حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

ج47. والاخر{عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني}

 

  ج47. والاخر{عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني}

ج47.عمدة القارئ

وهي شوكة صلبة معروفة قاله ابن الأثير وقال صاحب التهذيب وغيره الحسك نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم وربما اتخذ مثله من حديد وهو من آلات الحرب وقال الجوهري الحسك حسك السعدان والحسكة ما يعمل من حديد على مثاله قوله مفلطحة بضم الميم وفتح الفاء وسكون اللام وفتح الطاء المهملة وبالحاء المهملة أي عريضة هكذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني مطلفحة بتقديم الطاء وتأخير الفاء واللام قبلها من طلفحه إذا أرقه والطلافح العراض والأول هو المعروف في اللغة يعني عريض يقال فلطح القرص إذا بسطه وعرضه قوله عقيفاء بضم العين المهملة وفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء ممدودا ويروى عقيفة على وزن كريمة وهي المنعطفة المعوجة قوله المؤمن عليها أي يمر عليها كالطرف بكسر الطاء وهو الكريم من الخيل وبالفتح البصر يعني كلمح البصر وهذا هو الأولى لئلا يلزم التكرار قوله وكأجاويد الخيل جمع الأجواد وهو جمع الجواد وهو فرس بين الجودة بالضم رائع قوله والركاب الإبل واحدتها الراحلة من غير لفظها قوله مسلم بفتح اللام المشددة قوله مخدوش أي مخموش ممزوق قاله الكرماني من الخمش بالمعجمتين وهو تمزيق الوجه بالأظافير قوله ومكدوس بالمهملتين أي مصروع ويروى بالشين المعجمة أي مدفوع مطرود ويروى مكردس بالمهملات من كردست الدواب إذا ركب بعضها بعضا يعني أنهم ثلاثة أقسام قسم مسلم لا يناله شيء وقسم يخدش ثم يسلم ويخلص وقسم يسقط في جهنم قوله وآخرهم أي آخر الناجين يسحب على صيغة المجهول قوله فما أنتم بأشد لي مناشدة أي مطالبة قوله قد تبين جملة حالية قوله من المؤمن صلة أشد قوله للجبار وقوله في إخوانهم كلاهما متعلق بمناشدة مقدرة أي ليس طلبكم مني في الدنيا في شأن حق يكون ظاهرا لكم أشد من طلب المؤمنين من الله في الآخرة في شأن نجاة إخوانهم من النار والغرض شدة اعتناء المؤمنين بالشفاعة لإخوانهم قوله في إخوانهم ويروى وبقي إخوانهم فإن قلت المؤمن مفرد فلم جمع الضمير قلت باعتبار الجمع المراد من لفظ الجنس وكان القياس أن يقال إذا رأى بدون الواو ولكن قوله في إخوانهم مقدم عليه حكما وهذا خبر مبتدأ محذوف أي وذلك إذا رأوا نجاة أنفسهم يقولون ربنا إخواننا الخ وقال الكرماني يقولون استئناف كلام قلت الذي يظهر من حل التركيب أنه جواب إذا والله أعلم قوله فأخرجوه صيغة أمر للجماعة قوله فيخرجون بضم الياء من الإخراج قوله من عرفوا مفعوله وكذلك البواقي قوله ذرة بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء وقال ابن الأثير سئل ثعلب عنها فقال إن مائة نملة وزن حبة والذرة واحدة منها وقيل الذرة ليس لها وزن ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة
قوله قال أبو سعيد هو الخدري راوي الحديث قوله بأفواه الجنة الأفواه جمع فوهة بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة على غير القياس وأفواه الأزقة والأنهار أوائلها والمراد مفتتح مسالك قصور الجنة قوله في حافتيه تثنية حافة بتخفيف الفاء وهي الجانب قوله الخواتيم أراد أشياء من الذهب تعلق في أعناقهم كالخواتيم علامة يعرفون بها وهم كاللالىء في صفائهم قوله بغير عمل عملوه أي في الدنيا ولا خير قدموه في الدنيا إلى الآخرة أراد مجرد الإيمان دون أمر زائد عليه من الأعمال والخيرات وعلم منه أن شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين فيمن كان له طاعة غير الإيمان الذي لا يطلع عليه إلا الله
7440 - وقال ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( همام بن يحيى ) حدثنا ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه أن النبي قال يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذالك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا فيأتون آدم فيقولون أنت آدم أبو الناس خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هاذا قال فيقول لست هناكم قال ويذكر خطيئته التي أصاب أكله من الشجرة وقد نهي عنها ولكن ائتو

(25/130)


الله نوحا أول نبي بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب سؤاله ربه بغير علم ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمان قال فيأتون إبراهيم فيقول إني لست هناكم ويذكر ثلاث كلمات كذبهن ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه وقربه نجيا فيأتون موسى فيقول إني لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب قتله النفس ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وروح الله وكلمته قال فيأتون عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني فيقول ارفع محمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعطه قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وسمعته أيضا يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول ارفع محمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعط قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه قال ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وسمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول ارفع محمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعطه قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه قال ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وقد سمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة حتى ما يبقاى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود قال ثم تلا هاذه الآية ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم
الله
حجاج بن منهال أحد مشايخ البخاري ولم يقل حدثنا لأنه إما أنه سمعه منه مذاكرة لا تحميلا وإما أنه كان عرضا ومناولة وهكذا وقع عند جميع الرواة إلا في رواية أبي زيد المروزي عن الفربري فقال فيها حدثنا حجاج وكلهم ساقوا الحديث كله إلا النسفي فساق منه إلى قوله خلقك الله بيده ثم قال فذكر الحديث ووقع لأبي ذر عن الحموي نحوه لكن قال وذكر هذا الحديث بطوله بعد قوله حتى يهموا بذلك ونحوه للكشميهني
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي كامل وهمام بتشديد الميم ابن يحيى بن دينار المحلي أبي عبد الله البصري وقد مضى أكثر شرحه
قوله حتى يهموا من الوهم ويروى بتشديد الميم من الهم بمعنى القصد والحزن معروفا ومجهولا وفي صحيح مسلم يهتموا أي يعتنوا بسؤال الشفاعة وإزالة الكرب عنهم قوله لو استشفعنا جواب لو محذوف أو هو للتمني قوله فيريحنا بضم الياء من الإراحة قوله لست أهلا لذلك وليس لي هذه المنزلة قوله التي أصاب أي التي أصابها قوله أكله منصوب بأنه بدل من الخطيئة أو بيان لها أو بفعل مقدر نحو يعني أكله ويروى

(25/131)


ويذكر أكله بحذف لفظ الخطيئة التي أصاب قوله ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله قيل يلزم منه أن يكون آدم غير نبي وأجيب اللازم ليس كذلك بل كان نبيا لكن لم يكن أهل أرض يبعث إليهم وقد مر الكلام فيه عن قريب قوله سؤاله ربه أي دعاءه بقوله وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا قوله ثلاث كلمات وهي قوله فقال إنى سقيم و قال بل فعله كبيرهم هاذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون وهذه أختي وهذه رواية المستملي وفي رواية غيره ثلاث كذبات قال القاضي هذا يقولونه تواضعا وتعظيما لما يسألونه وإشارة إلى أن هذا المقام لغيرهم ويحتمل أنهم علموا أن صاحبها محمد ويكون إحالة كل واحد منهم على الآخر ليصل بالتدريج إلى محمد إظهارا لفضيلته وكذلك إلهام الناس لسؤالهم عن آدم عليه الصلاة و السلام قوله في داره أي جنته والإضافة للتشريف كبيت الله وحرم الله أو الضمير راجع إلى رسول الله على سبيل الالتفات قاله الكرماني وفيه تأمل قوله ارفع محمد يعني ارفع رأسك يا محمد قوله يسمع على صيغة المجهول مجزوم لأنه جواب الأمر قوله اشفع أمر من شفع يشفع شفاعة وتشفع على صيغة المجهول بتشديد الفاء ومعناه تقبل شفاعتك قوله وسل أمر من سأل وتعط على صيغة المجهول جواب الأمر قوله فيحد لي حدا أي يعين لي طائفة معينة قوله فأخرج أي من داره فأخرجهم من الإخراج وأدخلهم من الإدخال قوله قال قتادة هو الراوي المذكور وهو متصل بالسند المذكور قوله فأخرج وأخرجهم أي أخرج من الدار وهو بفتح الهمزة وأخرجهم بضم الهمزة من الإخراج قوله أي وجب عليه أي بنص القرآن وهو قوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذالك لمن يشآء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا وهم الكفار قول وعده أي حيث قال ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وهذا هو إشارة إلى الشفاعة الأولى التي لم يصرح بها في الحديث ولكن السياق وسائر الروايات تدل عليه
7441 - حدثنا ( عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ) حدثني ( عمي ) حدثنا أبي عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) قال حدثني ( أنس بن مالك ) أن رسول الله أرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة وقال لهم اصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله حتى تلقوا الله
قوله حدثني عمي هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد وأبوه هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وصالح هو ابن كيسان
وأخرج الحديث مسلم مطولا من هذا الوجه فقال في أوله لما أفاء الله على رسوله من أموال هوازن الحديث
قبة بضم القاف وتشديد الباء الموحدة وهو بيت صغير مستدير من الخيام وهو من بيوت العرب قوله حتى تلقوا الله اللقاء مقابلة الشيء ومصادفته لقيه يلقاه ويقال أيضا في الإدراك بالحس والبصيرة ومنه قوله تعالى ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون وملاقاة الله يعبر بها عن الموت وعن يوم القيامة وقيل ليوم القيامة يوم التلاقي لالتقاء الأولين والآخرين فيه قوله فإني على الحوض أراد به الحوض الذي أعطاه الله تعالى وهو في الجنة ويؤتى به إلى المحشر يوم القيامة
وفيه رد على المعتزلة في إنكارهم الحوض وفي بعض النسخ حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض وعلى هذه الرواية سأل الكرماني حيث قال الله منزه عن المكان فكيف يكون على الحوض ثم أجاب بقوله هو قيد للمعطوف كقوله ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين أو لفظ على الحوض ظرف للفاعل لا للمفعول وفي أكثر النسخ بدل في كلمة فإني على الحوض فسقط السؤال عن درجة الاعتبار بالكلية
7442 - حدثني ( ثابت بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( ابن جريج ) عن ( سليمان الأحول ) عن ( طاوس ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كان النبي إذا تهجد من الليل قال اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق وقولك الحق ووعدك

(25/132)


الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك خاصمت وبك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت وما أنت أعلم به مني لا إلاه إلا أنت
الله
مطابقته للترجمة في قوله ولقاؤك حق لأن معناه رؤيتك
وثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن محمد أبو إسماعيل العابد الشيباني الكوفي وسفيان هو الثوري وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج
والحديث قد مضى في أول كتاب التهجد فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله ومضى الكلام فيه
قال أبو عبد الله قال قيس بن سعد وأبو الزبير عن طاوس قيام وقال مجاهد القيوم القائم على كل شيء وقرأ عمر القيام وكلاهما مدح
قيس بن سعد المكي الحبشي مفتي مكة مات سنة تسع عشرة ومائة وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي المكي مولى حكيم بن حزام مات سنة ثمان وعشرين ومائة أراد أن قيسا وأبا الزبير رويا هذا الحديث عن طاوس عن ابن عباس فوقع عندهما أنت قيام السماوات بدل أنت قيم السماوات وطريق قيس وصلها مسلم وأبو داود من طريق عمران بن مسلم عن قيس وطريق أبي الزبير وصلها مالك في الموطأ عنه قوله وقال مجاهد أراد أن مجاهدا فسر القيوم بقوله القائم على كل شيء ووصله الفريابي في تفسيره عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا قوله وقرأ عمر أي ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه الله لا إلاه إلا هو الحي القيام لا تأخذه سنة ولا نوم وهو على وزن فعال بالتشديد وهي صيغة مبالغة وكذلك لفظ القيوم وقال أبو عبيدة وابن المثنى القيوم فيعول وهو القائم الذي لا يزول وقال الخطابي القيوم نعت للمبالغة في القيام على كل شيء بالرعاية له وقال الحليمي القيوم القائم على كل شيء من خلقه يدبره بما يريد قوله وكلاهما مدح أي القيوم والقيام مدح لأنهما من صيغ المبالغة ولا يستعملان في غير المدح بخلاف القيم فإنه يستعمل في الذم أيضا وقال محمد بن فرح بالفاء وسكون الراء وبالحاء المهملة القرظي في كتاب الأسنى في الأسماء الحسنى يجوز وصف العبد بالقيم ولا يجوز بالقيوم وقال الغزالي في المقصد الأسنى القيوم هو القائم بذاته والقيم لغيره وليس ذلك إلا الله تعالى وقال الكرماني فعلى هذا التفسير هو صفة مركبة من صفات الذات وصفة الفعل
7443 - حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة حدثني الأعمش عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث
و ( يوسف بن موسى ) بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد و ( أبو أسامة ) حماد بن أسامة يروي عن سليمان ( الأعمش ) عن ( خيثمة ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالثاء المثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي و ( عدي بن حاتم ) الطائي
والحديث مضى في الرقاق عن عمر بن حفص
قوله ما منكم الخطاب للمؤمنين وقيل بعمومه قوله ترجمان فيه لغات ضم التاء والجيم وفتح الأول وضم الثاني قوله حجاب وفي رواية الكشميهني حاجب قال ابن بطال معنى رفع الحجاب إزالة الآفة عن أبصار المؤمنين المانعة لها من رؤيته واستعير الحجاب للرد فكان نفيه دليلا على ثبوت الإجابة وأصل الحجاب الستر الحاصل بين الرائي والمرئي والمراد هنا منع الأبصار من الرؤية
7444 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الصمد ) عن ( أبي عمران ) عن ( أبي

(25/133)


بكر بن عبد الله بن قيس ) عن أبيه عن النبي قال جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن
انظر الحدبث 4878 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وأبو عمران هو عبد الملك بن حبيب الجوني وأبو بكر بن أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث مضى في تفسير سورة الرحمان
قوله جنتان إشارة إلى قوله تعالى ومن دونهما جنتان وتفسير له وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هما جنتان قوله آنيتهما مبتدأ ومن فضة مقدما خبره ويحتمل أن يكون فاعل فضة أي جنتان مفضض آنيتهما واختلفوا في قوله ومن دونهما فقيل في الدرجة وقيل في الفضل فإن قلت يعارضه حديث أبي هريرة قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة مما بناؤها قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة أخرجه أحمد والترمذي وصححه قلت المراد بالأول صفة ما في كل الجنة من آنية وغيرها ومن الثاني حوائط الجنان كلها قوله إلا رداء الكبر ويروى إلا رداء الكبرياء هو من المتشابهات إذ لا رداء حقيقة ولا وجه فإما أن يفوض أو يؤول الوجه بالذات والرداء صفة من صفات الذات اللازمة المنزهة عما يشبه المخلوقات وقال القرطبي في المفهم الرداء استعارة كنى بها عن العظمة كما في الحديث الآخر الكبرياء ردائي والعظمة إزاري وليس المراد الثياب المحسوسة قوله على وجهه حال من رداء الكبر قوله في جنة عدن راجع إلى القوم وقال عياض معناه راجع إلى الناظرين أي وهم في جنة عدن لا إلى الله فإنه لا تحويه الأمكنة سبحانه وتعالى وقال القرطبي متعلق بمحذوف في موضع الحال من القوم مثل كائنين في جنة عدن
7445 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( عبد الملك بن أعين وجامع بن أبي راشد ) عن ( أبي وائل ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه قال قال رسول الله من اقتطع مال امرىء مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان قال عبد الله ثم قرأ رسول الله مصداقه من كتاب الله جل ذكره إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الآية
الله
مطابقته للترجمة في قوله لقي الله
والحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى ونسبته إلى حميد أحد أجداده وسفيان هو ابن عيينة وعبد الملك بن أعين بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وفتح الياء آخر الحروف وبالنون الكوفي وجامع ابن أبي راشد الصيرفي الكوفي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث مضى في الإيمان في باب عهد الله ومضى الكلام فيه
قوله من اقتطع أي أخذ قطعة لنفسه قوله غضبان قد مر غير مرة أن نسبة مثل هذا الكلام إلى الله تعالى يراد به لازمه ولازم الغضب عقابه قوله مصداقه بكسر الميم مفعال من الصدق أي مما يصدق هذا الحديث ويوافقه قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الآية ووقع في رواية أبي ذر هكذا إلى أن قال إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الآية
7446 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمر ) وعن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع

(25/134)


بها مال امرىء مسلم ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن الغضب إذا كان سببا لعدم الرؤية يكون الرضا سببا لحصولها وهذا القدر كاف
وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في كتاب الشرب في باب إثم من منع ابن السبيل من الماء ومضى الكلام فيه
قوله منع فضل ماء أي يمنع الناس من الماء الفاضل عن حاجته قوله ما لم تعمل يداك أي حصوله وطلوعه من المنبع ليس بقدرتك بل هو بإنعام الله عز و جل وفضله على العباد والمراد به مثل الماء الذي لا يكون ظهوره بسعي الشخص كالعيون والسيول لا كالآبار والقنوات
7447 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد ) عن ( ابن أبي بكرة ) عن ( أبي بكرة ) عن النبي قال الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان أي شهر هاذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس ذا الحجة قلنا بلى قال أي بلد هاذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس البلدة قلنا بلى قال فأي يوم هاذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس يوم النحر قلنا بلى قال فإن دماءكم وأموالكم قال محمد وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هاذا في بلدكم هاذا في شهركم هاذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى من بعض من سمعه فكان محمد إذا ذكره قال صدق النبي ثم قال ألا هل بلغت ألا هل بلغت
الله
مطابقته للترجمة في قوله وستلقون ربكم
وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن سيرين واسم أبي بكرة هذا عبد الرحمن لأن لأبي بكرة أولادا غيره واسم أبي بكرة نفيع بضم النون مصغرا
والحديث مضى في كتاب العلم في باب قول النبي رب مبلغ أوعى من سامع وفي الحج عن عبد الله بن محمد وفي التفسير وفي بدء الخلق وفي الفتن وفي المغازي ومضى الكلام فيه غير مرة وما يتعلق بتفسير أول الحديث قد مضى في تفسير سورة براءة وما يتعلق بآخر الحديث قد مضى في الفتن
قوله الزمان أراد به السنة قوله قد استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله السماوات والأرض قوله حرم بضمتين أي محرم فيها القتال قوله ورجب مضر إنما أضافوه إليهم لأنهم كانوا يحافظون على تحريمه أشد محافظة من غيرهم ولم يغيروه عن مكانه ووصفه بالذي بين جمادى وشعبان للتأكيد أو لإزالة الريب الحادث فيه من النسيء وقال الزمخشري النسيء تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر كانوا يحلون الشهر الحرام ويحرمون مكانه شهرا آخر حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم وكانوا يحرمون من شهور العام أربعة أشهر مطلقا وربما زادوا في الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر شهرا أو أربعة عشر شهرا والمعنى رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطلت تغييراتهم وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة قوله البلدة أي المعهودة وهي مكة المشرفة قوله قال محمد أي ابن سيرين قوله يضرب بالرفع وبالجزم عند الكسائي نحو

(25/135)


لا تدن من الأسد يأكلك قوله من يبلغه بضم اللام وبفتحها مشددة قوله فلعل استعمل استعمال عسى قوله أوعى أي أحفظ وأضبط أي علم بالتجربة والاستقراء أن كثيرا من السامعين هم أفضل من شيوخهم
25 -
( باب ما جاء في قول الله تعالى ولا تفسدوا فى الارض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين )
أي هذا باب في قول الله عز و جل إن رحمة الله قريب من المحسنين
إنما قال قريب والقياس قريبة لأن الفعيل الذي بمعنى الفاعل قد يحمل على الذي بمعنى المفعول أو الرحمة بمعنى الترحم أو صفة لموصوف محذوف أي شيء قريب أو لما كان وزنه وزن المصدر نحو شهيق وزفير أعطى له حكمه في استواء المذكر والمؤنث وقال ابن التين هو من التأنيث المجازي كطلع الشمس وفيه نظر لأن شرطه تقدم الفعل وقال ابن بطال الرحمة تنقسم إلى صفة ذات فيكون معناه إرادة إثابة الطائعين وإلى صفة فعل فيكون معناه أن فضل الله بسوق السحاب وإنزال المطر قريب من المحسنين فكان ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وإرادته ونحوه وتسمية الجنة رحمة لكونها فعلا من أفعاله حادثة بقدرته
7448 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( عاصم ) عن ( أبي عثمان ) عن ( أسامة ) قال كان ابن لبعض بنات النبي يقضي فأرسلت إليه أن يأتيها فأرسل إن ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه فأقسمت عليه فقام رسول الله وقمت معه ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وعبادة بن الصامت فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي ونفسه تقلقل في صدره حسبته قال كأنها شنة فبكى رسول الله فقال سعد بن عبادة أتبكي فقال إنما يرحم الله من عباده الرحماء
الله
مطابقته للترجمة في آخر الحديث
وعبد الواحد بن زياد العبدي وعاصم هو الأحول وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي وأسامة بن زيد بن حارثة
والحديث مضى في الجنائز عن عبدان وفي الطب عن حجاج بن منهال وفي النذور عن حفص بن عمرو ومضى الكلام فيه
قوله كان ابن وفي النذور أنه بنت قوله يقضي أي يموت أي كان في النزع قوله تقلقل أي تصوت اضطرابا قوله الرحماء جمع رحيم كالكرماء جمع كريم
7449 - حدثنا ( عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ) حدثنا ( يعقوب ) حدثنا أبي عن ( صالح بن كيسان ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال اختصمت الجنة والنار إلى ربهما فقالت الجنة يا رب ما لها لا يدخلها إلا ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار يعني أوثرت بالمتكبرين فقال الله تعالى للجنة أنت رحمتي وقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها قال فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدا وإنه ينشىء للنار من يشاء فيلقون فيها فتقول هل من مزيد ثلاثا حتى يضع فيها قدمه فتمتلىء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط
انظر الحديث 4849 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله أنت رحمتي
وعبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني سمع عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أصله مدني كان بالعراق سمع يعقوب هذا أباه إبراهيم بن سعد وكان على قضاء بغداد وسمع هو صالح بن كيسان الغفاري مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وسمع هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج
والحديث رواه مسلم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة

(25/136)


رضي الله تعالى عنه
تصمت الجنة والنار إما مجاز عن حالهما المشابهة للخصومة وإما حقيقة بأن يخلق الله فيهما الحياة والنطق ونحوهما واختصامهما افتخار بعضهما على بعض بمن يسكنهما وفي رواية مسلم احتجت النار والجنة وفي لفظ آخر تحاجت النار والجنة قوله فقالت الجنة يا رب ما لها هو على طريقة الالتفات وإلا فمقتضى الظاهر ما لي قوله وسقطهم بالفتحتين الضعفاء الساقطون من أعين الناس وفي رواية مسلم بعد قوله وسقطهم وعجزهم وفي رواية بعده وغرتهم وعجزهم بفتح العين المهملة والجيم جمع عاجز أي العاجزون عن طلب الدنيا والتمكن فيها وضبط أيضا بضم العين وتشديد الجيم المفتوحة وهو أيضا جمع عاجز وغرتهم بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء وبالتاء المثناة من فوق قال النووي هذا هو الأشهر في نسخ بلادنا أي البله الغافلون الذين ليس لهم حذق في أمور الدنيا قوله وقالت النار يعني أوثرت على صيغة المجهول أي اختصصت وهذا مقول القول أبرزه في بعض النسخ بقوله يعني أوثرت بالمتكبرين ولم يقع هذا في كثير من النسخ حتى قال ابن بطال سقط قوله أوثرت هنا من جميع النسخ وقال الكرماني أين مقول القول ثم قال قلت مقدر معلوم من سائر الروايات وهو أوثرت بالمتكبرين قوله وإنه ينشىء للنار من يشاء أي يوجد ويخلق وقال القابسي المعروف في هذا الموضع أن الله ينشىء للجنة خلقا وأما النار فيضع فيها قدمه قال ولا أعلم في شيء من الأحاديث أنه ينشىء للنار خلقا وأما النار فيضع فيها قدمه قال ولا أعلم في شيء من الأحاديث أنه ينشيء للنار خلقا إلا هذا وقال الكرماني واعلم أن هذا الحديث مر في سورة ق بعكس هذه الرواية قال ثمة وأما النار فتمتلىء ولا يظلم الله من خلقه أحدا وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقا كذا في صحيح مسلم وقيل هذا وهم من الراوي إذ تعذيب غير العاصي لا يليق بكرم الله تعالى بخلاف الإنعام على غير المطيع ثم قال الكرماني لا محذورا في تعذيب الله من لا ذنب له إذا القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلة فلو عذبه لكان عدلا والإنشاء للجنة لا ينافي الإنشاء للنار والله يفعل ما يشاء فلا حاجة إلى الحمل على الوهم قوله فيلقون فيها على صيغة المجهول قوله هل من مزيد قالها ثلاث مرات قال الزمخشري المزيد إما مصدر كالمجيد وإما اسم مفعول كالمبيع وقيل هذا استفهام إنكار وإنه لا يحتاج إلى زيادتها قوله حتى يضع فيها قدمه هذا لفظ من المتشابهات والحكم فيه إما التفويض وإما التأويل فقيل المراد به التقدم أي يضع الله فيها من قدمه لها من أهل العذاب أو ثمة مخلوق اسمه القدم أو وضع القدم عبارة عن الزجر والتسكين لها كما يقال جعلته تحت رجلي ووضعته تحت قدمي قوله ويرد ويروى يزوى أي يضم قوله قط قط قط ثلاث مرات كذا وقع في بعض النسخ وفي بعضها مرتين وهو الأظهر ومعنى قط حسب وتكرارها للتأكيد وهي ساكنة الطاء مخففة ويروى قطي قطي أي حسبي
7450 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( هشام ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه عن النبي قال ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته يقال لهم الجهنميون
انظر الحديث 6559
مطابقته للترجمة في قوله بفضل رحمته
وهشام هو ابن أبي عبد الله الدستوائي
والحديث بهذا الوجه من أفراده
قوله ليصيبن مؤكدة بالنون الثقيلة واللام فيه مفتوحة للتأكيد وقوله سفع بالرفع فاعله بفتح السين المهملة وسكون الفاء وبالعين المهملة وهو اللفح واللهب كذا قاله الكرماني وهو تفسير الشيء بما هو أخفى منه وقال ابن الأثير السفع علامة تغير ألوانهم يقال سفعت الشيء إذا جعلت عليه علامة يريد أثرا من النار قلت اللفح بفتح اللام وسكون الفاء وبالحاء المهملة حر النار ووهجها قوله عقوبة نصب على التعليل أي لأجل العقوبة قوله الجهنميون جمع جهنمي نسبة إلى جهنم
وقال همام حدثنا قتادة حدثنا أنس عن النبي

(25/137)


هذا طريق آخر في حديث أنس عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس وقيل هشام في بعض النسخ قال الكرماني قيل هو الصحيح والفرق بين الطريقين أن الأولى بلفظ العنعنة والثانية بلفظ التحديث وتعليق همام هذا تقدم موصولا في كتاب الرقاق
26 -
( باب قول الله تعالى إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا ولئن زالتآ إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا )
أي هذا باب في قول الله عز و جل أن الله الآية قوله أن تزولا أي كراهة أن تزول قاله الزمخشري والإمساك منع وعن ابن عباس أنه قال لرجل مقبل من الشام من لقيت به قال كعبا قال وما سمعته يقول قال سمعته يقول إن السموات على منكب ملك قال كذب كعب أما ترك يهوديته بعد ثم قرأ هذه الآية
7451 - حدثنا ( موسى ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) عن ( عبد الله ) قال جاء حبر إلى رسول الله فقال يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول بيده أنا الملك فضحك رسول الله وقال وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا مآ أنزل الله على بشر من شىء قل من أنزل الكتاب الذى جآء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا ءاباؤكم قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون
الله
مطابقته للترجمة تأتي من قوله إن الله يضع لأن معناه في الحقيقة يمسك لأنه جاء بلفظ يمسك في باب قوله قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى أستكبرت أم كنت من العالين وحديث الباب أيضا مر هناك مع شرحه
وموسى هو ابن إسماعيل وأبو عوانة الوضاح اليشكري والأعمش هو سليمان وإبراهيم هو النخعي وعلقمة هو ابن قيس وعبد الله هو ابن مسعود
قوله جاء حبر بفتح الحاء المهملة وجاء كسرها بعدها باء موحدة ساكنة ثم راء وذكر صاحب المشارق أنه وقع في بعض الروايات جاء جبريل عليه السلام قال وهو تصحيف فاحش
27 -
( باب ما جاء في خلق السماوات والأرض وغيرهما من الخلائق )
أي هذا باب في بيان ما جاء إلى آخره قوله في خلق السموات كذا في رواية الكشميهني وفي رواية الأكثرين في تخليق السموات والأول أولى وعليه شرح ابن بطال وغرضه في هذا الباب أن يعرفك أن السموات والأرض وما بينهما كل ذلك مخلوق لقيام دلائل الحدوث بها من الآيات الشاهدات من انتظام الحكمة وإيصال المعيشة فيهما وقام برهان العقل على أن لا خالق غير الله وبطل قول من يقول إن الطبائع خالقة للعالم وإن الأفلاك السبعة هي الفاعلة وإن الظلمة والنور خالقان وقول من زعم إن العرش هو الخالق وفسدت جميع هذه الأقوال بقيام الدليل على حدوث ذلك كله وافتقاره إلى محدث لاستحالة وجود محدث لا محدث له كاستحالة وجود مضروب لا ضارب له وكتاب الله عز و جل شاهد بصحة هذا وهو قوله تعالى ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السمآء والارض لا إلاه إلا هو فأنى تؤفكون فنفى كل خالق سواه والآيات فيه كثيرة
وهو فعل الرب تبارك وتعالى وأمره فالرب بصفاته وفعله وأمره وكلامه وهو الخالق هو المكون غير مخلوق وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول ومخلوق ومكون
وهو أي الخالق أو التخليق باعتبار الروايتين فعل الرب وأمره أي بقول كن قوله بصفاته كالقدرة وفعله أي خلقه قوله وكلامه من عطف العام على الخاص لأن المراد بالأمر هنا هو قوله كن وهو من جملة كلامه وسقط في بعض النسخ قوله وفعله قال الكرماني وهو أولى ليصح لفظ غير مخلوق قوله هو المكون بكسر الواو واختلف في التكوين هل هي صفة فعل قديمة أو حادثة فقال جمع من السلف منهم أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه هي قديمة وقال آخرون منهم ابن كلاب والأشعري هي حادثة لئلا يلزم أن يكون المخلوق قديما وأجابوا بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق قوله

(25/138)


وما كان بفعله وأمره الخ فائدة تكرار هذه الألفاظ بيان اتحاد معانيها وجواز الإطلاق عليه قوله مكون بفتح الواو المشددة
7452 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( محمد بن جعفر ) أخبرني ( شريك بن عبد الله ابن أبي نمر ) عن ( كريب ) عن ( ابن عباس ) قال بت في بيت ميمونة ليلة والنبي عندها لأنظر كيف صلاة رسول الله بالليل فتحدث رسول الله مع أهله ساعة ثم رقد فلما كان ثلث الليل الآخر أو بعضه قعد فنظر إلى السماء فقرأ إن في خلق السموات والأرض إلى قوله لأولي الألباب ثم قام فتوضأ واستن ثم صلى إحدى عشرة ركعة ثم أذن بلال بالصلاة فصلى ركعتين ثم خرج فصلى للناس الصبح
الله
مطابقته للترجمة في الآية ظاهرة
وقد مضى هذا الحديث بهذا السند والمتن في تفسير سورة آل عمران وكرره لأجل الترجمة
قوله أو بعضه وفي رواية الكشميهني أو نصفه قوله واستن أي استاك
28 -
( باب ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين )
أي هذا باب في قوله عز و جل ؤ إ الآية الكلمة التي سبقت هي كلمة الله بالقضاء المتقدم منه قبل أن يخلق خلقه في أم الكتاب الذي جرى به القلم للمرسلين أنهم لهم المنصورون في الدنيا والآخرة
7453 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي
الله
مطابقته للترجمة في قوله سبقت
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث أخرجه النسائي في النعوت عن شعيب بن شعيب
قوله لما قضى الله الخلق أي لما أتمه كتب عنده أي أثبت في اللوح المحفوظ قيل صفاته تعالى قديمة كيف يتصور السبق بين الرحمة والغضب وأجيب بأنهما من صفات الفعل لا من صفات الذات فجاز سبق أحد الفعلين على الآخر وذلك لأن إيصال الخير من مقتضيات صفته بخلاف غيره فإنه بسبب معصية العبد
7454 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( الأعمش ) سمعت ( زيد بن وهب ) سمعت ( عبد الله بن مسعود ) رضي الله عنه حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما وأربعين ليلة ثم يكون علقة مثله ثم يكون مضغة مثله ثم يبعث إليه الملك فيؤذن بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ثم ينفخ فيه الروح فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها
مطابقته للترجمة في قوله فيسبق عليه الكتاب
وآدم هو ابن أبي إياس
والحديث مضى في كتاب بدء الخلق عن الحسن بن الربيع وفي خلق آدم عن عمر بن حفص وفي القدر عن أبي الوليد ومضى الكلام فيه
قوله الصادق أي في نفسه والمصدق من عند الله قوله يجمع معنى جمعها هو أن النطفة إذا وقعت في الرحم وأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في أطراف المرأة

(25/139)


تحت كل شعرة وظفر فيمكث أربعين يوما ثم ينزل دما في الرحم فذلك هو معنى جمعها قوله الكتاب أي ما قدر عليه قوله إلا ذراع المراد به التمسك بقربه إلى الموت
وفيه أن الأعمال من الحسنات والسيئات إمارات لا موجبات وأن مصير الأمر في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به التقدير
7455 - حدثنا ( خلاد بن يحياى ) حدثنا ( عمر بن ذر ) سمعت أبي يحدث عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أن النبي قال يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزلت وما تنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا إلى آخر الآية
قال هاذا كان الجواب لمحمد
انظر الحديث 3218 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذالك وما كان ربك نسيا لأن المراد بأمر ربك بكلامه وقيل هي مستفادة من التنزل لأنه إنما يكون بكلمات أي بوحيه
وشيخ البخاري خلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي سكن مكة وعمر بن ذر بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء الهمداني الكوفي يروي عن أبيه ذر بن عبد الله الهمداني الكوفي
والحديث مضى في تفسير سورة مريم فإنه أخرجه هناك عن أبي نعيم عن عمر بن ذر إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله له ما بين أيدينا أمر الآخرة وما خلقنا أمر الدنيا وما بين ذلك البرزخ بين الدنيا والآخرة
قوله هذا كان الجواب لمحمد هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره كان هذا الجواب لمحمد وهذا المقدار زائد على الرواية الماضية في التفسير
7456 - حدثنا يحيى حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت أمشي مع رسول الله في حرث بالمدينة وهو متكىء على عسيب فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه عن الروح فسألوه فقام متوكئا على العسيب وأنا خلفه فظننت أنه يوحى إليه فقال ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ومآ أوتيتم من العلم إلا قليلا فقال بعضهم لبعض قد قلنا لكم لا تسألوه
الله
هذا الحديث مضى في كتاب العلم وترجم عليه بقوله وما أوتيتم ومن العلم إلا قليلا ولم أر أحدا من الشراح ذكر وجه المطابقة هنا وخطر لي أن تؤخذ وجه المطابقة من قوله الآية فإن فيها من أمر ربي وإنه قد سبق في علم الله تعالى أن أحدا لا يعلمه ما هو وأن علمه عند الله
وشيخ البخاري ( يحيى ) قال الكرماني هو إما ابن موسى الختن بالخاء المعجمة وتشديد الفوقانية وإما ابن جعفر البلخي وجزم به بعضهم بأنه ابن جعفر ولا دليل على جزمه عند الاحتمال القوي
قوله في حرث بالثاء المثلثة هو الزرع وفي الرواية المتقدمة في العلم في خرب بفتح المعجمة وكسر الراء وبالباء الموحدة قوله وهو متكىء الواو فيه للحال قوله على عسيب بفتح العين المهملة وكسر السين المهملة القضيب وربما يكون من جريد قوله فظننت قال الداودي معناه أيقنت والظن يكون يقينا وشكا وهو من الأضداد ويدل على صحة هذا التأويل أن في الحديث الذي بعد هذا فعلمت أنه يوحى إليه ويجوز أن يكون هذا الظن على بابه ويكون ظن ثم تحققه وهو الأظهر
7457 - حدثني ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله

(25/140)


وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وتصديق كلماته
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وقد مر بقية الرجال عن قريب
والحديث مضى في الخمس عن إسماعيل أيضا وأخرجه النسائي في الجهاد عن محمد بن مسلمة وغيره
قوله تكفل الله من باب التشبيه أي كالكفيل أي كأنه أكرم بملابسة الشهادة إدخال الجنة وبملابسة السلامة المرجع بالأجر والغنيمة أي أوجب تفضلا على ذاته يعني لا يخلو من الشهادة أو السلامة فعلى الأول يدخل الجنة بعد الشهادة في الحال وعلى الثاني لا ينفك عن أجر أو غنيمة مع جواز الاجتماع بينهما إذ هي قضية مانعة الخلو لا مانعة الجمع وقال الكرماني المؤمنون كلهم يدخلهم الجنة ثم أجاب بقوله يعني يدخله عند موته أو عند دخول السابقين بلا حساب ولا عذاب قوله أو يرجعه بفتح الياء لأنه متعد
7458 - حدثنا ( محمد بن كثير ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( أبي موسى ) قال جاء رجل إلى النبي فقال الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لتكون كلمة الله
وسفيان هو ابن عيينة والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في الجهاد في باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن عمرو عن أبي وائل الخ
قوله حمية أي أنفة ومحافظة على ناموسه قوله لتكون كلمة الله أي كلمة التوحيد أو حكم الله بالجهاد
(
( باب قول الله تعالىإنما قولنا لشيء إذا أردناه )
أي هذا باب في قول الله تعالى وقد وقع في كثير من النسخ إنما أمرنا لشيء والقرآن نن وكذا في نسختنا وكذا وقع على الصواب بب عند أبي ذر وعليه شرح ابن التين ثم الترجمة هذا المقدار المذكور عند أبي ذر وزاد غيره إنما قولنا لشىء إذآ أردناه أن نقول له كن فيكون ونقص في رواية أبي زيد المروزي إذا أردنا ومعنى الآية إنما قولنا لشيء إذا أردنا أن نخرجه من العدم إلى الوجود قوله فيكون قال سيبويه فهو يكون وقال الأخفش هو معطوف على نقول وغرض البخاري في هذا الباب الرد على المعتزلة في قولهم إن أمر الله الذي هو كلامه مخلوق وإن وصفه تعالى نفسه بالأمر وبالقول في هذه الآية مجاز واتساع كما في امتلأ الحوض ومال الحائط وهذا الذي قالوه فاسد لأنه عدول عن ظاهر الآية وحملها على حقيقتها إثبات كونه تعالى حيا والحي لا يستحيل أن يكون متكلما
7458 - حدثنا ( محمد بن كثير ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( أبي موسى ) قال جاء رجل إلى النبي فقال الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لتكون كلمة الله
وسفيان هو ابن عيينة والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في الجهاد في باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن عمرو عن أبي وائل الخ
قوله حمية أي أنفة ومحافظة على ناموسه قوله لتكون كلمة الله أي كلمة التوحيد أو حكم الله بالجهاد
(
( باب قول الله تعالىإنما قولنا لشيء إذا أردناه )
أي هذا باب في قول الله تعالى وقد وقع في كثير من النسخ إنما أمرنا لشيء والقرآن نن وكذا في نسختنا وكذا وقع على الصواب بب عند أبي ذر وعليه شرح ابن التين ثم الترجمة هذا المقدار المذكور عند أبي ذر وزاد غيره إنما قولنا لشىء إذآ أردناه أن نقول له كن فيكون ونقص في رواية أبي زيد المروزي إذا أردنا ومعنى الآية إنما قولنا لشيء إذا أردنا أن نخرجه من العدم إلى الوجود قوله فيكون قال سيبويه فهو يكون وقال الأخفش هو معطوف على نقول وغرض البخاري في هذا الباب الرد على المعتزلة في قولهم إن أمر الله الذي هو كلامه مخلوق وإن وصفه تعالى نفسه بالأمر وبالقول في هذه الآية مجاز واتساع كما في امتلأ الحوض ومال الحائط وهذا الذي قالوه فاسد لأنه عدول عن ظاهر الآية وحملها على حقيقتها إثبات كونه تعالى حيا والحي لا يستحيل أن يكون متكلما
7458 - حدثنا ( محمد بن كثير ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( أبي موسى ) قال جاء رجل إلى النبي فقال الرجل يقاتل حمية ويقاتل شجاعة ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لتكون كلمة الله
وسفيان هو ابن عيينة والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في الجهاد في باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن عمرو عن أبي وائل الخ
قوله حمية أي أنفة ومحافظة على ناموسه قوله لتكون كلمة الله أي كلمة التوحيد أو حكم الله بالجهاد
(
( باب قول الله تعالىإنما قولنا لشيء إذا أردناه )
أي هذا باب في قول الله تعالى وقد وقع في كثير من النسخ إنما أمرنا لشيء والقرآن نن وكذا في نسختنا وكذا وقع على الصواب بب عند أبي ذر وعليه شرح ابن التين ثم الترجمة هذا المقدار المذكور عند أبي ذر وزاد غيره إنما قولنا لشىء إذآ أردناه أن نقول له كن فيكون ونقص في رواية أبي زيد المروزي إذا أردنا ومعنى الآية إنما قولنا لشيء إذا أردنا أن نخرجه من العدم إلى الوجود قوله فيكون قال سيبويه فهو يكون وقال الأخفش هو معطوف على نقول وغرض البخاري في هذا الباب الرد على المعتزلة في قولهم إن أمر الله الذي هو كلامه مخلوق وإن وصفه تعالى نفسه بالأمر وبالقول في هذه الآية مجاز واتساع كما في امتلأ الحوض ومال الحائط وهذا الذي قالوه فاسد لأنه عدول عن ظاهر الآية وحملها على حقيقتها إثبات كونه تعالى حيا والحي لا يستحيل أن يكون متكلما
7459 - حدثنا ( شهاب بن عباد ) حدثنا ( إبراهيم بن حميد ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) عن ( المغيرة بن شعبة ) قال سمعت النبي يقول لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله
انظر الحديث 3640 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله حتى يأتيهم أمر الله
وشهاب بن عباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة الكوفي وإبراهيم بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي الكوفي يروي عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي الكوفي عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة
والحديث مضى في الاعتصام في باب لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق
قوله ظاهرين أي غالبين على سائر الناس بالبرهان أو به أو بالسنان قوله على الناس ويروى على الخلق وقال البخاري فيما مضى وهم أهل العلم قوله حتى يأتيهم أمر الله أي يوم القيامة أو علاماتها

(25/141)


7460 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( الوليد بن مسلم ) حدثنا ( ابن جابر ) حدثني ( عمير بن هانىء ) أنه سمع ( معاوية ) قال سمعت النبي يقول لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ما يضرهم من كذبهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك
فقال مالك بن يخامر سمعت معاذا يقول وهم بالشأم فقال معاوية هاذا مالك يزعم أنه سمع معاذا يقول وهم بالشأم
الله
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق
والحميدي هو عبد الله بن الزبير منسوب إلى أجداده حميد والوليد بن مسلم الأموي الدمشقي وابن جابر هو عبد الرحمن بن زيد بن جابر الأسدي الشامي وعمير مصغر عمرو بن هانىء بالنون بعد الألف الشامي
والحديث مضى في علامات النبوة في باب سؤال المشركين أن يريهم النبي آية بهذا السند والمتن ومضى الكلام فيه هناك
قوله قائمة بأمر الله يعني بحكم الله يعني الحق قوله حتى يأتي أمر الله يعني القيامة قوله وهم على ذلك الواو فيه للحال وقال الكرماني المعرفة إذا أعيدت معرفة تكون عين الأولى ثم أجاب بأنه إذا لم تكن قرينة موجبة للمغايرة أو ذلك إنما هو في المعرف باللام فقط
قوله فقال مالك بن يخامر بضم الياء آخر الحروف وبالخاء المعجمة وكسر الميم وبالراء الشامي قوله معاذا يعني معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه
7461 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( عبد الله بن أبي حسين ) حدثنا ( نافع بن جبير ) عن ( ابن عباس ) قال وقف النبي على مسيلمة في أصحابه فقال لو سألتني هاذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله
الله
مطابقته للترجمة في قوله ولن تعدو أمر الله فيك
وأبو اليمان الحكم بن نافع وعبد الله بن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي القرشي النوفلي ونافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس
والحديث مضى في علامات النبوة بهذا الإسناد بعينه بأتم وأطول منه وأوله قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقد بثها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه رسول الله ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله الحديث
قوله ولن تعدو أمر الله فيك أي ما قدره عليك من الشقاوة أو السعادة قوله ولئن أدبرت أي أعرضت عن الإسلام ليعقرنك الله أي ليهلكنك وقيل أصله من عقر النخل وهو أن تقطع رؤوسها فتيبس ويروى ليعذبنك الله
7462 - حدثنا موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال بينا أنا أمشي مع النبي في بعض حرث المدينة وهو يتوكأ على عسيب معه فمررنا على نفر من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه أن يجيء فيه بشيء تكرهونه فقال بعضهم لنسألنه فقام إليه رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح فسكت عنه النبي فعلمت أنه يوحاى إليه فقال ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ومآ أوتيتم من العلم إلا قليلا
قال الأعمش هاكذا في قراءتنا
الله

(25/142)


هذا الحديث قد مضى قبل هذا الباب عن قريب أخرجه عن يحيى عن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن عبد الله وهنا أخرجه عن ( موسى بن إسماعيل ) البصري الذي يقال له التبوذكي و ( عبد الواحد ) هو ابن زياد يروي عن سليمان ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) النخعي عن ( علقمة ) عن قيس عن عبد الله بن مسعود
قوله في بعض حرث أي زرع ويروى في خرب بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء وقد تقدم هذا عن قريب قوله سلوه عن الروح اختلفوا في الروح المسؤول عنها فقيل هي الروح التي تقوم بها الحياة وقيل الروح المذكورة في قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا والأول هو الظاهر قوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني وما أوتيتم على وفق القراءة المشهورة ويؤيد الأول قول الأعمش هكذا في قراءتنا وقال ابن بطال غرضه الرد على المعتزلة في زعمهم أن أمر الله مخلوق فبين أن الأمر هو قوله تعالى للشيء كن فيكون وغيرها بأمره له فإن أمره وقوله بمعنى واحد وإنه بقول كن حقيقة وإن الأمر غير الخلق لعطفه عليه بالواو في قولهألا له الخلق والأمر
30 -
( باب قول الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا ياأيها النبى إنآ أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا
إن ربكم الله الذى خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين )
هذا باب في قول الله عز و جل الخ قوله تعالى قل لو كان البشر ساق الآية كلها في رواية كريمة وفي رواية أبي زيد المروزي قل لو كان البشر مدادا لكلمات ربي إلى آخر الآية وسبب نزوله أن اليهود قالوا لما نزل قوله آ أ ؤ إ ئ الله 0الإسراء85ف كيف وقد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء فنزلت هذه الآية والمعنى لو كان البحر مدادا للقلم والقلم يكتب لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لأنها أعظم من أن يكون لها أمد لأنها صفة من صفات ذاته فلا يجوز أن يكون لها غاية ومنتهى وأخرج عبد الرزاق في تفسيره من طريق أبي الجوزاء لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحور مدادا لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل أن تنفد كلمات الله تعالى وعن معمر عن قتادة إن المشركين قالوا في هذا القرآن يوشك أن ينفد فنزلت والنفاد الفراغ وسمي المداد مدادا لإمداده الكاتب وأصله من الزيادة فإن قلت الكلمات لأقل العدد وأقلها عشرة فما دونها فكيف جاء هنا قلت العرب تستغني بالجمع القليل عن الكثير وبالعكس قال تعالى وهم في الفرقان آمنون وغرف الجنة أكثر من أن تحصى قوله أي بمثل البحر زيادة فإن قلت قال في أول الآية مدادا وفي آخرها مددا وكلاهما بمعنى واشتقاقهما غير مختلف قلت لأن الثانية آخر الآية فروعي فيها السجع وهو الذي يقال في القرآن الفواصل وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة مدادا مثل الأول
قوله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام الآية وسبب نزول هذه الآية أن المشركين قالوا القرآن كلام قليل يوشك أن ينفد فنزلت ومعنى الآية لو كان شجر الأرض أقلاما وكان البحر ومعه سبعة أبحر مدادا ما نفدت كلمات الله وقيل فيه حذف تقديره فكتبت بهذه الأقلام وهذه الأبحر كلمات الله تعالى لتكسرت الأقلام ونفدت البحور ولم تنفد كلمات الله قوله من بعده أي من خلفه تكتب وقال أبو عبيدة البحر هنا العذب فأما الملح فلا تثبت فيه الأقلام
قوله إن ربكم الله الذي خلق السماوات الآية بين الله عز و جل أن المنفرد بقدرة الإيجاد هذا الذي يجب أن يعبد دون غيره واختلفوا أي يوم بدأ بالخلق على ثلاثة أقوال أحدها يوم السبت كما جاء في صحيح مسلم والثاني يوم الأحد قاله عبد الله بن سلام وكعب والضحاك ومجاهد واختاره ابن جرير الطبري وبه يقول أهل التوراة الثالث يوم الاثنين قاله إسحاق وبه يقول أهل الإنجيل ومعنى

(25/143)


قوله ههه أي مقدار ذلك لأن اليوم يعرف بطلوع الشمس وغروبها ولم يكن يومئذ شمس ولا قمر والحكمة في خلقها في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة واحدة لوجوه الأول أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمرا تستعظمه الملائكة ومن يشاهده وهذا عند من يقول خلق الملائكة قبل السموات والأرض والثاني ليعلم عباده التثبت في الأمور فالتثبت أبلغ في الحكمة والتعجيل أبلغ في القدرة الثالث أن الإمهال في خلق شيء بعد شيء أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق الرابع ليعلمنا بذلك الحساب لأن أصل الحساب من ستة ومنه يتفرع سائر الأعداد قوله ثم استوى على العرش قد ذكرنا معنى الاستواء عن قريب وخص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات والعرش في اللغة السرير قاله الخليل قوله يغشى الليل والنهار الإغشاء إلباس الشيء الشيء وقال الزجاج المعنى أن الليل يأتي على النهار فيغطيه وإنما لم يقل ويغشى النهار الليل لأن في الكلام دليلا عليه كقوله والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون قال في موضع آخر خلق السماوات والارض بالحق يكور اليل على النهار ويكور النهار على اليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لاجل مسمى ألا هو العزيز الغفار قوله يطلبه حثيثا أي يطلب الليل النهار محثوثا أي بالسرعة قوله مسخرات أي مذللات لما يراد منهن من طلوع وأفول وسير على حسب الإرادة قوله ألا له الخلق والأمر والغرض من إيراد الآية هنا هو أن يعلم أن الأمر غير الخلق لأن بينهما حرف العطف وعن ابن عيينة فرق بين الخلق والأمر فمن جمع بينهما فقد كفر أي من جعل الأمر من جملة ما خلقه فقد كفر وفيه خلاف المعتزلة ومعنى هذا الباب إثبات الكلام لله تعالى صفة لذاته ولم يزل متكلما ولا يزال كمعنى الباب الذي قبله وإن كان وصف الله كلامه بأنه كلمات فإنه شيء واحد لا يتجزىء ولا ينقسم وكذلك يعبر عنه بعبارات مختلفة تارة عربية وتارة سريانية وبجميع الألسنة التي أنزلها الله على أنبيائه وجعلها عبارة عن كلامه القديم الذي لا يشبه كلام المخلوقين ولو كانت كلماته مخلوقة لنفدت كما ينفد البحار والأشجار وجميع المحدثات فكما لا يحاط بوصفه تعالى كذلك لا يحاط بكلماته وجميع صفاته
7463 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( أبي الزنادد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرده إلى مسكنه بما نال من أجر أو غنيمة
الله
مطابقته للترجمة في قوله وتصديق كلمته وفي رواية عن أبي ذر كلماته بصيغة الجمع
والحديث مر عن قريب بشرحه وأخرجه هناك عن إسماعيل عن مالك
31 -
( باب في المشيئة والإرادة وما تشاؤون إلا أن يشاء الله )
أي هذا باب في ذكر المشيئة والإرادة قال الراغب المشيئة عند الأكثر كالإرادة سواء وقال الكرماني وللإرادة تعريفات مثل اعتقاد النفع في الفعل أو تركه والأصح أنها صفة مخصصة لأحد طرفي المقدر بالوقوع والمشيئة ترادفها وقيل هي الإرادة المتعلقة بأحد الطرفين وفي التوضيح معنى الباب إثبات المشيئة والإرادة لله تعالى وأن مشيئته وإرادته ورحمته وغضبه وسخطه وكراهته كل ذلك بمعنى واحد أسماء مترادفة وهي راجعة كلها إلى معنى الإرادة كما يسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة وإرادته تعالى صفة من صفات ذاته خلافا لمن يقول من المعتزلة إنها مخلوقة من أوصاف أفعاله
وقوله تعالى قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشآء وتنزع الملك ممن تشآء وتعز من تشآء وتذل من تشآء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير إلا أن يشآء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربى لاقرب من هاذا رشدا إنك لا تهدى من أحببت ولاكن الله يهدى من يشآء وهو أعلم بالمهتدين

(25/144)


وقوله بالجر عطف على قوله في المشيئة والإرادة وهذه الآيات تدل على إثبات الإرادة لله تعالى والمشيئة وأن العباد لا يريدون شيئا إلا وقد سبقت إرادة الله تعالى به وأنه خالق لأعمالهم طاعة كانت أو معصية فإن قلت شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون يدل على أنه لا يريد المعصية قلت ليس هذا على العموم وإنما هو خاص فيمن ذكر ولم يكلفه ما لا يطيق فعله وهذا من المؤمنين المفترض عليهم الصيام فالمعنى يريد الله بكم اليسر الذي هو التخيير بين صومكم في السفر وإفطاركم فيه ولا يريد بكم العسر الذي هو إلزامكم الصوم في السفر وكذلك تأويل قوله تعالى إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور فإنه على الخصوص في المؤمنين الذين أراد منهم الإيمان فكان ما أراده منهم ذلك لا الكفر فلم يكن
قال سعيد بن المسيب عن أبيه نزلت في أبي طالب
أي قال سعيد عن أبيه المسيب بن حزن القرشي المخزومي وكان سعيد ختن أبي هريرة على ابنته وأعلم الناس بحديث أبي هريرة والمسيب شهد بيعة الرضوان وسمع النبي في مواضع تقدم موصولا بتمامه في تفسير سورة القصص وكان النبي حريصا على إسلام أبي طالب
( باب شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )
جعل ابن بطال هذا الباب بابين وساق الأول إلى قوله قال سعيد بن المسيب نزلت في أبي طالب ثم ترجم باب ثم ساق فيه الأحاديث وقد تعلقت المعتزلة بهذه الآية على أن الله تعالى لا يريد المعصية وقد ذكرنا الجواب آنفا
7464 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) قال قال رسول الله إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء ولا يقولن أحدكم إن شئت فأعطني فإن الله لا مستكره له
انظر الحديث 6338
مطابقته للترجمة في قوله إن شئت
وعبد الوارث بن سعيد البصري وعبد العزيز بن صهيب البصري عن أنس بن مالك
والحديث مضى في الدعوات عن مسدد أيضا في باب ليعزم المسألة فإنه لا مكره له
قوله فاعزموا من عزمت عليه إذا أردت فعله وقطعت عليه أي فاقطعوا بالمسألة ولا تعلقوها بالمشيئة وقيل العزم بالمسألة الجزم بها من غير ضعف في الطلب وقيل هو حسن الظن بالله في الإجابة وقيل في التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب ومنه وعن المطلوب قوله لا مستكره له أي لأن التعليق يوهم إمكان إعطائه على غير المشيئة وليس بعد المشيئة إلا الإكراه والله لا مكره له
7465 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وحدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( أخي عبد الحميد ) عن ( سليمان ) عن ( محمد بن أبي عتيق ) عن ( ابن شهاب ) عن ( علي بن حسين ) أن ( حسين بن علي ) ( عليهما السلام ) أخبره أن ( علي بن أبي طالب ) أخبره أن رسول الله طرقه وفاطمة بنت رسول الله ليلة فقال لهم ألا تصلون قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله حين قلت ذالك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا
مطابقته للترجمة في قوله إذا شاء
أخرجه من طريقين الأول عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة

(25/145)


عن محمد بن مسلم الزهري والثاني عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق الصديق التيمي عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في كتاب الاعتصام في باب قوله تعالى ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا فإنه أخرجه هناك من طريقين أحدهما عن أبي اليمان عن شعيب والآخر عن محمد بن سلام عن عتاب بن بشير ومضى الكلام فيه هناك
قاله من الطروق وهو المجيء بالليل أي طرق عليا وقوله وفاطمة بالنصب عطف عليه قوله لهم إنما جمع الضمير باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو أراد عليا وفاطمة ومن معهما قوله إن يبعثنا أي من النوم إلى الصلاة قوله وهو مدبر أي مول ظهره وفي ضرب رسول الله فخذه وقراءته الآية إشارة إلى أن الشخص يجب عليه متابعة أحكام الشريعة لا ملاحظة الحقيقة ولهذا جعل جوابه من باب الجدل
7466 - حدثنا ( محمد بن سنان ) حدثنا ( فليح ) حدثنا ( هلال بن علي ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال مثل المؤمن كمثل خامة الزرع يفيء ورقه من حيث أتتها الريح تكفئها فإذا سكنت اعتدلت وكذالك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء
انظر الحديث 5644
مطابقته للترجمة في قوله إذا شاء وفليح مصغرا ابن سليمان
والحديث مضى في أوائل كتاب الطلب فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه عن هلال بن علي إلى آخره
قوله خامة الزرع بتخفيف الميم أول ما ينبت على ساق أو الطاقة الغضة الرطبة منه قوله يفيء بالفاء أي يتحول ويرجع قوله أتتها من الإتيان قوله تكفئها أي تقلبها وتحولها قوله يكفأ على صيغة المجهول قوله الأرزة بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الزاي وهو شجر الصنوبر وقيل بفتح الراء وهو الشجر الصلب قوله صماء أي الصلبة ليست بجوفاء ولا رخوة قوله يقصمها بالقاف وبالصاد المهملة المكسورة أي يكسرها
7467 - حدثنا ( الحكم بن نافع ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( سالم بن عبد الله ) أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله وهو قائم على المنبر يقول إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين قال أهل التوراة ربنا هاؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا قال هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا لا فقال فذالك فضلي أوتيه من أشاء
الله
مطابقته للترجمة في قوله من أشاء
والحديث مضى في كتاب الصلاة في بيان من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب فإنه أخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله مضى الكلام فيه
قوله فيما سلف أي في جملة ما سلف أي نسبة زمانكم إلى زمانهم كنسبة وقت العصر إلى تمام النهار والقيراط مختلف فيه عند الأقوام ففي مكة ربع سدس الدينار وفي موضع

(25/146)


آخر نصف عشر الدينار وهلم جرا والمراد به هاهنا النصف وكرر ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم قوله فلذلك إشارة إلى الكل أي كله فضلي
7468 - حدثنا ( عبد الله المسندي ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أبي إدريس ) عن ( عبادة بن الصامت ) قال بايعت رسول الله في رهط فقال أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرفوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذالك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو له كفارة وطهور ومن ستره الله فذالك إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له
الله
مطابقته للترجمة في آخر الحديث
وشيخ البخاري هو عبد الله بن محمد المسندي بفتح النون قيل له ذلك لأنه كان وقت الطلب يتتبع الأحاديث المسندة ولا يرغب في المقاطيع والمراسيل وهشام هو ابن يوسف الصنعاني اليماني قاضيها ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وأبو إدريس عائذ الله بالذال المعجمة الخولاني
والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب مجرد بعد باب علامة الإيمان
قوله في رهط وهم النقباء الذين بايعوا ليلة العقبة بمنى قبل الهجرة قوله تفترونه قد مر تفسير البهتان قوله بين أيديكم وأرجلكم تأكيد لما قبله ومعناه من قبل أنفسكم واليد والرجل كنايتان عن الذات لأن معظم الأفعال تقع بهما وقد بسطنا الكلام في باب مجرد بعد باب علامة الإيمان حب الأنصار قوله فأخذ على صيغة المجهول أي عوقب به قوله وطهور أي مطهر لذنوبه
7469 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( وهيب ) عن ( أيوب ) عن ( محمد ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنها أن نبي الله سليمان عليه السلام كان له ستون امرأة فقال لأطوفن الليلة على نسائي فلتحملن كل امرأة ولتلدن فارسا يقاتل في سبيل الله فطاف على نسائه فما ولدت منهن إلا امرأة ولدت شق غلام قال نبي الله لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله
الله
مطابقته للترجمة في قوله استثنى لأن المراد منه لو قال إن شاء الله بحسب اللغة
ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن سيرين
والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب من طلب الولد للجهاد وفي أحاديث الأنبياء في باب قول الله تعالى ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب
قوله كان له ستون امرأة لفظ ستون لا ينافي ما تقدم من سبعين وتسعين إذ مفهوم العدد لا اعتبار له قوله شق غلام أي نصف غلام قيل هو ما قال تعالى ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب
7470 - حدثنا ( محمد ) حدثنا ( عبد الوهاب الثقفي ) حدثنا ( خالد الحذاء ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أن رسول الله دخل على أعرابي يعوده فقال لا بأس عليك طهور إن شاء الله قال قال الأعرابي طهور بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور قال النبي فنعم إذا
مطابقته للترجمة في قوله إن شاء الله
وشيخ البخاري محمد قال ابن السكن محمد بن سلام وقال الكلاباذي يروي

(25/147)


البخاري في الجامع عنه وعن ابن بشار وعن ابن المثنى وعن ابن حوشب بالمهملة والمعجمة عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي
والحديث مضى في علامات النبوة عن معلى بن أسد وفي الطب عن إسحاق عن خالد
قوله يعوده من عاد المريض إذا زاره قوله لا بأس طهور أي هذا المرض مطهر لك من الذنوب قوله قال الأعرابي طهور قوله هذا استبعاد للطهارة منه فلذلك قال بل هي حمى تفور من الفوران وهو الغليان قوله تزيره من أزاره إذا حمله على الزيارة والضمير المرفوع فيه يرجع إلى الحمى والمنصوب إلى الأعرابي والقبور منصوب على المفعولية وهذه اللفظة كناية عن الموت
7471 - حدثنا ( ابن سلام ) أخبرنا ( هشيم ) عن ( حصين ) عن ( عبد الله بن أبي قتادة ) عن أبيه حين ناموا عن الصلاة قال النبي إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء فقضوا حوائجهم وتوضأ إلى أن طلعت الشمس وابيضت فقام فصلى
انظر الحديث 595
مطابقته للترجمة في قوله حين شاء في الموضعين
وابن سلام هو محمد وهشيم مصغرا ابن بشير وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن أبي قتادة يروي عن أبيه أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي
ومضى الحديث في كتاب الصلاة في باب الأذان بعد ذهاب الوقت وهنا ذكره مختصرا وهناك ذكره بأتم من هنا
قوله إن الله قبض أرواحكم إنما قال النبي هذا في سفرة من الأسفار واختلفوا في هذه السفرة ففي مسلم في حديث أبي هريرة عند رجوعهم من خيبر وفي حديث ابن مسعود عند أبي داود في سفرة الحديبية أقبل النبي من الحديبية ليلا فنزل فقال من يكلأ فقال بلال أنا الحديث وفي حديث زيد بن أسلم مرسلا أخرجه مالك في الموطأ عرس رسول الله ليلا بطريق مكة وكذا في حديث عطاء بن يسار مرسلا رواه عبد الرزاق أن ذلك كان بطريق تبوك وفي التوضيح في قوله إن الله قبض أرواحكم دليل على أن الروح هو النفس وهو قول أكثر الأئمة وقال ابن حبيب وغيره الروح بخلافها فالروح هو النفس المتردد الذي لا يبقى بعده حياة والنفس هي التي تلذ وتتألم وهي التي تتوفى عند النوم فسمى النبي ما يقبضه في النوم روحا وسماه الله في كتابه نفسا في قوله ل م ن ه و ى الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الاخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون قوله عن الصلاة أي صلاة الصبح قوله وتوضأوا بلفظ الماضي قوله وابيضت أي ارتفعت قوله فصلى أي الصلاة الفائتة قضاء قيل كذا قال هنا وقال في خبر بلال حين كلأهم لم يوقظهم إلا الشمس وقال الداودي إما أن يكون هذا يوما آخر أو يكون في أحد الخبرين وهم قلت مر الكلام فيه في كتاب الصلاة
7472 - حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة والأعرج وحدثنا إسماعيل حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمان وسعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم والذي اصطفى محمدا على العالمين في قسم يقسم به فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهودي فذهب اليهودي إلى رسول الله فأخبره بالذي كان من أمره وأمر المسلم فقال النبي لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله
الله

(25/148)


مطابقته للترجمة ظاهرة تؤخذ من قوله ممن استثنى الله لأنه أشار به إلى قوله تعالى ونفخ فى الصور فصعق من فى السماوات ومن فى الارض إلا من شآء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون
وأخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن ( يحيى بن قزعة ) عن إبراهيم بن سعد بن ( إبراهيم ) ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الرحمن بن هرمز هو الأعرج عن أبي هريرة والآخر عن إسماعيل ابن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق وهو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق واسم أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه عن ( ابن شهاب ) الزهري عن ( أبي سلمة ) المذكور عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
والحديث مضى في الخصومات ومضى الكلام فيه
قوله استب بمعنى تساب رجل من المسلمين ورجل من اليهود قوله لا تخيروني أي لا تجعلوني خيرا منه ولا تفضلوني عليه قاله تواضعا أو قبل علمه بأنه سيد ولد آدم أو لا تخيروني بحيث يؤدي إلى الخصومة أو إلى نقض الغير قوله يصعقون بفتح العين من صعق بكسرها إذا أغمي عليه أو هلك قوله باطش أي متعلق به بالقوة قابض بيده ولا يلزم من تقدم موسى عليه السلام بهذه الفضيلة تقدمه على سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مطلقا إذ الاختصاص بفضيلة لا يستلزم الأفضلية على الإطلاق قوله استثنى الله في قوله ونفخ فى الصور فصعق من فى السماوات ومن فى الارض إلا من شآء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون
7473 - حدثنا ( إسحاق بن أبي عيسى ) أخبرنا ( يزيد بن هارون ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه قال قال رسول الله المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله
مطابقته للترجمة في قوله إن شاء الله
وإسحاق بن أبي عيسى اسمه جبريل وليس له إلا هذه الرواية
والحديث مضى في الفتن عن يحيى بن موسى
قوله يأتيها الدجال أي يقصد إتيانها وقال الكرماني مر هذا الحديث في آخر الحج قلت لم يمر في آخر الحج بهذا الإسناد عن أنس ومضى في آخر الحج عن أبي بكرة وأبي هريرة وغفل عن كتاب الفتن
7474 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) حدثني ( أبو أسامة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) قال قال رسول الله لكل نبي دعوة فأريد إن شاء الله أن أختبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة
انظر الحديث 6304
مطابقته للترجمة في قوله إن شاء الله
ورجاله قد ذكروا عن قريب غير مرة والحديث أخرجه في كتاب الدعوات
قوله دعوة أي دعوة متحققة الإجابة متيقنة القبول
7475 - حدثنا ( يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( الزهري ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله بينا أنا نائم رأيتني على قليب فنزعت ما شاء الله أن أنزع ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها عمر فاستحالت غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس حوله بعطن
مطابقته للترجمة في قوله ما شاء الله
ويسرة بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة والراء ابن صفوان بن جميل بالجيم المفتوحة اللخمي بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة وبالميم نسبة إلى لخم وهو مالك بن عدي بن الحارث بن مرة قال ابن السمعاني لخم وجذام قبيلتان من اليمن
والحديث مضى في مناقب عمر رضي الله تعالى عنه
قوله رأيتني بالجمع بين ضميري

(25/149)


المتكلم أي رأيت نفسي قوله على قليب هو البئر وابن أبي قحافة هو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأبو قحافة بضم القاف وتخفيف الحاء المهملة واسمه عمارة واسم أبي بكر عبد الله قوله ذنوبا بفتح الذال المعجمة الدلو المملوء والغرب بفتح الغين وسكون الراء الدلو العظيم قوله فاستحالت أي تحولت من الصغر إلى الكبر قوله عبقريا بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وهو السيد قوله يفري بفتح الياء آخر الحروف وسكون الفاء وكسر الراء قوله فريه بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف أي لم أر سيدا يعمل مثل عمله في غاية الإجادة ونهاية الإصلاح قوله بعطن هو الموضع الذي تساق إليه الإبل بعد السقي للاستراحة ومن أراد أن يشبع من هذا فليرجع إلى مناقب عمر رضي الله تعالى عنه
7476 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى ) قال كان النبي إذا أتاه السائل وربما قال جاءه السائل أو صاحب الحاجة قال اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء
مطابقته للترجمة في قوله ما شاء
وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله بن أبي بردة عامر أو الحارث بن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس وبريد هذا يروي عن جده أبي بردة
والحديث قد مضى بهذا السند والمتن في كتاب الأدب في باب قول الله تعالى من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شىء مقيتا
قوله ويقضي الله على لسان رسوله أي يظهر الله على لسان رسوله بالوحي أو الإلهام ما قدره في علمه بأن سيقع
7477 - حدثنا يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام سمع أبا هريرة عن النبي قال لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ارحمني إن شئت ارزقني إن شئت وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء لا مكره له
انظر الحديث 6339
للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) قال الكرماني يحيى إما ابن موسى الجعفي وإما أبو جعفر البلخي و ( همام ) هو ابن منبه
والحديث مضى عن قريب
قوله وليعزم أي وليقطع ولا يعلقه
7478 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أبو حفص عمرو ) حدثنا ( الأوزاعي ) حدثني ( ابن شهاب ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أنه تماراى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى أهو خضر فمر بهما أبي بن كعب الأنصاري فدعاه ابن عباس فقال إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه هل سمعت رسول الله يذكر شأنه قال نعم إني سمعت رسول الله يقول قوله بينا موسى في ملإ بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك فقال موسى لا فأوحي إلى موسى بلى عبدنا خضر فسأل موسى السبيل إلى لقيه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذ فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه فكان موسى يتبع أثر الحوت في البحر فقال فتى موسى لموسى قال أرأيت إذ أوينآ إلى الصخرة فإنى نسيت الحوت ومآ أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله فى البحر عجبا قال موسى فوجدا عبدا من عبادنآ ءاتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما خضرا وكان من شأنهما ما قص الله 0ا

(25/150)


مطابقته للترجمة تؤخذ من بقية الآية التي قص الله فيها قصتهما وهو وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغآ أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا
وعبد الله بن محمد المسندي وأبو حفص عمرو بفتح العين ابن أبي سلمة التنيسي بكسر التاء المثناة من فوق والنون المشددة والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو
والحديث مضى في كتاب العلم في باب ما يذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر ومضى الكلام فيه ومضى أيضا بوجوه كثيرة في تفسير سورة الكهف
قوله تمارى أي تجادل وتناظر قوله أهو خضر بفتح الخاء وكسرها وسكون الضاد المعجمة وبفتحها وكسر الضاد سمي به لأنه جلس على الأرض اليابسة فصارت خضراء وكان اسمه بليا بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وبالياء آخر الحروف مقصورا وكنيته أبو العباس قوله لقيه بضم اللام وكسر القاف وتشديد الباء آخر الحروف أي لقائه قوله السبيل إليه أي الطريق إليه أي إلى اجتماعه به قوله في ملأ أي في جماعة وفتى موسى هو يوشع بن نون بضم النون
7479 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وقال ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( ابن وهب ) أخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) عن رسول الله قال ننزل غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر يريد المحصب
الله
مطابقته للترجمة في قوله إن شاء الله
وأخرجه من طريقين أحدهما عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة والآخر بطريق المذاكرة حيث قال وقال أحمد بن صالح بدون حدثنا وكل هؤلاء قد مضوا قريبا وبعيدا
ومضى الحديث في كتاب الحج بأتم منه في باب نزول النبي مكة
قوله بخيف بني كنانة فسره بقوله يريد المحصب وهو بين مكة ومنى والخيف في الأصل ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء قوله حيث تقاسموا أي تحالفوا على الكفر أي على أنهم لا يناكحوا بني هاشم وبني المطلب ولا يبايعوهم ولا يساكنوهم بمكة حتى يسلموا إليهم النبي وكتبوا بها صحيفة وعلقوها على الكعبة
7480 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( عمرو ) عن ( أبي العباس ) عن ( عبد الله بن عمر ) قال حاصر النبي أهل الطائف فلم يفتحها فقال إنا قافلون إن شاء الله فقال المسلمون نقفل ولم نفتح قال فاغدوا على القتال فغدوا فأصابتهم جراحات قال النبي إنا قافلون غدا إن شاء الله فكأن ذالك أعجبهم فتبسم رسول الله
انظر الحديث 4325 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله إن شاء الله
وعبد الله بن محمد المسندي يروي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي العباس السائب بن فروخ الشاعر المكي الأعمى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقيل عبد الله بن عمرو بن العاص والأول هو الصواب ومضى في غزوة الطائف
قوله قافلون أي راجعون قوله فكأن بتشديد النون
32 -
( باب قول الله تعالى ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير ولم يقل ماذا خلق ربكم وقال جل ذكره الله لا إلاه إلا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم )
أي هذا باب في قول الله عز و جل ولا تنفع الشفاعة عنده إلخ وغرض البخاري من ذكر هذه الآية بل من الباب كله

(25/151)


بيان كلام القائم بذاته ودليله أنه قال ه و ى ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير ولم يقل ماذا خلق ربكم وفيه رد للمعتزلة والخوارج والمرجئة والجهمية والنجارية لأنهم قالوا إنه متكلم يعني خالق الكلام في اللوح المحفوظ مثلا وفي هذا ثلاثة أقوال قول أهل الحق أن القرآن غير مخلوق وأنه كلامه تعالى قائم بذاته لا ينقسم ولا يتجزأ أو لا يشبه شيئا من كلام المخلوقين والقول الثاني ما ذكرنا عن هؤلاء المذكورين والقول الثالث أن الواجب فيه الوقف فلا يقال إنه مخلوق ولا غير مخلوق وفيه إثبات الشفاعة قوله إذا فزع أي إذا أزيل الخوف والتفعيل للإزالة والسلب وحاصل المعنى حتى إذا ذهب الفزع قالوا ماذا قال ربكم فدل ذلك على أنهم سمعوا قولا لم يفهموا معناه من أجل فزعهم فقالوا ماذا قالوا ربكم ولم يقولوا ماذا خلق ربكم وأكد ذلك بما حكاه عن الملائكة أيضا قالوا الحق والحق إحدى صفتي الذات ولا يجوز على الله غيره لأنه لا يجوز على كلامه الباطل
قوله من ذا الذي يشفع عنده قال ابن بطال أشار بذلك إلى سبب النزول لأنه جاء أنهم لما قالوا شفعاؤنا عند الله الأصنام نزلت فأعلم الله أن الذين يشفعون عنده من الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما يشفعون فيمن يشفعون فيه بعد إذنه لهم في ذلك
وقال مسروق عن ابن مسعود إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات شيئا فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق ونادوا ماذا قال ربكم قالوا الحق
أي قال مسروق بن الأجدع الهمداني الوادعي عن عبد الله بن مسعود في تفسير الآية المذكورة سمع أهل السماوات شيئا وفي رواية أبي داود وغيره سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا وفي رواية الثوري الحديد بدل السلسلة وعند ابن أبي حاتم مثل صوت السلسلة وعنده في حديث النواس بن سمعان إذا تكلم الله بالوحي أخذت السموات منه رجفة أو قال رعدة شديدة من خوف الله تعالى فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا قوله عن قلوبهم أي قلوب الملائكة قوله وسكن الصوت أي الصوت المخلوق لإسماع السماوات إذ الدلائل القاطعة قائمة على تنزهه عن الصوت لأنه مستلزم للحدوث لأنه من الموجودات السيالة الغير القارة قوله ونادوا ماذا قال ربكم قيل ما فائدة السؤال وهم سمعوا ذلك وأجيب بأنهم سمعوا قولا ولم يفهموا معناه كما ينبغي لأجل فزعهم ثم هذا التعلق وصله البيهقي في الأسماء والصفات من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح وهو أبو الضحى عن مسروق ولفظه إن الله عز و جل إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم قال ويقولون يا جبريل ماذا قال ربكم قال فيقول الحق قال فينادون الحق الحق وقال البيهقي ورواه أحمد بن شريح الرازي وعلي بن أشكاب وعلي بن مسلم ثلاثتهم عن أبي معاوية مرفوعا أخرجه أبو داود في السنن عنهم ولفظه مثله إلا أنه قال فيقولون ماذا قال ربك قال ورواه شعبة عن الأعمش موقوفا وجاء عنه مرفوعا أيضا
ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال سمعت النبي يقول يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان
هذا تعليق بصيغة التمريض عن جابر بن عبد الله الصحابي الخزرجي الأنصاري المكثر في الحديث وهو مع كثرة روايته وعلو مرتبته رحل إلى الشام وأخذ يسمعه من عبد الله بن أنيس مصغر أنس بن سعد الجهني العقبي الأنصاري حليفا وفي التوضيح هذا أسنده الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديثه قال بلغني حديث عن رجل من أصحاب رسول الله فأتبعت بعيرا فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه فسرت شهرا حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس الأنصاري فذكره مطولا قوله فيناديهم أي يقول ليدل على الترجمة كذا قاله الكرماني قوله بصوت أي مخلوق غير قائم به قال

(25/152)


الكرماني ما السر في كونه خارقا للعادة إذ في سائر الأصوات التفاوت ظاهرا بين القريب والبعيد قلت ليعلم أن المسموع منه كلام الله تعالى كما أن موسى عليه السلام كان يسمع من جميع الجهات كذلك قوله أنا الملك وأنا الديان أي لا ملك إلا أنا ولا يجازي إلا أنا إذ تعريف الخبر دليل الحصر واختار هذا اللفظ لأن فيه الإشارة إلى الصفات السبعة الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام وليمكن المجازاة على الكليات والجزئيات قولا وفعلا
7481 - حدثنا ( علي بن عبده الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) عن ( عكرمة ) عن ( أبي هريرة يبلغ به ) النبي قال إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان قال علي وقال غيره صفوان ينفذهم ذالك فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
قال علي حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة بهذا
قال سفيان قال عمرو سمعت عكرمة حدثنا أبو هريرة قال علي قلت لسفيان قال سمعت عكرمة قال سمعت أبا هريرة قال نعم قلت لسفيان إن إنسانا روى عن عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة يرفعه أنه قرأ فزع قال سفيان هاكذا قرأ عمرو فلا أدري سمعه هاكذا أم لا قال سفيان وهي قراءتنا
انظر الحديث 4701 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله فإذا فزع عن قلوبهم وعلي بن عبد الله هو المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمر هو ابن دينار
ومضى هذا الحديث بهذا السند في تفسير سورة الحجر
قوله يبلغ به النبي أي يرفعه إلى النبي قوله إذا قضى الله الأمر ووقع في حديث ابن مسعود إذا تكلم الله بالوحي قوله خضعانا قال بعضهم هو مصدر كغفران قلت قال الخطابي وغيره هو جمع خاضع وهذا أولى وانتصابه على الحالية قوله كأنه أي كأن الصوت الحاصل من ضرب أجنحتهم صوت السلسلة على صفوان وهو الحجر الأملس قوله قال علي هو ابن المديني الراوي قال غيره أي غير سفيان صفوان ينفذهم ذلك يعني بزيادة لفظ الإنفاذ أي ينفذ الله ذلك الأمر أو القول إلى الملائكة ويروى من النفوذ أي ينفذ ذلك إليهم أو عليهم ويحتمل أن يراد أن غير سفيان قال صفوان بفتح الفاء باختلاف الطريقين في الفتح والسكون لا غير ويكون ينفذهم غير مختص بالغير بل مشترك بين سفيان وغيره قوله فإذا فزع قد مضى تفسيره
قوله قال علي هو ابن المديني أيضا حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة بهذا أي بهذا الحديث أراد بهذا أن سفيان حدثه عن عمرو بلفظ التحديث لا بالعنعنة كما في الطريق الأولى
قوله قال سفيان قال عمرو أي قال سفيان بن عيينة قال عمرو بن دينار سمعت عكرمة قال حدثنا أبو هريرة قوله قال علي هو ابن المديني أيضا قلت لسفيان بن عيينة قال عكرمة قال سمعت أبا هريرة قال نعم أي قال سفيان نعم سمعته وهذا يشعر بأن كلامه كان علي سبيل الاستفهام من سفيان قوله قلت لسفيان أي قال علي أيضا قلت لسفيان بن عيينة إن إنسانا روى عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة يرفعه أي إلى رسول الله أنه قرأ فرغ بالراء والغين المعجمة من قولهم فرغ الزاد إذا لم يبق منه شيء قال سفيان هكذا قرأ عمرو بالراء والغين المعجمة قيل كيف جازت القراءة إذا لم تكن مسموعة قطعا وأجيب بأنه لعل مذهبه جواز القراءة بدون السماع إذا كان المعنى صحيحا قوله فلا أدري سمعه هكذا أم لا أي أسمعه عمرو عن عكرمة أو قرأها كذلك من قبل نفسه بناء على أنها قراءته قوله قال سفيان أي ابن عيينة وهي قراءتنا يعني بالراء والغين المعجمة يريد سفيان أنها قراءة نفسه وقراءة من تبعه فيه
7482 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( أبو سلمة

(25/153)


ابن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) أنه كان يقول قال رسول الله ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي يتغنى بالقرآن وقال صاحب له يريد أن يجهر به
قال الكرماني فهم البخاري من الإذن القول لا الاستماع به بدليل أنه أدخل هذا الحديث في هذا الباب قلت فيه موضع التأمل
وقد أخرج هذا الحديث في فضائل القرآن في باب من لم يتغن بالقرآن من طريقين وقد فسروا في الأول التغني بالجهر والثاني بالاستغناء وفسروا الإذن بالاستماع يقال أذن يأذن إذنا بفتحتين أي استمع وفهم القول منه بعيد قوله ما أذن الله لشيء أي ما استمع لشيء ما استمع للنبي وكلمة ما مصدرية أي استماعه أي كاستماعه للنبي واستماع الله مجاز عن تقريبه القارىء وإجزال ثوابه أو قبول قراءته قوله للنبي بالألف واللام ويروى لنبي بدون الألف واللام قوله قال صاحب له أي لأبي هريرة أراد أن المراد بالتغني الجهر به بتحسين الصوت وقال سفيان بن عيينة المراد الاستغناء عن الناس وقيل أراد بالنبي الجنس وبالقرآن القراءة
7483 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( أبو صالح ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه قال قال النبي يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار
مطابقته لحديث ابن مسعود الذي فيه وسكن الصوت وهو مطابق للترجمة التي فيها ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير والمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء
وشيخ البخاري يروي عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان عن أبي سعيد الخدري سعد بن مالك
والحديث مضى في تفسير سورة الحج بهذا السند بعينه بأتم منه وأطول ومر أيضا في كتاب الأنبياء في باب قصة يأجوج ومأجوج
قوله يقول الله يا آدم يعني يوم القيامة قوله فينادي على صيغة المعلوم في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر بفتح الدال على صيغة المجهول ولا محذور في رواية المعلوم لأن قوله إن الله يأمرك يدل ظاهرا على أن المنادي ملك يأمره الله تعالى بالنداء فإن قلت حفص بن غياث تفرد بهذا الطريق وقد قال أبو زرعة ساء حفظه بعدما استقضي ولهذا طعن أبو الحسن بن الفضل في صحة هذا الطريق قلت ليس كذلك وقد وافقه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الأعمش أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب السنة له عن أبيه عن المحاربي وعن يحيى بن معين حفص بن غياث ثقة وقال العجلي ثقة مأمون وقال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقى بعض حفظه وكان الرشيد ولاه قضاء بغداد فعزله وولاه قضاء الكوفة وقال ابن أبي شيبة ولي الكوفة ثلاث عشرة سنة وبغداد سنتين ومات يوم مات ولم يخلف درهما وخلف عليه تسعمائة درهم دينا وكان يقال ختم القضاء بحفص بن غياث وكانت وفاته في سنة أربع وتسعين ومائة وصلى عليه الفضل بن عباس وكان أمير الكوفة يومئذ وهو من جملة أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما قوله بعثما بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وبالثاء المثلثة أي طائفة شأنهم أن يبعثوا إلى النار وتمامه قال وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون قيل وأينا ذلك الواحد يا رسول الله قال فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف
7484 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة
انظر الحديث 3816
لم أرى أحدا من الشراح ذكر لهذا الحديث مطابقة للترجمة اللهم إلا أن يقال بالتعسف إن معنى لمن أذن له أمر له لأن معنى الإذن لأحد بشيء أن يفعل يتضمن معنى الأمر على وجه الإباحة
وعبيد بن إسماعيل كان اسمه في الأصل عبيد الله أبو محمد

(25/154)


القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير
والحديث مضى في المناقب في باب تزويج النبي خديجة وفضلها فإنه أخرجه هناك بوجوه كثيرة
قوله ولقد أمره ربه أي ولقد أمر النبي ربه هكذا في رواية المستملي والسرخسي وفي رواية غيرهما ولقد أمره الله قوله ببيت في الجنة هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره من الجنة وصفة البيت أنه من قصب الدر المجوف
33 -
( باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة )
أي هذا باب في بيان كلام الرب مع جبريل الأمين عليه السلام وفي نداء الملائكة وفي هذا الباب أيضا إثبات كلام الله تعالى وإسماعه جبريل والملائكة فيسمعون عند ذلك الكلام القديم القائم بذاته الذي لا يشبه كلام المخلوقين إذ ليس بحروف ولا تقطيع وليس من شرطه أن يكون بلسان وشفتين وآلات وحقيقته أن يكون مسموعا مفهوما ولا يليق بالباري أن يستعين في كلامه بالجوارح والأدوات
وقال معمر وإنك لتلقى القرآن أي يلقى عليك وتلقاه أنت أي تأخذه عنهم
قال الكرماني معمر بفتح الميمين وإسكان المهملة بينهما قيل إنه ابن المثنى أبو عبيدة مصغرا التيمي اللغوي قلت لا يحتاج إلى قوله قيل بل هو أبو عبيدة معمر بن المثنى بلا خلاف وربما يتبادر الذهن إلى أنه معمر بن راشد وليس كذلك فافهم قوله وإنك لتلقى القرآن هذا من القرآن قال الله تعالى وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم فسره أبو عبيدة بيلقى عليك إلى آخره والخطاب للنبي ويلقى على صيغة المجهول وتلقاه بتشديد القاف قالوا إن جبريل عليه السلام يتلقى أي يأخذ من الله تلقيا روحانيا ويلقي على محمد إلقاء جسمانيا
ومثله فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم
أي مثل المذكور معنى قوله فتلقى آدم من ربه أي قبلها وأخذها عنه وأصل اللقاء استقبال الشيء ومصادفته
7485 - حدثني ( إسحاق ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( عبد الرحمان ) هو ( ابن عبد الله بن دينار ) عن أبيه عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض
انظر الحديث 3209 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة
وإسحاق هو ابن منصور وقال الكرماني إسحاق إما الحنظلي وإما الكوسج قلت هذا التردد غير مفيد بل هو ابن منصور بن بهرام الكوسج والحنظلي هو إسحاق بن راهويه لا يقول إلا أخبرنا وهنا ما قال إلا حدثنا وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في كتاب الأدب في باب المقت من الله من رواية نافع عن أبي هريرة
قوله إذا أحب عبدا محبة الله للعبد إيصال الخبر إليه بالتقرب والإثابة وكذا محبة الملائكة وذلك بالاستغفار والدعاء لهم ونحوه قوله ويوضع له القبول في الأرض أي في أهل الأرض أي في قلوبهم ويعلم منه أن من كان مقبول القلوب هو محبوب الله عز و جل وقيل يوضع له القبول في الأرض عند الصالحين ليس عند جميع الخلق والذي يوضع له بعد موته أكثر منه في حياته
7486 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) عن ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة )

(25/155)


أن رسول الله قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون
مطابقته للترجمة في قوله فيسألهم وهو أعلم أي بهم من الملائكة
وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب فضل صلاة العصر ومضى الكلام فيه
قوله يتعاقبون أي يتناوبون في الصعود والنزول لرفع أعمال العباد الليلية والنهارية وهو في الاستعمال نحو أكلوني البراغيث قوله ثم يعرج أي ثم يصعد قوله الذين باتوا فيكم من البيتوتة إنما خصهم بالذكر مع أن حكم الذين ظلموا كذلك لأنهم كانوا في الليل الذي هو زمان الاستراحة مشتغلين بالطاعة ففي النهار وبالطريق الأولى أو اكتفى بأحد الضدين عن الآخر قوله فيسألهم أي فيسألهم ربهم ولم يذكر لفظ ربهم عند الجمهور ووقع في بعض طرق الحديث ووقع أيضا عند ابن خزيمة من طريق أبي صالح عن أبي هريرة فيسألهم ربهم وفائدة السؤال مع علمه تعالى يحتمل أن يكون إلزاما لهم وردا لقولهم وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون
7487 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( واصل ) عن ( المعرور ) قال سمعت ( أبا ذر ) عن النبي قال أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت وإن سرق وإن زنى قال وإن سرق وإن زنى
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن جبريل عليه السلام تبشيره لا يكون إلا بإخبار الله تعالى بذلك وأمره له به
ومحمد بن بشار هو بندار وغندر هو محمد بن جعفر وواصل بن حيان بتشديد الياء آخر الحروف الأحدب والمعرور على وزن مفعول بالعين المهملة ابن سويد الأسدي الكوفي وأبو ذر جندب بن جنادة على المشهور
وهذا الحديث طرف من حديث طويل جدا قد مضى في كتاب الرقاق في باب المكثرون هم المقلون
34 -
( باب قول الله تعالى لاكن الله يشهد بمآ أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا )
أي هذا باب في قول الله عز و جل أنزله بعلمه أي أنزل القرآن إليك بعلم منه أنك خيرته من خلقه وقال ابن بطال المراد بالإنزال إفهام العباد معاني الفروض التي في القرآن وليس إنزاله كإنزال الأجسام المخلوقة لأن القرآن ليس بجسم ولا مخلوق انتهى ولا تعلق للقدرية في هذه الآية في قولهم إن القرآن مخلوق لأن القرآن قائم بذاته لا ينقسم ولا يتجزىء وإنما معنى الإنزال هو الإفهام كما ذكرناه قوله والملائكة يشهدون أي يشهدون لك بالنبوة
قال مجاهد يتنزل الأمر بينهن بين السماء السابعة والأرض السابعة
وفي رواية أبي ذر عن السرخسي من السماء السابعة ووصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ من السماء السابعة إلى الأرض السابعة
7488 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( أبو الأحوص ) حدثنا ( أبو إسحاق الهمداني ) عن ( البراء بن عازب ) قال قال رسول الله يا فلان إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإنك إن

(25/156)


مت في ليلتك مت على الفطرة وإن أصبحت أصبت أجرا
الله
مطابقته للترجمة في قوله آمنت بكتابك الذي أنزلت
وأبو الأحوص سلام بتشديد اللام ابن سليم الكوفي وأبو إسحاق عمرو السبيعي الهمداني
والحديث مضى في الدعوات في باب النون على الشق الأيمن ومضى أيضا في آخر كتاب الوضوء ومضى الكلام فيه
قوله يا فلان كناية عن البراء قوله إذا أويت بالقصر قوله إلى فراشك أي إلى مضجعك قوله على الفطرة أي فطرة الإسلام والطريقة الحقة الصحيحة المستقيمة قوله أصبت أجرا أي أجرا عظيما بدليل النكير ويروى خيرا مكانه
7489 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل بن أبي خالد ) عن ( عبد الله بن أبي أوفى ) قال قال رسول الله يوم الأحزاب اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب وزلزل بهم
زاد الحميدي حدثنا سفيان حدثنا ابن أبي خالد سمعت عبد الله سمعت النبي
الله
مطابقته للترجمة في قوله اللهم منزل الكتاب
وسفيان بن عيينة والحديث مضى في الجهاد في باب الدعاء على المشركين بالهزيمة
قوله يوم الأحزاب هو اليوم الذي اجتمع قبائل العرب على مقاتلة النبي قوله سريع الحساب أي سريع زمان الحساب أو سريع هو في الحساب قيل ذم النبي السجع وأجيب بأنه ذم سجعا كسجع الكهان في تضمنه باطلا وفي تحصيله التكلف قوله وزلزل بهم كذا في رواية السرخسي وفي رواية غيره زلزلهم
قوله زاد الحميدي هو عبد الله بن الزبير ونسبته إلى حميد أحد أجداده أراد بهذه الزيادة التصريح في رواية سفيان بالتحديث والتصريح بالسماع في رواية ابن أبي خالد ورواية عبد الله بالسماع بخلاف رواية قتيبة فإنها بالعنعنة
116 - ( حدثنا مسدد عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال أنزلت ورسول الله متوار بمكة فكان إذا رفع صوته سمع المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به وقال الله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها لا تجهر بصلاتك حتى يسمع المشركون ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم وابتغ بين ذلك سبيلا أسمعهم ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن )
مطابقته للترجمة في قوله أنزلت وهشيم بن بشير وكلاهما مصغران وأبو بشر بكسر الباء الموحدة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس البصري والحديث مضى في آخر تفسير سورة سبحان في باب ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قوله أنزلت من الإنزال والفرق بينه وبين التنزيل أن الإنزال دفعة واحدة والتنزيل بالتدريج بحسب الوقائع والمصالح قوله متوار أي مختف قوله ولا تخافت من المخافتة وهي الإسرار قوله ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك ولا تخافت بها عن أصحابك يعني التوسيط بين الأمرين لا الإفراط ولا التفريط وعن عائشة أن هذه الآية نزلت في الدعاء وقيل كان الصديق رضي الله تعالى عنه يخافت في صلاة الليل وعمر رضي الله تعالى عنه يجهر فأمر أبو بكر أن يرفع قليلا وأمر عمر أن يخفض قليلا وقال زياد بن عبد الرحمن لا تجهر بها في صلاة النهار ولا تخافت بها في صلاة الليل

(25/157)


35 -
( باب قول الله تعالى سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا حق وما هو بالهزل باللعب )
أي هذا باب في قول الله تعالى يريدون أن يبدلوا كلام الله هذا المقدار في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر يريدون أن يبدلوا كلام الله الآية وقال ابن بطال أراد بهذه الترجمة وأحاديث بابها ما أراد في الأبواب قبلها أن كلام الله تعالى صفة قائمة به وأنه لم يزل متكلما ولا يزال انتهى ومعنى قوله يريدون أن يبدلوا كلام الله هو أن المنافقين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله إلى غزوة تبوك واعتذروا بما علم الله إفكهم فيه وأمر الله رسوله أن يقرأ عليهم قوله فإن رجعك الله إلى طآئفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين فأعلمهم بذلك وقطع أطماعهم بخروجهم معه فلما رأوا الفتوحات قد تهيأت لرسول الله أرادوا الخروج معه رغبة منهم في المغانم فأنزل الله سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا الآية فهذا معنى الآية أن يبدلوا أمره له بأن لا يخرجوا معه بأن يخرجوا معه فقطع الله أطماعهم من ذلك مدة أيامه بقوله فإن رجعك الله إلى طآئفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معى أبدا ولن تقاتلوا معى عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين قوله لقول فصل وفي رواية أبي ذروإنه لقول فصل وفسر قوله فصل بقوله حق وفي غير رواية أبي ذر ثبت حق بغير ألف ولام وسقط من رواية أبي زيد المروزي وفسر قوله وما هو بالهزل باللعب كذا فسره أبو عبيدة
7491 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( الزهري ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) قال قال النبي قال الله تعالى يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار
انظر الحديث 4826 وطرفه
مطابقته للترجمة في إثبات إسناد القول إلى الله تعالى وهذا الحديث من الأحاديث القدسية
قوله يؤذيني من المتشابهات وكذلك اليد والدهر فإما أن يفوض وإما أن يؤول والمراد من الإيذاء النسبة إليه تعالى ما لا يليق له وتؤول اليد بالقدرة والدهر بالمدهر أي مقلب الدهور قوله أنا الدهر يروى بالنصب أي أنا ثابت في الدهر باق فيه
والحديث مضى أولا في تفسير سورة الجاثية وثانيا في كتاب الأدب
7492 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( الأعمش ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال يقول الله عز و جل الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي والصوم جنة وللصائم فرحتان فرحة حين يفطر وفرحة حين يلقى ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله يقول الله
وأبو نعيم الفضل بن دكين يروي هنا عن الأعمش كذا وقع عند جميع الرواة إلا أن أبا علي بن السكن قال حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان الأعمش زاد فيه سفيان الثوري قال أبو علي الجياني الصواب قول من خالفه من سائر الرواة وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في كتاب الصوم في بابين ومضى الكلام فيه
قوله الصوم لي سائر العبادات لله تعالى ووجه التخصيص به هو أنه لم يعبد أحد غير الله به إذ لم تعظم الكفار في عصر من الأعصار معبودا لهم بالصيام بخلاف السجود والصدقة ونحوهما قوله يدع أي يترك قوله جنة بضم الجيم أي ترس قوله حين يلقى ربه يعني يوم القيامة وفيه إثبات رؤية الله تعالى قوله ولخلوف بضم الخاء على الأصح وقيل بفتحها وهو رائحة الفم المتغيرة قوله أطيب عند الله لا يتصور الطيب على الله إلا بطريق الفرض أي لو تصور الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب
7493 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( همام ) عن ( أبي هريرة )

(25/158)


عن النبي قال بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولاكن لا غنى بي عن بركتك
انظر الحديث 279 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله فناداه ربه يا أيوب
ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وهمام بتشديد الميم ابن منبه
والحديث مضى في كتاب الطهارة في باب من اغتسل عريانا
قوله رجل جراد بكسر الراء وسكون الجيم جماعة كثيرة منه كالجماعة الكثيرة من الناس قوله فناداه ربه أي قال الله له قوله أغنيتك من الإغناء
7494 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي عبد الله الأغر ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له
انظر الحديث 1145 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله فيقول
وإسماعيل بن أبي أويس وأبو عبد الله الأغر بفتح الغين المعجمة وتشديد الراء واسمه سلمان الجهني المدني
والحديث مضى في كتاب التهجد في باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل
ولم يزل من النزول كذا في رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي وفي رواية الأكثرين يتنزل من باب التفعل وهذا من باب المتشابهات والأمر فيها قد علم أنه إما التفويض وإما التأويل بنزول ملك الرحمة ومن القائلين في إثبات هذا وإنه لا يقبل التأويل أبو إسماعيل الهروي وأورد هذا الحديث من طرق كثيرة في كتابه الفاروق مثل حديث عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة بلفظ إذا ذهب ثلث الليل فذكر الحديث وزاد فلا يزال بها حتى يطلع الفجر فيقول هل من داع فيستجاب له أخرجه النسائي وابن خزيمة في صحيحه وحديث ابن مسعود وفيه فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش أخرجه ابن خزيمة وأخرجه أبو إسماعيل من طريق أخرى عن ابن مسعود قال جاء رجل من بني سليم إلى رسول الله فقال علمني فذكر الحديث وفيه فإذا انفجر الفجر صعد ومن حديث عبادة بن الصامت وفي آخره ثم يعلو ربنا على كرسيه ومن حديث جابر وفيه ثم يعلو ربنا إلى السماء العليا إلى كرسيه ومن حديث أبي الخطاب أنه سأل النبي عن الوتر فذكر الحديث وفي آخره حتى إذا طلع الفجر ارتفع قال بعضهم هذه الطرق كلها ضعيفة قلت ألم يعلم هو أن الحديث إذا روي من طرق كثيرة ضعيفة تشتد فيشد بعضها بعضا وليس في هذا الباب وأمثاله إلا التسليم والتفويض إلى ما أراد الله من ذلك فإن الأخذ بظاهره يؤدي إلى التجسيم وتأويله يؤدي إلى التعطيل والسلامة في السكوت والتفويض
فيه التحريض على قيام آخر الليل قال تعالى الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار ومن جهة العقل أيضا هو وقت صفاء النفس لخفة المعدة لانهضام الطعام وانحداره عن المعدة وزوال كلال الحواس وضعف القوي وفقدان المشوشات وسكون الأصوات ونحو ذلك
7495 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) أن ( الأعرج ) حدثه أنه سمع ( أبا هريرة ) أنه سمع رسول الله يقول نحن الآخرون السابقون يوم القيامة وبهاذا الإسناد قال الله أنفق أنفق عليك
الله
مطابقته للترجمة في قوله قال الله وهو من الأحاديث القدسية
وأبو اليمان الحكم بن نافع يروي عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج
قوله نحن الآخرون السابقون يوم القيامة من حديث مستقل
وقوله أنفق أنفق عليك حديث آخر مستقل وقد سبق مرارا مثله وهو إما أنه سمعه من رسول الله مع الذي بعده في سياق واحد فنقله كما سمعه أو سمع الراوي من أبي هريرة كذلك فرواه كما سمعه وقيل كان

(25/159)


هذا في أول صحيفة بعض الرواة عن أبي هريرة بالإسناد متقدما على الأحاديث فلما أراد نقل حديث منها ذكروه مع الإسناد
قوله نحن الآخرون أي في الدنيا السابقون في الآخرة
قوله وبهذا الإسناد أي الإسناد المذكور وهو حدثنا أبو اليمان إلى آخره قوله أنفق بفتح الهمزة أمر من الإنفاق أي أنفق على عباد الله قوله أنفق بضم الهمزة فعل المتكلم من المضارع جواب الأمر فإذا أنفق العبد أعطاه الله عوضه بل أكثر منه أضعافا مضاعفة
7497 - حدثنا ( زهير بن حرب ) حدثنا ( ابن فضيل ) عن ( عمارة ) عن ( أبي زرعة ) عن ( أبي هريرة ) فقال هاذه خديجة أتتك بإناء فيه طعام أو إناء فيه شراب فأقرئها من ربها السلام وبشرها ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب
انظر الحديث 3820
مطابقته للترجمة في قوله فأقرئها من ربها السلام وهو بمعنى التسليم عليها
وابن فضيل بالتصغير اسمه محمد وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم ابن القعقاع وأبو زرعة بضم الزاي وسكون الراء وبالعين المهملة اسمه هرم البجلي
ومضى الحديث في المناقب في باب تزويج النبي خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها
قوله فقال هذه خديجة أتتك القائل هو جبريل عليه السلام وقد تقدم في المناقب أن أبا هريرة قال أتى جبريل النبي فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتت الحديث وهذاك يوضح هذا ونقل الكرماني هذا هكذا ثم قال ومع هذا فالحديث غير مرفوع بل هو موقوف يعني بالنظر إلى صورة هذا فقول بعضهم جزم الكرماني أن هذا الحديث موقوف غير مرفوع مردود مجرد تشنيع عليه بلا وجه لأن مقصوده بالنظر إلى ما ورد هنا مختصرا ولم يجزم بأنه موقوف قوله أتتك وفي رواية المستملي تأتيك بصيغة المضارع وتقدم هناك أتت بغير ضمير قوله بإناء فيه طعام أو إناء فيه شراب هكذا رواية الأكثرين وفي رواية الأصيلي وأبي ذر بإناء فيه طعام أو إناء أو شراب وقال الكرماني ما معنى ما قاله ثانيا أو إناء ثم أجاب يعني قال إناء فيه طعام أو أطلق الإناء ولم يذكر ما فيه ولم يوجد في بعض النسخ الثاني وفي بعض الروايات أو أدام مكانه وهذا الترديد شك من الراوي أو شراب بالرفع والجر قوله ببيت في التوضيح بيت الرجل قصره وبيته داره وبيته شرفه قوله من قصب قال الكرماني يريد به قصب الدر المجوف وقيل اصطلاح الجوهريين أن يقولوا قصب من الدر وقصب من الجوهر وقال الهروي أراد بقصر من زمردة مجوفة أو من لؤلؤة مجوفة قوله لا صخب فيه أي لا صياح ولا جلبة قوله ولا نصب أي ولا تعب وقال الداودي يعني لاعوج
7498 - حدثنا ( معاذ بن أسد ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( همام بن منبه ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه عن النبي قال قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
مطابقته للترجمة في قوله قال الله
ومعاذ بضم الميم وبالذال ابن أسد أبو عبد الله المروزي نزل البصرة روى عن عبد الله بن مبارك المروزي
والحديث مضى في تفسير سورة السجدة من رواية الأعرج عن أبي هريرة وهذا من الأحاديث القدسية
قوله أعددت أي هيأت قوله لعبادي الإضافة فيه للتشريف أي لعبادي المخلصين ويروى لعبادي فقط
7499 - حدثنا ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( ابن جريج ) أخبرني ( سليمان الأحول ) أن ( طاوسا ) أخبره أنه سمع ( ابن عباس ) يقول كان النبي إذا تهجد من الليل قال اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك

(25/160)


توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلاهي لا إلاه إلا أنت
الله
مطابقته للترجمة في قوله وقولك الحق ومعنى الحق الثابت اللازم
ومحمود هو ابن غيلان المروزي وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج
والحديث مضى في كتاب التهجد ومضى أيضا بالقرب من أوائل التوحيد في باب قوله تعالى وهو الذى خلق السماوات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ فى الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير وهو الذى خلق السماوات والارض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هاذآ إلا سحر مبين ومضى الكلام فيه
7500 - حدثنا ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( عبد الله بن عمر النميري ) حدثنا ( يونس بن يزيد الإيلي ) قال سمعت ( الزهري ) قال سمعت ( عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص ) وعبيد الله بن عبد الله عن حديث ( عائشة ) زوج النبي حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا وكل حدثني طائفة من الحديث الذي حدثني عن عائشة قالت ولاكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحيا يتلاى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يراى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله تعالى إن الذين جآءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم العشر الآيات
الله
مطابقته للترجمة في قوله أن يتكلم الله وهذا طرف من قصة الإفك وقد ذكر منه بهذا الإسناد قطعا يسيرة في مواضع منها في الجهاد والشهادات والتفسير وساقه بتمامه في الشهادات وفي تفسير سورة النور
وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة
قوله وكل أي كل واحد من الأئمة المذكورين حدثني طائفة أي بعضا قوله ينزل بالضم من الإنزال
7501 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( المغيرة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال يقول الله إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف
مطابقته للترجمة في قوله يقول الله
وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن
وهو من الأحاديث القدسية ومضى في كتاب الرقاق في باب من هم بحسنة أو بسيئة مثله من حديث ابن عباس
قوله من أجلي أي امتثالا لحكمي وخالصا لي أقول من أجلي يعني خوفا مني
7502 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) حدثني ( سليمان بن بلال ) عن ( معاوية بن أبي مزرد ) عن ( سعيد بن يسار ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال مه قالت هاذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلاى يا رب قال فذالك لك ثم قال أبو هريرة فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الارض وتقطعوا أرحامكم
الله
مطابقته للترجمة في قوله قال في ثلاث مواضع
وإسماعيل بن عبد الله وكنية عبد الله أبو أويس ومعاوية بن أبي مزرد بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء المشددة وبالدال المهملة واسم أبي مزرد عبد الرحمن بن يسار أخي سعيد بن يسار ضد

(25/161)


اليمين الراوي عن أبي هريرة
والحديث مر في أول كتاب الأدب
قوله فرغ منه أي أتم خلقه وهو تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقال النووي رحمه الله الرحم التي توصل وتقطع إنما هي معنى من المعاني لا يأتي منها الكلام إذ هي قرابة تجمعها رحم واحدة فيتصل بعضها ببعض فالمراد تعظيم شأنها وفضيلة واصلها وتأثيم قاطعها على عادة العرب في استعمال الاستعارات قوله مه أما كلمة ردع وزجر وإما للاستفهام فتقلب الألف هاء قوله هذا مقام العائذ أي المعتصم الملتجىء المستجير بك من قطع الأرحام وقال الكرماني قال بعضهم فإن قيل الفاء في فقال يوجب كون قول الله عقيب قول الرحم فيكون حادثا قلت لما دل الدليل على قدمه وجب حمله على معنى إفهامه إياها أو على قول ملك أمور يقول لها قال وقول الرحم مه ومعناه الزجر مال توجهه فوجب توجهه إلى من عاذت الرحم بالله من قطعه إياها ثم قال الكرماني أقول منشأ الكلام الأول قلة عقله ومنشأ الثاني فساد نقله
7503 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( صالح ) عن ( عبيد الله ) عن ( زيد بن خالد ) قال مطر النبي فقال قال الله أصبح من عبادي كافر بي ومؤمن بي
مطابقته للترجمة في قوله قال الله
وسفيان هو ابن عيينة وصالح هو ابن كيسان وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة وزيد بن خالد الجهني
والحديث طرف من حديث طويل مضى في الاستسقاء
قوله مطر النبي بضم الميم أي وقع المطر بدعائه قد ذكرنا أن مطر في الرحمة وأمطر في العذاب وقال الهروي العرب تقول مطرت السماء وأمطرت يعني بمعنى واحد قوله أصبح من عبادي بينه في الحديث الآخر قال فمن قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب ومن قال مطرنا بنوء كذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي
7504 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال قال الله إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإذا كره لقائي كرهت لقاءه
مطابقته للترجمة في قوله قال الله
ورجاله قد ذكروا عن قريب
والحديث مضى في كتاب الرقاق في باب من أحب لقاء الله
قوله لقائي أي الموت
7505 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال قال الله أنا عند ظن عبدي بي
انظر الحديث 7405 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله قال الله
وأبو اليمان الحكم بن نافع وأبو الزناد عبد الله والأعرج عبد الرحمن
والحديث مضى في أوائل التوحيد في باب لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذالك فليس من الله في شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير قل إن تخفوا ما فى صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما فى السماوات وما فى الارض والله على كل شىء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد أي إن كان مستظهر برحمتي وفضلي فارحمه بالفضل
7506 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال قال رجل لم يعمل خيرا قط فإذا مات فحرقوه واذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فأمر الله البحر فجمع ما فيه وأمر البر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت قال من خشيتك وأنت أعلم فغفر له
انظر الحديث 3481
مطابقته للترجمة في قوله ثم قال لم فعلت
وإسماعيل هو ابن أبي أويس
والحديث مضى في بني إسرائيل وفي الرقاق
قوله قال رجل هو كان نباشا في بني إسرائيل قوله فإذا مات فيه التفات ومقتضى الكلام أن يقال فإذا مت قوله وأنت أعلم جملة حالية أو معترضة قوله فغفر له قيل إن كان مؤمنا فلم شك في قدرة الله وإن كان كافرا فكيف غفر له وأجيب بأنه كان مؤمنا بدليل الخشية ومعنى قدر مخففا ومشددا حكم وقضى أو ضيق كقوله تعالى أيحسب أن لن

(25/162)


يقدر عليه أحد وقيل أيضا على ظاهره ولكنه قاله وهو غير ضابط لنفسه بل قاله في حال دخول الدهش والخوف عليه فصار كالغافل لا يؤاخذ به أو أنه جهل صفة من صفات الله وجاهل الصفة كفره مختلف فيه أو أنه كان في زمان ينفعه مجرد التوحيد أو كان في شرعهم جواز العفو عن الكافر أو معناه لئن قدر الله على مجتمع صحيح الأعضاء ليعذبني وحسب أنه إذا قدر عليه محترقا مفترقا لا يعذبه
7507 - حدثنا ( أحمد بن إسحاق ) حدثنا ( عمرو بن عاصم ) حدثنا ( همام ) حدثنا ( إسحاق بن عبد الله ) سمعت عبد الرحمان بن أبي عمرة قال سمعت أبا هريرة قال سمعت النبي قال إن عبدا أصاب ذنبا وربما قال أذنب ذنبا فقال رب أذنبت ذنبا وربما قال أصبت فاغفر لي فقال ربه أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا أو أذنب ذنبا فقال رب أذنبت أو أصبت آخر فاغفره فقال أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا وربما قال أصاب ذنبا قال قال رب أصبت أو أذنبت آخر فاغفره لي فقال أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثلاثا فليعمل ما شاء
مطابقته للترجمة في قوله فقال ربه وفي قوله فقال أعلم عبدي
وأحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر بن جندل أبو إسحاق السلمي السرماري نسبة إلى سرمارة قرية من قرى بخارى وعمرو بن عاصم الكلاباذي البصري حدث عنه البخاري بلا واسطة في كتاب الصلاة وغيرها وهمام هو ابن يحيى وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري التابعي المشهور و ( عبد الرحمن بن أبي عمرة ) تابعي جليل من أهل المدينة له في البخاري عن أبي هريرة عشرة أحاديث غير هذا الحديث واسم أبيه كنيته وهو أنصاري صحابي ويقال إن لعبد الرحمن رؤية وقال ابن أبي حاتم ليست له صحبة
والحديث أخرجه مسلم في التوبة عن عبد بن حميد وغيره وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن عمرو بن منصور
قال ربه أعلم بهمزة الاستفهام والفعل الماضي قوله يأخذ به أي يعاقبه عليه قوله ثم مكث ما شاء الله أي من الزمان قوله فاغفره لي أي اغفر الذنب لي واعف عني قوله فليعمل ما شاء معناه ما دمت تذنب فتتوب غفرت لك وقال النووي في الحديث إن الذنوب ولو تكررت مائة مرة بل ألفا وأكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته
7508 - حدثنا ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( معتمر ) سمعت أبي حدثنا ( قتادة ) عن ( عقبة بن عبد الغافر ) عن ( أبي سعيد ) عن النبي أنه ذكر رجلا فيمن سلف أو فيمن كان قبلكم قال كلمة يعني أعطاه الله مالا وولدا فلما حضرت الوفاة قال لبنيه أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال فإنه لم يبتئر أو لم يبتئز عند الله خيرا وإن يقدر الله عليه يعذبه فانظروا إذا مت فأحرقوني حتى إذا صرت فحما فاسحقوني أو قال فاسحكوني فإذا كان يوم ريح عاصف فأذروني فيها فقال نبي الله فأخذ مواثيقهم على ذالك وربي ففعلوا ثم أذروه في يوم عاصف فقال الله عز و جل كن فإذا هو رجل قائم قال الله أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت قال مخافتك أو فرق منك قال فما تلافاه أن رحمه عندها وقال

(25/163)


مرة أخراى فما تلافاه غيرها
فحدثت به أبا عثمان فقال سمعت هاذا من سلمان غير أنه زاد فيه أذروني في البحر أو كما حدث
انظر الحديث 3468 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله قال الله أي عبدي
وشيخ البخاري عبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسم أبي الأسود حميد بن الأسود البصري ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي البصري وعقبة بن عبد الغافر أبو نهار الأزدي العوذي البصري وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري وفيه ثلاثة من التابعين
والحديث مضى في ذكر بني إسرائيل عن أبي الوليد وفي الرقاق عن موسى بن إسماعيل ومضى الكلام فيه على نسق
قوله أو فيمن كان شك من الراوي قوله قال كلمة أي قال النبي كلمة قوله يعني أعطاه الله مالا وولدا تفسير لقوله كلمة وهو صفة لقوله رجلا قوله أي أب كنت لكم لفظ أي منصوب بقوله كنت وجاز تقديمه لكونه استفهاما ويجوز الرفع قوله قالوا خير أب بالنصب على تقدير كنت خير أب ويجوز الرفع بتقدير أنت خير أب قوله لم يبتئر من الافتعال من بأر بالباء الموحدة والراء أي لم يقدم خبيئة خير ولم يدخر يقال فيه بارت الشيء وابتارته أباره وابتئره قوله أو لم يبتئز بالزاي موضع الراء كذا في رواية أبي ذر وقيل ينسب هذا إلى أبي زيد المروزي قوله فاسحقوني من سحق الدواء دقه ومنه مسك سحيق قوله أو قال فاسحكوني شك من الراوي وهو بمعناه ويروى فاسهكوني بالهاء بدل الحاء المهملة وقال الخطابي ويروى فأسحلوني يعني باللام ثم قال معناه أبردوني بالمسحل وهو المبرد ويقال للبرادة سحالة قوله فأذروني فيها أي الريح من ذرى الريح الشيء وأذرته أطارته قوله وربي قسم من المخبر بذاك عنهم تأكيد لصدقه قوله أو فرق شك من الراوي أي خوف منك قوله فما تلافاه بالفاء أي فما تداركه قوله أن رحمه أي بأن رحمه قال الكرماني مفهومه عكس المقصود ثم قال ما موصولة أي الذي تلافاه هو الرحمة أو نافية وكلمة الاستثناء محذوفة عند من جوز حذفها أو المراد ما تلافى عدم الابتئار لأجل أن رحمه الله أو بأن رحمه
قوله فحدثت به أبا عثمان وهو عبد الرحمن النهدي والقائل به هو سليمان التيمي وقال بعضهم ذهل الكرماني فجزم بأنه قتادة قلت لم أر هذا في شرحه ولئن كان موجودا فله أن يقول أنت ذهلت لأنه لم يبرهن على ما قاله قوله من سلمان هو سلمان الفارسي الصحابي وأبو عثمان معروف بالرواية عنه
حدثنا موسى حدثنا معتمر وقال لم يبتئر وقال خليفة حدثنا معتمر وقال لم يبتئز فسره قتادة لم يدخر
موسى هو ابن إسماعيل التبوذكي حدث عن معتمر بن سليمان وقال لم يبتئر يعني بالراء وقد ساقه بتمامه في الرقاق قوله وقال خليفة أي ابن خياط أحد شيوخ البخاري حدث عن معتمر وقال لم يبتئز بالزاي قوله فسره أي فسر لفظ لم يبتئز قتادة بأن معناه لم يدخر
36 -
( باب كلام الرب عز و جل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم )
أي هذا باب في بيان كلام الرب عز و جل الخ لما بين كلام الرب مع الملائكة المشاهدة له ذكر في هذا الباب كلامه مع البشر يوم القيامة بخلاف ما حرمهم في الدنيا لحجابه الأبصار عن رؤيته فيها فيرفع في الآخرة ذلك الحجاب عن أبصارهم ويكلمهم على حال المشاهدة كما قال ليس بينه وبينه ترجمان وفي جميع أحاديث الباب كلام العرب عز و جل مع عباده
7509 - حدثنا ( يوسف بن راشد ) حدثنا ( أحمد بن عبد الله ) حدثنا ( أبو بكر بن عياش ) عن ( حميد ) قال سمعت ( أنسا ) رضي الله عنه قال سمعت النبي يقول إذا كان يوم القيامة

(25/164)


شفعت فقلت يا رب أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة فيدخلون ثم أقول أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء
فقال أنس كأني أنظر إلى أصابع رسول الله
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن السياق يدل عليها من التشفيع وقوله يا رب والإجابة مع أن الحديث مختصر
ويوسف بن راشد هو يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد ونسبته لجده أشهر وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي روى عنه البخاري بغير واسطة في الوضوء وغيره وأبو بكر بن عياش بالعين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف الأسدي القارىء وحميد هو الطويل
قوله شفعت على صيغة المجهول كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني بفتحه مخففا فالأول من التشفيع وهو تفويض الشفاعة إليه والقبول منه قوله أدخل الجنة بفتح الهمزة من الإدخال قوله من كان مفعوله قوله خردلة أي من الإيمان
وقال بعضهم ويستفاد منه صحة القول بتجزيء الإيمان وزيادته ونقصانه قلت الإيمان هو التصديق بالقلب وهو لا يقبل الشدة والضعف فكيف يتجزىء ولفظ الخردلة والذرة والشعيرة تمثيل
قوله كأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يعني عند قوله أدنى شيء يضم أصابعه ويشير بها
7510 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) حدثنا ( معبد بن هلال العنزي ) قال اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك وذهبنا معنا بثابت إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره فوافقناه يصلي الضحى فاستأذناه فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة فقال يا أبا حمزة هاؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤوك يسألونك عن حديث الشفاعة فقال حدثنا محمد قال إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمان قال فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله فيأتون موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته فيأتون عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد فيأتوني فأقول أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقول انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل
فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة فحدثناه بما حدثنا أنس بن

(25/165)


مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة فقال هيه فحدثناه بالحديث فانتهاى إلى هاذا الموضع فقال هيه فقلنا لم يزد لنا على هاذا فقال لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا قلنا يا أبا سعيد فحدثنا فضحك وقال خلق الإنسان عجولا ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم حدثني كما حدثكم به قال ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إلاه إلا الله فيقول وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إلاه إلا الله
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة فإن فيه سؤالات من النبي والأجوبة من الله عز و جل
ومعبد بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة وبالدال المهملة ابن هلال العنزي نسبة إلى عنز بالعين المهملة وبالنون والزاي وهو عبد الله بن وائل بن قاسط ينتهي إلى ربيعة بن نزار وهو بصري وقال الكرماني لم يتقدم ذكره قلت كأنه أشار بهذا إلى أنه لم يرو في البخاري إلا حديث الشفاعة هذا
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي ربيع الزهراني وغيره وأخرجه النسائي في التفسير عن يحيى بن جندب ولم يذكر فيه حديث الحسن
قوله ناس من أهل البصرة بيان لقوله اجتمعنا وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي وهم ناس أو ونحن ناس من أهل البصرة يعني ليس فيهم أحد من غير أهلها قوله بثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن أسلم البصري أبو محمد البناني نسبة إلى بنانة بضم الباء الموحدة وتخفيف النون الأولى وكانت أمة لسعد بن لؤي حضنت بنته وقيل زوجته ونسب إليها ولد سعد وعبد العزيز بن صهيب ليس منسوبا إلى القبيلة وإنما قيل له البناني لأنه كان ينزل سكة بنانة بالبصرة وعلي بن إبراهيم البناني منسوب إلى بنانة ناحية من نواحي الشاهجان قوله يسأله أي يسأل ثابت أنسا وهو من الأحوال المقدرة قوله في قصره كان قصر أنس رضي الله تعالى عنه بموضع يسمى الزاوية على نحو فرسخين من البصرة قوله أول أي أسبق ووزنه أفعل أو فوعل فيه اختلاف بين علماء التصريف قوله يا أبا حمزة أصله يا أبا حمزة حذفت الألف للتخفيف وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي كنية أنس قوله فقال حدثنا أي فقال أنس حدثنا محمد قوله ماج الناس أي اضطربوا واختلطوا من هيبة ذلك اليوم يقال ماج البحر اضطربت أمواجه قوله لست لها أي ليس لي هذه المرتبة قوله عليكم بإبراهيم لم يذكر فيه نوحا فإنه سبق في الروايات الأخر قال آدم عليكم بنوح ونوح قال عليكم بإبراهيم وقال الكرماني لعل آدم قال ائتوا غيري نوحا وإبراهيم وغيرهما قلت ليس فيه ما يغني عن الجواب ويمكن أن يكون آدم ذكر نوحا أيضا وذهل عنه الراوي هنا قوله فإنه كليم الله كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني فإنه كلم الله بلفظ الفعل الماضي قوله فيقال يا محمد وفي رواية الكشميهني فيقول في المواضع الثلاثة قوله أنا لها أي للشفاعة يعني أنا أتصدى بهذا الأمر قوله فأقول يا رب أمتي أمتي قيل الطالبون للشافعة منه عامة الخلائق وذلك أيضا للإراحة من هول الموقف لا للإخراج من النار وأجاب القاضي عياض وقال المراد فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها في إزالة الهول وله شفاعات أخر خاصة بأمته وفيه اختصار وقال المهلب فأقول يا رب أمتي أمتي مما زاد سليمان بن حرب على سائر الرواة وقال الداودي ولا أراه محفوظا لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا ولو كانت هذه الأمة لم تذهب إلى غير نبيها وأول هذا الحديث ليس متصلا بآخره وإنما أتى فيه بأول الأمر وآخره وفيما بينهما ليذهب كل أمة من كان يعبد وحديث يؤتى بجهنم وحديث ذكر الموازين والصراط وتناثر الصحف والخصام بين يدي الرب جل جلاله وأكثر أمور يوم القيامة هي فيما بين أول هذا الحديث وآخره قوله ذرة بفتح الذال المعجمة

(25/166)


وتشديد الراء وصحف شعبة فرواه بالضم والتخفيف قوله أدنى أي أقل وفائدة التكرار التأكيد ويحتمل أن يراد التوزيع على الحبة والخردلة والإيمان أقل حبة من أقل خردلة من أقل إيمان
قوله بالحسن أي البصري قوله وهو متوار أي مختف في منزل أبي خليفة الطائي البصري خوفا من الحجاج بن يوسف الثقفي قوله من عند أخيك أي في الدين والمؤمنون إخوة قوله فقال هيه بكسر الهاءين وهي كلمة استزادة في الحديث وقد تنون وقال ابن التين قرأناه بكسر الهاء من غير تنوين ومعناه زد من هذا الحديث والهاء بدل من الهمزة كما أبدلت في هراق وأصله أرقاق وقال الجوهري إذا قلت إيه يا رجل تريد بكسر الهاء غير منونة فإنما تأمره أن يزيدك من الحديث المعهود كأنك قلت هات الحديث وإن نونت كأنك قلت هات حديثا ما قوله وهو جميع أي مجتمع أراد أنه كان حينئذ شابا وقال الجوهري الرجل المجتمع الذي بلغ أشده ولا يقال ذلك للأنثى قوله منذ عشرين سنة منذ ومذ يصح أن يكونا حرفي جر ويصح أن يكونا اسمين فترفع ما بعدهما على التاريخ أو على التوقيت تقول في التاريخ ما رأيته مذ يوم الجمعة أي أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة وفي التوقيت ما رأيته منذ سنة أي أمد ذلك سنة قوله أن تتكلوا أي تعتمدوا على الشفاعة فتتركون العمل قوله وعزتي لا فرق بين هذه الألفاظ وأنها مترادفة وقيل نقيض العزة الذل ونقيض الكبر الصغر ونقيض العظمة الحقارة ونقيض الجليل الدقيق وبضدها تتبين الأشياء وإذا أطلقت على الله فالمراد لوازمها بحسب ما يليق به وقيل الكبرياء يرجع إلى كمال الذات والعظمة إلى كمال الصفات والجلال إلى كمالها قوله لأخرجن منها من قال لا إلاه إلا الله فإن قلت لو لم يقل محمد رسول الله لكفاه قلت لا وهذا إشعار كمال الكلمة وتمامها كإطلاق الحمد لله رب العالمين وإرادة السورة بتمامها
7511 - حدثنا ( محمد بن خالد ) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال قال رسول الله إن آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا من النار رجل يخرج حبوا فيقول له ربه ادخل الجنة فيقول رب الجنة ملأى فيقول له ذالك ثلاث مرات فكل ذلك يعيد عليه الجنة ملأى فيقول إن لك مثل الدنيا عشر مرار
انظر الحديث 6571
مطابقه للترجمة ظاهرة في قوله فيقول له ربه
ومحمد بن خالد قال الكرماني هو الذهلي بضم المعجمة وسكون الهاء قلت هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس نسب لجد أبيه وبذلك جزم الحاكم والكلاباذي وأبو مسعود وقيل محمد بن خالد بن جبلة الرافقي وبذلك جزم أبو أحمد بن عدي وخلف الواسطي في الأطراف ووقع في رواية الكشميهني محمد بن مخلد والأول هو الصواب ولم يذكر أحد ممن صنف رجال البخاري ولا في رجال الكتب الستة أحدا اسمه محمد بن مخلد وهو يروي عن ( عبيد الله بن موسى ) الكوفي وكثيرا يروي البخاري عنه بلا واسطة و ( إسرائيل ) هو ابن موسى بن أبي إسحاق عمرو السبيعي و ( منصور ) هو ابن المعتمر و ( إبراهيم ) هو النخعي و ( عبيدة ) بفتح العين ابن عمرو السلماني و ( عبد الله ) هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث قد مضى في صفة الجنة عن عثمان عن جرير ومضى مطولا في الرقاق ومضى الكلام فيه
فيه قوله حبوا وهو المشي على اليدين وعلى البطن أو على الأست قوله فكل ذلك بالفاء في رواية الكشميهني وفي رواية غيره كل ذلك بدون الفاء قوله عشر مرار وفي رواية الكشميهني عشر مرات
7512 - حدثنا ( علي بن حجر ) أخبرنا ( عيسى بن يونس ) عن ( الأعمش ) عن ( خيثمة ) عن ( عدي بن حاتم ) قال قال رسول الله ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه

(25/167)


ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة
قال الأعمش وحدثني عمرو بن مرة عن خيثمة مثله وزاد فيه ولو بكلمة طيبة
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن حجر بضم الحاء المهملة وسكون الجيم السعدي المروزي وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي والأعمش سليمان وخيثمة بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالثاء المثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي
قال الكرماني والحديث مضى في الزكاة قلت ليس كذلك بل مضى في الرقاق عن عمر بن حفص وإنما أخرجه في الزكاة مسلم
قوله ترجمان بفتح التاء وضم الجيم وبفتحهما وضمهما قوله أيمن منه الأيمن الميمنة قوله أشأم منه الأشام المشئمة
قوله قال الأعمش موصول بالسند المذكور
7513 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( إبراهيم ) عن ( عبيدة ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه قال جاء حبر من اليهود فقال إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يهزهن ثم يقول أنا الملك أنا الملك فلقد رأيت النبي يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله ثم قال النبي إلى قوله وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون
الله
مطابقته للترجمة في قوله ثم يقول أنا الملك أنا الملك
وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور بن المعتمر وإبراهيم النخعي وعبيدة السلماني وكلهم كوفيون
والحديث مضى قبل هذا الباب بستة عشر بابا في باب قول الله تعالى ومضى الكلام فيه وقد قلنا إن الحديث من المتشابهات والأمر فيه إما التفويض وإما التأويل والمقصود بيان استحقار العالم عند قدرته إذ يستعمل الحمل بالإصبع عند القدرة بالسهولة وحقارة المحمول كما تقول لمن استقل شيئا أنا أحمله بخنصري
قوله ثم يهزهن وفيه إشارة أيضا إلى حقارتها أي لا يثقل عليه لا إمساكها ولا تحريكها ولا قبضها ولا بسطها
7514 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( قتادة ) عن ( صفوان بن محرز ) أن رجلا سأل ابن عمر كيف سمعت رسول الله يقول في النجوى قال يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول أعملت كذا وكذا فيقول نعم ويقول أعملت كذا وكذا فيقول نعم فيقرره ثم يقول إني سترت عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم
وقال آدم حدثنا شيبان حدثنا قتادة حدثنا صفوان عن ابن عمر سمعت النبي
مطابقته للترجمة في قوله فيقول في الموضعين
وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري وصفوان بن محرز على صيغة اسم فاعل من الإحراز بالمهملة والزاي المازني
والحديث مضى في كتاب المظالم
قوله في النجوى أي التناجي الذي بين الله وعبده المؤمن يوم القيامة قوله يدنو من الدنو والمراد به القرب الرتبي لا المكاني قوله كنفه بفتحتين وهو الساتر أي حتى تحيط به عنايته التامة وهو أيضا من المتشابهات وفيه فضل عظيم من الله عز و جل على عباده المؤمنين قوله فيقرره أي يجعله مقرا بذلك أو مستقرا عليه ثابتا
قوله وقال آدم هو ابن أبي إياس ذكر هذه الرواية لتصريح قتادة فيها بقوله حدثنا صفوان وشيبان هو ابن عبد الرحمن

(25/168)


37 -
( باب قوله تعالى ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما )
أي هذا باب في قول الله عز و جل وكلم الله موسى تكليما وفي بعض النسخ باب ما جاء في قوله عز و جلوكلم الله موسى تكليما وكذا في رواية أبي زيد المروزي وفي رواية أبي ذر باب ما جاء وكلم الله موسى تكليما ولغيرهما باب قوله تعالى وكلم الله موسى تكليماوأورد البخاري هذه الآية مستدلا بأن الله متكلم وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى كلم موسى بلا واسطة ولا ترجمان وأفهمه معاني كلامه وأسمعه إياه إذ الكلام مما يصح سماعه وهذه الآية أقوى ما ورد في الرد على المعتزلة
وقال ابن التين اختلف المتكلمون في سماع كلام الله فقال الأشعري كلام الله القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تال وعند قراءة كل قارىء وقال الباقلاني إنما تسمع التلاوة دون المتلو والقراءة دون المقروء
7515 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) حدثنا ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) حدثنا ( حميد بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) أن النبي قال احتج آدم وموسى فقال موسى أنت آدم الذي أخرجت ذريتك من الجنة قال آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه بم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق فحج آدم موسى
الله
مطابقته للترجمة في قوله اصطفاك الله برسالته وبكلامه
وعقيل بالضم هو ابن خالد والحديث قد مضى في كتاب القدر
قوله احتج آدم وموسى أي تحاجا وتناظرا قوله أخرجت ذريتك من الجنة أي كنت سببا لخروجهم بواسطة أكل الشجرة قوله وبكلامه كذا في رواية الكشميهني بكلامه بالباء وفي رواية غيره كلامه بلا باء قوله بم أصله بما تلومني ويروى ثم تلومني بالثاء المثلثة قوله فحج أي غلب آدم موسى بالحجة
7516 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( هشام ) حدثنا ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال قال رسول الله يجمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا هاذا فيأتون آدم فيقولون له أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك الملائكة وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا فيقول لهم لست هناكم فيذكر لهم خطيئته التي أصاب
الله
هذا قطعة من حديث أنس طويل وقد مضى في الرقاق
وهشام هو الدستوائي قال الكرماني أين الترجمة ثم قال تمام الحديث وهو قول إبراهيم عليه السلام عليكم بموسى فإنه كليم الله وقال الإسماعيلي أراد ذكر موسى قالوا له وكلمك الله فلم يذكره
7517 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثني ( سليمان ) عن ( شريك بن عبد الله ) أنه قال سمعت ( ابن مالك ) يقول ليلة أسري برسول الله من مسجد الكعبة إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم أيهم هو فقال أوسطهم هو خيرهم فقال آخرهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخراى فيما يراى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذالك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين

(25/169)


نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقاى جوفه ثم أتي بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء من هاذا فقال جبريل قالوا ومن معك قال معي محمد قال وقد بعث إليه قال نعم قالوا فمرحبا به وأهلا فيستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء ما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل هاذا أبوك فسلم عليه فسلم عليه ورد عليه آدم وقال مرحبا وأهلا بابني نعم الابن أنت فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال ما هاذان النهران يا جبريل قال هاذان النيل والفرات عنصرهما ثم مضاى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب يده فإذا هو مسك أذفر قال ما هاذا يا جبريل قال هاذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى من هاذا قال جبريل قالوا ومن معك قال محمد قالوا وقد بعث إليه قال نعم قالوا مرحبا به وأهلا ثم عرج به إلى السماء الثالثة وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية ثم عرج به إلى الرابعة فقالوا له مثل ذالك ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذالك ثم عرج به إلى السادسة فقالوا له مثل ذالك ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذالك كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فأوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى رب لم أظن أن يرفع علي أحد ثم علا به فوق ذالك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهاى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحاى الله فيما أوحاى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال يا محمد ماذا عهد إليك ربك قال عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة قال إن أمتك لا تستطيع ذالك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم فالتفت النبي إلى جبريل كأنه يستشيره في ذالك فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه يا رب خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هاذا فوضع عنه عشر صلوات ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هاذا فضعفوا فتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا فارجع فليخفف عنك ربك كل ذالك يلتفت النبي إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذالك جبريل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب

(25/170)


إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد قال لبيك وسعديك قال إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب قال فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك فرجع إلى موسى فقال كيف فعلت فقال خفف عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها قال موسى قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذالك فتركوه ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا قال رسول الله يا موسى قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه قال فاهبط بسم الله قال واستيقظ وهو في مسجد الحرام
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله
وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني وسليمان هو ابن بلال وشريك بن عبد الله بن أبي نمر بفتح النون وكسر الميم المدني التابعي وهو أكبر من شريك بن عبد الله النخعي القاضي وقال النووي جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء من جملتها أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه وهو غلط لم يوافق عليه وأيضا العلماء أجمعوا على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي قوله ابن مالك هو أنس بن مالك كذا وقع في كثير من النسخ وصرح في بعضها أنس بن مالك رضي الله عنه
ثم إن البخاري أورد حديث الإسراء من رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر في أوائل كتاب الصلاة وأورده من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة في بدء الخلق وفي أوائل البعثة قبيل الهجرة وفي صفة النبي عن إسماعيل بن أبي أويس وأخرجه مسلم في الإيمان عن هارون بن سعيد الأيلي
قوله أنه جاءه وفي رواية الكشميهني إذ جاءه قوله ثلاثة نفر أي من الملائكة قوله قبل أن يوحى إليه أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي وقد مضى الآن ما قاله النووي وقد صرح هؤلاء المذكورون بأن شريكا تفرد بذلك قيل فيه نظر لأنه وافقه كثير بن خنيس بضم الخاء المعجمة وفتح النون عن أنس كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في المغازي من طريقه قوله وهو نائم في المسجد الحرام قد أكد هذا بقوله في آخر الحديث فاستيقظ وهو في المسجد الحرام قوله أيهم هو أي محمد وكان عند رسول الله رجلان آخران قيل إنهما حمزة بن عبد المطلب عمه وجعفر بن أبي طالب ابن عمه قوله فقال أحدهم أي أحد النفر الثلاثة قوله أوسطهم هو خيرهم أي مطلوبك هو خير هؤلاء قوله خذوا خيرهم لأجل أن يعرج به إلى السماء قوله وكانت أي كانت هذه القصة في تلك الليلة لم يقع شيء آخر فيها قوله فلم يرهم أي بعد ذلك حتى أتوه ليلة أخرى لم يعين المدة التي بين المجيئين فيحمل على أن المجيء الثاني كان بدء الوحي إليه وحينئذ وقع الإسراء والمعراج وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك ويحصل الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة فيسقط تشنيع الخطابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة وقال الكرماني ثبت في الروايات الأخر أن الإسراء كان في اليقظة وأجاب بقوله إن قلنا بتعدده فظاهر وإن قلنا باتحاده فيمكن أن يقال كان في أول الأمر في اليقظة وآخره في النوم وليس فيه ما يدل على كونه نائما في القصة كلها قوله حتى احتملوه أي احتمل هؤلاء النفر الثلاثة النبي فوضعوه عند بئر زمزم فإن قلت في حديث أبي ذر فرج سقف بيتي وفي حديث مالك بن صعصعة أنه كان في الحطيم قلت إذا تعدد الإسراء فلا إشكال وإذا اتحد فالإشكال باق على حاله قوله إلى لبته بفتح اللام وتشديد الباء الموحدة هو موضع القلادة من الصدر وقال الداودي إلى لبته إلى عانته لأن اللبة العانة وقال ابن التين وهو الأشبه وفيه الرد على من أنكر شق الصدر عند الإسراء وزعم أن ذلك إنما وقع وهو صغير وثبت ذلك في غير رواية شريك في الصحيحين من حديث أبي ذر ووقع الشق أيضا عند البعثة كما أخرجه أبو داود

(25/171)


الطيالسي في مسنده وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة قوله ثم أتى بطست بفتح الطاء وكسرها ويقال بالإدغام طس وهو الإناء المعروف قوله فيه تور بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الواو وبالراء وهو إناء يشرب فيه قوله محشوا كذا وقع بالنصب على الحال وقال بعضهم حال من الضمير في الجار والمجرور والتقدير بطست كائن من ذهب فنقل الضمير من اسم الفاعل إلى الجار والمجرور انتهى قلت هذا كلام من لم يشم شيئا من العربية والذي يتصدى لشرح مثل هذا الكتاب يتكلم في ألفاظ الأحاديث النبوية مثل هذا الكلام أفلا يعلم أنه يعرض ما يقوله على ذوي الألباب والبصائر والذي يقال إن محشوا حال من التور الموصوف بقوله من ذهب قوله إيمانا قال بعضهم منصوب على التمييز وهذا أيضا تصرف واه وإنما هو مفعول قوله محشوا لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله وقوله وحكمة عطف عليه قبل الإيمان والحكمة معنيان فكيف يحشى بهما وأجيب بأن معناه أن الطست كان فيه شيء يحصل به كما لهما فالمراد سببهما مجازا قوله فحشا به صدره حشا على بناء المعروف وفيه ضمير يرجع إلى جبريل عليه السلام وصدره منصوب على المفعولية وهذا هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره حشي على بناء المجهول وصدره مرفوع به قوله ولغاديده بفتح اللام وبالغين المعجمة وبالدالين المهملتين جمع لغد وقال الجوهري اللغاديد هي اللحمات يعني التي بين الحنك وصفحة العنق واحدها لغدود أو لغديد ويقال له أيضا لغد وجمعه ألغاد وقد فسرها في الحديث بقوله يعني عروق حلقه قوله ثم عرج به بفتح الراء أي صعد به قوله إلى السماء الدنيا فإن قلت كيف كان مجيئه من عند بئر زمزم بعد الشق والإطباق إلى سماء الدنيا قلت إن كانت القصة متعددة فلا إشكال وإن كانت متحدة ففي الكلام حذف كثير تقديره ثم أركبه البراق إلى بيت المقدس ثم أتى بالمعراج قوله ما يريد الله به في الأرض كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره بما يريد أي على لسان من شاء كجبريل عليه السلام قوله يطردان أي يجريان فإن قلت هذا يخالف حديث مالك بن صعصعة فإن فيه بعد ذكر سدرة المنتهى فإذا في أصلها أربعة أنهار قلت أصل نبعهما من تحت سدرة المنتهى ومقرهما في السماء الدنيا ومنها ينزلان إلى الأرض فالنيل نهر مصر والفرات بالتاء الممدودة في الخط وصلا ووقفا فهو عليه ريف العراق قوله عنصرهما أي عنصر النيل والفرات وقال الكرماني بضم الصاد وفتحها وهو مرفوع بالبدلية قوله أذفر بالذال المعجمة وبالفاء والراء مسك جيد إلى الغاية شديد ذكاء الريح فإن قلت الكوثر في الجنة والجنة في السماء السابعة لما روى أحمد عن حميد الطويل عن أنس رفعه دخلت الجنة فإذا فيها نهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي مجرى مائه فإذا مسك أذفر فقال جبريل عليه السلام هذا الكوثر الذي أعطاك الله تعالى قلت أجيب بأنه يمكن أن يكون في هذا الموضع شيء محذوف تقديره ثم مضى به من السماء الدنيا إلى السماء السابعة وفيه تأمل قوله إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة قيل مر في آخر كتاب الفضائل أن موسى كان في السادسة وإبراهيم في السابعة وأجيب بأن النووي قال إن كان الإسراء مرتين فلا إشكال وإن كان مرة واحدة فلعله وجده في السادسة ثم ارتقى هو أيضا إلى السابعة قوله بتفضيل كلام الله أي بسبب أن له فضلا بكلام الله إياه وهذا هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره بفضل كلام الله قوله فقال موسى رب لم أظن أن يرفع علي أحد كذا هو في رواية الكشميهني أن يرفع على صيغة المجهول و أحد بالرفع به وفي رواية غيره أن ترفع علي صيغة المعلوم خطاب الله عز و جل واحدا مفعول ترفع وقال ابن بطال فهم موسى عليه السلام من اختصاصه بكلام الله عز و جل له في الدنيا دون غيره من البشر بقوله تعالى قال ياموسى إنى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ مآ ءاتيتك وكن من الشاكرين أن المراد بالناس هنا البشر كلهم فلما فضل الله محمدا عليه بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك قوله ثم علا به أي ثم علا جبريل بالنبي عليهما الصلاة والسلام بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى أي منتهى علم الملائكة أو منتهى صعودهم أو أمر الله تعالى أو أعمال العباد قوله ودنا الجبار قيل مجاز عن قربه المعنوي وظهور منزلته عند الله وتدلى أي طلب زيادة القرب وقاب قوسين هو منه عبارة عن لطف المحل وإيضاح المعرفة ومن الله إجابته ورفيع درجته إليه و القاب ما بين

(25/172)


مقبض القوس والسية بكسر السين وخفة التحتانية وهي ما عطف من طرفيها ولكل قوس قابان وقيل أصله قابي قوس وقال الخطابي ليس في هذا الكتاب حديث أبشع مذاقا منه لقوله ودنا الجبار فتدلى فإن الدنو يوجب تحديد المسافة والتدلي يوجب التشبيه بالمخلوق الذي تعلق من فوق إلى أسفل ولقوله وهو مكانه لكن إذا اعتبر الناظر لا يشكل عليه وإن كان في الرؤيا فبعضها مثل ضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله ثم إن القصة إنما حكاها بحليتها أنس بعبارته من تلقاء نفسه لم يعزها إلى رسول الله ثم إن شريكا كثير التفرد بمناكير لا يتابعه عليها سائر الرواة ثم إنهم أولوا التدلي فقيل تدلى جبريل عليه السلام بعد الارتفاع حتى رآه النبي متدليا كما رآه مرتفعا وقيل تدلى محمد شاكرا لربه على كرامته ولم يثبت في شيء صريحا أن التدلي مضاف إلى الله تعالى ثم أولوا مكانه بمكان النبي قوله ماذا عهد إليك ربك أي أمرك أو أوصاك قال عهد إلي خمسين صلاة فيه حذف تقديره عهد إلي أن أصلي وآمر أمتي أن يصلوا خمسين صلاة قوله أن نعم هذا هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره أي نعم وكلمة أن بالفتح وسكون النون مفسرة فهي في المعنى هنا مثل أي قوله إنه لا يبدل القول لدي قيل ما تقول في النسخ فإنه تبديل القول وأجيب بأنه ليس هذا تبديلا بل هو بيان انتهاه الحكم قوله في أم الكتاب هو اللوح المحفوظ قوله قد والله راودت قيل قد حرف لازم دخوله على الفعل وأجيب بأنه داخل عليه والقسم مقحم بينهما لتأكيده وجواب القسم محذوف أي والله قد راودت قوله راودت بني إسرائيل من المراودة وهي المراجعة قوله أبدانا والفرق بين البدن والجسم أن البدن من الجسد ما دون الرأس والأطراف قوله كل ذلك يلتفت وفي رواية الكشميهني يلتفت قوله فرفعه وفي رواية المستملي يرفعه بالياء آخر الحروف والأول أولى قوله عند الخامسة أي عند المرة الخامسة قال الكرماني إذا خفف كل مرة عشر ففي المرة الأخيرة خمس تكون هذه الدفعة سادسة ثم أجاب بقوله ليس فيه هذا الحصر فربما خفف بمرة واحدة خمسة عشرا وأراد به عند تمام الخامسة وقيل هذا التنصيص على الخامسة على أنها الأخيرة يخالف رواية ثابت عن أنس أنه وضع عنه في كل مرة خمسا وأن المراجعة كانت تسع مرات قلت كأن الكرماني لم يقف على رواية ثابت فلذلك أغفلها قوله ارجع إلى ربك فليخفف عنك هذا أيضا بعد قوله إنه لا يبدل القول لدي قال الداودي لا يثبت هذا لتواطؤ الروايات على خلافه وما كان موسى عليه السلام ليأمره بالرجوع بعد أن يقول الله تعالى له ذلك قوله قال فاهبط بسم الله ظاهر السياق يشعر بأن القائل بقوله اهبط بالخطاب للنبي أنه موسى عليه الصلاة و السلام وليس كذلك بل القائل بذلك هو جبريل عليه السلام وبذلك جزم الداودي قوله واستيقظ أي رسول الله والحال أنه في المسجد الحرام قال القرطبي يحتمل أن يكون استيقاظا من نومة نامها بعد الإسراء لأن إسراءه لم يكن طول ليلته وإنما كان بعضها ويحتمل أن يكون المعنى أفقت مما كنت فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى لقوله تعالى لقد رأى من ءايات ربه الكبرى فلم يرجع إلى حال بشريته إلا وهو بالمسجد الحرام وأما قوله في أوله بينا أنا نائم فمراده في أول القصة وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه فأتاه الملك فأيقظه وفي قوله في الرواية الأخرى بينا أنا بين النائم واليقظان أتاني الملك إشارة إلى أنه لم يكن استحكم في نومه فإن قلت ما وجه تخصيص موسى عليه السلام بالقضية المذكورة دون غيره ممن لقيه النبي من الأنبياء عليهم السلام قلت إما لأنه في السابعة فهو أول من وصل إليه أو لأن أمته أكثر من أمة غيره وإيذاءهم له أكثر من غيره أو لأن دينه فيه الأحكام الكثيرة والتشريعات العظيمة الوافرة إذا الإنجيل مثلا أكثر مواعظ فإن قلت في حديث مالك بن صعصعة رضي الله تعالى عنه أنه لقيه في الصعود في السادسة قلت يحتمل أن موسى عليه السلام صعد إلى السابعة من السادسة فلقيه النبي في الهبوط في السابعة
38 -
( باب كلام الرب عز و جل مع أهل الجنة )

(25/173)


أي هذا باب في بيان كلام الرب مع أهل الجنة أي بعد دخولهم الجنة وقد تقدم بيان كلام الرب جل جلاله مع الأنبياء والملائكة عليهم السلام ثم شرع يبين في هذا كلامه مع أهل الجنة
7518 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثني ( ابن وهب ) قال حدثني ( مالك ) عن ( زيد بن أسلم ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه قال قال النبي إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضاى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذالك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذالك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا
انظر الحديث 6549
مطابقته للترجمة ظاهرة
ويحيى بن سلميان أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر وسمع عبد الله بن وهب
والحديث مضى في باب صفة الجنة عن معاذ بن أسد ومضى الكلام فيه
قوله والخير في يديك قيل الشر أيضا في يديه لأنه لا مؤثر إلا الله وأجيب بأنه خصصه رعاية للأدب والكل بالنسبة إليه تعالى خير وكذا قوله بيدك الخير قيل ظاهر الحديث أن اللقاء أفضل من الرضا وأجيب بأنه لم يقل أفضل من كل شيء بل أفضل من الإعطاء فجاز أن يكون اللقاء أفضل من الرضا وهو من الإعطاء أو اللقاء مستلزم للرضا فهو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم وقيل الحكمة في ذكر دوام رضاه بعد الاستقرار لأنه لو أخبر به قبل الاستقرار لكان خيرا من علم اليقين فأخبر به بعد الاستقرار ليكون من باب عين اليقين قوله فلا أسخط عليكم بعده أبدا فيه أن لله تعالى إن سخط على أهل الجنة لأنه من متفضل عليهم بالإنعامات كلها سواء كانت دنيوية أو أخروية وكيف لا والعمل المتناهي لا يقتضي إلا الجزاء المتناهي وفي الجملة لا يجب على الله شيء
7519 - حدثنا ( محمد بن سنان ) حدثنا ( فليح ) حدثنا ( هلال ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي هريرة ) أن النبي كان يوما يحدث وعنده رجل من أهل البادية أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له أو لست فيما شئت قال بلاى ولاكني أحب أن أزرع فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال فيقول الله تعالى دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء
فقال الأعرابي يا رسول الله لا تجد هاذا إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع فضحك رسول الله
انظر الحديث 2348
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن سنان بكسر السين المهملة وتخفيف النون الأولى وفليح مصغرا ابن سليمان وقد مر غير مرة وهلال هو ابن علي وعطاء بن يسار ضد اليمين
ومضى الحديث في كتاب المزارعة في باب مجرد عقيب باب كراء الأرض بالذهب
قوله وعنده الواو فيه للحال قوله أن رجلا هو مفعول يحدث قوله أو لست الهمزة فيه للاستفهام والواو للعطف أي أو ما رضيت بما أنت فيه من النعم قوله فتبادر الطرف بالنصب وقوله نباته بالرفع فاعل تبادر يعني نبت قبل طرفة عين واستوى واستحصد قوله وتكويره أي جمعه كما في البيدر قوله دونك أي خذه قوله فإنه لا يشبعك شيء من الإشباع كذا في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي لا يسعك من الوسع قبل قوله تعالى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى معارض لهذا وأجيب بأن نفي الشبع لا ينافي الجوع لأن بينهما واسطة وهي الكفاية قيل ينبغي أن لا يشبع لأن

(25/174)


الشبع يمنع طول الأكل المستلذ منه مدة الشبع والمقصود منه بيان حرصه وترك القناعة كأنه قال لا يشبع عينك شيء ويقال واختلف في الشبع في الجنة والصواب أن لا يشبع فيها إذ لو كان لمنع دوام الأكل المستلذ وأكل أهل الجنة لا عن جوع فيها
قوله فقال الأعرابي مفرد الأعراب قاله الكرماني وفيه تأمل والأعراب جنس من العرب يسكنون البوادي لا زرع لهم ولا استنبات
39 -
( باب ذكر الله بالأمر وذكر العباد بالدعاء والتضرع والرسالة والإبلاغ )
أي هذا باب في ذكر الله تعالى لعباده يكون بأمره لهم بعبادته والتزام طاعته ويكون مع رحمته لهم وإنعامه عليهم إذا أطاعوه أو بعذابه إذا عصوه قوله وذكر العباد له بأن يدعوه ويتضرعوا له ويبلغوا رسالته إلى الخلائق يعني المراد بذكرهم الكمال لأنفسهم والتكميل للغير وقيل الباء في قوله بالأمر بمعنى مع قوله والإبلاغ هذا هكذا في رواية غير الكشميهني وفي روايته والبلاغ
لقوله تعالى فاذكرونى أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركآءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين
احتج البخاري بقوله تعالى فاذكرونى أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون أن العبد إذا ذكر الله بالطاعة يذكره الله عز و جل بالرحمة والمغفرة وعن ابن عباس في هذه الآية إذا ذكر العبد ربه وهو على طاعته ذكره برحمته وإذا ذكره وهو على معصيته ذكره بلعنته وذكر المفسرون فيها معاني كثيرة ليس هذا الموضع محل ذكرها
قوله واتل عليهم نبأ نوح قال ابن بطال أشار إلى أن الله تعالى ذكر نوحا عليه السلام بما بلغ به من أمره وذكر بآيات ربه وكذلك فرض على كل نبي تبليغ كتابه وشريعته وقال المفسرون أي يا محمد اقرأ على المشركين خبر نوح أي قصته وفيه دليل على نبوته حيث أخبر عن قصص الأنبياء عليهم السلام ولم يكن يقرأ الكتب قوله إذا قال أي حين قال لقومه إن كانبحير أي عظم وثقل وشق عليكم مقامي أي مكثي بين أظهركم وقال الفراء المقام بضم الميم الإقامة وبفتحها الموضع الذي يقوم فيه قوله وتذكيري بآيات الله أي عظتي وتخويفي إياكم عقوبة الله قوله فعلى الله توكلت جواب الشرط وكان متوكلا على الله في كل حال ولكن بين أنه متوكل في هذا على الخصوص ليعلم قومه أن الله تعالى يكفيه أمرهم أي إن لم تنصروني فإني أتوكل على من ينصرني قوله فاجمعوا أمركم من الإجماع وهو الإعداد والعزيمة على الأمر قوله وشركاءكم أي وأمر شركائكم أقام المضاف إليه مقام المضاف قوله غمة يأتي تفسيره الآن قوله ثم اقضوا علي أي ما في نفوسكم من مكروه ما تريدون قوله أي ولا تمهلون قوله ولا تنظرون أي أعرضتم عن الإيمان فما سألتكم من أجر يعني لم يكن دعائي إياكم طمعا في مالكم قوله إن أجري إلا على الله أي ما أجري وثوابي إلا على الله قوله أمرت أن أكون من المسلمين أي أن أنقاد لما أمرت به فلا يضرني كفركم وإنما يضركم
غمة هم وضيق
فسر الغمة المذكورة في الآية بالهم والضيق يقال القوم في غمة إذا غطى عليهم أمرهم والتبس ومنه غم الهلال أي غشيه ما غطاه وأصله مشتق من الغمامة
قال مجاهد إلي ما في أنفسكم يقال افرق اقض
أشار بهذا إلى تفسير مجاهد قوله ثم اقضوا إلي ما في أنفسكم من إهلاكي ونحوه من سائر الشرور ووصل

(25/175)


الفريابي هذا في تفسيره عن ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركآءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون اقضوا إلي ما في أنفسكم وحكى ابن التين افعلوا ما بدا لكم وقال غيره أظهروا الأمر وميزوه بحيث لا تبقى شبهة ثم اقضوا بما شئتم من قتل أو غيره من غير إمهال قوله يقال افرق اقض قيل هذا ليس من كلام مجاهد بدليل قوله يقال ويؤيده أيضا إعادة قوله بعده وقال مجاهد وفي بعض النسخ ليس فيه لفظ يقال فعلى هذا يكون من قول مجاهد ومعناه أظهر الأمر وأفصله وميزه بحيث لا تبقى شبهة وسترة وكتمان ثم اقض بالقتل ظاهرا مكشوفا ولا تمهلني بعد ذلك
وقال مجاهد وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذالك بأنهم قوم لا يعلمون إنسان يأتيه فيستمع ما يقول وما أنزل عليه فهو آمن حتى يأتيه فيسمع كلام الله وحتى يبلغ مأمنه حيث جاءه
قال ابن بطال ذكر هذه الآية من أجل أمر الله تعالى نبيه بإجارة الذي يسمع الذكر حتى يسمعه فإن آمن فذاك وإلا فيبلغ مأمنه حتى يقضي الله فيه ما شاء قوله إنسان يأتيه إلى آخره تفسير مجاهد قوله تعالى وأن أحد من المشركين استجارك أصله وإن استجارك أحد فحذف استجارك لدلالة استجارك الظاهر عليه قوله إنسان أي مشرك يعني إن أراد مشرك سماع كلام الله تعالى فأعرض عليه القرآن وبلغه إليه وأمنه عند السماع فإن أسلم فذاك وإلا فرده إلى مأمنه من حيث أتاك وتعليق مجاهد هذا وصله الفريابي بالسند الذي ذكرناه آنفا
النبأ العظيم القرآن
هو تفسير مجاهد أيضا وقال الكرماني أي ما قال جل جلاله عم يتسآءلون عن النبإ العظيم أي القرآن فأجب عن سؤالهم وبلغ القرآن إليهم قال ابن بطال سمي نبأ لأنه ينبأ به والمعنى إذا سألوا عن النبإ العظيم فأحبهم وبلغ القرآن إليهم وقيل حق الخبر الذي يسمى نبأ أن يتعرى عن الكذب
صوابا حقا في الدنيا وعمل به
أشار به إلى ما في قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا أي قال حقا في الدنيا وعمل به فإنه يؤذن له في القيامة بالتكلم وهذا وصله الفريابي أيضا بسنده المذكور ووجه مناسبة ذكره هذا هاهنا على عادته أنه إذا ذكر آية مناسبة للمقصود يذكر معها بعض ما يتعلق بتلك السورة التي فيها تلك الآية مما ثبت عنده تفسيره ونحوه على سبيل التبعية
40 -
( باب قو
ل الله تعالى الذى جعل لكم الارض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون وقوله جل ذكره قل أءنكم لتكفرون بالذى خلق الارض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وقوله والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذالك يلق أثاما ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين
غرض البخاري في هذا الباب إثبات نسبة الأفعال كلها إلى الله تعالى سواء كانت من المخلوقين خيرا أو شرا فهي لله خلق وللعباد كسب ولا ينسب شيء من الخلق إلى غير الله تعالى فيكون شريكا وندا ومساويا له في نسبة الفعل إليه وقد نبه الله تعالى عباده على ذلك بالآيات المذكورة وغيرها المصرحة بنفي الأنداد والآلهة المدعوة معه فتضمنت الرد على من يزعم أنه يخلق أفعاله والأنداد جمع ند بكسر النون وتشديد الدال ويقال له النديد أيضا وهو نظير الشيء الذي يعارضه في أموره وقيل ند الشيء من يشاركه في جوهره فهو ضرب من المثل لكن المثل يقال في أي مشاركة كانت فكل ند مثل من غير عكس وقال الكرماني الترجمة مشعرة بأن المقصود من الباب إثبات نفي الشريك لله تعالى فكان المناسب ذكره في أوائل كتاب التوحيد وأجاب بأن المقصود ليس ذلك بل هو بيان كون أفعال العباد بخلق الله تعالى وفيه الرد على الجهمية حيث قالوا لا قدرة للعبد أصلا وعلى المعتزلة حيث قالوا لا دخل لقدرة الله فيها إذ المذهب الحق أن لا جبر ولا قدر ولكن أمر بين

(25/176)


الأمرين أي بخلق الله وكسب العبد وهو قول الأشعرية قيل لا تخلو أفعال العبد إما أن تكون بقدرته وإما أن لا تكون بقدرته إذ لا واسطة بين النفي والإثبات فإن كانت بقدرته فهو القدر الذي هو مذهب المعتزلة وإن لم تكن بها فهو الجبر المحض الذي هو مذهب الجهمية وأجيب بأن للعبد قدرة فلا جبر وبها يفرق بين النازل من المنارة والساقط منها ولكن لا تأثير لها بل الفعل واقع بقدرة الله وتأثير قدرته فيه بعد تأثير قدرة العبد عليه وهذا هو المسمى بالكسب فقيل القدرة صفة تؤثر على وفق الإرادة فإذا نفيت التأثير عنها فقد نفيت القدرة لانتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه وأجيب بأن هذا التعريف غير جامع لخروج القدرة الحادثة عنه بل التعريف الجامع لها هو أنها صفة يترتب عليها الفعل أو الترك
وقال عكرمة وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره
عكرمة هو مولى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهذا التعليق وصله الطبري عن هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة فذكره قوله إلا وهم مشركون يعني إذا سألوا عن الله وعن صفته وصفوه بغير صفته وجعلوا له ولدا وأشركوا به
وما ذكر في خلق أفعال العباد وأكسابهم لقوله تعالى الذى له ملك السماوات والارض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك وخلق كل شىء فقدره تقديرا
هذا عطف على قول الله المضاف إليه تقديره باب فيما ذكر في خلق أفعال العباد وإكسابهم وفي رواية الكشميهني أعمال العباد ويروى واكتسابهم من باب الافتعال الخلق لله والكسب للعباد واحتج على ذلك بقوله بديع السماوات والارض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شىء وهو بكل شىء عليم لأن لفظة كل إذا أضيفت إلى نكرة تقتضي عموم الأفراد
وقال مجاهد ما تنزل الملائكة إلا بالحق بالرسالة والعذاب
هذا وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقال الكرماني ما ننزل الملائكة بالنون ونصب الملائكة فهو استشهاد لكون نزول الملائكة بخلق الله تعالى وبالتاء المفتوحة والرفع فهو لكون نزولهم بكسبهم
ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما المبلغين المؤدين من الرسل
هذا في تفسير الفريابي أيضا بالسند المذكور قوله ليسأل الصادقين أي الأنبياء المبلغين المؤدين للرسالة عن تبليغهم
أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون عندنا
هذا أيضا من قول مجاهد أخرجه الفريابي بالسند المذكور
والذى جآء بالصدق وصدق به أولائك هم المتقون القرآن وصدق به المؤمن يقول يوم القيامة هاذا الذي أعطيتني عملت بما فيه
هذا وصله الطبري من طريق منصور بن المعتمر عن مجاهد قال الذي جاء بالصدق وصدق به هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون هذا الذي أعطيتمونا عملنا بما فيه وروي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الذي جاء بالصدق وصدق به رسول الله بلا إلاه إلا الله وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه الذي جاء بالصدق محمد والذي صدق به أبو بكر رضي الله تعالى عنه
7520 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( أبي وائل ) عن ( عمرو بن شرحبيل ) عن ( عبد الله ) قال سألت النبي أي الذنب أعظم عند الله قال أن تجعل

(25/177)


ندا وهو خلقك قلت إن ذالك لعظيم قلت ثم أي قال ثم أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك قلت ثم أي قال ثم أن تزاني بحليلة جارك
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة تؤخذ من قوله أن تجعل لله ندا وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وأبو وائل شقيق بن سلمة وعمرو بن شرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وبالياء آخر الحروف الساكنة منصرفا وغير منصرف الهمداني أبي ميسرة وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث مضى في باب إثم الزناة في كتاب الحدود
قوله أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك وفي التوضيح يعني الموؤدة قلت الموؤدة التي كانت تقتل لأجل العار والمراد هنا من يقتل ولده خشية الفقر كما قال الله تعالى 8 9 ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا قيل هو بدون مخافة الطعم أعظم أيضا وأجيب بأن مفهومه لا اعتبار له إذ شرط اعتباره أن لا يكون خارجا مخرج الأغلب ولا بيانا للواقع قوله بحليلة أي بزوجة جارك والحال أنه خلق لك زوجة وتقطع بالزنى الرحم
41 -
( باب قو
ل الله تعالى وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولاكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون
أي هذا باب في قول الله عز و جل وما كنتم الآية وقد ساق الآية كلها في رواية كريمة وفي رواية غيره إلى سمعكم ثم قال الآية قال صاحب التوضيح غرض البخاري من الباب إثبات السمع لله تعالى وإذ ثبت أنه سميع وجب كونه سامعا يسمع كما أنه لما ثبت أنه عالم وجب كونه عالما لم يعلم خلافا لمن أنكر صفات الله من المعتزلة وقالوا معنى وصفه بأنه سامع للمسموعات وصفه بأنه عالم بالمعلومات ولا سمع له ولا هو سامع حقيقة وهذا رد لظواهر كتاب الله ولسنن رسول الله قوله أي تخافون وقيل تخشون وسبب نزول هذه الآية يبين في حديث الباب
7521 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( منصور ) عن ( مجاهد ) عن ( أبي معمر ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه قال اجتمع عند البيت ثقفيان وقرشي أو قرشيان وثقفي كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم فقال أحدهم أترون أن الله يسمع ما نقول قال الآخر يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا وقال الآخر إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا فأنزل الله تعالى وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولاكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون الآية
انظر الحديث 4816 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة
والحميدي هو عبد الله بن الزبير وسفيان هو ابن عيينة ومنصور بن المعتمر ومجاهد بن جبر بفتح الجيم المفسر المكي يحكي أنه رأى هاروت وماروت وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة الأزدي وعبد الله بن مسعود
والحديث قد مضى مرتين في سورة حم السجدة أحدهما عن الحميدي عبد الله بن الزبير إلى آخره مثل ما أخرجه هنا
قوله كثيرة شحم بطونهم إشارة إلى وصفهم فقوله بطونهم مبتدأ و كثيرة شحم خبره والكثيرة مضافة إلى الشحم هذا إذا كان بطونهم مرفوعا وإذا كان مجرورا بالإضافة يكون الشحم الذي هو مضاف مرفوعا بالابتداء وكثيرة مقدما خبره واكتسب الشحم التأنيث من المضاف إليه إن كانت الكثيرة غير مضافة وكذلك الكلام في قليلة فقه قلوبهم قوله أترون بالضم أي أتظنون ووجه الملازمة فيما قال إنه كان يسمع هو أن نسبة جميع المسموعات إلى الله تعالى على السواء
وفي الحديث من الفقه إثبات القياس الصحيح وإبطال الفاسد فالذي قال يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا قد أخطأ في قياسه لأنه شبه الله تعالى بخلقه الذين يسمعون الجهر ولا يسمعون السر والذي قال إن كان يسمع إن جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا أصاب في قياسه حيث لم

(25/178)


يشبه الله بالمخلوقين ونزهه عن مماثلتهم فإن قلت الذي أصاب في قياسه كيف وصف بقلة الفقه قلت لأنه لم يعتقد حقيقة ما قال ولم يقطع به
42 -
( باب قول الله تعالى يسأله من فى السماوات والارض كل يوم هو فى شأن )
أي هذا باب في قول الله عز و جل كل يوم هو في شأن أي في شأن يحدثه لا يبديه يعز ويذل ويحيي ويميت ويخفض ويرفع ويغفر ذنبا ويكشف كربا ويجيب داعيا وعن ابن عباس ينظر في اللوح المحفوظ كل يوم ستين وثلاثمائة نظرة
ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون وقوله تعالى ياأيها النبى إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله تعالى فاطر السماوات والارض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الانعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير
قال المهلب غرض البخاري من الباب الفرق بين وصف كلامه بأنه مخلوق ووصفه بأنه حادث يعني لا يجوز إطلاق المخلوق عليه ويجوز إطلاق الحادث عليه وقال الكرماني لم يقصد ذلك ولا يرضى بما نسبه إليه إذ لا فرق بينهما عقلا ونقلا وعرفا وقيل إن مقصوده أن حدوث القرآن وإنزاله إنما هو بالنسبة إلينا وقيل الذي ذكره المهلب هو قول بعض المعتزلة وبعض الظاهرية فإنهم اعتمدوا على قوله عز و جل ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون فإنه وصف الذكر الذي هو القرآن بأنه محدث وهذا خطأ لأن الذكر الموصوف في الآية بالإحداث ليس هو نفس كلامه تعالى لقيام الدليل على أن محدثا ومخلوقا ومخترعا ومنشأ ألفاظ مترادفة على معنى واحد فإذا لم يجز وصف كلامه تعالى القائم بذاته بأنه مخلوق لم يجز وصفه بأنه محدث فالذكر الموصوف في الآية بأنه محدث هو الرسول لأنه قد سماه الله في آية أخرى ذكرا فقال تعالى أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولى الألباب الذين ءامنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم ءايات الله مبينات ليخرج الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيهآ أبدا قد أحسن الله له رزقا فسماه ذكرا في هذه الآية فيكون المعنى ما يأتيهم من رسول من ربهم محدث ويحتمل أن يكون المراد بالذكر هنا هو وعظ الرسول وتحذيره إياهم من المعاصي فسمي وعظه ذكرا وأضافه إليه لأنه فاعل له وقيل رجوع الإحداث إلى الإنسان لا إلى الذكر القديم لأن نزول القرآن على رسول الله كان شيئا بعد شيء فكان يحدث نزوله حينا بعد حين وقيل جاء الذكر بمعنى العلم كما في قوله تعالى ومآ أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وبمعنى العظمة كما في قوله ص والقرءان ذى الذكر أي العظمة وبمعنى الصلاة كما في قوله تعالى ياأيها الذين ءامنوا إذا نودى للصلواة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون وبمعنى الشرف كما في قوله وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون فإذا كان الذكر يجيء بهذه المعاني وهي كلها محدثة كان حمله على أحد هذه المعاني أولى وقال الداودي الذكر في الآية القرآن قال وهو محدث عندنا وهذا ظاهر قول البخاري لقوله وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين فأثبت أنه محدث وهو من صفاته ولم يزل سبحانه وتعالى بجميع صفاته وقال ابن التين هذا منه عظيم واستدلاله يرد عليه لأنه إذا كان لم يزل بجميع صفاته وهو قديم فكيف تكون صفته محدثة وهو لم يزل بها إلا أن يريد أن المحدث غير المخلوق كما يقوله البلخي ومن تبعه وهو ظاهر كلام البخاري حيث قال وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين فأثبت أنه محدث ثم قال الداودي نحو ما ذكره في شرح قول عائشة ولشأني أحقر من أن يتكلم الله في يأمر يتلى قال الداودي فيه أن الله تعالى تكلم ببراءة عائشة حين أنزل فيها بخلاف بعض قول الناس أنه لم يتكلم وقال ابن التين أيضا هذا من الداودي عظيم لأنه يلزم منه أن يكون الله متكلما بكلام حادث فتحل فيه الحوادث تعالى الله عن ذلك وإنما المراد بأنزل الإنزال الذي هو المحدث ليس أن الكلام القديم نزل الآن وقال الكرماني قوله وحدثه أي إحداثه ثم قال اعلم أن صفات الله تعالى إما سلبية وتسمى بالتنزيهات وإما وجودية حقيقية كالعلم والقدرة وإنها قديمة لا محالة وإما إضافية كالخلق والرزق وهي حادثة لا يلزم تغير في ذات الله وصفاته التي هي بالحقيقة صفات له كما أن تعلق العلم والقدرة بالمعلومات والمقدورات حادثة وكذا كل صفة فعلية له فحين تقررت هذه القاعدة فالإنزال مثلا حادث والمنزل قديم وتعلق القدرة حادث ونفس القدرة قديمة والمذكور وهو القرآن قديم والذكر حادث

(25/179)


وقال ابن مسعود عن النبي إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة
أراد يراد هذا المعلق جواز الإطلاق على الله بأنه محدث بكسر الدال لقوله إن الله يحدث من أمره ما يشاء ولكن إحداثه لا يشبه إحداث المخلوقين وأخرج أبو داود هذا الحديث من طريق عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى صلاته قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن الله قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة ورواه النسائي أيضا وفي روايته وإن مما أحدث ورواه أيضا أحمد وابن حبان وصححه
7522 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( حاتم بن وردان ) حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كيف تسألون أهل الكتاب عن كتبهم وعندكم كتاب الله أقرب الكتب عهدا بالله تقرأونه محضا لم يشب
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أقرب الكتب وقد روي فيه أحدث الكتب
أخرجه موقوفا عن علي بن عبد الله بن المديني عن حاتم بن وردان البصري عن أيوب السختياني عن عكرمة إلى آخره
قوله لم يشب بضم الياء أي لم يخلط بالغير كما خلط اليهود حيث حرفوا التوراة
7523 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله ) أن ( عبد الله بن عباس ) قال يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم أحدث الأخبار بالله محضا لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب الله وغيروا فكتبوا بأيديهم قالوا هو من عند الله ليشتروا بذلك ثمنا قليلا أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم فلا والله ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس المذكور
وهو أيضا موقوف أخرجه عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس
قوله أحدث الأخبار أي لفظا إذا القديم هو المعنى القائم به عز و جل أو نزولا أو إخبارا من الله تعالى قوله وقد حدثكم الله حيث قال فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هاذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون قوله ليشتروا بذلك وفي رواية المستملي ليشتروا به قوله ما جاءكم من العلم إسناد المجيء إلى العلم مجاز كإسناد النهي إليه قوله فلا والله أي ما يسألكم رجل منهم مع أن كتابهم محرف فلم تسألون أنتم منهم وقد مر في آخر الاعتصام بالكتاب في باب قول النبي لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء قوله عن الذي أنزل عليكم في رواية المستملي إليكم
43 -
( باب قول الله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به وفعل النبي حيث ينزل عليه الوحي )
أي هذا باب في قول الله عز و جل لا تحرك لسانك أي بالقرآن لتعجل به وغرض البخاري أن قراءة الإنسان

(25/180)


وتحريك شفيته ولسانه عمل له يؤجر عليه وكان يحرك به لسانه عند قراءة جبريل عليه السلام مبادرة منه ما يسمعه فنهاه الله تعالى عن ذلك ورفع عنه الكلفة والمشقة التي كانت تناله في ذلك مع ضمانه تعالى تسهيل الحفظ عليه وجمعه له في صدره كما ذكره في حديث الباب
وقال أبو هريرة عن النبي قال الله تعالى أنا مع عبدي حيثما ذكرني وتحركت بي شفتاه
هذا من الأحاديث التي علقها البخاري ولم يصلها في موضع آخر في كتابه وأخرجه أحمد بأتم منه ولفظه إذا ذكرني ويروى ما إذا ذكرني قوله أنا مع عبدي هذه المعية معية الرحمة وأما في قوله وهو معكم أينما كنتم فهي معية العلم وحاصل الكلام أنا مع عبدي زمان ذكره لي بالحفظ والكلاءة لا على أنه معه بذاته ومعنى قوله وتحركت بي شفتاه تحركت باسمي وذكره لي إذ محال حلوله في الأماكن ووجوده في الأفواه وتعاقب الحركات عليه
7524 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( موسى بن أبي عائشة ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) في قوله تعالى لا تحرك به لسانك لتعجل به قال كان النبي يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه فقال لي ابن عباس أحركهما لك كما كان رسول الله يحركهما فقال سعيد أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما فحرك شفتيه فأنزل الله عز و جل لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرءانه قال جمعه في صدرك ثم تقرأوه فإذا قرأناه فاتبع قرءانه قال فاستمع له وأنصت ثم إن عليناأن تقرأه قال فكان رسول الله إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي كما أقرأه
مطابقته للترجمة ظاهرة
وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح بن عبد الله اليشكري وموسى بن أبي عائشة أبو بكر الهمداني
والحديث تقدم مشروحا في أول الكتاب والمقصود من الباب بيان كيفية تلقي النبي كلام الله من جبريل عليه السلام وقيل مراد البخاري بهذين الحديثين المعلق والموصول الرد على من زعم أن قراءة القارىء قديمة فأبان أن حركة اللسان بالقرآن فعل القارىء بخلاف المقروء فإنه كلام الله القديم كما أن حركة لسان ذكر الله حادثة من فعله والمذكور وهو الله تعالى قديم وإلى ذلك أشار بالتراجم التي تأتي بعد هذا
44 -
( باب قول الله تعالى وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير يتخافتون يتسارون )
أي هذا باب في قول الله عز و جل وأسروا قولكم أو اجهروا به يعني أن الله عالم بالسر من أقوالكم والجهر به فلا يخفى عليه شيء من ذلك وقال ابن بطال مراده بهذا الباب إثبات العلم لله تعالى صفة ذاتية لاستواء علمه بالجهر من القول والسر وقد بينه في آية أخرى سوآء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف باليل وسارب بالنهار وأن اكتساب العبد من القول والفعل لله تعالى لقوله وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ثم قال عقيب ذلك ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فدل على أنه عالم بما أسروه وما جهروا به وأنه خالق لذلك فيهم وقال ابن المنير ظن الشارح أنه قصد بالترجمة إثبات العلم وليس كما ظن وإلا لتعاطفت المقاصد مما اشتملت عليه الترجمة لأنه لا مناسبة بين العلم وبين حديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن وإنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته بمسألة اللفظ فأشار بالترجمة إلى أن تلاوات الخلق تتصف بالسر والجهر ويستلزم أن تكون مخلوقة وسياق الكلام يأبى ذلك فقد قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد بعد أن ذكر عدة أحاديث دالة على ذلك فبين النبي أن أصوات الخلق وقراءتهم ودراستهم وتعليمهم وألسنتهم مختلفة

(25/181)


بعضها أحسن وأزين وأحلى وأصوت وأرتل وألحن وأعلى وأخفض وأغض وأخشع وأجهر وأخفى وأمهر وأمد وألين من بعض قوله يتخافتون أشار به إلى قوله تعالى فانطلقوا وهم يتخافتون ثم فسره بقوله يتسارون بتشديد الراء أي يتساررون فيما بينهم بكلام خفي وقيل في بعض النسخ بشين معجمة وزيادة واو بغير تثقيل أي يتراجعون
7525 - حدثني ( عمرو بن زرارة ) عن ( هشيم ) أخبرنا ( أبو بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما في قوله تعالى ويدع الإنسان بالشر دعآءه بالخير وكان الإنسان عجولا قال نزلت ورسول الله مختف بمكة فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا
مطابقته للترجمة لا تخفى
وعمرو بن زرارة بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى ابن واقد الكلابي النيسابوري وروى عنه مسلم أيضا وهشيم بن بشير وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس
والحديث مضى في تفسير سورة بني إسرائيل فإنه أخرجه هناك عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله فيسمع بالنصب والرفع قيل إذا كان النبي مختفيا عن الكفار فكيف يرفع الصوت وهو ينافي الاختفاء وأجيب بأنه لعله أراد الإتيان بشبه الجهر أو إنه ما كان يبقى له عند الصلاة ومناجاة الرب اختيار لاستغراقه في ذلك
7526 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت نزلت هاذه الآية قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا في الدعاء
انظر الحديث 4723 وطرفه
أشار بهذا إلى وجه آخر في سبب نزول هذه الآية أخرجه عن عبيد بن إسماعيل واسمه في الأصل عبد الله القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير وقد مر في تفسير سورة سبحان
7527 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( أبو عاصم ) أخبرنا ( ابن جريج ) أخبرنا ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله ليس منا من لم يتغن بالقرآن وزاد غيره يجهر به
مطابقته للترجمة من حيث إن في قوله من لم يتغن بالقرآن إضافة الفعل إليه وذلك يدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى
وإسحاق قال الحاكم هو ابن نصر وقال الغساني هو ابن منصور أشبه وأبو عاصم الضحاك وهو من مشايخ البخاري روى عنه كثيرا بلا واسطة وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
والحديث مضى في فضائل القرآن
قوله ليس منا أي ليس من أهل سنتنا وليس المراد أنه ليس من أهل ديننا قوله من لم يتغن أي من لم يجهر بقراءة القرآن قوله غيره هو صاحب لأبي هريرة زاد في آخر الحديث يجهر به أي بالقرآن
45 -
( باب قو
ل النبي رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل يقول لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل فبين الله أن قيامه بالكتاب هو فعله

(25/182)


وقال ومن ءاياته خلق السماوات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذالك لأيات للعالمين وقال جل ذكره ياأيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
أي هذا باب في ذكر قول النبي رجل إلى آخره وغرضه من هذا الباب أن قول العباد وفعلهم منسوبان إليهم وهو كالتعميم بعد التخصيص بالنسبة إلى الباب المتقدم عليه قيل إن الترجمة مخرومة إذ ذكر من صاحب القرآن حال المحسود فقط ومن صاحب المال حال الحاسد فقط وهو خرم غريب ملبس قال الكرماني نعم مخروم ولكن ليس غريبا ولا ملبسا إذ المتروك هو نصف الحديث بالكلية حاسدا ومحسودا وهو حال ذي المال والمذكور هو بيان صاحب القرآن حاسدا ومحسودا إذ المراد من رجل ثانيا هو الحاسد ومن مثل ما أوتي هو القرآن لا المال ومر الحديث أولا في كتاب العلم وآخرا في كتاب التمني قوله آناء الليل أي ساعات الليل وقال الأخفش واحدها أني مثل معي وقيل أنو يقال مضى أنيان من الليل وأنوان وقال أبو عبيدة واحدها أنى مثل نحى والجمع آناء قوله فبين الله ليس في كثير من النسخ إلا قوله فبين فقط بدون ذكر فاعله ولهذا قال الكرماني إن النبي قال إن قيام الرجل بالقرآن فعله حيث أسند القيام إليه وفي رواية الكشميهني إن قراءة الكتاب فعله قوله ألسنتكم أي لغاتكم إذ لا اختلاف في العضو المخصوص بحيث يصير في الآيات قوله وافعلوا الخير هذا عام في فعل الخير يتناول قراءة القرآن والذكر والدعاء
7528 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هرير ) قال قال رسول الله لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فهو يقول لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي عملت فيه مثل ما يعمل
انظر الحديث 5026 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة
وجرير بن عبد الحميد والأعمش سليمان وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في العلم كما ذكرنا الآن قوله لا تحاسد إلا في اثنتين ويروى إلا في اثنين بالتذكير قيل الخصلتان من باب الغبطة وأجيب بأن مراده لا تحاسد إلا فيهما وليس ما فيهما حسد فلا حسد كقوله لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم وأطلق الحسد وأراد الغبطة قوله رجل أي خصلة رجل ليصح بيانا لاثنتين قوله فهو يقول أي الحاسد وبقية لكلام مرت في العلم
7529 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال ( الزهري ) عن ( سالم ) عن أبيه عن النبي قال لا حسد في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار
سمعت سفيان مرارا لم أسمعه يذكر الخبر وهو من صحيح حديثه
انظر الحديث 5025
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وسالم بن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم
قوله سمعت قائله هو علي بن عبد الله شيخ البخاري أي سمعت هذا الحديث من سفيان مرارا ولم أسمعه يذكره بلفظ أخبرنا أو حدثنا الزهري هل يقول بلفظ قال ومع هذا هو من صحيح حديثه ولا قدح فيه لأنه قد علم من الطرق الآخر الصحيحات
46 -
( باب قول الله تعالى ياأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين
وقال الزهري من الله عز و جل الرسالة وعلى رسول الله البلاغ وعلينا التسليم )

(25/183)


أي هذا باب في قول الله تعالى إلى آخره قال الكرماني الشرط والجزاء متحدان إذ معنى إن لم تفعل إن لم تبلغ وأجاب بأن المراد من الجزاء لازمه نحو من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه قوله رسالاته أي الإرسال لا بد في الرسالة من ثلاثة أمور المرسل والمرسل إليه والرسول ولكل منهم أمر للمرسل الإرسال وللرسول التبليغ وللمرسل إليه القبول والتسليم
وقال ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا وقال تعالى أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون أو عجبتم أن جآءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بئاياتنآ إنهم كانوا قوما عمين وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال ياقوم ليس بى سفاهة ولكنى رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين
وقال هكذا في بعض النسخ بدون ذكر فاعله وفي بعضها وقال الله ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا
وقال كعب بن مالك حين تخلف عن النبي وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون
كعب بن مالك الأنصاري هو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن غزوة تبوك قال الكرماني وجه مناسبته لهذه الترجمة التفويض والانقياد والتسليم ولا يستحسن أحد أن يزكي أعماله بالعجلة بل يفوض الأمر إلى الله تعالى وحديث كعب في تفسير سورة براءة مطولا
وقالت عائشة إذا أعجبك حسن عمل امرىء وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ولا يستخفنك أحد
أرادت عائشة بذلك أن أحدا لا يستحسن عمل غيره فإذا أعجبه ذلك فليقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون قوله ولا يستخفيك أحد بالخاء المعجمة المكسورة والفاء المفتوحة والنون الثقيلة للتأكيد حاصل المعنى لا تغتر بعمل أحد فتظن به الخير إلا إن رأيته واقفا عند حدود الشريعة وهذا الحديث ذكره البخاري في كتاب خلق أفعال العباد مطولا وفيه إذا أعجبك حسن عمل امرىء إلى آخره وأرادت بالعمل ما كان من القراءة والصلاة ونحوهما فسمت كل ذلك عملا
وقال معمر ذالك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين هاذا القرآن ذالك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين بيان ودلالة كقوله تعالى الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلواة ومما رزقناهم ينفقون هاذا حكم الله
معمر بفتح الميمين قيل هو أبو عبيدة بالضم اللغوي وقيل هو معمر بن راشد البصري ثم التيمي قوله هذا القرآن يعني ذلك بمعنى هذا وهو خلاف المشهور وهو أن ذلك للبعيد وهذا للقريب كقوله لكم حكم الله أي هذا حكم الله وكقوله تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين وغيرها أي هذه أعلام القرآن قوله هدى للمتقين فسره بقوله بيان ودلالة بكسر الدال وفتحها ودلولة أيضا حكاهما الجوهري قال الفتح أعلى قال الكرماني تعلقه بالترجمة نوع من التبليغ سواء كان بمعنى البيان أو الدلالة
ذالك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين لا شك تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين وغيرها يعني هاذه أعلام القرآن
فسر قوله لا ريب فيه أي لا شك قوله بكل آيات الله أي هذه آيات الله واستعمل تلك التي للبعيد في موضع هذه التي للقريب
ومثله هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جآءتها ريح عاصف وجآءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هاذه لنكونن من الشاكرين يعني بكم
أي مثل المذكور فيما مضى في استعمال البعيد وإرادة القريب قوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم يعني بكم
وقال أنس بعث النبي خاله حراما إلى قومه وقال أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله فجعل يحدثهم
هذا قطعة من حديث مضى في الجهاد موصولا من طريق همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال بعث النبي أقواما من بني سليم الحديث ولفظه في المغازي عن أنس فانطلق حرام أخو أم سليم فذكره وحرام ضد حلال ابن

(25/184)


ملحان بكسر الميم وبالحاء المهملة الأنصاري البدري الأحدي بعثه رسول الله إلى بني عامر فقال لهم أتؤمنوني أي تجعلوني آمنا فآمنوه فبينما هو يحدثهم عن النبي إذا أومؤوا إلى رجل منهم فطعنه فقال الله أكبر فزت ورب الكعبة وقد مر في قصة بئر معونة فافهم
7530 - حدثنا ( الفضل بن يعقوب ) حدثنا ( عبد الله بن جعفر الرقي ) حدثنا ( المعتمر بن سليمان ) حدثنا ( سعيد بن عبيد الله الثقفي ) حدثنا ( بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير بن حية ) عن ( جبير بن حية ) قال ( المغيرة ) أخبرنا ( نبينا ) عن رسالة ربناأنه من قتل منا صار إلى الجنة
انظر الحديث 3159
مطابقته للترجمة ظاهرة
والفضل بن يعقوب الرخامي البغدادي وعبد الله بن جعفر الرقي وزياد بن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة ابن حبة بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وهو يروي عن والده جبير بن حية والمغيرة هو ابن شعبة
والحديث مضى مطولا في كتاب الجزية وفي التوضيح إسناد حديث المغيرة فيه موضعان نبه عليهما الجياني أحدهما كان في أصل أبي محمد الأصيلي معمر بن سليمان ثم ألحق تاء بين العين والميم فصار معتمرا وهو المحفوظ ثانيهما سعيد بن عبيد الله مصغرا هو الصواب ووقع في نسخة أبي الحسن مكبرا وكذا كان في نسخة أبي محمد عبد الله إلا أنه أصلحه بالتصغير فزاد ياء وكتب في الحاشية هو سعيد بن عبيد الله بن جبير بن حية وكذا رواه ابن السكن على الصواب وحية بن مسعود بن معتب بن مالك بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف اتفقا عليه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وانفرد البخاري بأبيه جبير ولاه زياد أصفهان وتوفي في أيام عبد الملك بن مروان وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال صاحب التوضيح ورايت بخط الدمياطي معمر بن سليمان قيل إنه وهم والصواب معتمر بن سليمان لأن عبد الله بن جعفر لا يروي عن معمر وهذا عكس ما أسلفناه عن الجياني
7531 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل ) عن ( الشعبي ) عن ( مسروق ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت من حدثك أن محمدا كتم شيئا
وقال محمد حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت من حدثك أن النبي كتم شيئا من الوحي فلا تصدقه إن الله تعالى يقول ياأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين
الله
مطابقته للترجمتة ظاهرة
وأخرجه من طريقين أولهما عن محمد بن يوسف الفريابي البخاري البيكندي عن سفيان هو الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد واسمه سعد على خلاف فيه عن عامر الشعبي عن مسروق بن الأجدع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها والثاني عن محمد وهو إن كان محمد المذكور في الأول فهو مرفوع وإن كان غيره يكون معلقا وأبو عامر عبد الملك العقدي
قوله يا أيها الرسول بلغ وجه الاستدلال به أن ما أنزل عام والأمر للوجوب فيجب عليه تبليغ كل ما أنزل عليه
7532 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( جرير ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( عمرو بن شرحبيل ) قال قال ( عبد الله ) قال رجل يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله تعالى قال أن تدعو ندا وهو خلقك قال ثم أي قال ثم أن تقتل ولدك أن يطعم معك قال ثم أي قال أن تزاني حليلة

(25/185)


جارك فأنزل الله تصديقها والذين لا يدعون مع الله إلاها ءاخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذالك يلق أثاما الآية
الله
مطابقته للترجمة من حيث أن يكون نزول الآية المذكورة قبل الحديث وأن النبي استنبط منها هذه الأشياء الثلاثة وبلغها فيكون الحديث مما تضمنته الآية فيدخل فيها وفي تبليغها
والحديث مضى عن قريب بعين هذا الإسناد والمتن في باب قول الله تعالى الذى جعل لكم الارض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ومضى الكلام فيه
47 -
( باب قول الله تعالى كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين )
أي هذا باب في قول الله عز و جل قل فأتوا بالتوراة وسبب نزولها ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال كان إسرائيل اشتكى عرق النساء فكان له صياح فقال إن أبرأني الله من ذلك لا آكل عرقا وقال عطاء لحوم الإبل وألبانها قال الضحاك قال اليهود لرسول الله حرم علينا هذا في التوراة فأكذبهم الله تعالى وأخبر أن إسرائيل حرم على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ودعاهم إلى إحضارها فقال قل فأتوا بالتوراةالآية ثم إن غرض البخاري من هذه الترجمة أن يبين أن المراد بالتلاوة القراءة وقد فسرت التلاوة بالعمل والعمل من فعل الفاعل وسيظهر الكلام وضوحا مما يأتي الآن
وقول النبي أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به وأعطيتم القرآن فعملتم به
وقول النبي بالجر عطفا على قول الله تعالى قل فأتوا بالتوراة والمقصود من ذكر هذا وما بعده ذكر أنواع التسليم الذي هو الغرض من الإرسال والإنزال وهو التلاوة والإيمان به والعمل به وهذا المعلق يأتي الآن في آخر الباب موصولا بلفظ أوتي وأوتيتم وقد مضى في اللفظ المعلق أعطي وأعطيتم في باب المشيئة والإرادة في أوائل كتاب التوحيد
وقال أبو رزين يتلونه يتبعونه ويعملون به حق عمله
أبو رزين بفتح الراء وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وبالنون هو ابن مسعود مالك الأسدي التابعي الكبير الكوفي وفسره قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولائك يؤمنون به ومن يكفر به فأولائك هم الخاسرون بقوله يتبعونه ويعملون به حق عمله كذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره يتلونه يتبعونه ويعملون به حق عمله ووصله سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور بن المعتمر عن أبي رزين فذكره
يقال يتلاى يقرأ حسن التلاوة حسن القراءة للقرآن
أراد بهذا أن معنى التلاوة القراءة والدليل عليه أنه يقال فلان حسن التلاوة ويقال أيضا حسن القراءة قوله للقرآن يعني لقراءة القرآن والفرق بينهما أن التلاوة تأتي بمعنى الإتباع وهي تقع بالجسم تارة وتارة بالاقتداء في الحكم وتارة بالقراءة وتدبر المعنى قال الراغب التلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة وتارة بامتثال ما فيها من أمر ونهي وهي أعم من القراءة فكل قراءة تلاوة من غير عكس
لا يمسه لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه إلا الموقن لقوله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بئايات الله والله لا يهدى القوم الظالمين

(25/186)


أشار بهذا إلى تفسير قوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون وفسر قوله لا يمسه بقوله لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن أي المطهرون من الكفر ولا يحمله بحقه إلا الموقن بكونه من عند الله المطهرون من الجهل والشك ونحوه لا الغافل كالحمار مثلا الذي يحمل الأسفار ولا يدري ما هي قوله إلا الموقن وفي رواية المستملي إلا المؤمن
وسمى النبي الإسلام والإيمان والصلاة عملا قال أبو هريرة قال النبي لبلال أخبرني بأرجاى عمل عملته في الإسلام قال ما عملت عملا أرجاى عندي أني لم أتطهر إلا صليت وسئل أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله ثم الجهاد ثم حج مبرور
قيل لا فائدة زائدة في قوله وسمى النبي إلى آخره لأنه لم ينكر أحد كون هذه الأشياء أعمالا لأن الإسلام والإيمان من أعمال القلب واللسان والصلاة من أعمال الجوارح قوله قال أبو هريرة قد مضى موصولا في كتاب التهجد في باب فضل الطهور بالليل والنهار وقد وهم بعضهم حيث قال تقدم موصولا في مناقب بلال قوله وسئل أي النبي أي الأعمال أفضل إلى آخره قد مضى في الإيمان في باب من قال إن الإيمان هو العمل أخرجه من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله سئل إلى آخره ومضى كذلك في الحج في باب فضل الحج المبرور وفيه سئل أي الأعمال وفي الذي في الإيمان سئل أي العمل بالإفراد
7533 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) أخبرني ( سالم ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله قال إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صليت العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتيتم القرآن فعملتم به حتى غربت الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين فقال أهل الكتاب هاؤلاء أقل منا عملا وأكثر أجرا قال الله تعالى هل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا لا قال فهو فضلي أوتيه من أشاء
الله
مطابقته للترجمة في قوله أوتي أهل التوراة التوراة
وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وعبد الله هو ابن المبارك ويونس هو ابن يزيد
والحديث مضى أولا في كتاب مواقيت الصلاة في باب من أدرك ركعة من العصر ثم مضى في كتاب التوحيد في باب المشيئة والإرادة ومضى الكلام فيه مكررا
48 -
( باب وسمى النبي الصلاة عملا وقاللا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )
هذا باب مجرد عن الترجمة لأنه كالفصل لما قبله ولهذا قال وسمى بالواو وقوله لا صلاة إلى آخره قد مضى في الصلاة في باب وجوب القراءة للإمام والمأموم وأخرجه من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وقال الكرماني لا صلاة أي لا صحة للصلاة لأنها أقرب إلى نفي الحقيقة بخلاف الكمال ونحوه قلت لم لا تقول أيضا في قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد والقول بلا كمال للصلاة إلا بفاتحة الكتاب متعين لقوله تعالى إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اليل ونصفه وثلثه وطآئفة من الذين معك والله يقدر اليل والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءان علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون فى الارض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم أجمع أهل التفسير أنها نزلت في الصلاة

(25/187)


7534 - حدثنا ( سليمان ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الوليد ) وحدثني ( عباد بن يعقوب الأسدي ) أخبرنا ( عباد بن العوام ) عن ( الشيباني ) عن ( الوليد بن العيزار ) عن ( أبي عمرو الشيباني ) عن ( ابن مسعود ) رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي أي الأعمال أفضل قال الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله
مطابقته للأحاديث التي مضت فيما قبل ظاهرة
وأخرجه من طريقين أحدهما عن سليمان بن حرب عن شعبة عن الوليد بالفتح ابن العيزار عن أبي عمرو بن سعد بن إياس الشيباني عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه والطريق الثاني عن عباد بتشديد الباء الموحدة ابن يعقوب الأسدي عن عباد بالتشديد أيضا ابن العوام بتشديد الواو عن الشيباني سليمان بن فيروز أبي إسحاق الكوفي عن الوليد بن العيزار إلى آخره
وعباد هذا شيخ البخاري مذكور بالرفض ولكنه موصوف بالصدق وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وساقه على لفظه قلت ترك الرواية عن مثل هذا هو الأوجب والرفض إذا ثبت فهو جرح عظيم
والحديث مضى في الصلاة لوقتها وفي الأدب أيضا ومضى الكلام فيه
49 -
( باب قول الله تعالى
إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا )
أي هذا باب في قوله عز و جل إن الإنسان الخ غرضه من هذا الباب إثبات خلق الله تعالى للإنسان بأخلاقه التي خلقه عليها من الهلع والمنع والإعطاء والصبر على الشدة واحتسابه ذلك على ربه تعالى وفسر الهلوع بقوله ضجورا وقال الجوهري الهلع أفحش الجوع وقال الداودي إنه والجزع واحد وقال بعض المفسرين الهلوع فسره الله تعالى بقوله إذا مسه إلى آخره
50 -
( باب ذكر النبي وروايته عن ربه )
أي هذا باب في ذكر النبي وروايته عن ربه أي بدون واسطة جبريل عليه السلام ويسمى بالحديث القدسي

(25/188)


وقال صاحب التوضيح معنى هذا الباب أنه روى عن ربه السنة كما روى عنه القرآن وهذا مبين في كتاب الله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى
7536 - حدثني ( محمد بن عبده الرحيم ) حدثنا ( أبو زيد سعيد بن الربيع الهروي ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه عن النبي يرويه عن ربه قال إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة
مطابقته للترجمة ظاهرة
ومحمد بن عبد الرحيم الذي يقال له صاعقة وسعيد بن الربيع بياع الثياب الهروية روى عنه البخاري في جزاء الصيد بدون الواسطة
والحديث يأتي الآن عن أنس عن أبي هريرة فعلى هذا الحديث مرسل صحابي
والهرولة الإسراع ونوع من العدو وأمثال هذه الإطلاقات ليست إلا على التجوز إذ البراهين العقلية قائمة على استحالتها على الله تعالى فمعناه من تقرب إلي بطاعة قليلة أجزيته بثواب كثير وكلما زاد في الطاعة أزيد في الثواب وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني تكون كيفية إتياني بالثواب على السرعة والغرض أن الثواب راجح على العمل مضاعف عليه كما وكيفا ولفظ التقرب والهرولة إنما هو على سبيل المشاكلة أو طريق الاستعارة أو على قصد إرادة لوازمها
7537 - حدثنا ( مسدد ) عن يحيى عن التيمي عن أنس بن مالك عن أبي هريرة قال ربما ذكر النبي قال إذا تقرب العبد مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا أو بوعا
وقال معتمر سمعت أبي سمعت أنسا عن النبي يرويه عن ربه عز و جل
انظر الحديث 7405 وطرفه
هذا الحديث مثل الحديث الذي مضى غير أن أنسا هنا يروي عن أبي هريرة وهناك روى عن النبي وهنا أيضا قال معتمر بن سليمان سمعت أبي سليمان بن طرخان قال سمعت أنسا يرويه عن النبي وأراد بهذا التعليق بيان التصريح بالرواية فيه عن الله عز و جل وقد وصله مسلم من رواية معتمر
و ( يحيى ) هو القطان و ( التيمي ) هو سليمان بن طرخان
قوله ربما ذكر النبي أي ربما ذكر أبو هريرة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كذا في الروايات كلها وليس فيه الرواية عن الله سبحانه وتعالى وروى مسلم حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى هو ابن سعيد وابن أبي عدي كلاهما عن سليمان فذكره بلفظ عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال قال الله عز و جل فإن قلت قال هنا إذا تقرب العبد مني وفي الحديث السابق قال إذا تقرب العبد إلي قلت الأصل من واستعماله بإلى لقصد معنى الانتهاء والصلاة تختلف بحسب المقصود قوله أو بوعا قال الخطابي البوع مصدر باع إذا مد باعه ويحتمل أن يكون جمع باع مثل ساق وسوق ومعنى الحديث مضاعفة الثواب حتى يكون مشبها بفعل من أقبل نحو صاحبه قدر شبر فاستقبله صاحبه ذراعا وقد يكون معنه التوفيق له بالعمل الذي يقرب فيه
7538 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( محمد بن زياد ) قال سمعت ( أبا هريرة ) عن النبي ( يرويه ) عن ( ربكم ) قال لكل عمل كفارة والصوم لي وأنا أجزي به ولخلوف

(25/189)


فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الصيام بأتم منه في باب فضل الصوم من رواية الأعرج عن أبي هريرة ومضى أيضا في التوحيد في باب قوله الله تعالى سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا
قوله لكل عمل أي من المعاصي كفارة أي ما يوجب سترها وغفرانها قيل جميع الطاعات لله وأجيب بأن الصوم لم يتقرب به إلى معبود غير الله بخلاف غيره من الطاعات فإن قلت جزاء الكل من الله تعالى قلت ربما فوض جزاء غير الصيام إلى الملائكة قوله ولخلوف بضم الخاء الرائحة المتغيرة للفم فإن قلت الله منزه عن الأطيبية قلت هو على سبيل الفرض يعني لو فرض لكان أطيب منه فإن قلت دم الشهيد كريح المسك والخلوف أطيب منه فالصائم أفضل من الشهيد قلت منشأ الأطيبية ربما تكون الطهارة لأنه طاهر والدم نجس فإن قلت ما الحكمة في تحريم إزالة الدم مع أن رائحته مساوية لرائحة المسك وعدم تحريم إزالة الخلوف مع أنه أطيب منه قلت إما أن تحصيل مثل ذلك الدم محال بخلاف الخلوف أو أن تحريمه مستلزم للجرح أو ربما يؤدي إلى ضرر كأدائه إلى النحر أو أن الدم لكونه نجسا واجب الإزالة شرعا
7539 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) ح وقال لي ( خليفة ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أبي العالية ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما عن النبي فيما يرويه عن ربه قال لا ينبغي لعبد أن يقول إنه خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه
مطابقته للترجمة في قوله فيما يرويه عن ربه
وأخرجه من طريقين الأول عن حفص بن عمر عن شعبة عن قتادة عن أبي العالية رفيع مصغرا عن ابن عباس والثاني بطريق المذاكرة عن خليفة بن خياط عن يزيد من الزيادة ابن زريع مصغر زرع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة إلى آخره وساقه على لفظ سعيد ومضى الحديث في أحاديث الأنبياء عليهم السلام في ترجمة يونس عليه السلام عن حفص بن عمر بالسند المذكور هنا ومضى أيضا في تفسير سورة الأنعام وصرح فيه بالتحديث عن ابن عباس
قوله ونسبه إلى أبيه جملة حالية موضحة وقيل متى اسم أمه والأول أصح عند الجمهور وإنما خصصه من بين سائر الأنبياء لئلا يتوهم غضاضة في حقه بسبب نزول قوله تعالى فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم قوله إنه خير ويروى أنا خير وهي الأشهر قال الكرماني يحتمل لفظ أنا أن يكون كناية عن رسول الله أو عن كل متكلم وإنما قاله مع أنه سيد ولد آدم قبل علمه بأنه سيدهم وأفضلهم أو قاله تواضعا وهضما لنفسه
7540 - حدثنا ( أحمد بن أبي سريج ) أخبرنا ( شبابة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( معاوية بن قرة ) عن ( عبد الله بن مغفل المزني ) قال رأيت رسول الله يوم الفتح على ناقة له يقرأ سورة الفتح أو من سورة الفتح قال فرجع فيها قال ثم قرأ معاوية يحكي قراءة ابن مغفل وقال لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل يحكي النبي فقلت لمعاوية كيف كان ترجيعه قال ثلاث مرات
الله
تعلق هذا الحديث بالباب من حيث إن الرواية عن الرب أعم من أن تكون قرآنا أو غيره بالواسطة أو بدونها لكن المتبادر إلى الذهن المتداول على الألسنة ما كان بغير الواسطة وقال المهلب معنى هذا الباب له روى عن ربه السنة كما روى عنه القرآن ودخول حديث ابن مغفل فيه للتنبيه على أن القرآن أيضا رواية له عن ربه وقيل قول النبي قال الله و روى عن ربه سواء
وشيخ البخاري أحمد بن أبي سريج

(25/190)


مصغر السرج بالسين المهملة وبالراء وبالجيم واسمه الصباح أبو جعفر النهشلي الرازي وشبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباءين الموحدتين ابن سوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وبالراء الفزاري بالفتح ومعاوية بن قرة المزني وعبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء المفتوحة المزني ويروى المغفل بالألف واللام
ومضى الحديث في فضائل القرآن في باب الترجيع
قوله فرجع فيها من الترجيع وهو ترديد الصوت في الحلق وتكرار الكلام جهرا بعد إخفائه وقول معاوية يدل على أن القراءة بالترجيع والألحان أن تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء والفهم ويستميلها ذلك حتى لا يكاد يصير عن استماع الترجيع المشوب بلذة الحكمة المفهمة قوله كيف كان ترجيعه قال ثلاث مرات فإن قلت في رواية مسلم بن إبراهيم في تفسير سورة الفتح عن شعبة قال معاوية لو شئت أن أحكي لكم قراءته لفعلت وهذا ظاهره أنه لم يرجع قلت يحمل الأول على أنه حكى القراءة دون الترجيع
51 -
( باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرهالقول الله تعالى كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين )
أي هذا باب في بيان ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها مثل الإنجيل والزبور والصحف التي نزلت على بعض الأنبياء عليهم السلام بالعربية أي باللغة العربية وغيرها من اللغات وقال الكرماني قوله تفسير التوارة وغيرها وكتب الله عطف الخاص على العام وفي بعض النسخ لم يوجد لفظ وغيرها فهو عطف العام على الخاص وفي رواية الكشميهني بالعبرانية موضع العربية قوله لقول الله تعالى كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين قيل الآية لا تدل على التفسير وأجيب بأن الغرض أنهم يتلونها حتى يترجم عن معانيها والحاصل أن الذي بالعربية مثلا يجوز التعبير عنه بالعبرانية وبالعكس وهل تقييد الجواز لمن لا يفقه ذلك اللسان أو لا الأول قول الأكثرين وقد كان وهب بن منبه وغيره يترجمون كتب الله إلا أنه لا يقطع على صحتها لقوله لا تصدقوا أهل الكتاب فيما يفسرونه من التوراة بالعربية لثبوت كتمانهم لبعض الكتاب وتحريفهم له
7541 - وقال ( ابن عباس ) أخبرني ( أبو سفيان بن حرب ) أن هرقل دعا ترجمانه ثم دعا بكتاب النبي فقرأه بسم الله الرحمان الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون الآية
الله
هذا قطعة من الحديث الطويل الذي مضى موصولا في بدء الوحي
وأبو سفيان صخر بن حرب الأموي والد معاوية وهرقل اسم قيصر الروم والترجمان الذي يعبر بلغة عن لغة
قوله دعا ترجمانه وفي رواية الكشميهني بترجمانه وكان غرض النبي في إرساله إليه أن يترجم عنده ليفهم مضمونه واحتج أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه بحديث هرقل وأنه دعا ترجمانه وترجم له كتاب رسول الله بلسانه حتى فهمه على أنه يجوز قراءته بالفارسية وقال إن الصلاة تصح بذلك
7542 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( عثمان بن عمر ) أخبرنا ( علي بن المبارك ) عن ( يحيى ابن أبي كثير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) قال كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم قولوا ءامنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتى موسى وعيسى ومآ أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون الآية
انظر الحديث 4485 وطرفه
مطابقته للترجمة لا تخفى على من يتأملها
وعثمان بن عمر بن فارس البصري
والحديث مضى بهذا الإسناد في تفسير

(25/191)


سورة البقرة وفي الاعتصام في باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء وهذا من النوادر يقع مكررا في ثلاث مواضع بسند واحد وقال ابن بطال استدل بهذا الحديث من قال بجواز قراءة القرآن بالفارسية قلت هذا مذهب أبي حنيفة كما ذكرنا الآن أيضا
7543 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( إسماعيل ) عن ( أيوب ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال أتي النبي برجل وامرأة من اليهود قد زنيا فقال لليهود ما تصنعون بهما قالوا نسخم وجوههما ونخزيهما قال كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فجاؤوا فقالوا لرجل ممن يرضون يا أعور اقرأ فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه قال ارفع يدك فرفع يده فإذا فيه آية الرجم تلوح فقال يا محمد إن عليهما الرجم ولاكنا نكاتمه بيننا فأمر بهما فرجما فرأيته يجانىء عليها الحجارة
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن عليهما الرجم إلى آخره لأن الذي قرأه فسره بالعربية أن عليهما الرجم حتى رجما
وإسماعيل هو ابن علية وهو اسم أمه وأبوه إبراهيم وأيوب هو السختياني
والحديث مضى في آخر علامات النبوة ومضى أيضا في كتاب المحاربين في باب الرجم في البلاط
قوله نسخم من التسخيم بالسين المهملة والخاء المعجمة وهو تسويد الوجه قوله ونخزيهما أي نفضحهما بأن نركبهما على الحمار معكوسين وندورهما في الأسواق قوله لرجل هو عبد الله بن صوريا مقصورا الأعور اليهودي كان حبرا منهم قوله يا أعور منادى مبني على الضم وفي رواية الكشميهني أعور بالجر على أنه صفة رجل قوله ووضع يده عليه هكذا في رواية الكشميهني أي على الموضع وفي رواية غيره عليها أي على آية الرجم قوله قال ارفع يدك أبهم القائل ولم يذكره وقد تقدم أنه عبد الله بن سلام قوله نكاتمه أي الرجم وفي رواية الكشميهني نكاتمها أي الآية التي فيها الرجم قوله يجانىء بالجيم وكسر النون بعد الألف وبالهمز أي يكب عليها يقال جنىء الرجل على الشيء وجانأ عليه وتجانأ عليه إذا أكب وروي بالمهملة أي يحني عليها ظهره أي يغطيها يقال حنوت العود عطفته وحنيت لغة قوله عليها الحجارة في أكثر النسخ هكذا وفي بعضها للحجارة باللام وعند عدم اللام تقديره عن الحجارة أو مضاف مقدر نحو اتقاء الحجارة أو فعل نحو يقيها الجارة
52 -
( باب قول النبي الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة وزينوا القرآن بأصواتكم )
أي هذا باب في قول النبي الماهر إلى آخره والماهر الحاذق المراد به هنا جودة التلاوة مع حسن الحفظ قوله مع السفرة الكرام السفرة الكتبة جمع سافر مثل كاتب وزنا ومعنى وهم الكتبة الذين يكتبون من اللوح المحفوظ وفي رواية أبي ذر مع سفرة الكرام من باب إضافة الموصوف إلى الصفة قوله الكرام أي المكرمين عند الله قوله البررة أي المطيعين المطهرين من الذنوب وفي الترمذي الذي يقرأ القرآن وهو به ماهر مع السفرة الكرام البررة وقال هو حسن صحيح وأصل الحديث مضى مسندا في التفسير لكن بلفظ مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة وقال ابن الأثير مع السفرة الكرام البررة أي الملائكة قوله وزينوا القرآن بأصواتكم هذا من الأحاديث التي علقها البخاري ولم يصلها في موضع آخر من كتابه وأخرجه في كتاب خلق أفعال العباد من رواية عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بهذا وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من هذا الوجه وأخرجه ابن حبان في صحيحه ومعنى زينوا القرآن بأصواتكم يعني بالمد والترتيل وليس بالتطريف الفاحش الذي يخرج إلى حد الغناء

(25/192)


7544 - حدثنا ( إبراهيم بن حمزة ) حدثني ( ابن أبي حازم ) عن ( يزيد ) عن ( محمد بن إبراهيم ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) أنه سمع النبي يقول ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث
وإبراهيم بن حمزة بالحاء المهملة والزاي أبو إسحاق الزبيري الأسدي المديني مات سنة ثلاثين ومائتين وهو من أفراده وابن أبي حازم هو عبد العزيز بن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي واسمه سلمة بن دينار المدني ويزيد من الزيادة ابن الهاد وهو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني الأعرج ومحمد بن إبراهيم بن الحارث أبو عبد الله التيمي القرشي المدني وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في كتاب التوحيد في باب وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور
قوله ما أذن الله معنى أذن هنا استمع والمراد لازمه وهو الرضا به والإرادة له
7545 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عروة بن الزبير ) ( وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد ) الله عن حديث ( عائشة ) حين قال لها أهل الإفك ما قالوا وكل حدثني طائفة من الحديث قالت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله يبرئي ولاكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى وأنزل الله عز و جل إن الذين جآءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم العشر الآيات كلها
الله
مطابقته للترجمة في قوله بأمر يتلى أي بالأصوات في المحاريب والمحافل
ورجاله كلهم قد ذكروا غير مرة
والحديث طرف من حديث مطول قد مضى في تفسير سورة النور ومضى الكلام فيه
قوله وكل أي قال الزهري وكل من هؤلاء الأئمة حدثني قطعة من حديث الإفك قوله يبرئني أي برؤيا يراها رسول الله ونحوها قوله ولكن وفي رواية الكشميهني ولكني قوله ولشأني اللام فيه مفتوحة للتأكيد قوله في بتشديد الياء
7547 - حدثنا ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( هشيم ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كان النبي متواريا بمكة وكان يرفع صوته فإذا سمع المشركون سبوا القرآن ومن جاء به فقال الله عز و جل لنبيه قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا
مطابقته للترجمة من حيث بيان اختلاف الصوت بالجهر والإسرار
وهشيم مصغرا ابن بشير كذلك الواسطي وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية إياس الواسطي
والحديث مضى في تفسير سورة سبحان ومضى قريبا أيضا في باب

(25/193)


قوله وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور
7548 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة ) عن أبيه أنه أخبره أن ( أبا سعيد الخدري ) رضي الله عنه قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة
قال أبو سعيد سمعته من رسول الله
انظر الحديث 609 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن رفع الصوت بالقرآن أحق بالشهادة وأولى
وإسماعيل هو ابن أبي أويس
والحديث قد مضى في كتاب الصلاة في باب رفع الصوت بالنداء فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره
7549 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن ( منصور ) عن ( أمه ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت كان النبي يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض
انظر الحديث 297
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله يقرأ القرآن
وقبيصة هو ابن عقبة وسفيان هو الثوري ومنصور هو ابن عبد الرحمن التيمي وأمه صفية بنت شيبة الحجبي المكي
والحديث مضى في كتاب الحيض
قوله حجري بفتح الحاء وكسرها قوله وأنا حائض جملة حالية فافهم
53 -
( باب قول الله تعالى إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اليل ونصفه وثلثه وطآئفة من الذين معك والله يقدر اليل والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءان علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون فى الارض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم )
أي هذا باب في قوله عز و جل فاقرؤا ما تيسر من القرآن قال المهلب يريد ما تيسر من حفظه على اللسان من لغة وإعراب قوله من القرآن وفي رواية الكشميهني ما تيسر منه وكل من اللفظين في السورة وقال بعضهم والمراد بالقراءة الصلاة لأن القراءة بعض أركانها قلت هذا لم يقل به أحد والمفسرون مجمعون على أن المراد منه القراءة في الصلاة وهو حجة على جميع من يرى فرضية قراءة الفاتحة في الصلاة
7550 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( عروة ) أن ( المسور بن مخرمة وعبد الرحمان بن عبد القاري حدثاه أنهما ) سمعا ( عمر بن الخطاب ) يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هاذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله فقلت كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت إني سمعت هاذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال أرسله اقرأ يا هشام فقرأ القراءة التي سمعته فقال رسول الله كذلك أنزلت ثم قال رسول الله اقرأ يا عمر فقرأت التي أقرأني فقال كذلك أنزلت إن هاذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه
الله
مطابقته للترجمة في قوله في آخر الحديث فاقرأوا ما تيسر منه
وعقيل بضم العين ابن خالد والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتحها

(25/194)


وعبد الرحمن بن عبد بالتنوين القاري منسوب إلى القارة بالقاف
والحديث مضى في الخصومات وفي فضائل القرآن في باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ومضى الكلام فيه
قوله أساوره أي أواثبه قوله فتصبرت ويروى تربصت قوله فلببته من التلبيب بالموحدتين جمع الثياب عند الصدر في الخصومة والجر قوله فقال أرسله أي أطلقه قوله على سبعة أحرف أي سبع لغات وقيل الحرف الإعراب يقال فلان يقرأ حرف عاصم أي بالوجه الذي اختاره من الإعراب وقال الأكثرون هو قصر في السبعة فقيل هي في صورة التلاوة من إدغام وإظهار ونحوهما ليقرأ كل بما يوافق لغته ولا يكلف القرشي الهمز ولا الأسدي فتح حرف المضارعة وقيل بل السبعة كلها لمضر وحدها
54 -
( باب قول الله تعالى ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر كذبت عاد فكيف كان عذابى ونذر إنآ أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابى ونذر ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر )
أي هذا باب في قول الله عز و جل ولقد يسرنا القرآن للذكر تيسير القرآن للذكر تسهيله على اللسان ومسارعته إلى القراءة حتى إنه ربما يسبق اللسان إليه في القراءة فيجاوز الحرف إلى ما بعده وتحذف الكلمة حرصا على ما بعدها قيل المراد بالذكر الأذكار والأتعاظ وقيل الحفظ قوله فهل من مدكر أصله مفتعل من الذكر قلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال
وقال النبي كل ميسر لما خلق له
الآن يأتي هذا موصولا من حديث عمران وعلي رضي الله تعالى عنهما
يقال ميسر مهيأ
هذا تفسير البخاري إذا تيسر أمر من الأمور يقال تهيأ
وقال مجاهد يسرنا القرآن بلسانك هونا قراءته عليك
وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر قال هونا قراءته والمذكور رواية أبي ذر وفي رواية غيره هوناه عليك
وقال مطر الوراق ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر قال هل من طالب علم فيعان عليه
مطر هو ابن طهمان أبو رجاء الخراساني الوراق سكن البصرة وكان يكتب المصاحف مات سنة تسع عشرة ومائة ووقع هذا التعليق عند أبي ذر عن الكشميهني وحده وثبت أيضا للجرجاني عن الفربري ووصله الفريابي عن ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن سودب عن مطر
7551 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) قال ( يزيد ) حدثني ( مطرف بن عبد الله ) عن ( عمران ) قال قلت يا رسول الله فيما يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق له
انظر الحديث 6596
مطابقته للترجمة في لفظ التيسير
وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو البصري المقعد وعبد الوارث بن سعيد ويزيد من الزيادة ابن أبي يزيد واسمه سنان القسام ويقال له بالفارسية رشك بكسر الراء وسكون الشين المعجمة كان يقسم الدور ويمسح بمكة ومطرف على صيغة اسم الفاعل من التطريف بالطاء المهملة ابن عبد الله العامري يروي عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه
وهذا مختصر من حديث مضى في كتاب القدر عن عمران ومضى الكلام فيه
قوله فيما ويروى فيم بحذف الألف بكلمة ما الاستفهامية قال ذلك حين قال رسول الله ما منكم إلا كتب مكانه في الجنة أو النار كل واحد منهما يسهل عليه ما كتب من عملهما

(25/195)


7552 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( منصور والأعمش ) سمعا ( سعد بن عبيدة ) عن أبي عبد الرحمان عن علي رضي الله عنه عن النبي أنه كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من النار أو من الجنة قالوا ألا نتكل قال اعملوا فكل ميسر فأما من أعطى واتقى الآية
الله
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث الأول
وغندر بضم الغين المعجمة وسكون النون محمد بن جعفر ومنصور هو ابن المعتمر والأعمش هو سليمان وسعد بن عبيدة أبو حمزة بالمهملة والزاي السلمي بالضم الكوفي ختن ( أبي عبد الرحمن ) السلمي واسمه عبد الله بن حبيب الكوفي القاري ولأبيه صحبة
والحديث مضى في الجنائز مطولا في باب موعظة المحدث عند القبر
قوله ينكت أي يضرب في الأرض فيؤثر فيها قوله إلا كتب أي قدر في الأزل أن يكون من أهل النار أو من أهل الجنة فقالوا ألا نعتمد على ما قدر الله ( علي ) نا ونترك العمل فقال لا اعملوا فإن أهل السعادة ييسرون لعملهم وأهل الشقاوة لعملهم
55 -
( باب قول الله تعالى كلا إذا دكت الارض دكا دكا وجآء ربك والملك صفا صفا والطور وكتاب مسطور
قال قتادة مكتوب يسطرون يخطون في أم الكتاب جملة الكتاب وأصله ما يتكلم من شيء إلا كتب عليه )
مجيد أي كريم على الله وقرىء مجيد بالخفض أي قرآن رب مجيد وقيل معنى مجيد أحكمت آياته وبينت وفصلت وقرأ نافع محفوظ بالرفع على أنه نعت لقرآن وقرأ غيره بالخفض على أنه نعت للوح والطور قيل جبل بالشام وكتاب مسطور قال قتادة مكتوب وصله البخاري في كتاب خلق أفعال العباد من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى ة والطور وكتاب مسطور قال المسطور المكتوب قوله يسطرون أي يكتبون رواه عبد بن حميد من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة في قوله ن والقلم وما يسطرون قال وما يكتبون قوله في أم الكتاب جملة الكتاب وأصله وصله أبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ من طريق معمر عن قتادة نحوه قوله ما يلفظ إلى آخره وصله ابن أبي حاتم من طريق شعيب بن أبي عروبة عن قتادة والحسن فذكره
وقال ابن عباس يكتب الخير والشر
يعني في قوله ما يلفظ من قول وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق هشام ابن حسان عن عكرمة عن ابن عباس في قوله ما يلفظ من قول قال إنما يكتب الخير والشر
يحرفون يزيلون وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله عز و جل ولاكنهم يحرفونه يتأولونه على غير تأويله دراستهم تلاوتهم واعية حافظة وتعيها تحفظها قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون يعني أهل مكة ومن بلغ هاذا القرآن فهو له نذير
قوله يحرفون في قوله تعالى فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خآئنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين أي يزيلونه من جهة المعنى ويؤولونه بغير المراد الحق قوله دراستهم في قوله تعالى أن تقولوا إنمآ أنزل الكتاب على طآئفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أي عن تلاوتهم وقال أبو عبيدة فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خآئنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين يقلبون ويغيرون قوله واعية في قوله تعالى لنجعلها لكم تذكرة وتعيهآ أذن واعية أي حافظة وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله وأوحي إلى آخره وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس

(25/196)


7553 - وقال لي ( خليفة بن خياط ) حدثنا ( معتمر ) سمعت أبي عن ( قتادة ) عن ( أبي رافع ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لما قضاى الله الخلق كتب كتابا عنده غلبت أو قال سبقت رحمتي غضبي فهو عنده فوق العرش
الله
مطابقته للترجمة من حيث إنه يشير به إلى أن اللوح المحفوظ فوق العرش
ومعتمر هو ابن سليمان يروي عن أبيه سليمان بن طرخان بفتح المهملة هو المشهور وقال الغساني هو بالضم والكسر وأبو رافع اسمه نفيع مصغر نفع الصائغ البصري يقال أدرك الجاهلية وكان بالمدينة ثم تحول إلى البصرة قال أبو داود قتادة لم يسمع من أبي رافع وقال غيره سمع منه
والحديث مضى في التوحيد من حديث الأعرج عن أبي هريرة نحوه في باب ولقد ضل قبلهم أكثر الاولين
قوله قضى الله أي أتم الله خلقه قوله كتب كتابا إما حقيقة عن كتابة اللوح المحفوظ ومعنى الكتابة خلق صورته فيه أو أمر بالكتابة وإما مجاز عن تعلق الحكم به والإخبار به قوله عنده العندية المكانية مستحيلة في حقه تعالى فهي محمولة على ما يليق به أو مفوضة إليه أو مذكورة على سبيل التمثيل والاستعارة وهي من المتشابهات وقال الكرماني كيف يتصور السبق في الصفات القديمة إذ معنى القديم هو عدم المسبوقية وأجاب بأنها من صفات الأفعال أو المراد سبق تعلق الرحمة وذلك لأن إيصال العقوبة بعد عصيان العبد بخلاف إيصال الخير فإنه من مقتضيات صفاته
56 -
( باب قول الله تعالى والله خلقكم وما تعملون )
أي هذا باب في قوله عز و جل والله خلقكم وما تعملون قال المهلب غرض البخاري من هذه الترجمة إثبات أن أفعال العباد وأقوالهم مخلوقة لله تعالى وقيل وما تعملون من الأصنام من الخشب والحجارة وقال قتادة وما تعملون بأيديكم وقيل يجوز أن تكون كلمة ما نافية أي وما تعملون ولكن الله خالقه ويجوز أن تكون ما مصدرية أي وعملكم ويجوز أن تكون استفهاما بمعنى التوبيخ
إنا كل شىء خلقناه بقدر
الظاهر أنه سقط منه قوله تعالى قال الكرماني التقدير خلقنا كل شيء بقدر فيستفاد منه أن الله خالق كل شيء
ويقال للمصورين أحيوا ما خلقتم
كذا وقع في رواية الأكثرين وهو المحفوظ وفي رواية الكشميهني ويقول أي بقول الله عز و جل أو يقول الملك بأمره وهذا الأمر للتعجيز
إن ربكم الله الذى خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين
قال ابن عيينة بين الله الخلق من الأمر لقوله تعالى إن ربكم الله الذى خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين
ساق في رواية كريمة الآية كلها والمناسب منها لما تقدم قوله فيخص به قوله قل من رب السماوات والارض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أوليآء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الاعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل ولذلك عقبه بقوله وقال ابن عيينة هو سفيان بين الله الخلق من الأمر بقوله وهذا الأثر وصله ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية من طريق بشار بن موسى قال كنا عند سفيان بن عيينة فقال ألا له الخلق والأمر فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام وقال الراغب الأمر لفظ عام للأفعال والأقوال كلها ومنه قوله عز و جل ولله غيب السماوات والارض وإليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون ويقال للإبداع أمر نحو قوله تعالى ألا له الخلق والأمر وقيل المراد بالخلق في الآية الدنيا وما فيها وبالأمر الآخرة وما فيها فهو

(25/197)


كقوله أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون
وسمى النبي الإيمان عملا قال أبو ذر وأبو هريرة سئل النبي أي الأعمال أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيله وقال فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملون وغيرها وقال وفد عبد القيس للنبي مرنا بجمل من الأمره إن عملنا بها دخلنا الجنة فأمرهم بالإيمان والشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فجعل ذالك كله عملا
قد مر في كتاب الإيمان في باب من قال الإيمان هو العمل وبسطنا الكلام فيه قوله قال أبو ذر إلى قوله فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملون وغيرهاف تقدم الكلام فيه في باب قول الله تعالى كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين وهو قبل هذا الباب بثمانية أبواب قوله فلا تعلم نفس مآ أخفى لهم من قرة أعين جزآء بما كانوا يعملون وغيرها أي من الطاعات قال الكرماني أي من الإيمان وسائر الطاعات أدخل قوله من الإيمان لأجل مذهبه على ما لا يخفى قوله وفد عبد القيس إلى آخره يأتي الكلام فيه بعد حديث واحد
7555 - حدثنا ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( أبي قلابة والقاسم التميمي ) عن ( زهدم ) قال كان بين هاذا الحي من جرم وبين الأشعريين ود وإخاء فكنا عند أبي موسى الأشعري فقرب إليه الطعام فيه لحم دجاج وعنده رجل من بني تيم الله كأنه من الموالي فدعاه إليه فقال إني رأيته يأكل شيئا فقذرته فحلفت لا آكله فقال هلم فلأحدثك عن ذاك إني أتيت النبي في نفر من الأشعريين نستحمله قال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم فأتي النبي بنهب إبل فسأل عنا فقال أين النفر الأشعريون فأمر لنا بخمس ذود غر الذراى ثم انطلقنا قلنا ما صنعنا حلف رسول الله لا يحملنا وما عنده ما يحملنا ثم حملنا تغفلنا رسول الله يمينه والله لا نفلح أبدا فرجعنا إليه فقلنا له فقال لست أنا أحملكم ولاكن الله حملكم إني والله لا أحلف على يمين فأراى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير منه وتحللتها
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ولكن الله حملكم حيث نسب الحمل إلى الله تعالى
وشيخه عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي أبو محمد وشيخه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وأيوب هو السختياني وأبو قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي والقاسم بن عاصم التميمي ويقال الكلبي ويقال الليثي زهدم بفتح الزاي ابن مضرب على وزن اسم الفاعل من التضريب بالضاد المعجمة
والحديث قد مضى في مواضع كثيرة في المغازي عن أبي نعيم وفي النذور والذبائح أيضا عن أبي معمر وفي النذور أيضا عن قتيبة وفي الذبائح عن يحيى عن وكيع
قوله وبين الأشعريين جمع أشعري نسبة إلى أشعر أبو قبيلة من اليمن قوله يأكل شيئا أي من النجاسة هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره يأكل فقط قوله فقذرته بكسر الذال المعجمة أي كرهته قوله فلأحدثك كذا هو في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فلأحدثنك بنون التأكيد قوله نستحمله أي نطلب منه الحملان أي أن يحملنا قوله بنهب أي غنيمة قوله ذود بفتح الذال المعجمة وهي من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة الذرى بضم الذال جمع ذروة وهي أعلى كل شيء أي ذرى الأسنمة البيض أي من سمنهن وكثرة شحمهن قوله ثم حملنا بفتح اللام قوله تغفلنا أي طلبنا غفلته وكنا سبب ذهوله عن الحال التي وقعت قوله ولكن الله حملكم يحتمل وجوها أن يريد إزالة المنة عنهم وإضافة النعمة إلى الله

(25/198)


تعالى أو أنه نسي وفعل الناسي مضاف إلى الله تعالى كما جاء في الصائم إذا أكل ناسيا فإن الله أطعمه وأن الله حين ساق هذه الغنيمة إليهم فهو أعطاهم أو نظرا إلى الحقيقة فإن الله خالق كل الأفعال قوله وتحللتها من التحلل وهو التفصي من عهدة اليمين والخروج من حرمتها إلى ما يحل له بالكفارة
7556 - حدثنا ( عمرو بن علي ) حدثنا ( أبو عاصم ) حدثنا ( قرة بن خالد ) حدثنا ( أبو جمرة الضبعي ) قلت لابن عباس فقال قدم وفد عبد القيس على رسول الله فقالوا إن بيننا وبينك المشركين من مضر وإنا لا نصل إليك إلا في أشهر حرم فمرنا بجمل من الأمر إن عملنا به دخلنا الجنة وندعو إليها من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع آمركم بالإيمان بالله وهل تدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إلاه إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا من المغنم الخمس وأنهاكم عن أربع لا تشربوا في الدباء والنقير والظروف المزفتة والحنتمة
الله
هذا حديث وفد عبد القيس الذي مضى عن قريب وقال وفد عبد القيس الذي مضى عن قريب للنبي
أخرجه عن عمرو بن علي بن يحيى الصيرفي عن أبي عاصم الضحاك وهو شيخ البخاري روى عنه كثيرا بلا واسطة عن قرة بضم القاف وتشديد الراء ابن السدوسي عن أبي جمرة بالجيم والراء نصر بن عمران الضبعي بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة والحديث قد مضى في كتاب الإيمان في باب أداء الخمس من الإيمان ومضى الكلام فيه
قوله قلت لابن عباس فقال قدم كذا في هذه الرواية لم يذكر مفعول قلت والتقدير قلت حدثنا إما مطلقا وإما عن قصة عبد القيس قوله من مضر غير منصرف قبيلة كانوا بين ربيعة والمدينة قوله في أشهر حرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وذلك لأنهم كانوا يمتنعون عن القتال فيها قوله النقير بفتح النون جذع ينقر وسطه وينبذ فيه قوله والحنتمة بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوق ويجمع على حنتم وهي جرار خضر يجلب فيها الخمر
7557 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( الليث ) عن ( نافع ) عن ( القاسم بن محمد ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها أن رسول الله قال إن أصحاب هاذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن من زعم أنه يخلق فعل نفسه لو صحت دعواه لما وقع الإنكار على هؤلاء المصورين وقال الكرماني أسند الخلق إليهم صريحا وهو خلاف الترجمة ولكن المراد كسبهم فأطلق لفظ الخلق عليه استهزاء أو أطلق بناء عل زعمهم
والحديث أخرجه النسائي في الزينة عن قتيبة أيضا وأخرجه ابن ماجه في التجارات عن محمد بن رمح
قوله أصحاب هذه الصور أي المصورين قوله أحيوا أي اجعلوه حيوانا ذا روح وهذا الأمر أمر تعجيز
7558 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال قال النبي إن أصحاب هاذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم
انظر الحديث 5951
الكلام فيه مثل الكلام في حديث عائشة
وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وأيوب هو السختياني
والحديث أخرجه مسلم في اللباس عن أبي الربيع وغيره والنسائي في الزينة عن قتيبة وغيره

(25/199)


7559 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( ابن فضيل ) عن ( عمارة ) عن ( أبي زرعة ) سمع ( أبا هريرة ) رضي الله عنه قال سمعت النبي يقول قال الله عز و جل ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة
انظر الحديث 5953
الكلام في مطابقة هذا مثل ما مر فيما قبله
وابن فضيل مصغر وهو محمد وعمارة بن القعقاع وأبو زرعة اسمه هرم بفتح الهاء وكسر الراء البجلي
والحديث مضى في اللباس عن موسى بن إسماعيل وأخرجه مسلم في اللباس عن ابن نمير وغيره
قوله ذهب من الذهاب الذي هو بمعنى القصد والإقبال إليه قوله فليخلقوا ذرة بفتح الذال المعجمة وهي النملة الصغيرة وهذا استهزاء أو قول على زعمهم أو التشبيه في الصورة وحدها لا من سائر الوجوه قوله أو شعيرة عطف الخاص على العام أو هو شك من الراوي والغرض تعجيزهم وتعذيبهم تارة بخلق الحيوان وأخرى بخلق الجماد وفيه نوع من الترقي في الخساسة ونوع من التنزل في الإلزام
57 -
( باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم )
أي هذا باب في بيان حال قراءة الفاجر قال الكرماني الفاجر المنافق بقرينة جعله قسيما للمؤمن في الحديث ومقابلا له وعطف المنافق عليه إنما هو من باب العطف التفسيري قوله وتلاوتهم مبتدأ وخبره لا تجاوز وإما جمع الضمير فهو حكاية عن لفظ الحديث وزيد في بعض الروايات وأصواتهم والحناجر جمع حنجرة وهي الحلقوم وهو مجرى النفس كما أن المري مجرى الطعام والشراب
7560 - حدثنا ( هدبة بن خالد ) حدثنا ( همام ) حدثنا ( قتادة ) حدثنا ( أنس ) عن ( أبي موسى ) رضي الله عنه عن النبي قال مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب والذي لا يقرأ كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها
مطابقته للترجمة ظاهرة
وهدبة بضم الهاء ابن خالد القيسي بفتح القاف وهمام بتشديد الميم هو ابن يحيى العوذي وأنس هو ابن مالك وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري
والرجال كلهم بصريون وفيه رواية الصحابي عن الصحابي
والحديث مضى في فضائل القرآن عن مسدد ومضى الكلام فيه
قوله كالأترجة بضم الهمزة ويقال الأترنجة والترنجة وفي التوضيح كالأترجة كذا في الأصول ولأبي الحسن كالأترنجة بالنون والصواب الأول لأن النون والهمزة لا يجتمعان والمعروف الأترج وحكى أبو زيد ترنجة وترج وقالوا الأترجة أفضل الثمار للخواص الموجودة فيها مثل كبر جرمها وحسن منظرها ولين ملمسها ولونها يسر الناظرين ثم أكلها يفيد بعد الالتذاذ طيب النكهة ودباغ المعدة وقوة الهضم واشتراك الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها ثم إن أجزاءها تنقسم على طبائع فقشرها حار يابس وجرمها حار رطب وحماضها بارد يابس وبزرها حار مجفف قوله كمثل الحنظلة وهي شجرة مشهورة وفي بعض البلاد تسمى بطيخ أبي جهل فإن قلت قال في آخر فضائل القرآن كالحنظلة طعمها مر وريحها مر وهنا قال ولا ريح لها قلت المقصود منهما واحد وذلك هو بيان عدم النفع لا له ولا لغيره وربما كان مضرا فمعناه لا ريح لها نافعة
7561 - حدثنا ( علي ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) ح وحدثني ( أحمد بن صالح )

(25/200)


حدثنا ( عنبسة ) حدثنا ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني يحياى بن عروة بن الزبير أنه سمع عروة بن الزبير يقول قالت عائشة رضي الله عنها سأل أناس النبي عن الكهان فقال إنهم ليسوا بشيء فقالوا يا رسول الله فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقا قال فقال النبي تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة
الله
مطابقته للترجمة من حيث مشابهة الكاهن بالمنافق من حيث إنه لا يتنفع بالكلمة الصادقة لغلبة الكذب عليه ولفساد حاله كما لا ينتفع المنافق بقراءته لفساد عقيدته وانضمام خبثه إليها
وأخرجه من طريقين الأول عن علي بن المديني عن هشام بن يوسف الصنعاني عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري والثاني عن أحمد بن صالح أبي جعفر المصري عن عنبسة بن خالد بن يزيد بن أبي النجا ابن أخي يونس بن يزيد الأيلي سمع عمه يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن ( يحيى بن عروة بن الزبير ) عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة
والحديث مضى في أواخر الطب في باب الكهانة ومضى الكلام فيه
قوله سأل أناس وفي رواية معمر ناس وكلاهما واحد قوله عن الكهان أي عن حالهم والكهان جمع كاهن وهو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار قوله يخطفها بالفتح على اللغة الفصيحة وبكسرها والجني مفرد الجن أي يختلسها الجني من أخبار وفي رواية الكشميهني يحفظها من الحفظ قوله فيقرقرها من القرقرة وهو الوضع في الأذن بالصوت والقر الوضع فيها بدون الصوت وإضافة القرقرة إلى الدجاجة من إضافة الفاعل والدجاجة بفتح الدال وكسرها وقال الخطابي غرضه نفي ما يتعاطون من علم الغيب قال والصواب كقرقرة الزجاجة ليلائم معنى القارورة الذي في الحديث الآخر وتكون إضافة القرقرة إلى المفعول فيه نحو مكر الليل
7562 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( مهدي بن ميمون ) سمعت ( محمد بن سيرين ) يحدث عن ( معبد بن سيرين ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه عن النبي قال يخرج ناس من قبل المشرق ويقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه قيل ما سيماهم قال سيماهم التحليق أو قال التسبيد
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم
وأخرجه عن أبي النعمان محمد بن الفضل عن مهدي بن ميمون الأزدي عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين بفتح الميم والأربعة بصريون
قوله يخرج ناس من قبل المشرق تقدم في الفتن أنهم الخوارج قوله تراقيهم جمع ترقوة بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو وهي العظم الذي بين نقرة النحر والعاتق قوله يمرقون أي يخرجون قوله من الرمية بكسر الميم الخفيفة وتشديد الياء آخر الحروف فعيلة بمعنى المرمية أي المرمى إليها قوله إلى فوقه بضم الفاء وهو موضع الوتر من السهم قوله ما سيماهم بكسر المهملة مقصورا وممدودا العلامة قوله التحليق هو إزالة الشعر قوله أو التسبيد بالمهملة والباء الموحدة وهو استيصال الشعر فإن قلت يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة فكل محلوق الرأس منهم لكنه خلاف الإجماع قلت كان في عهد الصحابة لا يحلقون رؤوسهم إلا في النسك أو الحاجة وأما هؤلاء فقد جعلوا الحلق شعارهم ويحتمل أن يراد به حلق الرأس واللحية وجميع شعورهم
58 -
( باب قول الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )
أي هذا باب في قول الله عز و جل ونضع الموازين بالقسط وفي رواية أبي ذر أي في يومها والموازين جمع ميزان وأصله موزان قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها والقسط مصدر يستوي فيه المفرد المثنى والجمع أي

(25/201)


تضع الموازين العادلات قيل ثمة ميزان واحد يوزن به الحسنات وأجيب بأنه جمع باعتبار العباد وأنواع الموزونات وقال الزجاج أي نضع الموازين ذوات القسط قال أهل السنة إنه جسم محسوس ذو لسان وكفتين والله تعالى يجعل الأعمال والأقوال كالأعيان موزونة أو توزن صحفها وقيل ميزان كميزان الشعر وفائدته إظهار العدل والمبالغة في الإنصاف والإلزام قطعا لأعذار العباد
وأن أعمال بني آدم وقولهم يوزن
قد ذكروا أن الأعمال والأقوال تتجسد بإذن الله تعالى فتوزن أو توزن الصحائف التي فيها الأعمال
وقال مجاهد القسطاط العدل بالرومية
أي قال مجاهد في قوله تعالى يابنى آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم ءاياتى فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون وزنوا بالقسطاس المستقيم وهو بضم القاف وكسرها العدل بلغة أهل الروم هو من توافق اللغتين
ويقال القسط مصدر المقسط وهو العادل وأما القاسط فهو الجائر
اعترض الإسماعيلي على البخاري في قوله القسط مصدر المقسط ومصدر المقسط الإقساط يقال أقسط إذا عدل وقسط إذا جار وقال الكرماني المصدر المحذوف الزوائد نظرا إلى أصله
قلت هذا ليس بكاف في الجواب
7563 - حدثنا ( أحمد بن إشكاب ) حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن ( عمارة بن القعقاع ) عن ( أبي زرعة ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قال النبي كلمتان حبيبتان إلى الرحمان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
انظر الحديث 6406 وطرفه
ختم البخاري كتابه بالتسبيح والتحميد كما بدأ أوله بحديث النية عملا به
وأبو زرعة اسمه هرم ومر رجاله عن قريب
وقد مضى الحديث في الدعوات عن زهير بن حرب وفي الأيمان والنذور عن قتيبة وهنا رواه عن أحمد بن إشكاب بكسر الهمزة وفتحها وسكون الشين المعجمة وبالكاف وبالباء الموحدة غير منصرف وقيل هو منصرف أبو عبد الله الصفار الكوفي سكن مصر ويقال أحمد بن ميمون بن إشكاب ويقال أحمد بن عبد الله بن إشكاب ويقال اسم إشكاب مجمع مات سنة تسع عشر ومائتين وهو من أفراده
قوله كلمتان أي كلامان وتطلق الكلمة عليه كما يقال كلمة الشهادة قوله حبيبتان أي محبوبتان يعني بمعنى المفعول لا الفاعل والمراد محبوبية قائلهما ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير إليه والتكريم قيل ما وجه لحوق علامة التأنيث والفعيل إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث فأجيب بأن التسوية جائزة لا واجبة ووجوبها في المفرد لا في المثنى أو أن هذه التاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية قوله إلى الرحمن تخصيص لفظ الرحمن من بين سائر الأسماء الحسنى لأن القصد من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على الفعل القليل بالثواب الكثير ولا يقال إنه سجع لأن المنهي سجع الكهان قوله سبحان مصدر لازم النصب بإضمار الفعل وقال الزمخشري سبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل قيل سبحان واجب الإضافة فكيف الجمع بين الإضافة والعلمية وأجيب بأنه ينكر ثم يضاف ومعنى التسبيح التنزيه يعني أنزه الله تنزيها عما لا يليق به قوله وبحمده الواو للحال أي أسبحه ملتبسا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه أو لعطف الجملة على الجملة أي أسبح وألتبس بحمده والحمد هو الثناء بالجميل على وجه التفضيل وتكرار التسبيح للإشعار بتنزيهه على الإطلاق والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما

(25/202)


فرغت يمين مؤلفه ومسطره العبد الفقير إلى رحمة ربه الغني أبو محمد محمودبن أحمد العيني من تأليف هذا الجزء وتسطيره الحادي والعشرين من
عمدة القاري
في شرح البخاري الذي به كمل الشرح بتوفيق الله وعونه ولطفه وكرمه في آخر الثلث الأول من ليلة السبت الخامس من شهر جمادى الأولى عام سبعة وأربعين وثمانمائة من الهجرة النبوية في داره التي مقابلة مدرسته البدرية في حارة كتامة بالقرب من الجامع الأزهر وكان ابتداء شروعي في تأليفه في آخر شهر رجب الأصم الأصب سنة عشرين وثمانمائة وفرغت من الجزء الأول يوم الاثنين السادس عشر من شهر ذي الحجة الحرام سنة عشرين وثمانمائة وفرغت من الجزء الثاني نهار الثلاثاء السابع من شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وفرغت من الجزء الثالث يوم الجمعة الثامن من جمادى الأولى سنة ثلاثة وثلاثين وثمانمائة بعد أن مكثت فيه نصف سنة وكان الخلو بين الثاني والثالث مقدار ستة عشر سنة وأكثر وفرغت من الرابع يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة ثم استمريت في الكتابة والتأليف إلى التاريخ المذكور في الحادي والعشرين وكانت مدة مكثي في التأليف مقدار عشر سنين مع تخلل أيام كثيرة فيها والحمد لله تعالى على هذه النعمةصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أحمدك يا من أوضحت سنن الحق لسالكيها بآيات بينات وأبنت طرق الهداية بعلامات واضحات وكشفت عن الضلالة حجب الأوهام والخزعبلات فظهرت وحشية المنظر منفورة الشكل لدى أرباب البصائر والإدراكات فاندفع الباطل وزهق بما للحقيقة من قوة وصدمات فتعالى وانتصر سبيل دين الحق المؤيد بأم الكتاب التي هي آيات محكمات والمدعم بسنة خير خلق الله المعزز بالبراهين والمعجزات فنشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له شهادة دائمة في المحيا والممات ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب المقام المحمود والمناقب الباهرات اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ما دامت أزمنة وأوقات وسلم تسليما كثيرا وبارك عليهم وعلى من تبع هديهم بتحيات مباركات زاكيات ==

قلت المدون تم بحمد الله ثم قلت :

 سبحانك وبحمدك وأستغفرك أنت الله الشافي الكافي الرحمن الرحيم الغفار الغفور القادر القدير المقتدر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور... الواحد الأحد الملك المغيث لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ..لك الملك ولك الحمد وأنت علي كل شيئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بك وأستغفرك اللهم بحق أن لك هذه الأسماء وكل الأسماء الحسني أسألك أن تََشفني شفاءا لا يُغادر سقما وأن تَكفني كل همي وتفرج كل كربي وتكشف البأساء والضراء عني وأن تتولي أمري وتغفر لي ذنبي وأن تشرح لي صدري وأن تيسر لي أمري وأن تحلل عُقَدْ لساني يفقهوا قولي وأن تغنني بفضلك عمن سواك اللهم أصلحني: حالي وبالي وأعتقني في الدارين وخذ بيدي يا ربي وأخرجني من الظلمات الي النور بفضلك  وأن ترحم والداي ومن مات من اخوتي وان تغفر لهم أجمعين وكل من مات علي الايمان والتوبة اللهم آمين

 اللهم تقبل واستجب 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آيات ورد فيها "العرش" ويسبحون واشتقاقاتهم

  العرش آيات ورد فيها "العرش " ويسبحون واشتقاقاتهم   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِ...