ج31 .وج.32.عمدة القارئ شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني
ج31.عمدة القارئ
وسعيد بن شرحبيل بضم الشين
المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر
الحروف وباللام الكندي مات سنة ثنتي عشرة ومائتين ويزيد هو من الزيادة وهو ابن أبي
حبيب وأبو الخير وهو مرثد بن عبد الله ورجال هذا الحديث كلهم مصريون
وهذا الحديث قد مر في كتاب الجنائز في باب الصلاة على الشهداء فإنه أخرجه هناك عن
عبد الله بن يوسف عن الليث إلى آخره نحوه
قوله إن النبي خرج يوما وفي بعض النسخ عن عقبة بن عامر عن النبي خرج يوما قيل حذف
فيه لفظ إنه قلت يكون تقديره عن النبي أنه خرج وقيل هذه اللفظة تحذف كثيرا من الخط
ولا بد من التلفظ بها قوله فرطكم بفتح الراء وهو الذي يتقدم الواردة فيهيء لهم
الإرشاد والدلاء ونحوها قوله أعطيت مفاتيح خزائن الأرض وقال الكرماني وفي بعضها
خزائن مفاتيح الأرض والأول أظهر قوله أن تنافسوا أصله أن تتنافسوا فحذفت إحدى
التائين من التنافس وهو الرغبة في الشيء والانفراد به وكذلك المنافسة
7953 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن (
أسامة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أشرف ) النبي على أطم من الآطام فقال هل ترون ما
أرى إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن أمر مغيب على الناس وأبو نعيم الفضل بن
دكين وابن عيينة هو سفيان ابن عيينة
والحديث قد مضى في أواخر الحج في باب آطام المدينة فإنه أخرجه هناك عن علي عن
سفيان إلى آخره
قوله على أطم الأطم يخفف ويثقل والجمع آطام وهو حصون لأهل المدينة والتشبيه بمواقع
القطر في الكثرة والعموم أي أنها لكثيرة وتعم الناس لا تختص بها طائفة قال
الكرماني وهذا إشارة إلى الحروب الحادثة فيها كوقعة الحرة وغيرها
8953 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( عروة بن
الزبير ) أن ( زينب بنت أبي سلمة حدثته ) أن أم ( حبيبة بنت أبي سفيان حدثتها ) عن
( زينب بنت جحش ) أن النبي دخل عليها فزعا يقول لا إلاه إلا الله ويل للعرب من شر
قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بإصبعه وبالتي تليها فقالت
زينب فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن أمر مغيب عن الناس وقد شاهده هو وأبو
اليمان الحكم بن نافع
وفيه ثلاث صحابيات وهي زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي واسم أبي سلمة عبد الرحمن بن
عبد الأسد وأم حبيبة زوج النبي واسمها رملة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش زوج النبي
وفي مسلم روى الحديث زينب عن حبيبة عن أمها عن زينب فاجتمعت فيه أربع صحابيات وقد
مضى الحديث في أحاديث الأنبياء في باب قصة يأجوج ومأجوج ومضى الكلام فيه هناك
قوله فزعا أي خائفا مما أخبر به أنه يصيب أمته قوله ويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة
ولا يترحم عليه و ويح كلمة تقال لمن وقع في هلكة يترحم عليه قوله للعرب يعني للمسلمين
لأن أكثر المسلمين العرب ومواليهم قوله من ردم يأجوج ومأجوج أي من سدهم قوله
بإصبعه أي الإبهام وقد صرح به في كتاب الأنبياء في باب ويسألونك عن ذي القرنين (
الكهف 38 ) قوله أنهلك وفينا الصالحون أرادت أيقع الهلاك بقوم وفيهم من لا يستحق
ذلك قال نعم إذا كثر الخبث أي الزنا وقيل إذا عز الأشرار وذل الصالحون
(16/136)
9953 - وعن ( الزهري حدثتني
هند بنت الحارث ) أن أم ( سلمة ) قالت استيقظ النبي فقال سبحان الله ماذا أنزل من
الخزائن وماذا أنزل من الفتن
هو عطف على الزهري في الحديث السابق متصل به في الإسناد وأورده مختصرا وتمامه يأتي
في الفتن عن أبي اليمان المذكور آنفا قوله ماذا أنزل من الخزائن قال الداودي
الخزائن الكنوز والفتن ههنا القتال الذي يكون بين المسلمين وقيل خزائن الله علم
غيوبه التي لا يعلمها إلا هو
00 - 6 - 3 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون ) عن
( عبد الرحمن ابن أبي صعصعة ) عن أبيه عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه
قال قال لي إني أراك تحب الغنم وتتخذها فأصلحها وأصلح رعامها فإني سمعت النبي يقول
يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم يتبع بها شعف الجبال أو سعف
الجبال في مواقع القطر يفر بدينه من الفتن
مطابقته للترجمة في قوله يأتي على الناس زمان إلى آخره وأبو نعيم الفضل بن دكين
وعبد العزيز بن أبي سلمة هو عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة واسم أبي سلمة
دينار والماجشون بكسر الجيم وفتحها وضمها قال الكرماني وفي بعض النسخ عبد العزيز
بن أبي سلمة بن الماجشون بزيادة لفظة ابن بعد أبي سلمة والصواب عدمه وجاز فيه ضم
النون لأنه صفة لعبد العزيز ويجوز كسرها لأنه صفة لأبي سلمة قلت وقال ابن سعد
يعقوب بن أبي سلمة هو الماجشون فسمي بذلك هو وولده فيعرفون جميعا بالماجشون وسمي
بذلك لأن وجنتيه كانتا حمراوان فسمي بالفارسية الما يكون فيه خمر شبه وجنتاه
بالخمر فعربه أهل المدينة فقالوا الماجشون ويعقوب بن أبي سلمة هو عم عبد العزيز
المذكور وعبد الرحمن بن أبي صعصعة هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ينسب
إلى جده وروايته لهذا الحديث عن أبيه لا عن أبي صعصعة فافهم
وأول الحديث مضى في باب ذكر الجن وثوابهم فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن مالك عن عبد
الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
وقوله يأتي على الناس زمان إلى آخره في باب خير مال المسلم غنم ولكن فيها بعض
زيادة ونقص في المتن يعرف عند النظر وقوله رعامها بضم الراء وتخفيف العين المهملة
وهو المخاط يقال شاة رعوم بها ماء يسيل من أنفها الرعام أي نح الرعام منها ويروى
رعاتها جمع الراعي نحو القضاة والقاضي قوله شعف الجبال بالشين المعجمة قوله أو سعف
الجبال بالسين المهملة شك من الراوي وهو جمع سعفة في رأس الجبل والشك إما في حركة
العين وسكونها وإما في السين المهملة أو المعجمة وهي غصن النخل وقال ابن الأثير
غصن النخل إذا يبس يسمى سعفة بالسين المهملة وإذا كان رطبا فهي شطبة والشعف بالشين
المعجمة رأس جبل من الجبال ومنه قيل لأعلى شعر الرأس شعفة
1063 - حدثنا ( عبد العزيز الأويسي ) حدثنا ( إبراهيم ) عن ( صالح بن كيسان ) عن (
ابن شهاب ) عن ( ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله
تعالى عنه قال قال رسول الله ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها
خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو
معاذا فليعذ به
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن فتن ستقع وهذا من علامات النبوة وعبد
العزيز هو ابن عبد الله ابن يحيى أبو القاسم القرشي الأويسي بضم الهمزة وفتح الواو
وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره سين مهملة نسبة
(16/137)
إلى أويس أحد أجداده وهو من
أفراده وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
وفيه ثلاثة من التابعين إثنان منهم مذكوران بالابن والثالث بالكنية والحديث أخرجه
مسلم
قوله فتن بكسر الفاء جمع فتنة قوله ومن يشرف بضم الياء آخر الحروف من الإشراف وهو
الانتصاب للشيء والتطلع إليه والتعرض له ويروى من تشرف على وزن تفعل من الماضي
وكذا في رواية مسلم قوله تستشرفه أي تغلبه وتصرعه وقيل هو من الإشراف على الهلاك
أي تستهلكه وقيل من طلع لها بشخصه طالعته بشرفها قوله ملجأ أي موضعا يلتجىء إليه
فليعذ به وهو أمر للغائب من عاذ به قوله أو معاذا شك من الراوي وهو بمعنى ملجأ
أيضا
وفيه الحث على تجنب الفتن والهرب منها وأن شرها يكون بحسب التعلق بها
2063 - وعن ( ابن شهاب ) حدثني ( أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ) عن ( عبد
الرحمان بن مطيع ابن الأسود ) عن ( نوفل بن معاوية ) مثل حديث أبي هريرة هذا إلا
أن أبا بكر يزيد من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله
هو بإسناد حديث أبي هريرة إلى الزهري وشيخ الزهري هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي المدني الضرير
ويقال له راهب قريش لكثرة صلاته ويقال اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن وعبد
الرحمن بن مطيع بن الأسود بن حارثة يكنى أبا عبد الله وعبد الرحمن هذا تابعي على
الصحيح وذكره ابن حبان وابن منده في الصحابة وأخوه عبد الله بن مطيع الذي ولي
الكوفة مذكور في الصحابة وعبد الرحمن هذا ليس له في البخاري إلا هذا الحديث ونوفل
بن معاوية بن عروة الكناني الديلي وهو من مسلمة الفتح عاش إلى خلافة يزيد بن
معاوية ويقال إنه جاوز المائة وليس له في البخاري غير هذا الحديث وهو خال عبد
الرحمن بن مطيع الراوي عنه
والحديث أخرجه مسلم أيضا عن عمرو الناقد والحسن الحلواني وعبد بن حميد
قوله مثل حديث أبي هريرة هذا أشار به إلى الحديث السابق الذي رواه أبو هريرة قوله
إلا أن أبا بكر أي شيخ الزهري قوله يزيد من الصلاة إلى آخره قيل يحتمل أن يكون
زاده مرسلا ويحتمل أن يكون بالإسناد المذكور عن عبد الرحمن بن مطيع قوله من الصلاة
المراد بها صلاة العصر وقد صرح بذلك النسائي في روايته قوله أهله وماله بالنصب
فيهما وهو من وتره حقه أي نقصه
3063 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( زيد بن وهب )
عن ( ابن مسعود ) عن النبي قال ستكون أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله فما
تأمرنا قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ( الحديث 3063 - طرفه في
2507 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن الأمور التي ستقع ورجاله قد ذكروا غير
مرة والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن مسدد وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي
بكر بن أبي شيبة وعن أبي سعيد الأشج وعن أبي كريب ومحمد بن عبد الله بن نمير وعن
عثمان بن أبي شيبة الكل عن الأعمش وأخرجه الترمذي في الفتن عن محمد بن بشار عن
يحيى بن سعيد به
قوله أثرة بفتح الهمزة وفتح الثاء المثلثة وبضم الهمزة وسكون الثاء أي استبداد
واختصاص بالأموال فيما حقه الاشتراك قوله تؤدون الحق الذي عليكم قيل المراد بالحق
السمع والطاعة للأئمة ولا يخرج عليهم قوله وتسألون الله الذي لكم
(16/138)
4063 - حدثني ( محمد بن عبد
الرحيم ) حدثنا ( أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( شعبة
) عن ( أبي التياح ) عن ( أبي زرعة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال
رسول الله يهلك الناس هذا الحي من قريش قالوا فما تأمرنا قال لو أن الناس اعتزلوهم
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن المغيبات ومحمد بن عبد الرحيم الملقب
بصاعقة مر في الوضوء وأبو معمر بفتح الميمين اسمه إسماعيل بن إبراهيم الهذلي
الهروي البغدادي مات سنة ست وثلاثين ومائتين وهو أحد مشايخ البخاري ومسلم وروى
البخاري عنه ههنا بواسطة وهو صاعقة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وأبو أسامة
حماد ابن أسامة وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف
واسمه يزيد بن حميد الضبعي مات سنة ثمان وعشرين ومائة وأبو التياح لقبه وكنيته أبو
حماد وأبو زرعة بضم الزاي وسكون الراء اسمه هرم بن عمرو بن حريز بن عبد الله
البجلي
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن أحمد بن إبراهيم الدورقي
قوله يهلك بضم الياء من الإهلاك والناس بالنصب مفعوله وقوله هذا الحي بالرفع فاعله
يعني بسبب وقوع الفتن والحروب بينهم يتخبط أحوال الناس قوله لو أن الناس جزاؤه
محذوف تقديره لكان خيرا ونحو ذلك ويجوز أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب
قال محمود حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة عن أبي التياح سمعت أبا زرعة
محمود بن غيلان هو أحد مشايخ البخاري المشهورين وأبو داود سليمان الطيالسي ولم
يخرج له البخاري إلا استشهادا وأراد بذلك تصريح أبي التياح بسماعه من أبي زرعة
5063 - حدثنا ( أحمد بن محمد المكي ) حدثنا ( عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي ) عن
جده قال ( كنت مع مروان وأبي هريرة فسمعت أبا هريرة ) يقول سمعت الصادق المصدوق
يقول هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش فقال مروان غلمة قال أبو هريرة إن شئت أن
أسميهم بني فلان وبني فلان
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن محمد بن الوليد أبو محمد الأزرقي المكي ويقال
الزرقي المكي وعمرو بن يحيى ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص أبو أمية القرشي
سمع جده سعيد بن عمرو أبا عثمان القرشي الكوفي وروى له مسلم أيضا إلا أن ابن ابنه
عمرو من أفراد البخاري وكذلك أحمد بن محمد من أفراده
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن موسى بن إسماعيل
قوله الصادق في نفسه والمصدوق من عند الله والمصدق من عند الناس قوله غلمة بكسر
الغين جمع غلام جمع قلة والغلام الطار الشارب وقال بعضهم قال الكرماني تعجب مروان
من وقوع ذلك من غلمة فأجابه أبو هريرة إن شئت صرحت بأسمائهم انتهى وكأنه غفل عن
الطريق المذكورة في الفتن فإنها ظاهرة في أن مروان لم يوردها مورد التعجب فإن لفظه
هناك فقال مروان لعنة الله عليهم غلمة فظهر أن في هذه الطريق اختصارا انتهى قلت لا
مانع من تعجبه من ذلك مع لعنه عليهم فلا وجه لنسبته إلى التغفل قوله إن شئت خطاب
لمروان ويروى إن شئتم خطاب له ولمن كان معه أو يكون له للتعظيم
6063 - حدثنا يحيى بن موسى حدثني الوليد قال حدثني الوليد قال حدثني ابن جابر قال
حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي قال حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن
اليمان يقول كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر
(16/139)
مخافة أن يدركني فقلت يا رسول
الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال
نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون
بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة إلى أبواب
جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا فقال هم من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم
قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل
شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك
مطابقته للترجمة ظاهرة مثل الذي ذكرناه فيما قبل و ( يحيى بن موسى ) بن عبد ربه
السختياني البلخي الذي يقال له خت بفتح الخاء المعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق
و ( الوليد ) هو ابن مسلم القرشي الأموي أبو العباس الدمشقي و ( ابن جابر ) هو عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر مر في الصلاة وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة
ابن عبيد الله بضم العين مصغر الحضرمي بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة
وأبو إدريس إسمه عائذ الله بالعين المهملة وبالذال المعجمة من العوذ ابن عبد الله
الخولاني وهؤلاء الأربعة شاميون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن أبي موسى محمد بن المثنى به وأخرجه مسلم
قال المزي في الفتن وليس كذلك وإنما أخرجه في كتاب الإمارة والجماعة عن محمد بن
المثنى به وأخرجه ابن ماجه في الفتن عن علي بن محمد ببعضه
قوله مخافة نصب على التعليل وكلمة أن مصدرية قوله دخن بفتح الدال المهملة والخاء
المعجمة وهو الدخان والمعنى ليس خيرا خالصا ولكن يكون معه شوب وكدورة بمنزلة
الدخان في النار وقيل الدخن الأمور المكروهة قاله ابن فارس وقال صاحب ( العين )
الدخن الحقد وقال أبو عبيد تفسيره في الحديث الآخر وهو قوله لا ترجع قلوب قوم على
ما كانت عليه وفي ( الجامع ) هو فساد في القلب وهو مثل الدغل وقال النووي المراد
من الدخن أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء قوله
بغير هدي بالتنوين ويروى بغير هدى بضم الهاء وتنوين الدال ويروى بغير هديي بإضافة
الهدي إلى ياء المتكلم قوله تعرف منهم وتنكر قال القاضي عياض الخير بعد الشر أيام
عمر بن عبد العزيز والذي يعرف منهم وينكر الأمراء بعده ومنهم من يدعو إلى بدعة أو
ضلالة كالخوارج ونحوهم قوله دعاة بضم الدال جمع داع قوله من جلدتنا قال الكرماني
أي من العرب وقال الخطابي أي من أنفسنا وقومنا والجلد غشاء البدن واللون إنما يظهر
فيه وقال الداودي من بني آدم وقال الشيخ أبو الحسن أراد أنهم في الظاهر مثلنا معنا
وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم وجلدة الشيء ظاهره قوله ولو أن تعض أي ولو كان
الاعتزال بأن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك العض بالأسنان وهو من
باب عضض يعضض مثل مس يمس ومنه قوله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه ( الفرقان 72 )
فأدغمت الضاد في الضاد فصار عض يعض وحكى القزاز ضم العين في المضارع مثل شد يشد
قوله وأنت على ذلك الواو فيه للحال
7063 - حدثني ( محمد بن المثنى ) قال حدثني ( يحيى بن سعيد ) عن ( إسماعيل ) حدثني
( قيس ) عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر ( انظر
الحديث 6063 وطرفه )
هذا طريق آخر من حديث حذيفة أخرجه محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد القطان عن
إسماعيل بن أبي خالد البجلي الكوفي عن قيس بن أبي حازم عنه
قوله تعلم على وزن تفعل ماض من التعلم وأصحابي فاعله والخير بالنصب مفعوله وتعلمت
من باب التفعل أيضا أي وتعلمت أنا الشر والمعنى أصحابي كانوا يسألون عن أبواب
الخير ويتعلمون الخير وإنا كنت
(16/140)
أخاف على نفسي من إدراك الشر
وتعلمت من ذلك ما يجلب الخير ويدفع الشر
8063 - حدثنا ( الحكم بن نافع ) حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أبو
سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله لا
تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه إخبارا عن الغيب
قوله فئتان بكسر الفاء بعدها همزة مفتوحة تثنية فئة وهي الجماعة قال بعضهم المراد
بهما من كان مع علي ومعاوية لما تحاربا بصفين قوله دعواهما أي دينهما واحد لأن كلا
منهما كان يتسمى بالإسلام أو المراد أن كلا منهما كان يدعي أنه المحق وذلك أن عليا
رضي الله تعالى عنه كان إذ ذاك إمام المسلمين وأفضلهم يومئذ باتفاق أهل السنة ولأن
أهل الحل والعقد بايعوه بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وتخلف عن بيعته أهل
الشام وقال الكرماني دعواهما واحدة أي يدعي كل منهما أنه على الحق وخصمه مبطل ولا
بد أن يكون أحدهما مصيبا والآخر مخطئا كما كان بين علي ومعاوية وكان علي رضي الله
تعالى عنه هو المصيب ومخالفه مخطىء معذور في الخطأ لأنه بالإجتهاد والمجتهد إذا
أخطأ لا إثم عليه وقال إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر انتهى وفيه نظر وهو
موضع التأمل بل الأحسن السكوت عن ذلك
113 - ( حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي قال لا تقوم الساعة حتى يقتتل فتيان فيكون بينهما
مقتلة عظيمة دعواها واحدة ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين
كلهم يزعم أنه رسول الله )
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة المذكور وفيه زيادة وهي قوله تكون بينهما مقتلة
عظيمة وقوله ولا تقوم الساعة حتى يبعث إلى آخره قوله مقتلة عظيمة المقتلة بفتح
الميم مصدر ميمي أي قتل عظيم فإن كان المراد من الفئتين فئة علي وفئة معاوية كما
زعموا فقد قتل بينهما وحكى ابن الجوزي في المنتظم عن أبي الحسن البراء قال قتل
بصفين سبعون ألفا خمسة وعشرون ألفا من أهل العراق وخمسة وأربعون ألفا من أهل الشام
فمن أصحاب أمير المؤمنين علي خمسة وعشرون بدريا وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة
أيام وكانت فيه تسعون وقعة وحكى عن ابن سيف أنه قال أقاموا بصفين تسعة أو سبعة
أشهر وكان القتال بينهم سبعين زحفا قال وقال الزهري بلغني أنه كان يدفن في القبر
الواحد خمسون رجلا قوله حتى يبعث على صيغة المجهول أي حتى يخرج ويظهر وليس المراد بالبعث
الإرسال المقارن للنبوة بل هو كقوله تعالى إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين قوله
دجالون جمع دجال واشتقاقه من الدجل وهو التخليط والتمويه ويطلق على الكذب فعلى هذا
قوله كذابون تأكيد قوله قريبا نصب على الحال من النكرة الموصوفة ووقع في رواية
أحمد قريب بالرفع على أنه صفة بعد صفة قوله من ثلاثين أي ثلاثين نفسا كل واحد منهم
يزعم أنه رسول الله وعد منهم عبد الله بن الزبير ثلاثة وهم مسيلمة والأسود العنسي
والمختار رواه أبو يعلى في مسنده بإسناد حسن عن عبد الله بن الزبير بلفظ لا تقوم
الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا منهم مسيلمة والعنسي والمختار ( قلت ) ومنهم طليحة
بن خويلد وسجاح التميمية والحارث الكذاب وجماعة في خلافة بني العباس وليس المراد
بالحديث من ادعى النبوة مطلقا فإنهم لا يحصون كثرة لكون غالبهم من نشأة جنون أو
سوداء غالبة وإنما المراد من كانت له شوكة وسول لهم الشيطان بشبهة قلت خرج مسيلمة
باليمامة والأسود باليمن في آخر زمن النبي وقتل الأسود قبل أن يموت النبي وقتل
مسيلمة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وخرج طليحة في خلافة أبي بكر
ثم تاب ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وقيل أن سجاح
تابت والمختار بن عبيد الله الثقفي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير
(16/141)
ثم ادعى النبوة وزعم أن جبريل
عليه الصلاة و السلام يأتيه وقتل في سنة بضع وستين والحارث خرج في خلافة عبد الملك
بن مروان فقتل
114 - ( حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد
الرحمن أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله وهو يقسم
قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال ويلك
ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل فقال عمر يا رسول الله ائذن لي
فيه فأضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع
صيامهم يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى
نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث
والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على
حين فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله وأشهد أن
علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه
على نعت النبي الذي نعته )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن عبد الرحمن بن
إبراهيم دحيم وفي استتابة المرتدين عن عبد الله بن محمد وفي فضائل القرآن عن عبد
الله بن يوسف وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن المثنى به وعن أبي الطاهر بن السرح
وحرملة بن يحيى وأحمد بن عبد الرحمن وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن محمد بن
سلمة والحارث بن مسكين وفي التفسير عن محمد بن عبد الأعلى وأخرجه ابن ماجه في
السنة عن أبي بكر بن أبي شيبة
( ذكر معناه ) الكلام في بينما قد مر غير مرة قوله وهو يقسم الواو فيه للحال قوله
أتاه ذو الخويصرة بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وكسر الصاد
المهملة وبالراء وفي تفسير الثعلبي بينا رسول الله يقسم غنائم هوازن جاءه ذو
الخويصرة التميمي أصل الخوارج فقال اعدل قال هذا غير ذي الخويصرة اليماني الذي بال
في المسجد وقال ابن الأثير في كتاب الأذواء ذو الخويصرة رجل صحابي من بني تميم وهو
الذي قال للنبي في قسم قسمه اعدل انتهى ولما ذكره السهيلي عقبه بقوله ويذكر عن
الواقدي أنه حرقوص بن زهير الكعبي من سعد تميم وكان لحرقوص هذا مشاهد كثيرة مشهورة
محمودة في حرب العراق مع الفرس أيام عمر رضي الله تعالى عنه ثم صار خارجيا قال
وليس ذو الخويصرة هذا هو ذو الثدية الذي قتله علي رضي الله تعالى عنه بالنهروان
ذاك اسمه نافع ذكره أبو داود وقيل المعروف أن ذا الثدية اسمه حرقوص وهو الذي حمل
على علي رضي الله تعالى ليقتله فقتله علي رضي الله تعالى عنه قوله قد خبت بلفظ
المتكلم وبالخطاب أي خبت أنت لكونك تابعا ومقتديا لمن لا يعدل والفتح أشهر وأوجه
قوله فقال عمر أي ابن الخطاب وقال في موضع آخر فقال خالد بن الوليد ائذن لي في
قتله ولا مانع أن يكون كل منهما استأذن في ذلك قوله فإن له أصحابا الفاء فيه ليس
للتعليل في ترك القتل في كون الأصحاب له وإن استحق
(16/142)
وفتح الثاء المثلثة ابن عبد
الرحمن الجعفي الكوفي ورث مائتي ألف وأنفقها على أهل العلم وسويد بضم السين
المهملة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف ابن غفلة بفتح الغين المعجمة والفاء
وقد مر في أول كتاب اللقطة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن عن محمد بن كثير عن سفيان أيضا وفي
استتابة المرتدين عن عمر بن حفص وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن عبد الله بن
نمير وأبي سعيد الأشج وعن إسحاق بن إبراهيم وعن عثمان بن أبي شيبة وأبي بكر بن أبي
كريب وزهير وعن أبي بكر بن نافع ومحمد بن أبي بكر الكل عن الأعمش عن خيثمة وأخرجه
أبو داود في السنة عن محمد بن كثير وأخرجه النسائي في المحاربة عن محمد بن بشار
ولم يذكر صدر الحديث
قوله فلإن أخر من الخرور وهو الوقوع والسقوط قوله خدعة بفتح الخاء المعجمة وضمها
وكسرها والظاهر إباحة الكذب في الحرب لكن الاقتصار على التعريض أفضل قوله حدثاء
الأسنان أي الصغار وقد يعبر عن السن بالعمر والحدثاء جمع حديث السن وكذا يقال
غلمان حدثان بالضم قوله سفهاء الأحلام أي ضعفاء العقول والسفهاء جمع سفيه وهو خفيف
العقل قوله يقولون من قول خير البرية أي من السنة وهو قول محمد خير الخليقة قال
الكرماني ويروى من خير قول البرية أي من القرآن ويحتمل أن تكون الإضافة من باب ما
يكون المضاف داخلا في المضاف إليه وحينئذ يراد به السنة لا القرآن هو كما قال
الخوارج لا حكم إلا لله في قضية التحكيم وكانت كلمة حق ولكن أرادوا بها باطلا قوله
يمرقون أي يخرجون وقد مر عن قريب قوله حناجرهم جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه
ناتئا من خارج الحلق قوله فإن قتلهم أجر لمن قتلهم هذا هكذا رواية الكشميهني وفي
رواية غيره فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم وإنما كان الأجر في قتلهم لأنهم يشغلون عن
الجهاد ويسعون بالفساد لافتراق كلمة المسلمين
2163 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) عن
( خباب بن الأرت ) قال ( شكونا إلى ) رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة
قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في
الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه
ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن
هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على
غنمه ولكنكم تستعجلون
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو القطان وإسماعيل بن أبي خالد وقيس بن أبي حازم
البجلي وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح
الهمزة والراء وبالتاء المثناة من فوق كان سادس ستة في الإسلام مات بالكوفة رضي
الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الإكراه عن مسدد وفي مبعث النبي عن الحميدي وأخرجه
أبو داود في الجهاد عن عمرو بن عون وعن خالد بن عبد الله وأخرجه النسائي في العلم
عن عبدة ابن عبد الرحمن وفي الزينة عن يعقوب بن إبراهيم وابن المثنى ببعضه
قوله وهو متوسد والواو فيه للحال وبردة منصوبة به وهي نوع من الثياب معروف وكذلك
البرد قوله ألا تستنصر أي ألا تطلب النصرة من الله لنا على الكفار وهذا بيان لقوله
شكونا وكلمة ألا في الموضعين للحث والتحريض قوله بالمنشار بكسر الميم وسكون النون
وهو آلة نشر الخشب ويقال أيضا الميشار بالياء آخر الحروف الساكنة موضع النون من
نشرت الخشبة إذا قطعتها قوله ما دون لحمه أي تحت لحمه أو عند لحمه قوله ليتمن بفتح
اللام وبالنون الثقيلة قوله من صنعاء إلى حضرموت قال الكرماني وصنعاء بفتح الصاد
المهملة وسكون النون وبالمد قاعدة اليمن ومدينته العظمى و حضرموت بفتح الحاء
المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء والميم بلدة أيضا باليمن وجاز في مثله بناء
الإسمين وبناء الأول وإعراب الثاني فإن قلت لا مبالغة فيه لأنهما بلدان متقاربان
(16/144)
قلت الغرض بيان انتفاء الخوف
من الكفار على المسلمين ويحتمل أن يراد بها صنعاء الروم أو صنعاء دمشق قرية في
جانبها الغربي في ناحية الربوة قال الجوهري حضرموت اسم قبيلة أيضا انتهى كلامه قلت
قال ياقوت في ( المشترك ) صنعاء اليمن أعظم مدنها وأجلها تشبه دمشق في كثرة
البساتين والمياه وصنعاء قرية على باب دمشق من ناحية باب الفراديس واتصلت حيطانها
بالعقبية وهي محلة في ظاهر دمشق قلت قوله لأنهما بلدان متقاربان وليس كذلك لأن بين
عدن وصنعاء ثلاث مراحل وبين حضرموت والشحر أربعة أيام وبينه وبين عدن مسافة بعيدة
فعلى هذا يكون بين صنعاء وحضرموت أكثر من أربعة أيام قوله أو الذئب عطف على الاسم
الأعظم وإن أحتمل أن يعطف على المستثنى منه المقدر قوله ولكنكم تستعجلون وحاصل
المعنى لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا فصبروا وأخبرهم الشارع بذلك
ليقوى صبرهم على الأذى
3163 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد حدثنا ابن عون قال أنبأنا موسى
ابن أنس عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل
يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال ما شأنك
فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل
فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال
اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة ( الحديث 3163 - طرفه في
6484 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة لأن هذا أمر لا
يطلع عليه إلا النبي وأخبر النبي أنه يعيش حميدا ويموت شهيدا فلما كان يوم اليمامة
ثبت حتى قتل وروى ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت
عن أنس وفي قصة ثابت بن قيس فقال في آخرها قال أنس قلنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن
نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان في بعضنا بعض الانكشاف فأقبل وقد
تكفن وتحنط فقاتل حتى قتل
ذكر رجاله وهم خمسة علي بن عبد الله المعروف بابن المديني وأزهر بفتح الهمزة وسكون
الزاي ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين وابن عون هو عبد الله
بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة وأنس بن
مالك رضي الله تعالى عنه
ذكر معناه قوله أنبأنا موسى بن أنس ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن
أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس وأخرجه أبو نعيم عن
الطبراني عنه وقال لا أدري ممن الوهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن
ابن عون عن موسى بن أنس قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق
صوت النبي ( الحجرات 2 ) قعد ثابت بن قيس في بيته الحديث وهذا صورته مرسل إلا أنه
يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة قوله افتقد ثابت بن قيس وقيس بن شماس
بن زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج
وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا قوله فقال رجل
قيل هو سعد بن معاذ لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس فسأل
النبي سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى فقال سعد إنه لجاري وما
علمت له شكوى فإن قلت الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس
وغيره وكان ذلك في سنة تسع وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة وذلك في سنة خمس
قلت أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت والذي نزل في قصة الأقرع
أول السورة وهو قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات 1 ) وقيل الرجل
المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في ( تفسيره ) من طريق سعيد بن بشر عن
قتادة عن أنس في هذه القصة فقال سعد بن عبادة يا رسول الله هو جاري الحديث
(16/145)
قيل هو أشبه بالصواب لأن سعد
بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد بن معاذ لأنه من
قبيلة أخرى قوله أنا أعلم لك هكذا رواية الأكثرين وقال الكرماني كلمة ألا للتنبيه
أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام وفي بعضها أنا أعلم قلت كأن النسخ التي وقعت
عندهم ألا أعلم موضع أنا أعلم فلذلك قال كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا
للاستفهام ثم أشار إلى رواية الأكثرين وهي أنا أعلم بقوله وفي بعضها أنا أعلم قوله
لك أي لأجلك قوله علمه أي خبره قوله فأتاه أي فأتى الرجل المذكور ثابت بن قيس
فوجده جالسا في بيته وقوله جالسا ومنكسا حالان مترادفان أو متداخلان ورأسه منصوب
بقوله منكسا قوله ما شأنك أي ما حالك قوله فقال شر أي فقال ثابت حالي شر قوله كان
يرفع صوته هذا التفات ومقتضى الحال إن يقول كنت أرفع صوتي ولكنه التفت من الحاضر
إلى الغائب قوله فقد حبط عمله أي بطل وكان القياس فيه أيضا أن يقول فقد حبط عملي
وكذا قوله وهو من أهل النار والقياس فيه وأنا من أهل النار قوله فأتى الرجل فأخبره
أي فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا وكان ثابت لما نزلت لا ترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) جلس في بيته وقال أنا من أهل النار وفي رواية
لمسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا قوله فقال موسى بن
أنس وهو الراوي المذكور عن أبيه أنس قوله فرجع المرة الآخرة أي فرجع الرجل المذكور
ويروى المرة الأخرى قوله ببشارة بضم الباء وكسرها والكسر أشهر وهي الخبر السار
سميت بذلك لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه قوله فقال إذهب إليه بيان البشارة أي
فقال النبي للرجل المذكور إذهب إلى ثابت بن قيس فقل له إلى آخره فإن قلت فيه زيادة
العدد على المبشرين بالجنة قلت التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد أو المراد بالعشرة
الذين بشروا بها دفعة واحدة أو بلفظ البشارة وكيف لا والحسن والحسين وأزواج النبي
من أهل الجنة قطعا ونحوهم
2163 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) عن
( خباب بن الأرت ) قال ( شكونا إلى ) رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة
قلنا له ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا قال كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في
الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه
ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن
هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على
غنمه ولكنكم تستعجلون
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو القطان وإسماعيل بن أبي خالد وقيس بن أبي حازم
البجلي وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة
والراء وبالتاء المثناة من فوق كان سادس ستة في الإسلام مات بالكوفة رضي الله
تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الإكراه عن مسدد وفي مبعث النبي عن الحميدي وأخرجه
أبو داود في الجهاد عن عمرو بن عون وعن خالد بن عبد الله وأخرجه النسائي في العلم
عن عبدة ابن عبد الرحمن وفي الزينة عن يعقوب بن إبراهيم وابن المثنى ببعضه
قوله وهو متوسد والواو فيه للحال وبردة منصوبة به وهي نوع من الثياب معروف وكذلك
البرد قوله ألا تستنصر أي ألا تطلب النصرة من الله لنا على الكفار وهذا بيان لقوله
شكونا وكلمة ألا في الموضعين للحث والتحريض قوله بالمنشار بكسر الميم وسكون النون
وهو آلة نشر الخشب ويقال أيضا الميشار بالياء آخر الحروف الساكنة موضع النون من
نشرت الخشبة إذا قطعتها قوله ما دون لحمه أي تحت لحمه أو عند لحمه قوله ليتمن بفتح
اللام وبالنون الثقيلة قوله من صنعاء إلى حضرموت قال الكرماني وصنعاء بفتح الصاد
المهملة وسكون النون وبالمد قاعدة اليمن ومدينته العظمى و حضرموت بفتح الحاء
المهملة وسكون المعجمة وفتح الراء والميم بلدة أيضا باليمن وجاز في مثله بناء
الإسمين وبناء الأول وإعراب الثاني فإن قلت لا مبالغة فيه لأنهما بلدان متقاربان
قلت الغرض بيان انتفاء الخوف من الكفار على المسلمين ويحتمل أن يراد بها صنعاء
الروم أو صنعاء دمشق قرية في جانبها الغربي في ناحية الربوة قال الجوهري حضرموت
اسم قبيلة أيضا انتهى كلامه قلت قال ياقوت في ( المشترك ) صنعاء اليمن أعظم مدنها
وأجلها تشبه دمشق في كثرة البساتين والمياه وصنعاء قرية على باب دمشق من ناحية باب
الفراديس واتصلت حيطانها بالعقبية وهي محلة في ظاهر دمشق قلت قوله لأنهما بلدان
متقاربان وليس كذلك لأن بين عدن وصنعاء ثلاث مراحل وبين حضرموت والشحر أربعة أيام
وبينه وبين عدن مسافة بعيدة فعلى هذا يكون بين صنعاء وحضرموت أكثر من أربعة أيام
قوله أو الذئب عطف على الاسم الأعظم وإن أحتمل أن يعطف على المستثنى منه المقدر
قوله ولكنكم تستعجلون وحاصل المعنى لا تستعجلوا فإن من كان قبلكم قاسوا ما ذكرنا
فصبروا وأخبرهم الشارع بذلك ليقوى صبرهم على الأذى
3163 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد حدثنا ابن عون قال أنبأنا موسى
ابن أنس عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي افتقد ثابت بن قيس فقال رجل
يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال ما شأنك
فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل
فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال
اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة ( الحديث 3163 - طرفه في
6484 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة لأن هذا أمر لا
يطلع عليه إلا النبي وأخبر النبي أنه يعيش حميدا ويموت شهيدا فلما كان يوم اليمامة
ثبت حتى قتل وروى ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت
عن أنس وفي قصة ثابت بن قيس فقال في آخرها قال أنس قلنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن
نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان في بعضنا بعض الانكشاف فأقبل وقد
تكفن وتحنط فقاتل حتى قتل
ذكر رجاله وهم خمسة علي بن عبد الله المعروف بابن المديني وأزهر بفتح الهمزة وسكون
الزاي ابن سعد الباهلي السمان البصري مات سنة ثلاث ومائتين وابن عون هو عبد الله
بن عون بن أرطبان أبو عون المزني البصري وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة وأنس بن
مالك رضي الله تعالى عنه
ذكر معناه قوله أنبأنا موسى بن أنس ووقع في رواية أبي عوانة ورواية عبد الله بن
أحمد عن ابن عون عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بدل موسى بن أنس وأخرجه أبو نعيم عن
الطبراني عنه وقال لا أدري ممن الوهم وأخرجه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن
ابن عون عن موسى بن أنس قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق
صوت النبي ( الحجرات 2 ) قعد ثابت بن قيس في بيته الحديث وهذا صورته مرسل إلا أنه
يقوي أن الحديث لابن عون عن موسى لا عن ثمامة قوله افتقد ثابت بن قيس وقيس بن شماس
بن زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وهو الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج
وكان خطيب الأنصار وخطيب النبي وقد ذكرنا أنه قتل باليمامة شهيدا قوله فقال رجل
قيل هو سعد بن معاذ لما روى مسلم من وجه آخر من طريق حماد عن ثابت عن أنس فسأل
النبي سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى فقال سعد إنه لجاري وما
علمت له شكوى فإن قلت الآية المذكورة نزلت في سنة الوفود بسبب الأقرع بن حابس
وغيره وكان ذلك في سنة تسع وسعد بن معاذ مات قبل ذلك في بني قريظة وذلك في سنة خمس
قلت أجيب عن ذلك بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت والذي نزل في قصة الأقرع
أول السورة وهو قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( الحجرات 1 ) وقيل الرجل
المذكور هو سعد بن عبادة لما روى ابن المنذر في ( تفسيره ) من طريق سعيد بن بشر عن
قتادة عن أنس في هذه القصة فقال سعد بن عبادة يا رسول الله هو جاري الحديث قيل هو
أشبه بالصواب لأن سعد بن عبادة من قبيلة ثابت بن قيس فهو أشبه أن يكون جاره من سعد
بن معاذ لأنه من قبيلة أخرى قوله أنا أعلم لك هكذا رواية الأكثرين وقال الكرماني
كلمة ألا للتنبيه أو تكون الهمزة في ألا للاستفهام وفي بعضها أنا أعلم قلت كأن
النسخ التي وقعت عندهم ألا أعلم موضع أنا أعلم فلذلك قال كلمة ألا للتنبيه أو تكون
الهمزة في ألا للاستفهام ثم أشار إلى رواية الأكثرين وهي أنا أعلم بقوله وفي بعضها
أنا أعلم قوله لك أي لأجلك قوله علمه أي خبره قوله فأتاه أي فأتى الرجل المذكور
ثابت بن قيس فوجده جالسا في بيته وقوله جالسا ومنكسا حالان مترادفان أو متداخلان
ورأسه منصوب بقوله منكسا قوله ما شأنك أي ما حالك قوله فقال شر أي فقال ثابت حالي
شر قوله كان يرفع صوته هذا التفات ومقتضى الحال إن يقول كنت أرفع صوتي ولكنه التفت
من الحاضر إلى الغائب قوله فقد حبط عمله أي بطل وكان القياس فيه أيضا أن يقول فقد
حبط عملي وكذا قوله وهو من أهل النار والقياس فيه وأنا من أهل النار قوله فأتى
الرجل فأخبره أي فأتى الرجل النبي فأخبره أنه قال كذا وكذا وكان ثابت لما نزلت لا ترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي ( الحجرات 2 ) جلس في بيته وقال أنا من أهل النار وفي رواية
لمسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا قوله فقال موسى بن
أنس وهو الراوي المذكور عن أبيه أنس قوله فرجع المرة الآخرة أي فرجع الرجل المذكور
ويروى المرة الأخرى قوله ببشارة بضم الباء وكسرها والكسر أشهر وهي الخبر السار
سميت بذلك لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه قوله فقال إذهب إليه بيان البشارة أي
فقال النبي للرجل المذكور إذهب إلى ثابت بن قيس فقل له إلى آخره فإن قلت فيه زيادة
العدد على المبشرين بالجنة قلت التخصيص بالعدد لا ينافي الزائد أو المراد بالعشرة
الذين بشروا بها دفعة واحدة أو بلفظ البشارة وكيف لا والحسن والحسين وأزواج النبي
من أهل الجنة قطعا ونحوهم
4163 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق )
سمعت ( البراء ابن عازب ) رضي الله تعالى عنهما ( قرأ رجل الكهف وفي الدار الدابة
فجعلت تنفر فسلم ) فإذا ضبابة أو ( سحابة غشيته فذكره للنبي ) فقال اقرأ فلان
فإنها السكينة نزلت للقرآن أو تنزلت للقرآن
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخباره عن نزول السكينة عند قراءة القرآن وغندر هو
محمد بن جعفر وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن أبي موسى وبندار كلاهما عن غندر وعن أبي موسى عن
عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن محمود بن غيلان
قوله قرأ رجل هو أسيد بن حضير قوله الكهف أي سورة الكهف قوله تنفر بكسر الفاء من
النفرة قوله فسلم أي دعا بالسلامة كما يقال أللهم سلم أو فوض الأمر إلى الله ورضي
بحكمه أو قال سلام عليك قوله ضبابة هي سحابة تغشى الأرض كالدخان وقال ابن فارس
الضبابة كل شيء كالغبار وقال الداودي قريب من السحاب وهو الغمام الذي لا يكون فيه
مطر قوله أو سحابة شك من الراوي قوله غشيته أي أحاطت به قوله فلان أي يا فلان
معناه كان ينبغي أن تستمر على القران وتغتنم ما حصل لك من نزول الرحمة وتستكثر من
القراءة قوله فإنها أي فإن الضبابة المذكورة هي السكينة واختلفوا في معناها فقيل
هي ريح هفافة ولها وجه كوجه الإنسان وقيل هي الملائكة وعليهم السكينة والمختار
أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه ملائكة يستمعون القرآن
5163 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( أحمد بن يزيد بن إبراهيم أبو الحسن الحراني
) حدثنا ( زهير بن معاوية ) حدثنا ( أبو إسحاق ) سمعت ( البراء بن عازب ) يقول (
جاء أبو بكر ) رضي الله تعالى عنه ( إلى أبي في منزله فاشترى ) منه ( رحلا ) فقال
ل ( عازب ابعث ابنك يحمله معي ) قال ( فحملته معه وخرج أبي ينتقد ثمنه ) فقال له (
أبي يا أبا بكر ) حدثني ( كيف صنعتما حين سريت مع ) رسول الله
(16/146)
قال نعم أسرينا ليلتنا ومن
الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق لا يمر فيه أحد فرفعت لنا صخرة طويلة لها
ظل لم تأت عليه الشمس فنزلنا عنده وسويت للنبي مكانا بيدي ينام عليه وبسطت فيه
فروة وقلت نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك فنام وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا
براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي أردنا فقلت لمن أنت يا غلام فقال
لرجل من أهل المدينة أو مكة قلت أفي غنمك لبن قال نعم قلت أفتحلب قال نعم فأخذ شاة
فقلت انفض الضرع من التراب والشعر والقذى قال فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على
الأخرى ينفض فحلب في قعب كثبة من لبن ومعي إداوة حملتها للنبي يرتوي منها يشرب
ويتوضأ فأتيت النبي فكرهت أن أوقظه فوافقته حين استيقظ فصببت من الماء على اللبن
حتى برد أسفله فقلت اشرب يا رسول الله قال فشرب حتى رضيت ثم قال ألم يأن للرحيل
قلت بلى قال فارتحلنا بعد ما مالت الشمس واتبعنا سراقة بن مالك فقلت أتينا يا رسول
الله فقال لا تحزن إن الله معنا فدعا عليه النبي فارتطمت به فرسه إلى بطنها أري في
جلد من الأرض شك زهير فقال إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد
عنكما الطلب فدعا له النبي فنجا فجعل لا يلقى أحدا إلا قال كفيتكم ما هنا فلا يلقى
أحدا إلا رده قال ووفى لنا
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه معجزة ظاهرة لا تخفى على متأمل
ذكر رجاله وهم خمسة الأول محمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي سكن بغداد وهو
من أفراده وصغار شيوخه وشيخه الآخر محمد بن يوسف الفريابي أكبر من هذا وأقدم سماعا
وقد أكثر البخاري عنه الثاني أحمد بن يزيد من الزيادة ابن إبراهيم أبو الحسن
الحراني يعرف بالورتنيسي بفتح الواو وسكون الراء وفتح المثناة من فوق وتشديد النون
المكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم سين مهملة قلت الورتنيس أحد أجداده وهو
إبراهيم أبو أحمد الحاكم اسم الورتنيس إبراهيم الثالث زهير بن معاوية أبو خيثمة
الجعفي الرابع أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الخامس البراء بن عازب رضي الله
تعالى عنهم
ذكر لطائف إسناده فيه ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع
وفي رواية أخبرنا أحمد بن يزيد وفيه السماع وفيه القول في موضع واحد وفيه أن أحمد
بن يزيد انفرد به البخاري دون الخمسة وفيه أن زهير بن حرب هو الذي روى هذا الحديث
تاما عن أبي إسحاق وأبوه خديج وإسرائيل وروى شعبة منه قصة اللبن خاصة وقد رواه عن
أبي إسحاق مطولا أيضا حفيدة يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق وهو في باب الهجرة إلى
المدينة لكنه لم يذكر منه قصة سراقة وزاد فيه قصة غيرها
ذكر معناه قوله جاء أبو بكرأي الصديق رضي الله تعالى عنه قوله إلى أبي هو عازب بن
الحارث بن عدي الأوسي من قدماء الأنصار قوله فاشترى منه رحلا بفتح الراء وسكون
الحاء المهملة وهو للناقة كالسرج للفرس وقيل الرحل أصغر من القتب واشتراه بثلاثة
عشر درهما قوله فقال لعازب إبعث ابنك يحمله أي يحمل الرحل معي قوله قال فحملت معه
أي قال البراء فحملت الرحل معه وفي رواية إسرائيل التي تأتي في فضل أبي بكر رضي
الله تعالى عنه أن عازبا امتنع من
(16/147)
إرسال ابنه مع أبي بكر حتى
يحدثه أبو بكر بالحديث وهي زيادة ثقة مقبولة قوله وخرج أبي ينتقد ثمنه أي يستوفيه
قوله حين سريت سرى وأسرى لغتان بمعنى السير في الليل قال الله تعالى سبحان الذي
أسرى بعبده ليلا ( الإسراء 1 ) وقال والليل إذا يسر ( الفجر 4 ) قوله أسرينا
ليلتنا يعني سرينا ليلا وذلك حين خرجا من الغار وكانا لبثا في الغار ثلاث ليال ثم
خرجا قوله ومن الغد أي بعض الغد والعطف فيه كما في قوله
( علفتها تبنا وماء باردا )
إذ الإسراء إنما يكون بالليل قوله حتى قام قائم الظهيرة أي نصف النهار وهو استواء
حالة الشمس وسمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ فكأنه قائم واقف وفي رواية إسرائيل
أسرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا أي دخلنا في وقت الظهيرة قوله وخلا الطريقهذا يدل
على أنه كان في زمن الحر وقيل في قوله على حين غفلة من أهلها أي نصف من النهار
قوله فرفعت لنا صخرة أي ظهرت لأبصارنا ورفعت على صيغة المجهول قوله وبسطت فيه فروة
وهو الجلد الذي يلبس وقيل المراد بها قطعة حشيش مجتمعة ويقوي المعنى الأول ما في
رواية أبي يوسف بن أبي إسحاق ففرشت له فروة معي قوله وأنا أنفض لك ما حولك يعني من
الغبار ونحو ذلك حتى لا يثيره عليه الريح وقيل معنى النفض هنا الحراسة يقال نفضت
المكان إذا نظرت جميع ما فيه ويؤيده قوله في رواية إسرائيل ثم انطلقت أنظر ما حولى
هل أرى من الطلب أحدا والنفضة قوم يبعثون في الأرض ينظرون هل بها عدو أو خوف قوله
لرجل من أهل المدينة أو مكة هذا شك من الراوي وهو أحمد بن يزيد فإن مسلما أخرجه من
طريق الحسن بن محمد بن أعين عن زهير فقال فيه لرجل من أهل المدينة ولم يشك ووقع في
رواية خديج فسمى رجلا من أهل مكة ولم يشك فإن قلت كيف وجه هذا قلت المراد من
المدينة في رواية مسلم هي مكة ولم يرد به المدينة النبوية لأنها حينئذ لم تكن تسمى
المدينة وإنما كان يقال لها يثرب وأيضا فلم تجر العادة للرعاء أن يبعدوا في
المراعي هذه المسافة البعيدة ووقع في رواية إسرائيل فقال لرجل من قريش سماه فعرفته
وهذا يؤيد هذا الوجه لأن قريشا لم يكونوا يسكنون المدينة النبوية إذ ذاك قوله أفي
غنمك لبنبفتح اللام والباء الموحدة وحكى عياض أن في رواية لبن بضم اللام وتشديد
الباء الموحدة جمع لابن أي هل في غنمك ذوات لبن قوله أفتحلب قال نعم أي أحلب وأراد
بهذا الاستفهام أمعك إذن من صاحب الغنم في الحلب لمن يمر بها على سبيل الضيافة
فبهذا يندفع إشكال من يقول كيف استجاز أبو بكر أخذ اللبن من الراعي بغير إذن مالك
الغنم وأجيب هنا بجواب آخر وهو أن أبا بكر عرف مالك الغنم وعرف رضاه بذلك لصداقته
له أو لإذنه العام بذلك وقيل كان الغنم لحربي لا أمان له وقيل كانوا مضطرين قوله
إنفض الضرع أي ثدي الشاة قوله والقذى بفتح القاف وفتح الذال المعجمة مقصورا وهو
الذي يقع في العين يقال قذت عينه إذا وقع فيها القذى كأنه شبه ما يصير في الضرع من
الأوساخ بالقذى في العين قوله في قعب هو القدح من الخشب قوله كثبة بضم الكاف وسكون
الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة أي قطعة من لبن قدر ملء القدح وقيل قدر حلبة
خفيفة وقال الهروي والقزاز كل ما جمعته من طعام أو لبن أو غيرهما فهي كثبة قال
الهروي بعد أن يكون قليلا قوله إداوة بكسر الهمزة وهي تعمل من جلد يستصحبه المسافر
قوله يرتوي منها أي يستقي قوله يشرب حال قوله فوافقته حتى استيقظ أي وافق إتياني
وقت استيقاظه ويروى حتى تأنيت به حتى استيقظ قوله حتى برد بفتح الراء وقال الجوهري
بضمها قوله حتى رضيت أي طابت نفسي لكثرة ما شرب قوله ألم يأن للرحيل أي قال النبي
لأبي بكر رضي الله تعالى عنه ألم يأن وقت الارتحال قوله واتبعنا سراقة ابن مالك بن
جعشم واتبعنا بفتح العين فاعل ومفعول و سراقة بالرفع فاعله وفي رواية إسرائيل
فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا غير سراقة قوله أتينا بضم الهمزة على صيغة
المجهول قوله فارتطمت به أي بسراقة فرسه ومعنى ارتطمت غاصت قوائمها في تلك الأرض
الصلبة وارتطم في الوحل أي دخل فيه واحتبس ورطمت الشيء إذا أدخلته فارتطم قوله أرى
بضم الهمزة أي أظن وهو لفظ زهير الراوي وفي رواية مسلم الشك من زهير يعني هل قال
هذه اللفظة أم لا قوله في جلد بفتح الجيم واللام وهو الصلب من الأرض المستوي قوله
فقال إني أراكما أي قال سراقة للنبي ولأبي بكر إني أراكما قد دعوتما علي فادعوا لي
فالله لكما قوله فالله بالرفع مبتدأ وقوله لكما خبره أي ناصر لكما قوله أن أرد
عنكما أي أدعو لأن أرد فهو علة للدعاء ويروى بنصب لفظه الله أي
(16/148)
فأشهد الله لأجلكما أن أرد
عنكما الطلب وقيل بالجر أيضا بنزع الخافض والتقدير إقسم بالله لكما بأن أرد الطلب
وهو جمع طالب وفي ( شرح السنة ) أقسم بالله لكما على الرد قوله فنجا أي من
الارتطام قوله ألا قال كفيتكم ويروى كفيتم قوله ما هنا يعني ما هنا الذي تطلبونه
قوله فلا يلقى أحدا إلا رده بيان قوله ما هنا قوله ووفى لنا أي وفي سراقة بما وعده
من رد الطلب
وفي هذا الحديث معجزة لرسول الله وفضيلة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه وفيه خدمة
التابع للمتبوع واستصحاب الركوة في السفر وفضل التوكل على الله تعالى وأن الرجل
الجليل إذا نام يدافع عنه وقال الخطابي استدل به بعض شيوخ السوء من المحدثين على
الأخذ في الحديث لأن عازبا لم يحمل الرحل حتى يحدثه أبو بكر بالقصة وليس الاستدلال
صحيحا لأن هؤلاء اتخذوا الحديث بضاعة يبيعونها ويأخذون عليها أجرا وأما ما التمسه
أبو بكر من تحميل الرحل فهو من باب المعروف والعادة المقررة أن تلامذة التجار
يحملون الأثقال إلى بيت المشتري ولو لم يكن ذلك لكان لا يمنعه إفادة القصة قال تعالى
اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ( يس 12 )
6163 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( عبد العزيز بن مختار ) حدثنا ( خالد ) عن (
عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي دخل على أعرابي يعوده قال
وكان النبي إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس طهور إن شاء الله فقال له لا بأس
طهور إن شاء الله قال قلت طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره
القبور فقال النبي فنعم إذا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فنعم إذا من حيث إن الأعرابي لما رد على النبي قوله
لا بأس طهور إن شاء الله مات على وفق ما قاله وهذا من معجزاته وقال بعضهم ووجه
دخوله في هذا الباب أن في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة أخرجه
الطبراني وغيره من رواية شرحبيل والد عبد الرحمن فذكر نحو حديث ابن عباس رضي الله
تعالى عنه وفي آخر فقال النبي أما إذا أبيت فهي كما تقول وقضاء الله كائن فما أمسى
من الغد إلا ميتا انتهى قلت الذي ذكرنا أوجه لأن الذي ذكره هو حاصل قوله فنعم إذا
وتوجيه المطابقة من نفس الحديث أوجه من توجيهها من حديث آخر هل البخاري وقف عليه
أم لا وهل هو على شرطه أم لا وعبد العزيز بن المختار بالخاء المعجمة الأنصاري
الدباغ مر في الصلاة وخالد هو ابن مهران الحذاء
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب عن إسحاق عن خالد وفي التوحيد عن محمد بن عبد
الله وأخرجه النسائي في الطب وفي اليوم والليلة عن سوار بن عبد الله
قوله على أعرابي قال الزمخشري في ( ربيع الأبرار ) اسم هذا الأعرابي قيس فقال في
باب الأمراض والعلل دخل النبي على قيس بن أبي حازم يعوده فذكر القصة وقال بعضهم لم
أر تسميته لغيره فهذا إن كان محفوظا فهو غير قيس بن أبي حازم أحد المخضرمين لأن
صاحب القصة مات في زمن النبي وقيس لم ير النبي في حياته قلت عدم رؤيته ذلك لا
ينافي رؤية غيره مع أن بعضهم رأى النبي يخطب قوله يعوده في الموضعين جملة حالية
قوله إن شاء الله بمعنى الدعاء قوله قال قلت أي قال الأعرابي مخاطبا للنبي قلت
طهور قوله كلا أي ليس بطهور فأبى وسخط فلا جرم أماته الله قوله أو تثور بالثاء
المثلثة شك من الراوي قوله تزيره بضم التاء المثناة من فوق من أزاره إذا حمله على
الزيارة قوله فنعم إذا أي نعم بإزارة القبور حينئذ ويجوز أن يكون الشارع قد علم
أنه سيموت من مرضه فقوله طهور إن شاء الله دعاء له بتكفير ذنوبه ويجوز أن يكون
أخبر بذلك قبل موته بعد قوله
وقال صاحب ( التوضيح ) في قوله لا بأس طهور فيه دلالة على أن الطهور هو المطهر
خلافا لأبي حنيفة في قوله الطهور هو الطاهر قلت ليت شعري من نقل هذا عن أبي حنيفة
وكيف يقول ذلك والطهور صيغة مبالغة فإذا كان بمعنى طاهر يفوت المقصود
(16/149)
121 - ( حدثنا أبو معمر حدثنا
عبد الوارث حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه قال كان رجل نصرانيا فأسلم وقرأ
البقرة وآل عمران فكان يكتب للنبي فعاد نصرانيا فكان يقول ما يدري محمد إلا ما
كتبت له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه
لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه فحفروا له فأعمقوا فأصبح وقد لفظته الأرض
فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه خارج القبر
فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا فأصبح قد لفظته الأرض فعلموا أنه ليس
من الناس فألقوه )
مطابقته للترجمة من حيث ظهرت معجزة النبي في لفظ الأرض إياه مرات لأنه لما ارتد
عاقبه الله تعالى بذلك لتقوم الحجة على من يراه ويدل على صدق الشارع وأبو معمر
بفتح الميمين اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد البصري وعبد
الوارث بن سعيد البصري وعبد العزيز بن صهيب أبو حمزة البصري وهؤلاء كلهم بصريون
والحديث من إفراده قوله نصرانيا منصوب على أنه خبر كان ويروى نصراني بالرافع على
أن كان تامة ولم يدر اسمه لكن في رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس كان منا رجل من
بني النجار قوله فعاد نصرانيا في رواية ثابت فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب
فرفعوه قوله فكان يقول أي فكان هذا النصراني يقول ما يدري محمد إلا ما كتبت له وفي
رواية الإسماعيلي كان يقول ما أرى يحسن محمد إلا ما كنت أكتب له وروى ابن حبان عن
أبي هريرة نحوه قوله فأماته الله وفي رواية ثابت فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم
قوله وقد لفظته الأرض أي رمته من القبر إلى الخارج ولفظته بكسر الفاء وبفتحها وقال
القزاز في جامعه كل ما طرحته من يدك فقد لفظته ولا يقال بكسر الفاء وإنما يقال
بالفتح -
8163 - حدثني ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال
وأخبرني ( ابن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول
الله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفس محمد بيده
لتنفقن كنوزهما في سبيل الله
مطابقته للترجمة ظاهرة جدا والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن حرملة بن يحيى والحديث
قد مر في الخمس من وجه آخر عن أبي هريرة في باب قول النبي أحلت لكم الغنائم وقد مر
في أوائل الكتاب الكلام في كسرى وقيصر والمعنى لا يبقى كسرى بالعراق وقيصر بالشام
ولما فتحت عراق والشام في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه انفقت كنوزهما في
سبيل الله مثل ما أخبر به النبي
9163 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الملك بن عمير ) عن ( جابر بن
سمرة ) رفعه قال إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده وذكر
وقال لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ( انظر الحديث 1213 وطرفه )
قبيصة هو ابن عقبة وسفيان هو الثوري والحديث قد مضى في الخمس عن إسحاق بن إبراهيم
عن جرير عن عبد الملك عن جابر بن سمرة
قوله رفعه ويروي يرفعه أي يرفع الحديث إلى النبي قوله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده
هذا المقدار هو في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر بعده وإذا هلك
(16/150)
قيصر فلا قيصر بعده قوله وذكر
أي وذكر بعد قوله إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وقال لتنفقن كنوزهما في سبيل الله7
أي في أبواب البر والطاعات
0263 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( عبد الله بن أبي حسين ) حدثنا (
نافع بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال ( قدم مسيلمة الكذاب على
عهد ) رسول الله فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقدمها في بشر كثير
من قومه فأقبل إليه رسول الله ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله قطعة
جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن
تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيك ما رأيت
فأخبرني أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال بينما أنا نائم رأيت في
يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأوحي إلي في المنام أن انفخهما فنفختهما فطارا
فأولتهما كذابين يخرجان بعدي فكان أحدهما العنسي والآخر مسيلمة الكذاب صاحب
اليمامة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأولتهما كذابين إلى آخره لأن فيه إخبارا عنه بأمر
قد وقع بعضه في أيامه وبعضه بعده فإن العنسي قتل في أيامه ومسيلمة قتل بعده في
وقعة اليمامة قتله وحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه فإن قلت قال يخرجان بعدي
ومسيلمة خرج بعده وأما العنسي فإنه خرج في أيامه قلت معنى قوله بعدي يعني بعد ثبوت
نبوتي أو بعد دعواي النبوة
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب ابن أبي حمزة الحمصي وعبد الله بن أبي حسين هو
عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي حسين النوفلي مر في البيع ونافع بن جبير بن مطعم
مر في الوضوء
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي اليمان أيضا وأخرجه مسلم في الرؤيا
عن محمد بن سهل عن أبي اليمان به وأخرجه الترمذي فيه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري
عن أبي اليمان بقصة الرؤيا دون قصة مسيلمة وقال غريب وأخرجه النسائي فيه عن عمرو
بن منصور عن أبي اليمان
ذكر معناه قوله قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله أي على زمنه وكان قدومه في
سنة تسع من الهجرة وهي سنة الوفودات قال ابن اسحاق قدم على رسول الله وفد بني
حنيفة فيهم مسيلمة بن حبيب وقال ابن هشام هو مسيلمة بن ثمامة ويكنى أبا ثمامة وقال
السهيلي هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير ابن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن همان بن
ذهل بن الدول بن حنيفة ويكنى أبا ثمامة وقيل أبا هارون وكان قد تسمى بالرحمان وكان
يقال له رحمان اليمامة وكان يعرف أبوابا من النيرنجات فكان يدخل البيضة في
القارورة وهو أول من فعل ذلك وكان يقص جناح الطير ثم يصله ويدعي أن ظبية تأتيه من
الجبل فيحلب لبنها قال الواقدي وكان وفد بني حنيفة بضعة عشر رجلا عليهم سلمى بن
حنظلة وفيهم طلق بن علي وعلي بن سنان ومسيلمة بن حبيب الكذاب فأنزلوا في دار رملة
بنت الحارث وأجريت عليهم الضيافة فكانوا يؤتون بغداء وعشاء مرة خبزا ولحما ومرة خبزا
ولبنا ومرة خبزا وسمنا ومرة تمرا ينثر لهم فلما قدموا المسجد وأسلموا وقد خلفوا
مسيلمة في رحالهم ولما أردوا الانصراف أعطاهم جوائزهم خمس أواق من فضة وأمر
لمسيلمة بمثل ما أعطاهم لما ذكروا أنه في رحالهم فقال إما أنه ليس بشركم مكانا
فلما رجعوا إليه أخبروه بما قال عنه قال إنما قال ذلك لأنه عرف أن الأمر لي من
بعده وبهذه الكلمة تشبث قبحه الله حتى ادعى النبوة وقال ابن إسحاق ثم انصرفوا عن
رسول الله ولما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم وقال إني اشتركت
معه
(16/151)
في الأمر ثم جعل يسجع لهم
السجعات مضاهيا للقرآن فأصعقت على ذلك بنو حنيفة وقتل في أيام أبي بكر الصديق في
وقعة اليمامة قتله وحشي قاتل حمزة كما ذكرناه وكان عمره حين قتل مائة وخمسين سنة
قوله فأقبل إليه رسول الله تالفا له ولقومه رجاء إسلامهم وليبلغ ما أنزل إليه وقال
القاضي عياض يحتمل أن سبب مجيئه أن مسيلمة قصده من بلده للقائه فجاءه مكافأة قال
وكان مسيلمة حينئذ يظهر الإسلام وإنما ظهر كفره بعد ذلك قوله ومعه ثابت بن قيس بن
شماس خطيب رسول الله وكان يجاوب الوفود عن خطبهم قوله وفي يد رسول الله الواو فيه
للحال قوله لن تعدو أمر الله فيك أي خيبتك فيما أملته من النبوة وهلاكك دون ملكك
أو فيما سبق من قضاء الله تعالى وقدره في شقاوتك ويروى لن تعد بحذف الواو للجزم
والجزم بلن لغة حكاها الكسائي قوله ولئن أدبرت أي عن طاعتي ليعقرنك الله أي
ليقتلنك ويهلكك وأصله من عقر الإبل ضرب قوائمها بالسيف وجرحها وكان كذلك قتله الله
عز و جل يوم اليمامة قوله وإني لأراك بضم الهمزة أي لأظنك الشخص الذي رأيت في
المنام في حقك ما رأيته
قوله فأخبرني أبو هريرةأي قال ابن عباس أخبرني أبو هريرة أن رسول الله إلى آخره
وفي مسلم وإني لأراك الذي أريت قبل ما أريت وهذا ثابت يجيبك عني ثم انصرف عنه فقال
ابن عباس فسألت عن قول رسول الله وإني لأراك الذي أريت فأخبرني أبو هريرة أن النبي
قال بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين الحديث وهذا يعد من مسند أبي هريرة دون ابن
عباس فلذلك ذكره الحافظ المزي في مسند أبي هريرة قوله سوارين من ذهب بضم السين
وكسرها وقال النووي قال أهل اللغة أسوار أيضا بضم الهمزة وفيه ثلاث لغات وفي (
التوضيح ) قوله من ذهب للتأكيد لأن السوار لا يكون إلا من ذهب فإن كان من فضة فهو
قلب قوله فأهمني شأنهما أي أحزنني أمرهما قوله أن أنفخهما أي أنفخ السوارين وهو
أمر من النفخ فلما أمر بالنفخ نفخهما وتأويل نفخهما أنهما قتلا بريحه أي أن الأسود
ومسيلمة قتلا بريحه والذهب زخرف يدل على زخرفهما ودلا بلفظهما على ملكين لأن
الأساورة هم الملوك وفي النفخ دليل على اضمحلال أمرهما وكان كذلك قوله فأولتهما أي
السوارين قوله يخرجان بعدي قال النووي أي يظهران شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما
النبوة وإلا فقد كانا في زمنه انتهى وقد ذكرنا أن المراد بعد دعواي النبوة أو بعد
ثبوت نبوتي قوله فكان أحدهما أي أحد السوارين في التأويل العنسي بفتح العين
المهملة وسكون النون وبالسين المهملة وهو نسبة الأسود الصنعاني الذي ادعى النبوة
وقيل اسمه عبلة بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة ابن كعب وكان يقال له ذو
الخمار لأنه زعم أن الذي يأتيه ذو الخمار قتله فيروز الصحابي الديلي بصنعاء دخل
عليه فحطم عنقه وهذا كان في حياة رسول الله في مرضه الذي توفي فيه على الأصح
والمشهور وبشر رسول الله الصحابة بذلك ثم بعده حمل رأسه إليه وقيل كان ذلك في زمن
الصديق رضي الله تعالى عنه والعنسي نسبة إلى عنس قال الرشاطي اسمه زيد بن مالك بن
أدد ومالك هو جماع مذحج قال ابن دريد العنس الناقة الصلبة قوله والآخر أي السوار
الأخر في التأويل مسيلمة الكذاب قوله اليمامة بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف
الميمين وهي مدينة باليمن على أربع مراحل من مكة شرفها الله ومرحلتين من الطائف
قيل سميت بذلك باسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام يقال هو
أبصر من زرقاء اليمامة فسميت اليمامة لكثرة ما أضيف إليها والنسبة إليها يمامي
2263 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( حماد بن أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله
بن أبي بردة ) عن جده ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى أراه ) عن النبي قال رأيت في
المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا
هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من
المؤمنين يوم أحد ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من
الفتح واجتماع
(16/152)
المؤمنين ورأيت فيها بقرا
والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب
الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن رؤياه الصدق ووقوعها مثل ما عبرها به
وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ثم دال مهملة ابن عبد
الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة يروي عن جده أبي بردة واسمه الحارث وقيل عامر
وقيل اسمه كنيته ابن أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في غير موضع من المغازي وعلامات النبوة والتعبير عن
أبي كريب محمد بن العلاء وأخرجه مسلم في الرؤيا عن أبي كريب وعبد الله بن براد
وأخرجه النسائي فيه عن موسى بن عبد الرحمن وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمود بن غيلان
أربعتهم عن أبي أسامة عنه به
قوله أراه بضم الهمزة أي أظنه قوله وهلي بفتح الهاء يعني وهمي واعتقادي ويجوز فيه
إسكان الهاء مثل نهر ونهر يقال وهلت إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه يقال وهل يهل
وهلا وعن أبي زيد وهلت في الشيء وعنه أهل وهلا إذا نسيت وغلطت فيه وضبطه بكسر
الهاء قوله أو الهجر بفتح الجيم وهي مدينة باليمن وهي قاعدة البحرين ويقال بدون
الألف واللام بينها وبين البحرين عشر مراحل قوله فإذا هي المدينة كلمة إذا
للمفاجأة وهي ترجع إلى أرض بها نخل و هو مبتدأ و المدينة بالرفع خبره قوله يثرب
بالرفع أيضا عطف بيان بفتح الياء آخر الحروف وسكون الثاء المثلثة وكسر الراء ثم
باء موحدة والنهي الذي ورد عن تسمية المدينة بيثرب إنما كان للتنزيه وإنما جمع بين
الإسمين هنا لأجل خطاب من لا يعرفها وفي ( التوضيح ) وقد نهى عن التسمية بيثرب حتى
قيل من قالها وهو عالم كتبت عليه خطيئة وسببه ما فيه من معنى التثريب والشارع من
شأنه تغيير الأسماء القبيحة إلى الحسنة ويجوز أن يكون هذا قبل النهي كما أنه سماها
في القرآن إخبارا به عن تسمية الكفار لها قبل أن ينزل تسميتها قوله وثواب الفتح
أراد بالفتح فتح مكة أو هو مجاز عن اجتماع المؤمنين وإصلاح حالهم قوله بقرا قال
النووي قد جاء في بعض الروايات هكذا رأيت بقرا تنحر وبهذه الزيادة يتم تأويل
الرؤيا إذا نحر البقر هو قتل الصحابة بأحد قوله والله خير قال القاضي ضبطناه والله
خير برفع الهاء والراء على المبتدأ والخبر قيل معناه ثواب الله خير أي صنع الله
بالمقتولين خير لهم من مقامهم في الدنيا والأولى قول من قال إنه من جملة الرؤيا
فإنها كلمة سمعها في الرؤيا عند رؤياه البقر بدليل تأويله لها بقوله فإذا الخير ما
جاء الله به قوله وثواب الصدق إلى آخره يريد به بعد أحد ولا يريدها كان قبل أحد
قوله بعد يوم بدر قال القاضي بضم دال بعد وبنصب يوم قال وروي بنصب الدال ومعناه ما
جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين لأن الناس جمعوا لهم وخوفوهم
فزادهم ذلك إيمانا قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ( آا عمران 371 ) وتفرق البدو
عنهم هيبة لهم
3263 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( زكرياء ) عن ( فراس ) عن ( عامر ) عن ( مسروق )
عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ( أقبلت فاطمة تمشي ) كأن ( مشيتها مشي )
النبي فقال النبي مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا
فبكت فقلت لها لم تبكين ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب
من حزن فسألتها عما قال فقالت ما كنت لأفشي سر رسول الله حتى قبض النبي فسألتها
فقالت أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين
ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فبكيت فقال أما ترضين أن تكوني
سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين فضحكت لذلك
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر عن حضور أجله ومن حيث إنه أخبر أن فاطمة سيدة
نساء أهل الجنة وأبو نعيم
(16/153)
الفضل بن دكين وزكرياء هو ابن
أبي زائدة وفراس بكسر الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف سين مهملة ابن يحيى المكتب مر
في الزكاة وعامر هو الشعبي وفي بعض النسخ لفظ الشعبي مذكور ومسروق بن الأجدع
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاستئذان عن موسى بن إسماعيل وفي فضائل القرآن
وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي كامل الجحدري وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن
عبد الله بن نمير وأخرجه النسائي في الوفاة عن محمد بن معمر وفي المناقب عن علي بن
حجر وفي أوله زيادة
قوله كأن مشيتها بكسر الميم لأن الفعلة بالكسر للحالة وبالفتح للمرة قوله مشي
النبي بالرفع لأنه خبر كأن بالتشديد وكان إذا مشى كأنه ينحدر من صبب أي من موضع
منحدر قوله أو شماله شك من الراوي قوله يعارضني القرآن من المعارضة وهي المقابلة
ومنه عارضت الكتاب بالكتاب أي قابلت به قوله ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن أي
كان الفرح قريب الحزن قوله لأفشي من الإفشاء وهو الإظهار قوله حتى قبض متعلق بمحذوف
أي لم يقل حتى قبض قوله ولا أراه إلا حضر أجلي بضم الهمزة أي ولا أظنه إلا أن موتي
قرب وبكاؤها في هذه الرواية كان من أجل قوله ما أراه إلا حضر أجلي وضحكها كان لأجل
إخباره لها أنها سيدة نساء أهل الجنة أو سيدة نساء المسلمين وأما بكاؤها في
الرواية التي تأتي الآن كان لأجل قوله إنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه وضحكها كان
لأجل أنه قال فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه وماتت فاطمة بعد أبيها بستة أشهر
قالت عائشة وذلك في رمضان عن خمس وعشرين سنة وقيل ماتت بعده بثلاثة أشهر
وفيه أن المرء لا يحب البقاء بعد محبوبه قال ابن عمر في عاصم
( فليت المنايا كن خلفن عاصمافعشن جميعا أو ذهبن بنا معا )
وفيه أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة قال الكرماني فهي أفضل من خديجة وعائشة رضي
الله تعالى عنهما قلت المسألة مختلف فيها ولكن اللازم من الحديث ذلك إلا أن يقال
إن الرواية بالشك والمتبادر إلى الذهن من لفظ المؤمنين غير النبي عرفا ودخول
المتكلم في عموم كلامه مختلف فيه عند الأصوليين
5263 - حدثني ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( عروة ) عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها ( أنها ) قالت ( دعا ) النبي فاطمة ابنته في شكواه
الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت قالت فسألتها عن ذلك
7263 - حدثنا ( محمد بن عرعرة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير
) عن ( ابن عباس ) قال كان ( عمر بن الخطاب ) رضي الله تعالى عنه ( يدني ابن عباس
) فقال له عبد الرحمان بن عوف إن لنا أبنا مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر ابن
عباس عن هاذه الآية إذا جاء
(16/154)
نصر الله والفتح ( الفتح 1 )
فقال أجل رسول الله أعلمه إياه قال ما أعلم منها إلا ما تعلم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أعلمه إياه أي أعلم النبي ابن عباس أن هذه السورة في
أجل رسول الله وهذا إخبار قبل وقوعه ووقع الأمر كذلك وأبو بشر بكسر الباء الموحدة
واسمه جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي النعمان وفي التفسير عن موسى بن
إسماعيل وفي المغازي أيضا عن محمد بن عرعرة أيضا وأخرجه الترمذي في التفسير عن
محمد بن بشار عن غندر وعن عبد بن حميد وقال حسن صحيح
قوله يدني أي يقرب وفيه التفات قوله إن لنا إبنا مثله أي مثل ابن عباس في العمر
وغرضه أننا شيوخ وهو شاب فلم تقدمه علينا وتقربه من نفسك قال أقربه وأقدمه من جهة
علمه
( والعلم يرفع كل من لم يرفع )
قوله من حيث تعلم أي من أجل أنك تعلم أنه عالم وكان ذلك ببركة دعائه أللهم فقهه في
الدين وعلمه التأويل قوله أجل رسول الله أي مجيء النصر والفتح ودخول الناس في
الدين علامة وفاة النبي أخبر الله رسوله بذلك
8263 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد الرحمان بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل )
حدثنا ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال ( خرج ) رسول الله في
مرضه الذي مات فيه بملحفة قد عصب بعصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار حتى يكونوا في الناس بمنزلة
الملح في الطعام فمن ولي منكم شيئا يضر فيه قوما وينفع فيه آخرين فليقبل من محسنهم
ويتجاوز عن مسيئهم فكان ذلك آخر مجلس جلس به النبي ( انظر الحديث 729 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر بكثرة الناس وقلة الأنصار بعده وأن منهم من يتولى
أمور الناس وأنه وصى إليهم بما ذكر فيه وأبو نعيم الفضل بن دكين وعبد الرحمن بن
سليمان بن حنظلة بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة وباللام ابن
أبي عامر الراهب قد مر في الجمعة قوله ابن الغسيل ويروى حنظلة الغسيل بدون لفظ
الابن وكلاهما صحيح ولكن بشرط أن يرفع الإبن على أنه صفة لعبد الرحمن فافهم وحنظلة
من سادات الصحابة وهو معروف بغسيل الملائكة فسألوا امرأته فقالت سمع الهيعة وهو
جنب فلم يتأخر للاغتسال وكان يوم أحد فقالت حتى قتل قتله أبو سفيان بن حرب وقال
حنظلة بحنظلة يعني بابنه حنظلة المقتول ببدر فلما قتل شهيدا أخبر رسول الله بأن
الملائكة غسلته فسمي حنظلة الغسيل
والحديث أخرجه في الجمعة عن إسماعيل بن أبان عن ابن الغسيل وقد مر الكلام فيه هناك
قوله بعصابة دسماء قال الخطابي أي بعصابة سوداء قوله بمنزلة الملح وجه التشبيه
الإصلاح بالقليل دون الإفساد بالكثير كما في قولهم النحو في الكلام كالملح في
الطعام أو كونه قليلا بالنسبة إلى سائر أجزاء الطعام قوله فكان ذلك آخر مجلس إلى
آخره من كلام ابن عباس قوله جلس به ويروى جلس فيه
9263 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( يحيى بن آدم ) حدثنا ( حسين الجعفي )
عن ( أبي موسى ) عن ( الحسن ) عن ( أبي بكرة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أخرج )
النبي ذات يوم الحسن فصعد به على المنبر فقال ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به
بين فئتين من المسلمين
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بأن الحسن رضي الله تعالى عنه يصلح به بين
الفئتين من المسلمين وقد وقع مثل ما أخبر فإنه ترك الخلافة لمعاوية وارتفع النزاع
بين الطائفتين
وعلي بن عبد الله المعروف بالمسندي ويحيى بن آدم بن سليمان
(16/155)
الكوفي صاحب الثوري وحسين بن
علي بن الوليد الجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء نسبة إلى جعفى ابن
سعد العشيرة من مذحج قال الجوهري أبو قبيلة من اليمن والنسبة إليه كذلك وأبو موسى
إسرائيل بن موسى البصري نزل الهند والحسن هو البصري وأبو بكرة نفيع بن الحارث
الثقفي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الصلح وقد مضى الكلام فيه هناك
قوله ذات يوم معناه قطعة من الزمان ذات يوم قوله ابني دليل على أن ابن البنت يطلق
عليه الإبن ولا اعتبار بقول الشاعر
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
قوله فئتين أي طائفتين
0363 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( حميد بن
هلال ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن النبي نعى جعفرا وزيدا قبل أن
يجيء خبرهم وعيناه تذرفان
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر بقتل جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة بمؤته قبل
أن يجيء خبرهما وهذا من علامات النبوة وسيأتي بيان ذلك في غزوة مؤتة مفصلا إن شاء
الله تعالى
وأيوب هو السختياني وحميد بضم الحاء المهملة ابن هلال بن هبيرة أبو نصر البصري
ومضى الحديث في الجنائز عن أبي معمر عبد الله بن عمرو ومضى الكلام فيه هناك
قوله خبرهم ويروى خبرهما أي خبر جعفر وزيد والضمير في الرواية الأولى يرجع إليهما
وإلى من قتل معهما أو المراد أهل مؤتة وما جرى بينهم قوله وعيناه الواو فيه للحال
أي وعينا رسول الله تذرفان بالذال المعجمة والراء المكسورة يعني تسيلان دمعا
1363 - حدثنا ( عمرو بن عباس ) حدثنا ( ابن مهدي ) حدثنا ( سفيان ) عن ( محمد بن
المنكدر ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي هل لكم من أنماط قلت وأنى
يكون لنا الأنماط قال أما إنه سيكون لكم الأنماط فأنا أقول لها يعني امرأته أخري
عني أنماطك فتقول ألم يقل النبي إنها ستكون لكم الأنماط فأدعها
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بأنه سيكون لهم الأنماط وقد كان ذلك وهي جمع نمط
بفتحات وهو بساط له خمل رقيق
وعمرو بن عباس بالباء الموحدة المشددة أبو عثمان البصري من أفراده يروي عن عبد
الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي البصري يروي عن سفيان الثوري
والحديث أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير وعن محمد بن المثنى وأخرجه
الترمذي في الاستئذان عن محمد بن بشار
قوله هل لكم من أنماط إنما قال النبي ذلك لجابر لما تزوج قوله وأنى يكون أي ومن
أين يكون لنا الأنماط قوله أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهي من مقدمات اليمين
وطلائعه كقول الشاعر
( أما والذي لا يعلم الغيب غيره )
ولما ذكر ابن هشام ألا بفتح الهمزة والتخفيف وذكر أنواعها قال واختها أما من
مقدمات اليمين وطلائعه قوله فأنا أقول لها أي قال جابر أنا أقول لها يعني لامرأته
قوله فتقول أي امرأته قوله فأدعها أي اتركها بحالها مفروشة
2363 - حدثني ( أحمد بن إسحاق ) حدثنا ( عبيد الله بن موسى ) حدثنا ( إسرائيل ) عن
( أبي إسحاق ) عن ( عمرو بن ميمون ) عن ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله تعالى عنه
قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا قال فنزل على أمية بن خلف أبي صفوان وكان أمية إذا
انطلق إلى الشأم فمر بالمدينة نزل على سعد فقال أمية لسعد انتظر حتى إذا انتصف
النهار وغفل الناس انطلقت
(16/156)
فطفت فبينا سعد يطوف إذا أبو
جهل فقال من هذا الذي يطوف بالكعبة فقال سعد أنا سعد فقال أبو جهل تطوف بالكعبة
آمنا وقد أويتم محمدا وأصحابه فقال نعم فتلاحيا بينهما فقال أمية لسعد لا ترفع
صوتك على أبي الحكم فإنه سيد أهل الوادي ثم قال سعد والله لئن منعتني أن أطوف
بالبيت لأقطعن متجرك بالشأم قال فجعل أمية يقول لسعد لا ترفع صوتك وجعل يمسكه فغضب
سعد فقال دعنا عنك فإني سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك قال إياي قال نعم قال والله ما
يكذب محمد إذا حدث فرجع إلى امرأته فقال أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي قالت
وما قال قال زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي قالت فوالله ما يكذب محمد قال فلما
خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ قالت له امرأته أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي قال
فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل إنك من أشراف الوادي فسر يوما أو يومين فسار
يومين معهم فقتله الله ( الحديث 2363 - طرفه في 0593 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه أخبر بقتل أمية بن خلف فقتل في وقعة بدر قتله رجل من
الأنصار من بني مازن وقال ابن هشام قتله معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وخبيب بن
أساف اشتركوا فيه وهو أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح
ذكر رجاله وهم ستة الأول أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر أبو إسحاق السلمي
السرماري وسرمار قرية من قرى بخارى الثاني عبيد الله بن موسى بن باذام أبو محمد
العبسي الكوفي وهو أحد مشايخ البخاري الثالث إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي
الرابع أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الخامس عمرو بن ميمون الأزدي الكوفي
أدرك الجاهلية السادس عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
وقد أخرج البخاري هذا الحديث أيضا في أول المغازي في باب ذكر النبي من يقتل ببدر
ذكر معناه قوله سعد بن معاذ بن النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن
جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت وهو عمرو بن مالك الأوس الأنصاري الأشهلي يكنى
أبا عمرو وأسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير وشهد
بدرا وأحدا والخندق فرمي يوم الخندق بسهم فعاش شهرا ثم انتفض جرحه فمات منه قوله
معتمرا نصب على الحال وكانوا يعتمرون من المدينة قبل أن يعتمر رسول الله قوله فنزل
أي سعد بن معاذ حين دخل مكة لأجل العمرة على أمية ابن خلف بن وهب يكنى بأبي صفوان
من كبار المشركين قوله وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يعني لأجل التجارة فمر
بالمدينة لأنها على طريقه فنزل على سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وكان مؤاخيا معه
قوله وقال أمية لسعد إنتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس لأنه وقت غفلة وقائله
انطلقت فطفت بالتاء المفتوحة فيهما لأنه خطاب أمية لسعد وفي رواية البخاري في أول
المغازي فلما قدم رسول الله المدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال
لأمية أنظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار قوله
فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل يعني قد حضر وفي رواية المغازي فإذا به أي فخرج أبو
أمية بسعد قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال يا أبا صفوان يعني يقول لأمية
من هذا معك قال فقال هذا سعد فقال أبو جهل يعني لسعد ألا أراك تطوف بمكة آمنا يعني
حال كونك آمنا وقد أويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتغيثونهم أما والله لو أنك
مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما قوله الصباة بضم الصاد المهملة وتخفيف الباء
الموحدة جمع صابيء مثل قضاه جمع قاض وكانوا يسمون النبي وأصحابه الذين هاجروا
(16/157)
إلى المدينة صباة من صبأ إذا
مال عن دينه قوله فتلاحيا أي تخاصما وتنازعا وقيل تسابا يعني سعد بن معاذ وأبو جهل
قوله على أبي الحكم بفتحتين هو عدو الله أبو جهل واسمه عمرو بن هشام المخزومي
وكناه رسول الله بأبي جهل قوله فإنه سيد أهل الوادي أي فإن أبا جهل سيد أهل الوادي
أراد به أهل مكة قوله ثم قال سعد أي لأبي جهل والله لئن منعتني من أن أطوف أي من
طواف البيت لأقطعن متجرك بالشام أي تجارتك وفي رواية المغازي أما والله لئن منعتني
هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة قوله قال دعنا عنك أي فقال سعد
لأمية بن خلف دعنا عنك أي أترك محاماتك لأبي جهل فإني سمعت محمدا يزعم أنه قاتلك
والخطاب لأمية وفي المغازي دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت رسول الله يقول أنه
قاتلك وفي رواية إنهم قاتلوك قال بمكة قال لا أدري قوله قال إياي أي قال أمية إياي
قال سعد نعم إياك قوله فرجع إلى امرأته أي فرجع أمية إلى امرأته وفي رواية المغازي
ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع إلى أهله قال يا أم صفوان ألم تري ما قال لي
سعد وهنا قال لها أتعلمين ما قال لي أخي اليثربي أراد به سعدا فنسبه إلى يثرب
مدينة الرسول وإنما قال له أخي يعني في المصاحبة دون النسب ولا الدين قوله قال
فوالله ما يكذب محمد أي قال أمية ما يكذب محمد لأنه كان موصوفا عندهم بالصدق
والأمانة وإن كانوا لا يصدقونه قوله فلما خرجوا أي أهل مكة إلى بدر وجاء الصريخ
قال في ( التوضيح ) فيه تقديم وتأخير وهو أن الصريخ جاءهم فخرجوا إلى بدر أخبرهم
أنه وأصحابه خرجوا إلى عير أبي سفيان فخرجت قريش أشرين بطرين موقنين عند أنفسهم
أنهم غالبون فكانوا ينحرون يوما عشرة من الأبل ويوما تسعة والصريخ فعيل من الصراخ
وهو صوت المستصرخ أي المستغيث قوله فأراد أن لا يخرج أي أراد أمية أن لا يخرج من مكة
مع قريش إلى بدر وفي المغازي فقال أمية والله لا أخرج من مكة فلما كان يوم بدر
استنفر أبو جهل الناس فقال أدركوا عيركم فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال يا
أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل به
أبو جهل حتى قال أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ثم قال أمية يا أم
صفوان جهزيني فقالت له يا أبا صفوان أونسيت ما قال لك أخوك اليثربي قال لا ما أريد
أن أجوز معهم إلا قريبا فلما خرج أمية جعل لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل
بذلك حتى قتله الله عز و جل ببدر وإنما سقت ما في المغازي لأنه كالشرح لما هنا وقد
ذكر الكرماني هنا شيئا بغير نظر ولا تأمل حتى نسب بذلك إلى التغفل عند بعض الشراح
وهو أنه قال فإن قلت أين ما أخبر به سعد من كون أبي جهل قاتله أي قاتل أمية قلت
أبو جهل كان السبب في خروجه فكأنه قتله إذ القتل كما يكون مباشرة قد يكون تسببا
انتهى وإنما حمله على هذا الأمر العجيب لأنه فهم أن قول سعد لأمية إنه قاتلك أي إن
أبا جهل قاتلك وليس كذلك وإنما أراد سعد أن النبي هو الذي يقتل أمية فلما فهم هذا
الفهم استشكل ذلك بكون أبي جهل على دين أمية ثم تعسف بالجواب كذلك
3363 - حدثني ( عبد الرحمان بن شيبة ) حدثنا عبد الرحمان بن المغيرة عن أبيه عن
موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رسول الله
قال رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي بعض نزعه
ضعف والله يغفر له ثم أخذها عمر فاستحالت بيده غربا فلم أر عبقريا في الناس يفري
فريه حتى ضرب الناس بعطن وقال همام عن أبي هريرة عن النبي فنزع أبو بكر ذنوبين
مطابقته للترجمة من حيث أنه أخبر عما رآه في المنام في أمر خلافة الشيخين وقد وقع
مثل ما قال على ما نذكره ورؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حق بلا خلاف
وعبد الرحمان بن شيبة هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن محمد بن شيبة أبو بكر
الخوارزمي القرشي مولاهم المدني وهو من أفراده و ( عبد الرحمن بن المغيرة ) بضم
الميم وكسر الغين المعجمة ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد
أبو القاسم الحزامي المديني يروي عن أبيه
(16/158)
المغيرة بن عبد الرحمن وهو
يروي عن ( موسى بن عقبة ) بن أبي عياش الأسدي المديني الإمام وهو يروي عن ( سالم
بن عبد الله ) عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التعبير عن أحمد بن يونس وأخرجه مسلم في الفضائل عن
أحمد بن يونس به وأخرجه الترمذي في الرؤيا عن محمد بن بشار وأخرجه النسائي فيه عن
يوسف ابن سعيد
قوله في صعيد هو في اللغة وجه الأرض قوله ذنوبا بفتح الذال المعجمة وهو الدلو
الممتليء ماء وقال ابن فارس هو الدلو العظيم قوله أو ذنوبين شك من الراوي قوله وفي
بعض نزعه أي في استقائه قوله ضعف بفتح الضاد المعجمة وضمها لغتان وليس فيه حط من
فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وإنما هو إخبار عن حال ولايته فإنه اشتغل
بقتال أهل الردة فلم يتفرغ لفتح الأمصار وجباية الأموال ولقصر مدته فإنها سنتان
وثلاثة أشهر وعشرون يوما وكذلك قوله والله يغفر له ليس فيه تنقيص له ولا إشارة إلى
ذنب وإنما هي كلمة يدعمون بها كلامهم ونعمت الدعامة قوله ثم أخدها أي الذنوب وقال
الداودي أي فأخذ الخلافة قلت لفظ الخلافة غير مذكور وإنما الذنوب التي استحالت
غربا كناية عن خلافة عمر رضي الله تعالى عنه قوله فاستحالت بيده غربا أي تحولت من
الصغر إلى الكبر والغرب بفتح الغين المعجمة وسكون الراء الدلو العظيم يسقى به
البعير فهي أكبر من الذنوب وهيه الحال إنما حصله له لطول أيامه وما فتح الله له من
البلاد والأموال والغنائم في عهده وأنه مصر الأمصار ودون الدواوين وقال النووي هذا
المنام مثال لما جرى للخليفتين من ظهور آثارهما وانتفاع الناس بهما وكل ذلك مأخوذ
من النبي إذ هو صاحب الأمر فقام به أكمل قيام وقرر القواعد ثم خلفه أبو بكر رضي
الله تعالى عنه سنتين فقاتل أهل الردة وقطع دابرهم ثم خلفه عمر رضي الله تعالى عنه
فاتسع الإسلام في زمنه فقد شبه أمر المسلمين بقليب فيه الماء الذي به حياتهم
وصلاحهم وسقيهما قيامهما بمصالحهم وسقيه هو قيامه بمصالحهم قوله عبقريا بفتح العين
المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح القاف وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف
والعبقري هو الحاذق في عمله وهذا عبقري قومه أي سيدهم وقيل أصل هذا من عبقر وهي
أرض يسكنها الجن فصار مثلا لكل منسوب إلى شيء غريب في جودة صنعته وكمال رفعته وقيل
عبقر قرية يعمل فيها الثياب الحسنة فينسب إليها كل شيء جيد وقال الخطابي العبقري
كل شيء يبلغ النهاية في الخير والشر قوله يفري فريه يفري بكسر الراء و فريه بفتح
الفاء وسكون الراء وتخفيف الياء آخر الحروف ويروى فريه بفتح الفاء وكسر الراء
وتشديد الياء أي يعمل عملا مصلحا ويقطع قطعة مجيدا يقال فلان يفري فريه إذا كان
يأتي بالعجب في عمله وقال الخليل يقال في الشجاع ما يفري أحد فريه مخففة الياء ومن
شدد أخطأ يقال معناه ما كل أحد يفري على عمله قوله حتى ضرب الناس بعطن والعطن مبرك
الإبل حول موردها لتشرب عللا بعد نهل وتستريح منه وقال القاضي ظاهر لفظ حتى ضرب
الناس أنه عائد إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وقيل يعود إلى خلافتهما لأن
بتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا الأمر لأن أبا بكر جمع شملهم وابتدأ
الفتوح وتكامل في زمن عمر رضي الله تعالى عنه قوله وقال همام أي همام بن منبه عن
أبي هريرة عن النبي ذنوبين يعني من غير شك وهذا تعليق وصله البخاري في التعبير من
هذا الوجه من غيره
4363 - حدثني ( عباس بن الوليد النرسي ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت أبي حدثنا ( أبو
عثمان ) قال ( أنبئت ) أن ( جبريل عليه السلام أتى ) النبي وعنده أم سلمة فجعل
يحدث ثم قام فقال النبي لام سلمة من هاذا أو كما قال قال قالت هذا دحية قالت أم
سلمة أيم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله بخبر جبريل أو كما قال
قال فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا قال من أسامة بن زيد
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر جبريل عليه الصلاة و السلام وهو الذي كان يخبر
النبي بالمغيبات فكان علما من أعلام نبوته وعباس بتشديد الباء الموحدة ابن الوليد
أبو الوليد الرقام البصري وهو من أفراده مات سنة ثمان وثلاثين
(16/159)
ومائتين والنرسي بفتح النون
وسكون الراء وبالسين المهملة قال الكلاباذي نرس لقد أحد أجداد عباس المذكور وكان
اسمه نصر فقال له بعض النبط نرس بدل نصر فبقي لقبا عليه ومعتمر هو ابن سليمان
التيمي وكان رأسا في العلم والعبادة كأبيه مات سنة سبع وثمانين ومائة وأبوه سليمان
بن طرخان التيمي من السادة تابعي مات سنة ثلاث وأربعين ومائة وأبو عثمان اسمه عبد
الرحمن بن مل النهدي بفتح النون ولد في زمن النبي
وهذا الحديث يأتي في فضائل القرآن وأخرجه مسلم في فضائل أم سلمة رضي الله تعالى
عنها
قوله أنبئتعلى صيغة المجهول أي أخبرت وهذا مرسل لكنه صار مسندا متصلا حيث قال في
آخر الحديث سمعته من أسامة بن زيد قوله وعنده أم سلمةجملة حالية واسمها هند بنت
أبي أمية إحدى زوجات النبي قوله فجعل أي جبريل يحدث النبي ثم قام قوله أو كما قال
أي النبي قوله قال قالت أي قال أبو عثمان قالت أم سلمة هذا دحية بكسر الدال
المهملة وفتحها ابن خليفة الكلبي الصحابي وكان من أجمل الناس وكان جبريل عليه
الصلاة و السلام يأتي رسول الله على صورته ويظهر لغيره على صورته وربما لا يراه
إلا رسول الله قوله بخبر جبريل عليه الصلاة و السلام بفتح الخاء المعجمة والباء
الموحدة ويروي يخبر جبريل على لفظ المضارع من أخبر ويروي أيضا خبر جبريل بدون ياء
الجر قوله قال فقلت لأبي عثمان أي قال سليمان بن طرخان والد معتمر المذكور لأبي
عثمان عبد الرحمن المذكور وممن سمعت هذا أي هذا الحديث قال سمعته من أسامة بن زيد
بن حارثة وأمه أم أيمن حاضنة النبي وكان يسمى حب النبي واستعمله النبي وهو ابن
ثمان عشرة سنة وتوفي في آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين بالمدينة رضي الله
تعالى عنه
بسم الله الرحمان الرحيم
62 -
( باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم
يعلمون ( البقرة 641 ) )
أي هذا باب في بيان ما جاء من ذكر قول الله تعال يعرفونه ( البقرة 641 ) الآية
وأول الآية الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه ( البقرة 641 ) الآية أخبر الله تعالى أن
علماء أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول كما يعرف أحدهم ولده والعرب كانت
تضرب المثل في صحة الشيء بهذا قال القرطبي ويروى أن عمر رضي الله تعالى عنه قال
لعبد الله بن سلام أتعرف محمدا كما تعرف ابنك قال نعم وأكثر نزل الأمين من السماء
بنعته فعرفته وإنني لا أدري ما كان من أمه وقيل يعرفون محمدا كما يعرفون أبناءهم
من بين أبناء الناس لا يشك أحد ولا يتمارى في معرفة ابنه إذا رآه من بين أبناء
الناس كلهم ثم أخبر الله تعالى أنهم مع هذا التحقق والإيقان العلمي ليكتمون الحق
أي ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي وهم يعلمون أي والحال أنهم يعلمون الحق
فإن قلت ما وجه دخول هذا الباب المترجم في أبواب علامات النبوة المذكورة قلت من
جهة أنه أشار في الحديث إلى حكم التوراة والنبي سألهم عما في التوراة في حكم من
زنى والحال أنه لم يقرأ التوراة ولا وقف عليها قبل ذلك فظهر الأمر كما أشار إليه
وهو أيضا من أعظم علامات النبوة
5363 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك بن أنس ) عن ( نافع ) عن ( عبد
الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن ( اليهود جاؤا إلى رسول الله ) فذكروا له
أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ما تجدون في التوراة في شأن الرجم
فقال نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة
فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله
بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم
فأمر بهما رسول الله فرجما قال عبد الله فرأيت الرجل يحنأ على المرأة يقيها
الحجارة
(16/160)
وجه المطابقة قد ذكرناه الآن
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المحاربين عن إسماعيل بن أبي أويس وأخرجه مسلم في
الحدود عن أبي الطاهر وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي عن مالك به وأخرجه الترمذي
فيه عن إسحاق بن موسى عن معمر عنه به مختصرا وأخرجه النسائي في الرجم عن قتيبة عنه
بتمامه
قوله فذكروا له أي للنبي قوله أن رجلا منهم أي من اليهود وامرأة زنيا وفي رواية
مسلم عن ابن عمر أن رسول الله رجم في الزنا يهوديين رجل وامرأة زنيا فأتت اليهود
إلى رسول الله بهما الحديث قوله ما تجدون في التوراة هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا
لمعرفة الحكم منهم وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولعله قد أوحي إليه
أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره
بذلك من أسلم منهم ولذلك لم يخف عليه حين كتموه قوله في شأن الرجم أي في أمره
وحكمه قوله فقالوا نفضحهم أي نكشف مساويهم والاسم الفضيحة من فضح فلان فلانا إذا
كشف مساويه وبينهما للناس وفي رواية مسلم نسود وجوههما ونحملهما ونخالف بين
وجوههما ويطاف بهما قوله ونحملهما بالحاء واللام في أكثر الروايات وفي بعضها
نجملهما بالجيم المفتوحة وفي بعضها نحممهما بميمين وكله متقارب فمعنى نحملهما يعني
على الجمل ومعنى الثاني نجعلهما جميعا على الجمل ومعنى الثالث نسود وجوههما بالحمم
بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم قوله فقال عبد الله بن سلام بتخفيف اللام ابن
الحارث وهو إسرائيلي من بني قينقاع وهو من ولد يوسف الصديق وكان اسمه في الجاهلية
الحصين فغيروه وكان حليف الأنصار مات سنة ثلاث وأربعين في ولاية معاوية بالمدينة
شهد له الشارع بالجنة قوله أن فيها أي أن في التوراة الرجم على الزاني قوله فوضع
أحدهم أي أحد اليهود هو عبد الله بن صوريا الأعور وقال المنذري إنه ابن صوري وقيده
بعضهم بكسر الصاد قوله يحنأ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الحاء المهملة وفتح النون
وبالهمزة في آخره قال الخطابي من حنيت الشيء أحنيه إذا غطيته والمحفوظ بالجيم
والهمزة من جنأ الرجل على الشيء يجنأ إذا أكب عليه قيل فيه سبع روايات كلها راجعة
إلى الوقاية قوله يقيها من وقى يقي وقاية وهو الحفظ من وصول الحجارة إليها
ذكر ما يستفاد منه فمنه أن الشافعي وأحمد احتجا به أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان
وبه قال أبو يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد من شروط الإحصان الإسلام لقوله من أشرك
بالله فليس بمحصن والجواب عن الحديث أن ذلك كان يحكم التوراة قبل نزول آية الجلد
في أول ما دخل المدينة فصار منسوخا بها ومنه وجوب حد الزنا على الكافر ومنه أن
الكفار مخاطبون بفروع الشرع وفيه خلاف فقيل لا يخاطبون بها وقيل هم مخاطبون بالنهي
دون الأمر ومنه أن الكفار إذا تحاكموا إلينا حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا قاله
النووي قلت اختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ارتفعوا إلينا أواجب علينا أم نحن
فيه مخيرون فقالت جماعة من فقهاء الحجاز والعراق إن الإمام أو الحاكم مخير إن شاء
حكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الإسلام وإن شاء أعرض عنهم وممن قال ذلك مالك
والشافعي في أحد قوليه وهو قول عطاء والشعبي والنخعي وروي عن ابن عباس في قوله فإن
جاؤك ( المائدة 24 ) قال نزلت في بني قريظة وهي محكمة قال عامر والنخعي إن شاء حكم
وإن شاء لم يحكم وقال ابن القاسم إن تحاكم أهل الذمة إلى حاكم المسلمين ورضي
الخصمان به جميعا فلا يحكم بينهما إلا برضا من أساقفهما فإن كره ذلك أساقفهم فلا
يحكم بينهم وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهما وقال
الزهري مضت النسة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم
إلا أن يأتوا راغبين في حكمنا فنحكم بينهم بكتاب الله تعالى وقال آخرون واجب على
الحاكم أن يحكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الله تعالى وزعموا أن قوله تعالى وأن
احكم بينهم بما أنزل الله ( المائدة 94 ) ناسخ للتخيير في الحكم بينهم في الآية
التي قبل هذه روي ذلك عن ابن عباس من حديث سفيان بن حسين والحكم عن مجاهد عنه
ومنهم من يرويه عن سفيان والحكم عن مجاهد قوله وهو صحيح عن مجاهد وعكرمة وبه قال
الزهري وعمر ابن عبد العزيز والسدي وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قولي
الشافعي إلا أن أبا حنيفة قال إذا جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهما بالعدل
وإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم وقال صاحباه يحكم وكذا أختلف أصحاب
مالك
(16/161)
72 -
( باب سؤال المشركين أن يريهم النبي فأراهم انشقاق القمر )
أي هذا باب في بيان سؤال المشركين من أهل مكة أن يريهم النبي آية أي معجزة خارقة
للعادة فأراهم النبي انشقاق القمر وهي معجزة عظيمة محسوسة خارجة عن عادة المعجزات
وقال الخطابي انشقاق القمر آية عظيمة لا يعادلها شيء من آيات الأنبياء لأنه ظهر في
ملكوت السماء والخطب فيه أعظم والبرهان به أظهر لأنه خارج عن جملة طباع ما في هذا
العالم من العناصر
7363 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( يونس ) حدثنا ( شيبان ) عن ( قتادة )
عن ( أنس بن مالك ) وقال لي ( خليفة ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن (
قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أنه حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول
الله أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر
(16/162)
أخرج هذا الحديث من طريقين
أحدهما عن عبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي عن يونس هو ابن محمد المؤدب
البغدادي عن شيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي عن قتادة عن أنس والثاني عن خليفة بن
خياط عن يزيد من الزيادة ابن زريع بضم الزاي وفتح الراء العيشي البصري عن سعيد بن
أبي عروبة عن قتادة عن أنس والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله بن
محمد وأخرجه مسلم في التوبة عن زهير بن حرب وعبد بن حميد قوله إن أهل مكة أراد به
الكفار من قريش
8363 - حدثني ( خلف بن خالد القرشي ) حدثنا ( بكر بن مضر ) عن ( جعفر بن ربيعة )
عن ( عراك بن مالك ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن مسعود ) عن ( ابن عباس ) رضي
الله تعالى عنهما أن القمر انشق في زمان النبي خلف بن خالد القرشي المصري يروي عن
بكر بن مضر بن محمد القرشي المصري ثم الكناني المدني ويروي عن جعفر بن ربيعة بن
شرحبيل بن حسنة القرشي المصري يروي عن عراك بن مالك الغفاري ثم الكناني المدني
يروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من
فوق وفتح الباء الموحدة ابن مسعود أحد الفقهاء السبعة يروي عن عبد الله بن عباس
رضي الله تعالى عنهما
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن يحيى بن بكير وفي انشقاق القمر عن عثمان
بن صالح وأخرجه مسلم في التوبة عن موسى بن قريش وهذا كما رأيت أخرج البخاري في
انشقاق القمر هنا عن ثلاثة من الصحابة أحدهم عبد الله بن مسعود وقد أخرج البخاري
حديثه مختصرا وليس فيه التصريح بحضور ذلك وأورده في التفسير من طريق إبراهيم عن
أبي معمر بتمامه وفيه فقال النبي اشهدوا وروى أبو نعيم في ( الدلائل ) من طريق
عتبة بن عبد الله ابن عتبة عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود فلقد رأيت أحد شقيه
على الجبل الذي بمنى ونحن بمكة والثاني أنس بن مالك فإنه لم يحضر ذلك لأنه كان
بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين وكان أنس إذ ذاك ابن أربع أو خمس سنين بالمدينة
والثالث ابن عباس وهو أيضا لم يحضر ذلك لأنه إذ ذاك لم يكن ولد
وفي الباب عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر أخرج حديثه الترمذي من حديث
مجاهد عنه قال انفلق القمر على عهد رسول الله وقال رسول الله اشهدوا وقال هذا حديث
حسن صحيح ومنهم جبير بن مطعم أخرج حديثه الترمذي أيضا من حديث محمد بن جبير بن
مطعم عن أبيه قال انشق القمر على عهد رسول الله حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى
هذا الجبل فقالوا سحرنا محمد فقال بعضهم لبعض لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر
الناس كلهم وعند عياض وذلك بمنى فرأيت الجبل بين فرجتي القمر ومنهم علي بن أبي
طالب رضي الله تعالى عنه قال انشق القمر ونحن مع النبي ومنهم حذيفة بن اليمان روى
عنه أيضا كذلك
82 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع في الأصول باب بغير ترجمة وهو كالفصل لما قبله وقال بعضهم كان
حق هذا الباب أن يكون قبل كل من البابين اللذين قبله قلت لا يحتاج إلى هذا الكلام
ولا الاعتذار عنه لأن البابين اللذين قبله من علامات النبوة أيضا وهذا الباب
المجرد في نفس الأمر ملحق بما ألحق به البابان اللذان قبله
9363 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( معاذ ) قال حدثني أبي عن ( قتادة ) حدثنا
( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن ( رجلين من أصحاب ) النبي ( خرجا من عند ) النبي في
ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين يضيآن بين أيديهما فلما افترقا صار مع كل واحد
منهما واحد حتى أتى أهله ( انظر الحديث 564 وطرفه )
كرامة أحد من الصحابة وممن كان بعدهم من معجزات النبي ويلحق بها ومحمد بن المثنى
يروي عن معاذ بن هشام
(16/163)
وهو يروي عن أبيه هشام بن أبي
عبد الله الدستوائي واسم أبي عبد الله سنبر وهو يروي عن قتادة والحديث بعينه سندا
ومتنا مر في باب مجرد بين أبواب المساجد ومثل هذا هو المكرر حقيقة وهو قليل وقد مر
الكلام فيه والرجلان في الحديث أسيد بن حضير وعباد بن بشر
0463 - حدثنا ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا (
قيس ) سمعت ( المغيرة بن شعبة ) عن النبي قال لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى
يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون
هذا ملحق بأبواب علامات النبوة وفيه معجزة ظاهرة فإن هذا الوصف ما زال يحمد الله
تعالى في زمن النبي إلى الآن ولا يزول حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث
وعبد الله بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد بن الأسود البصري ويحيى القطان
وإسماعيل بن أبي خالد البجلي الكوفي وقيس بن أبي حازم
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الاعتصام عن عبيد الله بن موسى وفي التوحيد عن شهاب
بن عباد وأخرجه مسلم في الجهاد عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن محمد بن عبد الله بن
نمير وعن ابن أبي عمر
قوله ظاهرين من ظهرت أي علوت والواو في قوله وهم ظاهرون للحال واحتجت به الحنابلة
على أنه لا يجوز خلو الزمان عن المجتهد قوله حتى يأتيهم أمر الله قال النووي هو
الريح الذي يأتي فيأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة ويروى حتى تقوم الساعة أي تقرب الساعة
وهو خروج الريح ويروى لا تزال طائفة من أمتي وهو في مسلم كذلك قال البخاري وأما
هذه الطائفة فهم أهل العلم وقال أحمد بن حنبل إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من
هم قال القاضي إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحق وقال
النووي يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة من أنواع المؤمنين فمنهم شجعان مقاتلون ومنهم
فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد ومنهم آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أنواع
إخرى من أهل الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونوا متفرقين في أقطار
الأرض قال وفيه دليل لكون الإجماع حجة وهو أصح ما يستدل به من الحديث وأما حديث لا
تجتمع أمتي على ضلالة فضعيف
1463 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( الوليد ) قال حدثني ( ابن جابر ) قال حدثني (
عمير بن هانىء ) أنه سمع ( معاوية ) يقول سمعت النبي يقول لا يزال من أمتي أمة
قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك
قال عمير فقال مالك بن يخامر قال معاذ وهم بالشأم فقال معاوية هذا مالك يزعم أنه
سمع معاذا يقول وهم بالشأم
الكلام في مطابقته للترجمة مثل الكلام في الحديث الماضي والحميدي بضم الحاء عبيد
الله بن الزبير بن عيسى نسبة إلى حميد أحد أجداده والوليد هو ابن مسلم القرشي
الأموي الدمشقي وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد من الزيادة ابن جابر الأزدي
الشامي وعمير مصغر عمرو بن هانىء بالنون بعد الألف الشامي مر في التهجد ومعاوية بن
أبي سفيان الأموي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن الحميدي عن الوليد وأخرجه مسلم في
الجهاد عن منصور بن أبي مزاحم
قوله عمير هو ابن هانىء الراوي قوله فقال مالك بن يخامر بضم الياء آخر الحروف
وبالخاء المعجمة الخفيفة وبعد الألف ميم مكسورة الشامي من كبار التابعين وقيل إن
له صحبة وليس بصحيح وماله في البخاري إلا هذا الحديث قوله قال معاذ هو معاذ بن جبل
قوله وهم بالشام هذا مقول معاذ أي الأمة القائمة بأمر الله مستقرون بالشام قوله
فقال معاوية هو ابن أبي سفيان قوله هذا مالك هو مالك بن يخامر المذكور قوله سمع
معاذا يعني ابن جبل وحديث مالك هذا غير مرفوع
(16/164)
2463 - حدثنا ( علي بن عبد
الله ) أخبرنا ( سفيان ) حدثنا ( شبيب بن غرقدة ) قال سمعت ( الحي يحدثون ) عن (
عروة ) أن النبي أعطاه دينارا يشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع إحداهما
بدينار وجاءه بدينار وشاة فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشترى التراب لربح فيه
قال سفيان كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه قال سمعه شبيب من عروة فأتيته
فقال شبيب إني لم أسمعه من عروة قال سمعت الحي يخبرونه عنه ولكن سمعته يقول سمعت
النبي يقول الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة قال وقد رأيت في داره سبعين
فرسا قال سفيان يشتري له شاة كأنها أضحية
فيه من علامات النبوة ما في قوله فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشترى التراب
لربح فيه يظهر ذلك عند التأمل
ذكر رجاله وهم خمسة الأول علي بن عبد الله المعروف بابن المديني الثاني سفيان بن
عيينة الثالث شبيب بفتح الشين المعجمة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف
وفي آخره باء موحدة أخرى ابن غرقدة بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف
السلمي الكوفي من صغار التابعين الثقات وماله في البخاري غير هذا الحديث الرابع
عروة بن الجعد أو ابن أبي الجعد البارقي بالباء الموحدة نسبة إلى بارق جبل باليمن
الصحابي قال الشعبي أول من قضى على الكوفة عروة بن الجعد البارقي ويقال إن عمر رضي
الله تعالى عنه استعمله على الكوفة قبل أن يستقضي شريحا رضي الله تعالى عنه الخامس
الحسن بن عمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن المضرب البجلي الكوفي الفقيه
كان على قضاء بغداد في خلافة أبي جعفر المنصور مات سنة ثلاث وخمسين ومائة وقال
بعضهم الحسن بن عمارة أحد الفقهاء المتفق على ضعف حديثهم قلت سفيان الثوري من
أقرانه وروي عنه أيضا سفيان بن عيينة وعبد الرزاق بن همام وأبو يوسف القاضي ومحمد
بن الحسن الشيباني ويحيى بن سعيد القطان وآخرون من أكابر المحدثين وفي ( التهذيب )
قال عيسى بن يونس الرملي الفاخوري سمعت أيوب بن سويد يقول كنت عند سفيان الثوري
فذكر الحسن بن عمارة فغمزه فقلت له يا أبا عبد الله هو عندي خير منك وقال وكيف ذاك
قلت جلست منه غير مرة فيجري ذكرك فما يذكرك إلا بخير قال أيوب ما ذكر سفيان الحسن
بن عمارة بعد ذلك إلا بخير حتى فارقته وقال الطحاوي حدثنا أحمد بن عبد المؤمن
المروزي قال سمعت علي ابن يونس المروزي يقول سمعت جرير بن عبد الحميد يقول ما ظننت
أني أعيش إلى دهر يحدث فيه عن محمد بن إسحاق ويسكت فيه عن الحسن بن عمارة
ذكر من أخرجه غيره أخرجه أبو داود في البيوع عن مسدد وعن الحسن بن الصباح وأخرجه
الترمذي فيه عن أحمد ابن سعيد الدارمي وأخرجه ابن ماجه في الأحكام عن أحمد بن سعيد
وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأما حديث الخيل فقد أخرجه البخاري في الجهاد وفي الخمس
وقد ذكرنا هناك ما يتعلق به
ذكر معناه قوله سمعت الحي أي قبيلته المنسوبين إلى بارق نزله بنو سعد بن عدي بن
حارثة بن عمرو بن عامر مزيقاء وهذه العبارة تقتضي أن يكون سمعه من جماعة وأقلهم
ثلاثة وقال الخطابي والبيهقي وآخرون هذا الحديث غير متصل لأن أحدا من الحي لم يسم
وفي ( التوضيح ) وفيه جهالة الحي كما ترى فهو غير متصل والشافعي توقف فيه في بيع
الفضولي وقال إن صح قلت به كذا في البويطي وحكى المزني عن الشافعي أنه حديث ليس
بثابت عنده قال البيهقي وإنما ضعفه الشافعي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي وهم
غير معروفين وفي موضع آخر إنما قال الشافعي لما في إسناده من الإرسال وهو أن شبيب
بن غرقدة لم يسمعه من عروة البارقي إنما سمعه من الحي يخبرونه عنه وقال في موضع
آخر الحي الذي أخبر شبيب ابن غرقدة عن عروة لا نعرفهم وليس هذا من شرط أصحاب
الحديث في قبول الأخبار وقال المنذري في ( اختصاره للسنن )
(16/165)
سفيان بن عيينة أيضا وهو أيضا
موصول بالإسناد الأول قوله في داره أي في دار عروة والقائل بالرؤية هو شبيب قوله
له أي لرسول الله قوله كأنها أضحية الظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من سفيان وقد احتج
بالحديث المذكور وأبو حنيفة وإسحاق ومالك في المشهور عنه على جواز بيع الفضولي لأن
عروة لم يكن وكيلا إلا في الشراء وقال الكرماني والجواب عنه احتمال أن يكون وكيلا
مطلقا في البيع والشراء انتهى قلت هذا عجيب يترك الظاهر حقيقة ويعمل بالاحتمال وعن
الشافعي قولان في بيع الفضولي وقد ذكرناه عن قريب وفي ( التوضيح ) واختلف قول
المالكية فيما إذا أمر بشراء سلعة بكذا فوجد سلعتين في صفة ما أمر به وثمنهما ما
أمر أن يشتري به واحدة وقد رضي بشراء واحدة به فقال ابن القاسم الآمر مخير إن شاء
أخذ واحدة بحصتها من الثمن ويرجع ببقية الثمن على المأمور وإن شاء أخذهما جميعا
وقال إصبغ عند ابن حبيب تلزمان الآمر جميعا وقال عبد الملك في ( مبسوطه ) إن شاء
الآمر أخذهما جميعا أو تركهما جميعا
4463 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( عبيد الله ) قال أخبرني ( نافع ) عن (
ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال الخيل معقود في نواصيها الخير
إلى يوم القيامة ( انظر الحديث 9482 )
مطابقته للترجمة كما قبله من أن فيه علامة من علامات النبوة وهو إخباره عن أمر
مستمر إلى يوم القيامة ويحيى هو ابن سعيد القطان وعبيد الله هو ابن عمر بن حفص بن
عاصم بن عمر بن الخطاب والحديث مر في الجهاد في باب الخيل معقود في نواصيها الخير
فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع إلى آخره نحوه وقد مر
الكلام فيه هناك
5463 - حدثنا ( قيس بن حفص ) حدثنا ( خالد بن الحارث ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي
التياح ) قال سمعت ( أنسا ) عن النبي قال الخيل معقود في نواصيها الخير ( انظر
الحديث 1582 )
مطابقته لما قبله ظاهرة وقيس بن حفص أبو محمد الدارمي البصري وهو من أفراده وخالد
بن الحارث أبو عثمان الهجيمي البصري وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد
الياء آخر الحروف وبعد الألف حاء مهملة واسمه يزيد بن حميد وقد مر الحديث في
الجهاد فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن يحيى عن شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله البركة في نواصي الخيل وقد مر الكلام فيه
6463 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( زيد بن أسلم ) عن ( أبي صالح
السمان ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي قال الخيل لثلاثة لرجل أجر
ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في
مرج أو روضة وما أصابت في طيلها من المرج أو الروضة كانت له حسنات ولو أنها قطعت
طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت أرواثها حسنات ولو أنها مرت بنهر فشربت ولم يرد
أن يسقيها كان ذلك حسنات له ورجل ربطها تغنيا وسترا وتعففا ولم ينس حق الله في
رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي وزر
وسئل النبي عن الحمر فقال ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( الزلزلة 7 - 8 )
وجه المطابقة في ذكره عقيب أبواب علامات النبوة يمكن أن يقال فيه إن فيه من جملة
ما أخبر به ما وقع كما أخبر وقد مضى هذا الحديث بعين هذا الإسناد عن عبد الله بن
مسلمة عن مالك وبعين هذا المتن في الجهاد في باب الخيل لثلاثة وهذا هو المكرر الحقيقي
وقد مضى الكلام فيه مستوفى والمرج بالجيم الموضع الذي يرعى فيها الدواب والطيل
بكسر الطاء المهملة وفتح الياء آخر الحروف الحبل الذي يطول للدابة ترعى فيه
والاستنان العدو والشرف الشوط وأصله المكان العالي قوله أرواثها
(16/167)
وفي كتاب الشرب آثارها وفي الجهاد
جمع بينهما والنواء بكسر النون وبالمد المناوأة وهي العداوة والحمر بضم الحاء
المهملة جمع الحمار قال الكرماني وكثيرا يصحفون بالخمر بالمعجمة أي في صدقة الخمر
7463 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد )
سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول ( صبح ) رسول الله خيبر بكرة وقد
خرجوا بالمساحي فلما رأوه قالوا محمد والخميس وأحالوا إلى الحصن يسعون فرفع النبي
يديه وقال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
وجه المطابقة فيه مثل ما ذكرنا أنه أخبر عن خراب خيبر فوقع كما أخبر وعلي بن عبد
الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن
سيرين
والحديث مضى في الجهاد في باب التكبير عند الحرب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن
محمد عن سفيان إلى آخره
قوله والخميس أي الجيش وسمي به لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والمقدمة والساقة
والقلب قوله وأحالوا بالحاء المهملة أي أقبلوا وقيل تحولوا قال أبو عبد الله يقال
أحال الرجل إلى مكان كذا تحول إليه وقال الخطابي حلت عن المكان تحولت عنه ورواه
بعضهم عن أبي ذر بالجيم قال في ( التوضيح ) وليس بشيء وقال الكرماني وأحالوا
بالحاء المهملة أقبلوا وبالجيم من الجولان قوله يسعون حال قوله فرفع النبي يديه
قال الكرماني قال البخاري لفظ فرفع النبي يديه غريب أخشى أن يكون محفوظا قوله خربت
خيبر أي ستخرب في توجهنا إليها
8463 - حدثني ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( ابن أبي الفديك ) عن ( ابن أبي ذئب )
عن ( المقبري ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله إني
سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه قال ابسط رداءك فبسطته فغرف بيده فيه ثم قال ضم
فضممته فما نسيت حديثا بعد
وجه المطابقة فيه أن فيه علامة من علامات النبوة على ما لا يخفى وإبراهيم بن
المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل واسم أبي فديك
بضم الفاء دينار الديلمي المديني وابن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة وسكون الياء آخر
الحروف هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام المدني
والمقبري بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة هو سعيد بن أبي سعيد واسم أبيه
كيسان المديني وهؤلاء كلهم مدنيون والحديث قد مضى في كتاب العلم في باب من حفظ
العلم عن أبي مصعب عن أحمد بن أبي بكر عن محمد بن إبراهيم عن ابن أبي ذئب عن سعيد
المقبري عن أبي هريرة قوله فما نسيت حديثا بعد وهناك فما نسيت شيئا بعده
1 -
( باب في فضائل أصحاب النبي )
أي هذا باب في بيان فضائل أصحاب النبي والفضائل جمع الفضيلة وهي خلاف النقيصة كما
أن الفضل خلاف النقص والفضل في اللغة الزيادة من فضل يفضل من باب نصر ينصر وفيه
لغة أخرى فضل يفضل من باب علم يعلم حكاها ابن السكيت وفيه لغة مركبة منهما فضل
بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له وقال سيبويه هذا عند أصحابنا إنما يجيء على
لغتين وفي بعض النسخ باب فضل أصحاب النبي وفي رواية أبي ذر وحده فضائل أصحاب النبي
هكذا بدون لفظة باب والمراد بالفضائل الخصال الحميدة والخلال المرضية المشكورة
والأصحاب جمع صحب مثل فرخ وأفراخ قاله الجوهري والصحابة بالفتح الأصحاب وهي في
الأصل مصدر وجمع الأصحاب أصاحيب من صحبه يصحبه صحبة بالضم وصحابة بالفتح وجمع
الصاحب صحب مثل راكب وركب وصحبة بالضم مثل فاره وفرهة وصحاب مثل جائع وجياع وصحبان
مثل شاب وشبان
(16/168)
ومن صحب النبي أو رآه من
المسلمين فهو من أصحابه
أشار بهذا إلى تعريف الصاحب وفيه أقوال
الأول ما أشار إليه البخاري بقوله من صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه
وقال الكرماني يعني الصحابي مسلم صحب النبي أو رآه وضمير المفعول للنبي والفاعل
للمسلم على المشهور الصحيح ويحتمل العكس لأنهما متلازمان عرفا فإن قلت الترديد
ينافي التعريف قلت الترديد في أقسام المحدود يعني الصحابي قسمان لكل منهما تعريف
فإن قلت إذا صحبه فقد رآه قلت لا يلزم إذ عبد الله بن أم مكتوم صحابي اتفاقا مع
أنه لم يره انتهى قلت من في محل الرفع على الابتداء وهي موصولة و صحب صلتها وقوله
أوراه عطف عليه أو رأى النبي الصاحب ويحتمل العكس كما قاله الكرماني لكن الأول
أولى ليدخل فيه مثل ابن أم مكتوم وقوله فهو من أصحابه جملة في محل الرفع على أنها
خبر المبتدأ ودخول الفاء لتضمن المبتدأ الشرط وقوله من المسلمين قيد ليخرج به من
صحبه أو رآه من الكفار فإنه لا يسمى صحابيا قيل في كلام البخاري نقص ما يحتاج إلى
ذكره وهو ثم مات على الإسلام والعبارة السالمة من الاعتراض أن يقال الصحابي من لقي
النبي ثم مات على الإسلام ليخرج من ارتد ومات كافرا كابن خطل وربيعة بن أمية ومقيس
بن صبابة ونحوهم ومنهم من اشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا وهو مردود
لأنه يخرج مثل الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما ونحوه من أحداث الصحابة
القول الثاني إنه من طالت صحبته له وكثرت مجالسته مع طريق التبع له والأخذ عنه
هكذا حكاه أبو المظفر السمعاني عن الأصوليين وقال إن اسم الصحابي يقع على ذلك من
حيث اللغة والظاهر قال وأصحاب الحديث يطلقون إسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا
أو كلمة يتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة ومن ارتد ثم عاد إلى الإسلام
لكن لم يره ثانيا بعد عوده فالصحيح أنه معدود في الصحابة لإطباق المحدثين على عد
الأشعث بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد وقال الآمدي
الأشبه أن الصحابي من رآه وحكاه عن أحمد وأكثر أصحاب الشافعي واختاره ابن الحاجب
أيضا لأن الصحبة تعم القليل والكثير وفي كلام أبي زرعة الرازي وأبي داود ما يقتضي
أن الصحبة أخص من الرؤية فإنهما قالا في طارق بن شهاب له رؤية وليست له صحبة قال
شيخنا ويدل على ذلك ما رواه محمد بن سعد في ( الطبقات ) عن علي بن محمد عن شعبة عن
موسى السيناني قال أتيت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه فقلت أنت آخر من بقي من
أصحاب رسول الله قال قد بقي قوم من الأعراب فأما من أصحابه فأنا آخر من بقي قال
ابن الصلاح إسناده جيد
القول الثالث ما روى عن سعيد بن المسيب أنه لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول
الله سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وهذا فيه ضيق يوجب أن لا يعد من
الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا
نعلم خلافا في عده من الصحابة قال شيخنا هذا عن ابن المسيب لا يصح لأن في إسناده
محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث
القول الرابع إنه يشترط مع طول الصحبة الأخذ عنه حكاه الآمدي عن عمرو بن بحر أبي
عثمان الجاحظ من أئمة المعتزلة قال فيه ثعلب إنه غير ثقة ولا مأمون ولا يوجد هذا
القول لغيره
القول الخامس أنه من رآه مسلما بالغا عاقلا حكاه الواقدي عن أهل العلم والتقييد
بالبلوغ شاذ وقد مر عن قريب
القول السادس إنه من أدرك زمنه وهو مسلم وإن لم يره وهو قول يحيى بن عثمان المصري
فإنه قال فيمن دفن أي بمصر من أصحاب رسول الله ممن أدركه ولم يسمع منه أبو تميم
الجيشاني واسمه عبد الله بن مالك انتهى وإنما هاجر أبو تميم إلى المدينة في خلافة
عمر رضي الله تعالى عنه باتفاق أهل السير وممن حكى هذا القول من الأصوليين القرافى
في ( شرح التنقيح ) وكذلك إن كان صغيرا محكوما بإسلامه تبعا لأحد أبويه
فائدة وتعرف الصحبة إما بالتواتر كأبي بكر وعمر وبقية العشرة وخلق منهم وإما
بالإستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر كعكاشة بن محصن وضمام بن ثعلبة وغيرهما
وإما بإخبار بعض الصحابة عنه أنه صحابي كحميمة بن أبي حميمة
(16/169)
الدوسي الذي مات بأصبهان
مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع النبي وحكم له بالشهادة ذكر ذلك أبو نعيم
في ( تاريخ أصبهان ) وإما بإخباره عن نفسه أنه صحابي بعد ثبوت عدالته قبل إخباره بذلك
هكذا أطلق ابن الصلاح تبعا للخطيب وقال شيخنا لا بد من تقييد ما أطلق من ذلك بأن
يكون ادعاؤه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مضي مائة سنة من حين وفاته فإنه
لا يقبل وإن كان قد ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله في الحديث الصحيح أرأيتم ليلتكم هذه
فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى أحد ممن على وجه الأرض يريد انخرام ذلك القرن فإن
ذلك في سنة وفاته وقد اشترط الأصوليون في قبول ذلك منه أن يكون عرفت معاصرته للنبي
قال الآمدي فلو قال من عاصره أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه
9463 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) قال سمعت ( جابر بن
عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما يقول حدثنا ( أبو سعيد الخدري ) قال قال رسول
الله يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون أفيكم من صاحب رسول الله
فيقولون لهم نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل
فيكم من صاحب أصحاب رسول الله فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو
فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله فيقولون نعم فيفتح
لهم ( انظر الحديث 7982 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة
وعمرو هو ابن دينار وفيه رواية الصحابي عن الصحابي والحديث مضى في الجهاد في باب
من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن
سفيان عن عمرو إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله فئام بكسر الفاء الجماعة من الناس لا واحد له من لفظه والعامة تقول فيام بلا
همزة
0563 - حدثني ( إسحاق ) حدثنا ( النضر ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( أبي جمرة ) سمعت (
زهدم بن مضرب ) قال سمعت ( عمران بن حصين ) رضي الله تعالى عنهما يقول قال رسول
الله خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري أذكر بعد
قوله قرنين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون
وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن راهويه وبذلك جزم ابن السكن وأبو نعيم في (
المستخرج ) وقال الكرماني إسحاق إما ابن إبراهيم وإما ابن منصور والنضر بفتح النون
وسكون الضاد المعجمة ابن شميل مصغر الشمل بالمعجمة مر في الوضوء وأبو جمرة بفتح
الجيم وبالراء نضر بن عمران صاحب ابن عباس وزهدم بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح
الدال المهملة وفي آخره ميم ابن مضرب بلفظ اسم الفاعل من التضريب بالضاد المعجمة
الجرمي بفتح الجيم
والحديث مضى في كتاب الشهادات في باب لا يشهد على جور ومضى الكلام فيه هناك
قوله خير أمتي قرني أي أهل قرني وهم الصحابي والقرن أهل زمان واحد متقارب اشتركوا
في أمر من الأمور المقصودة واختلف في القرن من عشرة إلى مائة وعشرين والأكثرون على
أنه ثلاثون سنة قوله ثم الذين يلونهم أي القرن الذي بعدهم وهم التابعون قوله فلا
أدري شك عمران بعد قرنه هل ذكر قرنين أو ذكر ثلاثة وجاء أكثر طرق هذا الحديث بغير
شك وروى مسلم من حديث عائشة قال رجل يا رسول الله أي الناس خير قال القرن الذي أنا
فيه ثم الثاني ثم الثالث وروى الطيالسي من حديث عمر يرفعه خير أمتي القرن الذي أنا
فيه والثاني ثم
(16/170)
الثالث ووقع في حديث جعدة بن
هبيرة ورواه ابن أبي شيبة والطبراني إثبات القرن الرابع ولفظه خير الناس قرني ثم
الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الآخرون أردى ورجاله ثقات إلا أن
جعدة بن هبيرة مختلف في صحبته فإن قلت روى ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن
جبير بن نفير أحد التابعين بإسناد حسن قال قال رسول الله ليدركن المسيح أقواما
إنهم لمثلكم أو خير ثلاثا ولن يخزى الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها وروى ابن عبد
البر من حديث عمر رضي الله تعالى عنه رفعه أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال
يؤمنون بي ولم يروني قلت لا يقاوم المسند الصحيح والثاني ضعيف قوله ثم إن من بعدكم
قومابنضب قوما عند الأكثرين ويروى قوم بالرفع قال بعضهم يحتمل أن يكون من الناسخ
على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب ويحتمل أن يكون إن تقريرية بمعنى نعم وفيه
بعد وتكلف انتهى قلت الاحتمال الأول أبعد من الثاني والوجه فيه أن يكون ارتفاع قوم
على تقدير صحة الرواية بفعل محذوف تقديره أن بعدكم يجيء قوم قوله يشهدون ولا
يستشهدون معناه يظهر فيهم شهادة الزور قوله ويخونون ولا يؤتمنون قيل يطلبون
الأمانة ثم يخونون فيها وقيل ليسوا ممن يوثق بهم قوله وينذرون بضم الذال وكسرها
قوله ويظهر فيهم السمن بكسر السين وفتح الميم قيل معناه يكثرون بما ليس فيهم من
الشرف وقيل يجمعون الأموال من أي وجه كان وقيل يغفلون عن أمر الدين ويقللون
الاهتمام به لأن الغالب على السمين أن لا يهتم بالرياضة والظاهر أنه حقيقة في
معناه وقالوا المذموم منه ما يتكسبه وأما الخلقي فلا
1563 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( منصور ) عن ( إبراهيم ) عن (
عبيدة ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه أن النبي قال خير الناس قرني ثم الذين
يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال
إبراهيم وكانوا يضربونا على الشهادة والعهد ونحن صغار
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو ابن عيينة ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو
النخعي وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحدة ابن قيس بن عمرو السلماني بفتح السين
وسكون اللام المرادي قال العجلي هو جاهلي أسلم قبل وفاة النبي بسنتين وكان أعور
والحديث بعينه بهذا الإسناد والمتن مضى في الشهادات في باب لا يشهد على شهادة جور
وهذا مكرر حقيقة غير أن هنا لفظ ونحن صغار ليس هناك
قوله ويمينه شهادته أي ويسبق يمينه شهادته قيل هذا دور وأجيب بأن المراد بيان
حرصهم على الشهادة وترويجها يحلفون على ما يشهدون به فتارة يحلفون قبل أن يأتوا
بالشهادة وتارة يعكسون أو هو مثل في سرعة الشهادة واليمين وحرص الرجل عليهما حتى لا
يدري بأيهما يبتديء فكأنهما يتسابقان لقلة مبالاته في الدين قوله يضربونا وروى
يضربوننا أي على الجمع بين اليمين والشهادة والمراد من العهد هنا اليمين
2 -
( باب مناقب المهاجرين وفضلهم )
أي هذا باب في بيان مناقب المهاجرين والمناقب جمع منقبة وهو ضد المثلبة والمهاجرون
هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة إلى الله تعالى وقيل المراد بالمهاجرين من عدا
الأنصار ومن أسلم يوم الفتح وهلم جرا فالصحابة من هذه الحيثية ثلاثة أصناف
والأنصار هم الأوس والخزرج وحلفاؤهم ومواليهم وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر
منهم أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي رضي الله تعالى عنه
أي من المهاجرين ومن سادتهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه وجزم البخاري بأن اسمه عبد
الله وهو المشهور وفي ( التلويح ) كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة وسمي في
الإسلام عبد الله وكانت أمه تقول
( يا رب عبد الكعبة
استمع به يا ربه )
( فهو بصخر أشبه )
وصخر اسم أبي أمه واسمها سلمى بنت صخر بن مالك بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن
تيم بن مرة بن كعب بن
(16/171)
لؤي بن غالب وكانت تكنى أم
الخير قوله ابن أبي قحافة بضم القاف وتخفيف الحاء المهملة وبعد الألف فاء واسمه
عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب والباقي ذكرناه الآن يلتقي مع رسول الله في مرة ابن
كعب أسلم أبواه وأمه أيضا هاجرت وذلك معدود من مناقبه لأنه انتظم إسلام أبويه
وجميع أولاده وسمي أيضا الصديق في الإسلام لتصديقه النبي وذكر ابن سعد أن النبي
لما أسري به قال لجبريل عليه الصلاة و السلام إن قومي لا يصدقوني فقال له جبريل
يصدقك أبو بكر وهو الصديق وعن إبراهيم النخعي كان يسمى الأواه وكان يسمى أيضا
عتيقا لقدمه في الإسلام وفي الخير وقيل لحسنه وجماله وسئل أبو طلحة لم سمي أبو بكر
عتيقا فقال كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت اللهم
إن هذا عتيقك من الموت فهبه لي وقال ابن المعلى فكانت أمه إذا نقزته قالت
عتيق ما عتيق
ذو المنظر الأنيق
رشفت منه ريق
كالزرنب العتيق
وقيل سمي بالعتيق لأنه عتيق من النار وفي ( ربيع الأبرار ) للزمخشري قالت عائشة
رضي الله تعالى عنها كان لأبي قحافة ثلاثة من الولد أسماؤهم عتيق ومعتق ومعيتق وفي
( الوشاح ) لابن دريد كان يلقب ذو الخلال لعباءة كان يخلها على صدره وقال السهيلي
وكان يلقب أمير الشاكرين وأجمع المؤرخون وغيرهم على أنه يلقب خليفة رسول الله حاشى
ابن خالويه فإنه قال في كتاب ( ليس ) الفرق بين الخليفة والخالفة أن الخالفة الذي
يكون بعد الرئيس الأول قالوا لأبي بكر أنت خليفة رسول الله قال إني لست خليفة
ولكني خليفته كنت بعده أي بقيت بعده واستخلفت فلانا جعلته خليفتي وقد ردوا عليه
ذلك وولي أبو بكر الخلافة بعد رسول الله سنتين ونصفا وقيل سنتين وأربعة أشهر إلا
عشر ليال وقيل ثلاثة أشهر إلا خمس ليال وقيل ثلاثة أشهر وسبع ليال وقيل ثلاثة أشهر
واثني عشر يوما وقيل عشرين شهرا واستكمل بخلافته سن النبي فمات وهو ابن ثلاث وستين
سنة وصلى عليه عمر بن الخطاب في المسجد ودفن ليلا في بيت عائشة مع رسول الله ونزل
في قبره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وابنه عبد الرحمن بن أبي
بكر وتوفي يوم الإثنين وقيل ليلة الثلاثاء الثمان وقيل لثلاث بقين من جمادى الأولى
سنة ثلاث عشرة من الهجرة
وقول الله تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا
من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ( الحشر 8 ) وقال الله
تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إلى قوله إن الله معنا ( التوبة 04 )
وقول الله بالجر عطفا على قوله مناقب المهاجرين المجرور بإضافة الباب إليه وعلى
قول أبي ذر وقول الله بالرفع لأنه عطف على لفظ مناقب المرفوع على أنه خبر مبتدأ
محذوف أي هذه مناقب المهاجرين قوله تعالى للفقراء المهاجرين قال الزمخشري للفقراء
بدل من قوله لذي القربى والمعطوف وهو قوله ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى
فلله وللرسول ولذي القربى ( الحشر 7 ) قوله الذين أخرجوا أي أخرجهم كفار مكة من
ديارهم قوله يبتغون فضلا أي يطلبون بهجرتهم فضل الله وغفرانه قوله وينصرون الله أي
دين الله وشرع نبيه قوله أولئك هم الصادقون أي حققوا أقوالهم بأفعالهم إذ هجروا
ديارهم لجهاد أعداء الله تعالى قوله تعالى إلا تنصروه يعني إلا تنصروا رسوله فإن
الله ناصره ومؤيده وحافظه وكافيه كما تولى نصره إذ أخرجه الذين كفروا قوله إلى
قوله إن الله معنا في رواية الأصيلي وكريمة هكذا إلى قوله إن الله معنا ويروي
الآية وتمامها إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا
تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين
كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ( التوبة 04 ) قوله إذا أخرجه
أي
(16/172)
حين أخرج النبي القوم الذين
كفروا وهم أهل مكة من كفار قريش قوله ثاني اثنين حال من الضمير المنصوب في إذ
أخرجه الذين كفروا يقال ثاني اثنين يعني أحد الإثنين وهما رسول الله وأبو بكر
الصديق ويروى أن جبريل عليه الصلاة و السلام لما أمره بالخروج قال من يخرج معي قال
أبو بكر وقرىء ثاني اثنني بالسكون قولهإذ هما بدل من قولهإذ أخرجه والغار ثقب في
أعلى ثور جبل من جبال مكة على مسيرة ساعة قوله إذ يقول بدل ثان وصاحبه هو أبو بكر
وقالوا من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله وليس ذلك لسائر الصحابة
قوله فأنزل الله سكينته أي تأييده ونصره عليه أي على رسول الله في أشهر القولين
وقيل على أبي بكر روي عن ابن عباس وغيره قالوا لأن الرسول لم تزل معه سكينة وهذا
لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال قوله وأيده بجنود أي الملائكة قوله وجعل كلمة
الذين كفروا السفلى قال ابن عباس أراد بكلمة الذين كفروا الشرك وأراد بكلمة الله
لا إلاه إلا الله والله عزيز في انتقامه من الكافرين حكيم في تدبيره
قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وكان أبو بكر مع النبي في
الغار
أما قول عائشة فسيأتي مطولا في باب الهجرة إلى المدينة وفيه ثم لحق رسول الله بغار
في جبل ثور وأما قول أبي سعيد فقد أخرجه ابن حبان من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن
أبي صالح عنه في قصة بعث أبي بكر إلى الحج وفيه فقال له رسول الله أنت أخي وصاحبي
في الغار وأما قول ابن عباس فقد أخرجه أحمد والحاكم من طريق عمرو بن ميمون عنه قال
كان المشركون يرمون عليا وهم يظنون أنه النبي الحديث وفيه فانطلق أبو بكر فدخل معه
الغار
2563 - حدثنا ( عبد الله بن رجاء ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( أبي إسحاق ) عن (
البراء ) قال اشتري أبو بكر رضي الله تعالى عنه من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما
فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمل إلي رحلي فقال عازب لا حتى تحدثنا كيف صنعت
أنت ورسول الله حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم قال ارتحلنا من مكة فأحيينا
أو سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل
فآوى إليه فإذا صخرة أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته ثم فرشت للنبي فيه ثم قلت له
اضطجع يا نبي الله فاضطجع النبي ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أري من الطلب أحدا فإذا
أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا فسألته فقلت له لمن أنت
يا غلام قال لرجل من قريش سماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قلت فهل أنت
حالب لبنا قال نعم فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ثم
أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا ضرب إحدى كفيه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد جعلت
لرسول الله إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله فانطلقت به إلى
النبي فوافقته قد استيقظ فقلت له اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت ثم قلت قد آن
الرحيل يا رسول الله قال بلى فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم غير
سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال لا
تحزن إن الله معنا
مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن فيه فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وعبد الله
بن رجاء بالجيم والمد ابن المثنى
(16/173)
الفداني أبو عمرو البصري
وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي يروي عن جده أبي إسحاق واسمه عمرو بن عبد
الله الكوفي والبراء بن عازب بن الحارث الأنصاري الخزرجي الأوسي
والحديث مضى عن قريب في باب علامات النبوة ومضى الكلام فيه هناك ولنذكر هنا ما
يحتاج إليه
قوله أو سرينا شك من الراوي من السرى وهو المشي في الليل قوله حتى أظهرنا كذا عند
أبي ذر بالألف وأسقطها غيره والصواب الأول أي صرنا في وقت الظهر قوله قلت قد آن
الرحيل أي دخل وقته وقد تقدم في علامات النبوة أن رسول الله قال ألم يأن الرحيل
ولا منافاة لجواز اجتماعهما قوله هذا الطلب جمع الطالب قوله إن الله معنا اقتصر
فيه على هذا المقدار وقد روى الإسماعيلي هذا الحديث عن أبي خليفة عن عبد الله بن
رجاء شيخ البخاري فزاد فيه في آخره ومضى رسول الله وأنا معه حتى أتينا المدينة
ليلا فتنازع القوم أيهم ينزل عليه فذكر القصة مطولة
تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة
هذا إشارة إلى تفسير قوله ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ( النحل 6 ) ولا
مناسبة لذكره هنا أصلا إلا أنه ذكر في رواية الكشميهني وحده والصواب أن يذكر هذا
عند حديث عائشة في قصة الهجرة فإن فيه ويرعى عليها عامر بن فهيرة ويريحها عليها
ولا مناسبة له في حديث البراء لأنه لم يذكر فيه هذه اللفظة
3563 - حدثنا ( محمد بن سنان ) حدثنا ( همام ) عن ( ثابت البناني ) عن ( أنس ) عن
( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنه قال قلت ل ( لنبي ) وأنا ي الغار لو أن أحدهم نظر
تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه منقبة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ومحمد بن سنان
بكسر السين المهملة وبالنونين بينهما ألف أبو بكر العوفي الباهلي الأعمى وهو من
أفراده وهما بالتشديد هو ابن يحيى بن دينار الشيباني البصري وثابت هو ابن أسلم
البصري أبو محمد البناني
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الهجرة عن موسى بن إسماعيل وفي التفسير عن عبد الله
بها محمد وأخرجه مسلم في الفضائل عن زهير بن حرب وعبد بن حميد وعبد الله بن عبد
الرحمن الدارمي وأخرجه الترمذي في التفسير عن زياد بن أيوب
قوله عن ثابت في رواية خبان بن هلال في التفسير عن همام حدثنا ثابت قوله عن أنس عن
أبي بكر في رواية حبان بن هلال حدثنا أنس حدثني أبو بكر قوله قلت للنبي وأنا في
الغار وفي رواية حبان المذكورة فرأيت آثار المشركين وفي رواية موسى بن إسماعيل عن
همام فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم قوله ما ظنك باثنين الله ثالثهما أراد
النبي بالاثنين نفسه وأبا بكر ومعنى ثالثهما بالقدرة والنصرة والإعانة وفي رواية
موسى بن أسماء فقال أسكت يا أبا بكر إثنان الله ثالثهما فقوله إثنان خبر مبتدأ
محذوف تقديره نحن اثنان الله ناصرهما ومعينهما والله تعالى أعلم
3 -
( باب قول النبي سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر قاله ابن عباس عن النبي )
أي هذا باب في بيان قول النبي إلى آخره هذا وصله البخاري في الصلاة بلفظ سدوا عني
كل خوخة في المسجد وهذا هنا نقل بالمعنى ولفظه في الصلاة في باب الخوخة والممر في
المسجد وأخرجه من طريقين أحدهما عن محمد بن سنان ولفظه لا يبقين في المسجد باب إلا
سد إلا باب أبي بكر والثاني عن عبد الله بن محمد الجعفي ولفظه سدوا عني كل خوخة في
هذا المسجد غير خوخة أبي بكر ومر الكلام فيه هناك
(16/174)
4563 - حدثني ( عبد الله بن
محمد ) حدثنا ( أبو عامر ) حدثنا ( فليح ) قال حدثني ( سالم أبو النضر ) عن ( بسر
بن سعيد ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال ( خطب ) رسول الله الناس
وقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال
فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد خير فكان رسول الله هو
المخير وكان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله إن من أمن الناس علي في صحبته وماله
أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام
ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر ( انظر الحديث 664 وطرفه )
هذا الحديث قد مضى في كتاب الصلاة في باب الخوخة والممر في المسجد وقد أخرجه عن
محمد بن سنان كما ذكرناه الآن وهو يروى عن فليح وهنا أخرجه عن عبد الله بن محمد بن
عبد الله بن جعفر أبو جعفر الجعفي البخاري المعروف بالمسندي عن أبي عامر العقدي
واسمه عبد الملك بن عمرو البصري عن فليح بضم الفاء ابن سليمان الخزاعي وكان اسمه
عبد الله وفليح لقبه وهو يروي عن سالم أبي النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة
القرشي التيمي المدني عن بسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن سعيد مولى
الحضرمي من أهل المدينة عن أبي سعيد الخدري وقد مر الكلام فيه هناك
قوله بين الدنيا وبين ما عنده وفي لفظ بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما
عنده قوله وكان أبو بكر أعلمنا به أي بالنبي قوله إن من أمن الناس ويروي إن أمن
الناس قوله أبا بكر بالنصب في رواية الأكثرين وروي أبو بكر بالرفع وتكلم الشراح في
وجه الرفع بالتعسفات فلا يحتاج إلى ذلك بل وجه الرفع إن صح على رواية إن أمن الناس
بدون لفظة من ولفظ أمن أفعل تفضيل من المن وهو العطاء والبذل والمعني إن أبذل
الناس لنفسه وماله لا من المنة وروى الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ ما لأحد عندنا
يد إلا كافأناه عليها ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله تعالى يوم
القيامة وروى الطبراني من حديث ابن عباس ما أحد أعظم مني يدا من أبي بكر واساني
بنفسه وماله وأنكحني ابنته وفي حديث مالك بن دينار عن أنس رفعه إن أعظم الناس
علينا منا أبو بكر زوجني ابنته وواساني بنفسه وإن خير المسلمين مالا أبو بكر أعتق
بلالا وحملني إلى دار الهجرة أخرجه ابن عساكر وجاء عن عائشة مقدار المال الذي
أنفقه أبو بكر رضي الله تعالى عنه فروى ابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة قالت أنفق أبو بكر على النبي أربعين ألف درهم وروي عن الزبير بن بكار عن
عروة عن عائشة أنه لما مات أبو بكر ما ترك دينارا ولا درهما قوله ولو كنت متخذا
خليلا قال الداودي لا ينافي هذا قول أبي هريرة وأبي ذر وغيرهما أخبرني خليلي لأن
ذلك جائز لهم ولا يجوز لأحد منهم أن يقول أنا خليل النبي ولهذا يقول إبراهيم خليل
الله ولا يقال الله خليل إبراهيم واختلف في معنى الخلة واشتقاقها فقيل الخليل
المنقطع إلى الله تعالى الذي ليس في انقطاعه إليه ومحبته له اختلال وقيل الخليل
المختص واختار هذا القول غير واحد وقيل أصل الخلة الاستصفاء وسمي إبراهيم خليل
الله لأنه يوالي فيه ويعادي فيه وخلة الله له نصره وجعله إماما لمن بعده وقيل
الخليل أصله الفقير المحتاج المنقطع مأخوذ من الخلة وهي الحاجة فسمي إبراهيم عليه
الصلاة و السلام خليلا لأنه قصر حاجته على ربه وانقطع إليه بهمه ولم يجعله قبل
غيره وقال أبو بكر بن فورك الخلة صفاء المودة التي توجب الاختصاص بتخلل الأسرار
وقيل أصل الخلة المحبة ومعناها الإسعاف والإلطاف وقيل الخليل من لا يتسع قلبه
لسواه
واختلف العلماء أرباب القلوب أيهما أرفع درجة درجة الخلة أو درجة المحبة فجعلهما
بعضهم سواء فلا يكون الحبيب إلا خليلا ولا يكون الخليل إلا حبيبا لكنه خص إبراهيم
بالخلة ومحمد عليهما السلام بالمحبة وبعضهم قال درجة الخلة أرفع واحتج بقوله لو
كنت متخذا خليلا غير ربي فلم يتخذه وقد أطلق
(16/175)
المحبة لفاطمة وابنيها وأسامة
وغيرهم وأكثرهم جعل المحبة أرفع من الخلة لأن درجة الحبيب نبينا أرفع من درجة
الخليل عليهما السلام وأصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحب ولكن هذا في حق من يصح
الميل منه والانتفاع بالوفق وهي درجة المخلوق وأما الخالق عز و جل فمنزه عن
الأعراض فمحبته لعبده تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئة أسباب القرب وإفاضة
رحمته عليه وقصواها كشف الحجاب عن قلبه حتى يراه بقلبه وينظر إليه ببصيرته فيكون
كما قال في الحديث فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه
الذي ينطق به ولا ينبغي أن يفهم من هذا سوى التجرد لله تعالى والانقطاع إليه
والإعراض عن غيره وصفاء القلب وإخلاص الحركات له ونقل ابن فورك عن بعض المتكلمين
كلاما في الفرق بين المحبة والخلة بكلام طويل ملخصه الخليل يصل بالواسطة من قوله
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض ( الأنعام 57 ) والحبيب يصل لحبيبه به من
قوله فكان قاب قوسين أو أدنى ( النجم 9 ) والخليل الذي تكون مغفرته في حد الطمع من
قوله والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( الشعراء 28 ) والحبيب الذي مغفرته
في حد اليقين من قوله عز و جل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ( الفتح 2 )
والخليل قال ولا تخزني يوم يبعثون ( الشعراء 78 ) والحبيب قيل له يوم لا يخزي الله
النبي فابتدأ بالبشارة قبل السؤال والخليل قال في المحبة حسبي الله والحبيب قيل له
يا أيها النبي حسبك الله ( الأنفال 46 ) والخليل قال واجعل لي لسان صدق ( الشعراء
78 ) والحبيب قيل له ورفعنا لك ذكرك ( الشرح 4 ) أعطي بلا سؤال والخليل قال
واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ( إبراهيم 53 ) والحبيب قيل له إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ( الأحزاب 33 )
قوله ولكن أخوة الإسلام أخوة الإسلام مبتدأ وخبره محذوف نحو أفضل من كل أخوة ومودة
لغير الإسلام وقيل وقع في بعض الروايات ولكن خوة الإسلام بغير الألف فقال ابن بطال
لا أعرف معنى هذه الكلمة ولم أجد خوة بمعنى خلة في كلام العرب ولكن وجدت في بعض
الروايات ولكن خلة الإسلام وهو الصواب وقال ابن التين لعل الألف سقطت من الكاتب
فإن الألف ثابتة في سائر الروايات وقال ابن مالك في توجيهه نقلت حركة الهمزة إلى
النون فحذفت الألف وجوز مع حذفها ضم نون لكن وسكونها ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا
سكون النون فقط انتهى قلت هذا توجيه بعيد لا يوافق الأصول قوله لا يبقين بفتح أوله
وبنون التأكيد وروي بالضم وإضافة النهي إلى الباب تجوز لأن عدم بقائه لازم للنهي
عن إبقائه فكان المعنى لا تبقوه حتى لا تبقى قوله إلا سد على صيغة المجهول قوله
إلا باب أبي بكر استثناء مفرغ ومعناه لا تبقوا بابا غير مسدود إلا باب أبي بكر
فاتركوه بغير سد وفي رواية الطبراني من حديث معاوية في آخر هذا الحديث فإني رأيت
عليه نورا فإن قلت روى النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص قال أمر رسول الله بسد
الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي رضي الله تعالى عنه وإسناده قوي وفي رواية
الطبراني في ( الأوسط ) زيادة وهي فقالوا يا رسول الله سدت أبوابنا فقال ما أنا
سددتها ولكن الله سدها ونحوه عن زيد بن أرقم أخرجه أحمد عن ابن عباس فهذا يخالف
حديث الباب قلت جمع بينهما بأن المراد بالباب في حديث علي الباب الحقيقي والذي في
حديث أبي بكر يراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه وقال الطحاوي في ( مشكل
الآثار ) بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخله وبيت علي لم يكن
له باب إلا من داخل المسجد قلت فلذلك لم يأذن النبي لأحد أن يمر من المسجد وهو جنب
إلا لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لأن بيته كان في المسجد رواه إسماعيل
القاضي في ( أحكام القرآن ) وقال الخطابي وابن بطال وغيرهما في هذا الحديث اختصاص
ظاهر لأبي بكر رضي الله تعالى عنه
وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة
النبي في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر وقد ادعى بعضهم أن الباب
كناية عن الخلافة والأمر بالسد كناية عن طلبها كأنه قال لا يطلبن أحد الخلافة إلا
أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها وإلى هذا مال ابن حبان فقال بعد أن أخرج هذا الحديث
وفيه دليل على أن الخلافة له بعد النبي لأنه حسم بقوله سدوا عني كل خوخة في المسجد
أطماع الناس كلهم عن أن يكونوا خلفاء بعده وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال جاء
رسول الله فدخل بستانا وجاء آت فدق الباب فقال يا أنس إفتح له وبشره بالجنة وبشره
بالخلافة بعدي قال
(16/176)
فقلت يا رسول الله أعلمه قال
أعلمه فإذا أبو بكر فقلت أبشر بالجنة وبالخلافة من بعد النبي قال ثم جاء آت فقال
يا أنس إفتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد أبي بكر قلت أعلمه قال نعم قال
فخرجت فإذا عمر رضي الله تعالى عنه فبشرته ثم جاء آت فقال يا أنس إفتح له وبشره
بالجنة وبشره بالخلافة من بعد عمر وإنه مقتول قال فخرجت فإذا عثمان قال فدخل إلى
النبي فقال يا إني والله ما نسيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيد بايعتك قال هو ذاك
رواه أبو يعلى الموصلي من حديث المختار بن فلفل عن أنس وقال هذا حديث حسن
4 -
( باب فضل أبي بكر بعد النبي )
أي هذا باب في بيان فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه بعد فضل النبي وليس المراد
البعدية الزمانية لأن فضل أبي بكر كان ثابتا في حياته
5563 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( سليمان ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن
( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ( كنا نخير بين الناس في زمن )
النبي فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم (
الحديث 5563 - طرفه في7963 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فضل أبي بكر ثبت في أيام النبي بعد فضل النبي وعبد
العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي المديني وهو من
أفراده وسليمان هو ابن بلال أبو أيوب القرشي التميمي ويحيى بن سعيد الأنصاري
والحديث من أفراده ورجال إسناده كلهم مدنيون
قوله نخير أي كنا نقول فلان خير من فلان وفلان خير من فلان في زمن النبي وبعده كنا
نقول أبو بكر خير الناس ثم عمر ثم عثمان وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع
الآتية في مناقب عثمان كنا لا نعدل بأبي بكر أي لا نجعل له مثلا وفي رواية الترمذي
كنا نقول ورسول الله حي أبو بكر وعمر وعثمان وقال حديث صحيح غريب ورواه الطبراني
بلفظ كنا نقول ورسول الله حي أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان يسمع ذلك رسول
الله فلا ينكره وعلى هذا أهل السنة والجماعة
5 -
( باب قول النبي لو كنت متخذا خليلا قاله أبو سعيد )
أي هذا باب في بيان قول النبي وأشار بهذا إلى حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق قبل
باب فراجع إليه
6563 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن
( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال لو كنت متخذا من أمتي خليلا
لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي
مطابقته للترجمة ظاهرة ومسلم بن إبراهيم الأزدي القصاب البصري ووهيب تصغير وهب بن
خالد البصري وأيوب هو السختياني
قوله لاتخذت أبا بكر عدم اتخاذه أبا بكر خليلا لعدم اتخاذه خليلا من الناس فهذا
الحديث وغيره دل على نفي الخلة من النبي لأحد من الناس فإن قلت أخرج أبو الحسن
الحربي في ( فوائده ) عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال إن أحدث عهدي بنبيكم
قبل موته بخمس دخلت عليه وهو يقول إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا وإن
خليلي أبو بكر ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فإن قلت هذا لا
يقاوم الذي في ( الصحيح ) ولا يعارضه على أنه يعارضه ما رواه مسلم من حديث جندب
أنه سمع النبي يقول قبل أن يموت بخمس إني أبرأ إلى الله تعالى أن يكون لي منكم
خليل فإن قلت إن ثبت حديث أبي بن كعب فما التوفيق بينه وبين حديث جندب قلت يحمل
على أنه بريء من ذلك تواضعا
(16/177)
لربه وإعظاما له ثم أذن الله
له في ذلك اليوم لما رآه من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك فلا يتنافى الخبران
قوله ولكن أخي وصاحبي أي ولكن هو أخي في الدين وصاحبي في السراء والضراء والحضر
والسفر وفي رواية خيثمة في فضائل الصحابة عن أحمد بن أبي الأسود عن مسلم بن
إبراهيم شيخ البخاري فيه ولكن أخي وصاحبي في الله تعالى
7563 - حدثنا ( معلى بن أسد وموسى ) قالا حدثنا ( وهيب ) عن ( أيوب ) وقال لو كنت
متخذا خليلا لاتخذته خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس أخرجه عن معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي
إلى آخره وكذا في أكثر الروايات التبوذكي وهو الصواب ووقع في رواية أبي ذر وحده
التنوخي وهو تصحيف
قوله ولكن أخوة الإسلام أفضل قال الداودي لا أراه محفوظا وإن كان محفوظا فمعناه إن
أخوة الإسلام دون المخاللة أفضل من المخاللة دون أخوة الإسلام وإن لم يكن قوله لو
كنت متخذا خليلا غير ربي صحيحا لم يجز أن يقال أخوة الإسلام أفضل وليس يقضي في هذا
بأخبار الآحاد
حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب عن أيوب مثله
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن عبد الوهاب الثقفي عن
أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس مثل الحديث المذكور وهذه الطرق الثلاثة من
أفراده
8563 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) أخبرنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( عبد الله
) بن أبي مليكة قال كتب أهل الكوفة إلى ابن الزبير في الجد فقال أما الذي قال رسول
الله لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذته أنزله أبا يعني أبا بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضل أبي بكر حيث أجاب بأن الجد كالأب في استحقاق
الميراث وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وقد مر
عن قريب والحديث من أفراده
قوله كتب أهل الكوفة أي بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود وكان ابن الزبير
جعله على قضاء الكوفة قوله في الجد أي في مسألة الجد وميراثه قوله أما الذي جواب
أما هو قوله أنزله والفاء فيه محذوفة أي أنزل أبو بكر الجد منزلة الأب في الإرث
وحاصله أنه قال في جوابهم أما الذي قال رسول الله في حقه لو كنت متخذا خليلا
لاتخذته جعل الجد كالأب وأنزله منزلته في استحقاق الميراث يريد أنه يرث وحده دون الأخوة
كالأب وهو مذهب أبي حنيفة وعند الشافعي ومالك أنه يقاسم الإخوة ما لم ينقصه ذلك عن
الثلث وهو قول زيد
( باب )
أي هذا باب وهذا كالفصل لما قبله
9563 - حدثنا ( الحميدي ومحمد بن عبد الله ) قالا حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن
أبيه عن ( محمد ابن جبير بن مطعم ) عن أبيه قال ( أتت امرأة ) النبي فأمرها أن
ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال عليه السلام إن لم
تجديني فأتي أبا بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إشارة إلى فضله وفيه إشارة أيضا إلى أنه هو الخليفة
من بعده وأصرح من هذا دلالة على أنه هو الخليفة من بعده ما رواه الطبراني من حديث
عصمة بن مالك قال قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك قال إلى أبي
بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وفيه ضعف وروى الإسماعيلي في ( معجمه ) من حديث سهل
(16/178)
بن أبي حثمة قال بايع النبي
أعرابيا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه فقال أبو بكر ثم سأله من يقضيه بعده قال
عمر رضي الله تعالى عنه الحديث
والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى ومحمد بن عبد الله بن محمد بن زيد القرشي
الأموي وكلاهما من أفراده وإبراهيم بن سعد يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأحكام عن عبد العزيز بن عبد الله وفي الاعتصام عن
عبيد الله بن سعد وأخرجه مسلم في الفضائل عن عباد بن موسى وعن حجاج بن الشاعر
وأخرجه الترمذي في المناقب عن عبد بن حميد
قوله أرأيت أي أخبرني قوله إن جئت ولم أجدك كأنها كنت عن موت رسول الله ومرادها إن
جئت فوجدتك قد مت ماذا أعمل وفي رواية الإسماعيلي فإن رجعت فلم أجدك تعررض بالموت
وفي رواية الحميدي في ( الأحكام ) كأنها تعني الموت
0663 - حدثني ( أحمد بن أبي الطيب ) حدثنا ( إسماعيل بن مجالد ) حدثنا ( بيان بن بشر
) عن ( وبرة ابن عبد الرحمان ) عن ( همام ) قال سمعت ( عمارا ) يقول ( رأيت ) رسول
الله وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر ( الحديث 0663 - طرفه في 7583 )
مطابقته للترجمة من حيث إن في أبي بكر فضيلة خاصة لسبقه في الإسلام حيث لم يسلم
أحد قبله من الرجال الأحرار وأحمد بن أبي الطيب اسمه سليمان المروزي البغدادي روى
عنه البخاري هذا الحديث وإسماعيل بن مجالد بالجيم ابن عمير الهمداني الكوفي وليس
له عند البخاري إلا هذا الحديث الواحد وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر
الحروف وبعد الألف نون ابن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة المعلم
الأحمسي بالمهملتين التابعي ووبرة بفتح الواو وسكون الباء الموحدة وفتحها ابن عبد
الرحمن الحارثي وهمام بن الحارث النخعي الكوفي مر في الصلاة وفيه ثلاثة من
التابعين على نسق واحد وعمار هو ابن ياسر رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في إسلام أبي بكر عن عبد الله عن يحيى بن معين
قوله وما معه أي ممن أسلم قوله إلا خمسة أعبد وهم بلال وزيد بن حارثة وعامر بن
فهيرة مولى أبي بكر فإنه أسلم قديما مع أبي بكر وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن
خلف ذكر ابن إسحاق أنه أسلم حين أسلم بلال فعذبه أمية فاشتراه أبو بكر فأعتقه
وعبيد بن زيد الحبشي وذكر ابن السكن في ( كتاب الصحابة ) عن عبد الله بن داود أن
النبي ورثه من أبيه هو وأم أيمن وفي ( التلويح ) هم عمار وزيد بن حارثة وبلال
وعامر بن فهيرة وشقران والمرأتان خديجة وأم الفضل زوج العباس رضي الله تعالى عنهم
وقيل المرأتان خديجة وأم أيمن أو سمية قلت عمار بن ياسر مولى بن مخزوم وأمه سمية
بنت خياط وكان هو وأبوه يعذبون في الله فمر بهم النبي وهم يعذبون وقال صبرا آل
ياسر فإن موعدكم الجنة وشقران بضم الشين المعجمة وسكون القاف لقب واسمه صالح بن
عدي الحبشي وقيل أوس وقيل هرمز ورثه النبي عن أمه وقيل عن أبيه وقيل كان لعبد
الرحمن بن عوف فوهبه للنبي
1663 - حدثني ( هشام بن عمار ) حدثنا ( صدقة بن خالد ) حدثنا ( زيد بن واقد ) عن (
بسر بن عبيد الله ) عن ( عائذ الله أبي إدريس ) عن ( أبي الدرداء ) رضي الله تعالى
عنه قال ( كنت جالسا عند ) النبي إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن
ركبته فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال يا رسول الله إنه كان بيني وبين
ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال
يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر
فقالوا لا فأتى إلى النبي فسلم عليه فجعل وجه النبي صلى الله
(16/179)
عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو
بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي إن
الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو
لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها ( الحديث 1663 - طرفه في 0464 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام بن عمار بن نصير أبو الوليد السلمي الدمشقي وصدقة بن
خالد أبو العباس مولى أم البنين بنت أبي سفيان بن حرب أخت معاوية وزيد بن واقد
بكسر القاف الدمشقي ثقة قليل الحديث وليس له في البخاري غير هذا الحديث وبسر بضم
الباء الموحدة وسكون السين المهملة الحضرمي الشامي وعائذ الله بالذال المعجمة من
العوذ ابن عبد الله الخولاني بفتح الخاء المعجمة وبالنون وكنيته أبو إدريس وهؤلاء
كلهم شاميون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله قيل إنه حماد الأيلي وهو من
أفراده
قوله عن بسر بن عبيد الله وفي رواية عبد الله بن العلاء عند البخاري في التفسير
حدثني بسر بن عبيد الله حدثني أبو إدريس سألت أبا الدرداء قوله أما صاحبكم وفي
رواية الكشميهني أما صاحبك بالإفراد قوله فقد غامر بالغين المعجمة أي خاصم ولابس
الخصومة ونحوها من الأمور يقال دخل في غمرة الخصومة وهي معظمها وغمر الحرب ونحوها
والمغامر الذي يرمي بنفسه في الأمور والحروب وقيل من المعاجلة أي سارع قوله فسلم
بتشديد اللام من السلام ووقع عند أبي نعيم في ( الحلية ) حتى سلم على رسول الله
ولم يذكر الرد وهو مما يحذف للعلم به وقسيم إما محذوف نحوه وأما غيره فلا أعلمه
قوله أثم بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم والهمزة للاستفهام أي أهنا أبو بكر قوله
شيء وفي رواية التفسير بيني وبينه محاورة بالحاء المهملة أي مراجعة قوله ندمت زاد
محمد بن المبارك على ما كان قوله فسألته أن يغفر لي وفي رواية التفسير أن يستغفر
له فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه قوله فأبى علي زاد محمد بن المبارك فتبعته إلى
البقيع حتى خرج من داره قوله ثلاثا أي أعاد هذه الكلمة ثلاث مرات قوله يتمعر بالعين
المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب وأصله من المعر وهو الجدب يقال أمعر
المكان إذا أجدب ويقال معناه يتغير لونه من الضجر ويقال ذهب رونقه حتى صار كالمكان
الأمعر قوله حتى أشفق أبو بكر أي حتى خاف أبو بكر أن يكون من رسول الله إلى عمر ما
يكره قوله فجثا بالجيم والثاء المثلثة أي برك على ركبتيه قوله أنا كنت أظلم أي من
عمر في القصة المذكورة وإنما قال ذلك لأنه كان البادي قوله مرتين أي قال ذلك القول
مرتين وقال الكرماني مرتين ظرف لقال أو لقوله كنت قوله وواساني وفي رواية
الكشميهني وحده وأوساني والأول أوجه لأنه من المواساة قوله تاركو لي صاحبي وفي
رواية التفسير تاركون لي على الأصل قوله لي فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار
والمجرور عناية بتقديم لفظ الاختصاص وذلك جائز كقول الشاعر
( فرشني بخير لا أكونن ومدحتي
كناحت يوما صخرة بعسيل )
قلت رشني أمر من راش يريش يقال رشت فلانا أصلحت حاله والواو في ومدحتي للمصاحبة أي
مع مدحتي والاستشهاد فيه في قوله يوما فإنه ظرف فصل به بين المضاف وهو قوله كناحت
وبين المضاف إليه وهو صخرة والتقدير كناحت صخرة يوما بعسيل بفتح العين المهملة
وكسر السين المهملة وهو قضيب الفيل قاله الجوهري وبهذا يرد على أبي البقاء حيث
يقول إن حذف النون من خطأ الرواة لأن الكلمة ليست مضافة ولا فيها ألف ولام وإنما
يجوز في هذين الموضعين ولا وجه لإنكاره لوقوع مثل هذه كثيرا في الأشعار وفي القرآن
أيضا في قراءة ابن عامر وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم بنصب
أولادهم وجر شركائهم قوله فما أوذي بعدها أي فما أوذي أبو بكر بعد هذه القضية لأجل
ما أظهره النبي لهم من تعظيمه أبا بكر رضي الله تعالى عنه
وفي هذا الحديث فوائد الدلالة على فضل أبي بكر على جميع الصحابة وليس ينبغي للفاضل
أن يغاضب من هو أفضل منه وجواز مدح الرجل في وجهه ومحله إذا أمن عليه الافتتان
(16/180)
والاغترار وفيه ما طبع عليه
الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى لكن الفاضل في الدين
يسرع الرجوع إلى الأول لقوله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان
تذكروا ( الأعراف 201 ) وفيه أن غير النبي ولو بلغ في الفضل الغاية فليس بمعصوم
وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه
إلى أبيه أوجده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر كان
بيني وبين ابن الخطاب فلم يذكره باسمه ونظيره قوله ألا إن كان ابن أبي طالب يريد
أن ينكح ابنتهم وفيه أن الركبة ليست بعورة
2663 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( عبد العزيز بن المختار ) قال ( خالد الحذاء
) حدثنا عن ( أبي عثمان ) قال حدثني ( عمرو بن العاص ) رضي الله تعالى عنه أن
النبي بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من
الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا ( الحديث 2663 - طرفه
في 8534 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وذلك لأن كون أحب الناس إلى النبي أبا بكر يدل على أن له
فضلا كثيرا وأنه أفضل الناس بعد النبي
وعبد العزيز بن المختار أبو إسماعيل الأنصاري الدباغ وخالد هو ابن مهران الحذاء
وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي بالنون ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون إلا
الصحابي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن إسحاق بن شاهين وأخرجه مسلم في الفضائل
عن يحيى بن يحيى وأخرجه الترمذي في المناقب عن إبراهيم ابن يعقوب وبندار وأخرجه
النسائي فيه عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد
قوله خالد الحذاء حدثنا هو من تقديم الاسم على الصفة وقد استعملوه كثيرا تقدير
الكلام حدثنا عبد العزيز قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان قوله ذات السلاسل
بسينين مهملتين والمشهور فتح الأولى على لفظ جمع السلسلة وضبطه كذلك أبو عبيد
البكري وضبطها ابن الأثير بالضم ثم فسره بمعنى السلسال أي السهل وفسره أبو عبيد
بأنه اسم مكان سمي بذلك لأنهم كانوا مبعوثين إلى أرض بها رمل ينعقد بعضه على بعض
كالسلسلة وكانت غزوة ذات السلاسل سنة سبع كذا صححه ابن أبي خالد في ( تاريخه )
وقال ابن سعد والحاكم في سنة ثمان في جمادي الآخرة وذكر ابن إسحاق أن أم العاص بن
وائل كانت من بلي فبعثه النبي إلى العرب يستنفر إلى الإسلام يستألفهم بذلك حتى إذا
كان على ماء بأرض حذام يقال له السلاسل وبه سميت تلك الغزوة ذات السلاسل على ما
يأتي الباقي في المغازي وقال ابن التين سميت ذات السلاسل لأن المشركين ارتبط بعضهم
إلى بعض مخافة أن يفروا وعن يونس عن ابن شهاب قال هي مشارق الشام إلى بلي وسعد
الله ومن يليهم من قضاعة وكندة وبلقين وصحنان وكفار العرب ويقال لها بدر الآخرة
وقال ابن سعد وهي وادي القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام قوله فقلت أي الناس أحب
إليكهذا السؤال من عمر وإنما كان لما وقع في نفسه حين أمره على الجيش وفيهم أبو
بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك قوله فعد رجالا ويروى فعدد
رجالا يحتمل أن يكون منهم أبو عبيدة ابن الجراح على ما أخرجه الترمذي من حديث عبيد
الله بن شقيق قال قلت لعائشة أي أصحاب رسول الله كان أحب إليه قالت أبو بكر قلت ثم
من قالت عمر قلت ثم من قالت أبو عبيدة بن الجراح قلت ثم من فسكتت قيل يحتمل أن
يفسر بعض الرجال الذين أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة
3663 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أبو سلمة
بن عبد الرحمان ابن عوف ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله
يقول بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي فالتفت إليه
الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس
(16/181)
لها راع غيري وبينا رجل يسوق
بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث
قال الناس سبحان الله فقال النبي فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله
تعالى عنهما
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجال إسناده على هذا النسق قد تكرر ذكرهم جدا والحديث قد
مر في باب ما ذكر عن بني إسرائيل في باب مجرد بعد حديث الغار فإنه رواه عن أبي
هريرة بغير هذا الطريق وفيه تقديم وتأخير وقد مر الكلام في بينما وبينا غير مرة
قوله راع مرفوع بالابتداء متصف بقوله في غنمه وخبره هو قوله عدا عليه الذئب قوله
يوم السبع بضم الباء الموحدة ويروى بالسكون وبقية الكلام قد مرت هناك
4663 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) قال أخبرني
( ابن المسيب ) سمع ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي يقول بينا
أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي
قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ضعفه ثم استحالت غربا
فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب الناس بعطن
مطابقته للترجمة من حيث إنه رآه في المنام وهو ينزع من القليب وذكره قبل عمر وهو
يدل على سبق أبي بكر على عمر وأن عمر من بعده وأما ضعفه في النزع فلا يدل على
النقص لأن أيامه كانت قصيرة على ما ذكرنا وعبدان هو عبد الله بن عثمان وشيخه عبد
الله بن المبارك
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن حرملة بن يحيى وقد مر نظيره في علامات النبوة عن
عبد الله بن عمر ومر الكلام فيه هناك مستوفى والقليب بئر يحفر فيقلب ترابها قبل أن
تطوى والغرب الدلو أكبر من الذنوب والعبقري كل شيء يبلغ النهاية به والعطن مناخ
الإبل
5663 - حدثنا ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا موسى بن عقبة عن سالم
بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله من جر
ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر إن أحد شقي ثوبي يسترخي
إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله إنك لست تصنع ذلك خيلاء قال موسى فقلت لسالم
أذكر عبد الله من جر إزاره فقال لم أسمعه ذكر إلا ثوبه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إنك لست تصنع ذلك خيلاء وفيه فضيلة لأي بكر حيث شهد
النبي له بما ينافي ما يكره وعبد الله شيخ شيخ البخاري هو ابن المبارك
والحديث أخرجه البخاري أيضا في اللباس عن أحمد بن يونس وفي الأدب عن علي بن عبد
الله عن سفيان وأخرجه أبو داود في اللباس عن النفيلي عن زهير وأخرجه النسائي في
الزينة عن علي بن حجر
قوله خيلاء أي كبرا وتبخترا وانتصابه على أنه مفعول له أي لأجل الخيلاء قوله لم
ينظر الله إليه أي لا يرحمه فالنظر هنا مجاز عن الرحمة وأما إذا استعمل في المخلوق
يقال لا ينظر إليه زيد فهو كناية قوله يسترخي لعل عادته أنه عند المشي يميل إلى
أحد الطرفين إلا أن يحفظ نفسه عن ذلك قوله فقلت لسالم القائل هو ( موسى بن عقبة )
قوله أذكر فعل ماض دخلت عليه همزة الاستفهام وعبد الله فاعله قوله فقال أي فقال
سالم لم أسمع عبد الله ذكر في حديثه إلا ثوبه
(16/182)
6663 - حدثنا ( أبو اليمان )
حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( حميد بن عبد الرحمان بن عوف ) أن ( أبا
هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول من أنفق زوجين من شيء من
الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب يعني الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل
الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل
الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان
فقال أبو بكر ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة وقال هل يدعى منها
كلها أحد يا رسول الله قال نعم وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر
مطابقته للترجمة في قوله وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ورجاء النبي واقع محقق
وفيه أقوى دليل على فضيلة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأبو اليمان الحكم بن نافع
والحديث مر في كتاب الصوم في باب الريان للصائمين من طريق آخر عن ابن شهاب عن حميد
بن عبد الرحمن ومر الكلام فيه هناك
قوله في سبيل الله أي في طلب ثواب الله وهو أعم من الجهاد وغيره قوله هذا خير يعني
فاضل لا بمعنى أفضل وإن كان اللفظ يحتمل ذلك قوله باب الريان بدل أو بيان عما قبله
وذكر هنا أربعة أبواب من أبواب الجنة وقال بعضهم وتقدم في أوائل الجهاد أن أبواب
الجنة ثمانية وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك وأما الثلاثة الأخرى فمنها باب
الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس رواه أحمد عن روح بن عبادة عن الأشعث عن الحسن
مرسلا إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا من مظلمة ومنها الباب الأيمن وهو
باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب وأما الثالث فله باب الذكر
فإن عند الترمذي ما يوميء إليه ويحتمل أن يكون باب العلم انتهى قلت ما فيه من طريق
الظن والحسبان ولا تنحصر الأبواب التي أعدت للدخول منها لأصحاب الأعمال الصالحة من
أنواع شتى وليس المراد منه الأبواب الثمانية التي دل القرآن على أربعة منها
والحديث على أربعة أخرى وإنما المراد من تلك الأبواب هي الأبواب التي هي في داخل
الأبواب الثمانية قوله ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبوابأي من أحد تلك الأبواب
وفيه إضمار وهو من توزيع الأفراد على الأفراد لأن الجمع والموصول كلاهما عامان
وكلمة ما للنفي قوله من ضرورة أي من ضرر والمقصود دخول الجنة فلا ضرر لمن دخل من
أي باب دخلها فإن قلت روى مسلم من حديث عمر من توضأ ثم قال أشهد أن لا إلاه إلا
الله الحديث فتحت له أبواب الجنة يدخلها من أيها شاء قلت لا منافاة بينه وبين ما
تقدم وإن كان ظاهره المعارضة لأنه يفتح له أبواب الجنة على سبيل التكريم ثم عند
دخوله لا يدخل إلا من باب العمل الذي يكون أغلب عليه والله أعلم
7663 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) حدثنا ( سليمان بن بلال ) عن ( هشام بن عروة
) عن ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها زوج النبي أن رسول الله
مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل يعني بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول
الله قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي
رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا
وميتا والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف
على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان
يعبد محمدا
(16/183)
فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد
الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال وما محمد إلا رسول قد خلت
من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر
الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فنشج الناس يبكون قال واجتمعت الأنصار إلى سعد
بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر
الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان
عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه
أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم
الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر
لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو
أبا عبيدة فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله فأخذ
عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله
وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن
عائشة رضي الله تعالى عنها قالت شخض بصر النبي ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص
الحديث قالت عائشة فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر
الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدي وعرفهم
الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى
الشاكرين
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه فضيلة أبي بكر على سائر الصحابة حيث قدم على الكل
فصار خليفة رسول الله
ذكر رجال الحديث وهم خمسة الأول إسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس واسمه
عبد الله ابن أخت مالك بن أنس الثاني سليمان بن بلال أبو أيوب القرشي التيمي
الثالث هشام بن عروة الرابع أبوه عروة بن الزبير ابن العوام الخامس عائشة أم
المؤمنين
ذكر الرجال الذين فيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وسعد بن
عبادة بن دلهم ابن حارثة الأنصاري الساعدي وكان نقيب بني ساعدة عند جميعهم وشهد
بدرا عند البعض ولم يبايع أبا بكر ولا عمر وسار إلى الشام فأقام بحوران إلى أن مات
سنة خمس عشرة ولم يختلفوا أنه وجد ميتا على مغتسله قيل إن قبره بالمنيحة قرية من
غوطة دمشق وهو مشهور يزار إلى اليوم وأبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله
بن الجراح مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وقبره بغور بيسان عند قرية تسمى عميا
وحباب بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف باء أخرى ابن المنذر بن
الجموح الأنصاري السلمي وهو القائل يوم السقيفة أنا جديلها المحنك وعذيقها المرجب
منا أمير ومنكم أمير مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن سالم أبو
يوسف الأشعري الشامي مات سنة تسع وسبعين ومائة والزبيدي بضم الزاي وفتح الباء
الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة واسمه محمد بن الوليد بن عامر أبو
الهذيل الشامي الحمصي الزبيدي وقال ابن سعد مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن
سبعين سنة وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
وهذا الحديث من أفراده
(16/184)
ذكر معناه قوله وأبو بكر بالسنح بضم السين المهملة وسكون النون بعدها حاء مهملة وضبطه أبو عبيد البكري بضم النون وقال إنه منازل بني الحارث بن الخزرج بالعوالي بينه وبين المسجد النبوي ميل وبه ولد عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وكان أبو بكر نازلا به ومعه أسماء ابنته وسكن هناك أبو بكر لما تزوج ابنة خارجة الأنصارية قوله قال إسماعيل هو شيخ البخاري المذكور وهو ابن أبي أويس قوله يعني بالعالية أراد تفسير قول عائشة بالسنح العالية والعوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية والنسبة إليها علوي على غير قياس قوله والله ما مات رسول الله إنما حلف عمر رضي الله تعالى عنه على هذا بناء على ظنه حيث أدى اجتهاده إليه قوله قالت أي عائشة رضي الله تعالى عنها قوله ذلك أي عدم الموت قوله وليبعثنه الله أي ليبعثن الله محمدا في الدنيا فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم وهم الذين قالوا بموته قوله فجاء أبو بكرأي من السنح فكشف عن وجه رسول الله فقبله وقد مر في أول الجنائز قالت عائشة أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم النبي وهي مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى قوله بأبي أنت وأمي أي أنت مفدى بأبي وأمي قوله حيا وميتا أي في حالة حياتك وحالة موتك قوله لا يذيقك الله الموتتين بضم الياء من الإذاقة وأراد بالموتتين الموت في الدنيا والموت في القبر وهما الموتتان المعروفتان المشهورتان فلذلك ذكرهما بالتعريف وهما الموتتان الواقعتان لكل أحد غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم لا يموتون في قبورهم بل هم أحياء وأما سائر الخلق فإنهم يموتون في القبور ثم يحيون يوم القيامة ومذهب أهل السنة والجماعة أن في القبر حياة وموتا فلا بد من ذوق الموتتين لكل أحد غير الأنبياء وقد تمسك بقوله لا يذيقك الله الموتتين من أنكر الحياة في القبر وهم المعتزلة ومن نحا نحوهم وأجاب أهل السنة عن ذلك بأن المراد به نفي الحياة اللازم من الذي أثبته عمر رضي الله تعالى عنه بقوله ليبعثنه الله في الدنيا ليقطع أيدي القائلين بموته فليس فيه من نفي موت عالم البرزخ قوله ثم خرج أي ثم خرج أبو بكر من عند النبي قوله على رسلك بكسر الراء وسكون السين المهملة أي اتئد في الحلف أو كن على رسلك أي التؤدة لا تستعجل قوله إلا من كان كلمة ألا هنا للتنبيه على شيء يأتي أو يقوله قوله فنشج الناس بفتح النون وكسر الشين المعجمة بعدها جيم يقال نشج الباكي إذا غص في حلقه البكاء وقيل النشيج بكاء معه صوت نقله الخطابي وقيل هو بكاء بترجيع كما يردد الصبي بكاءه في صدره وقال ابن فارس نشج الباكي غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب والنحيب بكاء مع صوت قوله في سقيفة بني ساعدة وهو موضع سقف كالسباط كان مجتمع الأنصار ودار ندوتهم وساعدة هو ابن كعب بن الخزرج وقال ابن دريد ساعدة اسم من أسماء الأسد قوله فقالوا أي الأنصار منا أمير ومنكم أمير إنما قالوا ذلك بناء على عادة العرب أن لا يسود القبيلة إلا رجل منهم ولم يعلموا حينئذ أن حكم الإسلام بخلاف ذلك فلما سمعوا أنه قال الخلافة في قريش أذعنوا لذلك وبايعوا الصديق قوله خشيت أن لا يبلغه أبو بكر خشيت بالخاء المعجمة من الخشية وهو الخوف ويروى حسبت بالحاء والسين المهملتين من الحسبان وفي رواية ابن عباس قد كنت زورت أي هيأت وحسنت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد أي الحدة فقال على رسلك فكرهت أن أغضبه قوله فتكلم أبلغ الناس بنصب أبلغ على الحال وأبلغ أفعل التفضيل والبلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحة الكلام فالحال في الاصطلاح هي الأمور الداعية إلى المتكلم على الوجه المخصوص ويجوز الرفع على الفاعلية كذا قاله بعض الشراح وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أولى فالتقدير فتكلم أبو بكر وهو أبلغ الناس وقال السهيلي النصب أوجه ليكون تأكيدا لمدحه وصرف الوهم عن أن يكون أحد موصوفا بذلك غيره وفي رواية ابن عباس قال عمر رضي الله تعالى عنه ما ترك كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى سكت قوله فقال في كلامه أي فقال أبو بكر في جملة كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء كأنه أراد بهذا أن الإمارة أعني الخلافة لا تكون إلا في المهاجرين وأراد بقوله أنتم الوزراء أنتم المستشارون في الأمور تابعون للمهاجرين لأن مقام الوزارة الإعانة
(16/185)
والمشورة والاتباع فقال حباب
بن المنذر لا والله لا نفعل يعني لا نرضى أن تكون الإمارة فيكم بل منا أمير ومنكم
أمير أراد أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار فلم يرض أبو بكر بذلك وهو
معنى قوله فقال أبو بكر لا يعني لا نرضى بما تقول لكنا نحن الأمراء وأنتم الوزراء
ثم بين وجه خصوصية المهاجرين بالإمارة بقوله هم أوسط العرب دارا أي قريش أوسط
العرب دارا أي من جهة الدار وأراد بها مكة وقال الخطابي أراد بالدار أهل الدار
وأراد بالأوسط الأخير والأشرف ومنه يقال فلان من أوسط الناس أي من أشرفهم وأحسبهم
ويقال هو من أوسط قومه أي خيارهم قوله وأعربهم أحسابا بالباء الموحدة في أعربهم أي
أشبه شمائل وأفعالا بالعرب ويروى أعرقهم بالقاف موضع الباء من العراقة وهي الأصالة
في الحسب وكذا يقال في النسب والأحساب بفتح الهمزة جمع حسب وهو الأفعال وهو مأخوذ
من الحساب يعني إذا حسبوا مناقبهم فمن كان يعد لنفسه ولأبيه مناقب أكثر كان أحسب
قوله فبايعوا عمر هذا قول أبي بكر يقول للمهاجرين والأنصار بايعوا عمر أو بايعوا
أبا عبيدة إنما قال هذا الكلام حتى لا يتوهموا أن له غرضا في الخلافة وأضاف إلى
عمر أبا عبيدة حتى لا يظنوا أنه يحابي عمر فلما قال أبو بكر هذه المقالة قال عمر رضي
الله تعالى عنه بل نبايعك أنت فقام وبايعه وبايع الناس قوله فقال قائل أي من
الأنصار قتلتم سعدا يعني سعد بن عبادة وقال الكرماني هو كناية عن الإعراض والخذلان
لا حقيقة القتل وقال بعضهم يرد هذا ما وقع في رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب فقال
قائل من الأنصار اتقوا سعد بن عبادة لا تطؤه فقال عمر اقتلوه قتله الله انتهى قلت
لا وجه قط للرد المذكور لأنه ليس المراد من قول عمر اقتلوه حقيقة القتل بل المراد
منه أيضا الإعراض عنه وخذلانه كما في الأول ومعنى قول عمر قتله الله دعاء عليه
لعدم نصرته للحق ومخالفته للجماعة لأنه تخلف عن البيعة وخرج من المدينة ولم ينصرف
إليها إلى أن مات بالشام كما ذكرناه عن قريب
قوله وقال عبد الله بن سالم قد ذكرناه وهذا تعليق لم يذكره البخاري إلا معلقا غير
تمام وقد وصله الطبراني في ( مسند الشاميين ) قوله شخص بصر النبي من الشخوص وهو
ارتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه قوله في الرفيق الأعلى أي الجنة
قاله صاحب ( التوضيح ) قلت الرفيق جماعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين
يسكنون أعلى عليين وهو اسم جاء على فعيل وهو الجماعة كالصديق والخليط يقع على
الواحد والجمع ومنه قوله تعالى وحسن أولئك رفيقا ( النساء 96 ) فإن قلت ما متعلق
في الرفيق الأعلى قلت محذوف يدل عليه السياق نحو أدخلوني فيهم وذلك قاله حين خير
بين الموت والحياة فاختار الموت قوله وقص الحديثأي قص القاسم بن محمد بن أبي بكر
الصديق وأراد بالحديث ما قاله عمر من قوله إنه لم يمت ولن يموت حتى يقطع أيادي
رجال المنافقين وأرجلهم وما قال أبو بكر من قوله إنه مات وتلا الآيتين كما مضى
قوله قالت أي عائشة رضي الله تعالى عنها قوله من خطبتهما أي من خطبة أبي بكر وعمر
وكلمة من للتبعيض ومن الأخرى في قوله ومن خطبة زائدة قوله لقد خوف عمر إلى آخره
بيان الخطبة التي نفع الله بها قوله وإن فيهم لنفاقا أي أن في بعضهم لمنافقين وهم
الذين عرض بهم عمر رضي الله تعالى عنه في قوله الذي سبق عن قريب قيل وقع في رواية
الحميدي في ( الجمع بين الصحيحين ) وأن فيهم لتقي فقيل إنه من إصلاحه فإنه ظن أن
قوله وإن فيهم لنفاقا تصحيف فصيره لتقي كأنه استعظم أن يكون في المذكورين نفاق
وقال القاضي عياض لا أدري هو إصلاح منه أو رواية فعلى الأول فلا استعظام فقد ظهر
من أهل الردة ذلك ولا سيما عند الحادث العظيم الذي أذهل عقول الأكابر فكيف بضعفاء
الإيمان فالصواب ما في النسخ والله أعلم
1763 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) حدثنا ( جامع بن أبي راشد ) حدثنا
( أبو يعلى ) عن ( محمد بن الحنفية ) قال قلت ل ( أبي أي الناس خير بعد ) رسول
الله قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت قال ما أنا
إلا رجل من المسلمين
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو الثوري وجامع هو ابن أبي راشد الصيرفي الكوفي
وأبو يعلى بفتح الياء آخر الحروف
(16/186)
وسكون العين المهملة وفتح
اللام وبالقصر اسمه منذر من الإنذار بلفظ اسم الفاعل ضد الإبشار ابن يعلى الثوري
الكوفي ومحمد بن الحنفية هو محمد بن علي بن أبي طالب يكنى أبا القاسم وشهرته بنسبة
أمه وهي من سبي اليمامة واسمها خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع
بن ثعلبة ابن دؤل بن حنيفة مات سنة إحدى وثمانين وهو ابن خمس وستين برضوى ودفن
بالبقيع ورضوى جبل بالمدينة
والحديث أخرجه أبو داود في السنة عن شيخ البخاري إلى آخره نحوه
قوله قلت لأبي أي الناس خير وفي رواية الدارقطني عن منذر عن محمد بن علي قلت لأبي
يا أبي من خير الناس بعد رسول الله قال أوما تعلم يا ابني قلت لا قال أبو بكر قوله
وخشيت قيل لم خشي من الحق وأجيب بأنه لعل عنده بناء على ظنه أن عليا خير منه وخاف
أن عليا يقول عثمان خير مني قوله ما أنا إلا رجل من المسلمين وهذا القول منه على
سبيل الهضم والتواضع
وفيه خلاف بين أهل السنة والجماعة فمنهم من فضل عليا على عثمان والأكثرون بالعكس
ومالك توقف فيه
2763 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) عن ( مالك ) عن ( عبد الرحمان بن القاسم ) عن أبيه
عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها ( أنها ) قالت ( خرجنا مع ) رسول الله في بعض
أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله على
التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس أبا بكر فقالوا
ألا تري ما صنعت عائشة أقامت برسول الله وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء
فجاء أبو بكر ورسول الله واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله والناس
وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني
بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله على فخذي فنام رسول الله
حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن الحضير ما هي
بأول بركتكم يا آل أبي بكر فقالت عائشة فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد
تحته
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر والحديث قد مر في
كتاب التيمم في أوله فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك وهنا أخرجه عن
قتيبة عن مالك ومر الكلام فيه هناك والبيداء بفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر
الحروف اسم للمفازة في الأصل والمراد بها هنا موضع خاص قريب من المدينة وكذلك ذات
الجيش بالجيم والياء آخر الحروف والشين المعجمة وأسيد بضم الهمزة مصغر أسد وحضير
بضم الحاء المهملة مصغر حضر ضد السفر
3763 - حدثنا ( آدم بن أبي إياس ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الأعمش ) قال سمعت ( ذكوان
) يحدث عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لا تسبوا أصحابي
فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
هذا لا يدل على فضل أبي بكر على الخصوص وإنما يدل على فضل الصحابة كلهم على غيرهم
فلا مطابقة بينه وبين الترجمة إلا أنه لما دل على حرمة سب الصحابة كلهم فدلالته
على الحمة في حق أبي بكر أقوى وآكد لأنه قد تقرر أنه أفضل الصحابة كلهم وأنه أفضل
الناس بعد النبي فمن هذه الحيثية يمكن أن يؤخذ وجه المطابقة للترجمة
والأعمش هو سليمان وذكوان بالذال المعجمة أبو صالح الزيات السمان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عثمان بن أبي شيبة وعن
(16/187)
أبي سعيد الأشج وعن أبي كريب
وعن أبي موسى وبندار وعن عبيد الله بن معاذ وأخرجه أبو داود في السنة عن مسدد
وأخرجه الترمذي في المناقب عن الحسن بن علي الخلال وعن محمود بن غيلان وأخرجه
النسائي فيه عن محمد بن هشام وأخرجه ابن ماجه في السنة عن محمد بن الصباح وعن علي
بن محمد وعن أبي كريب
قوله لا تسبوا أصحابي خطاب لغير الصحابة من المسلمين المفروضين في العقل جعل من
سيوجد كالموجود ووجودهم المترقب كالحاضر هكذا قرره الكرماني ورد عليه بعضهم ونسبه
إلى التغفل بأنه وقع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من
الصحابة الموجودين إذا ذاك بالاتفاق قلت نعم روى مسلم حدثنا عثمان بن أبي شيبة
حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال كان بين خالد بن الوليد وبين
عبد الرحمن شيء فسبه خالد فقال رسول الله لا تسبوا أحدا من أصحابي الحديث ولكن
الحديث لا يدل على أن المخاطب بذلك خالد والخطاب للجماعة ولا يبعد أن يكون الخطاب
لغير الصحابة كما قاله الكرماني ويدخل فيه خالد أيضا لأنه ممن سب على تقدير أن
يكون خالد إذ ذاك صحابيا والدعوى بأنه كان من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق
يحتاج إلى دليل ولا يظهر ذلك إلا من التاريخ قوله أنفق مثل أحد ذهبا أي مثل جبل
أحد الذي بالمدينة زاد البرقاني في المصافحة من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش كل
يوم قوله ما بلغ مد أحدهم أي المد من كل شيء وهو بضم الميم في الأصل ربع الصاع وهو
رطل وثلث بالعراقي عند الشافعي وأهل الحجاز وهو رطلان عند أبي حنيفة وأهل العراق
وقيل أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما وإنما قدره به لأنه أقل
ما كانوا يتصدقون به في العادة وقال الخطابي يعني أن المد من التمر الذي يتصدق به
الواحد من الصحابة مع الحاجة إليه أفضل من الكثير الذي ينفقه غيرهم من السعة وقد يروى
مد أحدهم بفتح الميم يريد الفضل والطول وقال القاضي وسبب تفضيل نفقتهم أن إنفاقهم
إنما كان في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن إنفاقهم كان في نصرته
وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم قوله ولا نصيفه فيه أربع لغات
نصف بكسر النون وبضمها وبفتحها ونصيف بزيادة الياء مثل العشر والعشير والثمن
والثمين وقيل النصف هنا مكيال يكال به
تابعه جرير وعبد الله بن داود وأبو معاوية ومحاضر عن الأعمش
أي تابع شعبة جرير بن عبد الحميد في روايته عن سليمان الأعمش عن أبي سعيد الخدري
وحديث جرير عن الأعمش قد ذكرناه عن قريب وعبد الله بن داود أي وتابعه أيضا عبد
الله بن داود بن عامر بن الربيع الهمداني أبو عبد الرحمن المعروف بالخريبي سكن
الخريبة محلة بالبصرة وهي بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف
وفتح الباء الموحدة وحديثه عن الأعمش رواه مسدد في مسنده رواه عنه قوله وأبو
معاوية أي تابعه أبو معاوية بن محمد بن خازم بالمعجمتين الضرير وحديثه عن الأعمش
عن أحمد في ( مسنده ) هكذا رواه مسلم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح هو
ذكوان ولكن عن أبي هريرة قوله ومحاضر أي وتابعه محاضر بضم الميم وبالحاء المهملة
وبالضاد المعجمة على وزن مجاهد ابن المورع بالراء المكسورة مر في آخر الحج وحديثه
عند أبي الفتح الحداد في ( فوائده ) من طريق أحمد بن يونس الضبي عن محاضر فذكره
مثل رواية جرير لكن قال بين خالد بن الوليد وبين أبي بكر بدل عبد الرحمن بن عوف
وقول جرير أصح
4763 - حدثنا ( محمد بن مسكين أبو الحسن ) حدثنا ( يحيى بن حسان ) حدثنا ( سليمان
) عن ( شريك بن أبي نمر ) عن ( سعيد بن المسيب ) قال أخبرني ( أبو موسى الأشعري )
أنه توضأ في بيته ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله ولأكونن معه يومي هذا قال فجاء
المسجد فسأل عن النبي فقالوا خرج ووجه ههنا فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر
(16/188)
أريس فجلست عند الباب وبابها
من جريد حتى قضى رسول الله حاجته فتوضأ فقمت إليه فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط
قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فسلمت عليه ثم انصرفت فجلست عند الباب فقلت
لأكونن بواب رسول الله اليوم فجاء أبو بكر فدفع الباب فقلت من هذا فقال أبو بكر
فقلت على رسلك ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن فقال ائذن له وبشره
بالجنة فأقبلت حتى قلت لأبي بكر ادخل ورسول الله يبشرك بالجنة فدخل أبو بكر فجلس
عن يمين رسول الله معه في القف ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي وكشف عن ساقيه
ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يريد أخاه
يأت به فإذا إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عمر ابن الخطاب فقلت على رسلك ثم
جئت إلى رسول الله فسلمت عليه فقلت هذا عمر ابن الخطاب يستأذن فقال ائذن له وبشره
بالجنة فجئت فقلت له ادخل وبشرك رسول الله بالجنة فدخل فجلس مع رسول الله في القت
عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد الله بفلان خيرا يأت به
فجاء إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عثمان بن عفان فقلت على رسلك فجئت إلى
رسول الله فأخبرته فقال إئذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فجئته فقلت له ادخل
وبشرك رسول الله بالجنة على بلوى تصيبك فدخل فوجد القف قد ملىء فجلس وجاهه من الشق
الآخر قال شريك قال سعيد بن المسيب فأولتها قبورهم
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه التصريح بفضيلة هؤلاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان
وأن أبا بكر أفضلهم لسبقه بالبشارة بالجنة ولجلوسه على يمين النبي والغرض من
إيراده في مناقب أبي بكر خاصة الإشارة إلى هذا الوجه
ذكر رجاله وهم ستة الأول محمد بن مسكين بن نميلة اليمامي يكنى أبا الحسن وهو شيخ
مسلم أيضا الثاني يحيى بن حسان بن حبان أبو زكرياء التنيسي حكى البخاري عن حسن بن
عبد العزيز أنه مات سنة ثمان ومائتين الثالث سليمان بن بلال أبو أيوب وأبو محمد
القرشي التيمي مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وكان بربريا مات سنة سبع
وسبعين ومائة الرابع شريك بن عبد الله بن أبي نمر بلفظ الحيوان المشهور أبو عبد
الله القرشي ويقال الليثي من أنفسهم مات سنة أربعين ومائة وهو منسوب إلى جده
الخامس بن المسيب السادس أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه واسمه عبد الله بن
قيس
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن سعيد بن أبي مريم وأخرجه مسلم في الفضائل
عن محمد بن مسكين به وعن الحسن بن علي الحلواني وأبي بكر بن أبي إسحاق
ذكر معناه قوله لألزمن باللام المفتوحة وبالنون الثقيلة للتأكيد وكذلك قوله لأكونن
قوله وجه بفتح الواو وتشديد الجيم على لفظ الماضي هكذا في رواية الأكثرين ومعناه
توجه أو وجه نفسه وفي رواية الكشميهني بسكون الجيم بلفظ الاسم مضافا إلى الظرف أي
جهة كذا وقال الكرماني وفي بعضها أي في بعض الرواية وجهته يعني بالرفع وهو مبتدأ
(16/189)
وههنا خبره قوله أريس بفتح
الهمزة وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف بعدها سين مهملة وهو بستان بالمدينة
معروف قريب من قبا وفي هذا البئر سقط خاتم النبي من إصبع عثمان رضي الله تعالى عنه
وهو منصرف وإن جعلته إسما لتلك البقعة يكون غير منصرف للعلمية والتأنيث قوله وتوسط
قفها أي صار في وسط قفها والقف بضم القاف وتشديد الفاء قال النووي هو حافة البئر
وأصله الغليظ المرتفع من الأرض وقال غيره القف الدكة التي جعلت حول البئر والجمع
قفاف ويقال القف اليابس ويحتمل أن يكون سمي به لأن ما ارتفع حول البئر يكون يابسا
دون غيره غالبا قوله فدلاهما أي أرسلهما قوله فقلت لأكونن بوابا للنبي ظاهره أنه
اختار ذلك وفعله من تلقاء نفسه وقد صرح بذلك في رواية محمد بن جعفر عن شريك في
الأدب وزاد فيه ولم يأمرني به وقال ابن التين فيه أن المرء يكون بوابا للإمام وإن
لم يأمره فإن قلت وقع في رواية أبي عثمان التي تأتي في مناقب عثمان عن أبي موسى أن
النبي دخل حائطا وأمره بحفظ باب الحائط وأخرج أبو عوانة في ( صحيحه ) من رواية عبد
الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث فقال يا أبا موسى أملك علي هذا
الباب فانطلق فقضى حاجته وتوضأ ثم جاء فقعد على قف البئر وروى الترمذي من طريق أبي
عثمان عن أبي موسى وقال لي يا أبا موسى أملك علي الباب فلا يدخلن علي أحد قلت وجه
الجمع بينهما بأنه لما حدث نفسه بذلك صادف أمر النبي بأن يحفط عليه لباب فإن قلت
يعارض هذا قول أنس رضي الله تعالى عنه لم يكن له بواب وقد سبق في كتاب الجنائز قلت
مراد أنس أنه لم يكن له بواب مستمر مرتب لذلك على الدوام قوله على رسلك بكسر الراء
على هينتك وهو من أسماء الأفعال ومعناه اتئد قوله وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني كان
لأبي موسى أخوان أبو رهم وأبو بردة ويقال إن له أخا آخر اسمه محمد وأشهرهم أبو
بردة واسمه عامر وقد أخرج أحمد في ( مسنده ) عنه حديثا قوله فإذا إنسان يحرك الباب
فيه حسن الأدب في الاستئذان وقال ابن التين يحتمل أن يكون هذا قبل أن ينزل قوله
تعالى لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ( النور 72 ) واعترض عليه باستبعاد
ما قاله وذلك لأنه وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة فجاء رجل فاستأذن فعرف من هذا
إن معنى قوله يحرك الباب يعني مستأذنا لا دافعا قوله يبشرك بالجنة زاد أبو عثمان
في روايته فحمد الله تعالى قوله فقال عثمان إلى قوله فقال إئذن له وفي رواية أبي
عثمان ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال إئذن له قوله على بلوى تصيبك وهي
البلية التي صار بها شهيد الدار وفي رواية أبي عثمان فحمد الله ثم قال الله
المستعان وفي رواية عند أحمد فجعل يقول أللهم صبرا حتى جلس قوله فجلس وجاهه بضم
الواو وكسرها أي مقابله قوله قتل شريك هو شريك بن أبي نمر الراوي وهو موصول
بالإسناد الماضي قوله فأولتها قبورهم أي أولت هؤلاء الثلاثة الجالسين على الهيئة
المذكورة بقبورهم والتأويل بالقبور من جهة كون الشيخين مصاحبين له عند الحفرة
المباركة لا من جهة أن أحدهما في اليمين والآخر في اليسار وأما عثمان فهو في
البقيع مقابلا لهم وهذا من الفراسة الصادقة
5763 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) أن ( أنس
بن مالك ) رضي الله تعالى عنه حدثهم أن النبي صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف
بهم فقال اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وصديق على ما لا يخفى ويحيى هو ابن سعيد القطان
وسعيد هو ابن أبي عروبة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل عمر رضي الله تعالى عنه عن مسدد وأخرجه أبو
داود في السنة عن مسدد أيضا وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار به وأخرجه النسائي
فيه عن أبي قدامة عن يحيى به وعن عمرو بن علي عن يحيى ويزيد ابن زريع به
قوله صعد أحدا هو الجبل المعروف بالمدينة فإن قلت وقع لأبي يعلى من وجه آخر عن
سعيد حراء جبل بمكة قال بعضهم والأول أصح ولولا اتحاد المخرج لجوزت تعدد القصة قلت
الاختلاف فيه من سعيد فإن في ( مسند
(16/190)
الحارث بن أسامة ) عن روح بن
عبادة عن سعيد فقال أحد أو حراء بالشك ولكن لا شك في تعدد القصة فإن أحمد رواه من
طريق بريدة بلفظ حراء وإسناده صحيح وأبا يعلى رواه من حديث سهل بن سعد بلفظ أحد
وإسناده صحيح وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة فذكر أنه كان على حراء ومعه أبو بكر
وعمر وعثمان وغيرهم فهذا كله يدل على تعدد القصة قوله وأبو بكر عطف على الضمير
المرفوع الذي في صعد وهذا لا خلاف فيه لوجود قوله أحدا وهو الحائل وأما إذا كان
بغير الحائل ففيه خلاف بين الكوفيين والبصريين وقد ذكرناه فيما مضى قوله فرجف أي
اضطرب أحد بهم قوله إثبت أمر من ثبت قوله أحد بضم الدال منادى قد حذف حرف ندائه
تقديره يا أحد قوله صديق هو أبو بكر قوله وشهيدان هما عمر وعثمان
6763 - حدثني ( أحمد بن سعيد أبو عبد الله ) حدثنا ( وهب بن جرير ) حدثنا ( صخر )
عن ( نافع ) أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله بينما
أنا على بئر أنزع منها جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبا أو
ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر فاستحالت في
يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه فنزع حتى ضرب الناس بعطن قال وهب العطن
مبرك الإبل يقول حتى رويت الإبل فأناخت
وجه المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث إن فيه إشارة إلى أن الخلافة بعده لأبي بكر
رضي الله تعالى عنه وتقديمه على عمر وغيره يدل على أنه أفضل منه
وأحمد بن سعيد بن إبراهيم أبو عبد الله المروزي المعروف بالرباطي مات يوم عاشوراء
أو النصف من محرم سنة ست وأربعين ومائتين وروى عنه مسلم أيضا وصخر بفتح الصاد
المهملة وسكون الخاء المعجمة ابن جويرية بالجيم أبو رافع النميري يعد في البصريين
والحديث مضى قبل باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ( البقرة 641 )
الحديث في أواخر علامات النبوة
قوله بينا أنا على بئر أي في المنام وقال البيضاوي البئر إشارة إلى الدين الذي هو
منبع ماء حياة النفوس قوله رويت بكسر الواو يعني أن معنى قوله حتى ضرب الناس بعطن
حتى رويت الإبل فأناخت
7763 - حدثني ( الوليد بن صالح ) حدثنا ( عيسى بن يونس ) حدثنا ( عمر بن سعيد بن
الحسين المكي ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال
إني لواقف أبي في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره إذا رجل من
خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك
لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله يقول كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر
وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت فإذا هو علي بن
أبي طالب ( الحديث 7763 - طرفه في 5863 )
وجه المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث إنه يدل على فضل الشيخين ولكن الغرض منه
منقبة أبي بكر لفضله على عمر وغيره لتقدمه في كل شيء حتى في ذكره
والوليد بن صالح الفلسطيني النخاس بالنون والخاء المعجمة الضبي مولاهم البغدادي
فيه كلام لأن أحمد لم يكتب عنه قيل لأنه كان من أصحاب الرأي فرآه يصلي فلم تعجبه
صلاته وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق
السبيعي الهمداني الكوفي وعمر بضم العين ابن سعيد
(16/191)
ابن أبي حسين النوفلي القرشي
المكي وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة المكي
قوله لواقف اللام فيه للتأكيد مفتوحة قوله وقد وضع الواو فيه للحال قوله رحمك الله
الخطاب فيه لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله لأرجو اللام فيه هي الفارقة
بين أن المخففة والنافية قوله وأبو بكر عطف على الضمير المتصل بدون التأكيد وفيه
خلاف بين البصريين والكوفيين فالحديث يرد على المانعين بدون التأكيد
8763 - حدثني ( محمد بن يزيد الكوفي ) حدثنا ( الوليد ) عن ( الأوزاعي ) عن ( يحيى
بن أبي كثير ) عن ( محمد بن إبراهيم ) عن ( عروة بن الزبير ) قال سألت ( عبد الله
بن عمرو ) عن ( أشد ما صنع المشركون ب ) رسول الله قال رأيت عقبة بن أبي معيط جاء
إلى النبي وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء أبو بكر حتى دفعه
عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ( غافر 82 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فجاء أبو بكر حتى دفعه عه إلى آخره
ومحمد بن يزيد من الزيادة البزاز بتشديد الزاي الأولى الكوفي كذا قاله الكرماني
رحمه الله وقال بعضهم قيل هو أبو هاشم الرفاعي وهو مشهور بكنيته وقال الحاكم
والكلاباذي هو غيره ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري محمد بن كثير وهو وهم نبه
عليه أبو علي الجياني لأن محمد بن كثير لا تعرف له رواية عن الوليد وهو الوليد بن
مسلم وقال أبو علي هكذا هذا الإسناد في رواية أبي زيد وأبي أحمد عن الفربري محمد
بن يزيد والقول قول أبي زيد ومن تابعه والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو ويحيى بن أبي
كثير اليمامي الطائي واسم أبي كثير صالح من أهل البصرة سكن اليمامة ومحمد بن
إبراهيم بن الحارث أبو عبد الله التيمي القرشي المديني مات سنة عشرين ومائة
والحديث يأتي في باب ما لقي النبي وأصابه من المشركين بمكة من وجه آخر عن الوليد
بن مسلم
قوله عقبة بن أبي معيط بضم الميم وفتح العين المهملة الأموي قتل يوم بدر كافرا بعد
انصرافه منه بيوم
وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه
6 -
( باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عمر بن الخطاب وفي غالب النسخ ليست فيه لفظ باب هكذا
مناقب عمر بن الخطاب أي هذا مناقب عمر بن الخطاب والمناقب جمع منقبة وقد مر بيانها
وعمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب
بن لؤي بن غالب القرشي العدوي أبو حفص أمير المؤمنين وامه حنتمة بفتح الحاء
المهملة وسكون النون ويقال خيثمة بالخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح
الثاء المثلثة ثم بالميم وهو الأشهر والأول أصح وهي بنت هاشم ذي الرمحين ابن
المغيرة بن عبيد الله بن عمر بن مخزوم والنبي هو الذي كناه بأبي حفص وكانت حفصة
أكبر أولاده ولقبه الفاروق بالاتفاق قيل أول من لقبه به النبي رواه ابن سعد من
حديث عائشة وقيل أهل الكتاب أخرجه ابن سعد عن الزهري وقيل جبريل عليه الصلاة و
السلام ذكره البغوي
176 - ( حدثنا حجاج بن منهال حدثنا عبد العزيز الماجشون حدثنا محمد بن المنكدر عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا
بالرميصاء امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة فقلت من هذا فقال هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه
جارية فقلت لمن هذا فقال لعمر فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر
بأمي وأبي يا رسول الله أعليك أغار )
(16/192)
مطابقته للترجمة في قوله ورأيت
قصرا إلى آخره وحجاج بن منهال بكسر الميم وسكون النون السلمي الأنماطي البصري وعبد
العزيز هو ابن عبد الله بن أبي سلمة وفي رواية أبي ذر عبد العزيز بن الماجشون
بزيادة لفظ ابن وقد مر تفسير الماجشون وهو لقب جده ويلقب به أولاده والحديث أخرجه
مسلم في الفضائل عن محمد بن الفرج وأخرجه النسائي في المناقب عن نصير بن الفرج
قوله رأيتني أي رأيت نفسي ودخلت الجنة جملة حالية قوله فإذا كلمة إذا المفاجأة
قوله بالرميصاء وهو مصغر الرمصاء مؤنث الأرمص بالراء والصاد المهملة ولقبت بها
لرمص كان بعينها واسمها سهلة وقيل رميلة وقيل غير ذلك وقيل هو اسمها ويقال فيه
بالغين المعجمة بدل الراء وهي بنت ملحان بكسر الميم وبالحاء المهملة ابن خالد بن
زيد الأنصارية زوجة أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري وهي أم أنس بن مالك خالة رسول
الله من الرضاعة وهي أخت أم حرام بنت ملحان وقال أبو داود هو اسم أخت أم سليم من
الرضاعة وجوز ابن التين أن يكون المراد امرأة أخرى لأبي طلحة قوله خشفة بفتح
المعجمتين والفاء أي حركة وزنا ومعنى قاله بعضهم وفي التوضيح هو بفتح الخاء وسكون
الشين وحكى شمر فتحها أيضا وقال الكرماني بفتح الخاء وسكون الشين الحس والحركة
وقال أبو عبيد الخشفة الصوت ليس بالشديد يقال خشف يخشف خشفا إذا سمعت له صوتا أو
حركة وقيل وأصله صوت دبيب الحيات وقال الفراء الخشفة الصوت للواحد والخشفة الحركة
إذا وقع السيف على اللحم ومعنى الحديث هنا ما يسمع من حس وقع القدم قوله فقال هذا
بلال القائل يحتمل أن يكون جبريل عليه الصلاة و السلام أو ملكا من الملائكة ويحتمل
أن يكون بلالا نفسه قوله بفنائه بكسر الفاء وبالمد ما امتد مع القصر من جوانبه من
خارج وقال الداودي قد يقال للقصر نفسه فناء قوله فقال لعمر وفي رواية الكشميهني
فقالوا القائل أما جبريل كما قلنا والقائلون جمع من الملائكة ويروى فقالت أي
الجارية قوله بأبي وأمي أي أنت مفدى بهما أو أفديك بهما قوله أعليك أغار هذا من
القلب لأن الأصل أعليها أغار منك وقال الكرماني والأصل أن يقال أمنك أغار عليها ثم
أجاب بأن لفظ عليك ليس متعلقا بقوله أغار بل معناه أمستعليا عليك أغار عليها مع أن
كون الأصل ذلك ممنوع فلا محظور فيه -
0863 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( الليث ) قال حدثني ( عقيل ) عن ( ابن
شهاب ) قال أخبرني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال (
بينا نحن عند ) رسول الله إذ قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ
إلى جانب قصر فقلت لمن هاذا القصر فقالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر
وقال أعليك أغار يا رسول الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة وعقيل بضم العين والحديث قد مضى في
باب ما جاء في صفة الجنة بهذا الإسناد والمتن ومضى الكلام فيه هناك
2863 - حدثنا ( محمد بن عبد الله بن نمير ) حدثنا ( محمد بن بشر ) حدثنا ( عبيد
الله ) قال حدثني ( أبو بكر بن سالم ) عن ( سالم ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي
الله تعالى عنهما أن النبي قال
(16/193)
أريت في المنام أني أنزع بدلو
بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا والله يغفر له ثم جاء
عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد الله هو ابن عمر العمري وأبو بكر بن سالم هو ابن عبد
الله بن عمر وهو من أقران الراوي عنه وهما مدنيان من صغار التابعين وأما أبو سالم
فمعدود من كبارهم وهو أحد الفقهاء السبعة وليس لأبي بكر بن سالم في البخاري غير
هذا الموضع وثقه العجلي ولا يعرف له راو إلا عبيد الله بن عمر المذكور وإنما أخرج
له البخاري في المتابعات
والحديث مضى من طريق الزهري عن سالم ومضى في فضل أبي بكر من طريق صخر عن نافع عن
ابن عمر ومضى فيه أيضا من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة نحوه
قوله بدلو بكرة بإضافة الدلو إلى البكرة بإسكان الكاف وحكي فتحها وقيل بكرة مثلثة
الباء قلت البكرة بإسكان الكاف على أن المراد نسبة الدلو إلى الأنثى من الإبل وهي
الشابة أي الدلو التي يستقي بها وأما بتحريك الكاف فالمراد الخشبة المستديرة التي
تعلق فيها الدلو
قال ابن جبير العبقري عتاق الزرابي وقال يحيى الزرابي الطنافس لها خمل رقيق مبثوثة
كثيرة
ابن جبير هو سعيد بن جبير وهذا تعليق وصله عبد بن حميد من طريقه قوله عتاق الزرابي
أي حسان الزرابي وهو جمع عتيق وهو الكريم الرائع من كل شيء ووقع في رواية الأصيلي
وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر هنا قال ابن نمير والمراد به محمد بن عبد الله بن
نمير شيخ البخاري فيه وقال الكرماني هو أولى إذ هو الراوي له قوله وقال يحيى قال
الكرماني أي القطان إذ هو أيضا راوي هذا الحديث ومر آنفا في مناقب أبي بكر وقال
بعضهم هو يحيى بن زياد الفراء ذكر ذلك في ( كتاب معاني القرآن ) له وظن الكرماني
أنه يحيى بن سعيد القطان فجزم بذلك واستند إلى كون الحديث ورد في روايته كما تقدم
في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه قلت استناد الكرماني أقوى ولا يلزم من ذكر
الفراء الزرابي في كتابه أن يكون يحيى المذكور ها هو الفراء بل الأقرب ما قاله
الكرماني لأن كثيرا من الرواة يفسرون ما وقع في ألفاظ الأحاديث التي يروونها قوله
الطنافس جمع طنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء البساط الذي
له خمل رقيق والخمل بفتح الخاء المعجمة والميم بعدها لام الأهداب قوله رقيق أي غير
غليظة قوله مبثوثة أشار به إلى ما في قوله تعالى وزرابي مبثوثة ( الغاشية 61 )
وفسرها بقوله كثيرة وقال بعضهم هو بقية كلام يحيى بن زياد المذكور قلت هذه دعوى
بلا دليل بل الظاهر أنه من كلام البخاري ولهذا قال هو ثم استطرد المصنف كعادته
فذكر معنى صفة الزرابي الواردة في القرآن في قوله تعالى وزرابي مبثوثة ( الغاشية
61 ) وكلامه هذا يدل على أنه من كلام البخاري وأنه يرد عليه نسبته إلى يحيى فافهم
3863 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) قال حدثني أبي عن (
صالح ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عبد الحميد ) أن ( محمد بن سعد ) أخبره أن أباه
قال حدثني ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن (
ابن شهاب ) عن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن زيد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن
أبيه قال استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه
عالية أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب فأذن له رسول
الله فدخل
(16/194)
عمر ورسول الله يضحك فقال عمر
أضحك الله سنك يا رسول الله فقال النبي عجبت من هاؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن
صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ثم قال عمر يا عدوات
أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ت فقلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله فقال
رسول الله إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا
سلك فجا غير فجك ( انظر الحديث 4923 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله والذي نفسي بيده إلى آخره
وأخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن علي بن عبد الله عن يعقوب بن إبراهيم عن
أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح ابن كيسان عن محمد
بن مسلم بن شهاب الزهري عن ( عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد ) بن الخطاب كان
واليا لعمر ابن عبد العزيز على الكوفة يروي عن ( محمد بن سعد بن أبي وقاص ) وكلهم
مدنيون وفيه أربعة من التابعين على نسق وهم صالح وابن شهاب وهما قريبان وعبد
الحميد ومحمد بن سعد وهما قريبان وقد مر الحديث بهذا الطريق في باب صفة إبليس
وجنوده والطريق الآخر عن عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني عن
إبراهيم بن سعد المذكور عن صالح بن كيسان إلى آخره
قوله وعندن نسوة من قريش هن من أزواجه ويحتمل أن يكون معهن من غيرهن لكن قرينة
كونهن يستكثرنه يؤيد الأول والمراد أنهن يطلبن منه أكثر مما يعطيهن كذا قاله بعضهم
وقال النووي يستكثرنه أي يطلبن كثيرا من كلامه وجوابه لجوابهن وفي ( التوضيح )
يستكثرنه يردن العطاء وقد أبان في موضع آخر ذلك أنهن يردن النفقة وقال الداودي
المراد أنهن يكثرن الكلام عنده وقال بعضهم هو مردود بما وقع التصريح به في حديث
جابر عند مسلم أنهن يطلبن النفقة قلت الذي قاله النووي أظهر لأن الضمير المنصوب في
يستكثرنه يرجع إلى الكلام الذي يدل عليه يكلمنه وثمة قرينة تؤيد هذا وهو أن عمر
رضي الله تعالى عنه لم يكن يرى بالخطاب لأزواج النبي بقوله أي عدوات أنفسهن في
حضرة النبي بل الظاهر أنهن غير أزواج النبي جئن لأجل حوائجهن كما قاله النووي
وأكثرن الكلام كما قاله الداودي ورد كلامه ليس له وجه ولا يصلح أن يكون حديث جابر
مؤيدا لما ذهب إليه هذا القائل لأن حديث سعيد غير حديث جابر ولئن سلمنا أن يكون
معناهما واحدا فلا يلزم من قوله يطلبن النفقة أن تكون تلك النسوة أزواج النبي
لاحتمال أن تكون أزواج تلك النسوة غائبين ولم يكن عندهن شيء فجئن إلى النبي وطلبن
منه النفقة وأيضا لفظ النفقة غير مخصوص بنفقة الزوجات على ما لا يخفى قوله عالية
بالنصب على الحال ويجوز بالرفع على أن يكون صفة لنسوة وأما علو أصواتهن فإما أنه
كان قبل نزول قوله تعالى ولا ترفعوا أصواتكم ( الحجرات 2 ) وإما أنه كان باعتبار
اجتماع أصواتهن لا أن كلام كل واحدة منهن بانفرادها أعلى من صوته قوله فبادرن أي
أسرعن قوله أضحك الله سنك لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك بل أراد لازمه وهو السرور
والفرح قوله يهبنني بفتح الهاء أي يوقرنني ولا يوقرن رسول الله قوله أفظ وأغلظ من
الفظاظة والغلاظة وهما من أفعل التفضيل وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل فإن قلت كيف
ذاك في النبي قلت باعتبار القدر الذي في النبي من إغلاظه على الكفار وعلى
المنتهكين لحرمات الله تعالى فإن قلت يعارض هذا قوله تعالى ولو كنت فظا غليظ القلب
لانفضوا من حولك ( آل عمران 3 ) قلت الذي في الآية يقتضي أن لا يكون ذلك صفة لازمة
فلا يستلزم ما في الحديث ذلك بل يوجد ذلك عند الإنكار على الكفار كما ذكرناه وقال
بعضهم وجوز بعضهم أن يكون الأفظ هنا بمعنى الفظ وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي
لكون أفعل على بابه قلت أراد بالبعض الكرماني فإنه قال هكذا وليس بمحل للنظر فيه
لأن هذا الباب واسع في كلام العرب قوله إيها بكسر الهمزة وسكون الباء آخر الحروف
وبالهاء المفتوحة المنونة ويروى إيه بكسر الهمزة وكسر الهاء
(16/195)
المنونة والفرق بينهما أن معنى
الأول لا تبتدئنا بحديث ومعنى الثاني زدنا حديثا ما وفيه لغة أخرى وهي إيه بكسر
الهمزة والهاء بغير تنوين ومعناه زدنا مما عهدنا وال الجوهري إيه يعني بكسر الهمزة
والهاء بغير تنوين اسم يسمى به الفعل لأن معناه الأمر تقول للرجل إذا استزدته من
حديث أو عمل إيه بكسر الهاء وقال ابن السكيت فإن وصلت نونت فقلت إيه حديثا وقال
الجوهري أيضا وإن أردت التبعيد قلت إيها بفتح الهمزة بمعنى هيهات وقال ابن الأثير
إيه كلمة يراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت فقلت إيه حديثا
وإذا قلت إيها بالنصب فإنما يراد بها نأمره بالسكوت وقال الطيبي الأمر بتوقير رسول
الله مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه فكأن قوله إيه استزادة منه في طلب توقيره
وتعظيم جانبه فلذلك عقبه بقوله والذي نفسي بيده إلى آخره فإنه يشعر بأنه رضي
مقالته وحمد فعاله قوله فجا أي طريقا واسعا
وفيه فضيلة عظيمة لعمر رضي الله تعالى عنه لأن هذا الكلام يقتضي أن لا سبيل
للشيطان عليه إلا أن ذلك لا يقتضي وجوب العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان من أن
يشاركه في طريق يسلكها ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته هكذا
قرره بعضهم قلت هذا موضع التأمل لأن عدم سلوكه الطريق الذي يسلك فيه عمر رضي الله
تعالى عنه إنما كان لأجل خوفه لا لأجل معنى آخر والدليل عليه ما رواه الطبراني في
( الأوسط ) من حديث حفصة بلفظ إن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه انتهى
فالذي يكون حاله مع عمر هكذا كيف لا يمنع من الوصول إليه لأجل الوسوسة وتمكن
الشيطان من وسوسة بني آدم ما هو إلا بأنه يجري في عروق بني آدم مثل ما يجري الدم
فالذي يهرب منه ويخر على وجهه إذا رآه كيف يجد طريقا إليه وما ذاك إلا خاصة له
وضعها الله فيه فضلا منه وكرما وبهذا لا ندعي العصمة لأنها من خواص الأنبياء عليهم
الصلاة والسلام
4863 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) حدثنا ( قيس ) قال
قال ( عبد الله ) ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر رضي الله تعالى عنه ( الحديث 4863 -
طرفه في 3683 )
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو ابن سعيد القطان وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو
ابن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأخرجه البخاري أيضا في
إسلام عمر رضي الله تعالى عنه عن محمد بن كثير عن سفيان
قوله ما زلنا أعزة إلى آخره لما فيه من الجلد والقوة في أمر الله تعالى وروى ابن
أبي شيبة والطبراني من طريق القاسم بن عبد الرحمن قال قال عبد الله بن مسعود كان
إسلام عمر عزا وهجرته نصرا وإمارته رحمة والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت
ظاهرين حتى أسلم عمر رضي الله تعالى عنه
5863 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) حدثنا ( عمر بن سعيد ) عن ( ابن أبي
مليكة ) أنه سمع ( ابن عباس ) يقول وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون
قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي فترحم على عمر وقال
ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك
الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيرا أسمع النبي يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت
أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ( انظر الحديث 7763 )
مطابقته للترجمة في قوله ذهبت أنا وأبو بكر وعمر إلى آخره وعبدان لقب عبد الله بن
عثمان بن جبلة وعبد الله هو ابن المبارك وعمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي القرشي
المكي وابن أبي مليكة بضم الميم عبد الله بن أبي مليكة وقد مر هؤلاء غير مرة
والحديث مر عن قريب في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن الوليد بن صالح عن عيسى
بن يونس عن عمر بن سعيد
(16/196)
إلى آخره ومر الكلام فيه هناك
قوله وضع عمر على سريره يعني لأجل الغسل قوله فتكنفه الناس بالنون والفاء أي
أحاطوا به من جميع جوانبه والأكناف النواحي قوله فلم يرعني بضم الراء أي لم يخوفني
ولم يفجأني قوله آخذ على وزن فاعل وفي رواية الكشميهني أخذ بلفظ الفعل الماضي قوله
فإذا علي أي فإذا هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكلمة إذا للمفاجأة قوله
أحب بالنصب والرفع قاله الكرماني وغيره ولم يذكر أحد وجههما قلت أما النصب فعلى
أنه صفة لأحد وأما الرفع فعلى أنه يكون خبر مبتدأ محذوف قوله وأيم الله أي يمين
الله قوله مع صاحبيك أراد بهما النبي وأبا بكر قوله وحسبت أني يجوز بفتح الهمزة
وكسرها وأما الفتح فعلى أنه مفعول حسبت وأما الكسر فعلى الاستئناف التعليلي أي كان
في حسابي لأجل سماعي قول رسول الله
6863 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) قال وقال لي ( خليفة
) حدثنا ( محمد ابن سواء وكهمس بن المنهال ) قالا حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن
( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال ( صعد ) النبي إلى أحد ومعه أبو بكر وعمر
وعثمان فرجف بهم فضربه برجله قال اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان (
انظر الحديث 5763 وطرفه )
مطابقته للترجمة في ذكر عمر وأخرجه من طريقين أحدهما عن مسدد بن مسرهد عن يزيد بن
زريع بضم الزاي وفتح الراء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس والآخر بطريق
المذاكرة عن خليفة بن خياط أحد شيوخه عن محمد بن سواء بفتح السين المهملة وتخفيف
الواو وبالمد الضريري السدوسي مات سنة سبع وثمانين ومائة يروي هو وكهمس بن المنهال
كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وليس لكهمس في البخاري غير هذا
الموضع وسقط جميع ذلك من رواية أبي ذر واقتصر فيه على طريق يزيد بن زريع
وقد مر الحديث في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن يحيى عن سعيد
عن قتادة
قوله إثبت أحد يعني يا أحد قوله أو شهيد كان مقتضى الظاهر أن يقول شهيدان ولكن
معناه ما عليك غير هؤلاء الأجناس أي لا يخلو عنهم وقيل شهيد فعيل يستوي فيه المثنى
والجمع ويروى إلا نبي وصديق بالواو أو شهيد بأو لأن فيه تغيير الأسلوب للإشعار
بمغايرة حالهما لأن النبوة والصديقية حاصلتان حينئذ بخلاف الشهادة والأولان حقيقة
والثاني مجاز ويروى بلفظ أو فيهما كما في المتن هنا وقيل أو بمعنى الواو
7863 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال حدثني ( عمر ) هو (
ابن محمد ) أن ( زيد بن أسلم ) حدثه عن أبيه قال سألني ( ابن عمر ) عن بعض ( شأنه
) يعني ( عمر فأخبرته ) فقال ( ما رأيت أحدا قط بعد ) رسول الله من حين قبض كان
أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب
مطابقته للترجمة في قوله ما رأيت أحدا إلى آخره
ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي سكن مصر وابن وهب هو عبد الله ابن وهب المصري
وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وزيد بن
أسلم أبو أسامة يروي عن أبيه أسلم مولى عمر بن الخطاب يكنى أبا خالد كان من سبي
اليمن قال الواقدي أبو زيد الحبشي البجاوي بفتح الباء الموحدة وتخفيف الجيم
وبالواو من بجاوة من سبي اليمن اشتراه عمر بن الخطاب بمكة سنة إحدى عشرة لما بعثه
أبو بكر الصديق ليقيم للناس الحج مات قبل مروان بن الحكم وهو صلى عليه وهو ابن
أربع عشرة ومائة سنة
قوله عن بعض شأنه أي عن بعض شأن عمر قوله فقال أي ابن عمر قوله بعد رسول الله أي
بعده في هذه الخصال أو بعد موته قوله أحد بفتح الجيم وتشديد الدال أفعل التفضيل من
جد إذا اجتهد يعني أجد في الأمور قوله وأجود أفعل أيضا من الجود يعني
(16/197)
ولا أجود في الأموال قوله حتى
انتهى من عمر بن الخطاب يعني حتى انتهى إلى آخر عمره حاصله أنه لم يكن أحد أجد منه
ولا أجود في مدة خلافته
8863 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) رضي
الله تعالى عنه أن رجلا ( سأل ) النبي عن الساعة فقال متى الساعة قال وماذا أعددت
لها قال لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله فقال أنت مع من أحببت قال أنس فما فرحنا
بشيء فرحنا بقول النبي أنت مع من أحببت قال أنس فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر
وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قول أنس فإنه قرن أبا بكر وعمر بالنبي في العمل
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن أبي الربيع
قوله أن رجلا قيل هذا الرجل هو ذو الخويصرة اليماني وزعم ابن بشكوال أنه أبو موسى
الأشعري أو أبو ذر وسيأتي في الأدب من طريق آخر عن أنس أن السائل هنا أعرابي ووقع
عند الدارقطني من حديث ابن مسعود أن الأعرابي الذي بال في المسجد قال يا محمد متى
الساعة فقال وما أعددت لها قال بعضهم فدل على أن السائل في حديث أنس هو الأعرابي
الذي بال في المسجد قلت لا دليل واضح هنا لاحتمال تعدد السائلين قوله فما فرحنا
بكسر الراء بصيغة الفعل الماضي قوله فرحنا بفتح الراء والحاء مصدر أي كفرحنا
وانتصابه بنزع الخافض قوله معهم أي مع النبي وأبي بكر وعمر فإن قلت الدرجات
متفاوتة فكيف يكون أنس في درجة النبي ومعه قلت المراد المعية في الجنة أي أرجو أن
أكون في دار الثواب لا العقاب ونحن أيضا نحبهم ونرجو ذلك من الله الكريم
9863 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( أبي سلمة )
عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله لقد كان فيما قبلكم من
الأمم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر زاد زكرياء بن أبي زائدة عن سعد عن أبي
سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لقد كان فيمن كان قبلكم من
بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر (
انظر الحديث 9643 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن
أبيه سعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه ومضى هذا في باب ما
ذكر عن بني إسرائيل فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز ابن عبد الله عن إبراهيم بن سعد
عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة إلى آخره وأصحاب إبراهيم بن سعد كلهم رووا بهذا
الإسناد عن أبي هريرة إلا عبد الله بن وهب فإنه خالفهم فقال عن إبراهيم بن سعد
بهذا الإسناد عن أبي سلمة عن عائشة قال أبو مسعود لا أعلم أحدا تابع ابن وهب على
هذا والمعروف عن أبي هريرة لا عن عائشة وزكرياء بن أبي زائدة ذكره كما ذكره
البخاري كما يأتي الآن فإن قلت قال محمد بن عجلان عن سعيد بن إبراهيم عن أبي سلمة
عن عائشة أخرجه مسلم والترمذي والنسائي قلت قال أبو مسعود وهو مشهور عن ابن عجلان
فكان أبا سلمة سمعه من عائشة ومن أبي هريرة جميعا قوله زاد زكرياء إلى آخره معلق
وفي روايته زيادتان إحداهما بيان كونهم من بني إسرائيل والأخرى تفسير المراد
بالمحدث في رواية غيره فإنه قال بدلها يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء وتعليق
زكرياء وصله الإسماعيلي وأبو نعيم في ( مستخرجيهما )
قوله محدثون ويروى ناس محدثون وقد مر تفسير محدثون هناك قوله لقد كان
(16/198)
قبلكم ويروى لقد كان فيمن كان
قبلكم قوله يكلمون قال الكرماني يعني الملائكة تكلمهم فعلى هذا يكلمون على صيغة
المجهول قوله فإن يكن من أمتي ويروى في أمتي قوله أحد وفي رواية الكشميهني من أحد
قوله فعمر أي فهو عمر وكلمة إن ليست للشك فإن أمته أفضل الأمم فإذا كان موجودا
فبالأولى أن يكون في هذه الأمة بل للتأكيد كقول الأجير إن عملت لك فوفني حقي
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما من نبي ولا محدث
أشار بهذا إلى قراءة ابن عباس في قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
إلا إذا تمنى ( الحج 25 ) الآية فإنه زاد فيها ولا محدث وأخرجه عبد بن حميد من
حديث عمرو بن دينار قال كان ابن عباس يقرأ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا
محدث
0963 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثنا ( عقيل ) عن ( ابن شهاب
) عن ( سعيد ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) قالا ( سمعنا أبا هريرة ) رضي
الله تعالى عنه يقول قال رسول الله بينما راع في غنمه عدا الذئب فأخذ منها شاة
فطلبها حتى استنقذها فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع ليس لها راع غيري
فقال الناس سبحان الله فقال النبي فإني أومن به وأبو بكر وعمر وما ثم أبو بكر وعمر
هذا الحديث مضى في مناقب أبي بكر فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري
إلى آخره وذكر فيه قصة البقرة ومضى الكلام فيه هناك
1963 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال
أخبرني ( أبو أمامة بن سهل بن حنيف ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه
قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما
يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص اجتره قالوا فما أولته
يا رسول الله قال الدين
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضيلة عمر رضي الله تعالى عنه والحديث مضى في كتاب
الإيمان في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال فإنه أخرجه هناك عن محمد بن عبيد
الله عن إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله قمص بضم الميم وسكونها جمع قميص قوله الثدي بضم الثاء المثلثة وكسر الدال
وتشديد الياء جمع ثدي قوله اجتره يعني يسحبه لطوله قوله قالوا أي الحاضرون من
الصحابة وسيأتي في التعبير أن السائل في ذلك أبو بكر رضي الله تعالى عنه فإن قلت
يلزم منه أن يكون عمر أفضل من أبي بكر قلت خص أبو بكر من عموم قوله عرض علي الناس
ويحتمل أن أبا بكر لم يكن في الذين عرضوا والله أعلم
2963 - حدثنا ( الصلت بن محمد ) حدثنا ( إسماعيل بن إبراهيم ) حدثنا ( أيوب ) عن (
ابن أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) قال ل ( ما طعن عمر جعل يألم ) فقال له (
ابن عباس وكأنه يجزعه يا أمير ) المؤمنين ( ولئن ) كان ( ذاك لقد صحبت ) رسول الله
فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبا بكر فأحست صحبته ثم فارقته وهو
عنك راض ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون قال
أما ما ذكرت من صحبة
(16/199)
رسول الله ورضاه فإنما ذاك من
من الله تعالى من به علي وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من من الله
جل ذكره من به علي وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي
طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز و جل قبل أن أراه قال حماد بن زيد
حدثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس دخلت على عمر بهذا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لقد صحبت رسول الله إلى قوله أما ما ذكرت من صحبة
رسول الله وذلك أن له فضلا عظيما من حيث إنه صحب رسول الله وفارقه وهو عنه راض
وكذلك مع أبي بكر وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم
والصلت بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وبالتاء المثناة من فوق ابن محمد بن عبد
الرحمن أبو همام الخاركي بالخاء المعجمة وبالراء البصري وهو من أفراده وإسماعيل بن
إبراهيم هو إسماعيل بن علية وعلية بضم العين أمه وقد مرت غير مرة وأيوب هو
السختياني وابن أبي مليكة بضم الميم هو عبد الله والمسور بن مخرمة بكسر الميم في
الإبن وفتحها في الأب ولهما صحبة والحديث من أفراده
قوله لما طعن عمر طعنه أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة ضربه في خاصرته وهو في صلاة
الصبح يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قوله وكأنه يجزعه أي
وكأن ابن عباس يجزعه بضم الياء وفتح الجيم وتشديد الزاي أي ينسبه إلى الجزع ويلومه
وقيل معناه يزيل عنه الجزع كما في قوله تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم ( سبإ 32 ) أي
أزيل عنهم الفزع قوله ولئن كان ذاك هكذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني
ولا كل ذلك أي لا تبالغ في الجزع فيما أنت فيه وقال الكرماني ولا كان ذلك هكذا
قاله ثم قال هذا دعاء أي لا يكون ما تخاف منه من العذاب ونحوه أو لا يكون الموت
بهذه الطعنة قوله ثم فارقته أي ثم فارقت رسول الله هذه رواية الكشميهني وفي رواية
غيره ثم فارقت بحذف الضمير المنصوب قوله وهو عنك راض الواو فيه للحال قوله ثم صحبت
صحبتهم بفتح الصاد والحاء وهو جمع صاحب وأراد به أصحاب النبي وأبي بكر قال بعضهم
هذا في رواية بعضهم وفيه نظر للإتيان بصيغة الجمع في موضع التثنية قلت لا يتوجه
النظر فيه أصلا بل الموضع موضع ذكر الجمع لأن المراد أصحاب النبي وأبو بكر وقال
عياض يحتمل أن يكون الأصل ثم صحبتهم فزيد فيه صحبة الذي هو الجمع قوله فإن ذلك من
بفتح الميم وتشديد النون أي عطاء وفي رواية الكشميهني فإنما ذلك قوله فهو من أجلك
أي جزعي من أجلك وأجل أصحابك قال ذلك لما شعر من فتن تقع بعده وفي رواية أبي ذر عن
الحموي والمستملي أصيحابك بالتصغير قوله طلاع الأرض بكسر الطاء المهملة وتخفيف
اللام أي ملء الأرض قال الهروي أي ما يملأ الأرض حتى يطلع ويسيل وقال ابن سيده
طلاع الأرض ما طلعت عليه الشمس وكذا قاله ابن فارس وقال الخطابي طلاعها ملؤها أي
ما يطلع عليها ويشرق فوقها من الذهب قوله قبل أن أراه أي العذاب إنما قال ذلك
لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير فيما يجب عليه من حقوق
الرعية قوله قال حماد بن زيد إلى آخره معلق ووصله الإسماعيلي من رواية القواريري
عن حماد بن زيد
3963 - حدثنا ( يوسف بن موسى ) حدثنا ( أبو أسامة ) قال حدثني ( عثمان بن غياث )
حدثنا ( أبو عثمان النهدي ) عن ( أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه قال ( كنت مع )
النبي في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح فقال النبي افتح له وبشره بالجنة
ففتحت له فإذا هو أبو بكر فبشره بما قال النبي فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال
النبي افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي فحمد الله
ثم استفتح رجل
(16/200)
فقال لي افتح له وبشره بالجنة
على بلوى تصيبه فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم قال الله
المستعان
مطابقته للترجمة ظاهرة ويوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد ومات بها
سنة اثنتين وخمسين ومائتين وهو من أفراده وأبو أسامة حماد بن أسامة الليثي وعثمان
بن غياث بكسر الغين المعجمة وتخفيف الياء وبعد الألف ثاء مثلثة الراسبي ويقال
الباهلي من أهل البصرة وأبو عثمان النهدي بفتح النون عبد الرحمن بن مل والحديث مضى
عن قريب في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن أبي موسى الأشعري مطولا من غير هذا
الوجه ومر الكلام فيه مستوفى قوله المستعان اسم مفعول يقال استعان به واستعان إياه
4963 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال أخبرني ( حيوة ) قال
حدثني ( أبو عقيل زهرة بن معبد ) أنه سمع جده ( عبد الله بن هشام ) قال كنا مع
النبي وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب
مطابقته للترجمة من حيث إن أخذ اليد دليل على غاية المحبة وكمال المودة والاتحاد
ولولا أن في عمر فضلا عظيما لما أخذ النبي يده
ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر وتوفي بها سنة ثمان أو سبع
وثلاثين ومائتين وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وحيوة بفتح الحاء المهملة
والواو بينهما ياء ساكنة آخر الحروف ابن شريح بضم الشين المعجمة أبو زرعة الحضرمي
المصري الفقيه العابد الزاهد مات سنة ثلاث وخمسين ومائة وأبو عقيل بفتح العين
المهملة وكسر القاف زهرة بضم الزاي على المشهور وقيل بفتحها وإسكان الهاء ابن معبد
بفتح الميم القرشي المصري وجده عبد الله بن هشام بن زهرة بن عثمان وهو من أفراد
البخاري وأخرجه أيضا في النذور عن يحيى ابن سليمان أيضا بأتم منه
7 -
( باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد
مناف يجتمع مع النبي في عبد مناف وكنيته أبو عمرو الذي استقر عليه الأمر وفيه
قولان أيضا أبو عبد الله وأبو ليلى وعن الزهري أنه كان يكنى أبا عبد الله بابنه
عبد الله رزقه الله من رقية بنت رسول الله وحكى ابن قتيبة أن بعض من ينتقصه يكنيه
أبي ليلى يشير إلى لين جانبه وقد اشتهر أن لقبه دو النورين وقيل للمهلب بن أبي
صفرة لم قيل لعثمان ذو النورين قال لأنه لم نعلم أحدا أسبل سترا على ابنتي نبي
غيره وروى خيثمة في ( الفضائل ) والدارقطني في ( الأفراد ) من حديث علي رضي الله
تعالى عنه أنه ذكر عثمان فقال ذاك امرأ يدعى في السماء ذو النورين وأمه أروى بنت
كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ابن عبد مناف وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد
المطلب عمة رسول الله
وقال النبي من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان
هذا التعليق مضى في الوقف في باب إذا وقف أرضا أو بئرا عن عبدان عن أبيه عن شعبة
إلى آخره ووصله الدارقطني والإسماعيلي وغيرهما من طريق القاسم بن محمد المروزي عن
عبدان ولفظ البخاري عنه أن عثمان رضي الله تعالى عنه قال ألستم تعلمون أن رسول
الله قال من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرتها الحديث وقد مضى الكلام فيه هناك
مستقصى
وقال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزه عثمان
(16/201)
أي وقال النبي إلى آخره قد مر
في الباب المذكور آنفا في الحديث المذكور فيه وجيش العسرة هو غزوة تبوك وسميت بها
لأنها كانت في زمان شدة الحر وجدب البلاد وفي شقة بعيدة وعد وكثير قوله فجهزه
عثمان أي جهز جيش العسرة وقال الكرماني فجهزه بتسعمائة وخمسين بعيرا وخمسين فرسا
وجاء إلى النبي بألف دينار
5963 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( أيوب ) عن ( أبي عثمان ) عن (
أبي موسى ) رضي الله تعالى عنه أن النبي دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط فجاء
رجل يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن فقال ائذن
له وبشره بالجنة فإذا عمر ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال ائذن له وبشره
بالجنة على بلوى ستصيبه فإذا عثمان بن عفان
مطابقته للترجمة ظاهرة وحماد هو ابن زيد وفي بعض النسخ مذكور وأيوب هو السختياني
وأبو عثمان عبد الرحمن ابن مل وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري والحديث مضى عن
قريب في آخر الباب الذي قبله قوله هنيهة بالتصغير وأصلها من الهنة كناية عن الشيء
من نحو الزمان وغيره وأصلها هنوة وتصغيرها هنية وقد تبدل من الياء الثانية هاء
فيقال هنيهة أي شيء قليل
قال حماد وحدثنا عاصم الأحول وعلي بن الحكم سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى بنحوه
وزاد فيه عاصم أن النبي كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته
فلما دخل عثمان غطاها
حماد هذا هو ابن زيد عند الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر وحده وقال حماد بن سلمة
حدثنا عاصم إلى آخره والأول هو الأصوب وقوله قال حماد متصل بالإسناد الأول وبقية
منه فلذلك ذكره وحدثنا عاصم بالواو وعلي بن الحكم بفتحتين أبو الحكم البناني
البصري مات سنة إحدى وثلاثين ومائة وقد مر في الإجارة في باب عسب الفحل ولما أخرج
الطبراني هذا الحديث قال في آخره قال حماد فحدثني علي بن الحكم وعاصم أنهما سمعا
أبا عثمان يحدث عن أبي موسى نحوا من هذا وأما حديث حماد بن سلمة فقد أخرجه ابن أبي
حثمة في ( تاريخه ) لكن عن علي بن الحكم وحده وأخرجه عن موسى ابن إسماعيل وكذا
أخرجه الطبراني من طريق حجاج بن منهال كلهم عن حماد بن سلمة عن علي بن الحكم وحده
به وليست فيه هذه الزيادة
قوله أو ركبته شك من الراوي ووهم الداودي هذه الرواية فقال هذه الرواية وهم وقد
أدخل بعض الرواة حديثا في حديث إنما أتى أبو بكر إلى رسول الله وهو في بيته منكشف
فخذه فجلس أبو بكر ثم أتى عمر كذلك ثم استأذن عثمان فغطى النبي فخذه فقيل له في
ذلك فقال إن عثمان رجل حيي فإن وجدني على تلك الحالة لم يبلغ حاجته وأيضا فإن
عثمان أولى بالاستحياء لكونه ختنه فزوج البنت أكثر حياء من أبي الزوجة يوضحه إرسال
علي رضي الله تعالى عنه ليسأل عن حكم المذي
6963 - حدثني ( أحمد بن شبيب بن سعيد ) قال حدثني أبي عن ( يونس ) قال ( ابن شهاب
) أخبرني ( عروة ) أن ( عبيد الله بن عدي بن الخيار ) أخبره أن ( المسور بن مخرمة
وعبد الرحمان ابن الأسود بن عبد يغوث ) قالا ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد
فقد أكثر الناس فيه فقصدت لعثما حتى خرج إلى الصلاة قلت إن لي إليك حاجة وهي نصيحة
لك قال يا أيها المرء
(16/202)
قال معمر أراه قال أعوذ بالله
منك فانصرفت فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته فقال ما نصيحتك فقلت إن الله
سبحانه بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ولرسوله فهاجرت
الهجرتين وصحبت رسول الله ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد قال أردكت رسول
الله قلت لا ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها قال أما بعد فإن
الله بعث محمدا بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمنت بما بعث به وهاجرت
الهجرتين كما قلت وصحبت رسول الله وبايعته فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه
الله ثم أبو بكر مثله ثم عمر مثله ثم استخلفت أفليس لي من الحق مثل الذي لهم قلت
بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم أما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه
بالحق إن شاء الله ثم دعا عليا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ثم دعا عليا رضي الله تعالى عنه إلى آخره من حيث إنه
أقام الحد على أخيه فهذا فيه دلالة على مراعاة الحق وفيه منقبة من مناقبه
وأحمد بن شبيب بن سعيد أبو عبد الله الحبطي البصري وأبوه شبيب ابن سعيد يروي عن
يونس بن يزيد روى عنه ابنه هنا وفي الاستقراض مفردا وي غير موضع مقرونا وعروة بن
الزبير وعبيد الله بن عدي بفتح العين المهملة وكسر الدال المهملة ابن الخيار
النوفلي الفقيه والمسور بن مخرمة بفتح الميم في الأب وكسرها في الإبن وقد مرا عن
قريب وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بفتح الياء آخر الحروف وضم الغين المعجمة
وفي آخره ثاء مثلثة القرشي الزهري المديني وهو من أفراد البخاري
قوله ما يمنعك الخطاب لعبيد الله بن عدي وفي رواية معمر عن الزهري التي تأتي في
هجرة الحبشة قالا ما يمنعك أن تكلم خالك لأن عبيد الله هذا هو ابن أخت عثمان بن
عفان قوله لأخيه أي لأجل أخيه وفي رواية الكشميهني في أخيه الوليد بن عقبة وصرح
بذلك في رواية معمر وكان الوليد هذا أخا عثمان لأمه وعقبة هو ابن أبي معيط بن أبي
عمرو بن أمية بن عبد شمس وكان عثمان رضي الله تعالى عنه ولى الوليد الكوفة وكان
عاملا بالجزيرة على عربها وكان على الكوفة سعد بن أبي وقاص وكان عثمان ولاه لما
ولي الخلافة بوصية من عمر رضي الله تعالى عنه وكان عمر قد عزله عن الكوفة كما
ذكرنا ثم عزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى الوليد عليها وكان سبب العزل أن عبد الله
بن مسعود كان على بيت المال في الكوفة فاقترض منه سعد مالا فجاء يتقاضاه فاختصما
فبلغ عثمان فغضب عليهما وعزل سعدا واستحضر الوليد من الجزيرة وولاه الكوفة قوله
فقد أكثر الناس فيه أي في الوليد يعني أكثروا فيه من الكلام في حقه بسبب ما صدر
منه وكان قد صلى بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم فقال أزيدكم
وكان سكرانا وبلغ الخبر بذلك إلى عثمان وترك إقامة الحد عليه فتكلموا بذلك فيه
وأنكروا أيضا عن عثمان عزل سعد بن أبي وقاص مع كونه أحد العشرة ومن أهل الشورى
واجتمع له من الفضل والسن والعلم والدين والسبق إلى الإسلام ما لم يتفق منه شيء
للوليد بن عقبة ثم لما ظهر لعثمان سوء سيرته عزله ولكن أخر إقامة الحد عليه ليكشف
عن حال من يشهد عليه بذلك فلما ظهر له الأمر أمر بإقامة الحد عليه كما نذكره وروى
المدايني من طريق الشعبي أن عثمان لما شهدوا عنده على الوليد حبسه قوله فقصدت
القائل هو عبيد الله بن عدي حاصل المعنى أنه قصد الحضور عند عثمان حتى خرج إلى
الصلاة وفي رواية الكشميهني حين خرج والمعنى على هذه الرواية صادف عبيد الله وقت
خروج عثمان إلى الصلاة وعلى الرواية الأولى أنه جعل قصده منتظرا خروج عثمان قوله
وهي نصيحة لك الواو فيه للحال ولفظه هي ترجع إلى الحاجة قوله قال أي
(16/203)
قال عثمان يا أيها المرء منك يخاطب بذلك عبيد الله بن عدي تقديره أعوذ بالله منك وقد صرح معمر بذلك في روايته في هجرة الحبشة على ما يأتي وأشار إليه ههنا بقوله قال معمر أراه قال أعوذ بالله منك أي قال معمر بن راشد البصري وكان قد سكن اليمن قوله أراه أي أظنه قال أيها المرء أعوذ بالله منك وقال ابن التين إنما استعاذ منه خشية أن يكلمه بشيء يقتضي الإنكار عليه وهو في ذلك معذور فيضيق بذلك صدره قوله فانصرفت أي من عند عثمان رضي الله تعالى عنه قوله فرجعت إليهم أي إلى المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود ومن كان عندهما وفي رواية معمر فانصرفت فحدثتهما أي المسور وعبد الرحمن بن الأسود ومن كان عندهما بالذي قلت لعثمان فقالا قد قضيت الذي عليك قوله إذ جاء رسول عثمان كلمة إذ للمفاجأة وفي رواية معمر فبينما أنا جالس معهما إذ جاء رسول عثمان فقال لي قد ابتلاك الله فانطلقت قوله فأتيته أي فأتيت عثمان فقال ما نصيحتك أراد بها ما في قوله لما جاء إليه وقال له إن لي إليك حاجة وهي نصيحة لك قوله فقلت أشار به إلى تفسير تلك النصيحة بالفاء التفسيرية وهي من قوله أن الله سبحانه إلى قوله أدركت رسول الله قوله وكنت بفتح تاء الخطاب يخاطب به عثمان وكذا بفتح التاء في قوله هاجرت ورأيت وأراد بالهجرتن الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة قوله ورأيت هديه بفتح الهاء وسكون الدال أي رأيت طريقته قوله وقد أكثر الناس في شأن الوليد أي أكثروا فيه الكلام بسبب شربه الخمر وسوء سيرته وزاد معمر في روايته عقيب هذا الكلام وحق عليك أن تقيم عليه الحد قوله قال أدركت رسول الله أي قال عثمان لعبيد الله بن عدي يخاطب بقوله أدركت رسول الله وفي رواية معمر فقال لي يا ابن أختي وفي رواية صالح بن الأخضر عن الزهري عند عمر بن شبه هل رأيت رسول الله قال لا ومراده بالإدراك إدراك السماع والأخذ عنه وبالرؤية رؤية المميز له ولم يرد نفي الإدراك بالعين فإنه ولد في حياة النبي وقال ابن ماكولا ولد على عهد النبي وقتل أبوه يوم بدر كافرا وقال ابن سعد في طبقة الفتحيين والمدائني وعمر بن شبة في ( أخبار المدينة ) إن هذه القصة المحكية ههنا وقعت لعدي ابن الخيار نفسه مع عثمان رضي الله تعالى عنه والله أعلم قوله قلت لا أي ما رأيته ولكن أدركت زمانه قوله خلصبفتح اللام يقال خلص فلان إلى فلان أي وصل إليه وضبطه بعضهم بضم اللام وأنه غير صحيح وفي حديث المعراج فلما خلصت لمستوى أي وصلت وبلغت وقد ضبط بفتح اللام قوله إلى العذراء وهي البكر وأراد عبيد الله بن عدي بهذا الكلام أن علم النبي لم يكن مكتوما ولا خاصا بل كان شائعا ذائعا حتى وصل إلى العذراء المخدرة في بيتها فوصوله إليه مع حرصه عليه بالطريق الأولى قوله كما قلت بفتح التاء خطاب لعبيد الله بن عدي وجه التشبيه فيه بيان حال وصول علم رسول الله يعني كما وصل علم الشريعة إليها من وراء الحجاب فوصوله إليه بالطريق الأحرى قوله ثم أبو بكر مثله أراد ثم صحبت أبا بكر رضي الله تعالى عنه وما عصيته وما غششته مثل ما فعلت مع النبي قوله ثم عمر مثله يعني ثم صحبت عمر أيضا فما فعلت شيئا من ذلك قوله ثم استخلفت على صيغة المجهول قوله أفليس لي الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار أي أفليس لي عليكم من الحق مثل الذي كان لهم علي قوله قلت بلى القائل هو عبيد الله بن عدي قوله فما هذه الأحاديث جمع أحدوثة وهي ما يتحدث به وهي التي كانوا يتكلمون بها من تأخيره إقامة الحد على الوليد قوله ثم دعا عليا هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فأمره أن يجلده أي فأمر عثمان عليا أن يجلد الوليد بن عقبة ويجلده بالضمير المنصوب في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أن يجلد بلا ضميره قوله فجلده ثمانين وفي رواية معمر فجلد الوليد أربعين جلدة قيل هذه الرواية أصح من رواية يونس والوهم فيه من الراوي عنه شبيب بن سعيد والمرجح لرواية معمر ما رواه مسلم من طريق أبي ساسان قال شهدت عثمان أتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران يعني مولى عثمان بن عفان أنه قد شرب الخمر فقال عثمان قم يا علي فاجلده فقال علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن
(16/204)
ول حارها من تولى قارها فكأنه
وجد عليه فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال
أمسك ثم قال جلد النبي أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي
انتهى فإن قلت من الشاهد الآخر الذي لم يسم في هذه الرواية قلت قيل هو الصعب بن
جثامة الصحابي المشهور رواه يعقوب بن سفيان في ( تاريخه ) وعند الطبري من طريق سيف
في ( الفتوح ) أن الذي شهد عليه ولد الصعب واسمه جثامة كاسم جده وفي رواية أخرى أن
ممن شهد عليه أبا زينب بن عوف الأزدي وأبا مورع الأسدي أبو زينب اسمه زهير بن
الحارث بن عوف بن كاسي الحجر وقال أبو عمر من ذكره في الصحابة فقد أخطأ ليس له شيء
يدل على ذلك وأبو المورع
وذكر المسعودي في ( المروج ) أن عثمان قال للذين شهدوا ما يدريكم أنه شرب الخمر
قالوا هي التي كنا نشربها في الجاهلية وذكر الطبري أن الوليد ولي الكوفة خمس سنين
قالوا وكان جوادا فولى عثمان بعده سعيد بن العاص فسار فيهم سيرة عادلة وكانت تولية
عثمان سعيد بن العاص الكوفة في سنة ثلاثين من الهجرة وفتح سعيد هذا طبرستان في هذه
السنة وقال الواقدي لما ولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة وقدمها قال لا أصعد المنبر
حتى تغسلوه من آثار الوليد الفاسق فإنه نجس فاغسلوه ثم ظهرت بعد ذلك من سعيد بن
العاص هنات
واحتج أصحابنا بهذا الحديث أن حد السكران من شرب الخمر وغيرها من الأنبذة ثمانون
جلدة وقال الشافعي أربعون جلدة وبه قال أحمد في رواية لأن النبي ضرب في الخمر
بالجريد والنعال وضرب أبو بكر أربعين قلنا ما رواه كان بجريدتين والنعلين فكان كل
ضربة بضربتين والذي يدل على هذا قول أبي سعيد جلد على عهد رسول الله في الخمر
بنعلين فلما كان في زمن عمر رضي الله تعالى عنه جعل بدل كل نعل سوطا رواه أحمد
7963 - حدثني ( محمد بن حاتم بن بزيع ) حدثنا ( شاذان ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي
سلمة الماجشون ) عن ( عبيد الله ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى
عنهما قال ( كنا في زمن ) النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك
أصحاب النبي لا نفاضل بينهم
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن عثمان أفضل الناس بعد الشيخين ومحمد بن
حاتم بالحاء المهملة وكسر التاء المثناة من فوق ابن بزيع بفتح الباء الموحدة وكسر
الزاي وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة أبو سعيد مات ببغداد في رمضان
سنة تسع وأربعين ومائتين وشاذان بالشين المعجمة والذال المعجمة وفي آخره نون واسمه
الأسود ابن عامر ويلقب بشاذان أصله شامي سكن بغداد وعبد العزيز بن أبي سلمة
الماجشون بكسر الجيم وفتحها وهو بضم النون صفة لعبد العزيز وبكسرها صفة لأبي سلمة
لأن كلا منهما يلقب به وعبيد الله هو ابن عمر العمري
والحديث أخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة عن الأسود بن عامر به
قوله لا نعدل بأبي بكر أحدا أي لا نجعل أحدا مثلا له ثم عمر كذلك ثم عثمان كذلك
قوله ثم نترك أصحاب النبي أرادوا أنهم بعد تفضيل الشيخين وعثمان لا يتعرض لأصحاب
النبي بعدهم بالتفضيل وعدمه وذلك لأنهم كانوا يجتهدون في التفضيل فيظهر لهم فضائل
هؤلاء الثلاثة ظهورا بينا فيجزمون به قوله لا نفاضل أي في نفس الأمر تفسير قوله ثم
نترك يعني لا نحكم بعدهم بتفضيل أحد على أحد ونسكت عنهم وقال الخطابي وجه هذا أنه
أريد به الشيوخ وذوو الأسنان وهم الذين كان رسول الله إذا حزنه أمر شاورهم وكان
علي رضي الله تعالى عنه في زمانه حديث السن ولم ير ابن عمر الإزدراء بعلي رضي الله
تعالى عنه ولا تأخيره عن الفضيلة بعد عثمان لأن فضله مشهور لا ينكره ابن عمر ولا غيره
من الصحابة قلت وقد تقرر عند أهل السنة قاطبة من تقديم علي بعد عثمان ومن تقديم
بقية العشرة المبشرة على غيرهم ومن تقديم
(16/205)
أهل بدر على من لم يشهدها وقال
الكرماني ما ملخصه لا حجة في قوله كنا نترك لأن الأصوليين اختلفوا في صيغة كنا
نفعل لا في صيغة كنا لا نفعل لتصور تقرير السؤال في الأول دون الثاني وعلى تقدير
أن يكون حجة فما هو من العمليات حتى يكفي فيه الظن ولئن سلمنا فقد عارضه ما هو
أقوى منه ثم قال ويحتمل أن يكون ابن عمر أراد أن ذلك كان وقع له في بعض أزمنة
النبي فلا يمنع ذلك أن يظهر بعد ذلك ولئن سلمنا عمومه لكن انعقد الإجماع على
أفضلية علي بعد عثمان انتهى قلت في دعواه الإجماع نظر لأن جماعة من أهل السنة
يقدمون عليا على عثمان رضي الله تعالى عنهما
تابعه عبد الله بن صالح عن عبد العزيز
أي تابع شاذان عبد الله بن صالح كاتب الليث الجهني المصري وقيل عبد الله بن صالح
بن مسلم العجلي الكوفي في روايته عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون بإسناده
المذكور وكلاهما من مشايخ البخاري
8963 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) حدثنا ( عثمان ) هو ( ابن
موهب ) قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هاؤلاء القوم قال
هاؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال يا ابن عمر إني سائلك
عن شيء فحدثني عنه هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم فقال تعلم أنه تغيب عن بدر
ولم يشهد قال نعم قال هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال الله
أكبر قال ابن عمر تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له
وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله وكانت مريضة فقال رسول الله إن لك
أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة
من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان
إلى مكة فقال رسول الله بيده اليمناى هاذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه
لعثمان فقال له ابن عمر اذهب بها الآن معك
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه فضيلة عظيمة لعثمان وهي أن الله عفا عنه وغفر له وحصل
له السهم والأجر وهو غائب ولم يحصل ذلك لغيره وأشار النبي إلى يده اليمنى وقال هذه
يد عثمان وهذا فضل عظيم أعطاه الله إياه
وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وعثمان هو ابن عبد الله
بن موهب بفتح الميم وسكون الواو وضبطه بعضهم كسرها وبعدها باء موحدة تابعي وسط من
طبقة الحسن البصري وهو ثقة باتفاقهم وفي الرواة آخر يقال له عثمان بن موهب تابعي
أيضا بصري لكنه أصغر منه روى عن أنس وروى عنه زيد الحباب وحده أخرج له النسائي
قوله جلوسا أي جالسين قوله قال قريش أي هم قريش ويروى قالوا قريش بصيغة الجمع فعلى
الأول قال واحد من القوم الذين كانوا هناك قوله فمن الشيخ أي الكبير الذي يرجعون
إليه في قوله قوله قالوا عبد الله ابن عمر أي كبيرهم هو عبد الله بن عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنهما قوله هل تعلم إلى آخره مشتمل على ثلاث مسائل سأل ابن عمر
عنها والذي يظهر أنه كان متعصبا على عثمان رضي الله تعالى عنه فلذلك قال الله أكبر
مستحسنا ولكن أراد أن يبين معتقده فيه لما أجاب عبد الله بن عمر عن كل واحدة منها
بجواب حسن مطابق لما كان في نفس الأمر قوله فأشهد أن الله
(16/206)
عفا عنه وغفر له إنما قال ابن
عمر هذه المقالة أخذا من قوله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما
استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ( آل عمران
551 ) قوله يوم التقى الجمعان ( آل عمران 551 ) هو يوم أحد والجمعان النبي مع
أصحابه وأبو سفيان بن حرب مع كفار قريش قوله ببعض ما كسبوا أي ببعض ذنوبهم السالفة
قوله ولقد عفا الله عنهم ( آل عمران 551 ) أي عما كان منهم من الفرار وروى البيهقي
في ( دلائل النبوة ) من حديث عمار بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال انهزم الناس
عن رسول الله يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو
يصعد في الجبل الحديث وقال ابن سعد وثبت رسول الله يعني يوم أحد ما زال يرمي عن
قوسه حتى صارت شظايا وثبت معه عصابة من أصحابه أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين
فيهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وسبعة من الأنصار حتى تحاجزوا وقال البخاري
لم يبق مع رسول الله إلا اثنا عشر رجلا على ما يأتي إن شاء الله تعالى وقال
البلاذري ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي
وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى
عنهم ومن الأنصار الحباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت ابن أبي الأفلح
والحارث بن الصمة وأسيد بن حضير وسعد بن معاذ وقيل وسهل بن حنيف قوله تحته بنت
رسول الله وهي رقية وروى الحاكم في ( المستدرك ) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن
عروة عن أبيه قال خلف النبي عثمان وأسامة بن زيد على رقية في مرضها لما خرج إلى
بدر فماتت رقية حين وصل زيد بن ثابت بالبشارة وكان عمر رقية لما ماتت عشرين سنة
قوله مكانه أي مكان عثمان قوله هذه يد عثمان أي بدلها قوله على يده أي اليسرى قوله
فقال هذه أي البيعة لعثمان أي عن عثمان قوله إذهب بها الآن معك أي إقرن هذا العذر
بالجواب حتى لا يبقى لك فيما أجبتك به حجة على ما كنت تعتقده من غيبة عثمان رضي
الله تعالى عنه وقال الطيبي قاله ابن عمر تهكما به أي توجه بما تمسكت به فإنه لا
ينفعك بعد ما بينت لك
9963 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) أن ( أنسا ) رضي
الله تعالى عنه حدثهم قال ( صعد ) النبي أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف وقال
اسكن أحد أظنه ضربه برجله فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ( انظر الحديث 5763
وطرفه )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وشهيدان لأن أحدهما هو عثمان رضي الله تعالى عنه
وهذا الحديث وقع هنا عند الأكثرين ووقع في رواية أبي ذر والخطيب قبل حديث محمد بن
حاتم بن بزيع عن شاذان في هذا الباب ومر في مناقب أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه
أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن يحيى عن سعيد عن قتادة ومضى الكلام فيه هناك
قوله فرجف أي اضطرب أحد وقال ويروى فقال بالفاء أي فقال النبي قوله أحد بضم الدال
لأنه منادى مفرد وحذف منه حرف النداء وروي حراء فإن صحت رواية أنس بلفظ حراء
فالتوفيق بينهما يكون بالحمل على التعدد ووقع لفظ حراء في حديث أبي هريرة أخرجه
مسلم قال كان رسول الله على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير
فتحركت الصخرة فقال إهدأ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد وفي رواية له وسعد
8 -
( باب قصة البيعة والإتفاق على عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وفيه مقتل عمر
رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان قصة البيعة بعد عمر بن الخطاب واتفاق الصحابة على تقديم عثمان
بن عفان في الخلافة قوله وفيه مقتل عمر بن الخطاب لم يوجد إلا في رواية السرخسي
والبيعة بفتح الباء الموحدة عبارة عن المعاقدة عليه والمعاهدة فإن كل واحد منهما
باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره
(16/207)
73 - 3 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( حصين ) عن ( عمرو بن ميمون ) قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال كيف فعلتما أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض مالا تطيق قالا حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل قال انظرا أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيق قال قالا لا فقال عمر لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب قال إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب وكان إذا مر بين الصفين قال استووا حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فمن يلي عمر فقد رأى الذي أراى وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله فصلى بهم عبد الرحمان صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال يا ابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال غلام المغيرة قال الصنع قال نعم قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة وكان العباس أكثرهم رقيقا فقال إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال كذبت بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول لا بأس وقائل يقول أخاف عليه فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه فعلموا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه وجاء رجل شاب فقال أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله وقدم في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة قال وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض قال ردوا علي الغلام قال ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه قال إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذاالمال انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم
(16/208)
للمؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي فلما أقبل قيل هاذا عبد الله ابن عمر قد جاء قال ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك قال الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت قال الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلم فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا أوص يا أمير المؤمنين استخلف قال ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمان وقال يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجزه ولا خيانة وقال أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيرا الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يعفى عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأمصار خيرا فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الأسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله ابن عمر قال يستأذن عمر بن الخطاب قالت أدخلوه فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هاؤلاء الرهط فقال عبد الرحمان اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي فقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان وقال سعد قد جعلت إمري إلى عبد الرحمان بن عوف فقال عبد الرحمان أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فأسكت الشيخان فقال عبد الرحمان أفتجعلونه إلي والله علي أن لا آلو عن أفضلكم قالا نعم فأخذ بيد أحدهما فقال لك قرابة من رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك فلما أخذ الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان فبايعه فبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه
(16/209)
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن
الحديث يشتمل على جميع ما في الترجمة وموسى بن إسماعيل أبو سلمة المنقري البصري
الذي يقال له التبوذكي وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري وحصين بضم الحاء
وفتح الصاد بالمهملتين وبالنون ابن عبد الرحمن الكوفي وعمرو بن ميمون الأودي أبو
عبد الله الكوفي أدرك الجاهلية وروى عن جماعة من الصحابة وكان بالشام ثم سكن
الكوفة
وقد مضى قطعة من هذا الحديث في كتاب الجنائز في باب ما جاء في قبر النبي
ذكر معناه قوله قبل أن يصاب أي قبل أن يقتل بأيام أي أربعة لما سيأتي قوله حذيفة
بن اليمان وهو حذيفة بن حسيل ويقال أحسل بن جابر أبو عبد الله العبسي حليف بني
الأشهل صاحب سر رسول الله واليمان لقب حسيل وإنما لقب به لأنه حالف اليمانية قوله
وعثمان بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء
ابن واهب الأنصاري الأوسي الصحابي وهو أحد من تولى مساحة سواد العراق بأمر عمر بن
الخطاب وولاه أيضا السواد مع حذيفة بن اليمان قوله قال كيف فعلتما أي قال عمر
لحذيفة وعثمان كيف فعلتما في أرض سواد العراق توليتما مسحها قوله أتخافان أن تكونا
حملتما الأرض أي هل تخافان بأن تكونا أي من كونكما قد حملتما الأرض أي أرض العراق
ما لا تطيق حمله وذلك لأنه كان بعثهما يضربان الخراج عليها والجزية على أهلها
فسألهما هل فعلا ذلك أم لا فأجابا وقالا حملناها أمرا هي أي الأرض المذكورة و هو
في محل الرفع على الابتداء قوله له أي لما حملناها مطيقة خبر المبتدأ يعني ما
حملناها شيئا فوق طاقتها وروى ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل عن حصين بهذا الإسناد
فقال حذيفة لو شئت لأضعفت أي جعلت خراجها ضعفين وروى من طريق الحكم عن عمرو بن
ميمون أن عمر أي رضي الله تعالى عنه قال لعثمان بن حنيف لئن زدت على كل رأس درهمين
وعلى كل جريب درهما وقفيزا من طعام لأطاقوا ذلك قال نعم وقال الكرماني ويروى
أتخافا بحذف النون تخفيفا وذلك جائز بلا ناصب ولا جازم قوله قال انظر أي قال عمر
انظرا في التحميل ويجوز أن يكون هذا كناية عن الحذر لأنه مستلزم للنظر قوله قال
قالا لا أي قال عمرو بن ميمون قال حذيفة وعثمان ما حملنا الأرض فوق طاقتها قوله
فما أتت عليه أي على عمر رضي الله تعالى عنه إلا رابعة أي صبيحة رابعة ويروى إلا
أربعة أي أربعة أيام حتى أصيب أي حتى طعن بالسكين قوله قال إني لقائم أي قال عمرو
بن ميمون إني لقائم في الصف ننتظر صلاة الصبح قوله ما بيني وبينه أي ليس بيني وبين
عمر رضي الله تعالى عنه إلا عبد الله بن عباس وفي رواية أبي إسحاق إلا رجلان قوله
غداة نصب على الظرف مضاف إلى الجملة أي صبيحة الطعن عبيد الله قوله فيهن أي في
الصفوف وفي رواية الكشميهني فيهم أي في هل الصفوف قوله أو النحل شك من الراوي أي
أو سورة النحل قوله أو أكلني الكلب شك من الراوي وأراد بالكلب العلج الذي طعنه وهو
غلام المغيرة بن شعبة ويكنى أبو لؤلؤة واسمه فيروز قوله حتى طعنه يعني طعنه ثلاث
مرات وفي رواية أبي إسحاق فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ثم طعنه ثلاث
طعنات فرأيت عمر يقول دونكم الكلب فقد قتلني وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى الزهري
قال كان عمر رضي الله تعالى عنه لا يأذن لسبي قد احتلم من دخول المدينة حتى كتب
المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخله
المدينة ويقول إن عنده أعمالا ينتفع به الناس إنه حداد نقاش نجار فأذن له فضرب
عليه المغيرة كل شهر مائة فشكى إلى عمر شدة الخراج فقال له ما خراجك بكثير من جنب
ما تعمل فانصرف ساخطا فلبث عمر ليالي فمر به العبد فقال ألم أحدث أنك تقول لو أشاء
لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت إليه عابسا فقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها
فأقبل عمر رضي الله تعالى عنه على من معه فقال توعدني العبد فلبث ليالي ثم اشتمل
على خنجر ذي رأسين نصابه وسطه فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس حتى خرج عمر
يوقظ الناس الصلاة الصلاة فلما دنا عمر منه وثب عليه وطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت
السرة قد خرقت الصفاق وهي التي قتلته وروى مسلم من طريق مهران بن أبي طلحة أن عمر
خطب فقال رأيت كأن ديكا نقرني ثلاث نقرات ولا أراه إلا حضور أجلي قوله فطار العلج
بكسر العين المهملة وسكون اللام وفي آخره جيم وهو الرجل من كفار العجم وهذه القصة
كانت في أربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قوله حتى طعن ثلاث عشر رجلا وفي
رواية أبي
(16/210)
إسحاق أثني عشر رجلا معه وهو ثالث عشر ومنهم كليب بن البكير الليثي وله ولأخوته عاقل وعامر وإياس صحبة قوله مات منهم سبعة أي سبعة أنفس وعاش الباقون قوله فلما رأى ذلك رجل قيل هو من المهاجرين يقال له حطان التيمي اليربوعي قوله برنسا بضم الباء الموحدة وسكون الراء وضم النون وهي قلنسوة طويلة وقيل كساء يجعله الرجل في رأسه وفي رواية ابن سعد بإسناد ضعيف منقطع قال فطعن أبو لؤلؤة نفرا فأخذ أبا لؤلؤة رهط من قريش منهم عبد الله بن عوف وهاشم ابن عتبة الزهريان ورجل من بني سهم وطرح عليه عبد الله بن عوف خميصة كانت عليه فإن ثبت هذا يحمل على أن الكل اشتركوا في ذلك وروى ابن سعد عن الواقدي بإسناد آخر أن عبد الله بن عوف المذكور احتز رأس أبي لؤلؤة قوله فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وقال الكرماني رمى رجل من أهل العراق برنسه عليه وبرك على رأسه فلما علم أنه لا يستطيع أن يتحرك قتل نفسه قوله فقدمه أي فقدم عمر عبد الرحمن بن عوف للصلاة بالناس وقد كان ذلك بعد أن كبر عمر وقال مالك قبل أن يدخل في الصلاة قوله صلاة خفيفة في رواية إبن إسحاق بأقصر سورتين من القرآن إنا أعطيناك وإذا جاء نصر الله والفتح قوله قال يا ابن عباس أنظر من قتلني وفي رواية ابن إسحاق فقال عمر رضي الله تعالى عنه يا عبد الله ابن عباس أخرج فناد في الناس أعن ملاء منكم كان هذا فقالوا معاذ الله ما علمنا ولا اطلعنا قوله قال الصنع أي قال عمر أهو الصنع بفتح الصاد المهملة وفتح النون أي الصانع وفي رواية ابن أبي شيبة وابن سعد الصناع بتخفيف النون وقال في ( الفصيح ) رجل صنع اليد واللسان وامرأة صناع اليد وفي ( نوادر أبي زيد ) الصناع يقع على الرجل والمرأة وكذلك الصنع وكان هذا الغلام نجارا وقيل نحاتا للأحجار وكان مجوسيا وقيل كان نصرانيا قوله منيتي بفتح الميم وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف أي موتى هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره ميتتي بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف بعدها تاء مثناة فوق أي قتلتي على هذا النوع فإن الميتة على وزن الفعلة بكسر الفاء وقد علم أن الفعلة بالكسر للنوع وبالفتح للمرة قوله رجل يدعي الإسلام وفي رواية ابن شهاب فقال الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط ويستفاد من هذا أن المسلم إذا قتل متعمدا يرجى له المغفرة خلافا لمن قال من المعتزلة وغيرهم إنه لا يغفر له أبدا قوله قد كنت أنت وأبوك خطاب لابن عباس وفي رواية ابن سعد من طريق محمد بن سيرين عن ابن عباس فقال عمر هذا من عمل أصحابك كنت أريد أن لا يدخلها علج من السبي فغلبتموني قوله فقال إن شئت فعلت أي فقال ابن عباس إن شئت يخاطب به عمر و فعلت بضم التاء وقد فسره بقوله أي إن شئت قتلنا وقال ابن التين إنما قال له ذلك لعلمه بأن عمر رضي الله تعالى عنه لا يأمره بقتلهم قوله كذبت هو خطاب من عمر لابن عباس وهذا على ما ألفوا من شدة عمر في الدين وكان لا يبالي من مثل هذا الخطاب وأهل الحجاز يقولون كذبت في موضع أخطأت قلت هنا قرينة في استعمال كذبت موضع أخطأت غير موجه قوله فاحتمل إلى بيته قال عمرو بن ميمون فبعد ذلك احتمل عمر إلى بيته قوله فأتى بنبيذ فشرب المراد بالنبيذ هنا تمرات كانوا ينبذونها في ماء أي ينقعونها لاستعذاب الماء من غير اشتداد ولا إسكار قوله فخرج من جوفه أي من جرحه وهكذا رواية الكشميهني وهي الصواب وفي رواية ابن شهاب فأخبرني سالم قال سمعت عبد الله بن عمر يقول قال عمر أرسلوا إلى طبيب ينظر إلى جرحي قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقاه نبيذا فشيب النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة قال فدعوت طبيبا آخر من الأنصار فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعن أبيض فقال إعهد يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني ولو قال غير ذلك لكذبته قوله وجاء الناس يثنون عليه وفي رواية الكشميهني فجعلوا يثنون عليه وفي رواية ابن سعد من طريق جويرية بن قدامة فدخل عليه الصحابة ثم أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق فكلما دخل عليه قوم بكوا وأثنوا عليه وأتاه كعب أي كعب الأحبار فقال ألم أقل لك إنك لا تموت إلا شهيدا وأنت تقول من أين وأنى في جزيرة العرب قوله وجاء رجل شاب وفي رواية كتاب الجنائز التي تقدمت وولج عليه شاب من الأنصار قوله وقدم بفتح القاف أي فضل وجاء بكسر القاف أيضا بمعنى سبق في الإسلام ويقال معناه بالفتح سابقة ويقال لفلان قدم صدق أي إثرة حسنة وقال الجوهري القدم السابقة في الأمر قوله قد علمت في محل الرفع على
(16/211)
الابتداء وخبره مقدما هو قوله لك قوله ثم شهادة بالرفع عطفا على ما قد علمت ويجوز بالجر أيضا عطفا على قوله من صحبة قال الكرماني ويجوز بالنصب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف قلت تقديره ثم استشهدت شهادة ويجوز أن يكون منصوبا على أنه مفعول به تقديره ثم رزقت شهادة قوله وددت أي أحببت أو تمنيت قوله أن ذلك كفاف أي أن الذي جرى كفاف بفتح الكاف وهو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه ويقال معناه أن ذلك مكفوف عني شرها وقيل معناه لا ينال مني ولا أنال منه وقوله لا علي ولا لي أي رضيت سواء بسواء بحيث يكف الشر عني لا عقابه علي ولا ثوابه لي قوله إذا إزاره كلمة إذا للمفاجأة قوله أبقى لثوبك بالباء الموحدة من البقاء هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره أنقى بالنون بدل الباء قوله ابن أخي أي يا ابن أخي في الإسلام قوله مال آل عمر لفظةآل مقحمة أي مال عمر ويحتمل أن يريد رهطه قوله في بني عدي بفتح العين وكسر الدال المهملتين وهو الجد الأعلى لعمر رضي الله تعالى عنه أبو قبيلته وهم العدويون قوله ولا تعدهم بسكون العين أي لا تتجاوزهم فإن قلت روى عمرو بن شبة في ( كتاب المدينة ) بإسناد صحيح أن نافعا مولى ابن عمر قال من أين يكون على عمر دين وقد باع رجل من ورثته ميراثه بمائة ألف قلت قيل هذا لا ينفي أن يكون عند موته عليه دين فقد يكون الشخص كثير المال ولا يستلزم نفي الدين عنه قوله ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم أمير المؤمنين قال ابن التين إنما قال ذلك عندما أيقن بالموت إشارة بذلك إلى عائشة حتى لا تحابيه لكونه أمير المؤمنين قوله ولأوثرن به على نفسي أي أخصه بما سأله من الدفن عند النبي وأترك نفسي قيل فيه دليل على أنها كانت تملك البيت ورد بأنها كانت تملك السكن إلى أن توفيت ولا يلزم منه التملك بطريق الإرث لأن أمهات المؤمنين محبوسات بعد وفاته لا يتزوجن إلى أن يمتن فهم كالمعتدات في ذلك وكان الناس يصلون الجمعة في حجر أزواجه وروى عن عائشة في حديث لا يثبت أنها استأذنت النبي إن عاشت بعده أن تدفن إلى جانبه فقال لها وأنى لك بذلك وليس في ذلك الموضع إلا قبري وقبر أبي بكر وعمر وعيسى بن مريم قوله إرفعوني أي من الأرض كأنه كان مضطجعا فأمرهم أن يقعدوه قوله فأسنده رجل إليه أي أسند عمر رجل إليه قيل يحتمل أن يكون هذا ابن عباس قلت إن كان مستند هذا القائل في الاحتمال المذكور كون ابن عباس في القضية فلغيره أن يقول يحتمل أن يكون عمرو بن ميمون لقوله فيما مضى فانطلقنا معه قوله أذنت أي عائشة قوله فقل يستأذن هذا الإستئذان بعد الإذن في الاستئذان الأول لاحتمال أن يكون الإذن في الاستئذان الأول في حياته حياء منه وأن ترجع عن ذلك بعد موته فأراد عمر أن لا يكرهها في ذلك قوله حفصة هي بنت عمر بن الخطاب قوله فولجت عليه أي دخلت على عمر رضي الله تعالى عنه فبكت من البكاء هذه رواية الكشميهني ورواية غيره فلبثت أي فمكثت قوله فولجت داخلا لهم أي فدخلت حفصة داخلا لهم على وزن فاعل أي مدخلا كان لأهلها قوله من الداخل أي من الشخص الداخل قوله وسعدا هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه فإن قلت سعيد وأبو عبيدة أيضا من العشرة المبشرة وتوفي رسول الله وهو عنهما راض قلت أما سعيد فهو ابن عم عمر رضي الله تعالى عنه فلعله لم يذكره لذلك أو لأنه لم يره أهلا لها بسبب من الأسباب وأما عبيدة فمات قبل ذلك قوله يشهدكم عبد الله بن عمر أي يحضركم ولكن ليس له من الأمر شيء وإنما قال هذا مع أهليته لأنه رأى غيره أولى منه قوله كهيئة التعزية قال الكرماني هذا من كلام الراوي لا من كلام عمر رضي الله تعالى عنه وقال بعضهم فلم أعرف من أين تهيأ له الجزم بذلك مع الاحتمال قلت لم يبين وجه الاحتمال ما هو ولا ثمة في كلامه ما يدل على الجزم قوله فإن أصابت الإمرة بكسر الهمزة وفي رواية الكشميهني الإمارة قوله سعدا هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قوله فهو ذاك يعني هو محله وأهل له قوله وإلا أي وإن لم تصب الإمرة سعدا قوله فليستعن به أي بسعد قوله أيكم فاعل فليستعن قوله ما أمر أي ما دام أميرا وأمر على صيغة المجهول من التأمير قوله فإني لم أعزله أي لم أعزل سعدا يعني عن الكوفة عن عجز أي عن التصرف ولا عن خيانة في المال قوله وقال أي عمر أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين قال الشعبي هم من أدرك بيعة الرضوان وقال سعيد بن المسيب من صلى القبلتين قوله أن يعرف بفتح الهمزةأي بأن يعرف قوله ويحفظ بالنصب عطفا على
(16/212)
أن يعرف قوله الذين تبوأوا
الدار أي سكنوا المدينة قبل الهجرة وقال المفسرون المراد بالدار دار الهجرة نزلها
الأنصار قبل المهاجرين وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي بسنتين قوله والإيمان فيه
إضمار أي وآثروا الإيمان من باب علفتها تبنا وماء باردا لأن الإيمان ليس بمكان
فيتبوأ فيه والتبوء التمكن والاستقرار وليس المراد أن الأنصار آمنوا قبل المهاجرين
بل قبل مجيء النبي إليهم قوله ردء الإسلام بكسر الراء أي عون الإسلام الذي يدفع
عنه قوله وجباة الأموال بضم الجيم وتخفيف الباء جمع جابي كالقضاة جمع قاضي وهم
الذين كانوا يجبون الأموال أي يجمعونها قوله وغيظ العدو أي يغيظون العدو بكثرتهم
وقوتهم قوله إلا فضلهم أي إلا ما فضل عنهم وفي رواية الكشميهني ويؤخذ منهم والأول
هو الصواب قوله من حواشي أموالهمأي التي ليست بخيار ولا كرام قوله بذمة الله
المراد به أهل الذمة قوله وأن يقاتل من ورائهم يعني إذا قصدهم عدو لهم يقاتلون
لدفعهم عنهم وقد استوفى عمر رضي الله تعالى عنه في وصيته جميع الطوائف لأن الناس
إما مسلم وإما كافر فالكافر إما حربي ولا يوصى به وإما ذمي وقد ذكره والمسلم إما
مهاجري أو أنصاري أو غيرهما وكلهم إما بدوي وإما حضري وقد بين الجميع قوله ولا
يكلفوهم إلا طاقتهم أي من الجزية قوله فانطلقنا وفي رواية الكشميهني فانقلبنا أي
رجعنا قوله فسلم عبد الله بن عمر أي على عائشة رضي الله تعالى عنها قوله فقالت أي
عائشة قوله أدخلوه بفتح الهمزة من الإدخال قوله فأدخل على صيغة المجهول وكذلك فوضع
قوله هناك أي في بيت عائشة عند قبر النبي وقبر أبي بكر رضي الله تعالى عنه وهو معنى
قوله مع صاحبيه واختلف في صفة القبور الثلاثة المكرمة فالأكثرون على أن قبر أبي
بكر وراء قبر رسول الله وقبر عمر وراء قبر أبي بكر وقيل إن قبره مقدم إلى القبلة
وقبر أبي بكر حذاء منكبه وقبر عمر حذاء منكبي أبي بكر وقيل قبر أبي بكر عند رأس
النبي وقبر عمر عند رجليه وقيل قبر أبي بكر عند رجل النبي وقبر عمر عند رجل أبي
بكر وقيل غير ذلك قوله إلى ثلاثة منكم أي في الاختيار ليقل الاختلاف قوله قال طلحة
قد جعلت أمري إلى عثمان هذا يصرح بأن طلحة قد كان حاضرا فإن قلت قد تقدم أنه كان
غائبا عند وصية عمر قلت لعله حضر بعد أن مات وقبل أن يستمر أمر الشورى وهذا أصح
مما رواه المدايني أنه لم يحضر إلا بعد أن بويع عثمان قوله والله عليه والإسلام
بالرفع فيهما لأن لفظة الله مبتدأ وقوله عليه خبره ومتعلقه محذوف أي والله رقيب
عليه والإسلام عطف عليه والمعنى والإسلام كذلك قوله لينظرن بلفظ الأمر للغائب قوله
أفضلهم في نفسه بلفظ اللام أي ليتفكر كل واحد منهما في نفسه أيهما أفضل ويروى بفتح
اللام جوابا للقسم المقدر قوله فأسكت الشيخان بفتح الهمزة بمعنى سكت ويروى بضم
الهمزة على صيغة المجهول والمراد بالشيخين علي وعثمان قوله أفتجعلونه أي أمر
الولاية قوله والله بالرفع على أنه مبتدأ وخبره هو قوله علي الله رقيب أي شاهد علي
قوله أن لا آلو أي بأن لا ألو بأن لا أقصر عن أفضلكم قوله فأخذ بيد أحدهما هو علي
رضي الله تعالى عنه يدل عليه بقية الكلام قوله والقدم بكسر القاف وفتحها قوله ما
قد علمت صفة أو بدل عن القدم قوله فالله عليك أي فالله رقيب عليك قوله لئن أمرتك
بتشديد الميم قوله وإن أمرت بتشديد الميم قوله ثم خلا بالآخر وهو الزبير رضي الله
تعالى عنه أيضا قوله وولج أهل الدار أي ودخل أهل المدينة
وفي هذا الحديث فوائد فيه شفقة عمر رضي الله تعالى عنه على المسلمين وعلى أهل
الذمة أيضا وفيه اهتمامه بأمور الدين بأكثر من اهتمامه بأمر نفسه وفيه الوصية
بأداء الدين وفيه الاعتناء بالدفن عند أهل الخير وفيه المشورة في نصب الإمام وأن
الإمامة تنعقد بالبيعة وفيه جواز تولية المفضول مع وجود الأفضل منه قاله ابن بطال
ثم علله بقوله لأنه لو لم يجز لهم لم يجعل عمر رضي الله تعالى عنه الأمر شورى بين
ستة أنفس مع علمه بأن بعضهم أفضل من بعض وفيه الملازمة بالأمر بالمعروف على كل حال
وفيه إقامة السنة في تسوية الصفوف وفيه الاحتراز من تثقيل الخراج والجزية وترك ما
لا يطاق
(16/213)
9 -
( باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب علي بن أبي طالب بن عبد المطلب المكنى بأبي الحسن كناه
بذلك أهله وكناه رسول الله بأبي تراب لما رآه في المسجد نائما ووجد رداءه قد سقط
عن ظهره وخلص إليه التراب كما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد في أبواب المساجد
وهنا أيضا يأتي عن قريب وروى ابن إسحاق أنه قال له ذلك في غزوة العسيرة وصححه
الحاكم وقال ابن إسحاق حدثني بعض أهل العلم أنه إنما سماه بذلك لأنه كان إذا عاتب
علي فاطمة رضي الله تعالى عنها في شيء يأخذ ترابا فيضعه على رأسه فكان إذا رأى
التراب عرف أنه عاتب علي فاطمة فيقول ما لك يا أبا تراب وأم علي رضي الله تعالى
عنه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وصارت من كبار
الصحابيات وماتت في زمن النبي
وقال النبي لعلي أنت مني وأنا منك
هذا التعليق طرف من حديث البراء بن عازب أخرجه مطولا في باب عمرة القضاء على ما
سيأتي إن شاء الله تعالى وفيه قال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي
وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا قوله أنت مبتدأ ومني خبره ومتعلق الخبر خاص
وكلمة مني هذه تسمى بمن الاتصالية ومعناه أنت متصل بي وليس المراد به اتصاله من
جهة النبوة بل من جهة العلم والقرب والنسب وكان أب النبي شقيق أبي علي رضي الله
تعالى عنه وكذلك الكلام في قوله وأنا منك وفي حديث آخر أنت مني بمنزلة هارون من
موسى ومعناه أنت متصل بي ونازل مني منزلة هارون من موسى وفيه تشبيه ووجه التشبيه
مبهم وبينه وبقوله إلا أنه لا نبي بعدي يعني أن اتصاله ليس من جهة النبوة فبقي
الاتصال من جهة الخلافة لأنها تلي النبوة في المرتبة ثم أنها إما أن تكون في حياته
أو بعد مماته فخرج بعد مماته لأن هارون مات قبل موسى عليهما السلام فتبين أن يكون
في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك لأن هذا القول من النبي كان مخرجه إلى غزوة تبوك
وقد خلف عليا على أهله وأمره بالإقامة فيهم وهذا الحديث أخرجه الترمذي من حديث
عمران بن حصين بلفظ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ثم قال حسن غريب لا
نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان وأخرجه أبو القاسم إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم
البصري في فضائل الصحابة من حديث بريدة مطولا قال النبي لي لا تقع في علي فإن عليا
مني وأنا منه ومن حديث الحكم بن عطية حدثنا محمد بن علي بن أبي طالب أن علي بن أبي
طالب وجعفرا وزيدا دخلوا على رسول الله فقال أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأما
أنت يا علي فأنت مني وأنا منك وفي حديث أبي رافع فقال جبريل عليه الصلاة و السلام
وأنا منكما يا رسول الله
وقال عمر توفي رسول الله وهو عنه راض
هذا التعليق تقدم قريبا في وفاة عمر رضي الله تعالى عنه مسندا عند قوله ما أحد أحق
بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا
الحديث
1073 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن
سعد ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على
يديه قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول
الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا يشتكي عينيه يا رسول
الله قال فأرسلوا إليه فأتوني به فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم
يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال
انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى
(16/214)
الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم
من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر
النعم
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه يدل على فضيلة علي رضي الله تعالى عنه وشجاعته وفيه
معجزة النبي حيث أخبر بفتح خيبر على يد من يعطى له الراية
وعبد العزيز هو ابن أبي حازم سلمة بن دينار سمع أباه أبا حازم
والحديث مر في كتاب الجهاد في باب فضل من أسلم على يديه رجل فإنه أخرجه هناك عن
قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن عبد القاري عن أبي
حازم عن سهل بن سعد إلى آخره ومر الكلام فيه هناك
قوله كلهم يرجوويروى يرجون قوله يدوكون بالدال المهملة وبالكاف أي يخوضون من
الدوكة وهو الاختلاط والخوض يقال بات القوم يدوكون دوكا إذا باتوا في اختلاط
ودوران وقيل يخوضون ويتحدثون في ذلك ويروى يذكرون بالذال المعجمة من الذكر قوله
فأرسلوا على صيغة الماضي المبني للفاعل قوله فأتي به على صيغة المجهول والضمير في
به يرجع إلى علي رضي الله تعالى عنه ويروى فأرسلوا على صيغة الأمر من الإرسال
فأتوني به على صيغة الأمر أيضا من الإتيان قوله ودعا لهويروى فدعا له بالفاء قوله
فأعطاه ويروى وأعطاه بالواو ويروى فأعطي على صيغة المجهول والراية العلم قوله أنفذ
بضم الفاء أي إمض قوله على رسلك أي على هينتك قوله حمر النعم بضم الحاء وسكون
الميم والنعم بفتحتين والإبل الحمر هي أحسن أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة
الشيء وليس عندهم شيء أعظم منه وتشبيه أمور الآخر بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب
إلى الفهم وإلا فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها وأمثالها معها
وفي ( التلويح ) ومن خواصه أي خواص علي رضي الله تعالى عنه فيما ذكره أبو الشاء
أنه كان أقضى الصحابة وأن رسول الله تخلف عن أصحابه لأجله وأنه باب مدينة العلم
وأنه لما أراد كسر الأصنام التي في الكعبة المشرفة أصعده النبي برجليه على منكبيه
وأنه حاز سهم جبريل عليه الصلاة و السلام بتبوك فقيل فيه
( علي حوى سهمين من غير أن غزاغزاة تبوك حبذا سهم مسهم )
وأن النظر إلى وجهه عبادة روته عائشة رضي الله تعالى عنها وأنه أحب الخلق إلى الله
بعد رسول الله رواه أنس في حديث الطائر وسماه النبي يعسوب الدين وسماه أيضا رز
الأرض وقد رويت هذه اللفظة مهموزة وملينة ولكل واحد منهما معنى فمن همز أراد الصوت
والصوت جمال الإنسان فكأنه قال أنت جمال الأرض والملين هو المنفرد الوحيد كأنه قال
أنت وحيد الأرض وتقول رززت السكين إذا رسخته في الأرض بالوتد فكأنه قال أنت وتد
الأرض وكل ذلك محتمل وهو مدح ووصف وأن النبي تولى تسميته وتغديته أياما بريقه
المبارك حين وضعه
2073 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة ) قال
كان ( علي ) قد ( تخلف ) عن النبي في خيبر وكان به رمد فقال أنا أتخلف عن رسول
الله فخرج علي فلحق بالنبي فلما كان مساء الليله التي فتحها الله في صباحها قال
رسول الله لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله أو قال يحب
الله ورسوله يفتح الله عليه فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا هذا علي فأعطاه رسول
الله ففتح الله عليه
(16/215)
هذا طريق آخر في الحديث السابق
من حيث المعنى أخرجه أيضا عن قتيبة بن سعيد عن حاتم بالحاء المهملة وبالتاء
المثناة من فوق ابن إسماعيل الكوفي سكن المدينة عن يزيد من الزيادة ابن عبيد مولى
سلمة بن الأكوع عن مولاه سلمة بن الأكوع
والحديث مر في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي فإنه أخرجه هناك بهؤلاء الرواة
بعينهم وبعين هذا المتن وقد مر الكلام فيه هناك وفي ( الإكليل ) للحاكم أن رسول
الله بعث أبا بكر إلى بعض حصون خيبر فقاتل وجهد ولم يك فتح فبعث عمر رضي الله
تعالى عنه فلم يك فتح فأعطاه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال رواه جماعة
من الصحابة غير سهل أبو هريرة وعلي وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام والحسن بن
علي وابن عباس وجابر ابن عبد الله وعبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري وسلمة بن
الأكوع وعمران بن حصين وأبو ليلى الأنصاري وبريدة وعامر بن أبي وقاص وآخرون
قوله أو ليأخذنشك من الراوي وكذا قوله أو قال يحب الله ورسوله وفي الحديث الماضي
بصق في عينيه ولم يذكر هنا في حديث سلمة ويروى قال علي فوضع رأسي في حجره ثم بصق
في ألية راحتيه ثم دلك بها عيني ثم قال أللهم لا يشتكي حرا ولا قرا قال علي فما
اشتكيت عيني لا حرا ولا قرا حتى الساعة وفي لفظ دعا له بست دعوات أللهم أعنه
واستعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به أللهم وال من والاه وعاد من عاداه قوله
فأعطاه رسول الله أي رايته وقال ابن عباس فكانت راية رسول الله بعد ذلك في المواطن
كلها مع علي رضي الله تعالى عنه وفي حديث جابر بن سمرة قالوا يا رسول الله من يحمل
رايتك يوم القيامة قال من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا
علي بن أبي طالب وفي كتاب أبي القاسم البصري من حديث قيس بن الربيع عن أبي هارون
العبدي عن أبي سعيد أن النبي قال لأعطين الراية رجلا كرارا غير فرار فقال حسان يا
رسول الله أتأذن لي أن أقول في علي شعرا قال قل قال
( وكان علي أرمد العين يبتغي
دواء فلما لم يحسن مداويا )
( حباه رسوله الله منه بتفلة
فبورك مرقيا وبورك راقيا )
( وقال سأعطي الراية اليوم صارما
فذاك محب للرسول مواتيا )
( بحب النبي والإله يحبه
فيفتح هاتيك الحصون التواليا )
( فأقضي بها دون البرية كلها
عليا وسماه الوزير المواخيا )
3073 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي حازم ) عن أبيه أن
رجلا ( جاء إلي سهل بن سعد ) فقال هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا عند المنبر
قال فيقول ماذا قال يقول له أبو تراب فضحك قال والله ما سماه إلا النبي وما كان له
إسم أحب إليه منه فاستطعمت الحديث سهلا وقلت يا أبا عباس كيف قال دخل علي على
فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي أين ابن عمك قالت في المسجد فخرج إليه
فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول
إجلس يا أبا تراب مرتين
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه دلالة على فضيلة علي رضي الله تعالى عنه وعلو
منزلته عند النبي وذلك لأنه مشى إليه ودخل المسجد ومسح التراب عن ظهره واسترضاه
تلطفا به لأنه كان وقع بين علي وفاطمة شيء فلذلك خرج إلى المسجد واضطجع فيه صرح
بذلك في رواية البخاري التي مضت في كتاب الصلاة حيث قال النبي لفاطمة أين ابن عمك
قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ولم يقل الحديث
وأبو حازم
(16/216)
اسمه سلمة بن دينار وقد مر عن
قريب والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد فإنه أخرجه هناك عن
قتيبة عن عبد العزيز إلى آخره
قوله هذا فلان لأمير المدينة أي كنى بفلان عن أمير المدينة والاسم يراد بالكنية
وتطلق التسمية على التكنية ووقع في رواية الإسماعيلي هذا فلان بن فلان قوله يدعو
عليا أراد أنه يذكر عليا بشيء غير مرضي قوله قال فيقول ماذا قال أي قال أبو حازم
فيقول سهل بن سعد ماذا قلان فلان الذي كنى به عن أمير المدينة قوله قال يقول له أي
قال أبو حازم يقول فلان لعلي أبو تراب فضحك أي سهل وقال والله إلى آخره قوله
فاستطعمت الحديث سهلا أي سألت من سهل الحديث وإتمام القصة وفيه إستعارة الإستطعام
للتحدث والجامع بينهما حصول الذوق فمن الطعام الذوق الحسي ومن التحدث الذوق
المعنوي قوله يا أبا عباس بتشديد الباء الموحدة والسين المهملة وهو كنية سهل بن
سعد ويروي يا أبا العباس بالألف واللام قوله وخلص التراب أي وصل إلى ظهره قوله
فجعل أي النبي يمسح التراب عن ظهره أي عن ظهر علي رضي الله تعالى عنه قوله مرتين
ظرف لقوله فيقول إجلس
وفيه جواز النوم في المسجد واستلطاف الغضبان وتواضع النبي ومنزلة علي رضي الله
تعالى عنه
4073 - حدثنا ( محمد بن رافع ) حدثنا ( حسين ) عن ( زائدة ) عن ( أبي حصين ) عن (
سعد بن عبيدة ) قال جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال
لعل ذاك يسوءك قال نعم قال فأرغم الله بأنفك ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال
هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي ثم قال لعل ذاك يسوءك قال أجل قال فأرغم الله بأنفك
قال انطلق فاجهد علي جهدك
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله فإن عبد الله بن عمر
مدحه بأوصافه الحميدة فيدل على أن له فضلا وفضيلة
ومحمد بن رافع بن أبي زيد القشيري النيسابوري شيخ مسلم أيضا وحسين هو ابن علي بن
الوليد الجعفي الكوفي وزائدة هو ابن قدامة وأبو حصين بفتح الحاء وكسر الصاد
المهملتين واسمه عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي وسعد بن عبيدة أبو حمزة الكوفي
السلمي
والحديث من أفراده
قوله فذكر محاسن عمله أي عمل عثمان والمحاسن جمع حسن على غير القياس كأنه جمع محسن
وكأنه ذكر للرجل إنفاق عثمان في جيش العسرة وتسبيله بئر رومة وغير ذلك من محاسنه
قوله لعل ذاك يسوءك أي لعل ما ذكرت من محاسنه لا يطيب لك ويصعب عليك قال نعم
يسوءني قوله فأرغم الله بأنفك الباء فيه زائدة يقال أرغم الله أنفه أي ألصقه
بالرغام أي أذله وأهانه والرغام في الأصل التراب فكأنه يقول اسقطك الله على الأرض
فيلصق وجهك بالرغام قوله ثم سأله عن علي أي ثم سأل ذلك الرجل عبد الله بن عمر عن
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فذكر عبد الله محاسن عمله من شهوده بدرا
وغيرها وفتح خيبر على يديه وقتله مرحبا اليهودي وغير ذلك قوله قال هو ذاك بيته أي
قال عبد الله هو أي علي الذي بيته كان أوسط بيوت النبي يشير بذلك إلى أن لعلي
منزلة عند النبي من حيث أن بيته أوسط بيوت النبي وقيل أحسنها بناء قوله ثم قال أي
عبد الله لعل ذاك يسوءك قال الرجل أجل أي نعم يسوءني ثم رد عليه عبد الله بقوله
أرغم الله بأنفك مثل ما قال في الأول ثم قال انطلق أي إذهب من عندي فاجهد علي
بتشديد الياء جهدك أي إبلغ غايتك في هذا الأمر واعمل في حقي ما تستطيع وتقدر فإني
قلت حقا وقائل الحق لا يبالي بما يقال في حقه من الأباطيل وفي رواية عطاء بن
السائب عن سعد بن عبيد في هذا الحديث فقال الرجل فإني أبغضه قال ابن عمر أبغضك
الله
5073 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) سمعت (
ابن أبي ليلى ) قال حدثنا ( علي ) أن ( فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من أثر
الرحا فأتى ) النبي صلى الله عليه
(16/217)
وسلم سبي فانطلقت فلم تجده
فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي أخبرته عائشة بمجيء فاطمة فجاء النبي إلينا
وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه
على صدري وقال ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا
وثلاثين وتسبحا ثلاثا وثلاثين وتحمدا ثلاثة وثلاثين فهو خير لكما من خادم
مطابقته للترجمة من حيث إنه دخل بين علي وفاطمة في الفراش فأمرهما بعدم القيام
وهذا يدل على أن لعلي منزلة عظيمة عنده
وغندر بضم الغين المعجمة هو محمد بن جعفر وقد تكرر ذكره والحكم بفتحتين هو ابن
عتيبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق تصغير عتبة وابن أبي ليلى هو
عبد الرحمن بن أبي ليلى واسم أبي ليلى يسار ضد اليمين وقيل بلال وقال ابن الأثير
في ( جامع الأصول ) إذا أطلق المحدثون ابن أبي ليلى فإنما يعنون به عبد الرحمن بن
أبي ليلى وإذا أطلقه الفقهاء يعنون به عبد الرحمن
والحديث قد مر في الخمس في باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله
قوله على مكانكما أي إلزما مكانكما ولا تفارقاه قوله فقعد من كلام علي أي فقعد
النبي بيننا قوله ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام كلمة الحث والتحضيض قوله تكبرا
بلفظ المضارع وترك النون وحذفت إما للتخفيف وإما على لغة من قال إن كلمة جازمة وهي
لغة شاذة ويروى فكبرا على صيغة الأمر وبقية الكلام مرت هناك
6073 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد ) قال سمعت
( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه قال قال النبي لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون
من موسى ( الحديث 6073 - طرفه في 6144 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعد هو ابن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي موسى وبندار ثلاثتهم
عن غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عنه به وأخرجه النسائي في المناقب وابن ماجه في
السنة جميعا عن بندار به قال الخطابي هذا إنما قاله لعلي حين خرج إلى تبوك ولم
يستصحبه فقال أتخلفني مع الذرية فقال أما ترضى إلى آخره فضرب له المثل باستخلاف
موسى هارون على بني إسرائيل حين خرج إلى الطور ولم يرد به الخلافة بعد الموت فإن
المشبه به وهو هارون كانت وفاته قبل وفاة موسى عليه الصلاة و السلام وإنما كان
خليفته في حياته في وقت خاص فليكن كذلك الأمر فيمن ضرب المثل به
قوله أن تكون مني أي نازلا مني منزلته والتاء زائدة وهذا تعلق به الرافضة في خلافة
علي وقد مر تحقيق الكلام فيه عند قوله لعلي أنت مني وأنا منك في أول الباب
7073 - حدثنا ( علي بن الجعد ) قال أخبرنا ( شعبة ) عن ( أيوب ) عن ( ابن سيرين )
عن ( عبيدة ) عن ( علي ) رضي الله تعالى عنه قال اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره
الأختلاف حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي فكان ابن سيرين يرى أن عامة
ما يروى على علي الكذب
هذا الحديث مقدم على حديث سعد المذكور في رواية أبي ذر ومؤخر في رواية الباقين
والأمر في ذلك سهل وأيوب هو السختياني وابن سيرين هو محمد بن سيرين وعبيدة بفتح
العين وكسر الباء الموحدة السلماني
والحديث من أفراده
قوله قال إقضوا كما كنتم تقضون أي قال علي لأهل العراق إقضوا اليوم كما كنتم تقضون
قبل هذا وسبب ذلك أن عليا لما قدم إلى العراق قال كنت رأيت مع عمر أن تعتق أمهات
الأولاد وقد رأيت الآن أن يسترققن فقال عبيدة رأيك يومئذ في الجماعة أحب إلي من
رأيك اليوم في الفرقة فقال اقضوا كما كنتم تقضون وخشي ما وقع فيه من تأويل أهل
العراق ويروى
(16/218)
اقضوا على ما كنتم تقضون قوله
فإني أكره الاختلاف يعني أن يخالف أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وقال
الكرماني اختلاف الأمة رحمة فلم كرهه قلت المكروه الاختلاف الذي يؤدي إلى النزاع
والفتنة قوله حتى تكون للناس جماعة أو أموت إنما قال أو أموت بكلمة أو مع أن
الأمرين كلاهما مطلوبان لأنه لا ينافي الجمع بينهما قوله فكان ابن سيرين أي محمد
ابن سيرين قوله إن عامة ما يروى على علي ويروى عن علي وهو الأوجه قوله وعامة ما
يروى مبتدأ وخبره هو قوله الكذب وإنما قال ذلك لأن كثيرا من أهل الكوفة الذين
يروون عنه ليس لهم ذلك ولا سيما الرافضة منهم فإن عامة ما يروون عنه كذب واختلاق
قوله أو أموت يجوز بالنصب عطفا على حتى يكون ويجوز بالرفع على أن يكون خبر مبتدأ
محذوف والتقدير أو أنا أموت وفي بيع أمهات الأولاد اختلاف في الصدر الأول فروي عن
علي وابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم إباحة بيعهن وإليه ذهب داود وبشر
بن غياث وهو قول قديم للشافعي ورواية عن أحمد وقد صح عن علي رضي الله تعالى عنه
الميل إلى قول الجماعة وروي عن ابن عباس أنه عليه الصلاة و السلام قال من وطىء أمه
فولدت فهي معتقه عن دبر منه رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني
01 -
( باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب جعفر بن أبي طالب أخ علي بن أبي طالب شقيقه وكان أسن منه
بعشر سنين واستشهد بمؤتة على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى سنة ثمان من الهجرة
وكنيته أبو عبد الله الطيار ذو الجناحين وذو الهجرتين الشجاع الجواد كان متقدم
الإسلام هاجر إلى الحبشة وكان هو سبب إسلام النجاشي ثم هاجر إلى المدينة ثم أمره
رسول الله على جيش غزوة مؤتة على ما يجيء بيانه ولما قطعت يداه في غزوة مؤتة جعل
الله له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة رضي الله تعالى عنه ولفظة باب هنا
وفيما بعده من الأبواب كلها سقطت في رواية أبي ذر وثبتت في رواية الباقين
وقال النبي أشبهت خلقي وخلقي
هذا التعليق رواه البخاري موصولا مطولا في باب عمرة القضاء من حديث البراء ومر
الكلام في أول مناقب علي رضي الله تعالى عنه في قوله أنت مني وأنا منك
8073 - حدثنا ( أحمد بن أبي بكر ) حدثنا ( محمد بن إبراهيم بن دينار أبو عبد الله
الجهني ) عن ( ابن أبي ذئب ) عن ( سعيد المقبري ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى
عنه أن الناس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة وإني كنت ألزم رسول الله بشبع بطني حتى
لا آكل الخمير ولا ألبس الحبير ولا يخدمني فلان ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء
من الجوع وإن كنت لأستقرىء الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني وكان أخير
الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب كان يقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان
ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعق ما فيها
مطابقته للترجمة في قوله وكان أخير الناس إلى آخره لأن هذا منقبة حسنة
وأحمد بن أبي بكر واسمه قاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف أبو
مصعب القرشي الزهري ومحمد بن إبراهيم بن دينار يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ذئب عن سعيد المقبري وهؤلاء كلهم مدنيون
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن عبد الرحمن بن أبي شيبة عن ابن أبي فديك
قوله أكثر أبو هريرة أي في رواية الحديث قوله بشبع أي بسبب شبع بطني
(16/219)
وفي رواية الكشميهني لشبع بطني
أي لأجل شبع بطني بكسر الشين وفتح الباء قوله حتى لا أكل هذه رواية الكشميهني وفي
رواية غيره حين لا أكل وهو الأوجه قوله الخمير بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وهو
الخبز الذي خمر وجعل في عجينه الخميرة ويروى الخبيز بكسر الباء الموحدة وفي آخره
زاي وهو الخبز المأدوم والخبزة بضم المعجمة وسكون الباء الموحدة وبالزاي الأدم
قوله ولا ألبس الحبير بفتح الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وبالراء في آخره
الجديد والحسن وقيل الثوب المحبر كالبرود اليمانية وقال الهروي الحبير ثياب تصبغ
باليمن ويروى ولا ألبس الحرير قوله فلان وفلانة أراد به من يخدم من الذكور والإناث
قوله وكنت ألصق بطني وفائدة إلصاق البطن بالحصباء إنكسار حرارة شدة الجوع وقوله
وإن كنت لاستقرىء الرجل قال بعضهم أي اطلب منه القرى فيظن أني أطلب منه القراءة
قال ووقع بيان ذلك في رواية لأبي نعيم في ( الحلية ) عن أبي هريرة أنه وجد عمر
فقال أقريني فظن أنه من القراءة فأخذ يقرئه القرآن ولم يطعمه قال وإنما أردت منه
الطعام انتهى قلت هذا الذي قاله غير صحيح ويظهر فساده من قوله كنت لأستقرىء الرجل
الآية هي معي أي والحال أن تلك الآية معي وهي جملة إسمية وقعت حالا بغير واو قال
الكرماني أي الآية معي أي كنت أحفظها والحاصل أن أبا هريرة يقول لواحد من الناس
إني أطلب قراءة آية من القرآن والحال أنه يحفظها ولكن يتخيل في قصده من هذا أن
يؤديه إلى بيته فيطعمه شيئا وهو معنى قوله كي ينقلب بي أي يرجع بي إلى منزله
فيطعمني شيئا والدليل على هذا ما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة إن كنت لأسأل
الرجل عن الآية وأنا أعلم بها منه ما أسأله إلا ليطعمني شيئا واستدلال هذا القائل
على المعنى الذي فسره بما رواه أبو نعيم لا يفيده أصلا لأنه قضية أخرى مخصوصة بما
وقع بينه وبين عمر رضي الله تعالى عنه والذي هنا أعم من ذلك قوله وكان أخير الناس
على وزن أفعل التفضيل وفي رواية الكشميهني وكان خير الناس لغتان فصيحتان مستعملتان
قوله للمساكين وفي رواية الكشميهني للمسكين بالإفراد وهو جنس يتناول المساكين وكان
جعفر يسمى بأبي المساكين وكان النبي يكنيه بهذا قوله ما كان في بيته في محل النصب
لأنه مفعول ثان ليطعمنا قوله حتى إن كان كلمة إن هذه مخففة من المثقلة قوله ليخرج
بضم الياء من الإخراج و العكة بالنصب مفعوله وهي بضم العين المهملة وتشديد الكاف
وعاء السمن قوله فنلعق بنون المتكلم مع الغير من لعق يلعق من باب علم يعلم لعقا
بفتح اللام وهو اللحس فإن قلت بين قوله ليس فيها شيء وبين قوله فنلعق منافاة ظاهرا
قلت لا منافاة لأن معنى قوله ليس فيها شيء يعني يمكن إخراجه منها بغير قطعها ومعنى
قوله فنلعق يعني بعد الشق نلعق مما يبقى في جوانبها فافهم
9073 - حدثني ( عمرو بن علي ) حدثنا ( يزيد بن هارون ) أخبرنا ( إسماعيل بن أبي
خالد ) عن ( الشعبي ) أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال
السلام عليك يا ابن ذي الجناحين ( الحديث 9073 - طرفه في 4624 )
مطابقته للترجمة من حيث إن إطلاق ذي الجناحين على جعفر منقبة عظيمة وقد روى
الطبراني بإسناد حسن من حديث عبد الله بن جعفر قال قال رسول الله هنيئا لك أبوك
يطير مع الملائكة في السماء وعن أبي هريرة أن رسول الله قال رأيت جعفر بن أبي طالب
يطير مع الملائكة رواه الترمذي والحاكم وعن أبي هريرة عن النبي قال مر بي جعفر
الليلة في ملأ من الملائكة وهو مخضب الجناحين بالدم أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد
على شرط مسلم وأخرجاه أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا دخلت البارحة
الجنة فرأيت فيها جعفرا يطير مع الملائكة وفي طريق آخر عنه أن جعفرا يطير مع جبريل
وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه
وحديث ابن عمر هذا أخرجه البخاري عن عمرو بن علي بن بحر أبي حفص الباهلي البصري
الصيرفي وهو شيخ مسلم أيضا عن يزيد من الزيادة ابن هارون الواسطي عن إسماعيل بن
أبي خالد واسم أبي خالد سعد ويقال كثير الكوفي عن عامر
(16/220)
الشعبي عن عبد الله بن عمر
وأخرجه البخاري أيضا في المغازي عن محمد بن أبي بكر المقدمي وأخرجه النسائي في
المناقب عن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون
قال أبو عبد الله الجناحان كل ناصيتين
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وهذا وقع في رواية النسفي وحده وأشار بهذا إلى أن
الجناحين يطلقان لكل ناحيتين يعني لكل جنبين ومنه يقال جنح الطريق جانبه وجنح
القوم ناحيتهم وقال الجوهري وجناح الطير يده
11 -
( ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه )
أي هذا ذكر عباس بن عبد المطلب عم النبي وكان أسن من النبي بسنتين أو بثلاث وكان
إسلامه على المشهور بعد فتح مكة وقيل قبل ذلك وهذه الترجمة مع حديثها سقط من رواية
أبي ذر والنسفي والله أعلم
0173 - حدثنا ( الحسن بن محمد ) حدثنا ( محمد بن عبد الله الأنصاري ) حدثني ( أبي
عبد الله ابن المثنى ) عن ( ثمامة بن عبد الله بن أنس ) رضي الله تعالى عنه أن عمر
بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال أللهم إنا كنا نتوسل
إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون ( انظر الحديث
0101 )
مطابقته لهذه الترجمة ظاهرة والحسن بن محمد بن الصباح أبو علي الزعفراني مات يوم
الاثنين لثمان بقين من رمضان سنة ستين ومائتين وهو من أفراده ومحمد بن عبد الله
الأنصاري يروي عن أبيه عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك وهو يروي عن
عمه ثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله بن أنس وهذا الحديث بعين
هذا الإسناد والمتن قد مر في كتاب الاستسقاء في باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء
وقد مر الكلام فيه هناك
21 -
( باب مناقب قرابة رسول الله ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبي )
أي هذا باب في بيان مناقب قرابة رسول الله وقرابة رسول الله من ينتسب إلى جده
الأقرب وهو عبد المطلب ممن صحب النبي منهم أو رآه من ذكر أو أنثى وهم علي وأولاده
الحسن والحسين ومحسن وأم كلثوم من فاطمة وجعفر وأولاده عبد الله وعون ومحمد ويقال
كأن لجعفر بن أبي طالب ابن اسمه أحمد وعقيل بن أبي طالب وولده مسلم بن عقيل وحمزة
بن عبد المطلب وأولاده يعلى وعمارة وأمامة والعباس بن عبد المطلب وأولاده الذكور
العشرة وهم الفضل وعبد الله وقثم وعبيد الله والحارث ومعبد وعبد الرحمن وكثير وعون
وتمام وفيه يقول العباس
( تموا بتمام فصاروا عشرهيا رب فاجعلهم كراما برره )
ويقال إن لكل منهم رؤية وكان له من الإناث أم حبيب وآمنة وصفية وأكثرهم من لبابة
أم الفضل ومعتب بن أبي لهب والعباس بن عتبة بن أبي لهب وكان زوج آمنة بنت العباس
وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب واخته ضباعة وكانت زوج المقداد بن الأسود وأبو
سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه جعفر ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وابناه
المغيرة والحارث ولعبد الله بن الحارث هذا رؤية وكان يلقب ببه بباءين موحدتين
الثانية ثقيلة وأميمة وأروى وعاتكة وصفية بنات عبد المطلب أسلمت صفية وصحبت وفي
الباقيات خلاف
قوله ومنقبة فاطمة بالجر عطفا على المناقب وهي ضد المثلبة وقال الطيبي المنقبة
طريق منفذ في الحال واستعير للفعل الكريم إما لكونه تأثيرا له أو لكونه منهجا في
رفعه
(16/221)
قلت لم يقع في رواية أبي ذر
هذه اللفظة أعني منقبة فاطمة بنت رسول الله وفي ( التوضيح ) فاطمة تكنى بأم أبيها
أنكحها عليا بعد وقعة أحد وهي بنت خمس عشرة وخمسة أشهر ونصف وكان سن علي رضي الله
تعالى عنه يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر
وقال النبي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
هذا التعليق مر موصولا في أواخر باب علامات النبوة فليرجع إليه
1173 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( عروة بن
الزبير ) عن ( عائشة ) أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من
النبي فيما أفاء الله على رسوله تطلب صدقة النبي التي بالمدينة وفدك وما بقي من
خمس خيبر فقال أبو بكر أن رسول الله قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل
محمد من هذا المال يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل وإني والله لا أغير
شيئا من صدقات النبي التي كانت عليها في عهد النبي ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول
الله فتشهد علي ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وذكر قرابتهم من رسول الله
وحقهم فتكلم أبو بكر فقال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من
قرابتي
مطابقته للترجمة تستأنس من قوله لقرابة النبي إلى آخره وأبو اليمان بفتح الياء آخر
الحروف الحكم بن نافع وهذا الإسناد بعينه قد مر غير مرة والحديث مر بأتم من هذا في
أول كتاب الخمس
قوله تطلب صدقة النبي إن قيل كيف تطلب الصدقة وهي لجميع المؤمنين يقال إن معناه
تطلب ما هي صدقة في الواقع ملك لرسول الله بحسب اعتقادها قال الكرماني فلفظ الصدقة
هو لفظ الراوي قوله لا نورث قيل إن فاطمة لم تكن علمت هذا قوله لا نورثوفيه أنه
كان أبقى رباعه لقوت أهله في حياته ومماته وما يعرض له من امور المسلمين وفيه أن
خيبر خمست وفيه أنه كان له في الخمس حظ وفيه أن لبني هاشم حقا في مال الله وهو من
الفيء والخمس والجزية وشبه ذلك ليتنزهوا عن الصدقة
قوله فتشهد علي قال صاحب ( التوضيح ) وهذا إلى آخره ليس من هذا الحديث إنما كان
ذلك بعد موت فاطمة وقد أتى به في موضع آخر قوله فتكلم أبو بكر إلى آخره قاله على
سبيل الاعتذار عن منعه إياها ما طلبته منه من تركة النبي
3173 - أخبرني ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( خالد ) حدثنا ( شعبة ) عن (
واقد ) قال سمعت أبي يحدث عن ( ابن عمر ) عن ( أبي بكر ) رضي الله تعالى عنهم قال
ارقبوا محمدا في أهل بيته ( الحديث 3173 - طرفه في 1573 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري وهو من
أفراده وخالد هو ابن الحارث ابن سليم بن الهجيمي البصري وواقد بكسر القاف وبالدال
المهملة ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر يروي عن أبيه محمد عن عبد الله بن عمر
عن أبي بكر رضي الله تعالى عنهم
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضل الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما عن يحيى بن
معين وصدقة بن الفضل
قوله إرقبوا أمر للناس يعني إحفظوا محمدا في أهل بيته فلا
(16/222)
تؤذوهم ولا تسبوهم وأهل بيته
هم فاطمة والحسن والحسين لأنه لف عليهم كساء وقال هؤلاء أهل بيتي أو هم مع أزواجه
لأنه هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق
4173 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( ابن
أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) أن رسول الله قال فاطمة بضعة مني فمن أغضبها
أغضبني
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري وابن عيينة
هو سفيان بن عينة تصغير عين وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة
وقد مر غير مرة والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتحها وقد مر عن قريب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن قتيبة وفي الطلاق عن أبي الوليد وأخرجه
مسلم في الفضائل عن أحمد بن يوسن وقتيبة عن أبي معمر وأخرجه أبو داود في النكاح عن
أحمد بن يونس وقتيبة وأخرجه الترمذي في المناقب عن قتيبة وأخرجه النسائي عن قتيبة
وعن الحارث بن مسكين وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن عيسى بن حماد
قوله بضعة بفتح الباء وهي القطعة من الشيء
5173 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( عروة ) عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت دعا النبي فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيها
فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت قالت فسألتها عن ذالكفقالت سارني النبي
فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته
أتبعه فضحكت
هذا الحديث بعين هذا الإسناد والمتن عن يحيى بن قزعة مضى في أواخر باب علامات
النبوة وهذا تكرار بلا زيادة فائدة ولهذا لم يقع في رواية أبي ذر ولم يذكره النسفي
أيضا وكذلك الحديث الذي قبله لم يقع في روايتيهما لأنه يأتي مطولا كما ذكرنا
31 -
( باب مناقب الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي
بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب القرشي الأسدي أبو عبد الله يجتمع مع النبي
في قصي وعدد ما بينهما من الآباء سواء وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي وهو أحد
العشرة المبشرة المشهود لهم بالجنة شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله وهاجر
الهجرتين وأسلم وهو ابن ستة عشر سنة وروى الحاكم بإسناد صحيح عن عروة قال أسلم
الزبير وهو ابن ثمان سنين قتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وقبره
بوادي السباع ناحية البصرة قتله عمرو بن جرموز
وقال ابن عباس هو حواري النبي
هذه قطعة من حديث سيأتي في تفسير براءة من طريق ابن أبي مليكة قوله الحواري بفتح
الحاء والواو المخففة وتشديد الياء وهو لفظ مفرد ومعناه الناصر رواه الترمذي عن
سفيان بن عيينة وقال الزبير عن محمد بن سلام سألت يونس بن حبيب عن الحواري قال
الخالص وعن ابن الكلبي الحواري الخليل وقيل الصافي فإن قلت الصحابة كلهم أنصار
رسول الله خلصاء فما وجه التخصيص به قلنا هذا قاله حين قال يوم الأحزاب من يأتيني
بخبر القوم قال الزبير أنا ثم قال من يأتيني بخبر القوم فقال أنا وهكذا مرة ثالثة
ولا شك أنه في ذلك الوقت نصر نصرة زائدة على غيره
(16/223)
وسمي الحواريون لبياض ثيابهم
هذا من كلام البخاري أراد به حواري عيسى عليه الصلاة و السلام ووصله ابن أبي حاتم
من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس به وقال أبو أرطأة كانوا قصارين فسموا بذلك
لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها وقال الضحاك سموا حواريين لصفاء قلوبهم
وقال عبد الله بن المبارك سموا بذلك لأنهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة
ونورها وبهاؤها وأصل الحوار عند العرب البيض ومنه الأحور والحوراء ودقيق حواري
وقال قتادة هم الذين تصلح لهم الخلافة وقال النضر بن شميل الحواري خاصة الرجل الذي
يستعين به فيما ينوبه وقيل الحواريون كانوا صيادين يصطادون السمك وقيل كانوا
صباغين وقال الثعلبي كانوا أصفياء عيسى وأولياءه وأنصاره ووزراءه وكانوا اثني عشر
رجلا وأسماؤهم بطرس ويعقوبس ويحنس واندرابيس وقبيلس وابرثلما ومنتا وأتوماس ويعقوب
بن خلقانا ونشيمس وقنانيا ويوذس فهؤلاء حواريو عيسى عليه الصلاة و السلام وأما
حواريو هذه الأمة فقال قتادة إن الحواريين كلهم من قريش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
وحمزة وجعفر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي
وقاص وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهم
7173 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه
قال أخبرني ( مروان بن الحكم ) قال أصاب عثمان بن عفان رعاف شديد سنة الرعاف حتى
حبسه عن الحج وأوصاى فدخل عليه رجل من قريش قال استخلف قال وقالوه قال نعم قال ومن
فسكت فدخل عليه رجل آخر أحسبه الحارث فقال استخلف فقال عثمان وقالوا فقال نعم قال
ومن هو فسكت قال فلعلهم قالوا الزبير قال نعم قال أما والذي نفسي بيده إنه لخيرهم
ما علمت وإن كان لأحبهم إلى رسول الله ( الحديث 7173 - طرفه في 8173 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أما والذي نفسي بيده إلى آخره وخالد بن مخلد بفتح
الميم واللام وسكون الخاء المعجمة بينهما البجلي القطواني الكوفي وعلي بن مسهر بضم
الميم على لفظ اسم الفاعل من الإسهار بالسين المهملة
وهذا الحديث ذكره الحافظ المزي في مسند عثمان رضي الله تعالى عنه وأخرجه النسائي
في المناقب عن معاوية بن صالح
قوله رعاف بالرفع لأنه فاعل أصاب وعثمان بالنصب مفعوله قوله سنة الرعاف كان ذلك
سنة إحدى وثلاثين وكان للناس فيها رعاف كثير قوله استخلف أي إجعل لك خليفة من بعدك
قوله قال وقالوه أي قال عثمان وقال الناس هذا القول قال الرجل نعم قالوه قوله قال
ومن أي قال عثمان ومن استخلفه فسكت الرجل قوله فدخل عليه أي على عثمان قوله الحارث
يعني ابن الحكم وهو أخو مروان راوي الخبر قوله فقال استخلف أي فقال الحارث لعثمان
استخلف قوله وقال وقالوا أي وقال عثمان وقال الناس هذا قوله فقال نعم أي فقال
الحارث نعم قالوا هذا القول قوله قال ومن هوأي قال عثمان من هو الخليفة الذي قالوا
إني استخلفه قوله فسكت أي الحارث قوله قال فلعلهم قالوا الزبيرأي قال عثمان رضي
الله تعالى عنه فلعل هؤلاء قالوا هو الزبير بن العوام قوله قال نعم أي قال الحارث
قالوا هو الزبير بن العوام قوله قال أما والذي أي قال عثمان أما وحق الله الذي
نفسي بيده إنه أي الزبير لخيرهم أي لخير هؤلاء قوله ما علمت يجوز أن تكون ما
مصدرية أي في علمي ويجوز أن تكون موصولة ويكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي
علمت والضمير المنصوب الذي يرجع إلى الموصول محذوف تقديره علمته قال الداودي يحتمل
أن يكون المراد من الخيرية في شيء مخصوص كحسن الخلق وإن حمل على ظاهره ففيه ما
يبين أن قول ابن عمر ثم نترك أصحاب رسول الله لا نفاضل بينهم لم يرد به جميع
الصحابة فإن بعضهم قد وقع منه تفضيل بعضهم على بعض وهو عثمان في حق الزبير رضي
الله تعالى عنهما قوله وإن كان كلمة إن مخففة
(16/224)
من الثقيلة تقديره وإنه كان
لأحبهم أي لأحب هؤلاء الذين أشاروا على عثمان بالاستخلاف ويروى بدون اللام الفارقة
وهو لغة
8173 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) أخبرني أبي
سمعت ( مروان بن الحكم ) كنت عند عثمان أتاه رجل فقال استخلف قال وقيل ذاك قال نعم
الزبير قال أما والله إنكم لتعلمون إنه خيركم ثلاثا ( انظر الحديث 7173 )
مطابقته للترجمة في قوله إنه خيركم وعبيد بن إسماعيل أبو محمد الهباري القرشي
الكوفي واسمه في الأصل عبد الله وهو من أفراد البخاري وأبو أسامة يروي عن هشام وهو
يروي عن أبيه عروة وهو يروي عن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية
قوله قال وقيل ذلك أي قال عثمان أو قيل ذلك أشار به إلى الاستخلاف الذي يدل عليه
قوله استخلف ويروى ذاك بدون اللام وهمزة الاستفهام مقدرة قبل واو وقيل قوله الزبير
أي الذي قيل بأن يستخلف هو الزبير ابن العوام قوله أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم
وهي كلمة استفتاح بمنزلة ألا وتكثر قبل القسم قوله ثلاثا أي قالها ثلاث مرات
0273 - حدثنا ( أحمد بن محمد ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( هشام بن عروة ) عن
أبيه عن ( عبد الله ابن الزبير ) رضي الله تعالى عنهما قال كنت يوم الأحزاب جعلت
أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني
قريظة مرتين أو ثلاثا فلما رجعت قلت يا أبت رأيتك تختلف قال أو هل رأيتني يا بني
قلت نعم قال كان رسول الله قال من يأت بني قريظة فيأتيني بخبرهم فانطلقت فلما رجعت
جمع لي رسول الله أبويه فقال فداك أبي وأمي
مطابقته للترجمة في قوله جمع لي رسول الله إلى آخره فإن قوله للزبير فداك أبي وأمي
منقبة عظيمة له
وأحمد بن محمد بن موسى أبو العباس يقال له مردويه السمسار المروزي وعبد الله هو
ابن المبارك المروزي
والحديث أخرجه مسلم حدثنا إسماعيل بن خليل وسويد بن سعيد كلاهما عن علي بن مسهر
قال إسماعيل أخبرنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير
قال كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسان وكان يطاطيء لي
مرة فأنظر وأطاطىء له مرة فينظر فكنت أعرف أبي إذا مر على فرسه في السلاح إلى بني
قريظة قال وأخبرني عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال فذكرت ذلك لأبي
فقال ورأيتني يا بني قلت نعم قال أما والله لقد جمع لي رسول الله يومئذ أبويه فقال
فداك أبي وأمي وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير
قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه النسوة يعني
نسوة النبي وساق الحديث يعني حديث ابن مسهر في هذا الإسناد ولم يذكر عبد الله بن
عروة في هذا الحديث ولكن أدرج القصة في حديث هشام عن أبيه عن ابن الزبير
قوله يوم الأحزاب هو يوم الخندق لما حاصر قريش ومن معهم المسلمين بالمدينة وحفر
الخندق بسبب ذلك قوله جعلت على صيغة المجهول قوله وعمر بن أبي سلمةواسم أبي سلمة
عبد الله بن عبد الأسد القرشي المخزومي أبو حفص المدني ربيب رسول الله قوله في
النساء أي بين النساء قوله يختلف أي يجيء ويذهب وفي رواية الإسماعيلي مرتين أو
ثلاثا قوله وهل رأيتني يا بني قال نعم
(16/225)
فيه صحة سماع الصغير وإنه لا
يتوقف على أربع أو خمس لأن ابن الزبير كان يومئذ ابن سنتين وأشهر أو ثلاث وأشهر
وقد مر الكلام فيه في كتاب العلم في باب ما يصح سماع الصغير قوله فداك أبي وأمي
1273 - حدثنا ( علي بن حفص ) حدثنا ( ابن المبارك ) أخبرنا ( هشام بن عروة ) عن
أبيه أن ( أصحاب ) النبي قالوا للزبير يوم وقعة اليرموك ألا تشد فنشد معك فحمل
عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر قال عروة فكنت أدخل
أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن حفص المروزي سكن عسقلان وابن المبارك هو علي بن
المبارك الهنائي البصري
قوله يوم اليرموك بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وضم الميم وسكون الواو وفي
آخره كاف قال الصاغاني في ( العباب ) اليرموك موضع بناحية الشام وهو يفعول قلت هو
موضع بين أذرعات ودمشق وقال سيف بن عمر كانت وقعة اليرموك في سنة ثلاث عشرة من
الهجرة قبل فتح دمشق وتبعه على ذلك ابن جرير الطبري وقال محمد بن إسحاق كانت في
رجب سنة خمس عشرة وكذا نقل ابن عساكر عن أبي عبيد والوليد وابن لهيعة والليث وأبي
معشر أنها كانت في سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق وقال ابن الكلبي كانت وقعة اليرموك
يوم الإثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة وقال ابن عساكر وهذا هو المحفوظ وكانت
من أعظم فتوح المسلمين وكان رأس عسكر هرقل ماهان الأرمني ورأس عسكر المسلمين أبا
عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه وكانت بينهم خمس وقعات عظيمة فآخر الأمر نصر
الله المسلمين وقتلوا منهم مائة ألف وخمسة آلاف نفس وأسروا أربعين ألفا وقتل من
المسلمين أربعة آلاف ختم الله لهم بالشهادة وقتل ماهان على دمشق وبعث أبو عبيدة
الكتاب والبشارة إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بحذيفة بن اليمان مع عشرة
من المهاجرين والأنصار وغنم المسلمون غنيمة عظيمة حتى أصاب الفارس أربعة وعشرين
ألف مثقال من الذهب وكذلك من الفضة وكان المسلمون خمسة وأربعين ألفا وقيل ستة
وستين ألفا وقد ذكرنا أن القتلى منهم أربعة آلاف وكانت الروم في تسعمائة ألف وكان
جبلة بن الإيهم مع عرب غسان في ستين ألفا والله أعلم قوله ألا تشد كلمة ألا
للتحضيض والحث وتشد بضم الشين المعجمة أي ألا تشد على المشركين فلله در الزبير بن
العوام فيما فعل في هذه الوقعة وكذلك خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه والشد في
الحرب الحملة والجولة قوله فحمل عليهم أي فحمل الزبير على الروم والقرينة دالة
عليه قوله فضربوه أي فضرب الروم الزبير رضي الله تعالى عنه قوله بينهما أي بين
الضربتين قوله ضربها على صيغة المجهول
41 -
( باب مناقب طلجة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب طلحة بن عبيد الله وفي بعض النسخ باب ذكر طلحة بن عبيد
الله وفي رواية ذر مناقب طلحة بدون لفظة باب
وعبيد الله هو ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب يجتمع مع
رسول الله في مرة بن كعب ومع أبي بكر الصديق في تيم بن مرة وعدد ما بينهم من
الآباء سواء ويكنى طلحة أبا محمد واسم أمه الصعبة بنت الحضرمي أخت العلاء بن
الحضرمي أسلمت وهاجرت وعاشت بعد ابنها قليلا وروى الطبري من طريق ابن عباس قال
أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم عبد الرحمن بن عوف وقتل طلحة يوم الجمل
سنة ست وثلاثين رمي بسهم وروي من طرق كثيرة أن مروان بن الحكم رماه فأصاب ركبته
فلم يزل ينزف الدم منها حتى مات وكان يومئذ أول قتيل واختلف في عمره فالأكثرون على
أنه كان خمسا وسبعين وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الثمانية الذين سبقوا
إلى الإسلام وأحد الخمسة الذين أسلموا على يدي أبي بكر الصديق وأحد الستة أصحاب
الشورى الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض
(16/226)
وقال عمر توفي النبي وهو عنه
راض
قد مر هذا التعليق عن قريب في قصة البيعة وفيه مقتل عمر رضي الله تعالى عنه مطولا
ومسندا وهو قول عمر ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول
الله وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن
2273 -
3273 - حدثني ( محمد بن أبي بكر المقدمي حدثن معتمر ) عن أبيه عن ( أبي عثمان )
قال لم يبق مع النبي في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله غير طلحة وسعد عن
حديثهما ( الحديث 2273 - طرفه في 0604 ) ( الحديث 3273 - طرفه في 1604 )
مطابقته للترجمة من حيث إن طلحة بقي مع رسول الله يوم الحرب عند فرار الناس عنه
وفيه منقبة عظيمة له ومعتمر هو ابن سليمان التيمي يروي عن أبيه سليمان عن أبي
عثمان عبد الرحمن النهدي قوله في بعض تلك الأيام أراد به يوم أحد قوله غير طلحة
بالرفع لأنه فاعل قوله لم يبق قوله عن حديثهما يعني يروي أبو عثمان هذا من حديث
طلحة وسعد أراد أنهما حدثاه بذلك
4273 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( خالد ) حدثنا ( ابن أبي خالد ) عن ( قيس بن أبي
حازم ) قال رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي قد شلت ( الحديث 4273 - طرفه في3604 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وخالد هو ابن عبد الله الواسطي وابن أبي خالد هو إسماعيل
واسم أبي خالد سعد ويقال هرمز الأحمسي البجلي وقيس بن أبي حازم بالحاء المهملة
والزاي واسمه عوف الأحمسي البجلي قدم المدينة بعد ما قبض النبي
قوله التي وقى بها يعني يوم أحد وقد صرح بذلك علي بن مسهر عن إسماعيل عند
الإسماعيلي وروى الطبري من طريق موسى بن طلحة عن أبيه أنه أصابه في يده سهم ومن
حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنه وقى رسول الله لما أراد بعض المشركين أن يضربه
وفي ( مسند الطيالسي ) من حديث عائشة عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما قال
ثم أتينا طلحة يعني يوم أحد فوجدنا به بضعا وسبعين جراحة وإذا هو قد قطعت إصبعه
وفي ( الجهاد ) لابن المبارك من طريق موسى بن طلحة إن إصبعه التي اصيبت هي التي
تلي الإبهام قوله قد شلت بفتح الشين تشل ذكره ثعلب قال الشنتمري هو بطلان في اليد
أو الرجل من آفة تعتريها وليس معناه قطعت كما ذكره ابن سيده قال الزمخشري إذا
استرخت وقال كراع هو تقبض في الكف وأصله شللت على وزن فعلت بكسر العين وقال ابن
درستويه والعامة تقول شلت يده بالضم وهو خطأ وقال اللحياني ومنهم من يقول شلت يعني
بالضم وهو قليل وعن ابن الأعرابي لا يقال شلت يعني بالضم إلا في لغة رديئة وفي (
العويص ) لابن سيده أشللت يده بالألف وقال أبو الشاء ومن خواص طلحة بن عبيد الله
أن رسول الله إذا لم يره قال مالي لا أرى المليح الفصيح ولقبه بالفياض وطلحة الخير
وطلحة الجود ولم يثبت معه يوم أحد غيره وعن المبرد كان يقال لطلحة بن عبيد الله
طلحة الطلحات وخلف مالا جزيلا ثلاثين ألف ألف وفي الصحابة من اسمه طلحة نحو
العشرين
51 -
( باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري أحد العشرة ويكنى أبا إسحاق وكان
يقال له فارس الإسلام وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان مجاب الدعوة وكان
سابع سبعة في الإسلام وهو الذي كوف الكوفة ونفى الأعاجم وفتح الله على يديه أكثر
فارس مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة وحمل على رقاب الناس إلى
المدينة
(16/227)
ودفن بالبقيع وصلى عليه مروان
بن الحكم وهو آخر العشرة وفاة في سنة خمس وخمسين وهو المشهور وعمره يوم مات ثلاث
وثمانون وقيل ثلاث وسبعون والله أعلم
وبنو زهرة أخوال النبي
لأن أم النبي آمنة منهم وأقارب الأم أخوال
وهو سعد بن مالك
أشار به إلى أن اسم أبي وقاص والد سعد هو مالك بن وهب ويقال وهيب ويقال أهيب بن
عبد مناف بن زهرة ابن كلاب بن مرة يجتمع مع النبي في كلاب بن مرة وعدد ما بينهما
من الآباء متفاوت وأمه حمنة بنت سفيان ابن أمية بن عبد شمس لم تسلم
5273 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( عبد الوهاب ) قال سمعت ( يحيى ) قال سمعت
( سعيد بن المسيب ) قال سمعت ( سعدا ) يقول جمع لي النبي أبويه يوم أحد
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي ويحيى هو ابن سعيد
القطان
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن مسدد وعن قتيبة وأخرجه مسلم في الفضائل
عن محمد بن المثنى به وعن قتيبة ومحمد بن رمح عن القعنبي وأخرجه الترمذي في
الاستئذان في المناقب عن قتيبة وأخرجه النسائي في السنة عن محمد بن رمح به وعن
هشام بن عمار قوله جمع لي أي في التفدية بأن قال فداك أبي وأمي
6273 - حدثنا ( مكي بن إبراهيم ) حدثنا ( هاشم بن هاشم ) عن ( عامر بن سعد ) عن
أبيه قال لقد رأيتني وأنا ثلث الإسلام
مطابقته للترجمة من حيث إنه كان ثلث الإسلام وهو منقبة عظيمة وهاشم بن هاشم بن
عتبة بن أبي وقاص الزهري يعد في أهل المدينة وهو يروي عن عامر بن سعد وابن أبي
وقاص يروي عن أبيه سعد
قوله لقد رأيتني أي رأيت نفسي والحال وأنا ثلث الإسلام أراد به أنه ثالث من أسلم
أولا وأراد بالإثنين أبا بكر وخديجة أو النبي وأبا بكر والظاهر أنه أراد الرجال
الأحرار لأن أبا عمر ذكر في الاستيعاب أنه سابع سبعة في الإسلام وقد تقدم في ترجمة
الصديق حديث عمار رأيت النبي وما معه إلا خمسة أعبد وأبو بكر فهؤلاء ستة ويكون هو
السابع بهذا الإعتبار أو قال ذلك بحسب إطلاعه والسبب فيه أن من كان أسلم في ابتداء
الأمر كان يخفي إسلامه فبهذا الاعتبار قال وأنا ثلث الإسلام
7273 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن أبي زائدة حدثنا هاشم بن هاشم بن عتبة بن
أبي وقاص قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت سعد بن أبي وقاص يقول ما أسلم أحد إلا
في اليوم الذي أسلمت فيه ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام ( انظر الحديث
6273 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( إبراهيم بن موسى ) بن يزيد التميمي الفراء أبو إسحاق
يعرف بالصغير يروي عن يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة واسمه ميمون ويقال خالد
الهمداني الكوفي القاضي
قوله ما أسلم أحد ظاهره أنه لم يسلم أحد قبله وهذا مشكل لأنه قد أسلم قبله جماعة
ولكن يحمل هذا على مقتضى ما كان اتصل بعلمه حينئذ وقد روى ابن منده في المعرفة من
طريق أبي بدر عن هاشم بلفظ ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت فيه وهذا لا إشكال فيه
لأنه لا مانع أن لا يشاركه أحد في الإسلام يوم أسلم ولا ينافي هذا إسلام جماعة قبل
يوم إسلامه فافهم قوله ولقد مكثت إلى آخره هذا أيضا على مقتضى إطلاعه كما ذكرنا عن
قريب
(16/228)
تابعه أبو أسامة حدثنا هاشم
أي تابع ( ابن أبي زائدة ) أبو أسامة حماد بن أسامة عن هاشم وأسند البخاري هذه
المتابعة في إسلام سعد رضي الله تعالى عنه على ما يأتي إن شاء الله تعالى ويروى
أبو أسامة حدثنا هاشم
8273 - حدثنا ( عمرو بن عون ) حدثنا ( خالد بن عبد الله ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس
) قال سمعت ( سعدا ) رضي الله تعالى عنه يقول إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل
الله وكنا نغزو مع النبي وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى إن أحدنا ليضع كما يضع
البعير أو الشاة ما له خلط ثم أصبحت بنو اسد تعزرني على الإسلام لقد خبت إذا وضل
عملي وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا لا يحسن يصلي
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله وفيه منقبة
عظيمة له
وعمرو بفتح العين ابن عون بفتح العين وبالنون مر في الصلاة روى عنه البخاري هنا
بلا واسطة وفي بعض المواضع يروي عنه بواسطة عبد الله بن محمد المسندي وخالد بن عبد
الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي يروي عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي عن
قيس بن أبي حازم عن سعد بن أبي وقاص
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن عبد الله بن محمد وفي الرقاق عن مسدد
وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن حبيب وعن محمد بن عبد الله ابن نمير وعن
يحيى عن وكيع وأخرجه الترمذي في الزهد عن محمد بن بشار وعن عمرو بن إسماعيل وأخرجه
النسائي في المناقب عن محمد بن المثنى وفي الرقائق عن قتيبة وأخرجه ابن ماجه في
السنة عن علي بن محمد
قوله إني لأول العرب رمى كان ذلك في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكان
القتال فيها أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين وكانت هي أول سرية بعثها رسول
الله في السنة الأولى من الهجرة بعث ناسا من المسلمين إلى رابغ ليلقوا عيرا لقريش
فتراموا بالسهام ولم يكن بينهم مسايفة أي مضاربة ومحاربة وكان سعد أول من رمى
وكانوا ستين راكبا من المهاجرين وفيهم سعد وعقد له اللواء وهو أول لواء عقده رسول
الله فالتقى عبيدة وأبو سفيان الأموي وكان هو على المشركين وهذا أول قتال جرى في
الإسلام وأول من رمى إليهم هو سعد وفيه قال
( ألا هل جاء رسول الله أني
حميت صحابي بصدور نبلي )
( فما يعتد رام من معد
بسهم مع رسول الله قبلي )
قوله كما يضع أي يضع عند قضاء الحاجة أي يخرج منهم مثل البعر ليبسه وعدم الغذاء
المألوف قوله ما له خلط بكسر الخاء المعجمة أي لا يختلط بعضه ببعض لجفافه قوله
تعزرني على الإسلام أي تؤذيني والمعنى تعلمني الصلاة وتعيرني بأني لا أحسنها قوله
لقد خبت من الخيبة أي إن كنت محتاجا إلى تعليمهم فقد ضل عملي فيما مضى خاسئا من
ذلك قوله وكانواأي بنو أسد قوله وشوا به بالشين المعجمة أي سعوا به أي بسعد يقال
وشى به وشاية إذا نم عليه وسعى به فهو واش وجمعه وشاة وأصله استخراج الحديث باللطف
والسؤال وقد مرت قصته مع الذين زعموا أنه لا يحسن يصلي في صفة الصلاة
61 -
( باب ذكر أصهار النبي )
أي هذا باب في بيان ذكر أصهار النبي وفي بعض النسخ ذكر أصهار رسول الله وليس فيه
ذكر لفظ باب وأصهاره هم الذين تزوجوا إليه والصهر يطلق على جميع أقارب المرأة
ومنهم من يخصه وقال الجوهري الأصهار أهل بيت المرأة وعن الخليل قال ومن العرب من
يجعل الصهر من الأحماء والأختان
(16/229)
والأختان جمع ختن وهو كل من
كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ وهم الأختان هكذا عند العرب وأما عند العامة
فختن الرجل زوج ابنته
منهم أبو العاص بن الربيع
أي من أصهار النبي أبو العاص واسمه لقيط مقسم بكسر الميم وقيل هشيم ويلقب جرو
البطحاء ابن الربيع بن الربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ويقال بإسقاط
الربيعة وهو مشهور بكنيته وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة وكان ابن خالتها وتزوج
زينب بنت رسول الله قبل البعثة وهي أكبر بنات رسول الله وقد أسر أبو العاص ببدر مع
المشركين وفدته زينب فشرط عليه النبي أن يرسلها إليه فوفى له بذلك فهذا معنى قوله
في آخر الحديث ووعدني فوفى لي ثم أسر أبو العاص مرة أخرى فأجارته زينب فأسلم فردها
النبي إلى نكاحه وقال أبو عمر وكان الذي أسر إبا العاص عبد الله بن جبير بن
النعمان الأنصاري فلما بعث أهل فكة في فداى أساراهم قدم في فداء أخوه عمرو بن
الربيع بمال دفعته إليه زينب بنت رسول الله من ذلك قلادة لها كانت لخديجة أمها قد
أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ثم هاجرت زينب مسلمة وتركته على شركه فلم
يزل كذلك مقيما على الشرك حتى كان قبيل الفتح خرج بتجارة إلى الشام ومعه أموال من
أموال قريش فلما انصرف قافلا لقيته سرية لرسول الله أميرهم زيد بن حارثة وكان أبو
العاص في جماعة عير قريش وكان زيد في نحو سبعين ومائة راكب فأخذوا ما في تلك العير
من الثقل وأسروا ناسا منهم وأفلتهم أبو العاص هربا ثم أقبل من الليل حتى دخل على
زينب فاستجار بها فأجارته ودخل رسول الله على زينب وقال أكرمي مثواه ثم ردوا عليه
ما أخذوا منه فلم يفقد منه شيئا فاحتمل إلى مكة فأدى إلى كل أحد ماله ثم خرج حتى
قدم على رسول الله مسلما وحسن إسلامه ورد رسول الله ابنته عليه فقيل ردها عليه على
النكاح الأول قاله ابن عباس وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول
الله ردها عليه بنكاح جديد وبه قال الشعبي وولدت له أمامة التي كان النبي يحملها
وهو يصلي وولدت له أيضا ابنا اسمه علي كان في زمن النبي مراهقا ويقال إنه مات قبل
وفاة النبي واستشهد أبو العاص في وقعة اليمامة
9273 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال حدثني ( علي بن
حسين ) أن ( المسور ابن مخرمة ) قال إن عليا خطب بنت أبي جهل فسمعت بذلك فاطمة
فأتت رسول الله فقالت يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكح بنت أبي جهل
فقام رسول الله فسمعته حين تشهد يقول أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع
فحدثني وصدقني وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول
الله وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك علي الخطبة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم مات
في سنة أربع أو خمس وتسعين والحديث مضى في الخمس في باب ما ذكر من درع النبي
قوله بنت أبي جهل اسمها جويرية بالجيم وقيل الجميلة وقيل العوراء وكان علي رضي
الله تعالى عنه قد أخذ بعموم الجواز فلما أنكره النبي أعرض عن الخطبة فيقال تزوجها
عتاب بن أسيد وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بن الناس ويأخذوا به إما على
سبيل الإيجاب وإما على
(16/230)
سبيل الأولوية وادعى الشريف
المرتضي الموسوي في ( غرره ) أن خطبة علي لابنة أبي جهل موضوع فلا يستوي سماعه ورد
عليه بأنه ثبت في ( الصحيح ) في حديث المسور بن مخرمة وأخرجه الترمذي عن عبد الله
بن الزبير وصححه قوله وهذا علي ناكح بنت أبي جهل وفي رواية الطبراني عن أبي زرعة
عن أبي اليمان وهذا علي ناكحا بالنصب على الحال المنتظرة وإطلاق اسم الناكح عليه
مجاز باعتبار ما كان قصد إليه قوله فحدثني وصدقني كأنه أراد بذلك أنه كان على شرط
على أبي العاص أن لا يتزوج على زينب فثبت على شرطه فلذلك شكره النبي بالثناء عليه
بالوفاء والصدق قوله وصدقني بتخفيف الدال المفتوحة قوله بضعة بفتح الباء الموحدة
وفي رواية للحاكم مضغة مني بالميم يغيظني ما يغيظها ويبسطني ما يبسطها وقال صحيح
الإسناد
وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة عن ابن شهاب عن علي عن مسور سمعت النبي وذكر صهرا له
من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي
هذه الزيادة قد تقدمت في كتاب الخمس مطولا أخرجها عن سعيد بن محمد الجرمي عن يعقوب
بن إبراهيم عن أبيه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن ابن
شهاب عن علي بن الحسين إلى آخره وقد تقدم الكلام فيه هناك
71 -
( باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي )
أي هذا باب في بيان مناقب زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى الكلبي أسر
زيد في الجاهلية فاشتراه حكيم ابن حزام لعمته خديجة فاستوهبه النبي منها ويقال
خرجت به أمه تزور قومها فاتفق غارة فيهم فاحتملوا زيدا وهو ابن ثمان سنين ووفدوا
به إلى سوق عكاظة فعرضوه على البيع فاشتراه حكيم بن حزام بالزاي لخديجة بأربعمائة
درهم فلما تزوجها رسول الله وهبته له ثم إن خبره اتصل بأهله فحضره أبوه حارثة في
فدائه فخيره النبي بين المقام عنده والرجوع إليه فاختار رسول الله وتبناه رسول
الله وزوجه حاضنته أم أيمن ضد الأيسر فولدت له أسامة ومن فضائله أن الله سماه في
القرآن وهو أول من أسلم من الموالي فأسلم من أول يوم تشرف برؤية النبي وكان من
الأمراء الشهداء ومن الرماة المذكورين وله حديثان وقال ابن عمر ما كنا ندعوه إلا
زيد بن محمد حتى نزلت ادعوهم لآبائهم ( الأحزاب 5 ) وذكر ابن منده في ( معرفة
الصحابة ) عن آل بيت زيد بن حارثة أن حارثة أسلم يومئذ أعني يوم جاء أبوه يأخذه
بالفداء
وقال البراء عن النبي أنت أخونا ومولانا
هذا قطعة من حديث البراء أخرجه مطولا في كتاب الصلح في باب كيف يكتب هذا ما صالح
إلى آخره
0373 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( سليمان ) قال حدثني ( عبد الله بن دينار )
عن ( عبد الله ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ( بعث ) النبي بعثا وأمر عليهم
أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي أن تطعنوا في إمارته فقد كنتم
تطعنون في إمارة أبيه من قبل وايم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب
الناس إلي بعده
مطابقته للترجمة ظاهرة جدا وسليمان هو ابن بلال والحديث من أفراده
قوله بعثا بفتح الباء الموحدة
(16/231)
وسكون العين المهملة وفي آخره
ثاء مثلثة وهو السرية قوله وأمر بتشديد الميم قوله فطعن يقال طعن بالرمح وباليد
يطعن بالضم وطعن في العرض والنسب يطعن بالفتح وقيل هما لغتان فيهما قوله بعض الناس
منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي قوله في إمارته بكسر الهمزة قوله في إمارة أبيه
وهي إمارة زيد بن حارثة في غزوة مؤتة قوله إن كان لخليقا أي إن زيدا كان خليقا
بالإمارة يعني أنهم طعنوا في إمارة زيد وظهر لهم في الآخر أنه كان جديرا لائقا بها
فكذلك حال أسامة
وفيه جواز إمارة الموالي وتولية الصغار على الكبار والمفضول على الفاضل للمصلحة
وقال الكرماني الأحب بمعنى المحبوب قلت ما ظهر لي وجه العدول عن معنى التفضيل ومع
هذا ذكره بكلمة من التبعيضية
1373 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( الزهري ) عن ( عروة
) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت دخل علي قائف والنبي شاهد وأسامة بن زيد
وزيد بن حارثة مضطجعان فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض قال فسر بذلك النبي
وأعجبه فأخبر به عائشة رضي الله تعالى عنها
مطابقته للترجمة تستأنس من قوله فسر بذلك النبي إلى آخره والحديث أخرجه البخاري
أيضا في النكاح عن منصور بن أبي مزاحم
قوله قائف هو الذي يلحق الفروع بالأصول بالشبه والعلامات ويراد به ههنا مجزز
بالجيم وتشديد الزاي الأولي المدلجي وأبعد من قال بالحاء المهملة وحكى فتح الزاي
الأولى والصواب الكسر لأنه جز نواصي العرب وهو ابن الأعور بن جعدة بن معاذ بن
عتوارة بن عمر بن مدلج الكناني المدلجي ودخوله على عائشة إما قبل نزول الحجاب أو
بعده وكان من وراء حجاب قوله فأعجبه وأخبر به عائشة لعله لم يعلم أنها علمت ذلك أو
أخبرها وإن كان علم بعلمها تأكيدا للخبر أو نسي أنها علمت ذلك وشاهدته معه وقد مر
الكلام في حكم القائف في باب صفة النبي في الحديث الذي أخرجه عن يحيى عن عبد
الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله دخل عليها مسرورا
تبرق أسارير وجهه الحديث
81 -
( باب ذكر أسامة بن زيد )
أي هذا باب في ذكر أسامة بن زيد قال الكرماني قال ذكر أسامة ولم يقل مناقب أسامة
كما قال فيما تقدم لأن المذكور في الباب أعم من المناقب كالحديث الآتي
2373 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها أن قريشا أهمهم شأن المخزومية فقالوا من يجترىء عليه
إلا أسامة بن زيد حب رسول الله
مطابقته للترجمة في قوله من يجترىء عليه إلى آخره والحديث مر بأتم منه في باب ما
ذكر في بني إسرائيل ومر الكلام فيه هناك
قوله شأن المخزومية أي أمرها وحالها واسمها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد ابن
هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعمها أبو سلمة عبد الله بن مخزوم قوله حب الحب
بكسر الحاء بمعني المحبوب
( وحدثنا علي حدثنا سفيان قال ذهبت أسأل الزهري عن حديث المخزومية فصاح بي
(16/232)
قلت لسفيان فلم تحتمله عن أحد
قال وجدته في كتاب كان كتبه أيوب بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله
عنها أن امرأة من بني مخزوم سرقت فقالوا من يكلم فيها النبي فلم يجترىء أحد أن
يكلمه فكلمه أسامة بن زيد فقال إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا
سرق فيهم الضعيف قطعوه لو كانت فاطمة لقطعت يدها )
هذا طريق آخر في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أخرجه عن علي بن عبد الله المعروف
بابن المديني عن سفيان بن عيينة إلى آخره قوله قال وجدته أي قال سفيان وجدت هذا
الحديث في كتاب كتبه أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي عن محمد بن
مسلم الزهري الوجادة أن يوقف على كتاب بخط شيخ فيه أحاديث ليس له رواية ما فيها
فله أن يقول وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتاب فلان بخطه حدثنا فلان ويسوق باقي
الإسناد والمتن وقد استمر العمل عليه قديما وحديثا وهو من باب المرسل وفيه شوب من
الاتصال قوله تركوه يعني أحدثوا ذلك بعد أنبيائهم قوله لو كانت يعني لو كانت
السارقة فاطمة لقطعت يدها وفيه ترك الرحمة فيمن وجب عليه الحد -
( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله وليس هذا في كثير من النسخ بموجود
4373 - حدثني ( الحسن بن محمد ) حدثنا ( أبو عباد يحيى بن عباد ) حدثنا ( الماجشون
) أخبرنا ( عبد الله بن دينار ) قال ( نظر ابن عمر ) يوما وهو في المسجد إلى رجل
يسحب ثياه في ناحية من المسجد فقال انظر من هاذا ليت هذا عندي قال له إنسان أما
تعرف هذا يا أبا عبد الرحمان هذا محمد بن أسامة قال فطأطأ ابن عمر رأسه ونقر بيديه
في الأرض ثم قال لو رآه رسول الله لأحبه
مطابقته للترجمة بطريق الإلحاق والحسن بن محمد بن الصباح أبو علي الزعفراني وهو من
أفراده ويحيى بن عباد بتشديد الباء الموحدة أبو عباد الضبعي البصري والماجشون هو
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة والحديث من أفراده
قوله وهو في المسجد الواو فيه للحال قوله يسحب
قوله ليت هذا عندي أي قريبا مني حتى أنصحه وأعظه وقد روي عبدي بالباء الموحدة
وكأنه على هذا كان أسود اللون مثل العبيد السود قوله له إنسان أي قال لعبد الله بن
عمر شخص أما تعرف هذا يا أبا عبد الرحمن وهو كنية عبد الله بن عمر قوله محمد بن
أسامة أي أسامة بن زيد قوله فطأطأ ابن عمر أي طأطأ رأسه أي خفضه قوله لأحبه إنما
قال ذلك لما كان يعلم من محبة رسول الله لأسامة ولأبيه زيد بن حارثة ولذريتهما
فإنه قاس محمدا المذكور على أبيه وعلى جده حيث كانا محبوبين لرسول الله
5373 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت أبي حدثنا ( أبو عثمان
) عن ( أسامة بن زيد ) رضي الله تعالى عنهما حدث عن النبي أنه كان يأخذه والحسن
فيقول اللهم
(16/233)
أحبهما فإني أحبهما
مطابقته للترجمة ظاهرة ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه وأبو عثمان هو عبد
الرحمن النهدي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل الحسن عن مسدد وفي الأدب عن عبد الله بن محمد
وعن علي بن المديني وأخرجه النسائي رحمه الله في المناقب عن أبي قدامة وعن الحسن
بن قزعة وعن قتيبة وعن سوار بن عبد الله
قوله والحسنهو ابن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قوله أحبهما بفتح الهمزة
وكسر الحاء وفتح الباء المشددة قوله أحبهما بضم الهمزة وضم الباء وفيه منقبة عظيمة
لأسامة بن زيد والحسن بن علي
6373 - وقال ( نعيم ) عن ( ابن المبارك ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني
مولى ل ( أسامة بن زيد ) أن الحجاج بن أيمن بن أم أيمن وكان أيمن بن أم أيمن أخا
أسامة بن زيد لأمه وهو رجل من الأنصار فرآه ابن عمر لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال
أعد
7373 - قال ( أبو عبد الله ) وحدثني سليمان بن عبد الرحمان حدثنا الوليد بن مسلم
حدثنا عبد الرحمان بن نمر عن الزهري حدثني حرملة مولى أسامة ابن زيد أنه بينما هما
مع عبد الله بن عمر إذ دخل الحجاج بن أيمن فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال أعد فلما
ولى قال لي ابن عمر من هاذا قلت الحجاج بن أيمن ابن أم أيمن فقال ابن عمر لو رأى
هذا رسول الله لأحبه فذكر حبه وما ولدته أم أيمن قال أو زادني بعض أصحابي عن
سليمان وكانت حاضنة النبي ( انظر الحديث 6373 )
نعيم بضم النون هو حماد بن معاوية بن الحارث بن سلمة بن مالك أبو عبد الله الخزاعي
المروزي الأعور الرفاء الفارض أحد شيوخ البخاري وفي ( التهذيب ) روى عنه البخاري
مقرونا بغيره سكن مصر ومات بسر من رأى مسجونا في محنة سنة ثمان وعشرين ومائتين
قاله أبو داود وقال إبراهيم بن محمد نفطويه كان مقيدا فجر بأقياده وألقي في حفرة
لم يكفن ولم يصل عليه فعل ذلك به صاحب ابن أبي دؤاد وفي ( التهذيب ) خرج نعيم إلى
مصر فأقام بها نيفا وأربعين سنة ثم حمل إلى العراق في امتحان القرآن مع البويطي
مقيدين فمات نعيم بالعسكر بسامرة وابن المبارك هو عبد الله ومعمر بفتح الميمين هو
ابن راشد يروي عن محمد بن مسلم الزهري ومولى أسامة بن زيد هو حرملة بفتح الحاء
المهملة وسكون الراء وفتح الميم سمع أسامة وعلي بن أبي طالب روى عنه أبو جعفر محمد
بن علي والزهري في مواضع والحجاج بن أيمن بن عبيد ابن عمرو بن هلال الأنصاري
الخزرجي وقيل الحبشي من موالى الخزرج ابن أم أيمن حاضنة رسول الله وأخو أسامة لأمه
قال ابن إسحاق استشهد يوم حنين وله ابن اسمه حجاج وذكره الذهبي أيضا في ( تجريد
الصحابة ) وتزوج أم أيمن قبل زيد بن حارثة فولدت له أيمن ونسب أيمن إلى أمه لشرفها
على أبيه وشهرتها عند أهل البيت النبوي وتزوج زيد بن حارثة أم أيمن وكانت حاضنة
النبي ورثها من أبيه فولدت له أسامة بن زيد وعاشت أم أيمن بعد النبي قليلا واسمها
بركة بفتح الباء الموحدة أعتقها أبو النبي وأسلمت قديما وقال أبو عمر بركة بنت
ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان وهي أم أيمن غلبت عليها
كنيتها هاجرت الهجرتين إلى أرض الحبشة وإلى المدينة جميعا وقال الواقدي كانت بركة
لعبد الله بن عبد المطلب وصارت للنبي وقال أبو عمر بإسناده إلى سليمان بن أبي شيخ
كانت بركة لأم رسول الله وكان يقول أم أيمن أمي بعد أمي وكان رسول الله يزورها
وكان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يزورانها في منزلها كما كان النبي يزورها
(16/234)
ذكر معناه قوله وهو رجل أي
أيمن رجل من الأنصار وقد ذكرناه الآن قوله فرآه ابن عمر رأى معطوف على شيء مقدر
وهو خبر أن الحجاج بن أيمن رآه عبد الله بن عمر فرأه يقصر في صلاته وهو معنى قوله
لا يتم ركوعه ولا سجوده قوله فقال أعد أي قال عبد الله بن عمر للحجاج أعد صلاتك
وفي رواية الإسماعيلي فقال يا ابن أخي أتحسب أنك قد صليت إنك لم تصل فأعد صلاتك
قوله قال أبو عبد الله هو البخاري نفسه حدثني ( سليمان بن عبد الرحمن ) ابن ابنة
شرحبيل بن أيوب الدمشقي عن ( الوليد بن مسلم ) القرشي الأموي الدمشقي عن ( عبد
الرحمن بن نمر ) بفتح النون وكسر الميم اليحصبي بلفظ مضارع حصب الدمشقي عن محمد بن
مسلم الزهري عن حرملة إلى آخره قوله بينما هو قيل فيه تجريد كأن حرملة قال بينما
أنا فجرد من نفسه شخصا فقال بينما هو وقيل فيه التفات من الحاضر إلى الغائب قوله
فلما ولى أي الحجاج قوله قال لي ابن عمر يا حرملة من هذا قلت الحجاج بن أيمن قوله
لأحبه يعني لمحبته أيمن وأمه أم أيمن ولأسامة بن زيد قوله وما ولدته أمه كذا ثبت
في رواية أبي ذر بواو العطف والضمير على هذا لأسامة في قوله فذكر حبه أي ميله إلى
أيمن يعني حبه إياه وفي رواية غير أبي ذر فذكر حبه ما ولدته أم أيمن فعلى هذا
فالضمير للنبي وما ولدته هو المفعول والمراد بما ولدته أم أيمن ما ولدته من ذكر
وأنثى قال الكرماني فذكر حبه أي حب أيمن وأولاد أم أيمن والفاعل محذوف أي رسول
الله أو حب رسول الله لها مقرونا بأولادها فهو مضاف إلى الفاعل قوله وزادني بعض
أصحابي أي قال البخاري وزادني بعض أصحابي على ما مر قيل هو إما يعقوب بن سفيان
فإنه رواه في ( تاريخه ) عن سليمان بن عبد الرحمن بالإسناد المذكور وزاد فيه وكانت
أم أيمن حاضنة النبي وأما الذهلي فإنه أخرجه في ( الزهريات ) عن سليمان أيضا وكأن
هذا القدر لم يسمعه البخاري من سليمان فحمله عن بعض أصحابه فبين ما سمعه مما لم
يسمعه فلله دره ما أدق تحريره وما أشد تحبيره
91 -
( باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب المكي المدني
أسلم قديما مع أبيه قبل أن يبلغ الحلم وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين
منهم وأمه زينب ويقال رايطة بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون وأخيه قدامة بن مظعون
للجميع صحبة مات بمكة في سنة ثلاث وسبعين وعمره ست وثمانون سنة وقيل كان سبب موته
أن الحجاج دس عليه من مس رجله بحربة مسمومة فمرض بها إلى أن مات
8373 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن
( سالم ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال كان الرجل في حياة النبي إذا
رأى رؤيا قصها على النبي فتمنيت أن أري رؤيا أقصها على النبي وكنت غلاما أعزب وكنت
أنام في المسجد على عهد النبي فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار
فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا لها قرنان كقرني البئر وإذا فيها ناس قد عرفتهم
فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لي لن
ترع فقصصتهاعلى حفصة فقصتها حفصة على النبي فقال نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي
من الليل قال سالم فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا
مطابقته للترجمة في قوله نعم الرجل عبد الله وقول الملك الثالث لن ترع وإسحاق بن
نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر أبو إبراهيم السعدي البخاري وكان ينزل مدينة بخارى
بباب بني سعد ووقع في رواية أبي
(16/235)
ذر وحده هكذا حدثنا محمد حدثنا
إسحاق بن نصر وأراد بمحمد البخاري نفسه وقد مر في كتاب الصلاة في باب فضل من تعار
من الليل من حديث نافع عن ابن عمر مطولا وفيه قصة رؤية الملكين بمعنى ما في ذلك
قوله رؤيا بدون التنوين يختص بالمنام كالرؤية باليقظة فرقوا بينهما بحرفي التأنيث
أي الألف المقصورة والتاء قوله أعزب وهو الذي لا أهل له ويروى عزبا قوله وإذا لها
قرنان كلمة إذا للمفاجأة والقرنان تثنية قرن وأراد بهما الطرفين قوله لن ترع
بالجزم كذا في رواية القابسي وقال ابن التين هي لغة قليلة يعني الجزم بلن وقال
القزاز ولا أحفظ له شاهدا وفي رواية الأكثرين بلفظ لن تراع قال بعضهم وهو الوجه
قلت لن ترع أيضا الوجه لأن الجزم بلن لغة حكاها الكسائي ومعناه لا تخف
1473 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثنا ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) عن
( سالم ) عن ( ابن عمر ) عن ( أخته حفصة ) أن النبي قال لها إن عبد الله رجل صالح
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن قول النبي إن عبد الله رجل صالح منقبة عظيمة له ويحيى
بن سليمان أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر يروي عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس
بن يزيد عن محمد بن مسلم الزهري وفيه رواية التابعي عن التابعي وفيه رواية الصحابي
عن الصحابية وهو أيضا رواية الأخ عن أخته
02 -
( باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان مناقب عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ويكنى عمار بأبي اليقظان
العنسي بالنون وأمه سمية بضم السين المهملة مصغر أسلم هو وأبوه قديما وعذبوا لأجل
الإسلام وقتل أبو جهل أمه فكانت أول شهيدة في الإسلام ومات أبوه قديما وعاش عمار
إلى أن قتل في وقعة صفين وكان مع علي بن أبي طالب مع الفئة العادلة وحذيفة بن
اليمان بن جابر ابن عمرو العبسي بالباء الموحدة حليف بني عبد الأشهل من الأنصار
وأسلم هو وأبوه اليمان ومات بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وقيل إنما جمع
البخاري بين عمار وحذيفة في الترجمة لوقوع الثناء عليهما من أبي الدرداء في حديث
واحد
2473 - حدثنا ( مالك بن إسماعيل ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( المغيرة ) عن ( إبراهيم
) عن ( علقمة ) قال قدمت الشأم فصليت ركعتين ثم قلت اللهم يسر لي جليسا صالحا
فأتيت قوما فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي قلت من هاذا قالوا أبو
الدرداء فقلت إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا فيسرك لي قال ممن أنت قلت من
أهل الكوفة قال أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة وفيكم الذي
أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه أو ليس فيكم صاحب سر النبي الذي لا يعلم أحد
غيره ثم قال كيف يقرأ عبد الله والليل إذا يغشي فقرأت عليه والليل إذا يغشى
والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى قال والله لقد أقرأنيها رسول الله من فيه إلى في
مطابقته للترجمة في قوله وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان لأن المراد به هو عمار
بن ياسر وفي قوله أوليس فيكم صاحب سر النبي لأن المراد به حذيفة بن اليمان رضي
الله تعالى عنه
ومالك بن إسماعيل بن زياد أبو غسان النهدي الكوفي وروى عنه مسلم بواسطة وإسرائيل
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي والمغيرة هو ابن مقسم أبو هشام الضبي الكوفي
وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس النخعي
قوله فجلست إليهم أي حتى انتهى جلوسي إليهم قوله فإذا شيخ كلمة إذا للمفاجأة قوله
قالوا أبا الدرداء واسمه عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي الفقيه الحكيم مات بدمشق
سنة
(16/236)
اثنتين وثلاثين قوله قال ممن
أنت ويروى فقال بفاء العطف قوله أو ليس عندكم ابن أم عبد أراد به عبد الله بن
مسعود لأن أمه أم عبد بنت عبدود بن سواء مات ابن مسعود بالمدينة وقيل بالكوفة
والأول أثبت سنة اثنتين وثلاثين وقيل كان مراد أبي الدرداء من هذا السؤال أنه فهم
من علقمة أنه قدم دمشق لطلب العلم فقال أوليس عندكم من العلماء من لا يحتاج إلى
غيره ويستفاد منه إن الشخص لا يرحل عن بلده لأجل طلب العلم إلا إذا لم يجد أحدا
يعلمه قوله صاحب النعلين أي نعلي النبي وكان ابن مسعود هو الذي كان يحمل نعلي
النبي ويتعاهدهما قوله والوساد وفي رواية شعبة صاحب السواك بالكاف أو السواد
بالدال ووقع في رواية الكشميهني والوسادة ورواية السواد أوجه لأن السواد السرار
براءين بكسر السين فيهما والوساد المخدة وقال الجوهري السواد السرار تقول ساودته
مساودة وسوادا أي ساررته وأصله إدناء سوادك من سواده وهو الشخص قوله والمطهرة بكسر
الميم الإداوة وكل إناء يتطهر به وفي رواية السرخسي والمطهر بغير هاء وكان النبي
خصص ابن مسعود بنفسه اختصاصا شديدا كان لا يحجبه رسول الله إذا جاء ولا يخفي عنه
سره وكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام وكان يعرف في
الصحابة بصاحب السواد والسواك وكان يقول إذنك علي أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى
انهاك قوله وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان كذا هو بواو العطف في رواية
الكشميهني وفي رواية غيره أفيكم بهمزة الاستفهام وفي رواية شعبة أليس فيكم أو منكم
بالشك ومعنى قوله الذي أجاره الله من الشيطان يعني على لسان نبيه وفي رواية شعبة
أجاره الله على لسان نبيه وزاد في روايته يعني عمارا وأراد به قوله ويح عمار
يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار وذلك حين أكرهوه على الكفر بسبه قيل ويحتمل أن
يكون المراد بذلك حديث عائشة مرفوعا ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما رواه
الترمذي قوله وليس فيكم الهمزة فيه للاستفهام قوله صاحب سر النبي أراد به حذيفة
فإنه أعلمه أمورا من أحوال المنافقين وأمورا من الذي يجري بين هذه الأمة فيما بعده
وجعل ذلك سرا بينه وبينه قوله الذي لا يعلم كذا هو في رواية الأكثرين بحذف الضمير
المنصوب في يعلم وفي رواية الكشميهني الذي لا يعلمه وكان عمر رضي الله تعالى عنه
إذا مات واحد يتبع حذيفة فإن صلى عليه هو صلى عليه أيضا عمر وإلا فلا قوله كيف
يقرأ عبد الله يعني ابن مسعود قوله والذكر والأنثى أي وكان يقرأ بدون وما خلق وهذه
خلاف القراءة المتواترة المشهورة ويقال قرأ عبد الله والذكر والأنثى أنزل كذلك ثم
أنزل وما خلق فلم يسمعه عبد الله ولا أبو الدرداء وسمعه سائر الناس وأثبتوه وهذا
كظن عبد الله أن المعوذتين ليستا من القرآن والله أعلم
3473 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( مغيرة ) عن ( إبراهيم ) قال (
ذهب علقمة ) إلى الشأم فلما دخل المسجد قال أللهم يسر لي جليسا صالحا فجلس إلى أبي
الدرداء فقال أبو الدرداء ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أليس فيكم أو منكم صاحب
السر الذي لا يعلمه غيره يعني حذيفة قال قلت بلى قال أليس فيكم أو منكم الذي أجاره
الله على لسان نبيه يعني من الشيطان يعني عمارا قلت بلى قال أليس فيكم أو منكم
صاحب السواك أو السرار قال بلى قال كيف كان عبد الله يقرأ والليل إذا يغشى والنهار
إذا تجلى قلت والذكر والأنثى قال ما زال بي هاؤلاء حتى كادوا يستنزلوني عن شيء
سمعته من رسول لله
هذا طريق آخر في الحديث المذكور من طريق سليمان بن حرب وهو في نفس الأمر يفسر بعضه
بعض الحديث السابق قوله قال ممن أنت ويروى فقال لي ممن أنت قوله من الشيطان على
لسان نبيه ويروى من الشيطان يعني على لسان نبيه قوله أو السرار شك من الراوي قوله
يستنزلوني ويروي يستنزلونني قوله من رسول الله ويروى من نبي الله والله أعلم
(16/237)
12 -
( باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي عبيدة واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن
أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر يجتمع مع النبي في فهر بن مالك وعدد ما بينهما من
الآباء متفاوت جدا بخمسة آباء فيكون أبو عبيدة من حيث العدد في درجة عبد مناف
ومنهم من أدخل في نسبه بين الجراح وهلال ربيعة فيكون على هذا في درجة هاشم وأمه أم
غنم بنت جابر بن عبد الله بن العلاء بن عامر بن عميرة بن الوديعة بن الحارث بن فهر
ويقال أميمة بنت جابر بن عبد العزى ومن بني الحارث بن فهر وهو أمين هذه الأمة وقتل
أبوه يوم بدر كافرا ويقال إنه هو الذي قتله ومات أبو عبيدة وهو أمير على الشام من
قبل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وقبره
بغور بيسان عند قرية تسمى عمتا وصلى عليه معاذ بن جبل
4473 - حدثنا ( عمرو بن علي ) حدثنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( خالد ) عن ( أبي قلابة
) قال حدثني ( أنس بن مالك ) أن رسول الله قال إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها
الأمة أبو عبيدة بن الجراح
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمرو بن علي بن بحر أبو حفص الباهلي البصري الصيرفي وهو
شيخ مسلم أيضا وعبد الأعلى أبو محمد السامي البصري وخالد هو بن مهران الحذاء وأبو
قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام واسمه عبد الله بن زيد الجرمي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن أبي الوليد وفي خبر الواحد عن سليمان بن
حرب وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر وزهير وأخرجه النسائي في المناقب عن حميد
بن مسعدة
قوله أميننا الأمين الثقة الرضا قوله أيتها الأمة صورته صورة النداء لكن المراد
منه الاختصاص أي أميننا مخصوصين من بين الأمم أبو عبيدة فعلى هذا يكون منصوبا على
الاختصاص وقال القاضي هو بالرفع على النداء والأفصح أن يكون منصوبا على الاختصاص
والأمانة مشتركة بين أبي عبيدة وغيره من الصحابة لكن المقصود بيان زيادتها في أبي
عبيدة والنبي خص كل واحد من كبار الصحابة بفضيلة واحدة وصفه بها فأشعر بقدر زائد
فيها على غيره يوضح ذلك ما رواه الترمذي من حديث قتادة عن أنس بن مالك رضي الله
تعالى عنه قال قال رسول الله أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر
وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأفرضهم زيد بن ثابت
وأقرؤهم أبي بن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ورواه ابن
حبان أيضا
5473 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( صلة ) عن
( حذيفة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لأهل نجران لأبعثن يعني عليكم يعني
أمينا حق أمين فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه
مطابقته للترجمة في قوله حق أمين وأبو إسحاق عمر بن عبد الله السبيعي وصلة بكسر
الصاد المهملة وتخفيف اللام هو ابن زفر العبسي الكوفي مات في زمن مصعب بن الزبير
والحديث أخرجه البخاري أيضا في خبر الواحد عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن بندار
وعن العباس بن سهيل وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن إسحاق بن
إبراهيم وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق
بن إبراهيم به وعن نصر بن علي وإسماعيل بن مسعود وأخرجه ابن ماجه في السنة عن
بندار به وعن علي بن محمد
قوله عن حذيفة قال أبو مسعود الدمشقي هكذا قال يحيى بن آدم فيه عن إسرائيل عن أبي
إسحاق عن صلة عن حذيفة ويحيى إمام وقال غيره عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن
ابن مسعود وحذيفة أصح قوله لأهل نجران
(16/238)
بفتح النون وسكون الجيم
وبالراء بلد باليمن وأهلها العاقب واسمه عبد المسيح والسيد وأبو الحارث بن علقمة
وأخوه كرز وأوس وزيد بن قيس وشيبة وخويلد وعمرو وعبيد الله وكان وفد نجران سنة تسع
كما ذكره ابن سعد وكانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم وكانوا نصارى ولم يسلموا إذ
ذاك ثم لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى أتيا إلى النبي فأسلما وقال ابن إسحاق
قدم وفد نصارى نجران ستون راكبا منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم وثلاثة منهم
يؤول إليهم أمرهم وهم العاقد والسيد وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وصاحب
مدارسهم ولما دخلوا المسجد النبوي دخلوا في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر
فقاموا يصلون إلى المشرق فقال رسول الله دعوهم وكان المتكلم أبا حارثة والسيد
والعاقب وسألوه أن يرسل معهم أمينا فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وكان أبو حارثة
يعرف أمر رسول الله ولكن صده الشرف والجاه عن اتباع الحق قوله لأبعثن أي لما سألوا
أن يرسل إليهم أمينا قال لأبعثن أمينا حق أمين قوله يعني عليكم يعني أمينا رواية
الأكثرين وفي رواية أبي ذر لأبعثن حق أمين وفي رواية مسلم لأبعثن إليكم رجلا أمينا
حق أمين قوله فأشرف أصحابه أي تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على أن يكون هو
الأمين الموعود في الحديث لا حرصا على الولاية من حيث هي وفي رواية مسلم فاستشرف
لها أصحاب رسول الله قوله فبعث أبا عبيدة وفي رواية أبي يعلى قم يا أبا عبيدة
فأرسله معهم
( باب مناقب مصعب بن عمير )
أي هذا باب في بيان مناقب مصعب ذكر مناقب مصعب بن عميير ولم يذكر فيه شيئا وكأنه
لم يجد شيئا على شرطه وبيض له وفي بعض النسخ ذكر مصعب بن عمير ليس إلا ومصعب بن
عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري يكنى أبا عبد الله
كان من أجلة الصحابة وفضلائهم وكان رسول الله قد بعثه إلى المدينة قبل الهجرة بعد
العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين وكان يدعى القاريء والمقرىء ويقال
إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة وقتل يوم أحد شهيدا قتله ابن قمية
الليثي فيما قال ابن إسحاق وهو يومئذ ابن أربعين سنة أو أزيد شيئا وأسلم بعد دخول
رسول الله دار الأرقم وكان بلغه أن رسول الله يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل
وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه وكان يختلف إلى رسول الله سرا فبصر به عثمان
بن طلحة يصلي فأخبر به قومه وأمه فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض
الحبشة وهاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا
5473 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( صلة ) عن
( حذيفة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لأهل نجران لأبعثن يعني عليكم يعني
أمينا حق أمين فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه
مطابقته للترجمة في قوله حق أمين وأبو إسحاق عمر بن عبد الله السبيعي وصلة بكسر
الصاد المهملة وتخفيف اللام هو ابن زفر العبسي الكوفي مات في زمن مصعب بن الزبير
والحديث أخرجه البخاري أيضا في خبر الواحد عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن بندار
وعن العباس بن سهيل وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن إسحاق بن
إبراهيم وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق
بن إبراهيم به وعن نصر بن علي وإسماعيل بن مسعود وأخرجه ابن ماجه في السنة عن
بندار به وعن علي بن محمد
قوله عن حذيفة قال أبو مسعود الدمشقي هكذا قال يحيى بن آدم فيه عن إسرائيل عن أبي
إسحاق عن صلة عن حذيفة ويحيى إمام وقال غيره عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن
ابن مسعود وحذيفة أصح قوله لأهل نجران بفتح النون وسكون الجيم وبالراء بلد باليمن
وأهلها العاقب واسمه عبد المسيح والسيد وأبو الحارث بن علقمة وأخوه كرز وأوس وزيد
بن قيس وشيبة وخويلد وعمرو وعبيد الله وكان وفد نجران سنة تسع كما ذكره ابن سعد
وكانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم وكانوا نصارى ولم يسلموا إذ ذاك ثم لم يلبث
السيد والعاقب إلا يسيرا حتى أتيا إلى النبي فأسلما وقال ابن إسحاق قدم وفد نصارى
نجران ستون راكبا منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم وثلاثة منهم يؤول إليهم أمرهم
وهم العاقد والسيد وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وصاحب مدارسهم ولما
دخلوا المسجد النبوي دخلوا في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون
إلى المشرق فقال رسول الله دعوهم وكان المتكلم أبا حارثة والسيد والعاقب وسألوه أن
يرسل معهم أمينا فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وكان أبو حارثة يعرف أمر رسول الله
ولكن صده الشرف والجاه عن اتباع الحق قوله لأبعثن أي لما سألوا أن يرسل إليهم
أمينا قال لأبعثن أمينا حق أمين قوله يعني عليكم يعني أمينا رواية الأكثرين وفي
رواية أبي ذر لأبعثن حق أمين وفي رواية مسلم لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين قوله
فأشرف أصحابه أي تطلعوا إلى الولاية ورغبوا فيها حرصا على أن يكون هو الأمين
الموعود في الحديث لا حرصا على الولاية من حيث هي وفي رواية مسلم فاستشرف لها
أصحاب رسول الله قوله فبعث أبا عبيدة وفي رواية أبي يعلى قم يا أبا عبيدة فأرسله
معهم
( باب مناقب مصعب بن عمير )
أي هذا باب في بيان مناقب مصعب ذكر مناقب مصعب بن عميير ولم يذكر فيه شيئا وكأنه
لم يجد شيئا على شرطه وبيض له وفي بعض النسخ ذكر مصعب بن عمير ليس إلا ومصعب بن
عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري يكنى أبا عبد الله
كان من أجلة الصحابة وفضلائهم وكان رسول الله قد بعثه إلى المدينة قبل الهجرة بعد
العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين وكان يدعى القاريء والمقرىء ويقال
إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة وقتل يوم أحد شهيدا قتله ابن قمية
الليثي فيما قال ابن إسحاق وهو يومئذ ابن أربعين سنة أو أزيد شيئا وأسلم بعد دخول
رسول الله دار الأرقم وكان بلغه أن رسول الله يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل
وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه وكان يختلف إلى رسول الله سرا فبصر به عثمان
بن طلحة يصلي فأخبر به قومه وأمه فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا حتى خرج إلى أرض
الحبشة وهاجر إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها ثم شهد بدرا
22 -
( باب مناقب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما
(
أي هذا باب في بيان مناقب أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى
عنهما وفضائلهما لا تعد ومناقبهما لا تحد وترك الحسن الخلافة لله تعالى لا لعلة
ولا لذلة ولا لقلة وكان ذلك تحقيقا لمعجزة جده رسول الله حيث قال يصلح الله به بين
طائفتين وهما طائفته وطائفة معاوية مات بالمدينة مسموما سنة تسع وأربعين ولم يكن
بين ولادته وحمل الحسين إلا طهر واحد وأما الحسين فقتله سنان بكسر السين المهملة
وبالنونين ابن أنس النخعي يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض
العراق ويقال كان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثرين وقيل بعد
ذلك ومولد الحسين في شعبان سنة أربع من الهجرة في قول الأكثرين
قال نافع بن جبير عن أبي هريرة عانق النبي الحسن
نافع بن جبير بن مطعم مر في الوضوء وهذا التعليق قد مضى موصولا مطولا في كتاب
البيوع في باب ما ذكر في الأسواق
22 -
( باب مناقب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما
(
أي هذا باب في بيان مناقب أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين رضي الله تعالى
عنهما وفضائلهما لا تعد ومناقبهما لا تحد وترك الحسن الخلافة لله تعالى لا لعلة
ولا لذلة ولا لقلة وكان ذلك تحقيقا لمعجزة جده رسول الله حيث قال يصلح الله به بين
طائفتين وهما طائفته وطائفة معاوية مات بالمدينة مسموما سنة تسع وأربعين ولم يكن
بين ولادته وحمل الحسين إلا طهر واحد وأما الحسين فقتله سنان بكسر السين المهملة
وبالنونين ابن أنس النخعي يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض
العراق ويقال كان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثرين وقيل بعد
ذلك ومولد الحسين في شعبان سنة أربع من الهجرة في قول الأكثرين
قال نافع بن جبير عن أبي هريرة عانق النبي الحسن
نافع بن جبير بن مطعم مر في الوضوء وهذا التعليق قد مضى موصولا مطولا في كتاب
البيوع في باب ما ذكر في الأسواق
(16/239)
6473 - حدثنا ( صدقة ) حدثنا (
ابن عيينة ) حدثنا ( أبو أبو موسى ) عن ( الحسن ) سمع ( أبا بكرة ) سمعت النبي على
المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول ابني هذا سيد ولعل
الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
مطابقته للترجمة في قوله هذا سيد
ذكر رجاله وهم خمسة صدقة بن الفضل أبو الفضل المروزي وهو من أفراده وابن عيينة هو
سفيان بن عيينة وأبو موسى إسرائيل بن موسى من أهل البصرة نزل الهند لم يروه عن
الحسن غيره والحسن هو البصري وأبو بكرة اسمه نفيع بضم النون وفتح الفاء ابن الحارث
بن كلدة الثقفي
والحديث مضى في الصلح في باب قول النبي للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما إلى
آخره ومضى الكلام فيه هناك
8473 - حدثني ( محمد بن الحسين بن إبراهيم ) قال حدثني ( حسين بن محمد ) حدثنا (
جرير ) عن ( محمد ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أتي عبيد الله بن زياد
برأس الحسين بن علي عليه السلام فجعل في طست فجعل ينكت وقال في حسنه شيئا فقال أنس
كان أشبههم برسول الله وكان مخضوبا بالوسمة
مطابقته للترجمة في قوله كان أشبههم برسول الله
ومحمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر أخو أبي الحسن علي بن أشكاب العامري البغدادي
مات يوم الثلاثاء يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ومائتين ببغداد وهو من أفراده
والحسين بن محمد بن بهرام أبو أحمد التميمي المروزي المعلم نزل ببغداد مات سنة
أربع عشرة ومائتين وجرير ابن حازم ومحمد هو ابن سيرين
والحديث من أفراده
قوله أتي بضم الهمزة على صيغة المجهول وعبيد الله بن زياد بن أبي سفيان وزياد بكسر
الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف هو الذي ادعاه معاوية أخا لأبيه أبي سفيان فألحقه
بنسبه وهو الذي يقال له زياد ابن أبيه ويقال له زياد بن سمية بضم السين المهملة
وهي أمة كانت للحارث والد أبي بكرة نفيع بضم النون وفتح الفاء وقال ابن معين ويقال
لعبيد الله بن مرجانة وهي أمه وقال غيره وكانت مجوسية وقال البخاري وكانت مرجانة
سبية من أصفهان وكان زياد من أصحاب علي رضي الله تعالى عنه فلما استلحقه معاوية
صار من أشد الناس بغضا لعلي بن أبي طالب وأولاده وعبيد الله ابنه هو الذي سير
الجيش لقتال الحسين رضي الله تعالى عنه وهو يومئذ أمير الكوفة ليزيد بن معاوية ابن
أبي سفيان وكان جيشه ألف فارس ورأسهم الحر بن يزيد التميمي وعلى مقدمتهم الحصين بن
نمير الكوفي ثم جرى ما جرى فأخر الأمر قتل الحسين
واختلفوا في قاتله فقيل الحصين بن نمير وقيل مهاجر بن أوس التميمي وقيل كثير
(16/240)
ابن عبد الله الشعبي وقيل شمر
بن ذي الجوشن وقيل سنان بن أبي أوس بن عمرو النخعي وهو الأشهر فأخذ رأس الحسين
ودفعه إلى خولي بن يزيد وكان سنان طعنه فوقع ثم قال لخولي احتز رأسه فأراد أن يفعل
فارعد وضعف فقال له سنان فت الله عضدك وأبان يديك فنزل إليه فذبحه وكان ذلك يوم
الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ثم حملوا رأس الحسين ورؤوس القتلى من أصحابه
إلى عبيد الله بن زياد وهو بالكوفة وكانت الرؤوس اثنين وسبعين رأسا حمل خولي بن
يزيد رأس الحسين وحملت كندة ثلاثة عشر رأسا وهوازن عشرين وبنو تميم عشرين وبنو أسد
سبعة ومذحج أحد عشر وكان مع الرؤوس والسبايا شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث
وعمرو بن الحجاج وعروة بن قيس فاقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد ثم
نذكر الآن ما جرى بعد أن قدموا برأس الحسين على هذا اللعين عبيد الله ابن زياد
قوله فجعل على صيغة المجهول أي جعل رأس الحسين رضي الله تعالى عنه في طست بفتح
الطاء المهملة وسكون السين المهملة قال الجوهري الطست الطس بلغة طي أبدل من إحدى
السينين تاء للاستثقال وفي ( المغرب ) بالشين المعجمة الطشت مؤنثة وهي أعجمية
والطس تعريبها والجمع طشاش وطشوش وقد يقال الطشوت قوله فجعل ينكت أي فجعل عبيد
الله بن زياد ينكت أي يضرب بقضيب على الأرض فيؤثر فيها وهو بالتاء المثناة من فوق
وفي رواية الترمذي وابن حبان من طريق حفصة بنت سيرين عن أنس فجعل يقول بقضيب له في
أنفه وفي رواية الطبراني من حديث زيد بن أرقم فجعل يجعل قضيبا في يده في عينيه
وأنفه فقلت أرفع قضيبك فقد رأيت فم رسول الله في موضعه قوله فقال في حسنه شيئا وفي
رواية الترمذي رحمه الله ما رأيت مثل هذا حسنا لم يذكر فقال أنس كان أشبههم برسول
الله أي أشبه أهل البيت وزاد البزار من وجه آخر عن أنس قال فقلت له إني رأيت رسول
الله يلثم حيث يقع قضيبك قال فانقبض انتهى وقال سبط ابن الجوزي أما كان لرسول الله
على أنس من الحقوق أن ينكر على ابن زياد فعله ويقبح له ما وقع من قرع ثنايا الحسين
بالقضيب لكن الفحل زيد بن أرقم فإنه أنكر عليه فروى الطبري عن أبي محنف عن سليمان
بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال شهدت ابن زياد وهو ينكث بقضيب بين ثنيتيه ساعة
فلما رآه زيد بن أرقم لاهجه عن نكثه بالقضيب فقال له أعل بهذا القضيب عن هاتين
الشفتين فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله على هاتين الشفتين يقبلهما ثم
انفضح الشيخ يبكي فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت
وذهب عقلك لضربت عنقك فقام وخرج فسمعت الناس يقولون والله لقد قال زيد بن أرقم
قولا لو سمعه ابن زياد لقتله فقلت ما الذي قال قال مر بنا وهو يقول أنتم يا معاشر
العرب عبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد
شراركم فبعدا لمن رضي بالذل والعار قلت فلله ذر زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي من
أعيان الصحابة غزا مع النبي سبع عشرة غزوة وشهد صفين مع علي بن أبي طالب وكان من
خواص أصحابه ومات بالكوفة سنة ست وستين وقيل ثمان وستين ثم إن الله تعالى جازى هذا
الفاسق الظالم عبيد الله بن زياد بأن جعل قتله على يدي إبراهيم بن الأشتر يوم
السبت لثمان بقين من ذي الحجة سنة ست وستين على أرض يقال لها الجازر بينها وبين
الموصل خمسة فراسخ وكان المختار بن أبي عبيدة الثقفي أرسله لقتال ابن زياد ولما
قتل ابن زياد جيء برأسه وبرؤوس أصحابه وطرحت بين يدي المختار وجاءت حية دقيقة
تخللت الرؤوس حتى دخلت في فم ابن مرجانة وهو ابن زياد وخرجت من منخره ودخلت في
منخره وخرجت من فيه وجعلت تدخل وتخرج من رأسه بين الرؤوس ثم إن المختار بعث برأس
ابن زياد ورؤوس الذين قتلوا معه إلى مكة إلى محمد بن الحنفية وقيل إلى عبد الله بن
الزبير فنصبها بمكة وأحرق ابن الأشتر جثة ابن زياد وجثث الباقين قوله وكان أي
الحسين مخضوبا بالوسمة بفتح الواو وسكون السين المهملة وجاء فتحها وهو نبت يختضب
به يميل إلى سواد
(16/241)
9473 - حدثنا ( حجاج بن
المنهال ) حدثنا ( شعبة ) قال أخبرني ( عدي ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى
عنه قال ( رأيت ) النبي والحسن بن علي على عاتقه يقول أللهم إني أحبه فأحبه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعدي بفتح العين المهملة وكسر الدال ابن ثابت الأنصاري مر
في الإيمان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عبيد الله بن معاذ وعن أبي بكر بن نافع وبندار
وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار به وعن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن
علي بن الحسين الدرهمي
قوله والحسن الواو فيه للحال ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن
شعبة الحسن أو الحسين بالشك ثم ذكر أن أكثر أصحاب شعبة رووه فقالوا الحسن بغير شك
قوله على عاتقه اسم لما بين المنكب والعنق قوله يقول جملة حالية قوله إني أحبه بضم
الهمزة وكسر الحاء قوله فأحبه بفتح الهمزة لأنه أمر من أحب
0573 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) قال أخبرني ( عمر بن سعيد بن أبي حسين
) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( عقبة بن الحارث ) قال رأيت أبا بكر رضي الله تعالى
عنه وحمل الحسن وهو يقول بأبي شبيه بالنبي ليس شبيه بعلي وعلي يضحك ( انظر الحديث
2453 )
مطابقته للترجمة في قوله وحمل الحسن إلى آخره وعبدان هو عبد الله لقب لعبدان وقد
تكرر ذكره وعبد الله هو ابن المبارك وعمر بن سعيد بن أبي سعيد حسين القرشي النوفلي
يروي عن عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم وعقبة بضم العين وسكون القاف ابن الحارث
بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أبو سروعة القرشي المكي سمع النبي وهو من أفراده
قوله وحمل الحسن الواو فيه للحال وكذا الواو في قوله وهو يقول قوله بأبي شبيه وقد
مر هذا في أول باب صفة النبي من حديث عقبة بن الحارث ومعنى بأبي مفدى أي هو مفدى
بأبي قوله شبيه مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو شبيه بالنبي قوله ليس شبيه
روي بالرفع وبالنصب فوجه الرفع على أن ليس بمعنى لا العاطفة يعني لا شبيه بعلي
وقال ابن مالك أصله ليس شبيه ويكون شبيه اسم ليس وخبرها الضمير المتصل المحذوف
استغناء عن تلفظه بنيته ووجه النصب على أن يكون اسم ليس هو الضمير الذي فيه وخبرها
قوله شبيها فإن قلت هذا يعارض قول علي رضي الله تعالى عنه في صفة النبي لم أر قبله
ولا بعده مثله قلت يحمل المنفي على عموم الشبه والمثبت على معظمه
1573 - حدثني ( يحيى بن معين وصدقة ) قالا أخبرنا ( محمد بن جعفر ) عن ( شعبة ) عن
( واقد بن محمد ) عن أبيه عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قال ( أبو بكر
ارقبوا ) محمدا في أهل بيته ( انظر الحديث 3173 )
هذا الحديث مر عن قريب في باب مناقب قرابة رسول الله فإنه أخرجه هناك عن عبد الله
بن عبد الوهاب عن خالد عن شعبة عن واقد بكسر القاف ابن محمد بن زيد ابن عبد الله
بن عمر بن الخطاب
2573 - حدثني ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام بن يوسف ) عن ( معمر ) عن ( الزهري
) عن ( أنس ) وقال ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني ( أنس )
قال لم يكن أحد أشبه بالنبي من الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما
مطابقته للترجمة من حيث إن الحسن إذا لم يكن أحد أشبه بالنبي منه كانت له منقبة
عظيمة وفضل ظاهر وإبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي الفراء أبو إسحاق الرازي وقد مر
في مواضع وهشام بن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني يروي عن معمر بن راشد عن محمد بن
مسلم الزهري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه
وأخرج هذا مسندا ثم أخرجه معلقا
(16/242)
فقال وقال عبد الرزاق إلى آخره
وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق به وقال حسن صحيح
قيل إنما قصد البخاري بهذا التعليق بيان سماع الزهري له من أنس وقيل هذا يعارض ما
رواه محمد بن سيرين عن أنس وقد مضى عن قريب ولفظه كان أي الحسن أشبههم برسول الله
ووفق بينهما بأن الذي وقع في رواية الزهري هنا في حياة النبي لأنه يومئذ كان أشد
شبها بالنبي من أخيه الحسين والذي وقع في رواية ابن سيرين كان بعد ذلك وقيل إن
المراد أن كلا منهما كان أشد شبها في بعض أعضائه فقد روى الترمذي وابن حبان من
طريق هانيء بن هانىء عن علي قال كان الحسن أشبه برسول الله ما بين الرأس إلى الصدر
والحسين أشبه بالنبي ما كان أسفل في ذلك
3573 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( محمد بن أبي
يعقوب ) سمعت ( ابن أبي نعم ) سمعت ( عبد الله بن عمر ) وسأله عن المحرم قال شعبة
أحسبه يقتل الذباب فقال أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله
وقال النبي هما ريحانتاي من الدنيا ( الحديث 3573 - طرفه في 4995 )
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتضمن فضل الحسين ظاهرا وغندر هو محمد بن جعفر ومحمد
بن أبي يعقوب هو محمد ابن أبي عبد الله بن أبي يعقوب الضبي البصري وينسب إلى جده
وابن أبي نعم بضم النون وسكون العين المهملة الترمذي اسمه عبد الرحمن يكنى أبا
الحكم البجلي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن موسى بن إسماعيل وأخرجه الترمذي في
المناقب عن عقبة بن مكرم العمي الضبي
قوله عن المحرم أي بالحج والعمرة يعني سأل رجل ابن عمر عن حال المحرم يقتل الذباب
حالة الإحرام وفي الأدب في رواية مهدي بن ميمون عن ابن أبي يعقوب وسأله رجل وقيل
في رواية أبي ذر فسألته ورد هذا بأن في رواية الترمذي أن رجلا من أهل العراق سأل
قوله قال شعبة أحسبه يقتل الذباب أي أظنه سأل عن المحرم يقتل الذباب ووقع في رواية
أبي داود الطيالسي عن شعبة بغير شك فإن قلت وقع في رواية مهدي ابن ميمون في الأدب
سئل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب قلت يحتمل أن يكون السؤال وقع عن الأمرين
قوله فقال أهل العراق أي قال عبد الله بن عمر إلى آخره إنما قال متعجبا حيث يسألون
عن قتل الذباب ويتفكرون فيه وقد كانوا اجترأوا على قتل الحسين بن علي وابن بنت
رسول الله وهذا شيء عجيب يسألون عن الشيء اليسير ويفرطون في الشيء الخطر العظيم
قوله هما أي الحسن والحسين ريحانتاي كذا في رواية الأكثرين بالتثنية وفي رواية أبي
ذر بالإفراد والتذكير أعني هما ريحاني وجه التشبيه أن الولد يشم ويقبل فكأنهم من
جملة الرياحين وقال الكرماني الريحان الرزق أو المشموم قلت لا وجه هنا أن يكون
بمعنى الرزق على ما لا يخفى وروى الترمذي من حديث أنس أن النبي كان يدعو الحسن
والحسين فيشمهما ويضمهما إليه وروى الطبراني في ( الأوسط ) من طريق أبي أيوب قال
دخلت على رسول الله الحسن والحسين يلعبان بين يديه فقلت أتحبهما يا رسول الله قال
وكيف لا وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما
32 -
( باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر رضي الله تعالى عنهما )
ورباح بفتح الراء والباء الموحدة واسم أمه حمامة كانت لبعض بني جمح وقد مضى بيانه
في البيوع في باب الشراء والبيع مع المشركين وذكر ابن سعد أنه كان من مولدي الشراة
وكان أبو بكر اشتراه بخمس أواق
وقال النبي سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة
(16/243)
هذا التعليق قطعة من حديث مضى
في صلاة الليل والدف بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء السير اللين ويقال الخفق
وإنما قال بين يدي ليبين أنه يفعل ذلك
4573 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عبد العزيز بن أبي سلمة ) عن ( محمد بن المنكدر
) أخبرنا ( جابر ابن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال كان عمر يقول أبو بكر
سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا
مطابقته للترجمة من حيث إن عمر أطلق على بلال بالسيادة وهي منقبة عظيمة وأبو نعيم
الفضل بن دكين وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار
قوله وأعتق سيدنا السيد الأول حقيقة والسيد الثاني مجاز لأنه قاله تواضعا ويقال
معناه أنه من سادة هذه الأمة وليس أنه أفضل من عمر وقيل إن السيادة لا تثبت إلا
فضيلة
5573 - حدثنا ( ابن نمير ) عن ( محمد بن عبيد ) حدثنا ( إسماعيل ) عن ( قيس ) أن
بلالا قال لأبي بكر إن كنت اشتريتني لنفسك فأمسكني وإن كنت إنما اشتريتني لله
فدعني وعمل الله
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله فدعني وعمل الله لأن كلامه هذا يدل على أن
قصده التجرد إلى الله والاشتغال بعمله وهو منقبة غير قليلة
وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير وقد ذكر غير مرة ومحمد بن عبيد الطنافسي مر
في بدء الخلق وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن حازم
قوله إن كنت اشتريتني إلى آخره هذه القول من بلال كان في خلافة أبي بكر وصرح بذلك
في رواية أحمد عن أبي أسامة عن إسماعيل بلفظ قال بلال لأبي بكر حين توفي رسول الله
قوله فدعني أي فاتركني وفي رواية أبي أسامة فذرني وهو بمعنى دعني قوله وعمل الله
أي مع عمل الله وفي رواية الكشميهني فدعني وعملي لله وفي رواية أبي أسامة فذرني
أعمل لله وذكر الكرماني أراد بلال أن يهاجر من المدينة فمنعه أبو بكر إرادة أن
يؤذن في مسجد رسول الله فقال إني لا أريد المدينة بدون رسول الله ولا أتحمل مقام
رسول الله خاليا عنه وقال ابن سعد في ( الطبقات ) أن بلالا قال رأيت أفضل عمل
المؤمن الجهاد فأردت أن أرابط في سبيل الله وأن أبا بكر قال لبلال أنشدك الله وحقي
فأقام معه بلال حتى توفي فلما مات أذن له عمر فتوجه إلى الشام مجاهدا وتوفي بها في
طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وقيل مات سنة عشرين والله أعلم
42 -
( باب ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب فيه ذكر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ابن عم النبي يكنى أبا
العباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وفي غالب النسخ ليس
لفظ باب مذكورا وإنما لم يقل مناقب ابن عباس مثل غيره لأنه قد عقد له بابا في كتاب
العلم حيث قال باب قول النبي أللهم علمه الكتاب ثم ذكر عنه أنه قال ضمني رسول الله
وقال أللهم علمه الكتاب وهذا منقبة عظيمة واكتفى به عن ذكر لفظ مناقب هنا
6573 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن
عباس ) قال ( ضمني ) النبي إلى صدره وقال أللهم علمه الحكمة حدثنا أبو معمر حدثنا
عبد الوارث وقال اللهم علمه الكتاب حدثنا موسى حدثنا وهيب عن خالد مثله
قد ذكرنا الآن أن هذا الحديث قد تقدم في كتاب العلم وأخرجه هنا أيضا من ثلاث طرق
الأول عن مسدد
(16/244)
عن عبد الوارث بن سعيد العنبري
البصري عن خالد الحذاء عن عكرمة مولى ابن عباس الثاني عن أبي معمر بفتح الميمين
بينهما عين مهملة ساكنة واسمه عبد الله بن عمرو المنقري التميمي المقعد عن عبد
الوارث إلى آخره الثالث عن موسى ابن إسماعيل التبوذكي عن وهيب مصغر وهب بن خالد بن
عجلان أبي بكر البصري عن خالد الحذاء
قوله الحكمة أي العلم وقيل إتقان الأمور وفي بعض النسخ والحكمة الإصابة من غير
النبوة قوله مثله أي مثل ما روى أبو معمر
52 -
( باب مناقب خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن
عمر بن مخزوم بن يقظة بفتح الياء آخر الحروف والقاف والظاء القائمة ابن مرة بن كعب
يجتمع مع النبي ومع أبي بكر جميعا في مرة بن كعب وكان من فرسان الصحابة أسلم بين
الفتح والحديبية ويقال قبل غزوة مؤتة بشهرين وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان وكان
الفتح بعد ذلك في رمضان وشهد مع رسول الله مشاهد ظهرت فيها نجابته ثم كان قتل أهل
الردة على يديه ثم فتوح البلاد الكبار ومات على فراشه بحمص وقيل بالمدينة والأول
أصح سنة إحدى وعشرين وقال صاحب ( التوضيح ) قال الصديق رضي الله تعالى عنه حين احتضر
والنسوة يبكين دعهن تهريق دموعهن على أبي سليمان فهل قامت النساء عن مثله قلت هذا
غلط فاحش يظهر بالتأمل وقال الزبير بن بكار انقرض ولد خالد ولم يبق منهم أحد
وورثهم أيوب بن سلمة
7573 - حدثنا ( أحمد بن واقد ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( حميد بن هلال
) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل
أن يأتيهم خبرهم فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة
فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم
مطابقته للترجمة في قوله حتى أخذ سيف من سيوف الله
وأحمد بن واقد هو أحمد بن عبد الملك بن واقد بكسر القاف أبو يحيى الحراني وينسب
إلى جده وأيوب السختياني
والحديث قد مر في الجنائز عن أبي معمر وفي الجهاد عن يوسف ابن يعقوب الصفار وفي
علامات النبوة عن سليمان بن حرب وفي المغازي عن أحمد بن واقد أيضا ومر الكلام فيه
هناك أعني في الجنائز وزيد هو ابن حارثة وجعفر هو ابن أبي طالب وابن رواحة هو عبد
الله
قوله تذرفان أي تسيلان دمعا قوله حتى أخذ ويروى أخذها وأراد بسيف خالد بن الوليد
ومن يومئذ سمي سيف الله وقد أخرج ابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى
قال قال رسول الله لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله تعالى صبه الله تعالى على
الكفار
62 -
( باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سالم مولى أبي حذيفة أما سالم فقال أبو عمر سالم بن معقل
يكنى أبا عبد الله كان من أهل فارس من اصطخر وقيل إنه من عجم الفرس وكان من فضلاء
الصحابة وكبارهم وهو معدود في المهاجرين لأنه لما أعتقه مولاته زوج أبي حذيفة وإلى
أبا حذيفة وتبناه فلذلك عد في المهاجرين وهو معدود أيضا في الأنصار في بني عبيد
لعتق مولاته الأنصارية زوج أبي حذيفة له فهو يعد في قريش من المهاجرين لما ذكرنا
وفي الأنصار لما وصفنا وفي العجم لما تقدم ذكره أيضا ويعد في القرآن أيضا مع ذلك
وكان يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر رضي الله تعالى عنه قبل أن يقدم رسول الله
المدينة وقد روي أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وكان يفرط في
الثناء عليه وكان رسول الله قد آخى بينه وبين معاذ بن ماعص وقيل إنه آخى بينه وبين
أبي بكر ولا يصح وروي عن
(16/245)
عمر أنه قال لو كان سالم حيا
ما جعلتها شورى قال أبو عمر هذا عندي على أنه كان يصدر فيها عن رأيه والله أعلم
قال وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما فكان ينسب إليه ويقال سالم بن أبي حذيفة حتى
نزلت ادعوهم لآبائهم ( الأحزاب 5 ) وكان سالم عبد الثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد
بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف الأنصارية كانت من المهاجرات الأولى ومن
فضلاء نساء الصحابة قلت ثبيتة بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء
آخر الحروف وفتح التاء المثناة من فوق وقيل اسمها عمرة بنت يعار وعن ابن إسحاق
اسمها سلمى بنت يعار ويعار بضم الياء آخر الحروف وفتحها وبالعين المهملة وقال أبو
عمر شهد سالم مولى أبي حذيفة بدرا وقتل يوم اليمامة شهيدا هو ومولاه أبو حذيفة فوجد
رأس أحدهما عند رجلي الآخر وذلك سنة اثنتي عشرة من الهجرة وأما أبو حذيفة فاختلف
في اسمه فقيل مهشم وقيل هشيم وقيل هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف
القرشي العبشمي كان من فضلاء الصحابة من المهاجرين الأولين جمع الله له الشرف
والفضل صلى القبلتين وهاجر الهجرتين وكان إسلامه قبل دخول رسول الله دار الأرقم
للدعاء فيها إلى الإسلام وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية والمشاهد كلها وقتل
يوم اليمامة شهيدا كما ذكرناه الآن وهو ابن ثلاث أو أربع وخمسين سنة
8573 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) عن ( إبراهيم )
عن ( مسروق ) قال ذكر ( عبد الله عند عبد الله بن عمرو ) فقال ذاك رجل لا أزال
أحبه بعد ما سمعت رسول الله يقول استقرؤا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود
فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ
مطابقته للترجمة في قوله وسالم مولى أبي حذيفة وإبراهيم هو النخعي ومسروق هو ابن
الأجدع
والحديث أخرجه البخاري أيضا في مناقب أبي بن كعب عن أبي الوليد وفي فضائل القرآن
عن حفص بن عمرو في مناقب معاذ بن جبل عن محمد بن بشار وفي مناقب عبد الله بن مسعود
عن حفص بن عمر وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن جماعة آخرين
وأخرجه الترمذي في المناقب عن هناد وأخرجه النسائي فيه وفي فضائل القرآن عن بشر بن
خالد وعن آخرين
قوله ذكر على صيغة المجهول قوله عبد الله أراد به عبد الله بن مسعود قوله استقرئوا
أي اطلبوا القراءة من أربعة أنفس قوله من عبد الله إلى آخره بيان للأربعة قوله
فبدأ به أي بعبد الله بن مسعود والتقديم يفيد الاهتمام بالمقدم وتفضيله على غيره
ووجه تخصيص هؤلاء الأربعة أنهم كانوا أكثر ضبطا للفظ القرآن وأتقن للأداء وإن كان
غيرهم أفقه في المعالي منهم وقيل لأنهم تفرغوا لأخذه منه مشافهة وقيل لأنه يؤخذ
منهم وقيل إنه أراد الإعلام بما يكون بعده وهذا لا يدل على أن غيرهم لم يجمعه قوله
أو بمعاذ ويروى أو بمعاذ بن جبل
72 -
( باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن مخزوم
ويقال ابن شمخ بن فار بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذل
بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو عبد الرحمن الهذلي وأمه أم
عبد بنت عبدود بن سواد من هذيل أيضا أسلمت وصحبت وأبوه مات في الجاهلية وعبد الله
أسلم قديما وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين
وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله وهو صاحب نعل رسول الله وقد ذكرناه عن قريب
مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة وقيل مات بالكوفة والأول أصح
(16/246)
247 - ( حدثنا حفص بن عمر
حدثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا وائل قال سمعت مسروقا قال قال عبد الله بن عمرو
إن رسول الله لم يكن فاحشا ولا متفاحشا وقال إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا وقال
استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب
ومعاذ بن جبل )
مطابقته للترجمة في قوله عبد الله بن مسعود والحديث مر في الباب الذي قبله غير أنه
زاد في هذا حديثا تقدم في صفة النبي وسليمان هو الأعمش بن مهران وأبو وائل من
الويل بالياء آخر الحروف اسمه شقيق قوله فاحشا أي متكلما بالقبيح ولا متفاحشا أي
ولا متكلفا للتكلم به 0
1673 - حدثنا موسى عن أبي عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة دخلت الشأم فصليت
ركعتين فقلت اللهم يسر لي جليسا صالحا فرأيت شيخا مقبلا فلما دنا قلت أرجو أن يكون
استجاب الله قال من أين أنت قلت من أهل الكوفة قال أفلم يكن فيكم صاحب النعلين
والوساد المطهرة أو لم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان أولم يكن فيكم صاحب السر
الذي لا يعلمه غيره كيف قرأ ابن أم عبد والليل فقرأت والليل إذا يغشى والنهار إذا
تجلى والذكر والأنثى قال أقرأنيها النبي فاه إلى في فما زال هؤلاء حتى كادوا
يردوني
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( موسى ) هو ابن إسماعيل التبوذكي وأبو عوانة بفتح العين
المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وال ( مغيرة ) بن مقسم الكوفي و ( إبراهيم )
هو النخعي و ( علقمة ) بن قيس النخعي والحديث مر في باب مناقب عمار وحذيفة رضي
الله تعالى عنهما من طريقين ومر الكلام فيه هناك قوله استجاب أي دعائي قوله يردوني
ويروى يردونني على الأصل أي من قراءة الذكر والأنثى ( الليل 3 ) إلى قراءة وما خلق
الذكر والأنثى ( الليل 3 )
2673 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن عبد الرحمان
بن يزيد قال سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي حتى نأخذ عنه فقال ما
أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي من ابن أم عبد ( الحديث 2673 - طرفه في
7906 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي و ( عبد الرحمن بن
يزيد ) من الزيادة النخعي أخو الأسد بن يزيد والحديث أخرجه الترمذي في المناقب عن
ابن بشار وأخرجه النسائي فيه عن بندار
قوله السمت وهو الهيئة الحسنة والهدي بفتح الهاء وسكون الدال الطريقة والمذهب و
الدل بفتح الدال المهملة وتشديف اللام الشكل والشمائل وكأنه مأخوذ مما يدل ظاهر
حاله على حسن فعاله وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود وهي اسم أمه وقد مر عن قريب
3673 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ) قال
حدثني أبي عن ( أبي إسحاق ) قال حدثني ( الأسود بن يزيد ) قال سمعت ( أبا موسى
الأشعري ) رضي الله تعالى عنه يقول قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نراى
إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي لما نري من دخوله ودخول أمه على
النبي ( الحديث 3673 - طرفه في 4834 )
(16/247)
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله
لما نرى إلى آخره ومحمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا
وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي يروى عن أبيه يوسف بن
إسحاق وهو يروي عن جده أبي إسحاق السبيعي
والحديث أخرجه البخاري في المغازي عن عبد الله بن محمد وإسحاق بن نصر وأخرجه مسلم
في الفضائل عن إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعن آخرين وأخرجه الترمذي في
المناقب عن أبي كريب به وأخرجه النسائي فيه عن عبدة بن عبد الله وعن محمد بن بشار
قوله قدمت أنا وأخي قد ذكرنا في مناقب أبي بكر أن لأبي موسى أخوين أبو رهم وأبو
بردة وقيل إن له أخا آخر اسمه محمد وأشهرهم أبو بردة بضم الباء الموحدة واسمه عامر
قوله ما نرى يجوز أن يكون حالا من فاعل مكثنا ويجوز أن يكون صفة لقوله حينا قوله
لما نرى اللام فيه للتعليل وكلمة ما مصدرية أي لأجل رؤيتنا دخول عبد الله بن مسعود
ودخول أمه على النبي وذلك يدل على خصوصيته بملازمة النبي وفيه دلالة على فضله
وخيره
82 -
( باب ذكر معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب فيه ذكر أبي عبد الرحمن بن معاوية بن أبي سفيان واسمه صخر ويكنى أيضا
أبا حنظلة بن حرب بن أبي أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي وأمه هند بنت
عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فمعاوية وأبوه من مسلمة الفتح وقيل إنه أسلم زمن
الحديبية وأسلمت أمه أيضا بعده وكتب معاوية للنبي وولي إمرة دمشق عن عمر بن الخطاب
بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة واستمر عليها بعد ذلك في خلافة عثمان
ثم زمان محاربته لعلي والحسن ثم اجتمع عليه الناس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات
سنة ستين فكانت ولايته ما بين إمارة ومحاربة ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية
4673 - حدثنا ( الحسن بن بشر ) حدثنا ( المعافى ) عن ( عثمان بن الأسود ) عن ( ابن
أبي مليكة ) قال أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لإبن عباس فأتى ابن عباس
فقال دعه فإنه قد صحب رسول الله ( الحديث 4673 - طرفه في 5673 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر معاوية وفيه دلالة أيضا على فضله من حيث إنه
صحب النبي
والحسن بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة أبو مسلم بن المسيب أبو علي
البجلي الكوفي مات سنة إحدى وعشرين ومائتين والمعافى بلفظ اسم المفعول من المعافاة
بالمهملة والفاء ابن عمران الأزدي الموصلي يكنى أبا مسعود أحد الأعلام من الثقات
النبلاء ولقد لقي بعض التابعين وتلمذ لسفيان الثوري وكان يلقب ياقوتة العلماء وكان
الثوري شديد التعظيم له مات سنة خمس أو ست وثمانين ومائة وليس له في البخاري سوى
هذا الموضع وموضع آخر تقدم في الاستسقاء وعثمان بن الأسود بن موسى المكي وابن أبي
مليكة عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة
وأخرجه البخاري أيضا عن ابن أبي مريم عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة على ما يجيء
الآن
قوله وعنده مولى لابن عباس وهو كريب روى ذلك محمد بن نصر المروزي في كتاب ( الوتر
) له من طريق ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن كريب قوله فأتى ابن عباس فقال
دعه فيه حذف تقديره فأتى ابن عباس فأخبره بذلك فقال الفاء فيه فصيحة وهي التي تفصح
عن المقدر المذكور قوله دعه أي اترك القول فيه والإنكار عليه فإنه صحب رسول الله
وإنه عارف بالفقه
5673 - حدثنا ( ابن أبي مريم ) حدثنا ( نافع بن عمر ) حدثني ( ابن أبي مليكة ) قيل
ل ( ابن عباس ) هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب
إنه فقيه ( انظر الحديث 4673 )
(16/248)
هذا طريق آخر في الحديث
المذكور عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم عن نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي وقد تقدم
في العلم قوله إلا بواحدة أي بركعة واحدة قوله أصاب أي السنة قوله إنه أي إن
معاوية فقيه يعني يعرف أبواب الفقه
6673 - حدثني ( عمرو بن عباس ) حدثنا ( محمد بن جعفر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي
التياح ) قال سمعت ( حمران بن أبان ) عن ( معاوية ) رضي الله تعالى عنه قال إنكم
لتصلون صلاة لقد صحبنا النبي فما رأيناه يصليهما ولقد نهى عنهما يعني الركعتين بعد
العصر ( انظر الحديث 785 )
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ذكر معاوية ولا يدل هذا على فضيلته فإن قلت قد ورد
في فضيلته أحاديث كثيرة قلت نعم ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد نص عليه
إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما فلذلك قال باب ذكر معاوية ولم يقل فضيلة ولا
منقبة
وعمرو بن عباس أبو عثمان البصري وهو من أفراده ومات في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين
ومائتين ومحمد بن جعفر هو غندر وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد
الياء آخر الحروف واسمه يزيد بن حميد الضبعي البصري وحمران بضم الحاء المهملة ابن
أبان بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة مولى عثمان بن عفان
والحديث من أفراده وقد مر هذا الحديث في كتاب الصلاة في باب لا يتحرى الصلاة قبل
غروب الشمس وقد مر الكلام فيه هناك
92 -
( باب مناقب فاطمة عليها السلام )
أي هذا باب في بيان مناقب فاطمة بنت النبي وأمها خديجة بنت خويلد ولدت فاطمة في
الإسلام وكان مولدها وقريش تبني الكعبة وكان بناء قريش الكعبة قبل مبعث النبي بسبع
سنين وستة أشهر وأنكحها رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بعد وقعة
أحد وقيل تزوجها بعد أن ابتني رسول الله بعائشة بأربعة أشهر ونصفا وبنى بها بعد
تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف وكان سنها يومئذ خمس عشرة وخمسة أشهر ونصفا وكان سن
علي يومئذ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وقال أبو عمر فولدت له الحسن والحسين وأم
كلثوم وزينب ولم يتزوج علي رضي الله تعالى عنه عليها غيرها حتى ماتت وتوفيت ليلة
الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة وقال المدايني وصلى عليها
العباس وقال الكرماني غسلها علي وصلى عليها ودفنها ليلا بوصيتها وقال أبو عمر
توفيت بعد رسول الله بيسير وقال محمد بن علي بستة أشهر وقال عمرو بن دينار بثمانية
أشهر وقال ابن بريدة عاشت بعد أبيها سبعين يوما
وقال النبي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
هذا التعليق أخرجه البخاري في علامات النبوة وقد مر الكلام فيه هناك وغيره
7673 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( ابن
أبي مليكة ) عن ( المسور بن مخرمة ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله قال فاطمة
بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي يروي عن سفيان بن
عيينة والحديث مر في باب ذكر أصهار النبي بأتم منه ومضى الكلام فيه قوله بضعة مني
بفتح الباء الموحدة وبضمها على قول وبكسرها أيضا واستدل به البيهقي على أن من سبها
فإنه يكفر
03 -
( باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها )
(16/249)
أي هذا باب في بيعن عمرو بن
عون ومسدد وأخرجه مسلم في الفضائل عن القعنبي وعن يحيى بن يحيى وقتيبة وعلي بن حجر
وأخرجه الترمذي في المناقب عن علي بن حجر وأخرجه النسائي في الوليمة عن إسحاق بن
إبراهيم وأخرجه ابن ماجه في الأطعمة عن حرملة بن يحيى
قوله الثريد في الأصل الخبز المكسور يقال ثردت الخبز ثردا أي كسرته فهو ثريد
ومثرود والإسم الثردة بالضم وقال ابن الأثير في شرح هذا الموضع قيل لم يرد عين
الثريد وإنما أراد الطعام المتخذ من اللحم والثريد معا لأن الثريد غالبا لا يكون
إلا من لحم والعرب قلما تجد طبيخا ولا سيما بلحم ويقال الثريد أحد اللحمين بل
اللذة والقوة إذا كان اللحم نضيجا في المرق أكثر مما في نفس اللحم انتهى قلت علم
من هذا أن الثريد طعام متخذ من اللحم يكون فيه خبز مكسور فلا يسمى اللحم المطبوخ
وحده بدون الخبز المكسور ثريدا ولا الخبز المكسور وحده بدون اللحم ثريدا والظاهر
أن فضل الثريد على سائر الطعام إنما كان في زمنهم لأنهم قلما كانوا يجدون الطبيخ
ولا سيما إذا كان باللحم وأما في هذا الزمان فأطعمة معمولة من أشياء كثيرة متنوعة
فيها من أنواع اللحوم ومعها أنواع من الخبز الحواري فلا يقال إن مجرد اللحم مع
الخبز المكسور أفضل من هذه الأطعمة المختلفة الأجناس والأنواع وهذا ظاهر لا يخفى
1773 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( عبد الوهاب بن عبد المجيد ) حدثنا ( ابن
عون ) عن ( القاسم بن محمد ) أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال يا أم المؤمنين
تقدمين على فرط صدق على رسول الله وعلى أبي بكر
مطابقته للترجمة من حيث إن ابن عباس قطع لعائشة بدخول الجنة إذ لا يقال ذلك إلا
بتوقيف وهذه فضيلة عظيمة وابن عون بفتح العين المهملة وسكون الواو عبد الله البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن ابن المثنى نحوه
قوله اشتكت أي ضعفت قوله تقدمين بفتح الدال قوله على فرط بفتح الفاء والراء وهو
المتقدم من كل شيء ويقال الفرط الفارط أي السابق إلى الماء والمنزل قوله صدق صفة
فرط أي صادق وهو عبارة عن الحسن قال تعالى في مقعد صدق ( القمر 55 ) قوله على رسول
الله بدل منه بتكرير العامل وحاصل المعنى أن النبي وأبا بكر قد سبقاك وأنت
تلحقينهما وهما قد هيئا لك المنزل في الجنة فلا تحملي الهم وافرحي بذلك
2773 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) سمعت (
أبا وائل ) قال لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال إني
لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولاكن الله ابتلاكم تتبعونه أو إياها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إنها أي إن عائشة زوجته أي زوجة النبي في الدنيا
والآخرة وفي هذا فضل عظيم لها
وغندر هو محمد بن جعفر والحكم هو ابن عتيبة وأبو وائل هو شقيق قوله بعث علي أي علي
بن أبي طالب وكان علي رضي الله تعالى عنه بعث عمار بن ياسر والحسن ابنه إلى الكوفة
لأجل نصرته في مقاتلة كانت بينه وبين عائشة بالبصرة ويسمى بيوم الجمل بالجيم قوله
ليستنفرهم أي ليستنجدهم ويستنصرهم من الاستنفار وهو الاستنجاد والاستنصار قوله خطب
جواب لما قوله أنهاأي أن عائشة زوج النبي في الدنيا والآخرة وروى ابن حبان من طريق
سعيد بن كثير عن عائشة أن النبي قال لها أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا
والآخرة قوله تتبعونه أي تتبعون عليا أو تتبعون إياها أي عائشة قيل الضمير المنصوب
في تتبعونه يرجع إلى الله تعالى والمراد باتباع حكمه الشرعي في طاعة الإمام وعدم
الخروج عليه فإن قلت خاطب الله تعالى أزواج النبي بقوله قرن في بيوتكن ( الأحزاب
33 ) ولهذا قالت أم سلمة لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى الله تعالى قلت كانت عائشة
(16/251)
ان فضل عائشة رضي الله تعالى
عنها هي الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى عنهما قيل إنما قال البخاري ذكر معاوية
ومناقب فاطمة وفضل عائشة لأنه أراد بذكر الفضل مراعاة لفظ الحديث في حقها وأما
الذكر فهو أعم من المناقب وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس تزوجها
رسول الله بمكة قبل الهجرة بسنتين في قول أبي عبيدة وقيل قبلها بثلاث سنين وقيل
بسنة ونصف وهي بنت ست سنين وبنى بها بالمدينة بعد منصرفه من وقعة بدر في شوال سنة
اثنتين من الهجرة وهي بنت تسع سنين ومات النبي ولها نحو ثمان عشرة سنة وعاشت بعده
قريبا من خمسين سنة وأكثر الناس الأخذ عنها ونقلوا عنها من الأحكام والآداب شيئا
كثيرا حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقولة عنها روي لها عن رسول الله ألف حديث
وعشرة أحاديث ولم تلد للنبي وسألته أن تكتني فقال إكتني بابن أختك قالت أم عبد
الله
8673 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) قال (
أبو سلمة ) إن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله يوما يا عائش هذا
جبريل يقرئك السلام فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته تراى ما لا أراى تريد
رسول الله
مطابقته للترجمة من حيث إن سلام جبريل عليها يدل على أن لها فضلا عظيما واستدل به بعضهم
لفضل خديجة على عائشة لأن الذي ورد في حق خديجة أن النبي قال لها إن جبريل يقرئك
السلام من ربك وهنا السلام من جبريل خاصة ويحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن
بكير المخزومي المصري وهذا روى له مسلم أيضا ويونس بن يزيد وأبو سلمة بن عبد
الرحمن ابن عوف والحديث مر في بدء الخلق ومر الكلام فيه هناك قوله يا عائش مرخم
يجوز في الشين الضم والفتح قوله ترى خطاب لرسول الله وأوضحه بقوله تريد رسول الله
9673 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) قال وحدثنا ( عمرو ) أخبرنا ( شعبة ) عن (
عمرو بن مرة ) عن ( مرة ) عن ( أبي موسى الأشعري ) رضي الله تعالى عنه قال قال
رسول الله كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة
فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
مطابقته للترجمة في قوله فضل عائشة إلى آخره وأخرج هذا الحديث من طريقين الأول عن
آدم بن أبي إياس عن شعبة عن عمرو بن مرة إلى آخره الثاني عن عمرو بن مرزوق عن شعبة
عن عمرو بن مرة بضم الميم وتشديد الراء الأعمى الكوفي عن مرة الهمداني الكوفي عن
أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه والحديث مضى في قصة موسى في
باب قول الله تعالى ضرب الله مثلا ( إبراهيم 42 النحل 57 67 و211 الزمر 92 التحريم
01 و11 ) الآية ومضى الكلام فيه هناك
قوله كمل بتثليث الميم قوله ولم يكمل أي من نساء عصرها وقال ابن حبان الأفضلية
التي يدل عليها هذا الحديث وغيره مقيدة بنساء النبي حتى لا يقع بينه وبين قوله
أفضل نساء إهل الجنة خديجة وفاطمة تعارض ظاهرا
0773 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) قال حدثني ( محمد بن جعفر ) عن عبد الله
بن عبد الرحمان أنه سمع أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله يقول
فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبي القاسم القرشي العامري
الأويسي المديني ومحمد بن جعفر ابن أبي كثير و ( عبد الله بن عبد الرحمن ) بن معمر
بن حزم أبو طوالة الأنصاري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة
(16/250)
رضي الله تعالى عنها متأولة هي
وطلحة والزبير وكان مرادهم إيقاع الإصلاح بين الناس وأخذ القصاص من قتلة عثمان رضي
الله تعالى عنه
3773 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله
ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي شكوا
ذالك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فوالله ما نزل بك
أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة
مطابقته للترجمة تفهم من قوله جزاك الله خيرا إلى آخره وأبو أسامة حماد بن أسامة
يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير والحديث مرسل لأن عروة تابعي والحديث
مر بطوله في أول كتاب التيمم
قوله من أسماء هي أخت عائشة والقلادة والعقد بكسر العين واحد وهو كل ما يعقد ويعلق
في العنق فإن قلت قالت في الرواية الأخرى عقدا لي وهذا يخلف قولها استعارت قلت لا
مخالفة في الحقيقة لأنها ملك لأسماء وإضافته في تلك الرواية إلى نفسها لكونه في
يدها قوله فهلكت أي ضاعت قوله أسيد بضم الهمزة وفتح السين وحضير بضم الحاء المهملة
وفتح الضاد المعجمة الأنصاري الصحابي قوله فصلوا بغير وضوء قال النووي فيه دليل
على أن من عدم الماء والتراب يصلي على حاله وللشافعي فيه أربعة أقوال أصحها أنه
يجب عليه أن يصلي ويجب أن يعيدها والثاني تحرم عليه الصلاة وتجب الإعادة والثالث
لا تجب عليه ولكن تستحب ويجب القضاء الرابع تجب الصلاة ولا تجب الإعادة وهذا مذهب
المزني وعند أبي حنيفة يمسك عن الصلاة ولا يجب عليه التشبه وعند أبي يوسف ومحمد
يجب التشبه ولا خلاف في القضاء
4773 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه أن
رسول الله لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول أين أنا غدا أين أنا غدا حرصا
على بيت عائشة قالت عائشة فلما
(16/252)
كان يومي سكن
هذا الإسناد بعين الإسناد الأول وهو أيضا مرسل قيل ظاهره كذا ولكن قول عائشة في
آخر الحديث قالت عائشة يوضح أن كله موصول
قوله في مرضه أي مرضه الذي مات فيه وفي رواية مسلم قالت إن كان رسول الله ليتفقد
يقول أين أنا اليوم أين أنا غدا استبطاء ليوم عائشة وهنا حرصا أي لأجل حرصه على
بيت عائشة قوله فلما كان يومي سكن قال الكرماني أي مات أو سكت عن هذا القول وقال
بعضهم الثاني هو الصحيح والأول خطأ صريح قلت الخطأ الصريح تخطئته لأن في رواية
مسلم فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري والسحر بفتح السين وضمها وإسكان
الحاء الرئة وما تعلق بها
5773 - حدثنا ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( حماد ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه
قال كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة
فقلن يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما
تريده عائشة فمري رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان أوحيت ما دار
قالت فذكرت ذالك أم سلمة للنبي قالت فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذاك فأعرض عني
فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما
نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لا تؤذيني في عائشة إلى آخره وعبد الله بن عبد
الوهاب أبو محمد الحجبي البصري مات في سنة ثمان وعشرين ومائتين وهو من أفراده
وحماد هو ابن زيد وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير والحديث مر في كتاب الهبة في
باب قبول الهدية ومر الكلام فيه هناك
قوله يتحرون أي يقصدون ويجتهدون قوله وإنا نريد الخير بنون المتكلم مع الغير وأم
سلمة أم المؤمنين واسمها هند وقد مر غير مرة قوله فمري أي قولي وبه يستدل على أن
العلو والاستعلاء لا يشترط في الأمر قوله في لحاف وهو اسم ما يتغطى به قال
الكرماني والمعتنون بهذا الكتاب من الشيوخ رضي الله تعالى عنهم ضبطوه فقالوا ههنا
منتصف الكتاب أي كتاب البخاري وباب مناقب الأنصار هو ابتداء النصف الأخير منه
1 -
( باب مناقب الأنصار )
أي هذا باب في مناقب الأنصار والأنصار جمع نصير مثل شريف وأشراف والنصير الناصر
وجمعه نصر مثل صاحب وصحب والأنصار إسم إسلامي سمي به النبي الأوس والخزرج وحلفاءهم
والأوس ينتسبون إلى أوس بن حارثة والخزرج ينتسبون إلى الخزرج بن حارثة وهما ابنا
قيلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة وقيل قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد ابن قضاعة
وأبوهما حارثة بن ثعلبة من اليمن
وقول الله عز و جل والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا
يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ( الحشر 9 )
وقول الله عز و جل بالجر عطفا على قوله مناقب الأنصار لأنه مضاف مجرور بإضافة
الباب إليه وفي النسخ التي لم يذكر فيها لفظ باب يكون مرفوعا لأنه يكون عطفا على
لفظ المناقب أيضا لأنه حينئذ يكون مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا
مناقب الأنصار يعني هذا الذي نذكره مناقب الأنصار قوله والذين تبوؤا ( الحشر 9 )
أي اتخذوا ولزموا والتبوؤ في الأصل التمكن والاستقرار والمراد بالدار دار الهجرة
نزلها الأنصار قبل المهاجرين وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي بسنتين فأحسن الله
عليهم الثناء قوله والإيمان فيه إضمار أي وآثروا الإيمان وهذا من قبيل قول الشاعر
علفتها تبنا وماء باردا
وزعم محمد بن الحسن بن زبالة أن الإيمان اسم من أسماء المدينة واحتج بالآية ولا
حجة له فيها لأن الإيمان ليس بمكان قوله من قبلهم أي من قبل المهاجرين قوله يحبون
من هاجر إليهم أي من المسلمين حتى بلغ من محبتهم أن نزلوا لهم عن نسائهم وشاطروهم
أموالهم ومساكنهم قوله حاجة أي حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون وقد مر شيء من ذلك
في أوائل مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه
6773 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( مهدي بن ميمون ) حدثنا ( غيلان بن جرير
) قال قلت لأنس أرأيتم اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله قال بل سمانا الله
كنا ندخل على أنس فيحدثنا مناقب الأنصار ومشاهدهم ويقبل علي أو على رجل من الأزد
فيقول فعل قومك يوم كذا وكذا وكذا وكذا ( الحديث 6773 - طرفه في 4483 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث والحديث أخرجه البخاري أيضا في آخر أيام
الجاهلية عن أبي النعمان محمد بن الفضل وأخرجه النسائي في التفسير عن إسحاق بن
إبراهيم
قوله أرأيتمأي أخبروني أنكم قبل القرآن كنتم تسمون بالأنصار أم لا قوله بل سمانا
الله كما في قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ( التوبة 011 )
قوله
(16/253)
كنا ندخل على أنس أي بالبصرة
قوله فيقبل علي أي مخاطبا لي من الإقبال و علي بتشديد الياء قوله أو على رجل شك من
الراوي أي أو يقبل أنس على رجل من الأزد والظاهر أن المراد هو غيلان المذكور لأنه
من الأزد ويحتمل أن يكون غيره من الأزد فإن قلت فعلى التقديرين قال أنس فعل قومك
بالخطاب إلى غيلان أو غيره من الأزد بقوله قومك وليس قومه من الأنصار قلت هذا
باعتبار النسبة الأعمية إلى الأزد فإن الأزد يجمعهم قوله فعل قومك كذا أي يحكي ما
كان من مآثرهم في المغازي ونصر الإسلام قوله كذا وكذا واعلم أن كذا ترد على ثلاثة
أوجه أحدها أن تكون كلمة واحدة مركبة من كلمتين مكنيا بها عن غير عدد وهذا هو
المراد به هنا كما جاء في الحديث يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا فعلت
كذا وكذا
7773 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان ( يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله ) فقدم
رسول الله وقد افترق ملأهم وقتلت سرواتهم وجرحوا فقدمه الله لرسوله في دخولهم في
الإسلام
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث مثل ما في الحديث السابق وسنده بعينه مضى في
الباب السابق والحديث أخرجه البخاري أيضا في الهجرة عن عبيد الله بن سعيد
ذكر معناه قوله بعاث بضم الباء الموحدة وتخفيف العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة
وهو يوم من أيام الأوس والخزرج معروف وقال العسكري روى بعضهم عن الخليل بن أحمد
بالغين المعجمة وقال أبو منصور الأزهري صحفه ابن المظفر وما كان الخليل ليخفى عليه
هذا اليوم لأنه من مشاهير أيام العرب وإنما صحفه الليث وعزاه إلى الخليل نفسه وهو
لسانه وذكر النووي أن أبا عبيدة معمر بن المثنى ذكره أيضا بغين معجمة وحكى القزاز
في ( الجامع ) أنه يقال بفتح أوله أيضا وذكر عياض أن الأصيلي رواه بالوجهين يعني
بالعين المهملة والمعجمة وأن الذي وقع في رواية أبي ذر بالغين المعجمة وجها واحدا
وهو مكان ويقال إنه حصن على ميلين من المدينة وقال ابن قرقول يجوز صرفه وتركه قلت
إذا كان اسم يوم يجوز صرفه وإذا كان اسم بقعة يترك صرفه للتأنيث والعلمية وقال أبو
موسى المديني بعاث حصن للأوس وقال ابن قرقول وهو على ليلتين من المدينة وكانت به
وقعة عظيمة بين الأوس والخزرج قتل فيها كثير منهم وكان رئيس الأول فيه حضير والد
أسيد بن حضير وكان يقال له حضير الكتائب وكان فارسهم ويقال إنه ركز الرمح في قدمه
يوم بعاث وقال أترون أني أفر فقتل يومئذ وكان له حصن منيع يقال له وأقم وكان رئيس
الخزرج يومئذ وكان ذلك قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بأربعين سنة وقيل بأكثر من ذلك
وقال في ( الواعي ) بقيت الحرب بينهم قائمة مائة وعشرين سنة حتى جاء الإسلام وفي (
الجامع ) كأنه سمى بعاثا لنهوض القبائل بعضها إلى بعض وقال أبو الفرج الأصبهاني إن
سبب ذلك أنه كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف فقتل رجل من الأوس حليفا
للخزرج فأرادوا أن يقيدوه فامتنعوا فوقعت بينهم الحرب لأجل ذلك قوله يوما قدمه
الله لرسوله أي قدم ذلك اليوم لأجل رسول الله إذ لو كان أشرافهم أحياء لاستكبروا
عن متابعة رسول الله ولمنع حب رياستهم عن دخول رئيس عليهم فكان ذلك من جملة مقدمات
الخير وذكر أبو أحمد العسكري في ( كتاب الصحابة ) قال بعضهم كان يوم بعاث قبل قدوم
النبي بخمس سنين قوله فقدم رسول الله أي المدينة وقد افترق الواو فيه للحال قوله
ملأهم أي جماعتهم قوله سرواتهم بفتح السين المهملة والراء والواو أي خيارهم وأشرافهم
والسروات جمع السراة وهو جمع السري وهو السيد الشريف الكريم وقال ابن الأثير السري
النفيس الشريف وقيل السخي ذو مروءة والجمع سراة بالفتح على غير قياس وقد تضم السين
والاسم منه السرو انتهى قلت السرو سخاء في مروءة يقال سرا
(16/254)
يسرو وسرى بالكسر يسري سروا
فيهما وسر ويسر وسراوة أي صار سريا قال الجوهري جمع السري سراة وهو جمع عزيز أن
يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره وجرحوا بضم الجيم وكسر الراء من الجرح ويروى
وحرجوا بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وبالجيم من الحرج وهو في الأصل الضيق ويقع
على الإثم والحرام وقيل الحرج أضيق الضيق قوله فقدمه الله أي فقدم الله ذلك اليوم
لرسوله أي لأجله قوله في دخولهم في الإسلام كلمة في هنا للتعليل أي لأجل دخولهم أي
دخول الأنصار الذين بقوا من الذين قتلوا يوم بعاث في الإسلام وجاء في بمعنى
التعليل في القرآن والحديث أما القرآن فقوله تعالى فذلكن الذي لمتنني فيه ( يوسف
23 ) وأما الحديث فقوله إن امرأة دخلت النار في الهرة
8773 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) قال سمعت ( أنسا )
رضي الله تعالى عنه يقول قالت ( الأنصار يوم فتح مكة وأعطى قريشا والله ) إن ( هذا
لهو العجب ) إن ( سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم فبلغ ) ذلك النبي
فدعا الأنصار قال فقال ما الذي بلغني عنكم وكانوا لا يكذبون فقالوا هو الذي بلغك
قال أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم وترجعون برسول الله إلى بيوتكم
لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم
مطابقته للترجمة في قوله قال أولا ترضون إلى آخره فإن فيه منقبة عظيمة لهم وأبو
الوليد هشام بن عبد الملك وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر
الحروف وفي آخره حاء مهملة واسمه يزيد بن حميد الضبعي البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن سليمان بن حرب وأخرجه مسلم في الزكاة عن
محمد بن الوليد وأخرجه النسائي في المناقب عن إسحاق بن إبراهيم
قوله يوم فتح مكة يعني عام فتح مكة لأن الغنائم المشار إليها كانت غنائم حنين وكان
ذلك بعد الفتح بشهرين قوله وأعطى قريشا الواو فيه للحال قوله والله إلى قوله ترد
عليهم مقول الأنصار قوله إن هذا إشارة إلى الإعطاء الذي دل عليه قوله وأعطى قريشا
قوله إن سيوفنا تقطر من دماء قريش فيه من أنواع البديع القلب نحو عرضت الناقة على
الحوض والأصل دماؤهم تقطر من سيوفنا هكذا قالوا ويجوز أن يكون على الأصل ويكون
المعنى إن سيوفنا من كثرة ما أصابها من دماء قريش تقطر دماءهم قوله وكانوا لا
يكذبون يعني الأنصار قوله هو الذي بلغك يعني الذي بلغك نحن قلناه ولا ننكر قوله
لسلكت أراد بذلك حسن موافقته إياهم وترجيحهم في ذلك على غيرهم لما شاهد منهم من
حسن الجوار والوفاء بالعهد لا متابعة لهم لأنه هو المتبوع المطاع المفترض الطاعة
والمتابعة له واجبة على كل مؤمن ومؤمنة قوله أو شعبهم بكسر الشين وسكون العين
المهملة وهو الطريق في الجبل ويجمع على شعاب وأما الشعب بالفتح فهو ما تشعب من
قبائل العرب والعجم ويجمع على شعوب
2 -
( باب قول النبي لولا الهجرة لكنت من الأنصار قاله عبد الله بن زيد عن النبي )
أي هذا باب يذكر فيه قول النبي إلى آخره وقال محيي السنة ليس المراد منه الانتقال
عن النسب الولادي ومعناه لولا أن الهجرة أمر ديني وعبادة مأمور بها لانتسبت إلى
داركم والغرض منه التعريض بأنه لا فضيلة أعلى من النصرة بعد الهجرة وبيان أنهم
بلغوا من الكرامة مبلغا لولا أنه من المهاجرين لعد نفسه من الأنصار رضي الله تعالى
عنهم وتلخيصه لولا فضلي على الأنصار بالهجرة لكنت واحدا منهم قوله قاله عبد الله
بن زيد أي ابن عاصم بن كعب أبو محمد الأنصاري البخاري المازني رضي الله تعالى عنه
وأخرج هذا المعلق بتمامه موصولا في المغازي في باب غزوة الطائف عن موسى بن إسماعيل
عن وهيب
(16/255)
عن عمرو بن يحيى عن عباد بن
تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال لما أفاء الله على رسوله الحديث وفيه لولا
الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
9773 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( محمد بن زياد )
عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه عن النبي أو قال أبو القاسم لو أن الأنصار
سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار
فقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخراى
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه جزءا هو الترجمة وغندر بضم الغين المعجمة هو محمد
بن جعفر وقد مر غير مرة والحديث أخرجه النسائي في المناقب نحوه عن محمد بن بشار عن
غندر عن شعبة به
قوله ما ظلم أي رسول الله في هذا القول قوله بأبي وأمي أي هو مفدى بأبي وأمي قوله
آووه بيان لما قبله من الإيواء أي آوى الأنصار رسول الله بمعنى ضموه إليهم وأحاطوا
به واتخذوا له منزلا قوله أو كلمة أخرى أي قال أبو هريرة كلمة أخرى مع قوله آووه
ونصروه وهي قوله وواسوه بالمال وأصحابه أيضا بأموالهم
3 -
( باب إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار )
هذا باب في بيان إخاء النبي وهو من قولهم وآخاه موآخاة وإخاء أي اتخذه أخا
0873 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) قال حدثني ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن
جده قال ( لما قدموا المدينة آخاى رسول الله ) بين عبد الرحمان بن عوف وسعد بن
الربيع قال لعبد الرحمان إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين ولي امرأتان
فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها قال بارك الله لك في
أهلك ومالك أين سوقكم فدلوه على سوق بن قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن
ثم تابع الغدو ثم جاء يوما وبه أثر صفرة فقال النبي مهيم قال تزوجت قال كم سقت
إليها قال نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب شك إبراهيم ( انظر الحديث 8402 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك
بن أنس وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن أبيه سعد بن
إبراهيم عن جده عبد الرحمن بن عوف
والحديث مر في أول كتاب البيوع فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله عن
إبراهيم بن سعد إلى آخره
قوله وسعد بن الربيع بفتح الراء ضد الخريف الخزرجي الأنصاري العقبي النقيب البدري
استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وقينقاع بفتح القافين وسكون الياء آخر الحروف
وضم النون وفي آخره عين مهملة قوله الغدو والغدوات كقوله تعاى بالغدو والآصال (
الأعراف 502 الرعد 51 النور 63 ) أي فعل مثله في كل صبيحة يوم قوله مهيم بفتح
الميم وسكون الهاء وفتح الياء آخر الحروف وفي آخره ميم أي ما حالك وما شأنك وما
الخبر قوله نواة وهي خمسة دراهم قوله أو وزن شك من الراوي وهو إبراهيم بن سعد
المذكور
1873 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( حميد ) عن ( أنس ) رضي
الله تعالى عنه أنه قال ( قدم علينا عبد الرحمان بن عوف وآخاى رسول الله ) بينه
وبين سعد
(16/256)
ابن الربيع وكان كثير المال
فقال سعد قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا سأقسم مالي بيني وبينك شطرين ولي
امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها فقال عبد الرحمان بارك
الله لك في أهلك فلم يرجع يومئذ حتى أفضل شيئا من سمن وأقط فلم يلبث إلا يسيرا حتى
جاء رسول الله وعليه وضر من صفرة فقال له رسول الله مهيم قال تزوجت امرأة من
الأنصار فقال ما سقت فيها قال وزن نواة من ذهب أو نواة من ذهب فقال أولم ولو بشاة
مطابقته للترجمة في قوله وآخى رسول الله بينه وبين سعد وإسماعيل بن جعفر أبو
إبراهيم الأنصاري المديني كان يكون ببغداد مات سنة ثمانين ومائة وبعضه مر في كتاب
الكفالة في باب قول الله تعالى والذين عاقدت إيمانكم ( النساء 33 ) بعين هذا
الإسناد
قوله وضر بفتح الواو والضاد المعجمة وبالراء أي لطخ من الطيب ونحوه وأكثر المباحث
تقدم هناك وفيه الأمر بالوليمة والأشهر استحبابها وهي الطعام الذي يصنع عند العرس
2873 - حدثنا ( الصلت بن محمد أبو همام ) قال سمعت ( المغيرة بن عبد الرحمان )
حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قالت
الأنصار اقسم بيننا وبينهم النخل قال لا قال تكفونا المؤونة وتشركونا في التمر
قالوا سمعنا وأطعنا
مطابقته للترجمة في قوله سمعنا وأطعنا وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن
ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز والحديث مر في المزارعة في باب إذا قال إكفني
مؤونة النخل فإنه أخرجه هناك عن الحكم بن نافع عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة
قوله وبينهم يعني وبين المهاجرين قوله تكفونا ويروى تكفوننا على الأصل وكذا
الوجهان في تشركونا قوله قالوا أي الأنصار رضي الله تعالى عنهم
4 -
( باب حب الأنصار من الإيمان )
أي هذا باب في بيان حب الأنصار
4873 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن عبد الرحمان بن عبد الله بن
جبر عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي قال آية الإيمان حب الأنصار وآية
النفاق بغض الأنصار ( انظر الحديث 71 )
(16/257)
مضى الحديث في كتاب الإيمان في
باب علامة الإيمان حب الأنصار فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة عن ( عبد
الرحمن بن عبد الله بن جبر ) عن أنس إلى آخره وعبد الله بن عبد الله هو الصحيح وما
وقع عن عبد الله بن عبد الله ابن جبر لا يصح وقال ابن منجويه أهل العراق يقولون في
جده جبر ولا يصح وإنما هو جابر بن عتيك الأنصاري المدني
5 -
( باب قول النبي للأنصار أنتم أحب الناس إلي )
أي هذا باب يذكر فيه قول النبي للأنصار أنتم أحب الناس إلي والحكم بأحبية الأنصار
إليه من الناس لا ينافي أحيية أحد إليه من غير الأنصار لأن الحكم للكل بشيء لا
ينافي الحكم به لفرد من أفراده فلا تعارض بينه وبين قوله أبو بكر في جواب من أحب
الناس إليك فافهم
5873 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس )
رضي الله تعالى عنه قال ( رأى ) النبي النساء والصبيان مقبلين قال حسبت أنه قال من
عرس فقام النبي ممثلا فقال اللهم أنتم من أحب الناس إلي قالها ثلاث مرار ( الحديث
5873 - طرفه في0815 )
مطابقته للترجمة في قوله أنتم من أحب الناس إلي وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله
بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعدي البصري وعبد الوارث هو ابن سعيد وعبد
العزيز بن صهيب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن عبد الرحمن بن المبارك
قوله حسبت الشك فيه من الراوي والعرس بضم العين المهملة وهو طعام الوليمة يذكر
ويؤنث قوله ممثلا بضم الميم الأولى وفتح الثانية وكسر الثاء المثلثة من باب
التفعيل أي منتصبا قائما قال ابن التين كذا وقع رباعيا والذي ذكره أهل اللغة مثل
الرجل بفتح الميم وضم المثلثة مثولا إذا انتصب قائما ثلاثي انتهى قلت كان غرضه
الإنكار على الذي وقع هنا وليس بموجه لأن ممثلا معناه هنا مكلفا نفسه ذلك وطالبا
ذلك فلذلك عدى فعله وأما مثل الذي هو ثلاثي فهو لازم غير متعد وفي رواية النكاح
ممتنا بفتح التاء المثناة من فوق وبالنون من المنة أي متفضلا عليهم
6873 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم بن كثير ) حدثنا ( بهز بن أسد ) حدثنا ( شعبة )
قال أخبرني ( هشام ابن زيد ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال
جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ومعها صبي لها فكلمها رسول الله فقال والذي
نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي مرتين
الترجمة مذكورة في الحديث ويعقوب المذكور هو الدورقي وهو شيخ مسلم أيضا وهشام بن
زيد بن أنس بن مالك سمع جده أنسا
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن بندار عن غندر وفي النذور عن إسحاق عن
وهب بن جرير وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار وعن يحيى بن حبيب وعن أبي
بكر بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في المناقب عن أبي كريب به وعن محمد بن عبد الأعلى
قوله فكلمها رسول الله أي ابتدأها بالكلام تأنيسا لها ويحتمل أنه أجابها عما سألته
6 -
( باب اتباع الأنصار )
أي هذا باب في اتباع الأنصار بفتح الهمزة جمع تبع وأراد بهم الحلفاء والموالي
لأنهم أتباع الأنصار وليسوا بأنصار
7873 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو ) سمعت (
أبا حمزة ) عن ( زيد بن أرقم ) قالت الأنصار لكل نبي أتباع وإنا قد اتبعناك فادع
الله أن يجعل أتباعنا
(16/258)
منا فدعا به فنميت ذلك إلى ابن
أبي ليلى قال قد زعم ذلك زيد ( الحديث 7873 - طرفه في 8873 )
مطابقته للترجمة تظهر من معناه وعمرو هو ابن مرة بن عبد الله أبو عبد الله الجملي
أحد الأعلام الكوفي الضرير قال أبو حاتم ثقة يرى الإرجاء مات سنة ست عشرة ومائة
وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي اسمه طلحة بن يزيد من الزيادة مولى قرظة بن كعب
الأنصاري و قرظة بفتح القاف والراء والظاء المعجمة صحابي معروف وهو ابن كعب بن
ثعلبة ابن عمرو بن كعب بن عامر بن زيد مناة أنصاري خزرجي مات في ولاية المغيرة على
الكوفة لمعاوية وذلك في حدود سنة خمسين
قوله أن يجعل أتباعنا منا أي يقال لهم الأنصار حتى تتناولهم الوصية بهم بالأحسان
إليهم ونحو ذلك قوله فدعا به أي بما سألوه من ذلك وفي الرواية التي تأتي بلفظ أللهم
إجعل أتباعهم منهم قوله فنميت أي رفعته ونقلته وهو بتخفيف الميم وأما بتشديد الميم
فمعناه أبلغته على جهة الإفساد وقائل ذلك هو عمرو بن مرة قوله إلى ابن أبي ليلى
وهو عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله قد زعم ذلك زيد أي قال قال ذلك زيد وأهل الحجاز
يطلقون الزعم على القول وزيد هو زيد بن أرقم وجزم به أبو نعيم في ( المستخرج )
وقيل يحتمل أن يكون غير زيد بن أرقم كزيد بن ثابت وما ذكره أبو نعيم هو الصحيح
8873 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( عمرو بن مرة ) قال سمعت ( أبا حمزة )
رجلا ( من الأنصار ) قالت الأنصار إن لكل قوم أتباعا وإنا قد اتبعناك فادع الله أن
يجعل أتباعنا منا قال النبي اللهم اجعل أتباعهم منهم قال عمرو فذكرته لابن أبي
ليلى قال قد زعم ذاك زيد قال شعبة أظنه زيد بن أرقم ( انظر الحديث 7873 )
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن آدم بن أبي إياس إلى آخره وهو من أفراد البخاري
قوله رجلا من الأنصار نصب على أنه بيان أو بدل من أبا حمزة وأبو حمزة يروي عن
حذيفة مرسلا وعن زيد بن أرقم وعنه عمرو بن مرة فقط قوله قال شعبة أظنه أي أظن قول
ابن أبي ليلى ذاك زيد أنه زيد بن أرقم وظنه صحيح فإنه زيد بن أرقم كما ذكرناه
7 -
( باب فضل دور الأنصار )
أي هذا باب في بيان فضل دور الأنصار والدور بالضم جمع دار قال ابن الأثير هي
المنازل المسكونة والمحال وتجمع أيضا على ديار والمراد ههنا القبائل وكل قبيلة
اجتمعت في محلة سميت تلك المحلة دارا وسمي ساكنوها بها مجازا على حذف المضاف أي
أهل الدور قال وأما قوله وهل ترك لنا عقيل من دار فإنما يريد به المنزل لا القبيلة
9873 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة )
عن ( أنس بن مالك ) عن ( أبي أسيد ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي خير دور
الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل
دور الأنصار خير
مطابقته للترجمة ظاهرة وغندر بضم الغين المعجمة قد تكرر ذكره وهو محمد بن جعفر
وأبو أسيد بضم الهمزة وفتح السين المهملة مصغر أسد واسمه مالك بن ربيعة الساعدي
رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه البخاري أيضا في مناقب سعد بن عبادة عن إسحاق عن عبد الصمد وأخرجه
مسلم في الفضائل عن أبي موسى وأخرجه الترمذي في المناقب عن محمد بن بشار به وأخرجه
النسائي فيه عن محمد بن المثنى عن غندر به
قوله خير دور الأنصار أي خير قبائلهم بنو النجار بفتح النون وتشديد الجيم وهذا من
باب إطلاق المحل وإرادة الحال أو خيريتها بسبب خيرية أهلها والنجار هو تيم الله بن
ثعلبة بن عمرو بن الخزرج والخزرج أخو الأوس ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو
مزيقيا بن عامر بن ماء السماء
(16/259)
ابن حارثة الغطريف بن امرىء
القيس البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن وهو جماع غسان بن الأزد بن الغوث بن يشجب
ابن ملكان بن زيد بن كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن
إرفخشذ بن سام بن نوح عليه الصلاة و السلام والأزد يقال له الأسد أيضا بالسين
وقحطان فعلان من القحط وهو الشدة ويقال شيء قحيط أي شديد وسمي تيم الله بالنجار
لأنه اختتن بقدوم وقيل جرحه رجل بالقدوم فسمي النجار وبنو النجار هم رهط سعد بن
معاذ وأبي أيوب ومنهم أبو قيس صرمة بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن
النجار النجاري ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وهم
بالنصرانية ثم أمسك عنها وقال أعبد رب إبراهيم عليه الصلاة و السلام فلما قدم
النبي المدينة أسلم فحسن إسلامه وأما الطائفة النجارية فتنسب إلى حسين النجار أخذ
عن بشر بن غياث المريسي القائل بخلق القرآن قوله ثم بنو عبد الأشهل هم من الأوس
وعبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج الأصغر بن عمرو وهو النبيت بن مالك بن أوس
بن حارثة وبقية النسب قد مرت الآن وقال ابن دريد زعموا أن الأشهل صنم والنسبة إليه
أشهلي منهم أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل
قوله ثم بنو الحارث بن خزرج والخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس المذكور منهم رافع بن
خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن زيد بن جشم بن الحارث بن الخزرج المذكور
قوله ثم بنو ساعدة هم من الخزرج المذكور أيضا وساعدة بن كعب بن الخزرج قال ابن
دريد ساعدة اسم من أسماء الأسد منهم سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة
بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج ابن ساعدة الأنصاري الخزرجي الشاعر قلت أبو حزيمة بفتح
الحاء المهملة وكسر الزاي كذا قاله الدارقني وقال أبو عمر حليمة باللام موضع الزاي
وقال الخطيب خزيمة بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي ويقال خزيمة بكسر الزاي قوله وفي
كل دور الأنصار خير المذكور هنا لفظ خير في الموضعين الأول قوله خير دور الأنصار
ولفظ خير فيه بمعنى أفعل التفضيل أي أفضل دور الأنصار أي قبائلهم كما ذكرنا
والثاني قوله وفي كل دور الأنصار خير ولفظ خير فيه على أصله أي في كل دور الأنصار
أي في قبائلهم خير وإن تفاوتت مراتبهم
فقال سعد ما أري النبي إلا قد فضل علينا فقيل قد فضلكم على كثير
أي قال سعد بن عبادة بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وهو من بني ساعدة
قوله ما أرى يجوز بفتح الهمزة من الرؤية وبضمها بمعنى الظن قوله قد فضل علينا أي
قد فضل النبي علينا بعض القبائل وإنما كان ذلك لأنه من بني ساعدة ولم يذكر النبي
بني ساعدة إلا بكلمة ثم بعد ذكره القبائل الثلاثة قوله فقيل قد فضلكم على كثير أي
على كثير من القبائل الغير المذكورين من الأنصار
وقال عبد الصمد حدثنا شعبة حدثنا قتادة سمعت أنسا قال أبو أسيد عن النبي بهذا وقال
سعد بن عبادة
عبد الصمد هو ابن عبد الوارث بن سعيد التنوري البصري وهذا التعليق ذكره موصولا في
مناقب سعد بن عبادة عن إسحاق عن عبد الصمد عن شعبة عن قتادة قال سمعت أنس بن مالك
قال أبو أسيد قال رسول الله خير دور الأنصار بنو النجار الحديث ويأتي عن قريب إن
شاء الله تعالى قوله وقال سعد بن عبادة أي صرح بأن سعدا في قوله قال سعد ما أرى
النبي هو سعد بن عبادة
0973 - حدثنا ( سعد بن حفص الطلحي ) حدثنا ( شيبان ) عن ( يحيى ) قال ( أبو سلمة )
أخبرني ( أبو أسيد ) أنه سمع النبي يقول خير الأنصار أو قال خير دور الأنصار بنو
النجار وبنو عبد الأشهل وبنو الحارث وبنو ساعدة
(16/260)
هذا طريق آخر عن أبي أسيد عن
النبي أخرجه عن سعد بن حفص أبي محمد الطلحي الكوفي عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي
عن يحيى بن أبي كثير واسم أبي كثير صالح اليمامي الطائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
بن عوف عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وأخرجه البخاري أيضا في الأدب عن أبي قبيصة عن
سفيان وأخرجه مسلم في الفضائل عن يحيى بن يحيى وعن عمرو بن علي وأخرجه النسائي في
المناقب عن عمرو بن علي وآخرين
8 -
( باب قول النبي للأنصار اصبروا حتى تلقوني على الحوض قاله عبد الله بن زيد عن
النبي )
أي هذا باب في بيان قول النبي مخاطبا للأنصار إلى آخره قوله على الحوض أي الكوثر
قوله قاله عبد الله بن زيد أي ابن عاصم المازني رضي الله تعالى عنه وهذا التعليق
وصله البخاري بأتم من هذا في غزوة حنين على ما سيجيء إن شاء الله تعالى
2973 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة )
عن ( أنس بن مالك ) عن ( أسيد بن حضير ) أن رجلا من الأنصار قال يا رسول الله ألا
تستعملني كما استعملت فلانا قال ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض
( الحديث 2973 - طرفه في 7507 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الإسناد بهؤلاء الرجال قد مر عن قريب فرادى ومجموعا
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن محمد بن عرعرة وأخرجه مسلم في المغازي عن
أبي موسى وبندار وعن يحيى بن حبيب وعن عبيد الله بن معاذ وأخرجه الترمذي في الفتن
عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي في المناقب عن محمد بن عبد الأعلى قوله ألا
تستعملني
(16/261)
أي ألا تجعلني عاملا على
الصدقة أو متوليا على بلد قوله كما استعملت فلانا أي كاستعمالك فلانا قيل هو عمرو
بن العاص قوله أثرة بضم الهمزة وسكون الثاء المثلثة وفتح الراء وفي رواية
الكشميهني أثرة بفتح الهمزة والثاء قال ابن الأثير الأثرة الاسم من آثر يوثر
إيثارا إذا أعطى أراد أن يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء والاستئثار
الانفراد بالشيء وقال الكرماني الأثرة الاستئثار لنفسه والاستقلال والاختصاص يعني
أن الأمراء يخصصون أنفسهم بالأموال ولا يشركونكم فيها قلت وقع الأمر كما وصف وهو
من جملة ما أخبر به من الأمور التي تأتي بعده
3973 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( هشام ) قال
سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول قال النبي للأنصار إنكم ستلقون بعدي
أثرة فاصبروا حتى تلقوني وموعدكم الحوض
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن أنس نفسه والذي قبله عنه عن أسيد رواية الصحابي
عن الصحابي وفيه رواية قتادة عن أنس وههنا عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك فإنه
يروي عن جده أنس رضي الله تعالى عنه قوله وموعدكم الحوض أي حوض النبي
4973 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( يحيى بن سعيد ) سمع ( أنس
بن مالك ) رضي الله تعالى عنه حين خرج معه إلى الوليد قال دعا النبي الأنصار إلى
أن يقطع لهم البحرين فقالوا لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها قال إما
لا فاصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم بعدي أثرة
مطابقته للترجمة في قوله فاصبروا وعبد الله بن محمد أبو جعفر البخاري المعروف
بالمسندي وسفيان هو ابن عيينة ويحيى ابن سعيد الأنصاري
والحديث قد مر في الجزية في باب ما اقطع النبي من البحرين فإنه أخرجه هناك عن أحمد
بن يونس عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن أنس وفي الشرب أيضا عن سليمان بن حرب
قوله حين خرج معه أي حين خرج يحيى أي سافر معه أي مع أنس قوله إلى الوليد بن عبد
الملك بن مروان وكان أنس قد توجه من البصرة حين آذاه الحجاج إلى دمشق يشكوه إلى
الوليد بن عبد الملك فأنصفه منه قوله إلى أن يقطع بضم الياء آخر الحروف من الإقطاع
وهو أن يعطي الإمام قطعة من الأرض وغيرها قوله البحرين تثنية بحر إسم بلد بساحل
الهند قوله إما لا بكسر الهمزة وتشديد الميم وفتح اللام أصله أن ما لا تريدوا أو
لا تقبلوا فأدغمت النون في الميم وحذف فعل الشرط وقد تمال كلمة لا وقد روى بفتح
الهمزة من أن ما قيل هو خطأ إلا على لغة بعض بني تميم فإنهم يفتحون الهمزة من أما
حيث وردت وقيل اللام من قوله إما لا مفتوحة عند الجمهور ووقع عند الأصيلي في
البيوع من ( الموطأ ) بكسر اللام والمعروف فتحها قوله فإنه أي فإن إقطاع المال
سيصيبكم حال كونه أثرة بمعنى استئثار الغير عليكم واستئثار المقطع بكسر الطاء
لنفسه وعدم الالتفات إلى غيره كما هو في غالب أهل هذا الزمان فافهم فإنه موضع
الدقة
9 -
( باب دعاء النبي أصلح الأنصار والمهاجرة )
أي هذا باب في بيان دعاء النبي للأنصار والمهاجرين بقوله أصلح الأنصار والمهاجرة
وقد ذكرنا أن الأنصار جمع نصير بمعنى ناصر كشريف يجمع على أشراف والمهاجرة بكسر
الجيم الجماعة المهاجرون الذين هاجروا من مكة إلى المدينة
(16/262)
6973 - حدثنا ( آدم ) حدثنا (
شعبة ) عن ( حميد الطويل ) سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال كانت
الأنصار يوم الخندق تقول
( نحن الذين بايعوا محمدا
على الجهاد ما حيينا أبدا )
فأجابهم
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخره
فأكرم الأنصار والمهاجره )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الجهاد أخرجه عن حفص بن عمر وأخرجه النسائي
في المناقب عن أحمد بن سليمان
7973 - حدثني ( محمد بن عبيد الله ) حدثنا ( ابن أبي حازم ) عن أبيه عن ( سهل )
قال ( جاءنا ) رسول الله ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتادنا فقال رسول
الله
( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرهفاغفر للمهاجرين والأنصار )
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد أبو ثابت مولى عثمان بن
عفان الأموي القرشي المدني وابن أبي حازم عبد العزيز يروي عن ابيه أبي حازم واسمه
سلمة بن دينار وسهل هو بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي له ولأبيه صحبة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن
القعنبي وأخرجه النسائي في المناقب وفي الرقاق عن قتيبة
قوله على أكتادناجمع كتد بالتاء المثناة من فوق وهو ما بين الكاهل إلى الظهر وفي
رواية الكشميهني أكبادنا بالباء الموحدة جمع كبد ووجهه أنا نحمل التراب على جنوبنا
مما يلي الكبد
01 -
( باب قول الله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ( الحشر 9 ) )
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى إلخ إنما ذكر هذه الآية بناء على أنها نزلت في
الأنصار ولكن ظاهر حديث الباب يدل على أنها نزلت في رجل أنصاري على ما يجيء بيانه
عن قريب وعلى كل حال المطابقة موجودة من حيث إنها فيمن يسمى بالأنصاري مفردا أو
بالأنصار جمعا واختلفوا في سبب نزول على ما نذكره الآن قوله ويؤثرون من آثرته بكذا
(16/263)
أي خصصته أي يؤثرون بأموالهم
ومساكنهم أي لا عن غنى بل مع احتياجهم وهو معنى قوله ولو كان بهم خصاصة ( الحشر 9
) أي فقر وحاجة
8973 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الله بن داود ) عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا أتى النبي فبعث إلى نسائه فقلن ما معنا
إلا الماء فقال رسول الله من يضم أو يضيف هذا فقال رجل من الأنصار أنا فانطلق به
إلى امرأته فقال أكرمي ضيف رسول الله فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال هيئي
طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت طعامها وأصبحت سراجها
ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا
طاويين فلما أصبح غدا إلى رسول الله فقال ضحك الليلة أو عجب من فعالكما فأنزل الله
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فألئك هم المفلحون ( الحشر
9 ) ( الحديث 8973 - طرفه في 9884 )
قد ذكرنا أن المطابقة موجودة وعبد الله بن داود بن عامر الهمداني الكوفي سكن
الحديبية بالبصرة وهو من أفراده و ( فضيل بن غزوان ) بن جرير أبو الفضل الكوفي
وأبو حازم بالحاء والزاي اسمه سلمان الأشجعي ولا يشتبه عليك ب ( أبي حازم ) سلمة
بن دينار المذكور في آخر الباب الذي قبله
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن يعقوب بن إبراهيم وأخرجه مسلم في
الأطعمة عن زهير بن حرب وأبي كريب وأخرجه الترمذي في التفسير عن أبي كريب وأخرجه
النسائي فيه عن هناد عن وكيع
قوله فبعث إلى نسائه أي يطلب منهن ما يضيف الرجل به قوله فقلن ما معنا أي ما عندنا
إلا الماء قوله من يضم أي يجمعه إلى نفسه في الأكل قوله أو يضيف شك من الراوي من
أضاف يضيف يقال ضفت الرجل إذا نزلت به في ضيافة وأضفته إذا أنزلته وتضيفته إذا
نزلت به وتضيفني إذا نزلني قوله فقال رجل من الأنصار قيل هذا أبو طلحة بن زيد بن
سهل وهو المفهوم من كلام الحميدي لأنه لما ذكر حديث ( أبي هريرة ) قال في رواية
ابن فضيل فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة زيد بن سهل وقال الخطيب لا أراه
زيد بن سهل بل آخر تكنى أبا طلحة قلت كأنه استبعد أن يكون أبو طلحة هو زيد بن سهل
لأنه كان أكثر الأنصار مالا بالمدينة وقال القاضي إسماعيل في ( أحكام القرآن ) هو
ثابت بن قيس بن الشماس قال وذلك لأن رجلا من المسلمين عبر عليه ثلاثة أيام لا يجد
ما يفطر به حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس وقال ابن بشكوال قيل هو
عبد الله بن رواحة وذكر النحاس في تفسير هذه الآية أنها نزلت في أبي المتوكل
الناجي ورد عليه بأن أبا المتوكل تابعي وقيل هو أبو هريرة راوي الحديث نسب ذلك إلى
البحتري القاضي أحد الضعفاء المتروكين قوله قوت صبياني ويروى صبيان بدون الإضافة
قوله وأصبحي سراجك بهمزة القطع أي أوقديه أو نوريه قوله فجعلا يريانه بضم الياء من
الإراءة قوله أنهما أي أن الأنصاري وامرأته هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية
غيره كأنهما بالكاف قوله طاويين حال تثنية طاو وهو الجائع الذي يطوي ليله بالجوع
قوله ضحك الله يراد بالضحك لازمه لأن الضحك لا يصح على الله عز و جل وهو الرضا
بذلك وكلما جاء هكذا من أمثاله يراد لوازمها قوله أو عجب شك من الراوي وهو كذلك
يراد لازمه وهو الرضا بهذا الفعل قوله فأنزل الله هذا هو الأصح في سبب نزول هذه
الآية وذكر الواحدي عن ابن عمر قال أهدي لرجل من الصحابة رأس شاة فقال إن أخي
وعياله أحوج منا إلى هذا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها
سبعة أهل أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ويؤثرون على
(16/264)
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (
الحشر 9 ) قوله ومن يوق نفسه ( الحشر 9 ) قال الزمخشري ومن غلب ما أمرته به نفسه
وخالف هواها بمعونة الله وتوفيقه فأولئك هم المفلحون ( الحشر 9 ) الظافرون بما
أرادوا وقرىء ومن يوق بتشديد القاف وأصله من الوقاية وهي الحفظ والشح بالضم والكسر
وقد قرىء بها اللوم وأن تكون النفس كزة حريصة على المنع وقيل الشح والبخل بمعنى
واحد وقيل الشح أخذ المال بغير حق والبخل المنع من المال المستحق وقيل الشح بما في
يد الغير والبخل بما في يده وقيل البخيل إذا وجد شبع والشحيح لا يشبع أبدا فالشح
أعم
11 -
( باب قول النبي أقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم )
أي هذا باب في ذكر قوله اقبلوا من محسن الأنصار وتجاوزوا عن مسيئهم أي لا تؤاخدوه
بإساءته
9973 - حدثني ( محمد بن يحيى أبو علي ) حدثنا ( شاذان أخو عبدان ) حدثنا أبي
أخبرنا ( شعبة بن الحجاج ) عن ( هشام بن زيد ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) يقول مر
أبو بكر والعباس رضي الله تعالى عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما
يبكيكم قالوا ذكرنا مجلس النبي منا فدخل على النبي فأخبره بذالك قال فخرج النبي
وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذالك اليوم فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي
الذي لهم فأقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ( الحديث 9973 - طرفه في 1083 )
مطابقته للترجمة في آخر الحديث لأنه عين الترجمة ومحمد بن يحيى أبو علي اليشكري
المروزي الصائغ بالغين المعجمة كان أحد الحفاظ روى عنه مسلم والنسائي أيضا وقال
ثقة مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين وقيل مات قبل البخاري بأربع سنين قلت نعم لأن
البخاري مات في سنة ست وخمسين ومائتين وشاذان بالمعجمة اسمه عبد العزيز بن عثمان
بن جبلة وهو أخو عبدان وهو أكبر من شاذان وقد أكثر البخاري في ( صحيحه ) عن عبدان
وأدرك شاذان ولكنه روى عنه هنا بواسطة وأبوهما عثمان بن جبلة روى عنه ابنه عبدان
عند البخاري ومسلم وروى عنه شاذان عند البخاري في غير موضع وهشام بن زيد بن أنس بن
مالك روى عن جده أنس بن مالك
والحديث أخرجه النسائي أيضا عن شيخ البخاري محمد بن يحيى المذكور في المناقب
قوله والعباس هو ابن عبد المطلب عم النبي وكان مرورهما بمجلس من مجالس الأنصار في
مرض النبي قوله وهم يبكون جملة حالية قوله فقال ما يبكيكم يحتمل أن يكون هذا
القائل أبا بكر ويحتمل أن يكون العباس وقال بعضهم والذي يظهر لي أنه العباس قلت لا
قرينة هنا تدل على ذلك ثم قوي ما قاله من أنه العباس بالحديث الثاني الذي يأتي
الآن الذي رواه ابن عباس فقال هذا من رواية ابنه يعني ابن عباس فكأنه سمع ذلك منه
قلت هذا أبعد من ذلك لأن الوصية في حديث ابن عباس أعم من الوصية التي في حديث
العباس لأنها في حديثه مختصة بالأنصار بخلاف حديث ابن عباس فأين ذا من ذاك حتى
يكون هذا دليلا على أن القائل في قوله فقال ما يبكيكم هو العباس من غير احتمال أن
يكون أبا بكر رضي الله تعالى عنه قوله ذكرنا مجلس النبي لأنهم كانوا يجلسون معه
وكان ذلك في مرض النبي فخافوا أن يموت من مرضه فيفقدوا مجلسه فبكوا حزنا على فوات
ذلك قوله فدخل على النبي أي فدخل هذا القائل
(16/265)
ما يبكيكم على النبي فأخبره
بذلك أي بما شاهد من بكائهم قوله فخرج النبي القائل يحتمل أن يكون القائل ما
يبكيكم ويحتمل أن يكون الراوي وهو أنس رضي الله تعالى عنه وهذا هو الأظهر قوله وقد
عصب الواو فيه للحال و عصب بتخفيف الصاد ومصدره عصب وهو متعد وكذا عصب بالتشديد
ومصدره تعصيب يقال عصب رأسه بالعصابة تعصيبا قوله حاشية برد بالنصب مفعول عصب وفي
رواية المستملي حاشة بردة والبرد نوع من الثياب معروف والجمع أبراد وبرود والبردة
الشملة المخططة وقيل كساء أسود مربع تلبسه الأعراب وجمعها برد قوله كرشي بفتح
الكاف وكسر الراء وعيبتي بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء
الموحدة والكرش لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان والعيبة مستودع الثياب والأول أمر
باطن والثاني ظاهر فيحتمل أنه ضرب المثل بهما في إرادة اختصاصهم بأمورهم الظاهرة
والباطنة وقال الخطابي يريد أنهم بطانتي وخاصتي ومثله بالكرش لأنه مستقر غذاء
الحيوان الذي يكون به بقاؤه وقد يكون المراد بالكرش أهل الرجل وعياله والعيبة التي
يخزن فيها المرء حرثيا به أي أنهم موضع سره وأمانته وقال ابن دريد هذا من كلامه
الموجز الذي لم يسبق إليه قوله قد قضوا الذي عليهم وهو ما وقع لهم من المبايعة
ليلة العقبة فإنهم كانوا بايعوا على أن يؤوا النبي وينصروه على أن لهم الجنة فوفوا
بذلك قوله وبقي الذي لهم وهو دخول الجنة قوله فأقبلوا أي إذا كان الأمر كذلك
فأقبلوا من محسنهم أي من محسن الأنصار قوله وتجاوزوا قد ذكرنا أن معناه لا
تؤاخذوهم بالإساءة والتجاوز عن المسيء مخصوص بغير الحدود وفيه وصية عظيمة لأجلهم
وفضيلة عزيزة لهم
00 - 8 - 3 - حدثنا ( أحمهد بن يعقوب ) حدثنا ( ابن الغسيل ) سمعت ( عكرمة ) يقول
سمعت ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما يقول ( خرج ) رسول الله وعليه ملحفة
متعطفا بها على منكبيه وعليه عصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في
الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن
مسيئهم ( انظر الحديث 729 وطرفه )
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وأحمد بن يعقوب أبو يعقوب المسعودي الكوفي وهو من
أفراده وابن الغسيل هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة
والحديث مضى في كتاب صلاة الجمعة في باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد فإنه
أخرجه هناك عن إسماعيل بن أبان عن ابن الغسيل
قوله خرج النبي أي من البيت إلى المسجد قوله وعليه الواو فيه للحال قوله متعطفا
نصب على الحال أي مرتديا والعطاف الرداء قوله بها أي بالملحفة قوله وعليه الواو
فيه أيضا للحال قوله عصابة دسماء العصابة بالكسر ما يعصب به الرأس من عمامة أو
منديل أو خرقة والدسماء السوداء ومنه الحديث الآخر خرج وقد عصب رأسه بعصابة دسمة
وقال الداودي الدسماء الوسخة من العرق والغبار قوله فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار
لأن الأنصار هم الذين سمعوا رسول الله ونصروه وهذا أمر قد انقضى زمانه لا يلحقهم
اللاحق ولا يدرك شاوهم السابق وكلما مضى منهم أحد مضى من غير بدل فيكثر غيرهم
ويقلون قوله حتى يكونوا كالملح في الطعام يعني من القلة ووجه التشبيه بين الأنصار
والملح هو أن الملح جزء يسير من الطعام وفيه إصلاحه فكذلك الأنصار وأولادهم من
بعدهم جزء يسير بالنسبة إلى المهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا
الأقاليم فلذلك قال مخاطبا للمهاجرين فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أي في ذلك الأمر
أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم أي محسن الأنصار والذين ملكوا من بعد النبي من
الخلفاء الراشدين كلهم من المهاجرين وكذلك من بني أمية ومن بني العباس كلهم من
أولاد المهاجرين
(16/266)
1083 - حدثنا ( محمد بن بشار )
حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله
تعالى عنه عن النبي قال الأنصار كرشي وعيبتي والناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من
محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ( انظر الحديث 9973 )
هؤلاء الرجال قد ذكروا غير مرة والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار
والترمذي أيضا عن بندار في المناقب والنسائي عن حرمي بن عمارة عن شعبة عن قتادة عن
أنس عن أسيد بن حضير قوله ويقلون أي الأنصار
21 -
( باب مناقب سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب سعد بن معاذ بضم الميم وإعجام الذال ابن النعمان بن
امرىء القيس ابن عبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج بن النبيت واسمه عمرو بن
مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي ثم الأشهلي وهو كبير الأوس كما أن سعد بن عبادة
كبير الخزرج أسلم على يد مصعب بن عمير لما أرسله النبي إلى المدينة يعلم المسلمين
فلما أسلم قال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا فكان من
أعظم الناس بركة في الإسلام وشهد بدرا بلا خلاف فيه وشهد أحدا والخندق ورماه يومئذ
حبان بن العراقة في أكحله فعاش شهرا ثم انتفض جرحه فمات منه وكان موته بعد الخندق
بشهر وبعد قريظة بليال وأمه كبشة بنت رافع لها صحبة
2083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق )
قال سمعت ( البراء ) رضي الله تعالى عنه يقول ( أهديت للنبي ) حلة حرير فجعل
أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه لمناديل سعد بن معاذ خير
منها أو ألين رواه قتادة والزهري سمعا أنس بن مالك عن النبي
مطابقته للترجمة في قوله لمناديل سعد بن معاذ خير منها وجاء فيه إن لمناديل سعد في
الجنة أحسن ما ترون وفيه منقبة عظيمة له وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وبندار عن محمد بن عمرو
قوله أهديت كان الذي أهدها أكيدر دومة كما بينه في حديث أنس في كتاب الهداية في
باب قبول الهدية من المشركين وفيه لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا
وتخصيص سعد به قيل لأنه كان يعجبه ذلك الجنس من الثوب أو لأجل كون اللامسين
المتعجبين من الأنصار فقال مناديل سيدكم خير منها قال الطيبي مناديل جمع منديل وهو
الذي يحمل في اليد وقال ابن الأعرابي وغيره هو مشتق من الندل وهو النقل لأنه ينقل
من واحد وقيل من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به إنما ضرب المثل بالمناديل لأنها
ليست من علية الثياب بل هي تتبدل في أنواع من المرافق يتمسح بها الأيدي وينفض بها
الغبار عن البدن ويعطى بها ما يهدى وتتخذ لفائف للثياب فصار سبيلها سبيل الخادم
وسبيل سائر الثياب سبيل المخدوم فإذا كان أدناها هكذا فما ظنك بعليتها قوله رواه
قتادة روايته وصلها البخاري في الهبة والزهري أي ورواه الزهري أيضا ووصل البخاري
روايته في اللباس على ما سيأتي إن شاء الله تعالى
3083 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( فضل بن مساور ختن أبي عوانة ) حدثنا (
أبو عوانة ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي سفيان ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه سمعت
النبي يقول اهتز العرش لموت سعد بن معاذ
(16/267)
اهتزاز العرش لموت سعد منقبة
عظيمة له وفضل بن مساور بلفظ اسم الفاعل من المساورة بالسين المهملة وهي المواثبة
والمقاتلة أبو مساور البصري من أفراد البخاري وليس له في البخاري إلا هذا الموضع
وهو ختن أبي عوانة وهو كل من كان من قبل المرأة مثل الأخ والأب وأما العامة فختن
الرجل عندهم زوج ابنته وهو يروي عن أبي عوانة الوضاح اليشكري عن سليمان الأعمش عن
أبي سفيان طلحة بن نافع المكي
والحديث أخرجه مسلم عن عمرو الناقد وأخرجه ابن ماجه في السنة عن علي بن محمد
قوله اهتز العرش العرش في اللغة السرير فإن كان المراد به السرير الذي حمل عليه
فمعنى الاهتزاز الحركة والاضطراب وذلك فضيلة له كما كان رجف أحد فضيلة لمن كان
عليه وهو رسول الله وأصحابه وإن كان المراد به عرش الله تعالى فيراد منه حملته
ومعنى الإهتزاز السرور والاستبشار بقدومه ومنه اهتزت الأرض بالنبات إذا اخضرت
وحسنت وقال الكرماني أقول ويحتمل أن يكون اهتزاز نفس العرش حقيقة والله على كل شيء
قدير قلت فيه تأمل وقال الطيبي قالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحا
بقدوم سعد وجعل الله في العرش تمييزا ولا مانع منه كما قال وإن منها لما يهبط من
خشية الله ( البقرة 842 آل عمران 92 و981 المائدة 71 91 04 الأنفال 14 التوبة 93
الحشر 6 ) وقال المازري هو على حقيقته ولا ينكر هذا من جهة العقل لأن العرش جسم
والأجسام تقبل الحركة والسكون وقيل المراد بالاهتزاز الاستبشار ومنه قول العرب
فلان يهتز للكرم لا يريدون اضطراب جسمه وحركته وإنما يريدون ارتياحه إليه وإقباله
عليه وقال الحربي هو كناية عن تعظيم شأن وفاته والعرب تنسب الشيء المعظم إلى أعظم
الأشياء فيقولون أظلمت لموت فلان الأرض وقامت له القيامة
وعن الأعمش حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي مثله فقال رجل لجابر فإن فإن البراء
يقول اهتز السرير فقال إنه كان بين هاذين الحيين ضغائن سمعت النبي يقول اهتز عرش
الرحمان لموت سعد بن معاذ
هو عطف على الإسناد الذي قبله أي وروى أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن أبي صالح
ذكوان الزيات عن جابر بن عبد الله وأشار البخاري برواية الأعمش عن أبي صالح عن
جابر إلى أنه لا يخرج لأبي سفيان المذكور إلا مقرونا بغيره أو استشهادا قوله
مثلهأي مثل حديث أبي سفيان عن جابر قوله فقال رجل لم يدر من هو قال لجابر بن عبد
الله راوي الحديث كيف تقول اهتز العرش فإن البراء بن عازب يقول اهتز السرير قوله
فقال أي قال جابر في جواب الرجل إنه كان بين هذين الحيين أي الأوس والخزرج ضغائن
بالضاد والغين المعجمتين جمع ضغينة وهي الحقد وقال الخطابي إنما قال جابر ذلك لأن
سعدا كان من الأوس والبراء خزرجي والخزرج لا تقر بالفضل للأوس ورد عليه بأن البراء
أيضا أوسي يعرف ذلك بالنظر في نسبه لأن نسبهما ينتهي إلى الأوس فإذا كان كذلك لا
ينسب البراء إلى غرض النفس وإنما حمل لفظ العرش على معنى يحتمله إذ كثيرا يطلق
ويراد به السرير ولا يلزم بذلك قدح في عدالته كما لا يلزم بذلك القول قدح في عدالة
جابر وقد روى اهتزاز العرش لسعد عن جماعة غير جابر منهم أبو سعيد الخدري وأسيد بن
حضير ورميثة وأسماء بنت يزيد بن السكن وعبد الله بن بدر وابن عمر بلفظ اهتز العرش
فرحا بسعد ذكرها الحاكم وحذيفة بن اليمان وعائشة عند ابن سعد والحسن ويزيد بن
الأصم مرسلا وسعد بن أبي وقاص في كتاب أبي عروبة الحراني وفي ( الإكليل ) بسند
صحيح إن جبريل عليه الصلاة و السلام أتى النبي حين قبض سعد فقال من هذا الميت الذي
فتحت له أبواب السماء واستبشر بموته أهلها وعند الترمذي مصححا عن أنس لما حملت
جنازة سعد قال المنافقون ما أخف جنازته وذلك لحكمه في بني قريظة فبلغ ذلك النبي
فقال إن الملائكة كانت تحمله زاد ابن سعد في ( الطبقات ) لما قال المنافقون ذلك
قال لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الأرض قبل اليوم وكان رجلا
جسيما وكان يفوح من قبره رائحة المسك وأخذ إنسان قبضة من تراب قبره فذهب بها ثم
نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك
(16/268)
4083 - حدثنا ( محمد بن عرعرة
) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد بن إبراهيم ) عن ( أبي أمامة بن سهل بن حنيف ) عن ( أبي
سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل إليه
فجاء على حمار فلما بلغ قريبا من المسجد قال النبي قوموا إلى خيركم أو سيدكم فقال
يا سعد إن هؤلاء نزلوا على حكمك قال فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسباى
ذراريهم قال حكمت بحكم الله أو بحكم الملك
مطابقته للترجمة في قوله قوموا إلى خيركم وفي قوله حكمت بحكم الله وأبو أمامة بضم
الهمزة أسعد بن سهل بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف
الأوسي الأنصاري أدرك النبي ويقال إنه سماه وكناه باسم جده وكنيته ولم يسمع من
النبي شيئا مات سنة مائة
والحديث قد مضى في الجهاد في باب إذا نزل العدو على حكم رجل فإنه أخرجه هناك عن
سليمان بن حرب عن شعبة إلى آخره وقد مضى الكلام فيه
قوله أن أناسا ويروى أن ناسا وهم بنو قريظة وقد صرح به هناك قوله فأرسل إليه أي
فأرسل النبي إلى سعد قوله قريبا من المسجد أراد به المسجد الذي أعده أسام محاصرته
لبني قريظة والذي ظن أنه المسجد النبوي فقد غلط والصواب ما ذكرناه وفي رواية أبي
داود فلما دنا من النبي وهو يؤيد ما ذكرناه حيث لم يقل من مسجد النبي قوله إلى
خيركم إن كان الخطاب للأنصار فظاهر لأنه سيد الأنصار وإن كان أعم منه فإما بإن لم
يكن في المجلس من هو خير منه وإما بأن يراد به السيادة الخاصة أي من جهة تحكيمه في
هذه القضية ونحوها قوله أو سيدكم شك من الراوي وكذلك قوله أو بحكم الملك وهناك
بحكم الملك بلا شك وقال الكرماني الملك بكسر اللام وفتحها قلت أما الكسر فظاهر
وأما الفتح فمعناه أنه الحكم الذي نزل به الملك وهو جبريل عليه الصلاة و السلام
وأخبر به النبي
31 -
( باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله تعالى عنهما )
أي هذا باب في بيان منقبة أسيد بضم الهمزة وفتح السين المهملة وسكون الياء آخر
الحروف ابن حضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة ابن سماك بن عتيك بن رافع
بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي يكنى أبا يحيى وقيل
غير ذلك ومات في سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه على الأصح
وحمله عمر حتى وضعه في قبره بالبقيع وعباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء
الموحدة ابن وقش بن رغبة بن عبد الأشهل بن جشم بن الحرث ابن الخزرج الأوسي الأشهلي
من كبار الصحابة قتل يوم اليمامة ومن قال بشير بفتح الباء الموحدة وكسر الشين فقد
غلط
5083 - حدثنا ( علي بن مسلم ) حدثنا ( حبان ) حدثنا ( همام ) أخبرنا ( قتادة ) عن
( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن ( رجلين خرجا من عند ) النبي في ليلة مظلمة وإذا
نور بين أيديهما حتى تفرقا فتفرق النور معهما ( انظر الحديث 564 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مسلم الطوسي البغدادي وهو من أفراده وحبان بفتح
الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن هلال الباهلي وهمام بتشديد الميم ابن يحيى
العوذي الشيباني البصري قوله أن رجلين خرجا من عند النبي قيل ظهر من رواية معمر أن
أسيد بن حضير أحدهما ومن رواية حماد أن الثاني عباد بن بشر انتهى قلت رواية معمر
تأتي الآن ورواية حماد كذلك معلقتين ولكن في ظهورهما من روايتهما نظر على ما نذكره
إن شاء الله تعالى
وقال معمر عن ثابت عن أنس أن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار وقال حماد
(16/269)
أخبرنا ثابت عن أنس كان أسيد
بن حضير وعباد بن بشر عند النبي
تعليق معمر بن راشد وصله عبد الرزاق في ( مصنفه ) عنه ومن طريقة الإسماعيلي بلفظ
أن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار تحدثا عند رسول الله حتى ذهب من الليل ساعة في
ليلة شديدة الظلمة ثم خرجا وبيد كل منهما عصا فأضاءت عصا أحدهما حتى مشيا في ضوئها
حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى
بلغ أهله وتعليق حماد بن سلمة وصله أحمد والحاكم في ( المستدرك ) بلفظ أن أسيد بن
حضير وعباد ابن بشر كانا عند النبي في ليلة ظلماء حندس فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما
فمشيا في ضوئها فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر ووجه النظر الذي نبهنا
عليه هو أن حديث الباب ساكت عن تعيين الرجلين وتعيينهما بالمعلقين غير جازم بذلك
لاحتمال كون الرجلين غير أسيد بن حضير وعباد بن بشر والذي اتفق للرجلين المذكورين
اتفق أيضا لأسيد وعباد وقال هذا القائل المذكور أيضا إن البخاري جزم به في الترجمة
وأشار إلى حديثهما وفيه أيضا نظر لاحتمال تعدد الاحتمال لتعدد أصحاب القضية كما
ذكرنا
41 -
( باب مناقب معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن
عمرو بن أد بن سعد بن علي بن أسد ابن ساردة بن تزيد بن جشم من الخزرج الأنصاري
الخزرجي أبو عبد الرحمن المدني هو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار وآخى
رسول الله بينه وبين عبد الرحمن بن مسعود أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة وشهد بدرا
والمشاهد كلها مع رسول الله وهو من الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله وكان
أميرا للنبي على اليمن ورجع بعده إلى المدينة ثم خرج إلى الشام مجاهدا ومات في
طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وهو ابن أربع وثلاثين بناحية الأردن وقبره بغور بيان في
شرقيه وعمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس نسبت الطاعون إليها لأنه أول ما بدا
منها قيل إنه لم يولد له قط وقيل ولد له ولد يسمى عبد الرحمن وأنه قاتل معه يوم
اليرموك وبه كان يكنى
6083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو ) عن (
إبراهيم ) عن ( مسروق ) عن ( عبد الله بن عمرو ) رضي الله تعالى عنهما سمعت النبي
يقول استقرئوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة واأبي ومعاذ بن
جبل رضي الله تعالى عنهم
مطابقته للترجمة في قوله ومعاذ بن جبل وكان ينبغي أن يقال باب منقبة معاذ لأنه لم
يذكر فيه إلا منقبة واحدة وقد أخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة رفعه نعم الرجل
معاذ بن جبل والحديث مر في مناقب سالم مولى أبي حذيفة فإنه أخرجه هناك عن سلمان بن
حرب عن شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي
الله تعالى عنهم وأخرجه من طريق آخر عن عبد الله بن عمرو في باب مناقب عبد الله بن
عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم وأخرجه من طريق آخر عن عبد الله بن عمرو في باب
مناقب عبد الله بن مسعود ومر الكلام فيه هناك
51 -
( باب منقبة سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان منقبة سعد بن عبادة بن دليم بن أبي حارثة بن أبي صريمة بن
ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة يكنى أبا الحارث وهو والد قيس بن سعد أحد مشاهير
الصحابة رضي الله تعالى عنهم وكان سعد كبير الخزرج وكان جوادا كريما مات بحوران من
أرض الشام سنة أربع عشرة أو خمس عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
وقالت عائشة وكان قبل ذلك رجلا صالحا
(16/270)
هذا قطعة من حديث طويل في قضية
الإفك ذكره في التفسير في سورة النور وقيل تمام هذه القطعة فقام رسول الله فاستعذر
يومئذ عن عبد الله بن أبي بن سلول قالت يعني عائشة فقال رسول الله وهو على المنبر
يا معشر المسلمين من يعذرني في رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على
أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا
معي فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس
ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فعلنا أمرك قالت فقام سعد بن عبادة
وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن حملته الحمية فقال لسعد كذبت لعمر الله
لا تقتله ولا تقدر على قتله فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا
الحديث قوله وكان أي سعد بن عبادة قوله قبل ذلك أي قبل حديث الإفك وظاهره أنه ليس
في حديث الإفك مثل ما كان ولكن لم يكن مرادها الغض منه لأن سعدا لم يكن منه في تلك
المقالة إلا الرد على سعد بن معاذ ولا يلزم منه زوال تلك الصفة عنه في وقت صدور
الإفك بل هذه الصفة مستمرة فيه إن شاء الله تعالى
7083 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( قتادة ) قال
سمعت ( أنس ابن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال ( أبو أسيد ) قال رسول الله خير دور
الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي
كل دور الأنصار خير فقال سعد بن عبادة وكان ذا قدم في الإسلام أرى رسول الله قد
فضل علينا فقيل له قد فضلكم على ناس كثير
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هذا هو ابن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب المروزي
وهو شيخ مسلم أيضا وقيل هو إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه المروزي وهو
الصحيح والحديث مضى في باب فضل دور الأنصار فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن
غندر عن شعبة إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
61 -
( باب مناقب أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أبي بن كعب بن قس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن
مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري يكنى أبا المنذر وأبا الطفيل وكان من
السابقين من الأنصار شهد العقبة وما بعدها مات سنة ثلاثين وقيل قبل ذلك بالمدينة
8083 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) عن ( إبراهيم ) عن
( مسروق ) قال ذكر عبد الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو فقال ذاك رجل لا أزال
أحبه سمعت النبي يقول خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم
مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك والحديث مر في باب مناقب
سالم مولى أبي حذيفة فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب إلى آخره
9083 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) قال سمعت ( شعبة ) سمعت ( قتادة )
عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال النبي لابي بن كعب إن الله أمرني أن
أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا ( البينة 1 ) قال وسماني قال نعم قال فبكى
مطابقته للترجمة أظهر ما يكون وهي منقبة عظيمة لم يشاركه فيها أحد من الناس وهي
قراءة رسول الله القرآن عليه
(16/271)
وسماه عمر رضي الله تعالى عنه
سيد المسلمين وقد تكرر ذكر رجاله لا سيما على هذا النسق
والحديث أخرجه في التفسير أيضاعن غندر وأخرجه مسلم في الصلاة وفي الفضائل عن أبي
موسى وبندار وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن
عبد الأعلى وفي التفسير عن إبراهيم بن الحسن
قوله قال النبي لأبي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك وفي رواية لأحمد من حديث
علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن أبي حية لما نزلت لم يكن قال جبرائيل عليه
الصلاة و السلام لرسول الله إن ربك أمرك أن تقرئها أبيا فقال له إن الله أمرني أن
أقرئك هذه السورة فبكى والحكمة في أمره بالقراءة عليه هي أنه يتعلق أبي ألفاظه
وكيفية أدائه ومواضع الوقوف فكانت القراءة عليه لتعليمه لا ليتعلم منه وأنه يسن
عرض القرآن على حفاظه المجودين لأدائه وإن كانوا دونه في النسب والدين والفضيلة
ونحو ذلك أو أن ينبه الناس على فضيلة أبي ويحثهم على الأخذ عنه وتقديمه في ذلك
وكان كذلك وصار بعد النبي رأسا وإماما مشهورا فيه قوله لم يكن الذين كفروا (
البينة 1 ) تخصيص هذه السورة لأنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة
وقال القرطبي خص هذه السورة بالذكر لما احتوت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص
والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء عليه الصلاة و السلام وذكر الصلاة والزكاة
والمعاد وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها وقيل لأن فيها رسول من الله يتلو صحفا
مطهرة ( البينة 2 ) قوله قال وسماني الله أي قال أبي وسماني الله يعني هل نص علي
باسمي أو قال إقرأ على واحد من أصحابك فاخترتني أنت قال نعم أي قال النبي نعم إن
الله سماك وفي رواية للطبراني عن أبي بن كعب قال نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى
وقال القرطبي وفي رواية الله سماني لك بهمزة الاستفهام على التعجب منه إذ كان ذلك
عنده مستبعدا لأن تسميته تعالى له وتعيينه ليقرأ عليه النبي تشريف عظيم فلذلك بكى
من شدة الفرح والسرور وقال النووي قيل بكاؤه خوفا من تقصيره على شكر هذه النعمة
العظيمة وروى الحاكم مصححا من حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب أن النبي قرأ عليه لم
يكن ( البينة 1 ) وقرأ فيها إن الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية
ولا المجوسية من تعجل خيرا فلن يكفره والله أعلم
71 -
( باب مناقب زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد
بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري أبو سعيد ويقال أبو خارجة
المدني وأمه النوار بنت مالك بن النجار قدم رسول الله المدينة وهو ابن إحدى عشرة
سنة وكان يكتب الوحي لرسول الله وكان من فضلاء الصحابة ومن أصحاب الفتوى توفي سنة
خمس وأربعين بالمدينة أو سنة ست وخمسين
0183 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( يحيى ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن (
أنس ) رضي الله تعالى عنه جمع القرآن على عهد النبي أربعة كلهم من الأنصار أبي
ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد ابن ثابت قلت لأنس من أبو زيد قال أحد عمومتي
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن جمع زيد بن ثابت القرآن على عهد النبي منقبة عظيمة
ويحيى هو ابن سعيد القطان
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن أبي موسى وعن يحيى بن حبيب وأخرجه الترمذي في
المناقب عن بندار عن يحيى وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن يحيى وفي فضائل القرآن عن
إسحاق بن إبراهيم وعن بندار عن يحيى
قوله جمع القرآن أي استظهره حفظا قوله وأبو زيد قال ابن المديني اسمه أوس وعن يحيى
بن معين هو ثابت بن زيد بن مالك الأشهلي وقيل هو سعد بن عبيد بن النعمان وبذلك جزم
الطبراني عن شيخه أبي بكر بن صدقة قال هو الذي كان يقال له القارىء وكان على
القادسية واستشهد بها سنة خمس عشرة وهو والد عمير بن سعد وعن الواقدي هو قيس بن
السكن بن
(16/272)
قيس بن زعور بن حرام الأنصاري
ويرجحه قول أنس أحد عمومتي فإنه من قبيلة بني حرام وأنس بن مالك بن النضر ابن ضمضم
بالمعجمة ابن زيد بن حرام قوله عمومتي أي أعمامي وفي ( الاستيعاب ) افتخر الحيان
فقالت الأوس منا غسيل الملائكة حنظلة والذي حمته الدبر عاصم والذي اهتز لموته
العرش سعد ومن شهادته بشهادة رجلين خزيمة وقال الخزرج منا أربعة جمعوا القرآن على
عهد رسول الله معاذ وأبي وزيد وأبو زيد فإن قيل غيرهم أيضا جمعوا مثل الخلفاء
الأربعة وأجيب بأن مفهوم العدد لا ينفي الزائد وقيل جمعوه حفظا عن ظهر القلب فإن
قيل كيف جمعوه كله وقد نزل بعض القرآن بقرب وفاة النبي وأجيب بأنهم حفظوا ذلك
البعض أيضا قبل الوفاة فإن قلت هذا يعارض حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي
تقدم استقرئوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي ومعاذ
وأسقط في حديث الباب ابن مسعود وسالم وزاد زيد بن ثابت وأبا زيد قلت لا معارضة
لأنه لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكون كلهم استظهر جميع القرآن وقيل لا
يؤخذ بمفهوم حديث أنس لأنه لا يلزم من قوله جمعه أربعة أن لا يكون جمعه غيرهم
فلعله أراد أنه لم يقع جمعه لأربعة من قبيلة واحدة إلا لهذه القبيلة وهي الأنصار
81 -
( باب مناقب أبي طلحة رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب أي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي
النجاري وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك شهد المشاهد كلها وهو أحد النقباء مات
بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وقيل أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان ابن عفان رضي الله
تعالى عنه وقال أبو زرعة الدمشقي مات بالشام وعاش بعد رسول الله أربعين سنة يسرد
الصوم وروي عن أنس أنه مات في البحر غازيا
1183 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس )
رضي الله تعالى عنه قال ل ( ما ) كان ( يوم أحد انهزم الناس ) عن النبي وأبو طلحة
بين يدي النبي مجوب به عليه بحجفة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديدا لقد يكسر
يومئذ قوسين أو ثلاثا وكان الرجل يمر ومعه الجعبة من النبل فيقول انشرها لأبي طلحة
فأشرف النبي ينظر إلي القوم فيقول أبو طلحة يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف
يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم
وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقزان القرب على متونهما تفرغانه في أفواه القوم
ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيآن فتفرغانها في أفواه القوم ولقد وقع السيف من يدي أبي
طلحة إما مرتين وإما ثلاثا مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث في مواضع على ما
لا يخفى وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري مولاهم
المقعد البصري وعبد الوارث بن سعيد وعبد العزيز بن صهيب ورجاله كلهم بصريون
ومضى بعض هذا الحديث في الجهاد في باب غزو النساء مع الرجال فإنه أخرجه هناك بهذا
الإسناد بعينه
قوله وأبو طلحة الواو فيه للحال وهو مبتدأ وقوله مجوب خبره وهو بضم الميم وفتح
الجيم وكسر الواو المشددة وفي آخره باء موحدة ومعناه مترس عليه يقيه بالجوبة وهو
الترس قوله عليه أي على النبي قوله بحجفة متعلق بقوله مجوب والحجفة بفتح الحاء
المهملة وفتح الجيم والفاء أيضا وهي الترس إذا كان من جلد ليس فيها خشب قوله راميا
أي راميا بالقوس قوله شديدا يعني موصوفا بشدة الرمي وهكذا في رواية الأكثرين شديدا
بالنصب وبعده لقد
(16/273)
يكسر بلام التأكيد وكلمة قد
للتحقيق و يكسر يفعل بالتشديد ليدل على كثرة الكسر وهذه الصيغة تأتي متعدية ولازمة
ويروى شديد القد بإضافة لفظ الشديد إلى لفظ القد بكسر القاف وتشديد الدال وهو
السير من جلد غير مدبوغ ومعناه شديد وتر القوس في النزع والمد وبهذا جزم الخطابي
وتبعه ابن التين وعلى هذه الرواية يقرأ قوسان بالرفع على أنه فاعل يكسر على أن
يكون يكسر لازما قوله أو ثلاثا ويروى أو ثلاث أيضا بالرفع عطفا عطفا عليه وكلمة أو
للشك من الراوي ويروى شديد المد بالميم المفتوحة والدال المشددة قوله من النبل أي
السهام قوله فيقول أي فيقول النبي أنشرها من النشر بالنون المفتوحة وسكون الشين
المعجمة من انتشار الماء وتفرقه ويروى نثرها من النثر بالنون المفتوحة وسكون الثاء
المثلثة ومعناهما واحد قوله فأشرف من الإشراف وهو الإطلاع من فوق قوله لا تشرف مجزوم
لأنه نهي أي لا تطلع قوله يصبك مجزوم لأنه جواب النهي نحو لا تدن من الأسد يأكلك
ويروى تصيبك على تقدير السهم يصيبك قوله سهم بيان للمحذوف ومن سهام القول بيان أن
السهم من العدو قوله نحري دون نحرك أي صدري عند صدرك أي أقف أنا بحيث يكون صدري
كالترس لصدرك هكذا فسره الكرماني قلت الأوجه أن يقال هذا نحري قدام نحرك يعني أقف
بين يديك بحيث أن السهم إذاجاء يصيب نحري ولا يصيب نحرك قوله وأم سليم بضم السين
المهملة وفتح اللام وسكون الياء آخر الحروف وهي زوجة أبي طلحة وأم أنس بن مالك
وخالة رسول الله من الرضاعقوله لمشمرتان تثنية على صيغة الفاعل من شمرت ثيابي أذا
رفعتها واللام فيه للتأكيد قوله خدم بالنصب قوله لأنه مفعول أرى وهو بفتح الخاء
المعجمة والدال المهملة جمع الخدمة وهي الخلخال و السوق بالضم جمع ساق وهذا كان
قبل نزول آية الحجاب قوله تنقزان بالنون الساكنة والقاف المضمومة وبالزاي من النقز
وهو النقل وقال الداودي أي تنقلان وقال الخطابي إنما هو تزفران أي تحملان قال وأما
النقز فهو الوثب البعيد وقال ابن قرقول تزفران بالزاي والفاء والراء يقال إزفر لنا
القرب أي إحملها ملأى على ظهرك وفي ( المطالع ) تنقزان القرب على ظهورهما هكذا جاء
في حديث أبي معمر قال البخاري وقال غيره تنقلان وكذا رواه مسلم قيل معنى تنقزان
على الرواية الأولي تثبان والنقز الوثب والقفز كأنه من سرعة السير وضبط الشيوخ
القرب بنصب الباء ووجهه بعيد على الضبط المتقدم وأما مع تنقلان فصحيح وكان بعض
شيوخنا يقرأ هذا الحرف بضم باء القرب ويجعله مبتدأ كأنه قال والقرب على متونهما
والذي عندي في الرواية اختلال ولهذا جاء البخاري بعدها بالرواية البينة الصحيحة
وقد تخرج رواية الشيوخ بالنصب على عدم الخافض كأنه قال تنقزان القرب أي تحركان
القرب بشدة عدوهما بها فكانت القرب ترتفع وتنخفض مثل الوثب على ظهورهما قوله على
متونهما أي على ظهورهما وهو بضم الميم جمع متن وهو الظهر قوله تفرغانه بضم التاء
يقال أفرغت الإناء إفراغا وفرغته بالتشديد تفريغا إذا قلبت ما فيه
91 -
( باب مناقب عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب في بيان مناقب عبد الله بن سلام بتخفيف اللام ابن الحارث الإسرائيلي ثم
الأنصاري من بني قينقاع ويكنى أبا يوسف وهو من ذرية ابن يوسف الصديق عليه الصلاة و
السلام وقال أبو عمر وكان حليفا للأنصار ويقال كان حليفا للقواقلة من بني عوف بن
الخزرج وكان اسمه في الجاهلية الحصين فلما أسلم سماه رسول الله عبد الله وتوفي
بالمدينة في خلافة معاوية سنة ثلاث وأربعين وهو أحد الأحبار أسلم إذ قدم النبي
المدينة وروى أبو إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة فإنه سمع معاذ بن جبل رضي الله
تعالى عنه يقول سمعت رسول الله يقول لعبد الله بن سلام أنه عاشر عشرة في الجنة وقال
أبو عمر هذا حديث حسن الإسناد صحيح
300 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف قال سمعت مالكا يحدث عن أبي النضر مولى عمر بن
(16/274)
عبيد الله عن عامر بن سعد بن
أبي وقاص عن أبيه قال ما سمعت النبي يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة
إلا لعبد الله بن سلام قال وفيه نزلت هذه الآية وشهد شاهد من بني إسرائيل الآية
قال لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث )
مطابقته للترجمة لا تخفى فإن فيه منقبة عظيمة له وأبو النضر بالضاد المعجمة اسمه
سالم وهو ابن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني قال
الواقدي توفي في زمن مروان بن محمد والحديث أخرجه مسلم في فضائل عبد الله بن سلام
عن زهير بن حرب وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور قوله عن أبي النضر وفي رواية
أبي يعلى عن يحبى بن معين عن أبي مسهر عن مالك حدثني أبو النضر قوله عن عامر وفي
رواية عاصم بن مهجع عن مالك وعند الدارقطني سمعت عامر بن سعد قوله عن أبيه هو سعد
بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة بالجنة وفي رواية إسحق بن الطباع عن مالك عند
الدارقطني سمعت أبي قوله ما سمعت النبي قيل كيف قال سعد هذا وقد علم أنه قال ذلك
فيه وفي باقي العشرة وأجاب عنه الخطابي بأنه كره التزكية لنفسه ولزم التواضع ولم
ير لنفسه من الاستحقاق ما رآه لأخيه وقال ابن التين هذا غير بين لأنه نفى باقي
العشرة بقوله قلت الأوجه أن يقال لفظ ما سمعت لم ينف أصل الإخبار بالجنة لغيره
وقال الكرماني التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد أو المراد بالعشرة الذين جاء
فيهم لفظ البشارة المبشرون بها في مجلس واحد أو لم يقل لأحد غيره حال مشيه على
الأرض ولا بد من التأويل وكيف لا والحسنان وأزواج النبي بل أهل بدر ونحوهم من أهل
الجنة قطعا انتهى قال وفيه نزلت أي وفي عبد الله بن سلام نزلت هذه الآية وشهد شاهد
من بني إسرائيل وفي التفسير الشاهد هو عبد الله بن سلام وتمام الآية على مثله فآمن
واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين وقال الزمخشري الضمير في مثله للقرآن أي
على مثله في المعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعان القرآن من
التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك وحاصل المعنى وشهد شاهد من بني إسرائيل على كونه
من عند الله ومن جملة من قال أن الشاهد هو عبد الله بن سلام الحسن البصري ومجاهد
والضحاك وأنكره مسروق والشعبي وقالا السورة مكية يعني سورة الأحقاف يعني السورة
التي فيها الآية المذكورة قال الشعبي وأسلم عبد الله بن سلام قبل موته بعامين
واختلفا في المراد بالآية فقال مسروق الشاهد موسى عليه السلام وقال الشعبي هو رجل
من أهل الكتاب وأجيب بأنه يجوز أن تكون الآية مدنية من سورة مكية وقال صاحب مقامات
النزيل هذه السورة يعني سورة الأحقاف مكية إلا آيتان مدنيتان منهما هذه الآية وقال
ابن عباس ومقاتل الشاهد ابن يامين وروى السدي عن ابن عباس أنها نزلت في عبد الله
بن سلام وابن يامين واسمه عمير بن وهب النضري وروى عبد بن حميد عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس أن اسمه ميمون بن يامين وفيه نزلت هذه الآية وقال الذهبي في تجريد
الصحابة يامين بن يامين الإسرائيلي أسلم وكان من بني النضر وقيل يامين بن عمر وقال
في باب الميم ميمون بن يامين قال سعيد بن جبير كان رأس اليهود بالمدينة فأسلم قوله
قال لا أدري أي قال عبد الله بن يوسف الراوي عن مالك لا أدري قال مالك الآية عند
الرواية أو كانت هذه الكلمة مذكورة في جملة الحديث فلا يكون خاصا بمالك رضي الله
تعالى عنه وقيل هذا الشك من القعنبي أحد الرواة عن مالك وليس بصحيح بل هو عبد الله
بن يوسف وروى إسماعيل بن عبد الله الملقب بسمويه في فوائده هذا عن عبد الله بن
يوسف ولم يذكر هذا الكلام عنه وكذا رواه الإسمعيلي من وجه آخر عن عبد الله بن يوسف
والدارقطني أيضا عنه في غرائب مالك من وجهين آخرين وأخرجه من طريق ثالث عنه بلفظ
آخر مقتصرا على الزيادة دون الحديث وقال أنه وهم وروى ابن منده في الإيمان من طريق
إسحق بن يسار عن عبد الله بن يوسف الحديث والزيادة والذي يظهر من هذا الاختلاف
أنها مدرجة
301 - ( حدثني عبد الله بن محمد حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن محمد عن قيس -
3183 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أزهر السمان ) عن ( ابن عون ) عن (
محمد ) عن ( قيس
(16/275)
ابن عباد ) قال كنت جالسا في
مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا هذا رجل من أهل الجنة فصلى
ركعتين تجوز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت إنك حين دخلت المسجد قالوا هذا رجل من أهل
الجنة قال والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم وسأحدثك لم ذلك رأيت رؤيا على
عهد النبي فقصصتها عليه ورأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها وسطها عمود من
حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة فقيل لي ارقه قلت لا أستطيع
فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل لي
استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي فقصصتها على النبي قال تلك الروضة الإسلام وذلك
العمود عمود الإسلام وتلك العروة عروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت وذاك
الرجل عبد الله بن سلام
مطابقته للترجمة ظاهرة
ذكر رجاله وهم خمسة الأول عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي الثاني أزهر بسكون
الزاي وفتح الهاء ابن سعد الباهلي مولاهم السمان بتشديد الميم البصري يكنى أبا بكر
مات سنة ثلاث ومائتين الثالث عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون البصري الرابع
محمد بن سيرين الخامس قيس بن عباد بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة البصري
قتله الحجاج صبرا
وأخرجه البخاري أيضا في التفسير عن عبد الله بن محمد وأخرجه مسلم في فضائل عبد الله
بن سلام عن محمد بن المثنى وعن محمد بن عمرو بن جبلة
ذكر معناه قوله كنت جالسا في مسجد المدينة وفي رواية مسلم قال كنت بالمدينة في ناس
فيهم بعض أصحاب النبي فجاء رجل في وجهه أثر من خشوع قوله تجوز فيهما أي خفف وتكلف
الجواز فيهما قوله ثم خرج وتبعته وفي رواية مسلم فأتبعته فدخل منزله ودخلت فتحدثنا
فلما استأنس قلت له إنك لما دخلت قال رجل كذا وكذا قوله قال والله لا ينبغي لأحد
أن يقول ما لا يعلم وفي رواية مسلم قال سبحان الله ما ينبغي لأحد وهذا إنكار من
عبد الله بن سلام حيث قطعوا له بالحنة فيحتمل أن هؤلاء بلغهم خبر سعد أنه من أهل
الجنة ولم يسمع هو ذلك أو أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعا أو غرضه إني رأيت رؤيا
على عهده فقال ذلك وهذا لا يدل على النص بقطع رسول الله على أني من أهل الجنة
فلهذا كان محل الإنكار قوله لم ذلك أي لأجل ما قالوا ذلك القول قوله ذكر أي عبد
الله بن سلام قوله أرقه بهاء السكت في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أرق بدون
الهاء وهو أمر من رقى يرقى من باب علم يعلم إذا ارتفع وعلا ومصدره رقي بضم الراء
وكسر القاف وتشديد الياء قوله فأتاني منصف بكسر الميم وسكون النون وهو الخادم وفي
رواية الكشميهني بفتح الميم والأول أشهر قوله فرفع ثيابي وفي رواية مسلم ثم قال
بثيابي من خلفي ووصف أنه رفعه من خلفه بيده قوله فرقيت بكسر القاف على المشهور
وحكي فتحها قوله فاستيقظت وفي رواية مسلم ولقد استيقظت قوله وإنها الواو فيه للحال
أي وإن العروة في يدي معناه أنه بعد الأخذ استيقظ في الحال قبل الترك لها يعني
استيقظت حال الأخذ من غير فاصلة بينهما أو أن أثرها في يدي كان يده بعد الاستيقاظ
كانت مقبوضة بعد كأنها تستمسك شيئا مع أنه لا محذور في التزام كون العروة في يده
عند الاستيقاظ لشمول قدرة الله لنحوه قوله الإسلام يريد به جميع ما يتعلق بالدين ويريد
بالعمود الأركان الخمسة أو كلمة الشهادة وحدها ويريد بالعروة الوثقى الإيمان قال
تعالى ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ( البقرة 652 )
والوثقى على وزن فعلى من وثق به ثقة ووثوقا أي ائتمنه وأوثقه ووثقه بالتشديد أحكمه
قوله وذلك الرجل عبد الله بن سلام
(16/276)
يحتمل أن يكون هو قوله ولا
مانع أن يخبر بذلك ويريد نفسه ويحتمل أن يكون من كلام الراوي
وقال لي خليفة حدثنا معاذ حدثنا ابن عون عن محمد حدثنا قيس بن عباد عن ابن سلام
قال وصيف مكان منصف
أي قال لي خليفة بن خياط وهو أحد شيوخه حدثنا معاذ بن معاذ بن نصر العنبري قاضي
البصرة حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين حدثنا قيس بن عباد المذكور في
الرواية السابقة عن عبد الله بن سلام أنه قال فأتاني وصيف مكان منصف والوصيف
بمعناه وهو الخادم الصغير غلاما كان أو جارية ومن طريق معاذ بن معاذ المذكور روى
مسلم الحديث المذكور فقال حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ حدثنا ابن عون إلى آخره
نحوه ورواه مسلم أيضا عن قتيبة من حديث خرشة بن الحر مطولا بألفاظ غير ما في
الرواية الأولى
4183 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعيد بن أبي بردة ) عن أبيه
قال أتيت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه فقال ألا تجيء فأطعمك
سويقا وتمرا وتدخل في بيت ثم قال إنك بأرض الربا بها فاش إذا كان لك على رجل حق
فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه فإنه ربا ولم يذكر النضر وأبو
داود ووهب عن شعبة البيت ( الحديث 4183 - طرفه في 2437 )
مطابقته للترجمة من وجهين أحدهما من حيث إنه علم منه أن النبي دخل في بيت عبد الله
وفيه تعظيم له والآخر من حيث إنه أمر بترك قبول هدية المستقرض وهذا من غاية الورع
وفيه منقبة عظيمة
وسعيد بن أبي بردة يروي عن أبيه أبي بردة بضم الباء الموحدة عامر بن أبي موسى
الأشعري قاضي الكوفة مات سنة ثلاث ومائة وهو ابن نيف وثمانين سنة
قوله وتدخل في بيت التنوين فيه للتعظيم أي بيت عظيم مشرف بدخول رسول الله فيه وهو
أحد وجهي المطابقة على ما ذكرنا قوله بأرض أي أرض العراق أي إنك مقيم بأرض قوله
الربا بها فاش جملة إسمية من المبتدأ والخبر في محل الجر لأنها صفة لأرض ومعنى فاش
ظاهر وشاسع كثير من الفشو قوله حمل تبن بكسر الحاء قوله أو في الموضعين للتنويع
قوله قت بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق وهو نوع من علف الدواب قوله فإنه
ربا أي فإن قبول هدية المستقرض جار مجرى الربا من حيث إنه زائد على ما أخذه من
المستقرض ويمكن أن يكون رأي عبد الله بن سلام أنه عنده حقيقة الربا وعلى كل حال
الورع والزهد والتقوى ينفي ذلك قوله ولم يذكر النضر بفتح النون وسكون الضاد
المعجمة هو ابن شميل وأشار بهذا إلى أن النضر ابن شميل وأبا داود سليمان الطيالسي
ووهب بن جرير لما رووا الحديث المذكور عن شعبة لم يذكروا فيه لفظ وتدخل في بيت
02 -
( باب تزويج النبي خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها )
أي هذا باب في بيان تزويج النبي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي تجتمع
مع رسول الله في قصي وهي من أقرب نسائه إليه في النسب ولم يتزوج من ذرية قصي غيرها
إلا أم حبيبة قال الزبير كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة أمها فاطمة بنت
زائدة بن الأصم والأصم اسمه جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر بن
لؤي تزوجها رسول الله في سنة خمس وعشرين من مولده في قول الجمهور وقال أبو عمر
كانت إذ تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة وأقامت معه أربعا وعشرين سنة وتوفيت وهي
بنت أربع وستين سنة وستة أشهر وكان رسول الله إذ تزوجها ابن إحدى وعشرين سنة وقيل
ابن خمس وعشرين وهو الأكثر وقيل ابن ثلاثين وتوفيت قبل الهجرة بخمس سنين
(16/277)
وقيل بأربع وقال قتادة قبل
الهجرة بثلاث سنين قال أبو عمر قول قتادة عندنا أصح وقال أبو عمر يقال إنها توفيت
بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام توفيت في شهر رمضان ودفنت في الحجون وذكر البيهقي أن
أباها خويلد هو الذي زوجه إياها وذكر ابن الكلبي أنه زوجها إياه عمها عمرو بن أسد
وذكر ابن إسحاق أن الذي زوجه إياها أخوها عمرو بن خويلد وكانت قبل النبي عند أبي
هالة بن النباش بن زرارة التميمي حليف بني عبد الدار قال الزبير اسمه مالك وقال
ابن منده زرارة وقال العسكري هند وقال أبو عبيدة اسمه النباش وابنه هند ومات أبو
هالة في الجاهلية وكانت خديجة قبله عند عتيق بن عائذ المخزومي ثم خلف عليها رسول
الله ولم يختلفوا أنه ولد له منها أولاده كلهم إلا إبراهيم وقال إبن إسحاق ولدت
خديجة له زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى والطاهر والطيب
فالثلاثة هكلوا في الجاهلية وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه فإن
قلت كيف قال باب تزويج النبي خديجة وكان يقتضي الكلام أن يقال باب تزوج النبي من
باب التفعل لا من باب التفعيل وهذا يقتضي أن يكون التزويج لغيره قلت قد وقع في بعض
النسخ باب تزوج النبي خديجة على الأصل ولكن في أكثر النسخ بلفظ تزويج فوجهه أن
يقال إن التفعيل يجيء بمعنى التفعل ولهذا يقال بمعنى المتقدمة أو المراد تزويج
النبي خديجة من نفسه قوله وفضلها أي وفي بيان فضل خديجة رضي الله تعالى عنها
5183 - حدثني ( محمد ) أخبرنا ( عبدة ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه قال سمعت (
عبد الله بن جعفر ) قال سمعت ( عليا ) رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله
يقول ح وحدثني صدقة أخبرنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت عبد الله بن
جعفر عن علي رضي الله تعالى عنهم عن النبي قال خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة
( انظر الحديث 2343 )
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين الأول عن محمد بن سلام
البخاري البيكندي وهو من أفراده عن عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عروة
بن الزبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
عن النبي الثاني عن صدقة بن الفضل المروزي عن عبدة إلى آخره
وفيه رواية تابعي عن تابعي هشام عن أبيه ورواية صحابي عن صحابي عبد الله بن جعفر
عن عمه علي بن أبي طالب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في باب وإذ
قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ( آل عمران 24 ) ومضى الكلام فيه هناك قال
القرطبي الضمير يعني في نسائها عائد على غير مذكور لكنه يفسره الحال والشأن يعني
به نساء الدنيا وقال الطيبي الضمير الأول يرجع إلى الأمة التي كانت فيها مريم
عليها الصلاة والسلام والثاني إلى هذه الأمة ولهذا كرر الكلام تنبيها على أن حكم
كل واحدة منهما غير حكم الأخرى ووقع في رواية مسلم عن وكيع عن هشام في هذا الحديث
وأشار وكيع إلى السماء والأرض فكأنه أراد أن يبين أن المراد نساء الدنيا وأن
الضميرين يرجعان إلى الدنيا وبهذا جزم القرطبي أيضا وقال الكرماني والضمير يرجع
إلى الأرض وقال بعضهم والذي يظهر لي أن قوله خير نسائها خبر مقدم والضمير لمريم
وكأنه قال مريم خير نسائها أي نساء زمانها وكذا في خديجة قلت هذا فيه تعسف من وجوه
الأول تقديم الخبر لغير نكتة غير طائل والثاني إضافة النساء إلى مريم غير صحيحة
والثالث فيه الحذف وهو غير الأصل
6183 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثنا ( الليث ) قال ( كتب إلي هشام ) عن أبيه عن (
عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ما غرت على امرأة للنبي ما غرت على خديجة هلكت
قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب وإن كان
ليذبح الشاة
(16/278)
فيهدي في خلائلها منها ما
يسعهن
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء وسكون الياء
آخر الحروف وهو سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري وقد نسب إلى جده والحديث من
أفراده
قوله كتب إلي هشام يعني هشام بن عروة ابن الزبير ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر
عن الليث حدثني هشام بن عروة قيل لعل الليث لقي هشاما بعد أن كتب إليه بهذا الحديث
فحدثه به وقيل كان مذهب الليث أن الكتابة والتحديث سواء ونقل عنه الخطيب ذلك قوله
ما غرت بكسر الغين المعجمة من الغيرة وهي الحمية والأنفة يقال رجل غيور وامرأة
غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى وجاء في حديث أن امرأة غيرى على
وزن فعلى من الغيرة يقال غرت على أهلي أغار غيرة فأنا غائر وغيور للمبالغة وفيه
ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عمن دونهن وكانت عائشة
تغار من نساء النبي ولكن تغار من خديجة أكثر وذلك لكثرة ذكر رسول الله إياها وأصل
غيرة المرأ من تخيل محبة غيرها أكثر منها وكثرة الذكر تدل على كثرة المحبة وقال
القرطبي مرادها بالذكر لها مدحها والثناء عليها قوله هلكت قبل أن يتزوجنيأي ماتت
خديجة قبل أن يتزوج النبي بعائشة ويأتي عن قريب بيان المدة إن شاء الله تعالى
وأشارت عائشة بذلك إلى أن خديجة لو كانت حية في زمانها لكانت غيرتها منها أكثر
وأشد قوله وأمره الله أن يبشرها أي أمر الله تعالى النبي أن يبشر خديجة ببيت من
قصب بفتحتين قال الجوهري هو أنابيب من جوهر وقال النووي المراد به قصب اللؤلؤ
المجوف وقيل قصب من ذهب منظوم بالجواهر ويقال القصب هنا اللؤلؤ المجوف الواسع
كالقصر المنيف وقد جاء في رواية عبد الله بن وهب قال أبو هريرة قلت يا رسول الله
وما بيت من قصب قال بيت من لؤلؤة مجوفة رواه السمرقندي في ( صحيح مسلم ) مجوبة
وروى الخطابي مجوبة بضم الجيم أي قطع داخلها فتفرغ وخلا من قولهم جبت الشيء إذا
قطعته وروى أبو القاسم بن مطير بإسناده عن فاطمة رضي الله تعالى عنها سيدة نساء
العالمين أنها قالت يا رسول الله أين أمي خديجة قال في بيت من قصب لا لغو فيه ولا
نصب بين مريم وآسية امرأة فرعون قالت يا رسول الله أمن هذا القصب قال لا من القصب
المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت فإن قلت قال من قصب ولم يقل من لؤلؤ ونحوه قلت هذا
من باب المشاكلة لأنها لما أحرزت قصب السبق إلى الإيمان دون غيرها من الرجال
والنساء ذكر الجزاء بلفظ العمل والعرب تسمي السابق محرز القصب فإن قلت كيف بشرها
ببيت وأدنى أهل الجنة منزلة من يعطي مسيرة ألف عام في الجنة كما في حديث ابن عمر
عند الترمذي قلت قيل ببيت زائد على ما أعده الله لها من ثواب أعمالها وقال الخطابي
البيت هنا عبارة عن قصر ألا يرى قد يقال لمنزل الرجل بيته ويقال في القوم هل هو
أهل بيت شرف وعز وقال السهيلي ماملخصه أنه من باب المشاكلة لأنها كانت ربة بيت في
الإسلام ولم يكن على وجه الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت وجزاء الفعل يذكر
بلفظ الفعل وإن كان أشرف منه كما قيل من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة
لم يرد مثله في كونه مسجدا ولا في صفته ولكنه قابل البنيان بالبنيان أي كما بنى
بني له قوله وإن كان كلمة إن مخففة من المثقلة ويراد بها تأكيد الكلام ولهذا أتت
باللام في قولهاليذبح قوله فيهدي في خلائلها بالخاء المعجمة جمع خليلة وهي الصديقة
وهذا أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد
صواحباتها قوله منها أي من الشاة قوله ما يسعهن أي ما يسع لهن كذا في رواية
الأكثرين وفي رواية المستملي والحموي ما يتسعهن أي ما يتسع لهن وفي رواية النسفي
ما يشبعهن من الإشباع قيل ليس في روايته كلمة ما
7183 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا حميد بن عبد الرحمان عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما غرت على خديجة من كثرة ذكر
(16/279)
رسول الله إياها قالت وتزوجني
بعدها بثلاث سنين وأمره ربه عز و جل أو جبريل عليه السلام أن يبشرها ببيت في الجنة
من قصب
هذا طريق آخر في حديث عائشة المذكور عن قتيبة عن ( حميد بن عبد الرحمن ) الرؤاسي
بضم الراء وهمزة بعد الراء وسين مهملة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وحديث
آخر في الحدود وفيه زيادة قوله وتزوجني بعدها أي بعد موت خديجة بثلاث سنين قال
النووي أرادت بذلك زمن دخولها عليه وأما العقد فتقدم على ذلك بمدة سنة ونصف قوله
أو جبريل شك من الراوي
8183 - حدثني ( عمر بن محمد بن حسن ) حدثنا أبي حدثنا ( حفص ) عن ( هشام ) عن أبيه
عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت ( ما غرت على أحد من نساء ) النبي ما غرت
على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء
ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة
فيقول إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد
هذا طريق آخر في حديث عائشة المذكور أخرجه عن عمر بن محمد بن حسن المعروف بابن
التل بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد اللام الأسدي الكوفي مات في شوال سنة خمسين
ومائتين يروي عن أبيه محمد بن حسن بن الزبير أبي جعفر الأسدي الكوفي هو وابنه من
أفراد البخاري وهو يروي عن حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها عن هشام بن عروة عن
أبيه عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها وهذا الإسناد نازل لأنه يروي عن حفص بن
غياص بواسطة شخص وهنا روى عنه بواسطة اثنين وليس في البخاري لعمر إلا هذا الحديث
وآخر في الزكاة وقد مر وهو من صغار شيوخه
والحديث أخرجه مسلم في فضل خديجة أيضا عن سهل بن عثمان وأخرجه الترمذي في البر عن
أبي هشام الرفاعي
قوله وما رأيتها جملة حالية وفي رواية مسلم ولم أدركها والمعنى ما رأيتها عند
النبي ولا أدركتها عنده ورؤيتها إياها كانت ممكنة وكذلك إدراكها إياها لأنها كانت
عند موت خديجة بنت ست سنين ولكن نفيها الرؤية والإدراك بالقيد المذكور قوله كأنه
لم يكن وفي رواية الكشميهني كأن لم يكن بحذف الهاء قوله أنها كانت أي أن خديجة
كانت وكانت أي كانت فاضلة وكانت عاملة وكانت تقية ونحوها ذلك قوله وكان لي منها أي
من خديجة ولد وقد ذكرنا أن جميع أولاده من خديجة إلا ابنه إبراهيم فإنه من مارية
القبطية
وقال النووي وفي هذا الحديث ونحوه دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب
والمعاشر حيا وميتا وإكرام معارف ذلك الصاحب
307 - ( حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن إسماعيل قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى رضي
الله عنهما بشر النبي خديجة قال نعم ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب )
يحيى هو القطان وإسماعيل هو ابن أبي خالد وعبد الله بن أبي أوفى واسم أبي أوفى
علقمة الأسلمي لهما صحبة قوله بشر النبي خديجة أي هل بشر النبي وأداة الاستفهام
محذوفة قوله قال نعم أي قال عبد الله نعم بشرها ببيت من قصب وقد مضى في أبواب
العمرة في باب متى يحل المعتمر في رواية جرير عن إسماعيل أنهم قالوا لعبد الله بن
أبي أوفى حدثنا ما قال لخديجة قال قال بشروا خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب
فيه ولا نصب وقد
(16/280)
مر الكلام فيه هناك والقصب قد
مر تفسيره والصخب بالمهملة والمعجمة المفتوحتين الصوت المختلط المرتفع والنصب
المشقة والتعب وذكر الصخب والنصب أيضا من باب المشاكلة لأنه لما دعاها إلى الإيمان
أجابته سريعا ولم تحوجه إلى أن يصخب كما يصخب الرجل إذا تعصت عليه امرأته ولا أن
ينصب بل أزالت عنه كل نصب وآنسته من كل وحشة وهونت عليه كل مكروه وأزاحت بمالها كل
كدر ونصب فوصف منزلها الذي بشرت به بالصفة المقابلة لفعلها وصورة حالها -
0283 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) قال حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن ( عمارة ) عن ( أبي
زرعة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال ( أتى جبريل ) النبي فقال يا رسول
الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ
عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (
الحديث 0283 - طرفه في 7947 )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث من مراسيل الصحابة لأن أبا هريرة لم يدرك خديجة ولا
أيامها وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن قعقاع وأبو زرعة بن عمرو بن
جرير بن عبد الله البجلي اسمه هرم وقيل عبد الله وقيل غير ذلك
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن زهير بن حرب وأخرجه مسلم في الفضائل عن
أبي بكر وأبي كريب وابن نمير وأخرجه النسائي في المناقب عن عمرو بن علي
قوله عن أبي هريرة وفي رواية مسلم سمعت أبا هريرة قوله أتى جبريل وعند الطبراني أن
ذلك كان وهو بحراء قوله قد أتت وفي رواية مسلم قد أتتك أي توجهت أليك قوله فيه
إدام أو طعام أو شراب شك من الراوي وعند الطبراني أنه كان حيسا قوله فإذا هي أتتك
أي وصلت إليك قوله فاقرأ عليها السلام أي سلم عليها من ربها ومني فإن قلت كيف ردت
الجواب قلت بين ذلك الطبراني في روايته فقالت هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل
السلام وللنسائي من رواية أنس قال قال جبريل للنبي إن الله يقرىء خديجة السلام
يعني فأخبرها فقالت إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله
السلام ورحمة الله وبركاته وفي رواية ابن السني زيادة وهي قولها وعلى من سمع
السلام إلا الشيطان فإن قلت فلم ما قالت وعلى الله السلام كما قالت وعلى جبريل
وعليك يا رسول الله قلت لأن الله هو السلام وهو إسم من أسمائه فلا يرد عليه السلام
كما يرد على المخلوقين ألا يرى أن بعض الصحابة لما قالوا في التشهد السلام على
الله نهاهم النبي عن ذلك وقال إن الله هو السلام فقولوا التحيات لله ولأن السلام
دعاء أيضا بالسلامة فلا يصلح أن يرد به على الله ففيه دلالة على صحة فهم خديجة
وقوة إدراكها مثل هذا فإن قلت لما ردت الجواب بما ذكرنا هل كان جبريل عليه الصلاة
و السلام حاضرا قلت بلى كان حاضرا فردت عليه وردت على النبي مرتين ثم أخرجت
الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك
1283 - وقال ( إسماعيل بن خليل ) قال أخبرنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام ) عن أبيه
عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول
الله فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك فقال اللهم هالة قالت فغرت فقلت ما تذكر من
عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيرا منها
مطابقته للجزء الأول من الترجمة من حيث دلالته على التزويج بطريق اللزوم وقال
الكرماني المراد من الترجمة لفظ وفضلها كما تقول أعجبني زيد وكرمه وتريد أعجبني
كرم زيد قلت على قوله لا يوجد في الباب للجزء الأول من الترجمة حديث يطابقها
وإسماعيل بن خالد أبو عبد الله الخزار الكوفي روى عنه البخاري ومسلم وقال البخاري
جاءنا نعيه سنة خمس
(16/281)
وعشرين ومائتين قوله وقال
إسماعيل صورته صورة التعليق في النسخ كلها لكن الحافظ المزي قال حديث استأذنت هالة
وذكر الحديث ثم قال حينئذ في فضل خديجة عن إسماعيل بن خليل فهذه العبارة تدل على
أنه روى عنه فتقتضي اتصاله وأخرجه مسلم في الفضائل عن سويد بن سعيد وأخرجه أبو
عوانة عن محمد بن يحيى الذهلي عن إسماعيل المذكور
قوله استأذنت هالة بالهاء وتخفيف اللام وهي أخت خديجة وكلتاهما بنتا خويلد بن أسد
وكانت زوج الربيع بن عبد العزى ابن عبد شمس والد أبي العاص زوج زينب بنت النبي
وذكرت في الصحابة وقد هاجرت إلى المدينة لأن استيذانها كان بالمدينة قوله فعرف
استئذان خديجة أي تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة قوله فارتاع لذلك من الروع
أي فزع ولكن المراد لازمه وهو التغير ويروى فارتاح بالحاء المهملة أي اهتز لذلك
سرورا قوله فقال أللهم هالة بالنصب تقديره يا الله إجعلها هالة فتكون هالة منصوبا
على المفعولية ويجوز رفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذه هالة وروى المستغفري من
طريق حماد بن سلمة عن هشام بهذا السند قدم ابن لخديجة يقال له هالة فسمع النبي في
قابلته كلام هالة فانتبه وقال هالة هالة ثم قال المستغفري الصواب هالة أخت خديجة
قوله قالت أي عائشة فغرت من الغيرة فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش أرادت به
خديجة قوله حمراء الشدقين بالحاء المهملة والراء والشدق بالكسر جانب الفم أرادت
أنها عجوز كبيرة جدا قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق بشدها بياض من الأسنان إنما
بقيت فيه حمرة اللثات وقال القرطبي قيل معنى حمراء الشدقين بيضاء الشدقين والعرب
تطلق الأحمر على الأبيض كراهة لاسم البياض لكونه يشبه البرص وفيه نظر لا يخفى وحكى
ابن التين أنه روي بالجيم والزاي ولم يذكر له معنى وهو تصحيف قاله بعضهم وقال صاحب
( التوضيح ) روى كلاهما ولم يذكر المعنى أيضا قوله خيرا منها أي من خديجة وقال ابن
التين في سكوت النبي على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة رضي الله
تعالى عنهما إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن وقال الطبري
وغيره الغيرة تسامح للنساء ما يقع منهن ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن
عليها ولهذا لم يزجر عائشة عن ذلك قلت فعلى هذا سكوته على المقالة المذكورة لا يدل
على أفضلية عائشة على خديجة على أنه جاءت رواية بالرد لهذه المقالة وهي ما رواه
أحمد والطبراني من رواة ابن أبي نجيح عن عائشة أنها قالت قد أبدلك الله بكبيرة
السن حديثة السن فغضب حتى قلت والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير
12 -
( باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب فيه ذكر جرير بن عبد الله بن جابر وهو الشليل بفتح الشين المعجمة
وبلامين بينهما ياء آخر الحروف ابن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عوف البجلي
نسبة إلى بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة أم ولد أنمار بن أراش أحد أجداد جرير
وكنيته أبو عمرو نزل الكوفة ثم نزل قرقيسيا وبها مات سنة إحدى وخمسين وكان سيدا
مطاعا مليحا طوالا بديع الجمال صحيح الإسلام كبير القد قال على وجهه مسحة ملك وعن
عمر رضي الله تعالى عنه قال إنه يوسف هذه الأمة ولما دخل على رسول الله أكرمه وبسط
له رداءه وقال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه رواه الطبراني في ( الأوسط ) من حديث
قيس عنه وقال أبو عمر كان إسلامه في العام الذي توفي فيه رسول الله قال جرير أسلمت
قبل موت النبي بأربعين يوما وفيه نظر لأنه ثبت في ( الصحيح ) أن النبي قال له
استنصت الناس في حجة الوداع وذلك قبل موته بأكثر من ثمانين يوما قيل الصحيح أن
إسلامه كان في سنة الوفود سنة تسع أو سنة عشر
2283 - حدثنا ( إسحاق الواسطي ) قال حدثنا ( خالد ) عن ( بيان ) عن ( قيس ) قال (
سمعته ) يقول قال ( جرير بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنه ما حجبني رسول الله منذ
أسلمت ولا رآني إلا ضحك ( انظر الحديث 5303 وطرفه )
(16/282)
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه
ذكر جرير وإكرام النبي إياه وإسحاق هو ابن شاهين الواسطي ابن بشر وهو من أفراد البخاري
وخالد هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي من الصالحين وبيان بفتح الباء
الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر بالباء الموحدة المكسورة الأحمسي المعلم
وقيس هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي والحديث مضى في الجهاد في باب من لا
يثبت على الخيل بأتم منه
3283 - وعن ( قيس ) عن ( جرير بن عبد الله ) قال كان في الجاهلية بيت يقال له ذو
الخلصة وكان يقال له الكعبة اليمانية أو الكعبة الشامية فقال لي رسول الله هل أنت
مريحي من ذي الخلصة قال فنفرت إليه في خمسين ومائة فارس من أحمس قال فكسرناه
وقتلنا من وجدنا عنده فأتيناه فأخبرناه فدعا لنا ولأحمس
فيه أيضا ذكر جرير وخبره وفيه المطابقة وفيه إكرام النبي له حيث دعا له ولأحمس وهو
بالمهملتين اسم قبيلة وهو أحمس بن غوث وغوث هذا ابن بجيلة بنت مصعب المذكور آنفا
قوله وعن قيس هو موصول بالإسناد المذكور وهو قيس بن أبي حازم
والحديث مضى بأتم منه في الجهاد في باب البشارة في الفتوح ومضى الكلام فيه هناك
ولكن نتكلم ببعض شيء لطول العهد من هناك فنقول
قوله بيت وكان لخثعم وكان باليمن وكان فيه صنم يدعى بالخلصة بالخاء المعجمة
المفتوحة وباللام المفتوحة وحكى سكونها واليمانية بتخفيف الياء على الأصح وقال
النووي فيه إشكال إذ كانوا يسمونها بالكعبة اليمانية فقط وأما الكعبة الشامية فهي
الكعبة المكرمة التي بمكة شرفها الله تعالى وفرقوا بينهما بالوصف للتمييز فلا بد
من تأويل اللفظ بأن يقال كان يقال لها الكعبة اليمانية والتي بمكة الكعبة الشامية
وقد يروى بدون الواو فمعناه كان يقال هذان اللفظان أحدهما لموضع والآخر لآخر وقال
القاضي ذكر الشامية غلط من الرواة والصواب حذفه وقال الكرماني الضمير في له راجع
إلى البيت والمراد به بيت للصنم كان يقال لبيت الصنم الكعبة اليمانية والكعبة
الشامية فلا غلط ولا حاجة إلى التأويل بالعدول عن الظاهر قوله مريحي من الإراحة
بالراء المهملة
22 -
( باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسي رضي الله تعالى عنه )
أي هذا باب فيه ذكر حذيفة بن اليمان واليمان لقب واسمه حسيل وقيل حسل وإنما قيل له
اليمان لأنه حالف اليمانية وحسل بن جابر بن أسد بن عمرو بن مالك أبو عبد الله
العبسي حليف بني الأشهل صاحب سر رسول الله له ولأبيه صحبة قتل أبوه يوم أحد وكان
حذيفة أميرا على المدائن استعمله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومات بعد قتل
عثمان بأربعين يوما سكن الكوفة وقال الذهبي مات بدمشق وقد ذكره البخاري فيما مضى
في مناقب عمار وحذيفة رضي الله تعالى عنهما قوله العبسي بفتح العين المهملة وسكون
الباء الموحدة وبالسين المهملة نسبة إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان
4283 - حدثني ( إسماعيل بن خليل ) قال أخبرنا ( سلمة بن رجاء ) عن ( هشام بن عروة
) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت لما كان يوم أحد هزم المشركون
هزيمة بينة فصاح إبليس أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم على أخراهم فاجتلدت
أخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه فنادى أي عباد الله أبي أبي فقالت فوالله ما
احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة غفر الله لكم قال أبي فوالله ما زالت في حذيفة منها
بقية خير حتى لقي الله عز و جل
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن خليل عن قريب مضى وسلمة بن رجاء بفتح اللام أبو
عبد الرحمن الكوفي والحديث
(16/283)
من أفراده
قوله هزم على صيغة المجهول قوله بينة أي ظاهرة قوله أخراكمأي اقتلوا اخراكم أو
انصروا أخراكم قال ذلك إبليس تغليطا وتلبيسا والخطاب للمسلمين أو للمشركين فاجتلدت
يقال تجالد القوم بالسيوف وكذلك اجتلدوا قوله أبي أبي بالتكرار يعني هذا أبي يحذر
المسلمين عن قتله ولم يسمعوه فقتلوه يظنونه من المشركين ولا يدرون فتصدق حذيفة
بديته على من أصابه قوله فقالت أي عائشة قوله ما احتجزوا أي ما انفصلوا من القتال
وما امتنع بعضهم من بعض حتى قتلوه أي أبا حذيفة قوله قال أي هشام بن عروة قال أبي
أي عروة وفصل هذا من حديث عائشة فصار مرسلا قوله منها أي من هذه الكلمة أي بسببها
وهي قول حذيفة غفر الله لكم قوله بقية خير حتى لقي الله عز و جل يؤخذ منه أن فعل
الخير تعود بركته على صاحبه في طول حياته وهذا الباب والذي قبله وقعا في بعض النسخ
قبل باب تزويج النبي خديجة رضي الله تعالى عنها
32 -
( باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضي الله تعالى عنها )
أي هذا باب فيه ذكر هند يجوز فيه الصرف ومنعه بنت عتبة بضم العين وسكون التاء
المثناة من فوق ابن ربيعة ابن عبد شمس وهي والدة معاوية بن أبي سفيان قتل أبوها
ببدر كما سيأتي وشهدت هي مع زوجها أبي سفيان أحدا وحرضت على قتل حمزة رضي الله
تعالى عنه عم النبي لكونه قتل عمها شيبة فقتله وحشي بن حرب ثم أسلمت هند يوم الفتح
وكانت من عقلاء النساء وكانت قبل أبي سفيان عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ثم
طلقها في قصة جرت ثم تزوجها أبو سفيان فأنجبت عنده وماتت في خلافة عمر رضي الله
تعالى عنه
5283 - وقال ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) حدثني (
عروة ) أن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت جاءت هند بنت عتبة قالت يا رسول
الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك ثم ما أصبح
اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزو من أهل خبائك قالت وأيضا والذي نفسي
بيده قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج أن أطعم من الذي له
عيالنا قال لا أراه إلا بالمعروف
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه ذكر هند وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وقد
مر غير مرة وعبد الله هو ابن المبارك المروزي
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النفقات عن محمد بن مقاتل وفي الأيمان والنذور عن
يحيى بن بكير وأخرجه هنا معلقا وكلام أبي نعيم في ( المستخرج ) يقتضي أن البخاري
أخرجه موصولا ووصله البيهقي عن عبدان
قوله خباء هي الخيمة التي من الوبر أو الصوف على عمودين أو ثلاثة وقال الكرماني
يحتمل أن تريد به نفسه فكنت عنه بذلك إجلالا له وأهل بيته والخباء يعبر به عن مسكن
الرجل وداره قوله قالت وأيضا والذي نفسي بيده هذا جواب لهند بتصديق ما ذكرته يعني
وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك وقيل معناه وأيضا ستزيدين في ذلك ويتمكن الإيمان
في قلبك فيزيد حبك لرسول الله ويقوى رجوعك عن غضبه وهذا المعنى أولى وأوجه من
الأول بيان ذلك من جهة طرف الحب والبغض فقد كان في المشركين من هو أشد أذى للنبي
من هند وأهلها وكان في المسلمين بعد أن أسلمت من هو أحب إلى النبي منها ومن أهلها
فلا يمكن حمل الخبر على ظاهره فيفسر بما ذكرناه أولا قوله قالت يا رسول الله أي
قالت هند يا رسول الله إن أبا سفيان تعني زوجها والد معاوية رجل مسيك بكسر الميم
وتشديد السين المهملة وهي صيغة مبالغة أي بخيل جدا شحيح قوله هل علي بتشديد الياء
استفهام على سبيل الاستعلام أي هل علي حرج أو إثم أن أطعم أي بأن أطعم من الإطعام
قوله من الذي له أي من المال الذي لأبي سفيان قوله عيالنا بالنصب لأنه مفعول أطعم
بضم الهمزة قوله قال لا أي قال النبي لا أرى ذلك أي الإطعام إلا بالمعروف أي بقدر
الحاجة
(16/284)
والضرورة دون الزيادة عليها
وفيه وجوب النفقة للأولاد الصغار الفقراء ومنهم من احتج به على جواز الحكم للغائب
ورد ذلك بأن هذا كان إفتاء لا حكما
42 -
( باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل )
أي هذا باب في بيان حديث زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن
قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي وهو والد سعيد بن زيد أحد
العشرة المبشرة وابن عم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأن عمر هو ابن الخطاب
بن نفيل بن عبد العزى وعمرو الذي هو والد زيد أخو خطاب والد عمر بن الخطاب فيكون
زيد هذا ابن عم عمر بن الخطاب وكان زيد هذا ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان وجانب
الشرك ولكنه مات قبل مبعث النبي وقال سعيد بن المسيب مات وقريش تبني الكعبة قبل
نزول الوحي على رسول الله بخمس سنين وعن زكريا السعدي أنه لما مات دفن بأصل حراء
وعند ابن إسحاق أنه لما توسط بلاد لحم عدوا عليه فقتلوه وعند الزبير بلغنا أن زيدا
كان بالشام فلما بلغه خروج سيدنا رسول الله أقبل يريده فقتله أهل ميفعة وقال
البكري وهي قرية من أرض البلقاء بالشام ويقال كان زيد سكن حراء وكان يدخل مكة سرا
ثم سار إلى الشام يسأل عن الدين فسمته النصارى فمات فإن قلت ما حكمه من جهة الدين
قلت ذكره الذهبي في ( تجريد الصحابة ) وقال قال النبي يبعث أمة وحده وعن جابر رضي
الله تعالى عنه قال سئل رسول الله عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يستقبل القبلة
في الجاهلية ويقول إلهي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم ويسجد فقال رسول الله يحشر
ذاك أمه وحده بيني وبين عيسى ابن مريم عليهما السلام رواه ابن أبي شيبة وروى محمد
بن سعد من حديث عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال قال لي زيد بن عمرو إني
خالفت قومي واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان وإن كانا يصليان إلى هذه
القبلة وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث ولا أراني أدركه وأنا أومن به وأصدقه
وأشهد أنه نبي وإن طالت بك حياة فأقرئه مني السلام قال عامر فلما أسلمت أعلمت
النبي بخبره قال فرد عليه السلام وترحم عليه وقال لقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا
وروى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد وفيه قال سألت أنا وعمر رسول الله عن
زيد فقال غفر الله له ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم عليه الصلاة و السلام وقال
الباغندي عن أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله
تعالى عنها قالت قال رسول الله دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين وقال
ابن كثير وهذا إسناد جيد وليس في شيء من الكتب فإن قلت لم ذكر البخاري هذا الباب
في كتابه قلت أشار به إلى أن النبي لقيه قبل أن يبعث وذكر في شأنه ما ذكره حتى إن
الذهبي وغيره ذكروه في الصحابة وقال صاحب ( التوضيح ) ميل البخاري إليه قلت فلذلك
ذكره بين ذكر الصحابة
6283 - حدثني ( محمد بن أبي بكر ) حدثنا ( فضيل بن سليمان ) حدثنا موسى حدثنا سالم
بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي لقي زيد بن عمرو بن
نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي فقدمت إلى النبي سفرة فأبى أن يأكل منها ثم
قال زيد إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه وأن
زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله وأنزل لها من
السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله إنكارا لذلك
وإعظاما له ( الحديث 6283 - طرفه في 9945 )
(16/285)
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن فيه
حديث زيد المذكور ومحمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم أبو عبد الله المعروف
بالمقدمي البصري يروي عن فضيل بن سليمان النميري البصري يروي عن ( موسى ) بن عقبة
بن أبي عياش الأسدي المديني عن ( سالم بن عبد الله ) بن عمر بن الخطاب عن أبيه عبد
الله
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الذبائح عن معلى بن أسد وأخرجه النسائي في المناقب
عن أحمد بن سليمان
قوله يلدح بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح الدال المهملة وفي آخره حاء مهملة
قال البكري هو موضع في ديار بني فزارة وهو واد في طريق التنعيم إلى مكة قوله فقدمت
على صيغة المجهول قوله سفرة قال ابن الأثير السفرة طعام يتخذه المسافر وأكثر ما
يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به كما سميت المزادة راوية
وغير ذلك من الأسماء المنقولة قوله فأبى أي أبى زيد أي امتنع أن يأكل منها وقال
ابن بطال كانت السفرة لقريش فقدموها للنبي فأبى أن يأكل منها فقدمها النبي لزيد بن
عمرو فأبى أن يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها أولا إنا لا نأكل كل ما
ذبح على أنصابكم انتهى والأنصاب جمع النصب قال الكرماني وهو ما نصب فعبد من دون
الله عز و جل قلت هي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام وقال الكرماني هل
أكل رسول الله منها قلت جعله في سفرة رسول الله لا يدل على أنه كان يأكله وكم شيء
يوضع في سفرة المسافر مما لا يأكله هو بل يأكل من معه وإنما لم ينه الرسول من معه
عن أكله لأنه لم يوح إليه إذ ذاك ولم يؤمر بتبليغ شيء تحريما وتحليلا حينئذ انتهى
قلت لو اطلع الكرماني على كلام القوم لما احتاج إلى هذا السؤال والجواب وقد ذكرنا
الآن عن ابن بطال ما يغني عن ذلك وقوله أيضا في سفرة رسول الله غير صحيح لأن
السفرة كانت لقريش كما مر الآن وقال السهيلي إن قلت كيف وفق زيد إلى ترك أكل ذلك
وسيدنا أولى بالفضيلة في الجاهلية لما ثبت من عصمته قلت عنه جوابان أحدهما أنه ليس
في الحديث أنه أكل منها وإنما فيه أن زيدا لما قدمت إليه أبى ثانيهما أن زيدا إنما
فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدم وإنما تقدم شرع إبراهيم عليه السلام بتحريم الميتة
لا بتحريم ما ذبح لغير الله وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام وقال الخطابي امتناع
زيد من أكل ما في السفرة إنما هو من أجل خوفه أن يكون اللحم الذي فيهما مما ذبح
على الأنصاب وقد كان رسول الله أيضا لا يأكل من ذبائحهم التي كانوا يذبحونها
لأصنامهم فأما ذبائحهم لمأكلهم فلم نجد في الحديث أنه كان يتنزه عنها وقد كان بين
ظهرانيهم مقيما ولم يذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة لأن قريشا كانوا
يتنزهون أيضا في الجاهلية عن الميتة مع أنه أباح الله لنا طعام أهل الكتاب
والنصارى يذبحون ويشركون في ذلك الله تعالى قوله وإن كان زيد بن عمرو هو موصول
بالإسناد المذكور قوله كان يعيب بفتح الياء قوله إنكارا نصب على التعليل وإعظاما
عطف عليه
7283 - قال موسى حدثني سالم بن عبد الله ولا أعلمه إلا يحدث به عن ابن عمر أن زيد
بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما من اليهود فسأله
عن دينهم فقال إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني فقال لا تكون على ديننا حتى تأخذ
بنصيبك من غضب الله قال زيد ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا
أبدا وأنا أستطيعه فهل تدلني على غيره قال ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال زيد وما
(16/286)
الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن
يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله
فقال لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله قال ما أفر إلا من لعنة الله
ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع فهل تدلني على غيره قال
ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال وما الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا
نصرانيا ولا يعبد إلا الله فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج فلما
برز رفع يديه فقال اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم
( موسى ) هو ابن عقبة المذكور الذي روى عن سالم وظاهره التعليق ولهذا قال
الإسماعيلي ما أدري هذه القصة الثانية من رواية الفضيل عن موسى أم لا وقيل هو
موصول بالإسناد المذكور وفيه نظر لا يخفى
قوله ويتبعه بالتشديد من الاتباع ويروى عن الكشميهني يبتغيه من الابتغاء بالغين
المعجمة وهو الطلب قوله لعلي كلمة لعل للترجي تنصب الإسم وترفع الخبر واسمها هنا
ياء المتكلم وخبرها قوله أن أدين قوله فأخبرني أي عن حال دينكم وكيفيته قوله من
غضب الله المراد من غضب الله هو إيصال العذاب قوله فذكر مثله أي مثل ما ذكر لعالم
اليهود قوله من لعنة الله المراد من اللعنة إبعاد الله عبده من رحمته وطرده عن
بابه لأن اللعنة في اللغة الطرد وإنما خص الغضب باليهود واللعنة بالنصارى لأن
الغضب أردى من اللعنة فكان اليهود أحق به لأنهم أشد عداوة لأهل الحق قوله وأنا
أستطيع أي والحال أن لي قدرة على عدم حمل ذلك قوله فلما برز أي لما ظهر خارجا عن
أرضهم قوله إني أشهدك بكسر الهمزة قوله أني على دين إبراهيم عليه السلام بفتح
الهمزة وفي حديث سعد بن زيد فانطلق زيد وهو يقول لبيك حقا حقا تعبدا ورقا ثم يخر
فيسجد لله عز و جل
8283 - وقال ( الليث كتب إلي هشام ) عن أبيه عن ( أسماء بنت أبي بكر ) رضي الله
تعالى عنهما قالت رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معاشر
قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري وكان يحيى الموؤدة يقول للرجل إذا أراد
أن يقتل ابنته لا تقتلها أنا أكفيكها مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها إن
شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها
أي قال الليث بن سعد كتب إلي هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير وهذا تعليق وصله
أبو بكر بن أبي داود عن عيسى بن حماد المعروف بزغبة عن الليث إلى آخره
وأخرجه النسائي في المناقب عن الحسين بن منصور بن جعفر عن أبي أسامة عن هشام بن
عروة
قوله ما منكم على دين إبراهيم عليه السلام غيري وفي رواية أبي أسامة كان يقول إلهي
إله إبراهيم وديني دين إبراهيم ورواية ابن أبي الزناد وكان قد ترك عبادة الأوثان
وترك أكل ما يذبح على النصب وفي رواية ابن إسحاق وكان يقول أللهم لو أعلم أحب
الوجود إليك لعبدتك به ولكن لا أعلمه ثم يسجد على راحتيه قوله وكان يحيي الموؤدة
الإحياء هنا مجاز عن الإبقاء وهو على وزن مفعولة من الوأد وهو القتل كان إذا ولد
لأحدهم في الجاهلية بنت دفنها في التراب وهي حية يقال وأدها يئدها وأدا فهي موؤدة
وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز وفي الحديث الوئيد في الجنة أي الموؤدة
فعيل بمعنى مفعول وزعم بعض العرب أنهم كانوا يفعلون ذلك غيرة على البنات وقول الله
عز و جل هو الحق ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أي خشية إملاق أي فقر وقلة وذكر
النقاش في تفسيره أنهم كانوا يئدون من البنات من كانت منهن زرقاء أو هرشاء أو
شيماء أو كشحاء تشاؤما منهم بهذه الصفات قلت هرشاء من التهريش وهو مقاتلة الكلاب
والشيماء من التشاؤم والكشحاء من الكشاحة وهو إضمار العداوة قوله أنا أكفيكها
مؤونتها كذا في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر أنا أكفيك مؤنتها قوله فإذا
ترعرعت براءين وعينين مهملتين أولاهما مفتوحة أي تحركت ونشأت
52 -
( باب بنيان الكعبة )
أي هذا باب في بيان بنيان الكعبة على يد قريش في حياة النبي قبل بعثته وذكر ابن
إسحاق وغيره إن قريشا لما بنت الكعبة كان عمر النبي خمسا وعشرين سنة وروى إسحاق بن
راهويه من
(16/287)
طريق خالد بن عرعرة عن علي رضي
الله تعالى عنه في قصة بناء إبراهيم عليه الصلاة و السلام البيت قال فمر عليه
الدهر فانهدم فبنته العمالقة فمر عليه الدهر فانهدم فبنته جرهم فمر عليه الدهر
فانهدم فبنته قريش ورسول الله يومئذ شاب فلما أرادوا أن يضعوا الحجر الأسود
اختصموا فيه فقالوا يحكم بيننا أول من يخرج من هذه السكة فكان النبي أول من خرج
منها فحكم بينهم أن يجعلوه في ثوب ثم يرفعه من كل قبيلة رجل وذكر أبو داود
الطيالسي في الحديث أنهم قالوا نحكم أول من يدخل من باب بني شيبة فكان النبي أول
من دخل منه فأخبروه فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل فخان يأخذ بطائفة من
الثوب فرفعوه ثم أخذه فوضعه بيده وذكر الفاكهي أن الذي أشار عليهم أن يحكموا أول
داخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي أخو الوليد
واختلفوا في أول من بنى الكعبة فقيل أول من بناها الملائكة ليطوفوا خوفا من الله
حين قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ( البقرة 03 ) الآية وقيل أول من بناها آدم
عليه الصلاة و السلام ذكره ابن إسحاق وقيل أول من بناها شيث عليه الصلاة و السلام
وكان في عهد آدم البيت المعمور فرفع وقيل رفع وقت الطوفان وقيل كانت تسعة أذرع من
عهد إبراهيم عليه السلام ولم يكن لها سقف ولما بناها قريش قبل الإسلام زادوا فيها
تسعة أذرع فكانت ثمان عشرة ذراعا ورفعوا بابها من الأرض لا يصعد إليها إلا بدرج أو
سلم وذلك حين سرق دويك مولى بني مليح مال الكعبة وأول من عمل لها غلقان تبع ثم لما
بناها ابن الزبير زاد فيها تسعة أذرع أخرى فكانت سبعا وعشرين ذراعا وعلى ذلك هي
إلى الآن
9283 - حدثني ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) قال أخبرني ( ابن جريج ) قال أخبرني
( عمرو بن دينار ) سمع ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال لما بنيت
الكعبة ذهب النبي وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي إجعل إزارك على رقبتك يقيك
من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال إزاري إزاري فشد
عليه إزاره ( انظر الحديث 463 وطرفه )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لما بنيت الكعبة ومن قوله ينقلان الحجارة لأن نقلها
كان للبناء ومحمود هو ابن غيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وابن
جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي
والحديث من مراسيل الصحابة مضى في كتاب الحج في باب فضل مكة وبنيانها فإنه أخرجه
هناك عن عبد الله بن محمد عن أبي عاصم عن ابن جريج إلخ نحوه
قوله لما بنيت على صيغة المجهول يعني لما بناها قريش في عهد النبي قوله يقيك أي
يحفظك من الوقاية قوله فخر فيه حذف تقديره ففعل ما قاله عباس فخر أي فسقط إلى
الأرض وفي حديث أبي الطفيل الذي تقدم في الحج فبينما رسول الله ينقل الحجارة معهم
إذ انكشفت عورته فنودي يا محمد غط عورتك فذلك أول ما نودي فما رؤيت له عورة بعد
ولا قبل قوله طمحت عيناه أي ارتفعت قوله إزاري إزاري هكذا هو مكرر أي ناولوني إزاري
0383 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عمرو بن دينار وعبيد
الله بن أبي يزيد ) قالا لم ( يكن على عهد ) النبي حول البيت حائط كانوا يصلون حول
البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطا قال عبيد الله جدره قصير فبناه ابن الزبير
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله فبنى حوله حائطا الخ وأبو النعمان محمد بن الفضل
السدوسي وعبيد الله بن أبي يزيد من الزيادة مولى أهل الكوفة المكي وهو عمرو بن
دينار تابعيان لم يدركا النبي فهو من باب الإرسال
(16/288)
وقيل منقطع قوله على عهد النبي
أي على زمنه قوله حتى كان عمر أي زمان خلافته وهو أيضا منقطع لأنهما لم يدركا عمر
رضي الله تعالى عنه أيضا قوله جدره بفتح الجيم أي جداره وهو مبتدأ وقوله قصير خبره
والجملة صفة لقوله حائطا وأغرب الكرماني بقوله جدره بفتح الجيم بلفظ المفرد منصوبا
وقصيرا حال أي بنى عمر جدره قصيرا والذي قلنا أوجه قوله فبناه ابن الزبير أي بنى
البيت عبد الله بن الزبير مرتفعا طويلا وهذا المقدار من الحديث موصول وقد مضى عن
قريب طول البيت وكيف كان أولا
62 -
( باب أيام الجاهلية )
أي هذا باب في بيان أيام الجاهلية وهي الأيام التي كانت قبل الإسلام قال بعضهم أي
ما كان بين مولد النبي والمبعث وفيه نظر وقال الكرماني أيام الجاهلية هي مدة
الفطرة التي كانت بين عيسى ورسول الله عليهما الصلاة والسلام وسميت بها لكثرة
جهالاتهم قلت هذا هو الصواب
1383 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) قال ( هشام ) حدثني أبي عن ( عائشة ) رضي
الله تعالى عنها قالت كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي يصومه
فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما نزل رمضان كان من شاء صامه ومن شاء لا
يصومه
مطابقته للترجمة في قوله تصومه قريش في الجاهلية ويحيى قو القطان وهشام هو ابن
عروة بن الزبير والحديث مضى في كتاب الصوم في باب صيام عاشوراء فإنه أخرجه هناك عن
عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة ومضى الكلام فيه هناك
2383 - حدثنا ( مسلم ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( ابن طاوس ) عن أبيه عن ( ابن عباس )
رضي الله تعالى عنهما قال كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من الفجور في الأرض
وكانوا يسمون المحرم صفرا ويقولون إذا برا الدبر وعفا الأثر حلت العمرة لمن اعتمر
قال فقدم رسول الله وأصحابه رابعة مهلين بالحج وأمرهم النبي أن يجعلوها عمرة قالوا
يا رسول الله أي الحل قال الحل كله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله كانوا يرون أن العمرة إلى قوله قال فقدم لأن ما ذكر
فيه كله من أفعال الجاهلية ومسلم هو ابن إبراهيم ووهيب بالتصغير هو ابن خالد وابن
طاووس هو عبد الله يروي عن أبيه
والحديث مضى في كتاب الحج في باب التمتع والإفراد فإنه أخرجه هناك عن موسى بن
إسماعيل عن وهيب الخ ومضى الكلام فيه هناك
قوله يسمون المحرم صفرا أي يجعلونه مكانه في الحرمة وذلك هو النسيء المشهور بينهم
كانوا يؤخرون ذا الحجة إلى المحرم والمحرم إلى صفر وهلم جرا قوله الدبر بالدال
المهملة وفتح الباء الموحدة وهو الجرح الذي يحصل على ظهر الإبل ونحوه قوله وعفا
الأثر أي انمحى أثر الدبر قوله رابعة أي صبح رابعة من شهر ذي الحجة أو ليلة رابعة
قوله مهلين حال قوله أي الحل أي أي شيء من الأشياء يحل لنا قوله الحل كله أي يحل
فيه جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع
3383 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال كان ( عمرو ) يقول حدثنا (
سعيد بن المسيب ) عن أبيه عن جده قال جاء سيل في الجاهلية فكسا ما بين الجبلين قال
سفيان ويقول إن هذا لحديث له شأن
(16/289)
مطابقته للترجمة في قوله في
الجاهلية وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو
ابن دينار وفي رواية الإسماعيلي حدثنا عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب التابعي
الكبير الفقيه ومسيب هو ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو ابن عائذ بن عمران بن مخزوم
القرشي المخزومي أبو محمد المدني مات سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد بن عبد
الملك وهو ابن خمس وسبعين سنة وهو يروي عن أبيه المسيب بتشديد الياء آخر الحروف
المفتوحة وحكى كسرها وكان المسيب ممن بايع تحت الشجرة وكان تاجرا وقال النووي قال
الحفاظ لم يرو عن المسيب إلا ابنه سعيد قال وفيه رد على الحاكم أبي عبد الله
الحافظ فيما قال لم يخرج البخاري عن أحد ممن لم يرو عنه
إلا راو واحد قال ولعله أراد من غير الصحابة والمسيب هو ابن حزن بفتح الحاء
المهملة وسكون الزاي وفي آخره نون وكان من المهاجرين ومن أشراف قريش في الجاهلية
وقال أبو عمر قال رسول الله لحزن ما اسمك قال حزن قال رسول الله أنت سهل فقال إسم
سماني به أبي ويروى أنه قال له إنما السهولة للحمار قال سعيد بن المسيب فما زالت
الحزونة تعرف فينا حتى اليوم وفيه أخرج البخاري أيضا في الأدب عن إسحاق بن نصر
وعلي بن عبد الله ومحمود على ما سيجيء إن شاء الله تعالى
قولهفي الجاهليةأي قبل الإسلام قولهفكساما بين الجبلينأي غطى ما بين جبلي مكة
المشرفين عليها
قوله قال سفيان هو الراوي قوله ويقول أي عمرو المذكور قوله شأن أي قصة طويلة وذكر
موسى بن عقبة أن السيل كان يأتي من فوق الردم بأعلى مكة فيخربه فتخوفوا أن يدخل
الماء الكعبة فأرادوا تشييد بنيانها فكان أول من طلعها وهدم منها شيئا الوليد بن
المغيرة وذكر القصة قال الكرماني الحكمة في أن البيت ضبط في طوفان نوح عليه الصلاة
و السلام من الغرق ورفع إلى السماء وفي ها السيل قد غرق أنه لعله كان ذلك عذابا
وهذا لم يكن عذابا انتهى قلت هذا تصرف عجيب لأنه لما جاء الطوفان كان البيت
المعمور موضع البيت ولما أهبط الله آدم عليه الصلاة و السلام إلى الأرض أتي إليه
من الهند وقيل لما آل الأمر إلى شيث بنى الكعبة وذكر ابن هشام أن الماء لم يعله
حين الطوفان ولكنه قام حوله وبقي في الهواء إلى السماء وأن نوحا عليه الصلاة و
السلام طاف به هو ومن معه في السفينة ثم بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
4383 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( بيان أبي بشر ) عن ( قيس
بن أبي حازم ) قال دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم
فقال ما لها لا تكلم قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هاذا من عمل
الجاهلية فتكلمت فقالت من أنت قال امرء من المهاجرين قالت أي المهاجرين قال من
قريش قالت من أي قريش أنت قال إنك لسؤول أنا أبو بكر قالت ما بقاؤنا على هذا الأمر
الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم قالت
وما لأئمة قال أما كان لقومك رؤس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم قالت بلى قال فهم
أولئك على الناس
مطابقته للترجمة في قوله هذا من عمل الجاهلية وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي
وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وبيان بفتح الباء
الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن بشر المكنى بأبي بشر الأحمسي المعلم الكوفي
وابن أبي حازم بالحاء المهملة وبالزاي اسمه عوف قدم إلى المدينة طالبا النبي بعدما
قبض وقد مر غير مرة
قوله دخل أبو بكر يعني الصديق رضي الله تعالى عنه قوله من أحمس بالمهملتين وفتح
الميم وهي قبيلة من بجيلة ورد على ابن التين في قوله امرأة من الحمس وهم من قريش
قوله يقال لها زينب هي بنت المهاجر روى حديثها محمد بن سعد في ( الطبقات ) من طريق
عبد الله بن جابر الأحمسي عن عمته زينب بنت المهاجر قالت خرجت حاجة فذكر هذا
(16/290)
الحديث وذكر ابن منده في (
تاريخ النساء ) له أن زينب بنت جابر أدركت النبي وروت عن أبي بكر وروى عنها عبد
الله بن جابر وهي عمته قال وقيل هي بنت المهاجر بن جابر وذكر الدارقطني في العلل
أن في رواية شريك وغيره عن إسماعيل بن أبي خالد في حديث الباب أنها زينب بنت عوف
قال وذكر ابن عيينة عن إسماعيل أنها جدة إبراهيم بن المهاجر قيل الجمع بين هذه
الأقوال ممكن بأن من قال بنت المهاجر نسبها إلى أبيها وبنت جابر نسبها إلى جدها
الأدنى أو بنت عوف نسبها إلى جدها الأعلى قوله مصمتة بلفظ اسم الفاعل بمعنى صامتة
يعني ساكتة يقال أصمت إصماتا وصمت صموتا وصمتا وصماتا والاسم الصمت بالضم قوله فإن
هذا أي ترك الكلام لا يحل قوله هذا أي الصمات من عمل الجاهلية وقد احتج بهذا على
أن من حلف لا يتكلم استحب له أن يتكلم ولا كفارة عليه لأن أبا بكر لم يأمرها
بالكفارة وقال ابن قدامة في ( المغني ) ليس من شريعة الإسلام صمت الكلام وظاهر
الأخبار تحريمه واحتج بحديث أبي بكر وبحديث علي رضي الله تعالى عنه يرفعه لا يتم
بعد احتلام ولا يصمت يوم إلى الليل أخرجه أبو داود وقال فإن نذر ذلك لم يلزمه
الوفاء وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا فإن قلت روى الترمذي من
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص من صمت نجا وأخرج ابن أبي الدنيا مرسلا برجال ثقاة
أيسر العبادة الصمت قلت الصمت المباح المرغوب فيه ترك الكلام الباطل وكذا المباح
الذي يجر إلى شيء من ذلك والصمت المنهي عنه ترك الكلام عن الحق لمن يستطيعه وكذا
المباح الذي يستوي طرفاه قوله إنك بكسر الكاف لأنه خطاب لزينب المذكورة قوله لسؤول
أي كثيرة السؤال وصيغة فعول يستوي فيها المذكر والمؤنث واللام فيه للتأكيد قوله
الأمر الصالح أي دين الإسلام وما اشتمل عليه من العدل واجتماع الكلمة ونصر المظلوم
ووضع كل شيء في محله قوله بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم وقت البقاء
بالاستقامة إذ هم باستقامتهم تقام الحدود وتؤخذ الحقوق ويوضع كل شيء في موضعه وفي
رواية الكشميهني ما اسقامت لكم وقال المغيرة كنا في بلاء شديد نعبد الشجر والحجر
ونمص الجلد والنوى فبعث إلينا رب السموات رسولا منا فأمرنا بعبادة الله وحده وترك
ما يعبد أباؤنا وذكر الحديث وما كانوا عليه على عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه من
الأمر واجتماع الكلمة وأن لا يظلم أحد أحدا
5383 - حدثني ( فروة بن أبي المغراء ) أخبرنا ( علي بن مسهر ) عن ( هشام ) عن أبيه
عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب وكان لها حفأ
في المسجد قالت فكانت تأتينا فتحدث عندنا فإذا فرغت من حديثها قالت
( ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا
ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني )
فلما أكثرت قالت لها عائشة وما يوم الوشاح قالت خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح
من أدم فسقط منها فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحما فأخذت فاتهموني به فعذبوني حتى
بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي فبينما هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديا حتى
وازت برؤوسنا ثم ألقته فأخذوه فقلت لهم هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة (
انظر الحديث 934 )
مطابقته للترجمة من حيث ما كان عليه أهل الجاهلية من الجفاء في الفعل والقول ألا
ترى أن الذين أتهموا هذه المرأة السوداء كيف جفوها وعذبوها وبالغوا فيه حتى فتشوا
في قبلها قوله وفروة بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون
الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي من أفراد البخاري
والحديث مضى في أبواب المساجد في باب نوم المرأة في المسجد فإنه أخرجه هناك عن
عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن هشام إلخ بأتم منه ومضى الكلام فيه هناك
قوله حفش
(16/291)
بكسر الحاء المهملة وسكون
الفاء وفي آخرة شين معجمة وهو البيت الضيق الصغير قوله والوشاح بكسر الواو ويقال
له إشاح أيضا وهو شيء ينسج عريضا من أديم وربما رصع بالجوهر والخرز وتشده المرأة
بين عاتقها وكشحها قوله من تعاجيب ربنا ويروى من تباريح ربنا والتعاجيب العجائب لا
واحد لها من لفظها والتباريح جمع تبريح وهو المشقة والشدة قوله ألا أنه ويروى على
أنه قوله من بلدة الكفر قوله ويروي من دارة الكفر الحديا مصغر الحدأة على وزن
العنبة قوله وازت أي حاذت
6383 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن (
ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله
فكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه فإن فيه النهي عن الحلف بالآباء لأنه من أفعال
الجاهلية والحديث أخرجه مسلم في الأيمان والنذور عن يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب
وقتيبة وعلي بن حجر وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر
وكلمة ألا للتنبيه فتدل على تحقق ما قبلها قوله من كان حالفا يعني من أراد أن يحلف
لتأكيد فعل أو قول فلا يحلف إلا بالله لأن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة
العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به غيره وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى
عنهما لأن أحلف بالله تعالى مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر ويكره الحلف
بغير أسماء الله تعالى وصفاته وسواء في ذلك النبي والكعبة والملائكة والأمانة
والروح وغير ذلك ومن أشدها كراهة الحلف بالأمانة فإن قلت قد أقسم الله تعالى
بمخلوقاته كقوله والصافات والذاريات والعاديات قلت إن الله تعالى أن يقسم بما شاء من
مخلوقاته تنبيها على شرفها قوله فكانت قريش تحلف بآبائها بأن يقول واحد منهم عند
إرادة الحلف وأبي أفعل هذا أو وأبي لا أفعل أو يقول وحق أبي أو تربة أبي ونحو ذلك
فنهى رسول الله عن ذلك فقال لا تحلفوا بآبائكم لأن هذا من أيمان الجاهلية وفي
رواية مسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت
وفي رواية لا تحلفوا بالطواغيت ولا بآبائكم قال النووي فإن قيل هذا الحديث مخالف
لقوله أفلح وأبيه إن صدق فجوابه إن هذه كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين
وقال غيره بل هي من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد ولا يراد بها
القسم كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء
7383 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) قال حدثني ( ابن وهب ) قال أخبرني ( عمرو ) أن (
عبد الرحمان ابن القاسم ) حدثه أن ( القاسم ) كان يمشي بين يدي الجنازة ولا يقوم
لها ويخبر عن عائشة قالت كان أهل الجاهلية يقومون لها يقولون إذا رأوها كنت في
أهلك ما أنت مرتين
مطابقته للترجمة في لفظ أهل الجاهلية ويحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي سكن مصر قال
المنذري قدم مصر وحدث بها وتوفي بها سنة ثمان ويقال سبع وثلاثين ومائتين وهو من أفراده
وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وعمرو هو ابن الحارث المصري وعبد الرحمن بن
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
قوله كان يمشي بين يدي الجنازة وفيه خلاف فعند الشافعية المشي أمام الجنازة أفضل
وعند الحنفية وراءها أفضل لأنها متبوعة وبه قال في رواية وعنه الأفضل أن تكون
المشاة أمامها والركبان خلفها وبه قال أحمد قوله ولا يقوم لها أي ولا يقوم القاسم
أي للجنازة ويخبر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت كان أي أهل
الجاهلية يقومون لها إذا رأوا الجنازة والظاهر أن أمر الشارع بالقيام لها لم يبلغ
عائشة فرأت أن ذلك من أفعال أهل الجاهلية ولكن الشارع فعله واختلف في نسخه فقالت
الشافعية ومالك هو منسوخ بجلوسه والمختار أنه باق وبه قال ابن الماجشون قال
(16/292)
هو على التوسعة والقيام فيه
أجر وحكمة باق وقال أبو حنيفة إذا تقدمها لم يجلس حتى تحضر ويصلي عليها قوله كنت
في أهلك ما أنت مرتين كلمة ما موصولة وبعض صلته محذوف أي الذي أنت فيه كنت في
الحياة مثله إن خيرا فخير وإن شرا فشر وذلك فيما كانوا يدعون من أن روح الإنسان
تصير طائرا مثله وهو المشهور عندهم بالصدي والهام ويجوز أن تكون كلمة ما استفهامية
أي كنت في أهلك شريفا مثلا فأي شيء أنت الآن ويجوز أن يكون ما نافية ولفظ مرتين من
تتمة المقول أي كنت مرة في القوم ولست بكائن فيهم مرة أخرى كما هو معتقد الكفار
حيث قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا ( الجاثية 42 )
8383 - حدثني ( عمرو بن عباس ) حدثنا عبد الرحمان حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن
عمرو ابن ميمون قال قال عمر رضي الله تعالى عنه إن المشركين كانوا لا يفيضون من
جمع حتى تشرق الشمس على ثبير فخالفهم النبي فأفاض قبل أن تطلع الشمس ( انظر الحديث
4861 )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن المشركين لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس وعمرو
بن عباس بتشديد الباء الموحدة أبو عثمان البصري وهو من أفراده و ( عبد الرحمن ) هو
ابن مهدي بن حسان العنبري البصري و ( سفيان ) هو الثوري وأبو إسحاق عمرو بن عبد
الله السبيعي الكوفي وعمرو بن ميمون الأودي أبو عبد الله الكوفي أدرك الجاهلية
وكان بالشام ثم سكن الكوفة والحديث قد مضى في الحج في باب متى يدفع من جمع
قوله لا يفيضون من الإفاضة وهي الدفع هنا وكل دفعة إفاضة والمعنى لا يدفعون من جمع
بفتح الجيم وسكون الميم بعدها عين مهملة وهي المزدلفة قوله حتى تشرق بفتح التاء
وضم الراء كذا ضبطه ابن التين والمشهور بضم التاء وكسر الراء قوله على ثبير بفتح
الثاء المثلثة وكسر الباء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء وهو جبل معروف عند
مكة
1483 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الملك بن عمير ) عن ( أبي
سلمة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي أصدق كلمة قالها الشاعر
كلمة لبيد
( ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكادع امية بن أبي الصلت أن يسلم )
مطابقته للترجمة من حيث إن كلا من لبيد وأمية شاعر جاهلي أما لبيد فهو ابن ربيعة
بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب
(16/293)
ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن
معاوية بن بكر بن هوازن الجعفري العامري شاعر من فحول الشعراء مفلق متقدم في
الفصاحة مجيد فارس جواد حكيم يكنى أبا عقيل مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وهو عند
ابن سلام من الطبقة الثالثة من شعراء الجاهلية وفد على رسول الله سنة وفد بني جعفر
فأسلم وحسن إسلامه وقال ابن قتيبة قدم على رسول الله في وفد كلاب وكان شريفا في
الجاهلية والإسلام مات بالكوفة في إمارة الوليد بن عقبة عليها في خلافة عثمان رضي
الله تعالى عنه وقال مالك بن أنس بلغني أنه عاش مائة وأربعين سنة وقيل مات وهو ابن
مائة وسبع وخمسين سنة وقال أكثر أهل العلم بالأخبار لم يقل شعرا منذ أسلم وأما
أمية فهو ابن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة ابن عوف بن عقدة بن غيرة بن ثقيف
أبو عثمان ويقال أبو الحكم قدم دمشق قبل الإسلام وقيل إنه كان صالحا وقال الواقدي
وكان قد تنبأ في الجاهلية في أول زمانه وأنه كان في أول عمره على الإيمان ثم زاغ
عنه وأنه هو الذي أراد الله بقوله واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
( الأعراف 571 ) الآية وكان شاعرا مجيدا إلا أنه لقراءته الكتب المنزلة كان يأتي
في شعره بأشياء لا تعرفها العرب فلذلك كانت العلماء لا تحتج بشعره وقال أبو الفرج
وقيل لما بعث رسول الله أخذ أمية ابنيه وهرب بهما إلى اليمن ثم عاد إلى الطائف
ومات في السنة الثانية من الهجرة
ذكر رجاله وهم خمسة الأول أبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين الثاني سفيان بن عيينة
الثالث عبد الملك بن عمير الكوفي الرابع أبو سلمة بن عبد الرحمن الخامس أبو هريرة
رضي الله تعالى عنه
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن ابن بشار وفي
الرقاق عن محمد بن المثنى وأخرجه مسلم في الشعر عن محمد بن الصباح وعن جماعة آخرين
وأخرجه الترمذي في الإستيذان عن علي بن حجر وفي الشمائل عن محمد بن بشار وأخرجه ابن
ماجه في الأدب عن محمد بن الصباح
ذكر معناه قوله أصدق كلمة أصدق أفعل التفضيل تدل على المبالغة في الصدق وفي رواية
البخاري ومسلم أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد إلى آخره وروينا هذه الرواية
أيضا من طريق الترمذي وقد رويت هذه اللفظة بألفاظ مختلفة أصدق بيت قاله الشاعر وإن
أصدق بيت قالته الشعراء وكلها في ( الصحيح ) ومنها أشعر كلمة قالتها العرب قاله
ابن مالك في ( شرحه للتسهيل ) وكلها من وصف المعاني مبالغة بما يوصف به الأعيان
كقولهم شعر شاعر خوف خائف وموت مائت ثم يصاغ منه أفعل باعتبار ذلك المعنى فيقال
شعرك أشعر من شعره وخوفي أخوف من خوفه قوله كلمة فيه إطلاق الكلمة على الكلام وهو
مجاز مهمل عند النحويين مستعمل عند المتكلمين وهو من باب تسمية الشيء باسم جزئه
على سبيل التوسع قوله ألا كل شيء كلمة ألا حرف استفتاح فتصدر بها الجملة الإسمية
والفعلية ولفظ كل إذا أضيف إلى النكرة يقتضي عموم الأفراد وإذا أضيف إلى المعرفة
يقتضي عموم الأجزاء يظهر ذلك في كل رمان مأكول وكل الرمان مأكول فالأول صحيح دون
الثاني قوله ما خلا الله كلمة خلا وعدا إذا وقعا صلة لما المصدرية وجب أن يكونا
فعلين لأن الحرف لا يوصل بالحرف فوجب أن يكونا فعلين فوجب النصب ولفظة الله منصوبة
بقوله خلا وقوله كل شيء مبتدأ وقوله باطل خبره ومعناه ذاهب من بطل الشيء يبطل بطلا
وبطلا وبطولا وبطلانا ومعناه كل شيء سوى الله تعالى زائل فائت مضمحل ليس له دوام
فإن قلت الطاعات والعبادات حق لا محالة وكذا قوله في دعائه في الليل أنت الحق
وقولك الحق والجنة والنار حق فكيف توصف هذه الأشياء بالبطلان قلت المراد من قوله
ما خلا الله أي ما خلاه وخلا صفاته الذاتية والفعلية من رحمة وعذاب وغير ذلك وجواب
آخر الجنة والنار إنما يبقيان بإبقاء الله لهما وخلق الدوام لأهلهما وكل شيء سوى
الله يجوز عليه الزوال لذاته وكل شيء لا يزول فبإبقاء الله تعالى والنصف الأخير
للبيت
وكل نعيم لا محالة زائل
وهو من قصيدة من الطويل وجملتها عشرة أبيات ذكرناها في ( شرح الشواهد الكبرى )
وتكلمنا بما فيه الكفاية قوله وكاد أمية بن أبي الصلت ولفظة كاد من أفعال المقاربة
وهو ما وضع لدنو الخبر رجاء أو حصولا وأخذا فيه تقول
(16/294)