حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

ج33.وج34.عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العين

ج33 وج34.عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني  

ج33 عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني  

دعائه وأنه لم يحل الحول ومنهم أحد غير ذلك الرجل الذي لبد بالأرض قوله قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر قيل لعل العظيم المذكور عقبة بن أبي معيط فإن عاصما قتله صبرا بأمر النبي بعد أن انصرفوا من بدر قوله مثل الظلة بضم الظاء المعجمة وهي السحابة قوله من الدبر بفتح الدال المهملة وسكون الباء الموحدة وهي الزنابير وقيل ذكور النحل ولا واحد له من لفظه قوله فحمته بفتح الحاء المهملة والميم أي منعته منهم فلم يقدروا منه على شيء وفي رواية شعيب فلم يقدروا أن يقطعوا من لحمه شيئا وفي رواية أبي الأسود عن عروة فبعث الله عليهم الدبر يطير في وجوههم ويلدغهم فحالت بينهم وبين أن يقطعوا
4087 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) سمع جابرا يقول الذي قتل خبيبا هو أبو سروعة
سفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وجابر هو ابن عبد الله وأبو سروعة بكسر السين المهملة وسكون الراء وفتح الواو والعين المهملة كنية عقبة بن الحارث
4088 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال بعث النبي سبعين رجلا لحاجة يقال لهم القراء فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة فقال القوم والله ما إياكم أردنا إنما نحن مجتازون في حاجة للنبي فقتلوهم فدعا النبي عليهم شهرا في صلاة الغداة وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المنقري المقعد وعبد الوارث هو ابن سعيد وعبد العزيز هو ابن صهيب قوله لحاجة فسر قتادة الحاجة في الحديث الذي يليه بقوله عن أنس أن رعلا وذكوان وبني لحيان استمدوا رسول الله على عدو فأمدهم بسبعين من الأنصار قوله يقال لهم القراء وفي الحديث الذي يليه كنا نسميهم القراء في زمانهم قوله حيانتثنية حي قوله من بني سليم بضم السين قوله رعل أي أحدهما رعل والآخر ذكوان قوله وذلك بدء القنوت أي ابتداء القنوت في الصلاة وقد تقدم الكلام فيه في الصلاة قوله وما كنا نقنت أي قبل ذلك
قال عبد العزيز وسأل رجل أنسا عن القنوت أبعد الركوع أو عند فراغ من القراءة قال لا بل عند فراغ من القراءة
عبد العزيز هو ابن صهيب المذكور وقول أنس هذا صريح في أن قراءة القنوت قبل الركوع
4088 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال بعث النبي سبعين رجلا لحاجة يقال لهم القراء فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة فقال القوم والله ما إياكم أردنا إنما نحن مجتازون في حاجة للنبي فقتلوهم فدعا النبي عليهم شهرا في صلاة الغداة وذلك بدء القنوت وما كنا نقنت
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المنقري المقعد وعبد الوارث هو ابن سعيد وعبد العزيز هو ابن صهيب قوله لحاجة فسر قتادة الحاجة في الحديث الذي يليه بقوله عن أنس أن رعلا وذكوان وبني لحيان استمدوا رسول الله على عدو فأمدهم بسبعين من الأنصار قوله يقال لهم القراء وفي الحديث الذي يليه كنا نسميهم القراء في زمانهم قوله حيانتثنية حي قوله من بني سليم بضم السين قوله رعل أي أحدهما رعل والآخر ذكوان قوله وذلك بدء القنوت أي ابتداء القنوت في الصلاة وقد تقدم الكلام فيه في الصلاة قوله وما كنا نقنت أي قبل ذلك
قال عبد العزيز وسأل رجل أنسا عن القنوت أبعد الركوع أو عند فراغ من القراءة قال لا بل عند فراغ من القراءة
عبد العزيز هو ابن صهيب المذكور وقول أنس هذا صريح في أن قراءة القنوت قبل الركوع
4090 - حدثني ( عبد الأعلى بن حماد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله صلى

(17/169)


الله عليه وسلم على عدو فأمدهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم فبلغ النبي ذالك فقنت شهرا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان قال أنس فقرأنا فيهم قرآنا ثم إن ذلك رفع بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا
هذا الحديث قد مضى في كتاب الجهاد في باب العون بالمدد من وجه آخر أخرجه عن محمد بن بشار عن ابن أبي عدي وسهل بن يوسف عن سعيد عن قتادة عن أنس إلى آخره وسعيد هو ابن أبي عروبة ومضى الكلام فيه هناك مستوفى وعصية بضم الغين مصغر عصا قوله وبني لحيان قيل ذكر بني لحيان في هذه القصة وهم وإنما كان بنو لحيان في قصة خبيب في قصة الرجيع التي تقدمت قوله قرآنا أراد به تفسير القرآن بالكتاب ولذلك قال في الرواية التي تأتي الآن قرآنا كتابا قوله ثم إن ذلك رفع أراد به نسخ ورواه أحمد عن غندر عن شعبة بلفظ ثم نسخ ذلك بلغوا عنا إلى آخره بيان قوله قرآنا
وعن قتادة عن أنس بن مالك حدثه أن نبي الله قنت شهرا في صلاة الصبح يدعو على أحياء من أحياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان
هذه رواية أخرى عن قتادة عن أنس إلى آخره
زاد خليفة حدثنا ابن زريع حدثنا سعيد عن قتادة حدثنا أنس أن أولئك السبعين من الأنصار قتلوا ببئر معونة
هذه رواية أخرى عن قتادة والحاصل أنه روى عن أنس ثلاث روايات الأولى رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس والثانية رواية سعيد عن قتادة عن أنس والثالثة عن قتادة أيضا عن أنس زاد فيها خليفة بن خياط أحد شيوخ البخاري عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة إلى آخره
قرآنا كتابا نحوه
غرضه تفسير القرآن بالكتاب كما ذكرناه قوله نحوه أي نحو رواية عبد الأعلى بن حماد عن يزيد ابن زريع إلى آخره
4091 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال حدثني أنس أن النبي بعث خاله أخ لام سليم في سبعين راكبا وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل خير بين ثلاث خصال فقال يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر أو أكون خليفتك أو أغزوك بأهل غطفان بألف وألف فطعن عامر في بيت أم فلان فقال غدة كغدة البكر في بيت امرأة من آل فلان ائتوني بفرسي فمات على ظهر فرسه فانطلق حرام أخو أم سليم وهو رجل أعرج ورجل من بني فلان قال كونا قريبا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم

(17/170)


قريبا وإن قتلوني أتيتم أصحابكم فقال أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله فجعل يحدثهم وأومؤا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه قال همام أحسبه حتى أنفذه بالرمح قال الله أكبر فزت ورب الكعبة فلحق الرجل فقتلوا كلهم غير الأعرج كان في رأس جبل فأنزل الله تعالى علينا ثم كان من المنسوخ إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا فدعا النبي عليهم ثلاثين صباحا على رعل وذكوان وبني لحيان وعصية الذين عصووا الله ورسوله
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث وهمام بتشديد الميم هو ابن يحيى بن دينار البصري والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب من ينكب في سبيل الله فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن همام عن إسحاق وفيهما من الزيادة والنقصان
قوله بعث خاله أي خال أنس رضي الله تعالى عنه واسمه حرام ضد حلال ابن ملحان واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن مالك النجار الأنصاري شهد بدرا مع أخيه سليم بن ملحان وشهدا أحدا وقال الكرماني قوله خاله الضمير لأنس أو للنبي لأنه كان خاله إما من جهة الرضاعة وإما من جهة النسب وإن كان بعيدا قوله أخ لأم سليم أي هو أخ لأم سليم فيكون ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف ويروى أخا لأم سليم بالنصب على أنه بدل من قوله خاله الذي هو مفعول بعث وأم سليم بضم السين بنت ملحان كانت تحت مالك بن النضر أبو أنس بن مالك في الجاهلية فولدت له أنس بن مالك فلما جاء الإسلام أسلمت مع قومها وعرضت الإسلام على زوجها فغضب عليها وخرج إلى الشام فهلك هناك ثم خلف عليها بعده أبو طلحة الأنصاري وقال أبو عمر اختلف في إسم أم سليم فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل رمية وقيل مليكة ويقال الغميصاء والرميصاء قوله في سبعين راكبا يتعلق بقوله بعث قوله عامر بن الطفيل بضم الطاء مصغر الطفل ابن مالك بن جعفر بن كلاب وهو ابن أخي براء عامر بن مالك قوله خير على صيغة المعلوم والضمير فيه يرجع إلى عامر والمفعول محذوف أي النبي تعالى عليه السلم وروى البيهقي في الدلائل من رواية عثمان بن سعيد عن ( موسى بن اسماعيل ) شيخ البخاري ولفظه وكان أتى النبي فقال له أخيرك بين ثلاث خصال فذكر الحديث قوله أهل السهل أي البوادي وأهل المدر أهل البلاد قوله بأهل غطفان بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة والفاء قال الرشاطي غطفان في قيس غيلان غطفان بن سعد بن قيس وفي حذام غطفان بن سعد إبن إياس بن حرام بن حذام وفي جهينة غطفان بن قيس بن جهينة قال ابن دريد غطفان فعلان من الغطف وهو قلة هدب العينين قوله بألف وألف وفي رواية عثمان بن سعيد بألف أشقر وألف شقراء قوله فطعن عامر بضم الطاء المهملة وكسر العين أي أصابه الطاعون وطلع له في أصل أذنه غدة عظيمة كالغدة التي تطلع على البكر قوله غده بضم الغين المعجمة وتشديد الدال قال الأصمعي من أدواء الإبل الغدة يقال أغد البعير فهو مغد وناقة مغد بغير هاء ويقال جمل مغدود وناقة مغدودة وكل قطعة صلبة بين القصبة والسلعة يركبها الشحم فهي غدة تكون في العنق وفي سائر الجسد قوله البكر بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف وهو الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى بكرة وقد يستعار للناس قوله في بيت امرأة من آل فلان وقد بينت هي في حديث سهل بن سعد أخرجه الطبراني فقال امرأة من آل سلول وفي حديث أيضا وأن النبي دعا عليه أي على عامر فقال أللهم إكفني عامرا قال فجاء إلى بيت امرأة من آل سلول قلت سلول هي بنت ذهل بن شيبان وزوجها مرة بن صعصعة أخو عامر بن صعصعة فنسب بنوه إليها قوله فانطلق حرام وهو خال أنس رضي الله تعالى عنه قوله وهو رجل أعرج الواو فيه للحال على حسب ما وقع هنا على أن الأعرج صفة حرام وليس كذلك بل الأعرج غيره لأن حراما لم يكن أعرج والأعرج غيره وحرام قتل والأعرج لم يقتل والصواب فانطلق حرام هو ورجل أعرج فكان الكاتب قدم الواو سهوا واسم الأعرج كعب بن زيد من بني دينار بن النجار

(17/171)


قال الذهبي بدري قتل مع النبي يوم الخندق ووقع في رواية عثمان بن سعيد فانطلق حرام ورجلان معه رجل أعرج ورجل من بني فلان وبين ابن هشام أن اسم الرجل الذي من بني فلان المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة ابن الجلاح الخزرجي قوله كونا أي قال حرام للرجل الأعرج وللرجل الذي من بني فلان وقال الكرماني ويروى كونوا باعتبار أن أقل الجمع اثنان قوله كنتم أي ثبتم و كان تامة فلا تحتاج إلى خبر وقال بعضهم فإن آمنوني كنتم وقع هذا بطريق الاكتفاء قلت إن أراد اكتفاء كان عن الخبر فلا يجوز إلا إذا كان كان تامة ووقع في رواية عثمان بن سعيد فإن آمنوني كنتم كذا ووقع لأبي نعيم في ( المستخرج ) فإن آمنوني كنتم قريبا مني قلت كان ناقصة على هاتين الروايتين على ما لا يخفى قوله فقال أتومنونيأي فقال حرام أتعطوني الأمان والهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستعلام ويروى أتومنونني على الأصل قوله أبلغ بالجزم لأنه جواب الاستفهام قوله فجعل يحدثهم أي جعل حرام يحدث المشركين الذين أتى إليهم و جعل من أفعال المقاربة وهو من القسم الثالث منها وهو ما وضع لدنو الخبر على وجه الشروع فيه والأخذ في فعله قوله وأومؤاأي أشاروا قوله قال همام هو المذكور في السند قوله أحسبه أي أظن الطعن أنفذه من جانب إلى جانب قوله بالرمح يتعلق بقوله فطعنه قوله قال الله أكبر فزت ورب الكعبة القائل بهذا هو حرام وقد صرح به في الحديث الذي يليه على ما يأتي ومعنى قوله فزت يعني بالشهادة قوله فلحق الرجل في ضبطه مع معناه ثلاثة أوجه الأول أن يكون لحق على صيغة المعلوم والرجل فاعله والمراد به الرجل الذي كان رفيق حرام ويكون فيه حذف تقديره فلحق الرجل بالمسلمين الثاني أن يكون لحق على صيغة المجهول والتقدير لحق الرجل الذي هو رفيق حرام يعني صار ملحوقا فلم يقدر أن يبلغ المسلمين قبل بلوغ المشركين إليهم الثالث أن يكون لفظ الرجل بسكون الجيم وفتح اللام ويكون جمع الراجل ويكون المعنى فلحق الرجال المشركون بالمسلمين فقاتلوهم وقتل المسلمون كلهم أي قتل السبعون الذين أرسلهم النبي غير الأعرج فإنه كان في رأس جبل وفي رواية حفص بن عمر عن همام تقدم في الجهاد فقتلوهم إلا رجلا أعرج صعد الجبل قال همام وآخر معه قوله فأنزل الله علينا المنزل هو قوله إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا وقوله ثم كان من المنسوخ جملة معترضة أي مما نسخت تلاوته وقال ابن التين إما أن يكون كان يتلى ثم نسخ رسمه أو كان الناس يكثرون ذكره وهو من الوحي ثم تقادم حتى صار لا يذكر إلا خبرا قوله ثلاثين صباحا يعني في صلاة الفجر وفي ( شرف المصطفى ) لما أصيب أهل بئر معونة جاءت الحمى إلى رسول الله فقال إذهبي إلى رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله فاتتهم فقتلت منهم سبعمائة رجل لكل رجل من المسلمين عشرة
4092 - حدثني ( حبان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) قال حدثني ( ثمامة بن عبد الله بن أنس ) أنه سمع ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول لما طعن حرام بن ملحان وكان خاله يوم بئر معونة قال بالدم هاكذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال فزت ورب الكعبة
هذا من تعليق الحديث السابق أخرجه عن حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن موسى المروزي عن عبد الله بن المبارك المروزي عن معمر بن راشد عن ثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله قاضي البصرة يروي عن جده أنس بن مالك وأخرجه النسائي أيضا في المناقب عن محمد بن حاتم بن نعيم عن حبان بن موسى به
قوله كان خاله أي وكان حرام بن ملحان خال أنس رضي الله تعالى عنه قوله يوم ظرف لقوله طعن قوله قال بالدم هكذا هذا من إطلاق القول على الفعل فمعناه أخذ الدم من موضع الطعن فنضحه أي رشه على وجهه ورأسه
4093 - حدثنا ( عبيد الله بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله

(17/172)


تعالى عنها قالت استأذن النبي أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى فقال له أقم فقال يا رسول الله أتطمع أن يؤذن لك فكان رسول الله يقول إني لأرجو ذالك قالت فانتظره أبو بكر فأتاه رسول الله ذات يوم ظهرا فناداه فقال أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هما ابنتاي فقال أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج فقال يا رسول الله الصحبة فقال النبي الصحبة قال يا رسول الله عندي ناقتان قد كنت أعددتهما للخروج فأعطى النبي إحداهما وهي الجدعاء فرج إليهما ثم يسرح فلا يفطن به أحد من الرعاء فلما خرجا خرج معهما يعقبانه حتى قدما المدينة فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة
مطابقته للترجمة في قوله فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها
قوله في الخروج يعني في الهجرة من مكة إلى المدينة قوله الأذى يعني من كفار مكة قوله أتطمع الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستعلام قوله أن يؤذن على صيغة المجهول قوله ظهرا يعني في وقت الظهر قوله فقال أي النبي أخرج بفتح الهمزة من الإخراج ومن عندك في محل النصب على المفعولية قوله إنما هما ابنتاي أراد بهما أسماء وعائشة رضي الله تعالى عنهما قوله أشعرت معناه إعلم لأن الهمزة هنا خرجت عن الاستفهام الحقيقي ومثله قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ( الشرح 1 ) أي شرحنا ولهذا عطف عليه ووضعنا قوله قد أذن لي على صيغة المجهول
قوله الصحبة منصوب بفعل محذوف أي أتريد الصحبة أي المرافقة في الهجرة والتقدير في الصحبة الثانية نعم أريد الصحبة قوله هي الجدعاء أي الناقة التي أعطاها النبي هي التي تسمى بالجدعاء وهي المقطوعة الأذن ومنه خطب على ناقته الجدعاء وقال ابن الأثير قيل لم تكن ناقته مقطوعة الأذان وإنما كان هذا اسما لها قوله بثور بفتح الثاء المثلثة وهو جبل معروف بمكة مسمى باسم الحيوان المشهور قوله فتواريا أي اختفيا فيه من التواري قوله عامر بن فهيرة هو أبو عمرو كان مملوكا للطفيل بن عبد الله بن سخبرة فاشتراه أبو بكر فأعتقه وأسلم قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم وكان حسن الإسلام وكان مولدا من مولدي الأزد أسود اللون شهد بدرا وأحدا والآن نذكر وفاته قوله لعبد الله بن طفيل كذا وقع هنا وقال الدمياطي صوابه الطفيل بن عبد الله بن سخبرة بن جرثومة بن عائذة بن مرة بن جشم بن الأوس بن عامر بن حفص بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهير ابن أخي دهمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد وقال أبو عمر الطفيل بن عبد الله بن سخبرة القرشي قال ابن أبي خيثمة لا أدري من أي قريش هو قال وهو أخو عائشة لأمها وقال الواقدي وكانت أم رومان أم عائشة تحت عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي وكان قدم بها مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام وتوفي عن أم رومان وقد ولدت له الطفيل ثم خلف عليها أبو بكر رضي الله تعالى عنه فولدت له عبد الرحمن وعائشة فهما أخوا الطفيل هذا لأمه قوله أخو عائشة لأمها وفي رواية الكشميهني أخي عائشة وجه الأول على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أخو عائشة ووجه الثاني على أنه بدل من قوله عبد الله بن الطفيل منحة بكسر الميم وسكون النون وهي ناقة يدر منها اللبن قوله يروح بها ويغدو أي يروح عامر بالمنحة المذكورة ويروح من الرواح وهو الذهاب والمجيء بعد الزوال ويغدو بالغين المعجمة خلاف الرواح وقد غدا يغدو غدوا قوله فيدلج من الإدلاج من باب الافتعال أي يسير من آخر الليل يقال أدلج بالتخفيف إذا سار من أول الليل وادلج بالتشديد إذا سار من آخره والاسم

(17/173)


منه دلجة بالضم والفتح ومنهم من يجعل الإدلاج السير في الليل كله قوله ثم يسرح أي ثم يذهب بها إلى المرعى يقال سرحت الماشية تسرح فهي سارحة وسرحتها أنا لازما ومتعديا قوله فلا يفطن به أي فلا يدري به أحد من الرعاء وهو جمع راع قوله فلما خرجا أي النبي وأبو بكر رضي الله تعالى عنه خرج معهما أي خرج عامر بن فهيرة معهما إلى المدينة قوله يعقبانه بضم الياء وقال بعضهم يعقبانه وفيه يركبانه عقبة وهو أن ينزل الراكب ويركب رفيقه ثم ينزل الآخر ويركب الماشي وقال الكرماني أي يردفانه بالنوبة يعني كان النبي يردف عامرا نوبة وأبو بكر يردفه نوبة قلت الذي قاله الكرماني أولى وأوجه لأن الذي قاله البعض يستلزم أن يمشي النبي ويركب عامر وهذا لا شك أن عامرا كان لا يرضى بذلك ولا أبو بكر ولا هو من الأدب والمروءة ويؤيد ما قاله الكرماني ما قاله ابن إسحاق لما ركب النبي وأبو بكر أردف أبو بكر عامرا مولاه خلقه ليخدمهما في الطريق قلت هذا لا ينافي إلا عقاب قوله فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة وكان يوم بئر معونة في صفر سنة أربع وقد مر بيانه
وعن أبي أسامة قال قال لي هشام بن عروة فأخبرني أبي قال لما قتل الذين ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية الضمري قال له عامر بن الطفيل من هاذا فأشار إلى قتيل فقال له عمرو بن أمية هاذا عامر بن فهيرة فقال لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع فأتى النبي خبرهم فنعاهم فقال إن أصحابكم قد أصيبوا وإنهم قد سألوا ربهم فقالوا ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا فأخبرهم عنهم وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت فسمي عروة به ومنذر بن عمرو وسمي به منذرا
وعن أبي أسامة معطوف على قوله حدثنا عبيد الله بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة وإنما فصله ليميز الموصول من المرسل لأنه ليس في قصة بئر معونة ذكر عائشة بخلاف قصة الهجرة فإن فيها ذكر عائشة كما مضى الآن قبل هذا قوله لما قتل الذين ببئر معونة وهم القراء الذين سبق ذكرهم قوله وأسر عمرو بن أمية بين ذلك عروة في ( المغازي ) من رواية الأسود عنه بعث النبي المنذر بن عمرو الساعدي إلى بئر معونة وبعث معه المطلب السلمي ليدلهم على الطريق فقتل المنذر ابن عمرو وأصحابه إلا عمرو بن أمية فإنهم أسروه واستحيوه وفي رواية ابن إسحاق في ( المغازي ) أن عامر بن الطفيل اجتز ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه وعند العسكري بعث النبي المنذر بن عمروا اميرا على أربعين من الأنصار ليس فيهم غيرهم الأعمر بن أمية وذلك ان أبا براء بعث ابن أخيه إلى رسول الله في علة وجدها فدعا له بالشفاء وبارك فيما أنفذه إليه فبرىء فبعث إلى رسول الله أن إبعث إلى أهل نجد من شئت فإني جار لهم وفي ( المغازي ) لأبي معشر كان أبو براء كتب إلى النبي إبعث إلي رجالا يعلمون القرآن وهم في ذمتي وجواري فبعث إليه المنذر بن عمرو وفي أربعة عشر رجلا من المهاجرين والأنصار فلما ساروا إليهم بلغهم أن أبا براء مات فبعث المنذر إلى النبي يستمد فأمده بأربعين نفرا أميرهم عمرو بن أمية وقال إذا اجتمع القوم كان عليهم المنذر فلما وصلوا بئر معونة كتبوا إلى ربيعة بن أبي البراء نحن في ذمتك وذمة أبيك فنقدم عليك أم لا قال أنتم في ذمتي فاقدموا وفي آخره قدم عليه خبر بئر معونة وأصحاب الرجيع وبعث محمد بن مسلمة في ليلة واحدة وقال ابن سعد كانت سرية المنذر بن عمرو الساعدي المعتق للموت إلى بشر معونة في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا من الهجرة قالوا قدم عامر بن مالك بن جعفر أبو براء ملاعب الأسنة الكلابي على رسول الله وأهدى له فلم يقبل منه وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال لو بعثت معي نفرا من أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك فقال إني أخاف عليهم أهل نجد قال أنا لهم جار فبعث معه سبعين من الأنصار شبيبة يسمون القراء وأمر عليهم المنذر فلما نزلوا بئر معونة قدموا حرام بن ملحان بكتاب سيدنا رسول الله إلى عامر

(17/174)


ابن الطفيل فقتل حراما واستصرخ عليهم بنو عامر فأبوا وقالوا لا تخفر أبا براء فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم عصية ورعل وذكوان ورعب والقارة ولحيان فنفروا معه فقتل الصحابة كلهم رضي الله تعالى عنهم إلا عمرو بن أمية فأخبره جبريل ومنها بخبرهم وخبر مصاب خبيب ومرثد تلك الليلة قلت المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج الأنصاري الساعدي وهو المعروف بالمعتق للموت شهد العقبة وبدرا وأحدا وكان أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله ليلة العقبة وأحد النقباء الإثني عشر وكان يكتب في الجاهلية بالعربية وقال أبو عمر وكان على الميسرة يوم أحد وقتل بعد أحد بأربعة أشهر ونحوها وذلك سنة أربع في أولها يوم بئر معونة شهيدا قوله قال له عامر بن الطفيل أي قال لعمرو بن أمية عامر بن الطفيل من هذا كأنه أشار إلى قتيل وقال الواقدي بإسناده عن عروة إن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية هل تعرف أصحابك قال نعم فطاف في القتلى فجعل يسأله عن أنسابهم قوله فقال لقد رأيته أي فقال عامر بن الطفيل لقد رأيت عامر بن فهيرة بعدما قتل إلى قوله ثم وضع والفائدة من الرفع والوضع تعظيم عامر بن فهيرة وبيان قدره وتخويف الكفار وترهيبهم قال أبو عمر ويروى عن عامر بن الطفيل أنه قال رأيت أول طعنة طعنت عامر بن فهيرة نورا خرج منها وذكر ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما قدم عامر بن الطفيل على رسول الله قال له من الرجل الذي لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه ثم وضع فقال له عامر بن فهيرة وذكر ابن المبارك وعبد الرزاق جميعا عن معمر عن الزهري عن عروة قال طلب عامر بن فهيرة يومئذ في القتلى فلم يوجد قال عروة فيرون أن الملائكة دفنته أو رفعته قوله فأتى النبي خبرهم وبين في حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن الله أخبره بذلك على لسان جبريل عليه السلام قوله فنعاهم من نعى الميت ينعاه نعيا ونعيا إذا أذاع موته وأخبر به وإذا أندبه قوله وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء على وزن حمراء ابن الصلت بن حبيب بن حارثة السلمي حليف بني عمرو بن عوف وذكره الواقدي في أصحاب بئر معونة وقال حدثني مصعب بن ثابت عن أبي الأسود عن عروة قال حرص المشركون يوم بئر معونة لعروة بن الصلت أن يؤمنوه فأبى وكان داخلة لعامر بن الطفيل مع أن قومه بني سليم حرصوا على ذلك فأبى وقال لا أقبل لهم أمانا ولا أرغب بنفسي عن مصرعهم ثم تقدم فقاتل حتى قتل شهيدا قوله فسمي عروة به أي فسمى عروة بن الزبير بن العوام باسم عروة بن أسماء المذكور يعني أن الزبير بن العوام لما ولد له عروة سماه باسم عروة بن أسماء وكان بين قتل عروة بن أسماء ومولد عروة ابن الزبير بضع عشرة سنة قوله ومنذر بن عمرو أي وأصيب أيضا فيهم منذر بن عمرو بن خنيس الذي ذكرناه عن قريب قوله سمي به أي المنذر بن عمرو المذكور منذر بن الزبير بن العوام أخو عروة قوله منذرا كذا هو بالنصب في النسخ والصواب منذر بالرفع على ما لا يخفى وقال بعضهم يحتمل أن تكون الرواية بفتح السين على البناء للفاعل والفاعل محذوف والمراد به الزبير قلت لا يعمل بهذا الاحتمال في إثبات الرواية وفيه أيضا إضمار قبل الذكر فافهم وحاصله أن الزبير سمى ابنه هذا منذرا باسم المنذر بن عمرو هذا ووجه التسمية فيهما بعروة ومنذر للتفاءل باسم من رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه وأعلم أن أسماء من الأعلام المشتركة فهي اسم أم عروة بن الزبير واسم أبي عروة السلمي المذكور
4094 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( سليمان التيمي ) عن ( أبي مجلز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال قنت النبي بعد الركوع شهرا يدعو على رعل وذكوان ويقول عصية عصت الله ورسوله
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد هو ابن مقاتل المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي وسليمان هو ابن طرخان التيمي وأبو مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام وفي آخره زاي واسمه لاحق بن حميد وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي والحديث قد مر في الوتر عن أحمد بن يونس عن زائدة

(17/175)


4095 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( مالك ) عن ( إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ) عن ( أنس بن مالك ) قال دعا النبي على الذين قتلوا يعني أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحا حين يدعو على رعل ولحيان وعصية عصت الله ورسوله قال أنس فأنزل الله تعالى لنبيه في الذين قتلوا أصحاب بئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب فضل قول الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ( آل عمران 169 ) فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل بن عبد الله عن مالك إلى آخره نحوه ومر الكلام فيه هناك حين يدعو يروى حتى يدعو
4096 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( عاصم الأحول ) قال سألت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه عن القنوت في الصلاة فقال نعم فقلت كان قبل الركوع أو بعده قال قبله قلت فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعده قال كذب إنما قنت رسول الله بعد الركوع شهرا أنه بعث ناسا يقال لهم القراء وهم سبعون رجلا إلى ناس من المشركين وبينهم وبين رسول الله عهد قبلهم فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله عهد فقنت رسول الله بعد الركوع شهرا يدعو عليهم
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الواحد هو ابن زياد والحديث مضى في الوتر في باب القنوت قبل الركوع وبعده فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن عبد الواحد إلى آخره
قوله كذب أي أخطأ قوله عهد عهد وميثاق والعهد يجيء لمعان كثيرة بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ ورعاية الحرمة والوصية ويستعمل كل معنى في محل يقتضي ذلك المعنى قيل كيف جاز بعث الجيش إلى المعاهدين وأجيب بأن قوله بينهم وبين رسول الله عهد جملة ظرفية حالية وتقدير الكلام بعث إلى ناس من المشركين غير المعاهدين والحال أن بين ناس منهم هم مقابل المبعوث عليهم وبين رسول الله عهد فغلب المعاهدون وغدروا فقتلوا القراء المبعوثين لإمدادهم على عدوهم وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أسماء الطائفتين وأن أصحاب العهد هم بنو عامر ورأسهم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر وقد مر ذكره عن قريب وأن الطائفة الأخرى من بني سليم وهم رعل وذكوان وعصية قوله قبلهم بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي قبل المبعوث عليهم كما ذكرنا أي من جهتهم وقال الكرماني ويروى قبلهم ضد بعدهم ولم يذكر غيره هذا إلا ابن التين قوله فظهر أي غلب
30 -
( باب غزوة الخندق وهي الأحزاب )
أي هذا باب في بيان غزوة الخندق وفي بعض النسخ باب غزوة الخندق والخندق معرب كندة أي جورة محفورة وكان سبب حفر الخندق ما قاله ابن سعد رحمه الله لما أجلى رسول الله بني النضير ساروا إلى خيبر فخرج نفر من أشرافهم إلى مكة شرفها الله تعالى فألبوا قريشا ودعوهم إلى الخروج على رسول الله وعاهدوهم على قتاله ثم أتوا غطفان وسليما فوافقوهم على مثل ذلك فتجمعت قريش بمن تبعهم فكانوا أربعة آلاف يقودهم أبو سفيان ووافقهم بنو سليم بمر الظهران في سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس ومعهم بنو أسد يقودهم طلحة بن خويلد وخرجت فزارة يقودها عيينة على ألف بعير

(17/176)


وخرجت أشجع في أربعمائة يقودها مسعود بن رجيلة وخرجت بنو مرة في أربعمائة يقودها الحارث بن عوف فكان جميع القوم الذين وافوا الخندق عشرة آلاف وكانوا ثلاثة عساكر وعناج الأمر إلى أبي سفيان يعني أنه كان صاحبهم ومدبر أمرهم والقائم بشؤونهم وقال قتادة فيما ذكره البيهقي كان المشركون أربعة آلاف أو ما شاء الله من ذلك والصحابة فيما بلغنا ألف وقال إبن إسحاق فلما سمع بهم رسول الله ضرب الخندق على المدينة وقال ابن هشام يقال إن الذي أشار به سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه وقال الطبري والسهيلي أول من حفر الخندق بنو جهر بن أيرج وكان في زمن موسى عليه الصلاة و السلام وقال ابن إسحاق فعمل فيه رسول الله ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون قوله وهي الأحزاب أي غزوة الخندق هي الأحزاب أشار بهذا إلى أن لها اسمين والأحزاب جمع حزب سميت بذلك لاجتماع طوائف من المشركين على حرب المسلمين وقد أنزل الله تعالى في هذه القصة صدر سورة الأحزاب
قال موسى بن عقبة كانت في شوال سنة أربع
موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي المديني صاحب المغازي مات في سنة إحدى وأربعين ومائة قوله كانت أي غزوة الخندق في شهر شوال سنة أربع من الهجرة وتابعه على ذلك مالك أخرجه أحمد عن موسى بن داود عنه وقال ابن إسحاق سنة خمس وقال ابن سعد كانت في ذي القعدة يوم الإثنين لثمان ليال مضين منها سنة خمس واعلم أنه كان بعد أحد حمراء الأسد ثم سرية أبي سلمة ثم سرية عبد الله بن أنيس وبعث الرجيع وقصة بئر معونة ثم غزوة بني النضير ثم غزوة ذات الرقاع ثم غزوة بدة الآخرة ثم غزوة دومة الجندل ثم الخندق وأقام المشركون على الخندق سبعا وعشرين ليلة وقال الواقدي أربعا وعشرين يوما وقال الغنوي بضع عشرة ليلة وقال موسى قريبا من عشرين ليلة ولم يكن فيه قتال إلا ساعة كان بينهم مراماة بالنبال فأصيب أكحل سعد رضي الله تعالى عنه على ما سيجيء إن شاء الله تعالى
4097 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( يحيى بن سعيد ) عن ( عبيد الله ) قال أخبرني ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه ( انظر الحديث 2664 )
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن سعيد القطان وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري
والحديث أخرجه أبو داود في الجراح وفي الحدود عن أحمد بن حنبل وأخرجه النسائي في الطلاق عن أبي قدامة
قوله عرضه من عرض الجيش إذا اختبر أحوالهم قبل مباشرة القتال للنظر في هيئتهم وترتيب منازلهم وغير ذلك وفي رواية مسلم عرضني يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة قوله فلم يجزه أي فلم يمضه ولم يأذن له في القتال ومعنى أجازه أمضاه وأذن له وقال بعضهم قال الكرماني أجازه من الإجازة وهي الأنفال أي أسهم له ويرد ذلك أنه لم يكن في غزوة الخندق غنيمة يحصل منها نفل قلت رأيت في شرح ( الكرماني ) ولم يجزه من الإجازة وهي الإنفاذ وكان المعترض ظن أن قوله الإنفاد الأنفال باللام في آخره وليس كذلك بل هو الإنفاذ بالذال المعجمة
4098 - حدثني ( قتيبة ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن سعد ) رضي الله تعالى عنه قال كنا مع رسول الله في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتادنا فقال رسول الله
( أللهم لا عيش إلا عيش الآخره
فاغفر للمهاجرين والأنصار )

(17/177)


مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز هو ابن أبي حازم يروي عن أبيه أبي حازم واسمه سلمة بن دينار والحديث مر في مناقب الأنصار في دعاء النبي أصلح الأنصار والمهاجره قوله على أكتادنا بالتاء المثناة من فوق جمع الكتد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر ويروى بالباء الموحدة وذكره ابن التين بلفظ وهم ينقلون التراب على متونهم ثم قال المتن مكتنف الصلب من العصب واللحم ووهم في ذلك وهذه اللفظة سلفت في الجهاد في باب حفر الخندق لكن من حديث أنس رضي الله تعالى عنه
4098 - حدثني ( قتيبة ) حدثنا ( عبد العزيز ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن سعد ) رضي الله تعالى عنه قال كنا مع رسول الله في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتادنا فقال رسول الله
( أللهم لا عيش إلا عيش الآخره
فاغفر للمهاجرين والأنصار )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز هو ابن أبي حازم يروي عن أبيه أبي حازم واسمه سلمة بن دينار والحديث مر في مناقب الأنصار في دعاء النبي أصلح الأنصار والمهاجره قوله على أكتادنا بالتاء المثناة من فوق جمع الكتد وهو ما بين الكاهل إلى الظهر ويروى بالباء الموحدة وذكره ابن التين بلفظ وهم ينقلون التراب على متونهم ثم قال المتن مكتنف الصلب من العصب واللحم ووهم في ذلك وهذه اللفظة سلفت في الجهاد في باب حفر الخندق لكن من حديث أنس رضي الله تعالى عنه
4099 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( معاوية بن عمرو ) حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( حميد ) سمعت ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه يقول خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذالك لهم فلما رأي ما بهم من النصب والجوع قال
( اللهم إن العيش عيش الآخره
فاغفر للأنصار والمهاجره )
فقالوا مجيبين له
( نحن الذين بايعوا محمدا
على الجهاد ما بقينا أبدا )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد المسندي ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي البغدادي أصله من الكوفة روى عنه البخاري في الجمعة وروى عنه هنا بالواسطة وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري
والحديث مضى في أوائل الجهاد في باب التحريض على القتال بعين هذا الإسناد والمتن ومضى الكلام فيه هناك
قوله مجيبين له أي لرسول الله ومجيبين نصب على الحال قوله بايعواأصلة الذين فباعتباره ذكر بصيغة الماضي للجمع الغائبين ولو كان باعتبار لفظ نحن لقيل بايعنا وقال بعضهم الذين بايعوا هو صفة الذين لا صفة نحن قلت هذا تصرف عجيب وليس كذلك والصواب ما قلناه وفيه إنشاد الشعر تنشيطا في العمل وبذلك جرت عادتهم في الحروب وأكثر ما يستعملون في ذلك الرجز
4100 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة وينقلون التراب على متونهم وهم يقولون
( نحن الذين بايعوا محمدا
على الإسلام ما بقينا أبدا )
قال يقول النبي وهو يجيبهم
( أللهم إنه لا خير إلا خير الآخرهفبارك في الأنصار والمهاجره )
قال يؤتون بملء كفي من الشعير فيصنع لهم بإهالة سنخة توضع بين يدي القوم والقوم جياع وهي بشعة في الحلق ولها ريح منتن
هذا طريق آخر في حديث أنس أخرجه عن أبي معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد عن عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب وفيه زيادة وهي قوله يؤتون إلى آخره وهو على صيغة المجهول
قوله كفى أصله بملء كفين لي فلما أضيف الكفين إلى ياء المتكلم وسقطت النون أبقيت الفاء على الفتحة ويروى كفي بإفراد الكف المضاف إلى ياء المتكلم وكسر الفاء ويروى بملء كف بالإفراد بدون الإضافة قوله فيصنع أي يطبخ قوله إهالة بكسر الهمزة وهي الودك قوله سنخة بالسين المهملة والنون والخاء المعجمة أي متغيرة الريح فاسدة الطعم قوله والقوم جياع جملة حالية والجياع جمع جائع قوله

(17/178)


بشعةبفتح الباء الموحدة والشين المعجمة أي كريهة الطعم تأخذ الحلق كذا ضبطه الدمياطي بخطه وعليه مشى ابن التين وضبطه بعضهم بالنون والشين والغين المعجمتين بمعنى أنهم يحصل لهم منها شبه الغشي عند إزدرادها لأن النشغ في الأصل الشهيق حتى يكاد يبلغ به الغشي قوله منتن قال صاحب ( التوضيح ) صوابه منتنة لأن الريح مؤنثة قلت الريح تذكر وتؤنث فلا يقال الصواب تأنيثه
4101 - حدثنا ( خلاد بن يحيى ) حدثنا ( عبد الواحد بن أيمن ) عن أبيه قال ( أتيت جابرا ) رضي الله تعالى عنه فقال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤا إلى النبي فقالوا هاذه كدية عرضت في الخندق فقال أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ النبي المعول فضرب فعاد كئيبا أهيل أو أهيم فقلت يا رسول الله إئذن لي إلى البيت فقلت لامرأتي رأيت بالنبي شيئا ما كان في ذالك صبر فعندك شيء قالت عندي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ثم جئت النبي والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج فقلت طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال كم هو فذكرت له قال كثير طيب قال قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي فقال قوموا فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال ويحك جاء النبي بالمهاجرين والأنصار ومن معهم قالت هل سألك قلت نعم فقال ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية قال كلي هاذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة
مطابقته للترجمة في قوله يوم الخندق وخلاد على وزن فعال بالتشديد ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي مات بمكة قريبا من سنة ثلاث عشرة ومائتين وهو من أفراده وعبد الواحد بن أيمن الأيسر يروي عن أبيه أيمن الحبشي مولى ابن أبي عمر المخزومي القرشي المكي من أفراد البخاري والحديث أيضا من أفراده
قوله يوم الخندق نصب على الظرف قوله يحفر خبر إن قوله كدية بضم الكاف وسكون الدال المهملة وبالياء آخر الحروف وهي القطعة الصلبة من الأرض لا يؤثر فيها المعول ووقع في رواية أبي ذر كبدة بفتح الكاف وسكون الباء الموحدة قبل الدال وقال عياض كان المراد أنها واحدة الكبد وهو الجبل وقال الخطابي كبدة بالباء الموحدة إن كانت محفوظة فهي القطعة من الأرض الصلبة وأرض كبداء وقوس كبداء أي شديدة ووقع في رواية الاصيلي عن الجرجاني كندة بنون وعند ابن السكن كتدة بفتح التاء المثناة من فوق وقال عياض لا أعرف لها معنى وفي رواية كذانة بذال معجمة ونون وهي القطعة من الجبل وعند ابن إسحاق صخرة وفي رواية عبلة وهي الصخرة الصماء وجمعها عبلات ويقال لها العبلاء والأعبل وكلها الصخرة قوله وبطنه معصوب بحجر زاد يونس في روايته من الجوع وفي رواية أحمد أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي على بطنه حجرا من الجوع فإن قلت ما كان فائدة ربط الحجر فهل ذلك يدفع الجوع أم لا قلت قيل إن البطن يضمر من الجوع فيربط الحجر على البطن ليدفع انحناء الصلب لأن الجائع ينحني صلبه إذا اشتد به الجوع وقال الكرماني فائدته تسكين حرارة الجوع ببرودة الحجر أو ليعتدل قائما أو لأنها حجارة رقاق

(17/179)


تشد العروق والأمعاء فلا ينحل مما في البطن فلا يحصل ضعف زائد بسبب التحلل وقال ابن حبان الصواب الحجز بالزاي إذ لا معنى لشد الحجر على البطن من الجوع ورد عليه بما جاء في الرواية التي تأتي رأيت بالنبي خمصا شديدا والخمص الجوع قلت فيه نظر لا يخفى قوله ذواقا بفتح الذال المعجمة وقال ابن الأثير الذواق المأكول والمشروب فعال بمعنى مفعول من الذوق ويقع على المصدر والاسم يقال ذقت الشيء أذوقه ذوقا وذواقا وما ذقت ذواقا أي شيئا قوله المعول بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو وفي آخره لام وهو الفأس الذي يكسر به الحجر وقال بعضهم المعول المسحاة قلت هذا التفسير غير صحيح والمعول الفأس كما ذكرنا والميم فيه زائدة والمسحاة المجرفة من الحديد والميم فيها أيضا زائدة لأنها من السحو وهو الكشف والإزالة ومن الدليل على المغايرة رواية أحمد رحمه الله فأخذ المعول أو المسحاة بالشك قوله فضرب أي الكدية وفي رواية الإسماعيلي ثم سمى ثلاثا ثم ضرب وعند الحارث ابن أبي أسامة من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان قال ضرب النبي في الخندق ثم قال
بسم الله وبه بدينا
ولو عبدنا غيره شقينا
حبذا ربا وحبذا دينا
قوله كثيبا بفتح الكاف وكسر الثاء المثلثة هو الرمل قال الله تعالى كثيبا مهيلا ( المزمل 14 ) أي تفتت حتى صار كالرمل يسيل ولا يتماسك قوله أهيل الأهيل هو أن ينهال فيسيل من لينه ويتساقط من جوانبه وفي رواية أحمد كثيبا يهال قوله أو أهيم شك من الراوي أي أو عاد كثيبا أهيم وهو بمعنى الأهيل والهيام من الرمل ما كان دقاقا يابسا وفي رواية الإسماعيلي أهيل بغير شك وكذا في رواية يونس وقال عياض ضبطها بعضهم أهثم بالثاء المثلثة وبعضهم بالتاء المثناة من فوق وفسرها بأنها تكسرت والمعروف بالياء آخر الحروف قوله إئذن لي إلى البيت أي إئذن لي حتى آتي بيتي قوله فقلت لامرأتي وفيما قبله حذف تقديره فأذن له النبي بأن يأتي إلى بيته فقال ما ذكرنا هنا وهو قوله فقلت لامرأتي رأيت بالنبي شيئا يعني من الجوع واسم المرأة سهيلة بنت مسعود بن أوس الظفرية الأنصارية بايعت قوله عندي شعير بين يونس ابن بكير في روايته أنه صاع قوله عناق بفتح العين الأنثى من أولاد المعز قوله فذبحت الذابح هو جابر يخبر عن نفسه بذلك قوله وطحنت أي امرأته وفي رواية أحمد عن سعيد فأمرت امرأتي فطحنت وصنعت لنا خبزا قوله حتى جعلنا وفي رواية الكشميهني حتى جعلت قوله في البرمة بضم الباء الموحدة وسكون الراء وهي القدر مطلقا وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن قوله والعجين قد انكسر يعني لان وتمكن فيه الخمير قوله الأثافي بفتح الهمزة جمع الأثفية بضم الهمزة وقد تخفف الياء في الجمع وهي الحجارة التي تنصب وتوضع القدر عليها يقال أثفيت القدر إذا جعلت لها الأثافي وثفيتها إذا وضعتها عليها والهمزة فيه زائدة قوله طعيم مصغر طعام صغره لأجل قلته وقال ابن التين ضبطه بعضهم بتخفيف الياء وهو غلط قلت لأن طعيم بتخفيف الياء تصغير طعم لا تصغير الطعام قوله لي صفة طعيم أي مصنوع لأجلي قوله فقم أنت يا رسول الله ورجل قوله أو رجلان شك من الراوي وفي رواية يونس ورجلان بلا شك قوله فقال كم هو أي فقال النبي كم طعامك قوله فذكرت له أي لرسول الله وبينت له الطعام قوله فقال كثير طيب أي فقال النبي طعام كثير طيب قوله لا تنزع البرمة أي من فوق الأثافي قوله ولا الخبز ولا تنزع الخبز من التنور قوله حتى آتي أي إلى أن آتي بيتكم أي أجيء قوله فقال قوموا أي فقال النبي لمن كان عنده من الصحابة قوموا إلى أكل جابر قوله قالت هل سألك أي قالت امرأة جابر له هل سألك رسول الله عن حال الطعام وفي رواية يونس فقالت الله ورسوله أعلم نحن قد أخبرنا بما عندنا وفي رواية أبي الزبير عن جابر أنها قالت لجابر فارجع إليه فبين له فأتيته فقلت يا رسول الله إنما هو عناق وصاع من شعير قال فارجع ولا تحركن شيئا من التنور ولا من القدر حتى آتيها واستعر صحافا قوله فقال ادخلوا أي فقال النبي لمن معه من المهاجرين والأنصار ادخلوا الدار قوله لا تضاغطوا أي ولا تزدحموا ومادته ضاد وغين معجمتان وطاء مهملة من الضغطة قوله فجعل أي رسول الله قوله وأهدى بهمزة قطع من الإهداء لا من الهدية كما قال بعضهم قوله فإن الناس إلى آخره بيان سبب

(17/180)


الإهداء وفي رواية يونس كلي واهدي فلم نزل نأكل ونهدي يومنا أجمع وفي رواية أبي الزبير عن جابر فأكلنا وأهدينا لجيراننا وهذا كله من علامات النبوة
4102 - حدثني ( عمرو بن علي ) حدثنا ( أبو عاصم ) أخبرنا ( حنظلة بن أبي سفيان ) أخبرنا ( سعيد ابن ميناء ) قال سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال لما حفر الخندق رأيت بالنبي خمصا شديدا افانكفأت إلى امرأتي فقلت هل عندك شيء فإني رأيت برسول الله خمصا شديدا فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن فذبحتها وطحنت الشعير ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها ثم وليت إلى رسول الله فقالت لا تفضحني برسول الله وبمن معه فجئته فساررته فقلت يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا فتعال أنت ونفر معك فصاح النبي فقال يا أهل الخندق إن جابر قد صنع سورا فحي هلا بكم فقال رسول الله لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجىء فجئت وجاء رسول الله يقدم الناس حتى جئت امرأتي فقالت بك وبك فقلت قد فعلت الذي قلت فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتينا فبصق وبارك ثم قال ادع خابزة فلتخبز معك واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها وهم ألف فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي وإن عجيننا ليخبز كما هو
حتى ص 181
هذا طريق آخر في حديث جابر المذكور أخرجه عن عمرو بن علي بن بحر البصري الصيرفي عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد وهو شيخ البخاري أيضا روى عنه هنا بالواسطة وسعيد بن ميناء بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبالنون مقصورا وممدودا
والحديث مضى في الجهاد مختصرا بعين هذا الإسناد في باب من تكلم بالفارسية والرطانة
قوله خمصا بفتح الخاء المعجمة وفتح الميم وقد تسكن وبالصاد المهملة وهو الجوع قوله فانكفأت أي انقلبت وأصله بالهمزة وفي بعض النسخ فانكفيت بدون الهمزة قوله بهيمة بضم الباء الموحدة تصغير بهمة وهي الصغيرة من أولاد الغنم قوله داجنبكسر الجيم وهو من أولاد الغنم يربى في البيوت ولا يخرج إلى المرعى واشتقاقه من الدجن وهو الإقامة بالمكان ولم تدخل التاء فيه لأنه صار إسما للشاة قوله وطحنت أي امرأة جابر قوله ففرغت إلى فراغي أي فرغت امرأتي من طحن الشعير مع فراغي من ذبح البهيمة والفراغ بفتح الفاء مصدر فرغت من الشغل فروغا وفراغا قوله ثم وليت أي رجعت قوله فقالت أي عقيب رجوعي إلى رسول الله قالت امرأتي لا تفضحني قوله فساررته أي قلت له سرا قوله فتعال بفتح اللام أمر من تعالى يتعالى تعاليا وهو الارتفاع قوله سورا بضم السين المهملة وسكون الواو بغير همز ومعناه الصنيع بالحبشية وقيل معناه العرس بالفارسية ويطلق أيضا على البناء الذي يحيط بالمدينة وأما السؤر بالهمزة وهو البقية والذي يحفظ أنه مما تكلم به الأعجمية هذه اللفظة وقوله للحسن رضي الله تعالى عنه كخ ولعبد الرحمن مهيم أي ما هذا ولأم خالد سنا سنا يعني حسنه وذكر ابن فارس أن معنى معين ما حالك وما شأنك ولم يذكر أنها أعجمية وقال الهروي إنها كلمة يمانية قوله فحي هلا بكم هي كلمة استدعاء فيها حث أي هلموا مسرعين ومنه حي على الصلاة بمعنى هلموا وفيها لغات يقال حيهل بفلان وحيهلا بزيادة الألف وحيهلا

(17/181)


بالتنوين للتنكير وحيهلا بتخفيف الياء وروى حيهل بالتشديد وسكون الهاء قوله يقدم الناس بضم الدال قوله فقالت بك وبك الباء فيه تتعلق بمحذوف تقديره فعل الله بك كذا وكذا حيث أتيت بناس كثير والطعام قليل وذلك موجب للخجلة قوله فبصق وجاء فيه بزق وبسق بالسين والزاي قوله ثم عمد بكسر الميم أي قصد قوله وبارك أي دعا بالبركة قوله واقدحي أي اغرفي يقال قدح القدر إذا غرف ما فيها والقدحة الغرفة قوله وهم ألف أي والحال أن القوم ألف وفي رواية أبي نعيم في ( المستخرج ) إنهم كانوا سبعمائة أو ثمانمائة والحكم للزائد لزيادة عمله قوله وانحرفوا أي مالوا عن الطعام قوله لتغط بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة أي تغلي وتفور من الامتلاء فيسمع غطيطها وهو من معجزات النبي
139 - ( حدثني عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر قالت ذاك يوم الخندق )
مطابقته للترجمة في قولها قالت ذاك يوم الخندق وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة ابن سليمان الكلابي الكوفي وكان اسمه عبد الرحمن ولقبه عبدة فغلب عليه يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنهم والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في التفسير عن هرون بن إسحق وهذه الآية الكريمة في سورة الأحزاب وتمامه وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا قوله إذ جاؤكم بدل من قوله إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا الآية وأراد بالجنود الأحزاب قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير وأراد بالريح الصبا قال نصرت بالصبا قوله من فوقكم أي من فوق الوادي من قبل المشرق عليهم مالك بن عوف النضري وعيينة بن حصن الفزاري في ألف من غطفان ومعهم طلحة بن خويلد الأسدي وحيي بن أخطب في يهود بني قريظة قوله ومن أسفل منكم يعني من الوادي من قبل المغرب وهو أبو سفيان بن حرب في قريش ومن معه وأبو الأعور السلمي من قبل الخندق وكان سبب غزوة الخندق فيما قيل إجلاء رسول الله بني النضر عن ديارهم وقال ابن إسحق نزلت قريش بمجتمع السيول في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وتهامة ونزل عيينة في غطفان ومن معهم من أهل نجد إلى جانب أحد بباب نعمان وخرج رسول الله والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة ألف والخندق بينه وبين القوم وجعل النساء والذراري في الأطام وقال ابن إسحق ولم يقع بينهم حرب إلا مرماة بالنبل لكن كان عمرو بن عبدود العامري اقتحم هو ونفر معه خيولهم من ناحية ضيقة من الخندق حتى صاروا بالسبخة فبارزه علي رضي الله تعالى عنه فقتله وبرز نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي فبارزه الزبير رضي الله تعالى عنه فقتله ويقال قتله علي ورجعت بقية الخيول منهزمة وأقام المشركون فيه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر والقصة طويلة وآخر الأمر بعث الله الريح في ليالي شاتية شديدة البرد حتى انصرفوا قوله وإذ زاغت الأبصار عطف على قوله إذ جاؤكم من فوقكم والتقدير واذكر حين زاغت الأبصار أي حالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة وشخوصا وقيل عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلا إلى عدوها لشدة الروع قوله وبلغت القلوب الحناجر هذا موجود في بعض النسخ أي زالت عن أماكنها حتى بلغت الحلوق قالوا إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع أو الغضب أو الغم الشديد ربت وارتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة ومن ثمة قيل للجبان انتفخ منحره قوله وتظنون بالله الظنونا قال الحسن ظنونا مختلفة ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون وظن المؤمنون أنهم يبتلون قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم الظنونا بالألف في الوصل والوقف لأن ألفها ثابتة في مصحف عثمان وسائر مصاحف أهل البلدان وعليه تعديل رؤس الآي وقرأ حمزة بغير ألف في الحالين الوصل والوقف

(17/182)


والباقون بالألف في الوقف دون الوصل لأن العرب تفعل ذلك في قوافي أشعارهم ومصاريعها فتلحق الألف في موضع الفتح عند الوقف ولا تفعل ذلك في حشو الأبيات فحسن إثبات الألف في هذا الحرف لأنها رأس الآية تمثيلا لها بالبواقي وكذلك الرسولا والسبيلا قوله قالت ذاك أي قالت عائشة رضي الله تعالى عنها ذاك إشارة إلى ما ذكر من مجيء الكفار من فوق ومن أسفل وزيغ الأبصار وبلوغ القلوب الحناجر ويروى ذلك بزيادة اللام -
4104 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال كان النبي ينقل التراب يوم الخندق حتى غمر بطنه أو اغبر بطنه يقول
( والله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا )
( فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا )
( إن الألى قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا )
ورفع بها صوته أبينا أبينا
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي والبراء بن عازب
والحديث مضى في الجهاد في باب حفر الخندق فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة عن أبي إسحاق مختصرا وعن حفص بن عمر عن شعبة إلى آخره ولفظه ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول
لولا أنت ما اهتدينا
إلى قوله فتنة أبينا فقط ومر الكلام فيه هناك قوله حتى غمر بطنه أو أغبر بطنه كذا وقع بالشك أما لفظ غمر فبالغين المعجمة وفتح الميم وتشديد الراء قال الخطابي إن كانت هذه اللفظة محفوظة فالمعنى وارى التراب جلد بطنه ومنه اغمر الناس وهو جمعهم إذا تكاثف ودخل بعضهم في بعض قال الكرماني وفي بعض الروايات غمر من الإغمار وأما أغبر فكذلك بالغين المعجمة ولكنه بالباء الموحدة من الغبار وقال الخطابي وروي حتى اعفر بعين مهملة وفاء من العفر بالتحريك وهو التراب وقال عياض وقع للأكثر بمهملة وفاء ومعجمة وموحدة فمنهم من ضبطه بنصب بطنه ومنهم من ضبطه برفعه وعند النسفي حتى غبر بطنه أو أغبر بمعجمة فيهما وموحدة ولأبي ذر وأبي زيد حتى أغمر قال ولا وجه لها إلا أن يكون بمعني ستر كما في الرواية الأخرى حتى وارى التراب بطنه قال وأوجه الروايات أغبر بمعجمة وموحدة ورفع بطنه قوله
إن الالى قد بغوا علينا
قد وقع في أكثر الروايات
أن الأولى بغوا علينا
بدون لفظة قد وهو غير موزون فلذلك قدر فيه لفظة قد وقال ابن التين إن المحذوف لفظ قدوهم والأصل
إن الأولى هم قد بغوا علينا وذكر في بعض الروايات في مسلم أبوا بدل بغوا ومعناه صحيح أي أبوا أن يدخلوا في ديننا قوله أبينا أبينا من الإباء كذا وقع في رواية الأكثرين بالباء الموحدة ووقع في رواية أبي ذر وأبي الوقت وكريمة أتينا بالتاء المثناة من فوق بدل الموحدة وقال عياض كلاهما صحيح فمعنى الأول أبينا الفرار عند فزع أو حادث ومعنى الثاني أتينا وقدمنا على عدونا
4105 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى بن سعيد ) عن ( شعبة ) قال حدثني ( الحكم ) عن ( مجاهد ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور
مطابقته للترجمة من حيث إن الله تعالى نصر نبيه في غزوة الخندق بالصبا حيث ضرب وجوههم بالريح فهزمهم قال الله تعالى فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ( الأحزاب 9 ) وقال مجاهد سلط الله عليهم الريح فكفأت قدورهم ونزعت خيامهم حتى أظعنتهم والصبا مقصورا الريح الشرقية والدبور بفتح الدال الغربية وقيل الصبا التي تجيء من ظهرك إذا استقبلت القبلة والدبور عكسها وقال الجوهري الصباريح مهبها للمستوى موضع مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار

(17/183)


والدبور ما يقابلها والحديث مضى في الاستسقاء في باب قول النبي نصرت بالصبا فإنه أخرجه هناك عن مسلم عن شعبة عن الحكم إلى آخره نحوه والحكم بفتحتين هو ابن عتيبة تصغير عتبة الباب
4106 - حدثني ( أحمد بن عثمان ) حدثنا ( شريح بن مسلمة ) قال حدثني ( إبراهيم بن يوسف ) قال حدثني أبي عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت البراء يحدث قال لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه وكان كثير الشعر فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة وهو ينقل من التراب يقول
( أللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا )
( فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا )
( إن الألى قد بغوا علينا
وإن أرادوا فتنة أبينا )
قال ثم يمد صوته بآخرها
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن عثمان بن حكيم أبو عبد الله الأزدي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وشريح بضم الشين المعجمة وبالحاء المهملة ابن مسلمة بفتح الميمين الكوفي وإبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفي السبيعي يروي عن جده أبي إسحاق وأبو إسحاق يصرح بسماعه عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه
وحديث البراء هذا قد تقدم قبل الحديث الذي قبله ولكن بينهما بعض اختلاف وهو أن في ذلك الحديث كان النبي ينقل التراب يوم الخندق حتى غمر بطنه وههنا رأيته ينقل إلى قوله وكان كثير الشعر وظاهر هذا يدل على أنه كثير شعر الصدر وليس كذلك فإن في صفته أنه كان دقيق المسربة أي الشعر الذي في الصدر إلى البطن قيل يمكن أن يجمع بأنه كان مع دقته كثيرا أي لم يكن منتشرا بل كان مستطيلا وفي هذا الحديث نسب البراء الرجز المذكور إلى ابن رواحة وهو عبد الله بن رواحة الأنصاري أحد الأمراء في غزوة مؤتة وفي ذلك الحديث نسبه إلى النبي وقد مر الكلام فيه هناك
4107 - حدثني ( عبدة بن عبد الله ) حدثنا ( عبد الصمد ) عن ( عبد الرحمان ) هو ( ابن عبد الله بن دينار ) عن أبيه أن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال أول يوم شهدته هو يوم الخندق
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة ابن عبد الله بن عبدة أبو سهل الصفار الخزاعي البصري وهو من أفراده وعبد الصم هو ابن عبد الوارث بن سعيد قوله أول يوم مبتدأ وخبره هو قوله يوم الخندق والمعنى أول يوم باشرت فيه القتال يوم غزوة الخندق وتقدم أنه لم يشهد أحدا وعرض فيها وهو ابن أربع عشرة ولم يجزه وكذلك في غزوة بدر
4108 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال وأخبرني ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر دخلت على حفصة ونسواتها تنطف قلت قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء فقالت إلحق فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة فلم تدعه حتى ذهب فلما تفرق الناس

(17/184)


خطب معاوية قال من كان يريد أن يتكلم في هاذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه قال حبيب بن مسلمة فهلا أجبته قال عبد الله فحللت حبوتي وهممت أن أقول أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك فذكرت ما أعد الله في الجنان قال حبيب حفظت وعصيت قال محمود عن عبد الرزاق ونوساتها
لا وجه لذكر هذا الحديث هنا إلا أن يقال ذكر استطرادا لما قبله لأن كلا منهما يتعلق بابن عمر رضي الله تعالى عنهما
وأخرجه من طريقين الأول عن ( إبراهيم بن موسى ) بن يزيد الفراء أبي إسحاق الرازي عن ( هشام ) بن يوسف الصنعاني عن ( معمر ) بن راشد عن محمد بن مسلم ( الزهري ) عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الثاني عن إبراهيم عن هشام عن معمر عن ابن طاووس وهو عبد الله عن عكرمة بن خالد عن ( ابن عمر ) والحديث من أفراده
قوله حفصة هي بنت عمر بن الخطاب وأخت عبد الله قوله ونسواتها بفتح النون والسين المهملة والواو قال الخطابي نسواتها ليس بشيء إنما هو نوساتها يعني بتقديم الواو على السين أي ذوائبها تنظف بضم الطاء وكسرها أي تقطر كأنها كانت قد اغتسلت ويقال النوسات جمع نوسة واشتقاقها من النوس وهو الاضطراب وكان ذؤابها كانت تنوس أي تتحرك وكل شيء تحرك فقد ناس وقال ابن التينقوله نوساتها بسكون الواو وضبط بفتحها وأما نسواتها فكأنه على القلب قوله قد كان من أمر الناس ما ترين أراد به ما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين واجتماع الناس على الحكومة بينهم فيما اختلفوا فيه فراسلوا بقايا الصحابة من الحرمين وغيرهما وتواعدوا على الاجتماع لينظروا في ذلك فشاور ( ابن عمر ) أخته حفصة في التوجه إليهم أو عدمه فأشارت عليه باللحوق بهم خشية أن ينشأ من غيبته اختلاف يفضي إلى استمرار الفتنة قوله فلم يجعل لي على صيغة المجهول وأراد بالأمر الإمارة والملك قوله فقالت أي قالت حفصة له الحق القوم وهو بكسر الهمزة وسكون القاف أمر من ألحق يلحق قوله فإنهم أي فإن القوم قوله فرقة أي افتراق بين الجماعة ومخالفة بينهم قوله فلم تدعه أي فلم تدع حفصة أي فلم تترك حفصة عبد الله حتى ذهب إلى القوم وحضر ما وقع بينهم قوله فلما تفرق الناس أي بعد أن اختلف الحكمان وهما أبو موسى الأشعري وكان حكما من جهة علي رضي الله تعالى عنه وعمرو بن العاص وكان حكما من جهة معاوية وقصة التحكيم طويلة بيناها في ( تاريخنا الكبير ) والحاصل أن القوم اتفقوا على الحكمين المذكورين ثم قال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري قم فأعلم الناس بما اتفقنا عليه فخطب أبو موسى الناس ثم قال أيها الناس إنا قد نظرنا في هذه الأمة فلم نر أمرا أصلح لها ولا ألم لشعثها من رأى اتفقت أنا وعمرو عليه وهو أنا نخلع عليا ومعاوية ونترك الأمر شورى ونستقبل للأمة هذا الأمر فيولوا عليهم من أحبوه وإني قد خلعت عليا ومعاوية ثم تنحى وجاء عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال هذا قد قال ما سمعتم وأنه قد خلع صاحبه وإني قد خلعته كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان بن عفان والمطالب بدمه وهو أحق الناس فلما انفصل الأمر على هذا خطب معاوية إلخ قوله قرنه بفتح القاف وسكون الراء أي رأسه وهذا تعريض منه بابن عمر وعمر رضي الله تعالى عنهما وقال ابن التين يحتمل أن يريد به بدعته كما جاء في الخبر الآخر كلما نجم قرن أي كلما طلع قلت في حديث خباب هذا قرن قد طلع أراد قوما أحداثا بغوا بعد أن لم يكونوا يعني القصاص وقيل أراد بدعة حدثت لم تكن في عهد النبي وقال ابن التين ويحتمل أن يكون المعنى فليبد لنا صفحة وجهه والقرن من شأنه أن يكون في الوجه والمعنى فليظهر لنا نفسه ولا يخفيها قوله أحق به أي بأمر الخلافة قوله منه أي من عبد الله ومن أبيه أي ومن أب عبد الله وهو عمر بن الخطاب قوله قال حبيب ابن مسلمة بفتح الميم واللام ابن مالك الأكبر ابن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشي الفهري يكنى أبا عبد الرحمن يقال له حبيب الروم لكثرة دخوله إليهم ونيله منهم وولاه عمر الجزيرة إذ عزل

(17/185)


عنها عياض بن غنم وقال سعيد بن عبد العزيز كان حبيب بن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة مات بالأرمينية سنة اثنتين وأربعين له ولأبيه صحبة قوله فهلا أجبته أي لم ما أجبت معاوية قوله حبوتي بضم الحاء وكسرها اسم من احتبى الرجل إذا جمع الرجل ظهره وساقيه بعمامته قوله من قاتلك يخاطب به معاوية قوله وأباكأراد به أبا سفيان والد معاوية فإن عليا رضي الله تعالى عنه قاتل معاوية ووالده أبا سفيان يوم أحد ويوم الخندق وهما كانا كافرين في ذلك الوقت وإنما أسلما يوم الفتح قوله ويحمل عني غير ذلك أي على غير ما أردت قوله فذكرت ما أعد الله في الجنان يعني لمن صبر واختار الآخرة على الدنيا قال حبيب هو ابن مسلمة المذكور قوله حفظت وعصمت كلاهما على صيغة المجهول واستصوب حبيب رأيه على أنه كان من أصحاب معاوية
قال محمود عن عبد الرزاق أي قال محمود بن غيلان أبو أحمد العدوي المروزي أحد مشايخ البخاري ومسلم وهذا التعليق وصله محمد بن قدامة الجوهري في كتاب ( أخبار الخوارج ) له قال حدثنا محمود بن غيلان المروزي أخبرنا عبد الرزاق عن معمر فذكره بالإسنادين معا وساق المتن بتمامه وأوله دخلت على حفصة ونوساتها تنطف وهذا هو الصواب وقد مر الكلام فيه عن قريب
4109 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( سليمان بن صرد ) قال قال النبي يوم الأحزاب نغزوهم ولا يغزوننا ( الحديث 4109 - طرفه في 4110 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين وسفيان هو ابن عيينة وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وسليمان بن صرد بضم الصاد المهملة وفتح الراء وبالدال المهملة ابن الجون بفتح الجيم الخزاعي صحابي مشهور ويقال كان اسمه يسار فغيره النبي وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في صفة إبليس وفي الرواية التي تأتي صرح بسماع أبي إسحاق عن سليمان بن صرد وكان سليمان أسن من خرج من أهل الكوفة في طلب ثار الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فقتل هو وأصحابه بعين الوردة في سنة خمس وستين
قوله يوم الأحزاب أي قال يوم الخندق تغزوهم أي نغزوا قريشا وهم لا يغزوننا قال ذلك بعد أن انصرفت قريش عن قضية الخندق وذلك لسبع بقين من ذي القعدة سنة خمس في قول ابن إسحاق وآخرين وعن الزهري سنة أربع في شوال وقال ابن إسحاق لما انصرف أهل الخندق قال رسول الله لن نغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم قال فلم تعد قريش بعد ذلك وكان يغزوهم بعد ذلك حتى فتح الله عليه مكة وفيه معجزة عظيمة للنبي حيث أخبر عن أمر سيكون وقد وقع مثل ما قال قوله ولا يغزوننا ويروى لا يغزونا بإسقاط نون الجمع بدون ناصب ولا جازم وهي لغة فاشية عن العرب
4110 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( يحيى بن آدم ) حدثنا ( إسرائيل ) سمعت ( أبا إسحاق ) يقول سمعت ( سليمان بن صرد ) يقول سمعت النبي يقول حين أجلي الأحزاب عنه الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم ( انظر الحديث 4109 )
هذا طريق آخر في حديث سليمان بن صرد أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عبد الله الجعفي البخاري المعروف بالمسندي عن يحيى بن آدم بن سليمان صاحب الثوري عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي يروي إسرائيل عن جده أبي إسحاق المذكور
قوله أجلي بضم الهمزة وسكون الجيم وكسر اللام من الإجلاء يقال أجلى يجلي إجلاء وجلا يجلو جلاء إذا خرج عن الوطن هاربا وجلوته أنا وأجليته وكلاهما لازم ومتعد وحاصل المعنى أنهم رجعوا إلى النبي وفيه إشارة إلى أنهم رجعوا بغير اختيارهم بل بصنيع الله تعالى لرسوله نحن نسير إليهم وهكذا وقع سار إليهم وفتح مكة

(17/186)


4111 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( روح ) حدثنا ( هشام ) عن ( محمد ) عن ( عبيدة ) عن ( علي ) رضي الله تعالى عنه عن النبي أنه قال يوم الخندق ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن منصور أبو يعقوب المروزي وروح هو ابن عبادة وهشام هو ابن حسان الفردوسي وليس هو هشام الدستوائي كما قال بعضهم ومحمد هو ابن سيرين وعبيدة بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة أبو عمرو السلماني الكوفي أسلم قبل وفاة النبي بسنتين ولم يهاجر إليه ولم يره
والحديث قد مر في الجهاد في باب الدعاء على المشركين بالهزيمة فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن موسى عن عيسى عن هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله تعالى عنه إلى آخره نحوه
4112 - حدثنا ( المكي بن إبراهيم ) حدثنا ( هشام ) عن ( يحيى ) عن ( أبي سلمة ) عن ( جابر بن عبد الله ) أن ( عمر بن الخطاب ) رضي الله تعالى عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس جعل يسب كفار قريش وقال يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب قال النبي ما صليتها فنزلنا مع النبي بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب
مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام هو ابن عبد الله الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
والحديث مضى في أواخر أبواب المواقيت فإنه أخرجه هناك في باب قضاء الصلاة الأولى فالأولى عن مسدد عن يحيى إلى آخره نحوه ومر الكلام فيه هناك
قوله جعل عمر ويروى جاء عمر رضي الله تعالى عنه قوله بطحان بضم الباء الموحدة غير منصرف وهو اسم وادي المدينة
4113 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( ابن المنكدر ) قال سمعت جابرا يقول قال رسول الله يوم الأحزاب من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال من يأتينا بخبر القوم فقال الزبير أنا ثم قال إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير
مطابقته للترجمة في قوله يوم الأحزاب لأنه يوم الخندق ومحمد بن كثير ضد القليل وسفيان هو الثوري يروي عن محمد بن المنكدر
والحديث مضى في الجهاد في باب هل يبعث الطليعة وحده فإنه أخرجه هناك عن صدقة عن ابن عيينة عن محمد بن المنكدر إلى آخره
قوله بخبر القوم قال الواقدي المراد بالقوم بنو قريظة قوله حواريا أي ناصرا قوله وحواري بالإضافة إلى ياء المتكلم وتخفيفها والاكتفاء بالكسرة وبفتحها
4114 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( الليث ) عن ( سعيد بن أبي سعيد ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله كان يقول لا إلاه إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده
مطابقته للترجمة في قوله وغلب الأحزاب وحده قوله عن أبيه هو أبو سعيد المقبري واسمه كيسان مولى بني ليث قوله وحده منصوب على تقدير أوحد وحده قوله أعز أي أعز الله جنده ونصر عبده النبي

(17/187)


وغلب الأحزاب الذين جاؤا من أهل مكة وغيرهم يوم الخندق قوله فلا شيء بعده أي جميع الأشياء بالنسبة إلى وجوده كالعدم أو بمعنى كل شيء يفنى وهو الباقي بعد كل شيء فلا شيء بعد قال تعالى كل شيء هالك إلا وجهه ( القصص 88 ) فإن قلت هذا سجع والنبي ذم السجع حيث قال منكر أسجع كسجع الكهان قلت المنكر والمذموم السجع الذي يأتي بالتكلف وبالتزام ما لا يلزم وسجعه من السجع المحمود لأنه جاء بانسجام واتفاق على مقتضى السجية وكذلك وقع منه في أدعية كثيرة من غير قصد لذلك ولا اعتماد إلى وقوعه موزونا مقفى بقصده إلى القافية
4115 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( الفزاري وعبدة ) عن ( إسماعيل بن أبي خالد ) قال سمعت ( عبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله تعالى عنهما يقول دعا رسول الله على الأحزاب فقال أللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد هو ابن سلام البيكندي البخاري والفزاري بفتح الفاء وبالزاي وكسر الراء هو مروان ابن معاوية بن الحارث الكوفي سكن مكة وعبدة هو ابن سليمان مر عن قريب
والحديث مر في كتاب الجهاد في باب الدعاء على المشركين بالهزيمة فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن محمد عن عبد الله عن إسماعيل بن أبي خالد نحوه
قوله سريع الحساب أي سريع في الحساب أو سريع حسابه قريب زمانه
4116 - حدثنا ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( موسى بن عقبة ) عن ( سالم ونافع ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله كان إذاقفل من الغزو أو الحج أو العمرة يبدأ فيكبر ثلاث مرار ثم يقول لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وعبد الله هو ابن المبارك ونافع بالجر عطف على قوله عن سالم والمعنى أن موسى بن عتبة روى هذا الحديث عن كل واحد من سالم بن عبد الله بن عمر ونافع مولى ابن عمر وكل منهما يرويه عن عبد الله بن عمر
والحديث مر في كتاب الجهاد في باب التكبير إذا علا شرفا وفي باب ما يقول إذا رجع من الغزو
قوله إذا قفل أي إذا رجع وكلمة أو في الموضعين للتنويع لا للشك قوله لربنا يحتمل أن يتعلق بما قبله وبما قبله ومر الكلام فيه هناك
31 -
( باب مرجع النبي من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته وإياهم )
أي هذا باب في بيان مرجع النبي والمرجع والمخرج بفتح الميم فيهما مصدران ميميان بمعنى الرجوع والخروج والمعنى رجوع النبي من الموضع الذي كان يقاتل فيه الأحزاب إلى منزله بالمدينة وخروجه منه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم وكان توجهه إليهم لسبع بقين من ذي القعدة من سنة خمس وقال الواقدي في بقية ذي القعدة وأول ذي الحجة وقال ابن سعد خرج إليهم يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة في ثلاثة آلاف رجل والخيل ستة وثلاثون فرسا فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة وقيل خمسا وعشرين ليلة وقيل خمس عشرة ليلة وقال ابن سعد وانصرف راجعا يوم الخميس لثمان خلون من ذي الحجة والله أعلم

(17/188)


4117 - حدثني ( عبد الله بن أبي شيبة ) حدثنا ( ابن نمير ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت لما رجع النبي من الخندق ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل عليه السلام فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعناه فاخرج إليهم قال فإلى أين قال ههنا وأشار إلى بني قريظة فخرج النبي إليهم
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن نمير تصغير نمر الحيوان المشهور وهو عبد الله بن نمير وهشام هو ابن عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنه والحديث قد مر في الجهاد في باب الغسل بعد الحرب والغبار
4119 - حدثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء ) حدثنا ( جويرية بن أسماء ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قال النبي يوم الأحزاب لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر ذالك للنبي فلم يعنف واحدا منهم ( انظر الحديث 946 )
مطابقته للترجمة في قوله إلا في بني قريظة وجويرية مصغر جارية بالجيم وهم عم عبد الله الراوي عنه والحديث مر في صلاة الخوف في باب صلاة الطالب والمطلوب بعين هذا الإسناد والمتن ومضى الكلام فيه هناك
قوله العصر كذا وقع في جمع نسخ البخاري ووقع في جميع النسخ عند مسلم الظهر مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد واحد ووافق مسلما أبو يعلى وآخرون وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي غسان مالك بن إسماعيل عن جويرية بلفظ الظهر وابن حبان من طريق أبي غسان كذلك وأصحاب المغازي كلهم ما ذكروا إلا العصر وكذلك أخرجه أبو نعيم في ( المستخرج ) من طريق أبي حفص السلمي عن جويرية فقال العصر وجمع بين الروايتين بوجوه
الأول باحتمال أن يكون قبل الأمر كان صلى الظهر وبعضهم لم يصلها فقال لمن لم يصلها لا يصلين أحد الظهر ولمن صلاها لا يصلين أحد العصر

(17/189)


الثاني باحتمال أن تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة فقال للطائفة الأولى الظهر وللطائفة التي بعدها العصر
الثالث أن يكون الاختلاف من حفظ بعض الرواة
4120 - حدثنا ( ابن أبي الأسود ) حدثنا ( معتمر ) وحدثني ( خليفة ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت أبي عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال كان الرجل يجعل للنبي النخلات حتى افتتح قريظة والنضير وأن أهلي أمروني أن آتي النبي فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه وكان النبي قد أعطاه أم أيمن فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول كلا والذي لا إلاه إلا هو لا يعطيكهم وقد أعطانيها أو كما قالت والنبي يقول لك كذا وتقول كلا والله حتى أعطاها حسبت أنه قال عشرة أمثاله أو كما قال
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله حتى افتتح قريظة والنضير وابن أبي الأسود هو عبد الله وأبو الأسود جد عبد الله واسم أبيه محمد واسم أبي الأسود حميد بن أبي الأسود ومعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي وخليفة هو ابن خياط
والحديث مضى في كتاب الخمس مختصرا في باب كيف قسم النبي قريظة والنضير فإنه أخرجه هناك عن ابن أبي الأسود أيضا إلى آخره نحوه
قوله حتى افتتح أي إلى أن افتتح ولما افتتحها ردها إليهم قوله الذي كانوا أعطوه أي النخل الذي كان الأنصار أعطوا النبي قوله أو بعضه أي أو اسأل بعض ما أعطوه قوله وكان النبي قد أعطاه أم أيمنأي وكان النبي قد أعطى الذي أعطي له من النخلات لأم أيمن وهي حاضنة النبي واسمها بركة وقد تقدم ذكرها مرارا قوله فجعلت الثوب في عنقي أي قال أنس لما سأل أم أيمن جعلت أم أيمن الثوب في عنقي والحال أنها تقول كلا أي ارتدع عن هذا فإنه لا يعطيكهم والحال أنه قد أعطانيها أي النخلات قوله أو كما قالت شك من الراوي أي أو كما قالت أم أيمن وإنما امتنعت من ردها ظنا أنها ملكت رقبة النخلات ولا ظنها النبي حيث قال لها أنس والنبي يقول لك كذا إلى آخره وذلك لما كان لها عليه من حق الحضانة والواو في والنبي للحال وكان مقتضى الحال أن يقول لها مكان ولكن كلمة لها مقدرة تقديره والنبي يقول لها لك كذا وهي تقول كلا كذا كناية عن القدر الذي ذكره لها النبي فما زال النبي يزيدها في عرض النخلات حتى رضيت قوله والله حتى أعطاها أي قال أنس والله أعطاها النبي عشرة أمثاله أشار إليه بقوله حسبت أنه قال عشرة أمثاله وهو قول سليمان بن طرخان الراوي عن أنس كأنه شك في قول أنس عشرة أمثاله أو كما قال وفي رواية مسلم أعطاها عشرة أمثاله أو قريبا من عشرة أمثاله
وفي الحديث مشروعية هبة المنفعة دون الرقبة وفرط جود النبي وكثرة حلمه وبره وفيه منزلة أم أيمن رضي الله تعالى عنها
4121 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد ) قال سمعت ( أبا أمامة ) قال سمعت ( أبا سعيد الخدري ) رضي الله تعالى عنه يقول نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ فأرسل النبي إلى سعد فأتى على حمار فلما دنا من المسجد قال للأنصار قوموا إلى سيدكم أو خيركم فقال هاؤلاء نزلوا على حكمك فقال تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم قال قضيت بحكم الله وربما قال بحكم الملك
مطابقته للترجمة تفهم من معنى الحديث وغندر بضم الغين المعجمة وسكون النون لقب محمد بن جعفر وقد مر غير مرة وسعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وأبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري وأبو سعيد الخدري سعد بن

(17/190)


مالك الأنصاري وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي
والحديث تقدم في الجهاد في باب إذا نزل العدو على حكم رجل فإنه أخرجه هناك عن سليمان بن حرب عن شعبة إلى آخره
قوله نزل أهل قريظة على حكم سعد سيأتي بيان ذلك في الحديث الذي يليه وفي رواية محمد بن صالح بن دينار التمار المدني حكم أن يقتل منهم كل من جرت عليه الموسى قوله فلما دنا أي قرب من المسجد قيل المراد به المسجد الذي كان النبي أعده للصلاة فيه في ديار بني قريظة أيام حصارهم وفي كلام ابن إسحاق ما يدل أنه كان مقيما في مسجد المدينة حتى بعث إليه رسول الله ليحكم في بني قريظة وفيه فلما خرج إلى بني قريظة كان سعد في مسجد المدينة والقول الأول أصح قوله إلى سيدكم أراد أفضلكم رجلا وسيد القوم هو رئيسهم والقائم بأمرهم وفي ( مسند أحمد ) من حديث عائشة فلما طلع يعني سعدا قال النبي قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فقال عمر السيد الله معناه هو الذي تحق له السيادة كأنه كره أن يحمد في وجهه وأحب التواضع قوله أو خيركم شك من الراوي قوله وربما قال بحكم الملك بكسر اللام وقال الكرماني وبفتح اللام جبريل عليه السلام الذي ينزل بالأحكام والشك فيه من أحد الرواة أي اللفظتين قال وفي رواية محمد بن صالح المذكور آنفا لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات وفي رواية ابن إسحاق من مرسل علقمة بن وقاص لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة والأرقعة بالقاف جمع رقيع وهو من أسماء السماء قيل سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم
158 - ( حدثنا زكرياء بن يحيى حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة رماه في الأكحل فضرب النبي خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلما رجع رسول الله من الخندق وضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار فقال قد وضعت السلاح والله ما وضعته اخرج إليهم قال النبي فأين فأشار إلى بني قريظة فأتاهم رسول الله فنزلوا على حكمه فرد الحكم إلى سعد قال فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وأن تسبى النساء والذرية وأن تقسم أموالهم قال هشام فأخبرني أبي عن عائشة أن سعدا قال اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني له حتى أجاهدهم فيك وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها فانفجرت من لبته فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم فإذا سعد يغذو جرحه دما فمات منها رضي الله عنه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وزكريا بن يحيى بن صالح البلخي الحافظ الفقيه وهو من أفراده وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام والحديث مر في الصلاة في باب الخيمة في المسجد للمرضى فإنه أخرجه هناك بأخصر منه بعين هذا الإسناد عن زكريا بن يحيى إلى آخره قوله أصيب سعد وهو سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأوسي الأشهلي قوله حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن العرقة بفتح العين المهملة وكسر الراء وبالقاف والعرقة أمه وهي بنت سعيد بن سعد بن سهم وأبوه قيس من بني معيص بن عامر بن لؤي وفي بعض النسخ وهو حبان بن قيس

(17/191)


من بني معيص بفتح الميم وكسر العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف ويقال حبان بن أبي قيس بن علقمة بن عبد مناف قوله في الأكحل بفتح الهمزة وسكون الكاف وباللام وهو عرق في وسط الذراع قال الخليل هو عرق الحياة يقال أن في كل عضو منه شعبة فهو في اليد أكحل وفي الظهر أثير وفي الفخذ النسا إذا قطع لم يرقا الدم قوله فلما رجع قال القرطبي الفاء فيه زائدة وفي الحديث الذي في الجهاد ولما رجع بالواو قوله وضع السلاح جواب لما قوله وهو ينفض الواو فيه للحال وروى الطبراني والبيهقي من طريق القاسم بن محمد عن عائشة قالت سلم علينا رجل ونحن في البيت فقام رسول الله فزعا فقمت في أثره فإذا بدحية الكلبي فقال هذا جبريل يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة وذلك لما رجع من الخندق قالت فكأني برسول الله يمسح الغبار عن وجه جبريل عليه السلام وروى أحمد من حديث علقمة بن وقاص عن عائشة فجاءه جبريل وإن على ثناياه لنقع الغبار وفي مرسل يزيد بن الأصم عند ابن سعد فقال له جبريل عفا الله عنك وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة الله قوله اخرج بضم الهمزة أمر من الخروج قوله فأتاهم رسول الله أي فحاصرهم وروى الحاكم والبيهقي من حديث أبي الأسود عن عروة وبعث عليا رضي الله تعالى عنه على المقدمة ورفع إليه اللواء وخرج رسول الله على أثره وكذا في رواية موسى بن عقبة وزاد وحاصرهم بضع عشرة ليلة وعند ابن سعد خمس عشرة ليلة وفي حديث علقمة بن وقاص خمسا وعشرين قوله فرد الحكم إلى سعد أي فرد رسول الله الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ ووجه الرد إليه سؤال الأوس ذلك منه قوله فإني أحكم فيهم أي في بني قريظة وهذا هكذا رواية النسفي وفي رواية غيره أحكم فيه أي في هذا الأمر قوله أن تقتل المقاتلة ذكر ابن إسحاق أنهم جعلوا في دار بنت الحارث وفي رواية أبي الأسود عن عروة في دار أسامة بن زيد ويجمع بينهما بأنهم جعلوا في بيتين ووقع في حديث جابر عند ابن عائذ التصريح بأنهم جعلوا في بيتين وقال ابن إسحاق فخندقوا لهم خنادق فضربت أعناقهم فجرى الدم في الخندق وقسم نساءهم وأبناءهم على المسلمين واختلف في عدتهم فعند ابن إسحق كانوا ستمائة وعند ابن عائذ من مرسل قتادة كانوا سبعمائة وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل فيحتمل في طريق الجمع أن يقال أن الباقين كانوا أتباعا وقد حكى ابن إسحق وقيل أنهم كانوا تسعمائة قوله والذرية بضم الذال وفي التوضيح قال عبد الملك بنصب الذرية وقال ابن الأثير الذرية اسم جمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى وأصله الهمزة لكنهم حذفوها فلم يستعملوها إلا غير مهموزة وتجمع على ذريات وذراري مشددا وقيل أصلها من الذر بمعنى التفريق لأن الله ذرهم في الأرض انتهى واختلف في وزنها هل هو فعلية أو فعلولة قوله قال هشام فأخبرني أبي أي عروة وهو موصول بالإسناد المذكور أولا قوله فأبقني له أي للحرب وفي رواية الكشميهني لهم قوله فافجرها بوصل الهمزة والجيم ثلاثي من فجر يفجر متعد والضمير المنصوب فيه يرجع إلى الجراحة قيل كيف استدعى الموت وهو غير جائز وأجيب بأن غرضه كان أن يموت على الشهادة فكأنه قال إن كان بعد هذا قتال معهم فذاك وإلا فلا تحرمني من ثواب هذه الشهادة قوله من لبته بفتح اللام وتشديد الباء الموحدة موضع القلادة من الصدر وهي رواية مسلم والإسماعيلي وفي رواية الكشميهني من ليلته وفي مسند حميد بن هلال عن ابن سعيد أنه مرت به عنز وهو مضطجع فأصاب ظلفها موضع الجرح فانفجر حتى مات قوله فلم يرعهم من الروع وهو الخوف قال الكرماني مرجع الضمير بنو غفار والسياق يدل عليه وقيل الضمير يرجع إلى أهل المسجد قوله وفي المسجد خيمة من بني غفار الواو فيه للحال قيل الخيمة لبني غفار لا من بني غفار وأجيب بأن المضاف فيه محذوف أي خيمة من خيام بني غفار فإن قلت ذكر ابن إسحق أن الخيمة كانت لرفيدة الأسلمية ( قلت ) يحتمل أن يكون لها زوج من بني غفار وغفار بن مليلة بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وغفار بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء وقال ابن دريد من غفر إذا ستر قوله فإذا سعد كلمة إذا للمفاجأة قوله يغذو بغين وذال معجمتين أي يسيل يقال غذا العرق إذا سال دما قوله فمات منها أي من تلك الجراحة

(17/192)


وفي السير ولما مات أتى جبريل عليه السلام معتجرا بعمامة من استبرق فقال يا محمد من هذا الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش فقام سريعا يجر ثوبه إليه فوجده قد مات ولما حملوا نعشه وجدوا له خفة فقال إن له حملة غيركم وقال ابن عائذ لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعدا ما وطئوا الأرض إلا يومهم هذا -
4123 - حدثنا ( الحجاج بن منهال ) أخبرنا ( شعبة ) قال أخبرني ( عدي ) أنه سمع ( البراء ) رضي الله تعالى عنه قال قال النبي لحسان يوم قريظة اهجهم أو هاجهم وجبريل معك
مطابقته للترجمة من حيث إن هجو حسان بأمر النبي كان للمشركين يوم بني قريظة تدل عليه رواية إبراهيم بن طهمان التي تأتي الآن وعدي هو ابن ثابت الأنصاري الكوفي والحديث مضى في كتاب بدء الخلق في باب ذكر الملائكة فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن شعبة إلخ
قوله أهجهم أمر من الهجو وهو خلاف المدح يقال هجوته هجوا وهجاء وتهجاء قوله أوهاجهم شك من الراوي وهو أمر من المهاجاة من باب المفاعلة الدال على الاشتراك في الهجو والضمير المنصوب فيه يرجع إلى المشركين بدلالة القرينة والواو في جبريل للحال وقد مر الكلام فيه هناك
4124 - ( وزاد إبراهيم بن طهمان ) عن ( الشيباني ) عن ( عدي بن ثابت ) عن ( البراء بن عازب ) قال قال رسول الله يوم قريظة لحسان بن ثابت اهج المشركين فإن جبريل معك
أي زاد إبراهيم بن طهمان الهروي أبو سعيد في الحديث المذكور عن أبي إسحاق بن سليمان الشيباني عن عدي بن ثابت الخ وقد وصل هذه الزيادة النسائي عن حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن شعبة عن عدي بن ثابت والزيادة هي تعيينه أن الأمر لحسان بذلك وقع يوم قريظة
32 -
( باب غزوة ذات الرقاع )
أي هذا باب في بيان غزوة ذات الرقاع بكسر الراء وبالقاف وبالعين المهملة سميت بذلك لأنهم رقعوا فيها راياتهم وقيل لأن أقدامهم نقبت فكانوا يلقون الخرق وقيل كانوا يلقون الخرق في الخر وقيل سميت بذلك لشجرة هناك تسمى ذات الرقاع وقال الواقدي سميت بذلك لجبل فيه بقع حمر وبيض وسود وقال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهري ربيع وبعض جمادى ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان واستعمل على المدينة أبا ذر وقال ابن هشام ويقال عثمان بن عفان ثم سار حتى نزل نجدا وهي غزوة ذات الرقاع فلقي بها جمعا من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد أخاف الله الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله صلاة الخوف والحاصل أن غزوة ذات الرقاع عند ابن إسحاق كانت بعد بني النضير وقبل الخندق سنة أربع وعند ابن سعد وابن حبان أنها كانت في المحرم سنة خمس ومال البخاري إلى أنها كانت بعد خيبر على ما سيأتي واستدل على ذلك بأن أبا موسى الأشعري شهدها وقدومه إنما كان ليالي خيبر صحبة جعفر وأصحابه ومع هذا ذكرها البخاري قبل خيبر والظاهر أن ذلك من الرواة وقال الواقدي خرج إليها رسول الله ليلة السبت لعشر خلون من المحرم في أربعمائة وقيل سبعمائة وعند البيهقي ثمانمائة وقال ابن سعد على رأس تسعة وأربعين شهرا من الهجرة وغاب خمس عشرة ليلة وفي ( المعجم الأوسط ) للطبراني عن إبراهيم بن المنذر قال محمد ابن طلحة كانت غزوة ذات الرقاع تسمى غزوة الأعاجيب
وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان فنزل نخلا
أي غزوة ذات الرقاع هي غزوة محارب قوله محارب خصفة بإضافة محارب إلى خصفة للتمييز لأن محارب في العرب جماعة ومحارب هذا هو ابن خصفة بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء المفتوحات وهو ابن قيس بن غيلان بن إلياس بن مضر قوله من بني ثعلبة ذكره بكلمة من يقتضي أن ثعلبة جد لمحارب وليس كذلك والصواب ما وقع عند ابن إسحاق وغيره

(17/193)


محارب خصفة وبني ثعلبة بواو العطف فإن غطفان هو ابن سعد بن قيس بن غيلان فمحارب وغطفان ابنا عم فكيف يكون الأعلى منسوبا إلى الأدنى وفي رواية القابسي خصفة بني ثعلبة وقال الجياني كلاهما وهم والصواب محارب خصفة وبني ثعلبة بواو العطف كما ذكرناه وقال الكرماني محارب قبيلة من فهر قلت ليس كذلك لأن المحاربين هنا لا ينتسبون إلى فهر بل ينتسبون إلى خصفة ولم يحرر هذا الموضع كما ينبغي قوله فنزل أي النبي قوله نخلا بفتح النون وسكون الخاء المعجمة وهو موضع من المدينة على يومين وهو بواد يقال له شدخ بالشين المعجمة والدال المهملة والخاء المعجمة وفيه طوائف من قيس من بني فزارة وأشجع وأنمار
وهي بعد خيبر لأن أبا موسى جاء بعد خيبر
أي غزوة ذات الرقاع إنما وقعت بعد غزوة خيبر واستدل على ذلك بقوله لأن أبا موسى الأشعري جاء بعد خيبر وثبت أن أبا موسى شهد غزوة ذات الرقاع فلزم من ذلك وقوع غزوة ذات الرقاع بعد غزوة خيبر
4125 - قال ( أبو عبد الله ) وقال لي ( عبد الله بن رجاء ) أخبرنا ( عمران العطار ) عن ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما أن النبي بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرقاع
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس في بعض النسخ قال أبو عبد الله وإنما المذكور في أكثر النسخ وقال عبد الله بن رجاء على أن لفظة لي في رواية أبي ذر فقط وعبد الله بن رجاء ضد الخوف الفداني البصري سمع منه البخاري وأما عبد الله بن رجاء المكي فلم يدركه البخاري وعمران هو ابن داود القطان وفي آخره نون البصري ولم يحتج به البخاري إلا استشهادا وهذا التعليق وصله أبو العباس السراج في مسنده المبوب فقال حدثنا جعفر بن هاشم حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن يحيى بن حسان عن معاوية بن سلام ثلاثتهم عن يحيى عنه به وأعاده عن أبي بكر في فضائل النبي
قوله صلى بأصحابه في الخوف أي في حالة الخوف وفي رواية السراج أربع ركعات صلى بهم ركعتين ثم ذهبوا ثم جاء أولئك فصلى بهم ركعتين قوله في غزوة السابعة قال بعضهم هو من أضافة الشيء إلى نفسه على رأي قلت كان ينبغي أن يقال هو من إضافة الشيء إلى نفسه بتأويل وهو أن يقال غزوة السفرة السابعة وقال الكرماني وغيره تقديره غزوة السنة السابعة من الهجرة وهذا التقدير غير صحيح لأنه يلزم منه أن تكون غزوة الرقاع بعد خيبر وليس كذلك كما ذكرنا مع أنه قال في الغزوة السابعة بالألف واللام في الغزوة ثم قال ويروى غزوة السابعة ثم فسرها بما ذكرنا عنه الآن والغزوات التي وقع فيها القتال بدر وأحد والخندق وقريظة والمريسيع وخيبر فعلى ما ذكره يلزم أن تكون ذات الرقاع بعد خيبر للتنصيص على أنها السابعة قوله غزوة ذات الرقاع بالجر على أنه عطف بيان أو بدل
وقال ابن عباس صلى النبي الخوف بذي قرد
أي قال عبد الله بن عباس صلى النبي صلاة الخوف بذي قرد بفتح القاف والراء وهو موضع على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان وهذا التعليق وصله النسائي والطبراني من طريق أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله صلى بذي قرد صلاة الخوف وقد مر في أبواب صلاة الخوف عن ابن عباس صورة صلاة الخوف ولكن لم يذكر فيه بذي قرد
4126 - وقال ( بكر بن سوادة ) حدثني ( زياد بن نافع ) عن ( أبي موسى ) أن ( جابرا ) حدثهم صلى النبي بهم يوم محارب وثعلبة

(17/194)


بكر بن سوادة بفتح السين المهملة وتخفيف الواو وبالدال المهملة الجذامي بضم الجيم وبالذال المعجمة يكنى أبا ثمامة عداده في أهل مصر وكان أحد الفقهاء بها وأرسله عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه إلى أفريقية ليفقههم فمات بها سنة ثمان وعشرين ومائة ووثقه ابن معين والنسائي وليس له في البخاري سوى هذا الموضع المعلق وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن نافع النجيبي المصري من التابعين الصغار وليس له أيضا في البخاري سوى هذا الموضع وأبو موسى ذكره أبو مسعود الدمشقي وغيره أنه علي بن رباح اللخمي وقيل إنه أبو موسى الغافقي واسمه مالك بن عبادة وله صحبة وقال أبو عمر مالك بن عبادة الهمداني قدم على النبي في وفد همدان مع مالك بن عمرة وعقبة بن نمر فأسلموا ويقال إنه مصري ولا يعرف اسمه والأول أولى كما نبه عليه الحافظ المزي وليس له في البخاري أيضا سوى هذا الموضع
قوله بهم أي بالصحابة رضي الله تعالى عنهم قوله يوم محارب وثعلبة هو يوم غزوة ذات الرقاع وقد مر في أول الباب وهو قوله وهي غزوة محارب خصفة فإن قلت ذكر هنا محارب خصفة من بني ثعلبة وهنا يقول وثعلبة بعطفها على محارب قلت كأنه أشار بهذا إلى أن قولهم من بني ثعلبة وهم وقد ذكرناه مستقصى
4127 - وقال ( ابن إسحاق ) سمعت ( وهب بن كيسان ) سمعت جابرا خرج النبي إلى ذات الرقاع من نخل فلقي جمعا من غطفان فلم يكن قتال وأخاف الناس بعضهم بعضا فصلى النبي ركعتي الخوف
أي قال محمد بن إسحاق صاحب ( المغازي ) وقد مر في أول الباب ما ذكره ابن إسحاق وقال بعضهم لم أر هذا الذي ساقه عن ابن إسحاق هكذا في شيء من كتب المغازي ولا غيرها قلت لا يلزم من عدم رؤيته في موضع من المواضع عدم رؤية البخاري رضي الله تعالى عنه ذلك في موضع لم يطلع عليه هذا القائل لأن اطلاعه لا يقارب أدنى اطلاع البخاري ولا إلى شيء من ذلك
وقال يزيد عن سلمة غزوت مع النبي يوم القرد
يزيد هذا من الزيادة ابن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع يروي عن سلمة هذا ومضى موصولا مطولا قبل غزوة خيبر وترجم له البخاري غزوة ذي قرد وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبي وليس فيها ذكر لصلاة الخوف أصلا فإن قلت فعلى هذا ما فائدة ذكر حديث سلمة ههنا قلت لعله ذكره من أجل حديث ابن عباس المذكور قيل إنه صلى صلاة الخوف بذي قرد ولا يلزم من ذكر ذي قرد في الحديثين أن تتحد القصة كما لا يلزم من كونه صلى صلاة الخوف في مكان أن لا يكون صلاها في مكان آخر
4128 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال خرجنا مع النبي في غزاة ونحن في ستة نفر بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري وكنا نلف على أرجلنا الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا وحدث أبو موسى بهاذا الحديث ثم كره ذاك قال ما كنت أصنع بأن أذكره كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ابن عبد الله بن أبي بردة بن ( أبي موسى ) الأشعري يروي عن جده أبي بردة عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه مسلم أيضا في المغازي عن عبد الله بن براد

(17/195)


وأبي كريب كلاهما عن أبي أسامة عنه
قوله ونحن في ستة نفر الظاهر أنهم كانوا من الأشعريين قوله نعتقبه أي نركبه عقبة وهي أن يتناوبوا في الركوب بأن يركب أحدهم قليلا ثم ينزل فيركب الآخر حتى يأتي إلى آخرهم قوله فنقبت بفتح النون وكسر القاف يقال نقب البعير إذا رقت أخفافه ونقب الخف إذا تخرق وذلك لمشيهم حفاة قد نقبت أقدامهم وسقطت أظفارهم قوله لما كان أي لأجل ما فعلناه من ذلك قوله وحدث أبو موسى بذلك هذا موصول بالإسناد المذكور وهو مقول أبي بردة عن أبي موسى قوله ثم كره ذلك أي أبو موسى ما حدثه من ذلك لما فيه من تزكية نفسه قوله كأنه كره إلخ وذلك لأن كتمان العمل الصالح أفضل من إظهاره إلا لوجود مصلحة تقتضي ذلك قال الله تعالى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ( البقرة 271 )
4129 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) عن ( مالك ) عن ( يزيد بن رومان ) عن ( صالح بن خوات ) عمن شهد مع رسول الله يوم ذات الرقاع صلى صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم
مطابقته للترجمة ظاهرة ويزيد من الزيادة ابن رومان بضم الراء مولى الزبير بن العوام وصالح بن خوات بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو وفي آخره تاء مثناة من فوق ابن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة ابن النعمان الأنصاري
والحديث أخرجه بقية الجماعة كلهم في الصلاة فمسلم عن يحيى بن يحيى وغيره وأبو داود عن القعنبي والترمذي عن بندار والنسائي عن قتيبة وابن ماجه عن بندار به
قوله عمن شهده مع رسول الله ويروى عمن شهد مع النبي قيل اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة قال المزي هو سهل بن عبد الله بن أبي حثمة واسم أبي حثمة عامر بن ساعدة الأنصاري وقال بعضهم الراجح أنه أبو صالح المذكور وهو خوات بن جبير واحتج على ذلك بأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك فيه فقال عن صالح بن خوات عن أبيه أخرجه ابن منده في ( معرفة الصحابة ) من طريقه انتهى قلت الذي يظهر أن صالحا سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة فلذلك كان يبهمه تارة كما في الطريق المذكور ويفسره أخرى كما في الطريق الذي يأتي الآن ولا يقال هذه رواية عن مجهول لأن الصحابة كلهم عدول فلا يضر ذلك قوله معه أي مع النبي قوله وجاء العدو أي محاذيهم ومواجههم والوجاه بضم الواو وكسرها
قال مالك وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف
هذا موصول بالإسناد المذكور ثم كلام مالك هذا يقتضي أنه سمع في كيفية صلاة الخوف صفات متعددة واختار منها في العمل حديث صالح بن خوات المذكور أشار إليه بقوله وذلك أحسن ما سمعت ووافقه على ذلك الشافعي وأحمد وأبو داود ثم إن بعض العلماء حملوا اختلاف الصفات في صلاة الخوف على اختلاف الأحوال وبعضهم حملوها على التوسع والتخيير وقد مر الكلام فيه مستقصى في أبواب صلاة الخوف
4130 - وقال ( معاذ ) حدثنا ( هشام ) عن ( أبي الزبير ) عن ( جابر ) قال كنا مع النبي بنخل فذكر صلاة الخوف
كذا وقع معاذ بغير نسبة عند الأكثرين ووقع عند النسفي قال معاذ بن هشام أخبرنا هشام وقال بعضهم فيه رد على أبي نعيم ومن تبعه في الجزم بأن معاذا هذا هو ابن فضالة شيخ البخاري قلت وقوع معاذ بغير نسبة يحتمل الوجهين على ما لا يخفى وقول أبي نعيم مترجح حيث قال أخبرنا هشام ولم يقل أخبرنا أبي وكل من معاذ وهشام ذكر مجردا أما معاذ بن هشام على قول النسفي فهو ثقة صاحب غرائب وأما هشام الذي روى عنه معاذ فهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري واسم

(17/196)


ابن عبد الله سنبر روى عنه ابنه معاذ ويحيى القطان في آخرين وقال عمرو بن علي مات سنة ثلاث وخمسين ومائة وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس بلفظ مخاطب المضارع من الدراسة
قوله بنخل مر تفسيره عن قريب عند قوله فنزل نخلا وفائدة إيراد البخاري هذا الحديث مختصرا معلقا هي ما قيل إنه أشار إلى أن روايات جابر متفقة على أن الغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف هي غزوة ذات الرقاع وقال بعضهم فيه نظر لأن سياق رواية هشام عن أبي الزبير هذه تدل على أنه حديث آخر في غزوة أخرى قلت لا نسلم ذلك لأنه ذكر فيما مضى عن قريب عن جابر خرج النبي إلى ذات الرقاع من نخل فلقي جمعا من غطفان إلى آخره
تابعه الليث عن هشام عن زيد بن أسلم أن القاسم بن محمد حدثه صلى النبي في غزوة بني أنمار
الظاهر أن متابعة الليث لمعاذ المذكور فإن قلت كيف وجه هذه المتابعة لأن حديث معاذ في غزوة محارب وثعلبة وحديث الليث في أنمار قلت ديار بني أنمار تقرب من ديار بني ثعلبة فبهذا الوجه يحتمل الاتحاد وهشام الذي روى عنه الليث هو هشام بن سعد المدني أبو سعيد القرشي مولاهم يقال له يتيم زيد بن أسلم روى عن زيد بن أسلم فأكثر وروى عنه الليث ابن سعد وآخرون وعن ابن معين هو ضعيف وقال أبو حاتم لا يحتج به وقال أبو داود هو أثبت الناس في زيد بن أسلم قيل إنه مات سنة ستين ومائة وهو يروي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر وقد وصل البخاري في ( تاريخه ) هذا المعلق قال قال لي يحيى ابن عبد الله بن بكير أخبرنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم سمع القاسم بن محمد أن النبي صلى في غزوة بني أنمار وذكر الواقدي أن سبب غزوة ذات الرقاع هو أن أعرابيا قدم من حلب إلى المدينة فقال إني رأيت ناسا من بني ثعلبة ومن بني أنمار قد جمعوا لكم جموعا فأنتم في غفلة عنهم فخرج النبي في أربعمائة ويقال سبعمائة فعلى هذا غزوة بني أنمار متحدة مع غزوة بني محارب وثعلبة وهي غزوة ذات الرقاع وأنمار بفتح الهمزة وسكون النون وبالراء قبيلة من بجيلة بفتح الباء الموحدة وكسر الجيم
4131 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى بن سعيد القطان ) عن ( يحيى بن سعيد الأنصاري ) عن ( القاسم بن محمد ) عن ( صالح بن خوات ) عن ( سهل بن أبي حثمة ) قال يقوم الإمام مستقبل القبلة وطائفة منهم معه وطائفة من قبل العدو وجوههم إلى العدو فيصلي بالذين معه ركعة ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة ويسجدون سجدتين في مكانهم ثم يذهب هاؤلاء إلى مقام أولائك فيجيء فيركع بهم ركعة فله ثنتان ثم يركعون ويسجدون سجدتين
هذا طريق آخر في حديث صالح بن خوات الذي مضى عن قريب وقد صرح فيه أن صالحا رواه عن سهل بن أبي حثمة وهناك قال عمن شهد مع رسول الله وقد مر الكلام فيه هناك وأخرج هذا الطريق عن مسدد عن يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين المدنيين على نسق واحد وهم يحيى الأنصاري والقاسم وصالح وقد ترجمنا سهلا هناك واختلف في شأن سهل فقالت جماعة إنه كان صغيرا في زمن النبي فمات النبي وهو ابن ثمان سنين وممن جزم بذلك الطبري وابن حبان وابن السكن فعلى هذا تكون روايته لقصة صلاة الخوف مرسلة وقال ابن أبي حاتم عن رجل من ولد سهل أنه حدثه أنه بايع تحت الشجرة وشهد المشاهد إلا بدرا وكان الدليل ليلة أحد وقال الواقدي قبض رسول الله وهو ابن ثمان سنين ولكنه حفظ عنه فروى وأتقن وقال أبو عمر هو معدود في أهل

(17/197)


المدينة وبها كانت وفاته
قوله يقوم الإمام هكذا ذكره موقوفا وهكذا أخرجه البخاري بعد حديث من طريق ابن أبي حازم عن يحيى بن سعيد الأنصاري وأورده من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه مرفوعا قوله من قبل العدو بكسر القاف وفتح الباء الموحدة وهو الجهة القابلة
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي مثله
هذا طريق آخر مرفوع أخرجه عن مسدد عن يحيى القطان عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم ابن محمد بن أبي بكر إلى آخره
حدثني محمد بن عبيد الله قال حدثني ابن أبي حازم عن يحيى سمع القاسم أخبرني صالح بن خوات عن سهل حدثه قوله
هذا طريق موقوف أخرجه عن محمد بن عبيد الله بن محمد مولى عثمان بن عفان القرشي الأموي المدني عن عبد العزيز ابن أبي حازم سلمة بن دينار عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر إلخ
4132 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( سالم ) أن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال غزوت مع رسول الله قبل نجد فوازينا العدو فصاففنا لهم
هذا الحديث بعين هذا الإسناد مر في أبواب صلاة الخوف أتم منه وأكمل وقد مر الكلام فيه هناك قوله فوازينا من الموازاة وهي المقابلة قوله فصاففنا لهم وفي رواية الكشميهني فصاففناهم وكذا في رواية أحمد عن أبي اليمان شيخ البخاري الحكم بن نافع
4133 - حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى بإحدى الطائفتين والطائفة الأخرى مواجهة العدو ثم انصرفوا فقاموا في مقام أصحابهم فجاء أولائك فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم ثم قام هاؤلاء فقضوا ركعتهم وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم
هذا طريق آخر في حديث عبد الله بن عمر أخرجه عن مسدد عن يزيد من الزيادة ابن زريع بضم الزاي وفتح الراء عن معمر بن راشد إلخ وأخرجه أبو داود عن مسدد أيضا إلخ نحوه قوله والطائفة الأخرى مبتدأ ومواجهة خبره والجملة حالية قوله فقضوا من القضاء الذي بمعنى الأداء كما في قوله تعالى فإذا قضيت الصلاة ( الجمعة 100 ) أي أديت لا بمعنى القضاء الاصطلاحي
4135 - حدثنا ( إسماعيل ) قال حدثني ( أخي ) عن ( سليمان ) عن ( محمد بن أبي عتيق ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سنان بن أبي سنان الدؤلي ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما أخبره أنه ( غزا مع ) رسول الله قبل نجد فلما قفل رسول الله قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه فنزل رسول الله وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ونزل رسول الله تحت سمرة فعلق بها سيفه

(17/198)


قال جابر فنمنا نومة ثم إذا رسول الله يدعونا فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس فقال رسول الله إن هاذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال لي من يمنعك مني قلت له الله فها هو ذا جالس ثم لم يعاقبه رسول الله
مطابقته للترجمة من حيث إن غزوته قبل نجد هي غزوة ذات الرقاع والدليل عليه أن في رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة كنا مع رسول الله بذات الرقاع
وهذا الحديث بطريقيه قد مضى في الجهاد في باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة وأخرجه هنا أيضا نحوه الأول عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن سنان وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر وهذا الإسناد بعينه هناك الثاني عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق وهو محمد ابن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق نسب إلى جده عن ابن شهاب عن سنان بن أبي سنان واسم أبي سنان يزيد ابن أمية وماله في البخاري إلا هذا الحديث وأخرجه من روايته عن أبي هريرة في الطب وأخرج البخاري هذا هناك عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سنان عن جابر وليس فيه ذكر أبي سلمة
قوله قبل نجد بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي جهته وقال ابن الأثير النجد ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق وقال الجوهري نجد من بلاد العرب وهو خلاف الغور والغور هو تهامة وكل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق فهو نجد وهو مذكور والحاصل أن غزوة ذات الرقاع كانت بنجد
قوله الدؤلي بضم الدال وفتح الهمزة قال الكرماني ويروى بكسر الدال وسكون الياء آخر الحروف قلت الأول نسبة إلى الدؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو بكسر الهمزة ولكنها فتحت في النسبة والثاني نسبة إلى الدؤل بن حفيفة بن لحيم وإلى غير ذلك قوله فلما قفل أي رجع قوله القائلة أي شدة الحر وسط النهار قوله العضاه بكسر العين المهملة وتخفيف الضاد المعجمة وبالهاء كل شجر عظيم له شوك كالطلح والعوسج الواحدة عضه الهاء أصلية وقيل عضهة وقيل عضاهة فحذفت الهاء الأصلية كما حذفت في الشفة ثم ردت في العضاه كما ردت في الشفاه قوله تحت شجرة أي شجرة كثيرة الورق قوله قال جابر هو موصول بالإسناد المذكور وسقط ذلك من رواية معمر قوله فإذا كلمة إذا في الموضعين للمفاجأة قوله أعرابي جالس وفي رواية معمر فإذا أعرابي قاعد بين يديه واسمه غورث كما سيأتي قوله اخترط سيفي أي سله قوله صلتا بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وفي آخره تاء مثناة من فوق أي مجردا من الغمد بمعنى مصلوتا وانتصابه على الحال قوله والله أي الله يمنعني قوله فها هو ذا جالس كلمة ها للتنبيه و هو ضمير الشأن وكلمة ذا للإشارة إلى الحاضر مبتدأ و جالس خبره والجملة خبر لقوله هو فلا تحتاج إلى رابط كما عرف في موضعه قوله ثم لم يعاقبه رسول الله وذلك لشدة رغبته في استئلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام لم يؤاخذه بما صنع بل عفا عنه وذكر الواقدي أنه أسلم وأنه رجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير
( وقال أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال كنا مع النبي بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي فجاء رجل من المشركين وسيف النبي معلق بالشجرة فاخترطه فقال له تخافني قال لا قال فمن يمنعك مني قال الله فتهدده أصحاب النبي وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين وكان للنبي أربع وللقوم ركعتاه )
هذا طريق آخر في حديث جابر وهو معلق أخرجه عن أبان بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة ابن يزيد العطار البصري ووصله مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان عن أبان بتمامه قوله ظليلة أي مظللة أي ذات ظل كثيف قوله

(17/199)


فجاء رجل هو غورث على ما يأتي بيانه الآن قوله وسيف النبي الواو فيه للحال قوله وأقيمت الصلاة الخ واستشكل ابن التين هذه الرواية عن جابر لأنهم كانوا في سفر فكيف يصلي بكل طائفة ركعتين وهو يصلي أكثر من المأمومين وأجيب بأنه لا إشكال هنا لأنهم صلوا معه ركعتين ثم كملوا يدل عليه قوله ثم تأخروا فإن قلت قوله وكان للنبي أربع وللقوم ركعتين ينافي هذا الجواب قلت معنى قوله وللقوم ركعتين مع الإمام وركعتين أخريين منفردين وأولوه كذا كما أولوا حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فرض الله عز و جل الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة حيث قالوا أن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها منفردا كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي وأصحابه في الخوف وقال النووي لا بد من هذا التأويل جمعا بين الأدلة
( وقال مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر اسم الرجل غورث بن الحارث وقاتل فيها محارب خصفة )
أبو عوانة بفتح العين هو الوضاح اليشكري البصري وأبو بشر بكسر الباء الموحدة هو جعفر بن أبي وحشية وهذا التعليق أخرجه سعيد بن منصور عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس يعني اليشكري الثقة عن جابر قوله اسم الرجل أراد الرجل الذي في قوله فجاء رجل من المشركين قوله غورث بفتح الغين المعجمة وسكون الواو وفتح الراء وبالثاء المثلثة وقيل بضم أوله مأخوذ من الغرث وهو الجوع وحكى الخطابي فيه غويرث بالتصغير قوله وقاتل فيها أي في تلك الغزوة قوله محارب خصفة مفعول قاتل ومحارب مضاف إلى خصفة وقد ذكرنا أن محارب قبائل كثيرة فذكر خصفة للتمييز وروى البيهقي من طريقين عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر قال قاتل رسول الله محارب خصفة فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رسول الله فقال من يمنعك الحديث
( وقال أبو الزبير عن جابر كنا مع النبي بنخل فصلى الخوف )
أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس علقه عنه البخاري وتقدم الكلام في رواية أبي الزبير عن جابر عن قريب قوله فصلى الخوف أي فصلى صلاة الخوف
( وقال أبو هريرة صليت مع النبي في غزوة نجد صلاة الخوف وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي أيام خيبر )
هذا التعليق وصله أبو داود والطبراني وابن حبان من طريق أبي الأسود أنه سمع عروة يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة هل صليت مع النبي صلاة الخوف وقال أبو هريرة نعم قال مروان متى قال عام غزوة نجد قوله وإنما جاء أبو هريرة إلى آخره ذكر البخاري هذا تأكيدا لقوله أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد خيبر وذلك لأن أبا هريرة ما جاء إلى النبي إلا في أيام خيبر وفيه نظر لا يخفى لأنه لا يلزم من قوله صليت مع النبي في غزوة نجد صلاة الخوف أن يكون هذا في غزوة ذات الرقاع لأنه غزا غزوات عديدة في جهة نجد
( باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع )
أي هذا باب في بيان غزوة بني المصطلق بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام وفي آخره قاف -
33 -
( باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع )
أي هذا باب في بيان غزوة بني المصطلق بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام وفي آخره قاف

(17/200)


وهو لقب من الصلق وهو رفع الصوت وأصله مصتلق فأبدلت الطاء من التاء لأجل الصاد واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بطن من بني خزاعة بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وفتح العين المهملة وخزاعة هو ربيعة وربيعة هو لحي بن حارثة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد وقيل لهم خزاعة لأنهم تخزعوا من بني مازن بن الأزد في إقبالهم معهم من اليمن أي انقطعوا عنهم قوله وهي غزوة بني المصطلق هي غزوة المريسيع بضم الميم وفتح الراء وسكون اليائين التحتانيتين بينهما سين مهملة مكسورة وفي آخره عين مهملة وهو اسم ماء لهم من ناحية قديد مما يلي الساحل بينه وبين الفرع نحو يومين وبين الفرع والمدينة ثمانية برد من قولهم رسعت عين الرجل إذا دمعت من فساد وقال أبو نصر الرسع فساد في الأجفان
قال ابن إسحاق وذالك سنة ست
أي قال محمد بن إسحاق صاحب ( المغازي ) وذلك أي غزو رسول الله كان في سنة ست من الهجرة وقال في ( السيرة ) بعدما أورد قصة ذي قرد فأقام رسول الله بالمدينة بعض جمادى الآخرة ورجبا ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست وقال ابن هشام واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ويقال نميلة بن عبد الله الليثي وقال ابن سعد ندب رسول الله الناس إليهم فأسرعوا الخروج وقادوا الخيل وهي ثلاثون فرسا في المهاجرين منها عشرة وفي الأنصار عشرون واستخلف على المدينة زيد بن حارثة وكان معه أي مع النبي فرسان لزاز والظراب وقال الصغاني كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه حامل راية المهاجرين وسعد بن عبادة حامل راية الأنصار فقتلوا منهم عشرة وأسروا سائرهم
وقال موسى بن عقبة سنة أربع
قيل سنة أربع سبق قلم من الكاتب في نسخ البخاري والذي في ( مغازي موسى بن عقبة ) من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في ( الدلائل ) وغيرهم سنة خمس ولفظه عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب ثم قاتل رسول الله بني المصطلق وبني لحيان في شعبان سنة خمس وقال الواقدي كانت ليلتين من شعبان سنة خمس في سبعمائة من أصحابه وسبي النبي جويرية بنت الحارث فأعتقها وتزوجها وكانت الأسرى أكثر من سبعمائة
وقال النعمان بن راشد عن الزهري كان حديث الإفك في غزوة المريسيع
النعمان بن راشد الجزري أخو إسحاق الأموي مولاهم الحراني وروى تعليقه الجوزقي والبيهقي في ( الدلائل ) من طريق حماد بن زيد عن النعمان بن راشد ومعمر عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكر قصة الإفك في غزوة المريسيع وبهذا قال ابن إسحاق وغير واحد من أهل المغازي إن قصة الإفك كانت في رجوعهم من غزوة المريسيع
4138 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) أخبرنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( ربيعة بن أبي عبد الرحمان ) عن ( محمد بن يحيى بن حبان ) عن ( ابن محيريز ) أنه قال دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل قال أبو سعيد خرجنا مع رسول الله في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل فأردنا أن نعزل وقلنا نعزل ورسول الله بين أظهرنا قبل أن نسأله فسألناه عن ذالك فقال ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة

(17/201)


مطابقته للترجمة في قوله في غزوة بني المصطلق وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري المدني سكن بغداد وربيعة ابن أبي عبد الرحمن هو المشهور بربيعة الرأي ومحمد بن يحيى بن حبان بفتح المهملة وتشديد الباء الموحدة وابن محيريز هو عبد الله بن محيريز بضم الميم وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الراء وسكون الياء وفي آخره زاي القرشي التابعي
والحديث مر في البيوع في باب بيع الرقيق فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن ابن محيريز إلخ وقد مر الكلام فيه هناك
قوله العزل وهو نزع الذكر من الفرج عند الإنزال قوله ما عليكم أن لا تفعلوا أي لا بأس عليكم أن لا تفعلوا و لا زائدة قوله ما من نسمة أي ما من نفس كائنة في علم الله تعالى إلا وهي كائنة في الخارج أي ما قدر الله كونها لا بد من مجيئها من العدم إلى الوجود وقال شمر النسمة كل دابة فيها روح والنسيم الريح وقال القزاز كل إنسان نسمة ونفسه نسمة
33 -
( باب غزوة أنمار )
أي هذا باب في ذكر غزوة أنمار وقد يقال غزوة بني أنمار وإنما قدرنا هكذا لأنه ليس فيه ذكر قصة أنمار وإنما فيه ذكر لفظ غزوة أنمار ولا معنى لذكر هذا الباب هنا وكان محله قبل غزوة بني المصطلق وأنمار بفتح الهمزة قبيلة وقد ذكرناها
4140 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( ابن أبي ذئب ) حدثنا ( عثمان بن عبد الله بن سراقة ) عن ( جابر ابن عبد الله الأنصاري ) قال رأيت النبي في غزوة أنمار يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق متطوعا
هذا الحديث مضى في الصلاة في باب صلاة التطوع على الدواب وفي باب ينزل للمكتوبة وأخرجه هنا عن آدم بن أبي إياس عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب بلفظ الحيوان المشهور عن عثمان بن عبد الله بن سراقة بضم السين المهملة وتخفيف الراء وبالقاف العدوي كان والي مكة سنة ثمان وعشرة ومائة
قوله قبل بكسر القاف قوله متطوعا نصب على الحال من النبي

(17/202)


35 -
( باب حديث الإفك )
أي هذا باب في بيان حديث الإفك وليس في بعض النسخ لفظ باب بل هكذا حديث الإفك أي هذا حديث الإفك ولما كان حديث الإفك في غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع ذكره هنا
الإفك والأفك بمنزلة النجس والنجس
أشار بهما إلى أنهما لغتان الأولى الأفك بكسر الهمزة وسكون الفاء كالنجس بكسر النون وسكون الجيم والثانية الأفك بفتح الهمزة والفاء معا كالنجس بفتحتين والأولى هي اللغة المشهورة قوله بمنزلة النجس أي بنظير النجس والنجس في الضبط وفي كونهما لغتين ثم الإفك مصدر أفك الرجل يأفك من باب ضرب يضرب إذا كذب والإفك بضم الهمزة جمع أفوك وهو الكثير الكذب ذكره ابن عديس في الكتاب ( الباهر )
يقال إفكهم وأفكهم وأفكهم
أشار به إلى ما في قوله تعالى بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ( الأحقاف 28 ) قرىء في المشهور إفكهم بكسر الهمزة وسكون الفاء وارتفاعه على أنه خبر لقوله وذلك وقرىء في الشاذ أفكهم بفتح الهمزة والفاء والكاف جميعا على أنه فعل ماض وقرىء أيضا وأفكهم بتشديد الفاء للمبالغة وآفكهم بمد الهمزة وفتح الفاء أي جعلهم آفكين وآفكهم بالمد وكسر الفاء قال الزمخشري أي قولهم الكذب كما تقول قول كاذب
فمن قال أفكهم
يعني من جعله فعلا ماضيا
يقول صرفهم عن الإيمان وكذبهم كما قال يؤفك عنه من أفك يصرف عنه من صرف
يؤفك بضم الياء صيغة المجهول وفي الحديث لقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك أي صرفوا عن الحق ومنعوا منه يقال أفكه يأفكه أفكا إذا صرفه عن الشيء وقلبه وأفك فهو مأفوك
4141 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) قال حدثني ( عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص ) وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها زوج النبي حين قال لها أهل الإفك ما قالوا وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصا وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة وبعض حديثهم يصدق بعضا وإن كان بعضهم أوعى له من بعض قالوا قالت عائشة كان رسول الله إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه فأيهن خرج سهمها خرج بها رسول الله معه قالت عائشة فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله بعد ما أنزل الحجاب فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك وقفل دنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى

(17/203)


رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه قالت وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه وهوي حتى أناخ راحلته فوطيء على يدها فقمت إليها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول قالت فهلك في من هلك وكان الذي تولي كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه وقال عروة أيضا لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى وإن كبر ذالك يقال عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول إنه الذي قال
فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء
قالت عائشة فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى إنما يدخل علي رسول الله فيسلم ثم يقول كيف تيكم ثم ينصرف فذالك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت حين نقهت فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وكان متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذالك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا قالت وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا قالت فانطلقت أنا وأم مسطح وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد ابن المطلب فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا فقالت أي هنتاه ولم

(17/204)


تسمعي ما قال قالت وقلت ما قال فأخبرتني بقول أهل الإفك قالت فازددت مرضا على مرضي فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله فسلم ثم قال كيف تيكم فقلت له أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت فأذن لي رسول الله فقلت لأمي يا أمتاه ماذا يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها قالت فقلت سبحان الله أولقد تحدث الناس بهاذا قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي قالت ودعا رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله قالت فأما أسامة فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه فقال أسامة أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما علي فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك قالت فدعا رسول الله بريرة فقال أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك قالت له بريرة والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله قالت فقام رسول الله من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي وهو على المنبر فقال يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما يدخل على أهلي إلا معي قالت فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال أنا يا رسول الله أعذرك فإن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت فقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج قالت وكان قبل ذالك رجلا صالحا ولاكن احتملته الحمية فقال لسعد كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين قالت فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله قائم على المنبر قالت فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكت قالت فبكيت يومي ذالك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم قالت وأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي قالت فبينا نحن على ذالك دخل رسول الله صلى الله عليه

(17/205)


وسلم علينا فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت فتشهد رسول الله حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه قالت فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب رسول الله عني فيما قال فقال أبي والله ما أدري ما أقول لرسول الله فقلت لامي أجيبي رسول الله فيما قال قالت أمي ما أدري ما أقول لرسول الله فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا إني والله لقد علمت لقد سمعتم هاذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت واضطجعت على فراشي والله يعلم أني حينئذ بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها فوالله ما رام رسول الله مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت فسري عن رسول الله وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال يا عائشة أما الله فقد برأك قالت فقالت لي أمي قومي إليه فقلت لا والله لا أقوم إليه فإني لا أحمد إلا الله عز و جل قالت وأنزل الله تعالى إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ( النور 11 ) العشر الآيات ثم أنزل الله تعالى هاذا في براءتي قال أبو بكر الصديق وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم إلى قوله غفور رحيم ( النور 22 ) قال أبو بكر الصديق بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش عن أمري فقال لزينب ماذا علمت أو رأيت فقالت يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي فعصمها الله بالورع قالت وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك قال ابن شهاب فهاذا الذي بلغني من

(17/206)


حديث هاؤلاء الرهط ثم قال عروة قالت عائشة والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول سبحان الله فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط قالت ثم قتل بعد ذالك في سبيل الله
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الشهادات في أول باب تعديل النساء بعضهن بعضا فإنه أخرجه هناك عن أبي الربيع سليمان بن داود إلى آخره وأخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن كيسان إلى آخره وليعتبر الناظر التفاوت بينهما من حديث الزيادة والنقصان وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى ولنتكلم هنا بما يحتاج إليه منه
فقوله وأثبت له اقتصاصا أي أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث وهذا الذي فعله الزهري من جمع الحديث عنهم جائز لا كراهة فيه لأن هؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقاة من عظماء التابعين فالحجة قائمة بقول أي كان منهم قوله في غزوة غزاها أرادة الغزوة المصطلقية قوله سهمي السهم في الأصل واحد السهام التي يضرب بها في الميسر وهي القداح ثم سمى بها ما يفوز به الفالح سهمه ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهما والمراد من السهم هنا القدح الذي يقترع به قوله أحمل على صيغة المجهول قوله في هودجي الهودج مركب من مراكب النساء مقتب وغيره مقتب قوله من جزع ظفار الجزع بفتح الجيم وسكون الزاي وبالعين المهملة خرز وهو مضاف إلى ظفار بفتح الظاء المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء مبنية على الكسر وهو اسم قرية باليمن قوله ابتغاؤه أي طلبه قوله لم يهبلن بضم الباء الموحدة من الهبل وهو كثرة اللحم والشحم ويروى على صيغة المجهول من الإهبال ويروى لم يهبلهن اللحم أي لم يكثر عليهن يقال هبله اللحم إذا كثر عليه وركب بعضه بعضا قوله العلقة بضم العين المهملة وهي القليل من الأكل قوله فلم يستنكر القوم خفة الهودج وقد تقدم في كتاب الشهادات ولم يستنكر القوم ثقل الهودج والتوفيق بينهما أن الخفة والثقل من الأمور الإضافية فيتفاوتان بالنسبة قوله فتيممت أي قصدت قوله وكان صفوان ابن المعطل بضم الميم وفتح العين والطاء المهملتين ابن ربيضة بن خزاعي بن محارب بن مرة بن فالح بن ثعلبة بن بهثة بن سليم السلمي بالضم ثم الذكواني يكنى أبا عمرو ويقال إنه أسلم قبل المريسيع وشهد المريسيع وما بعدها قال أبو عمر وكان يكون على ساقة النبي وعن ابن إسحاق أنه قتل في غزاة أرمينية شهيدا وأميرهم يومئذ عثمان بن العاصي سنة تسع عشرة في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وقيل مات بالجزيرة في ناحية سميساط ودفن هناك وقيل غير ذلك قوله باسترجاعه أي بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون ( البقرة 156 ) قوله فحمرت أي غطيت من التخمير بالخاء المعجمة وهي التغطية قوله وهوى أي اسرع حتى أناخ أي برك راحلته ويقال هوى يهوي هويا من باب ضرب يضرب إذا أسرع في السير وهوى يهوي من باب علم يعلم هويا إذا أحب وهوى يهوى هويا بالضم إذا صعد وبالفتح إذا هبط وفي رواية وأهوى بالهمزة في أوله من أهوى إليه إذا مال وأخذه قوله فوطىء على يدها أي وطىء صفوان على يد الراحلة ليسهل ركوبها ولا يحتاج إلى مساعدته قوله موغرين يجوز أن يكون صيغة تثنية وأن يكون صيغة جمع نصبا على الحال أي داخلين في الوغرة بالغين المعجمة ويقال أوغر الرجل أي دخل في شدة الحر كما يقال أظهر إذا دخل في وقت الظهر ووغرت الهاجرة وغرا إذا اشتدت في وقت توسط الشمس السماء ووغر الصدر بتحريك الغين المعجمة الغل والحرارة ويروى موعرين بالعين المهملة من الوعر قوله في نحر الظهيرة أي في صدر الظهر قوله وهم نزول أي والحال أن الجيش نازلون قوله فقالت أي عائشة رضي الله تعالى عنها قوله فهلك في بكسر الفاء وتشديد الياء أرادت ما قالوا فيها من الكذب والبهتان والافتراء الذي هو سبب لهلاك القائلين أي لخزيهم وسواد وجوههم عند الله وعند الناس قوله والذي تولى كبر الإفك بكسر الكاف وفتح الباء الموحدة أي الذي باشر معظم الإفك وأكثره عبد الله بن أبي بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء ابن سلول بفتح السين المهملة وضم اللام الأولى وهي امرأة من خزاعة وهي أم أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن الخزرج وكان عبد الله هذا رأس المنافقين وابنه عبد الله من فضلاء الصحابة وخيارهم قوله قال عروة أي ابن الزبير بن العوام أحد الرواة

(17/207)


المذكورين أول الحديث وهو متصل بالسند الأول قوله أخبرت على صيغة المجهول وهو مقول عروة قوله أنه كان يشاع ويتحدث به عنده أي أن الإفك كان يشاع عند عبد الله بن أبي وكل من يشاع ويتحدث على صيغة المجهول من باب تنازع العاملين في قوله عنده قوله فيقره بضم الياء أي فيقر عبد الله حديث الإفك و ينكره ولا ينهى من يقول به قوله ويستوشيه أي يستخرجه بالبحث والمسألة ثم يفشيه ولا يدعه ينخمد وقال الجوهري يستوشيه أي يطلب ما عنده ليزيده قوله لم يسم على صيغة المجهول قوله مسطح بكسر الميم وسكون المهملة الأولى وفتح الثانية ابن أثاثة بضم الهمزة وتخفيف الثاء المثلثة الأولى ابن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي يكنى أبا عبادة وأمه سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وهي ابنة خالة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما وقيل أم مسطح بن عامر خالة أبي بكر شهد بدرا ثم خاض في الإفك فجلده رسول الله فيمن جلد ويقال مسطح لقب واسمه عوف مات سنة أربع وثلاثين وقيل شهد مسطح صفين وتوفي سنة سبع وثلاثين قوله وحمنة بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وبالنون بنت جحش بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وبالشين المعجمة ابن رياب الأسدية من بني أسد بن خزيمة أخت زينب بنت جحش كانت عند مصعب بن عمير فقتل عنها يوم أحد فتزوجها طلحة بن عبيد الله وكانت جلدت مع من جلد في الإفك قوله في ناس آخرين أي حال كون المذكورين في جماعة آخرين في الإفك قال عروة ولا علم لي بهم أي بأساميهم غير أنهم كانوا عصبة قال ابن فارس العصبة العشرة وقال الداودي ما فوق العشرة إلى الأربعين وقيل العصبة الجماعة قوله كما قال الله تعالى في قوله إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ( النور 11 ) أي جماعة متعصبون منكم أي من المسلمين قوله وأن كبر ذلك بضم الكاف وسكون الباء الموحدة أي وأن متولي معظم الإفك يقال له عبد الله بن أبي قوله أن يسب على صيغة المجهول قوله وتقول إنه أي تقول عائشة إن حسان قال فإن أبي ووالده إلى آخره قوله فإن أبي أراد به حسان أباه ثابتا وأراد بقوله ووالده أي والد أبيه وهو منذر وأبو جده حرام لأن حسان هو ابن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن مالك بن النجار النجاري الأنصاري وحرام ضد الحلال وعاش كل واحد من حسان وأبيه وجده وجد أبيه مائة وعشرين سنة وهذا من الغرائب قوله وعرضي بالكسر هو موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره وقيل هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب قوله وقاء بكسر الواو قال الجوهري الوقاء والوقاء ما وقيت به شيئا قوله فاشتكيتأي مرضت قوله والناس يفيضون بضم الياء أي يخوضون قوله وهو يريبني بفتح الياء وضمها يقال رابه وأرابه إذا أوهمه وشككه قوله اللطف بضم اللام وسكون الطاء وبفتحها جميعا البر والرفق قوله كيف تيكم إعلم أن تأوته ته اسم يشار به إلى المؤنث فإن خاطبت جئت بالكاف فقلت تيك وتيكما وتيكم وما قبل الكاف لمن تشير إليه في التذكير والتأنيث والثنية والجمع قوله حين نقهت بفتح القاف وكسرها أي حين أفقت من المرض يقال نقه نقها ونقوها إذا صح عقيب علته وأنقهه الله فهو ناقه قوله قبل المناصع بكسر القاف وفتح الباء الموحدة والمناصع بالنون والصاد والعين المهملتين على وزن المساجد مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها قاله الأزهري وقال ابن الأثير هي المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة واحدها منصع لأنه يبرز إليها ويظهر من نصع الشيء ينصع إذا وضح وبان قوله متبرزنابتشديد الراء المفتوحة بعدها الزاي المفتوحة وهو موضع البراز قوله الكنف بضمتين جمع كنيف وهو كل ما ستر من بناء أو حظيرة قوله الأول بضم الهمزة وفتح الواو المخففة ويروى بفتح الهمزة وتشديد الواو قوله وهي ابنة أبي رهم بضم الراء وسكون الهاء واسمه أنيس بفتح الهمزة وكسر النون ابن المطلب بن عبد مناف ذكره الزبير وضبطه ابن ماكولا هكذا ويقال اسمه صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة قوله تعس بكسر العين قاله الجوهري وبفتحها قاله القاضي قوله أي هنتاه يعني يا هنتاه بفتح الهاء وسكون النون وفتحها وأما الهاء الأخيرة فتضم وتسكن وهذه اللفظة تختص بالنداء ومعناه يا هذه وقيل يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وشرورهم قوله وضيئة أي حسنة جميلة من الوضاءة وهي الحسن قوله إلا كثرن بتشديد الثاء المثلثة ويروى أكثرن من

(17/208)


الإكثار أي كثرن القول الرديء عليها قوله لا يرقأبالقاف والهمزة أي لا ينقطع يقال رقا الدمع والدم والعرق يرقأ رقوء بالضم إذا سكن وانقطع قوله أهلك قال الكرماني بالرفع والنصب قلت وجه الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف والتقدير هي أهلك ما بها شيء ووجه النصب على تقدير إلزم أهلك قوله لم يضيق الله عليكقول علي رضي الله تعالى عنه هذا لم يكن عداوة ولا بغضا ولكن لما رأى انزعاج النبي بهذا الأمر وتقلقه به أراد إراحة خاطره وتسهيل الأمر عليه قوله أي بريرة يعني يا بريرة بفتح الباء الموحدة وكسر الراء الأولى وهي مولاة عائشة رضي الله تعالى عنها قوله أغمصه جملة وقعت صفة لقوله أمرا ومعناه أعيبها به وأطع به عليها ومادته غين معجمة وميم وصاد مهملة قوله الداجن بكسر الجيم وهي الشاة التي تقتنى في البيت وتعلف وقد تطلق على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيره قوله فاستعذر من عبد الله بن أبي أي قال من يعذرني فيمن أذاني في أهلي ومعنى من يعذرني ومن يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعله وقيل معناه من ينصرني والعذير الناصر قوله فقام سعد بن معاذ فإن قلت حديث الإفك كان في المريسيع وسعد قد مات قبله قلت ذكر ابن منده أن سعدا مات بالمدينة سنة خمس وغزوة المريسيع كانت في شعبان سنة خمس فكأن سعدا مات بعد شعبان من هذه السنة وقال البيهقي يشبه أن سعدا لم ينفجر جرحه إلا بعد المريسيع قوله قلص دمعي أي انقطع قوله من البرحاء بضم الباء الموحدة وفتح الراء وتخفيف الحاء المهملة وبالمد وبرحاء الحمى وغيرها شدة الأذى قوله الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم وهو اللؤلؤ الصغار وقيل حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ قوله من ثقل القول وضبطه ابن التين بكسر الثاء المثلثة وسكون القاف قوله ولا يأتل أولو الفضل منكم ( النور 22 ) أي لا يحلف قوله أحمى سمعي وبصري هو مأخوذ من الحمى تقول أحميه من المآثم إن رأيت ما قيل وبقية الكلام قد مرت في كتاب الشهادات مستوفاة
4142 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) قال ( أملى علي هشام بن يوسف من حفظه ) قال أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) قال قال لي الوليد بن عبد الملك أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة قلت لا ولاكن قد أخبرني رجلان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمان وأبو بكر بن عبد الرحمان بن الحارث أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لهما كان علي مسلما في شأنها
مطابقته للترجمة من حيث إنه يتعلق بالحديث السابق الطويل وعبد الله بن محمد أبو جعفر الجعفي البخاري المعروف بالمسندي وهشام بن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني والوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي
قوله أملى علي من الإملاء قوله من حفظه فيه إشارة إلى أن الإملاء قد يقع من الكتاب قوله قال لي الوليد وفي رواية عبد الرزاق عن معمر كنت عند الوليد بن عبد الملك أخرجه الإسماعيلي قوله أبلغك الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله قلت لا القائل هو الزهري أي لا كان فيمن قذف عائشة لأن عليا رضي الله تعالى عنه منزه عن أن يقول مثل مقالة أهل الإفك قوله أبو سلمة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وأبو بكر عطف عليه تقديره هما أبو سلمة وأبو بكر بن عبد الرحمن والأولى أن يكون أبو سلمة عطف بيان وأبو بكر عطف عليه وأراد من قوله من قومك قريشا لأن أبا بكر بن عبد الرحمن مخزومي وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف زهري يجمعهما مع بني أمية رهط الوليد مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب قوله قالت لهما أي قالت عائشة لأبي سلمة وأبي بكر قوله مسلما بكسر اللام المشددة كذا في نسخ البخاري وفي رواية الحموي مسلما بفتح اللام فالرواية الأولى من التسليم بمعنى تسليم الأمر بمعنى السكوت والثانية من السلامة من الخوض فيه وقال ابن التين ويروى مسيئا يعني من الإساءة وقال صاحب ( التوضيح ) فيه بعد ورد عليه بأن عياضا ذكر أنه النسفي رواه عن البخاري بلفظ مسيئا وكذا رواه أبو علي بن السكن عن الفربري قلت الظاهر أن نسبة هذه اللفظة إلى علي رضي الله تعالى عنه من حيث إنه لم يقل مثل ما قال أسامة بن زيد أهلك ولا نعلم إلا خيرا بل قال لم يضيق الله عليك والنساء

(17/209)


سواها كثير ومن هذا أن بعض الغلاة من الناصبية تقربوا إلى بني أمية بهذه اللفظة فجزى الله تعالى الزهري خيرا حيث بين للوليد بن عبد الملك ما في الحديث المذكور
فراجعوه فلم يرجع وقال مسلما بلا شك فيه وعليه كان في أصل العتيق كذلك
أي فراجعوا الزهري في هذه المسألة فلم يرجع أي فلم يجب بغير ذلك وقال معمر قال الزهري مسلما بلا شك في هذا اللفظ وزاد أيضا لفظ عليه أي على الوليد قوله وقال مسلما أي قال الزهري قالت عائشة قال علي بلفظ مسلما لا بلفظ مسيئا وقال بعضهم المراجعة في ذلك وقعت مع هشام بن يوسف فيما أحسب وذلك أن عبد الرزاق رواه عن معمر فخالفه فرواه بلفظ مسيئا قلت الذي فسره الكرماني هو الصواب ألا يرى أن الأصيلي لما رواه بلفظ مسلما قال كذا قرأناه والله أعلم
173 - ( حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن أبي وائل قال حدثني مسروق بن الأجدع قال حدثتني أم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنهما قالت بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت فعل الله بفلان وفعل بفلان فقالت أم رومان وما ذاك قالت ابني فيمن حدث الحديث قالت وما ذاك قالت كذا وكذا قالت عائشة سمع رسول الله قالت نعم قالت وأبو بكر قالت نعم فخرت مغشيا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض فطرحت عليها ثيابها فغطيتها فجاء النبي فقال ما شأن هذه قلت يا رسول الله أخذتها الحمى بنافض قال فلعل في حديث تحدث به قالت نعم فقعدت عائشة فقالت والله ولئن حلفت لا تصدقوني ولئن قلت لا تعذروني مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه والله المستعان على ما تصفون قالت وانصرف ولم يقل شيئا فأنزل الله عذرها قالت بحمد الله لا بحمد أحمد ولا بحمدك )
مطابقته للترجمة من حيث أن له تعلقا بالحديث الطويل السابق وأبو عوانة بفتح العين الوضاح بن عبد الله اليشكري وحصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن الواسطي وأبو وائل شقيق بن سلمة الأزدي وأم رومان بضم الراء وسكون الواو تقدم ذكرها غير مرة والحديث مر في أحاديث الأنبياء في باب قوله تعالى لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سلام عن ابن فضيل عن حصين إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك ولنذكر هنا بعض شيء فقوله حدثتني أم رومان فيه إشكال استشكله الخطيب وآخرون لأن أم رومان ماتت في زمن النبي ومسروق ليست له صحبة لأنه لم يقدم من اليمن إلا بعد موت النبي في خلافة أبي بكر أو عمر رضي الله تعالى عنهما وقال الخطيب أيضا كان مسروق يرسل هذا الحديث عن أم رومان ويقول سئلت أم رومان فوهم حصين فيه حيث جعل السائل لها مسروقا أو يكون بعض النقلة كتب سئلت بالألف فصارت سألت فقرأت بفتحتين قال علي أن بعض الرواة قد رواه عن حصين على الصواب يعني بالعنعنة قال وأخرج البخاري هذا الحديث بناء على ظاهر الاتصال ولم تظهر له علته انتهى ورد على الخطيب ومن تبعه بوجهين الأول أن مستندهم في تاريخ وفاة أم رومان عن الواقدي فلا يضر ذلك الإسناد الصحيح ( الثاني ) ذكر أبو نعيم الأصبهاني أن أم رومان عاشت بعد النبي ويؤيد هذا ما تقدم في علامات النبوة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر في قصة أضياف أبي بكر قال عبد الرحمن وإنما هو أنا وأبي وأمي

(17/210)


وامرأتي وخادم وفي كتاب الأدب عند البخاري فلما جاء أبو بكر قالت له أمي احتبست عن أضيافك الحديث فهذا يدل على أن وفاة أم رومان تأخرت إلى زمن بعد النبي قوله إذ ولجت أي إذ دخلت وكلمة إذ جواب قوله بينا قوله حمى بنافض النافض من الحمى ذات الرعدة قوله في حديث تحدث بضم التاء على صيغة المجهول قوله لئن حلفت أي على براءتي قوله لا تصدقوني ويروى لا تصدقونني قوله لا تعذروني أي لا تقبلوا مني العذر قوله وانصرف أي رسول الله
4144 - حدثني ( يحيى ) حدثنا ( وكيع ) عن ( نافع بن عمر ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها كانت تقرأ إذ تلقونه بألسنتكم ( النور 15 ) وتقول الولق الكذب
قال ابن أبي مليكة وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها ( الحديث 4144 - طرفه في4752 )
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الذي قبله ويحيى هو ابن جعفر بن أعين أبو زكريا البخاري البيكندي ووكيع ابن الجراح ونافع بن عمر بن عبد الله الجمحي القرشي من أهل مكة يروي عن عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم
قوله إذ تلقونه يعني تقرأ بكسر اللام وضم القاف المخففة وفسرته بقولها من الولق وهو الكذب وقال الخطابي هو الإسراع في الكذب وقيل هو الاستمرار فيه وأصل تلقونه تولقونه حذفت الواو لوقوعها بين الكسرة والياء آخر الحروف في فعل الغائب وحذفت في فعل المخاطب وغيره طردا للباب قوله وكانت أعلم من غيرها أي وكانت عائشة أعلم بهذه القراءة من غيرها وقراءة العامة إذ تلقونه بفتح اللام وتشديد القاف من التلقي وأصله إذ تتلقونه فحذفت إحدى التاءين
4145 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( عبدة ) عن ( هشام ) عن أبيه قال ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت لا تسبه فإنه كان ينافح عن رسول الله وقالت عائشة استأذن النبي في هجاء المشركين قال كيف بنسبي قال لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين ( انظر الحديث 3531 وطرفه )
مطابقته للترجمة من حيث إن حسانا مذكور في حديث الباب وعبدة بسكون الباء الموحدة ابن سليمان الكلابي وكان اسمه عبد الرحمن فغلب عليه لقبه عبدة وهشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن محمد بن سلام عن عبدة وأخرجه مسلم في الفضائل عن عثمان بن أبي شيبة
قوله ينافح بالحاء المهملة يقال نافحت عن فلان إذا خاصمت عنه قوله كيف بنسبي أي تعمل في أمر نسبي إذا هجوت قريشا من المشركين
وقال محمد بن عقبة وحدثنا عثمان بن فرقد سمعت هشاما عن أبيه قال سببت حسان وكان ممن كثر عليها
محمد بن عقبة بضم العين المهملة وسكون القاف وبالباء الموحدة أبو جعفر الطحان الكوفي أحد مشايخ البخاري علق عنه ووقع في رواية كريمة والأصيلي حدثنا محمد بغير نسبة وعرف نسبه من الرواية الأخرى وعثمان بن فرقد بفتح الفاء وسكون الراء وفتح القاف وبالدال المهملة البصري وله حديث آخر تقدم في أواخر البيوع قوله وكان ممن كثر بتشديد الثاء المثلثة من التكثير عليها أي على عائشة رضي الله تعالى عنها في ذكر قضية الإفك فلذلك كان عروة يسبه
176 - ( حدثني بشر بن خالد أخبرنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق قال دخلنا على عائشة رضي الله عنها وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا يشبب بأبيات له وقال
حصان رزان ما تزن بريبة
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

(17/211)


فقالت له عائشة لكنك لست كذلك قال مسروق فقلت لها لم تأذني له أن يدخل عليك وقد قال الله تعالى والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم فقالت وأي عذاب أشد من العمى قالت له إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله )
مطابقته للترجمة مثل ما ذكرنا في الحديث الماضي وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن خالد أبو محمد العسكري الفرائضي وهو شيخ مسلم أيضا ومحمد بن جعفر وهو الملقب بغندر وسليمان هو الأعمش وأبو الضحى بضم الضاد المعجمة اسمه مسلم بن صبيح الكوفي والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن محمد بن بشار وعن محمد بن يوسف وأخرجه مسلم في الفضائل عن بشر بن خالد وعن محمد بن مثنى قوله يشبب بالشين المعجمة من التشبيب وهو ذكر الشاعر ما يتعلق بالغزل ونحوه قوله حصان إلى آخره وهو من قصيدة من الطويل وحصان بفتح الحاء أي عفيفة تمتنع من الرجال قوله رزان بفتح الراء وتخفيف الزاي أي صاحبة الوقار وقيل يقال امرأة رزان إذا كانت رزينة في مجلسها والرزان والثقال بمعنى واحد وهي قليلة الحركة وكلاهما على وزن فعال بفتح الفاء وهو يكثر في أوصاف المؤنث وفي الأعلام قوله ما تزن بضم التاء المثناة من فوق وفتح الزاي وتشديد النون أي ما تتهم بريبة يقال أزننت الرجل إذا اتهمته بريبة والريبة بكسر الراء التهمة قوله غرثى بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وبالثاء المثلثة أي جائعة يعني لا تغتاب الناس إذ لو كانت مغتابة لكانت آكلة من لحم أخيها فتكون شبعانة لا جوعانة ويقال رجل غرثان وامرأة غرثى ويقال وتصبح غرثى أي خميصة البطن من لحوم الغوافل وهن العفيفات قال تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات جعلهن الله غافلات لأن الذي رمين به من الشر لم يهمن به قط ولا خطر على قلوبهن فهن في غفلة عنه وهذا أبلغ ما يكون من الوصف بالعفاف قوله لكنك لست كذلك الخطاب لحسان فيه إشارة إلى أنه اغتاب عائشة رضي الله تعالى عنها حين وقعت قصة الإفك وقد عمي في آخر عمره قوله فقلت لها أي لعائشة لم تأذني له أي لحسان قوله أن يدخل أي بأن يدخل وكلمة أن مصدرية قوله أنه كان ينافح أي أن حسان كان يذب عن رسول الله بالشعر ويخاصم عنه -
36 -
( باب غزوة الحديبية )
أي هذا باب في بيان غزوة الحديبية وفي رواية الكشميهني باب عمرة الحديبية بدل غزوة الحديبية وهي بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وسكون الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحدة قال الأصمعي هي مخففة الياء الأخيرة وزعم صاحب تثقيف اللسان أن تشديدها لحن وقال أبو الخطاب خفف ياءها المتقنون وعامة المحدثين والفقهاء يشد دونها وهي قرية ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة بينها وبين المدينة تسع مراحل ومرحلة إلى مكة شرفها الله تعالى والشجرة سمرة بايع الصحابة تحتها قال مالك هي من الحرم وقال ابن القصار بعضها من الحل وبعضها من الحرم وكان يضارب النبي في الحل ومصلاه في الحرم وقال الخطابي أهل الحديث يشددونها وكذلك راء الجعرانة وأهل العربية يخففونها وقال البكري أهل العراق يشددون الياء وأهل الحجاز يخففونها وقال أبو جعفر النحاس سألت كل من لقيته ممن أثق بعلمه عن الحديبية فلم يختلفوا على أنها بالتخفيف وقيل سميت الحديبية بشجرة هناك حدباء فصغرت
وقول الله تعالى لقد رضي الله عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة
وقول الله بالجر عطف على قوله غزوة الحديبية وأراد بذكر هذه الآية الكريمة الإشارة إلى أنها نزلت في قصة الحديبية وقد مر بيان قصة الحديبية في كتاب الصلح في أبواب متفرقة وكانت في هلال ذي القعدة يوم الاثنين سنة ست قال البيهقي هذا هو الصحيح وإليه ذهب الزهري وقتادة وابن عقبة وابن إسحاق وغيرهم واختلف فيه على عروة فقيل مثل الجماعة وقيل في رمضان فروى عنه خرج رسول الله في رمضان وكانت العمرة في شوال وقال ابن سعد ولم يخرج

(17/212)


رسول الله صلى الله عليه و سلم معه بسلاح إلا بالسيوف في القرب وساق سبعين بدنة فيها جمل أبي جهل الذي غنمه يوم بدر ومعه من المسلمين ألف وستمائة ويقال ألف وأربعمائة ويقال خمسائة وخمسة وعشرون رجلا ومعه أم سلمة قال الحاكم والقلب أميل إلى رواية من روى ألفا وخمسمائة لاشتهاره ولمتابعة المسيب بن حزن له فيه قال ورواية موسى بن عقبة كانوا ألفا وستمائة ولم يتابع عليها ( قلت ) قاله أبو معشر وأبو سعيد النيسابوري قال وروي عن عبدالله بن أبي أوفى أنهم كانوا ألفا وثلاثمائة وسيأتي في رواية البراء أنهم كانوا ألفا وأربعمائة ( فإن قلت ) ما وجه التوفيق بين هذه الروايات ( قلت ) الوجه فيه أن بعضهم ضم إليهم النساء والأتباع وبعضهم حذف وقال ابن دحية اختلاف الروايات لأن ذلك من باب الحرز والتخمين لا من باب التحديد *
177 - حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح ثم أقبل علينا فقال أتدرون ماذا قال ربكم قلنا الله ورسوله أعلم فقال قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنجم كذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي
مطابقته للترجمة في قوله خرجنا عام الحد يبية وخالد بن مخلد بفتح الميم واللام البجلي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا والحديث مر في كتاب الصلاة في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم *
178ح - دثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة أن أنسا رضي الله عنه أخبره قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته
مطابقته للترجمة في قوله من الحديبية وهمام بتشديد الميم الأولى ابن يحيى البصرى والحديث قد مضى في كتاب الحج في باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه و سلم فإنه أخرجه هناك عن حسان بن حسان عن همام عن قتادة إلى آخره قوله ( ( عمرة من الحديبية ) ) مراده أن عمرة الحصر عن الطواف محسوبة بعمرة وإن لم يتم مناسكها قوله ( ( من الجعرانة ) ) بكسر الجيم وسكون العين المهملة وتخفيف الراء وقد تشدد كما مر هناك ( فإن قلت ) ذكر في الجهاد في باب ما كان النبي صلى الله عليه و سلم يعطي المؤلفة قلوبهم قال نافع ولم يعتمر رسول الله صلى الله عليه و سلم من الجعرانة ولو اعتمر لم يخف على عبدالله بن عمر ( قلت ) الملازمة ممنوعة لاحتمال غيبته في ذلك الوقت أو نسيانه *
179ح - دثنا سعيد بن الربيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه حدثه قال انطلقنا مع النبي صلى الله عليه و سلم عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد بن الربيع بفتح الراء العامري وعلي بن المبارك الهباري البصري ويحيى ابن أبي كثير اليمامي الطائي وعبدالله بن أبي قتادة يروي عن أبيه أبي قتادة وفي اسمه أقوال والأشهر الحرث بن ربعي الأنصاري الخزرجي والحديث قد مضى مطولا في كتاب الحج في باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله *
ج17 ص 213
180 - ( حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع النبي أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة فبلغ ذلك النبي فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا )
مطابقته للترجمة في قوله يوم الحديبية وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي يروي عن جده أبي إسحاق عن البراء بن عازب قوله تعدون أنتم الفتح فتح مكة أي كما في قوله تعالى إنا فتحنا لك فتحا مبينا وقد كان فتحا ولكن بيعة الرضوان هي الفتح العظيم لأنها كانت مقدمة لفتح مكة وسببا لرضوان الله تعالى وذكر ابن إسحاق عن الزهري قال لم يكن في الإسلام فتح قبل فتح الحديبية أعظم منه قوله أربع عشرة مائة وكان القياس أن يقال ألفا وأربعمائة لكن الغرض منه الإشعار بأن الجيش كان منقسما إلى المآت وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى وقد مر الكلام عن قريب في اختلاف الروايات في العدد قوله والحديبية بئر أي اسم بئر ثم عرف المكان كله بذلك قوله فنزحناها كذا في الأصول وذكره ابن التين بلفظ فنزفناها ثم قال النزف والنزح واحد وهو أخذ الماء شيئا فشيئا قوله فتركناها غير بعيد أراد أنهم تركوها قدر ساعة يدل عليه رواية زهير فدعا ثم قال دعوها ساعة قوله أصدرتنا من الإصدار يقال أصدرته فصدر أي أرجعته فرجع قوله ما شئنا أي القدر الذي أردنا شربه والركاب بكسر الراء الإبل التي يسار عليها -
4151 - حدثني ( فضل بن يعقوب ) حدثنا ( الحسن بن محمد بن أعين أبو علي الحراني ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( أبو إسحاق ) قال ( أنبأنا البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا مع رسول الله يوم الحديبية ألفا وأربعمائة أو أكثر فنزلوا على بئر فنزحوها فأتوا رسول الله فأتى البئر وقعد على شفيرها ثم قال ائتوني بدلو من مائها فأتي به فبصق فدعا ثم قال دعوها ساعة فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا ( انظر الحديث 3577 وطرفه )
هذا طريق آخر في حديث البراء أخرجه عن فضل بالضاد المعجمة ابن يعقوب الرخامي البغدادي وزهير هو ابن معاوية وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي قوله فبصق ويقال فيه بسق وبزق
4152 - حدثنا ( يوسف بن عيسى ) حدثنا ( ابن فضيل ) حدثنا ( حصين ) عن ( سالم ) عن ( جابر ) رضي الله تعالى عنه قال عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله بين يديه ركوة فتوضأ منها ثم أقبل الناس نحوه فقال رسول الله ما لكم قالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك قال فوضع النبي يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون قال فشربنا وتوضأنا فقلت لجابر كم كنتم يومئذ قال لو كنا مائة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مائة
مطابقته للترجمة في قوله يوم الحديبية ويوسف بن عيسى أبو يعقوب المروزي وهو شيخ مسلم أيضا يروي عن محمد بن

(17/214)


فضيل مصغر فضل بالمعجمة عن حصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين أبي عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله
والحديث مضى في باب علامات النبوة فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن عبد العزيز بن مسلم عن حصين إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك فإن قلت حديث جابر هذا مغاير لحديث البراء المتقدم على ما لا يخفى قلت وقع ذلك في وقتين وذكر في الأشربة أن حديث جابر في نبع الماء كان حين حضرت صلاة العصر عند إرادة الوضوء وحديث البراء كان لإرادة ما هو أعم من ذلك وقيل يحتمل أنهم لما توضؤا من الماء الذي نبع من بين أصابعه ويده في الركوة صب الماء الذي بقي منها في البئر ففار الماء فيها وكثر
4153 - حدثنا ( الصلت بن محمد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) قلت ل ( سعيد ابن المسيب بلغني ) أن ( جابر بن عبد الله ) كان يقول كانوا أربعة عشرة مائة فقال لي سعيد حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي يوم الحديبية
هذا طريق آخر في حديث جابر أخرجه عن الصلت بن محمد بن عبد الرحمن الخاركي البصري عن يزيد من الزيادة ابن زريع مصغر الزرع عن سعيد بن أبي عروبة إلى آخره ولا اختلاف فيه بين الروايتين لأن كلا يحكي على ما ظنه ولعل بعضهم اعتبر الأكابر وبعضهم الأوساط وبعضهم الأصاغر على أن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد قوله فقال لي سعيد مقول قتادة أي قال لي سعيد بن المسيب حدثني جابر إلى آخره
تابعه أبو داود حدثنا قرة عن قتادة
أي تابع الصلت شيخ البخاري في روايته أبو داود سليمان بن داود الطيالسي عن قرة بن خالد عن قتادة ووصل هذه المتابعة الإسماعيلي من طريق عمرو بن علي الفلاس عن أبي داود الطيالسي عن قرة عن قتادة قال سألت سعيد بن المسيب كم كانوا في بيعة الرضوان فذكر الحديث وقال فيه أوهم يرحمه الله هو حدثني أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وقال أبو مسعود الدمشقي حديث أبي داود مشهور عنه وأما حديث سعيد هو ابن أبي عروبة فإن العباس بن الوليد رواه عن يزيد بن زريع وقال فيه نسي جابر كانوا خمس عشرة مائة ولم يقل فيه حدثني وكذلك رواه أبو موسى وبندار عن ابن أبي عدي عن سعيد كرواية العباس
4154 - حدثنا ( أبو داود ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( علي ) حدثنا ( سفيان ) قال ( عمرو ) سمعت ( جابر ابن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال قال لنا رسول الله يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة
هذا طريق آخر في حديث جابر أخرجه عن علي بن عبد الله المعروف بابن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله إلى آخره
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن سعيد بن عمرو وآخرين وأخرجه النسائي في التفسير عن محمد بن منصور
قوله أنتم خير أهل الأرض هذا يدل صريحا على فضل أهل الشجرة وهم الذين بايعوا النبي تحتها وهم أهل بيعة الرضوان وقال الداودي ولم يرد دخول نفسه فيهم واحتج به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان رضي الله تعالى عنهما لأن عليا كان حاضرا وعثمان كان غائبا بمكة ورد بأن عثمان كان في حكم من دخل تحت الخطاب لأن النبي كان بايع عنه وهو غائب فدخل عثمان فيهم ولم يقصد في الحديث تفضيل بعضهم على بعض واحتج به بعضهم على أن الخضر عليه السلام ليس بنبي لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهذا باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ وأجاب من زعم أنه نبي وأنه حي بثبوت الأدلة الواضحة على نبوته وأنه كان حاضرا معهم ولم يقصد تفضيل بعض على بعض وأجاب بعضهم بأنه كان حينئذ في البحر وقال بعضهم هذا جواب ساقط قلت لا نسلم سقوطه لعدم المانع من ذلك وادعى ابن التين أنه حي وبنى عليه أنه ليس بنبي

(17/215)


لدخوله في عموم من فضل النبي أهل الشجرة عليهم ورد عليه بأن إنكاره نبوة خضر غير صحيح لما ذكرنا وقد بسطنا الكلام فيه في ( تاريخنا الكبير ) وزعم ابن التين أيضا أن إلياس عليه السلام ليس بنبي وبناء على قول من زعم أنه حي قلت لم يصح أنه كان حيا حينئذ ولئن سلمنا حياته حينئذ فالجواب ما ذكرناه الآن في حق الخضر وأما نفي نبوته فباطل لأن القرآن نطق بأنه كان من المرسلين فلا يمكن أن يكون مرسلا وهو غير نبي قوله ولو كنت أبصر اليوم إنما قال ذلك لأنه كان عمي في آخر عمره قوله لأريتكم من الإراءة قوله مكان الشجرة وهي شجرة سمة التي بايعت الصحابة النبي تحتها
تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربعمائة
أي تابع سفيان بن عيينة سليمان الأعمش في روايته ألفا وأربعمائة لأنه سمع سالم بن أبي الجعد أنه سمع جابرا يقول ألفا وأربعمائة وهذه المتابعة وصلها البخاري في آخر كتاب الأشربة بأتم منه
4155 - وقال ( عبيد الله بن معاذ ) حدثنا أبي حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) حدثني ( عبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله تعالى عنهما كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة وكانت أسلم ثمن المهاجرين
هذا التعليق موقوف أخرجه عن عبيد الله بن معاذ بضم الميم وبالعين المهملة والذال المعجمة عن أبيه معاذ بن معاذ بن نصر التميمي العنبري قاضي البصرة عن شعبة عن عمرو بفتح العين ابن مرة بضم الميم وتشديد الراء عن عبد الله بن أبي أوفى الصحابي وأبو أوفى اسمه علقمة الأسلمي
وأخرجه مسلم فقال حدثنا عبيد الله بن معاذ إلى آخره
قوله أسلم بلفظ الماضي قبيلة وقال الرشاطي هذا في خزاعة وفي مذحج وفي بجيلة قوله ثمن المهاجرين بضم الثاء المثلثة وسكون الميم وبضمها قال الواقدي كان مع النبي في غزوة الحديبية من أسلم مائة رجل فعلى هذا كان المهاجرون ثمانمائة والله أعلم
تابعه محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة
أي تابع عبيد الله بن معاذ بن محمد بن بشار الملقب ببندار عن أبي سليمان بن داود الطيالسي عن شعبة ووصل هذه المتابعة الإسماعيلي عن أبي عبد الكريم عن بندار به وأخرجه مسلم عن أبي موسى محمد بن المثنى عن أبي داود به
185 - ( حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن إسماعيل عن قيس أنه سمع مرداسا الأسلمي يقول وكان من أصحاب الشجرة يقبض الصالحون الأول فالأول وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير لا يعبأ الله بهم شيئا )
مطابقته للترجمة في قوله وكان من أصحاب الشجرة وعيسى هو ابن يونس وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم ومرداس بكسر الميم وسكون الراء وفتح الدال المهملتين ابن مالك الأسلمي الكوفي وحديثه هذا موقوف وأورده البخاري في الرقاق من طريق بيان عن قيس مرفوعا وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ولا يعرف أنه روى عنه إلا قيس بن أبي حازم قاله بعضهم وقال أبو عمر ليس له حديث عن النبي إلا هذا الحديث قوله الأول فالأول قال الكرماني أي الأصلح فالأصلح ( قلت ) الأول مرفوع بفعل محذوف تقديره يذهب الأول وقوله فالأول عطف عليه وحاصل المعنى يذهب الصالحون من وجه الأرض أولا فأولا قوله وتبقى حفالة بضم الحاء المهملة وبالفاء المخففة أي تبقى على وجه الأرض بعد ذهاب الصالحين رذالة من الناس كرديء التمر ونفايته وهو مثل الحثالة بالثاء المثلثة موضع الفاء قال ابن الأثير الحثالة الرديء من كل شيء ومنه حثالة الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر ويقال هو من حفالتهم ومن حثالتهم أي ممن لا خير فيه منهم وقيل هو الرذال من كل شيء والفاء والثاء كثيرا يتعاقبان نحو ثوم وفوم وفي التوضيح وفي غير البخاري حثالة بالثاء المثلثة وهي أشهر

(17/216)


كما قال الخطابي والجماعة على أنهما بمعنى قوله لا يعبأ الله بهم شيئا أي لا يبال بهم أي ليس لهم منزلة عنده وقال الجوهري ما عبأت بفلان عبأ أي ما باليت به
4158 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( مروان والمسور بن مخرمة ) قالا خرج النبي عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم منها لا أحصي كم سمعته من سفيان حتى سمعته يقول لا أحفظ من الزهري الإشعار والتقليد فلا أدري يعني موضع الإشعار والتقليد أو الحديث كله
مطابقته للترجمة في قوله عام الحديبية وعلى بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة ومروان هو ابن الحكم والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة
والحديث قد مضى في كتاب الحج في باب من أشعر وقلد بذي الحليفة فإنه أخرجه هناك عن أحمد بن محمد عن عبد الله إلى آخره وسيأتي بأتم منه في هذا الباب
قوله قلد الهدي من التقليد وهو أن يقلد في عنق البدنة شيء ليعلم أنه هدي قوله وأشعر من الإشعار وهو أن يضرب صفحة سنام البدنة اليمنى بحديدة فيلطخها بالدم ليشعر به أنها هدي قوله لا أحصي إلى آخره من كلام علي بن عبد الله شيخ البخاري قوله حتى سمعته أي حتى سمعت سفيان يقول لا أحفظ إنما كرره للتأكيد قوله من الزهري وهو محمد بن مسلم الراوي قوله الإشعار بالنصب لأنه مفعول لا أحفظ والتقليد بالنصب أيضا عطف عليه وقال الكرماني قال علي بن المديني لا أحصي كم مرة سمعت الحديث من سفيان ويحتمل أن يريد لا أحصي كم عددا سمعته أخمسمائة أم أربعمائة أم ثلاثمائة وتعقب عليه بعضهم بأن حديث سفيان هذا ليس فيه تعرض للتردد في عددهم بل الطرق كلها جازمة بأن الزهري قال في روايته كانوا بضع عشرة مائة وكذلك كل من رواه عن سفيان وإنما وقع الاختلاف في ذلك في حديث جابر والبراء انتهى قلت تعقبه ظاهر ولكن الاحتمال غير مدفوع لعدم الجزم به
4159 - حدثنا ( الحسن بن خلف ) قال حدثنا ( إسحاق بن يوسف ) عن ( أبي بشر ورقاء ) عن ( ابن أبي نجيح ) عن ( مجاهد ) قال حدثني ( عبد الرحمان بن أبي ليلى ) عن ( كعب بن عجرة ) أن رسول الله رآه وقمله يسقط على وجهه فقال أيؤذيك هوامك قال نعم فأمره رسول الله أن يحلق وهو بالحديبية ولم يبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة فأنزل الله الفدية فأمره رسول الله أن يطعم فرقا بين ستة مساكين أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام
مطابقته للترجمة في قوله وهو بالحديبية والحسن بن خلف بفتح الخاء المعجمة واللام أبو علي الواسطي مات سنة ست وأربعين ومائتين وهو من صغار شيوخ البخاري ثقة وما له عنه في ( الصحيح ) سوى هذا الموضع وإسحاق بن يوسف ابن يعقوب الأزرق الواسطي وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة اسمه ورقاء بفتح الواو وسكون الراء وبالقاف والمد ابن عمر بن كليب اليشكري ويقال الشيباني وأصله من خوارزم ويقال من الكوفة سكن المدائن يروي عن عبد الله بن أبي نجيح بفتح النون وكسر الجيم وفي آخره حاء مهملة واسمه يسار ضد اليمين
والحديث قد مضى في كتاب الحج في باب النسك بشاة ومضى الكلام فيه هناك
قوله فرقا بفتح الفاء والراء وقد تسكن وهو مكيال يسع ستة عشر رطلا
188 - ( حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال

(17/217)


خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا والله ما ينضجون كراعا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا ثم ناولها بخطامه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لها قال عمر ثكلتك أمك والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه )
مطابقته للترجمة في قوله وقد شهد أبي الحديبية وأسلم والد زيد مولى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان من سبي اليمن ويقال من سبي عين التمر ابتاعه عمر بمكة سنة إحدى عشرة قوله فلحقت عمر امرأة شابة وفي رواية معن عن مالك عند الإسماعيلي فلقينا امرأة فتشبثت بثيابه وفي طريق سعيد بن داود عن مالك فتعلقت بثيابه وفي رواية الدارقطني إني امرأة مؤتمة قوله صبية بكسر الصاد وسكون الباء الموحدة جمع صبي قوله ما ينضجون كراعا بضم الياء وسكون النون وكسر الصاد المعجمة بعدها جيم يعني لا كراع لهم حتى ينضجونه أو لا كفاية لهم في ترتيب ما يأكلونه أو لا يقدرون على الإنضاج يعني أنهم لو حاولوا نضج كراع ما قدروا لصغرهم والكراع من الدواب ما دون الكعب ومن الإنسان ما دون الركبة قوله ولا لهم زرع أي نبات قوله ولا ضرع كناية عن النعم قوله أن تأكلهم الضبع بفتح الضاد المعجمة وضم الباء الموحدة وبالعين المهملة السنة المجدبة الشديدة وأيضا الحيوان المشهور وقال الداودي سميت بذلك لأنه يكثر الموتى فيها حتى لا يقبر أحدهم فتأكله الضبع وغيرها قيل فيه نظر قوله وأنا بنت خفاف بضم الخاء المعجمة وتخفيف الفاء الأولى ابن إيماء بكسر الهمزة وسكون الياء آخر الحروف وبالمد وقيل أيما بالفتح والقصر وهو منصرف ابن رحضة بالحاء المهملة ابن خزيمة بن خلان بن الحارث بن غفار الغفاري بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء وقال أبو عمر يقال لخفاف وأبيه وجده صحبة وكانوا ينزلون غيقة بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وقاف من بلاد غفار ويأتون المدينة كثيرا وقال ابن الكلبي خفاف بن إيماء من المعذرين من الأعراب وقال الواقدي كان فيمن جاء من الأعراب من بني غفار إلى رسول الله وهو يريد تبوك يعتذرون إليه في التخلف عنه فلم يعذرهم الله ولخفاف هذا حديث موصول عند مسلم قوله شهد أبي الحديبية ذكر الواقدي من حديث أبي رهم الغفاري قال لما نزل النبي بالأبواء أهدى له إيماء بن رحضة مائة شاة وبعيرين يحملان لبنا وبعث بها مع ابنه خفاف فقبل هديته وفرق الغنم في أصحابه ودعا بالبركة قوله مرحبا معناه أتيت سعة ورحبا قوله بنسب قريب يحتمل أن يريد به قرب نسب غفار من قريش لأن كنانة تجمعهم ويحتمل أنه أراد أنها انتسبت إلى شخص واحد معروف قوله ظهير أي قوي الظهر معد للحاجة وقال الجوهري بعير ظهير بين الظهارة إذا كان قويا وناقة ظهيرة قوله غرارتين تثنية غرارة بالغين المعجمة وهي التي تتخذ للتبن وغيره وقيل هي معربة قوله بخطامه أي بخطام البعير وهو الحبل الذي يقاد به سمي بذلك لأنه يقع على الخطم وهو الأنف قوله اقتاديه أمر من الاقتياد وفي رواية سعيد بن داود قودي هذا البعير قوله بخير وفي رواية سعيد بن داود بالرزق قوله ثكلتك أمك هي كلمة تقولها العرب للإنكار ولا يريدون حقيقتها كقولهم تربت يداك وقاتلك الله ومعناه الحقيقي فقدتك أمك وهو الدعاء بالموت من الثكل بضم الثاء وسكون الكاف وهو فقد الولد

(17/218)


ويقال امرأة ثاكل وثكلى ورجل ثاكل وثكلان قوله أبا هذه أي أبا هذه المرأة وهو خفاف وأخوها لم يدر اسمه وكان لخفاف ابنان الحارث ومخلد وهما تابعيان والحارث روى عن أبيه ومخلد يروي عن عروة وروى عنه ابن أبي ذئب حديث الخراج من الضمان أخرج له الأربعة وأما مخلد الغفاري فله صحبة ذكره البخاري في الصحابة وقال أبو حاتم الرازي ليس له صحبة وقول أبي عمران لخفاف وأبيه وجده صحبة يدل على أن يكون هؤلاء أربعة في نسق له صحبة وهم بنت خفاف وخفاف وأبوه إيماء وجده رحضة وفيه رد على من زعم أنه لم يوجد أربعة في نسق لهم صحبة سوى بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قوله حصنا أي حصنا من الحصون فافتتحاها وكان ذلك في غزوة لم يدر أي غزوة كانت قيل يحتمل أن تكون خيبر لأنها كانت بعد الحديبية ولها حصون قد حوصرت قوله نستفيء بفتح النون وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وبالفاء وبالهمزة في آخره من استفأت هذا المال أي أخذته فيئا أي نطلب الفيء من سهمانهما وسمي فيئا لأنه مال استرجعه المسلمون من يد الكفار ومنه تتفيأ ظلاله أي ترجع على كل شيء من حوله ومنه فإن فاؤا أي رجعوا والسهمان بضم السين وهو جمع سهم وهو النصيب وفي رواية الحموي نستقي بالقاف وبدون الهمزة
189 - ( حدثني محمد بن رافع حدثنا شبابة بن سوار أبو عمرو الفزاري حدثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال لقد رأيت الشجرة ثم أتيتها بعد فلم أعرفها )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لقد رأيت الشجرة لأنها كانت هي الحديبية وكانت شجرة جدباء فصغرت ومحمد بن رافع النيسابوري مر في الصلح وشبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباءين الموحدتين ابن سوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وبالراء الفزاري بفتح الفاء وبالزاي قوله الشجرة وهي الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها قوله بعد بضم الدال أي بعد ذلك
( قال أبو عبد الله قال محمود ثم أنسيتها بعد )
أبو عبد الله هو البخاري وليس في أكثر النسخ هذا قوله قال محمود هو ابن غيلان أبو أحمد المروزي شيخ البخاري ومسلم قوله أنسيتها على صيغة المجهول
190 - ( حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت ما هذا المسجد قالوا هذه الشجرة حيث بايع رسول الله بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله تحت الشجرة قال فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد إن أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم )
مطابقته للترجمة مثل مطابقة ما قبله ومحمود قد ذكر الآن وعبيد الله هو ابن موسى وهو أيضا من شيوخ البخاري وحدث عنه بواسطة وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحق السبيعي وطارق بن عبد الرحمن البجلي الكوفي قوله ما هذا المسجد أريد به مسجد الشجرة وذلك لأنهم جعلوا تحتها مسجدا يصلون فيه قوله هذه الشجرة أراد بها الشجرة التي وقعت المبايعة تحتها كما ذكرنا الآن قوله نسيناها أي الشجرة وفي رواية الكشميهني والمستملي أنسيناها بضم الهمزة وسكون النون على صيغة المجهول أي أنسينا موضعها بدليل قوله فلم نقدر عليه قوله فقال سعيد أي سعيد بن المسيب إنما قال سعيد ما قاله هنا منكرا عليهم قوله فأنتم أعلم ليس على حقيقته وإنما هو تهكم وفي رواية قيس بن الربيع أن أقاويل الناس كثيرة

(17/219)


4164 - حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة حدثنا طارق عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا
هذا طريق آخر في حديث سعيد بن المسيب أخرجه عن ( موسى ) بن إسماعيل التبوذكي عن أبي عوانة الوضاح اليشكري عن ( طارق ) بن عبد الرحمن المذكور آنفا
قوله فعميت أي استترت وخفيت وكان سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الجهال إياها وعبادتهم لها فإخفاؤها رحمة من الله تعالى
4166 - حدثنا ( آدم بن أبي إياس ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عمرو بن مرة ) قال سمعت ( عبد الله بن أبي ) أوفى وكان من أصحاب الشجرة قال كان النبي إذا أتاه قوم بصدقة قال اللهم صل عليهم فأتاه أبي بصدقته فقال أللهم صل على آل أبي أوفى
مطابقته للترجمة في قوله وكان من أصحاب الشجرة والحديث مضى في كتاب الزكاة في باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن شعبة إلخ ومضى الكلام فيه هناك
4167 - حدثنا ( إسماعيل ) عن ( أخيه ) عن ( سليمان ) عن ( عمرو بن يحيى ) عن ( عباد بن تميم ) قال لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة فقال ابن زيد على ما يبايع ابن حنظلة الناس قيل له على الموت قال لا أبايع على ذالك أحدا بعد رسول الله وكان شهد معه الحديبية ( انظر الحديث 2959 )
مطابقته للترجمة في قوله وكان شهد معه الحديبية وإسماعيل هو ابن أبي أويس يروي عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى المازني عن عباد بتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد بن عاصم المازني وهؤلاء كلهم مدنيون
والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب البيعة في الحرب فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن عمرو بن يحيى إلى آخره ومضى بعض الكلام فيه هناك ولنذكر بعض شيء أيضا
فقوله يوم الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي حرة المدينة ويومها هو يوم الوقعة التي وقعت بين عسكر يزيد وأهل المدينة وكانت في سنة ثلاث وستين وكان السبب في ذلك خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية ولما بلغ ذلك يزيد أرسل جيشا إلى المدينة وعين عليهم مسلم بن عقبة قيل في عشرة آلاف فارس وقيل في إثني عشر ألفا وقال المدائني ويقال في سبعة وعشرين ألفا إثني عشر ألف فارس وخمسة عشر ألف راجل وجعل أهل المدينة جيشهم أربعة أرباع على كل ربع أمير أو جعلوا أجل الأرباع عبد الله بن حنظلة الغسيل وقصتهم طويلة وملخصها أنه لما وقع القتال بينهم كسر عسكر يزيد عسكر أهل المدينة وقتل عبد الله بن حنظلة وأولاده وجماعة آخرون وسئل الزهري

(17/220)


كم كان القتلى يوم الحرة قال سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ووجوه الموالي وممن لا يعرف من حر وعبد وغيرهم عشرة آلاف وقال المدائني أباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام يقتلون الناس ويأخذون الأموال ووقعوا على النساء حتى قيل إنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام وعن هشام بن حسان ولدت ألف امرأة من أهل المدينة من غير زوج قوله والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة بفتح الحاء المهملة وسكون النون والظاء المعجمة وفتح اللام ابن أبي عامر الراهب ويقال له ابن الغسيل لأن أباه حنظلة غسلته الملائكة وقد مر بيانه غير مرة وعبد الله هذا ولد على عهد رسول الله وتوفي رسول الله وهو ابن سبع سنين ورآه وروى عنه وقتل يوم الحرة كما ذكرناه الآن ومعنى يبايعون لعبد الله أي على الطاعة له وخلع يزيد بن معاوية وقال بعضهم وعكس الكرماني فزعم أنه كان يبايع الناس ليزيد بن معاوية وهو غلط كبير انتهى قلت رجعت إلى ( شرح الكرماني ) فوجدت عبارته كان يأخذ البيعة من الناس ليزيد بن معاوية والظاهر أن هذا من الناسخ الجاهل فذكر اللام موضع على وكان الذي كتبه على يزيد بن معاوية قوله قال ابن زيدهو عبد الله بن زيد ابن عاصم عم عباد بن تميم الأنصاري المازني البخاري الذي قتل مسيلمة وقتل هو يوم الحرة وهو صاحب حديث الوضوء وغلط ابن عيينة فقال هو الذي أري الأذان قوله قيل له على الموت كذا وقع هنا وقيل على أن لا يفروا وقال الداودي يحمل على أن لا يفروا حتى يموتوا فسقط ذلك من بعض الرواة قوله قال لا أبايع على ذلك أحدا أي قال ابن زيد لا أبايع على الموت أحدا بعد رسول الله وفيه إشعار بأنه بايع رسول الله على الموت
4168 - حدثنا ( يحيى بن يعلى المحاربي ) قال حدثني أبي حدثنا ( إياس بن سلمة بن الأكوع ) قال حدثني أبي وكان من أصحاب الشجرة قال كنا نصلي مع النبي الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه
مطابقته للترجمة في قوله وكان من أصحاب الشجرة ويحيى بن يعلى بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح اللام وبالقصر المحاربي بضم الميم وبالحاء المهملة وكسر الراء وبالباء الموحدة الكوفي الثقة من قدماء شيوخ البخاري مات سنة ست عشرة ومائتين يروي عن أبيه يعلى بن الحارث المحاربي ثقة أيضا مات سنة ثمان وستين ومائة وما لهما في البخاري إلا هذا الحديث وإياس بكسر الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف ابن سلمة بن الأكوع
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى وغيره وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن عبد الله بن يونس وأخرجه النسائي فيه عن شعيب بن يوسف وأخرجه ابن ماجه فيه عن بندار
قوله نستظل فيه ويروى به واحتج بهذا الحديث من جوز صلاة الجمعة قبل الزوال لأن الشمس إذا زالت ظهرت الظلال وأجيب بأن النفي إنما تسلط على وجود ظل يستظل به لا على وجود الظل مطلقا والظل الذي يستظل به لا يتهيأ إلا بعد الزوال بعد أن يختلف في الشتاء والصيف

(17/221)


4170 - حدثني ( أحمد بن إشكاب ) حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن ( العلاء بن المسيب ) عن أبيه قال ل ( قيت البراء بن عازب ) رضي الله تعالى عنهما فقلت طوبى لك صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة فقال يا ابن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده
مطابقته للترجمة في قوله تحت الشجرة وأحمد بن إشكاب بكسر الهمزة وفتحها وسكون الشين المعجمة أبو عبد الله الصفار الكوفي ثم البصري ومحمد بن فضيل مصغر الفضل بالمعجمة والعلاء بالمد ابن المسيب يروي عن أبيه المسيب بن رافع التغلبي بفتح الفوقانية وسكون المعجمة وكسر اللام وبالباء الموحدة الكاهلي
قوله طوبى لك مثل هنيئا لك أي طيب العيش لك وقيل طوبى شجرة في الجنة قوله يا ابن أخي وفي رواية الكشميهني يا ابن أخ بلا إضافة وهو على عادة العرب في المخاطبة أو أراد أخوة الإسلام قوله إنك لا تدري ما أحدثنا بعده أي بعد النبي قال ذلك إما هضما لنفسه وتواضعا وإما نظرا إلى ما وقع من الفتن بينهم
4171 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( يحيى بن صالح ) قال حدثنا ( معاوية ) هو ( ابن سلام ) عن ( يحيى ) عن أبي قلابة أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع النبي تحت الشجرة
مطابقته للترجمة في قوله تحت الشجرة وإسحاق هو ابن منصور بن بهرام الكوسج المروزي وهو شيخ مسلم أيضا ويحيى ابن صالح هو الرحاظي الحمصي وهو شيخ البخاري أيضا وقد يحدث عنه بواسطة ومعاوية بن سلام بتشديد اللام ويحيى هو ابن أبي كثير ووقع في رواية ابن السكن عن زيد بن سلام بدل يحيى بن أبي كثير قال أبو علي الجياني ولم يتابع على ذلك وأبو قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي وثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل ولد سنة ثلاث من الهجرة وسكن الشام ثم انتقل إلى البصرة ومات بها سنة خمس وأربعين وقيل إنه مات في فتنة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهم
وهذا الحديث أورده هكذا مختصرا وأخرج مسلم بقيته عن يحيى بن يحيى عن معاوية بهذا الإسناد
4172 - حدثني ( أحمد بن إسحاق ) حدثنا ( عثمان بن عمر ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه إنا فتحنا لك فتحا مبينا ( الفتح 1 ) قال الحديبية قال أصحابه هنيئا مريئا فما لنا فأنزل الله ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ( الفتح 5 ) قال شعبة فقدمت الكوفة فحدثت بهاذا كله عن قتادة ثم رجعت فذكرت له فقال أما إنا فتحنا لك فعن أنس وأما هنيئا مريئا فعن عكرمة ( الحديث 4172 - طرفه في 4834 )
مطابقته للترجمة في قوله قال الحديبية وأحمد بن إسحاق بن الحصين أبو إسحاق السلمي السرماري وسرمار قرية من قرى بخارى مات في سنة اثنتين وأربعين ومائتين وعثمان بن عمر بن فارس البصري
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن بندار وأخرجه النسائي في التفسير عن عمرو بن علي
قوله قال الحديبية أي قال أنس الفتح في قوله تعالى إنا فتحنا لك ( الفتح 1 ) هو في الحديبية قوله قال أصحابه أي أصحاب رسول الله قوله هنيئا أي لا إثم فيه قوله مريئا أي لا داء فيه يقال هنأني الطعام ومرأني وإذا لم يذكر هنأني يقول امرأني بالهمزة قاله أبو عبيد الهروي وقال ابن فارس يقال مرأني الطعام وأمرأني أي انهضم وذكر ابن الأعرابي أنه لا يقال مرأني قوله فما لنا من قول الصحابة أيضا قوله قال شعبة فقدمت الكوفة إلى آخره إشارة إلى أن بعض الحديث عند قتادة عن أنس وبعضه عنده عن عكرمة

(17/222)


وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن شعبة وجمع في الحديث بين أنس وعكرمة وساقه مساقا واحدا
4173 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أبو عامر ) حدثنا ( إسرائيل ) عن ( مجزأة بن زاهر الأسلمي ) عن أبيه وكان ممن شهد الشجرة قال إني أوقد تحت القدر بلحوم الحمر إذ نادى منادي رسول الله إن رسول الله ينهاكم عن لحوم الحمر
مطابقته للترجمة في قوله وكان ممن شهد الشجرة وأبو عامر هو عبد الملك بن عمرو العقدي بالعين المهملة والقاف المفتوحتين ووقع في رواية ابن السكن حدثنا عثمان بن عمر بدل أبي عامر وإسرائيل هو ابن يونس وإسرائيل هذا وقع في الأصول ولا بد منه وقال بعضهم وحكى بعض الشراح أنه وقع في بعض النسخ بإسقاطه وأنكر عليه قلت أراد ببعض الشراح صاحب ( التوضيح ) وهو من مشايخه ومجزأة بفتح الميم وسكون الجيم وبالزاي والهمزة قبل الهاء وقال أبو علي الجياني المحدثون يسهلون الهمزة ولا يتلفظون بها وقد يكسرون الميم وهو يروي عن أبيه زاهر بن الأسود بن حجاج ابن قيس بن عبد بن دعبل بن أنس بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن سلم بن أفضى الأسلمي وليس له في البخاري إلا هذا الحديث والذي بعده
قوله عن أبيه كذا وقع للجميع ووقع في رواية الأصيلي عن أبي زيد المروزي عن أنس بدل قوله عن أبيه قال أبو علي الجياني هو تصحيف قوله قال إني لأوقد تحد القدر إلى آخره حكاية عما كان يوم خيبر من النهي المذكور وليس في الحديث ما يدل على أنه كان يوم الحديبية وإنما أورد البخاري الحديث لأجل قوله فيه وكان ممن شهد الشجرة وقد اعترض الداودي هنا وقال ما وقع هنا وهم فإن النهي عن لحوم الحمر الأهلية لم يكن بالحديبية قلت الجواب ما ذكرته فلا حاجة إلى النسبة إلى الوهم
4175 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( ابن أبي عدي ) عن ( شعبة ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( بشير بن يسار ) عن ( سويد بن النعمان ) وكان من أصحاب الشجرة قال كان رسول الله وأصحابه أوتوا بسويق فلاكوه
مطابقته للترجمة في قوله وكان من أصحاب الشجرة وابن أبي عدي هو محمد ويحيى بن سعيد الأنصاري وبشير بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة ابن يسار ضد اليمين الأنصاري وسويد بضم السين المهملة وفتح الواو ابن النعمان بن مالك بن عائذ بن مجدعة بن جشم بن حارثة الأنصاري يعد في أهل المدينة والحديث مضى في كتاب الطهارة

(17/223)


في باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ ومضى الكلام فيه هناك
قوله فلاكوه من اللوك وهو مضغ الشيء وإدارته في الفم
تابعه معاذ عن شعبة
أي تابع ابن أبي عدي معاذ بن معاذ قاضي البصرة عن شعبة بن الحجاج وق وصل هذه المتابعة الإسماعيلي عن يحيى بن محمد عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه مختصرا
4176 - حدثنا ( محمد بن حاتم بن بزيع ) حدثنا ( شاذان ) عن ( شعبة ) عن ( أبي جمرة ) قال سألت ( عائذ بن عمرو ) رضي الله تعالى عنه وكان من أصحاب النبي من أصحاب الشجرة هل ينقض الوتر قال إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره
مطابقته للترجمة في قوله من أصحاب الشجرة ومحمد بن حاتم بالحاء المهملة ابن بزيع بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وبالعين المهملة وشاذان بالشين المعجمة وتخفيف الذال المعجمة هو الأسود بن عامر الشامي ثم البغدادي ولفظ شاذان معرب ومعناه فرحين بالفاء وأبو جمرة بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران الضبيعي وقال أبو علي الجياني وقع في نسخة أبي ذر عن أبي الهيثم بالحاء والزاي وهو وهم منه والصواب بالجيم والراء وعائذ بالذال المعجمة ابن عمرو بفتح العين ابن هلال المزني يكنى أبا عبيدة وكان من صالحي الصحابة سكن البصرة وابتنى بها دارا في إمرة عبد الله ابن زياد أيام يزيد بن معاوية وما له في البخاري إلا هذا الحديث ذكره موقوفا
قوله هل ينقض على صيغة المجهول والوتر مرفوع به يعني إذا صلى مثلا ثلاث ركعات ونام فهل يصلي بعد النوم شيئا آخر منه مضافا إلى الأول محافظة على قوله إجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا وإذا صلاها مرة فهل يصليها مرة أخرى بعد النوم فأجاب باختيار الصفة الثانية فقال إذا أوترت إلى آخره وقد اختلف في هذه المسألة فكان أبو عمر ممن يرى نقض الوتر والصحيح عند الشافعية أنه لا ينقض وهو قول مالك أيضا قلت وهو قول أصحابنا أيضا وعليه الجمهور والله أعلم
203 - ( حدثني عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه وقال عمر بن الخطاب ثكلتك أمك يا عمر نزرت رسول الله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل في قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن وجئت رسول الله فسلمت عليه فقال لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحا مبينا )
مطابقته للترجمة إنما تتأتى على قول من يقول المراد بالفتح صلح الحديبية وقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا فقيل المراد فتح الإسلام بالسيف والسنان وقيل الحكم وقيل فتح مكة قيل هو المختار وقيل فتح الإسلام بالآية والبيان والحجة والبرهان وفي تفسير النسفي والأكثرون على أن الفتح كان يوم الحديبية وقال البراء بن عازب نحن نعد الفتح بيعة الرضوان وقال الشعبي هو فتح الحديبية وقال الزهري لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ويقال الفتح في اللغة فتح المغلق والصلح الذي

(17/224)


جعل بين المشركين بالحديبية كان مشدودا متعذرا حتى فتحه الله وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب يروي عن أبيه أسلم عن عمر رضي الله تعالى عنه وظاهره أنه مرسل ولكن قول عمر رضي الله تعالى عنه فحركت بعيري إلى آخره يدل على أنه عن عمر والحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن القعنبي وفي فضائل القرآن عن إسماعيل والكل عن مالك وأخرجه الترمذي في التفسير عن ابن بشار وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الله المخزومي قوله في بعض أسفاره الظاهر أنه كان في سفر الحديبية قوله أن ينزل على صيغة المجهول قوله في بكسر الفاء وتشديد الياء وكذلك في بعد قوله قد نزل قوله قد نزرت بفتح النون وتشديد الزاي أي ألححت وضيقت عليه حتى أحرجته وقيل المعروف بتخفيف الزاي من النزر وهو القلة ومنه البئر النزور أي قليلة الماء فقيل ذلك لمن كثر عليه السؤال حتى انقطع جوابه وقال ابن الأعرابي النزر الإلحاح في السؤال وعن الأصمعي نزر فلان فلانا إذا استخرج ما عنده قليلا قليلا قوله فما نشبت أي فما لبثت من نشب ينشب من باب علم يعلم يقال لم ينشب أن فعل كذا أي لم يلبث وحقيقته لم يتعلق بشيء غيره ولا اشتغل بسواه قوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا قد مر تفسير الفتح آنفا واختلف في الموضع الذي نزلت فيه سورة الفتح فعند أبي معشر بالجحفة وفي الإكليل عن مجمع بن حارثة بكراع الغميم -
4179 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( سفيان ) قال سمعت ( الزهري ) حين حدث هذا الحديث حفظت بعضه وثبتني معمر عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يزيد أحدهما على صاحبه قالا خرج النبي عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما أتي ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي حتى كان بغدير الأشظاظ أتاه عينه قال إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعو لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك فقال أشيروا أيها الناس علي أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هاؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله عز و جل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين قال أبو بكر يا رسول الله خرجت عامدا لهاذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه قال امضوا على اسم الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي وسفيان هو ابن عيينة والمسور بكسر الميم ومخرمة بفتحها وقد ذكر هؤلاء غير مرة
والحديث مضى في كتاب الشروط في باب الشروط في الجهاد مطولا جدا ومضى الكلام فيه هناك ولنذكر هنا ما لم يذكر هناك
قوله هذا الحديث أشار به إلى الحديث الذي ذكره هنا قوله حفظت بعضه القائل هو سفيان أي سمعت بعض الحديث عن الزهري قوله وثبتني معمر أي جعلني معمر بن راشد ثابتا فيما سمعته من الزهري ههنا قوله عام الحديبية وهو عام ست من الهجرة وقد بسطنا الكلام فيه في أول الباب وكذلك مر الكلام في قوله بضع عشرة مائة قوله فلما أتى ذا الحليفة أي فلما جاء النبي المكان الذي يسمى ذا الحليفة وهو ميقات أهل المدينة وهي التي تسمى أبار على رضي الله تعالى عنه قوله وأشعره من الإشعار وقد ذكرناه عن قريب قوله بعث عينا أي جاسوسا قوله من خزاعة بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وهي في الأزد وفي قضاعة والتي في الأزد تنسب إلى خزاعة وهو عمرو بن ربيعة والتي في قضاعة بطن وهو خزاعة ابن مالك واسم هذا العين بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعي قال أبو عمر أسلم سنة ست من الهجرة وشهد الحديبية

(17/225)


وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة قوله بغدير الأشظاظ بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وبالظاءين المعجمتين وقال الكرماني بالمهملتين وقيل بالمعجمتين موضع تلقاء الحديبية وضبطه البكري أيضا بالمهملتين وقال الهروي هو بملتقى الطريقين من عسفان للخارج إلى مكة على يمينك بمقدار ميلين وربما اجتمع فيه الماء وليس ثمة غدير غيره والغدير مجتمع الماء قوله الأحابيش بالحاء المهملة وبالباء الموحدة والشين المعجمة على وزن المصابيح الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة وقال ابن الأثير هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا والتحبش التجمع وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبيشا فسموا بذلك قوله من المشركين يتعلق بقوله قطع أي إن يأتونا كان الله تعالى قد قطع منهم جاسوسا يعني الذي بعثه رسول الله أي غايته أنا كنا كمن لم يبعث الجاسوس ولم يعبر الطريق وواجههم بالقتال وإن لم يأتونا نهبنا عيالهم وأموالهم وتركناهم محروبين بالحاء المهملة الراء أي مسلوبين منهوبين يقال حربه إذا أخذ ماله وتركه بلا شيء وقد حرب ماله أي سلبه فهو محروب وقال الخطابي المحفوظ منه كان الله قد قطع عنقا بالقاف أي جماعة من أهل الكفر فيقل عددهم وتهن بذلك قوتهم قال الخليل جاء القوم عنقا أي طوائف والأعناق الرؤساء قوله فتوجه أمر من توجه يتوجه قوله له أي البيت قوله ومن صدنا عنه أي ومن منعنا من البيت
4182 - قال ( ابن شهاب ) وأخبرني ( عروة بن الزبير ) أن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها زوج النبي قالت إن رسول الله كان يمتحن من هاجر من المؤمنات بهاذه الآية يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ( الممتحنة 12 ) وعن عمه قال بلغنا حين أمر الله رسوله أن يرد إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم وبلغنا أن أبا بصير فذكره بطوله
هذا طريق آخر في الحديث المذكور وإسحاق هو ابن راهويه ويعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب وعمه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
قوله على قضية المدة أي المصالحة في المدة المعينة قوله أن يقاضي أي يصالح ويحاكم قوله وامعضوا بتشديد الميم وفتح العين المهملة وضم الضاد المعجمة وأصله انمعضوا بالنون قبل الميم فأدغمت النون في الميم وفي رواية الكشميهني امتعضوا بالتاء المثناء من الامتعاض

(17/226)


يقال إنمعض من شيء سمعه وامتعض إذا غضب وشق عليه وفي ( المطالع ) للأصيلي والهمداني امتعظوا بمعنى كرهوا وهو غير صحيح في الخط والهجاء وإنما يصح امتعضوا بضاد غير مشالة كما عند أبي ذر وعبدوس بمعنى كرهوا وأنفوا ووقع عند القابسي امعظوا بتشديد الميم وظاء معجمة وعند بعضهم اتغظوا من الغيظ وعند بعضهم عن النسفي وانغضوا بغين معجمة وضاد معجم غير مشالة من الإنغاص وهو الاضطراب قال وكل هذه الروايات إحالات وتعبيرات ولا وجه لشيء من ذلك إلا امتعضوا قوله مهاجرات حال من المؤمنات قوله أم كلثوم بنت عقبة بضم العين وسكون القاف ابن أبي معيط واسمه أبان بن أبي عمرو واسم أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وقال أبو عمر أسلمت أم كلثوم بمكة قبل أن تأخذ النساء في الهجرة إلى المدينة ثم هاجرت وبايعت فهي من المهاجرات المبايعات وقيل هي أول من هاجر من النساء وكانت هجرتها سنة سبع في الهدنة التي كانت بين رسول الله وبين المشركين من قريش وقال ابن إسحاق هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في هدنة الحديبية فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة حتى قدما على رسول الله يسألانه أن يردها عليهما بالعهد الذي كان بينه وبين قريش في الحديبية فلم يفعل وقال أبى الله ذلك قال أبو عمر يقولون إنها مشت على قدميها من مكة إلى المدينة فلما قدمت المدينة تزوجها زيد بن حارثة فقتل عنها يوم مؤتة فتزوجها الزبير بن العوام فولدت له زينب ثم طلقها فتزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له إبراهيم وعوفا ومات عنها فتزوجها عمرو بن العاص فمكثت عنده شهرا وماتت وهي أخت عثمان لأمه وأمها أورى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف قوله وهي عاتق أي شابة وقيل من أشرفت على البلوغ وقيل من لم تتزوج
قوله قال ابن شهاب وأخبرني عروةهو موصول بالإسناد المذكور وقد وصله الإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي خيثمة عن يعقوب بن إبراهيم به قوله كان يمتحن من الامتحان وهو الابتلاء أي كان يمتحنهن بالحلف والنظر في الأمارات ليغلب على ظنه صدق إيمانهن وعن ابن عباس معنى امتحانهن أن يستحلفن من خرجن من بغض زوج وما خرجن رغبة عن أرض إلى أرض وما خرجن التماس دنيا وما خرجن إلا حبا لله ورسوله قوله بهذه الآية وهي قوله تعالى يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ( الممتحنة 12 ) الآية وسبب نزول هذه الآية ما ذكره المفسرون أن الله تعالى لما نصر رسوله وفتح مكة وفرغ من بيعة الرجال جاءت النساء يبايعنه فنزلت هذه الآية وهو على الصفا وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أسفل منه وهو يبايع النساء بأمر رسول الله ويبلغهن عنه قوله وعن عمه هو عطف على قوله حدثني ابن أخي ابن شهاب عن عمه وهو موصول بالإسناد المذكور قوله قال بلغنا إلى آخره مرسل وهو موصول من رواية معمر قوله ما أنفقوا أي أمر النبي برد ما أنفق المشركون على نسائهم المهاجرات إليهم وقال أبو زيد من أصحابنا الحنفية هو عند أهل العلم مخصوص بنساء أهل العهد والصلح وكان الامتحان أن تستحلف المهاجرة أنها ما خرجت ناشزة ولا هاجرت إلا لله ولرسوله فإذا حلفت لم ترد ورد صداقها إلى بعلها وإن كانت من غيري أهل العهد لم تستحلف ولم يرد صداقها قوله وبلغنا أن أبا بصير فذكره مطولا أشار به إلى ما مضى من قصة أبي بصير في كتاب الشروط مطولا واختصره ههنا وأبو بصير بفتح الباء الموحدة وكسر الصاد المهملة وقد اختلف في اسمه ونسبه وقد مر الكلام فيه في كتاب الشروط
4183 - حدثنا ( قتيبة ) عن ( مالك ) عن ( نافع ) أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله تعالى عنهما خرج معتمرا في الفتنة فقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله فأهل بعمرة من أجل أن رسول الله كان أهل بعمرة عام الحديبية
مطابقته للترجمة في قوله عام الحديبية والحديث مضى في كتاب الحج في باب إذا أحصر المعتمر فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره قوله في الفتنةأي في أيام الفتنة قوله إن صددت على صيغة المجهول أي إن منعت

(17/227)


207 - حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه أهل وقال إن حيل بيني وبينه لفعلت كما فعل رسول الله حين حالت كفار قريش بينه وتلا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وهذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن مسدد عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع وهذا أيضا مضى في الحج في الباب المذكور مطولا
قوله ( وبينه ) أي وبين البيت
4185 - حدثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء ) حدثنا ( جويرية ) عن ( نافع ) أن ( عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله ) أخبراه أنهما كلما عبد الله بن عمر ( ح )
وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع أن بعض بني عبد الله قال له لو أقمت العام فإني أخاف أن لا تصل إلى البيت قال خرجنا مع النبي فحال كفار قريش دون البيت فنحر النبي هداياه وحلق وقصر أصحابه وقال أشهدكم أني أوجبت عمرة فإن خلي بيني وبين البيت طفت وإن حيل بيني وبين البيت صنعت كما صنع رسول الله فسار ساعة ثم قال ما أرى شأنهما إلا واجدا أشهدكم أني قد أوجبت حجة مع عمرتي فطاف طوافا واحدا وسعيا واحدا حتى حل منهما جميعا
هذا طريق آخر في حديث ابن عمر أخرجه عن عبد الله بن محمد إلى آخره وقد مضى في كتاب الحج في الباب المذكور بأتم منه وجويرية مصغر الجارية ابن أسماء بن عبيد الله البصري
قوله أن بعض بني عبد الله يعني عبد الله بن عمر والمذكور في الحج عن نافع أن عبيد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله أخبراه أنهما كلما عبد الله بن عمر ليالي نزل الجيش بابن الزبير فقالا لا يضرك أن لا تحج العام الحديث وقد مر الكلام فيه مستوفى هناك
4186 - حدثني ( شجاع بن الوليد ) سمع ( النضر بن محمد ) حدثنا ( صخر ) عن ( نافع ) قال إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك ولاكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار يأتي به ليقاتل عليه ورسول الله يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذالك فبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وعمر يستلئم للقتال فأخبره أن رسول الله يبايع تحت الشجرة قال فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر ( انظر الحديث 3916 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وشجاع بن الوليد أبو الليث البخاري بالباء الموحدة مؤدب الحسن بن العلاء السعدي الأمير وهو من أقران البخاري وسمع منه قليلا وليس له في البخاري إلا هذا الموضع وقال الحافظ المزي وقع في عامة النسخ من ( الصحيح ) أخبرنا شجاع بن الوليد وفي بعضها حدثني وزعم أبو مسعود أنه في كتاب البخاري شجاع بن الوليد ولم يقل حدثنا ولا أخبرنا والنضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن محمد الجرشي بضم الجيم وفتح الراء بعدها شين معجمة اليماني أبو محمد وروى عنه مسلم أيضا وماله في البخاري إلا هذا الحديث وصخر بفتح الصاد المهملة وسكون الخاء المعجمة ابن جويرية النميري يعد في البصريين
وظاهر هذا الطريق الإرسال ولكن الطريق التي بعدها

(17/228)


توضح أن نافعا حمله عن ابن عمر
قوله وعمر يستلئم الواو فيه للحال ومعنى يستلئم أي يلبس لأمته بالهمز وهي السلاح يعني الدرع
( وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عمر بن محمد العمري أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس كانوا مع النبي يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر فإذا الناس محدقون بالنبي فقال يا عبد الله انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله فوجدهم يبايعون فبايع ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع )
هكذا وقع في كثير من النسخ بصورة التعليق وفي بعض النسخ وقال لي وأخرجه الإسماعيلي موصولا عن الحسن بن سفيان عن دحيم بضم الدال وفتح الحاء المهملتين واسمه عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور قوله محدقون بالنبي أي محيطون به ناظرون إليه ومنه الحديقة سميت بها لإحاطة البناء بها من البساتين وغيرها قوله فقال يا عبد الله القائل هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله قد أحدقوا كذا في رواية الكشميهني وغيره وهو الصواب ووقع للمستملي قال أحدقوا فجعل قال موضع قد قال وهذا تحريف ( فإن قلت ) السبب الذي هنا في أن ابن عمر بايع قبل أبيه غير السبب الذي قبله قلت هذا السؤال فيه تعسف فلا يرد أصلا وذلك أن ابن عمر تكررت منه المبايعة هنا وتوحدت في الحديث السابق وقد تكلف الشارحون ههنا بما ليس بطائل
4188 - حدثنا ( ابن نمير ) حدثنا ( يعلى ) حدثنا ( إسماعيل ) قال سمعت ( عبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله تعالى عنهما قال كنا مع النبي حين اعتمر فطاف معه وصلى وصلينا معه وسعى بين الصفا والمروة فكنا نستره من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء
إنما ذكر هذا الحديث هنا لكون عبد الله بن أبي أوفى ممن بايع تحت الشجرة وهي في عمرة الحديبية وكان أيضا مع النبي في عمرة القضاء
وقد مر الحديث في الحج في باب متى يحل المعتمر فإنه أخرجه هناك عن إسحاق ابن إبراهيم عن جرير عن إسماعيل عن عبد الله بن أبي أوفى إلى آخره بأتم منه وهنا أخرجه عن محمد بن عبد الله بن نمير بضم النون مصغر النمر عن يعلى بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح اللام ابن عبيد بن أبي أمية أبي يوسف الطنافسي الحنفي الإيادي الكوفي عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي الكوفي وقد مر الكلام فيه هناك فافهم
211 - ( حدثنا الحسن بن إسحاق حدثنا محمد بن سابق حدثنا مالك بن مغول قال سمعت أبا حصين قال قال أبو وائل لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره فقال اتهموا الرأي فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد على رسول الله أمره لرددت والله ورسوله أعلم وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلي أمر نعرفه قبل هذا الأمر ما نسد منها خصما إلا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له )
مطابقته للترجمة تأتي من حيث أن فيه ذكر أبي جندل الذي كانت قضيته يوم الحديبية وذلك أنه لما أتى إلى رسول الله يوم الحديبية رده إلى أبيه لما جاء في طلبه وهو بفتح الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وفي آخره لام وقد مر بيانه فيما مضى والحسن بن إسحق بن زياد مولى بني الليث المروزي المعروف بحسنويه يكنى أبا علي وثقه

(17/229)


النسائي وقال أبو حاتم مجهول وقال ابن حبان في الثقات وكان من أصحاب ابن المبارك ومات سنة إحدى وأربعين ومأتين وما له في البخاري إلا هذا الحديث ومحمد بن سابق أبو جعفر التميمي البغدادي البزار وأصله فارسي كان بالكوفة ومات سنة ثلاث عشرة ومأتين وهو أحد مشايخ البخاري وروى عنه هنا بالواسطة ومالك بن مغول بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو البجلي بالباء الموحدة والجيم المفتوحتين مات سنة سبع وخمسين ومائة وأبو حصين بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد المهملة عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي مات سنة ثمان وعشرين ومائة وأبو وائل شقيق بن سلمة الكوفي أدرك النبي ولم يسمع منه شيئا وسهل بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره فاء الأنصاري الأوسي الصحابي قوله من صفين يعني من وقعة صفين التي كانت بين علي ومعاوية وصفين بكسر الصاد المهملة وتشديد الفاء موضع بين العراق والشام قوله اتهموا الرأي أي اتهموا رأيكم وذلك أن سهلا كان يتهم بالتقصير في القتال فقال اتهموا رأيكم فإني لا أقصر وما كنت مقصرا وقت الحاجة كما في يوم الحديبية فإني رأيت نفسي يومئذ بحيث لو قدرت على مخالفة حكم رسول الله لقاتلت قتالا لا مزيد عليه لكن أتوقف عنه اليوم لمصلحة المسلمين قوله فلقد رأيتني أي فلقد رأيت نفسي قوله يوم أبي جندل أراد به يوم الحديبية وأضيف إليه إذ في ذلك اليوم رده رسول الله كما ذكرناه الآن قوله ولو أستطيع أن أرد على رسول الله أمره لرددت أراد بهذا الكلام أنه ما توقف يوم الحديبية عن القتال إلا لأمر رسول الله بالكف عن القتال لا من جهة التقصير فيه ثم أكد كلامه بقوله والله ورسوله أعلم بما أقوله وبما كنت في يوم الحديبية قوله وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا يريد به البأس والقوة والعواتق جمع عاتق وهو ما بين منكب الرجل إلى عنقه قوله يفظعنا جملة وقعت صفة لقوله لأمر بضم الياء وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة من أفظع الأمر إذا اشتد وقال ابن فارس يقال أفظع الأمر وفظع إذا اشتد ذكره في باب الفاء مع الظاء المعجمة وذكره ابن التين بالضاد ثم قال هو أمر مهول وقال أيضا روي بفتح الياء قلت حينئذ يكون ثلاثيا مجردا وعلى رواية الضم يكون ثلاثيا مزيدا فيه وفي المطالع قوله لأمر يفظعنا أي يفزعنا ويعظم أمره ويشتد علينا ذكره في باب الفاء مع الظاء المعجمة قوله قبل هذا الأمر لفظ قبل ظرف لقوله وضعنا وأراد بهذا الأمر مقاتلة علي ومعاوية قوله منها ويروى منه أي من هذا الأمر قوله إلا أسهلن بنا أي إلا استمرت بنا إلى أمر نعرفه قبل هذا الأمر وقيل معناه أفضت بنا إلى سهولة قوله خصما بضم الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة وهو الجانب الذي فيه العروة وقيل جانب كل شيء خصمه ويجمع على أخصام ومنه قيل للخصمين خصمان لأن كل واحد منهما يأخذ بالناحية من الدعوى غير ناحية صاحبه وأصله خصم القربة ولهذا استعاره هنا مع ذكر الانفجار كما ينفجر الماء من نواحي القربة وكان قول سهل بن حنيف هذا يوم صفين لما حكم الحكمان وقيل الخصم الحبل الذي تشد به الأحمال أي ما نلفق منه حبلا إلا انقطع آخر والحديث مضى في آخر الجهاد مختصرا -
4190 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( مجاهد ) عن ( ابن أبي ليلى ) عن ( كعب بن عجرة ) رضي الله تعالى عنه قال أتى علي النبي زمن الحديبية والقمل يتناثر على وجهي فقال أيؤذيك هوام رأسك قلت نعم قال فاحلق وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك نسيكة قال أيوب لا أدري بأي هاذا بدأ
مطابقته للترجمة في قوله زمن الحديبية وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن والحديث مضى في الحج في باب قول الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ( البقرة 196 ) وتقدم الكلام فيه هناك قوله الهوام جمع هامة بتشديد الميم والمراد بها هنا القمل والنسيكة الذبيحة

(17/230)


4191 - حدثنا ( محمد بن هشام أبو عبد الله ) حدثنا ( هشيم ) عن ( أبي بشر ) عن ( مجاهد ) عن ( عبد الرحمان بن أبي ليلى ) عن ( كعب بن عجرة ) قال كنا مع رسول الله بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون قال وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تساقط على وجهي فمر بي النبي فقال أيؤذيك هوام رأسك قلت نعم قال وأنزلت هاذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن محمد عن هشام بن أبي عبد الله المروزي سكن بغداد وهو من أفراده عن هشيم بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير بضم الباء الموحدة الواسطي أصله من بلخ عن أبي بشر بكسر الباء الموحدة واسمه جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس الواسطي ويقال البصري قوله ونحن محرمون الواو فيه للحال قوله وقد حصرنا بفتح الراء والمشركون فاعله قوله وفرة بسكون الفاء وهي الشعر إلى شحمة الأذن قوله تساقط أصله تتساقط فحذفت إحدى التاءين
37 -
( باب قصة عكل وعرينة )
أي هذا باب في بيان قصة عكل بضم العين المهملة وسكون الكاف و عرينة بضم العين المهملة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون وهما قبيلتان وقد مر تفسيرهما في كتاب الطهارة في باب أبوال الإبل
4192 - حدثني ( عبد الأعلى بن حماد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) أن ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه حدثهم أن ناسا من عكل وعرينة قدموا المدينة على النبي وتكلموا بالإسلام فقالوا يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف واستوخموا المدينة فأمرهم رسول الله بذود وراع وأمرهم أن يخرجوا فيه فيشربوا من ألبانها وأبوالها فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي واستاقوا الذود فبلغ النبي فبعث الطلب في آثارهم فأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم قال قتادة بلغنا أن النبي بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد هو ابن أبي ربيعة والحديث مضى في الطهارة في باب أبوال الإبل ومضى الكلام فيه هناك
قوله وتكلموا بالإسلام أي تلفظوا بالكلمة وأظهروا الإسلام قوله ضرع بسكون الراء وهي الماشية من كل ذي ظلف وخف قوله ريف بكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف أرض فيها زرع وخصب قوله واستوخموا المدينة من قولهم أرض وخيمة إذا لم توافق ساكنها قوله الذود بفتح الذال المعجمة من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة قوله الطلب بفتح اللام جمع الطالب قوله فسمروا أعينهم أي حموا المسامير ففقؤا بها أعينهم قوله وتركوا على صيغة المجهول
قوله قال قتادة هو موصول بالإسناد المذكور قوله بلغنا إلى آخره قال الكرماني هذا من مرسل قتادة قلت هذا البلاغ هو الذي بلغه بروايته من حديث سمرة بن جندب أخرجه أبو داود من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران عن سمرة كان النبي يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة وهياج بفتح الهاء وتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره جيم وثقه ابن سعد وابن حبان والمثلة بضم الميم الإسم يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه وأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة

(17/231)


قال أبو عبد الله وقال شعبة وأبان وحماد عن قتادة من عرينة
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس في كثير من النسخ هذا أعني قوله قال أبو عبد الله قوله قال شعبة إلى آخره وقع عند أبي ذر بين غزوة ذي قرد وبين غزوة خيبر وعند الباقين وقع هنا وهو المناسب ثم إنه أراد أن هؤلاء رووا هذا الحديث عن قتادة عن أنس فاقتصروا على ذكر عرينة ولم يذكروا لفظ عكل أما رواية شعبة عن قتادة فرواها البخاري موصولة في كتاب الزكاة وأما رواية أبان بفتح الهمزة وتخفيف الباء الموحدة ابن يزيد العطار فوصلها ابن أبي شيبة وأما رواية حماد وهو ابن سلم فرواها موصولة أبو داود والنسائي
وقال يحيى بن أبي كثير وأيوب عن أبي قلابة عن أنس قدم نفر من عكل
أشار بهذا إلى أن يحيى وأيوب رويا الحديث المذكور عن أبي قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي عن أنس فاقتصرا على ذكر لفظ عكل ولم يذكرا لفظ عرينة أما رواية يحيى فوصلها البخاري في كتاب المحاربين وأما رواية أيوب فوصلها البخاري أيضا في كتاب الطهارة
4193 - حدثني ( محمد بن عبد الرحيم ) حدثنا ( حفص بن عمر أبو عمر الحوضي ) حدثنا ( حماد بن زيد ) حدثنا ( أيوب والحجاج الصواف ) قالا حدثني ( أبو رجاء ) مولى أبي قلابة وكان معه بالشام أن عمر بن عبد العزيز استشار الناس يوما قال ما تقولون في هذه القسامة فقالوا حق قض بها رسول الله وقضت بها الخلفاء قبلك قال وأبو قلابة خلف سريره فقال عنبسة بن سعيد فأين حديث أنس في العرنيين قال أبو قلابة إياي حدثه أنس بن مالك قال عبد العزيز بن صهيب عن أنس من عرينة وقال أبو قلابة عن أنس من عكل فذكر القصة
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبد الرحيم الحافظ المشهور بصاعقة البزار أبو يحيى وحفص بن عمر من مشايخ البخاري أيضا روى عنه بالواسطة وأيوب هو السختياني والحجاج الصواف هو ابن أبي عثمان ميسرة البصري وأبو رجاء ضد الخوف سليمان مولى أبي قلابة المذكور
قوله حدثني أبو رجاء كذا وقع في النسخ المعتمدة حدثني بالإفراد مع أن المذكور قبله إثنان وكان القياس أن يقال حدثاني بضمير التثنية ولكن قيل المراد الحجاج لأن أيوب قد اختلف عليه هل هو عنده عن أبي قلابة بغير واسطة أو بواسطة ولم يختلف على الحجاج أنه رواه بواسطة أبي رجاء عن أبي قلابة فلذلك ذكر حدثني بالإفراد فافهم قوله في هذه القسامة هي قسمة الإيمان على الأولياء في الدم عند اللوث أي القرائن المغلبة على الظن وقال الكرماني كيف يدفع حديث العرنيين أي المنسوب إلى عرينة القسامة قلت قتلوا الراعي وكان ثمة لوث ولم يحكم رسول الله بحكم القسامة بل اقتص منهم قوله عنبسة بن سعيد بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح السين المهملة ابن سعيد القرشي الأموي قوله قال عبد العزيز بن صهيب أشار به إلى أن عبد العزيز هذا روى الحديث عن أنس من عرينة يعني لم يذكر عكلا ورواه أبو قلابة عن من عكل ولم يذكر عرينة والله أعلم
38 -
( باب غزوة ذي قرد )
أي هذا باب في بيان غزوة ذي قرد بالقاف والراء المفتوحتين وبالدال المهملة وحكى ضم أوله وفتح ثانيه قال الحازمي الأول ضبط أصحاب الحديث والثاني عن أهل اللغة وقال البلاذري الصواب الأول وهو ماء على نحو بريد مما يلي بلاد غطفان ويقال على مسيرة ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر على طريق الشام والقرد في اللغة الصوف الرديء خاصة وتسمى غزوة الغابة وكانت في ربيع الأول سنة ست قاله ابن سعد والواقدي وادعى القرطبي أنها في جمادى الأولى

(17/232)


وهي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبي قبل خيبر بثلاث
أي غزوة ذي قرد هي الغزوة التي أغاروا على لقاح النبي واللقاح بكسر اللام جمع لقحة بالكسر أيضا وهي الناقة التي لها لبن وقال ابن السكيت واحدتها لقوح ولقحة وقال ابن سعد كانت لقاح رسول الله بالغابة عشرين لقحة وكان ابن أبي ذر فيها وامرأته فأغار عليهم عبد الرحمن بن عيينة بن حصين فقتلوا الرجل وأسروا المرأة وقد مضى في الجهاد في باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه فذكر القصة بطولها وفي ( التوضيح ) قوله قبل خيبر بثلاث مما غلط فيه وأنها قبلها بسنة فإن غزوة خيبر في جمادى الآخرة سنة سبع نعم في ( صحيح مسلم ) من حديث سلمة بن الأكوع لما ذكر غزوة ذي قرد فلما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر وقال بعضهم مستند البخاري في ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه ثم ذكر ما رواه مسلم قلت لا يصح أن يكون هذا مستندا لأن القرطبي قال لا يختلف أهل السير أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية فيكون ما وقع في حديث سلمة بن الأكوع من وهم بعض الرواة
4194 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) قال سمعت ( سلمة بن الأكوع ) يقول خرجت قبل أن يؤذن بالأولى وكانت لقاح رسول الله ترعى بذي قرد قال فلقيني غلام لعبد الرحمان بن عوف فقال أخذت لقاح رسول الله قلت من أخذها قال غطفان قال فصرخت ثلاث صرخات يا صباحاه قال فأسمعت ما بين لابتي المدينة ثم اندفعت على وجهي حتى أدركتهم وقد أخذوا يستقون من الماء فجعلت أرميهم بنبلي وكنت راميا وأقول
( أنا ابن الأكوع
اليوم يوم الرضع )
وأرتجز حتى استنقذت اللقاح منهم واستلبت منهم ثلاثين بردة قال وجاء النبي والناس فقلت يا نبي الله قد حميت القوم الماء وهم عطاش فابعث إليهم الساعة فقال يا ابن الأكوع ملكت فأسجح قال ثم رجعنا ويردفني رسول الله على ناقته حتى دخلنا المدينة ( انظر الحديث 3041 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وحاتم بالحاء المهملة هو إبن إسماعيل ويزيد بن أبي عبيد هو مولى سلمة بن الأكوع والحديث مضى في الجهاد في باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته يا صباحاه فإنه أخرجه هناك عليا عن مكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة وهو من ثلاثيات البخاري وقد مر الكلام فيه هناك
قوله قبل أن يؤذن بالأولى يعني صلاة الصبح قوله غطفان بالغين المعجمة والطاء المهملة وبالفاء المفتوحات وفي رواية مكي بن إبراهيم غطفان وفزارة وهو من عطف الخاص على العام لأن فزارة من غطفان قوله فصرخت ثلاث صرخات وفي رواية المستملي بثلاث صرخات بزيادة الموحدة قوله يا صاحباه كلمة تقال عند الغارة قوله ما بين لابتي المدية اللابتان الحرتان تثنية لابة والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء أرض بظاهر المدينة فيها حجارة سود كثيرة قوله ثم اندفعت على وجهي يعني لم ألتفت يمينا ولا شمالا بل أسرعت الجري وكان شديد الجري قوله الرضع بضم الراء وتشديد الضاد المعجمة جمع الراضع أي اللئيم وأصله أن رجلا كان يرضع إبله أو غنمة ولا يحلبها لئلا يسمع صوت الحلبة الفقير فيطمع فيه أي اليوم يوم اللئام أي يوم هلاك اللئام قوله وقد حميت القوم الماء أي منعتهم من الشرب قوله فأسجع بهمزة القطع أمر من الإسجاع بالسين المهملة وبالجيم وفي آخره حاء مهملة وهو تسهيل الأمر والسجاحة السهولة قوله على ناقته وهي العضباء
39 -
( باب غزوة خيبر )

(17/233)


أي هذا باب في بيان غزوة خيبر وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام وذكر البكري أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها
4195 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( بشير بن يسار ) أن ( سويد بن النعمان ) أخبره أنه خرج مع النبي عام خيبر حتى إذا كنا بالصهباء وهي من أدنى خيبر صلى العصر ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فثري فأكل وأكلنا ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن سعيد هو الأنصاري وبشير بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ابن يسار ضد اليمين ومضى الحديث في كتاب الوضوء في باب من مضمض من السويق
قوله إنه خرج مع النبي وكان خروجهم إلى خيبر في جمادي الأولى سنة سبع وأبعد من قال إنها في سنة ست وقال موسى ابن عقبة لما رجع رسول الله من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوما أو قريبا من ذلك ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعده الله إياها وحكى موسى عن الزهري أن افتتاح خيبر في سنة ست والصحيح أن ذلك في أول سنة سبع وقال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر قوله بالصهباء هو موضع على روحة من خيبر قوله فثري على صيغة المجهول من ثريت السويق إذا بللته
218 - ( حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر يا عامر ألا تسمعنا من هنياتك وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما أبقينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أتينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله من هذا السائق قالوا عامر بن الأكوع قال يرحمه الله قال رجل من القوم وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ثم إن الله تعالى فتحها عليهم فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة فقال النبي ما هذه النيران على أي شيء توقدون قالوا على لحم قال علي أي لحم قال لحم حمر الإنسية قال النبي أهريقوها واكسروها فقال رجل يا رسول الله أونهريقها ونغسلها قال أو ذاك فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه قال فلما قفلوا قال سلمة رآني رسول الله وهو

(17/234)


آخذ بيدي قال مالك قلت له فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله قال النبي كذب من قاله إن له لأجرين وجمع بين أصبعيه إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشي بها مثله )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن مسلمة بفتح الميمين هو القعنبي شيخ مسلم أيضا وحاتم بالحاء المهملة مر عن قريب ومضى الحديث مختصرا في المظالم في باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر فإنه أخرجه هناك عن أبي عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قوله فقام رجل من القوم لم يعرف اسم الرجل قوله لعامر هو عم سلمة بن الأكوع واسم الأكوع سنان وهو اسم جد سلمة وأبو سلمة هو عمرو وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع وعامر هو ابن الأكوع استشهد يوم خيبر على ما ذكر في الحديث قوله من هنياتك بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء آخر الحروف وبالتاء المثناة من فوق المكسورة هكذا هو في رواية الكشميهني وفي رواية غيره هنيهاتك بضم الهاء وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف بعدها هاء أخرى جمع هنيهة وهو مصغر هنة كما قالوا في مصغر سنة سنيهة وأصل هنة هنو كما أن أصل سنة سنو مصغره هنية وقد تبدل من الياء الثانية هاء فيقال هنيهة والجمع هنيهاة وجمع الأول هنيات ووقع في الدعوات من وجه آخر عن يزيد بن أبي عبيد لو أسمعتنا من هناتك بفتح الهاء والنون وبعد الألف تاء مثناة من فوق فيكون جمع هنة وقال الكرماني أما هن على وزن أخ فكلمة كناية عن الشيء وأصله هنو وتقول للمؤنث هنة وتصغيرها هنية والمراد بالهنيات الأراجيز جمع الأرجوزة وقال السهيلي الهنة كناية عن كل شيء لا يعرف اسمه أو تعرفه فتكنى عنه وقال الهروي كناية عن شيء لا تذكره باسمه ولا تخص جنسا من غيره وقال الأخفش كما تقول هذا فلان بن فلان تقول هذا هن بن هن وهذه هنة بنت هنة وهو نص بأن يكنى بها عن الأعلام وقال ابن عصفور وهو الصحيح قوله يحدو بالقوم من الحدو وهو سوق الإبل والغناء لها يقال حدوت الإبل حدوا وحداء ويقال للشمال حدواء لأنها تحدو السحاب والإبل تحب الحداء ولا يكون الحداء إلا شعرا أو رجزا وأول من سن حداء الإبل مضر بن نزار لما سقط عن بعيره فكسرت يده فبقي يقول وايداه وايداه قوله اللهم لولا أنت ما اهتدينا إلى آخره رجز وأكثره تقدم في الجهاد واختلف في الرجز أنه شعر أم لا فقيل أنه شعر وإن لم يكن قريضا وقد قيل أن هذا ليس بشعر وإنما هو أشطار أبيات وإنما الرجز الذي هو شعر هو سداسي الأجزاء أو رباعي الأجزاء قوله فداء لك بكسر الفاء وبالمد وحكى ابن التين فدى لك بفتح الفاء مع القصر وزعم أنه هنا بكسر الفاء مع القصر لضرورة الوزن وليس كما قال فإنه لا يتزن إلا بالمد على ما لا يخفى وقال المازري لا يقال لله فدى لك لأنه إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه فهو إما مجاز عن الرضا كأنه قال نفسي مبذولة لرضاك أو هذه الكلمة وقعت في البيت خطابا لسامع الكلام وقيل هذه لا يراد ظاهرها بل المراد بها المحبة والتعظيم مع قطع النظر عن ظاهر اللفظ وقيل المخاطب بهذا الشعر النبي والمعنى لا تؤاخذنا بتقصيرنا في حقك ونصرك وقوله اللهم لم يقصد بها الدعاء وإنما افتتح بها الكلام والمخاطب بقوله لولا أنت النبي إلى آخره ( قلت ) في هذين الجوابين نظر لا يخفى خصوصا في الجواب الثاني فإن قوله
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
يرد هذا وينقضه والذي قاله المازري أقرب إلى التوجيه قوله ما أبقينا في محل النصب على أنه مفعول لقوله فاغفر وقوله فداء لك جملة معترضة ولفظ أبقينا بالباء الموحدة والقاف هكذا في رواية الأصيلي والنسفي ومعناه ما خلفنا وراءنا مما اكتسبناه من الآثام وفي رواية الأكثرين ما اتقينا من الاتقاء بتشديد التاء المثناة من فوق وبالقاف ومعناه ما تركناه من الأوامر وفي رواية القابسي ما لقينا بفتح اللام وكسر القاف من اللقاء ومعناه ما وجدنا من المناهي ووقع في رواية قتيبة عن حاتم بن إسماعيل كما سيأتي في الأدب ما اقتفينا من الاقتفاء بالقاف والفاء أي ما تبعنا من الخطايا من قفوت أثره إذا تبعته وكذا وقع لمسلم عن قتيبة وهي أشهر الروايات في هذا الرجز قوله وألقين أمر مؤكد بالنون الخفيفة وسكينة

(17/235)


مفعوله وفي رواية النسفي وألق السكينة بحذف النون وبالألف واللام في السكينة قوله إنا إذا صيح بنا أتينا من الإتيان أي إذا دعينا للقتال أو إلى الحق جئنا وقال الكرماني أبينا في بعض الروايات من الإباء ومعناه إذا دعينا إلى غير الحق أبينا أي امتنعنا عنه قيل هذه رواية النسفي قوله وبالصياح عولوا علينا أي وبالصوت العالي قصدونا واستغاثوا يقال عولت على فلان وعولت بفلان أي استعنت به ووقع عند أحمد من الزيادة في هذا الرجز في حديث إياس بن سلمة عن أبيه وهو قوله
إن الذين قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضل الله ما استغنينا
قوله من هذا السائق أي من هذا الذي يسوق الإبل ويحدو قالوا عامر بن الأكوع يعني عم سلمة فإن قيل قد مضى في الجهاد أن رسول الله هو الذي كان يقولها في حفر الخندق وأنها من أراجيز عبد الله بن رواحة وأجيب بعدم المنافاة بينهما لاحتمال التوارد قوله قال يرحمه الله أي قال النبي يرحم الله عامرا وفي رواية إياس بن سلمة فقال غفر لك ربك قال وما استغفر رسول الله لإنسان يخصه إلا استشهد قوله قال رجل من القوم هذا الرجل هو عمر رضي الله تعالى عنه سماه مسلم في رواية إياس بن سلمة ولفظه فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل يا نبي الله لولا متعتنا بعامر قوله وجبت أي وجبت الجنة له ببركة دعائك له وقيل وجبت له الشهادة بدعائك قوله لولا أمتعتنا به أي هلا أبقيته لنا لنتمتع بعامر يعني بشجاعته ويروى لولا متعتنا به من التمتع وهو الترفه إلى مدة ومنه في الدعاء يقال متعني الله بك قوله فحصرناهم أي حصرنا أهل خيبر ويروى فحاصرناهم وقال ابن إسحق أول حصون خيبر فتحا حصن ناعم وعنده قتل محمود بن سلمة ألقيت عليه رحى منه فقتلته قوله مخمصة بفتح الميم أي مجاعة قوله على لحم أي توقد النيران على لحم قوله على أي لحم أي على أي لحم من أنواع اللحوم توقدونها قوله قالوا لحم حمر يجوز في لفظ لحم الرفع والنصب فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو لحم حمر والنصب بنزع الخافض والتقدير على لحم حمر والحمر بضمتين جمع حمار قوله الإنسية بالجر صفة حمر وهو بكسر الهمزة وسكون النون وكسر السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف نسبة الحمر إلى الإنس ومعناه الحمر الأهلية وفي المطالع الأنسية بفتح الهمزة وفتح النون كذا ذكره البخاري عن ابن أبي أويس وكذا قيدناه عن الشيخ أبي بحر في مسلم وكذا قيده الأصيلي وابن السكن وأبو ذر وأكثر روايات الشيوخ فيه بكسر الهمزة وسكون النون وكلاهما صحيح وأما الأنس بفتح الهمزة والنون فهم الناس وكذلك الإنس قوله أهريقوها أي أريقوها والهاء فيه زائدة ويروى بدون الهمزة هريقوها قوله واكسروها وقد تقدم في المظالم قال اكسروها واهريقوها قوله أو نهريقها ونغسلها وفي المظالم قالوا ألا نهريقها ونغسلها قال اغسلوها وهنا قال أو ذاك أي أو الغسل ومر الكلام فيه هناك قوله سيف عامر وهو عامر بن الأكوع المذكور فيه وفي رواية إياس بن سلمة قال فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحبا يخطر بسيفه يقول
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال فبرز له عامر فقال
قد علمت خيبر أني عامر
شاكي السلاح بطل مغامر
قال فاختلفنا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب عامر يسفل له أي يضربه من أسفل فرجع سيفه على نفسه قوله ذباب سيفه وهو طرفه الذي يضرب به وقيل ذباب السيف حده قوله عين ركبة عامر أي رأس ركبته فمات منه قوله فلما قفلوا أي رجعوا من خيبر قوله وهو آخذ بيدي هكذا هو رواية الكشميهني بيدي بالباء الموحدة وفي رواية غيره يدي بدون الباء قوله حبط عمله أي عمل عامر لأنه قتل نفسه قوله أن له لأجرين وهما أجر الجهد في الطاعة وأجر المجاهدة في سبيل الله واللام فيه للتأكيد وهو رواية الكشميهني وفي رواية غيره أجرين بدون اللام قوله لجاهد مجاهد اللام فيه للتأكيد وجاهد اسم فاعل من جهد ومجاهد اسم فاعل أيضا من جاهد وروى أبو ذر عن الحموي والمستملي لجاهد وجاهد بلفظ الماضي

(17/236)


قوله قل عربي مشى بها مثله حاصل المعنى من العرب قليل مشى في الدنيا بهذه الخصلة الحميدة التي هي الجهاد مع الجهد أي الجد وكذا وقع في هذه الرواية مشى بلفظ الماضي من المشي قوله بها أي بالأرض أو المدينة أو الحرب أو الخصلة قوله مثله أي مثل عامر
( حدثنا قتيبة حدثنا حاتم قال نشأ بها )
أي حدثه قتيبة بن سعيد عن حاتم بالحاء المهملة ابن إسماعيل الكوفي نشأ بالنون وبالهمزة في آخره أي شب وكبر وحكى السهيلي أنه وقع في رواية مشابها بضم الميم اسم فاعل من المشابهة وحاصل معناه ليس له مشابه في صفة الكمال في القتال وانتصابه يكون على الحال أو بفعل محذوف والتقدير قل عربي رأيته مشابها قال السهيلي وروى قل عربيا نشأ بها مثله والفاعل مثله وعربيا منصوب على التمييز لأن في الكلام معنى المدح فهو على حد قولهم عظم زيد رجلا وقتل زيد أدبا
219 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين )
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الجهاد في باب دعاء النبي إلى الإسلام فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره قوله عن أنس وفي رواية أبي إسحاق الفزاري عن حميد سمعت أنسا كما تقدم في الجهاد قوله أتى خيبر ليلا أي في الليل ومعناه قرب منها وقال ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان ليلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم قال فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر فسمعوا حسا خلفهم فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر قوله لم يغر بهم بضم الياء وكسر الغين المعجمة من الإغارة هكذا رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر عن المستملي لم يقربهم بفتح الياء وسكون القاف من القرب وتقدم في الجهاد بلفظ لا يغير عليهم وفي الأذان من وجه آخر عن حميد بلفظ كان إذا غزا لم يغز بنا حتى نصبح وننظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار قوله خرجت اليهود بمساحيهم يعني طالبين زرعهم وذلك أنهم كانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين فلا يرون أحدا حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين وفي رواية أحمد خرجت يهود بمساحيهم إلى زرعهم والمساحي جمع مسحاة وهي آلة الحرث والمكاتل جمع مكتل وهي القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره قوله محمد أي هذا محمد قوله والخميس أي الجيش سمي خميسا لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والقلب والمقدمة والساقة ويجوز في الخميس الرفع والنصب فالرفع على العطف والنصب على أنه مفعول معه قوله بساحة قوم الساحة الفضاء وأصلها الفضاء بين المنازل قوله فساء من أفعال الذم والمنذرين بفتح الذال المعجمة فإن قلت كيف قال خربت خيبر قبل وقوعه قلت هذا من جملة معجزاته علم بطريق الوحي أنها تخرب وقيل أخذه من لفظ المسحاة لأنه من سحوت إذا قشرت وفيه أخذ التفاؤل من حيث الاشتقاق
220 - ( أخبرنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا بالنبي قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فأصبنا من لحوم الحمر -
4197 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( حميد الطويل ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله أتى خيبر ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغربهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الجهاد في باب دعاء النبي إلى الإسلام فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره
قوله عن أنس وفي رواية أبي إسحاق الفزاري عن حميد سمعت أنسا كما تقدم في الجهاد قوله أتى خيبر ليلا أي في الليل ومعناه قرب منها وقال ابن إسحاق إنه نزل بواد يقال له الرجيع بينهم وبين غطفان ليلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم قال فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر فسمعوا حسا خلفهم فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم فرجعوا فأقاموا وخذلوا أهل خيبر قوله لم يغر بهم بضم الياء وكسر الغين المعجمة من الإغارة هكذا رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر عن المستملي لم يقربهم بفتح الياء وسكون القاف من القرب وتقدم في الجهاد بلفظ لا يغير عليهم وفي الآذان من وجه آخر عن حميد بلفظ كان إذا غزا لم يغز بنا حتى نصبح وننظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار قوله خرجت اليهود بمساحيهم يعني طالبين زرعهم وذلك أنهم كانوا يخرجون في كل يوم متسلحين مستعدين فلا يرون أحدا حتى إذا كانت الليلة التي قدم فيها المسلمون ناموا فلم تتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك وخرجوا بالمساحي طالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين وفي رواية أحمد خرجت يهود بمساحيهم إلى زرعهم والمساحي جمع مسحاة وهي آلة الحرث والمكاتل جمع مكتل وهي القفة الكبيرة التي يحول فيها التراب وغيره قوله محمد أي هذا محمد قوله والخميس أي الجيش سمى خميسا لأنه خمسة أقسام الميمنة والميسرة والقلب والمقدمة والساقة ويجوز في الخميس الرفع والنصب فالرفع على العطف والنصب على أنه مفعول معه قوله بساحة قوم الساحة الفضاء وأصلها الفضاء بين المنازل قوله فساء من أفعال الذم والمنذرين بفتح الذال المعجمة فإن قلت كيف قال خربت خيبر قبل وقوعه قلت هذا من جملة معجزاته علم بطريق الوحي أنها تخرب وقيل أخذه من لفظ المسحاة لأنه من سحوت إذا قشرت وفيه أخذ التفاؤل من حيث الاشتقاق
4198 - أخبرنا ( صدقة بن الفضل ) أخبرنا ( عيينة ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد بن سيرين ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال صبحنا خيبر بكرة فخرج أهلها بالمساحي فلما بصروا بالنبي قالوا محمد والله محمد والخميس فقال النبي الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فأصبنا من لحوم الحمر

(17/237)


فنادي منادي النبي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس
هذا طريق آخر في حديث أنس المذكور أخرجه عن صدقة بن الفضل المروزي عن صدقة عن سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني
قوله الله أكبر هذه اللفظة موجودة في أكثر الطرق قوله صبحنا بتشديد الباء قوله ينهيانكم فيه دليل على جواز جمع اسم الله مع غيره في ضمير واحد فيرد به على من منع ذلك قيل في رواية سفيان للأكثر ينهاكم بالإفراد وفي رواية عبد الوهاب بالتثنية قوله فإنها أي قال فإن لحوم الحمر رجس أي قذر ونتن وقيل الرجس العذاب فيحتمل أن يريد أنها تؤديه إلى العذاب والنهي عن لحوم الحمر الأهلية للتحريم عند الجمهور
4199 - حدثنا ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله جاءه جاء فقال أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثانية فقال أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثالصة فقال أفنيت الحمر فأمر مناديا فنادى في الناس إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن عبد الله بن عبد الوهاب أبي محمد الحجبي البصري وهو من أفراده عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين
قوله فأكفئت قال ابن التين صوابه فكفئت قال الأصمعي كفأت الإناء قلبته ولا يقال أكفأته قيل يحتمل أن يريد أمالوها حتى أزالوا ما فيها فيكون أكفئت صحيحا لأن الكسائي قال أكفأت الإناء أملته قوله لتفور من فارت القدر إذا اشتد غليانها
4200 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) رضي الله تعالى عنه قال صلى النبي الصبح قريبا من خيبر بغلس ثم قال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فخرجوا يسعون في السكك فقتل النبي المقاتلة وسبى الذرية وكان في السبي صفية فصارت إلى دحية الكلبي ثم صارت إلى النبي فجعل عتقها صداقها فقال عبد العزيز بن صهيب لثابت يا أبا محمد آنت قلت لأنس ما أصدقها فحرك ثابت رأسه تصديقا له
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مر في صلاة الخوف في باب التكبير والغلس بالصبح فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب وثابت البناني عن أنس إلى آخره ومر الكلام فيه هناك مستوفى
قوله فقتل النبي فيه حذف لا بد منه لأن ظاهر العبارة يوهم أن ذلك وقع عقيب الدعاء عليهم وليس كذلك فإن ابن إسحاق قد ذكر أنه أقام على محاصرتهم بضع عشرة ليلة وقيل أكثر من ذلك ويؤيد ذلك ما وقع في الحديث الماضي أصابتهم مخمصة شديدة فإنه يدل على طول مدة الحصار إذ لو وقع الفتح من يومهم لم يقع لهم ذلك
4201 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عبد العزيز بن صهيب ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه يقول سبى النبي صفية فأعتقها وتزوجها فقال ثابت لأنس ما أصدقها قال أصدقها نفسها فأعتقها نه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله سبى النبي صفية فإن سبيها كان في غزوة خيبر

(17/238)


والحديث من أفراده
قوله فأعتقها وتزوجها ظاهرة أن العتنق تقدم النكاح وليس كذلك لأن الواو لا تدل على الترتيب على أن في الحديث الآخر وجعل عتقها صداقها ومنهم من جعل ذلك من خصائصه ومنهم من أجازه
4202 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( يعقوب ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن سعد الساعدي ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقيل ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله أما إنه من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذالك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله عند ذلك إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة
لا وجه لذكر هذا الحديث هنا لأنه ليس فيه تعلق ما بغزوة خيبر ظاهرا وقد تعسف بعضهم فقال يتحد هذا الحديث بحديث أبي هريرة الذي يليه في القصة وصرح في حديث أبي هريرة أن ذلك كان بخيبر فبينهما بون بعيد في ألفاظ المتن يعرف ذلك من يقف عليهما
ويعقوب هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني وأبو حازم سلمة بن دينار
والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب لا تقول فلان شهيد فإنه أخرجه هناك نحو هذا سندا ومتنا ومر الكلام فيه هناك
قوله فلما مال رسول الله أي فلما رجع رسول الله بعد فراغ القتال في ذلك اليوم قوله وفي أصحاب رسول الله رجل قالوا إن اسمه قزمان بضم القاف وسكون الزاي الظفري بفتح الظاء المعجمة والفاء نسبة إلى بني ظفر بطن من الأنصار وكان يكنى أبا الغيداق بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة وفي آخره قاف قوله لا يدع أي لا يترك قوله شاذة بالشين المعجمة وتشديد الذال المعجمة وهي الذي ينفرد عن الجماعة قوله ولا فاذة بالفاء مثله وهو الذي لا يختلط بهم وهما صفتان لمحذوف أي لا يدع نسمة شاذة ولا نسمة فاذة ويجوز أن تكون التاء فيهما للمبالغة كما في علامة ونسابة وقيل المراد ما كبر وصغر وقيل الشاذ الخارج والفاذ المنفرد وقال بعضهم والثاني اتباع قلت فيه نظر لا يخفى قوله فقيل ما أجزأ ويروى فقال وقالوا وفقلت قوله فقال رجل من القوم قيل هو أكثم بن أبي الجون قوله وذبابه بضم الذال المعجمة أي طرفه الحد
4203 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه قال شهدنا خيبر فقال رسول الله لرجل ممن معه يدعي الإسلام

(17/239)


هاذا من أهل النار فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة فكاد بعض الناس يرتاب فوجد الرجل ألم الجراحة فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه فاشتد رجال من المسلمين فقالوا يا رسول الله صدق الله حديثك انتحر فلان فقتل نفسه فقال قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والحديث مضى في الجهاد في باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر فإنه أخرجه هناك بأتم منه من طريقين
قوله لرجل اللام فيه بمعنى عن كما في قوله تعالى وقال الذين كفروا للذين آمنوا ( مريم 73 ) ويجوز أن يكون بمعنى في كما في قوله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ( الأنبياء 47 العنكبوت 12 يس 47 الأحقاف 11 ) والمعنى قال في شأنه قوله فاشتد أي أسرع في الجري قوله انتحرأي نحر نفسه قوله يرتاب أي يشك في صدق الرسول وحقيقة الإسلام وفي رواية معمر في الجهاد أن يرتاب ودخول أن على خبر كاد جائز مع قلة قوله قم يا فلان هو بلال رضي الله تعالى عنه كما وقع صريحا في الجهاد قوله يؤيد وفي رواية الكشميهني ليؤيد قوله بالرجل الفاجر يحتمل أن يكون اللام للجنس فيعم كل فاجر أيد الدين وساعده بوجه من الوجوه ويحتمل أن تكون للعهد عن ذلك الشخص المعين وهو قزمان المذكور في الحديث السابق ولكنه إنما يكون للعهد إذا كان الحديثان متحدين في الأصل والظاهر التعدد والله أعلم
تابعه معمر عن الزهري
أي تابع شعيبا معمر بن راشد عن الزهري في هذا الإسناد وقد مرت هذه المتابعة موصولة في الجهاد في الباب الذي ذكرناه
4204 - وقال ( شبيب ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( ابن المسيل وعبد الرحمان بن عبد الله بن كعب ) أن ( أبا هريرة ) قال شهدنا مع النبي خيبر
شبيب بفتح الشين المعجمة وكسر الباء الموحدة الأولى ابن سعيد مر في الاستقراض ويونس هو ابن يزيد وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري وهذا تعليق وصله النسائي عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني عن محمد بن شبيب عن أبيه عن يونس فذكره
وقال ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن سعيد عن النبي
ابن المبارك هو عبد الله المروزي هذا تعليق ومرسل أراد بهذا أن ابن المبارك وافق شبيبا في لفظ حنين وخالفه في الإسناد فأرسله وقد مر طريق ابن المبارك في الجهاد وليس فيه تعيين الغزوة
تابعه صالح عن الزهري
أي تابع ابن المبارك صالح بن كيسان عن الزهري وقد روى البخاري هذه المتابعة في ( تاريخه ) قال قال لي عبد العزيز الأويسي عن إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبيد الله بن كعب بن مالك أن بعض من شهد مع النبي قال إن النبي قال لرجل معه هذا من أهل النار الحديث قال بعضهم فظهر من هذا أن المراد بالمتابعة في ترك ذكر اسم الغزوة ليس إلا قلت لا نسلم ذلك لأن ابن المبارك تابع شبيبا في لفظ حنين وصالح بن كيسان تابع ابن المبارك والظاهر أن المتابعة أعم من أن تكون في لفظ حنين وفي غيره من المتن والإسناد ولا يلزم من عدم ذكر لفظ حنين في رواية البخاري في ( تاريخه ) أن لا يكون المراد من قوله ممن شهد مع النبي شهوده في حنين لاحتمال طي بعض الرواة ذكره

(17/240)


وقال الزبيدي أخبرني الزهري أن عبد الرحمان بن كعب أخبره أن عبيد الله بن كعب قال أخبرني من شهد مع النبي خيبر
الزبيدي بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة وهو محمد بن الوليد أبو الهذيل الشامي الحمصي وعبد الرحمن هو ابن عبيد الله بن كعب وأما عبيد الله فمصغر عبد الله ويروى عبد الله مكبرا ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب فحديثه مرسل لأنه تابعي بالتكبير والتصغير قال الغساني وأما عبيد الله فلا أدري من هو ولعله وهم والصحيح عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وطريق الزبيدي هذا معلق مختصر
قال الزهري وأخبرني عبيد الله بن عبد الله وسعيد عن النبي
هذا أيضا معلق مرسل يرويه الزهري عن عبيد الله بالتصغير ابن عبد الله بالتكبير عن سعيد بن المسيب ورواه الذهلي عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله وهذا أصوب من عبيد الله بن عبد الله نبه عليه أبو علي الجياني وهذه روايات مختلفة فيها كلام كثير
4205 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد الواحد ) عن ( عاصم ) عن ( أبي عثمان ) عن ( أبي موسى الأشعري ) رضي الله تعالى عنه قال لما غزا رسول الله خيبر أو قال لما توجه رسول الله أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إلاه إلا الله فقال رسول الله اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم وأنا خلف دابة رسول الله فسمعني وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي يا عبد الله بن قيس قلت لبيك رسول الله قال ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي قال لا حول ولا قوة إلا بالله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الواحد هو ابن زياد وعاصم هو ابن سليمان الأحول وأبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي بالنون وهؤلاء كلهم بصريون وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث مضى في الجهاد في باب ما يكره من رفع الصوت بالتكبير
قوله أو قال لما توجه شك من الراوي قوله أشرف الناس على واد ظاهر هذا يوهم أن ذلك وقع وهم ذاهبون إلى خيبر وليس كذلك بل إنما وقع ذلك حال رجوعهم لأن أبا موسى إنما قدم بعد فتح خيبر مع جعفر فحينئذ يحتاج إلى تقدير ليصح الكلام تقديره لما توجه النبي إلى خيبر فحاصرها ففتحها ففرغ فرجع فأشرف الناس إلى آخره قوله إربعوا بكسر الهمزة معناه إرفقوا يقال ربع عليه يربع ربعا إذا كف عنه وأربع على نفسه كف عنها وأرفق بها قوله لبيك رسول الله يعني يا رسول الله وحذف حرف النداء كثير قوله من كنز من كنوز الجنة كلمة من الأولى للتبيين والثانية للتبعيض
4206 - حدثنا ( المكي بن إبراهيم ) حدثنا ( يزيد بن أبي عبيد ) قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة فقال هذه ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة فأتيت النبي فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة
مطابقته للترجمة في قوله يوم خيبر والمكي هو علم وليس بنسبة إلى مكة وقد وهم فيه الكرماني فقال المكي منسوب إلى مكة وسلمة هو ابن الأكوع وهذا الحديث من ثلاثيات البخاري وهو الرابع عشر منها
قوله يا أبا مسلم كنية سلمة

(17/241)


ابن الأكوع قوله فنفث فيه أي في موضع الضربة والنفثات جمع نفثة وهي فوق النفخ ودون التفل وقد يكون بغير ريق بخلاف التفل وقد يكون بريق خفيف بخلاف النفخ قوله حتى الساعة بالنصب نحو أكلت السمكة حتى رأسها بالنصب هكذا قاله الكرماني قلت تمثيله لا يتأتى إلا في حالة النصب لأن فيه يجوز الأوجه الثلاثة الرفع والنصب والجر بخلاف حتى الساعة فإنه لا يجوز فيه الرفع وهو ظاهر أما وجه النصب فلا بد فيه من تقدير زمان تقديره فما اشتكيتها زمانا حتى الساعة وأما الجر فلكون حتى للعطف والمعطوف داخل في المعطوف عليه فافهم
4207 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( ابن أبي حازم ) عن أبيه عن ( سهل ) قال التقى النبي والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا فمال كل قوم إلى عسكرهم وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقيل يا رسول الله ما أجزأ أحدهم ما أجزأ فلان فقال إنه من أهل النار فقالوا أينا من أهل الجنة إن كان هاذا من أهل النار فقال رجل من القوم لأتبعنه فإذا أسرع وأبطأ كنت معه حتى جرح فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فجاء الرجل إلى النبي فقال أشهد أنك رسول الله فقال وما ذاك فأخبره فقال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة
هذا طريق آخر لحديث سهل بن سعد الذي مضى في هذا الباب عن قريب وكان من الترتيب أن يذكره عقيبه وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى وابن أبي حازم هو عبد العزيز بن أبي حازم يروي عن أبيه أبي حازم واسمه سلمة بن دينار يروي عن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري رضي الله تعالى عنه قوله يضربها ويروى فضربها قوله أحدهم ويروى أحد قوله نصاب سيفه وهو مقبضه قوله بالأرض أي ملتصقا بها أو تكون الباء بمعنى في
4208 - حدثنا ( محمد بن سعيد الخزاعي ) حدثنا ( زياد بن الربيع ) عن ( أبي عمران ) قال نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة فرأى طيالسة فقال كأنهم الساعة يهود خيبر
مطابقته للترجمة في قوله يهود خيبر ومحمد بن سعيد بن الوليد أبو بكر الخزاعي البصري وروى عنه البخاري هنا مفردا وفي الجهاد مقرونا وليس له في البخاري إلا هذين الموضعين وهو ثقة من أفراد أحمد وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن الربيع أبو خداش بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الدال المهملة وفي آخره شين اليحمدي الأزدي البصري وثقه أحمد وغيره ونقل ابن عدي عن البخاري أنه قال فيه نظر وقال ابن عدي وما أرى برواياته بأسا وأبو عمران هو عبد الملك بن حبيب الجوني بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون نسبة إلى بني الجون بطن من الأزد
قوله فرأى طيالسة أي عليهم وهو جمع طيلسان بفتح اللام والهاء في الجمع للعجمة لأنه فارسي معرب وقال الجوهري والعامة تقول بكسر اللام قوله كأنهم أي كان هؤلاء الناس الذين رأى عليهم الطيالسة يهود خيبر وهذا إنكار عليهم لأن التشبه بهم ممنوع وأدنى الدرجات فيه الكراهة وقد روى ابن خزيمة وأبو نعيم أن أنسا قال ما شبهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطيالسة إلا يهود خيبر وقال بعضهم ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطيالسة قلت لا نسلم ذلك لأنه إذا لم يفهم منه الكراهة فما فائدة تشبيهه إياهم باليهود في استعمالهم الطيالسة وقال أيضا وقيل إنما أنكر ألوانها قلت ومن هو قائل هذا من العلماء حتى يعتمد عليه ومن قال إن اليهود في ذلك الزمن كانوا يستعملون الصفر من الطيالسة أو غيرها ولئن سلمنا أنها

(17/242)


كانت صفراء فلم يكن تشبيه أنس رضي الله تعالى عنه لأجل اللون وقد روى الطبراني عن أنس قال كانت للنبي ملحفة مصبوغة بالورس والزعفران يدور بها على نسائه فإن كانت ليلة هذه رشها بالماء وإن كانت ليلة هذه رشها بالماء وقد روى الطبراني أيضا من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت ربما صبغ رسول الله رداءه أو إزاره بزعفران أو ورس ثم يخرج فيهما
4209 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة ) رضي الله تعالى عنه قال كان ( علي ) رضي الله تعالى عنه تخلف عن النبي في خيبر وكان رمدا فقال أنا أتخلف عن النبي فلحق به فلما بتنا الليلة التي فتحت قال لأعطين الراية غدا أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله يفتح عليه فنحن نرجوها فقيل هاذا علي فأعطاه ففتح عليه ( انظر الحديث 2975 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وقد تكرر ذكر رجاله والحديث مر في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي
قوله وكان رمدابفتح الراء وكسر الميم وفي رواية ابن أبي شيبة أرمد وفي رواية جابر عند الطبراني في ( الصغير ) أرمد بتشديد الدال وفي حديث ابن عمر عند أبي نعيم في ( الدلائل ) أرمد لا يبصر قوله فقال أنا أتخلف كأنه أنكر على نفسه تأخره عن النبي قوله فلحق به أي بالنبي فيحتمل أن يكون لحق به في الطريق ويحتمل أن يكون بعد الوصول إلى خيبر قوله أو ليأخذن الراية شك من الراوي قوله رجل فاعل ليأخذن قوله يحبه الله ورسوله صفة الرجل والراية العلم الذي يحمل في الحرب به موضع صاحب الجيش وقد يحمله أمير الجيش وربما يدفعه إلى مقدم العسكر وقد صرح جماعة من أهل اللغة بأن الراية والعلم مترادفان لكن روى أحمد والترمذي من حديث ابن عباس كانت راية رسول الله ومثله عند الطبراني عن بريدة وعند ابن أبي عدي عن أبي هريرة وزاد مكتوب فيه لا إلاه إلا الله محمد رسول الله قوله فنحن نرجوهاأي نرجو الراية أن تدفع إلينا أراد أن كل واحد منهم كان يرجو ذلك قوله فقيل هذا عليأي قد حضر قوله ففتح عليهفيه اختصار أي فلما حضر أعطاه رسول الله الراية فتقدم بها وقاتل ففتح الله على يديه
4210 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( يعقوب بن عبد الرحمان ) عن ( أبي حازم ) قال أخبرني ( سهل بن سعد ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال يوم خيبر لأعطين هاذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو حازم سلمة بن دينار والحديث قد مضى في الجهاد في باب فضل من أسلم على يديه رجل بعين هذا الإسناد والمتن وهنا بعض زيادة وهي قوله يدوكون ليلتهم بضم الدال المهملة من الدوك وهو الاختلاط أي باتوا في

(17/243)


اختلاط واختلاف قوله كلهم يرجو ويروى يرجون قوله فأتى به على صيغة المجهول قوله ودعا له فقال أللهم أذهب عنه الحر والقر قال فما اشتكيتهما حتى يومي هذا رواه الطبراني عنه قوله فبرأ بفتح الراء والهمزة على وزن ضرب قيل ويجوز بكسر الراء على وزن علم وروى الطبراني من حديث علي فما رمدت ولا صدعت منذ دفع إلي النبي الراية يوم خيبر قوله أقاتلهم حذف منه همزة الاستفهمام قوله حتى يكونوا مثلنا حتى يكونوا مسلمين مثلنا قوله أنفذ بضم الفاء وبالذال المعجمة قوله فيه أي في الإسلام قوله حمر النعم بسكون الميم وبفتح النون في النعم والعين المهملة وهو من ألوان الإبل المحمودة وكانت العرب تفتخر بها
4211 - حدثنا ( عبد الغفار بن داود ) حدثنا ( يعقوب بن عبد الرحمان ) ح وحدثني ( أحمد بن عيسى ) حدثنا ( ابن وهب ) قال أخبرني ( يعقوب بن عبد الرحمان الزهري ) عن ( عمرو ) مولى ( المطلب ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله تعالى عنه قال قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي ابن أخطب وقد قتل زوجها وكانت عروسا فاصطفاها النبي لنفسه فخرج بها حتى بلغ بها سد الصهباء حلت فبنى بها رسول الله ثم صنع حيسا في نطع صغير ثم قال لي آذن من حولك فكانت تلك وليمته على صفية ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين أحدهما عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني سكن مصر وهو من أفراده وقد أخرج عنه هنا وفي البيوع خاصة هذا الحديث الواحد والآخر عن أحمد بن عيسى في رواية كريمة ولعلي بن شبويه عن الفربري أحمد بن صالح المصري وبه جزم أبو نعيم في ( المستخرج ) وعمرو بفتح العين مولى المطلب بتشديد الطاء وكسر اللام وفي رواية عبد الغفار بن أبي عمرو واسم أبي عمرو ميسرة
والحديث مضى في كتاب البيوع في باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها
قوله الحصن اسمه القموص قوله صفية بنت حيي بضم الحاء المهملة وفتح الياء آخر الحروف الأولى وتشديد الثانية ابن أخطب بالخاء المعجمة وبالطاء المهملة قوله زوجها واسمه كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق بضم الحاء قوله فاصطفاها أي اختارها لنفسه وذلك أن النبي كان له سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا أو أمة أو فرسا يختاره من الخمس فاختار صفية هنا قوله سد الصهباء السد بفتح السين المهملة وضمها والصهباء موضع بأسفل خيبر وقد تقدم ذكرها عن قريب ووقع في رواية عبد الغفار هنا سد الروحاء والأول أصوب قاله بعضهم وقال الكرماني وقال بعضهم الصواب سد الروحاء والروحاء بالراء مكان قريب من المدينة بينهما نيف وثلاثون ميلا من جهة مكة قوله حلت أي صارت حلالا لرسول الله بالطهارة من الحيض ونحوه قوله فبنى بها رسول الله أي فدخل عليها قوله حيسا بفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة هو تمر يخلط بسمن وأقط قوله يحوي لها بضم الياء وفتح الحاء المهملة وتشديد الواو المكسورة أي يجعل لها حوية وهي كساء محشو يدار حول الراكب
4212 - حدثنا ( إسماعيل ) قال حدثني ( أخي ) عن ( سليمان ) عن ( يحيى ) عن ( حميد الطويل ) سمع ( أنس ابن مالك ) رضي الله تعالى عنه أن النبي أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام حتى أعرس بها وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب
مطابقته للترجمة في قوله أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأخوه أبو بكر بن عبد الحميد وسليمان هو ابن بلال ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري وروايته عن حميد من رواية الأقران والحديث أخرجه

(17/244)


النسائي أيضا في النكاح وفي الوليمة عن محمد بن نصر هو الفراء عن أيوب بن سليمان عن أبي بكر بن أبي أويس به
قوله ثلاثة أيام أراد أنه أقام في المنزلة التي أعرس بها فيها ثلاثة أيام لا أنه سار ثلاثة أيام ثم أعرس وأعرس من الإعراس ولا يقال عرس بالتشديد من التعريس يقال أعرس الرجل فهو معرس إذا دخل بامرأته عند بنائها قوله وكانت أي صفية فيمن ضرب عليها الحجاب أي كانت من أمهات المؤمنين لأن ضرب الحجاب إنما هو على الحرائر لا على ملك اليمين
4213 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( محمد بن جعفر بن أبي كثير ) قال أخبرني ( حميد ) أنه سمع ( أنسا ) رضي الله تعالى عنه يقول أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته وما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بلالا بالأنطاع فبسطت فألقى عليها التمر والأقط والسمن فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه قالوا إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه فلما ارتحل وطألها خلفه ومد الحجاب
هذا طريق آخر لحديث أنس المذكور قوله أقام النبي وفي رواية أبي ذر عن السرخسي قام والأول أوجه قوله إحدى أمهات المؤمنين بأن صارت حرة مثل الحرائر قوله وطأ لها من التوطئة وهو إصلاح ما تحتها للركوب
4214 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) ح وحدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( وهب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( حميد بن هلال ) عن ( عبد الله بن مغفل ) رضي الله تعالى عنه قال كنا محاصري خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت لآخذه فالتفت فإذا النبي فاستحييت
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين الأول عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي عن شعبة عن حميد ابن هلال عن عبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء المزني البصري والثاني عن عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي عن وهب بن جرير بن حازم عن شعبة إلى آخره
والحديث مضى في الخمس في باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب أخرجه من طريق أبي الوليد إلى آخره نحوه
قوله فنزوت أي وثبت من النزو بالنون والزاي وهو الوثوب قوله فاستحييت أي من اطلاعه على حرصي عليه
4215 - حدثني ( عبيد بن إسماعيل ) عن ( أبي أسامة ) عن ( عبيد الله ) عن ( نافع وسالم ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل الثوم وعن لحوم الحمر الأهلية نهى عن أكل الثوم هو عن نافع وحده ولحوم الحمر الأهلية عن سالم
مطابقته للترجمة في قوله يوم خيبر وعبيد بضم العين وفي بعض نسخ البخاري عبد الله وقال الجياني هو عبد الله فغلب عليه عبيد حتى صار كاللقب وأبو أسامة حماد بن أسامة وعبيد الله العمري ونافع مولى ابن عمر وسالم هو ابن عبد الله بن عمر وهذا الحديث من أفراده
قوله نهى عن أكل الثوم ظاهره التحريم ولكن في مسلم من حديث أبي أيوب أحرام هو قال لا ولكني أكرهه من أجل ريحه وقد صرح بأنه ليس بحرام ولكنه مكروه وكان لا يأكله لأجل الملك قوله عن نافع وحده أي النهي عن أكل الثوم وروي عن نافع وحده ولم يرو عن سالم وإنما الذي روي عن سالم هو النهي عن لحوم الحمر الأهلية قال بعضهم وفيه جواز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه لأن أكل لحم الحمر حرام وأكل الثوم مكروه وقد جمع بينهما بلفظ النهي فاستعمله في حقيقته وهو التحريم وفي مجازه وهو الكراهة انتهى قلت هذا ليس بجمع بين الحقيقة والمجاز وإنما هو مستعمل في عموم المجاز

(17/245)


4216 - حدثني ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبد الله والحسن ابني محمد بن علي ) عن ( أبيهما ) عن ( علي بن أبي طالب ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر الإنسية
مطابقته للترجمة في قوله يوم خيبر والحديث أخرجه البخاري أيضا في الذبائح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وفي النكاح عن مالك بن إسماعيل عن سفيان بن عيينة وفي ترك الحيل عن مسدد وأخرجه مسلم في النكاح عن يحيى بن يحيى وغيره وأخرجه الترمذي في النكاح عن ابن أبي عمرو غيره وأخرجه النسائي في الصيد عن محمد بن منصور والحارث بن مسكين وغيرهما وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن محمد بن يحيى
قوله نهى عن متعة النساء نكاح المتعة هو النكاح الذي بلفظ التمتع إلى وقت معين نحو أن يقول لامرأة أتمتع بك كذا مدة بكذا من المال وقال ابن عبد البر في ( التمهيد ) أجمعوا على أن المتعة نكاح لا إشهاد فيه وأنه نكاح إلى أجل تقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما قال وهذا ليس حكم الزوجات في كتاب الله ولا سنة رسوله انتهى وقال القاضي عياض في ( الإكمال ) اتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل لا ميراث فيه وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق وإذا تقرر أن نكاح المتعة هو الموقت فلو أقته بمدة تعلم بمقتضى العادة أنهما لا يعيشان إلى انقضاء أجلها كمائتي سنة ونحوها فهل يبطل لوجود التأقيت أو يصح لأنه زال ما كان يخشى من انقطاع النكاح بغير طلاق ومن عدم الميراث بين الزوجين أطلق الجمهور عدم الصحة فإن قلت هل ذهب أحد إلى جوازها قلت ادعى فيه غير واحد من العلماء الإجماع وقال الخطابي في ( المعالم ) كان ذلك مباحا في صدر الإسلام ثم حرم فلم يبق اليوم فيه خلاف بين الأئمة إلا شيئا ذهب إليه بعض الروافض قال وكان ابن عباس يتأول في إباحته للمضطر بطول الغربة وقلة اليسار والجدة ثم توقف عنه وأمسك عن الفتوى به وقال أبو بكر الحازمي يروى عن ابن جريج جوازه وقال المازري في ( المعلم ) تقرر الإجماع على منعه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة وقال صاحب ( المفهم ) أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا ما روي عن ابن عباس وروي عنه أنه رجع وإلا الرافضة وحكى أبو عمر الخلاف القديم فيه فقال وأما الصحابة فإنهم اختلفوا في نكاح المتعة فذهب ابن عباس إلى إجازتها وتحليلها لا خلاف عنه في ذلك وعليه أكثر أصحابه منهم عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وطاووس قال وروي أيضا تحليلها وإجازتها عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله قالا تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر رضي الله تعالى عنه حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث ونكاح المتعة قبل التحريم هل كان مطلقا أو مقيدا بالحاجة وبالأسفار قال الطحاوي كل هؤلاء الذين رووا عن رسول الله إطلاقها أخبروا أنها كانت في سفر وليس أحد منهم أخبر أنها كانت في حضر وذكر حديث ابن مسعود أنه أباحها لهم في الغزو وقال الحازمي ولم يبلغنا أن النبي أباحها لهم وهم في بيوتهم وقال القاضي عياض قد ذكر في حديث ابن عمر أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة وإذا تقرر أن نكاح المتعة غير صحيح فهل يحد من وطىء في نكاح متعة فأكثر أصحاب مالك قالوا لا يحد لشبهة العقد وللخلاف المتقدم فيه وأنه ليس من تحريم القرآن ولكنه يعاقب عقوبة شديدة وقال صاحب ( الإكمال ) هذا هو المروي عن مالك وأصل هذا عند بعض شيوخنا التفريق في الحد بين ما حرمته السنة أو حرمه القرآن وأيضا فالخلاف بين الأصوليين هل يصح الإجماع على أحد القولين بعد الخلاف أو لا ينعقد وحكم الخلاف باق قال وهذا مذهب القاضي أبي بكر وقال الرافعي ما ملخصه إن صح رجوع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وجب الحد لحصول الإجماع وإن لم يصح رجوعه فيبنى على أنه لو اختلف أهل عصر في مسألة ثم اتفق من بعدهم على أحد القولي فيها هل يصير ذلك مجمعا عليها فيه وجهان أصوليان إن قلنا نعم وجب الحد وإلا فلا كالوطء في سائر الأنكحة المختلف فيها قال وهو الأصح وكذا صححه النووي رحمه الله تعالى قوله يوم خيبر وفي لفظ الترمذي زمن خيبر وقال ابن عبد البر وذكر

(17/246)


النهي عن المتعة يوم خيبر غلط وقال السهيلي النهي عن المتعة يوم خيبر لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر وقد روى الشافعي عن مالك بإسناده عن علي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية لم يزد على ذلك وسكت عن قصة المتعة لما علم فيها من الاختلاف قلت قد اختلف في وقت النهي عن نكاح المتعة هل كان زمن خيبر أو في زمن الفتح أو في غزوة أوطاس وهي في عام الفتح أو في غزوة تبوك أو في حجة الوداع أو في عمرة القضاء ففي رواية مالك ومن تابعه في حديث علي رضي الله تعالى عنه أن ذلك زمن خيبر كما في حديث الباب وكذلك في حديث ابن عمر رواه البيهقي من رواية ابن شهاب قال أخبرني سالم بن عبد الله أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن المتعة فقال حرام قال إن فلانا يقول بها فقال والله لقد علم أن رسول الله حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين وفي حديث سبرة بن معبد الجهني عند مسلم أنه أذن فيها في فتح مكة وفيه فلم أخرج حتى حرمها وفي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم أيضا أنه رخص فيها عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها وفي حديث سبرة عند أبي داود أنه نهى عنها في حجة الوداع وفي بعض طرق حديث علي رضي الله تعالى عنه أن ذلك كان في غزوة تبوك ذكره ابن عبد البر وكذلك في حديث أبي هريرة أن ذلك كان في غزوة تبوك رواه الطحاوي والبيهقي وكذلك في حديث جابر رواه الحازمي في كتاب ( الناسخ والمنسوخ ) وفيه يقول جابر بن عبد الله خرجنا مع رسول الله إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جئن نسوة فذكرنا تمتعنا وهن يجلن في رحالنا أو قال يطفن في رحالنا فجاءنا رسول الله فنظر إليهن فقال من هؤلاء النسوة فقلنا يا رسول الله نتمتع منهن قال فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه وتمعر لونه واشتد غضبه فقام فينا خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم نهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء ولم نعد ولا نعود لها أبدا فيها فسميت يومئذ تثنية الوداع وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ما حلت قبلها ولا بعدها
وقال ابن عبد البر وهذا الباب فيه اختلاف شديد وفيه أحاديث كثيرة لم نكتبها قلت الجمع بين هذه الأحاديث وترجيح بعضها عند عدم إمكان الجمع على وجوه ذكرها العلماء فقال المازري ليس هذا تناقضا لأنه يصح أن ينهى عنها في زمن ثم ينهى عنها في زمن آخر توكيدا أو ليشتهر النهي ويسمعه من لم يكن سمعه أولا فسمع بعض الرواة النهي في زمن وسمعه آخرون في زمن آخر فنقل كل منهم ما سمعه وأضافه إلى زمن سماعه وقال القاضي عياض يحتمل أنه أباحها لهم للضرورة بعد التحريم ثم حرمها تحريما مؤبدا فيكون أنه حرمها يوم خيبر وفي عمرة القضاء ثم أباحها يوم الفتح للضرورة ثم حرمها يوم الفتح أيضا تحريما مؤبدا وقال النووي الصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين وكانت حلالا قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لاتصالهما ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة وذكر بعضهم أنه لا يعرف شيء نسخ مرتين إلا نكاح المتعة قلت زاد بعضهم عليه أمر تحويل الصلاة أنه وقع مرتين وزاد أبو بكر بن العربي ثالثا فقال نسخ الله القبلة مرتين ونسخ نكاح المتعة مرتين وأباح أكل لحوم الحمر الأهلية مرتين وزاد أبو العباس العوفي رابعا وهو الوضوء مما مسته النار على ما قاله ابن شهاب وروى مثله عن عائشة وزاد بعضهم الكلام في الصلاة نسخ مرتين حكاه القاضي عياض في ( الإكمال ) وكذلك المخابرة على قول ابن الأعرابي وفي ( التوضيح ) هذا أغرب ما وقع في الشريعة أبيح ثم نهى عنه يوم خيبر ثم أبيح في عمرة القضاء وأوائل الفتح ثم نهى عنه ثم أبيح ثم نهى عنها إلى يوم القيامة
4217 - حدثنا ( محأد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) حدثنا ( عبيد الله بن عمر ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) أن رسول الله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية
هذا طريق آخر لحديث عبد الله بن عمر المذكور عن قريب أخرجه عن محمد بن مقاتل المروزي عن عبد الله بن المبارك

(17/247)


المروزي عن عبيد الله بن عمر إلى آخره واقتصر في هذه الرواية على ذكر الحمر الأهلية
4218 - حدثني ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( محمد بن عبيد ) حدثنا ( عبيد الله ) عن ( نافع وسالم ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال نهى النبي عن أكل لحوم الحمر الأهلية
هذا طريق آخر لحديث ابن عمر أخرجه عن إسحاق بن نصر وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري وكان ينزل المدينة بباب بني سعد عن محمد بن عبيد بضم العين الطيالسي عن عبيد الله بن عمر العمري إلى آخره وهنا أيضا اقتصر على ذكر الحمر الأهلية ولكنه هنا زاد سالما فذكره مع نافع كلاهما عن عبد الله بن عمر
4219 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عمرو ) عن ( محمد بن علي ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله تعالى عنهما قال نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمرو بفتح العين هو ابن دينار ومحمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم هو أبو جعفر الباقر
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الذبائح عن سليمان بن حرب وفي الذبائح أيضا عن مسدد وأخرجه مسلم في الذبائح عن يحيى بن يحيى وأبي الربيع وقتيبة وأخرجه أبو داود في الأطعمة عن سليمان بن حرب به وعن إبراهيم بن الحسن المصيصي وأخرجه النسائي في الصيد وفي الوليمة عن قتيبة وأحمد بن عبدة الضبي كلاهما عن حماد بن زيد
قوله الأهلية في رواية الكشميهني وليس في رواية غيره إلا لفظ الحمر واحتج بهذا الحديث من جوز أكل لحم الخيل وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي وأحمد وأبي ثور والليث وابن المبارك وإليه ذهب ابن سيرين والحسن وعطاء والأسود بن يزيد وسعيد بن جبير وقال أبو حنيفة لا يؤكل لحم الخيل وبه قال مالك والأوزاعي وأبو عبيد واستدلوا على ذلك بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ( النحل 8 ) خرج مخرج الامتنان والأكل من أعلى منافعها والحكيم لا يترك الامتنان بأعلى النعم ويمتن بأدناها ولما روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه قال نهى رسول الله عن لحوم الخيل والبغال والحمر فيعارض حديث جابر والترجيح للمحرم فإن قلت حديث جابر صحيح وحديث خالد متكلم فيه اسنادا ومتنا والاعتماد على أحاديث الإباحة لصحتها وكثرة روايتها قلت سند حديث خالد جيد ولهذا لما أخرجه أبو داود سكت عنه فهو حسن عنده وقال النسائي أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرني بقية حدثني ثور بن يزيد عن صالح فذكره بسنده وقد صرح فيه بقية بالتحديث عن ثور وثور حمصي أخرج له البخاري وغيره وبقية إذا صرح بالتحديث كان السند حجة قاله ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وغيرهم خصوصا إذا كان الذي حدث عنه بقية شاميا وقال ابن عدي إذا روى بقية عن أهل الشام فهو ثبت وصالح وثقه ابن حبان وأبوه يحيى ذكره الذهبي قال وثق وأبوه مقدام بن معدي كرب صحابي فإذا كان كذلك صحت المعارضة فإذا تعارضا يرجح المحرم فإن قلت ادعى بعضهم أن حديث خالد منسوخ بحديث جابر لأنه قال فيه وأذن وفي لفظ ورخص قلت لا يصح الاستدلال على النسخ بقوله أذن أو رخص لأنه يحتمل أن يكون إذنه في حالة المخمصة إذهي أغلب أحوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفي ( الصحيح ) أنهم ما وصلوا إلى خيبر إلا وهم جياع فلا يدل على الإطلاق فإن قلت لو كانت الإباحة للمخمصة لما اختصت بالخيل قلت يمكن أن يكون في زمن الإباحة بالفرس ما أصابوا البغال والحمير فإن قلت قال ابن حزم في حديث خالد دليل الوضع لأن فيه عن خالد غزوت مع النبي خيبر وهذا باطل لأنه لم يسلم خالد إلا بعد خيبر بلا خلاف قلت ليس كما قال بل فيه خلاف فقيل هاجر بعد الحديبية وقيل بل كان إسلامه بين الحديبية وخيبر وقيل أسلم سنة خمس بعد فراغ رسول الله من بني قريظة وكانت الحديبية في ذي القعدة

(17/248)


سنة ست وخيبر بعدها سنة سبع ولو سلم أنه أسلم بعد خيبر فغاية ما فيه أنه أرسل الحديث ومراسيل الصحابة في حكم الموصول المسند قاله ابن الصلاح وغيره
4220 - حدثنا ( سعيد بن سليمان ) حدثنا ( عباد ) عن ( الشيباني ) قال سمعت ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهما أصابتنا مجاعة يوم خيبر فإن القدور لتغلي قال وبعضها نضجت فجاء منادي النبي لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا وأهريقوها قال ابن أبي أوفى فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس وقال بعضهم نهى عنها البتة لأنها كانت تأكل العذرة
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد بن سليمان الواسطي سكن بغداد يلقب بسعدويه ويكنى أبا عثمان وعباد بفتح العين وتشديد الباء الموحدة ابن العوام بن عمر الواسطي مات سنة خمس وثمانين ومائة والشيباني هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان واسمه فيروز الكوفي يروي عن عبد الله بن أبي أوفى واسمه علقمة بن خالد الأسلمي
والحديث قد مضى في الخمس عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد
قوله لتغلي من الغليان واللام فيه للتأكيد قوله فجاء منادي النبي وهو أبو طلحة قوله وأهريقوها أصله أريقوها من الإراقة قوله إنه أي الشأن قوله عنها أي عن لحوم الحمر الأهلية قوله لم تخمس على صيغة المجهول من التخميس أي لأنه لم يؤخذ منها الخمس قوله قال بعضهم أي بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم قوله البتة أي قطعا من البت وهو القطع يقال لا أفعله البتة لكل أمر لا رجعة فيه وانتصابها على المصدرية تقديره أبت البتة وقال الكرماني وألفها ألف قطع على غير القياس وقال بعضهم ألفها ألف وصل ولم أر أحدا من أهل اللغة قال ذلك قلت عدم رؤيته لا ينفي ذلك لأنه لم يحط بجميع ما قاله أهل اللغة وجهل شخص بشيء لا ينافي علم غيره قوله العذرة أي النجاسة قال الكرماني وفي التعليلين مناقشة لأن التبسط قبل القسمة في المأكولات قدر الكفاية حلال وأكل العذرة موجب للكراهة لا للتحريم وقال النووي السبب في الأمر بالإراقة أنها نجسة وقيل نهى عنها للحاجة وقيل لأنها أخذوها قبل القسمة وهذان التأويلان لأصحاب مالك القائلين بإباحة لحمها وقال الواقدي إن عدة الحمر التي ذبحوها كانت عشرين أو ثلاثين كذا رواه بالشك
4222 - حدثنا ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( شعبة ) قال أخبرني ( عدي بن ثابت ) عن ( البراء وعبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله تعالى ( عنهم ) أنهم كانوا مع النبي فأصابوا حمرا فطبخوها فنادى منادي النبي أكفئوا القدور
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أنهم كانوا مع النبي أي في غزوة خيبر وأخرجه عن البراء مقرونا بعبد الله بن أبي أوفى والحديث أخرجه مسلم في الذبائح عن عبد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء وابن أبي أوفى به وفي حديث مسلم بن إبراهيم عن البراء وحده قوله إكفؤا القدور من الإكفاء وهو القلب وجاء الثلاثي أيضا بمعناه وحاصل المعنى أميلوها ليراق ما فيها
4224 - حدثني ( إسحاق ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( عدي بن ثابت ) قال سمعت ( البراء وابن أبي أوفى ) رضي الله تعالى ( عنهم ) يحدثان عن النبي أنه قال يوم خيبر وقد نصبوا القدور أكفؤا القدور
هذا طريق آخر أخرجه عن إسحاق بن منصور عن عبد الصمد بن عبد الوارث إلى آخره

(17/249)


244 - ( حدثنا مسلم حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء قال غزونا مع النبي نحوه )
هذا طريق آخر أخرجه عن مسلم بن إبراهيم إلى آخره ولهذا الحديث ثلاث طرق كما رأيتها اثنان عاليان وواحد نازل فذكره بين العاليين لأن فيه التصريح بسماع التابعي له من الصحابيين دوهما فإنهما بالعنعنة -
4226 - حدثني إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا عاصم عن عامر عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال أمرنا النبي في غزوة خيبر أن نلقي الحمر الأهلية نيئة ونضيجة ثم لم يأمرنا بأكله بعد
هذا وجه آخر أخرجه عن ( إبراهيم بن موسى ) عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ( عاصم ) الأحول عن ( عامر ) الشعبي عن البراء إلى آخره وأخرجه مسلم في الذبائح عن زهير بن حرب وعن أبي سعيد الأشج وأخرجه النسائي في الصيد عن محمد بن عبد الأعلى وأخرجه ابن ماجه في الذبائح عن سويد بن سعيد
قوله أن نلقي بضم النون وسكون اللام وكسر القاف من الإلقاء وكلمة أن مصدرية التقدير أمرنا بأن نلقي أي بإلقاء الحمر الأهلية مطلقا يعني نيئة ونضيجة فقوله نيئة بكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفتح الهمزة وبالتاء وذكره ابن الأثير في باب نيء أعني في باب النون بعدها الياء ثم الهمزة وذكره الجوهري في باب نوء بالواو موضع الياء قال وأناء اللحم ينيئه إناءة إذا لم ينضجه وقد ناء اللحم ينئي نيئا فهو لحم نئي بالكسر مثل بالكسر مثل نيع بين النيوء والنيوءة وقال ابن الأثير وقد تقلب الهمزة ياء فيقال نيا بالتشديد وقال الكرماني نيئة ونضيحة بالتنوين والإضافة يعني يجوز فيه الوجهان أحدهما نيئة ونضيجة بالتاء في آخرهما والآخر نيئها ونضيجها بالإضافة إلى الضمير الذي يرجع إلى اللحوم ففي الإضافة تحذف التاء ولم أر أحدا من الشراح حقق هذا الموضع كما ينبغي قوله بعد بضم الدال أي بعد أمره بإلقاء الحمر الأهلية وفيه إشارة إلى استمرار تحريمها
4227 - حدثني ( محمد بن أبي الحسين ) حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي عن ( عاصم ) عن ( عامر ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه يوم خيبر لحم الحمر الأهلية
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن أبي الحسين جعفر السماني الحافظ وكان من أقران البخاري وعاش بعده خمس سنين وقد ذكر الكلاباذي ومن تبعه أن البخاري ما روى عنه غير هذا الحديث وقال بعضهم تقدم في العيدين حديث آخر قال البخاري فيه حدثنا محمد حدثنا عمر بن حفص فالذي يظهر أنه هذا قلت يحتمل أن يكون غيره وعمر بن حفص يروي عن أبيه حفص بن غياث بن طلق بن معاوية أبو حفص النخعي الكوفي وهو أحد مشايخ البخاري روى عنه هنا بالواسطة وعاصم هو ابن سليمان الأحول وعامر هو ابن شراحيل الشعبي
والحديث أخرجه مسلم في الذبائح عن أحمد بن يوسف السلمي عن عمر بن حفص
قوله أنهى عنه أي عن لحم الحمر الأهلية والهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار قوله حمولة الناس بفتح الحاء وهي التي يحمل عليها الناس من الدواب سواء كانت عليها الأحمال أو لم تكن كالركوبة وقال الكرماني الحمولة كل ما احتمل عليه الحي من حمار وغيره قوله أو حرمه يوم خيبر يعني تحريما مطلقا مؤبدا قوله لحم الحمر الأهلية بيان للضمير الذي في عنه وفي حرمه ويجوز فيه النصب على تقدير أعني لحم الحمر الأهلية والرفع على تقدير هو لحم الحمر الأهلية فالنصب على المفعولية والرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف

(17/250)


4228 - حدثنا ( الحسن بن إسحاق ) حدثنا ( محمد بن سابق ) حدثنا ( زائدة ) عن ( عبيد الله ابن عمر ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال قسم رسول الله ت يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما قال فسره نافع فقال إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم وإن لم يكن له فرس فله سهم ( انظر الحديث 2863 )
مطابقته للترجمة في قوله يوم خيبر والحسن بن إسحاق بن زياد المروزي يلقب بحسنويه الشاعر الثقة وهو من أفراده ومحمد بن سابق الكوفي البزار أصله فارسي كان بالكوفة مات سنة ثلاث عشرة ومائتين وهو من شيوخ البخاري حدث عنه بالواسطة وزائدة هو ابن قدامة أبو الصلت الكوفي وعبيد الله بن عمر العمري
قوله فسره نافع أي قال عبيد الله ابن عمر الراوي عن نافع وهو موصول بالإسناد المذكور
4229 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد بن المسيب ) أن ( جبير بن مطعم ) أخبره قال مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي فقلنا أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك فقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد قال جبير ولم يقسم النبي لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا ( انظر الحديث 3140 وطرفه )
مطابقته للترجمة في قوله من خمس خيبر والحديث قد مر في الخمس في باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك
قوله بني المطلب وهو المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب قوله منك لأنهم كلهم بنو أعمام رسول الله وكان عثمان عبشميا وجبير بن مطعم كان نوفليا قوله شيء واحد لأن أحدهما لم يفارق الآخر لا في الجاهلية ولا في الإسلام فكانا محصورين معا في خيف بني كنانة وقوله شيء بالشين المعجمة وبالهمزة في رواية الأكثرين وفي رواي المستملي سي بكسر السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وقال ابن الأثير شيء واحد هكذا رواه يحيى بن معين أي مثل سواء يقال هما سيان أي مثلان والرواية المشهورة شيء واحد بالشين المعجمة قوله قال جبير بن مطعم وهو موصول بالإسناد المذكور قوله لبني عبد شمس هو ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب
4230 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( بريد بن عبد الله ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم إما قال في بضع وإما قال في ثلاثة وخمسين أو إثنين وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا فوافقنا النبي حين افتتح خيبر وكان أناس من الناس يقولون لنا يعني لأهل السفينة سبقناكم بالهجرة ودخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة زوج النبي زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجرن فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأى أسماء من هاذه قالت أسماء بنت عميس قال عمر الحبشية هاذه البحرية هاذه قالت أسماء نعم قال سبقناكم

(17/251)


بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم فغضبت وقالت كلا والله كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذالك في الله وفي رسوله وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله ونحن كنا نؤذي ونخاف وسأذكر ذالك للنبي وأسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه فلما جاء النبي قالت يا نبي الله أن عمر قال كذا وكذا قال فما قلت له قالت قلت له كذا وكذا قال ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان قالت فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هاذا الحديأ ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي قال أبو بردة قالت أسماء فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هاذا الحديث مني
قال أبو بردة عن ( أبي موسى ) قال النبي إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار ومنهم حكيم إذا لقي الخيل أو قال العدو قال لهم إن أصحابي يأمرونكم أن تنتظروهم
مطابقته للترجمة في قوله حين افتتح خيبر ومحمد بن العلاء أبو كريب الهمداني وهو شيخ مسلم وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ابن عبد الله بن أبي بردة واسمه عامر بن أبي موسى الأشعري سمع جده أبا موسى عبد الله بن قيس الأشعري والحديث مضى مقطعا في الخمس وفي هجرة الحبشة
قوله مخرج النبي بفتح الميم إما مصدر ميمي بمعنى خروجه أو اسم زمان بمعنى وقت خروجه والواو في ونحن باليمن للحال قوله أبو بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء واسمه عامر بن قيس وأبو رهم بضم الراء وسكون الهاء ابن قيس الأشعري وقال أبو عمر وكان لأبي موسى ثلاثة أخوة وأبو بردة عامر وأبو رهم ومجدي بنو قيس بن سليم وقيل اسم أبي رهم مجدي ومجدي بفتح الميم وسكون الجيم وكسر الدال المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وجزم ابن حبان في ( الصحابة ) بأن اسمه محمد وذكر ابن قانع أن اسمه ) مجيلة بكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وباللام ثم الهاء قوله أما قال في بضع بكسر الباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة وقال ابن الأثير وقد تفتح الباء وهو ما بين الثلاث إلى التسع وقيل ما بين الواحد إلى العشرة لأنه قطعة من العدد فإن قلت في بضع يتعلق بماذا وما محله من الإعراب قلت يتعلق بقوله فخرجنا ومحله النصب على الحال قوله من قومي وفي رواية المستملي من قومه قوله سفينتنا بالرفع لأنه فاعل ألقتنا قوله إلى النجاشي بفتح النون وتشديد الياء وتخفيفها وهو اسم من ملك الحبشة قوله فوافقنا جعفر بن أبي طالب يعني صادفناه بأرض الحبشة قوله حتى قدمنا جميعا ذكر ابن إسحاق أن النبي بعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي أن يجهز إليه جعفر بن أبي طالب ومن معه فجهزهم وأكرمهم وقدم بهم عمرو بن أمية وهو بخيبر وسمى ابن إسحاق من قدم مع جعفر وهم ستة عشر رجلا فيهم امرأته أسماء بنت عميس وخالد بن سعيد بن العاص وامرأته وأخوه عمرو بن سعيد ومعيقيب بن أبي فاطمة قوله اسماء بنت عميس مصغر العمس بالمهملتين ابن سعد بن الحارث بن تيم بن كعب الخثعمية وأمها هند بنت عوف وهي أخت ميمونة زوج النبي وأخت لبابة أم الفضل زوجة العباس وزوج أسماء جعفر بن أبي طالب ولما قتل جعفر تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وولدت له محمد بن أبي بكر ثم مات عنها فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فولدت له يحيى ابن علي بن أبي طالب قوله وكان أناس سمى منهم عمر رضي الله تعالى عنه قوله وهي ممن قدم معنا هو كلام أبي موسى قوله

(17/252)


على حفصة زاد أبو يعلى زوج النبي قوله زائرة نصب على الحال قوله ألحبشية هذه بهمزة الاستفهام نسبها إلى الحبشة لسكناها فيهم قوله البحرية بهمزة الاستفهام أيضا وفي رواية أبي ذر البحيرية بالتصغير نسبها إلى البحر لركوبها البحر قوله في دار بلا تنوين لأنه مضاف إلى البعداء قوله أو في أرض شك من الراوي و البعداء بضم الباء وفتح العين جمع بعيد أي البعداء عن الدين قوله البغضاء بضم الباء الموحدة وبالمعجمتين المفتوحتين جمع بغيض يعني البغضاء للدين وفي رواية أبي يعلى البعداء أو البغضاء بالشك وفي رواية النسفي البعد بضمتين وفي رواية القابسي البعد البعداء البغضاء جمع بينهما والظاهر أنه فسر الأولى بالثانية وفي رواية ابن سعد وكنا البعداء والطرداء قوله وذلك في الله ورسوله أي لأجل الله وطلب رضاه ولأجل رسوله قوله وايم الله همزته همزة وصل وقيل همزة قطع بفتح الهمزة وقيل بكسرها يقال أيم الله وأيمن الله ومن الله وقيل أيمن جمع يمين ولما كثر في كلامهم حذفوا النون كما قالوا في لم يكن لم يك قوله نؤذي ونخاف كلاهما على صيغة المجهول
قوله أهل السفينة بنصب أهل على الاختصاص أو على حذف حرف النداء قوله هجرتان إحداهما إلى النجاشي والأخرى إلى النبي قوله يأتوني وفي رواية الكشميهني يأتون قوله إرسالا بفتح الهمزة أي أفواجا يتبع بعضهم بعضا والواحد رسل بفتحتين
قوله قال أبو بردة عن أبي موسى هو الراوي عنه لا أخو أبي موسى لأنه له أخا يسمى أبا بردة أيضا وقد ذكرناه قوله رفقة الأشعريين الرفقة بضم الراء وكسرها الجماعة ترافقهم في سفرك والأشعريين نسبة إلى أشعر أبو قبيلة من اليمن وتقول العرب جاءك الأشعرون بحذف ياء النسبة قوله حين يدخلون بالليل قال الدمياطي صوابه يرحلون بالحاء المهملة وكذا حكاه عياض عن بعض رواة مسلم أنه اختاره وقال النووي الأول أصح والمراد يدخلون منازلهم إذا خرجوا إلى المساجد قوله منهم حكيم قال عياض قال أبو علي الصدفي هو صفة لرجل منهم وقال أبو علي الجياني هو اسم علم على رجل من الأشعريين قوله أو قال العدو شك من الراوي قوله أن تنتظروهم كذا هو في الأصول من الانتظار وذكره ابن التين بلفظ تنظروهم مثل انظرونا نقتبس من نوركم ( الحديد 13 ) ومعنى كلامه أن أصحابه يحبون القتال في سبيل الله ولا يبالون ما يصيبهم من ذلك ويقال معناه أن هذا الحكيم لفرد شجاعته كان لا يفر من العدو بل يواجههم ويقول لهم إذا أرادوا الانصراف مثلا انتظروا الفرسان حتى يأتوكم ليبعثهم على القتال هذا بالنظر إلى قوله أو قال العدو بالنصب أي أو قال الحكيم إذا لقي العدو وأما بالنظر إلى قوله إذا لقي الخيل فيحتمل أن يريد خيل المسلمين ويشير بذلك إلى أن أصحابه كانوا رجالة فكان هو يأمر الفرسان أن ينتظروهم ليسيروا إلى العدو جميعا
4233 - حدثني ( إسحاق بن إبراهيم ) سمع ( حفص بن غياث ) حدثنا ( بريد بن عبد الله ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى قال قدمنا على النبي بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا
مطابقته للترجمة في قوله بعد أن افتتح خيبر وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه وبريد بضم الباء هو عبد الله بن أبي بردة الأشعري
والحديث أخرجه أبو داود في الجهاد عن محمد بن العلاء وأخرجه الترمذي في السير عن أبي سعيد الأشج عن حفص بن غياث
قوله سمع حفص بن غياثأي أنه سمع حفص بن غياث قوله قدمنا يعني هو وأصحابه مع جعفر ومن معه قوله غيرنا يعني الأشعريين ومن معهم وجعفر ومن معه واحتج أصحابنا بهذا الحديث على أن الذين يلحقون الغنيمة قبل إحرازها بدار الإسلام يشاركونهم فيها خلافا للشافعية فإنهم احتجوا بقوله الغنيمة لمن شهد الوقعة قلت هذا موقوف على عمر رضي الله تعالى عنه ورفعه غريب فإن قلت قال بعض الشافعية حديث ( أبي موسى ) محمول على أنهم شهدوا قبل حوز الغنائم قلت يحتاج ذلك إلى بيان وقال

(17/253)


ابن حبان في ( صحيحه ) إنما أعطاهم من خمس خمسه ليستميل به قلوبهم ولم يعطهم من الغنيمة لأنهم لم يشهدوا فتح خيبر قلت الجواب ما ذكرناه
4234 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( معاوية بن عمرو ) حدثنا ( أبو إسحالق ) عن ( مالك بن أنس ) قال حدثني ( ثور ) قال حدثني ( سالم ) مولى ( ابن مطيع ) أنه سمع ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه يقول افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط ثم انصرفنا مع رسول الله إلى وادي القرى ومعه عبد له يقال له مدعم أهداه له أحد بني الضباب فبينما هو يحط رحل رسول الله إذ جاءه سهم عائر حتى أصاب ذلك العبد فقال الناس هنيئا له الشهادة فقال رسول الله بل والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي بشراك أو بشراكين فقال هاذا شيء كنت أصبته فقال رسول الله شراك أو شراكان من نار ( الحديث 4234 - طرفه في 6707 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد الجعفي المعروف بالمسندي ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي البغدادي وأصله كوفي وهو من مشايخ البخاري روى عنه بالواسطة وروى عنه في الجمعة بلا واسطة وأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد الفزاري وثور بلفظ الحيوان المشور ابن زيد أبو خالد الكلاعي السامي حمصي ما ببيت المقدس سنة خمس وخمسين ومائة وهو من أفراد البخاري وسالم أبو الغيث مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود القرشي العدوي المدني روى عن أبي هريرة حديثا واحدا
والحديث أخرجه البخاري في الأيمان والنذور عن إسماعيل بن عبد الله عن مالك وههنا بينه وبين مالك ثلاثة أنفس ونزل في هذا الحديث درجتين لأن البخاري له حرص شديد على الإتيان بالطرق المصرحة بالتحديث وأخرجه مسلم أيضا عن القعنبي وغيره وأخرجه أبو داود عن القعنبي به وأخرجه النسائي في السير عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين
قوله افتتحنا خيبر وفي رواية عبيد الله بن يحيى عن يحيى عن أبيه في ( الموطأ ) حنين بدل خيبر وخالفه محمد ابن وضاع عن يحيى بن يحيى فقال خيبر مثل الجماعة وحكى الدارقطني عن موسى بن هارون أنه قال وهم ثور في هذا الحديث لأن أبا هريرة لم يخرج مع النبي إلى خيبر وإنما قدم بعد خروجهم وقدم عليهم خيبر بعد أن فتحت قال أبو مسعود ويؤيده حديث عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة قال أتيت النبي بخيبر بعدما افتتحوها ولما روى محمد بن إسحاق هذا الحديث لم يذكر هذه اللفظة لأنه استشعر توهم ثور بن زيد وأخرجه ابن حبان والحاكم وابن منده من طريقه بلفظ انصرفنا مع رسول الله إلى وادي القرى وقال بعضهم إذا حمل افتتحنا على افتتح المسلمون لا يلزم شيء من ذلك قلت هذا بعيد بهذا الوجه قوله ولم نغنم ذهبا إلى قوله والحوائط وهو جمع حائط وهو البستان من النخل وفي رواية مسلم غنمنا المتاع والطعام والثياب وفي رواية ( الموطأ ) إلا الأموال والمتاع والثياب قوله إلى وادي القرى جمع قرية موضع بقرب المدينة وهو من أعمالها قوله ومعه عبد الله وفي رواية ( الموطأ ) عبد أسود قوله مدعم بكسر الميم وسكون الدال وفتح العين المهملتين قوله أهداه له أي أهدى العبد للنبي أحد بني الضباب كذا في رواية أبي إسحاق بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الباء الموحدة الأولى بلفظ جمع الضب وفي رواية مسلم أهداه له رفاعة بن زيد أحد بني الضبيب بضم الضاد بصيغة التصغير وفي رواية إبن إسحاق رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيني بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها نون وقيل بفتح المعجمة وكسر الموحدة بطن من جذام وضبطه الكرماني بضم المعجمة وفتح الموحدة الأولى

(17/254)


وسكون التحتانية بينهما وقال الرشاطي الضبيبي في جذام وضبطه بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة الأولى وكسر الثانية بينهما ياء آخر الحروف ساكنة ثم قال ابن حبيب في جذام الضبيب ولم يرد شيئا وذكر أبو عمر رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي ثم الضبيبي من بني الضبيب قال هكذا يقول بعض أهل الحديث وأما أهل النسب فيقولون الضبيني يعني بالنون في آخره يعني من بني الضبين من جذام قال ولم أر هذا القول لأحد وقال أبو يعلى العالي
صوابه الضبيبي يعني بفتح الضاد والباء الموحدة وبالنون من بني ضبينة من جذام قلت النسبة إلى لفظ فعيلة فعلى مثل الحنفي نسبة إلى أبي حنيفة وكذلك الضبيني فافهم فإنه موضع التباس وقال الواقدي قدم على رسول الله رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي ثم الضبيني في هدنة الحديبية قبل خيبر في جماعة من قومه فأسلموا وعقد له رسول الله على قومه وهو الذي أهدى له عبدا قوله إذ جاءه سهم عائر كلمة إذ للمفاجأة جواب قوله فبينما والعائر بالعين المهملة والهمزة بعد الألف أي حائد عن قصده وقيل هو سهم لا يدري أين أتى قوله بل والذي نفسي بيده وفي رواية الكشميهني بلى وهو تصحيف وفي رواية مسلم كلا والذي نفسي بيده وهو رواية ( الموطأ ) قوله إن الشملة هي كساء يشتمل به الرجل ويجمع على الشمال قوله لتشتعل خبر إن واللام المفتوحة فيه للتأكيد ويحتمل أن يكون اشتعال النار حقيقة بأن تصير الشملة بعينها نارا فيعذب بها ويحتمل أن يكون المراد أنها سبب لعذاب النار وكذا القول في الشراك الذي يأتي قوله بشراك بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء وهو سير النعل على ظهر القدم قوله أو بشراكين شك من الراوي
4235 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( محمد بن جعفر ) قال أخبرني ( زيد ) عن أبيه أنه سمع ( عمر بن الخطاب ) رضي الله تعالى عنه يقول أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي خيبر ولاكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها
مطابقته للترجمة في قوله كما قسم النبي خيبر ومحمد بن جعفر ابن أبي كثير وزيد هو ابن أسلم مولى عمر رضي الله تعالى عنه
قوله ببانا بفتح الباء الموحدة الأولى وتشديد الثانية وبالنون معناه شيئا واحدا وقال الخطابي ولا أحسب هذه اللفظة عربية ولم أسمعها في غير هذا الحديث وقال الأزهري بل هي لغة صحيحة لكنها غير فاشية وقال صاحب ( العين ) يقال هم على ببان واحد أي على طريقة واحدة وقال ابن فارس هم على ببان واحد أي شيء واحد وقال الجوهري هو فعلان وقال أبو سعيد الضرير ليس في كلام العرب ببان وإنما هو ببان بفتح الباء الموحدة وتشديد الباء آخر الحروف قال ابن الأثير ببائين موحدتين وهو الصحيح وقال الطبري المعنى لولا أن أتركهم فقراء معدمين لا شيء لهم أي متساويين في الفقر ويقال معناه لولا أترك الذين هم من بعدنا فقراء مستويين في الفقر لقسمت أراضي القرى المفتوحة بين الغانمين لكني ما قسمتها بل جعلتها وقفا مؤبدا تركتها كالخزانة لهم يقتسمونها كل وقت إلى يوم القيامة وغرضه أني لا أقسمها على الغانمين كما قسم رسول الله نظرا إلى المصلحة العامة للمسلمين وذلك كان بعد استرضائه لهم كما فعل عمر بن الخطاب بأرض العراق وقال ابن الأثير معناه لأسوين بينم في العطاء حتى يكونوا واحدا لا فضل لأحد على غيره قوله خزانة يقتسمونها أي يقتسمون خراجها
253 - ( حدثني محمد بن المثنى حدثنا ابن مهدي عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم النبي خيبر )
هذا طريق آخر في حديث عمر عن محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك إلى آخره وقد مضى هذا في

(17/255)


الجهاد في أبواب الخمس في باب الغنيمة لمن شهد الوقعة وقد مر الكلام فيه هناك قالوا وقد غنم رسول الله غنائم وأراضي ولم ينقل عنه أنه قسم فيها إلا خيبر وذكر أنه إجماع السلف فإن رأى الإمام في وقت من الأوقات قسمتها رأيا لم يمتنع ذلك فيما يفتحه
254 - ( حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال سمعت الزهري وسأله إسماعيل بن أمية قال أخبرني عنبسة بن سعيد أن أبا هريرة رضي الله عنه أتى النبي فسأله قال له بعض بني سعيد بن العاص لا تعطه يا رسول الله فقال أبو هريرة هذا قاتل ابن قوقل فقال واعجبا لوبر تدلى من قدوم الضان )
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أن أبا هريرة أتى النبي لأن إتيانه كان بخيبر بعد فتحها لأن هذا الحديث قد مضى في الجهاد في باب الكافر يقتل المسلم وفيه عن أبي هريرة قال أتيت النبي وهو بخيبر بعدما افتتحوها فقلت يا رسول الله اسهم لي الحديث وسفيان هو ابن عيينة وإسمعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي وعنبسة بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة والسين المهملة ابن سعيد بن العاص وهو والد إسمعيل بن أمية قوله أن أبا هريرة أتى النبي هذا مرسل وقد تقدم من وجه آخر متصلا في أوائل الجهاد قوله فسأله أي فسأل النبي أن يعطيه من غنائم خيبر قوله قال له أي للنبي بعض بني سعيد وهو أبان بن سعيد قوله ابن قوقل هو النعمان بن قوقل بفتح القافين وسكون الواو وباللام ويقال النعمان بن ثعلبة وثعلبة يدعى قوقل الأنصاري شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا قتله أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي وقال الزبير تأخر إسلامه بعد إسلام أخويه خالد وعمرو ثم أسلم أبان وحسن إسلامه وهو الذي أجار عثمان بن عفان حين بعثه رسول الله إلى قريش عام الحديبية وحمله على فرس حتى دخل مكة واستعمله رسول الله على البحرين برها وبحرها إذ عزل العلاء الحضرمي عنها فلم يزل عليها إلى أن مات رسول الله وقتل أبان يوم أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله واعجبا هو اسم فعل بمعنى أعجب وأصله واعجبي فأبدلت الكسرة فتحة كما في قوله واأسفا وكلمة وا تستعمل على وجهين ( أحدهما ) أن تكون حرف نداء مختصا بباب الندبة نحو وازيداه والثاني أن تكون اسما لأعجب وقد يقال واها قوله لوبر بفتح الواو وسكون الباء الموحدة وفي آخره راء هو دويبة تشبه النور وقيل أصغر من السنور لا ذنب لها لا يدجن في البيوت قال الخطابي وأحسب أنها تؤكل لوجوب الفدية فيها عن بعض السلف وكأنه حقر أبا هريرة ونسبه إلى قلة القدرة على القتال قوله تدلى أي نزل قوله من قدوم الضان بفتح القاف وتخفيف الدال المهملة والضان بالنون غير مهموز اسم جبل لدوس وقيل الضأن الغنم والقدوم بفتح القاف الطرف كذا هو في رواية الأكثرين وفي رواية الأصيلي بضم القاف وقد مر تحقيقه في الجهاد في باب يقتل المسلم
( ويذكر عن الزبيدي عن الزهري قال أخبرني عنبسة بن سعيد أنه سمع أبا هريرة يخبر سعيد بن العاصي قال بعث رسول الله أبان على سرية من المدينة قبل نجد قال أبو هريرة فقدم أبان وأصحابه على النبي بخيبر بعد ما افتتحها وإن حزم خيلهم لليف قال أبو هريرة قلت يا رسول الله لا تقسم لهم قال أبان وأنت بهذا يا وبر تحدر من رأس ضال فقال النبي يا أبان اجلس فلم يقسم لهم ) -
4237 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال سمعت ( الزهري وسأله إسماعيل بن أمية ) قال أخبرني ( عنبسة بن سعيد ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله تعالى عنه أتى النبي فسأله قال له بعض بني سعيد بن العاص لا تعطه يا رسول الله فقال أبو هريرة هاذا قاتل ابن قوقل فقال واعجبا لوبر تدلى من قدوم الضان
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن أبا هريرة أتى النبي لأن إتيانه كان بخيبر بعد فتحها لأن هذا الحديث قد مضى في الجهاد في باب الكافر يقتل المسلم وفيه عن أبي هريرة قال أتيت النبي وهو بخيبر بعد ما افتتحوها فقلت يا رسول الله أسهم لي الحديث
وسفيان هو ابن عيينة وإسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي وعنبسة بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة والسين المهملة ابن سعيد بن العاص وهو والد إسماعيل ابن أمية
قوله أن أبا هريرة أتى النبي هذا مرسل وقد تقدم من وجه آخر متصلا في أوائل الجهاد قوله فسأله أي فسأل النبي أن يعطيه من غنائم خيبر قوله قال له أي للنبي بعض بني سعيد وهو أبان بن سعيد قوله ابن قوقل هو النعمان بن قوقل بفتح القافين وسكون الواو وباللام ويقال النعمان بن ثعلبة وثعلبة يدعى قوقل الأنصاري شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا قتله أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي وقال الزبير تأخر إسلامه بعد إسلام أخويه خالد وعمرو ثم أسلم أبان وحسن إسلامه وهو الذي أجار عثمان بن عفان حين بعثه رسول الله إلى قريش عام الحديبية وحمله على فرس حتى دخل مكة واستعمله رسول الله على البحرين برها وبحرها إذ عزل العلاء الحضرمي عنها فلم يزل عليها إلى أن مات رسول الله وقتل أبان يوم أجنادين في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله واعجبا هو اسم فعل بمعنى أعجب وأصله واعجبي فأبدلت الكسرة فتحة كما في قوله واأسفاه وكلمة وا تستعمل على وجهين أحدهما أن تكون حرف نداء مختصا بباب الندبة نحو وا زيداه والثاني أن تكون إسما لأعجب وقد يقال واها قوله لوبر بفتح الواو وسكون الباء الموحدة وفي آخره راء هو دويبة تشبه السنور وقيل أصغر من السنور لا ذنب لها لا يدجن في البيوت قال الخطابي وأحسب أنها تؤكل لوجوب الفدية فيها عن بعض السلف وكأنه حقر أبا هريرة ونسبه إلى قلة القدرة على القتال قوله تدلى أي نزل قوله من قدوم الضأن بفتح القاف وتخفيف الدال المهملة والضان بالنون غير مهموز اسم جبل لدوس وقيل الضأن الغنم و القدوم بفتح القاف الطرف كذا هو في رواية الأكثرين وفي رواية الأصيلي بضم القاف وقد مر تحقيقه في الجهاد في باب يقتل المسلم
4238 - ( ويذكر ) عن ( الزبيدي ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( عنبسة بن سعيد ) أنه سمع ( أبا هريرة ) يخبر ( سعيد بن العاص ) قال بعث رسول الله أبان على سرية من المدينة قبل نجد قال أبو هريرة فقدم أبان وأصحابه على النبي بخيبر بعد ما افتتحها وإن حزم خيلهم لليف قال أبو هريرة قلت يا رسول الله لا تقسم لهم قال أبان وأنت بهاذا يا وبر تحدر من رأس ضال فقال النبي يا أبان اجلس فلم يقسم لهم

(17/256)


هذا وجه آخر في الحديث المذكور ذكر بصيغة التمريض عن محمد بن الوليد الزبيدي بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف عن محمد بن مسلم الزهري إلى آخره ووصل هذا أبو داود من طريق إسماعيل بن عباس عنه
قوله أبان هو أبان بن سعيد المذكور الآن قوله قبل نجد بكسر القاف أي ناحية نجد قوله بخيبر في محل النصب على الحال أي حال كون النبي في خيبر قوله وإن حزم بضم الحاء المهملة والزاي جمع حزام قوله الليف مرفوع لأنه خبر إن واللام فيه للتأكيد قوله وفي رواية الكشميهني الليف بدون لام التأكيد قوله قلت يا رسول الله القائل أبو هريرة يقول لا تسهم لأبان وأصحابه من الإسهام يعني لا تعطهم سهما من الغنيمة فإن قلت في الحديث الماضي القائل بقوله لا تسهم هو أبان بن سعيد وهنا القائل بذلك أبو هريرة فما التوفيق بينهما قلت لا منافاة بينهما ولا امتناع لأن أبا هريرة أحتج على أبان بأنه قاتل ابن قول وأبان احتج على أبي هريرة بأنه ليس ممن له في الحرب شيء يستحق به النفل قوله قال أبان وأنت بهذا يخاطب به أبا هريرة أي أنت ملتبس بهذا القول وقائل بهذا قوله يا وبر فيه تعريض لتحقيره وأشار إلى كنيته وأنه ليس في قدر من يشير بعطاء ولا منع قوله تحدر فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة لأن تحدر فعل ماض أي نزل وفي الرواية السابقة تدلى وهو بمعناه وفي الرواية التي تأتي الآن تدأدأ بدالين مهملتين بينهما همزة ساكنة وقيل أصله تدهده فأبدلت الهاء همزة قال ابن الأثير معناه أقبل علينا مسرعا وهو من داد البعير وتدأدأ إذا اشتد عدوه ومعنى تدهده تدحرج وسقط علينا وفي رواية المستملي تدارأ براء بدل الدال الثانية بمعنى سقط وهجم علينا وفي رواية أبي زيد المروزي تردى من التردي وهو السقوط من مكان عال قوله من رأس ضال باللام في هذه الرواية وفي الرواية السابقة ضان بالنون والضال بتخفيف اللام السدر البري
4239 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عمرو بن يحيء بن سعيد ) قال أخبرني جدي أن ( أبان بن سعيد ) أقبل إلى النبي فسلم عليه فقال أبو هريرة يا رسول الله هذا قاتل ابن قوقل وقال أبان لأبي هريرة واعجبا لك وبر تدأدأ من قدوم ضأن ينعي علي امرءا أكرمه الله بيدي ومنعه أن يهينني بيده
هذا وجه آخر للحديث السابق أخرجه عن موسى بن إسماعيل أبي سلمة المنقري التبوذكي عن عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص
قوله هذاأشار به أبو هريرة إلى أبان بن سعيد وقال هذا قاتل نعمان بن قوقل وقد ذكرنا أنه قتله يوم أحد قوله واعجبا قد مر تفسيره عن قريب وزاد هنا لفظ لك قوله وبر مبتدأ وتخصص بالصفة وهي قوله تدأدأ وقوله ينعى بفتح الياء وسكون النون وفتح العين المهملة أي يعيب علي يقال نعى فلان على فلان أمرا إذا عابه به وفي رواية أبي داود عن حامد بن يحيى عن سفيان يعيرني قوله أمرا أراد به النعمان بن قوقل قوله أكرمه اللهحيث صار شهيدا على يدي قوله ومنعه أي ومنع هذا المرء وهو النعمان قوله أن يهينني أي بالإهانة بيده فإن النعمان لو قتل أبان بن سعيد كان له خزي وإهانة في الدارين لأنه يوم أحد لم يكن مسلما ويروى فلم يهني بضم الياء وكسر الهاء وتشديد النون وأصله يهينني فأدغمت إحدى النونين في الأخرى
4241 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) أن ( فاطمة عليها السلام بنت ) النبي أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد

(17/257)


في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذالك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر لا والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عسيتهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي فقال إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولاكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نرى لقرابتنا من رسول الله نصيبا حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني من هاذه الأموال فلم آل فيها عن الخمر ولم أترك أمرا رأيت رسول الله يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في هاذا الأمر نصيبا فاستبد علينا فوجدنا أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف
مطابقته للترجمة لا يبعد أن تؤخذ من قوله من خمس خيبر ورجاله قد ذكروا غير مرة وعقيل بضم العين ابن خالد الأيلي والحديث مضى في باب فرض الخمس ولكن بينهما تفاوت في المتن بزيادة ونقصان
قوله مما أفاء الله عليه أي مما أعطاه الله من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد وأصله من الفيء وهو الرجوع يقال فاء يفيء فيئة وفيوء كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم وأفاء ثلاثي مزيد فيه قوله بالمدينة وذلك من نحو أرض بني النضير حين أجلاهم ومما صالح أهل فدك على نصف أرضها وكان النصف له وما كان له أيضا من أرض خيبر لكنه ما استأثر بها بل كان ينفقها على أهله والمسلمين فصارت بعده صدقة حرم التملك فيها قوله فأبى أبو بكر أي امتنع قوله فوجدت أي غضبت من الموجدة وهو الغضب وكان ذلك أمرا حصل على مقتضى البشرية ثم سكن بعد ذلك والحديث كان مؤولا عندها بما فضل عن ضرورات معاش الورثة قوله فهجرته أي هجرت فاطمة أبا بكر رضي الله تعالى عنهما ومعنى هجرانها انقباضها عن لقائه وعدم الانبساط لا الهجران المحرم من ترك السلام ونحوه قوله وعاشت أي فاطمة بعد النبي ستة أشهر هذا هو الصحيح وقيل عاشت بعده سبعين يوما وقيل ثلاثة ؤشهر وقيل شهرين وقيل ثماني أشهر وقال البيهقي قوله وعاشت إلى آخره مدرج وذلك أنه وقع عند مسلم من طريق أخرى عن الزهري

(17/258)


فذكر الحديث وقال في آخره قلت للزهري كم عاشت فاطمة بعده قال ستة أشهر قوله ليلا أي في الليل وذلك بوصية منها لإرادة الزيادة في التستر فإن قلت روى مسلم وأبو داود والنسائي من حديث جابر في النهي عن الدفن ليلا قلت هذا محمول على حال الاختيار لأن في بعضه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك قوله ولم يؤذن بها أبا بكر أي ولم يعلم بوفاتها أبا بكر قوله وصلى عليها أي صلى علي رضي الله تعالى عنه على فاطمة وروى ابن سعد من طريق عمرة بنت عبد الرحمن أن العباس صلى عليها قوله حياة فاطمة لأنهم كانوا يعذرونه عن ترك المبايعة لاشتغاله بها وتسلية خاطرها من قرب عهد مفارقة رسول الله قوله تلك الأشهر وهي الأشهر الستة وقال المارزي العذر لعلي رضي الله تعالى عنه في تخلفه مع ما اعتذر هو به أنه يكفي في بيعة الإمام أن يقع من آحاد أهل الحل والعقد ولا يجب الاستيعاب ولا يلزم كل أحد أن يحضر عندده ويضع يده في يده بل يكفي التزام طاعته والانقياد له بأن لا يخالفه ولا يشق العصا عليه وهذا كان حال علي رضي الله تعالى عنه ولم يقع منه إلا التأخر عن الحضور عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله كراهية لمحضر عمرأي لأجل الكراهة لحضور عمر رضي الله تعالى عنه و المحضر مصدر ميمي بمعنى الحضور ويروى كراهية ليحضر عمر أي لأن يحضر وذلك لأن حضوره كان يوجب كثرة المعاتبة والمعادلة فقصدوا التخفيف لئلا يفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة قوله فقال عمر لا والله لا تدخل عليهم وحدك لأنه توهم أنهم لا يعظمونه حق التعظيم وأما توهمه ما لا يليق بهم فحاشاه وحاشاهم من ذلك قوله وما عسيتهم أن يفعلوا بكسر السين وفتحها أي ما رجوتهم أن يفعلوا وكلمة ما استفهامية وعسى استعمل استعمال الرجاء فلهذا اتصل به ضمير المفعول والغرض أنهم لا يفعلون شيئا لا يليق بهم وقال ابن مالك استعمل عسى استعمال حسب وكان حقه أن يكون عاريا من أن ولكن جيء به لئلا تخرج عسى بالكلية عن مقتضاها ولأن أن قد تسد بصلتها مسد مفعوليه فلا يستبعد مجيئها بعد المفعول الأول سادة مسد ثاني المفعولين وقال الكرماني وفي بعض الروايات وما عساهم أن يفعلوا بي قوله ولم ننفس بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح الفاء أي لم نحسدك على الخلافة يقال نفست بكسر الفاء أنفس بفتحها نفاسة قوله استبددت من الاستبداد وهو الاستقلال بالشيء ويروى استبدت بدال واحدة وهو بمعناه وهذا مثل قوله فظلتم تفكهون أي فظللتم قوله بالأمر أي بأمر الخلافة وكنا نرى بضم النون وفتحها قوله لقرابتنا من رسول الله أي لأجل قرابتنا من رسول الله قوله شجرأي وقع من الاختلاف والتنازع قوله فلم آل بمد الهمزة وضم اللام أي فلم أقصر قوله العشية يجوز فيه النصب على الظرفية والرفع على أنه خبر المبتدأ وهو قوله موعدك والعشية بعد الزوال قوله رقي بكسر القاف أي علا قوله وعذره أي قبل عذره وهو فعل ماض هذا رواية أبي ذر وفي رواية غيره وعذره بضم العين وسكون الذال وبالنصب عطفا على قوله وتخلفه أي وذكر عذره أيضا قوله في هذا الأمر أي الخلافة قوله الأمر بالمعروف أي موافقة سائر الصحابة بالمبايعة للخلافة
4242 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( حرمي ) حدثنا ( شعبة ) قال أخبرني ( عمارة ) عن ( عكرمة ) عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر
مطابقته للترجمة ظاهرة وحرمي بفتح الحاء المهملة والراء وكسر الميم وتشديد الياء آخر الحروف وهو اسم بلفظ النسب ابن عمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم وبالراء ابن أبي حفص العتكي بفتح العين المهملة والتاء المثناة من فوق وشعبة واسطة في الإسناد بين الولد وهو حرمي والوالد عمارة وعكرمة مولى ابن عباس وليس له عن عائشة في البخاري إلا ثلاثة أحاديث هذا والثاني سبق في الطهارة والثالث سيأتي في اللباس والحديث من أفراده
قوله قلنا الآن نشبع من التمر فيه شيئان الأول فيه دلالة على كثرة التمر والنخيل في خيبر والثاني فيه دلالة على أنهم كانوا في قلة عيش قبل فتح خيبر
4243 - حدثنا ( الحسن ) حدثنا ( قرة بن حبيب ) حدثنا ( عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار )

(17/259)


عن أبيه عن ( ابن عمر ) رضي الله تعالى عنهما قال ما شبعنا حتى فتحنا خيبر
مطابقته للترجمة ظاهرة والحسن هو ابن محمد بن الصباح الزعفراني ووقع منسوبا في رواية أبي علي بن السكن عن الفربري وقال الكلاباذي يقال إنه الزعفراني وقال الحاكم هو الحسن بن شجاع البلخي أحد الحفاظ وهو من أقران البخاري ومات قبله باثنتي عشرة سنة وهو شاب ووقع في تفسير سورة النور حديث آخر عن الحسن غير منسوب فقيل أيضا إنه هو وقرة بضم القاف وتشديد الراء ابن حبيب ضد العدو القشيري البصري الرماحي صاحب القنا ويقال له القنوي أيضا نسبة إلى بيع القنا وأصله من نيسابور وقد لقيه البخاري وحدث عنه في ( الأدب المفرد ) وليس له في الصحيح سوى هذا الموضع ومات سنة أربع وعشرين ومائتين
40 -
( باب استعمال النبي على أهل خيبر )
أي هذا باب في بيان استعمال النبي رجلا على أهل خيبر بد فتحها لقسمة الثمار
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن عبد المجيد بن سهيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله كل تمر خيبر هكذا فقال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين بالثلاثة فقال لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن أبي أويس وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني والحديث مر في البيوع في باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن مالك إلى آخره
قوله رجلا هو سواد بن غزية من بني عدي بن النجار الأنصاري قوله جنيب بفتح الجيم وكسر النون وهو نوع من التمر الغريب وهو أجود تمورهم قوله بالثلاثة بدل من الصاعين قوله بع الجمع وهو نوع رديء من التمر وقيل هو الأخلاط منها قوله ثم ابتع أي ثم اشتر وقد مر الكلام فيه مستوفى هنالك
40 -
( باب استعمال النبي على أهل خيبر )
أي هذا باب في بيان استعمال النبي رجلا على أهل خيبر بد فتحها لقسمة الثمار
حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن عبد المجيد بن سهيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله كل تمر خيبر هكذا فقال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين بالثلاثة فقال لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن أبي أويس وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني والحديث مر في البيوع في باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن مالك إلى آخره
قوله رجلا هو سواد بن غزية من بني عدي بن النجار الأنصاري قوله جنيب بفتح الجيم وكسر النون وهو نوع من التمر الغريب وهو أجود تمورهم قوله بالثلاثة بدل من الصاعين قوله بع الجمع وهو نوع رديء من التمر وقيل هو الأخلاط منها قوله ثم ابتع أي ثم اشتر وقد مر الكلام فيه مستوفى هنالك
4247 - وقال ( عبد العزيز بن محمد ) عن ( عبد المجيد ) عن ( سعيد وأبا هريرة حدثاه ) أن النبي بعث أخا بني عدي من الأنصار إلى خيبر فأمره عليها
عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي وعبد المجيد هو ابن سهيل شيخ مالك وسعيد هو ابن المسيب وهذا تعليق وصله أبو عوانة والدارقطني من طريق الدراوردي قوله بعث أخا بني عدي هو سواد بن غزية المذكور قوله فأمره بتشديد الميم أي جعله أميرا عليها
وعن عبد المجيد عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة وأبي سعيد مثله
هذا معطوف على الذي قبله وهو عبد العزيز الدراوردي عن عبد المجيد فيه شيخان أحدهما سعيد بن المسيب والآخر أبو صالح السمان واسمه ذكوان
41 -
( باب معاملة النبي أهل خيبر )
أي هذا باب في بيان معاملة النبي أهل خيبر اليهود بأن أعطاها لهم أن يزرعوها مشاطرة
4248 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( جويرية ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله ) رضي الله تعالى عنه قال أعطى

(17/260)


النبي خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها
مطابقته للترجمة ظاهرة وجويرية بن أسماء الضبعي والحديث مضى في المزارعة بأتم منه ومر الكلام فيه هناك والشطر بالفتح النصيب وقد يطلق على البعض
41 -
( باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر )
أي هذا باب في بيان حال الشاة التي سموها لأجل النبي حال كون النبي بخيبر
رواه عروة عن عائشة عن النبي
أي روى حديث السم عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي
حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله شاة فيها سم
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد هو ابن أبي سعيد المقبري والحديث قد مر في الجزية في باب إذا غدر المشركون بالمسلمين فإنه أخرجه هناك بهذا الإسناد بأتم منه ومر الكلام فيه هناك مستوفى )
41 -
( باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر )
أي هذا باب في بيان حال الشاة التي سموها لأجل النبي حال كون النبي بخيبر
رواه عروة عن عائشة عن النبي
أي روى حديث السم عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي
حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله شاة فيها سم
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد هو ابن أبي سعيد المقبري والحديث قد مر في الجزية في باب إذا غدر المشركون بالمسلمين فإنه أخرجه هناك بهذا الإسناد بأتم منه ومر الكلام فيه هناك مستوفى )
42 -
( باب غزوة زيد بن حارثة )
أي هذا باب في بيان غزوة زيد بن حارثة بالحاء المهملة والثاء المثلثة مولى النبي ووالد أسامة بن زيد
4250 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى بن سعيد ) حدثنا ( سفيان بن سعيد ) حدثنا ( عبد الله ابن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال أمر رسول الله أسامة على قوم فطعنوا في إمارته فقال إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله وايم الله لقد كان خليقا للإمارة وإن كان من أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده
مطابقته للترجمة في قوله أمر رسول الله أسامة على قوم والحديث مضى في المناقب في باب مناقب زيد بن حارثة فإنه أخرجه هناك عن خالد بن مخلد عن سليمان عن عبد الله بن دينار إلى آخره وكيفيته تأتي في أواخر المغازي وقال بعضهم والغرض منه قوله فقد طعنتم في إمارة أبيه قلت ليس هذا غرضه إذ لو كان غرضه ذلك لترجم بباب يناسبه وبين الترجمة وبين ما ذكره بون جدا لا يخفى على من يتأمله ويحيى بن سعيد هو القطان وسفيان بن سعيد هو الثوري الكوفي
قوله أمر بتشديد الميم وروى أبو مسلم الكجي عن أبي عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال غزوت مع زيد بن حارثة سبع غزوات يؤمره علينا قلت ( أولها ) في جمادى الآخرة سنة خمس قبل نجد في مائة راكب ( والثانية ) في ربيع الآخر سنة ست إلى بني سليم ( والثالثة ) في جمادى الأولى منها في مائة وسبعين فلقى عيرا لقريش وأسروا أبا العاص بن الربيع ( والرابعة ) في جمادى الآخرة منها إلى بني ثعلبة ( والخامسة ) إلى حسمى بضم الحاء وسكون السين المهملتين مقصورا كذا قاله بعضهم وقال ابن الأثير والبكري بكسر الحاء موضع في أرض جذام وكانوا في خمسمائة إلى ناس من بني جذام بطريق الشام كانوا قطعوا الطريق على دحية وهو راجع من عند هرقل ( والسادسة ) إلى وادي القرى ( والسابعة ) إلى ناس من بني فزارة وكان خرج قبلها في التجارة فخرج عليه ناس من بني فزارة فأخذوا ما معه وضربوه فجهزه النبي إليهم فأوقع وقتل أم قرفة بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عيينة بن حصن بن حذيفة وكانت معظمة فيهم فيقال ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت وأسر بنتها وكانت جميلة

(17/261)


43 -
( باب عمرة القضاء )
أي هذا باب في بيان عمرة القضاء كذا هوف في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي وحده باب غزوة القضاء وسميت بالقضاء اشتقاقا مما كتبوا في كتاب الصلح يوم الحديبية هذا ما قاضى عليه لأمن القضاء الإصطلاحي إذ لم تكن العمرة التي اعتمروا بها في السنة القابلة قضاء للتي تحللوا منها يوم الصلح قاله الكرماني وفي ( الاكليل ) قال الحاكم قد تواترت الأخبار عن أئمة المغازي أنه لما دخل هلال ذي القعدة من سنة سبع من الهجرة أمر رسول الله أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم وأن لا يتخلف منهم أحد ممن شهد الحديبية وخرج معه أيضا قوم من المسلمين ممن لم يشهدوا والحديبية عمارا وكان المسلمون في هذه العمرة ألفين سوى النساء والصبيان انتهى قلت وفيه رد على ما قاله الكرماني وإنما ذكر العمرة في كتاب المغازي للخصومة التي جرت بينهم وبين الكفار في سنة التحلل والسنة القابلة أيضا وإن لم تكن بالمسايفة إذ لا يلزم من إطلاق الغزوة المقاتلة بالسيوف وتسمى عمرة القضية وعمرة القصاص وعمرة الصلح قال السهيلي تسميتها عمرة القصاص أولى لقوله تعالى الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ( البقرة 194 ) وكذا رواه ابن جرير بإسناد صحيح عن مجاهد وبه جزم سليمان التيمي في ( مغازيه )
ذكره أنس عن النبي
أي ذكر حديث عمرة القضاء أنس بن مالك عن النبي ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال لما دخل رسول الله مكة في عمرة القضاء مشى عبد الله بن رواحة بين بديه وهو يقول
( خلوا بني الكفار عن سبيله
قد أنزل الرحمن في تنزيله
(
( بأن خير القتل في سبيله
نحن قتلناكم على تأويله )
وأخرجه ابن حبان في ( صحيحه ) بزيادة وهي
( ويذهل الخليل عن خليله
يا رب إني مؤمن بقيله )
فقال عمر رضي الله تعالى عنه يا ابن رواحة أتقول الشعر بين يدي رسول الله فقال رسول الله دعه يا عمر لهذا أشد عليهم من وقع النبل
4251 - حدثني ( عبيد الله بن موسى ) عن ( إسرائيل ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( البراء ) رضي الله عنه قال لما اعتمر النبي في ذي القعدة بأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام فلما كتبوا الكتاب كتبوا هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله قالوا لا نقر بهذا لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ولكن أنت محمد بن عبد الله فقال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ثم قال لعلي امخ رسول الله قال علي لا والله لا أمحوك أبدا فأخذ رسول الله الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب هذا ما قاضى محمد بن عبد الله لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه وأن لا يمنع من أصحابه إن أراد أن يقيم بها فلما دخلها ومضي الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضي الأجل فخرج النبي فتبعته ابنة حمزة تنادي يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام

(17/262)


دونك ابنة عمك حملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر قال علي أنا أخذتها وهي بنت عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتى وقال زيد ابنة أخي فقضى بها النبي لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا وقال علي ألا تتزوج بنت حمزة قال إنها ابنة أخي من الرضاعة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبيد الله بن موسى بن باذام الكوفي وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق يروي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي
والحديث قد مضى في الصلح في باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان بعين هذا الإسناد والمتن وقال الحافظ المزي قيل مر الحديث في الحج ولم أجده فيه
قوله في ذي القعدة أي من سنة ست قوله فأبى من الإباء وهو الامتناع قوله أن يدعوه بفتح الدال أي أن يتركوه قوله حتى قاضاهم أي صالحهم وفاصلهم قوله على أن يقيم بها أي بمكة ثلاثة أيام من العام المقبل وصرح به في حديث ابن عمر الذي بعده قوله فلما كتبوا هكذا هو بصيغة الجمع عند الأكثرين ويروى فلما كتب الكتاب بصيغة المجهول من الفعل الماضي المفرد قوله هذا إشارة إلى ما تصور في الذهن قوله ما قاضى في محل الرفع على أنه خبر لقوله هذا ووقع في رواية الكشميهني هذا ما قاضا قيل هذا غلط لأنه لما رأى قوله كتبوا ظن أن المراد كتب قريش وليس كذلك بل المسلمون هم الذين كتبوا ( فإن قلت ) الكاتب كان واحدا فما وجه صيغة الجمع ( قلت ) لما كانت الكتابة برأيهم أسندت إليهم مجازا قوله لا نقرلك بهذا الأمر الذي تدعيه وهو النبوة وقد تقدم في الصلح بلفظ فقالوا إلا نقربها أي بالنبوة قوله لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا وزاد في رواية يوسف ولبايعناك وفي رواية النسائي عن أحمد بن سليمان عن عبيد الله بن موسى شيخ البخاري فيه ما منعناك بيته وفي رواية شعبة عن أبي إسحاق لو كنت رسول الله لم نقاتلك وفي حديث أنس لاتبعناك وفي حديث المسور فقال سهيل بن عمر والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك وفي رواية أبي الأسود عن عروة في المغازي فقال سهيل ظلمناك إن أقرر نالك بها ومنعناك وفي رواية عبد الله ابن مغفل لقد ظلمناك إن كنت رسولا قولهامح بضم الميم من محا يمحو قولهرسول اللهبالنصب لأنه مفعول امح ولكن تقديره امح لفظ رسول الله قولهقال علي لا والله لا أمحوك أبدا أي لا أمحو إسمك أبدا وإنما لم يمتثل الأمر لأنه علم بالقرائن أن أمره عليه السلام لم يكن متحتما قوله وليس يحسن يكتب أي والحال أن النبي ليس يحسن الكتابة هذا ما قاضى ( فإن قلت ) قال الله تعالى الرسول النبي الأمي ( الأعراف 157 ) والأمي لا يحسن الكتابة فكيف كتب ( قلت ) فيه أجوبة ( الأول ) أن الأمي من لا يحسن الكتابة لا من لا يكتب ( الثاني ) أن الإسناد فيه مجازي إذ هو الآمر بها وقال السهيلي والحق أن قوله فكتب أي أمر عليا أن يكتب قلت هو بعينه الجواب الثاني ( الثالث ) أنه كتب بنفسه خرقا للعادة على سبيل المعجزة وأنكر بعض المتأخرين على أبي مسعود نسبة هذه اللفظة أعني قوله ليس يحسن يكتب إلى تخريج البخاري وقال ليست هذه اللفظة في البخاري ولا في مسلم وهو كما قال ليس في مسلم هذا ولكن ثبتت هذه اللفظة في البخاري وكذلك في رواية النسائي عن أحمد بن سليمان عن عبيد الله بن موسى مثل ما هي هنا سواء وكذا أخرجها أحمد عن يحيى بن المثنى عن إسرائيل ولفظه فأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب فكتب مكان رسول الله هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله قوله لا يدخلبضم الياء من الإدخال والسلاح منصوب به قوله وأن لا يخرج على صيغة المعلوم قوله في القراب وقراب السيف جفنه وهو وعاء يكون فيه السيف بغمده قوله فلما دخلها أي في العام المقبل قوله ومضى الأجل أي ثلاثة أيام قوله قل لصاحبك أخرج عنا أراد بصاحب علي النبي

(17/263)


وفي رواية يوسف مر صاحبك فليرتحل قوله فتبعته ابنة حمزة هكذا رواه الباري معطوفا على إسناد القصة التي قبله وكذا أخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان عن عبيد الله بن موسى وكذا أخرجه الحاكم في ( الإكليل ) وادعى البيهقي أن فيه إدراجا لأن زكريا بن أبي زائدة رواه عن أبي إسحاق مفصلا فأخرج مسلم والإسماعيلي القصة الأولى من طريقه عن أبي إسحاق حديث البراء فقط وأخرج البيهقي قصة بنت حمزة من طريقه عن ابي اسحاق من حديث علي رضي الله تعالى عنه واخرج ابو داود من طريق اسماعيل بن جعفر عن إسرائيل قصة بنت حمزة خاصة من حديث علي بلفظ لما خرجنا من مكة تبعتنا بنت حمزة الحديث قيل لا إدراج فيه لأن الحديث كان عند إسرائيل وكذا عند عبيد الله بن موسى عنه بالإسنادين جميعا لكنه في القصة الأولى من حديث البراء أتم وبالقصة الثانية من حديث علي أتم واسم ابنة حمزة عمارة وفيل فاطمة وقيل أمامة وقيل أمة الله وقيل سلمى والأول أشهر قوله تنادي يا عم إنما خاطبت النبي بذلك إجلالا له وإنما هو ابن عمها أو بالنسبة إلى كون حمزة أخاه من الرضاعة قوله دونك من أسماء الأفعال معناه خذيها وهي كلمة تستعمل في الإغراء بالشيء قوله جملتها بصيغة الفعل الماضي بتخفيف الميم قيل أصله فحملتها بالفاء وكأنها سقطت وكذا بالفاء في رواية أبي داود وفي رواية أبي ذر عن السرخسي والكشميني حمليها بتشديد الميم بصورة الأمر من التحميل وقد مر في الصلح في هذا الموضع للكشميهني إحمليها أكر من الإحمال وروى الحاكم من مرسل الحسن فقال علي لفاطمة رضي الله تعالى عنها وهي في هودجها إمسكيها عندك وعند ابن سعد من مرسل محمد بن علي بن الحسين الباقر بإسناد صحيح إليه فبينما بنت حمزة تطوف في الرحال إذ أخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في هودجها قوله فاختصم فيهاأي في بنت حمزة علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة وجعفر أخو علي أراد أن كلا منهم أراد أن تكون ابنة حمزة عنده وكانت الخصومة فيها بعد قدومهم المدينة وثبت ذلك في حديث علي عند أحمد والحاكم فإن قلت زيد بن حارثة ليس أخا لحمزة لا نسبا ولا رضاعا فكيف اختصم قلت قال الكرماني آخى رسول الله بينه وبين حمزة انتهى قلت ذكر الحاكم في ( الإكليل ) وأبو سعيد في ( شرف المصطفى ) من حديث ابن عباس بسند صحيح أن النبي كان آخى بين حمزة وزيد بن حارثة وأن عمارة بنت حمزة كانت مع أمها بمكة قلت اسم أمها سلمى بنت عميس وهي معدودة في الصحابة فإن قلت كيف تركت عند أمها في دار الحرب قلت أما أن أمها لم تكن أسلمت إلا بعد هذه القضية وأما أنها قد ماتت وروي عن ابن عباس أن عليا قال له كيف تترك إبنة عمك مقيمة بين ظهراني المشركين فإن قلت كيف أخذوها وفيه مخالفة لكتاب العهد قلت قد تقدم في كتاب الشروط أن النساء المؤمنات لم يدخلن في العهد ولئن سلمنا كون الشرط عاما ولكن لا نسلم أنه أخرجها ووقع في ( مغازي سليمان التيمي ) أن النبي لما رجع إلى أهله وجد بنت حمزة فقال لها ما أخرجك قالت رجل من أهلك ولم يكن رسول الله أمر بإخراجها وفي حديث علي عند أبي داود أن زيد بن حارثة أخرجها من مكة قوله وخالتها تحتي أي زوجتي واسمها أسماء بنت عميس قوله والخالة بمنزلة الأم أي في الحنو والشفقة وإقامة حث الصغير وقال بعضهم لا حجة فيه لمن زعم أن الخالة ترث لأن الأم ترث قلت هي من ذوي الأرحام قال الله تعالى وألو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ( الأنفال 75 ) وعلى هذا كانت الصحابة رضي الله تعالى عنهم حتى روى أن عمر رضي الله عنه قضى في عم لأم وخالة أعطى العم الثلثين والخالة الثلث والحديث لا ينافي توريث الخالة بل ظاهره يدل عليه من حيث العموم قوله وقال لعلي أي وقال النبي لعلي بن أبي طالب أنت مني وأنا منك أي في النسب والصهر والسابقة والمحبة وغير ذلك ولم يرد محض القرابة وإلا فجعفر شريكه فيها قوله وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي بفتح الخاء في الأول وضمها في الثاني ( أما الأول ) فالمراد به الصورة فقد شاركه فيها جماعة ممن رأى النبي قيل هم عشرة أنفس غير فاطمة وقيل أكثر من عشرة منهم إبراهيم ولد النبي وعبد الله وعون ولدا جعفر وإبراهيم بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب ويحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي والقاسم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي

(17/264)


طالب ومنهم علي بن عباد بن رفاعة الرفاعي شيخ بصرى من أتباع التابعين ( وأما الثاني ) أعني شبهه في الخلق فمخصوص بجعفر وهذه منقبة عظيمة له قال الله تعالى وإنك لعلى خلق عظيم ( القلم 4 ) قوله وقال لزيد أنت أخونا يعني في الإيمان ومولانا يعني من جهة أنه أعتقه وهو المولى الأسفل وقد طيب رسول الله خواطر الجميع لكل أحد بما يناسبه قوله وقال علي رضي الله عنه وهو موصول بالإسناد المذكور أولا قوله إنها أي بنت حمزة إبنة أخي من الرضاعة وذلك أن ثوبية بضم الثاء المثلثة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة مولاة أبي لهب أرضعت رسول الله وحمزة رضي الله تعالى عنه وقال الذهبي في ( تجريد الصحابة ) إن ثويبة أسلمت
4252 - حدثني ( محمد بن رافع ) حدثنا ( سريج ) حدثنا ( فليح ) ح قال وحدثني ( محمد بن الحسين بن إبراهيم ) قال حدثني أبي حدثنا ( فليح بن سليمان ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا ولا يقيم بها إلا ما أحبوا فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم فلما أن أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه في عمرة القضاء وأخرجه من طريقين ( الأول ) عن محمد بن رافع بن أبي زيد النيسابوري وهو شيخ مسلم أيضا هكذا وقع في رواية النسفي عن البخاري محمد بن رافع ووقع لبعض رواة الفربري حدثني محمد هو ابن رافع وهو يروي عن سريج بضم السين المهملة وفي آخره جيم ابن النعمان أبي الحسين البغدادي الجوهري وهو شيخ البخاري أيضا روى عنه بواسطة وروى عن محمد غير منسوب في الحج مات سنة سبع عشرة ومائتين وهو يروي عن فليح بضم الفاء وفتح اللام وفي آخره حاء مهملة ابن سليمان بن أبي المغيرة وكان اسمه عبد الملك ولقبه فليح فغلب على اسمه وهو يروي عن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما وهذا الطريق بعينه سندا ومتنا مضى في كتاب الصلح في باب الصلح مع المشركين ( الطريق الثاني ) عن محمد بن الحسين بن إبراهيم المعروف بابن أشكاب البغدادي يروي عن أبيه الحسين بن إبراهيم الخراساني سكن بغداد وطلب الحديث ولزم أبا يوسف وقد أدركه البخاري فإنه مات سنة ست عشرة ومائتين وليس له ولا لأبيه في البخاري سوى هذا الموضع وهو يروى عن فليح عن نافع عن ابن عمر
قوله خرج معتمرا يعني بالحديبية قوله إلا سيوفا يعني في قرابها قوله إلا ما أحبوا هو مجمل بينه في حديث البراء أنهم اتفقوا على ثلاثة أيام قوله فلما أن أقام بها أي فلما أقام النبي بمكة ثلاثا أي ثلاثة أيام وقال ابن التين قوله ثلاثا يخالف قوله إلا ما أحبوا ورد عليه بأن محبتهم لما كانت ثلاثة أيام أفصح بها الراوي بقوله ثلاثا مع البيان في حديث البراء كما ذكرنا
4253 - حدثني ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( مجاهد ) قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة ثم قال كم اعتمر النبي قال أربعا إحداهم في رجب ثم سمعنا استنان عائشة قال عروة يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمان إن النبي اعتمر أربع عمر إحداهن في رجب فقالت ما اعتمر النبي عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط

(17/265)


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أربعا لأن إحداهن عمرة القضاء والحديث مضى بأتم منه في الحج في باب كم اعتمر النبي فإنه أخرجه هناك عن قتيبة بن سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد إلى آخره
قوله استنان عائشة من استن الرجل إذا استاك قوله ألا تسمعين وفي رواية الكشميهني ألم تسمعي قال الكرماني ويروى ألم تسمعين وهو على لغة من لا يوجب الجزم بأدواته قوله أبو عبد الرحمن هو كنية عبد الله بن عمر قوله ألا وهو شاهده أي إلا والحال أن عبد الله بن عمر شاهد النبي أي حاضر عنده قوله وما اعتمر في رجب قط هذا رد لقول ابن عمر لما قاله في هذا الحديث أربع إحداهن في رجب أي أربع عمر إحداهن في شهر رجب وقد مر الكلام فيه في باب كم اعتمر النبي
4255 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل بن أبي خالد ) سمع ( ابن أبي أوفى ) يقول لما اعتمر رسول الله سترناه من غلمان المشركين ومنهم أن يؤذوا رسول الله
مطابقته للترجمة في قوله لما اعتمر رسول الله لأن المراد منه عمرة القضاء وسفيان هو ابن عيينة وابن أبي أوفى هو عبد الله بن أبي أوفى
والحديث مضى في غزوة الحديبية فإنه أخرجه هناك عن ابن نمير عن يعلى عن إسماعيل عن عبد الله بن أبي أوفى ومر الكلام فيه هناك
قوله عن إسماعيل وفي رواية الحميدي حدثنا إسماعيل قوله ومنهم أي ومن المشركين قوله أن يؤذوا أي خشية أن يؤذوه وقال ابن أبي عمر عن سفيان بلفظ لما قدم رسول الله مكة وطاف بالبيت في عمرة القضية كنا نستره من السفهاء والصبيان مخافة أن يؤذوه وفي لفظ الإسماعيلي كنا نستره من صبيان أهل مكة لا يؤذونه
4256 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) هو ( ابن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال قدم رسول الله وأصحابه فقال المشركون إنه يقدم عليكم وفد وهنهم حمى يثرب وأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله قدم رسول الله وأصحابه أي مكة لأجل عمرة القضاء والحديث قد مر في الحج في باب كيف كان بدء الرمل بعينه سندا ومتنا ومر الكلام فيه هناك
قوله وفد بفتح الواو وسكون الفاء أي ثوم ووقع في رواية ابن السكن وقد بالقاف فالواو للعطف وقد بفتح القاف وسكون الدال للتحقيق وقال بعضهم إنه خطأ ولم يبين وجه الخطأ هل هو من حيث الرواية أو من حيث المعنى ولا خطأ أصلا من حيث المعنى فإن قال الخطأ من حيث الرواية فعليه البيان قوله وهنهم أي أضعفهم ويروى وهنتهم بتأنيث الفعل ويروي أوهنتهم بزيادة الألف في أوله قوله يقرب هو إسم المدينة كانف ي الجاهلية قال ابن عباس ذكرها باعتبار ما كان قوله إلا الإبقاء بكسر الهمزة وسكون الباء الموحدة وبالقاف أي الرفق بهم والشفقة عليهم والمعنى لم يمنعه أن يأمرهم بالرمل في جميع الأطواق إلا الرفق بهم وقال القرطبي يجوز الإبقاء بالرفع على أنه فاعل لم يمنعه أي النبي وبالنصب على وجه التعليل أي لأجل الإبقاء والمعنى لم يمنع النبي من أمره إياهم بالرمل في كل الطوفات إلا الأجل إبقائهم في الرفق شفقة عليهم وقال بعضهم في وجه النصب يكون في يمنعه ضمير عائد على رسول الله وهو فاعله قلت هذا ليس بصحيح وليس في يمنعه ضمير مستتر وإنما الضمير البارز فيه يرجع إلى النبي وفاعل يمنع هو قوله أن يأمرهم أي بأن يأمرهم وكلمة أن مصدرية والتقدير هو الذي ذكرناه الآن
وزاد ابن سلمة عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه

(17/266)


وسلم لعامه الذي استأمن قال ارملوا ليرى المشركون قوتهم والمشركون من قبل قعيقعان
هذا تعليق وابن سلمة هو حماد بن سلمة وقد شارك حماد بن زيد في روايته له عن أيوب وزاد عليه تعيين مكان المشركين وهو جبل قعيقعان مقابل لأبي قبيس وهو بضم القاف الأولى وكسر الثانية وفتح العينين المهملتين وسكون الياء آخر الحروف ووصل هذا التعليق الإسماعيلي نحوه وزاد في آخره فلما رملوا قال المشركون ما وهنتهم قوله لعامه الذي استأمن وهو عام الحديبية قوله ليرى المشركون جملة من الفعل والفاعل ويروى ليرى المشركين بضم الياء أي ليرى النبي قوة المسلمين قوله من قبل أي من جهة جبل قعيقعان وكانوا مشرفين من عليه
4257 - حدثني ( محمد ) عن ( سفيان بن عيينة ) عن ( عمرو ) عن ( عطاء ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال إنما سعى النبي بالبيت وبين الصفا والمروة ليري المشركين قوته
هذا وجه آخر عن ابن عباس أخرجه عن محمد هو ابن سلام عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دين ار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قوله إنما سعى أي رمل ومعناه هرول قوله ليرى أي لأن يرى من الإراءة أي لأجل إراءته إياهم قوته يعني بأنه قوي لم يؤثر فيه الحمى ولا غيرها
4258 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال تزوج النبي ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماقت بسرف
مطابقته للترجمة من حيث إن تزوجه ميمونة كان في عمرة القضاة ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري والحديث قد مر في الحج في باب ترويج المحرم من غير الطريق المذكور فإنه أخرجه عن أبي المغيرة عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم وليس فيه وبنى بها إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك وسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالفاء قال الكرماني موضع بين الحرمين قلت على ستة أميال من مكة
4259 - قال أبو عبد الله وزاد بن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح وأبان بن صالح عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس قال تزوج النبي ميمونة في عمرة القضاء
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس هذا في كثير من النسخ وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق صاحب ( السيرة ) وابن أبي نجيح هو عبد الله بن أبي نجيح بفتح النون وكسر الجيم وفي آخره حاء مهملة واسمه يسار وهذا تعليق وصله ابن إسحاق في ( السيرة ) وميمونة هي بنت الحارث وكان الذي زوجه إياها العباس وكانت قبله تحت أبي رهم بن عبد العزي وقيل تحت أخيه حويطب وقيل سخبرة بن أبي رهم وأمها هند بنت عوف الهلالية
4258 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال تزوج النبي ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماقت بسرف
مطابقته للترجمة من حيث إن تزوجه ميمونة كان في عمرة القضاة ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري والحديث قد مر في الحج في باب ترويج المحرم من غير الطريق المذكور فإنه أخرجه عن أبي المغيرة عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم وليس فيه وبنى بها إلى آخره وقد مر الكلام فيه هناك وسرف بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالفاء قال الكرماني موضع بين الحرمين قلت على ستة أميال من مكة
4259 - قال أبو عبد الله وزاد بن إسحاق حدثني ابن أبي نجيح وأبان بن صالح عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس قال تزوج النبي ميمونة في عمرة القضاء
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس هذا في كثير من النسخ وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق صاحب ( السيرة ) وابن أبي نجيح هو عبد الله بن أبي نجيح بفتح النون وكسر الجيم وفي آخره حاء مهملة واسمه يسار وهذا تعليق وصله ابن إسحاق في ( السيرة ) وميمونة هي بنت الحارث وكان الذي زوجه إياها العباس وكانت قبله تحت أبي رهم بن عبد العزي وقيل تحت أخيه حويطب وقيل سخبرة بن أبي رهم وأمها هند بنت عوف الهلالية
44 -
( باب غزوة موتة من أرض الشام )
أي هذا باب في بيان غزوة موتة بضم الميم وسكون الواو بغير همزة عند أكثر الرواة وبه قال المبرد وقال ثعلب والجوهري وابن فارس بالهمزة الساكنة بعد الميم وحكى صاحب ( الواعي ) الوجهين وقال أبو العباس محمد بن يزيد لا يهمز موته قوله بأرض الشام صفة لموته أي كائنة بأرض الشام قال ابن إسحاق وهي بالقرب من أرض البلقاء وقال الكرماني هي على مرحلتين من بيت المقدس والسبب فيها أن شرحبيل بن عمرو الغساني وهو من أمراء قيصر على الشام قتل رسولا أرسله النبي إلى صاحب بصرى وإسم الرسول الحارث بن عمير ولم يقتل لرسول الله رسول غيره فجهز لهم النبي عسكرا في ثلاثة آلاف وأمر عليهم زيد بن حارثة فقال إن أصيب فجعفر وإن أصيب فعبد الله

(17/267)


ابن رواحة فتجهزوا وعسكروا بالجرف وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوهم من هناك إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا فقاتلوهم وخرج مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع ولما بلغ العدو مسيرهم جمعوا لهم أكثر من مائة ألف وبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من بهرا ووائل وبكر ولخم وجذام فقاتلهم المسلمون وقاتل الأمراء على أرجلهم فقتل زيد طعنا بالرماح ثم أخذ اللواء جعفر فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها فكانت أول فرس عرقب في الإسلام فقاتل حتى قتل ضربه رجل من الروم فقطعه نصفين فوجد في أحد نصفه بضعة وثلاثون جرحا ثم أخذه عبد الله فقاتل حتى قتل فاصطلح الناس على خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه فأخذ اللواء وانكشف الناس فكانت الهزيمة على المسلمين وتبعهم المشركون فقتل من قتل من المسلمين ورفعت الأرض لسيدنا رسول الله فلما أخذ خالد اللواء قال الآن حمي الوطيس وجعل خالد مقدمته ساقة وساقته مقدمة وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة فأنكر الروم ذلك وقالوا قد جاءهم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين فقتلوا منهم مقتلة لم يقتلها قوم وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين وفي ( الدلائل ) للبيهقي ولما أخذ خالد للواء قال إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره فمن يومئذ سمي خالد سيف الله وذكر في ( مغازي ) أبي الأسود عن عروة بعث رسول الله الجيش إلى مؤتة في جمادى من سنة ثمان وكذا قال ابن إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهما من أهل المغازي لا يختلفون في ذلك إلا ما ذكر خليفة في ( تاريخه ) أنها كانت سنة سبع
4261 - أخبرنا ( أحمد بن أبي بكر ) حدثنا مغيرة بن عبد الرحمان عن عبد اللهبن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أمر رسول الله في غزوة موتة زيد بن حارثة فقال رسول الله إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة قال عبد الله كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا مافي جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن أبي بكر اسمه القاسم أبو حفص القرشي الزهري وهو شيخ مسلم أيضا مات بالمدينة سنة اثنتين وأربعين ومائتين وهو ابن اثنتين وتسعين سنة ومغيرة بضم الميم وكسرها وبالألف واللام وبدونهما ابن عبد الرحمن المخزومي وهو في طبقة ( مغيرة بن عبد الرحمن ) الخزامي وهو أوثق من المخزومي وليس للمخزومي في البخاري سوى هذا الحديث وكان فقيه أهل المدينة بعد مالك وهو صدوق وعبد الله بن سعد بن أبي هند المدني وفي رواية مصعب عبد الله

(17/268)


ابن سعيد بالياء آخر الحروف
قوله أمر بتشديد الميم من التأمير قوله فجعفر أي فالأمير جعفر قوله قال عبد الله أي ابن عمر وهو موصول بالإسناد المذكور قوله فالتمسنا جعفر بن أبي طالب أي بعد قتله قوله في القتلى أي بين القتلى كما في قوله تعالى فادخلي في عبادي ( الفجر 29 ) أي بين عبادي قوله بضعا وتسعين وفي الرواية الماضية خمسين ولا تنافي بينهما لأن الخمسين كانت في ظهره وهذا في جميع جسده وكان ذلك من الطعنات والضربات وهذا من الطعنات والرميات والفرق بينهما أن الطعنة بالرمح والضربة بالسيف والرمية بالسهم مع أن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد
4262 - حدثنا ( أحمد بن واقد ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( حميد بن هلال ) عن ( أنس رض الله ) عنه أن النبي نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن واقد هو أحمد بن عبد الملك بن واقد بالقاف والدال المهملة أبو يحيى الحراني وقد نسبه البخاري هنا إلى جده وهو من أفراده وحميد بن هبيرة العدوي البصري
والحديث مضى في الجنائز عن أبي معمر وفي الجهاد عن يوسف بن يعقوب الصفار وفي علامات النبوة عن سليمان بن حرب وفي فضل خالد عن أحمد بن واقد أيضا
قوله نعى زيدا أي أخبر بقتله قوله ثم أخذ جعفر أي الراية قوله ثم أخذ ابن رواحة وهو عبد الله ابن رواحة قوله وعيناه الواو فيه للحال قوله تذرفان بالذال المعجمة والراء المكسورة أي تدفعان الدموع قوله سيف من سيوف الله أراد به خالد بن الوليد فمن يومئذ سمي خالد سيف الله
وفيه جواز الإعلام بموت الميت ولا يكون ذلك من النعي المنهي عنه وفيه جواز تعليق الإمارة بشرط وجواز تولية عدة أمراء بالترتيب واختلفوا أهل تنعقد تولية الثاني في الحال أم لا وفيه جواز التأمير بغير مؤمر وقال الطحاوي هذا أصل يؤخذ منه أن على المسلمين أن يقدموا رجلا إذا غاب الإمام يقوم مقامه إلى أن يحضر وفيه جواز الاجتهاد في حياة النبي وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة وفيه فضيلة تامة لخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه
273 - ( حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد قال أخبرتني عمرة قالت سمعت عائشة رضي الله عنها تقول لما جاء قتل ابن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جلس رسول الله يعرف فيه الحزن قالت عائشة وأنا أطلع من صائر الباب تعني من شق الباب فأتاه رجل فقال أي رسول الله إن نساء جعفر قال وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن قال فذهب الرجل ثم أتى فقال قد نهيتهن وذكر أنه لم يطعنه قال فأمر أيضا فذهب ثم أتى فقال والله لقد غلبننا فزعمت أن رسول الله قال فاحث في أفواههن من التراب قالت عائشة فقلت أرغم الله أنفك فوالله ما أنت تفعل وما تركت رسول الله من العناء )
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي ويحيى بن سعيد الأنصاري وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد والحديث مضى في الجنائز في باب من جلس عند المصيبة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب إلى آخره قوله لما جاء قتل زيد أي خبر قتله يحتمل أن يكون ذلك على لسان قاصد جاء من الجيش ويحتمل أن يكون على لسان جبريل عليه السلام كما دل عليه حديث أنس الذي قبله قوله جلس رسول الله أي في المسجد وكذا في رواية البيهقي من طريق

(17/269)


المقدمي عن عبد الوهاب قوله يعرف فيه الحزن للرحمة التي في قلبه ولا ينافي ذلك الرضا بالقضاء قوله من صائر الباب بالصاد المهملة والهمزة بعد الألف وقد فسره بقوله تعني من شق الباب وهذا التفسير إنما وقع في رواية القابسي فيكون من الراوي وذكر ابن التين وغيره أن الصواب ضير الباب بكسر الضاد وسكون الياء آخر الحروف وبالراء وقال الجوهري الضير شق الباب قوله أن نساء جعفر ظاهره يدل على أنه كانت له نساء ولكن لم يعرف له إلا امرأة واحدة وهي أسماء بنت عميس فعلى هذا يكون مراد الرجل امرأته ومن انتسب إليه من النساء وقوله أن نساء جعفر خبره محذوف تقديره يبكين كذا قاله الكرماني قلت فعلى هذا قوله قال وذكر بكائهن سد مسد الخبر ويروى قالت يعني عائشة والضمير في ذكر يرجع إلى الرجل وعلى رواية قال بالتذكير يكون فيه إدراج من الراوي قوله أن ينهاهن قيل وقع في رواية أبي ذر أن يأتيهن من الإتيان والظاهر أنه محرف قوله وذكر أنه لم يطعنه وفي رواية الكشميهني وذكر أنهن لم يطعنه بضم الياء من الإطاعة قوله لقد غلبننا أي في عدم الإطاعة قوله فاحث أمر من حثا يحثو وحثى يحثي إذا رمى فعلى هذا يجوز في الثاء في ثاء فاحث الضم والكسر قوله أرغم الله أنفك أي ألصقه بالرغام وهو التراب وهذا يستعمل في العجز عن الانتصاف والانقياد على كره قوله فوالله ما أنت تفعل أرادت لقصورك ما تفعل ما أمرت به ولا تخبر النبي لقصورك عن ذلك حتى يرسل غيرك قوله وما تركت رسول الله من العناء بالعين المهملة والنون وبالمد وهو التعب ووقع في رواية العذري عند مسلم من الغي بالغين المعجمة وتشديد الياء وفي رواية الطبري مثله ولكن بالعين المهملة
274 - ( حدثني محمد بن أبي بكر حدثنا عمر بن علي عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال كان ابن عمر إذا حيا ابن جعفر قال السلام عليك يا ابن ذي الجناحين )
مطابقته للترجمة من حيث أنه يتعلق بجعفر الذي استشهد بمؤتة ومحمد بن أبي بكر هو المقدمي وعمر بن علي عمه وعامر هو الشعبي قوله إذا حيا أي إذا سلم على ابن جعفر وهو عبد الله وإنما لقب بذلك لأنه لما قطعت يداه يوم مؤتة جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة وعن النبي رأيت جعفرا يطير في الجنة مع الملائكة ولقب بالطيار أيضا وروى البيهقي في الدلائل من مرسل عاصم بن عمر بن قتادة أن جناحي جعفر من ياقوت وقال السهيلي جناحان ليسا كما يسبق إلى الوهم كجناحي الطائر وريشه لأن الصورة الآدمية أشرف الصور وأكملها والمراد بالجناحين صفة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر وقد عبر القرآن عن العضد بالجناح توسعا في قوله تعالى واضمم يدك إلى جناحك قلت إذا لم يثبت خبر في بيان كيفيتهما فنؤمن به من غير بحث عن حقيقتهما والله أعلم -
4265 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس بن أبي حازم ) قال سمعت خالد بن الوليد يقول لقد انقطعت في يدي يوم موتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا ضعيفة يمانية
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين وسفيان هو الثوري وإسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي البجلي وقيس بن أبي حازم البجلي وهؤلاء كلهم كوفيون قوله صعيفة يمانية الصعيفة السيف العريض واليمانية بتخفيف الياء على الأصح وأصله أن يقرأ بالتشديد لأنها ياء النسبة إلا أنهم خففوها فقالوا سيف يمان وأصله يماني
4266 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( يحيى ) عن ( إسماعيل ) قال حدثني ( قيس ) سمعت ( خالد ابن الوليد ) يقول لقد دق في يدي يوم موتة تسعة أسياف وصبرت في يدي صعيفة لي يمانية
هذا طريق آخر في حديث خالد ويحيى هو ابن سعيد القطان قوله دق على صيغة المجهول أي تكسر قطعا قطعا قوله وصبرت أي لم تنقطع ولم تندق

(17/270)


4267 - حدثني ( عمران بن ميسرة ) حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن ( حصين ) عن ( عامر ) عن ( النعمان ) إن ( بشير ) رضي الله عنهما قال اغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكي واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت شيئا إلا قيل لي آنت كذلك
قيل لا مطابقة للترجمة في ذكر هذا الحديث هنا لأنه ليس فيه ما يدل على أنه كان في غزوة موتة قلت يمكن أن يوجه ذكره هنا بشيء وإن كان فيه نوع تعسف وهو أن المذكور فيه من جملة ما جرى على عبد الله بن رواحة المذكور في الباب وهو الموت فيما مضى والمرض هنا
وحصين بضم الحاء هو ابن عبد الرحمن وعامر هو الشعبي كما مر الآن
قوله أخته عمرة هي والدة النعمان بن بشير راوي الحديث ووقع في رواية هشيم عند أبي نعيم وفي مرسل أبي عمر أن الجوني عند ابن سعد أنها أم عبد الله بن رواحة قيل هذا خطأ فاحش واسم أمه كبشة بنت واقد قوله أغمى على عبد الله يعني مرض وحصل له الإغماء في مرضه فلما رأت أخته عمرة هذه الحالة بكت وندبت وقالت نادبة بقولها واجبلاه بالجيم واللام والواو فيه للندبة وهو حرف نداء ولكنه يختص بالندبة والهاء فيه للسكن وفي رواية هشيم عن حصين عند أبي نعيم في ( المستخرج ) واعضداه وفي مرسل الحسن عند ابن سعد واجبلاه واعزاه وفي مرسل أبي عمران الجوني عنده واظهراه قوله تعدد عليه أي على عبد الله بن رواحة وتعدد بضم التاء من التعديد وهو ذكر أوصاف الميت ومحاسنه في أثناء البكاء قوله فقال أي عبد الله حين أفاق من إغمائه مخاطبا لأخته عمرة ما قلت شيئا إلا قيل أنت كذلك الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار أي قيل لي هذا الكلام على سبيل الإيذاء والإهانة وفي مرسل أبي عمران الجوني أن رسول الله كان عاده يعني عبد الله فأغمي عليه فقالاللهم إن كان أجله قد حضر فيسر عليه وإلا فاشفه قال فوجد خفة فقال كان قد رفع مرزبة من حديد يقول أنت كذا فلو قلت نعم لقمعني بها
4268 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( عبثر ) عن ( حصين ) عن ( الشعبي ) عن ( النعمان بن بشير ) قال أغمي على عبد الله بن رواحة بهذا فلما مات لم تبك عليه
هذا طريق آخر في حديث النعمان بن بشير أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن عبثر بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح الثاء المثلثة وبالراء في آخره ابن القاسم الكوفي عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي قوله بهذا أي بما ذكر في الحديث الماضي من قوله فجعلت أخته تبكي إلى آخره قوله فلما مات أي عبد الله في غزوة موتة بلغها الخبر لم تبكي عليه لأنه قد نهاها عن البكاء فامتثلت أمره
4546 - باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة
أي هذا باب في بيان بعث النبي أسامة بن زيد بن حارثة مولى النبي قوله الحرقات بضم الحاء المهملة وفتح الراء وبالقاف وهي قبيلة من جهينة والظاهر أنه جمع حرقة واسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة سمي الحرفة لأنه حرق قوما بالنبل فبالغ في ذلك ذكره ابن الكلبي وجهينة بن زيد ابن ليث بن سود بن أسلم بضم اللام ابن الحاف بن قضاعة قال ابن دريد الجهن الغلظ في الوجه وفي الجسم وبه سمي جهينة وقضاعة ولد معد بن عدنان وقيل هو في اليمن وهو ابن مالك بن حمير وقال ابن دريد هو من انقطع الرجل من أهله إذا انقطع منهم وبعد
4269 - حدثني ( عمرو بن محمد ) حدثنا ( هشين ) أخبرنا ( حصين ) أخبرنا ( أبو ظبيان ) قال سمعت ( أسامة بن زيد ) رضي الله عنهما يقول بعثنا رسول الله إلى الحرقة فصبحنا القوم

(17/271)


فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي فقال يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذالك اليوم
مطابقته للترجمة في قوله بعثنا رسول الله ولكن ليس في هذا ولا في الترجمة ما يدل على أن أسامة كان أمير القوم وهذه الغزوة مشهورة عند أصحاب المغازي بغزوة غالب الليثي الكلبي قالوا وفيه نزلت ولا تقولوالمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ( النساء94 ) وذكر ابن سعد أنه كان في رمضان سنة سبع وأن الأمير كان غالب بن عبد الله الليثي أرسله إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة وهم بالميفعة وراء بطن نخل بناحية نجد وبينها وبين المدينة ثمانية برد في مائة وثلاثين رجلا وقال صاحب ( التلويح ) فينظر في هذا هل المرجع إلى ما قاله البخاري أو إلى ما ذكره أهل التاريخ
وعمرو بن محمد بن بكير بن سابور الناقد البغدادي وهو شيخ مسلم أيضا وهشيم مصغر هشم إبن بشير الواسطي وحصين مصغر حصن ابن عبد الرحمن الكوفي وأبو ظبيان بفتح الظاء المعجمة وكسرها وسكون الباء الموحدة وبالياء آخر الحروف قال النووي أهل اللغة يفتحون الظاء ويلحنون من يكسرها وأهل الحديث يكسرونها وكذا قيده ابن ماكولا وغيره واسمه حصين بن جندب بن عمرو كوفي توفي سنة تسعين
والحديث أخره البخاري أيضا في الديات عن عمرو بن زرارة النيسابوري عن هشيم وأخرجه مسلم في الأيمان حدثنا يعقوب الدورقي قال حدثنا هشيم قال أخبرنا حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال بعثنا رسول الله إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم إلى آخره ونحوه وأخرجه أبو داود في الجهاد عن الحسن بن علي وعثمان بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في السير عن محمد بن آدم وعن عمرو بن علي
قوله رجلا هو ومرداس بكسر الميم وسكون الراء وبالمهملتين ابن نهيك بفتح النون وكسر الهاء وبالكاف الفزاري كان يرعى غنما له قوله أقتلته الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار قوله متعوذا أي من القتل قال الخطابي ويشبه أن أسامة أول قوله تعالى فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ( غافر 85 ) فلذلك عزره النبي فلم يلزمه دية ونحوها قوله فما زال أي النبي يكررها أي كلمة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله قوله حتى تمنيت إلى آخره وهو للمبالغة لا على الحقيقة ويقال معناه أنه كان يتمنى إسلاما لا ذنب في
280 - ( حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد قال سمعت سلمة بن الأكوع يقول غزوت مع النبي سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات مرة علينا أبو بكر ومرة علينا أسامة )
مطابقته للترجمة في قوله ومرة علينا أسامة وحاتم بالحاء المهملة ابن إسماعيل قد مر عن قريب وكذلك يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع وأخرجه مسلم أيضا عن قتيبة في المغازي قوله سبع غزوات وهي غزوته مع النبي في عمرة الحديبية وخيبر والحديبية ويوم حنين ويوم القرد وغزوة الفتح وغزوة الطائف وغزوة تبوك وهي آخر الغزوات النبوية قوله وخرجت فيما يبعث من البعوث وهو جمع بعث وهو الجيش سمي به لأنه يبعث ثم يجمع وأصله من البعث الذي بمعنى الإرسال قوله تسع غزوات منها سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة ذكره مسلم وسريته أيضا إلى بني كلاب ذكره ابن سعد وبعثه إلى الحج سنة تسع ومنها سرية أسامة التي وقع ذكرها في الباب وسريته إلى ابني بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة ثم نون مقصورا وهي من نواحي

(17/272)


البلقاء وذلك في صفر فهذه الخمس التي ذكرها أصحاب المغازي ولم يذكروا غيرها على أن في بعض الروايات لم يذكر عدد في البعوث قوله أسامة هو ابن زيد بن حارثة
( وقال عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن يزيد بن أبي عبيد قال سمعت سلمة يقول غزوت مع النبي سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعث تسع غزوات علينا مرة أبو بكر ومرة أسامة )
عمر بن حفص من شيوخ البخاري وربما يروى عنه بواسطة وهنا ذكره معلقا ووصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي بشر إسماعيل بن عبد الله عن عمر بن حفص به -
4272 - حدثنا ( أبو عاصم الضحاك بن مخلد ) حدثنا ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة بن الأكوع ) رضي الله عنه قال غزوت مع النبي سبع غزوات وغزوت مع ابن حارثة استعمله علينا
هذا طريق آخر في حديث سلمة بن الأكوع وهذا هو الخامس عشر من ثلاثيات البخاري قوله استعمله أي جعله أميرا علينا هكذا رواه البخاري مبهما عن شيخه ولعل وجه الإبهام لمخالفته بقية روايات الباب في تعيين أسامة
4273 - حدثنا ( محمد بن عبد الله ) حدثنا ( حماد بن مسعدة ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة بن الأكوع ) قال غزوت مع النبي سبع غزوات فذكر خيبر والحديبية ويوم حنين ويوم القرد قال يزيد ونسيت بقيتهم
هذا طريق آخر أخرجه عن محمد بن عبد الله قال الكلاباذي والبرقاني هو الذهلي نسبه إلى جده وهو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس وكان أبو داود إذا حدث عنه نسب أباه يحيى إلى جده فارس ولا يذكر خالدا وقيل إن محمد بن عبد الله هذا هو المخزومي البغدادي الحافظ وحماد بن مسعدة بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح العين المهملة والدال التميمي البصري مات سنة اثنتين ومائتين قوله ويوم القردبفتح القاف والراء وبالدال المهملة وهو ماء على نحو يوم من المدينة قوله ونسيت بقيتهم كذا وقع في النسب بالميم في ضمير جمع الغزوات والأصل فيه التأنيث ووقع في رواية النسفي كذلك بالميم وقال الكرماني ونسيت بقيتها أي الثلاثة الأخرى وهذا على الصواب
47 -
( باب غزوة الفتح )
أي هذا باب في بيان غزوة فتح مكة شرفها الله وكان سبب ذلك أن قريشا نقضوا العهد الذي وقع بالحديبية فبلغ ذلك النبي فغزاهم
وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي
هذا عطف على قوله غزوة الفتح والتقدير وفي بيان ما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزوة النبي والمبعوث منه الكتاب وصورته أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل فوالله لو جاءكم وحده نصره الله عليكم وأنجز له وعده فانظروا لأنفسكم والسلام
4274 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو بن دينار ) قال أخبرني ( الحسن بن محمد أله ) سمع ( عبيد الله بن أبي رافع ) يقول سمعت ( عليا ) رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله

(17/273)


أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعنة معها كتاب فخذوا منها قال فانطلقنا تعادي بناخيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة قلنا لها أخرجي الكتاب قالت ما معى كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله فقال رسول الله يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرء ملصقا في قريش يقول كنت حلينا ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله أما إنه قد صدقكم فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هاذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا قال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله السورة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ( الممتحنة 1 ) إلى قوله فقد ضل سواء السبيل ( الممتحنة 1 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو ابن عيينة والحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم يعرف أبوه بابن الحنفية قال الواقدي توفي زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وعبيد الله بن أبي رافع مولى النبي وأبو رافع اسمه أسلم
والحديث قد مضى في الجهاد في باب الجاسوس ومضى الكلام فيه هناك
قوله والزبير بالنصب عطف على الضمير المنصوب في بعثني وهو الزبير بن العوام قوله والمقداد بالنصب أيضا عطفا على والزبير وأكد الضمير المنصوب في بعثني بلفظ أنا كما في قوله تعالى أن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ( الكهف 39 ) ( فإن قلت ) في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله تعالى عنه بعثني وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام كما تقدم في فضل من شهد بدرا قلت يحتمل أن يكون هؤلاء الثلاثة مع علي فذكر أحد الراويين عنه ما لم يذكر الآخر وذكر ابن إسحاق الزبير مع علي ليس إلا وساق الخبر بالتثنية قال فخرجا حتى أدركاها فاستنزلاها إلى آخره قوله روضة خاخ بخاءين معجمتين موضع بين مكة والمدينة قوله ظعينة أي امرأة واسمها سارة وقال الواقدي كنود وفي رواية أم سارة وجعل لها حاطب عشرة دنانير على ذلك وقيل دينارا واحدا وكان النبي أمر بقتلها يوم الفتح مع هند بنت عتبة ثم استؤمن لها فأمنها ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا في زمن عمر رضي الله تعالى عنه فقتلها وكانت مولاة لبني عبد المطلب قوله تعادي بنا خيلنا أي أسرعت بنا وتعدت عن مشيها المعتاد قوله أو لتلقين بكسر الياء وفتحها قوله من عقاصها بكسر العين وبالقاف وهي الشعور المظفورة ( فإن قلت ) تقدم في باب إذا اضطر الرجل إلى النظر أنها أخرجته من الحجزة قلت قال الكرماني لعلها أخرجته من الحجزة فأخفته في العقيصة ثم أخرجته منها قلت لا يخلو هذا من نظر وقد مر الكلام فيه في الجهاد قوله يقول كنت حليفا تفسير قوله وكنت امرأ ملصقا في قريش وقال السهيلي كان حاطب حليفا لعبد الله بن حميد بن زهير بن أسد بن عبد العزي قوله يدا أي منة وحقا قوله فقال إنه أي فقال النبي إن حاطبا شهد بدرا أي غزوة بدر وحاطب بالمهملتين ابن أبي بلتعة واسمه عمير بن سلمة بن صعب بن عتيك

(17/274)


وقال أبو عمر حاطب بن أبي بلتعة اللخمي من ولد لخم بن عدي في قول بعضهم وقيل كان عبدا لعبد الله بن حميد المذكور آنفا بالكتابة فأدى كتابتة يوم الفتح مات سنة ثلاثين بالمدينة وهو ابن اثنتين وستين سنة وصلى عليه عثمان رضي الله تعالى عنه وبعثه النبي بكتاب إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية في محرم سنة ست بعد الحديبية فأقام عنده خمسة أيام ورجع بهدية منها مارية أم إبراهيم وأختها سيرين فوهبها لحسان بن ثابت وبغلته دلدل وحماره عفير وعسل وثياب وغير ذلك من الظرف وقال أبو عمر أهدى المقوقس لرسول الله ثلاث جوار منهن أم إبراهيم ابن رسول الله وأخرى وهبها لأبي جهم بن حذيفة العدوي وأخرى وهبها لحسان بن ثابت ثم بعثه الصديق رضي الله تعالى عنه أيضا إلى المقوقس فصالحهم فلم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاص فنقض الصلح وقاتلهم وافتتح مصر وذلك في سنة عشرين وكان حاطب تاجرا يبيع الطعام وترك يوم مات أربعة آلاف دينار ودراهم وغير ذلك وروى حاطب عن النبي أنه قال من رآني بعد موتي فكأنما رآني في حياتي ومن مات في أحد الحرمين يبعث في الآمنين يوم القيامة وقال أبو عمر لا أعلم له غير هذا الحديث وفي الصحابة حاطب أربعة سواه قاله صاحب ( التوضيح ) ولم يذكر أبو عمر إلا أربعة منهم خاطب بن عمرو بن عتيك شهد بدرا ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وحاطب بن الحارث مات بأرض الحبشة مهاجرا وحاطب بن أبي بلتعة قوله فأنزل الله السورة إلى آخره قال أبو عمر قد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بالإيمان في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ( الممتحنة 1 ) قال مجاهد هذا صريح في نزول الآية فيه وفي قوم معه كتبوا إلى أهل مكة يخبرونهم قوله تلقون إليهم بالمودة أي تلقون إليهم النصيحة بالمودة قوله وقد كفروا أي والحال أن أهل مكة المشركين قد كفروا بما جاءكم الرسول من الحق وهو القرآن وأمره قوله يخرجون الرسول أي من مكة وهو استئناف كالتفسير لكفرهم وقيل حال من كفروا أي يخرجون الرسول وإياكم من مكة لأجل إيمانكم قوله إن كنتم خرجتم المعنى إن كنتم خرجتم للجهاد ولطلب مرضاة الله فلا تتخذوا عدوي وعدكم أولياء قوله تسرون بدل من تلقون وقيل استئناف قوله وأنا أعلم بما أخفيتم فكيف يخفى علي تحذيركم الكفار قوله ومن يفعله منكم أي ومن يفعل الإسرار في هذا فقد ضل أي فقد أخطأ سواء السبيل أي طريق الحق
48 -
( باب غزوة الفتح في رمضان )
أي هذا باب في بيان أن غزوة يوم فتح مكة كانت في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان خروجه من المدينة يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من رمضان وروى ابن إسحاق عن الزهري أنه استعمل على المدينة أبارهم الغفاري
4275 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) قال حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن ( عباس ) أخبره أن رسول الله غزا غزوة الفت في رمضان قال وسمعت ابن المسيب يقول مثل ذالك
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في الصيام وغيره قوله قال وسمعت ابن المسيب والقائل هو الزهري وهو موصول بالإسناد المذكور
وعن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما قال صام رسول الله حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي قديد وعسفان أفطر فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر

(17/275)


هذا موصول بالإسناد المذكور وقد تقدم في كتاب الصوم في باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر وأخرجه عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس
قوله الكديد بفتح الكاف وكسر المهملة الأولى قوله الماء الذي بين قديد وعسفان بالنصب عطف بيان أو بدل من الكديد وقديد بضم القاف مصغر القدو قال البكري قديد قرية جامعة كثيرة المياه والبساتين وبين قديد والكديد ستة عشر ميلا والكديد أقرب إلى مكة وعسفان بضم العين وسكون السين المهملتين بالفاء هو موضع على أربع برد من مكة
4276 - حدثني ( محمود ) أخبرنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) قال أخبرني ( الزهري ) عن ( عبيد الله ابن عبد الله ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أن النبي خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف وذالك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد وهو ماء بين عسفان وقديد أفطر وأفطروا قال الزهري وإنما يؤخذ من أمر رسول الله الآخر فالآخر
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس وهو من مراسيله لأنه كان من المستضعفين بمكة قاله ابن التين ومحمود هو ابن غيلان أبو أحمد المروزي شيخ مسلم أيضا
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الصوم عن يحيى بن يحيى وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة
قوله ومعه عشرة آلاف أي من سائر القبائل وعند ابن إسحاق ثم خرج رسول الله في اثني عشر ألفا من المهاجرين والأنصار وأسلم وغفار ومزينة وجهينة وسليم ووالتوفيق بين الروايتين بأن العشرة آلاف من نفس المدينة ثم تلاحق به الألفان قوله وذلك أي خروجه على رأس ثمان سنين قيل هذا وهم والصواب على رأس سبع سنين ونصف وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان ومن أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء فالتحرير أنها سبع سنين ونصف وقال أبو نعيم الحداد في ( جمعه بين الصحيحين ) كان الفتح بعد السنة الثامنة وقال مالك كان الفتح في تسعة عشر يوما من رمضان على ثمان سنين وحقيقة الحساب على ما ذكره الشيخ أبو محمد في ( مختصره ) أنها سبع سنين وتسعة أشهر لأن الفتح في الثامنة من رمضان وكان مقدمه المدينة في ربيع الأول يدل عليه أن ابن عباس قال أقمنا مع رسول الله تسعة عشر يوما يقصر الصلاة وهو لم يحضر الفتح لأنه كان من المستضعفين بمكة قوله يصوم حال أي النبي قوله أفطر أي النبي وأفطروا أي المسلمون الذين كانوا معه قوله قال الزهري وإنما يؤخذ أي يجعل الآخر اللاحق ناسخا للأول السابق والصوم في السفر كان أولا والإفطار آخرا وفي الحديث رد على جماعة منهم عبيدة السلماني في قوله ليس له الفطر إذا شهد أول رمضان في الحضر مستدلا بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ( البقرة 185 ) وهو عند الجماعة محمول على من شهده كله إذ لا يقال لمن شهد بعض الشهر شهده كله
4277 - حدثني ( عياش بن الوليد ) حدثنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( خالد الحذاء ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال خرج النبي في رمضان إلى حنين والناس مختلفون فصائم ومفطر فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحته ثم نظر إلى الناس فقال المفطرون للصوام أفطروا
مطابقته للترجمة من حيث إن خروجه إلى حنين عقيب الفتح وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام القطان البصري مات سنة ست وعشرين ومائتين وعبد الأعلى الشامي البصري وخالد هو

(17/276)


ابن مهران الحذاء البصري
والحديث انفرد به البخاري ولكن فيه إشكال نبه عليه الدمياطي وهو أن قوله خرج النبي في رمضان إلى حنين وقع كذا ولم تكن غزوة حنين في رمضان وإنما كانت في شوال سنة ثمان وقال ابن التين لعله يريد آخر رمضان لأن حنينا كانت عام ثمان إثر فتح مكة وفيه نظر لأنه خرج من المدينة في عاشر رمضان فقدم مكة في وسطه وأقام بها تسعة عشر يوما كما سيأتي في حديث ابن عباس فيكون خروجه إلى حنين في شوال وأجيب بأن مراده أن ذلك في غير زمن الفتح وكان في حجة الوداع أو غيرها وفيه نظر لأن المعروف أن حنينا في شوال عقيب الفتح وقال الداودي صوابه إلى خيبر أو مكة لأنه قصدها في هذا الشهر فأما حنين فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة وكان قصد مكة أيضا في هذا الشهر ورد عليه قوله إلى خيبر لأن الخروج إليها لم يكن في رمضان وأجاب المحب الطبري عن الإشكال المذكور بأن يكون المراد من قوله خرج النبي في رمضان إلى حنين أنه قصد الخروج إليها وهو في رمضان فذكر الخروج وأراد القصد بالخروج ومثل هذا شائع ذائع في الكلام
وحنين بضم الحاء المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف ونون أخرى واد بمكة بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا وسبب حنين أنه لما اجتمع على الخروج من مكة لنصرة خزاعة أتى الخبر إلى هوازن أنه يريدهم فاستعدوا للحرب حتى أتوا سوق ذي المجاز فسار حتى أشرف على وادي حنين مساء ليلة الأحد ثم صالحهم يوم الأحد النصف من شوال قوله والناس مختلفون يحتمل اختلافهم في كون بعضهم صائمين وبعضهم مفطرين ويحتمل اختلافهم في أن النبي أصائم أو مفطر قوله فصائم أي بعضهم صائم وبعضهم مفطر قوله بإناء من لبن أو ماء شك من الراوي قال الداودي يحتمل أن يكون دعا بهذا مرة وبهذا مرة ورد عليه بأن الحديث واحد والقصة واحدة فلا دليل على التعدد قلت ابن التين قال إنه كانت قضيتان إحداهما في الفتح والأخرى في حنين والصواب أن الراوي قد شك فيه ويؤيده رواية طاوس عن ابن عباس في آخر الباب دعا بإناء من ماء فشرب نهارا قوله فوضعه على راحته ويروى على راحلته قوله للصوام بضم الصاد وتشديد الواو جمع صائم وفي رواية أبي ذر للصوم بدون الألف وهو أيضا جمع صائم وفي رواية الطبري في ( تهذيبه ) فقال المفطرون للصوام أفطروا يا عصاة
وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما خرج النبي عام الفتح
أخرجه هكذا معلقا مختصرا ووصله أحمد عن بعد الرزاق وبقيته خرج النبي عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى مر بغدير في الطريق الحديث
وقال حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي
هذا أيضا معلق وهكذا وقع في بعض نسخ أبي ذر عن ابن عباس وفي رواية غيره ليس فيه عن ابن عباس وبه جزم الدارقطني وأبو نعيم في ( المستخرج ) وكذلك وصله البيهقي من طريق سليمان بن حرب أحد مشايخ البخاري عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة فذكر الحديث بطوله في فتح مكة ثم قال في آخره لم يجاوز به أيوب عن عكرمة
4279 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( مجاهد ) عن ( طاوس ) عن ( ابن عباس ) قال ( سافر ) رسول الله في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارا ليريه الناس فأفطر حتى قدقم مكة قال وكان ابن عباس يقول صام رسول الله في السفر وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر

(17/277)


مطابقته للترجمة من حيث أن سفره في رمضان كان في سنة الفتح والحديث أخرجه في كتاب الصوم في باب من أفطر في السفر ليراه الناس فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن منصور إلى آخره ومر الكلام فيه هناك قوله ليريه بضم الياء من الإراءة والناس بالنصب مفعولة
49 -
( باب أين ركز النبي الراية يوم الفتح )
أي هذا باب يذكر فيه في أي مكان ركز النبي رايته أي نصبها يوم فتح مكة
288 - ( حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال لما صار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة فقال أبو سفيان ما هذه لكأنها نيران عرفة فقال بديل بن ورقاء نيران بني عمرو فقال أبو سفيان عمر أقل من ذلك فرآهم ناس من حرس رسول الله فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس احبس أبا سفيان عند حطم الخيل حتى ينظر إلى المسلمين فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر مع النبي تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان فمرت كتيبة قال يا عباس من هذه قال هذه غفار قال مالي ولغفار ثم مرت جهينة قال مثل ذلك ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك ومرت سليم فقال مثل ذلك حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها قال من هذه قال هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية فقال سعد بن عبادة يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة فقال أبو سفيان يا عباس حبذا يوم الذمار ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله وأصحابه وراية النبي مع الزبير بن العوام فلما مر رسول الله بأبي سفيان قال ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة قال ما قال قال قال كذا وكذا فقال كذب سعد ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكتسي فيه الكعبة قال وأمر رسول الله أن تركز رايته بالحجون قال عروة وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال سمعت العباس يقول للزبير بن العوام يا أبا عبد الله ههنا أمرك رسول الله أن تركز الراية قال وأمر رسول الله يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء ودخل النبي من كدى فقتل من خيل خالد يومئذ رجلان حبيش بن الأشعر وكرز بن جابر الفهري )
مطابقته للترجمة في قوله وأمر رسول الله أن تركز رايته بالحجون وعبيد بن إسماعيل أبو محمد القرشي الكوفي وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام وهذا الحديث من مراسيل التابعي قوله فبلغ ذلك أي سير النبي قوله أبو سفيان اسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد

(17/278)


شمس الأموي القرشي غلبت عليه كنيته وقيل كانت له كنية أخرى أبو حنظلة كني بابن له يسمى حنظلة قتله علي بن أبي طالب يوم بدر كافرا وتوفي أبو سفيان بالمدينة سنة إحدى وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة وحكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي يكنى أبا خالد وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي وتوفي بالمدينة في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة وبديل بضم الباء الموحدة وفتح الدال المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره لام ابن ورقاء مؤنث الأورق ابن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي من خزاعة أسلم يوم فتح مكة وابنه عبد الله بن بديل قوله مر الظهران بفتح الميم وتشديد الراء والعامة يسكون الراء وزيادة واو والظهران بفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء بلفظ تثنية ظهر وهو موضع بقرب مكة وقال البكري بينه وبين مكة ستة عشر ميلا قوله فإذا هم كلمة إذا مفاجأة وهم يرجع إلى أبي سفيان وحكيم وبديل قوله كأنها نيران عرفة أي كأن هذه النيران مثل النيران التي كانوا يوقدونها وكانت عادتهم أنهم يشعلون نيرانا كثيرة في عرفة وقال ابن سعد أنه لما نزل مر الظهران أمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ولما بلغ قريشا مسيره وهم مغتمون لما يخافون من غزوه إياهم بعثوا أبا سفيان يتجسس الأخبار وقالوا إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا فخرج ومعه حكيم بن حزام وبديل فلما رأوا العسكر أفزعهم وعلى الحرس تلك الليلة عمر رضي الله تعالى عنه فسمع العباس صوت أبي سفيان فقال أبا حنظلة فقال لبيك قال هذا رسول الله في عشرة آلاف فأسلم ثكلتك أمك وقال ابن اسحق إن أبا سفيان ركب مع العباس ورجع حكيم وبديل وقال موسى بن عقبة ذهبوا كلهم مع العباس إلى رسول الله فأسلموا وقال أبو معشر إن الحرس جاؤا بأبي سفيان إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال احبسوهم حتى أسأل رسول الله فلما أخبره الخبر جاء العباس إلى أبي سفيان فأردفه فجاء به إلى رسول الله وجاؤا بالآخرين وقال الطبري أنه وجه حكيم بن حزام مع أبي سفيان بعد إسلامهما إلى مكة وقال من دخل دار حكيم فهو آمن وهي بأسفل مكة ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وهي بأعلى مكة فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة ولهذا قال جماعة من أهل العلم منهم الشافعي أن مكة مؤمنة وليست عنوة والأمان كالصلح ورأى أن أهلها مالكون رباعهم قوله ما هذه وكأنه جواب قسم محذوف أي والله لكأنها نيران ليلة عرفة قوله نيران بني عمرو يعني خزاعة وعمرو هو ابن لحي قوله من حرس رسول الله بفتح الحاء المهملة وهو جمع حرسى وقال ابن الأثير الحرس خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته وفي مراسيل أبي سلمة وكان حرس رسول الله نفرا من الأنصار وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عليهم تلك الليلة فجاؤا به إليه فقالوا جئناك بنفر أخذناهم من أهل مكة فقال عمر والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم قالوا قد أتيناك بأبي سفيان قوله عند حطم الخيل قال ابن الأثير في باب الحاء المهملة وفي حديث الفتح قال للعباس احبس أبا سفيان عند حطم الخيل هكذا جاءت في كتاب أبي موسى وقال حطم الخيل الموضع الذي حطم منه أي ثلم منه فبقي متقطعا قال ويحتمل أن يريد عند مضيق الخيل حيث يزحم بعضهم بعضا ورواه أبو نصر الحميدي في كتابه بالخاء المعجمة وفسرها في غريبه فقال الخطم والخطمة رغن الجبل وهو الأنف البارز منه والذي جاء في كتاب البخاري وهو أخرج الحديث في ما قرأناه ورويناه في نسخ كتابه عند حطم الخيل هكذا مضبوطا يعني بالخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف فإن صحت الرواية به ولم تكن تحريفا من الكتبة فيكون معناه والله أعلم أن يحبسه في الموضع المتضايق الذي يتحطم فيه الخيل أي يدوس بعضها بعضا فيراها جميعا وتكثر في عينه بمرورها في ذلك الموضع وكذلك أراد بحبسه عند حطم الجبل يعني بالجيم على ما شرحه الحميدي فإن الأنف البارز من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج منه وقال الخطابي خطم الجبل بالخاء المعجمة وهو ما خطم منه أي ثلم من عرضه فبقي متقطعا وكذا قاله ابن التين وقال الكرماني الخطم المتكسر المنخرق والجبل بالجيم قلت وفي رواية القابسي والنسفي الخطم بالخاء المعجمة والجبل بالجيم والباء الموحدة وهي رواية ابن اسحق وغيره من أهل المغازي وفي رواية الأكثرين بفتح الخاء من الخطم وبالخاء المعجمة من الخيل قوله كتيبة بفتح الكاف وكسر التاء المثناة من فوق وهي القطعة المجتمعة من الجيش وأصله من الكتب

(17/279)


وهو الجمع قوله هذه أي هذه الكتيبة غفار بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء وهو ابن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة قوله مالي ولغفار يعني ما كان بيني وبينهم حرب قوله جهينة بضم الجيم وفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون وهو ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بضم اللام ابن الحاف بن قضاعة قوله سعد بن هذيم بضم الهاء وفتح الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ميم والمعروف فيها سعد هذيم بالإضافة وسعد بن هذيم على المجاز وسعد بن هذيم طوائف من العرب وهذيم الذي نسب إليه سعد عبد كان رباه فنسب إليه قوله ومرت سلم بضم السين وفتح اللام وهو ابن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس غيلان قوله معه الراية أي راية الأنصار وكانت راية المهاجرين مع الزبير بن العوام قوله يوم الملحمة بالحاء المهملة أي يوم حرب لا يوجد فيه مخلص وقيل يوم القتل يقال لحم فلان فلانا إذا قتله قوله حبذا يوم الذمار بكسر الذال المعجمة وتخفيف الميم أي يوم الهلاك وقال الخطابي تمنى أبو سفيان أن يكون له يد فيحمي قومه ويدفع عنهم وقيل المراد هذا يوم الغضب للحريم والأهل والانتصار لهم لمن قدر عليه وقيل المراد هذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتي من أن ينالني مكروه وقال ابن اسحق زعم بعض أهل العلم أن سعدا لما قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة فسمعها رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله ما آمن أن يكون لسعد في قريش فقال لعلي رضي الله تعالى عنه أدركه فخذ الراية منه فكن أنت تدخل بها وقال ابن هشام الرجل المذكور هو عمر رضي الله تعالى عنه وذكر الأموي في المغازي أن النبي أرسل إلى سعد فأخذ الراية منه فدفعها إلى ابنه قيس وجزم موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري أنه دفعها إلى الزبير بن العوام فإن قلت هذه ثلاثة أقوال فما التوفيق بينها قلت الجمع فيها أن عليا أرسل بنزعها وأن يدخل بها ثم خشى تغير خاطر سعد فدفعها لابنه قيس ثم أن سعدا خشي أن يقع من ابنه شيء ينكره النبي فسأل النبي أن يأخذها منه فحينئذ أخذها الزبير قوله وهي أقل الكتائب أي أقلها عددا قال عياض وقع للجميع بالقاف ووقع للحميدي بالجيم أي أجلها قوله فقال كذب سعد أي قال النبي كذب أي أخطأ سعد قوله قال وأمر رسول الله القائل بذلك هو عروة وهو من بقية الخبر وهو ظاهر الإرسال في الجميع إلا في القدر الذي صرح عروة بسماعه له من نافع بن جبير وأما باقيه فيحتمل أن يكون عروة تلقاه عن أبيه أو عن العباس فإنه أدركه وهو صغير قوله الحجون بفتح الحاء المهملة وضم الجيم الخفيفة هو مكان معروف بالقرب من مقبرة مكة شرفها الله تعالى قوله قال عروة وأخبرني نافع بن جبير بن مطعم إلى قوله وأمر هذا السياق يوهم أن نافعا أحضر المقالة المذكورة يوم فتح مكة وليس كذلك فإنه لا صحبة له ولكنه محمول على أنه سمع العباس يقول للزبير ذلك بعد ذلك في حجة اجتمعوا فيها إما في خلافة عمر أو في خلافة عثمان قوله وأمر رسول الله إلى قوله من كداء بفتح الكاف وتخفيف الدال وبالمد وهو أعلى مكة وكدى بضم الكاف والقصر والتنوين قيل هذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالدا دخل من أسفل مكة ودخل النبي من أعلاها وضربت له هناك قبة قوله حبيش بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة وبالشين وعند ابن اسحق خنيس بضم الخاء المعجمة وفتح النون وبالسين المهملة وكلاهما مصغر ابن الأشعر وهو لقب واسمه خالد بن سعد بن منقد بن ربيعة بن حزم الخزاعي وهو أخو أم معبد التي مر بها النبي مهاجرا واسمها عاتكة قوله وكرز بضم الكاف وسكون الراء وفي آخره زاي ابن جابر بن حسل بكسر الحاء وسكون السين المهملتين ابن الأحب بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة المشددة ابن حبيب الفهري وكان من رؤساء المشركين وهو الذي أغار على سرح النبي في غزوة بدر الأولى ثم أسلم قديما وبعثه النبي في طلب العرنيين وذكر ابن اسحق أن هذين الرجلين سلكا طريقا فشذا عن عسكر خالد رضي الله تعالى عنه فقتلهما المشركون يومئذ

(17/280)


4281 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( معاوية بن قرة ) قال سمعت ( عبد الله بن مغفل ) يقول رأيت رسول الله يوم فتح مكة على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح يرجع وقال لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو الوليد هشام بن عبد الملك هكذا وقع في الأصول وزعم خلف أنه وقع بذله سليمان بن حرب
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في التفسير عن مسلم بن إبراهيم وفي فضائل القرآن عن حجاج بن منهال وعن آدم بن أبي إياس وفي التوحيد عن أحمد بن أبي سريج وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي موسى وبندار عن يحيى بن حبيب وعن عبيد الله بن معاذ وعن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر وأخرجه الترمذي في الشمائل عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن أبي قدامة وغيره
قوله يرجع بتشديد الجيم من الترجيع وهو ترديد القاريء الحرف في الحلق قوله وقال القائل هو معاوية بن قرة راوي الحديث قوله كما رجع أي ابن مغفل ولفظ مسلم عن معاوية بن قرة قال سمعت عبد الله بن مغفل هو المزني قال رأيت رسول الله يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح قال فقرأ ابن مغفل ورجع في قراءته فقال معاوية لولا الناس لأخبرتكم ذلك الذي ذكره ابن مغفل عن النبي
4282 - حدثنا سليمان بن عبد الرحمان حدثنا سعدان بن يحيى حدثنا محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنه قال زمن الفتح يا رسول الله أين تنزل غذا قال النبي وهل ترك لنا عقيل من منزلثم قال لا يرث المؤمن الكافر ولا يرث الكافر المؤمن قيل للزهري ومن ورث أبا طالب قال ورثه عقيل وطالب قال معمر عن الزهري أين تنزل غدا في حجته ولم يقل يونس حجته ولا زمن الفتح
مطابقته للترجمة في قوله زمن الفتح وهذا إسناد نازل لا يخلو عن نظر
ورجاله سبعة الأول ( سليمان بن عبد الرحمن ) المعروف بابن ابنة شرحبيل بن أيوب الدمشقي مات سنة ثلاثين ومائتين الثاني ( سعدان بن يحيى ) بن صالح يقال اسمه سعيد وسعدان لقبه أبو يحيى اللخمي الكوفي سكن دمشق لينه الدارقطني وماله في البخاري إلا هذا الموضع الثالث ( محمد بن أبي حفصة ) وإسم أبي حفصة ميسرة بصري يكنى أبا سلمة صدوق ضعفه النسائي وماله في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الحج قرنه فيه بغيره الرابع محمد بن مسلم ( الزهري ) الخامس ( علي بن حسين ) بن علي بن أبي طالب مات سنة أربع وتسعين السادس ( عمرو بن عثمان ) بن عفان القرشي الأموي السابع ( أسامة بن زيد ) بن حارثة مولى النبي
وقد مضى الحديث في كتاب الحج في باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها فإنه أخرجه هناك عن اصبغ عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن علي بن حسين إلى آخره وقد مضى في الجهاد أيضا عن محمود عن بعد الرزاق عن الزهري ومضى الكلام فيه هناك مستوفى
قوله عقيل بفتح العين هو ابن أبي طالب قوله وقال معمر عن الزهري هو متصل بالإسناد المذكور وطريق معمر بن راشد تقدم موصولا في الجهاد قوله ولم يقل يونس هو ابن يزيد الأيلي يعني لم يقل في روايته لفظ حجته ولا لفظ زمن الفتح يعني سكت عن ذلك وبقي الاختلاف بين ابن أبي حفصة ومعمر ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة
4284 - حدثنا ( أبو اليمان ) حدثنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن عبد الرحمان عن أبي هريرة

(17/281)


رضي الله عنه قال قال رسول الله منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف حيث تقاسموا على الكفر
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة وأبو الزناد بالزاي والنون واسمه عبد الله بن ذكوان و ( عبد الرحمن ) بن هرمز الأعرج
قوله منزلنا مبتدأ والخيف خبره وعكس بعضهم فيه والخيف بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء ما ارتفع عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء قوله حيث تقاسموا أي تحالفوا وذلك أنهم تحالفوا على إخراج الرسول وبني هاشم والمطلب من مكة إلى الخيف وكتبوا بينهم الصحيفة المشهورة
4285 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد أخبرنا ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله حين أراد حنينا منزلنا غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة عن ( موسى بن إسماعيل ) المعروف بالتبوذكي عن ( إبراهيم بن سعد ) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلم الزهري عن ( أبي سلمة ) بن عبد الرحمن إلى آخره
قوله حين أراد حنينا يعني في غزوة الفتح وإنما اراد النبي النزول في ذلك الموضع ليتذكر ما كانوا فيه فيشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه يوم الفتح العظيم وتمكنهم من دخول مكة ظاهرا على رغم من سعى في إخراجه منها ومبالغة في الصفح عن الذين أساؤوا ومقابلتهم بالمن والإحسان
4286 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه أن النبي دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتله قال مالك ولم يكن النبي فيما نرى والله أعلم يومئذ محرما
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي والعين المهملة الحجازي من أفراده والحديث قد مر في الحج عن عبد الله بن يوسف عن مالك في باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام ومضى الكلام فيه هناك
قوله المغفر بكسر الميم زرد ينسج من الدروع على مقدار القلنسوة يلبس تحت القلنسوة وفي رواية يحيى بن بكير عن مالك مغفر من حديد قوله ابن خطل هو عبد الله بن خطل بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة كان أسلم وارتد وقتل قتيلا بغير حق وكانت له قينتان تغنيان بهجو النبي قوله فقال اقتله أي قال النبي لذلك الرجل اقتل ابن خطل وفي الحديث الذي مضى في الحج فقال اقتلوه بخطاب الجمع وروى الدارقطني من رواية شبابة بن سوار عن مالك في هذا الحديث من رأى منكم ابن خطل فليقتله واختلف في قاتله وجزم ابن إسحاق بأن سعيد بن حريث وأبا برزة الأسلمي اشتركا في قتله وعن الواقدي أن قاتله شريك بن عبدة العجلاني ورجح أنه أبو برزة وفي ( التوضيح ) وفيه دلالة على أن الحرم لا يعصم من القتل الواجب قلت إنما وقع قتل ابن خطل في الساعة التي أحل للنبي فيها القتال بمكة وقد صرح بأن حرمتها عادت كما كانت فلم يصح الاستدلال به لما ذكره وروى أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن تلك الساعة استمرت من صبيحة يوم الفتح إلى العصر قوله قال مالك إلى آخره وهو كما قال لأنه لم يرو أحد أنه تحلل يومئذ من إحرام وقيل يحتمل أن يكون محرما إلا أنه لبس المغفر للضرورة أو أنه من خواصه قوله فيما نرى على صيغة المجهول أي فيما نظن قوله محرما نصب لأنه خبر لم يكن

(17/282)


4287 - حدثنا ( صدقة بن الفضل ) أخبرنا ( ابن عيينة ) عن ( ابن أبي نجيح ) عن ( مجاهد ) عن ( أبي معمر ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه قال دخل النبي مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد
مطابقته للترجمة ظاهرة وصدقة بن الفضل المروزي وابن عيينة سفيان بن عيينة وابن أبي نجيح بفتح النون عبد الله واسم أبي نجيح يسار وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن سخبرة وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المظالم في باب هل يكسر الدنان فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن سفيان عن ابن أبي نجيح إلى آخره
قوله نصب بضم النون والصاد المهملة وهو ما ينصب للعبادة من دون الله تعالى ووقع في رواية ابن أبي شيبة عن ابن عيينة صنما بدل نصب ويطلق النصب ويراد به الحجارة التي كانوا يذبحون عليها للأصنام والأنصاب الأعلام التي تجعل في الطريق قوله يطعنها بضم العين وفتحها والأول أشهر وفي حديث ابن عباس رواه الطبراني فلم يبق وثم استقبله إلا سقط على قفاه مع أنها كانت ثابتة بالأرض قد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص قوله وزهق الباطل أي اضمحل وتلاشى يقال زهقت نفسه زهوقا أي خرجت روحه والزهوق بالضم مصدر وبالفتح الإسم
4288 - حدثني ( إسحاق ) حدثنا ( عبد الصمد ) قال حدثني أبي حدثنا ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أن رسول الله لما قدم مكة أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام فقال النبي قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قط ثم دخل البيت فكبر في نواحي البيت وخرج ولم يصل فيه
مطابقته للترجمة من حيث إن قدومه هذا مكة كان في سنة الفتح وإسحاق هو ابن منصور وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث ابن سعيد وفي رواية الأصيلي ليس فيه حدثني أبي بعد قوله عبد الصمد قيل لا بد منه
والحديث مضى في كتاب الأنبياء عليهم السلام في باب قول الله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا ( النساء 125 ) فإنه أخرجه هناك عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن معمر عن أيوب عن عكرمة إلى آخره
قوله أبى أي امتنع قوله الآلهة أي الأصنام التي سماها المشركون بالآلهة قوله فأمر بها فأخرجت فإن قلت من كان الذي أخرجها قلت روى أبو داود من حديث جابر أن النبي أمر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها فلم يدخلها حتى نحيت الصور وكان عمر هو الذي أخرجها قيل إنه محا ما كان من الصور مدهونا وأخرج ما كان مخروطا فإن قلت قد تقدم في الحج من حديث أسامة أن النبي دخل الكعبة فرأى صورة فدعا بماء فجعل يمحوها قلت هو محمول على محو بقية بقيت منها قوله الأزلام جمع زلم وهي السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر وتسمى القداح المكتوب عليها الأمر والنهي إفعل ولا تفعل كان الرجل منهم يضعها في وعاء له وإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما فإن خرج الأمر مضى لشأنه وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله قوله ولم يستقسما بها أي ما استقسم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بالأزلام قط وهو من الاستسقام وهو طلب القسم الذي قسم له وقدر وهو استفعال منه كانوا يفعلون بالأزلام مثل ما ذكرنا وقال ابن الأثير كان على بعضها مكتوب أمرني ربي وعلى الآخر نهاني ربي وعلى الآخر غفل فإن خرج أمرني ربي مضى لشأنه وإن خرج نهاني أمسك وإن خرج الغفل أعاد حالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر أو النهي

(17/283)


قلت الغفل بضم الغين المعجمة وسكون الفاء وباللام وهو الذي لا يرجى خيره ولا شره قوله ولم يصل فيه أي في البيت وفي الحديث الذي يأتي صلى فيه وقد علم أن رواية المثبت مقدمة على رواية النافي
تابعه معمر عن أيوب
أي تابع عبد الصمد عن أبيه معمر بن راشد عن أيوب السختياني ووصل هذه المتابعة أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب
وقال وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي
هذا تعليق ووهيب مصغر وهب ابن خالد العجلاني عن عكرمة مولى ابن عباس وأشار بهذا إلى أنه رواه مرسلا والرواية الموصولة مرجحة لاتفاق عبد الرزاق ومعمر على ذلك عن أيوب فافهم
49 -
( باب دخول النبي من أعلى مكة )
أي هذا باب في بيان دخول النبي مكة حين قدمها يوم الفتح وعن أنس رضي الله تعالى عنه دخل رسول الله مكة يوم الفتح وذقنه على رحله متخشعا رواه الحاكم
4289 - وقال ( الليث ) حدثني ( يونس ) قال أخبرني ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة بن زيد ومعه بلال ومعه عثمان بن طلحة من الحجبة حتى أناخ في المسجد فأمره أن يأتي بمفتاح البيت فدخل رسول الله ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فمكث فيه نهارا طويلا ثم خرج فاستبق الناس فكان عبد الله بن عمر أول من دخل فوجد بلالا وراء الباب قائما فسأله أين صلى رسول الله فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه قال عبد الله فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا تعليق وصله البخاري في الجهاد في باب الردف على الحمار أخرجه هناك عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس بن يزيد الأيلي إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك قوله من الحجبة جمع حاجب قوله من سجدة أي من ركعة
مطابقته للترجمة ظاهرة هذا تعليق وصله البخاري في الجهاد في باب الردف على الحمار فإنه أخرجه هناك عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس بن يزيد الأيلي إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك قوله من الحجبة جمع حاجب قوله من سجدة أي من ركعة
297 - ( حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا حفص بن ميسرة عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن النبي دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة )
مطابقته للترجمة ظاهرة والهيثم بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة ابن خارجة ضد الداخلة أبو أحمد الخراساني المروزي سكن بغداد ومات بها سنة سبع وعشرين ومائتين وحفص بن ميسرة ضد الميمنة الصنعاني وليس له حديث موصول في البخاري إلا هذا الموضع قوله من كداء بفتح الكاف وتخفيف الدال المهملة وبالمد
( تابعه أبو أسامة ووهيب في كداء )
أي تابع حفص بن ميسرة أبو أسامة وهو حماد بن أسامة ووهيب بن خالد في روايتهما عن هشام بن عروة بهذا الإسناد وقالا في روايتهما دخل من كداء بالمد وطريق أسامة وصلها البخاري في الحج في باب من أين يخرج من مكة فإنه أخرجه هناك عن

(17/284)


محمود بن غيلان عن أبي أسامة عن هشام بن عروة إلى آخره وطريق وهيب وصله البخاري أيضا في الباب المذكور عن موسى عن وهيب عن هشام بن عروة إلى آخره
298 - ( حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه دخل النبي عام الفتح من أعلى مكة من كداء )
هذا طريق آخر في حديث هشام بن عروة ولكن لم يذكر فيه عائشة فهو مرسل لأن عروة تابعي -
51 -
( باب منزل النبي يوم الفتح )
أي هذا باب في بيان منزل النبي يوم فتح مكة
52 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع في الأصول بلا ترجمة وهو كالفصل لما قبله
4293 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( منصور ) عن ( أبي الضحاى ) عن ( مسروق ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت كان النبي يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي
وجه دخول هذا الحديث هنا من حيث إنه أورده مختصرا وسيأتي في التفسير بلفظ ما صلى النبي صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح ( الفتح 1 ) لا يقول فيها فذكر الحديث
والحديث مضى في الصلاة في باب الدعاء في الركوع فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن شعبة عن منصور إلى آخره وغندر بضم الغين وسكون النون وقد تكرر ذكره وهو لقب محمد بن جعفر ومنصور هو ابن المعتمر وأبو الضحى مسلم بن صبيح الكوفي
قوله وبحمدك أي نسبحك والحال أنا متلبسون بحمدك أو هذا تأويل قوله تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره ( الفتح 3 )
4293 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( منصور ) عن ( أبي الضحاى ) عن ( مسروق ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت كان النبي يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي
وجه دخول هذا الحديث هنا من حيث إنه أورده مختصرا وسيأتي في التفسير بلفظ ما صلى النبي صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح ( الفتح 1 ) لا يقول فيها فذكر الحديث
والحديث مضى في الصلاة في باب الدعاء في الركوع فإنه أخرجه هناك عن حفص بن عمر عن شعبة عن منصور إلى آخره وغندر بضم الغين وسكون النون وقد تكرر ذكره وهو لقب محمد بن جعفر ومنصور هو ابن المعتمر وأبو الضحى مسلم بن صبيح الكوفي
قوله وبحمدك أي نسبحك والحال أنا متلبسون بحمدك أو هذا تأويل قوله تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره ( الفتح 3 )

(17/285)


4294 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم لم تدخل هاذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله فقال إنه ممن قد علمتم قال فدعاهم ذات يوم وداعاني معهم قال وما رئيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال ما تقولون إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون ( الفتح 12 ) حتى ختم السورة فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وقال بعضهم لا ندري ولم يقل بعضهم شيئا فقال لي يا ابن عباس أكذاك تقول قلت لا قال فما تقول فلت هو أجل رسول الله أعلمه الله له إذا جاء نصر الله والفتح فتح مكة فذاك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا قال عمر ما أعلم منها إلا ما تعلم
مطابقته للترجمة التي هي قوله باب غزوة الفتح لأن فيه ذكر الفتح وهو فتح مكة والأبواب التي بعده تابعة له فافهم بالتيقظ
وأبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس اليشكري
والحديث مضى مختصرا في علامات النبوة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن عرعرة عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير إلى آخره
قوله يدخلني بضم الياء من الإدخال قوله مع أشياخ بدر الأشياخ جمع شيخ وأراد بهم الذين حضروا غزوة بدر قوله قال بعضهم أراد به عبد الرحمن بن عوف ولم يقل ذلك حسدا ولكنه أراد أن يكون أبناء له مثله قوله لم تدخل بكسر اللام وأصله لما وتدخل من الإدخال وأراد بالفتى ابن عباس قوله وما رئيته على صيغة المجهول والضمير المنصوب فيه يرجع إلى عمر قوله إلا ليريهم أي إلا لأن يريهم بضم الياء من الإراءة والضمير المنصوب فيه يرجع إلى أشياخ بدر قوله مني أي بعض فضيلتي قوله أو لم يقل شك من الراوي قوله فقال لي يا ابن عباس أي قال عمر بن الخطاب هذا بحرف النداء في رواية الكشميهني وفي رواية غيره ابن عباس بدون حرف النداء قوله أكذاك الهمزة فيه للاستفهام أي أمثل ما قالوا تقول أنت أيضا قوله قلت لا أي لا أقول مثل ما قالوا قوله قال فما تقول أي قال فما تقول أنت يا ابن عباس قوله ما أعلم منها أي من هذه السورة إلا ما تعلم أنت يا ابن عباس وفيه فضيلة بينة لعبد الله بن عباس
4295 - حدثنا ( سعيد بن شرحبيل ) حدثنا ( الليث ) عن ( المقبري ) عن ( أبي شريح العدوي ) أنه قال ل ( عمرو بن سعيد ) وهو ( يبعث البعوث إلى مكة ائذن ) لي ( أيها الأمير أحدثك قولا ) قام به رسول الله الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس لا يحل لامرىء يؤمن بالله ولا باليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيها فقولوا له إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب فقيل لأبي شريح ماذا قال لك عمرو قال قال أنا أعلم بذالك منك يا با شريح إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة

(17/286)


مطابقته للترجمة في قوله يوم الفتح وسعيد بن شرحبيل بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره لام الكندي من قدماء شيوخ البخاري وليس له عنه في ( الصحيح ) سوى هذا الموضع وآخر في علامات النبوة وكل منهما عنده له متابع عن الليث بن سعد والمقبري بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة هو سعيد بن أبي سعيد واسم أبي سعيد كيسان وكان يسكن مقبرة فنسب إليها وأبو شريح بضم الشين المعجمة وفي آخره حاء مهملة واسمه خويلد مصغر خالد العدوي بفتح المهملتين وبالواو قال أبو عمر في كتابه ( الاستيعاب ) أبو شريح الكعبي الخزاعي اسمه خويلد بن عمرو وقيل ابن خويلد وقيل كعب بن عمرو وقيل هانىء بن عمرو والأول أصح أسلم قبل فتح مكة وكان يحمل ألوية بني كعب يوم فتح مكة توفي بالمدينة سنة ثمان وستين عداده في أهل الحجاز
وقد مر الحديث في كتاب العلم في باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي شريح إلى آخره وقد مر الكلام فيه مستقصى ولكن نذكر بعض شيء لبعد المسافة
قوله لعمرو بن سعيد أي ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي يعرف بالأشدق وليست له صحبة ولا من التابعين بإحسان ووالده مختلف في صحبته وكان أمير المدينة وغزا ابن الزبير ثم قتله عبد الملك بن مروان بعد أن أمنه وكان قتله في سنة سبعين من الهجرة قوله وهو يبعث البعوث وهو جمع بعث وهو الجيش قوله الغد بالنصب على الظرفية وهو اليوم الثاني من فتح مكة قوله سمعته أذناي تأكيد وكذا قوله ووعاه قلبي أي حفظه وكذا قوله وأبصرته عيناي قوله حمد الله بيان لقوله تكلم قوله ولا باليوم الآخر كلمة لا زائدة لتأكيد النفي قوله ولا يعضد من عضدت الشجرة بالنصب أعضدها بالكسر أي قطعتها قوله فإن أحد ترخص أحد مفسر لقوله ترخص قوله لقتال النبي أي لأجل قتاله قوله وليبلغ يجوز بكسر اللام وتسكينها قوله يا شريح أصله يا أبي شريح حذفت الهمزة للتخفيف قوله لا يعيذ بضم الياء من الإعاذة بالذال المعجمة أي لا يعصم العاصي عن إقامة الحد عليه قوله ولا فارا بتشديد الراء أي ملتجئا إلى الحرم خوفا من إقامة الحد عليه ومعناه في الأصل الهارب ولا فارا بخربة بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها باء موحدة وهي السرقة كذا ثبت تفسيرها في رواية المستملي ولا فارا بخربة يعني السرقة وقال ابن بطال الخربة بالضم الفساد وبالفتحالسرقة وقال القاضي وقد رواه جميع رواة البخاري غير الأصيلي بالخاء المعجمة
4296 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( الليث ) عن ( يزيد بن أبي حبيب ) عن ( عطاء بن أبي رباح ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول عام الفتح وهو بمكة إن الله ورسوله حرم بيع الخمر
مطابقته للترجمة ظاهرة وبعض الحديث مضى في أواخر البيوع معلقا وهو وقال جابر حرم النبي بيع الخمر ثم ذكره في باب بيع الميتة والأصنام مطولا بالإسناد المذكور بعينه ومضى الكلام فيه هناك
53 -
( باب مقام النبي بمكة زمن الفتح )
أي هذا باب في بيان مقام بضم الميم أي إقامة النبي

(17/287)


4298 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( عاصم ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال أقام النبي بمكة تسعة عشر يوما يصلي ركعتين
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي وعاصم هو الأحول والحديث مضى في قصر الصلاة في أول الباب فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة عن عاصم وحصين عن عكرمة عن ابن عباس والتوفيق بين حديثي أنس وابن عباس هو أن حديث أنس إنما هو في حجة الوداع وحديث ابن عباس في الفتح وقد مر الكلام فيه في باب القصر
4299 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( أبو شهاب ) عن ( عاصم ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال أقمنا مع النبي في سفر تسع عشرة نقصر الصلاة وقال ابن عباس ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة فإذا زدنا أتممنا
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس ولم يذكر فيه المكان وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي الكوفي وأبو شهاب هو عبد ربه بن نافع المدائني الحناط بالحاء المهملة وبالنون وعاصم هو الأحول قوله وقال ابن عباس هو موصول بالإسناد المذكور
54 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع في الأصول بغير ترجمة وليس بموجود في رواية النسفي وقد ذكرنا غير مرة أن لفظ باب إذا وقع بغير ترجمة يكون كالفصل لما قبله
وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صعير وكان النبي قد مسح وجهه عام الفتح
هذا تعليق وصله البخاري في ( التاريخ الصغير ) قال حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث فذكره ويونس هو ابن يزيد الأيلي وعبد الله بن ثعلبة بن صعير بضم الصاد وفتح العين المهملتين وثعلبة هذا يقال له ابن أبي صعير أيضا ابن عمرو بن زيد بن سنان العذري بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وبالراء حليف بني زهرة روى عنه ابنه عبد الله وهما صحابيان ويكنى عبد الله أبا محمد ولد قبل الهجرة بأربع سنين وتوفي في سنة تسع وثمانين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة وقيل إنه ولد بعد الهجرة وإن رسول الله توفي وهو ابن أربع سنين وإنه أتى به رسول الله فمسح على رأسه ووجهه زمن الفتح وأبوه ثعلبة روى عنه عبد الرحمن بن كعب بن مالك وابنه عبد الله قال الدارقطني لثعلبة هذا ولابنه عبد الله صحبة روى عنهما جميعا الزهري فإن قلت أين مقول قول الليث قلت غير مذكور لأن مقصود من ذكر عبد الله بن ثعلبة بيان وصفه بالمسح عام الفتح وقد ذكرنا الآن أنه أتى به رسول الله فمسح على رأسه ووجهه وهو معنى قوله وكان النبي قد مسح وجهه عام الفتح وقال ابن التين عبد الله هذا إن كان عقل ذلك أو عقل عنه كلمة كانت له صحبة وإن لم يعقل عنه شيئا كانت له تلك فضيلة وهو من الطبقة الأولى من التابعين قلت أغرب ابن التين في هذا وقد ذكروا أن له ولأبيه صحبة
4301 - حدثني ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سنين أبي جميلة ) قال أخبرنا ونحن مع ابن المسيب قال وزعم أبو جميلة أنه أدرك النبي وخرج معه عام الفتح
مطابقته للترجمة التي هي قوله باب غزوة الفتح في قوله عام الفتح وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء وأبو إسحاق الرازي

(17/288)


يعرف بالصغير وهو شيخ مسلم أيضا وهشام وهو ابن يوسف أبو عبد الرحمن الصنعاني اليماني قاضيها ومعمر بفتح الميمين ابن راشد والزهري هو محمد بن مسلم وسنين بضم السين المهملة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون وقيل بتشديد الياء ويكنى بأبي جميلة بفتح الجيم الضمري ويقال السلمي ذكره ابن منده وابن حبان وغيرهما في الصحابة وقال أبو عمر في ( الاستيعاب ) قال مالك بن شهاب أخبرني سنين أبو جميلة أنه أدرك النبي عام الفتح وقال غيره وحج معه حجة الوداع ويرد بهذا قول ابن المنذر أبو جميلة رجل مجهول وقال البيهقي قد قاله الشافعي أيضا وقال بعضهم بعد قوله عن سنين تقدم ذكره في الشهادات بما يغني عن إعادته قلت لم يغن ذكره في الشهادات عن إعادته هنا أصلا لأن المذكور في الشهادات في باب إذا زكى رجل رجلا كفاه وقال أبو جميلة وجدت منبوذا فلما رأى عمر رضي الله تعالى عنه قال عسى الغوير بؤسا كأنه يتهمني فقال عريفي أنه رجل صالح قال كذاك إذهب وعلينا نفقته انتهى فمن أين حال أبي جميلة من هذا حتى يكون ذكره هناك مغنيا عن ذكره ههنا
قوله قال أخبرنا ونحن مع ابن المسيب أي قال الزهري أخبرنا أبو جميلة والحال نحن مع ابن المسيب والمخبر به غير مذكور قوله قال وزعم أي قال الزهري وزعم أي قال أبو جميلة إنه إلى آخره وجمهور الأصوليين أن العدل المعاصر للرسول إذا قال أنا صحابي يصدق فيه ظاهرا
4302 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( أبي قلابة ) عن ( عمرو بن سلمة ) قال قال لي أبو قلابة ألا تلقاه فتسأله قال فلقيته فسألته فقال كنا بما ممر الناس كان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس ما هاذا الرجل فيقولون يزعم أن الله أرسله أوحى إليه أو أوحى الله بكذا فكنت أحفظ ذلك الكلام وكأنما يغرى في صدري وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال جئتكم والله من عند النبي حقا فقال صلوا صلاة كذا وصلوا كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآينا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تغطوا عنا است قارئكم فاشتروا فقطعوا قميصا فما فرحت بشيء فرحي بذالك القميص
مطابقته للترجمة في قوله بإسلامهم الفتح وفي قوله وقعة أهل الفتح وأيوب هو السختياني وأبو قلابة بكسر القاف اسمه عبد الله بن زيد الجرمي وعمرو بن سلمة بكسر اللام ابن قيس الجرمي يكنى أبا يزيد قال أبو عمر أدرك النبي وكان يؤم قومه على عهد رسول الله وقد قيل إنه قدم على رسول الله مع أبيه ولم يختلف في قدوم أبيه على رسول الله نزل عمرو بن سلمة البصرة ويقال مختلف في صحبة عمرو وماله في البخاري سوى هذا الحديث وكذا أبوه لكن وقع ذكر عمرو بن سلمة في حديث مالك بن الحويرث في صفة الصلاة
قوله قال لي أبو قلابة أي قال أيوب قال لي أبو قلابة لا تلقاه أي لا تلقى عمرو بن سلمة قوله فقال أي عمرو ابن سلمة كنا بماء أراد به المنزل الذي ينزل عليه الناس قوله ممر الناس بالجر صفة لماء وهو بتشديد الراء إسم موضع المرور ويجوز فيه الرفع على تقدير هو ممر الناس قوله الركبان جمع راكب الإبل خاصة ثم اتسع فيه فأطلق على من ركب دابة قوله ما للناس ما للناس كذا هو مكرر مرتين قوله ما هذا الرجل أي يسألون عن النبي وعن حال العرب

(17/289)


معه قوله أو أوحى الله بكذا شك من الروي يريد به حكاية ما كانوا يخبرونهم به مما سمعوه من القرآن وفي ( المستخرج ) لأبي نعيم فيقولون نبي يزعم أن الله أرسله وأن الله أوحى إليه كذا وكذا فجعلت أحفظ ذلك الكلام ورواية أبي داود وكنت غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا قوله ذلك الكلام ويروي ذاك الكلام قوله فكأنما ويروى وكأنما قوله يغري بضم الياء وفتح الغين المعجمة وتشديد الراء من التغرية وهو الإلصاق بالغراء ورجح القاضي عياض هذه الرواية وفي رواية الكشميهني يقر بضم الياء وفتح القاف وتشديد الراء من القراء وفي رواية عنه بزيادة ألف مقصورا من التقرية أي يجمع وفي رواية الأكثرين يقرأ بالهمزة من القراءة قوله تلوم بفتح التاء المثناة من فوق وفتح اللام وتشديد الواو وأصله تتلوم فحذفت إحدى التاءين ومعناه تنتظر قوله الفتح أي فتح مكة قوله وقومه منصوب على المعية قوله بادر أي أسرع وكذا قوله بدر يقال بدرت إلى شيء وبادرت أي أسرعت قوله فلما قدم أي أبوه من عند النبي وقوله هذا يشعر بأنه ما وفد مع أبيه ولكن لا يمنع أن يكون وفد بعد ذلك قوله فنظروا أي إلى من كان أكثر قرآنا قوله بردة وهي الشملة المخططة وقيل كساء أسود مربع فيه صفر تلبسه الأعراب وجمعها برد قوله تقلصت أي انجمعت وانضمت وفي رواية أبي داود تكشفت عني وفي رواية له فكنت أؤمهم في بردة موصولة فيها فتق فكنت إذا سجدت خرجت أستي قوله لا تغطوا بحذف النون كذا قال ابن التين وفي الأصل لا تغطون لعدم الموجب لحذف النون وفي رواية أبي داود فقالت امرأة من النساء داروا عنا عورة قارئكم قوله فاشتروا مفعولة محذوف أي فاشتروا ثوبا وفي رواية أبي داود فاشتروا لي قميصا عمانيا وهو بضم العين المهملة وتخفيف الميم نسبة إلى عمان من البحرين
4303 - حدثني ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها عن النبي وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني عروة ابن الزبير أن عائشة قالت كان عتبة بن أبي وقاس عهد إلى أخيه سعد أن يقبض ابن وليدة زمعة وقال عتبة إنه ابني فلما قدم رسول الله مكة في الفتح أخذ سعد بن أبي وقاص ابن وليدة زمعة فأقبل به إلى رسول الله وأقبل معه عبد بن زمعة فقال سعد بن أبي وقاص هاذا ابن أخي عهد إلي أنه ابنه قال عبد بن زمعة رسول الله هاذا أخي هاذا ابن وليدة زمعة ولد على فراشه فنظر رسول الله إلى ابن وليدة زمعة فإذا أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله هو لك هو أخوك يا عبد بن زمعة من أجل أنه ولد على فراشه وقال رسول الله احتجبي منه يا سودة لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص قال ابن شهاب قالت عائشة قال رسول الله الولد للفراش وللعاهر الحجر وقال ابن شهاب وكان أبو هريرة يصيح بذالك
مطابقته للترجمة في قوله فلما قدم رسول الله مكة في الفتح والحديث مضى في البيوع في باب تفسير الشبهات فإنه أخرجه هناك عن يحيى بن قزعة عن مالك ومضى الكلام فيه هناك
قوله عتبة بضم العين وسكون التاء من فوق قوله وليدة زمعة الوليدة الأمة وزمعة بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحات وقيل بسكون الميم قوله للعاهر الحجر أي وللزاني الخيبة والحرمان من الولد قوله ابن شهاب قالت عائشة موصول بالإسناد المذكور قوله يصبح بذلك أي بقوله الولد للفراش وللعاهر والحجر ورواية ابن شهاب عن أبي هريرة مرسلة وروى مسلم من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي الولد للفراش وللعاهر الحجر

(17/290)


4304 - حدثنا ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( عروة بن الزبير ) أن امرأة سرقت في عهد رسول الله في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه قال عروة فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله فقال أتكلمني في حد من حدود الله قال أسامة استغفر لي يا رسول الله فلعا كان العشي قام رسول الله خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر رسول الله بتلك المرأة فقطعت يدها فحسنت توبتها بعد ذالك وتزوجت قالت عائشة فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله
مطابقته للترجمة في قوله في غزوة الفتح وعبد الله هو ابن المبارك والحديث قد مضى في الشهادات في باب شهادة القاذف فإنه أخرجه هناك عن إسماعيل إلى آخره
قوله أن امرأة هي فاطمة المخزومية قوله في عهد رسول الله أي في زمانه هذه صورة الإرسال ولكن في آخره ما يقتضي أنه عن عائشة وهو قوله في آخره قالت عائشة رضي الله تعالى عنها قوله ففزع أي التجأ قومها إلى أسامة بن زيد بن حارثة مولى النبي يقال فزعت إليه بكسر الزاي فأفزعني أي لجأت إليه فأغاثني وفزعت عنه أي كشفت عنه الفزع ومنه قوله تعالى حتى إذا فزع عن قلوبهم ( سبإ 23 )
4305 - حدثنا ( عمرو بن خالد ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( عاصم ) عن ( أبي عثمان ) قال حدثني ( مجاشع ) قال أتيت النبي بأخي بعد الفتح فقلت يا رسول الله جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة قال ذهب أهل الهجرة بما فيها فقلت على أي شيء تبايعه قال أبايعه على الإسلام والأيمان والجهاد فلقيت معبدا بعد وكان أكبرهما فسألته فقال صدق مجاشع
مطابقته للترجمة في قوله بعد الفتح وأشار بهذا إلى أن هذه القصة وقعت بعد الفتح وزهير هو ابن معاوية وعاصم هو ابن سليمان وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي بفتح النون ومجاشع بضم الميم وبالجيم والشين المعجمة المكسورة وفي آخره عين مهملة هو ابن مسعود بن ثعلبة بن وهب السلمي بضم السين قتل يوم الجمل قبل الاجتماع الأكبر
والحديث مضى في الجهاد في باب البيعة في الحرب أن لا يفروا مختصرا
قوله بأخي هو مجالد بوزن أخيه مجاشع وله صحبة قال أبو عمر لا أعلم له رواية وكان إسلامه بعد إسلام أخيه بعد الفتح وهو أيضا قتل يو الجمل وكنيته أبو معبد كما يذكره في الرواية الثانية وفي هذا قال فلقيت معبدا هكذا رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني فلقيت أبا معبد كما في الرواية الثانية وهو الصواب قوله ذهب أهل الهجرة بما فيها يعني أن الهجرة قد مضت لأهلها والهجرة الممدوحة الفاضلة التي لأصحابها المزية الظاهرة إنما كانت قبل الفتح فقد مضت لأهلها يعني حصلت لمن وفق لها قبل الفتح قوله قال أبايعه أي قال النبي أبايعه على أن يفعل هذه الأشياء وهي الإسلام والإيمان والجهاد قوله فلقيت معبدا قد ذكرنا الآن اختلاف الرواية فيه وفاعل لقيت أبو عثمان النهدي راوي الحديث وقد صرح بذلك مسلم حيث قال مضت الهجرة لأهلها قلت فبأي شيء تبايعه قال على الإسلام والجهاد والخير قال أبو عثمان فلقيت أبا معبد فأخبرته بقول مجاشع قال وفي رواية له فلقيت أخاه فقال صدق مجاشع قوله بعد بضم الدال أي بعد سماعي الحديث من مجاشع قوله وكان أكبرهما أي وكان أبو معبد أكبر الأخوين قوله

(17/291)


فسألته أي أبا معبد والسائل هو أبو عثمان أيضا وكان سؤاله عن حديث مجاشع الذي سمعه منه فقال أبو معبد صدق مجاشع وهذا يدل على أن أبا عثمان روى عن الأخوين كليهما
4308 - حدثنا ( محمد بن أبي بكر ) حدثنا ( الفضيل بن سليمان ) حدثنا ( عاصم ) عن ( أبي عثمان النهدي ) عن ( مجاشع بن مسعود ) انطلقت بأبي معبد إلى النبي ليبايعه على الهجرة قال مضت الهجرة لأهلها أبايعه على الإسلام والجهاد فلقيت أبا معبد فسألته فقال صدق مجاشع وقال خالد عن أبي عثمان عن مجاشع أنه جاء بأخيه مجالد
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم أبو عبد الله المعروف بالمقدمي وهو شيخ مسلمأيضا يروي عن الفضيل بضم الفاء ابن سليمان النميري البصري عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان النهدي
قوله انطلقت بأبي معبد هو مجالد أخو مجاشع وقد ذكر هنا بالكنية ومسلم أيضا ما ذكره إلا بالكنية وهو الصواب قوله وقال خالد هو الحذاء هذا تعليق وصله الإسماعيلي من جهة خالد بن عبد الله الطحان عن خالد الحذاء عن أبي عثمان عن مجاشع بن مسعود أنه جاء بأخيه مجالد بن مسعود فقال هذا مجالد يا رسول الله فبايعه على الهجرة الحديث
4309 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي بشر ) عن ( مجاهد لابن عمر ) رضي الله عنهما إني أريد أن أهاجر إلى الشام قال لا هجرة ولكن جهاد فانطلق فاعرض نفسك فإن وجدت شيئا رجعت
هذا ذكره هنا استطرادا وقد مضى في أوائل الهجرة سندا ومتنا وغندر بضم الغين المعجمة وسكون النون لقب محمد بن جعفر وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس قوله فإن وجدت شيئا أي من الجهاد أو من القدرة عليه فذاك هو المطلوب قوله وإلا أي وإن لم تجد شيئا من ذلك رجعت
4310 - وقال النضر أخبرنا شعبة أخبرنا أبو بشر سمعت مجاهدا قلت لابن عمر فقال لا هجرة اليوم أو بعد رسول الله مثله
هذا تعليق النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل بضم الشين المعجمة مصغر الشمل ووصله الإسماعيلي من طريق أحمد بن منصور وزاد في آخره ولكن جهاد فاعرض نفسك فإن أصبت شيئا وإلا فارجع قوله أو بعد شك من الراوي قوله مثله أي مثل الحديث المذكور

(17/292)


4312 - حدثنا ( إسحاق بن يزيد ) حدثنا ( يحيى بن حمزة ) قال حدثني ( الأوزاعي ) عن ( عطاء ابن أبي رباح ) قال زرت عائشة مع عبيد بن عمير فسألها عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم كان المؤمن يقر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية ( انظر الحديث 3080 وطرفه )
هذا الحديث مثل الحديث المذكور في السند غير أن هناك الأوزاعي عن عبدة عن مجاهد وهنا عن عطاء وفي قوله لا هجرة غير أن هناك بعد الفتح وهنا لا هجرة اليوم ومعناهما يؤول إلى معنى واحد قول يفر بدينه أي بسبب حفظ دينه قوله مخافة نصب على التعليل قوله ولكن جهاد أي ولكن الهجرة اليوم جهاد في سبيل الله قوله ونية أي ثواب النية في الهجرة
4313 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( أبو عاصم ) عن ( ابن جريج ) قال أخبرني ( حسن بن مسلم ) عن ( مجاهد ) أن رسول الله قام يوم الفتح فقال إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ولم تحلل لي ساعة من الدهر لا ينفر صيدها ولا يعضد شوكها ولا يختلى خلاها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال العباس بن عبد المطلب إلا الإذخر يا رسول الله فإنه لا بد منه للقين والبيوت فسكت ثم قال إلا الإذخر فإنه حلال
مطابقته للترجمة في قوله يوم الفتح وهو مرسل وقد مضى في الحج والجهاد وغيرهما موصولا وإسحاق هو ابن منصور وبه جزم أبو علي الجياني وقال الحاكم هو إسحاق بن نصر وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل وهو من شيوخ البخاري روى عنه هنا بالواسطة ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي وحسن بن مسلم بن يناق المكي
وعن ابن جريج أخبرني عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس بمثل هذا أو نحو هاذا رواه أبو هريرة عن النبي
قوله وعن ابن جريج موصول بالإسناد الذي قبله أي رواه أبو عاصم عن ابن جريج عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس عن النبي وقد مضى في الحج في باب لا يحل القتال بمكة عن ابن عباس عن النبي من طريق مجاهد عن طاوس عنه عن النبي قوله بمثل هذا أي بمثل هذا الحديث المذكور قوله أو نحو هذا شك من الراوي والفرق بين المثل والنحو أن المثل متحد في الحقيقة والنحو أعم وقيل هما مترادفان قوله رواه أبو هريرة عن النبي وقد مضى في كتاب العلم في باب كتابة العلم عن أبي نعيم عن شبيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن خزاعة قتلوا رجلا الحديث بطوله وقد مضى الكلام فيه هناك مستقصى
55 -
( باب قول الله عز و جل ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته إلى قوله غفور رحيم ( التوبة 25 )
أي هذا باب في ذكر قول الله عز و جل ويوم حنين إلى آخره هكذا وقع في رواية أبي ذر ووقع في رواية غيره إلى قوله ثم أنزل الله سكينته ثم قال إلا غفور رحيم ووقع في رواية النسفي باب غزوة حنين وقول الله تعالى ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت إلى قوله غفور رحيم قوله ويوم حنين إلى آخره وأول

(17/293)


الآية لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ( التوبة 25 ) وأراد بالمواطن الكثيرة وقعات بدر وقريظة والنضير والحديبية وخيبر وفتح مكة وقوله ويوم حنين عطف على المواطن قال الزمخشري فإن قلت كيف عطف الزمان على المكان وهو يوم حنين على المواطن قلت معناه وموطن يوم حنين أو في أيام مواطن كثيرة ويوم حنين وحنين واد بين مكة والطائف وقال البكري هو واد قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا والأغلب عليه التذكير لأنه اسم ماء وقيل إنه سمي بحنين بن قانية بن مهلاييل قوله إذ أعجبتكم كثرتكم إما بدل من يوم حنين والتقدير أذكر إذا أعجبتكم عند الملاقاة مع الكفار كثرتكم فلم تغن الكثرة عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت وكلمة ما مصدرته والباء بمعنى أي مع رحبها أي وسعها ثم وليتم مدبرين أي منهزمين وقال ابن جريج عن مجاهد هذه أول آية نزلت من سورة براءة يذكر الله للمؤمنين فضله عليهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة أن ذلك من عنده لا يعددهم ولا عددهم ونبههم على أن النصر من عنده سواء قل الجمع أو كثر فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا قوله مدبرين إلا القليل منهم رسول الله ثم أنزل نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين كانوا معه كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى
واعلم أن وقعة حنين كانت بعد فتح مكة في شوال سنة ثمان من الهجرة وذلك لما فرغ رسول الله من فتح مكة وتمهدت له أمورها وأسلم عامة أهلها وأطلعهم رسول الله بلغة أن هوازن قد جمعوا له ليقاتلوه وأميرهم مالك بن عون النضري ومعه ثقيف بكمالها وبنو جشم وبنو سعد بن بكر وأوزاع من بني هلال وهم قليل وناس من بني عمرو بن عامر وعون ابن عامر وأقبلوا ومعهم النساء والولدان والشاء والنعم وجاؤوا بقضهم وقضيضهم فخرج إليهم رسول الله في حبيشه الذين جاؤوا معه للفتح وهو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب ومعه الذين أسلموا من أهل مكة وهم الطلقاء في ألفين فسار بهم إلى العدو فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له حنين فكانت فيه الوقعة من أول النهار في غلس الصبح وانحدروا في الوادي وقد كمنت فيه هوازن فلما توجهوا لم يشعر المسلمون إلا بهم قد ساوروهم ورشقوا بالنبال واصلتوا السيوف وحملوا حملة رجل واحد كما أمرهم ملكهم فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى وثبت رسول الله وهو يومئذ على بغلته الشهباء يسوقها إلى نحو العدو والعباس آخذ بركابه الأيمن وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابه الأيسر يثقلانه لئلا يسرع السير وهو ينوه باسمه ويدعو المسلمين إلى الرجعة ويقول أي عباد الله إلى أنا رسول الله ويقول في تلك الحال
( أنا النبي لا كذب
أنا ابن عبد المطلب )
وثبت معه من أصحابه قريب من مائة وقيل ثمانون منهم أبو بكر وعمر والعباس وعلي والفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحارث وأيمن ابن أم أيمن وأسامة بن زيد وغيرهم رضي الله عنهم ثم أمر رسول الله عمه العباس وكان جهير الصوت بأن ينادي بأعلى صوته يا أصحاب الشجرة يعني شجرة بيعة الرضوان يا أصحاب سورة البقرة فجعلوا يقولون لبيك يا لبيك فتراجع شرذمة من الناس إلى رسول الله فأمرهم أن يصدقوا الحملة وأخذ قبضة من التراب بعد ما دعا ربه واستنصره وقال أللهم أنجز لي ما وعدتني ثم رمى القوم بها فما بقى إنسان منهم إلا أصابه منها في عينه وفمه ما يشغله عن القتال ثم انهزموا واتبع المسلمون أقفيتهم يأسرون ويقتلون وما تراجع بقية الناس إلا والأسارى مجدلة أي ملقاة بين يدي النبي
وفي ( مسند أحمد ) من حديث يعلى بن عطاء قال فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد وقال محمد بن إسحاق حدثني والدي إسحاق بن بشار عمن حدثه عن جبير بن مطعم قال إنا لمع رسول الله يوم حنين والناس يقتلون إذ نظرت إلى مثل النجاد الأسود يهوي من السماء حتى وقع بيننا وبين القوم فإذا نمل منثور قد ملأ الوادي فلم يكن إلا هزيمة القوم فما نشك أنها الملائكة وقال أبو معشر ثبت مع النبي يومئذ مائة رجل بضعة وثلاثون من المهاجرين وسائرهم من الأنصار وسل النبي سيفه ثم طرح غمده وقال

(17/294)


الرجز المذكور وقال لأبي سفيان بن الحارث ناولني ترابا فناوله وكان على بغلته البيضاء التي أهداها له فروة بن نفاثة وقال ابن هشام قال حينئذ لبغلته الشهباء البدي فوضعت بطنها على الأرض فأخذ حفنة فضرب بها وجوه هوازن وعند ابن سعد هذه البغلة هي دلدل وفي مسلم بغلته الشهباء يعني دلدل التي أهداها له المقوقس ويجوز أن يكون ركبهما يومئذ معا والله أعلم
قوله ثم أنزل الله سكينته أي الأمنة والطمأنينة بعد الهزيمة وقال الزمخشري رحمته التي سكنوا بها وآمنوا قوله وانزل جنودا لم تر قال ابن عباس يعني الملائكة وكانوا ثمانية آلاف وقيل خمسة آلاف وقيل ستة عشر ألفا وكان سيماهم عمائم حمرا قد أرخوها بين أكتافهم قوله وعذب الذين كفروا أي بالقتل والهزيمة وقيل بالخوف وقيل بالأسر وسبي الأولاد وسبي النبي منهم ستة آلاف رأس ومن الإبل أربعة وعشرين ألف بعير ومن الغنم أكثر من أربعين ألفا ومن الفضة أربعة آلاف أوقية قوله وذلك جزاء الكافرين أي ما ذكر من القتل والأسر جزاء الكافرين قوله ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء فيهديه إلى الإسلام ولا يؤاخذه بما سلف منه والله غفور رحيم وقد تاب الله على بقية هوازن وأسلموا وقدموا مسلمين ولحقوا النبي وقد قارب مكة عند الجعرانة وذلك بعد الوقعة بقريب من عشرين يوما فعند ذلك خيرهم بين سبيهم وأموالهم فاختاروا سبيهم وقسم أموالهم بين الغانمين ونفل ناسا من الطلقاء لتتألف قلوبهم على الإسلام فأعطاهم مائة مائة من الإبل وكان من جملة من أعطى مائة مالك بن عوف النضري فاستعمله على قومه كما كان وقال أبو عمر مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نضر بن بكر بن هوازن النضري انهزم يوم حنين كافرا ولحق بالطائف فقال رسول الله لو أتاني مسلما لرددت إليه أهله وماله فبلغه ذلك فلحق برسول الله وقد خرج من الجعرانة فأسلم وأعطاه من الإبل كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم وهو أحدهم وحسن إسلامه فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله
في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا إحتدى
ومتى يشاء يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة غردت أنيابها
بالسمهري وضرب كل مهند
فكأنه ليث على أشباله
وسط المياه جاذر في مرصد
4315 - حدثنا ( محمد بن كثير ) حدثنا ( سفيان ) عن ( أبي إسحاق ) قال سمعت ( البراء ) رضي الله

(17/295)


عنه وجاءه رجل فقال يا أبا عمارة أتوليت يوم حنين فقال أما أنا أشهد على النبي أنه لم يول ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء يقول
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
مطابقته للترجمة في قوله أتوليت يوم حنين وسفيان هو الثوري وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي وقد مضى الحديث في الجهاد في باب بغلة النبي البيضاء
قوله يا أبا عمارة هي كنية البراء قوله أتوليت الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار أي أنهزمت قوله أما أنا إلى آخره فيه جواب بديع يبين فيه أولا أن النبي لم يول أيضا لأن إخباره بقوله ولكن عجل سرعان القوم إلى آخره يدل على أنه ثبت لأن المولى لا يقدر على إخبار ما شاهده البراء في هذه القضية على هذه الصورة فإن قلت جوابه لا يطابق سؤال الرجل لأنه سأل عنه هل توليت أم لا ولم يسأل عن حال النبي قلت لأنه فهم بقرينة الحال أنه سأل عن فرار الكل فيدخل فيه النبي ويؤيده ما في الطريق الذي يأتي عقيبه أوليتم مع النبي وأجاب بقوله أشهد على رسول الله أنه لم يول قوله سرعان القوم بفتح السين المهملة وفتح الراء ويجوز بالتسكين أيضا وقال الكرماني وسرعان بضم المهملة وكسرها جمع السريع حكى هذا عن بعضهم وليس كذلك لأن جماعة منهم ابن الأثير وغيره قد ضبطوه مثل ما ضبطناه و قال سرعان القوم أوائلهم الذين يسارعون إلى شيء ويقبلون عليه بسرعة وقال الخطابي بعضهم يقول بكسر السين وهو خطأ قوله فرشقتهم من الرشق بالشين المعجمة والقاف وهو الرمي وهوازن قبيلة كبيرة من العرب فيها عدة بطون ينسبون إلى هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بالخاء المعجمة والصاد المهملة وبالفاء كلها مفتوحة ابن قيس غيلان ابن الياس بن مضر وأبو سفيان بن الحارث هو ابن عبد المطلب بن عبد المطلب بن هاشم وهو ابن عم النبي قوله آخذ على وزن فاعل قوله يقول جملة وقعت حالا
4316 - حدثنا ( أبو الوليد ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) قيل ل ( لبراء ) وأنا أسمع أوليتم مع النبي يوم حنين فقال أما النبي فلا كانوا رماة فقال
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي عن شعبة عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي عن البراء بن عازب
قوله كانوا أي هوازن قوله رماة جمع رام وفيه حذف تقديره كانوا رماة فرشقوهم رشقا فانهزموا فقال النبي
( أنا النبي لا كذب )
فأشار به إلى أن صفة النبوة تنافي الكذب فكأنه قال أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى انهزموا وأنا متيقن بنصر الله عز و جل وأما انتسابه إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فلشهرة عبد المطلب بين الناس بخلاف عبد الله فإنه مات شابا وبقية الكلام قد مرت في الجهاد في الباب الذي ذكرناه عن قريب
4317 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) سمع ( البراء ) وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول الله يوم حنين فقال لكن رسول الله لم يفر كانت هوازن رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلنا بالسهام ولقد رأيت رسول الله على بغلته البيضاء وإن أبا سفيان آخذ بزمامها وهو يقول
( أنا النبي لا كذب )
هذا طريق آخر قد مضى في الجهاد في باب من قاد دابة غيره في الحرب وأخرجه هنا عن محمد بن بشار بالباء الموحدة

(17/296)


وتشديد الشين المعجمة عن غندر بالغين المعجمة وهو لقب محمد بن جعفر
قوله لم يفر يجوز في القراءة الفتح والكسر ويجوز فيه لك الإدغام قوله وإنا بكسر الهمزة قوله انكشفوا أي انهزموا قوله فاكببنا أي وقعنا على الغنائم وهو فعل لازم يقال كببته فأكب وأكب الرجل يكب على عمل يعمله إذا لزمه وجاء أكببنا بفك الإدغام لتعذره قوله فاستقبلنا على صيغة المجهول قوله أنا النبي لا كذب
هذا المقدار قد ذكر في هذه الرواية وفي رواية ذكر الشطر الثاني
( أنا ابن عبد المطلب )
كما في الرواية السابقة
قال إسرائيل وزهير نزل النبي عن بغلته
قوله إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وزهير هو ابن معاوية الجعفي وهذا تعليق معناه رويا هذا الحديث عن أبي إسحاق عن البراء فقالا في آخره نزل النبي عن بغلته أما تعليق إسرائيل فقد وصله البخاري في كتاب الجهاد في باب من قال خذها وأنا ابن فلان وأما تعليق زهير فوصله أيضا في باب من صف أصحابه عند الهزيمة وركوب النبي البغلة في الحرب يدل على غاية الثبات ونزوله أثبت من ذلك
4319 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) قال حدثني ل ( يث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) ح وحدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) ح وحدثني ( إسحاق ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( ابن أخي ابن شهاب ) قال ( محمد بن شهاب وزعم عروة بن الزبير ) أن ( مروان والمسور بن مخرمة ) أخبراه أن رسول الله قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم فقال لهم رسول الله معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد كنت استأنيت بكم وكان أنظرهم رسول الله بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فإنا نختار سبينا فقام رسول الله في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإن إخوانكم قد جاؤونا تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل فقال الناس قد طيبنا ذلك يا رسول الله فقال رسول الله إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا هاذا الذي بلغني عن سبي هوازن
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن مجيء وفد هوازن إلى النبي كان في إثر غزوة حنين
وأخرجه من طريقين أحدهما عن سعيد بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء وبالراء عن ليث بن سعد ويجوز فيه الألف واللام وتركهما عن عقيل بضم العين ابن خالد الأيلي عن محمد بن مسلم بن شهاب والآخر عن إسحاق بن منصور المروزي عن يعقوب بن إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري الخ
والحديث قد مضى في الخمس في باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين بعينه سندا أو متنا مثل الطريق الأولى ومضى الكلام فيه هناك ومضي في أول الشروط في صلح الحديبية أن الزهري رواه عن عروة عن المسور ومروان عن أصحاب النبي فدل على أنه

(17/297)


في بقية المواضع حيث لا يذكر عن أصحاب النبي أنه مرسل لأن المسور يصغر عن إدراك القضية ومروان أصغر منه
قوله قال محمد بن شهاب هو الزهري قوله وزعم عروة قيل هذا معطوف على قصة صلح الحديبية فلينظر فيه قوله حين جاءه وفد هوازن فيه اختصار بينه موسى بن عقبة في ( المغازي ) مطولا ولفظه ثم انصرف رسول الله من الطائف في شوال إلى الجعرانة وبها سبي هوازن وقدمت عليه وفود هوازن مسلمين فهم تسعة عشر نفرا من أشرافهم فأسلموا وبايعوا ثم من بعده يعني ما في رواية البخاري وهو قوله فسألوه أن يرد إليهم إلخ قوله ومعنى من ترون يعني من الصحابة قوله أجدى الطائفتين الطائفة القطعة من الشيء والمراد أحد الأمرين قوله وقد كنت استأنيت بكم وفي رواية الكشميهني استأنيت لكم أي انتظرت أي أخرت قسم السبي لتحضروا وقد أبطأتم وكان ترك السبي بغير قسمة وتوجه إلى الطائف فحاصرها كما سيأتي ثم رجع عنها إلى الجعرانة ثم قسم الغنائم هناك فجاء وفد هوازن بعد ذلك قوله وكان أنظرهم أي كان النبي انتظرهم بضع عشرة ليلة قوله حين قفل أي رجع قوله أن يطيب بضم الياء من التطييب أي يعطيه عن طيب نفس منه بغير عوض قوله على حظه أي على نصيبه قوله حتى نعطيه بنون المتكلم مع الغير قوله أول ما يفيء الله أي من أول ما يحصل لنا من الفيء قوله عرفاؤكم جمع عريف وهو النقيب قوله هذا الذي بلغني قول الزهري يعني هذا الذي بلغني عن سبي هوازن
322 - ( حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن عمر قال يا رسول الله ح وحدثني محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن أيوب عن
نافع عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال لما قفلنا من حنين سأل عمر النبي عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكاف فأمره النبي بوفائه )
مطابقته للترجمة في قوله لما قفلنا من حنين وأخرجه من طريقين ورجالهما قد ذكروا غير مرة وعبد الله هو ابن المبارك والطريق الأول مرسل مختصر وقد ساق بقيته في فرض الخمس بلفظ أن عمر قال لرسول الله إنه كان على اعتكاف يوم في الجاهلية فأمره أن يفي به والثاني مضى في الاعتكاف في باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف وفي الباب الذي يليه ومضى الكلام فيه هناك وقيل قد عاب الإسماعيلي على البخاري جمعهما لأن قوله لما قفلنا من حنين لم يقع في رواية حماد بن زيد يعني في الرواية المرسلة وأجيب بأن البخاري نظر إلى أصل الحديث لا إلى أصل النقص والزيادة في ألفاظ الرواة وإنما أورد طريق حماد بن زيد المرسل للإشارة إلى أن رواية حماد بن زيد مرجوحة لأن جماعة من أصحاب شيخه أيوب خالفوه فيه فوصلوه بل بعض أصحاب حماد بن زيد رواه عنه موصولا
( وقال بعضهم حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر )
أراد بالبعض أحمد بن عبدة الضبي وحماد هو ابن زيد لأن حماد بن سلمة يذكر عقيبه بما يخالف سياقه وهذا التعليق وصله الإسماعيلي فقال أخبرني القاسم هو ابن زكريا حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال كان عمر رضي الله تعالى عنه نذر اعتكاف ليلة في الجاهلية فسأل النبي فأمره أن يفي به
( ورواه جرير بن حازم وحماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي )
أي روى الحديث المذكور جرير بن حازم الخ يعني رواه هؤلاء موصولا أما تعليق جرير فوصله مسلم وغيره من رواية ابن وهب عن جرير بن حازم أن أيوب حدثه أن نافعا حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سأل رسول الله وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف فقال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام فكيف ترى قال اذهب فاعتكف وأما تعليق حماد بن

(17/298)


سلمة فوصله مسلم أيضا من طريق حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب مقرونا برواية محمد بن إسحق كلاهما عن
نافع عن ابن عمر
عن النبي -
4321 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( عمر بن كثير بن أفلح ) عن ( أبي محمد ) مولى ( قتادة ) عن ( أبي قتادة ) قال خرجنا مع النبي عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فضربته من ورائه على جبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر فقلت ما بال الناس قال أمر الله عز و جل ثم رجعوا وجلس النبي فقال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقلت من يشهد ثم جلست قال ثم قال النبي مثله فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست قال ثم قال النبي مثله فقمت فقال ما لك يا أبا قتادة فأخبرته فقال رجل صدق وسلبه عندي فأرضه مني فقال أبو بكر لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال النبي صدق فأعطه فأعطانيه فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن سعيد هو الأنصاري قاضي المدينة وعمر بن كثير ضد القليل ابن أفلح المدني مولى أبي أيوب الأنصاري وثقه النسائي وغيره من التابعين الصغار ولكن ذكره ابن حبان في أتباع التابعين وليس له في البخاري سوى هذا الحديث بهذا الإسناد وحرف يحيى بن يحيى الأندلسي في روايته فقال عمرو بن كثير بفتح العين والصواب عمر بضم العين وأبو محمد اسمه نافع بن عباس معروف باسمه وكنيته وهو مولى أبي قتادة ويقال مولى عقيلة بنت طلق ويقال عبلة بنت طلق وأبو قتادة اسمه الحارث بن ربعي وقيل غيره
والحديث مضى في الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله جولة بفتح الجيم وسكون الواو أي تقدم وتأخر وفي العبارة لطف حيث لم يقل هزيمة وهذه الجولة كانت في بعض المسلمين لا في رسول الله ومن حواليه قوله قد علا رجلا أي ظهر على قتله قوله على حبل عاتقه العاتق موضع الرداء من المنكب والحبل العصب قوله بالسيف ويروى بسيف بدون الألف واللام قوله فقطعت الدرع أي اللبس الذي كان لابسه قوله وجدت منها أي من تلك الضمة ريح الموت أي من شدتها قوله فأرسلني أي أطلقني قوله فلحقت عمر رضي الله عنه فيه حذف تقديره فانهزم المسلمون وانهزمت معهم فلحقت عمر قوله ما بال الناس أي ما حالهم قوله قال أمر الله أي قال عمر حكم الله تعالى وما قضا به وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي محذوف أي هذا الذي أصابهم أمر الله قوله ثم رجعوا أي ثم تراجعوا وهكذا في الرواية الآتية وكيفية رجوعهم قد تقدمت عن قريب قوله من قتل قتيلا أي مشرفا على القتل فهو مجاز باعتبار المال قال الكرماني ويحتمل أن يكون حقيقة بأن يراد بالقتيل القتيل بهذا القتل لا بقتل سابق كما قال المتكلمون في جواب المغالطة المشهورة وهو أن إيجاد المعدوم محال لأن الإيجاد إما حال العدم فهو جمع بين النقيضين وإما حال الوجود وهو تحصيل للحاصل أن إيجاد الموجود بهذا الوجود لا بوجود متقدم قوله فأرضه مني هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره فأرضه منه قوله فقال أبو بكر أي الصديق رضي الله عنه قوله لا ها الله كلمة ها للتنبيه وقد يقسم

(17/299)


بها يقال لا ها الله ما فعلت أي لا والله وقال ابن مالك فيه شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه قال ولا يكون ذلك إلا مع الله أي لم يسمع لا ها الرحمن كما سمع لا والرحمن وحكى ابن التين عن الداودي أنه روى رفع الله والمعنى يأبى الله وقيل إن ثبتت الرواية بالرفع فيكون ها للتنبيه والله مبتدأ وقوله لا يعمد خبره وفيه تأمل قوله إذا بكسر الهمزة وبالذال المعجمة المنونة وقال الخطابي هكذا نرويه وإنما هو في كلامهم أي العرب لا ها الله يعني بدون الهمزة في أوله والهاء فيه بمنزلة الواو والمعنى لا والله لا يكون ذا وقال عياض في ( المشارق ) عن إسماعيل القاضي أن المازني قال قول الرواة لا ها الله إذا خطأ والصواب لا ها الله ذا يميني وقسمي وقال أبو زيد ليس في كلامهم لا ها الله إذا وإنما هو لا ها الله ذا وذا صلة في الكلام والمعني لا والله هذا ما أقسم به وقال الطيبي ثبت في الرواية لا ها الله إذا فحمله بعض النحويين على أنه من تعبير بعض الرواة لأن العرب لا تستعمل لا ها الله بدون ذا وإن سلم استعماله بدون ذا فليس هذا موضع إذا لأنها حرف جزاء ومقتضى الجزاء أن لا يذكر إلا في قوله لا يعمد بل كان يقول إذا يعمد إلى أسد ليصح جوابا لطالب السلب انتهى وقد أطال بعضهم الكلام في هذا جدا مختلطا بعضه ببعض من غير ترتيب فالناظر فيه إن كان له يد يشمئز خاطره من ذلك وإلا فلا يفهم شيئا أصلا والذي يقال بما يجدي الناظر أنه إن كان إذا على ما هو الموجود في الأصول يكون معناه حينئذ وإن كان ذا بدون الهمزة فوجهه ما تقدم فلا يحتاج إلى الإطالة الغير الطائلة قوله لا يعمد أي لا يقصد النبي إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حظه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه وقال الكرماني ويعمد بالغيبة والتكلم ووقع في ( مسند أحمد ) أن الذي خاطب النبي بذلك عمر ولفظه فيه فقال عمر والله لا يفيئها الله على أسد ويعطيكها فقال النبي صدق عمر قلت صاحب القصة أبو قتادة فهو اتقن لما وقع فيها من غيره وقيل يحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضا قال ذلك تقوية لأبي بكر رضي الله عنه قوله فابتعت به أي اشتريت بذلك السلب وقال الواقدي باعه الحاطب بن أبي بلتعة بسبع أواق قوله مخرفا بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة قيل يجوز فيه كسر الخاء وهو البستان وسمي بذلك لأنه يخترف منه التمر أي يجني وذكر الواقدي أن هذا البستان كان يقال له الودنيين والمخرف بكسر الميم إسم الآلة التي يجتني بها قوله في بني سلمة بكسر اللام بطن من الأنصار وهم ثوم أبي قتادة قوله تأثلته بالتاء المثناة من فوق وفتح الهمزة وسكون الثاء المثلثة وضم التاء المثناة من فوق أي اتخذته أصل المال واقتنيته وأثلة كل شيء أصله
4322 - وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة أن أبا قتادة قال لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه من ورائه ليقتله فأسرعت إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني وأضرب يده فقطعتها ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس قال أمر الله ثم تراجع الناس إلى رسول الله فقال رسول الله من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه فقمت لألتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لي فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه منه فقال أبو بكر كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله قال فقام رسول الله فأداه إلي فاشتريت منه خرافا فكان أول مال تاثلته في الإسلام

(17/300)


هذا طريق آخر في الحديث المذكور وهو معلق وصله البخاري في الأحكام عن قتيبة عن الليث ويحيى بن سعد هو الأنصاري
قوله يختله بالخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق أي يخدعه قوله حتى تخوفت أي الهلاك وهو مفعول قد حذف قوله بدالي أي ظهر لي قوله الذي يذكر أي أبو قتادة وفي رواية الكشميهني الذي ذكره قوله كلا كلمة ردع قوله لا يعطه أي لا يعطي رسول الله سلاح الرجل الذي هو سلبه قوله أصيبغ بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحدة بعدها الغين المعجمة وهو نوع من الطير ضعيف شبهه به لعجزه وهو أنه وقيل شبهه بالصبغاء وهو نبت معروف وقيل نبت ضعيف كالثمام إذا طلع من الأرض يكون أول ما يلي الشمس منه أصفر هذا الضبط رواية القابسي وفي رواية أبي ذر بالضاد المعجمة والعين المهملة وعلى روايته هو تصغير الضبع على غير قياس كأنه لما عظم أبا قتادة بأنه أسد صغر خصمه وشبهه بالضبع لضعف افتراسه وما يوصف به من العجز وقال ابن مالك أضيبع بالضاد المعجمة والعين المهملة تصغير أضبع ويكنى به عن الضعيف قوله ويدع أي يترك وهو بالنصب وقال الكرماني ويدع بالرفع والجر نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن
( باب غزوة أوطاس )
أي هذا باب في بيان غزوة أوطاس قال عياض هو واد في ديار هوازن وهو موضع حرب حنين وهو من وطست الشيء وطسا إذا كددته وأثرت فيه والوطيس نقرة في حجر توقد حوله النار فيطبخ به اللحم والوطيس التنور
324 - ( حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال لما فرغ النبي من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد وهزم الله أصحابه قال أبو موسى وبعثني مع أبي عامر فرمي أبو عامر في ركبته رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت يا عم من رماك فأشار إلى أبي موسى فقال ذاك قاتلي الذي رماني فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى فاتبعته وجعلت أقول له ألا تستحي ألا تثبت فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ثم قلت لأبي عامر قتل الله صاحبك قال فانزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء قال يا ابن أخي أقرىء النبي السلام وقل له استغفر لي واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرا ثم مات فرجعت فدخلت على النبي في بيته على سرير مرمل وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال قل له استغفر لي فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس فقلت ولي فاستغفر فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما قال أبو بردة إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وكذا أبو بردة واسمه عامر وأبو موسى اسمه عبد الله بن قيس وبريد هنا يروي عن جده أبي بردة وهو يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري والحديث مضى في الجهاد مقطعا وفي الدعوات يأتي وأخرجه مسلم في الفضائل قوله بعث أبا عامر واسمه عبيد بن سليم بن حضار الأشعري وهو

(17/301)


عم أبي موسى الأشعري وقال ابن إسحاق هو ابن عمه والأول أشهر قوله على جيش أي أميرا عليهم وذلك أن هوازن بعد الهزيمة اجتمع بعضهم في أوطاس فأراد رسول الله استئصالهم فبعثه إليهم قوله فلقي دريد بن الصمة دريد بضم الدال مصغر الدرد بالمهملتين والراء والصمة بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم ابن بكر بن علقمة ويقال ابن الحارث بن علقمة الجشمي بضم الجيم وفتح الشين المعجمة من بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن والصمة لقب لأبيه واسمه الحارث ودريد شاعر مشهور قوله فقتل دريد على صيغة المجهول واختلف في قاتله فعن محمد بن إسحاق قتله ربيعة بن رفيع بضم الراء وفتح الفاء وبالعين المهملة ابن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة السلمي وكان يقال له ابن الذعنة بمعجمة ومهملة ويقال بالعكس وهي أمه وقال ابن هشام يقال اسمه عبد بن قبيع بن أهبان ويقال له أيضا ابن الدغنة وليس هو ابن الدغنة المذكور في قصة أبي بكر في الهجرة وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو الزبير بن العوام ولفظه لما انهزم المشركون انحاز دريد بن الصمة في ستمائة نفس على أكمة فرأوا كتيبة فقال خلوهم فخلوهم فقال هذه قضاعة ولا بأس عليكم ثم رأوا كتيبة مثل ذلك فقالوا هذه سليم ثم رأوا فارسا وحده فقال خلوه لي فقالوا معتجر بعمامة سوداء فقال هذا الزبير بن العوام وهو قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا قال فالتفت الزبير فقال علام هؤلاء ههنا فمضى إليهم وتبعه جماعة فقتلوا منهم ثلاثمائة وحز رأس دريد بن الصمة فجعله بين يديه وكان دريد لما قتل ابن عشرين ويقال ابن ستين ومائة قوله قال أبو موسى وبعثني أي النبي مع أبي عامر أي إلى من التجأ إلى أوطاس قوله فرمي على صيغة المجهول قوله جشمي أي رجل جشمي يعني من بني جشم بضم الجيم وفتح الشين المعجمة واختلف في اسم هذا الجشمي فقال ابن إسحق زعموا أن سلمة بن دريد بن الصمة هو الذي رمى أبا عامر بسهم فأصاب ركبته فقتله وأخذ الراية أبو موسى الأشعري فقاتلهم ففتح الله عليه وقال ابن هشام حدثني من أثق به أن الذي رمى أبا عامر أخوان من بني جشم وهما أوفى والعلاء ابنا الحارث فأصاب أحدهما ركبته وقتلهما أبو موسى الأشعري وروى الطبري في الأوسط من وجه آخر عن أبي موسى الأشعري بإسناد حسن لما هزم الله المشركين يوم حنين بعث رسول الله على خيل المطلب أبا عامر الأشعري وأنا معه فقتل ابن دريد أبا عامر فعدلت إليه فقتلته وأخذت اللواء الحديث فهذا يؤيد ما ذكره ابن إسحق قوله ولى أي أدبر قوله فأتبعته ضبط بقطع الألف وصوابه بوصلها وتشديد التاء لأن معناه سرت في أثره ومعنى أتبعته بقطع الألف لحقته والمراد هنا سرت في أثره قوله فكف أي توقف وكف نفسه يتعدى ولا يتعدى قوله فنزا منه الماء أي انصب من موضع السهم وقال الكرماني فنزا أي وثب قلت ليس كذلك والصواب ما ذكرناه قوله يا ابن أخي هذا يرد قول ابن إسحق أنه ابن عمه قوله مرمل بضم الميم وفتح الراء وتشديد الميم أي معمول بالرمال وهي حبال الحصير التي يظفر بها الأسرة قوله وعليه فراش قال ابن التين وأنكره الشيخ أبو الحسن وقال الصواب ما عليه فراش فسقطت ما قيل لا يلزم من كونه رقد على غير فراش أن لا يكون على سريره دائما فراش قوله فوق كثير من خلقك أي في المرتبة وفي رواية ابن عائذ في الأكثرين يوم القيامة من الناس قال الكرماني تعميم بعد تخصيص قلت بيان لقوله من خلقك لأن الخلق أعم من أن يكون من الناس وغيرهم قوله قال أبو بردة موصول بالإسناد المذكور قوله إحداهما أي الدعوتين -
4321 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( يحيى بن سعيد ) عن ( عمر بن كثير بن أفلح ) عن ( أبي محمد ) مولى ( قتادة ) عن ( أبي قتادة ) قال خرجنا مع النبي عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فضربته من ورائه على جبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر فقلت ما بال الناس قال أمر الله عز و جل ثم رجعوا وجلس النبي فقال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقلت من يشهد ثم جلست قال ثم قال النبي مثله فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست قال ثم قال النبي مثله فقمت فقال ما لك يا أبا قتادة فأخبرته فقال رجل صدق وسلبه عندي فأرضه مني فقال أبو بكر لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال النبي صدق فأعطه فأعطانيه فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن سعيد هو الأنصاري قاضي المدينة وعمر بن كثير ضد القليل ابن أفلح المدني مولى أبي أيوب الأنصاري وثقه النسائي وغيره من التابعين الصغار ولكن ذكره ابن حبان في أتباع التابعين وليس له في البخاري سوى هذا الحديث بهذا الإسناد وحرف يحيى بن يحيى الأندلسي في روايته فقال عمرو بن كثير بفتح العين والصواب عمر بضم العين وأبو محمد اسمه نافع بن عباس معروف باسمه وكنيته وهو مولى أبي قتادة ويقال مولى عقيلة بنت طلق ويقال عبلة بنت طلق وأبو قتادة اسمه الحارث بن ربعي وقيل غيره
والحديث مضى في الخمس في باب من لم يخمس الأسلاب فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك
قوله جولة بفتح الجيم وسكون الواو أي تقدم وتأخر وفي العبارة لطف حيث لم يقل هزيمة وهذه الجولة كانت في بعض المسلمين لا في رسول الله ومن حواليه قوله قد علا رجلا أي ظهر على قتله قوله على حبل عاتقه العاتق موضع الرداء من المنكب والحبل العصب قوله بالسيف ويروى بسيف بدون الألف واللام قوله فقطعت الدرع أي اللبس الذي كان لابسه قوله وجدت منها أي من تلك الضمة ريح الموت أي من شدتها قوله فأرسلني أي أطلقني قوله فلحقت عمر رضي الله عنه فيه حذف تقديره فانهزم المسلمون وانهزمت معهم فلحقت عمر قوله ما بال الناس أي ما حالهم قوله قال أمر الله أي قال عمر حكم الله تعالى وما قضا به وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أي محذوف أي هذا الذي أصابهم أمر الله قوله ثم رجعوا أي ثم تراجعوا وهكذا في الرواية الآتية وكيفية رجوعهم قد تقدمت عن قريب قوله من قتل قتيلا أي مشرفا على القتل فهو مجاز باعتبار المال قال الكرماني ويحتمل أن يكون حقيقة بأن يراد بالقتيل القتيل بهذا القتل لا بقتل سابق كما قال المتكلمون في جواب المغالطة المشهورة وهو أن إيجاد المعدوم محال لأن الإيجاد إما حال العدم فهو جمع بين النقيضين وإما حال الوجود وهو تحصيل للحاصل أن إيجاد الموجود بهذا الوجود لا بوجود متقدم قوله فأرضه مني هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره فأرضه منه قوله فقال أبو بكر أي الصديق رضي الله عنه قوله لا ها الله كلمة ها للتنبيه وقد يقسم بها يقال لا ها الله ما فعلت أي لا والله وقال ابن مالك فيه شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه قال ولا يكون ذلك إلا مع الله أي لم يسمع لا ها الرحمن كما سمع لا والرحمن وحكى ابن التين عن الداودي أنه روى رفع الله والمعنى يأبى الله وقيل إن ثبتت الرواية بالرفع فيكون ها للتنبيه والله مبتدأ وقوله لا يعمد خبره وفيه تأمل قوله إذا بكسر الهمزة وبالذال المعجمة المنونة وقال الخطابي هكذا نرويه وإنما هو في كلامهم أي العرب لا ها الله يعني بدون الهمزة في أوله والهاء فيه بمنزلة الواو والمعنى لا والله لا يكون ذا وقال عياض في ( المشارق ) عن إسماعيل القاضي أن المازني قال قول الرواة لا ها الله إذا خطأ والصواب لا ها الله ذا يميني وقسمي وقال أبو زيد ليس في كلامهم لا ها الله إذا وإنما هو لا ها الله ذا وذا صلة في الكلام والمعني لا والله هذا ما أقسم به وقال الطيبي ثبت في الرواية لا ها الله إذا فحمله بعض النحويين على أنه من تعبير بعض الرواة لأن العرب لا تستعمل لا ها الله بدون ذا وإن سلم استعماله بدون ذا فليس هذا موضع إذا لأنها حرف جزاء ومقتضى الجزاء أن لا يذكر إلا في قوله لا يعمد بل كان يقول إذا يعمد إلى أسد ليصح جوابا لطالب السلب انتهى وقد أطال بعضهم الكلام في هذا جدا مختلطا بعضه ببعض من غير ترتيب فالناظر فيه إن كان له يد يشمئز خاطره من ذلك وإلا فلا يفهم شيئا أصلا والذي يقال بما يجدي الناظر أنه إن كان إذا على ما هو الموجود في الأصول يكون معناه حينئذ وإن كان ذا بدون الهمزة فوجهه ما تقدم فلا يحتاج إلى الإطالة الغير الطائلة قوله لا يعمد أي لا يقصد النبي إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حظه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه وقال الكرماني ويعمد بالغيبة والتكلم ووقع في ( مسند أحمد ) أن الذي خاطب النبي بذلك عمر ولفظه فيه فقال عمر والله لا يفيئها الله على أسد ويعطيكها فقال النبي صدق عمر قلت صاحب القصة أبو قتادة فهو اتقن لما وقع فيها من غيره وقيل يحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضا قال ذلك تقوية لأبي بكر رضي الله عنه قوله فابتعت به أي اشتريت بذلك السلب وقال الواقدي باعه الحاطب بن أبي بلتعة بسبع أواق قوله مخرفا بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة قيل يجوز فيه كسر الخاء وهو البستان وسمي بذلك لأنه يخترف منه التمر أي يجني وذكر الواقدي أن هذا البستان كان يقال له الودنيين والمخرف بكسر الميم إسم الآلة التي يجتني بها قوله في بني سلمة بكسر اللام بطن من الأنصار وهم ثوم أبي قتادة قوله تأثلته بالتاء المثناة من فوق وفتح الهمزة وسكون الثاء المثلثة وضم التاء المثناة من فوق أي اتخذته أصل المال واقتنيته وأثلة كل شيء أصله
4322 - وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة أن أبا قتادة قال لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه من ورائه ليقتله فأسرعت إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني وأضرب يده فقطعتها ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس قال أمر الله ثم تراجع الناس إلى رسول الله فقال رسول الله من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه فقمت لألتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لي فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله فقال رجل من جلسائه سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه منه فقال أبو بكر كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله قال فقام رسول الله فأداه إلي فاشتريت منه خرافا فكان أول مال تاثلته في الإسلام
هذا طريق آخر في الحديث المذكور وهو معلق وصله البخاري في الأحكام عن قتيبة عن الليث ويحيى بن سعد هو الأنصاري
قوله يختله بالخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق أي يخدعه قوله حتى تخوفت أي الهلاك وهو مفعول قد حذف قوله بدالي أي ظهر لي قوله الذي يذكر أي أبو قتادة وفي رواية الكشميهني الذي ذكره قوله كلا كلمة ردع قوله لا يعطه أي لا يعطي رسول الله سلاح الرجل الذي هو سلبه قوله أصيبغ بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحدة بعدها الغين المعجمة وهو نوع من الطير ضعيف شبهه به لعجزه وهو أنه وقيل شبهه بالصبغاء وهو نبت معروف وقيل نبت ضعيف كالثمام إذا طلع من الأرض يكون أول ما يلي الشمس منه أصفر هذا الضبط رواية القابسي وفي رواية أبي ذر بالضاد المعجمة والعين المهملة وعلى روايته هو تصغير الضبع على غير قياس كأنه لما عظم أبا قتادة بأنه أسد صغر خصمه وشبهه بالضبع لضعف افتراسه وما يوصف به من العجز وقال ابن مالك أضيبع بالضاد المعجمة والعين المهملة تصغير أضبع ويكنى به عن الضعيف قوله ويدع أي يترك وهو بالنصب وقال الكرماني ويدع بالرفع والجر نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن
56 -
( باب غزوة أوطاس )
أي هذا باب في بيان غزوة أوطاس قال عياض هو واد في ديار هوازن وهو موضع حرب حنين وهو من وطست الشيء موطسا إذا كددته وأثرت فيه والوطيس نقرة في حجر توقد حوله النار فيطبخ به اللحم والوطيس التنور
57 -
( باب غزوة الطائف )
أي هذا باب في بيان غزوة الطائف وهو بلد كبير مشهور كثير الأعناب والنخيل على ثلاث مراحل أو اثنتين من مكة من جهة المشرق وأصل تسميته بالطائف أن هشاما ذكر أن رجلا من الصدف يقال له لدمون بن عبيد بن مالك قتل ابن عم له يقال له عمر بحضرموت ثم هرب ورأى مسعود بن معتب الثقفي يعرج ومعه مال كثير وكان تاجرا فقال أحالفكم لتزوجوني وأزوجكم وأبني عليكم طوفا مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب فبنى بذلك المال طوفا عليهم فسمي به الطائف وحكى السهيلي أن الجنة التي ذكرها الله تعالى في قوله فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ( القلم 19 ) هي الطائف

(17/302)


اقتلعها جبريل عليه الصلاة و السلام من موضعها فأصبحت كالصريم وهو الليل ثم سار بها إلى مكة شرفها الله تعالى فطاف بها حول البيت ثم أنزلها حيث الطائف اليوم فسمى بها وكانت تلك الجنة بضوران على فرسخ من صنعاء ومن ثم كان الماء والشجر بالطائف دون ما حوله من الأرض وكانت قصة هذه الجنة بعد عيسى عليه الصلاة و السلام بيسير
في شوال سنة ثمان قاله موسى بن عقبة
أي كانت غزوة الطائف في شوال سنة ثمان قاله موسى بن عقبة بالقاف صاحب ( المغازي ) وعلى قول الجمهور من أهل المغازي
4324 - حدثنا ( الحميدي ) سمع ( سفيان ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه عن ( زينب ابنة أبي سلمة ) عن ( أمها ) أم ( سلمة ) رضي الله عنها دخل علي النبي وعندي محنث فسمعته يقول لعبد الله بن أبي أمية يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال النبي لا يدخلن هاؤلاء عليكن
وجه ذكر هذا الحديث هو أن فيه ذكر فتح الطائف والحميدي هو عبد الله بن الزبير نسب إلى أحد أجداده وسفيان هو ابن عيينة وهشام هو ابن عروة بن الزبير وزينب ابنة أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وكان اسمها برة فسماها النبي زينب واسم أمها أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية زوج النبي وفي هذا الإسناد لطيفة هشام عن أبيه وهما تابعيان وزينب وأمها وهما صحابيتان
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن محمود بن غيلان هنا وفي النكاح أيضا عن عثمان بن أبي شيبة وفي اللباس عن أبي غسان مالك بن إسماعيل وأخرجه مسلم في الاستئذان عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن محمد بن آدم وغيره وأخرجه ابن ماجه في النكاح وفي الحدود عن أبي بكر بن أبي شيبة
قوله مخنث قال النووي بكسر النون وفتحها والكسر أفصح والفتح أشهر وهو الذي خلقه خلق النساء سمي به لانكسار كلامه ولينه يقال خنثت الشيء فتخنث أي عطفته فتعطف قوله يا عبد الله هو أخو أم سلمة راوية الحديث وكان إسلامه مع أبي سفيان بن الحارث في غزوة الفتح واستشهد بالطائف أصابه سهم فمات منه قوله أرأيت أي أخبرني قوله فعليك أي إلزم ابنة غيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالنون واسم ابنته بادية ضد الحاضرة وقيل بادنة بالنون بعد الدال وقال أبو نعيم أسلمت وسألت رسول الله عن الاستحاضة وأبو غيلان بن سلمة بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس وهو ثقفي أسلم بعد فتح الطائف ولم يهاجر وهو أحد من قال لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ( الزخرف 31 ) وكان أبيض طوالا جعدا فخما جميلا ولما وفد على كسرى واستحسن عقله قال له كسرى ما غذاؤك قال البر قال كسرى هذا العقل من البر لا من اللبن والتمر وذكر المبرد أن كسرى قال هذا لهوزة بن علي قال السهيلي والصحيح عند الإخبار بين أنه قاله لغيلان وكذا قاله أبو الفرج الأصبهاني وأم غيلان سبيعة بنت عبد شمس وكان شاعرا محسنا توفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان قال بثمان ولم يقل بثمانية لأنه أراد الأطراف وهي مذكرة لأنه لم يذكرها وكذلك بأربع ولم يقل بأربعة لأن العكن واحدتها عكنة وهو من التأنيث المعنوي يقال أربع على تأنيث العدد وقال الخطابي يريد أربع عكن في البطن من قدامها فإذا أقبلت رؤيت مواضعها شاخصة منكسرة الغضون وأراد بالثمان أطراف هذه العكن من ورائها عند منقطع الجنبين قلت حاصله أن السمينة يحصل لها في بطنها أربع عكن ويرى من الوراء لكل عكنة طرفان وقال الخطابي وهذا إنما كان يؤذن له على أزواج النبي على أنه من جملة غير أولى إلا ربة من الرجال فلم ير بأسا به وقال ابن الكلبي إنه قال تغدو وتدبر بمثان مع ثغر كالأقحوان إن قعدت تثنت وإن تكلمت تغنت بين رجليها مثل الإناء المكفوف ورسول الله يسمع فقال لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى فلما فتح الطائف

(17/303)


تزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له نزيهة ولما قبض أبي أن يرده الصديق رضي الله تعالى عنه ولما ولي عمر رضي الله عنه قيل له إنه قد ضعف وكبر فاحتاج فأذن له أن يدخل كل جمعة فيسأل الناس ويرد إلى مكانه وفي ( صحيح ابن حبان ) عن عائشة رضي الله عنها دخل النبي وهيت ينعت امرأة من يهود فأخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم وفي ( مسند سعد بن أبي وقاص ) إنه خطب امرأة بمكة وهو مع النبي فقال ليس عندي من يراها ولا من يخبرني عنها فقال هيت أنا أنعتها إذا أقبلت أقبلت بست وإذا أدبرت أدبرت بأربع وكان يدخل على سودة فقال رسول الله ما أراه إلا منكرا فمنعه ولما قدم المدينة نفاه ولأبي داود من حديث أبي هريرة أتى النبي مخنث قد خضب يديه ورجليه فقيل يا رسول الله هذا يتشبه بالنساء فنفاه إلى البقيع فقيل ألا تقتله فقال إني نهيت عن قتل المصلين
قال ابن عيينة وقال ابن جريج المخنث هيت
أي قال سفيان بن عيينة وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج اسم المخنث المذكور في الحديث بكسر الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخر تاء مثناة من فوق وقيل بفتح الهاء ووجد هكذا بخط بعض الفضلاء المتقدمين وقيل هنب بنون ساكنة بعد هاء مكسورة وفي آخره باء موحدة وقال ابن درستويه هذا هو الصواب وما سواه تصحيف قال والهنب الأحمق وقيل اسمه ماتع بالتاء المثناة من فوق ذكره أبو موسى المديني في الصحابة حيث قال هيت ماتع وهو مولى عبد الله بن أبي أمية المذكور معه وعند أبي موسى نفى أبو بكر ماتعا إلى فدك وليس بها أحد يومئذ من المسلمين وكان في المدينة مخنث آخر اسمه الهدم بكسر الهاء وسكون الدال وفي الطبراني من حديث واثلة بن الأسقع أنه أخرج الحر وأخرج عمر رضي الله عنه فلانا وفلانا وكان هؤلاء على عهد رسول الله كان فيهم لين في القول وخضاب في الأيدي والأرجل ولا يرمون بفاحشة وربما لعب بعضهم بالكرج وفي مراسيل أبي داود أن عمر رضي الله عنه رأى لاعبا بالكرج فقال لولا أني رأيت هذا يلعب به على عهد رسول الله لنفيتك من المدينة قلت الكرج بضم الكاف وتشديد الراء المفتوحة وفي آخره جيم معرب كرة
4325 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو ) عن ( أبي العباس الشاعر الأعمى ) عن ( عبد الله بن عمرو ) قال لما حاصر رسول الله الطائف فلم ينل منهم شيئا قال إنا قافلون إن شاء الله فثقل عليهم وقالوا نذهب ولا نفتحه وقال مرة فقال اغدوا على القتال فغدوا فأصابهم جراح فقال إنا قافلون غدا إن شاء الله فأعجبهم فضحك النبي وقال سفيان مرة فتبسم قال قال الحميدي حدثنا سفيان الخبر كله
مطابقته للترجمة ظاهرة وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وأبو العباس الشاعر اسمه السائب بن فروخ المكي الأعمى وعبد الله بن عمرو بن العاص هكذا وقع عمرو بالواو وفي رواية الكشميهني والنسفي والأصيلي وقرىء على ابني زيد المروزي فرده بضم العين المهملة وقال الدارقطني الصواب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك عند ابن المديني والحميدي وغيرهما من حفاظ أصحاب ابن عيينة عبد الله بن الخطاب وقد بالغ الحميدي في ( مسنده ) في روايته عن ابن عيينة في الحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب وكذلك أخرجه البيهقي في ( الدلائل ) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وأخرجه بن أبي شيبة عن ابن عيينة فقال عبد الله بن عمرو يعني بالواو وكذا رواه عنه مسلم وكذا روى عن يحيى بن معين وهذا كما رأيت فيه اختلاف شديد ولكن غير ضار
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدي عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه النسائي في الموضعين من السير عن عبد الجبار بن العلاء
قوله

(17/304)


لما حاصر رسول الله الطائف كانت مدة المحاصرة ثمانية عشر يوما ذكره ابن سعد ويقال خمسة عشر يوما وقال ابن هشام سبعة عشر يوما وعن مكحول أنه نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما وفي ( الجمع بين الصحيحين ) لأبي نعيم الحداد حصار الطائف كان أربعين ليلة وروى يونس عن ابن إسحاق ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك وفي ( السير ) لسليمان بن طرخان أبي المعتمر حاصرهم شهرا وعند الزهري وابن حبان بضع عشرة ليلة وصححه ابن حزم وعن الربيع بن سالم عشرين يوما قوله إنا قافلون أي راجعون إلى المدينة قوله فثقل عليهم يعني قوله إنا قافلون وبين سبب ذلك بقولهم نذهب ولا نفتحه فقال أغدو على القتال يعني يروا أول النهار لأجل القتال قوله فأصابهم جراح أي من السهام والحجارة وسكك الحديد المحماة قوله فأعجبهم أي قوله إنا قافلون غدا إن شاء الله لأنهم كانوا تألموا منهم فلما سمعوا من النبي القفول فرحوا فلذلك ضحك قوله وقال سفيان أي ابن عيينة الراوي مرة فتبسم وهذا ترديد منه قوله قال الحميدي حدثنا سفيان الخبر كله بالنصب أي أخبرنا سفيان بجميع الحديث بلفظ أخبرنا وأخبرني لا بغيره مثل العنعنة ووقع في رواية الكشميهني بالخبر كله
4327 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عاصم ) قال سمعت ( أبا عثمان ) قال سمعت ( سعدا ) وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأبا بكرة وكان تسور حصن الطائف في أناس فجاء إلى النبي فقالا سمعنا النبي يقول من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام
مطابقته للترجمة في قوله وكان أي أبو بكرة تسور حصن الطائفة ولم يقع هذا إلا في وقت حصار النبي
وغندر قد مر غير مرة وهو محمد بن جعفر وعاصم هو ابن سليمان وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي بالنون وسعد هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة وأبو بكرة اسمه نفيع بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره عين مهملة ابن مسروح ويقال نفيع بن كلدة وكان من عبيد الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي غلبت عليه كنيته واسم أمه سمية أمة للحارث بن كلدة وهي أم زياد بن أبي سفيان وتدلى أبو بكرة من حصن الطائف ببكرة ونزل إلى رسول الله فكناه أبا بكرة وسكن البصرة ومات بها في سنة إحدى وخمسين وكان ممن اعتزل يوم الجمل لم يقاتل مع واحد من الفريقين وكان من فضلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم
قوله وكان تسور حصن الطائف لأنه أسلم وهو في الحصن وعجز عن الخروج منه إلا بهذا الطريق وتسور الحائط أي تسلقه قوله في أناس يعني من عبيد أهل الطائف وذكر في الطبقات بضعة عشر رجلا منهم المنبعث عبد عثمان بن عامر بن معتب وكان اسمه المضطجع فبدل رسول الله اسمه ومنهم الأزرق عبد الحارث بن كلدة المتطبب وزوج سمية مولاة الحارث وأم زياد ثم حالف بني أمية لأن النبي دفعه إلى خالد بن سعيد بن العاص ليعلمه الإسلام ومنهم وردان كان لعبد الله بن ربيعة وهو جد الفرات بن زيد بن وردان ومنهم يحنس النبال كان لابن مالك الثقفي ومنهم إبراهيم بن جابر كان لخرشة الثقفي ومنهم بشار كان لعثمان بن عبد الله ومنهم نافع مولى الحارث بن كلدة ومنهم نافع مولى غيلان بن سلمة الثقفي وهؤلاء الذين وجدنا أساميهم ليس إلا وجعل سيدنا رسول الله ولاء هؤلاء العبيد لساداتهم حين أسلموا قوله من ادعى إلى غير أبيه أي من انتسب إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام إما على سبيل التغليظ وإما أنه إذا استحل ذلك
وقال هشام وأخبرنا معمر عن عاصم عن أبي العالية أو أبي عثمان النهدي قال سمعت سعدا وأبا بكرة عن النبي قال عاصم قلت لقد شهد عندك رجلان

(17/305)


حسبك بهما قال أجل أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله وأما الآخر فنزل إلي النبي ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف
هشام هو ابن يوسف الصنعاني وعاصم قد مر الآن وأبو العالية رفيع مصغر رفع ضد الخفض ابن مهران الرياحي البصري أدرك الجاهلية وأسلم بعد موت النبي بسنتين
قوله أو أبي عثمان شك من الراوي وهو مر عن قريب قوله عندك خطاب لأبي العالية أو لأبي عثمان والذي يخاطب هو عاصم قوله رجلان أراد بهما سعدا وأبا بكرة قوله حسبك بهما أي كافيك بهذين الإثنين في الشهادة قوله وأما الآخر فهو أبو بكرة قوله ثالث ثلاثة وعشرين من الطائفة أراد أن الذين نزلوا من أهل الطائف راغبين في الإسلام ثلاثة وعشرون وأبو بكرة منهم وأراد البخاري بهذه الرواية بيان عدد من أبهم في الرواية السابقة لأنه قال فيها في أناس وهو مبهم من حيث العدد وبينه في هذه الرواية فإن قلت قد زعم موسى بن عقبة في مغازيه أنه لم ينزل من سور الطائف غير أبي بكرة وتبعه الحاكم في ذلك ( قلت الذي في الصحيح ) يرد عليه ووفق بعضهم بين القولين بأن أبا بكرة نزل وحده أولا ثم نزل الباقون بعد والله أعلم
4328 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله ) عن ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى ) رضي الله عنه قال كنت عند النبي وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى النبي أعرابي فقال ألا تنجز لي ما وعدتني فقال له أبشر فقال قد أكثرت علي من أبشر فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال رد البشرى فاقبلا أنتما قالا قبلنا ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه ثم قال اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا فأخذا القدح ففعلا فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما فأفضلا لها منه طائفة ( انظر الحديث 188 وطرفه )
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه من متعلقات غزوة حنين وأبو أسامة هو حماد بن أسامة وبريد وأبو بردة كلاهما بضم الباء الموحدة وبريد بن عبد الله يروي عن جده أبي بردة عامر عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري
وهذا الإسناد بعينه قد مضى ببعض الحديث في الطهارة في باب الوضوء والغسل في المخضب والقدح وأخرجه مسلم في فضائل النبي
قوله بالجعرانة بكسر الجيم سكون العين المهملة وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء وقد مضى تفسيره غير مرة قوله بين مكة والمدينة قال عياض هي بين الطائف ومكة وإلى مكة أقرب وقال الفاكهاني بينها وبين مكة بريد وقال الباجي ثمانية عشر ميلا وقد أنكر الداودي قوله إن الجعرانة بين مكة والمدينة وقال إنما هي بين مكة والطائف وبه جزم النووي قوله ألا تنجز لي أي ألا توفي لي ما وعدتني وهذا الوعد الذي ذكره يحتمل أن يكون وعدا خاصا لهذا الأعرابي ويحتمل أن يكون من الوعد العام الذي وعد أن يقسم غنائم حنين بالجعرانة بعد رجوعه من الطائف وكان طلبه التعجيل بنصيبه منها قوله أبشر بهمزة قطع يعني أبشر أيها الأعرابي بقرب القسمة أو الثواب الجزيل على الصبر قوله فنادت أم سلمة وهي زرج النبي أم المؤمنين فلهذا قالت لأمكما قوله فأفضلا من الإفضال قوله طائفة أي بقية
329 - ( حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا إسماعيل حدثنا ابن جريج قال أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره أن يعلى كان يقول ليتني أرى رسول الله

(17/306)


حين ينزل عليه قال فبينا النبي بالجعرانة وعليه ثوب قد أظل به معه فيه ناس من أصحابه إذ جاءه أعرابي عليه جبة متضمخ بطيب فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بالطيب فأشار عمر إلى يعلى بيده أن تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا النبي محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه فقال أين الذين يسألني عن العمرة آنفا فالتمس الرجل فأتي به فقال أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك )
مطابقته للترجمة في قوله بالجعرانة وإسماعيل هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي وعطاء هو ابن أبي رباح ويعلى بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة ابن أمية ويقال منية وهي أمه أخت عتبة بن غزوان وأبوه أيضا أمية بن أبي عبيدة بن همام بن الحارث قال أبو عمر ينسب حينا إلى أمه وحينا إلى أبيه قتل بصفين مع علي رضي الله تعالى عنه سنة ثمان وثلاثين بعد أن كان مع عائشة في وقعة الجمل روى هذا الحديث عنه ابنه صفوان وروى عنه عطاء في مواضع والحديث مضى في أوائل الحج في باب غسل الخلوق وأيضا مضى في باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج فإنه أخرجه هناك عن أبي نعيم عن همام عن عطاء قوله حين ينزل عليه أي الوحي قوله متضمخ بالرفع صفة أعرابي بعد صفة أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هو متضمخ أي متلطخ قوله يغط يقال غط أي هدر في الشقشقة وغطيط النائم غيره قوله ثم سرى عنه أي انكشف وقد مر شرحه مستوفى في باب غسل الخلوق -
4330 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( عمرو بن يحيى ) عن ( عباد بن تميم ) عن ( عبد الله بن زيد بن عاصم ) قال لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس فخطبهم فقال يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن قال ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله قال كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن قال لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي إلى رحالكم لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها الأنصار شعار والناس دثار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض
مطابقته للترجمة في قوله يوم حنين ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري وعمرو بن يحيى بن عمارة الأنصاري المدني وعباد بتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني سمع عمه عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو الأنصاري المازني المدني له ولأبويه ولأخيه حبيب صحبة وهو الذي حكى وضوء النبي
وأخرج البخاري في التمني بعض هذا الحديث وأخرجه مسلم في الزكاة عن شريح بن يونس
قوله لما أفاء الله على رسوله أي لما أعطاه غنائم الذين قاتلهم يوم حنين وأصل الفيء الرجوع ومنه سمى الظل بعد الزوال فيئا لأنه يرجع من جانب إلى جانب ومنه سميت أموال الكفار فيئا لأنها كانت في الأصل للمؤمنين لأن الإيمان هو أصل والكفر طار عليه ولكنهم غلبوا عليها

(17/307)


بالتعدي فإذا غنمها المسلمون فكأنها رجعت إليهم قوله قسم مفعوله محذوف أي قسم الغنائم في الناس قوله في المؤلفة قلوبهم بدل البعض من الكل والمراد بالمؤلفة قلوبهم هنا ناس حديثو العهد بالإسلام أعطاهم تأليفا لقلوبهم وسرد أصحاب السير أسماءهم ما ينيف على الأربعين منهم أبو سفيان وابناه معاوية ويزيد قوله وجدوا أي حزنوا يقال وجد في الحزن وجدا بفتح الواو ووجد في المال وجدا بالضم ووجدا بالفتح ووجدا بالكسر وجدة أي استغنى ووجده مطلوبه يجده وجودا ووجد ضالته وجدانا ووجد عليه في الغضب موجدة ووجدانا أيضا حكاها بعضهم وفي رواية أبي ذر فكأنهم وجد بضمتين جمع الواجد ويروى بضم الواو وسكون الجيم وحاصل رواية أبي ذر فكأنهم وجد إذ لم يصبهم ما أصاب الناس أو كأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس أورده على الشك والتكرار وقال الكرماني فإن قلت ما فائدة التكرار قلت إذا كان الأول إسما والثاني فعلا فهو ظاهر أو أحدهما من الحزن والثاني من الغضب أو هو شك من الراوي ووقع للكشميهني وحده وجدوا في الموضعين وكذا وقع في أصل النسفي وفي رواية مسلم وقال عياض وقع في نسخة من الثاني إن لم يصبهم يعني بفتح الهمزة وبالنون قال وعلى هذا تظهر فائدة التكرار قوله فخطبهم زاد مسلم فحمد الله وأثنى عليه قوله ضلالا بضم الضاد وتشديد اللام جمع ضال والمراد هنا ضلالة الشرك وبالهداية الإيمان قوله وعالة جمع العائل وهو الفقير قوله كلما قال شيئا أي كلما قال رسول الله من ذلك شيئا قالوا أي الأنصار قوله الله ورسوله ورسوله أمن بفتح الهمزة والميم وتشديد النون وهو أفعل التفضيل من المن ويوضحه حديث أبي سعيد فقالوا ماذا نجيبك يا رسول الله لله ولرسوله المن والفضل قوله قال كلما قال شيئا في المرة الثانية تكرار من الراوي للأول قوله قال لو شئتم أي قال رسول الله لو شئتم قلتم جئتنا بفتح التاء للخطاب قوله كذا وكذا كناية عما يقال جئتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فوا سيناك وصرح بذلك في حديث أبي سعيد وروى أحمد من حديث ابن أبي عدي عن حميد عن أنس بلفظ أفلا تقولون جئتنا خائفا فآمناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك قالوا بل المن علينا لله ولرسوله انتهى وإنما قال ذلك رسول الله تواضعا منه وإنصافا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم فإنه لولا هجرته إليهم وسكناه عندهم لما كان بنيهم وبين غيرهم فرق نبه على ذلك بقوله أترضون الخ ويروى ألا ترضون ففيه تنبيه لهم على ما غفلوا عنه من عظيم ما اختصوا به بالنسبة إلى ما اختص به غيرهم من عرض الدنيا الفانية قوله بالشاة والبعير كل منهما إسم جنس فالشاة تقع على الذكر والأنثى والبعير على الجمل والناقة وفي رواية الزهري أترضون أن يذهب الناس بالأموال وفي رواية أبي التياح بالدنيا قوله إلى رحالكم أي إلى بيوتكم ومنازلكم وهو جمع رحل بالحاء المهملة قوله لولا الهجرة أي لولا وجود الهجرة قال الخطابي أراد بهذا الكلام تألف الأنصار وتطيب قلوبهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة لا يجوز تبديلها ونسبة الإنسان على وجوه الولادية كالقرشية والبلادية كالكوفية والإعتقادية كالسنية والصناعية كالصيرفية ولا شك أنه لم يرد به الانتقال عن نسب آبائه إذ ذاك ممتنع قطعا وكيف وأنه أفضل منهم نسبا وأكرمهم أصلا وأما الاعتقادي فلا موضع فيه للانتقال إذا كان دينه ودينهم واحدا فلم يبق إلا القسمان الأخيران الجنائز فيهما الانتقال وكانت المدينة دارا للأنصار والهجرة إليها أمرا واجبا أي لولا أن النسبة الهجرية لا يسعني تركها لانتقلت عن هذا الإسم إليكم ولانتسبت إلى داركم قال الخطابي وفيه وجه آخر وهو أن العرب كانت تعظم شأن الخؤولة وتكاد تلحقها بالعمومة وكانت أم عبد المطلب امرأة من بني النجار فقد يكون ذهب هذا المذهب إن كان أراد نسبة الولادة قوله ولو سلك الناس واديا أو شعبا بكسر الشين المعجمة وهو إسم لما انفرج بين جبلين وقيل الطريق في الجبل وقال الخطابي لما كانت العادة أن المرء يكون في نزوله وارتحاله مع قومه وأرض الحجاز كثيرة الأودية والشعاب فإذا تفرقت في السفر الطرق سلك كل قوم منهم واديا وشعبا فأراد أنه مع الأنصار قال ويحتمل أن يريد بالوادي المذهب كما يقال فلان في واد وأنا في واد قوله شعار بكسر الشيخ المعجمة والعين المهملة الخفيفة وهو الثوب الذي يلي الجلد من الجسد والدثار وبكسر

(17/308)


الدال المهملة وبالثاء المثلثة الخفيفة وهو الذي فوق الشعار وهو كناية عن فرط قربهم منه وأراد أنهم بطانته وخاصته وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم قوله آثرة بضم الهمزة وسكون الثاء المثلثة وبفتحتين وهو إسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى قال ابن الأثير أراد أنه يؤثر عليكم فيفضل غيركم من نصيبه من الفيء ويروى إثرة بكسر أوله مع الإسكان أي الانفراد بالشيء المشترك دون من يشاركه فيه قوله على الحوض أي يوم القيامة وفي رواية الزهري حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض أي اصبروا حتى تموتوا فإنكم ستجدوني عند الحوض فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم والثواب الجزيل على الصبر
4331 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) قال أخبرني ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه قال قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن فطفق النبي يعطي رجالا المائة من الإبل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس فحدث رسول الله بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي فقال ما حديث بلغني عنكم فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم فقال النبي فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا يا رسول الله قد رضينا فقال لهم النبي ستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض قال أنس فلم يصبروا
مطابقته للترجمة في قوله من أموال هوازن وهشام هو ابن يوسف الصنعاني
قوله فطفق من أفعال المقاربة من الأفعال التي وضعت للدلالة على الشروع فيه وخبره يكون جملة وهو هنا قوله يعطي قوله المائة منصوب بقوله يعطي قوله وسيوفنا تقطر من باب القلب قوله فحدث على صيغة المجهول أي أخبر النبي بمقالتهم وقال ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري إن الذي أخبر النبي بمقالتهم سعد بن عبادة قوله من آدم بفتحتين جمع أديم وهو الجلد الذي تم دباغه وقال السيرافي لم يجمع فعيل على فعل إلا أديم وأدم وأفيق وافق وقضيم وقضم والقضم الصحيفة وهو بالقاف والضاد المعجمة قوله غيرهم أي غير الأنصار قوله قام النبي أي قام خطيبا قوله رؤساؤنا جمع الرئيس ويروى ريسانا بكسر الراء بعدها الياء آخر الحروف قوله حديثي عهد أصله حديثين عهد فلما أضيف إلى العهد سقطت النون قوله لما تنقلبون أي للذي تنقلبون به وهو رسول الله خير مما ينقلب هؤلاء بالأموال واللام في لما بالفتح لأنه كلام التأكيد وكلمة ما موصولة مبتدأ وخبره قوله خير قوله أثرة شديدة وجه الشدة أنهم يستأثرون عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق
4332 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي التياح ) عن ( أنس ) قال لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله غنائم بين قريش فغضبت الأنصار قال النبي

(17/309)


أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله قالوا بلى قال لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم
هذا طريق آخر في حديث أنس وأبو التياح فيه بفتح التاء المثناة وتشديد الياء آخر الحروف واسمه يزيد بن حميد قوله بين قريش هكذا في رواية الكشميهني والأصيلي وفي رواية أبي ذر غنائم في قريش ووقع للقابسي غنائم قريش والمراد بالغنائم غنائم هوازن لأنه لم يكن عند فتح مكة غنائم حتى تقسم قوله وادي الأنصار هو المكان المنخفض وقيل الذي فيه ماء ولكن أراد به هنا بلدهم
4333 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر عن ابن عون أنبأنا هشام بن زيد بن أنس عن أنس رضي الله عنه قال لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي عشرة آلاف والطلقاء فأدبروا قال يا معشر الأنصار قالوا لبيك يا رسول الله وسعديك لبيك نحن بين يديك فنزل النبي فقال أنا عبد الله ورسوله فانهزم المشركون فأعطى الطلقاء والمهاجرين ولم يعط الأنصار شيئا فقالوا فدعاهم فأدخلهم في قبة فقال أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله فقال النبي لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لاخترت شعب الأنصار
هذا طريق آخر في حديث أنس عن علي بن عبد الله المعروف بابن المديني عن أزهر بن سعد السمان البصري عن عبد الله ابن عون عن هشام بن زيد بن أنس عن جده أنس بن مالك
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة عن أبي موسى وإبراهيم ابن محمد بن عرعرة
قوله التقى هوازن أي التقى النبي هوازن والواو في ومع النبي للحال والطلقاء هكذا في رواية الكشميهني عشرة آلاف والطلقاء بحرف الواو التي للعطف ويروى عشرة آلاف من الطلقاء وليس بصواب لأن الطلقاء لم يبلغوا هذا القدر ولا عشر عشره وقد تكلف بعضهم بأن الواو فيه مقدرة عند من جوز تقدير حذف العطف وفيه نظر لا يخفى والطلقاء جمع طليق وهو الأسير الذي أطلق عنه الأسر وخلى سبيله ويراد بهم أهل مكة فإنه أطلق عنهم وقال لهم أقول لكم ما قال يوسف لا تثريب عليكم اليوم ( يوسف 92 ) قوله فقالوا أي تكلموا في منع العطاء عنهم
4334 - ح ( دثني محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه قال جمع النبي ناسا من الأنصار فقال إن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله إلى بيوتكم قالوا بلى قال لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار
هذا طريق آخر في حديث أنس عن محمد بن بشار وهو بندار عن غندر وهو محمد بن جعفر إلى آخره
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الزكاة عن أبي موسى وبندار وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار به وأخرجه النسائي في الزكاة عن إسحاق بن إبراهيم
قوله حديث عهد كذا وقع بالإفراد في ( الصحيحين ) والأصل أن يقال حديثو عهد كذا قال الدمياطي وكتبه بخطه وعند الإسماعيلي أن قريشا كانوا قريب عهد قوله ومصيبة من نحو قتل أقاربهم وفتح بلادهم قوله إن أجبرهم بفتح الهمزة وسكون الجيم وبالباء الموحدة وبالراء من الجبر ضد الكسر هكذا رواية الأكثرين وفي رواية السرخسي والمستملي بضم أوله وكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبالزاي من الجائزة

(17/310)


4335 - حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال لما قسم النبي قسمة حنين قال رجل من الأنصار ما أراد بها وجه الله فأتيت النبي فأخبرته فتغير وجهه ثم قال رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هاذا فصبر
مطابقته للترجمة في قوله قسمة حنين وقبيصة بن عقبة وسفيان بن عيينة والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الزكاة
قوله قال رجل من الأنصار قال الواقدي هو معتب ابن قشير من بني عمرو بن عوف وكان من المنافقين وقال صاحب ( التلويح ) لم أر أحدا قال إنه من الأنصار إلا ما وقع هنا وجزم بأنه حرقوص بن زهير السعدي ولم يصب في ذلك فإن قصة حرقوص غير هذه على ما يأتي عن قريب من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قوله ما أراد بها أي بهذه القسمة وفي رواية منصور ما أريد بها على يعني على صيغة المجهول على ما يأتي الآن قوله فأتيت النبي فأخبرته ويروي فقلت لأخبرن النبي
4336 - حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال لما كان يوم حنين آثر النبي ناسا أعطى الأقرع مائة من الإبل وأعطى عيينة مثل ذالك وأعطى ناسا فقال رجل ما أريد بهاذه القسمة وجه الله فقلت لأخبرن النبي قال رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هاذا فصبر
هذا طريق آخر في حديث ابن مسعود وقد مضى في الخمس في باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم فإنه أخرجه هناك عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله إلي آخره
قوله آثر أي اختص قوله أعطى بيان للجملة السابقة والأقرع هو ابن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي ويقال كان اسمه فراس والأقرع لقبه وعيينة بضم العين المهملة وفتح الياء آخر الحروف الأولى وسكون الثاني وبالنون ابن حصن ابن حذيفة بن بدر الفزاري قوله مثل ذلك أي مثل ما أعطى للأقرع قوله وأعطى ناسا أي ناسا آخرين وفي الحديث الذي مضى في الخمس وأعطى ناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة
337 - ( حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا ابن عون عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم ومع النبي عشرة آلاف ومن الطلقاء فأدبروا عنه حتى بقي وحده فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما التفت عن يمينه فقال يا معشر الأنصار قالوا لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك ثم التفت عن يساره فقال يا معشر الأنصار قالوا لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك وهو على بغلة بيضاء فنزل فقال أنا عبد الله ورسوله فانهزم المشركون فأصاب يومئذ غنائم كثيرة فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يعط الأنصار شيئا فقالت الأنصار إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال يا معشر الأنصار ما حديث بلغني عنكم فسكتوا فقال يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم قالوا بلى فقال النبي لو سلك الناس

(17/311)


واديا وسلكت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار فقال هشام يا با حمزة وأنت شاهد ذاك قال وأين أغيب عنه )
مطابقته للترجمة ظاهرة وكان الوجه أن يقدم حديث أنس هذا على حديث عبد الله بن مسعود الذي سبق لتوالي طرق حديث أنس قيل الظاهر أنه من تغيير الرواة عن الفربري فإن طريق أنس هذا سقط من رواة النسفي فلعل البخاري ألحقه فكتبه مؤخرا عن مكانه وقد أخرج هذا محمد عن ابن بشار عن معاذ بن نصر التميمي قاضي البصرة عن عبد الله بن عون إلى آخره وأخرج ذاك الطريق عن علي بن عبد الله عن الزهري عن عبد الله بن عون إلى آخره قوله بنعمهم بفتح النون والعين وهي الشاة والبعير قوله وذراريهم بتشديد الياء وتخفيفها وكانت عادتهم إذا أرادوا الثبات في القتال استصحبوا الأهالي وثقلهم معهم إلى موضع القتال قوله ومن الطلقاء ويروى من الطلقاء وليس بصواب وقد مر الكلام فيه عن قريب قوله شديدة يعني قضية شديدة مثل حرب قوله فنحن ندعى على صيغة المجهول أي نطلب قوله ويعطى أي النبي قوله فبلغه ذلك أي فبلغ النبي ذلك أي ما قالوه ويروى ذاك بدون اللام قوله تحوزونه بالحاء المهملة والزاي يقال حازه يحوزه إذا قبضه وملكه واستبد به ويروى تجيرونه بالجيم والراء قاله الكرماني وفسره بقوله تنقذونه فلينظر في ذلك قوله فقال هشام هو هشام بن زيد الراوي وهو موصول بالإسناد المذكور قوله يا با حمزة أصله يا أبي حمزة فحذفت الألف للتخفيف وأبو حمزة كنية أنس بن مالك قوله شاهد ذاك كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره شاهد ذلك باللام فيه قوله وأين أغيب عنه استفهام إنكاري حاصل المعنى يا هشام لا تظن أن أنسا يغيب عن ذلك -
58 -
( باب السرية التي قبل نجد )
أي هذا باب في بيان السرية التي كانت قبل نجد أي جهته وقبل بككسر القاف وفتح الباء الموحدة و النجد بفتح النون وسكون الجيم وهو ككل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق والسرية طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تنبعث إلى العدو وتجمع على سرايا سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم والشيء السري أي النفيس وقيل سموا بذلك لأنهم ينفذون سرا وخفية وليس بالوجه لأن لام السر راء وهذه ياء وكانت هذه السرية قبل توجه النبي لفتح مكة وهكذا ذكرها أهل المغازي والبخاري ذكرها بعد غزوة الطائف وقال ابن سعد كانت في شعبان سنة ثمان وذكر غيره أنها كانت قبل مؤتة ومؤتة كانت في جمادي من السنة المذكورة وقال ابن سعد وكان أميرهم أبا قتادة أوصله النبي إلى أرض محارب بنجد ومعه خمسة عشر رجلا فغنموا مائتي بعير وألفي شاة وسبوا سبايا كثيرة وكانت غيبتهم خمس عشرة ليلة فجمعوا الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه وقسموا ما بقي على السرية وقال ابن لاتين وروي أنهم كانوا عشرة وأنهم غنموا مائة وخمسين بعيرا وأنه أخذ الثلثين منها قال ولو كان النفل من خمس الخمس لم يعمهم ذلك

(17/312)


59 -
( باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة )
أي هذا باب في بيان بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة وهي قبيلة من عبد قيس قاله الكرماني وليس كذلك لأنه ظن أنهم من بني جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف قبيلة من عبد القيس وإنما هو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة وهذا البعث كان عقيب فتح مكة في شوال قبل الخروج إلى حنين عند جميع أهل المغازي وكانوا بأسفل مكة من ناحية يلملم وقال ابن سعد بعث النبي إليهم خالد ابن الوليد في ثلاثمائة وخمسين من المهاجرين والأنصار داعيا إلى الإسلام لا مقاتلا

(17/313)


60 -
( باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزر المدلجي ويقال إنها سرية الأنصاري )
أي هذا باب في بيان سرية عبد الله إلى آخره وليس في كثير من النسخ لفظ باب وقد مر تفسير السرية عن قريب وعبد الله بن حذافة بضم الحاء المهملة وتخفيف الذال المعجمة وبالفاء ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي أسلم قديما وكان من المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ويقال إنه شهد بدرا ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين وكانت فيه دعابة وكان رسول الله بعثه إلى كسرى وقال خليفة بن خياط وفي سنة تسع عشرة أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي وقال ابن لهيعة توفي عبد الله بن حذافة السهمي بمصر ودفن بمقبرتها وعلقمة بن مجزر بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى الثقيلة وحكى فتحها والأول أشهر وقال عياض وقع لأكثر الرواة بسكون الحاء المهملة وكسر الراء وقال بعضهم وأغرب الكرماني فضبطه بالحاء المهملة وتشديد الراء فتحا وكسرا وهو خطأ ظاهر انتهى قلت هذا تشنيع ظاهر عليه من غير وجه لأنه لم يضبط إلا بقوله بضم الميم وفتح الجيم وفتح الزاي المشددة وكسرها وبزاي أخرى ثم قال وقال بعضهم هو بالحاء المهملة وبالراء المشددة فتحا وكسرا ثم بالزاي المعجمة ونسبة الخطأ إليه خطأ لأنه حكى ذلك عن بعضهم وليس عليه في ذلك مؤاخذة وقال الذهبي علقمة بن مجزز الأعور بن جعدة الكناني المدلجي استعمله النبي على سرية وبعثه عمر رضي الله عنه على جيش إلى الحبشة فهلكوا كلهم وذكر أباه مجززا في الصحابة وقال القائف روى عن النبي قوله المدلجي بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام وبالجيم قال الرشاطي المدلجي في كنانة ينسب إلى مدلج بن مرة بن عبد مناة منهم من أصحاب النبي مجزز المدلجي القائف المذكور في حديث عائشة رضي الله عنها وهو مجزز بن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوادة بن عمرو بن مدلج نسبه إلى ابن الكلبي قوله يقال إنها أي إن هذه السرية سرية الأنصاري وأراد بها عبد الله بن حذافة السهمي القرشي المهاجري وقال ابن الجوزي قوله الأنصاري وهم من بعض الرواة وإنما هو سهمي يحتمل الحمل على المعنى الأعم أي أنه نصر رسول الله في الجملة قلت فيه نظر لأن هذا الاحتمال يجري في جميع الصحابة والأنصار خلاف المهاجرين وليس المراد منه المعنى اللغوي
340 - ( حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد حدثنا الأعمش قال حدثني سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال بعث النبي سرية ف