في المغازي عن عروة رأيت سيفي ذا الفقار قد انقصم من عند ظبته وكذا عند ابن سعد قوله بقرا بالباء الموحدة والقاف وفي رواية أبي الأسود عن عروة بقرا تذبح وكذا في حديث ابن عباس عند أبي يعلى قوله والله خير كذا بالرفع فيهما على أنه مبتدأ وخبر وفيه حذف تقديره وثواب الله خير أو صنع الله بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا وقال السهيلي معناه رأيت بقرا تنحر والله عنده خير وفي رواية ابن إسحاق إني رأيت والله خيرا رأيت بقرا قال النووي جاء في رواية رأيت بقرا تنحر وبهذه الزيادة يتم تأويل الرؤيا إذ نحر البقر هو قتل الصحابة بأحد
28 -
( باب أحد يحبنا ونحبه )
أي هذا باب يذكر فيه أحد يحبنا يعني جبل أحد يحبنا وفي بعض النسخ باب جبل أحد يحبنا قال الكرماني أي يحبنا أهله وهم أهل المدينة ويجوز أن تسند المحبة إلى نفس أحد حقيقة بأن يخلقها الله فيه والله على كل شيء قدير
قاله عباس بن سهل عن أبي حميد عن النبي
عباس بن سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري المديني وأبو حميد الساعدي الأنصاري اسمه عبد الرحمن وقيل المنذر وقيل غير ذلك وهو عم سهل بن سعد وهذا تعليق قال صاحب ( التلويح ) أخرجه البخاري مسندا في كتاب الحج حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عن عباس بن سهل به قلت ليس فيه أحد يحبنا وإنما لفظه عن أبي حميد أقبلنا مع النبي من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال هذه طابة أخرجه في أواخر الحج في باب المدينة طابة وإنما هذا طرف من حديث وصله البزار
4083 - حدثني ( نصر بن علي ) قال أخبرني أبي عن ( قرة بن خالد ) عن ( قتادة ) سمعت ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه أن النبي قال هذا جبل يحبنا ونحبه
مطابقته للترجمة ظاهرة ونصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري وهو شيخ مسلم أيضا يروي عن أبيه وأبوه يروي عن قرة بن خالد أبو محمد السدوسي البصري والحديث أخرجه مسلم أيضا في المناسك عن عبيد الله ابن معاذ عن القواريري
4084 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( عمرو ) مولى ( المطلب ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله طلع له أحد فقال هاذا جبل يحبنا ونحبه أللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث قد مضى في كتاب الجهاد في باب فضل الخدمة في الغزو بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك قوله لابتيها تثنية لابة بتخفيف الباء الموحدة وهي الحرة
4085 - حدثني ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( الليث ) عن ( يزيد بن أبي حبيب ) عن ( أبي الخير ) عن ( عقبة ) أن النبي خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف

(17/165)


إلى المنبر فقال إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني عليكم وإني لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولاكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها
مطابقته للترجمة لا تأتي إلا من حيث إن أحدا مذكور فيه وأبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله اليزني المصري وعقبة بالقاف هو عقبة بن عامر الجهني والحديث قد مضى في أول باب غزوة أحد ومر الكلام فيه هناك مستوفى
29 -
( باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وحديث عضل والقارة وعاصم بن ثابت وخبيب وأصحابه )
أي هذا باب في بيان غزوة الرجيع إلخ وليس في رواية أبي ذر ولفظ باب والرجيع بفتح الراء وكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة وهو اسم موضع من بلاد هذيل وكانت الوقعة بالقرب منه فسميت به وقال الواقدي الرجيع على ثمانية أميال من عسفان وكانت في صفر من سنة أربع وجزم ابن التين بأن غزوة الرجيع في آخر سنة ثلاث وغزوة بئر معونة سنة أربع وغزوة بني لحيان سنة خمس
قوله ورعل أي وغزوة رعل بكسر الراء وسكون العين المهملة وباللام وهو بطن من بني سليم ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم قوله وذكوان بفتح الذال المعجمة وهو أيضا بطن من بني سليم ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم فنسبت الغزوة إليها قوله وبئر معونة بفتح الميم وضم العين المهملة وسكون الواو وبالنون وهو موضع في بلاد هذيل بين مكة وعسفان قوله وحديث عضل والقارة أي وفي بيان حديثهما أما عضل فبالعين المهملة والضاد المعجمة المفتوحتين وهو بطن من بني الهون بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر ينتسبون إلى عضل بن الديش بن محلم بن غالب بن عائذة بن يشيع بن مليح بن الهون بن خزيمة قال الرشاطي يقال لهم القارة وقال ابن الكلبي الديش هم لقارة وأما القارة فبالقاف وتخفيف الراء وهو بطن من الهون ينتسبون إلى الديش المذكور وقال ابن دريد القارة أكمة سوداء فيها حجارة كأنهم نزلوا عندها فسموا بها قوله وعاصم بن ثابت أي وحديث عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بالقاف والحاء المهملة الأنصاري وخبيب أي وحديث خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وقد مر غير مرة قوله وأصحابه أي أصحاب خبيب وهم العشرة وأعلم أن غزوة الرجيع وبئر معونة شيء واحد على سياق هذه الترجمة وليس كذلك لأن غزوة الرجيع كانت سرية عاصم وخبيب في عشرة أنفس وهي مع عضل والقارة وبئر معونة كانت سرية القراء السبعين وهي مع رعل وذكوان وأعلم أيضا أنه لم يقع ذكر عضل والقارة عند البخاري صريحا وإنما وقع ذلك عند ابن إسحاق
قال ابن إسحاق حدثنا عاصم بن عمر أنها بعد أحد
أي قال محمد بن إسحاق صاحب ( المغازي ) حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الظفري الأنصاري الأوسي كان علامة بالمغازي قوله أنها أي أن غزوة الرجيع كانت بعد غزوة أحد فإنه لما استوفى قصة أحد ذكر يوم الرجيع حدثني عاصم ابن عمر قال قدم على رسول الله بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا فبعث معهم ستة من أصحابه وهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب وهو أمير القوم وخالد بن بكير الليثي حليف بني عدي أخو بني جحجبي وثات بن أبي الأفلح وخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق فذكر القصة
4086 - حدثني ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام بن يوسف ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عمرو ابن أبي سفيان الثقفي ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال بعث النبي سرية عينا

(17/166)


وأمر عليهم عاصم بن ثابت وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا حتى إذا كان بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فتبعوهم بقريب من مائة رام فاقتصوا آثارهم حتى أتوا منزلا نزلوه فوجدوا فيه نوي تمر تزودوه من المدينة فقالوا هاذا تمر يثرب فتبعوا آثارهم حتى لحقوهم فلما انتهى عاصم وأصحابه لجؤا إلى فدفد وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلا فقال عاصم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر أللهم أخبر عنا نبيك فقاتلوهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر بالنبل وبقي خبيب وزيد ورجل آخر فأعطوهم العهد والميثاق فلما أعطوهم العهد والميثاق نزلوا إليهم فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث الذي معهما هاذا أول الغدر فأبى أن يصحبهم فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر فمكث عندهم أسيرا حتى إذا أجمعوا قتله استعار موسى من بعض بنات الحارث ليستحد بها فأعارته قالت فغفلت عن صبي لي فدرج إليه حتى أتاه فوضعه على فخذه فلما رأيته فزعت فزعة عرف ذااك مني وفي يده الموسى فقال أتخشين أن أقتله ما كنت لافعل ذالك إن شاء الله وكانت تقول ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بمكة يومئذ ثمرة وإنه لموثق في الحديد وما كان إلا رزق رزقه الله فخرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال دعوني أصلي ركعتين ثم انصرف إليهم فقال لولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لزدت فكان أول من سن الركعتين عند القتل هو ثم قال أللهم أحصهم عددا ثم قال
ما أبالي حين أقتل مسلما
على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإلاه وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
ثم قام إليه عقبة بن الحارث فقتله وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الحديث قد مر في كتاب الجهاد في باب هل يستأسر الرجل فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري الخ ثم أخرجه أيضا في أثناء أبواب غزوة بدر عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم عن ابن شهاب إلخ وقد مر الكلام فيه هناك ولنتكلم على بعض شيء أيضا
قوله عن عمرو بن سفيان عمرو بفتح العين هكذا تقدم في الجهاد عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي وهو حليف لبني زهرة وكان من أصحاب أبي هريرة وإبراهيم ابن سعد يقول عن الزهري عن عمر بضم العين واختلفوا فيه فقال البخاري في ( تاريخه ) عمرو أصح قوله سرية وفي رواية الكشميهني بسرية بزيادة باء موحدة في أوله وقد مضى فيما تقدم في غزوة بدر بعث عشرة عينا أي يتجسسون له وفي رواية

(17/167)


أبي الأسود عن عروة بعثهم عيونا إلى مكة ليأتوه بخبر قريش قوله وأمر بتشديد الميم قوله عاصم بن ثابت وفي السير أمر عليهم مرثد بن أبي مرثد قوله وهو جد عاصم بن عمر وقد ذكرنا فيما تقدم أنه خال عاصم لا جده وقال الكرماني جد عاصم عند بعضهم وأما الأكثرون فيقولون هو خاله لا جده قوله عسفان بضم العين وسكون السين المهملتين وهي قرية على مرحلتين من مكة وقد مر غير مرة قوله ذكروا على صيغة المجهول قوله بنو لحيان بكسر اللام وقيل بفتحها ولحيان هو ابن هذيل نفسه وهذيل هو ابن مدركة بن إلياس بن مضر وزعم الهمداني النسابة أن أصل بني لحيان من بقايا جرهم دخلوا في هذيل فنسبوا إليهم وقال الواقدي إن سبب خروج بني لحيان عليهم قتل سفيان بن نتيج الهذلي وكان قتل سفيان هذا على يد عبد الله بن أنيس وذكر أبو داود قصته بإسناد حسن قوله فاقتصوا آثارهم أي اتبعوها شيئا فشيئا ومنه قوله تعالى وقالت لأخته قصيه ( القصص 11 ) أي اتبعي أثره ويجوز بالسين قوله إلى فدفد بفتح الفاءين وسكون المهملة الأولى وهو الرابية المشرفة ووقع في رواية أبي داود إلى قردد بقاف وراء ودالين وقال ابن الأثير هو الموضع المرتفع وقيل الأرض المستوية والأول أصح قوله أللهم أخبر نبيك ويروي أللهم أخبر عنا رسولك وفي رواية الطيالسي عن إبراهيم بن سعد فاستجاب الله لعاصم فأخبر رسوله خبره فأخبر أصحابه بذلك يوم أصيبوا قوله في سبعة أي في جملة سبعة قوله وبقي خبيب هو ابن عدي قوله وزيد هو ابن الدثنة بفتح الدال المهملة وكسر الثاء المثلثة وفتح النون قوله ورجل آخر هو عبد الله بن طارق الظفري بين ذلك ابن إسحاق في روايته حيث قال فأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق فاستأسروا قوله فقال الرجل الثالث هو عبد الله بن طارق قوله حتى باعوهما أي خبيبا وزيدا وفي رواية ابن إسحاق فأما زيد فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه وقال ابن سعد الذي تولى قتله نسطاس مولى صفوان قوله فاشترى خبيبا بنو الحارث بين ابن إسحاق أن الذي اشتراه جحير بن أبي أهاب التميمي حليف بني نوفل وكان أخا الحارث بن عامر لأمه وفي رواية بريدة بن سفيان بأنهم اشتروا خبيبا بأمة سوداء وقال ابن هشام باعوهما بأسيرين من هذيل كانا بمكة ولا منافاة بينهما لإمكان الجمع قوله وكان خبيب هو الذي قتل الحارث يوم بدر هكذا وقع في رواية البخاري في حديث أبي هريرة فذكر خبيب بن عدي فيمن شهد بدرا وقال الحافظ الدمياطي لم يذكر أحد من أهل المغازي أن خبيب بن عدي شهد بدرا ولا قتل الحارث بن عامر وإنما ذكروا أن الذي قتل الحارث بن عامر ببدر خبيب ابن أساف وهو غير خبيب بن عدي وهو خزرجي وخبيب بن عدي أوسي قوله من بعض بنات الحارث ذكر في ( الأطراف ) لخلف أن اسمها زينب بنت الحارث وهي أخت عقبة بن الحارث الذي قتل خبيبا وقيل امرأته قوله وكانت تقول الضمير فيه يرجع إلى بعض بنا الحارث وهو زينب كما ذكرنا وقال ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح قال حدثت عن ماوية مولاة جحير بالراء في آخره ابن أبي إهاب وكانت قد أسلمت قالت حبس خبيب في بيتي ولقد أطلعت عليه يوما وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الحبل يأكل منه قيل أن كان هذا محفوظا احتمل أن يكون كل من ماوية وزينب رأت القطف في يده يأكله وإن التي حبس في بيتها ماوية والتي كانت تحرسه زينب جمعا بين الروايتين وذكر ابن بطال أن اسم المرأة جويرية قال بعضهم فيحتمل أن يكون لما رأى قول ابن إسحاق إنها مولاة جحير بن أبي إهاب أطلق عليها جويرية لكونها أمته أو يكون وقعت له رواية فيها أن اسمها جويرة قلت الاحتمال الثاني له وجه والأول بعيد قوله عن صبي لي ذكر الزبير بن بكار أن هذا الصبي هو أبو حسين بن الحارث بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وهو جد عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي المحدث وهو من أقران الزهري قوله من قطف عنب بكسر القاف وهو العنقود قوله لموثق بفتح الثاء المثلثة أي مقيد بالحديد قوله فخرجوا به من الحرم قال ابن إسحاق أخرجوه إلى التنعيم قوله دعوني أصلي بالياء في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني أصل بغير ياء وقال موسى بن عقبة إنه صلى ركعتين في موضع مسجد التنعيم قوله أللهم إحصهم عددا دعاء عليهم بالاستئصال والهلاك بحيث لا يبقى منهم أحد وزاد في رواية إبراهيم بن سعد واقتلهم بددا أي متفرقين ولا تبق منهم أحدا ويروى أنه لما رفع على الخشبة استقبل الدعاء فلبد رجل بالأرض خوفا من  التالي ان  شاء الله هو  ج33.وج34.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آيات ورد فيها "العرش" ويسبحون واشتقاقاتهم

  العرش آيات ورد فيها "العرش " ويسبحون واشتقاقاتهم   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِ...