حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

الخميس، 29 سبتمبر 2022

بيان حقيقة الجماعة الأحمدية القاديانية المارقة عن الاسلام : حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية بقلم: فؤاد العطار+ رد على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية إعداد وترتيب محمود سعد مهران

 


 

1- الكتاب الاول:رد على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية إعداد وترتيب محمود سعد مهران

2- الكتاب الثاني : في بيان حقيقة الجماعة الأحمدية القاديانية المارقة عن الاسلام : حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية

بقلم: فؤاد العطار

 

وصف الاول: 

رد على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية

إعداد وترتيب محمود سعد مهران

قمت انا ناسخ الكتاب  بجمعه من موقع شبكة الدفاع عن السنة وصياغته في شكل كتاب الكتروني منسق ليستفيد منه الباحث عن الحقيقة وذلك بعد مراجعته ، والكتاب من تأليف الكاتب محمود سعيد مهران والذي يقدم بتعريف الكتاب علي الوجه التالي :

قال مؤلف البحث محمود سعد مهران:[معتقدات القاديانية في المسيح عيسي بن مريم تسيئ للمسلمين والاقباط]

هذا البحث عبارة عن رد مفصل على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية على موقعهم الرسمي على شبكة المعلومات , وكذلك الرد على الوثيقة المقدمة من جماعتهم لبيان معتقداتهم ومفاهيمهم 
مواضيع البحث
[مقدمة ]
*
إن الدين عند الله الإسلام
*
نتوءات على جسد الإسلام
*
أصل دعوى الفرق الباطلة
*
إدعاء غلام أحمد (1839-1908م ) أنه المسيح عليه السلام
( الفصل الأول )
الأدلة الجامعة على أن غلام أحمد[زعيم القاديانية] ليس المسيح عليه السلام
*
عودة المسيح ليست عودة روحانية أو مثيلية بل جسمانية ذاتية
*
إلغاء الجهاد !
)
الفصل الثاني(
*
الشريعة التي زعمها غلام أحمد !
1- خاتم النبيين وبيان زيف معتقدهم !
2- عقيدتهم في القرآن الكريم وتفسيره !
*
عقيدتهم في قضية صلب المسيح عليه الصلاة والسلام !
*
عقيدتهم في قضية النسخ في القرآن الكريم !
3-عقيدتهم في السنة والحديث
*
عقيدتهم في معجزة الإسراء والمعراج !
*
عقيدتهم في المسيح الدجال !
*
عقيدتهم في حكم المرتد !
*
عقيدتهم في رجم الزاني والزانية !
*
الإمام المهدي عليه السلام ليس الغلام عليه الركام !
)
الفصل الثالث )
*
الحصاد

 

الكتاب الثاني في بيان حقيقة الجماعة الأحمدية القاديانية المارقة عن الاسلام : حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية

بقلم: فؤاد العطار 

حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية بقلم: فؤاد العطار

 

حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية بقلم / فؤاد العطار

رد على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية

(وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)
الأحمدية القادياينة
دعاة على أبواب جهنم !
إعداد وترتيب محمود سعد مهران
هذا البحث عبارة عن رد مفصل على مقالات الجماعة الأحمدية القاديانية على موقعهم الرسمي على شبكة المعلومات , وكذلك الرد على الوثيقة المقدمة من جماعتهم لبيان معتقداتهم ومفاهيمهم 
مواضيع البحث
[مقدمة ]
*
إن الدين عند الله الإسلام
*
نتوءات على جسد الإسلام
*
أصل دعوى الفرق الباطلة
*
إدعاء غلام أحمد (1839-1908م ) أنه المسيح عليه السلام
((
الفصل الأول ))
الأدلة الجامعة على أن غلام أحمد ليس المسيح عليه السلام
*
عودة المسيح ليست عودة روحانية أو مثيلية بل جسمانية ذاتية
*
إلغاء الجهاد !
( الفصل الثاني(
*
الشريعة التي زعمها غلام أحمد !
1- خاتم النبيين وبيان زيف معتقدهم !
2- عقيدتهم في القرآن الكريم وتفسيره !
*
عقيدتهم في قضية صلب المسيح عليه الصلاة والسلام !
*
عقيدتهم في قضية النسخ في القرآن الكريم !
3-عقيدتهم في السنة والحديث
*
عقيدتهم في معجزة الإسراء والمعراج !
*
عقيدتهم في المسيح الدجال !
*
عقيدتهم في حكم المرتد !
*
عقيدتهم في رجم الزاني والزانية !
*
الإمام المهدي عليه السلام ليس الغلام عليه الركام !
)
الفصل الثالث )
*
الحصاد

 

 

مقدمة
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , اللهم يا مسبب الأسباب , ويا مفتح الأبواب , ويا دليل الحائرين , توكلت عليك يارب العالمين , وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصير بالعباد *******

أما بعد -
فلقد خرجت علينا هذه الأيام , إحدى القنوات الفضائية , تدعو إلى الإسلام على الطريقة القاديانية أو الغلامية الأحمدية , وهى التي تدعى إم تي إيه Mta3 أي تليفزيون المسلم الأحمدي , وتبث بعدة لغات منها العربية , كما أنهم قاموا بنشر تعاليمهم عبر شبكة المعلومات من خلال إنشاء موقع الجماعة الأحمدية باللغة العربية على شبكة المعلومات الدولية , وهذا ما يدعونا للرد على هذه الطائفة الغلامية القاديانية التي تزعم الإسلام , والإسلام منها بريء !

ويبدو أن أتباع الغلامية القاديانية قد أخذوا مبدأ التقية من الروافض , فهم قد استطاعوا بمكرهم خداع بعض البسطاء من المسلمين عن طريق الرد على النصارى من خلال قناتهم العربية الفضائية , وظن بعض البسطاء أن هؤلاء يحملون راية الإسلام ويدافعون عنه , ولا يعلمون أن هؤلاء الغلامية وأمثالهم كانوا على الدوام يحملون راية النفاق والتكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته !
ولهذا , رأيت أن أعرض شبهات الغلامية القاديانية وأبين وجهتها ثم أبين زيفها وبطلانها, ثم في النهاية أعرض بعض الفتاوى التي حكمت بكفر الغلامية القاديانية .

ولم أتعرض لنشأة الغلامية القاديانية , فلقد كفانا علماء الإسلام ذلك , وأظهروا لنا أن الغلامية القاديانية ما هى إلا دعوة منحرفة عن الدين يحميها المستعمر ويشجعها .

فهب لبيان زيف هذه النحلة الباطلة , صفوة علماء الإسلام أنذاك , ومن أبرزهم العلامة مولوي ثناء الله , الذي نهض ورمى دعاوى غلام أحمد بالحجج الدامغة , فضاقت الأرض على الغلام , فكتب دعاء طويلا خاطب فيه الشيخ ثناء الله , وفيه أيضا أن الكاذب منهما يموت أولا , فمات الغلام بعد هذا الدعاء بنحو سنة , أما الأستاذ ثناء الله فعاش بعد موت الغلام سنين طويلة واستمر في فضح تلك النحلة المزورة .
الراجي عفو ربه الغفور 
محمود سعد مهران 



 

إن الدين عند الله الإسلام 
إن الله سبحانه وتعالى ارتضى للبشرية منذ نشأتها دينًا واحدًا , وهو الإسلام , قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ }آل عمران19 . وقال تعالى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85 .

هذا الدين أرسل الله به المرسلين جميعًا , من أدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام , قال تعالى : {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }الشورى13 .

هذا الدين الذي جاء به محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم واضحًا جليًا, محفوظًا بحفظ كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9. فهو الدين الخالد , الذي استجابت وتستجيب له ملايين البشر , إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , ومنابع هذه الرسالة الخاتمة , من قرآن وسنة , ستظل تمد البشرية , والحياة والأحياء , بالحق الذي لا مرية فيه .

*
نتوءات على جسد الإسلام 

وعبر هذا الزمن الطويل , منذ بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة , والإسلام ينتشر , وتعلوا راياته , وتظهر منافعه , وتتأكد حاجة البشرية إلى هدايته ونظامه, وإن كان بين الحين والحين , تتسلل إليه عناصر غريبة عنه , في نشأتها ومنزعها ، أو تنبت في حقلة نابتة لا ينزعها إليه عرق , وتكون هذه وتلك فتنة , ما تلبث أن يظهر اعواجاجها , وتبين غرابتها , وتناقضها مع هذا الدين وتلك الرسالة .
وعبر القرون الاسلامية تعاني الأمة الإسلامية من تلك النتوءات , التي تظهر في جسمها وتعيش على حسابها , مما يتطلب أن تنتبه إليه , وأن تكون على يقظة تامة لتدفع هذا الغريب عنها

*
أصل دعوى الفرق الباطلة 
يقول الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني فى تعليقه على حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه : " يكون في أخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم وآباؤكم فإياكم وإياهم , لا يضلونكم ولا يفتنوكم " ما نصه
(
وإن من أبرز علاماتهم أنهم حين يبدأون بالتحدث عن دعوتهم إنما يبتدئون قبل كل شيء بإثبات موت عيسى عليه الصلاة والسلام , فإذا تمكنوا من ذلك بزعمهم انتقلوا إلى مرحلة ثانية وهى ذكر الأحاديث الواردة بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام , ويتظاهرون بالإيمان بها , ثم سرعان ما يتأولونها , ما دام أنهم أثبتوا بزعمهم موته , بأن المقصود نزول مثيل عيسى ! وأنه غلام أحمد القاديانى ! و لهم من مثل هذا التأويل الكثير والكثير جدًا , مما جعلنا نقطع بأنهم طائفة من الباطنية الملحدة ) ( شرح العقيدة الطحاوية - محمد ناصر الدين الألبانى ص22-23 ) .

*
إدعاء غلام أحمد (1839-1908م ) أنه المسيح عليه السلام 
يقول غلام أحمد : " محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي هو أول كليم , وسيد الأنبياء لقمع الفراعنة الأخرين ... فكان لا بد أن يكون بعد هذا النبي الذي هو في تصرفاته مثل الكليم ( يقصد موسى عليه السلام ) ولكنه أفضل منه , من يرث قوة مثل المسيح وطبعه وخاصيته , ويكون نزوله في مدة تقارب المدة التي كانت بين الكليم الأول والمسيح ابن مريم , يعني في القرن الرابع عشر الهجري وقد نزل هذا المسيح وكان نزوله روحانيا (يقصد أنه هو المسيح ) " ( " فتح إسلام ص 6- 7 " من كتابات غلام أحمد (.

ويقول أيضًا في كتابه " توضيح المرام " ص 4 : " وأنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام على طريقة الاستعارة بقدوم مثيل المسيح , وأن هذا العاجز هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام " .
*****
الفصل الأول

الأدلة الجامعة على أن غلام أحمد ليس المسيح عليه السلام
*
عودة المسيح ليست عودة روحانية أو مثيلية بل جسمانية ذاتية

يقول العظيم أبادي في كتابه " عون المعبود " 11/457 : (تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء بجسده العنصري إلى الأرض عند قرب الساعة ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ) .

لقد زعم ميرزا غلام أحمد أنه مثيل للمسيح عليه السلام وأولَ آحاديث نزول المسيح عليه السلام تأويلاً باطنياً لا يقبله من له مسحة من عقل

والأدلة على كذبه نبينها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد :

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري ومسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً ..."الحديث , فذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسيح ولقبه بـ "ابن مريم" , أي أن المسيح الذي سينزل في أخر الزمان هو المسيح ابن مريم الذي بشر بين بني اسرائيل منذ ألفي عام , أي أن نزوله نزولاً ذاتيًا جسمانيًا , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " ابن مريم" ولم يقل " مثيل المسيح " بل نعته باسم أمه عليها الصلاة والسلام , فهل كانت أم غلام أحمد اسمها مريم ؟!

يقول غلام أحمد : " لإن عيسى الذي سيسمى نبيًا وتابعًا أيضًا للنبي صلى الله عليه وسلم (يعني نفسه) هو غير عيسى الذي كان في بني إسرائيل"( البراهين الأحمدية , الجزء الخامس , الخزائن الروحانية ج21 ص 352 ( .

وهذا كذب صريح بينَّه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً ... " الحديث , ولايوجد ابن مريم إلا سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام الذي وعظ وبشر بين بني إسرائيل .

وإذا نظر القاريء إلى قول الغلام :(لإن عيسى الذي سيسمى نبيًا ..... هو غير عيسى الذي كان في بني إسرائيل) يحمل في طياته أن اسم غلام أحمد " عيسى " أيضًا , وهذا ما ذل فيه وأخطأ , ويأبى الله إلا أن يذل من عصاه , وربما بعد قراءة أتباع غلام أحمد لهذا المقال لأولوا النص كما فعلوا في مسألة عودة المسيح والمهدي عليهما السلام , ولزعموا أن غلام أحمد اسمه عيسى أيضًا !

2- قال صلى الله عليه وسلم في تتمة كلامه الشريف : " ... فيكسر الصليب , ويقتل الخنزير , ويضع الحرب ..." الحديث , فهل هذا ما رأيناه من ميرزا غلام أحمد أم على النقيض ؟! أكسر غلام أحمد الصليب أو قتل الخنزير ؟
إن كسر الصليب على يد المسيح عليه السلام يحمل مدلولاً هامًا , هو أن المسيح عليه السلام لن يوالي عباد الصليب , فهل هذا ما فعله ميرزا غلام أحمد ؟!

*
إلغاء الجهاد !

يقول غلام أحمد : " لا يمكنني أن أقوم بعملي هذا خير قيام في مكة ولا في المدينة ولا في الروم ولا في الشام ولا في فارس ولا في كابل ولكن تحت هذه الحكومة التي ادعوا لها دائما بالمجد والإنتصار" !!(تبليغ الرسالة ج6 ص 69 ).
ويقول أيضًا : ( وإني لأقول وأدعي أنني أكثر المسلمين اخلاصًا ونصحًا للحكومة البريطانية ,لأن هناك ثلاثة أمور قد جعلتني أرتفع في اخلاصي لتك الحكومة إلى الدرجة الأولى,وأول تلك الأمور :نفوذ المغفور له والدي,وثانيهما :أيادى هذه الحكومة العالية,وثالثها :الإلهام من الله تعالى - !- )( ترياق القلوب ص 309 , 310) .

ولقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه عند عودة المسيح عليه الصلاة والسلام سيضع الحرب , بمعنى أن عهده سيكون عهد سلام وأمن وظهور البركات , لكن هذا بعد أن ينهي عدة معارك مع الدجال وأتباعه , كما جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في صحيح مسلم في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ودعائه عليهم وهلاكهم !
لكن غلام أحمد استغل هذا الأمر في أن يدعي أنه بنزول المسيح ستوضع الحرب بمعنى إلغاء الجهاد,وذلك كله خدمة لأتباع الدجال !

يقول غلام أحمد :(وإني لعلى يقين بأنه بقدر ما يكثر أتباعي يقل المعتقدون بمسألة الجهاد, فإنه مجرد الإيمان بي هو انكار للجهاد " ( تبليغ الرسالة ج7 ص17 ).

ويقول أيضًا :(والمأمول من الحكومة أن تعامل هذه الأسرة (يعني أسرته )التي هى من غرس الإنجليز أنفسهم ومن صنائعهم بكل حزم و احتياط وتحقيق رعاية وتوصي رجال حكومتها أن تعاملني وجماعتي بعطف خاص ورعاية فائقة:( تبليغ الرسالة ج 7 ص 19 – 25) .
ويقول أيضًا : " لقد ألفت عشرات من الكتب العربية والفارسية والأردرية أثبت فيها أنه لا يحل الجهاد أصلاً ضد الحكومة الإنجليزية التي أحسنت إلينا , بل بالعكس من ذلك , يجب على كل مسلم أن يطيع هذه الحكومة بكل اخلاص , وقد انفقت على طبع هذه الكتب أموالاً كبيرة , وأرسلتها إلى البلاد الإسلامية ,وأنا عارف أن هذه البلاد ( الهند) وكون أتباعي جماعة تفيض قلوبهم اخلاصًا لهذه الحكومة والنصح لها , انهم على جانب عظيم من الإخلاص , وأنا أعتقد أنهم بركة لهذه البلاد . ومخلصون لهذه الحكومة ومتفانون في خدمتها " (من رسالة مقدمة إلى الحكومة الإنجليزية بقلم غلام أحمد , القاديانية نشأتها وتطورها ص 130 )
ويقول أيضا :(لقد قضيت عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها,وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولى الأمر الإنجليز من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة,وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد الإسلامية ومصر والشام وتركيا,وكان هدفي دائما أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة , وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد وتفسد قلوب الحمقى "

(ترياق القلوب ص 12 ) .

ويقول أيضا : " ها قد انتهت الحروب الدينية حسبما كان مذكورا في الأحاديث النبوية من أن المسيح إذا نزل وضع الحرب , وبناء عليه , فالقتال في سبيل الدين اليوم حرام , والذي يشهر السيف الآن باسم الدين ويسمي نفسه غازيا ويقتل الكفار , فإنما يعصي الله ورسوله " ( الخطبة الإلهامية ص 9 ) .

ويقول في موضع آخر : " لقد ألغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاء باتا , لقد آن أن تفتح أبواب السماء وقد عطل الجهاد في الأرض وتوقفت الحروب كما جاء في الأحاديث, إن الجهاد لدين يحرم في عهد المسيح " ( الأربعين ص 199 ) .

ثم لخص موقفه وموقف أتباعه من قضية الجهاد فقال : " إن الفرقة الإسلامية التي قلدني الله إمامتها وسيادتها , تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره , بل إن الفئة المباركة لا تستحله سرا كان أم علانية وتحرمه تحريما باتا " ( الأربعين ص 11 ) .
ففي هذا الوقت العصيب الذي كانت تمر به الآمة الإسلامية التي كانت أحوج ما تكون إلى داعية يوحد شملها ويوحد صفوفها ضد العدو الغاضب , انبعث ذلك الصوت المميت القاتل لقوى الأمة , مطالبا بإبطال الجهاد بدلا من بعث الأمة وجمع شملها وتعبئتها ضد المعتدين !

ولقد عبر الزعيم الهندي نهرو عن الدور التخريبي الذي قام به الغلام وجماعته لخدمة الأهداف الإستعمارية حيث قال بعد عودته من بريطانيا : " إنني في سفري هذا أخذت درسا جديدا , وهو أننا إذا أردنا أن نضعف قوة بريطانيا في الهند علينا أن نضعف الجماعة القاديانية " ( د.أحمد عوف : القاديانية , الخطر الذي يهدد الإسلام ص 101 ) .

3-
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في تتمة الحديث ما سيحدث في عهد عيسى عليه السلام : " ويفيض المال , حتى لا يقبله أحد " , وهذا من بركاته عليه السلام لخدمة مصالح المسلمين يومئذ , فهل رأينا هذا من غلام أحمد أم رأينا أنه يجمع المال ليعيش حياة الترف والبذخ لا لخدمة المصالح العامة للمسلمين ؟!

يقول غلام أحمد : " ولكن الله الذي يرفع الفقراء من الحضيض قد أخذ بيدي , وأنا أؤكد أن ما جاءني من الوارد ومن الإعانات والتبرعات إلى هذا الوقت لا يقل عن ثلاثمائة ألف روبية وربما يزيد على ذلك , وانهالت على الهدايا كأنها بحر تهيج فى كل آن أمواجًا ... كذلك تأتي لهذا العبد من كل طرف تحائف وهدايا وأموال , وأنواع لهذه الأشياء " (الإستفتاء ص25) .

ولقد كانت جماعته تقتطع من أموالها لإرسالها له , وقد شهد بذلك " سرور شاه القادياني" في كتابه " كشف الإختلاف " .

4-
صفة عيسى عليه السلام التي جاءت في الأحاديث النبوية الشريفة تفيد أنه رجل , مربوع القامة , ليس بالطويل ولا بالقصير , أحمر , جعد , عريض الصدر سبط الشعر , كأنما يخرج من ديماس ( أي حمام ) له لِـمة ( أي شعره يجاوز شحمة أذنيه ) قد رجلَّها تملأ ما بين منكبيه .
أما غلام أحمد فحسبنا هذه الصورة له , فأجيبونا أيها القاديانية الغلامية , هل هذا ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟!

نقلا عن موقع القاديانية على شبكة المعلومات الدولية

5- ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان في صحيح مسلم أن المسيح عليه الصلاة والسلام : " ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق , بين مهرودتين , واضعًا كفيه على أجنحة ملكين " . فهل نزل ميرزا غلام أحمد عند المنارة البيضاء شرقي دمشق على الوصف الذي بينه الذي لا ينطق عن الهوى ؟ أم أن دعوته كانت في قاديان بالهند ؟

6- لقد وردت أحاديث كثيرة فيها نزول المسيح عليه السلام , نزولاً حقيقًا لا مثيليًا , وأن النازل هو المسيح عيسى بن مريم الذي بشر بين بني إسرائيل لا غيره , وقد سرد أكثر هذه الأحاديث في ذلك ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقول الله تبارك وتعالى : {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً}النساء 159 , ومنها حديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة وفيه : فتح القسطنطينية ثم خروج الدجال , وبعده نزول عيسى وقت إقامة الصلاة .

كما أخرج ابن ماجة عن أبي أمامة الباهلي أن أم شريك بنت أبي العكر سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال المسلمين أثناء قتنة الدجال فقال صلى الله عليه وسلم
"
هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي بالناس فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم " . 

وكذلك أيضًا ما رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود وفيه : " أن الأنبياء تذاكروا الساعة فقال عيسى عليه السلام : أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله ذلك , وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج , ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص , فيهلكه الله حتى إن الحجر والشجر ليقول يا مسلم إن تحتي كافرًا فتعال فاقتله , فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم قال فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيطئون بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم , فينزل الله عز وجل المطر فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر " .

فأين هذا من سيرة الغلام ؟

7-يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه : ( ليس بيني وبينه نبي - يعني عيسى - وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون).

وهذا الغلام لم يكسر صليبًا ولم يقتل خنزيرًا , ولم يهلك الله الملل في زمانه , بل على النقيض من ذلك , بل ازدادت شوكة أهل الكفر في زمانه , فإن دول البلقان النصرانية في عهده ما ظهروا على العثمانيين في مكان إلا وأسرفوا في قتل الكبار والصغار , والنساء والأطفال , ونسف ديارهم بالديناميت أو إحراقهم بالنار , بعد سلب الأموال وهتك الأعراض , وقد كان كل هذا يُعمل باسم الصليب ورفع شأنه ,فأين القادياني مما ورد من كسر المسيح عليه السلام للصليب ,وما كان القادياني إلا خاضعًا لدولة من دول الصليب ( بريطانيا ) , كما أنه مات عن عمر يناهز التاسعة والستين عامًا في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسيح عليه السلام سيموت عن عمر يناهز أربعين سنة !

)
ملحوظة : هناك روايات تشير إلى أن المسيح عليه السلام سيمكث في الأرض بعد عودته سبع سنين , وهذا لا يتعارض مع الروايات التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن فترة مكوث المسيح عليه السلام في الأرض أربعون سنة , لأنه عليه السلام رفع وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة وسيمكث بعد عودته سبع سنين فيكون المجموع أربعين سنة ( .

8- يرتبط بالنقاط السابقة نتيجة هامة وهى : أن المسيح ينزل ولا يولد , لأن معظم الأحاديث النبوية الواردة في نزول المسيح لا تترك مجالا لشخص يولد في هذا الزمن من بطن أمه ونطفة والد ثم يقوم بين الناس يدعي أنه ذلك المسيح الذي أخبر بمجيئه سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما الذي تدل على نزوله دلالة واضحة قاطعة , هو عيسى ( عليه السلام ) ذلك المسيح الذي ولد قبل أكثر من ألفي سنة من بطن مريم عليها السلام بغير أب .

9- من النقاط السابقة أيضا يظهر من صريح أقوال النبي صلى الله عليه وسلم أن المسيح ينزل فقط لقمع فتنة الدجال , حيث يدخل في جماعة المسلمين ويسلم بقيادة من يكون في زمانه أميرا لهم ويشاركه في مهمة قمع فتنة المسيح الدجال , والأمير الإمام المذكور في الروايات هو المهدي عليه السلام , وقد ورد ذلك صريحا في مسند الحارث بن أسامة بسنده عن جابر بن عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى بن مريم , فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا , فيقول لا , إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " . قال ابن القيم : إسناده جيد . (المنار المنيف لابن القيم ص 147) .

فهل دخل غلام أحمد في جماعة المسلمين أم أراد تفريق الجماعة خدمة للصلبيين ؟!

يقول نجل الغلام وخليفته " بشير الدين محمود " معلنا إنشقاق الغلام وأتباعه عن جماعة المسلمين : " من الواجب علينا ألا نعتقد بإسلام غير الأحمديين , وألا نصلي خلفهم , إذ أنهم عندنا كافرون بنبي من أنبياء الله – يعني الغلام – " ( أنوار خلافت ص 89 ).

ويقول " بشير الدين محمود " : ( وقد أبدى المسيح الموعود – يعني الغلام – سخطه العظيم على أحمدي يريد أن يزوج ابنته من رجلا من غير الأحمديين ... ثم إن هذا الرجل زوج ابنته بعد وفاة المسيح الموعود رجلا من غير الأحمديين , فعزله الخليفة الأول عن إمامة الأحمديين , ولم تقبل له توبة في ست سنين من سني خلافته مع أنه لم يزل يتوب من فعلته مرة بعد مرة ) ( أنوار خلافت ص 94 ) .
ويقول أيضا : ( إن جميع المسلمين الذين اشتركوا في مبايعة المسيح الموعود , كافرون خارجون عن دائرة الإسلام , ولو كانوا لم يسمعوا باسم المسيح الموعود ) ( مرآة الصدق ص 35 ) .

كما أن الناظر إلى الأحاديث الشريفة يجد أن المهدي عليه السلام له شخصيته المستقلة, وأعماله المميزة , وكذا المسيح عليه السلام , لكن غلام أحمد زعم أنه المسيح الموعود والمهدي في نفس الوقت , في حين أن النبي عليه الصلاة والسلام بين أن المسيح والمهدي عليهما السلام شخصان مختلفان !

وقد استدل الغلامية بحديث :"لا المهدي إلا عيسى". وهؤلاء الأحمدية أتباع الغلام يستدلون بالأحاديث وفق الأهواء والأغراض , ولا ينظرون إلى أقوال علماء الجرح والتعديل !

إن من الضلال البيِّن والخطأ الواضح اعتقاد أن عيسى عليه السلام هو المهدي المنتظر، والحديث المذكور لا يصح ، بل هو حديث منكر ، حكم بنكارته جمع من الأئمة، منهم النسائي والذهبي والألباني، وضعفه الحاكم والبيهقي والقرطبي وابن تيمية ، بل حكم بوضعه الصنعاني . ( انظر: منهاج السنة 8/256، والصواعق المحرقة للهيتمي 2/476، والسلسلة الضعيفة 77 , وسيأتي بيان ذلك ) .

10-  ظهر من الأحاديث الشريفة أيضا أن المسيح عليه السلام عندما ينزل لا يؤم الناس في الصلاة بل يصلي خلف إمامهم حتى لا يظن الظانون أنه تولى المنصب الذي كان عليه قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم , وحتى يقطع كل شبهة بأنه قد نزل لاستنئناف واجبات النبوة في عهده السابق . في حين أن هذا الغلام زعم في غير موضع من كتبه أنه صاحب شريعة , وأمر ونهي , وأنه نبي مستقل , وسيأتي بيان ذلك .

كما أنه من المعلوم من دين محمد صلى الله عليه وسلم , أن الله تبارك وتعالى قد أكمل له الدين , ليكون الرسالة الخاتمة , ومنهج حياة , ومن زعم أنه آتى ليكمل الدين بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فلقد اتهم الله بالكذب على خلقه , قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}المائدة3.

بل واتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة والتقصير في البلاغ عن ربه , أليس هو القائل صلى الله عليه وسلم : " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا , كتاب الله وسنتي " ( أخرجه الحاكم في المستدرك ) .

ولقد اتهم هذا الغلام الله ورسوله على النحو الذي ذكرناه , فزعم النبوة وأنه جاء لإظهار الإسلام وصدق النبي عليه الصلاة والسلام ( الخزائن الروحانية 23 / 341). 

وقد استغل الغلام هذه الدعوى فبدل وغيّر , وزعم شريعة ما أنزل الله بها من سلطان, بل جعل الإسلام دين التأويل والتبديل , وأراد هدم السنة المطهرة , بتأويلاته الفاسدة, وبوحيه الشيطاني !

يقول العلامة / محمد رشيد رضا:( غلام أحمد القادياني هذا لا يوثق بنقله ولا بعقله كما يعلم من كتبه المتناقضة , وقد كان يدعي أنه هو المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام – التي أنبأت بأنه سينزل في آخر الزمان من السماء وأنه يوحى إليه , ونشر من وحيه الشيطاني في كتبه كثيرًا من النثر والشعر السخيف , ويتأول الأحاديث الواردة في المسيح تأويلات لا تقبلها اللغة العربية أن تدخل في باب من أبواب الحقيقة ولا المجاز ولا الكناية , وإنما عنى بما نقله عن مقبرة كشمير , لأنه يستدل به على زعمه أنه هو المسيح المنتظر , وقد فندت دعواه الخرافية في مقالات نشرها في المنار , كان لها تأثير عظيم في الهند , ونقلتها الجرائد وترجمتها , واضطر هو إلى الرد عليها بل الهجاء لي بوحيه الشيطاني بما يسخر منه العقلاء , وكان داعية للدولة البريطانية يمدحها ويقول بوجود حبها والخضوع لها وتحريم عصيانها والخروج عليها , وبهذا تيسر له جمع ثروة كبيرة وعصبية وأتباع يفرقون كلمة المسلمين ويدعون الناس إلى الإيمان بنبوته ومسيحيته , وقد أفتى علماء المسلمين بكفره وكفرهم كفانا الله شرهم )( عقيدة الصلب والفداء ص 42 ).



الفصل الثاني

*
الشريعة التي زعمها غلام أحمد !

زعم غلام أحمد أنه رسول مرسل من عند الله وأن شريعته لا تخالف شريعة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم , وأن نبوته من بركات فيوض النبي صلى الله عليه وسلم ( الخزائن 23/341 ) .

لكن دعواه سريعًا ما ذهبت أدراج الرياح خاصة بعد أن نشر مذهبه الباطني !

لقد بينت الأحاديث الشريفة المتواترة في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام أنه لن يأتي بأي شرع جديد بل سيأتي تحت لواء محمد صلى الله عليه وسلم , ولذلك ادعى ميزرا غلام أحمد في بداية دعوته أنه لم يأت بشرع جديد , لكن بعد أن وجد لدعوته عقولاً خربة مؤهلة لقبولها , وبدأ نجمه في الإزدهار , كشف عن حقيقة دعواه , وأخذ يهذي بوحيه الشيطاني , فأخضع القرآن والسنة للتأويل الفاسد , وألغى الجهاد ضد الإنجليز, وجعل الإيمان به مدار النجاة في الآخرة .

يقول غلام أحمد : " إننا نخالف المسلمين في كل شيء , في الله , في الرسول – صلى الله عليه وسلم - , في القرآن , في الصلاة , في الصوم , في الحج ,والزكاة " (صحيفة " الفضل " عدد 30 يوليو 1931م , وهى لسان حالهم ) .

ويقول أيضا : ( إن وحيي يشتمل على الأمر والنهي ) ( الأربعين رقم 4 ص 6 ) .

ويقول أيضا : ( إنني أتلقى الوحي التشريعي أيضا ) ( مجموعة الخزائن الروحانية - الشيطانية - جزء 17 ص 435 ) .

لقد بدأ غلام أحمد دعوته من خلال كتاب " براهين أحمدية " والذي زعم فيه : أن الروضة الإنسانية كانت لا تزال ناقصة وقد تمت بأوراقها وأثمارها بقدومه . ( براهين أحمدية ج5 ص113 ) . 

ويقول في كذب واضح , وشطح ناضح : ( لقد أعطيت نصيبا من جميع الحوادث والصفات التي كانت لجميع الأنبياء , سواء كانوا من بني إسرائيل أو من بني إسماعيل , وما من نبي إلا أوتيت قسطا من أحواله وحوادثه ... لقد أراد الله أن يتمثل جميع الأنبياء والمرسلين في شخص رجل واحد وإني ذلك الرجل ) ( المصدر السابق ص 98 , 90 ) .

ويقول أيضا : ( إن الله بعث في هذه الأمة مسيحا موعودا هو أعلى مرتبة وشأنا من المسيح السابق , والذي نفسي بيده لو كان المسيح ابن مريم في زمني لما استطاع إنجاز ما أستطيع إنجازه , ولما قدر على إظهار آيات تظهر مني ) ( الخزائن الشيطانية ج22 ص 152 ) .

ثم أخذ بعد ذلك من خلال كتبه في أن يزعم أنه آتى على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم , وسنستعرض بعضا مما جاء في شريعته المخالفة لهدي القرآن الكريم والسنة النبوية.




1-
خاتم النبيين وبيان زيف عقيدتهم !

يزعم غلام أحمد أن النبوة لم تختم بمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وفي هذه الدعوى الكذب الواضح على الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . بل ويزعمون أن السيدة عائشة رضوان الله عليها قالت : " قولوا خاتم النبيين ولا تقولوا لا نبي بعده " . وهذا كذب على السيدة عائشة !

يقول الغلام : "فاعلموا يقيناً أن وسيلة العرفان الكامل هي الوحي الرباني الذي أوتيه أنبياء الله الأطهار ، ثم من بعدهم لم يُرد الله أن يوصد باب الوحي في المستقبل فيهلك العالم ، بل إن أبواب وحيه ومكالمته سبحانه لمفتوحة إلى الأبد "( فلسفة تعاليم الإسلام ص 140).

ويقول الكذاب الأشر غلام أحمد : " إن رؤية الله في الدنيا إنما هي أن يكلم الإنسان ربه بحيث يتاح للعبد أن يكون بينه وبين الله مثل السؤال والجواب مرارا وفي حالة يقظة تامة ، حيث العبد يسأل والرب يجيب ويتكرر هذا الحوار بينه وبين الله سؤالاً وجوابا حتى يبلغ هذا السؤال والجواب عشر مرات على الأقل في مناسبة واحدة " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 136 ) .

ثم يعقب هذا الأفاك على ما سبق في نفس الكتاب " فلسفة تعاليم الإسلام " تحت عنوان: " تشرف صاحب المقال بمكالمة الله وخطابه " . فيقول : " وإن مرتبة التشرف بمخاطبة الله ومكالمته التي فصلتها الآن ميسرة لي بفضل الله وعنايته " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 138) .



يقول الله تبارك وتعالى : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40

وقد صرحت هذه الآية بأن النبوة والرسالة ختمت بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم , وإنما ختمت النبوة به , لأن الله شرع له من الشرائع ما ينطبق على مصالح الناس في كل مكان وزمان , والقرآن الكريم لم يدع شيئًا من أمهات المصالح إلا جلاّها , ولا مكرمة من أصول الفضائل إلا أحياها , فتمت الرسالات برسالته إلى الناس أجمعين , وظهر مصداق ذلك بخيبة كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض من عليها , وعقيدة ختم النبوة بنبينا صلى الله عليه وسلم من القضايا العقدية التي قررها القرآن , وبينها خير الأنام صلى الله عليه وسلم , وأجمع عليها الصحب الكرام ومن تبعهم بإحسان .

فمازال المسلمون يعتقدون منذ مبعثه صلى الله عليه وسلم ولا يزالون يعتقدون إلى اليوم , أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فلا نبي ولا رسول بعده إلى يوم القيامة , وذلك المعنى الذي فهمه الصحابة رضوان الله عليهم جميعا , وهم لذلك قاتلوا كل من ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم , وهذا هو المعنى الذي مازال المسلمون يفهمونه في جميع العصور المتعاقبة , فلم يقبلوا من بين أنفسهم رجلا ادعى النبوة .

قال الخطيب الشربيني : " والحاصل أنه لا يأتي بعده صلى الله عليه وسلم نبي مطلقًا بشرع جديد , ولا يتجدد بعده صلى الله عليه وسلم مطلقًا استنباء , وهذه الآية مثبتة لكونه خاتمًا على أبلغ وجه وأعظمه , وذلك أنها في سياق الإنكار بإن يكون بينه وبين أحد من رجالهم بنوة حقيقية , أو مجازية , ولو كانت بعده لأحد لم يكن ذلك إلا لولده, ولأن فائدة إثبات النبي تتميم شيء لم يأت من قبله وقد حصل به صلى الله عليه وسلم التمام فلم يبق بعد ذلك مرام " ( السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم 3/238 ) .

ويقول عبد القاهر البغدادي - رحمه الله-: " وقد تواترت الأخبار عنه بقوله: «لا نبي بعدي» " ( أصول الدين للبغدادي ص158 ) .

وسأذكر الآن بعض الأحاديث النبوية الدالة على ختم النبوة والرسالة به صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم، فرفع إليه الذراع - وكانت تعجبه - فنهس منها نهسة ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟» ثم ذكر الشفاعة من بعض الأنبياء واعتذارهم عن القيام بها، حتى يذهب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له: «يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، استغفر لنا إلى ربك...» " .

ففي هذا الحديث نص على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء ، وأن الناس في الموقف يعرفون ذلك ويقولونه ، ثم إن عدم إحالة النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة إلى أحد بعده كما فعل من قبله من الأنبياء والمرسلين يدل على أنه خاتمهم وليس بعده نبي غيره صلى الله عليه وسلم .

وقد صرَّح صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم النبيين في أحاديث أخرى كثيرة ، منها ما رواه ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "«إن الله زوى لي الأرض» أو قال: «إن ربي زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض...» " . إلى أن قال : " «ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» " . (أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله...» " ( أخرجه البخاري ) .

ويلاحظ أنه ذكر في حديث أبي هريرة «قريب من ثلاثين»، وفي حديث ثوبان السابق جزم بثلاثين . وقد جمع بينهما ابن حزم فقال: " إن رواية الثلاثين بالجزم على طريق جبر الكسر ، ويحتمل أن يكون الذين يدعون النبوة منهم ما ذكر من الثلاثين أو نحوها، وأن من زاد على العدد المذكور يكون كذابًا فقط لكن يدعو إلى الضلالة كغلاة الرافضة والباطنية وأهل الوحدة والحلولية ، وسائر الفرق الدعاة إلى ما يعلم بالضرورة أنه خلاف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم " ( انظر : مجلة التوحيد , العدد 430, شوال 1428هـ).

وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء , كلما هلك نبي خلفه نبي, وأنه لا نبي بعدي " . وهذا الحديث يبين أن أنبياء بنو إسرائيل خلفوا بعضهم بعضا , أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يخلفه نبي أبدا .

ولقد قال صلى الله عليه وسلم : " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب " ( رواه الترمذي وحسنه , وصححه الألباني في الجامع الصغير ) .

فعلم من ذلك الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا نبي بعده , سواء كان في نفس درجته أو أقل من درجته , بل حتى ولو كان من أتباعه صلى الله عليه وسلم , وإلا لكان الفاروق أولى بالنبوة من الغلام , فهو الملهم الذي وافق الوحي رضي الله عنه !

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية , فجعل الناس يطوفون به , ويعجبون له , ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة , قال: فأنا اللبنة , وأنا خاتم النبيين " . وفي رواية مسلم عن جابر رضي الله عنه: " فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء " . 

وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله : «باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم» ، كما ترجم مسلم له بقوله : «باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين» ، وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للأفهام وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين ، وأن الله ختم به المرسلين، وأكمل به شرائع الدين .

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «إني عبد الله لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين ترين» " ( أخرجه أحمد والحاكم وابن حبان ) .

كما أخبر صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه لا يوجد فاصل بينه وبين الساعة، وهذا يفيد أنه ليس بعده نبي ، ومن ذلك ما رواه البخاري وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين» " .

قال ابن التين: " اختلف في معنى قوله: «كهاتين»، فقيل كما بين السبابة والوسطى في الطول ، وقيل المعنى: ليس بينه وبينها نبي" ( فتح الباري 11/349 ) .

وقال القرطبي: " معناه أنا النبي الأخير فلا يليني نبي آخر ، وإنما تليني القيامة كما تلي السبابة الوسطى وليس بينهما أصبع أخرى " ( التذكرة ص 711 ) .
كما دلت أسماؤه صلى الله عليه وسلم على أنه خاتم الأنبياء ، ومن ذلك ما رواه محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب» " ( أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ) .

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: «أنا محمد، وأحمد، والمقفى، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة»" ( أخرجه مسلم ) .

وقد جاء في هذين الحديثين ثلاثة أسماء كل واحد منها يدل على ختم النبوة والرسالة به صلى الله عليه وسلم ، وهذه الأسماء هي: الحاشر ، والعاقب ، والمقفى ، وإليكم معنى كل اسم منها ودلالته على عقيدة ختم النبوة :

فالحاشر وضح النبي صلى الله عليه وسلم معناه في حديثه ، حيث قال: «وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي» ، وقد فسر ابن حجر معناه فقال : " أي على أثري ، أي أنه يحشر قبل الناس ، وهو موافق لقوله في الرواية الأخرى: «يحشر الناس على عقبي»، ويحتمل أن يكون المراد بالقدم الزمان ، أي وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر، إشارة إلى أنه ليس بعده نبي ولا شريعة " ( فتح الباري 6/557 ) .

وأما العاقب فقد فسر بأنه الذي ليس بعده نبي ، قال ابن منظور: " والعاقب: الآخر. قال أبو عبيد: العاقب آخر الأنبياء، وفي المحكم آخر الرسل " (لسان العرب لابن منظور جـ1/614 ) .

وقال ابن القيم: " والعاقب: الذي جاء عقب الأنبياء، فليس بعده نبي، فإن العاقب هو الآخر، فهو بمنزلة الخاتم، ولهذا سمي العاقب على الإطلاق، أي : عقب الأنبياء جاء عقبهم" ( زاد المعاد 1/94 ) .

وأما المقفي فمعناه أيضا الآخر . قال ابن منظور: " قال شمر: المقفى نحو العاقب ، وهو المولي الذاهب . يقال : قفى عليه أي ذهب به ، وقد قفى يقفي فهو مقف، فكأن المعنى أنه آخر الأنبياء المتبع لهم، فإذا قفى فلا نبي بعده " ( لسان العرب 15/194 ) .

وقال ابن القيم: " وأما المقفي فكذلك، وهو الذي قفى على آثار من تقدمه ، فقفى الله به على آثار من سبقه من الرسل ، وهذه اللفظة مشتقة من القفو ، يقال: قفاه يقفوه : إذا تأخر عنه، ومنه قافية الرأس ، وقافية البيت ، فالمقفي : الذي قفى من قبله من الرسل ، فكان خاتمهم وآخرهم " ( زاد المعاد 1/94 ) .

وقد ذهب غلام أحمد إلى تأويل لفظة " خاتم النبيين " بأنها تعني أفضل النبيين وزينتهم !

إن علماء اللغة يقولون : " الخاتم " بمعنى الآخر , كما في " لسان العرب " , وكذا قول ابن سيده في كتابه " المحكم" , والأزهري في " التهذيب " , ولم يذكر أحد من هؤلاء الأئمة أو غيرهم كصاحب الصحاح , وصاحب المصباح , وصاحب القاموس , وكذا صاحب أساس البلاغة : أن الخاتم يكون بمعنى الأفضل , والمفسرون بالإجماع يقولون : (خاتم النبيين ) أي آخرهم . وهذا فضلا عن الصحابة والتابعين الذين لم يرد عنهم أن الخاتم بمعنى الأفضل وليس الآخر !

ولقد تجرأ الغلامية على الزعم بأن فهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وكذا الأمة لمعنى ( خاتم النبيين ) فهم " تقليدي " . ألا لعنة الله على القوم الكافرين !

فهل أنتم ونبيكم الكذاب الأشر , أعظم فهما , أرجح عقلا من النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال أنه لا نبي بعده , وهل أنتم أحرص على الإتباع من الصحابة رضوان الله عليهم الذي حملوا المعاني النبوية إلى الأمة كما سمعوها وتعلموها وفهموها , حتى لا يأتي أمثال نبيكم المخرف ليضل الناس عن سبيل الله بوحيه الشيطاني !

بل إن دعوى الغلام هذه , اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بالتضارب والهذيان , والخيانة والكتمان وحاشاه صلى الله عليه وسلم !

فالغلام عليه لعنة الله يقول لنا , أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال : "لا نبي بعدي" كان يعني أن هناك نبيا بعده !

قال ابن عطية في تفسيره : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40 : " هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام , مقتضية نصا : أن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم". ( المحرر الوجيز 5/242 ) .

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره : " وقد أخبر الله تعالى في كتابه , ورسوله في السنة المتواترة عنه : أنه لا نبي بعده , ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده , فهو كذاب أفاك دجال مضل " . ( تفسير القرآن العظيم 6/205 ) .

وقال الإمام الآلوسي في تفسيره : " وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب, وصدعت به السنة , وأجمعت عليه الأمة , فيكفر مدعي خلافه , ويقتل إن أصر". ( روح المعاني 8/25 ) .

لقد حارب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم , فلو كان الأمر كما زعم الغلام , ما حارب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم مسيلمة وسجاح والأسود العنسي , وما قتل مصعب بن الزبير رضي الله عنه المختار بن أبي عبيد الثقفي , وما أباد صلاح الدين رضي الله عنه ملك عبد الله بن ميمون القداح ! بل إن دعوى الغلام , اتهام للصحابة وآل بيته صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة المعصوم بسوء الفهم والضلال

ويقول الغلام : " أنا أفضل من جميع الأنبياء والرسل " ( حقيقة الوحي ص 72 ) .

وفي صحيفة الفضل , المجلد الرابع عشر ( 29إبريل سنة 1972م ) : ( إنه – أي الغلام – كان أفضل من كثير الأنبياء , ويمكن أن يكون أفضل من جميع الأنبياء ) .

يقول " بشير الدين محمود " نجل غلام أحمد وخليفته الثاني : ( إن غلام أحمد أفضل من بعض أولي العزم من الرسل ) (حقيقة النبوة ص 257 ) .

ويقول أيضا : ( لقد اعتقدوا أن كنوز الله قد نفدت , وما قدروا الله حق قدره , إنكم تتنازعون في نبي واحد – يعني غلام أحمد - , وأنا أعتقد أنه سيكون هنالك ألف نبي , بعد محمد صلى الله عليه وسلم ) ( أنوار خلافت ص 62 ) .

لقد أحدث ذلك فوضى في " النبوة " وفقدت كلمة " النبوة " جلالتها وحرمتها وقداستها, وأصبحت ألعوبة وعبثا , وكثر المتنبئون ومدعو الإلهام في القاديانية الغلامية, وقد عد منهم الأستاذ " محمد إلياس البرني " إلى عام 1355هـ سبعة أنبياء!

لقد استدل الغلامية على صحة نبوة الغلام بعد قوله صلى الله عليه وسلم : "لا نبي بعدي" بعدة أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم , ومنها

1- "
يا عباس أنت خاتم المهاجرين كما أنا خاتم النبيين" . ويقولون : هنا الخاتم بمعنى الأفضل, لأن الهجرة لم تختم بالعباس . وهكذا الغلامية يأتون بأحاديث مكذوبة ومنكرة , لإثبات صحة معتقدهم الفاسد !
والحديث في " ميزان الإعتدال " للذهبي , وفي " كنز العمال " لعلي المتقى الهندي , وفي إسناد هذا الحديث راويان أحدهما الحارث بن الزبير , قال فيه الأزدي : "ذهب علمه" (ميزان الإعتدال 1/433) . 
والثاني إسماعيل بن قيس بن سعد، قال فيه البخاري والدارقطني: "منكر الحديث". وقال النسائي وغيره: "ضعيف". ونقل بن القطان أن البخاري قال: "كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه" ( ميزان الإعتدال 1/6 ) . 
وقال ابن عدي : حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي حدثنا سعيد بن سلمة الأنصاري حدثنا إسماعيل بن قيس حدثنا أبو حازم عن سهل عن سعد قال: "استأذن العباس النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فكتب إليه: يا عم، أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة". ثم قال بن عدي: "عامة ما يرويه منكر" ( ميزان الإعتدال 1/245 ) .

وعلى سبيل التنزل يمكن أن يجاب عن ذلك أن العباس بن عبد المطلب هاجر قبيل فتح مكة إلى المدينة فصار خاتم المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة لأنه لا هجرة بعد فتح مكة من مكة , كما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري : " لا هجرة بعد الفتح" . أي بعد فتح مكة , وإلى هذا المعنى يشير حديث سهل بن سعد: "يا عم أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة" فالمراد بخاتم المهاجرين آخر المهاجرين فلا يثبت دعوى المبشر القادياني أن المراد بخاتم النبيين أفضل النبيين ، فهذا الإستدلال في غاية الوهن والفساد ، والله يهدي من يشاء إلى سبيل الرشاد .

2- "
لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا " ( أخرجه ابن ماجة ) . ويقولون : في هذا الحديث دلالة على إمكان النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , والجواب عن ذلك من وجوه :

أ- هذا الحديث حسب الإسناد في غاية الوهن والفساد ، فيه أبو شيبة بن إبراهيم بن عثمان ، قال السندي في تعليقه على سنن لابن ماجه: "وفي الزوائد في إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة قاضي واسط. قال فيه البخاري: "سكتوا عنه" . ( السنن لابن ماجة 1/460 ) .
وقال ابن المبارك: "ارم به". وقال بن معين : "ليس بثقة". وقال أحمد: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث" , وقال الذهبي : "كذبه شعبة" . ( ميزان الإعتدال 1/47).
فهذا الراوي متفق على ضعفه فكيف يحتج بروايته ؟!

ب- قد رويت آثار عن الصحابة تدل على خلاف ما استدل به الغلامية ، منها ما روى عبد الله بن أبي أوفى ، قيل له : "رأيت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مات وهو صغير ولو قضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي لعاش ابنه ولكن لا نبي بعده". ( رواه البخاري في صحيحه وابن ماجه وأحمد في مسنده ولفظه: "ولو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه إبراهيم" ) .
وعن أنس قال: "رحمة الله على إبراهيم لو عاش لكان صديقا نبيا" ( أخرجه أحمد بسند صحيح على شرط مسلم ورواه ابن ماجه في مسنده وزاد في روايته: "ولكن لم يكن ليبقى، لأن نبيكم آخر الأنبياء ". ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري وصححه 10 / 577 ) .
وهذه الروايات وإن كانت موقوفة فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها.

ج- إن كلمة "لو" لا تدل على الوقوع والثبوت كما ورد في القرآن الحكيم: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء22 .

3- "
أنا آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد". ( أخرجه مسلم ) , ويقولون : قد بنيت مساجد كثيرة بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون هذا إلا تعبيرا عن فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
وهؤلاء كعادتهم , حرفوا الحديث بقطعهم لمتنه , قال الإمام مسلم في صحيحه : ( عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر - وكانا من أصحاب أبي هريرة - أنهما سمعا أبا هريرة يقول : "صلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وأن مسجده آخر المساجد" ) . 
وفي رواية: ( قال لنا عبد الرحمن بن إبراهيم أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى عليه وسلم: "فإني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد " ) .

في هذا الحديث مقارنة بين المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الثواب كما ورد في هذا الباب حديث آخر يدل على فضل المساجد الثلاثة أي المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى .
فهذا السياق يدل على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "مسجدي آخر المساجد" أي آخر مساجد الأنبياء .
ولا شك أن هذه المساجد الثلاثة أسست بأيدي الأنبياء وتحت إشرافهم فتكون كلمة "أل" في المساجد عوضا عن المضاف إليه , فصار المعنى مسجدي آخر مساجد الأنبياء.
وهذا يوافق ما ذكرناه من النصوص الصريحة الصحيحة التي تدل على انقطاع النبوة بجميع أنواعها , فلا بد من تقديم المنطوق الصريح على المفهوم المشكوك فيه كما صرح به علماء الأصول .

ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه البزار في مسنده من زيادة في هذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أنا خاتم الأنبياء ، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء ، أحق المساجد أن يزار ويشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي " ( ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب " وسكت عنه 2/214 ) .
وهذه الزيادة أخرجها ابن النجار في " الدرة الثمينة " 2/357 , والديلمي في الفردوس كما أشار إلى ذلك المتقى الهندي في كتابه "كنز العمال" في باب فضل الحرمين 5/361 على هامش المسند للإمام أحمد
وأخرج الهيثمي هذا الحديث في كتابه " مجمع الزوائد " ونسبه إلى البزار، وقال: "فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف" ( ميزان الإعتدال 4 / 213 ) . 
ولكن مع ضعف هذه الزيادة يستأنس بها لأن سياق الحديث الصحيح يوافق هذه الزيادة.

4- "
أنا خاتم الأنبياء وأنت علي خاتم الأولياء ".
أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه من طريق عمر بن واصل وقال: "هذا من عمل القصاص وضعه عمر بن واصل أو وضع عليه "( تاريخ بغداد 10/358 ) .
وقال الذهبي : " عمر بن واصل الصوفي شيخ روى عن سهل بن عبد الله اتهمه الخطيب بالوضع" (ميزان الإعتدال 3/230 ) .
قال مؤلف مجمع البحار (مجمع بحار الأنوار) محمد طاهر الهندي الفتني : " لفظ خاتم الأولياء باطل لا أصل له ، فإن خاتم الأولياء آخر مؤمن بقي من الناس وليس هو خير الأولياء ولا أفضلهم فإن خيرهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما " ( مجمع البحار ج3 ص518 فصل في الخاتمة ) .

5- "
أبو بكر خير الناس إلا أن يكون نبي" .
أخرجه الطبراني وابن عدي , وقال المناوي في " فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي" : " قوله إلا أن يكون نبي أي يوجد نبي فلا يكون خير الناس يعني هو أفضل الناس إلا نبي والمراد الجنس و(يكون) هنا تامة و(نبي) مرفوع بها، والإستثناء لإخراج عيسى عليه السلام " (فيض القدير ج1 ص90 وميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص231) .
وفي " الميزان " قال الذهبي : " تفرد به إسماعيل هذا فإن لم يكن هو وضعه فالآفة ممن دونه" (ميزان الإعتدال 3/230 ) .
وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: "فيه إسماعيل بن زياد الأيلي ضعيف" (مجمع الزوائد ج9 ص44 ) .
خلاصة الكلام أن هذه الرواية في غاية الوهن حسب الإسناد بل يبلغ إلى درجة الموضوع كما صرح بذلك الذهبي .

6-
عن عائشة رضي الله عنها قالت : "قولوا خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده" ( الدر المنثور للسيوطي 5/204 ) .
إسناد هذا الأثر منقطع لأن فيه محمد بن سيرين الذي لم يسمع من عائشة شيئاً , قال الإمام ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "ابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئا" ( كتاب المراسيل ص 116 ) .
وقال البخاري: "لم يسمع ابن سيرين من عائشة رضي الله عنها شيئا" ( جامع التحصيل في أحكام المراسيل 2/635 , تهذيب التهذيب 9/216 ) .


2-
عقيدتهم في القرآن الكريم وتفسيره !

يقول غلام أحمد في " الخطبة الإلهامية " : ( أم يقولون إنا لا نرى ضرورة مسيح ولا مهدي , وكفانا القرآن وإنا لمهتدون , ويعلمون أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون , فاشتدت الحاجة إلى مفسر زكي من أيدي الله , وأدخل في الذين يبصرون ) .

وهذا نمط من التفسير الأحمدي القادياني الذكي للقرآن الكريم وذلك نقلا عن محمد علي , أمين جماعة القاديانية وزعيم شعبة لاهور من خلال تفسيره " بيان القرآن " :

*
تفسير منطق الطير في قوله تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل16 : حمل الطيور للرسائل من مكان إلى مكان كالحمام الزاجل .

*
تفسير وادي النمل بأنها موضع نواحي اليمن , والنملة : بطن من بطون العرب , أو أمة كانت تسكن في وادي النملة .

*
تفسير الجن في قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }الأحقاف29 : طائفة من البشر اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه في الخفاء , وليس المراد به نفوسا لا يقع عليها البصر , وقد جاءوا من الخارج وكانوا أجانب غرباء ولذلك سموا جنا .

*
المراد من قوله تعالى : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً }الجن1: يظهر أنهم كانوا نصارى وقد جاء ذكرهم على طريق النبوءة , ويكون المراد شعوبا مسيحية تبلغ الروعة في العظمة والرقي , فتصبح بذلك جنا وعفاريت وعباقرة.
بل ويذهب غلام أحمد إلى تأويل قول الله عز وجل : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}الإسراء15 . فيقول : " فهذا أيضا يدل على بعث رسول في الزمن الأخير , وهو المسيح الوعود – يعني نفسه – " ( الخزائن الشيطانية 22/500 ) .

ويقول عن قول المولى عز وجل : {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً }الكهف99 : " المراد من الصور هنا المسيح الموعود , لأن أنبياء الله تعالى هم بمثابة الصور له " ( الخزائن الشيطانية 23/85 ) .

وهذا الزنديق ينكر جسمانية الجنة والنار وحقيقتهما فيقول في تأويل قوله تعالى : {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } البقرة 25 : "إن الله تعالى قد شبه هنا الإيمان بالجنة التي تجري من تحتها الأنهار... بل إن جنة الإنسان تنشأ من باطن الإنسان نفسه ، وإن جنة المرء هي إيمانه وأعماله الصالحات التي يبدأ بالتلذذ بها في نفس العالم " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 85 ) .

وأما قوله تعالى :{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ } الصافات62-64 . فيقول مسليمة الغلام في تفسيره لهذه الآيات : " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم : أي تنشأ من الكبر والزهو لأنهما جذور جهنم ... خلاصة القول إن الله تعالى مَثَّل كلمة الكفر التي هي في هذه الدنيا بالزقوم واعتبرها شجرة الجحيم ، كما مثل كلمة الإيمان التي هي في هذه الدنيا بالجنة المثمرة " ( فلسفة تعاليم الإسلام ص 87 , 88 ) .

ثم يؤكد على روحانية الجنة والنار وعدم جسمانيتها : " لقد تبين من جميع هذه الآيات أن الجنة والجحيم بحسب كلام الله القدس ليستا كهذا العالم الجسماني ، وإنما منشأهما أمور روحانية سوف تشاهد بأشكال مجسمة في عالم الآخرة ، ومع ذلك لن تكون من هذا العالم المادي " ( المصدر السابق ص 89 ) .
ويقول معلنا كفره بما نزل في القرآن العظيم وبما جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : "إننا لا نؤمن بجنة هي عبارة عن أشجار مغروسة غرساً ظاهرياً ، ولا نؤمن بجحيم فيها أحجار من كبريت مادي ، بل الجنة والجحيم هما انعكاسات للأعمال التي يعملها الإنسان في الحياة الدنيا " ( المصدر السابق ص 111 ) .

قال الله تعالى : }مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } (محمد 15) .

وقال تعالى : }هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } الحج 19 – 25 .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال : " لبنة ذهب ولبنة فضة ولماطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولا يبؤس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه " ( رواه أحمد واللفظ له والترمذي والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه ) .

ووصف صلى الله عليه وسلم النار قائلا : " ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا والله إن كانت لكافية قال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " ( أخرجه البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن ) .
*
عقيدتهم في قضية صلب المسيح عليه الصلاة والسلام !

تفسير قوله تعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157 : كلمة صلبوه لا تنفي تسميره على الصليب , ولكنها تنفي موته على الصليب كنتيجة لتسميره عليه .
فهم يقولون أن المسيح قد صلب لبضع ساعات على الصليب , لكنه لم يمت على الصليب بل حدث له إغماء , فظن الناس أنه مات !

ولقد اتفقت الأمة الإسلامية على ما أخبر به القرآن الكريم , من أن المسيح عليه الصلاة والسلام لم يُقتل ولم يُصلب {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء158 , فسلمه الله من شر اليهود وأذاهم , ورغم أن الصلب يسبق القتل , إذ هو وسيلة للقتل , إلا أن الله تبارك وتعالى قدم نفي القتل على نفي الصلب فقال تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ) , بمعنى : أنه لم يُقتل أصلاً , فكيف تزعمون أنه قد صُلب؟!

ويقول الغلام في كتابه " المسيح الناصري في الهند " أنه بعد واقعة الصلب هاجر المسيح عليه السلام إلى كشمير وتوفي فيها قبل ألفي سنة , مستدلا بقول الله عز وجل : {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }المؤمنون50 , ولقد ناقض الغلام المفسرين بالإجماع لأن " الربوة " هى بيت المقدس ببلاد الشام , كما أن الآية لا تشير إلى هجرة بل إلى إيواء واستقرار , لكن الغلام زعم هذا وقطع بوفاة المسيح ليخلي المقام لنفسه , لأن من مات يستحيل أن يعود إلى الحياة بجسمه وروحه على حسب زعمه , ولهذا زعم أن عودة المسيح ستكون مثيلية ( أي مثيل المسيح ) , وأنه هو المثيل !

والمسيح عليه السلام لم يمت , قال تعالى : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55 . أي إني قابضك من عالم الأرض ورافعك إلى السماء بعد استيفائك كامل أجلك , والمقصود بشارته بنجاته من اليهود ورفعه إلى السماء سالما دون أذى ... ومن هذا المعنى قول العرب : توفيت مالي من فلان أي قبضته كله وافيا .

كما أن هذا من المقدم والمؤخر تقديره إني رافعك إلي ثم متوفيك بعد ذلك كما قال قتادة, وقد ذكره الطبري أيضا فقال : " وقال آخرون معنى ذلك : إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا , ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا " ( انظر تفسير الطبري 6/458 ) . 

وهذا ما قاله الحسن وابن عباس وابن زيد واختاره ابن جرير الطبري وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية , وهذا هو الصحيح كما ذهب إليه المحققون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم

فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة وتظاهرت عليه البراهين أنه عليه السلام رفع إلى السماء حيا وأنه لم يمت بل لم يزل حيا في السماء إلى أن ينزل في آخر الزمان , ثم يموت بعد ذلك الموتة التي كتبها الله عليه . فيكون ذكره في الآية قبل الرفع من باب المقدم ومعناه التأخير , لأن الواو لا تقتضي الترتيب , كما نبه أهل العلم وعلماء اللغة .

ومن هنا يعلم أن تفسير الوفاة بالموت قبل الرفع قول ضعيف مرجوح , بل الذي عليه الجمهور هو أنه عليه السلام رفع حيا بجسده وروحه , وسينزل في أخر الزمان على النحو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول الإمام فخر الدين الرازي : ( وقد ثبت الدليل أنه حي – أي المسيح عليه السلام –، وورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سينزل ويقتل الدجال ، ثم إنه تعالى يتوفاه بعد ذلك ) ( التفسير الكبير 8/ 60 ) .

هذا وقد نقل الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله في رده على الشيخ شلتوت رحمه الله إجماع أهل العلم على ذلك . ( انظر بتوسع " اتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشرط الساعة" 3/128-131 ) . 

ولو تتبعنا سخافاتهم في تحريف القرآن الكريم لطال المقام , وحسبنا ما نقلناه من تأويلهم الباطل المخالف لصريح الكتاب والسنة .

*
عقيدتهم في قضية النسخ في القرآن الكريم !

يقول غلام أحمد : ( إن رقبتي هي تحت نير القرآن الكريم ، وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم ) ( جريدة " أخبار عام " الصادرة من لاهور عدد يوم 26 مايو 1908م ) .

والنسخ كما هو معلوم باتفاق علماء الأمة , ثابت في القرآن والسنة , والحكمة منه ظاهرة جلية .

قال القرطبي : ( معرفة هذا الباب أكيدة وفائدته عظيمة ( أي النسخ ) ، لا يستغني عن معرفته العلماء ، ولا ينكره إلا الجهلة الأغبياء ، لما يترتب عليه من النوازل في الأحكام ، ومعرفة الحلال والحرام . روى أبو البختري قال : دخل علي رضي الله عنه المسجد فإذا رجل يخوف الناس ، فقال: ما هذا ؟ قالوا : رجل يذكر الناس ، فقال : ليس برجل يذكر الناس ! لكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني ، فأرسل إليه فقال : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟! فقال : لا ، قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه . وفي رواية أخرى : أعلمت الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت . ومثله عن ابن عباس رضي الله عنهما ) ( تفسير القرطبي 1 / 43 ) .

قال ابن كثير : ( والمسلمون كلهم متفقون علىجواز النسخ في أحكام الله تعالى ، لما له في ذلك من الحكمة البالغة ، وكلهم قال بوقوعه ) ( تفسير ابن كثير 1 / 181 , 182 ) .

وقال الشيخ " رحمة الله بن خليل الهندي " : ( .... فكذلك في نسخ الأحكام حكم ومصالح له – تبارك وتعالى - , نظرًا إلى حال المكلفين والزمان والمكان , ألا ترى أن الطبيب الحاذق يبدل الأدوية والأغذية بملاحظة حالات المريض وغيرها على حسب المصلحة التي يراها , ولا يحمل أحد فعله على العبث والسفاهة والجهل ؟ فكيف يظن عاقل هذه الأمور في الحكيم المطلق العالم بالأشياء بالعلم القديم الأزلي الأبدي ؟! ) (إظهار الحق ص 232) .
3- عقيدتهم في السنة والحديث !

لقد قام الغلام وأمثاله من المخربين على مر العصور , بالطعن في السنة النبوية , إما تصريحا وإما تأويلا , فالغلام وأتباعه يتعاملون مع السنة والأحاديث بمعيار الهوى والغرض , فإذا وافق الحديث أهواءهم انتصروا له وجعلوا دينهم يدور عليه كما فعلوا في حديث : " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " . وإذا خالف الحديث أهواءهم ومنهاجهم الباطل ردوه , ولو كان في أعلى درجات الصحة , وقالوا حسبنا القرآن فما وافق القرآن قبلناه , وما خالف القرآن رددناه , ويجعلون فهمهم وأهواءهم الحكم في الموافقة والمخالفة للقرآن والسنة !

ثم إنهم يسعون لتحريف الأحاديث كما فعلوا مع القرآن الكريم فحرفوا معاني الآيات بما يتماشى مع عقائدهم , ولم تسلم الأحاديث النبوية من أذاهم وتحريفهم , وأعرض نبذا من تحريفهم للسنة المطهرة بتأويلهم للأحاديث النبوية الصحيحة :

*
يزعم الغلام أنه نبي من عند الله , وأن لفظة " خاتم النبيين " لا تعني بالضرورة أنه لا نبي بعد رسول الإسلام صلوات الله وسلامه عليه , بل تعني أنه صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين وزينتهم , وقد سبق بيان ذلك .

*
قام الغلام بتأويل أحاديث نزول المسيح عليه السلام شرقي دمشق عند المنارة البيضاء وعليه رداءان أصفران , فقال محرفا : " المراد بالرداء الأصفر : العلة وقد جاء في الحديث أن المسيح ينزل وعليه رداءان أصفران وهذا شأني فإنني أعاني علتين : إحداهما : في مقدم جسمي وهو الدوار الشديد الذي قد أخر به الأرض , وأخاف به على نفسي , والعلة الثانية : في أسفل الجسم وهى كثرة التبول " ( براهين أحمقية 1/201 ) .
ولجأ إلى الخداع والتزييف فادعى أن قرية قاديان مشابهة لدمشق , وأن الله أنزله في دمشق هذه بطريق شرقي , عند المنارة البيضاء من المسجد الذي دخله كان آمنا . ( إزالة أوهام ص 68 ) .

وإذ قد تغلب على تأويل لفظ دمشق والشام ... إلخ , فقد بقى له أن يتغلب على مشكلة المنارة الشرقية , وذلك ببنائه منارة في شرقي قاديان وقرر ذلك سنة 1900 وفتح الإكتتاب لذلك وحث على الإعانات ووضع أساسها عام 1903 وتم هذا المشروع بعد وفاته في حياة نجله " بشير الدين محمود " .

ولم يكتف الغلام بهذا فقط , بل لما رأى فساد تأويله , أنكر أحاديث نزول المسيح عليه السلام بالكلية , واتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب , فقال : " إن فكرة نـزول المسيح الموعود من السماء لفكرة باطلة تماما. اعلموا جيدًا أنه لن ينـزل من السماء أحدٌ. إن جميع معارضينا الموجودين اليوم سوف يموتون، ولكن لن يرى أحد منهم عيسى بن مريم نازلاً من السماء أبدًا ، ثم يموت أولادهم الذين يخلفونهم ، ولكن لن يرى أحد منهم أيضًا عيسى بن مريم نازلاً من السماء ، ثم يموت أولاد أولادهم ، ولكنهم أيضًا لن يروا ابن مريم نازلاً من السماء . وعندئذ سوف يُلقي الله في قلوبهم القلقَ ، فيفكرون أن أيام غلبة الصليب قد انقضت ، وأن العالم قد تغيَّر تمامًا، ولكن عيسى بن مريم لم ينـزل بعد؛ فحينئذ سوف يتنفّر العقلاء من هذه العقيدة دفعةً واحدة، ولن ينتهي القرن الثالث من هذا اليوم إلا ويستولي اليأسُ والقنوط الشديدان على كل من ينتظر عيسى ، سواء كان مسلمًا أو مسيحيًّا، فيرفضون هذه العقيدة الباطلة , وسيكون في العالم دين واحد وسيد واحد.وإنني ما جئت إلا لزرع البذرة، وقد زُرعتْ هذه البذرة بيدي ، والآن سوف تنمو وتزدهر ، ولن يقدر أحد على أن يعرقل طريقها " ( الخزائن الشيطانية 20/67 ) .

يقول السفاريني في كتابه " لوامع الأنوار" 2/94-95 : ( فقد أجمعت الأمة على نزوله- أي المسيح عليه السلام - ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه ، وقد انعقد إجماع الأمة على أنه ينزل ويحكم بهذه الشريعة المحمدية ، وليس ينزل بشريعة مستقلة عند نزوله من السماء ) .

*
اعتمد الغلام في تأويلاته وتحريفاته على المنامات , ولجأ إلى أساليب باطنية في حساب الجمل والأعداد كعادة اليهود , والتطرف في تأويل المصطلحات الدينية الشرعية المتواتر لفظها ومعناها ومفهومها

كما زعم أتباعه أن الغلام تلقى وحيا يخبره بموته , وهو : ( لا تثق بالحياة الفانية ) وزعموا أن القيمة العددية لحروف هذا الوحي تشير إلى سنة وفاته !( مصطفي ثابت القادياني : السيرة المطهرة ص 629 ) .

*
عقيدتهم في معجزة الإسراء والمعراج !

يزعم أتباع الغلام في مقال لهم عن " حقيقة الإسراء والمعراج " : أن الإسراء شيء والمعراج شيء آخر ولم يجتمعا في رحلة واحدة بل ولا في سنة واحدة ، وإنما يفصلهما عدد من السنوات يبلغ ستا أو سبعا لأن سورة النجم نزلت في السنة الخامسة من البعثة وهى التي فيها ذكر المعراج , أما سورة الإسراء فقد نزلت في أوآخر الفترة المكية . وأن الرواة هم الذين اختلط عليهم الأمر فجعلوا الإسراء والمعراج حدث واحد !

ويقولون : إن واقعة المعراج لم تكن انتقالا جسديا من الأرض إلى ما وراء عالم الأفلاك والمجرات , ولم تكن انتقالا روحيا بمعنى أن الروح الشريفة غادرت الجسد وانتقلت إلى هذا المجال.. لأن الأرواح لا تفارق أجسادها مادام المرء على قيد الحياة.. ولم تكن حلما يمر برأس نائم يغط في فراشه . وإنما هي من قبيل الوحي الإلهي الذي يكلم به المولى تبارك وتعالى من يصطفيه من عباده.. إنه الكشف . والكشف أو الرؤيا.. تحدث للإنسان المصطفى وهو في حالة اليقظة الكاملة... يرى الشيء ويعي أحداث الكشف.. وحده في خلوة بعيدا عن الناس ، أو أمام الناس ولا يدرون بما يجري معه ، أو أمام الناس ومعهم ويشتركون معه .

ويقولون : إن الإسراء والمعراج ليس بمعجزة , لأن شرط المعجزة لم يتحقق , وهو أن يقع العمل أمام القوم ويشاهدونه , ويقولون أن الحادثة بلا أي قيمة لأنها حدثت أمام من جرت على يديه فقط دون أن يشاهدها أحد !

وهذه عادة الطاعنين في السنة المطهرة , فهم يطعنون في أجل الأمور وأعظمها , حتى يصير الإسلام بلا معجزات تثبت مصداقيته , فإذا طعنوا في القرآن والسنة , فماذا يتبقى من الإسلام ؟!

أما قولهم أن المعراج لم يحدث ليلة الإسراء , فهذا تكذيب للنبي عليه الصلاة والسلام وليس للرواة فحسب , لأنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد أن أخبر بقصة الإسراء ليلا على البراق إلى بيت المقدس : " ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا .... الحديث". وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وفيه ذكر المعراج بعد الإسراء مباشرة .

واستدلالهم بأوقات النزول غير صحيح , بل فيه كذب على العلماء , فلم يزعم أحد - فيما أعلم – أن سورة النجم نزلت في السنة الخامسة , بل أجمع العلماء أنها مكية دون الإشارة إلى زمن النزول بالتحديد , وكذا الأمر في سورة الإسراء .

وعن قولهم أن الإسراء والمعراج كانا من أنواع الكشف أوالرؤيا أثناء اليقظة , فهذا مما قالوه خدمة للمستشرقين الذين يستدلون بأقوال الفرق المارقة عن الإسلام !

ولقد رد علماء الإسلام سلفا وخلفا على هذه الدعاوى , قال الله تبارك وتعالى : {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ }الإسراء60 . وأخرج البخاري والترمذي عن ابن عباس قال : " هي رؤيا عَيْن اُرِيها النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسْرِيَ به إلى بيت المقدس" .
فكيف يكون كشفا أو رؤيا إلهامية ويكون فتنة للناس ؟! فلو قال قائل : لقد طفت الدنيا بأسرها في رؤيا إلهامية هذه الليلة ؟ ترى هل يكذبه أحد ؟! فالناس يعلمون أن قانون الرؤيا الإلهامية يختلف عن قانون الرؤيا العينية الحقيقية , إذ النفس تسرح في الرؤيا الإلهامية كيفما شاءت , فلا يمكن لأحد أن يعترض .
أما لو قال قائل : لقد طفت الدنيا بأسرها في رؤيا حقيقية بجسدي وروحي في هذه الليلة؟ فسترى المعترضين يسدون عين الشمس !
ولهذا اعترض المشركون وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : " ... نضرب إليها أكباد الإبل في شهرا – أي بيت المقدس – وتزعم أنك أتيتها في ليلة ؟ " ( أخرجه مسلم وأحمد والبيهقي ) .
أسمعتم أيها الغلامية ؟ قالوا : أتيتها , ولم يقولوا : رأيتها , أو انكشف لك في رؤيا إلهامية!
ولو كانت رؤيا إلهامية , أكان هذا يستدعي أيضا أن يرتد بسبب ذلك ضعاف الإيمان؟!

كما أن كلمة ( الرؤيا ) وردت في البصر , وذكرت كذلك في كثير من قصائد الشعر لفحول شعراء العرب , خاصة عند الحديث عن غرائب الأشياء التي تشبه الرؤيا المنامية .

هذا , وقد قال الله تبارك وتعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}الإسراء1. والعبد لا يكون عبدا إلا بجسمه وروحه , وقد علمت أن المعراج حدث بعد الإسراء في نفس الرحلة , فعلم من هذا أيضا أن المعراج كان بالجسد والروح .

وأما عن زعمهم أن معجزة الإسراء والمعراج فقدت قيمتها , لأنها جرت أمام صاحبها فقط , فنقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وكذلك الأنبياء - كان يأتيه الوحي بالقرآن الكريم خفية . فلم يشهد جبريل عليه السلام أحد غيره صلى الله عليه وسلم , وكذا موسى عليه السلام كلمه الله وحده ولم يشهد أحد ذلك , بل آمن بنو إسرائيل بذلك غيبا , فأولى للغلام وأتباعه أن يطعنوا في القرآن الكريم ورسالة موسى عليه السلام !

إن المسألة المطروحة هنا مسألة إيمانية , أي إخبار بغيب , وليست مسألة مشاهدة , وذلك حتى تناقش بالعقل , وتكون مدخلا للإيمان , لأن الإيمان ليست أداته الرؤية , فليس بعد العين أين , ولكنه يتم بالدليل العقلي على أن ما هو غيب حدث فعلا

إن كل الدعاوى التي زعمها الغلام وأتباعه , قيلت من المستشرقين , وكانوا يحسبون بذلك أنهم يهدمون المعجزة , لكن أسئلتهم بينت نواحي الإعجاز في الإسراء والمعراج , فسبحان الله الذي سخر عبده غير المسلم لخدمة دين الحق !

***************

* عقيدتهم في المسيح الدجال !

المسيح الدجال في نظر الغلام وأتباعه ليس شخصا بعينه كما وصفه النبي عليه الصلاة والسلام , بل هم يكذبون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون أن المسيح الدجال هو الإستعمار أو الرجل الأبيض الغربي !

ومن تأويلاتهم لأحاديث الدجال أنهم يقولون أن قول النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن الدجال في حديث النواس بن سمعان في صحيح مسلم : " فيمر بالخربة , فيقول لها أخرجي كنوزك " : يعني الدول الإستعمارية التي نهبت بترول ومعادن وكنوز الدول الإسلامية !

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " ثم يدعو رجلاً شاباً، فيضربه بالسيف فيقطعه ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك " : فهذا يعني الأطباء في الدول الإستعمارية حين يعالجون مرضاهم , وهو دليل على تقدمهم في مجال الطب لدرجة أنه يقوم بإجراء عمليات جراحية يكون الإنسان خلالها كالميت تماماً وبعد انتهاء العملية ونجاحها يعود الإنسان أكثر حيوية وأكثر نشاطاً وقوة !

وأما قوله صلى الله عليه وسلم عن سرعة الدجال في الأرض : " كالغيث استدبرته الريح " فيقولون : يصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سرعة الدجال في سفره وانتقاله بأنها تعادل سرعة الريح وهذا الوصف إشارة إلى استعماله وسائط نقل سريعة وقوية كالطائرة والقطار !

وأقول : وجب الآن على كل مسلم عندما يرى رجلا أوروبيا أو أمريكيا أن يقرأ عليه وفي وجهه عشر أيات من سورة الكهف ( أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود ) . وكذا إذا ركب القطار أو الطائرة بدلا من دعاء ركوب الدابة !
لقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن المسيح عليه السلام سيحارب الدجال ويقتله , كما أخرج ابن ماجة في كتاب الفتن قوله صلى الله عليه وسلم : " فإذا نظر الدجال إليه – إلى المسيح عيسى عليه السلام – ذاب كما يذوب الملح في الماء وانطلق هاربا , ويقول عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عند باب اللد الشرقي فيضربه فيقتله " .

فإذا كان الأمر كما يزعمون , فلماذا لم يقتل الغلام الدجاجلة الذين أخذ في تعظيمهم, وإلغاء الجهاد من أجلهم , وفرض على أتباعه وجوب طاعتهم واتباعهم , وعدم الخروج عليهم وعصيانهم ؟

كما أنه من العجيب هذه الأيام أن أكثر من يسلمون من الغرب – الدجاجلة في زعم الغلامية - وما علمنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدجال سيسلم في يوم من الأيام , بل أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أن الدجال سيقول : أنا ربكم !( أخرجه ابن ماجة ) .

والناظر في الأحاديث يرى أن الدجال رجل , والمرأة في العالم الغربي تستطيع فعل كل الأمور التي يفعلها الرجل الأبيض في شتى المجالات , في الطب مثلا , فهى تقوم بإجراء العمليات الحرجة كالرجل الأبيض , وتستقل القطارات والطائرات كالرجل الأبيض , فيلزم ذلك الغلامية أن يؤمنوا أن الدجال هو كل رجل وامرأة في المجتمع الغربي !

ونتساءل : ما هو تأويلهم لقوله صلى الله عليه وسلم عن الدجال: " وأن الدجال ممسوخ العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب " ؟! ( أخرجه مسلم ) .

وما هو تأويلهم لقوله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أيضا : " إن الدجال ليخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أفواج كأن وجوههم المجان المطرقة " ؟! ( أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد وصححه الألباني ) .

*
عقيدتهم في حكم المرتد !

يقولون بأن قتل المرتد عن الإسلام قتل للحرية الفكرية , ونشر الخوف بين الناس , ويضعفون حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما : " من بدل دينه فاقتلوه " .

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " لايحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " ( متفق عليه ) .
ويقولون أن علة الحديث الأول هو عكرمة مولى ابن عباس , فلقد اتُّهم من قبل عدد من علماء الرجال . لذا لم يرو له مالك ولا مسلم ، باعتباره ضعيفًا غير ثقة !

وكعادة أهل الهوى والغرض , فهاهم يستدلون بعلم الرجال على الرغم من أنهم ينكرون أحاديث صحيحة وصريحة !

إن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما ، مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه الناس به ، فهو أحد التابعين والمفسرين المكثرين والعلماء الربانيين والرحالين الجوالين ، صنفه ابن سعد في الطبقه الثانية من التابعين . واحتج به البخاري وأصحاب السنن .
قال الإمام أحمد رحمه الله : ( عكرمة يحتج به ) .
وذكر يحيى بن معين عن محمد بن فضيل ثنا عثمان بن حكيم قال : جاء عكرمة إلى أبي أمامة بن سهل وأنا جالس عنده ، قال : ( يا أبا أمامة ، أسمعت ابن عباس يقول : ما حدثكم عكرمة عني بشئ فصدقوه فإنه لن يكذب عليّ ؟ قال : نعم ) ( الحافظ ابن رجب : شرح علل الترمذي 1 / 325 ) .
وقال يحيى ابن معين رحمه الله : (إذا سمعت من يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام) (مقدمة فتح الباري ص 504 ) .
وقال الشعبي : ( ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة ) .
وقال قتادة : ( أعلم الناس بالحلال والحرام الحسن – البصري - ، وأعلمهم بالمناسك عطاء ، وأعلمهم بالتفسير عكرمة ) ( الذهبي : سير أعلام النبلاء 5/14 ) .
وقال البخاري رحمه الله : ( ليس أحد من أصحابنا إلا احتج بعكرمة ) ( مقدمة فتح الباري ص 504 ) .
وقال ابن منده : ( أما حال عكرمة في نفسه فقد عدله أمة من التابعين منهم زيادة على سبعين رجلا من خيار التابعين ورفعائهم , , وهذه منزلة لا تكاد توجد منهم لكبير أحد من التابعين على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه ولم يستغن عن حديثه, وكان حديثه متلقى بالقبول قرنا بعد قرن إلى زمن الأئمة الذين أخرجوا الصحيح ) (المصدر السابق ص 505 ) .

وأما ما زعمه أتباع الغلام من أن مالكاً لم يرو لعكرمة , فهذا كذب على الإمام مالك, فإنه قد روى عن عكرمة في الموطأ ، ففي الموطأ 1/ 381
(
قال الراوي : وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة مولى ابن عباس قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس أنه قال: الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي. وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك مثل قول عكرمة عن ابن عباس قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك ) .
وقد أثبت ابن عبد البر في " التمهيد " في الضحية رواية مالك عن ثور عن عكرمة قال: (وقد روي في فضل الضحايا آثار حسان، فمنها: ما رواه سعيد بن داود بن أبي الزبير عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله: ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدم ) .
ونقل الحافظ ابن حجر في مقدمة " فتح الباري " عن ابن عبد البر قوله : ( وزعموا أن مالكا أسقط ذكر عكرمة من الموطأ ولا أدري ما صحته , لأنه قد ذكره في الحج وصرح باسمه ومال إلى روايته عن ابن عباس , وترك عطاء في تلك المسئلة مع كون عطاء أجل التابعين في علم المناسك ) ( مقدمة فتح الباري ص 505 ) .
بل هناك شاهد قوي ذكره الحافظ ابن رجب على تكذيب دعوى أتباع الغلام , وهو أن الأمام مالك رحمه الله أنكر تكذيب ابن عمر رضي الله عنه لعكرمة .
قال الحافظ ابن رجب : ( وأما تكذيب ابن عمر له [ قد ] روي من وجوه لا تصح ، وقد أنكره مالك ) ( شرح علل الترمذي 1 / 327 ) .

وأما عن عدم رواية مسلم له , فهذا لسبب أخر غير الذي زعمه أتباع الغلام , قال الحافظ ابن حجر : ( وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقروناً بسعيد بن جبير ، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه . وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة ) ( مقدمة فتح الباري ص 501 ) .
فمسلم رحمه الله تركه من أجل ما ظنه أنه صحيح عن الإمام مالك في شأن عكرمة , ورغم ذلك أخرج له مسلم في صحيحه مقرونا بسعيد بن جبير في كتاب الحج .

وحديث النبي عليه الصلاة والسلام :" من بدل دينه فاقتلوه " . له طرق أخرى عن قتادة عن أنس عن ابن عبارس رضي الله عنه وليس فيها عكرمة , أخرجها الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه الكبري والطبراني في المعجم الكبير وأبو يعلى في مسنده , فلا حجة لهم في إنكار صحة الحديث .

أما علة الحديث الثاني في رأيهم , هو الأعمش سليمان بن مهران , والأعمش رحمه الله أحد كبار أئمة المحدثين المتفق على وثاقتهم وجلالتهم
قـال الذهبي عنه : ( الإمام ، شيخ الإسلام ، شيخ المقـرئين والمحـدثين ) ( سير أعلام النبلاء 6/ 226 ) .
وقال علي بن المديني : ( حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستة : فلأهل مكة عمرو بن دينار , ولأهل المدينة بن شهاب الزهري , ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران الأعمش , ولأهل البصرة يحيى بن أبي كثير ناقلة وقتادة ) (تهذيب الكمال 12/84 ) .
وقال الحافظ ابن حجـر : ( ثقـة حافـظ ، عـارف القـراءات ، ورع ، لكنه يُدلس) ( التقـريب ص 254 ) .
والأصل في مرويات الأعمش عن شيوخه الذين ثبت سماعه منهم في الجملة ، وكانت تلك المرويات خالية عما يستنكر سنداً أو متناً ، ولم يظهر بعد تتبع الطرق ما يدل على عدم سماع الأعمش من شيخه لذلك الحديث بعينه ، قبول عنعنته وعدم إعلالها بالتدليس وعدم السماع ، وعلى هذا جرى عمل الأئمة الكبار في تخريج أحاديث الأعمش المعنعنة ، كأبي عبد الله البخاري ، ومسلم بن الحجاج في صحيحيهما فضلاً عمن دونهما.
قال العلامة ابن عثيمين : ( ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم بصيغة التدليس عن ثقات المدلسين فمقبول ) ( مصطلح الحديث ص 19 ) .
وفي دراسة أجراها الدكتور خالد بن عبد الله السبيت بعنوان " الاختلاف على الأعمش في كتاب العلل للدارقطني(تخريج ودراسة)" قال فيها
(
الأعمش موصوف بنوعين من التدليس هما تدليس الإسناد وتدليس التسوية:
أ- فأما تدليس الإسناد فتبين لي من خلال العينة التي شملتها الدراسة أن تدليس الأعمش قليل وهو مفهوم كلام أهل العلم وعين ما فعله الحافظان العلائي ، وابن حجر العسقلاني إذا وضعاه في المرتبة الثانية .
ب- وأما تدليس التسوية فلم أقف في حديث من أحاديث الدراسة على حديث دلس في هذا النوع من التدليس ، وهذا دالٌ على ندرة وقوع هذا النوع من التدليس منه ) ا.هـ.

والحديث الثاني أخرجه النسائي في سننه من طرق أخرى صحيحة وليس فيها الأعمش رحمه الله , فقال : ( أخبرنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا سفيان ، قال: حدثنا أبو إسحاق عن عمر بن غالب ، قال : قالت عائشة أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا رجل زنى بعد إحصانه ، أو كفر بعد إسلامه ، أو النفس بالنفس " ) .

ثم روى النسائي حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه في هذا الموضوع، فقال : ( أخبرني إبراهيم بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثني أبو أمامة بن سهل ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة قال: كنا مع عثمان وهو محصور ، وكنا إذا دخلنا مدخلا نسمع كلام من بالبلاط ، فدخل عثمان يوماً ثم خرج فقال : إنهم ليتواعدوني بالقتل ، قلنا يكفيكهم الله ، قال : فلم يقتلوني ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه ، أو زنى بعد إحصانه أو قتل نفساً بغير نفس ". فو الله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله ولا قتلت نفساً ، فلم يقتلوني ؟! " وهذا حديث صحيح وإسناده صحيح ) .

وقال الإمام البخاري في صحيحه في " كتاب استتابة المرتدين " : ( حدثنا مسدد حدثنا يحيى ، عن قرة بن خالد قال : حدثني حميد بن هلال ، قال : حدثنا أبو بردة ، عن أبي موسى قال : أقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وساق قصة من طلبوا العمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده ، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل ، فلما قدم عليه ألقى له وسادة ، قال : انزل ، فإذا رجل عنده موثق قال : ما هذا ؟ قال : كان يهوديا فأسلم ، ثم تهود قال : اجلس ، قال : لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات ، فأمر به فقتل ".. الحديث .

وأخرجه مسلم في " الإمارة " قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ومحمد بن حاتم قالا: حدثنا يحيى بن سعيد القطان به

فهذه جملة من الأحاديث الصحيحة الثابت فيها حكم الله ورسوله بقتل المرتد .

ولما كان الحديثان في البخاري ومسلم , وقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا على صحة أحاديث البخاري ومسلم , فهي أحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم , حرف أتباع الغلامية القاديانية معنى الحديث وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : " إن الحديث ينادي بقتل المرتد التارك للجماعة، ومعنى ذلك المحارب للجماعة . لذا فهو نص في ما نقول من أن المرتد المحارب هو الذي يقتل ، وليس القتل لمجرد الردة " .

ولقد قام أهل العلم سلفا وخلفا , بالرد على تلك المزاعم الباطلة , التي يزعمها من خرج عن دائرة الإسلام كالغلام وأتباعه , والتي يزعمها البعض من أصحاب الحرية الفكرية العوجاء !

ونقول : إن الإسلام الحنيف هو الذي وضع مواثيق حرية الإعتقاد , فقال سبحانه : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256.

وقد ذكر المفسرون أن سبب نزول الآية في قوم من الأنصار , وإن كان حكمها عاما , فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت المرأة تكون مقلاتا – لا يعيش لها ولد – فتجعل على نفسها إن عاش ولدها أن تهوده , فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار , فقالوا لا ندع أبناءنا . فأنزل الله عز وجل : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }البقرة256. ( أخرجه أبو داود والبيهقي وابن حبان ) .
كما روي نحوه فيمن تنصر ولداه وكان رجلا مسلما فأراد أن يكرهما على الإسلام , وقد أبيا إلا النصرانية فأنزل الله فيه ذلك . (تقسير الطبري 3/14 ) .

فالآية تنفي أن يجبر إنسان على الإسلام , فقوله تعالى : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } هذا قبل أن يسلم المرء وقبل أن يدخل في الدين , فكيف يستدل بالآية على إباحة الكفر وجواز الردة ؟! إن المنافقين أرادوا أن يفعلوا ذلك : {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }آل عمران72 .

لقد رأى الغلامية ومن على شاكلتهم أن عقوبة المرتد مصادرة لحرية الرأي , وحرية التدين , ونحن نؤمن أن حق كل امريء أن يؤمن إذا شاء وأن يكفر إذا شاء : {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً}الكهف29 . فإذا آثر الوثنية أو اليهودية أو النصرانية لم يعترضه أحد
وهنا نتساءل هل من حرية الرأي عند اعتناق الإسلام أن نكسر قيوده ونهدم حدوده ؟ هل حرية الرأي تعطي صاحبها في أي مجتمع إنساني حق الخروج على هذا المجتمع ونبذ قواعده ومشاقة أبنائه ؟ هل خيانة الوطن أو التجسس لحساب أعدائه من الحرية ؟ هل إشاعة الفوضى في جنباته والهزء بشعائره ومقدساته من الحرية ؟!

إن من منافذ الخطأ في فهم النظام الإجتماعي الإسلامي اتخاذ بعض المصطلحات الحديثة معيارا لهذا النظام , مع تجاهل اضطراب هذه المصطلحات , وعدم الإتفاق على تحديد مدلول المصطلح , واختلاف هذا المدلول من زمان إلى زمان , ومن أمة إلى أمة , وذلك كمصطلح : الحرية !

فلسنا نعلم أمة ولاجماعة أطلقت هذا المصطلح من كل قيد , فما من أمة أو جماعة إلا قيدته بقيد أو أكثر بحسب ما ترى فلسفة نظامها الإجتماعي , فانظر على سبيل المثال كيف حاربت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية الشيوعية في شتى أنحاء المعمورة وسفكت دماء الشيوعيين في كل مكان , ولقد زعم يوحنا بولس بابا الفاتيكان السابق في كتاب له عن " الشيوعية " أن الشيوعية هو الخطر الذي يهدد العالم بجميع أنظمته وهيئاته, وأنه يجب محاربتها بشتى الوسائل , بل قام هو شخصيا بمحاربة الشيوعية في كل كتاباته , بل وقرن مع الشيوعية الإسلام , ولعل هذا ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية محاربة المسلمين لا في بلادهم بل في بلاد المسلمين , وأقاموا حد الردة عليهم آلاف المرات في شتى ديار الإسلام !

فالمرتد لا يقر رأيا فقط , بل يكون خارجا عن الدولة الإسلامية بكل نظامها الأساسي, بل يكون فعله هدما للحق , ونقضا لدولته , وزعزعة لأمنها !

فمن الملوم ؟! الهادم الذي استدعى العقوبة لنفسه , أم المحافظ على كيان الأمة ؟!

فلو أن هذا المرتد قصر خروجه على نيته ولم يصرح به , فلا حرج عليه , فالإسلام لا يحارب الناس على نياتهم , أما إذا صرح وأراد زعزعة الدولة , فتصريحه محاربة للدولة والمجتمع , ولا بد من اقتلاع هذه البذرة الفاسدة من المجتمع .

إن من المتفق عليه عند العقلاء في عصرنا أن فساد الجريمة وفساد المجرم لا يقفان عند حد الجارم بل يتعدى الفساد إلى غيره من الأفراد , وإلى المجتمع , وأن أول ما يؤثر فيه هذا الفساد أهله وأسرته , والمحيطين به والمخالطين له , لذا فإن العقوبة إصلاح للجارم, ووقاية للمجتمع من فساده وزجر لغيره من ذوي النفوس الضعيفة وعن الإقتداء به .

ومن المتفق عليه كذلك أن ترك المجرم يستمتع بجرمه , إنما هو إقرار له على جريمته , وإغراء لغيره بسلوك مسلكه !

ومن المتفق عليه أن مصلحة المجتمع مقدمة على مصلحة الفرد , ذلك لأن مصلحة المجتمع كلية عامة , تعود على مجموع الأفراد , بينما مصلحة الفرد نفسه جزئية تخصه, وضررها يعود على المجموع بمن فيهم ذاك الفرد , بل إنه من المتفق عليه أنه إذا تعارضت حياة الفرد وحياة الجماعة أهدرت حياة الفرد اعتبارا لحياة الجماعة .

فهل خرج الإسلام بحد الردة عن دائرة المتفق عليه بين العقلاء ؟ وهل تجاوز حرية الإعتقاد والتدين ؟!

يقول العلامة الفرنسي " جوستاف لوبون " : ( رأينا في أي القرآن التي ذكرناها آنفا أن مسامحة محمد - صلى الله عليه وسلم – لليهود والنصارى كانت عظيمة للغاية , وأنه لم يمثل مؤسسوا الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص , وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته , وقد اعترف بذلك التسامح بعض علماء أوروبا المرتابون أو المؤمنون القليلون الذين أمعنوا النظر في تاريخ العرب , وقد نقل عن "روبرتسن" في كتابه " تاريخ شارلكن " : إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى وأنهم مع امتشاقهم الحسام نشرا لدينهم, تركوا من لا يرغب فيه أحرارا في التمسك بتعاليمهم الدينية ) (جوستاف لوبون : حضارة العرب ص 128) .

إن الإسلام الحنيف وضع ضوابط شرعية إنسانية لحد الردة , ففي أسفار اليهود والنصارى التي بين أيدينا , نجد فيها أن حد الردة يطبق دون مراجعة أو استتابة , ففي سفر التثنية 17/ 1-7 : ( إذا وجد في وسطك في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرآة يفعل شرا في عيني الرب إلهك , بتجاوز عهده ويذهب ويعبد آلهة أخرى ويسجد لها أو للشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء الشيء الذي لم أوص به , وأخبرت وسمعت وفحصت جيدا , وإذا الأمر صحيح أكيد قد عمل ذلك الرجس في اسرائيل , فاخرج ذلك الرجل أو تلك المرآة الذي فعل ذلك الأمر الشرير إلى أبوابك الرجل أو المرآة وارجمه بالحجارة حتى يموت , على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يقتل الذي يقتل , لا يقتل على فم شاهد واحد , أيدي الشهود تكون عليه أولا لقتله , ثم أيدي جميع الشعب أخيرا فتنزع الشر من وسطك ) .

وجمهور الفقهاء قالوا بوجوب استتابة المرتد قبل تنفيذ العقوبة , بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم " . ( حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين ص 555 ) .

والغرض من هذه الإستتابة إعطاؤه فرصة ليراجع نفسه عسى أن تزول عنه الشبهة وتقوم عليه الحجة ويكلف العلماء بالرد على ما في نفسه من شبهة حتى تقوم عليه الحجة إن كان يطلب الحقيقة بإخلاص , وإن كان له هوى أو يعمل لحساب أخرين , فلا ينعقد الحكم حتى تتم إقامة الحجة باستيفاء شروطها وانتفاء موانعها , ومدة الإستتابة حددها الفقهاء استنادا إلى أقوال الصحابة والتابعين بثلاثة أيام أو أقل أو أكثر, وبعضهم قال بل يستتاب أبدا , فالأمر فيه سعة , ولله الحمد والمنة .

*
عقيدتهم في رجم الزاني والزانية !

في رد الغلامية على أحد الأسئلة حول موضوع حد الزنا في الإسلام من خلال موقعهم على شبكة المعلومات الدولية , زعموا أن الرجم ليس من الإسلام , وهذا نص السؤال والإجابة :

هل الرجم من الإسلام ؟ وما الدليل على ذلك ؟

الرجم ليس من الإسلام ، بل هو شريعة توراتية نسخها الإسلام . وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينـزل فيه حكم قرآني ، لذا فقد توجه إلى بيت المقدس في الصلاة حتى نـزل قوله تعالى : {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}البقرة144، ورجم الزاني قبل أن ينـزل قوله تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}النور2 . وهذا لا يعني أن هناك نسخا في القرآن الكريم ، بل هذا نسخ للتوراة وأحكامها . من هنا نـزل قوله تعالى ينتقد اليهود : {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}البقرة106 . الآية تقول: أيها اليهود ، مالكم تكرهون نـزول أحكام القرآن الملغية لأحكام التوراة ؟ فما نلغيه من أحكام التوراة نأت بمثله أو بخير منه في القرآن. وما نسيتموه نأت بخير منه أو بمثله أيضا .
هاني طاهر .

سلسلة من الكذب المتصل يعقد حلقاتها الغلامي هاني طاهر !

قال تعالى : {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة43-44 .

وسبب نزول الآيات : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بيهودي محممًا مجلودًا فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال : هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قالوا نعم , فدعا رجلاً من علمائهم فقال : أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قال : لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك , نجده الرجم, ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد قلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه , فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}المائدة41. إلى قوله { إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ } يقول ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }) ( رواه مسلم ) .

وأخرج أبو داود في كتاب " الحدود " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( زنى رجل من اليهود وامرأة فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بالتخفيف فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله قلنا فتيا نبي من أنبيائك قال : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة زنيا فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم فقام على الباب فقال : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن ؟ قالوا : يحمم ويجبه ويجلد والتجبيه أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما قال وسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت ألظ به النشدة فقال : اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فما أول ما ارتخصتم أمر الله , قال : زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه وقالوا لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فإني أحكم بما في التوراة فأمر بهما فرجما , قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ }المائدة44.كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم) .

والشاهد من هذا الخبر أن أهل الكتاب على عادتهم حرفوا حكم الله الثابت عندهم من رجم الزاني والزانية , واستبدلوه بالجلد على عهده عليه الصلاة والسلام اتباعا للهوى , ولما كان نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام هو صاحب الشريعة الخاتمة الشاملة لكل ما سبقتها من الشرائع والمبينة والمفصلة لها , والمهيمنة عليها , جاءهم النبي عليه الصلاة والسلام بالحجج الباهرة بوحي من الله جل وعلا , مذكرًا إياهم بحكم الله في ما تبقى من التوراة التي بين أيديهم بعد الضياع والتحريف والتبديل .

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ) . وفي رواية لأبي داود : ( اللهم إني أول من أحيا ما أماتوه من كتابك ) . وفي رواية لأحمد في مسنده: (اللهم اشهد أني أول من أحيا سنة قد أماتوها ) .

فهل يجرؤ أحد بعد هذا البيان أن يقول أن النبي عليه الصلاة والسلام أحب أن يوافق أهل الكتاب في الرجم , أم أنه صلى الله عليه وسلم أقام الحجة عليهم وأظهر تبديلهم لشرع الله وحكم بينهم بشرع الله !

لقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يخالف أهل الكتاب في كل ما جاءوا به من أمور الدنيا, وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليحب أن يميل إلى قوم كذبوا رسالته وأعلنوا الحرب على ملته !

قال الله تعالى : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120 .

ويقول صلى الله عليه وسلم : (خالفوا اليهود والنصارى ، فإنهم لا يصلون في خفافهم، ولا في نعالهم ) ( رواه ابن حبان وأبو داود وصححه الألباني ) .
ونهانا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن اتباع اليهود والنصارى فقال : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ) ( متفق عليه ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ( رواه أبو داود وأحمد ) . وكان أهل الكتاب يقولون : ( ما يريد هذا الرجل – يعنون النبي صلى الله عليه وسلم - أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه) (أخرجه مسلم) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : "ليس منا من تشبه بغيرنا , ولا تشبهوا باليهود والنصارى " ( رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع ) .
أما أمور الدين , فما كان لأمر العقائد أن تكون وفق الهوى والميل الشخصي , بل بوحي من الله تبارك وتعالى , وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقدم ميله الشخصي على وحي الرب العلي , وإن كان هناك ما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لموافقة أهل الكتاب في بعض الأمور , فهو بوحي من الله تبارك وتعالى أيضا كما قال تعالى : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }النجم3-4 . وذلك لإستمالة قلوبهم نحو الإسلام , قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}الجاثية18

فهؤلاء الغلامية أرادوا دائما الطعن في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم , كما أنهم يظنون أن نبينا صلى الله عليه وسلم يتبع الهوى الشخصي في أمور العقائد كنبيهم الغلام الذي صرفهم عن ملة محمد صلى الله عليه وسلم , وأخذ يتمسح في نعال الإنجليز الصليبيين !

والمثال الذي ضربه الغلامي هاني طاهر , مثال باطل , ظهر فيه كذبه على الله ورسوله, لأن توجه الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته إلى بيت المقدس قبل توجهه إلى الكعبة كان بأمر من الله ولم يكن كما زعم الغلامي هاني طاهر حبا في موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل به وحي قرآني .

وبيننا وبينه كتاب الله تعالى , فلقد قال الله في محكم التنزيل : {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}البقرة143 .

قال ابن كثير : ( يقول تعالى إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولا إلى بيت المقدس ثم صرفناك عنه إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه , أي مرتدا عن دينه ) ( تفسير القرآن العظيم 1/227 ) .

فالتوجه بالقبلة إلى بيت المقدس كان بأمر من الله , ولذلك قال تعالى : " وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ " أي صلاتكم إلى بيت المقدس قبل ذلك , ما كان يضيع ثوابها عند الله , لأنه هو الذي شرعها لكم وفرضها عليكم , وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليشرع في الدين وفق الهوى والغرض .

وقال سبحانه : {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}البقرة144. وهذا أكبر دليل على رغبته صلى الله عليه وسلم في الصلاة إلى الكعبة منذ البداية لا كما زعم الغلامي هاني طاهر , حتى أنه عليه الصلاة والسلام كان متطلعاً إلى الوحي ومتشوقا للأمر باستقبال الكعبة وكان يود ذلك لأنها قبلة جد الأنبياء إبراهيم .(تفسير الجلالين ص 29 بتصرف).

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال : ( لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يحول نحو الكعبة فنزلت : {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء}البقرة144 ) . 

فأين ما زعمه الغلامي هاني طاهر ؟!

أما زعمه الباطل أن الرجم ليس من الإسلام , فهو كذب على الإسلام , ورضي الله عن عمر بن الخطاب , هذا الصحابي الذي وافق الوحي في مواطن عدة , كان يقول : ( لقد خشيت أن يطول بالناس الزمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله , فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله , ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة , أو كان الحمل , أو الإعتراف , ألا وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ) ( أخرجه البخاري في الحدود ) .

وقال رضي الله عنه أيضا : ( ألا وإن أناسا يقولون : ما الرجم في كتاب الله وإنما فيه الجلد , وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ) ( أخرجه أحمد والترمذي والنسائي ) . 

وحد الرجم ثابت في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم , ففي السنة المطهرة : جاء ماعز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله طهرني , فإني قد زنيت , فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه من قبله , وقال يا رسول الله طهرني فإني قد زنيت , جتى فعل ذلك أربع مرات , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لعلك بمست أو قبلت أو فخذت؟ قال : بل زنيت , قال : أتدري مازنا ؟ قال : نعم , أن يأتي الرجل امرأة في الحرام كما يأتيها زوجها في الحلال , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبه جنون ؟ قالوا لا , قال : هل شرب مسكرا ؟ فقاموا واشتموا فمه , فقالوا لا , فأمر به فرجم . (أخرجه مسلم والبيهقي وعبد الرازق) .

وهذه الغامدية قد جاءت النبي صلى الله عليه وسلم , وقالت يا رسول الله طهرني , فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم , فقالت يا رسول الله : لعلك تردني كما رددت ماعزا , يا رسول الله طهرني من الزنا , فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنها حامل ردها حتى تضع , فلما وضعت جاءت فقالت يا رسول الله : إني وضعت فطهرني, فأمرها صلى الله عليه وسلم فقال عودي حتى تفطميه , فعادت وجاءت به وفي يده كسر خبز , فأقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد , ولما سبها أحد الصحابة , قال صلى الله عليه وسلم لا تسبها , فو الله لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين أو على أهل المدينة لوسعتهم . ( أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد ) .

فهكذا الإسلام بنى أمة , وربى ضمائر , وأيقظ نفوسا , وأحيى مجتمعا يرضى بحكم الله, ويستسلم لأمره , ويقبل طواعية على حكم ربه , راضية نفسه , مطمئنا قلبه

وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أن أعرابيين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال أحدهما : إن ابنى كان عسيفا على هذا ( أى أجيرا ) فزنى بامرأته وإنى أخبرت أن على ابنى الرجم , ففديته بمائة شاه ووليده , فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابنى جلد مائه وتغريب عام , وأن على امرأة هذا الرجم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكم بكتاب الله. الغنم والخادم رد عليك ( أى تعود أليك ) وعلى ابنك جلد مائه وتغريب عام , وغدوا يا أنيس - لرجل من أسلم - على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها , فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت. ( متفق عليه ) .

قال ابن كثير رحمه الله : ( وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم هذه المرأة وهي زوجة الرجل الذي استأجر الأجير لما زنت مع الأجير, ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً والغامدية , وكل هؤلاء لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم جلدهم قبل الرجم , وإنما وردت الأحاديث الصحاح المتعددة الطرق والألفاظ بالإقتصار على رجمهم وليس فيها ذكر الجلد , ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء , وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله, وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يجب أن يجمع على الزاني المحصن بين الجلد للاية, والرجم للسنة .

كما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما أتى بسراحة, وكانت قد زنت وهي محصنة, فجلدها يوم الخميس, ورجمها يوم الجمعة, فقال: جلدتها بكتاب الله, ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة ومسلم من حديث قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً, البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" ) ( تفسير القرآن العظيم 5/293 ). 

ومن هذه الأدلة الصحيحة المتواترة , الفعلية والقولية , يثبت أنه لا نسخ في الآية كما زعم الغلامي هاني طاهر , فالجلد والتغريب لغير المحصن وغير المحصنة إذا زنيا , والرجم والجلد للمحصن والمحصنة إذا زنيا .

لكن هؤلاء الغلامية يلقون بافتراءاتهم حول الأحاديث الصحيحة المتواترة لإبطالها , بينما الزمان ينادي الأمة عودوا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قمعا للرذيلة , وتقوية للفضيلة , لقد كثرت الفاحشة , وما ذلك إلا للإستهانة بها , وعدم العقوبة الرادعة عليها, والغلامية يريدون تقوية الباطل بالتشويش على الأحاديث التي تزهقه , وقلوب الصالحين مع القرآن والسنة علما وعملا .

ونقول لهؤلاء الغلامية الذين أنكروا الرجم وعطلوا الشريعة , هل وجدتم الرحمة والرأفة والراحة في غيرها , أم أن الأمور ازدادت همجية وقسوة ووحشية , وصار الناس كأنهم في عالم الغابات , أو كأنهم انقلبوا إلى حيوانات , فترى الناس في شهوانية حيوانية بغيضة , وقد كثر الزنا وانتشر الوباء وعم البلاء , في ظل تعطيل شرع رب الأرض والسماء .

ورغم ذلك ننبه : إن شرع الله ليس بالحدود وحدها , بل الحدود تأتي في آخرها , حفاظا على بنيان الإسلام المتكامل , وحارسة لشرع لشرع الله القويم , يقول صلى الله عليه وسلم : " ادرءوا الحدود بالشبهات , فإذا وجدتم له مخرجا فخلوا سبيله , ولأن يخطيء الإمام في العفو خير من أن يخطيء في العقوبة " ( أخرجه الترمذي والبيهقي والدار قطني).
ولقد طبقت الحدود في مجتمع هذبه الإيمان واستيقظت فيه الضمائر , وصار يراقب الله تعالى وينفذ أحكامه ولايتعدى حدوده , ففرضت الحدود فلم تجد أحد تقام عليه إلا ما ندر , لأن الله تعالى ما فرض الحدود في الإسلام إلا بعد أن كان المجتمع نقيا , ربته العقيدة وهذبته العبادة , وقد تربى على مراقبة الله , ومعرفة حدوده فجاءت الحدود ولم تجد من تقام عليه إلا في حالات نادرة , إن حدثت تندر بها الناس لندرتها , وتفكه بها الناس لقلتها, لأن المجتمع صار مجتمعا إيمانيا , أما الغلامية فلأنهم نظروا إلى واقعية المجتمع وما فيه من همجية وانحطاط وما انتشر فيه من وباء يوجب الحدود , وكأنهم نظروا إلى الكم الهائل الذي يمارس الزنا , فرأوا المجتمع سيصير مشوها عاطلا ما بين المرجوم والمجلود والمقطوع والمقتول , فاستعظموا الحدود واسترهبوها !

أما حديث الغلامي هاني طاهر عن النسخ , فلقد بينا معتقدهم الفاسد حول قضية النسخ, وبينا وقوع النسخ في القرآن الكريم , وبيان أهميته ومقصده ودفع الشبهات عنه , فقوله تعالى : {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة106 . في شأن القرآن الكريم ذاته وكذا في شأن القرآن الكريم مع الكتب السابقة , فهو ناسخ لنفسه ولها باتفاق علماء الأمة .



*
الإمام المهدي عليه السلام ليس الغلام عليه الركام !

من أعجب الأمور أن نرى الغلام يدعي أنه المسيح الموعود والمهدي في آن واحد , فهذا من التحريف لسنة محمد صلى الله عليه السلام , أما زعمه أنه المسيح عليه السلام فقد بيّنا كذبه وزيف ما زعم , أما زعمه أنه المهدي فهذا ما سنبينه في هذا الباب , فلقد استفاضت الأحاديث النبوية الشريفة في السنة المطهرة في وصف المهدي عليه السلام واسمه ومكثه , وكذا سيرته وحال زمانه وأنه سيساعد المسيح عليه السلام في قتل الدجال .

1-
أخرج أبو داود من حديث إبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع تنعم فيه أمتي نعمة لم يسمعوا بمثلها قط , تؤتي أكلها ولا تترك منهم شيئا والمال يومئذ كرءوس . يقوم الرجل فيقول : يا مهدي اعطني فيقول خذ " .
ولقد رأينا كيف أن الغلام اقتطع من أموال أتباعه من أجل المتعة والترف , ولقد بلغ البذخ والتصرف في الأموال والواردات تصرفا مطلقا جدا أثار النقاش بين صفوة أصحابه, وتلامذة دعواه المقربين , فهذا هو الخواجة " كمال الدين " الداعية الكبير المشهور , الذي عرفته أوروبا , يبلغ به الحنق على هذه التصرفات أن يشكو بثه وحزنه إلى صديقه " محمد علي اللاهوري " أمير جماعة القاديانية في لاهور فيما بعد , والشيخ " سرور شاه " القادياني . ( " كشف الإختلاف " لسرور شاه القادياني ص 13 ) .

2-
عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ) ( أخرجه أحمد في مسنده ) .
(
يصلحه الله في ليلة ) : أي يصلح أمره و يرفع قدره في ليلة واحدة ، أو في ساعة واحدة من الليل ، حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعقد فيها. وهذا معناه قطعاً أن المهدي لن يعرف نفسه أنه المهدي حتى يبايعه الناس . وليس قطعاً بطالب للخلافة ولا ظان لأهليته لها، ولذلك يبايعه الناس وهو كاره .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يبعث فيه رجلا مني أو يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " ( أخرجه أبو داود والترمذي ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المهدي مني – أي من نسلي – ، أجلى الجبهة – أي منحسر الشعر من مقدمة رأسه ، أو واسع الجبهة - ، أقنى الأنف – أي طويل الأنف ودقة أرنبته مع حدب في وسطه - ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويملك سبع سنين " ( رواه أبو داود وإسناده حسن ) .
وأخرج أبو داود في سننه بسند صحيح عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة) .

فهل كان الغلام من آل بيت محمد صلى الله عليه وسلم ؟! وهل الغلام اسمه محمد بن عبد الله ؟! وهل ملأ الأرض عدلا وقسطا ؟! وهل وحد الأمة ؟! أم على النقيض من كل ذلك!

3-
يستدل الغلامية على صحة معتقدهم من أن الغلام هو المسيح الموعود والمهدي في نفس الوقت بحديث أخرجه ابن ماجة في كتاب الفتن , عن يونس بن عبد الأعلى , عن محمد بن إدريس الشافعي , عن محمد بن خالد الجندي , عن أبان بن صالح , عن الحسن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا إلا إدباراً ولا الناس إلا شحاً ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم " . 

وهذا الحديث لا يحتاج إلى رده عناء , وهو ساقط سندا ومتنا , أما سنده ففيه محمد بن خالد الجندي :
قال العلامة ابن القيم : " فأما حديث : ( لا مهدي إلا عيسى ابن مريم ) . فرواه ابن ماجة في سننه عن يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم , وهو مما تفرد به محمد بن خالد .
وقال أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري في كتاب " مناقب الشافعي " : " محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل " . 
وقال البيهقي : " تفرد به محمد بن خالد هذا " .
وقد قال الحاكم أبو عبد الله : " هو مجهول وقد اختلف عليه في إسناده فروي عنه عن أبان ابن أبي عياش عن الحسن مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد وهو مجهول , عن أبان بن أبي عياش وهو متروك , عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع " ( انظر المنار المنيف ص 145-146 , والتذكرة للقرطبي ص 570 ) .
وقال الذهبي : " قال الآزدي : منكر الحديث – أي محمد بن خالد - , قلتُ : حديث (لا مهدي إلا عيسى) وهو خبر منكر أخرجه ابن ماجة " ( ميزان الإعتدال 3/535).

"
وصرح النسائي بأنه منكر " . (الصواعق المحرقة للهيتمي 2/476) .
ونقل الحافظ ابن حجر قدح أبي عمرو , وأبي الفتح الآزدي بمحمد بن خالد . ( تهذيب التهذيب 9/125 ) . وضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية في " منهاج السنة " (8/256) . 
وهذا الحديث له طرق صحيحة أخرى لا توجد فيها تلك الزيادة ، منها ما أخرجه الطبراني والحاكم بسندهما عن أبي أمامة وبنفس ألفاظ حديث ابن ماجة لكن من غير عبارة : " ولامهدي إلاّ عيسى بن مريم " . وقد صححه الحاكم فقال : " هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ". 
ولما صرح بالزيادة قال : " فذكرت ما انتهى إلي من علة هذا الحديث تعجباً لا محتجاً به في المستدرك على الشيخين " ( المستدرك 4/441-442 ) .

وقال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة حديث رقم ( 77) : " حديث منكر " . ثم قال رحمه الله : " هذا الحديث تستغله طائفة القاديانية لنبيهم المزعوم , ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى النبوة ثم ادعى أنه عيسى بن مريم بنزوله آخر الزمان ، وأنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر " .

فالخبر منكر ، ولا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فهل يجوز أن نأخذ العقائد من حديث موضوع أو حتى ضعيف ؟! إن القاديانيين يرفضون أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم لأنهم يقولون بأنها ظنية الثبوت ولا تصح بها عقيدة . فكيف يقبلون إذاً بأحاديث معدومة الثبوت في باب العقيدة ؟! أم أن القواعد كلها تهون عندهم من أجل عيون غلام قاديان ؟!

وهؤلاء الغلامية يستدلون بتوثيق يحيى بن معين لمحمد بن خالد , ويقولون لا يضر تضعيف الأخرين له طالما وثقه ابن معين فقط !

فانظر إلى حال هؤلاء الجهلة المبتدعة , وما هذا إلا تحزب أعمى يظهر مدى تعلقهم بالقشة لإثبات صحة معتقدهم الفاسد , فمن المعروف عند أهل الحديث أن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم لأن مع قائله زيادة في العلم ‏, فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الأسانيد بغفلة أو بسوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث لا محالة , فما بالك بمحمد بن خالد الجندي المنكر الحديث ؟!
ومن المعلوم عند أهل الصنعة من المحدثين أن الإمام يحيى بن معين رحمه الله كان يوثق من كان له روايات مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد صحيح , وحديث ( لا مهدي إلا عيسى ) حديث باطل غير مستقيم السند والمتن , وليس له شواهد أو متابعات صحيحة , بل ولا حتى باطلة مكذوبة , بل هناك شواهد تثبت بطلانه قطعا , فعلم من ذلك أن توثيق ابن معين لمحمد بن خالد لا يصح وفقا لمنهجه , ولعل توثيق ابن معين لمحمد بن خالد لأحاديث أخرى مستقيمة بلغت ابن معين عن محمد بن خالد لها شواهد صحيحة, لأنه لم يثبت توثيق ابن معين لمحمد بن خالد فور سماعه لحديث : ( لا مهدي إلا عيسى).
وهذا من هفوات ابن معين رحمه الله إذ جعل الحكم على الراوي باستقامة الروايات أولا ثم متابعة حال استقامة الراوي نفسه , وقد يخلط الراوي بعد توثيقه له , أما أغلب علماء الحديث فلا يوثقون -في العادة- أحداً حتى يغلب على ظنه أن الإستقامة كانت ملَكةً لذلك الراوي ثم يطلعون على عدة أحاديث له تكون مستقيمة ، ولذلك تجد البخاري دقيقٌ جداً في أحكامه ، وإلا سكت عن الرجل
قال المعلمي في " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل " (1|67) : ( وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخاً فسمع منه مجلساً ، أو ورد بغدادَ شيخٌ فسمع منه مجلساً ، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة ، ثم سُئِلَ عن الشيخ وثَّقه! وقد يتفق أن يكون الشيخ دجَّالاً استقبل ابنَ معين بأحاديث صحيحة ، ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك. ذكر ابن الجنيد أنه سأل ابنَ معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي فقال: "ما كان به بأس" (وهو توثيق باصطلاحه). فحكى له أحاديث تُستنكر، فقال ابن معين: "فإن كان هذا الشيخ روى هذا فهو كذَّاب ، وإلا فإني رأيتُ حديث الشيخ مستقيماً". وقال ابن معين في محمد بن القاسم الأسدي: "ثقة وقد كتبت عنه". وقد كذّبه أحمد وقال: "أحاديثه موضوعة". وقال أبو داود: "غير ثقة ولا مأمون، أحاديثه موضوعة " ) .
وقال المعلمي(1|69): ( فقد عرفنا في الأمر السابق رأي بعض من يوثق المجاهيل من القدماء إذا وجد حديث الراوي منهم مستقيماً ، ولو كان حديثاً واحداً لم يَروِه عن ذاك المجهول إلا واحد. قإن شئت فاجعل هذا رأياً لأولئك الأئمة كابن معين. وإن شئت فاجعله اصطلاحاً في كلمة "ثقة" كأن يراد بها استقامة ما بلغ الموثق من حديث الراوي، لا الحكم للراوي نفسه بأنه في نفسه بتلك المنزلة " . ثم قال : " ابن معين كان ربما يطلق كلمة "ثقة"، لا يريد بها أكثر من أن الراوي لا يتعمد الكذب " ) .
أما المتن فساقط باطل لا يصح , لأنه قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يؤم الأرض عدلا, وأن عيسى يخرج فيساعده المهدي على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه , وقد ورد ذلك صريحا في مسند الحارث بن أسامة بسنده عن جابر بن عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى بن مريم , فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا , فيقول لا , إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " .
قال ابن القيم : إسناده جيد . (المنار المنيف ص 147) .
وقال القرطبي : "والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث ، فالحكم لها دونه " (التذكرة ص 570) .

وعلى سبيل التنزل نقول : أنه لو صح الحديث لم يكن فيه حجة , لأن عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الساعة .

قال ابن القيم : " واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم ، وقد بينا حاله ، وأنه لا يصح ، ولو صح لم يكن به حجة ; لان عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وبين الساعة ، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وآله - على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، وحكمه بكتاب اللّه، وقتله اليهود والنصارى ، ووضعه الجزية ، وإهلاك أهل الملل في زمانه ، فيصح أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه ، وإن كان غيره مهدياً ، كما يقال لا علم إلاّ ما نفع ، ولا مال إلاّ ما وقى وجه صاحبه ، وكما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى ابن مريم ، يعني المهدي الكامل المعصوم ) ( المنار المنيف ص 148-149 ) .


الفصل الثالث

*
الحصاد

أعتقد أنه قد ظهر عند الناظر الخبير من خلال ما عرضناه , ضلال هذه الطائفة , وخروجها عن دائرة الإسلام العظيم , وقد أشرنا إلى تحريفهم للقرآن الكريم , وتأويل آياته حسب الأهواء والأغراض , وتكذيبهم لأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين بإحسان في تفسير القرآن الكريم , وقد أخذوا تفسيرهم لكتاب الله من أقوال الغلام وخلفائه , وزعموا أن الله يوحي إليهم ! ( انظر على سبيل المثال : التفسير الكبير للقرآن الكريم - للخليفة الثاني بشير الدين محمود ) .

ناهيك عن أقوالهم الخرافية في السحر والجن وفناء النار وغير ذلك من الخزعبلات التي تمتليء بها كتب تفسير القرآن الكريم عندهم !

وقد ظهر أيضا تكذيبهم للسنة المطهرة , حيث أقر الغلام بالنبوة بعد خاتم النبين محمد صلى الله عليه وسلم واتبع الغلام في ذلك شرذمة قليلون , وانكروا الصحيح المتواتر عنه صلى الله عليه وسلم لكشفه باطلهم ولعدم اتفاقه مع عقائدهم , وقدموا الموضوع والمنكر والضعيف على الصحيح الصريح لاتفاقه مع فهمهم السقيم لكتاب الله , وهكذا فتحوا الباب على مصرعيه للإستفادة من الأحاديث المنكرة والمكذوبة , فمخطط هدم السنة المطهرة لم ينقطع بانقطاع الكذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقديما كان الكذبة , وحديثا مستثمري أحاديث الكذبة , والطائفة المنصورة لهما بالمرصاد !
فانظر إلى أتباع الغلام كيف ينكرون الشرع إذ لم يوافق هواهم , ويقدمون عقولهم الفاسدة على المنقول الصحيح عن حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , ويقولون أن الصحابة والتابعين من أهل السلف وكذا إجماع الأمة على مر القرون كانوا على ضلال في فهم النصوص حتى آتى الغلام ليكشف حقيقة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم , فأخذ يكذب النبي عليه الصلاة والسلام فيما نقل عنه , ويتهمه بالتضارب والهذيان !

والعجيب أنهم دائما يرددون هذا الشعار على قناتهم الفضائية ونصه كالآتي : " نحرم ما حرم الله ورسوله , ونحل ما أحله الله ورسوله , ولا نزيد على الشريعة ولا ننقص منها مثقال ذرة , ونقبل كل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم , إن فهمنا أو لم نفهم سره ولم ندرك حقيقته " ا.هـ 

وهذا كله لتضليل عوام المسلمين عن حقيقة رفضهم لسنة محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من وحي قرآني , فهؤلاء كذبوا الشريعة وأنكروها , وأفسدوها بتصوراتهم القبيحة, وأفكارهم المنحرفة المناقضة للقرآن والسنة , وخالفوا إجماع الأمة على أنه لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم , وأن المسيح عليه السلام رفع بجسده حيا ولم يذق الموت , وأنه سينزل يجسده وروحه تحت لواء محمد صلى الله علي وسلم وشريعته المحفوظة , التي تركها النبي عليه الصلاة والسلام لنا بيضاء نقية , لا يزيغ عنها إلا هالك , ولا يجادل فيها إلا ممحاك !

لقد صدرت عدة فتاوى وقرارات حكمت بكفر الغلامية القاديانية , منها محكمة بهاولبور سنة 1935م التي أصدرت حكمها بكفر القاديانية بعد مناقشة طويلة دامت عامين كاملين واشترك فيها كبار علماء أهل السنة والجماعة وكبار علماء القاديانية , وفي عام 1959م صدرت فتوى الشيخ حسن مأمون مفتي الديار المصرية بردة من قال بظهور نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم , وأنه يستتاب ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته فإن تاب فبها وإلا قتل شرعا , وأن لا يدفن في مقابر المسلمين .
وتبع تلك الفتوى , فتوى فضيلة الشيخ أحمد هريدي في 25 مارس 1968م. ( فتاوى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – فتاوى العقيدة ص 64-66 ) .

وفي شهر ربيع الأول 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام ، وطالب المسلمون بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .

وهذه فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الفتوى رقم _ 1615_ :

لقد صدر الحكم من حكومة الباكستان على هذه الفرقة بأنها خارجة عن الإسلام , وكذلك صدر من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الحكم عليها بذلك , ومن مؤتمر المنظمات الإسلامية المنعقد في الرابطة في عام 1394هـ , وقد نشر رسالة توضح مبدأ هذه الطائفة وكيف نشأت ومتى إلى غيرذلك مما يوضح حقيقتها , والخلاصة : أنها طائفة تدعي أن مرزاً غلام أحمد الهندي نبي يوحى إليه وأنه لا يصح إسلام أحد حتى يؤمن به , وهو من مواليد القرن الثالث عشر , وقد أخبر الله سبحانه في كتابه الكريم أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين , وأجمع علماء المسلمين على ذلك, فمن ادعى أنه يوجد بعده نبي يوحى إليه من الله عز وجل فهو كافر لكونه مكذباً لكتاب الله عز وجل , ومكذباً للأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على أنه خاتم النبيين , ومخالفاً لإجماع الأمة . وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان
عضو : عبد الله بن قعود

الفتوى رقم _4317_ :

س : أرجو التكرم ببيان حكم الإسلام في جماعة القاديانية ونبيهم المزعوم غلام أحمد القادياني , كما أرجو التفضل بإرسال أي من الكتب التي تبحث في هذه الجماعة حيث إنني من المهتمين بدراستها ؟

ج : ختمت النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده ؛ لثبوت ذلك بالكتاب والسنة , فمن ادعى النبوة بعد ذلك فهو كذاب , ومن أولئك غلام أحمد القادياني , فدعواه النبوة لنفسه كذب , وما زعمه القاديانيون من نبوته فهو زعم كاذب . وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة باعتبار القاديانيين فرقة كافرة من أجل ذلك
وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان
عضو : عبد الله بن قعود


الفتوى رقم _8536_ :

س : ما الفرق بين المسلمين والأحمديين ؟

ج : الفرق بينهما : أن المسلمين هم الذين يعبدون الله وحده ويتبعون رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ويؤمنون بأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي , أما الأحمديون الذين هم أتباع مرزا غلام أحمد , فهم كفار ليسوا مسلمين , لأنهم يزعمون أن مرزا غلام أحمد نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم , ومن اعتقد هذه العقيدة فهو كافر عند جميع علماء المسلمين لقول الله سبحانه : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب 40 , ولما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :( أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ).
وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان
عضو : عبد الله بن قعود
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ,,
http://eltwhed.com/vb/showthread.php...8+%CC%E5%E4%E3

 

الكتاب الثاني في بيان حقيقة الجماعة الأحمدية القاديانية المارقة عن الاسلام : حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية

بقلم: فؤاد العطار

 

 

حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية بقلم: فؤاد العطار

 

حقيقة جماعة الأحمدية القاديانية بقلم / فؤاد العطار

 Anti_ahmadiyya@yahoo.com

نحن بصدد مناقشة أفكار و عقائد الجماعة الأحمدية بفرعيها القادياني و اللاهوري. و سنتناول هنا الإدعاء الأساسي الذي زعمه ميرزا غلام أحمد القادياني 1839م – 1908م. فقد ادعى الميرزا أنه هو المهدي الموعود و المسيح المنتظر في نفس الوقت. و ادعى لاحقاً أن الله جعله مريم ابنة عمران عليها السلام لمدة سنتين.

و الحقيقة أن غلام قاديان لم يدعي أنه ثلاثة في واحد فقط. فقد ادعى لاحقاً أنه نبي الله آدم و إبراهيم و موسى و جميع الأنبياء و المرسلين عليهم السلام. كما و ادعى سنة 1905م بأنه النزول الثاني لكريشنا المقدس عند الهندوس.

موت المسيح عليه السلام

حاول الغلام أن يثبت بجميع السبل أنه فعلاً المهدي و المسيح في نفس الوقت. و ابتدأ استدلالاته بإثبات وفاة المسيح عليه السلام. و أنا لست هنا بصدد مناقشة أدلته تلك كما فعل البعض. فأنا مع الرأي الإسلامي القائل بأن عيسى بن مريم عليه السلام توفي بعد أن نجاه الله من مكر الماكرين. و الغلام لم يأت بجديد حيث اعتمد على كلام علماء مسلمين سابقين مثل مالك بن أنس و ابن حزم الأندلسي و البخاري و غيرهم. و قد تمسك الغلام بهذه الفكرة ليمهد لادعائه بأن شبيهاً للمسيح عليه السلام هو من سينزل في آخر الزمان. و أنه هو – أي غلام قاديان – هو ذلك الشبيه!.

و نحن في قولنا أن الله سبحانه توفى عيسى بن مريم عليه السلام نستند إلى قوله تعالى ((إِذ قَالَ اللـه يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ – سورة آل عمران 56)). فالفعل "توفى" لم يرد في القرآن إلا بمعنيين اثنين هما الموت و النوم. أما في هذه الآية فلم تأت قرينة لتفيد معنى النوم لذلك لا يبقى لنا إلا أن نجزم بأن المقصود بالوفاة هنا هو الموت. و موت عيسى عليه السلام لا ينفي أبداً أن الله سيبعثه قبل يوم القيامة فيقتل الدجال و يكسر الصليب. وقد صرح رسول الله بأن الله سيبعث عيسى من الموت في آخر الزمان. ففي صحيح مسلم حديث لرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول فيه (.....كَذَلِكَ إِذ بَعَثَ اللـه الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنـزلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ....). ناهيك عن الأحاديث الصحيحة الأخرى التي تذكر أفعال عيسى بن مريم عليه السلام من كسر للصليب و قتل للخنزير و غير ذلك مما يثبت بأن الله سيحييه ليفعل تلك الأفعال.

هل تثبت الأحاديث وجود مسيحَـين اثنين ؟

يقول غلام قاديان بأنه ما دام عيسى عليه السلام قد مات فإنه لن يبعث قبل يوم القيامة بل سيبعث شبيه له هو الغلام نفسه. و يستدل أتباع الغلام – القاديانيون و اللاهوريون – على صحة ادعاء الغلام بأحاديث صحيحة يدعون أنها تصف عيسى ابن مريم وصفًا مختلفًا عن المسيح المنتظر. و الحديثان المتعارضان برأيهم هما:

(1)
في صحيح البخاري حديث عن رحلة الإسراء حيث رأى رسول اللـه محمد صلى الله عليه وسلّم عيسى ابن مريم، فوصفه بأنَّـه أحمر جعد، و الحديث رواه ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللـه عَنـهمَا قَالَ ((قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأنَّـه مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ)).

(2)
في صحيح البخاري أيضاً حديث يصف فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم المسيح عليه السلام حيث رآه في المنام بأنَّـه آدم سبط الشعر، و الحديث رواه أيضاً ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللـه عَنـهمَا قَالَ ((قَالَ رَسُولُ اللـه بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنـه عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بـه شَبـها ابْنُ قَطَنٍ وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ)).

يقول القاديانيون و اللاهوريون أن الحديث الأول يصف مسيح بني إسرائيل عليه السلام. أما الحديث الثاني فيصف المسيح المنتظر الذي سينزل في آخر الزمان حيث يذكر الحديث الأعور الدجال أيضاً.

قلت : إن التعارض الذي يدعيه أتباع غلام قاديان غير موجود لأن الحديث الأول لا يذكر أن عيسى عليه السلام جعد الشعر. فالجعد في اللغة لها معان كثيرة إن لم ترتبط بالشعر. فمثلاً يقال "رجل جعد" لمن يمتلك جسماً قوياً متيناً. و قد تكون الجعودة صفة للبشرة. أما بالنسبة للون البشرة فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن أدمة بشرة عيسى عليه السلام هي كأحسن ما يرى من أدم الرجال. و الأدمة هي لون بين البياض و السمرة. و أحسنها في نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما كان أقرب إلى البياض و الحمرة. و هذا ما رواه البخاري و مسلم و أحمد بن حنبل. فقد تجاهل القاديانيون و اللاهوريون كل الأحاديث الصحيحة الأخرى التي تؤكد بأن عيسى عليه السلام الذي رآه الرسول صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء كان سبط الشعر و ليس فيها الوصف "أجعد".

و روى البخاري ((حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن قتادة ح و قال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي العالية حدثنا ابن عم نبيكم يعني ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلا مربوعا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ورأيت مالكا خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه قال أنس وأبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تحرس الملائكة المدينة من الدجال)).

و روى مسلم ((حدثنا عبد بن حميد أخبرنا يونس بن محمد حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن أبي العالية حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسري بي على موسى بن عمران عليه السلام رجل آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس وأري مالكا خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه )).

و روى أحمد بن حنبل ((حدثنا يونس حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن أبي العالية حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى ابن مريم عليهما السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس )).

إذاً ففي رحلة الإسراء كان وصف النبي صلى الله عليه و سلم لعيسى عليه السلام بأنه سبط الشعر و بشرته أقرب إلى البياض و الحمرة. و هذا في نظر النبي صلى الله عليه و سلم أحسن ما يكون من أدم الرجال. فالأدمة هي لون بين البياض و السمرة. و هذا الوصف هو وصفه صلى الله عليه و سلم لعيسى عليه السلام في الرؤيا التي رآها. فقد روى البخاري أيضاً ((حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة حدثنا موسى عن نافع قال عبد الله ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال إن الله ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية وأراني الليلة عند الكعبة في المنام فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من أدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبي رجلين وهو يطوف بالبيت فقلت من هذا فقالوا هذا المسيح ابن مريم ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت)).

و قد وردت نفس الصفات في وصف عيسى عليه السلام في حديث رؤية النبي صلى الله عليه و سلم لعيسى عليه السلام و للمسيح الدجال، حيث روى مالك في موطئه الحديث التالي: ((‏‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمر ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏أراني الليلة عند ‏ ‏الكعبة ‏ ‏فرأيت رجلا ‏ ‏آدم ‏ ‏كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له ‏ ‏لمة ‏ ‏كأحسن ما أنت راء من اللمم قد ‏ ‏رجلها ‏ ‏فهي تقطر ماء متكئا على رجلين أو على ‏ ‏عواتق ‏ ‏رجلين يطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏فسألت من هذا قيل هذا ‏ ‏المسيح ابن مريم ‏ ‏ثم إذا أنا برجل جعد ‏ ‏قطط ‏ ‏أعور العين اليمنى كأنها عنبة ‏ ‏طافية ‏ ‏فسألت من هذا فقيل لي هذا ‏ ‏المسيح الدجال))

‏"عمرو بن شمر" مـُلهـِم الغلام

في سنة 1894م حدث خسوف للقمر ليلة 13 رمضان، وفي العام ذاتـه حدث كسوف للشمس يوم 28 رمضان. و قد كان علماء الفلك بانتظار ذلك الخسوف و الكسوف لأغراض علمية. أما غلام قاديان فكان ينتظر هذين الحدثين الفلكيين ليعلن أنهما آيتان من الله تصديقاً لادعائه عام 1882م بأنه هو المهدي. و استند الغلام في ادعائه إلى الحديث الضعيف التالي المروي في سنن الدارقطني عن بعض الشيعة

((
حدثنا أبو سعيد الاصطخري حدثنا محمد بن عبد الله بن نوفل حدثنا عبيد بن يعيش حدثنا يونس بن بكير عن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي قال: إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض، ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منـه، ولم تكونا منذ خلق اللـه السماوات والأرض - سنن الدارقطني)).

بعد أن علم الغلام باقتراب ظهور هذين الحدثين الفلكيين استغل جهل عامة الناس بأمور الفلك و أعلن أنه هو المهدي المنتظر عام 1882م ليقول فيما بعد بأن هاتين الآيتين تحققتا في عام 1894م تصديقاً لادعائه المهديّة. وقال بأن المقصود من أول ليالي رمضان هو أول الليالي التي يمكن أن يحدث فيها الخسوف – و هي برأيه ليلة 13. و المقصود بالنصف من رمضان هو اليوم الذي يقع في نصف الأيام التي يمكن أن يحدث فيها الكسوف – و هو برأيه يوم 28 رمضان.

لكن كما لاحظت عزيزي القاريء فإن الأثر المذكور لا يمت بصلة إلى تأويل غلام قاديان. فالأثر يذكر الليلة الأولى من رمضان و ليس الليلة الأولى للخسوف. كما يذكر الأثر اليوم الواقع في منتصف رمضان و لا يذكر أبداً منتصف أيام الكسوف. و بالتأكيد فقد لاحظت أيضاً أن الأثر المذكور ليس حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه و سلم. فهو أثر منقول عن بعض الشيعة على لسان محمد الباقر الذي كانت ولادته بعد 47 سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم. أما الرواة الشيعة لهذا الأثر فضعفاء خاصة الراوي عمرو بن شمر الذي اتهمه بالوضع كل من علماء السنة و الشيعة على حد سواء. و إليك هنا بعض ما قاله بعض علماء أهل السنة عن الرواة الشيعة لهذا الأثر: عمرو بن شمر و جابر الجعفي

·
قال السليماني: كان عمرو بن شمر يضع للروافض .

·
قال الجوزجاني : عمرو بن شمر كذاب زائغ

·
قال الحاكم: كان عمرو بن شمر كثير الموضوعات عن جابر الجعفي ، وليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عن جابر غيره

·
قال ابن حبان : عمرو بن شمر رافض يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات

·
قال أبوحاتم : عمرو بن شمر منكر الحديث جدا ضعيف الحديث لا يشتغل به ، تركوه

·
وكذلك وهّاه غير واحد ، منهم البخاري والنسائي وابن سعد

·
أما الدارقطني راوي الأثر نفسه فقال عندما نقل الحديث التالي في سننه ((لاَ تُقْبَلُ صَلاَةٌ إِلاَّ بِطَهُورٍ وَبِالصَّلاَةِ عَلَىَّ )): عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ وَجَابِرٌ الْجُعْفِىُّ ضَعِيفَانِ.

وجابر الجعفي أيضاً متروك الحديث . وثقه شعبة ووكيع والثوري ، ولكن كذبه ابن معين وأبو حنيفة وليث بن أبي سليم والجوزجاني وابن عيينة وابن خراش وسعيد بن جبير وغيرهم ، وضعفه كثيرون. قال الذهبي : ((جابر الجعفي وثقه شعبة فشذ وتركه الحفاظ)) . وقال ابن حجر: ((جابر الجعفي ضعيف رافضي)).

رأي الشيعة أنفسهم

مع أن الأثر مذكور عند الإمام الدارقطني إلا أنه أثر شيعي خالص كما بينا أعلاه. فالراويان عمرو بن شمر و جابر الجعفي شيعيان. و الأثر نفسه مذكور في بعض كتب الشيعة. لكن علماء الشيعة ضعفوا هذا الأثر أيضاً لأن راويه عمرو بن شمر متهم بالوضع عند الشيعة أنفسهم. و هذه بعض أقوال علماء الشيعة الإمامية فيه:

-
قال الحلـّي في خلاصته: عمرو بن شمر روى عن أبي عبد الله وعن جابر وهو ضعيف جدا، زاد أحاديث في كتب جابر بن يزيد الجعفي، ينسب إليه بعضها، فالأمر ملتبس، فلا أعتمد على شئ مما يرويه.

-
قال النجاشي: عمرو بن شمر، أبو عبد الله الجعفي عربي، روى عن أبي عبد الله ضعيف جدا زاد أحاديث في كتب جابر الجعفي ينسب بعضها إليه.

أما الراوي الشيعي الآخر جابر بن يزيد الجعفي الكوفي فقد وثقه بعض علماء الشيعة لكن البعض الآخر ضعفه لاختلاطه. وهذه أقوال بعض علماء الشيعة فيه:

-
في خلاصة العلامة: جابر بن يزيد روى الكشي فيه مدحا وبعض الذم والطريقان ضعيفان ذكرناهما في الكتاب الكبير.

-
وقال ابن الغضايري، إن جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه، ولكن جل من روى عنه ضعيف، فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ومفضل بن صالح والسكوني ومنخل بن جميل الأسدي. وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلا ما خرج شاهدا.

-
وقال النجاشي: جابر بن يزيد الجعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد الله ومات في أيامه سنة ثمان وعشرين ومائة، وكان نفسه مختلطا، وكان شيخنا محمد بن محمد بن النعمان ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدل على الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء.

الروايات الأخرى عن الباقر تكذب عمرو بن شمر

لكن آية الخسوف و الكسوف وردت في كتب شيعية أخرى عن محمد بن علي الباقر على نحو مخالف تماماً لرواية عمرو بن شمر تلك. ففي كتاب "الإيعاز" نجد الأثر التالي عن محمد بن علي الباقر:

((
عن ثعلبة الأزدي قال: قال أبو جعفر الباقر : آيتان تكونان قبل قيام القائم (المهدي): كسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره ، قال: فقلت : يا ابن رسول الله، تكسف الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف، فقال أبو جعفر: أنا أعلم بما قلت : إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم)).

و هذه الرواية مذكورة أيضاً في الكتب التالية: الإرشاد للمفيد ج2 ص374 ، غيبة النعماني ص181 ، إعلام الورى ص429 ، غيبة الطوسي ص270 ، بشارة الإسلام ص 96 ، يوم الخلاص ص516 ، تاريخ ما بعد الظهور ص118.

و يتكرر نفس المعنى أيضاً في هذه الرواية الأخرى عن الباقر نفسه:

((
عن وردان أخي الكميت عن أبي جعفر الباقر أنه قال: إن بين يدي هذا الأمر انكساف القمر لخمس تبقى - والشمس لخمس عشر وذلك في شهر رمضان وعنده يسقط حساب المنجمين )).

و هذه الرواية موجودة في الكتب التالية: غيبة النعماني ص182 ، بشارة الإسلام ص97 ، تاريخ الغيبة الكبرى ص479 ، يوم الخلاص ص517.

موقف الغلام

لكن غلام قاديان لم يبالي بكل هذه التناقضات و الكذبات على محمد بن علي الباقر حيث قرر أن يختار من الآثار ما يوافق مراده

و لم يلتفت غلام قاديان إلى حقيقة أن كثيراً من أحاديث المهدي السفاك الموضوعة جاءت بسند مكافيء للسند الذي روي فيه كلام محمد بن علي أعلاه. فالأثر كما قلنا هو من رواية عمرو بن شمر المتهم بوضع الأحاديث للشيعة. و من الآثار العجيبة التي رواها عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (و هو نفس سند الأثر "إن لمهدينا آيتين") التالي:

روى عمرو بن شمر عن جابر قال (( دخل رجل على أبي جعفر الباقر فقال له عافاك الله اقبض مني هذه الخمسمائة درهم فإنها زكاة مالي فقال له أبو جعفر خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام و المساكين من إخوانك المسلمين . إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية و عدل في الرعية فمن أطاعه فقد أطاع الله و من عصاه فقد عصى الله و إنما سمي المهدي لأنه يهدى إلى أمر خفي و يستخرج التوراة و سائر كتب الله عز و جل من غار بأنطاكية.))

و روى عمرو بن شمرعن جابر الجعفي ((عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر حديثاً طويلاً ذكر فيه أن علي بن أبي طالب قال للصحابة لما حضرت عمر بن الخطاب الوفاة: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلى الله عليه وآله رمانة وقال " هذه من رمان الجنة لا ينبغي أن يأكل منه إلا نبي أو وصي نبي " غيري؟ قالوا: لا.

قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " أنت قسيم النار تخرج منها من زكى وتذر فيها كل كافر " غيري؟ قالوا: لا.

قال: فتغامزوا فيها بينهم وتشاوروا وقالوا: " قد عرفنا فضله، وعلمنا أنه أحق الناس بها، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد، فإن وليتموها إياه جعلكم وجميع الناس فيها شرعا سواء، ولكن ولوها عثمان فإنه يهوى الذي تهوون " فدفعوها إليه.))

وعن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي ((عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر قال : يا جابر إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الاولين والآخرين لفصل الخطاب دعي رسول الله صلى الله عليه وآله ودعي أمير المؤمنين فيكسا رسول الله صلى الله عليه وآله حلة خضراء تضئ ما بين المشرق والمغرب ويكسا علي مثلها وكسا رسول الله صلى الله عليه وآله حلة وردية يضئ لهامابين المشرق والمغرب ويكسا علي مثلها ثم يصعدان عندها ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، ثم يدعى بالنبيين فيقامون صفين عند عرش الله عزوجل حتى نفرغ من حساب الناس ، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث رب العزة عليا فأنزلهم منازلهم من الجنة وزوجهم فعلي والله الذي يزوج أهل الجنة في الجنة وما ذاك إلى أحد غيره ، كرامة من الله عز ذكره وفضلا فضله الله به ومن به عليه وهو والله يدخل أهل النار النار وهو الذي يغلق على أهل الجنة إذا دخلوافيها أبوابها لان أبواب الجنة إليه وأبواب النار إليه.))

و عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد ((عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن لعلي في الأرض كرة مع الحسين ابنه صلوات الله عليهما يقبل برايته حتى ينتقم له من بني أمية و معاوية و آل معاوية و من شهد حربه ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا و من سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفين مثل المرة الأولى حتى يقتلهم و لا يبقى منهم مخبرا ثم يبعثهم الله عز و جل فيدخلهم أشد عذابه مع فرعون و آل فرعون)).

و الأحمديون – القاديانيون و اللاهوريون – يصفون الآثار المذكورة أعلاه بالخزعبلات. قلت : إن كانت بعض الأحاديث المروية عن المهدي السفاك هي بسند مكافيء للأثر ((إن لمهدينا آيتين..)). فكيف يكون هذا الأثر حجة للغلام؟. و الأحمديون –ينكرون أحاديث في البخاري و مسلم سندها كاللؤلؤ مقارنة مع سند الوضاع عمرو بن شمر إذا خالفت عقولهم؛ فكان الأحرى أن ينكروا الأثر الموضوع ((إن لمهدينا آيتين)) لأنه بالإضافة إلى سقوط سنده فإن متنه خالف العقل و العلم. فكيف يكون كسوف القمر في بداية الشهر القمري؟ وهل تكون الآية أحجية ليقوم المسلمون بحلها بالرغم من عدم ثبوتها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ وكيف نصدق نفي الأثر لظهور هاتين العلامتين منذ خلق الله السموات والأرض. ألم تظهر هاتان الآيتان – حسب تفسير الغلام - عشرات المرات في الماضي؟ ألم يكن و لا يزال ثبوت رمضان لكثير من المسلمين يعتمد على الرؤية المجردة للهلال؟. و هل يجب أن يغير المسلمون مذهبهم الفقهي لينجوا من عذاب الله بتكذيب نبي؟.

لقد اتهم بعض القاديانيين أبا هريرة رضي الله عنه و أرضاه بأنه كان ينقل كلام بني إسرائيل و ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم. إذاً بأي حق يريدوننا أن نقبل منهم أن ينسبوا كلاماً إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد نقله كذاب عن كذاب عن رجل ولد بعد 47 عاماً من وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم !! خصوصاً أن الكلام المنقول يخالف العقل و العلم و ليس فيه ما يوافق تفسيرهم له. و لا أدري ما معنى (إن لمهدينا آيتين)؟ فمتى كنا ننتظر آيات المهدي ؟ إن المهدي إلا إمام عادل أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن وجوده في هذه الأمة. و قد سبقه في الماضي خلفاء راشدون نشروا الحق و أقاموا العدل

و يقول الذهبي في ترجمة محمد بن علي الباقر نفسه ((ولقد كان أبو جعفر إماماً مجتهداً، تالياً لكتاب الله، كبير الشأن. ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه، ولا في الفقه درجة أبي الزناد وربيعة، ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب)). قلت : إذاً فلم يكن الباقر رحمه الله أعلم بالسنن من أئمة التابعين في هذا المجال. فلماذا لا يأخذ القاديانيون بالآثار الموقوفة عن غيره من أئمة رواة الحديث ؟. فكيف و لم يثبت هذا الكلام عن الباقر بل ثبت أنه قد افتراه عليه وضاع أفاك أثيم.

خرافة أول أيام الخسوف و منتصف أيام الكسوف

أما مقولة ((ليالي الخسوف في الشهر القمري هي 13 و 14 و 15. و أيام الكسوف هي 27 و 28 و 29)) فقد ثبت خطؤها علمياً. لأنه يجب تحديد المكان الذي تطبق فيه. و لا أدري لماذا يصر القاديانيون على ترديد هذه المقولة في عصر ثبت بالدليل القاطع بطلانها. فبالنسبة لشرق و أواسط آسيا (حيث تقع قاديان و لاهور). يمكن أن يحدث خسوف القمر في اليوم 12 من الشهر القمري. و الذي يرفض هذه الحقيقة و يصر على مبدأ الرؤية الفلكية للهلال فإن عليه بالضرورة أن يرفض إمكانية حدوث كسوف الشمس في اليوم 27 من الشهر القمري. أما الكيل بمكيالين عند الحديث عن الخسوف و الكسوف فغير مقبول لأنه تمويه مكشوف. فليتم حدوث كسوف الشمس هناك في يوم 27 من الشهر القمري يجب أن تتأخر بداية الشهر لأكثر من يومين عن تولد الهلال الفعلي. و هذا يمكن فقط عند اعتماد الرؤية المجردة لإثبات بداية الشهر القمري. و أما فلكياً فلا.

و القاديانيون عند قولهم بأن خسوف القمر في قاديان عام 1894 حصل في 13 رمضان اعتمدوا على الرؤية المجردة لإثبات بداية شهر رمضان. بينما لو اعتمدوا على الرؤية الفلكية لكان يوم الخسوف هو 14 رمضان. إذاً يجب أن يقبلوا بتطبيق مبدأ رؤية الهلال بالعين المجردة عند الحديث عن أول أيام الخسوف في الشهر القمري. و بهذا يكون يوم 12 هو أول الأيام الممكنة للخسوف في تلك البقعة من العالم.

أما بالنسبة لإمكانية التأكد المستقبلي من حصول خسوف القمر في يوم 12 من الشهر القمري فإنني أستشهد بالحسابات التي أوردها أستاذ علم الفلك الدكتور ديفيد ماك نوغتون. حيث تشير الحسابات بأن خسوفاً للقمر سيقع في يوم 21 شباط 2008 و الذي يوافق اليوم 12 من الشهر القمري بالنسبة لسكان المنطقة الواقعة 42 درجة جنوب و 50 درجة شرق. ففي تلك المنطقة لن تكون الرؤية ممكنة للهلال في يوم 8 شباط 2008 عند الغسق خاصة و أن الشهر هو شباط شتاءاً. و بهذا فإن بداية الشهر القمري هناك ستكون على الأقل يوم 9 شباط 2008 و الله أعلم. و بهذا يصادف خسوف القمر هناك اليوم 12 من الشهر القمري

و للذكر فإن الدكتور ديفيد ماك نوغتون هو عالم فلك بريطاني - و يحمل جنسية جنوب إفريقيا أيضاً - كان يعمل في مطار دبي الدولي كاستشاري للعلوم الفلكية و الأحوال الجوية. و له أبحاث كثيرة منشورة في بريطانيا حيث عرش كل من الخليفة القادياني الخامس و ملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الأنجليكانية. و أنا أضع هنا بين أيديكم إحدى الرسومات التوضيحية المبسطة لإثبات أنه ليتم حدوث كسوف الشمس في يوم 27 من الشهر القمري يجب أن تتأخر بداية الشهر حوالي يومين و نصف عن تولد الهلال الفعلي:

و قد حصل نفس الكسوف و الخسوف في نفس الأوقات من رمضان (أي ليلة 13 و يوم 28) أثناء حياة الباب - مهدي و نبي البابية و البهائية - و تكرر في السنة التي تليها أيضاً. فلماذا لا يتبعه القاديانيون يا ترى ؟!!! علماً أن الباب ادعى المهدية و النبوة قبل الغلام بسنوات عديدة.

و الكسوف المزدوج في رمضان يحصل بمعدل كل 23 سنة تقريباً. و قد ظهر المئات من مدعي المهدية قبل الغلام. فأين الآية التي لم تظهر منذ خلق السماوات و الأرض؟!!! و عندما ووجه غلام قاديان بحقيقة أن الكسوف و الخسوف المزدوج قد حدث آلاف المرات من قبل قال الغلام بأنه لا يهم إن حصلت هذه الآية مرات عديدة في الماضي. فالآية برأيه لا تكتمل إلا بوجود مدع بأنه هو المهدي. و لم يعلم هذا الغلام بأن عشرات الدجاجلة قبله كانوا قد ادعوا المهدية و صادف حصول كسوف مزدوج في رمضان أثناء حياتهم بتاريخ 13 و 28 من الشهر. و أضرب هنا هذه الأمثلة على ذلك:

(1)
صالح بن طريف البرغواطي: ادعى المهدية و النبوة سنة 125 هـ . و حصل كسوف و خسوف مزدوج في حياته مرات عديدة.

(2)
ميرزا علي محمد ( الملقب بالباب): ادعى المهدية قبل ادعائه النبوة عام 1260 هـ. و حصل كسوف و خسوف مزدوج في حياته مرات عديدة.

(3)
أبو منصور عيسى: ادعى المهدية و النبوة عام 341 هـ. و حصل كسوف و خسوف مزدوج في حياته.

(4)
أبو غفير محمد بن معاذ: ادعى المهدية عام 268 هـ . و حصل كسوف و خسوف مزدوج في حياته.

و قد ثبت علمياً بأن أول الأيام الممكنة لخسوف القمر هو ليلة 12 و ليس ليلة 13 كما موه غلام قاديان و أتباعه. فبطل بذلك شغبهم.

أما ميرزا غلام فيعتقد أن الكسوف و الخسوف يظهران فقط عند شيوع الفساد !! و أما اجتماعهما فهو تهديد من الله بالعذاب !! يقول الغلام في كتابه "نجم الهدى" ص232:

و في كتابه "نجم الهدى" أيضاً ص253 يتحدى الميرزا خصومه أن يأتوا ببرهان على وقوع الخسوف و الكسوف المزدوج في رمضان من قبل، يقول هناك:

لا مهدي إلا المسيح !

قد يتساءل البعض عن السبب الذي جعل الغلام يدعي بأنه هو المهدي و المسيح معاً و ليس المهدي فقط أو المسيح فقط. و الجواب هو أن الغلام حاول أن يدعي القيمة الروحية لكل شخص مقدس عند أية فرقة من الفرق. و نرى هذا واضحاً في ادعائه لاحقاً بأنه يمثل نزول كريشنا المقدس عند الهندوس. أما بالنسبة لادعاء المهديّة فقد كان هذا رائجاً جداً في القرن التاسع عشر حيث كان الناس مشغولون بادعاءات مشابهة من المهدي السوداني و الباب و غيرهم. و قد كانت النقاشات محتدة في تأويل ظهور آيات المهدي و المسيح. و على أغلب الظن فقد كان توقع حدوث الكسوف و الخسوف في رمضان هو الشرارة التي أطلقت طموحات الغلام لادعاء المهديّة. أما بالنسبة للادعاء بأنه المسيح فقد وجد حديثاً موضوعاً يقول ((و لا المهدي إلا المسيح)) فعقد العزم أن يتقمص الشخصيتين معاً. و الحديث مروي في سنن ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)).

أما تعليقي على هذا الإستدلال فهو كالآتي:

1-
هذا الخبر فيه محمد بن خالد الجندي ، قال عنه الحاكم مجهول ، وقال عنه حافظ المغرب ابن عبد البر بأنه متروك ، وحُكي عن ابن معين توثيقه ، ولم يثبت ، وقد أنكر الخبر النسائي ، والحاكم ، والبيهقي ، والذهبي ، وابن تيمية والقرطبي ، والصغاني ، وأبو الفتح الأزدي وقال: وإنما يحفظ عن الحسن مرسلاً ، رواه جرير بن حازم عنه.

قال الذهبي: قال الأزدي (محمد بن خالد منكر الحديث)

قال الصنعاني عن هذا الحديث أنه موضوع كما في الأحاديث الموضوعة للشوكاني.

فالخبر منكر ، ولا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلامات الضعف ظاهرة عليه . و هل يجوز أن نأخذ العقائد من حديث موضوع أو حتى ضعيف؟ إن القاديانيين يرفضون أحاديث صحيحة في البخاري و مسلم لأنهم يقولون بأنها ظنية الثبوت و لا تصح بها عقيدة. فكيف يقبلون إذاً بأحاديث معدومة الثبوت في باب العقيدة؟ أم أن القواعد كلها تهون عندهم من أجل عيون غلام قاديان ؟!!!

و قد تتبعت ما ادعاه القاديانيون من توثيق ابن معين لمحمد بن خالد الجَنَدي فوجدت قصة التوثيق منقولة عن مجهول. و تفاصيل قصة توثيق ابن معين له في غاية السخافة. فقد روى توثيق ابن معين هذا ابو الحسن محمد بن الحسين الاّبري الحافظ في في مناقب الشافعي فقال: اخبرني محمد بن عبد الرحمن الهمذاني ببغداد قال: حدثنا محمد بن مخلد وهو العطار وقال : حدثنا أحمد بن محمد بن المؤل العدوي . قال: قال لي يونس بن عبد الأعلى : جاءني رجل قد وخطه الشيب سنة ثلاث عشر يعني و مائتين عليه مبطنة وازير يسألني عن هذا الحديث فقال لي : من محمد بن خالد الجندي ؟ فقلت : لا ادري . فقال لي : هذا مؤذن الجند وهو ثقة . فقلت له : انت يحيى بن معين ؟ فقال نعم...الخ.

ولكن لا يمكن الاحتجاج بهذه الحكاية لأمرين

-
ان في اسنادها احمد بن محمد بن المؤل - ابو بكر الصوري قد ذكره الخطيب في تاريخ بغداد فقال روى عن الحسن بن عرفة و يونس بن عبد الأعلى و غيرهم. و روى عنه : ابو عمرو بن السماك وابو بكر الشافعي و عبيد الله بن محمد بن سليمان المخرمي . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ومثل هذا مجهول الحال فلا يمكن الاحتجاج به .

-
يظهر في النظر في متن هذه الحكاية ان يونس بن عبد الأعلى لم يكن يعرف ابن معين قبل هذه الحكاية وما عرفه إلا بإخبار متكلمه . ولذلك سأله : أنت يحيى بن معين ؟ فقال : نعم . وهكذا فلا نستطيع ان نقول ان الذي كلمه هو يحيى بن معين . و لا ندري لماذا سأل ابن معين عن خالد الجندي رجلاً لا يعرفه طالما ابن معين هو الوحيد الذي يعرف حال خالد الجندي. إذاً فمتن القصة شديد الغرابة و بعيد عن المنطق.

2-
جملة )) وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ(( غير مستساغة في سياق الحديث، لأن الجمل المعطوفة على بعضها كلها أفعال غير هذه الأخيرة، فلو كان المقصود ما فهمه البعض بأن المهدي هو المسيح لكان قال " وَما الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ" لكنه قال "و لا المهدي" فظهر سقوط شيء من الخبر. و قد يكون أصله "و لا يتبع ظهور المهدي إلا عيسى ابن مريم" و الله أعلم. حيث قال (لا يزداد .... إلا..) (لا تقوم....إلا) فظهر سقوط الفعل. و الحديث منكرالسند مما يغنينا عن الخوض في نصه. فالغيبيات و غيرها من أمور الشريعة لا تثبت بالضعيف من الحديث. فالله تعبدنا باليقين لا بالظن. و إن الظن لا يغني من الحق شيئاً.

3-
ينقل غلام قاديان و أتباعه هذا الحديث عن ابن ماجة كالآتي ()لا مهدي إلا عيسى بن مريم((. و هذا خطأ واضح لأن لفظ ابن ماجة للحديث هو ((و لا المهدي إلا عيسى)) . أما اللفظ (لا مهدي إلا عيسى) فقد رواه الحاكم و غيره. و رواه الحاكم ليبين نكارته فقط كما صرح هو نفسه بذلك. و جملة (لا مهدي إلا عيسى) ظاهرة الخطأ لأن كل من هداه الله فهو مهدي. و ليس في الجملة إشارة إلى أمير المؤمنين الملقب بالمهدي.

و أنقل لك هنا تخريج حديث (لا مهدي إلا عيسى) بدون (ال) التعريف:

-
اخرجه الحاكم قال: حدثنا عيسى بن زيد بن عيسى بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن ابي طالب ‚ ثنا يونس بن عبد الاعلى الصرفي ‚ ثنا محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه ‚ انبأ محمد بن خالد الجندي ‚ عن أبان بن صالح ‚ عن الحسن ‚ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله: لا يزداد الامر الا شدة ‚ ولا الدين إلا إدبارا ‚ و لا الناس إلا شحا ‚ و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ‚ ولا مهدي إلا عيسى إبن مريم .

-
وأخرجه إبن نعيم في الحلية فقال : حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم ثنا سليمان بن إسحق بن نوح الطلحي

وحدثنا أبو محمد بن حيان ‚ ثنا أبو الحريش الكلابي ‚ ثنا يونس بن عبد الأعلى ‚ ثنا محمد بن إدريس الشافعي ‚ عن محمد بن خالد الجندي ‚ عن أبان بن صالح ‚ عن الحسن ‚ عن أنس بن مالك أن رسول الله قال

لا يزداد الأمر إلا شدة ‚ ولا الدنيا إلا إدبارا ‚ ولا الناس إلا شحا ‚ ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ‚ ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم عليهما السلام.

-
واخرجه القضاعي في مسند الشهاب .

-
واخرجه الخطيب في تاريخ بغداد .

-
واخرجه المزي بطريقين عن يونس بن عبد الأعلى

-
وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله .

-
وعن طريق الخطيب أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية .

-
واخرجه ابو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن .

-
واخرجه السلفي في الطيوريات .

-
واخرجه ابن منده في فوائده .

-
واخرجه يوسف الميانجي .

-
و ذكره الذهبي في ترجمة يونس بن عبد الأعلى من تذكرة الحفاظ بإسناده عن يونس . وكذا السبكي في طبقات الشافعية .

إذاً فقد روى الحديث كثيرون بلفظ (لا مهدي إلا عيسى). و هذا اللفظ لا يشير بتاتاً إلى الإمام المهدي. و الجملة واضحة الخطأ كما أسلفت سابقاً لأن كل المؤمنين الصالحين مهديون.

و يستند القاديانيون في ادعاءاتهم أيضاً إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ ((يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا وَحَكَمًا عَدْلاً فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)). يقول القاديانيون بأن الحديث وصف عيسى عليه السلام بأنه إمام مهدي و بهذا يكون هو المهدي الموعود.

قلت: إذا كان عيسى عليه السلام هو المهدي لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حقه (إماماً مهدياً) فلماذا لا يكون معاوية ابن سفيان رضي الله عنه هو المهدي أيضاً ؟. أو يكون جرير رضي الله عنه هو المهدي ؟. فقد روى البخاري و غيره الحديث التالي:

((
حدثني محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن جرير رضي الله عنه قال ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي ولقد شكوت إليه إني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا.)).

و روى أحمد بن حنبل أيضاً ((حدثنا علي بن بحر حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية وقال اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به)).

الميرزا و تناسخ الأرواح

مع أن القاديانيين يحاولون عبثاً القول بتناسخ الأرواح و يصرون أن كون الميرزا هو المسيح لا يعني نزول روح المسيح عليه، إلا أن محاولاتهم هذه عبثية بالنظر إلى كثرة النصوص الواضحة التي أوردها الميرزا لدعم نظرية تناسخ الأرواح، و سأورد هنا بعض الأمثلة فقط، حيث ذكر الميرزا في كتابه "مرآة كمالات الإسلام" ص438:

و يقول في كتابه "مرآة كمالات الإسلام" أيضا ص553:

و يقول الميرزا في الصفحة 99 من كتابه "المسيح الناصري في الهند": 

((
وكان بوذا يعتقد بالتناسخ، و لكن تناسخه لا يخالف تعاليم الإنجيل، إذ التناسخ عنده على ثلاثة أقسام

أولاً: أن عزيمة الإنسان على المزيد من الأعمال تقتضي جسماً آخر بعد الموت 

ثانياً: هو ما يعتقد أهل التبت بوجوده في زعمائهم الدينيين "لامات"، و هو أن جزءاً من روح بوذا أو زعيم بوذي آخر يحا في "لاماتهم".. أي أن قوته و طبيعته و خواصه الروحية تنتقل إلى "لاما" الحالي، و روحه تؤثر فيه

ثالثاً: أن الإنسان لا يزال يمر في حياته في الدنيا بأنواع الولادة إلى أن يصبح إنساناً حقيقياً حسب خواصه الذاتية، حيث ينعدم وجوده الأول و يكتسب وجوداً ثانياً بحسب أعمال وجوده الأول ...إلخ))

يا مريم اسكن أنت و زوجك الجنة !!

ليس في العنوان خطأ طباعي كما تظن فهو جزء من وحي ادعى الغلام أنه تلقاه من إلهه و هو مذكور في كتاب "التذكرة" صفحة 727 الذي يحتوي على الوحي المقدس لغلام قاديان. و في هذا الوحي يسميه إلهه باسم مريم. فقد حاول الغلام أن يثبت بكل وسائل التمويه و التحريف أنه يمثل النزول الثاني للمسيح عليه السلام. فادعى بأنه يشبه المسيح عليه السلام في جوهره. و بهذا يصح برأيه أن يسمى باسم عيسى بن مريم نفسه. و عندما سئل عن وجه الشبه ذاك قال بأن المسيح عليه السلام ولد من غير أب. و أن غلام قاديان لم يكن له شيخ طريقة يتبعه. و ما دام شيخ الطريقة هو بمثابة الأب الروحي فيكون غلام قاديان بذلك قد ولد من غير أب أيضاً!!

و لمّا لم يصدق الناس هذه السخافات قام الغلام بتبني سخافة أكبر حتى تكتمل فضيحة كذبه بين الناس. حيث قال الغلام في كتابه روحاني خزائن ما يلي: ((جعلني الله مريم لمدة سنتين ... ثم نفخ فيّ روح عيسى كما نفخ في مريم. و على صورة استعارية صرت حاملاً. و بعد مرور عدة أشهر لا تزيد عن عشرة بعد هذا الإلهام تحولت من كوني مريم إلى عيسى. و بهذا أصبحت المسيح عيسى بن مريم – كتاب روحاني خزائن ج19ص50)).

و في مكان آخر من كتاب "روحاني خزائن" يقول الغلام

((
أنا المقصود من قوله تعالى " وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا " لأني أنا الوحيد الذي ادعيت أني مريم و أنه نفخ فيّ روح عيسى - كتاب روحاني خزائن ج22ص350)).

و في كتاب التذكرة أيضاً تجد الوحي التالي لغلام قاديان:

((
فَجَاءه الْمَخَاضُ إِلَى جِذعِ النَّخْلَةِ قَالَ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)).

و لا أجد كلاماً للتعليق على هذه القصة الظريفة إلا أن أهنـّيء عباقرة القاديانيين بغلامهم الحبلى الموعود. و أهديهم هذه الأبيات التي ألهمتني إياها قصة غلامهم الظريفة تلك. و قد اسميت القصيدة ب " القصيدة الإعجازية" على اسم القصيدة التي ألفها الغلام و تحدى بها البشرية

!!
القصيدة الإعجازية

جاءَ المسيح ْ[1] *

جاءَ المسيح ْ

هكذا صاحَ صوتٌ من الشرقِ ِ .. 

كالدّيكِ الفصيح ْ 

**
قلتُ : أحقّا ً تقول ُ ؟

أهوَ المسيح ْ ؟

أم أنه ُ ذاكَ الذي .. 

هو أعورٌ .. ذو وجهٍ قبيح ْ ؟[2

*
قال : كلا يا أخي

ذاكَ الذي تعني خـُرافة ْ[3

و مسيحنا جاءَ ..

ليقضي على تلكَ الخـُرافة ْ

و ليُرسي أهمَّ أعمدةِ الإيمانِ ِ

..
أعني "النظافة ْ " ..

و يقولَ لمن حملَ السلاحَ

رويدكَ ..

هذي سـَخافة ْ[4]

أتقاتلُ القوة َ العـُظمى التي ..

علـّمـتنا .. أسرارَ النحافة ْ ؟!!

**
قلتُ له : هذا غريب ْ ..!! 

فمن عهدٍ قريب ْ ..

قرأتُ في الأحاديثِ ..

أنَّ المسيحَ يـُعرفُ ..

إذا .. "كـَسـَرَ الصليب ْ "

*
قال : كلا ..

ذاكَ تصحيفٌ و إدراجٌ

و الأصلُ هوَ .. "شَربَ الحليب ْ "

**
قلتُ : دع عنكَ هذي الرزايا

ألن يقتلَ الخنزيرَ يوما ً؟

*
قال : كلا ..

فالخنازيرُ هم ْ ذرّية ُ البغايا[5]

الذين كـذ ّبوه ُ ..

أزواج ُ البغايا[6

**
قلتُ : ألمسيحكم ْ آية ْ ؟ 

*
قال : طبعا ً ..

بل ألفُ آية ْ

و منها .. أنه يوما ً تخدَّر ْ[7]

فإذا بالبطن ِ تـَكبـَر ْ 

و إذا هو حـُبلى ..

ثم اختفى نصفـُه الأعلى ..

فصرخنا : .. ماذا دهاه ْ ؟!!

و ما كدنا ننتهيَ حتى ..

خرجَ رأسـُه ُ من قفاه ْ 

فـَوَلـَدَ نفسـَه ُ ..

و عادت له الحياة ْ

**
قلتُ له : يا سلام ْ

لماذا لم تـَقـُل هذا الكلام ْ؟

لعرفتـُه ُ منذ البداية ْ

ذاكَ الغـُلام ْ

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] ((
جاء المسيح)) عنوان مقال للتعريف بالجماعة الأحمدية منشور على موقع الإنترنت الرسمي للجماعة الأحمدية القاديانية

[2]
المقصود بالأعور هنا هو المسيح الدجال. و بالمناسبة فإن ميرزا غلام القادياني ذو عين يمنى مرتخية كما هو واضح في الصورة على الصفحة الأولى من هذا المقال.

[3]
يقول الأحمديون (القاديانيون و اللاهوريون) أن المسيح الدجال هو الغرب النصراني اليوم. فلا وجود عندهم لشخص يدعى المسيح الدجال.

[4]
من أهم الدعوات التي نادى بها غلام قاديان هي حرمة الجهاد ضد الدولة البريطانية التي كانت محتلة للهند في أيامه.

[5] (
ذرية البغايا) هي إحدى الشتائم المشهورة التي كان ميرزا غلام القادياني يصف بها خصومه.

[6]
من الشتائم المشهورة أيضاً عند غلام قاديان وصفه لزوجات خصومه بأنهن عاهرات ووصف خصومه أنفسهم بأنهم أقذر من الخنازير.

[7]
يقول قمر الزمان ابن ميرزا غلام أحمد القادياني في كتابه "سيرة المهدي" رواية رقم 929: ((أخبرنا الدكتور مير محمد إسماعيل – أحد أصحاب ميرزا غلام – أن حضرة المسيح الموعود عليه السلام – ميرزا غلام – قد أكد بأن للأفيون فوائد عجيبة و غريبة. و أنه قد أعد شخصياً من الأفيون دواءاً أسماه "ترياق إلــهي" كان يعطي منه لأصحابه أيضاً==))

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آيات ورد فيها "العرش" ويسبحون واشتقاقاتهم

  العرش آيات ورد فيها "العرش " ويسبحون واشتقاقاتهم   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِ...