حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

ج45.وج46.عمدة القاري شرح صحيح البخاري بدر الدين العيني{من 6901 - الي7439 }

ج45.وج46.عمدة القاري شرح صحيح البخاري  بدر الدين العيني{من 6901 - الي7439 }

 -------

أولا :

ج45.عمدة القارئ{عمدة القاري شرح صحيح البخاري  بدر الدين العيني}

 ---

6901 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( ابن شهاب ) أن ( سهل بن سعد الساعدي ) أخبره أن رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله ومع رسول الله مدرى يحك به رأسه فلما رآه رسول الله قال لو أعلم أن تنتظرني لطعنت به في عينيك قال رسول الله إنما جعل الإذن من قبل البصر
انظر الحديث 5924 وطرفه
الكلام في وجه الترجمة مثل الكلام في الحديث السابق والحديث مضى في باب الاستئذان ومضى الكلام فيه
قوله في جحر بضم الجيم وسكون الحاء وهو البخش أو الشق في الباب قوله في باب رسول الله وفي رواية الكشميهني من باب رسول الله وكذلك من جحر عنده قوله مذرى بكسر الميم وسكون الذال المعجمة وبالراء مقصورا منونا حديدة يسوى بها شعر الرأس وقيل هي شبيهة بالمشط قوله تنتظرني أي تنتظرني يعني ماطعنت لأني كنت مترددا بين نظره ووقفه غير ناظر قوله من قبل البصر بكسر القاف وفتح الباء الموحدة يعني إنما شرع الاستئذان في دخول الدار من جهة البصر لئلا يطلع على عورة أهلها وفي رواية الكشميهني من جهة النظر
6902 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( أبو الزنادد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) قال قال ( أبو القاسم ) لو أن امرءا اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح
انظر الحديث 6888
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لم يكن عليك جناح أي حرج
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمان بن هرمز
قال الكرماني والحديث مضى في باب بدء السلام وليس فيه هذا وقال صاحب التوضيح وقد سلف في باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان وليس كذلك أيضا وإنما الذي سلف فيه عن أنس بن مالك وذكره المزي في الأطراف عن البخاري في كتاب الديات ولم يذكر شيئا غيره قوله فخذفته بالخاء والذال المعجمتين أي رميته قيد بالحصاة لأنه لو رماه بحجر ثقيل أو سهم مثلا تعلق به القصاص وفي وجه للشافعية لا ضمان مطلقا ولو لم يندفع إلا بذلك جاز قوله جناح أي خرج كما ذكرنا وعند مسلم من هذا الوجه ما كان عليك من جناح
واستدل به على جواز رمي من يتجسس ولو لم يندفع بالشيء الخفيف جاز بالثقيل وأنه إن أصيبت نفسه أو بعضه فهو هدر وذهب المالكية إلى القصاص واعتلوا بأن المعصية لا تدفع بالمعصية ورد بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وهل يشترط الإنذار قبل الرمي فيه وجهان للشافعية قيل يشترط كدفع الصائل وأصحهما لا
24 -
( باب العاقلة )
أي هذا باب في بيان العاقلة وهو جمع عاقل وهو دافع الدية وسميت الدية عقلا تسمية بالمصدر لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم يكن إبلا وقيل اشتقاقها من عقل يعقل إذا تحمل فمعناه أنه يحمل الدية عن القاتل وقيل من عقل يعقل إذا منع ودفع يدفع وذلك أنه كان في الجاهلية كل من قتل التجأ إلى قومه لأنه يطلب ليقتل فيمنعون عنه القتل فسميت عاقلة أي مانعة وقال ابن فارس عقلت القتيل أي أعطيت ديته وعقلت عنه إذا التزمت ديته فأديتها عنه والعاقلة أهل الديوان وهم أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أسماؤهم في الديوان وعند مالك والشافعي وأحمد هم أهل العشيرة وهي العصبات وعن بعض الشافعية عاقلة الرجل من قبل الأب وهم عصبته وقال الكرماني العاقلة أولياء النكاح وقال أصحابنا إن لم يكن القاتل من أهل الديوان فعاقلته أهل حرفته وإن لم يكن فأهل حلفه

(24/65)


6903 - حدثنا ( صدقة بن الفضل ) أخبرنا ( ابن عيينة ) حدثنا ( مطرف ) قال سمعت ( الشعبي ) قال سمعت ( أبا جحيفة ) قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء ما ليس في القرآن وقال مرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
مطابقته للترجمة في قوله العقل وهي الدية وابن عيينة سفيان ومطرف بوزن اسم فاعل من التطريف بالطاء المهملة ابن طريف بالطاء المهملة أيضا والشعبي هو عامر بن شراحيل وأبو جحيفة بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وبالفاء اسمه وهب بن عبد الله السوائي
والحديث مضى في كتاب العلم في باب كتابة العلم فإنه أخرجه هناك عن محمد بن سلام عن وكيع عن سفيان عن مطرف الخ
قوله قال مطرف كذا في رواية أبي ذر وفي رواية الباقين حدثنا مطرف وكذا هو في رواية الحميدي عن ابن عيينة قوله ليس في القرآن أي ما كتبتموه عن النبي سواء حفظتموه أو لا وليس المراد تعميم كل مكتوب أو مضبوط لكثرة الثابت عن علي رضي الله تعالى عنه من مرويه عن النبي مما ليس في الصحيفة المذكورة قوله فلق الحب أي شقها قوله وبرأ النسمة أي خلق الإنسان قوله إلا فهما استثناء منقطع أي لكن الفهم عندنا هو الذي أعطيه الرجل وقيل حرف العطف مقدر أي وفهم وقد مر في كتاب العلم أنه قال لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو مافي هذه الصحيفة والفهم بالسكون والحركة وهو ما يفهم من فحوى كلامه ويستدرك من باطن معانيه التي هي غير الظاهر عن نصه ويدخل فيه جميع وجوه القياس قاله الخطابي قوله يعطى رجل بضم الياء على صيغة المجهول قوله في كتابه أي في كتاب الله عز و جل قوله قلت القائل هو أبو جحيفة قوله العقل أي الدية أي أحكام الدية قوله وفكاك الأسير بالكسر والفتح قال الكرماني مر في كتاب الحج في باب حرم المدينة أن فيها أيضا المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا الحديث وأجاب بأن عدم التعريض ليس تعرضا للعدم فلا منافاة قوله وأن لا يقتل المسلم بكافر احتج به عمر بن عبد العزيز والأوزاعي والثوري وابن شبرمة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور على أن المسلم لا يقتل بالكافر وإليه ذهب أهل الظاهر وقال ابن حزم في المحلى وإن قتل مسلم عاقل بالغ ذميا أو مستأمنا عمدا أو خطأ فلا قود عليه ولا دية ولا كفارة لكن يؤدب في العمد خاصة ويسجن حتى يتوب كفا لضرره وقال الشعبي وإبراهيم النخعي ومحمد بن أبي ليلى وعثمان البتي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر فيما ذكره الرزاي يقتل المسلم بالكافر وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأجابوا عن ذلك بأن المراد لا يقتل مؤمن بكافر غير ذي عهد وقد بسطنا الكلام فيه في شرحنا لمعاني الآثار وللطحاوي فليرجع إليه
25 -
( باب جنين المرأة )
أي هذا باب في بيان حكم جنين المرأة والجنين على وزن قتيل حمل المرأة ما دام في بطنها سمي بذلك لاستتاره فإن خرج حيا فهو ولد وإن خرج ميتا فهو سقط سواء كان ذكرا أو أنثى ما لم يستهل صارخا
6904 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) وحدثنا ( إسماعيل ) حدثنا ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى رسول الله فيها بغرة عبد أو أمة
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه عن مالك عن شيخين أحدهما عن عبد الله بن يوسف عنه والآخر عن إسماعيل بن أبي أويس عنه وسقطت رواية إسماعيل هنا لأبي ذر
ومضى الحديث في الطب عن قتيبة عن مالك وأخرجه مسلم عن يحيى

(24/66)


بن يحيى عن مالك وأخرجه النسائي عن أبي الطاهر عن مالك
قوله أن امرأتين هما كانتا ضرتين تحت حمل بن مالك بن النابغة الهذلي من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر نزل البصرة ذكره مسلم في تسمية من روى عن النبي قلت حمل بفتح الحاء المهملة والميم ويقال حمله قوله رمت إحداهما الأخرى وفي رواية يونس وعبد الرحمان بن خالد فرمت إحداهما الأخرى بحجر وزاد عبد الرحمان فأصاب بطنها وهي حامل وروى أبو داود من طريق حمل بن مالك فضربت إحداهما الأخرى بمسطح وعند مسلم من طريق عبيد بن نضلة عن المغيرة بن شعبة قال ضربت امرأة ضرتها بعمود فسطاط وهي حبلى فقتلتها وفي رواية أبي داود من حديث بريدة أن امرأة حذفت امرأة أخرى فطرحت جنينها وفي رواية عبد الرحمان بن خالد فقتلت ولدها في بطنها وفي رواية يونس فقتلتها قوله غرة بضم الغين المعجمة وتشديد الراء وقال ابن الأثير الغرة العبد نفسه أو الأمة وأصل الغرة البياض الذي يكون في وجه الفرس وكان أبو عمرو بن العلاء يقول الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء وسمي غرة لبياضه فلا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء وليس ذلك شرطا عند الفقهاء وإنما الغرة عندهم ما بلغ ثمنه نصف عشر الدية من العبيد والإماء قوله عبد أو أمة قال الإسماعيلي قراءة العامة بالإضافة يعني بإضافة الغرة إلى العبد وغيرهم بالتنوين قلت على هذا الوجه يكون العبد بدلا من الغرة وحكى القاضي عياض الاختلاف وقال التنوين أوجه لأنه بيان للغرة ما هي وقال الباجي يحتمل أن يكون أو شكا من الراوي في تلك الواقعة لمخصوصة ويحتمل أن يكون للتنويع وهو الأظهر وقيل المرفوع من الحديث قوله بغرة وأما قوله عبد أو أمة فمن الراوي وقال ابن الأثير وقد جاء في بعض الروايات في هذا الحديث بغرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل وقيل إن الفرس والبغل غلط من الراوي ثم إن الغرة إنما تجب في الجنين إذا سقط ميتا وإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة
6905 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه عن ( المغيرة بن شعبة ) عن ( عمر ) رضي الله عنه أنه استشارهم في إملاص المرأة فقال المغيرة قضى النبي بالغرة عبد أو أمة قال ائت من يشهد معك فشهد محمد بن مسلمة أنه شهد النبي قضى به
الحديث 6906 - طرفه في 6908 7318
مطابقته للترجمة ظاهرة ووهيب هو ابن خالد وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير
والحديث أخرجه أبو داود في الديات أيضا عن موسى بن إسماعيل عن وهيب
قوله استشارهم أي استشار الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفي رواية مسلم عن هشام عن أبيه عن المسور بن مخرمة استشار الناس قوله في إملاص المرأة بكسر الهمزة وهو إلقاء المرأة ولدها ميتا وسيجيء في الاعتصام من طريق أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن المغيرة سأل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن إملاص المرأة وهي التي تضرب بطنها فتلقي جنينها فقال أيكم سمع من النبي فيه شيئا قوله فقال المغيرة فيه تجريد لأن السياق يقتضي أن يقول فقلت
قوله فشهد محمد بن مسلمة بفتح الميم واللام الخزرخي البدري الكبير القدر مات سنة ثلاث وأربعين قوله أنه شهد النبي أي حضره وفي الحديث الذي يأتي قال ائت بمن شهد معك أي قال النبي للمغيرة بن شعبة ائت من يشهد معك قيل خبر الواحد حجة يجب قبوله فلم طلب الشاهد وأجيب للتثبيت والتأكيد ومع هذا فشهادته لم تخرج عن خبر الواحد
6907 - حدثنا ( عبيد الله بن موسى ) عن ( هشام ) عن أبيه أن عمر نشد الناس من سمع النبي قضي في السقط وقال المغيرة أنا سمعته قضى فيه بغرة عبد أو أمة قال ائت من يشهد معك على هاذا فقال محمد بن مسلمة أنا أشهد على النبي بمثل هاذا
انظر الحديث 6906 وطرفه
هذا طريق آخر في الحديث المذكور وهذا في حكم الثلاثيات لأن هشاما تابعي
قوله عن أبيه عن عمر هذا صورته

(24/67)


الإرسال لأن عروة لم يسمع عمر لكن تبين من الرواية السابقة واللاحقة أن عروة حمله عن المغيرة عن عمر وإن لم يصرح به في هذه الرواية قوله فقال المغيرة كذا في رواية أبي ذر بالفاء وفي رواية غيره بالواو قوله ائت من يشهد كذا بصيغة الأمر من الإتيان ووقع في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني آنت بألف ممدودة ثم نون ساكنة ثم تاء مثناة من فوق بصيغة استفهام المخاطب على إرادة الاستثبات أي اأنت تشهد ثم استفهمه ثانيا من يشهد معك
قوله بمثل هذا أي بمثل ما شهد المغيرة
6908 - حدثني ( محمد بن عبد الله ) حدثنا ( محمد بن سابق ) حدثنا ( زائدة ) حدثنا ( هشام بن عروة ) عن أبيه أنه سمع ( المغيرة بن شعبة ) يحدث عن ( عمر ) أنه استشارهم في إملاص المرأة مثله
هذا طريق آخر أخرجه عن محمد بن عبد الله هو محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي عن محمد بن سابق الفارسي البغدادي روى عنه البخاري بدون واسطة في باب الوصايا فقط وهو يروي عن زائدة من الزيادة ابن قدامة بضم القاف الثقفي الخ
قوله مثله أي مثل الحديث المذكور وهو رواية وهيب المذكورة
26 -
( باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد )
أي هذا باب في بيان حكم جنين المرأة وفي بيان أن العقل أي الدية أي دية المرأة المقتولة على الوالد أي على والد القاتلة وعلى عصبته وذكر لفظ الوالد إشارة إلى ما ورد في بعض طرق القصة قوله لا على الولد قال ابن بطال يريد أن ولد المرأة إذا لم يكن من عصبتها لا يعقل عنها لأن العقل على العصبة دون ذوي الأرحام ولذلك لا تعقل الإخوة من الأم قال ومقتضى الخبر أن من يرثها لا يعقل عنها إذا لم يكن من عصبتها ثم قال قال ابن المنذر وهذا قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور وكل من أحفظ عنهم
6909 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله أن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها
قيل لا مطابقة بين الترجمة والحديث لأنه ليس فيه إيجاب العقل على الوالد وأجيب بأن لفظ الوالد قد ورد في بعض طرق الحديث وعادته أنه يترجم بمثل هذا
وأخرجه عن عبد الله بن يوسف عن الليث بن سعد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الخ وقد مضى في الفرائض عن قتيبة ومضى الكلام فيه
قوله من بني لحيان بكسر اللام وسكون الحاء المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وهم بطن من هذيل فلا منافاة بينه وبين قوله فيما تقدم إنها من هذيل قوله بغرة عبد أو أمة بالإضافة أو الوصف كما ذكرناه عن قريب واختلفوا لمن تكون هذه الغرة فذكر ابن حبيب أن مالكا اختلف فيه قوله فمرة قال إنها لأمه وهو قول الليث ومرة قال إنها بين الأبوين الثلثان للأب والثلث للام وهو قول أبي حنيفة والشافعي قوله وأن العقل أي الدية أي وقضى أن عقل المرأة التي توفيت على عصبتها وهي التي قضى عليها بالغرة هي المتوفاة حتف أنفها
6910 - حدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( ابن وهب ) حدثنا ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) رضي الله عنه قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر قتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي فقضى أن دية جنينها

(24/68)


غرة عبد أو وليدة وقضى أن دية المرأة على عاقلتها
هذا وجه آخر في حديث أبي هريرة المذكور وأخرجه عن أحمد بن صالح أبي جعفر المصري عبد الله بن وهب المصري عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمان بن عوف إلى آخره
قوله وما في بطنها أي وقتل ما في بطن المرأة وهو الجنين قوله غرة بالرفع لأنه خبر إن واسمها قوله دية جنينها قوله على عاقلتها هي عصبتها
27 -
( باب من استعان عبدا أو صبيا )
أي هذا باب في بيان من استعان من الاستعانة وهي طلب العون هكذا في رواية الأكثرين استعان بالنون وفي رواية النسفي والإسماعيلي استعار بالراء من الاستعارة وهي طلب العارية ووجه ذكر هذا الباب في كتاب الديات هو أنه إذا هلك العبد في الاستعمال تجب الدية واختلفوا في دية الصبي وفي التوضيح إن استعان حرا بالغا متطوعا أو بإجارة وأصابه شيء فلا ضمان عليه عند الجميع إن كان ذلك العمل لا غرر فيه وإنما يضمن من جنى وتعدى واختلف إذا استعمل عبدا بالغا في شيء فعطب فقال ابن القاسم إن استعمل عبدا في بئر يحفرها ولم يأذن له سيده في الإجارة فهو ضامن إن عطب وذلك إذا بعثه إلى سفر بكتاب وروى ابن وهب عن مالك لا ضمان عليه سواء أذن له سيده في الإجارة أو لم يأذن مما أصاب إلا أن يستعمله في غرر كبير لأنه لم يؤذن له فيه
ويذكر أن أم سلمة بعثت إلى معلم الكتاب ابعث إلي غلمانا ينفشون صوفا ولا تبعث إلي حرا
مطابقته للترجمة ظاهرة وأم سلمة زوج النبي واسمها هند قوله قوله معلم الكتاب وفي رواية النسفي معلم كتاب وهو بضم الكاف وتشديد التاء قال الجوهري الكتاب الكتبة والكتاب أيضا والمكتب واحد والجمع الكتاتيب والمكاتب قوله ينفشون بالفاء من نفشت القطن أو الصوف أنفشه نفشا وعهن منفوش قوله ولا تبعث إلي بكسر الهمزة وتشديد الياء كذا في رواية الجمهور وذكره ابن بطال بلفظ إلا التي هي حرف الاستثناء وشرحه على ذلك وهذا عكس معنى رواية الجمهور واشتراط أم سلمة أن لا يرسل إليها حرا لأن الجمهور قائلون بأن من استعان صبيا حرا لم يبلغ أو عبدا بغير إذن مولاه فهلكا في ذلك العمل فهو ضامن لقيمة العبد ولدية الصبي الحر على عاقلته وقال الداودي يحتمل فعل أم سلمة لأنها أمهم وقال الكرماني ولعل غرضها من منع الحر إكرام الحر وإيصال العوض لأنه على تقدير هلاكه في ذلك العمل لا يضمنه بخلاف العبد فإن الضمان عليها لو هلك به وهذا التعليق رواه وكيع بن الجراح عن معمر عن سفيان عن ابن المنكدر عن أم سلمة وهو منقطع لأن محمد بن المنكدر لم يسمع من أم سلمة فلذلك ذكره البخاري بصيغة التمريض
6911 - حدثنا ( عمرو بن زرارة ) أخبرنا ( إسماعيل بن إبراهيم ) عن ( عبد العزيز ) عن ( أنس ) قال لما قدم رسول الله المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله فقال يا رسول الله إن أنسا غلام كيس فليخدمك قال فخدمته في الحضر والسفر فوالله ما قال لي لشيء صنعته لم صنعت هاذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه قوله لم لم تصنع هذا هاكذا
انظر الحديث 2768 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن الخدمة مستلزمة للاستعانة فيطابق الجزء الأخير من الترجمة
وعمرو بن زرارة بضم الزاي وفتح الراء الأولى النيسابوري وإسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية وعبد العزيز هو ابن صهيب
والحديث مضى في الوصايا عن يعقوب بن إبراهيم ومضى الكلام فيه
قوله حدثنا عمرو وفي بعض النسخ حدثني بالإفراد قوله أخذ

(24/69)


أبو طلحة هو زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم رضي الله تعالى عنها قوله كيس بفتح الكاف وتشديد الياء آخر الحروف المكسورة وبالسين المهملة أي طريف وقيل أي عاقل والكيس خلاف الأحمق قوله فليخدمك بضم الميم
وفيه حسن خلق النبي وأنه ما اعترض عليه لا في فعل ولا في ترك
28 -
( باب المعدن جبار والبئر جبار )
أي هذا باب يذكر فيه المعدن جبار بضم الجيم وتخفيف الباء الموحدة أي هدر لا شيء فيه ومعنى المعدن جبار هو أن يحفر معدنا في موات أو في ملكه فيهلك فيه الأجير أو غيره ممن يمر به فلا ضمان عليه في ذلك وقال الترمذي المعدن جبار إذا احتفر الرجل معدنا فوقع فيها إنسان فلا غرم عليه ذكره في تفسير حديث الباب قوله والبئر جبار يعني إذا احتفر بئر للسبيل في ملك أو موات فوقع فيها إنسان فلا غرم على صاحبها ويقال المراد بالبئر هنا العادية القديمة التي لا يعلم لها مالك تكون في البادية فيقع فيها إنسان أو دابة فلا شيء في ذلك على أحد
6912 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثنا ( ابن شهاب ) عن ( سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس
مطابقته للترجمة من حيث إن الترجمة بعض الحديث وهذا الحديث أخرجه بقية الأئمة السنة فمسلم عن يحيى بن يحيى وغيره وأبو داود عن مسدد والترمذي عن أحمد بن منيع والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ببعضه وعن هشام بن عمار ومحمد بن ميمون بباقيه وكلهم قالوا فيه عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وهكذا قال الإمام مالك بن أنس وخالفهم يونس بن يزيد فرواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة كلاهما عن أبي هريرة رواه كذلك مسلم والنسائي وقول الليث ومالك أصح ويجوز أن يكون ابن شهاب الزهري سمعه من الثلاثة جميعا
قوله العجماء مبتدأ أو قوله جرحها بدل منه وخبره قوله جبار والجرح هنا بفتح الجيم مصدر والجرح بالضم اسم قال القاضي إنما عبر بالجرح لأنه الأغلب أو هو مثال منه على ما عداه وأما الرواية التي لم يذكر فيها لفظ الجرح فمعناه إتلاف العجماء بأي وجه كان بجرح أو غيره جبار أي هدر لا شيء فيه والعجماء تأنيث الأعجم وهي البهيمة وقال الترمذي فسره بعض أهل العلم فقالوا العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها فما أصابت في انفلاتها فلا غرم على صاحبها انتهى واحتج به أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه على أنه لا ضمان فيما أتلفته البهائم مطلقا سواء فيه الجرح وغيره وسواء فيه الليل والنهار وسواء كان معها أو لا إلا أن يحملها الذي معها على الإتلاف أو يقصده فحينئذ يضمن لوجود التعدي منه وهو قول داود وأهل الظاهر وقال مالك والشافعي وأحمد إن كان معها أحد من مالك أو مستأجر أو مستعير أو مودع أو وكيل أو غاصب أو غيرهم وجب عليه ضمان ما أتلفته وحملوا الحديث على ما إذ لم يكن معها أحد فأتلفت شيئا بالنهار أو انفلتت بالليل بغير تفريط من مالكها فأتلفت شيئا وليس معها أحد وأجاب أصحاب أبي حنيفة بأن الحديث مطلق عام فوجب العمل بعمومه وأما التعدي فخارج عنه قوله والبئر جبار قد مر تفسيره آنفا وفي رواية مسلم والبئر جرحها جبار والمراد بجرحها ما يحصل للواقع فيها من الجراحة وقال ابن العربي اتفقت الروايات المشهورة على التلفظ بالبئر وجاءت رواية شاذة بلفظ النار جبار بنون وألف ساكنة قبل الراء ومعناه عندهم أن من استوقد نارا مما يجوز له فتعدت حتى أتلفت شيئا فلا ضمان عليه قال وقال بعضهم صحفها بعضهم لأن أهل اليمن يكتبون النار بالياء لا بالألف فظن بعضهم البئر بالباء الموحدة النار بالنون فرواها كذلك قوله والمعدن جبار قد مر تفسيره قوله وفي الركاز الخمس بكسر الراء وهو ما وجد من دفن الجاهلية مما تجب فيه الزكاة من ذهب أو فضة أي مقدار ما تجب فيه الزكاة وهو النصاب فإنه يجب فيه الخمس على سبيل الزكاة الواجبة كذا

(24/70)


قال شيخنا في شرح الترمذي ثم قال هذا عند جمهور العلماء وهو قول مالك والشافعي وأحمد وفيه حجة على أبي حنيفة وغيره من العراقيين حيث قالوا الركاز هو المعدن وجعلوهما لفظين مترادفين وقد عطف الشارع أحدهما على الآخر وذكر لهذا حكما غير الحكم الذي ذكره في الأول انتهى قلت المعدن هو الركاز فلما أراد أن يذكر له حكما آخر ذكره بالاسم الآخر وهو الركاز ولو قال وفيه الخمس بدون أن يقول وفي الركاز الخمس لحصل الالتباس باحتمال عود الضمير إلى البئر وقد أورد أبو عمر في التمهيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وقال النبي في كنز وجده رجل إن كنت وجدته في قرية مسكونة أو في غير سبيل أو في سبيل ميتاء فعرفه وإن كنت وجدته في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة أو في غير سبيل ميتاء ففيه وفي الركاز الخمس وقال القاضي عياض وعطف الركاز على الكنز دليل على أن الركاز غير الكنز وأنه المعدن كما يقوله أهل العراق فهو حجة لمخالف الشافعي وقال الخطابي الركاز وجهان فالمال الذي يوجد مدفونا لا يعلم له مالك ركاز وعروق الذهب والفضة ركاز قلت وعن هذا قال صاحب الهداية الركاز يطلق على المعدن وعلى المال المدفون وقال أبو عبيد الهروي اختلف في تفسير الركاز أهل العراق وأهل الحجاز فقال أهل العراق هي المعادن وقال أهل الحجاز هي كنوز أهل الجاهلية وكل محتمل في اللغة والأصل فيه قولهم ركز في الأرض إذا ثبت أصله
29 -
( باب العجماء جبار )
أي هذا باب يذكر فيه العجماء جبار وإنما أعاد ذكر هذا بترجمة أخرى لما فيها من التفاريع الزائدة على البئر والمعدن
وقال ابن سيرين كانوا لا يضمنون من النفحة ويضمنون من رد العنان
أي قال محمد بن سيرين كانوا أي العلماء من الصحابة والتابعين لا يضمنون بالتشديد من التضمين من النفحة بفتح النون وسكون الفاء وبالحاء المهملة وهي الضربة بالرجل يقال نفحت الدابة إذا ضربت برجلها ويضمنون من رد العنان بكسر العين المهملة وتخفيف النون وهو ما يوضع في فم الدابة ليصرفها الراكب لما يختار وذلك لأن في الأول لا يمكنه التحفظ بخلاف الثاني وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور عن هشيم حدثنا ابن عون عن محمد بن سيرين
وقال حماد لا تضمن النفحة إلا أن ينخس إنسان الدابة
أي قال حماد بن أبي سليمان الأشعري واسم أبي سليمان مسلم قوله لا تضمن على صيغة المجهول والنفحة مرفوع به لأنه مفعول قام مقام الفاعل قوله إلا أن ينخس بضم الخاء المعجمة وفتحها وكسرها من النخس وهو غرز مؤخر الدابة أو جنبها بعود ونحوه
وقال شريح لا تضمن ما عاقب أن يضربها فتضرب برجلها
أي قال شريح بن الحارث الكندي القاضي المشهور قوله ما عاقب يروى بالتذكير والتأنيث فالمعنى على التذكير لا يضمن ضارب الدابة ما دام في تعاقبها بالضرب وهي أيضا تضرب برجلها على سبيل المعاقبة أي المكافأة منها وأما على معنى التأنيث فقوله لا تضمن أي الدابة بإسناد الضمان إليها مجازا والمراد ضاربها قوله أن يضربها قال الكرماني أن يضربها فتضرب برجلها إما مجرور بجار مقدر أي بأن يضربها أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي بأن يضربها أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي وهو أن يضربها وفي قول شريح هذا قلاقة قل من يفسرها كما ينبغي وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة من طريق محمد بن سيرين عن شريح قال يضمن السائق والراكب ولا تضمن الدابة إذا عاقبت قلت وما عاقبت قال إذا ضربها رجل فأصابته

(24/71)


وقال الحكم وحماد إذا ساق المكاري حمارا عليه امرأة فتخر لا شيء عليه
الحكم بفتحتين هو ابن عتيبة مصغر عتبة الدار وحماد هو ابن أبي سليمان قوله فتخر بالخاء المعجمة أي فتسقط لا شيء عليه أي على المكاري أي لا ضمان
وقال الشعبي إذا ساق دابة فأتعبها فهو ضامن لما أصابت وإن كان خلفها مترسلا لم يضمن
الشعبي هو عامر بن شراحيل الكوفي ونسبته إلى شعب من همدان أدرك غير واحد من الصحابة ومات أول سنة ست ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنة قوله فأتعبها من الإتعاب ويروى فاتبعها من الإتباع قوله خلفها أي وراءها ويروى خلفها بتشديد اللام بماضي التفعيل قوله مترسلا نصب على أنه خبر كان أي متسهلا في السير موقوفا بها لا يسوقها ولا يبعثها لم يضمن شيئا مما أصابته ووصله ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن سالم عن عامر الشعبي فذكره
6913 - حدثنا ( مسلم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( محمد بن زياد ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه عن النبي قال العجماء عقلها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس
مطابقته للترجمة ظاهرة ومسلم هو ابن إبراهيم الأزدي القصاب البصري ومحمد بن زياد من الزيادة بتخفيف الياء الجمحي بضم الجيم البصري
والحديث أخرجه مسلم في الحدود عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه وعن ابن بشار عن شعبة
قوله عقلها أي ديتها قيل جرحها هدر لا ديتها وأجيب بأنهما متلازمان إذ معناه لا دية لها
30 -
( باب إثم من قتل ذميا بغير جرم )
أي هذا باب في بيان إثم من قتل ذميا بغير موجب شرعي لقتله
6914 - حدثنا ( قيس بن حفص ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( الحسن ) حدثنا ( مجاهد ) عن ( عبد الله بن عمرو ) عن النبي قال من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما
انظر الحديث 3166
مطابقته للترجمة غير ظاهرة لأن الترجمة بالذمي وهو كتابي عقد معه عقد الجزية وأجاب الكرماني بأن المعاهد أيضا ذمي باعتبار أن له ذمة المسلمين وفي عهدهم والذمي أعم من ذلك
وقيس بن حفص أبو محمد الدارمي البصري وهو من أفراد البخاري مات سنة تسع وعشرين ومائتين وعبد الواحد هو ابن زياد والحسن هو ابن عمرو الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف
والحديث مضى في الجزية عن قيس أيضا وأخرجه ابن ماجه في الديات عن أبي كريب
قوله معاهدا ويروى معاهدة وهو الظاهر لأن التأنيث باعتبار النفس والأول باعتبار الشخص ويجوز فتح الهاء وكسرها والمراد به من له عهد بالمسلمين سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم قوله لم يرح بفتح الراء وكسرها أي لم يجد رائحة الجنة ولم يشمها وزعم أبو عبيد أنه يقال يرح ويرح أي بالضم من أرحت وعند الهروي يروى بثلاثة أوجه يرح يرح يرح وقال الجوهري راح الشيء يراحه ويريحه أي وجد ريحه وقال الكرماني المؤمن لا يخلد في النار وأجاب بأنه لم يجد أول ما يجدها سائر المسلمين الذين لم يقترفوا الكبائر وهو وعيد تغليظا ويقال ليس على الحتم والإلزام وإنما هذا لمن أراد الله عز و جل إنفاذ الوعيد فيه قوله يوجد على صيغة المجهول ويروى ليوجد باللام المفتوحة والأول رواية الكشميهني قوله أربعين عاما كذا وقع في رواية الجميع ووقع في رواية عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو سبعين عاما هذا في رواية الإسماعيلي ومثله في حديث أبي هريرة عند الترمذي من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عنه ولفظه وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا وفي الأوسط للطبراني من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ من مسيرة مائة عام

(24/72)


وللطبراني عن أبي بكرة خمسمائة عام وفي حديث لجابر ذكره صاحب الفردوس إن ريح الجنة يدرك من مسيرة ألف عام وهذا اختلاف شديد وتكلم الشراح في هذا كلاما كثيرا غالبه بالتعسف وقال شيخنا زين الدين في شرح الترمذي إن الجمع بين هذه الروايات باختلاف الأشخاص بتفاوت منازلهم ودرجاتهم وقال الكرماني يحتمل أن لا يكون العدد بخصوصه مقصودا بل المقصود المبالغة والتكثير
31 -
( باب لا يقتل المسلم بالكافر )
أي هذا باب يذكر فيه لا يقتل المسلم بمقابلة الكافر
6915 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( مطرف ) أن ( عامرا ) حدثهم عن ( أبي جحيفة ) قال قلت لعلي وحدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة حدثنا مطرف قال سمعت الشعبي يحدث قال سمعت أبا جحيفة قال سألت عليا رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القرآن وقال ابن عيينة مرة ما ليس عند الناس فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي وزهير هو ابن معاوية الكوفي ومطرف بتشديد الراء المكسورة بن طريف على وزن كريم الكوفي وعامر بن شراحيل الشعبي وأبو جحيفة بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وهب بن عبد الله السوائي
والحديث مضى عن قريب في باب العاقلة فإنه أخرجه هناك عن صدقة بن الفضل عن سفيان بن عتبة عن مطرف الخ وقد وقع في بعض النسخ هنا حدثنا صدقة بن الفضل الخ بعد قوله حدثنا أحمد بن يونس قيل الصواب أن طريق أحمد بن يونس تقدم في الجزية قلت وقد تقدم في باب العاقلة كما ذكرنا الآن عن صدقة بن الفضل وتقدم في كتاب العلم عن محمد بن سلام
قوله وقال ابن عيينة هو سفيان بن عيينة في بعض النسخ قال أحمد عن سفيان بن عيينة أي قال أحمد بن يونس الراوي عن سفيان بالسند المذكور وقد مضى الكلام فيه غير مرة
32 -
( باب إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب )
أي هذا باب في بيان ما إذا لطم المسلم يهوديا عند الغضب ماذا يكون حكمه ولم يذكره ولكن تقديره لم يجب عليه شيء لأنه لم يذكر في حديث الباب القصاص فلو كان فيه قصاص لبينه وهو قول جماعة الفقهاء وفي التوضيح هذه المسألة إجماعية لأن الكوفيين لا يرون القصاص في اللطمة ولا الأدب إلا أن يجرحه ففيه الأرش
ورواه أبو هريرة عن النبي
أي روى أبو هريرة حديث لطم المسلم اليهودي عن النبي وقد تقدم موصولا في قصة موسى في أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومضى شرحه هناك
6916 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن عمرو بن يحياى عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي قال لا تخيروا بين الأنبياء
المطابقة بين الترجمة وبين هذا الحديث في تمامه فإنه أخرجه مختصرا وتمامه جاء رجل من اليهود فقال يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك الحديث قال لا تخيروا بين الأنبياء ويجيء أيضا في الحديث الذي يليه
وكذا أخرجه أبو داود

(24/73)


مختصرا نحوه وقد مضى في الأشخاص عن موسى بن وهيب وفي التفسير وفي أحاديث الأنبياء وفي التوحيد على ما سيجيء عن محمد بن يوسف وأخرجه مسلم في أحاديث الأنبياء عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه هنا عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان الثوري عن ( عمرو بن يحيى ) بن عمارة بن أبي الحسن المازني الأنصاري المدني عن أبيه يحيى عن ( أبي سعيد ) سعد بن مالك سنان الخدري
قوله لا تخيروا أي لا تقولوا بعضهم خير من بعض فإن قلت سيدنا محمد أفضلهم لأنه قال أنا سيد ولد آدم قلت قال ذلك تواضعا أو يقال قال ذلك قبل علمه بأنه أفضل وقيل معناه لا تخيروا بحيث يلزم نقص على الآخر أو بحيث يؤدي إلى الخصومة
6917 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عمرو بن يحياى المازني ) عن أبيه عن ( أبي سعيد الخدري ) قال جاء رجل من اليهود إلى النبي قد لطم وجهه فقال يا محمد إن رجلا من أصحابك من الأنصار قد لطم في وجهي قال ادعوه فدعوه قال لم لطمت وجهه فقال قال يا رسول الله إني مررت باليهود فسمعته يقول والذي اصطفى موسى على البشر قال قلت وعلى محمد قال فأخذتني غضبة فلطمته قال لا تخيروني من بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جزي بصعقة الطور
هذا طريق آخر في حديث أبي سعيد بأتم من الطريق الأول الذي أورده مختصرا وقد ذكرنا المواضع التي مضى فيها
قوله جاء رجل قوله قد لطم على صيغة المجهول وهي جملة حالية قوله إن رجلا قوله لم لطمت وجهه ويروى ألطمت بهمزة الاستفهام قوله قال قلت وعلى محمد ويروى فقلت أعلى محمد بهمزة الاستفهام قوله لا تخيروني قد مر تفسيره الآن قوله يصعقون من صعق إذا غشي عليه من الفزع ونحوه قوله فإذا أنا كلمة إذا للمفاجأة قوله بآخذ اسم فاعل من أخذ قوله بقائمة هي كالعمود للعرش وفيه أن العرش جسم وأنه ليس بعلم كما قال سعيد بن جبير لأن القائمة لا تكون إلا جسما قوله فلا أدري أفاق قبلي قد مر في كتاب الخصومات لا أدري أفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله أي في قوله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون والتلفيق بينهما أن المستثنى قد يكون نفس موسى عليه السلام ولا أدري أي هذه الثلاثة الإفاقة أو الاستثناء أو المجازاة كان قوله جزي بضم الجيم وكسر الزاي هذه رواية الكشميهني وفي رواية غيره جوزي بالواو بعد الجيم قال بعضهم هو أولى قلت لم يقم دليل على الأولولية وقال الجوهري جزيته بما صنع وجازيته بمعنى فلا تفاوت بينهما
( كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم )
أي هذا كتاب في بيان استتابة المرتدين أي الجائرين عن القصد الباغين الذين يردون الحق مع العلم به كذا في رواية الفربري وسقط لفظ كتاب في رواية المستملي وفي رواية النسفي كتاب المرتدين ثم ذكر التسمية ثم قال باب استتابة المرتدين والمعاندين وإثم من أشرك الخ قوله والمعاندين كذا في رواية الأكثرين بالنون وفي رواية الجرجاني بالهاء بدل النون

(24/74)


1 -
( باب إثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة )
أي هذا باب في ذكر إثم من أشرك بالله الخ وفي رواية القابسي حذف لفظ باب وقوله إثم من أشرك بالله بعد قوله وقتالهم
قال الله تعالى وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم
ذكر الآية الأولى لأنه لا إثم أعظم من الشرك وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه فالمشرك أصل من وضع الشيء في غير موضعه لأنه جعل لمن أخرجه من العدم إلى الوجود مساويا فنسب النعمة إلى غير المنعم بها وأما الآية الثانية فإنه خوطب بها النبي ولكن المراد غيره والإحباط المذكور مقيد بالموت على الشرك لقوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصدعن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولائك حبطت أعمالهم في الدنيا والأخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ووقع في بعض النسخ ولئن أشركت ليحبطن عملك بالواو فيه لعطف هذه الآية على الآية التي قبلها تقديره وقال الله تعالى لئن أشركت
حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( جرير ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه قال لما نزلت هاذه الآيةالذين ءامنوا ولم بلبسوا إيمانهم بطلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون شق ذالك على أصحاب النبي وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم فقال رسول الله إنه ليس بذاك ألا تسمعون إلى قول لقمان وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يبني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم للعبيد
مطابقته للترجمة ظاهرة وجرير بفتح الجيم هو ابن عبد الحميد الرازي أصله من الكوفة والأعمش هو سليمان يروي عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود
والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب ظلم دون ظلم ومضى الكلام فيه
قوله إنه ليس بذاك ويروى بذلك أي بالظلم مطلقا بل المراد به ظلم عظيم يدل عليه التنوين وهو الشرك فإن قلت كيف يجتمع الإيمان والشرك قلت كما اجتمع في الذين قالوا هؤلاء الآلهة شفعاؤنا عند الله الكبير وآمنوا بالله وأشركوا به
6919 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( بشر بن المفضل ) حدثنا ( الجريري ) وحدثني ( قيس بن حفص ) حدثنا ( إسماعيل بن إبراهيم ) أخبرنا ( سعيد الجريري ) حدثنا ( عبد الرحمان بن أبي بكرة ) عن أبيه رضي الله عنه قال قال النبي أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزورر وشهادة الزور ثلاثا أو قول الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت
مطابقته للترجمة في قوله الإشراك بالله
والجريري بضم الجيم وفتح الراء مصغر الجر نسبة إلى جرير بن عباد بضم العين وتخفيف الباء الموحدة واسمه سعيد بن إياس البصري وإسماعيل بن إبراهيم هو إسماعيل بن علية وأبو بكرة نفيع بن الحارث الثقفي نزل البصرة ثم تحول إلى الكوفة
والحديث قد مضى في الشهادات وفي كتاب الأدب في عقوق الوالدين ومضى الكلام فيه
قوله أو قول الزور شك من الراوي قوله ليته سكت قيل تمنوا سكوته وكلامه لا يمل منه عليه الصلاة و السلام وأجيب بأنهم أرادوا استراحته وما ورد من قوله القتل من أكبر الكبائر وكذا الزنا ونحوه فوارد في كل مكان بمقتضى المقام وما يناسب حال الحاضرين لذلك المقام

(24/75)


6920 - حدثني ( محمد بن الحسين بن إبراهيم ) أخبرنا ( عبيد الله بن موسى ) أخبرنا ( شيبان ) عن ( فراس ) عن ( الشعبي ) عن ( عبد الله بن عمرو ) رضي الله عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي فقال يا رسول الله ما الكبائر قال الإشراك بالله قال ثم ماذا قال ثم عقوق الوالدين قال ثم ماذا قال اليمين الغموس قلت وما اليمين الغموس قال الذي يقتطع مال امرىء مسلم هو فيها كاذب
انظر الحديث 6675 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله الإشراك بالله
وعبيد الله هو ابن موسى العبسي الكوفي وهو أحد مشايخ البخاري روى عنه في الإيمان بلا واسطة وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي وفراس بكسر الفاء وتخفيف الراء وبالسين المهملة ابن يحيى المكتب والشعبي هو عامر بن شراحيل وعبد الله بن عمرو بن العاص
والحديث مضى في النذور عن محمد بن مقاتل وفي الديات عن ابن بشار عن غندر ومضى الكلام فيه
قوله الإشراك بالله قيل هو مفرد كيف طابق السؤال بلفظ الجمع وأجيب بأنه لما قال ثم ماذا علم أنه سائل عن أكثر من الواحد وقيل فيه مضاف مقدر تقديره ما أكبر الكبائر قيل قد تقدم في أول كتاب الديات قريبا أنه قال ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك وأجيب لعل حال ذلك السائل يقتضي تغليظ أمر القتل والزجر عنه وحال هذا تغليظ أمر العقوق قوله الغموس أي يغمس صاحبها في الإثم أو النار قوله يقتطع أي يأخذ قطعة من ماله لنفسه وهو على سبيل المثال وأما حقيقتها فهي اليمين الكاذبة التي يتعمدها صاحبها عالما أن الأمر بخلافه قوله قلت قال الكرماني إما لعبد الله وإما لبعض الرواة عنه
6921 - حدثنا ( خلاد بن يحيى ) حدثنا ( سفيان ) عن ( منصور والأعمش ) عن ( أبي وائل ) عن ( ابن مسعود ) رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر لأن منهم من قال المراد بالإساءة في الإسلام الارتداد من الدين فيدخل في قوله في إثم من أشرك بالله
وخلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي سكن مكة وسفيان الثوري ومنصور هو ابن المعتمر والأعمش سليمان وأبو وائل شقيق بن سلمة
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن عثمان عن جرير
قوله أؤاخذ الهمزة فيه للاستفهام ونؤاخذ على صيغة المجهول من المؤاخذة يقال فلان أخذ بذنبه أي حبس وجوزي عليه وعوقب به قوله من أحسن في الإسلام الإحسان في الإسلام الاستمرار على دينه وترك المعاصي قوله ومن أساء الإساءة في الإسلام الارتداد عن دينه قوله أخذ بالأول أي بما عمل في الكفر قوله والآخر أي بما عمل في الإسلام وقال الخطابي ظاهره خلاف ما أجمع عليه الأمة من أن الإسلام يجب ما قبله وقال تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد نضت سنت الأولين
وتأويله أن يعير بما كان منه في الكفر ويبكت به كأنه يقال له أليس قد فعلت كذا وكذا وأنت كافر فهلا منعك إسلامك من معاودة مثله إذا أسلمت ثم يعاقب على المعصية التي اكتسبها أي في الإسلام وقال الكرماني يحتمل أن يكون معنى أساء في الإسلام ألا يكون صحيح الإسلام أو لا يكون إيمانه خالصا بأن يكون منافقا ونحوه
2 -
( باب حكم المرتد والمرتدة )
أي هذا باب في بيان حكم الرجل المرتد وحكم المرأة المرتدة هل حكمهما سواء أم لا

(24/76)


وقال ابن عمر والزهري وإبراهيم تقتل المرتدة
أي قال عبد الله بن عمر ومحمد بن مسلم الزهري وإبراهيم النخعي تقتل المرأة المرتدة فعلى هذا لا فرق بين المرتد والمرتدة بل حكمهما سواء وأثر ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عمن سمع ابن عمر وقال صاحب التلويح ينظر في جزم البخاري به على قول من قال المجزوم صحيح وأثر الزهري وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في المرأة تكفر بعد إسلامها قال تستتاب فإن تابت وإلا قتلت وأثر إبراهيم أخرجه عبد الرزاق أيضا عن معمر عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم مثله واختلف النقلة عن إبراهيم فإن قلت أخرج ابن أبي شيبة عن حفص عن عبيدة عن إبراهيم لا تقتل قلت عبيدة ضعيف فالأول أولى وروى أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه عن عاصم عن أبي ذر عن ابن عباس لا تقتل النساء إذا هن ارتددن
واستتابتهم
كذا ذكره بعد ذكر الآثار المذكورة وفي رواية أبي ذر ذكره قبلها وفي رواية القابسي واستتابتهما بالتثنية على الأصل لأن المذكور اثنان المرتد والمرتدة وأما وجه الذكر بالجمع فقال بعضهم جمع على إرادة الجنس قلت هذا ليس بشيء بل هو على من يرى إطلاق الجمع على التثنية كما في قوله تعالى إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجيريل وصالح المؤمنين والملاكة بعد ذلك طهير والمراد قلباكما
وقال الله تعالى إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولائك هم الضآلون إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به أولائك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شىء فإن الله به عليم كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولائك هم الظالمون قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين
آل عمران86 - 90
هذه خمس آيات متواليات من سورة آل عمران في رواية أبي ذر قال الله تعالى
إلى آخرها وفي رواية القابسي بعد قوله حق إلى قولهإن تقبل توبته وؤولئك هم الظالمون وساق في رواية كريمة والأصيلي ما حذف من الآية لأبي ذر وقال ابن جرير بإسناده إلى عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد وأخفى الشرك ثم ندم فأرسل إلى قومه أرسلوا إلى رسول الله هل لي من توبة قال فنزلت إلى قوله غفور رحيم فأرسل إليه قومه فأسلم وهكذا رواه النسائي وابن حبان والحاكم من طريق داود بن أبي هند به وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه قوله وجاءهم البينات أي قامت عليهم الحجج والبراهين على ما جاءهم به الرسول ووضح لهم الأمر ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك فكيف يستحق هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به من العماية ولهذا قال والله لا يهدي القوم الظالمين قولهخالدين فيها أي في اللعنة قولهإلا الذين تابوا الآية هذا من لطفه ورحمته ورأفته على خلقه أنه من تاب إليه تاب عليه قوله إن الذين كفرواالآية توعد من الله وتهدد لمن كفر بعد إيمانه قوله ثم ازدادوا كفروا يعني استمروا عليه إلى الممات لا تقبل لهم توبة عند مماتهم قولهوأولئك هم الظالمون الخارجون عن منهج الحق إلى طريق الغي
وقاليااأيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين هذه الآية في سورة آل عمران أيضا يحذر الله تعالى عباده المؤمنين عن أن يطيعوا فريقا أي طائفة من الذين أوتوا

(24/77)


الكتاب الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله وما منحهم به من إرسال رسوله وقال عكرمة هذه الآية نزلت في شماس بن قيس اليهودي دس على الأنصار من ذكرهم بالحروب التي كانت بينهم فكادوا يقتتلون فأتاهم النبي فذكرهم فعرفوا أنها من الشيطان فتعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا سامعين مطيعين فنزلت وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس موصولا
وقال الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرالم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا
هذه الآية الكريمة في سورة النساء وسيقت هذه الآية كلها في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر هكذا إن الذين آمنوا ثم كفروا إلى سبيلا وفي رواية النسفي ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا الآية أخبر الله تعالى عمن دخل في الإيمان ثم رجع واستمر على ضلالته وازداد حتى مات بأنه لا يغفر الله له ولا يجعل له مما هو فيه فرجا ولا مخرجا ولا طريقا إلى الهدى ولهذا قال لم يكن الله ليغفر لهم وروى ابن أبي حاتم من طريق جابر المعلى عن عامر الشعبي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال يستتاب المرتد ثلاثا ثم تلى هذه الآيةإن الذين آمنوا الآية
وقالياأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه لمن يشاء والله واسع عليم
هذه الآية الكريمة في المائدة ساقها بتمامها في رواية كريمة وأولها يا أيها الذين آمنوا من يرتد الآية ووقع في رواية أبي ذر من يرتدد بفك الإدغام وهي قراءة ابن عامر ونافع ويقال إن الإدغام لغة تميم والإظهار لغة الحجاز وقال محمد بن كعب القرظي نزلت في الولاة من قريش وقال الحسن البصري نزلت في أهل الردة أيام أبي بكر الصديق قولهبقوم يحبهم ويحبونه قال الحسن هو والله أبو بكر وأصحابه رواه ابن أبي حاتم وقال أبو بكر بن أبي شيبة سمعت أبا بكر بن عياش يقول هم أهل القادسية وعن مجاهد هم قوم من سبأ وقال ابن أبي حاتم بإسناده إلى ابن عباس قال ناس من أهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون قوله أذلة جمع ذليل وضمن الذل معنى الحنو والعطف فلذلك قيل أذلة على المؤمنين كأنه قيل عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع وقرىء أذلة وأعزة بالنصب على الحال
وقال من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم
هذه الآيات كلها في سورة النحل متوالية سيقت كلها في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر من شرح بالكفر إلى قوله ولكن من شرح بالكفر صدرا أي طاب به نفسا فاعتقده قوله ذلك إشارة إلى الوعيد وأن العضب والعذاب يلحقانهم بسبب استحبابهم الدنيا على الآخرة قوله وأولئك هم الغافلون الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم قوله لا جرم بمعنى حقا وجرم فعل عند البصريين واسم عند الكوفيين بمعنى حقا وتدخل اللام في جوابه نحو لا جرم لآتينك وقال تعالى ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون فعلى قول البصريين لا رد لقول الكفار وجرم معناه عندهم كسب أي كسب كفرهم النار لهم

(24/78)


يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذينمن قبلكم لعلكم تتقون
هذه الآية الكريمة في سورة البقرة سبق كلها هكذا في رواية كريمة وفي رواية أبي ذرولا يزالزن يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا إلى قولهوأولئك هم أصحاب النار هم فيها خالدون قوله حتى يردوكم يعني مشركي مكة قوله يعني حتى يصرفوكم قوله مجزوم لأنه معطوف على ما قبله ولو كان جوابا لكان منصوبا قوله أي بطلت أعمالهم أي حسناتهم وفي هذه الآية تقييد مطلق ما في قوله الآية أي شرط حبط الأعمال عند الارتداد أن يموت وهو كافر
6922 - حدثنا ( أبو النعمان محمد بن الفضل ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( عكرمة ) قال أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذالك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله من بدل دينه فاقتلوه
انظر الحديث 3017
مطابقته للترجمة في قوله من بدل دينه فاقتلوه والذي يبدل دينه هو المرتد
وأيوب هو السختياني وعكرمة مولى عبد الله بن عباس
والحديث مضى في الجهاد عن علي بن عبد الله ومر الكلام فيه
قوله أتي على صيغة المجهول قوله بزنادقة جمع زنديق بكسر الزاي فارسي معرب وقال سيبويه الهاء في زنادقة بدل من ياء زنديق وقد تزندق والاسم الزندقة واختلف في تفسيره فقيل هو المبطن للكفر المظهر للإسلام كالمنافق وقيل قوم من الثنوية القائلين بالخالقين وقيل من لا دين له وقيل هو من تبع كتاب زردشت المسمى بالزند وقيل هم طائفة من الروافض تدعى السبائية ادعوا أن عليا رضي الله تعالى عنه إلاه وكان رئيسهم عبد الله بن سبأ بفتح السين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وكان أصله يهوديا قوله فأحرقهم قد مضى في كتاب الجهاد في باب لا يعذب بعذاب الله من طريق سفيان بن عيينة عن أيوب بهذا السند أن عليا رضي الله عنه حرق قوما وروى الحميدي عن سفيان بلفظ حرق المرتدين وروى ابن أبي شيبة كان أناس يعبدون الأصنام في السر وروى الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن غفلة أن عليا رضي الله تعالى عنه بلغه أن قوما ارتدوا عن الإسلام فبعث إليهم فأطعمهم ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا فحفروا حفيرة ثم أتى بهم فضرب أعناقهم ورماهم فيها ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم ثم قال صدق الله ورسوله وروى الإسماعيلي حديث عكرمة ولفظه أن عليا أتي بقوم قد ارتدوا عن الإسلام أو قال بزنادقة ومعهم كتب لهم فأمر بنار فانضجت ورماهم فيها وروي عن قتادة أن عليا أتي بناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم فقال ابن عباس الحديث قوله فبلغ ذلك ابن عباس أي بلغ ما فعله علي من الإحراق بالنار وكان ابن عباس حينئذ أميرا على البصرة من قبل علي رضي الله تعالى عنه قوله لنهي رسول الله لا تعذبوا بعذاب الله أي لنهيه عن القتل بالنار بقوله لا تعذبوا وهذا يحتمل أن يكون ابن عباس قد سمعه من النبي ويحتمل أن يكون قد سمعه من بعض الصحابة واختلف في الزنديق هل يستتاب فقال مالك والليث وأحمد وإسحاق يقتل ولا تقبل توبته وقول أبو حنيفة وأبي يوسف مختلف فيه فمرة قالا بالاستتابة ومرة قالا لا قلت روي عن أبي حنيفة أنه قال إن أتيت بزنديق أستتيبه فإن تاب وإلا قتلته وقال الشافعي يستتاب كالمرتد وهو قول عبد الله بن الحسن وذكر ابن المنذر عن علي رضي الله تعالى عنه مثله وقيل لمالك لم تقتله ورسول الله لم يقتل المنافقين وقد عرفهم

(24/79)


فقال لأن توبته لا تعرف وقال ابن الطلاع في أحكامه لم يقع في شيء من المصنفات المشهورة أنه قتل مرتدا ولا زنديقا وقتل الصديق امرأة يقال لها أم قرفة ارتدت بعد إسلامها
حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن قرة بن خالد قال حدثني حميد بن هلال حدثنا أبو بردة عن أبي موسى قال أقبلت إلى النبي ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله يستاك فكلاهما سأل فقال يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قال قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت فقال لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن ثم اتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال انزل وإذا رجل عنده موثق قال ما هاذا قال كان يهوديا فأسلم ثم تهود قال اجلس قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات فأمر به فقتل ثم تذاكرا قيام الليل فقال أحدهما أما أنا فأقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي
مطابقته للترجمة في قوله فأمر به فقتل
و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان وقرة بضم القاف وتشديد الراء ابن خالد السدوسي و ( أبو بردة ) بضم الباء الموحدة اسمه عامر وقيل الحارث واسم ( أبي موسى ) عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث مضى مختصرا ومطولا في الإجارة وسيجيء في الأحكام ومضى الكلام فيه
قوله ومعي رجلان لم يدر اسمهما وفي مسلم رجلان من بني عمي وكلاهما أي كلا الرجلين المذكورين سأل كذا بحذف المسؤول وبينه أحمد في روايته سأل العمل يعني الولاية قوله أو يا عبد الله بن قيس شك من الراوي بأيهما خاطبه قوله قلصت أي انزوت ويقال قاص أي ارتفع قوله فقال لن أو لا شك من الراوي أي لن نستعمل على عملنا من أراده أو لا نستعمل من أراده أي من أراد العمل وفي رواية أبي العميس من سألنا بفتح اللام قوله أو يا عبد الله شك من الراوي قوله ثم اتبعه بسكون التاء المثناة من فوق قوله معاذ بن جبل بالنصب أي ثم اتبع رسول الله أبا موسى معاذ بن جبل أي بعثه بعده ويروى ثم أتبعه بتشديد التاء فعلى هذا يكون معاذ مرفوعا على الفاعلية وتقدم في المغازي بلفظ بعث النبي أبا موسى ومعاذا إلى اليمن فقال يسرا ولا تعسرا ويحمل على أنه أضاف معاذا إلى أبي موسى بعد سبق ولايته لكن قبل توجهه وصاه قوله فلما قدم عليه مضى في المغازي أن كلا منهما كان على عمل مستقل وأن كلا منهما إذا سار في أرضه فقرب من صاحبه أحدث به عهدا وفي رواية أخرى هناك فجعلا يتزاوران فزار معاذ أبا موسى قوله ألقى له وسادة بكسر الواو وهي المخدة وقال بعضهم ومعنى ألقى وسادة فرشها له قلت هذا غير صحيح والوسادة لا تفرش وإنما المعنى وضع الوسادة تحته ليجلس عليها وكانت عادتهم وضع الوسادة تحت من أرادوا إكرامه مبالغة فيه قوله انزل أي فاجلس على الوسادة قوله فإذا رجل كلمة إذا للمفاجأة قوله موثق أي مربوط بقيد وفي رواية الطبراني فإذا عنده رجل موثق بالحديد فقال يا أخي أبعثت تعذب الناس إنما بعثنا نعلمهم دينهم ونأمرهم بما ينفعهم فقال إنه أسلم ثم كفر فقال والذي بعث محمدا بالحق لا أبرح حتى أحرقه بالنار قوله قضاء الله بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هذا قضاء الله أي حكم الله وقال بعضهم ويجوز النصب ولم يبين وجهه قوله ثلاث مرات أي كررا هذا الكلام ثلاث مرات وفي رواية أبي داود أنهما كررا القول فأبو موسى يقول

(24/80)


اجلس ومعاذ يقول لا أجلس فعلى هذا قوله ثلاث مرات من كلام الراوي لا تتمة كلام معاذ قوله فأمر به فقتل وفي رواية أيوب فقال والله لا أقعد حتى تضرب عنقه فضرب عنقه وفي رواية الطبراني التي مضت الآن فأتى بحطب فألهب فيه النار فكتفه وطرحه فيها ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه ضرب عنقه ثم ألقاه في النار ويؤخذ منه أن معاذا وأبا موسى كانا يريان جواز التعذيب بالنار وإحراق المرتد بالنار ومبالغة في إهانته وترهيبا من الاقتداء به وقد مر أن عليا رضي الله تعالى عنه أحرق الزنادقة بالنار وقال الداودي إحراق علي رضي الله تعالى عنه الزنادقة ليس بخطأ لأنه قال لقوم إن لقيتم فلانا وفلانا فأحرقوهم بالنار ثم قال إن لقيتموهما فاقتلوهما فإنه لا ينبغي أن يعذب بعذاب الله ولم يكن يقول في الغضب والرضا إلا حقا قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى قوله فأرجو في نومتي بالنون أي نومي ما أرجو في قومتي بالقاف أي في قيامي بالليل وفي رواية سعيد وأحتسب في نومتي ما أحتسب في قومتي كما مر في المغازي وحاصله أن يرجو الأجر في ترويح نفسه بالنوم ليكون أنشط له في القيام
3 -
( باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة )
أي هذا باب في بيان جواز قتل من أبى أي امتنع من قبول الفرائض أي الأحكام الواجبة قوله وما نسبوا إلى الردة قال الكرماني ما نافية وقيل مصدرية أي ونسبتهم إلى الردة قلت الأظهر أنها موصولة والتقدير وقتل الذين نسبوا إلى الردة والله أعلم
وهذا مختلف فيه
فمن أبى أداء الزكاة وهو مقر بوجوبها فإن كان بين ظهرانينا ولم يطلب حربا ولا امتنع بالسيف فإنها تؤخذ منه قهرا وتدفع للمساكين ولا يقتل وإنما قاتل الصديق رضي الله تعالى عنه مانعي الزكاة لأنهم امتنعوا بالسيف ونصبوا الحرب للأمة وأجمع العلماء على أن من نصب الحرب في منع فريضة أو منع حقا يجب عليه لآدمي وجب قتاله فإن أبى القتل على نفسه فدمه هدر
وأما الصلاة فمذهب الجماعة أن من تركها جاحدا فهو مرتد فيستتاب فإن تاب وإلا قتل وكذلك جحد سائر الفرائض واختلفوا فيمن تركها تكاسلا وقال لست أفعلها فمذهب الشافعي إذا ترك صلاة واحدة حتى أخرجها عن وقتها أي وقت الضرورة فإنه يقتل بعد الاستتابة إذا أصر على الترك والصحيح عنده أنه يقتل حدا لا كفرا ومذهب مالك أنه يقال له صل ما دام الوقت باقيا فإن صلى ترك وإن امتنع حتى خرج الوقت قتل ثم اختلفوا فقال بعضهم يستتاب فإن تاب وإلا قتل وقال بعضهم يقتل لأن هذا حد الله عز و جل يقام عليه لا تسقطه التوبة بفعل الصلاة وهو بذلك فاسق كالزاني والقاتل لا كافر وقال أحمد تارك الصلاة مرتد كافر وماله فيء ويدفن في مقابر المسلمين وسواء ترك الصلاة جاحدا أو تكاسلا وقال أبو حنيفة والثوري والمزني لا يقتل بوجه ولا يخلى بينه وبين الله تعالى قلت المشهور من مذهب أبي حنيفة أنه يعزر حتى يصلي وقال بعض أصحابنا يضرب حتى يخرج الدم من جلده
6924 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن ( أبا هريرة ) قال لما توفي النبي واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله فمن قال لا إلاه إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال

(24/81)


فعرفت أنه الحق
مطابقته للترجمة ظاهرة وعقيل بضم العين ابن خالد
والحديث مضى في الزكاة عن أبي اليمان عن شعيب وسيجيء في الاعتصام عن قتيبة عن الليث ومضى الكلام فيه
قوله حتى يقولوا لا إلاه إلا الله وفي رواية مسلم من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم دمه وماله قوله من فرق بتشديد الراء وتخفيفها والمراد بالفرق من أقر بالصلاة وأنكر الزكاة جاحدا أو مانعا مع الاعتراف قوله فإن الزكاة حق المال يشير إلى دليل منع التفرقة التي ذكرها أن حق النفس الصلاة وحق المال الزكاة فمن صلى عصم نفسه ومن زكى عصم ماله فإن لم يصل قوتل على ترك الصلاة ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهرا وإن نصب الحرب لذلك قوتل قوله عناقا بفتح العين وتخفيف النون الأنثى من ولد المعز ووقع في رواية قتيبة عن الليث عند مسلم عقالا وفي رواية عبد الله بن صالح عن الليث عناقا أصح ويؤيده ما في رواية ذكرها أبو عبيد لو منعوني جديا أذوط صغير الفك والذقن قوله فعرفت أي بالدليل الذي أقامه الصديق وغيره إذ لا يجوز للمجتهد أن يقلد المجتهد
4 -
( باب إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي ولم يصرح نحو قوله السام عليك )
أي هذا باب فيما عرض بتشديد الراء من التعريض وهو خلاف التصريح وهو نوع من الكناية قوله وغيره أي وغير الذمي نحو المعاهد ومن يظهر الإسلام قوله بسب النبي أي بتنقيصه ولكن لم يصرح بل بالتعريض نحو قوله السام بفتح السين المهملة وتخفيف الميم وهو الموت قوله عليك هكذا بالإفراد في رواية الكشميهني وفي رواية غيره عليكم فقيل ليس فيه تعريض السب وأجيب بأنه لم يرد به التعريض المصطلح عليه وهو أن يستعمل لفظا في حقيقته يلوح به إلى معنى آخر يقصده والظاهر أن البخاري اختار في هذا مذهب الكوفيين فإن عندهم أن من سب النبي أو عابه فإن كان ذميا عزر ولا يقتل وهو قول الثوري وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه إن كان مسلما صار مرتدا بذلك وإن كان ذميا لا ينتقض عهده وقال الطحاوي وقول اليهودي لرسول الله السام عليك لو كان مثل هذا الدعاء من مسلم لصار به مرتدا يقتل ولم يقتل الشارع القائل به من اليهود لأن ما هم عليه من الشرك أعظم من سبه فإن قلت من أين يعلم أن البخاري اختار في هذا مذهب الكوفيين ولم يصرح بالجواب في الترجمة قلت عدم تصريحه يدل على ذلك إذ لو اختار غيره لصرح به ويؤيده أن حديث الباب لا يدل على قتل من يسبه من أهل الذمة فإنه لم يقتله فإن قلت إنما لم يقتله لمصلحة التأليف أو لعدم قيام البينة بالتصريح قلت لم يقتلهم بما هو أعظم منه وهو الشرك كما ذكرناه على أن قوله السام عليك الدعاء بالموت والموت لا بد منه فإن قلت قتل النبي كعب بن الأشرف فإنه قال من لكعب بن الأشرف فإنه يؤذي الله ورسوله ووجه إليه من قتله غيلة وقتل أبا رافع قال البزار كان يؤذي رسول الله ويعين عليه وفي حديث آخر أن رجلا كان يسبه فقال من يكفيني عدوي فقال خالد أنا فبعثه إليه فقتله قال ابن حزم وهو حديث صحيح مسند رواه عن النبي رجل من بلقين وقال ابن المديني وهو اسمه وبه يعرف وذكر عبد الرزاق أنه سبه رجل فقال من يكفيني عدوي فقال الزبير أنا فقتله قلت الجواب في هذا كله أنه لم يقتلهم بمجرد سبهم وإنما كانوا عونا عليه ويجمعون من يحاربونه ويؤيده ما رواه البزار عن ابن عباس أن عقبة بن أبي معيط نادى يا معاشر قريش ما لي أقتل من بينكم صبرا فقال له بكفرك وافترائك على رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على أن هؤلاء كلهم لم يكونوا من أهل الذمة بل كانوا مشركين يحاربون الله ورسوله

(24/82)


6926 - حدثنا ( محمد بن مقاتل أبو الحسن ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( هشام بن زيد بن أنس بن مالك ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) يقول مر يهودي برسول الله فقال السام عليك فقال رسول الله وعليك فقال رسول الله أتدرون ما يقول قال السام عليك قالوا يا رسول الله ألا تقتله قال لا إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم
انظر الحديث 6258
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله هو ابن المبارك المروزي وهشام بن زيد يروي عن جده أنس بن مالك
والحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة عن زيد بن حزم
قوله السام عليك هكذا عليك بالإفراد ولم يختلف أحد أن لفظ عليك بالإفراد في حديث أنس وكذا في رواية الكشميهني في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وهذا الحديث الذي يليه وفي رواية غيره عليكم وكذا الخلاف في حديث ابن عمر الذي بعده قوله ألا نقتله كلمة ألا للتحضيض قوله قال لا أي قال رسول الله لا تقتلوه
وفيه حجة ظاهرة للكوفيين منهم أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه فإن قلت الواو في وعليك تقتضي التشريك قلت معناه وعليك ما تستحق من اللعنة والعذاب أو ثمة مقدر أي وأنا أقول وعليك أو الموت مشترك أي نحن وأنتم كلنا نموت قاله الكرماني
6927 - حدثنا ( أبو نعيم ) عن ( ابن عيينة ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت استأذن رهط من اليهود على النبي فقالوا السام عليك فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله قلت أو لم تسمع ما قالوا قال قلت وعليكم
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين يروي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن هشام عن عائشة
والحديث مضى في الأدب في باب الرفق في الأمر كله ومضى الكلام فيه وأخرجه مسلم في الاستئذان عن عمر والناقد وزهير بن حرب وأخرجه الترمذي فيه والنسائي في التفسير وفي اليوم والليلة جميعا عن سعيد بن عبد الرحمن عن سفيان
قوله رهط قد ذكرنا غير مرة أن الرهط من الرجال ما دون العشرة ولا تكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه وجمعه أرهط وأرهاط وأراهط جمع الجمع
6928 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى بن سعيد عن سفيان ومالك بن أنس قالا حدثنا عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله إن اليهود إذا سلموا على أحدكم إنما يقولون سام عليك فقل عليك
انظر الحديث 6257
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن سعيد ) القطان وسفيان بن عيينة
والحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة عن قتيبة بن سعيد والحارث بن مسكين
قوله سام عليك ويروى السام عليكم قوله فقل عليك ويروى عليكم قال الكرماني قوله فقل المقام يقتضي أن يقال فليقل أمرا غالبا وأجاب بأن قوله أحدكم فيه معنى الخطاب لكل أحد
5 -
( باب
(
أي هذا باب ذكر بغير ترجمة على عادته في مثل هذا فهو كالفصل لما قبله من الباب ولفظ باب محذوف عند ابن بطال وألحق حديث ابن مسعود في الباب الذي قبله

(24/83)


5 -
( باب
(
أي هذا باب ذكر بغير ترجمة على عادته في مثل هذا فهو كالفصل لما قبله من الباب ولفظ باب محذوف عند ابن بطال وألحق حديث ابن مسعود في الباب الذي قبله
6929 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) قال حدثني ( شقيق ) قال قال ( عبد الله ) كأني أنظر إلى النبي يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
انظر الحديث 3477
وجه ذكر هذا الحديث هنا من حيث إنه ملحق بالباب المترجم الذي فيه ترك النبي قتل ذاك القائل بقوله السام عليك وكان هذا من رفقه وصبره على أذى الكفار والأنبياء عليهم السلام كانوا مأمورين بالصبر قال الله تعالى فاصب كما صبر أهل العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون وفي هذا الحديث بيان صبر نبي من الأنبياء الذين أنفع غيره منهم وأخرجه عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة أبي وائل وكلهم كوفيون
والحديث مضى في بني إسرائيل بهذا السند وأخرجه مسلم وابن ماجه كلاهما عن محمد بن نمير فمسلم في المغازي وابن ماجه في الفتن
قوله قال عبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قوله يحكي نبيا النبي هو الحاكي والمحكي عنه ويحتمل أن يكون هذا النبي هو نوح عليه السلام لأن قومه كانوا يضربونه حتى يغمى عليه ثم يفيق فيقول اهد قومي فإنهم لا يعلمون أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة نوح عليه السلام من حديث الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير به قوله أدموه بفتح الميم أي جرحوه بحيث جرى عليه الدم
( باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم )
أي هذا باب في بيان قتل الخوارج الخ وهو جمع خارجة أي طائفة خرجوا عن الدين وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لأنهم خرجوا على خيار المسلمين وقال الشهرستاني في الملل والنحل كل من خرج على الإمام الحق فهو خارجي سواء في زمن الصحابة أو بعدهم وقال الفقهاء الخوارج غير الباغية وهم الذين خالفوا الإمام بتأويل باطل ظنا والخوارج خالفوا لا بتأويل أو بتأويل باطل قطعا وقيل هم طائفة من المبتدعة لهم مقالات خاصة مثل تكفير العبد بالكبيرة وجواز كون الإمام من غير قريش سموا به لخروجهم على الناس بمقالاتهم قوله والملحدين أي وقتل الملحدين وهو جمع ملحد وهو العادل عن الحق المائل إلى الباطل قوله بعد إقامة الحجة عليهم يشير البخاري بذلك إلى أنه لا يجب قتال خارجي ولا غيره إلا بعد الاعذار عليه ودعوته إلى الحق وتبيين ما التبس عليه فإن أبى عن الرجوع إلى الحق وجب قتاله بدليل الآية التي ذكرها
وقول الله تعالىوما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم مايتقون إن الله بكل شيء عليم
أشار بهذه الآية الكريمة إلى أن قتال الخوارج والملحدين لا يجب إلا بعد إقامة الحجة عليهم وإظهار بطلان دلائلهم والدليل عليه هذه الآية لأنها تدل على أن الله لا يؤاخذ عباده حتى يبين لهم ما يأتون وما يذرون وهكذا فسرها الضحاك وقال مقاتل والكلبي لما أنزل الله تعالى الفرائض فعمل بها الناس جاء ما نسخها من القرآن وقد مات ناس وهم كانوا يعملون الأمر الأول من القبلة والخمر وأشباه ذلك فسألوا عنه رسول الله فأنزل الله تعالىوما كان الله ليضل قوما يعني وما كان الله ليبطل عمل قوم عملوا بالمنسوخ حتى يبين لهم الناسخ وقال الثعلبي أي ما كان الله ليحكم عليكم بالضلال بعد استغفاركم للمشركين قبل أن يقدم إليكم بالنهي أي ما كان الله ليوقع الضلالة في قلوبكم بعد الهدى حتى يبين لهم ما يتقون أي ما يخافون ويتركون وقال الزمخشري المراد مما يتقون ما يجب اتقاؤه للنهي
وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين
مطابقة هذا الأثر للترجمة ظاهرة ووصله الطبري في تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سأل

(24/84)


نافعا كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية قال كان يراهم شرار خلق الله انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين انتهى قلت الحرورية هم الخوارج وإنما سموا حرورية لأنهم نزلوا في موضع يسمى حروراء بالمد والقصر وهو موضع قريب من الكوفة وكان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها وقال ابن الأثير الحرورية طائفة من الخوارج وهم الذين قاتلهم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف وكان كبيرهم عبد الله بن الكواء بفتح الكاف وتشديد الواو وبالمد اليشكري وعدة الخوارج عشرون فرقة
وقال ابن حزم وأسوؤهم حالا الغلاة وهم الذين ينكرون الصلوات الخمس ويقولون الواجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ومنهم من يجوز نكاح بنت الابن وبنت ابن الأخ والأخت ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن وأن من قال لا إلاه إلا الله فهو مؤمن عند الله ولو اعتقد الكفر بقلبه وأقربهم إلى قول أهل الحق الإباضية وقد بقيت منهم بقية بالغرب وقال الجوهري الإباضية فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن إباض التيمي وهو بكسر الهمزة وتخفيف الباء الموحدة وبالضاد المعجمة وهو في الأصل الحبل الذي يشد به رسغ البعير إلى عضده حتى ترتفع يده عن الأرض
قوله شرار خلق الله قال الكرماني أي شرار المسلمين لأن الكفار لا يؤولون كتاب الله قوله فجعلوها أي أولوها وصيروها وكان ابن عمر يكره القدرية أيضا ويراهم من الشرار وفي التوضيح عن كتاب الإسفرايني كان عبد الله بن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر وأنس بن مالك وأبو هريرة وعقبة بن عامر وأقرانهم رضي الله تعالى عنهم يوضون إلى أخلافهم بأن لا يسلموا على القدرية ولا يعودوهم ولا يصلوا خلفهم ولا يصلوا عليهم إذا ماتوا
6930 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( خيثمة ) حدثنا ( سويد بن غفلة ) قال علي رضي الله عنه إذا حدثتكم عن رسول الله حديثا فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة وإني سمعت رسول الله يقول سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة
انظر الحديث 3611 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن القوم المذكورين فيه هم الخوارج والملحدون
أخرجه عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث بكسر الغين المعجمة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالثاء المثلثة عن سليمان الأعمش عن خيثمة بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة الجعفي لأبيه وجده صحبة عن سويد بضم السين المهملة بن غفلة بفتح الغين المعجمة والفاء واللام الجعفي من كبار التابعين ومن المخضرمين عاش مائة وثلاثين سنة وقيل إن له صحبة
والحديث قد مضى في علامات النبوة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن كثير عن سفيان الأعمش إلى آخره وكذا مضى بهذا السند في فضائل القرآن ومضى الكلام فيه
قوله حدثنا عمر بن حفص ويروى حدثني بالإفراد قوله حدثنا خيثمة قال الإسماعيلي خالف عيسى بن يونس فقال عن الأعمش حدثني عمرو بن مرة عن خيثمة به وهذا يبين أن فيه انقطاعا قلت قد صرح الأعمش بالتحديث عن خيثمة فلعله سمعه من خيثمة مرة ومرة من عمرو بن مرة قوله قال علي هو ابن أبي طالب وفيه لفظ قال آخر مقدر تقديره قال قال علي أي قال سويد بن غفلة قال علي وقد مضى في آخر فضائل القرآن من رواية الثوري عن الأعمش بهذا السند قال

(24/85)


قال علي وعند النسائي من هذا الوجه عن علي رضي الله تعالى عنه وقال الدارقطني لم يصح لسويد بن غفلة عن علي مرفوع إلا هذا وقيل ماله في الكتب الستة غيره
قوله لأن أخر أي أسقط قوله خدعة بتثليث الخاء المعجمة والمعنى إذا حدثتكم عن النبي لا أكني ولا أعرض ولا أواري وإذا حدثتكم عن غيره أفعل هذه الأشياء لأخدع بذلك من يحاربني فإن الحرب ينقضي أمره بخدعة واحدة قوله سيخرج قوم في آخر الزمان وفي رواية النسائي من حديث أبي برزة يخرج في آخر الزمان قوم قيل هذا يخالف حديث أبي سعيد المذكور في الباب بعده لأن مقتضاه أنهم خرجوا في خلافة علي رضي الله تعالى عنه ولذا أكثرت الأحاديث الواردة في أمرهم وأجاب ابن التين بأن المراد زمان الصحابة واعترض عليه بعضهم بقوله لأن آخر زمان الصحابة كان على رأس المائة وهم قد خرجوا قبل ذلك بأكثر من ستين سنة ثم أجاب بقوله ويمكن الجمع بأن المراد من آخر الزمان آخر زمان خلافة النبوة فإن في حديث سفينة المخرج في السنن وصحيح ابن حبان وغيره مرفوعا الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا وكانت قصة الخوارج وقتلهم بالنهروان في أواخر خلافة علي سنة ثمان وثلاثين بعد النبي بدون الثلاثين بنحو سنتين انتهى قلت يسقط السؤال من الأول إن قلنا بتعدد خروج الخوارج وقد وقع خروجهم مرارا قوله حداث الأسنان بضم الحاء وتشديد الدال هكذا في رواية المستملي والسرخسي وفي أكثر الروايات أحداث الأسنان جمع حدث بفتحتين وهو صغير السن وقال ابن الأثير حداثة السن كناية عن الشباب وأول العمر وقال ابن التين حداث بالضم جمع حديث مثل كرام جمع كريم وكبار جمع كبير والحديث الجديد من كل شيء ويطلق على الصغير بهذا الاعتبار والمراد بالأسنان العمر يعني أنهم شباب قوله سفهاء الأحلام يعني عقولهم رديئة والأحلام جمع حلم بكسر الحاء وكأنه من الحلم بمعنى الأناءة والتثبت في الأمور وذلك من شعار العقلاء وأما بالضم فعبارة عما يراه النائم قوله يقولون من خير قول البرية قيل هذا مقلوب والمراد من قول خير البرية هو القرآن وقال الكرماني من خير قول البرية أي خير أقوال الناس أو خير من قول البرية وهو القرآن فعلى هذا ليس بمقلوب قوله لا يجاوز إيمانهم حناجرهم وفي رواية الكشميهني لا يجوز والحناجر بالحاء المهملة في أوله جمع حنجرة وهي الحلقوم والبلعوم وكله يطلق على مجرى النفس مما يلي الفم وفي رواية مسلم من رواية زيد بن وهب عن علي لا تجاوز صلاتهم تراقيهم فكأنه أطلق الإيمان على الصلاة وفي حديث أبي ذر لا يجاوز إيمانهم حلاقيمهم والمراد أنهم يؤمنون بالنطق لا بالقلب قوله يمرقون من الدين من المروق وهو الخروج يقال مرق من الدين مروقا خرج منه ببدعته وضلالته ومرق السهم من الغرض إذا أصابه ثم نفذه ومنه قيل للمرق مرق لخروجه من اللحم وفي رواية سويد بن غفلة عند النسائي والطبري يمرقون من الإسلام وفي رواية للنسائي يمرقون من الحق قوله من الرمية بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء آخر الحروف وهو الشيء يرمى ويطلق على الطريدة من الوحش إذا رماها الرامي وقال الكرماني الرمية فعيلة من الرمي بمعنى المرمية أي الصيد مثلا فإن قلت الفعيل بمعنى المفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث فلم أدخل التاء فيه قلت هذا النقل الوصفية إلى الإسمية وقيل ذلك الاستواء إذا كان الموصوف مذكورا معه وقيل ذلك الدخول غالبا للذي لم يقع بعد يقال خذ ذبيحتك للشاة التي لم تذبح وإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح
6931 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( عبد الوهاب ) قال سمعت يحياى بن سعيد قال أخبرني محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري فسألاه عن الحرورية أسمعت النبي قال لا أدري ما الحرورية سمعت النبي يقول يخرج في هاذه الأمة ولم يقل منها قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرأون القرآن

(24/86)


لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه فيتماراى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن الحرورية هم الخوارج وقد مر عن قريب
وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي و ( يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري و ( محمد بن إبراهيم ) هو التيمي وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمان بن عوف وعطاء بن يسار ضد اليمين
وفي السند ثلاثة من التابعين على نسق واسم أبي سعيد الخدري سعد بن مالك
والحديث مر في مواضع كثيرة في علامات النبوة عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد وهذا السياق على لفظ أبي سلمة وحده ومضى في الأدب عن عبد الرحمان بن إبراهيم وفي فضائل القرآن عن عبد الله بن يوسف
قوله عن الحرورية قد مضى تفسيره عن قريب قوله أسمعت الهمزة للاستفهام على سبيل الاستخبار والخطاب لأبي سعيد قوله النبي منصوب بقوله أسمعت والمسموع محذوف كذا في رواية الجميع وقد بينه ابن ماجه في روايته عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قلت لأبي سعيد هل سمعت رسول الله يذكر الحرورية قوله قال لا أدري ما الحرورية فإن قلت سيجيء حديث أبي سعيد أيضا في أول الباب الذي يلي الباب المذكور وفيه وأشهد أن عليا رضي الله تعالى عنه قتلهم وأنا معه الحديث فهؤلاء الذين قتلهم وهو معه هم الحرورية فكيف قال هنا لا أدري قلت معنى قوله هنا لا أدري أنه لم يحفظ فيهم بطريق النص بلفظ الحرورية وإنما وصف صفتهم التي سمعها من النبي وتلك الصفات لوجودها في الحرورية تدل على أنهم هم المراد ممن وصفهم النبي قوله يخرج في هذه الأمة أي أمة النبي قوله ولم يقل منها أي ولم يقل النبي من هذه الأمة بكلمة من قوله قوم مرفوع لأنه فاعل يخرج فإن قلت وقع في رواية الطبراني من وجه آخر عن أبي سعيد بلفظ من أمتي ووقع في حديث مسلم عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه سيكون بعدي من أمتي قوم وله أيضا من طريق زيد بن وهب عن علي رضي الله تعالى عنه يخرج قوم من أمتي قلت المراد بالأمة في حديث أبي سعيد أمة الإجابة وفي رواية مسلم أمة الدعوة وأما حديث الطبراني فضعيف وقال الثوري فيه دلالة على فقه الصحابة وتحريرهم الألفاظ وفيه إشارة من أبي سعيد إلى تكفير الخوارج وأنهم من غير هذه الأمة قوله يحقرون بفتح الياء أي يستقلون والضمير فيه يرجع إلى قوم ولو قيل تحقرون بالخطاب فله وجه وقد روى الطبراني عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة يتعبدون يحقر أحدكم صلاته وصيامه مع صلاتهم وصيامهم قوله فينظر الرامي الخ تمثيل لحال هؤلاء بحال الرامي المذكور بهذه الصفة في عدم حصول الفائدة من عبادتهم كعدم حصول مقصود هذا الرامي من الرمية قوله إلى نصله وهو حديدة السهم قوله إلى رصافه بكسر الراء وبالصاد المهملة جمع الرصفة وهو العصب الذي يكون فوق مدخل النصل وقال الكرماني قال بعضهم محتجين بهذا التركيب بوقوع بدل الغلط في الكلام البليغ قوله فيتمارى أي فيشك في الفوقة بضم الفاء وهو موضع الوتر من السهم وفي المخصص وجمعه أفواق وفوق وفوقة بكسر الفاء وعن أبي حنيفة فوق وفوقة وقد يجعل الفوق واحدا ويجمع أفواقا يريد أنهم لما تأولوا القرآن على غير الحق لم يحصل لهم بذلك أجر ولم يتعلقوا بسببه بالثواب لا أولا ولا وسطا ولا آخرا قوله هل علق بكسر اللام
6932 - حدثنا ( يحيى بن سليمان ) حدثني ( ابن وهب ) قال حدثني ( عمر ) أن أباه حدثه عن ( عبد الله بن عمر ) وذكر الحرورية فقال قال النبي يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية
هذا بعض حديث أبي سعيد المذكور غير أن في حديثه يمرقون من الدين وهنا من الإسلام
أخرجه عن يحيى بن سليمان أبي سعيد الجعفي الكوفي نزل مصر عن عبد الله بن وهب عن عمر بضم العين كذا ذكر عند الجميع بغير نسبة وهو عمر بن

(24/87)


محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد مضى في كتاب التفسير في تفسير سورة لقمان رواه عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب حدثني عمر بن محمد بن زيد عن عبد الله بن عمر
قوله حدثني عمر بالإفراد وفي رواية أبي ذر حدثنا بالجمع قوله وذكر الحرورية جملة حالية
7 -
( باب من ترك قتال الخوارج للتألف وأن لا ينفر الناس عنه )
أي هذا باب في بيان من ترك قتال الخوارج للتألف أي لأجل الإلفة قوله وأن لا ينفر الناس عنه عطف على ما قبله أي ولأجل أن لا ينفر الناس عنه أي عن التارك دل عليه قوله ترك وفي بعض النسخ ولئلا ينفر الناس عنه وقال الداودي قوله من ترك قتال الخوارج ليس بشيء لأنه لم يكن يومئذ قتال ولو قال لم يقتل لأصاب وتسميتهم ذا الخويصرة من الخوارج ليس بشيء لأنه لم يكن يومئذ هذا الاسم وإنما سموا به لخروجهم على علي رضي الله تعالى عنه وقال المهلب التألف إنما كان في أول الإسلام إذ كانت الحاجة ماسة إليه لدفع مضرتهم فأما اليوم فقد أعلى الله الإسلام فلا يجب التألف إلا أن ينزل بالناس جميعهم حاجة لذلك فلإمام الوقت ذلك وقال ابن بطال لا يجوز ترك قتال من خرج على الأمة وشق عصاها وأما ذو الخويصرة فإنما ترك الشارع قتله لأنه عذره لجهله وأخبر أنه من قوم يخرجون ويمرقون من الدين فإذا خرجوا وجب قتالهم
6933 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي سعيد ) قال بينا النبي يقسم جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال اعدل يا رسول الله فقال ويلك من يعدل إذا لم أعدل قال عمر بن الخطاب دعني أضرب عنقه قال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل إحدى يديه أو قال ثدييه مثل ثدي المرأة أو قال مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد أشهد سمعت من النبي وأشهد أن عليا قتلهم وأنا معه جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي قال فنزلت فيهومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون
قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأن الحديث في ترك القتل إلى آخره والترجمة في القتال وأجيب بأن ترك القتل يوجد من ترك القتال من غير عكس
وعبد الله بن محمد هو الجعفي المسندي بفتح النون وهشام هو ابن يوسف الصنعاني ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد والزهري هو محمد بن مسلم وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمان بن عوف وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري
وحديثه قد مضى قبل هذا الباب
قوله بينا أصله بين فأشبعت فتحة النون فصارت بينا وقد يقال بينما بزيادة الميم وكلاهما يحتاج إلى جواب وهو قوله جاء عبد الله قوله يقسم بفتح أوله من القسمة وجاء هنا هكذا بحذف المفعول وقال الكرماني أي يقسم مالا ولم يبين المقسوم ما هو ولا متى كانت القسمة أما المقسوم فكان تبرا بعثه علي بن أبي طالب من اليمن وتقدم هكذا في الأدب عن أبي سعيد وأما القسمة فكانت يوم حنين قسمه رسول الله بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن حصن الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري وزيد الخير الطائي قوله عبد الله بن ذي الخويصرة بضم الخاء المعجمة مصغر الخاصرة وقد تقدم في باب علامات النبوة

(24/88)


فأتى ذو الخويصرة رجل من تميم وفي جل النسخ بل في كلها عبد الله بن ذي الخويصرة بزيادة الابن وأخرج الثعلبي ثم الواحدي في أسباب النزول من طريق محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق فقال ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج وقد اعتمد على ذلك ابن الأثير فترجم لذي الخويصرة في الصحابة وذكر الطبري حرقوص بن زهير في الصحابة وذكر أن له في فتوح العراق أثرا وأنه الذي افتتح سوق الأهواز ثم كان مع علي في حرورية ثم صار مع الخوارج فقتل معهم قوله ويلك كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره ويحك قوله قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعني أضرب عنقه قيل سبق في المغازي في باب بعث علي رضي الله عنه إلى اليمن أن القائل به خالد بن الوليد وأجاب الكرماني بقوله لا محذور في صدور هذا القول منهما وفي التوضيح وفي قول عمر هذا دليل على أن قتله كان مباحا لأن الشارع لم ينكر عليه وأن إبقاءه جائز لعلة قوله ينظر على صيغة المجهول قوله في قذذه بضم القاف وفتح الذال المعجمة الأولى جمع قذة وهو ريش السهم قوله في نصله قد مر تفسيره عن قريب وكذا تفسير الرصاف قوله في نضيه بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف وهو عود السهم بلا ملاحظة أن يكون له نصل وريش وفي التوضيح وحكي فيه كسر النون قوله قد سبق الفرث والدم يعني جاوزهما الفرث وهو السرجين ما دام في الكرش وحاصل المعنى أنه مر سريعا في الرمية وخرج لم يعلق به من الفرث والدم شيء فشبه خروجهم من الدين ولم يتعلقوا منه بشيء بخروج ذلك السهم قوله آيتهم أي علامتهم قوله إحدى يديه بفتح الياء آخر الحروف وفتح الدال تثنية يد قوله أو قال ثدييه شك من الراوي وهو بفتح الثاء المثلثة تثنية ثدي قوله البضعة بفتح الباء الموحدة القطعة من اللحم قوله تدردر يعني تضطرب تجيء وتذهب وأصله تتدردر من باب التفعلل فحذفت إحدى التائين قوله على حين فرقة أي على زمان افتراق الناس قال الداودي يعني ما كان يوم صفين وقال ابن التين رويناه بالحاء المهملة والنون وفي رواية الكشميهني على خير فرقة بالخاء المعجمة وفي آخره راء أي أفضل طائفة في عصره وقال عياض هم علي وأصحابه أو خير القرون وهم الصدر الأول وفي رواية أحمد عن عبد الرزاق حين فترة من الناس بفتح الفاء وسكون التاء المثناة من فوق قوله وأشهد أن عليا قتلهم وفي رواية شعيب أن علي بن أبي طالب قاتلهم ووقع في رواية أفلح بن عبد الله وحضرت مع علي رضي الله عنه يوم قتلهم بالنهروان ونسبة قتلهم إلى علي لكونه كان القائم في ذلك قوله جيء بالرجل أي بالرجل الذي قال رجل إحدى يديه وقد علم أن النكرة إذا أعيدت معرفة تكون عين الأول وهو ذو الثدية بفتح الثاء المثلثة مكبرا وبضمها مصغرا قوله على النعت الذي نعته النبي أي على الوصف الذي وصفه وهو قوله وآيتهم رجل إحدى يديه إلى قوله تدردر وفي رواية مسلم قال أبو سعيد وأنا أشهد أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله الذي نعته قوله فنزلت فيه أي في الرجل المذكور وفي رواية السرخسي فنزلت فيهم أي نزلت الآية وهي قوله عز و جل ومنهم ما يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون
اللمز العيب أي يعيبك في قسم الصدقات
6934 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( الشيباني ) حدثنا ( يسير بن عمرو ) قال قلت لسهل بن حنيف هل سمعت النبي يقول في الخوارج شيئا قال سمعته يقول وأهوى بيده قبل العراق يخرج منه قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الواحد هو ابن زياد والشيباني هو أبو إسحاق سليمان ويسير بضم الياء آخر الحروف وفتح السين مصغر يسر ضد العسر ويقال له أسير أيضا بضم الهمزة ابن عمرو وهو من بني محارب بن ثعلبة نزل الكوفة ويقال

(24/89)


إن له صحبة وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وسهل بن حنيف بن واهب الأنصاري البدري
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن محمد بن آدم
قوله وأهوى بيده أي مدها جهة العراق قوله يخرج منه قوم هؤلاء القوم خرجوا من نجد موضع التميمين قوله مروق السهم أي كمروق السهم
8 -
( باب قول النبي لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعوتهما واحدة )
أي هذا باب في ذكر قول النبي وترجمه بلفظ الخبر قوله فئتان أي جماعتان هما فئة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وفئة معاوية بن أبي سفيان قوله دعوتهما ويروى دعواهما والمراد بالدعوى الإسلام على القول الراجح وقيل المراد اعتقاد كل منهما أنه على الحق وصاحبه على الباطل بحسب اجتهادهما وفيه معجزة للنبي وقال الداودي هاتان الفئتان هما إن شاء الله أصحاب الجمل زعم علي بن أبي طالب أن طلحة والزبير بايعاه فتعلق بذلك وزعم طلحة والزبير أن الأشتر النخعي أكرههما على المشي إلى علي رضي الله تعالى عنه وقد جاء في الكتاب والسنة الأمر بقتال الفئة الباغية إذا تبين بغيها وقال الله تعالىوإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين
6935 - حدثنا ( علي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قال رسول الله لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة
الترجمة عين الحديث كما ذكرنا غير أن فيها طائفتان في بعض النسخ وفي الحديث فئتان أخرجه عن علي بن عبد الله المعروف بابن المديني عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمان بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة والحديث بهذا السند من أفراده
9 -
( باب ما جاء في المتأولين )
أي هذا باب في بيان ما جاء من الأخبار في حق المتأولين ولا خلاف بين العلماء أن كل متأول معذور بتأويله غير ملوم فيه إذا كان تأويله ذلك سائغا في لسان العرب أو كان له وجه في العلم ألا يرى أنه لم يعنف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في تلببه بردائه على ما يجيء الآن في حديثه وعذره في ذلك لصحة مراد عمر واجتهاده وكذلك يجيء في بقية أحاديث الباب
6936 - قال ( أبو عبد الله ) وقال ( الليث ) حدثني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عروة بن الزبير ) أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمان بن عبد القاري أخبراه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤوها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله كذلك فكدت أساوره في الصلاة فانتظرته حتى سلم ثم لببته بردائه أو بردائي فقلت من أقرأك هذه السورة قال أقرأنيها رسول الله قلت له كذبت فوالله إن رسول الله أقرأني هاذه السورة التي سمعتك تقرؤوها فانطلقت أقوده إلى رسول الله فقلت يا رسول الله إني سمعت هاذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها وأنت أقرأتني

(24/90)


سورة الفرقان فقال رسول الله أرسله يا عمر اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأها قال رسول الله هاكذا أنزلت ثم قال رسول الله اقرأ يا عمر فقرأت فقال هاكذا أنزلت ثم قال إن هاذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي لم يؤاخذ عمر بتكذيبه هشاما ولا بكونه لببه بردائه وأراد الإيقاع به بل صدق هشاما في نقله وعذر عمر في إنكاره
وأبو عبد الله هو البخاري نفسه وليس هذا في كثير من النسخ بل قال بعد الترجمة وقال الليث هذا تعليق منه
ومضى هذا الحديث في الأشخاص في باب كلام الخصوم بعضهم في بعض أخرجه عن عبد الله بن يوسف عن ملك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمان بن عبد القاري أنه قال سمعت عمر بن الخطاب الخ وليس فيه ذكر المسور بن مخرمة ومضى الكلام فيه
ووصل هذا التعليق الإسماعيلي عن عبد الله بن صالح كاتب الليث عنه ويونس شيخ الليث فيه هو ابن يزيد وقد تقدم في فضائل القرآن وغيره من رواية الليث أيضا موصولا لكن عن عقيل لا عن يونس وقال بعضهم وهم مغلطاي ومن تبعه في أن البخاري رواه عن سعيد بن عفير عن الليث عن يونس قلت أراد بقوله ومن تبعه صاحب التوضيح وهو شيخه وقد أدمج ذكره هنا
قوله أساوره بالسين المهملة أي أواثبه وأحمل عليه وأصله من السورة وهو البطش قوله ثم لببته من التلبيب وهو جمع الثياب عند الصدر في الخصومة والجد قوله أو بردائي شك من الراوي قوله على سبعة أحرف أي على سبعة لغات هي أفصح اللغات وقيل الحرف الإعراب يقال فلان يقرأ بحرف عاصم أي بالوجه الذي اختاره من الإعراب وقيل توسعة وتسهيلا لم يقصد به الحصر وفي الجملة قالوا هذه القراءات السبع ليس كل واحدة منها واحدة من تلك السبع بل يحتمل أن تكون كلها واحدة من اللغات السبعة
6937 - حدثنا ( إسحاق بن إبراهيم ) أخبرنا ( وكيع ) ح وحدثنا يحياى حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال لما نزلت هاذه الآيةالذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون شق ذالك على أصحاب النبي وقالوا أينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم
مطابقته للترجمة من حيث إنه لم يؤاخذ الصحابة رضي الله تعالى عنهم بحملهم الظلم في الآية على عمومه حتى يتناول كل معصية بل عذرهم لأنه ظاهر في التأويل ثم بين لهم المراد بقوله ليس كما تظنون الخ
وأخرجه من طريقين أحدهما عن إسحاق بن إبراهيم المعروف بابن راهويه عن وكيع بن الجراح عن سليمان الأعمش والآخر عن ( يحيى ) بن موسى بن عبد ربه يقال له خت وهو من أفراده عن ( وكيع ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) النخعي عن ( علقمة ) بن قيس
والإسناد كلهم كوفيون ومضى الحديث في أول كتاب استتابة المرتدين
6938 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني ( محمود بن الربيع ) قال سمعت ( عتبان بن مالك ) يقول غدا علي رسول الله فقال رجل أين مالك بن

(24/91)


الدخشن فقال رجل منا ذاك منافق لا يحب الله ورسوله فقال النبي لا تقولوه يقول لا إلاه إلا الله يبتغي بذالك وجه الله تعالى قال بلى قال فإنه لا يوافي عبد يوم القيامة به إلا حرم الله عليه النار
مطابقته للترجمة من حيث إنه لم يؤاخذ القائلين في حق مالك بن الدخشن بما قالوا بل بين لهم أن إجراء أحكام الإسلام على الظاهر دون الباطن
وأخرجه عن عبدان وهو لقب عبد الله بن عثمان المروزي يروي عن عبد الله بن المبارك المروزي الخ والحديث مضى في الصلاة في باب المساجد في البيوت ومضى الكلام فيه
قوله الدخشن بضم الدال المهملة وسكون الخاء المعجمة وضم الشين المعجمة ثم نون وجاء الدخشم أيضا بالميم موضع النون وقد يصغر قوله ذاك منافق ويروى ذلك منافق قوله لا تقولوه بصيغة النهي كذا في رواية المستملي والسرخسي وفي رواية الكشميهني ألا تقولوه وقال ابن التين جاءت الرواية كذا والصواب تقولونه أي تظنونه قلت حذف النون من الجمع بلا ناصب ولا جازم لغة فصيحة ويحتمل أن يكون خطابا للواحد وحدثت الواو من إشباع الضمة وقال بعضهم وتفسير القول بالظن فيه نظر والذي يظهر أنه بمعنى الرؤية أو السماع انتهى قلت القول بمعنى الظن كثير أنشد سيبويه
أما الرحيل فدون بعد غد
فمتى تقول الدار تجمعنا
يعني متى تظن الدار تجمعنا والبيت لعمر بن أبي ربيعة المخزومي ونقل صاحب التوضيح عن ابن بطال أن القول بمعنى الظن كثير بشرط كونه في المخاطب وكونه مستقبلا ثم أنشد البيت المذكور مضافا إلى سيبويه قوله لا يوافي ويروى لن يوافي أي لا يأتي أحد بهذا القول إلا حرم الله عليه النار 21 - ( حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن فلان قال تنازع أبو عبد الرحمن وحبان بن عطية فقال أبو عبد الرحمن لحبان لقد علمت ما الذي جرأ صاحبك على الدماء يعني عليا قال ما هو لا أبا لك قال شيء سمعته يقوله قال ما هو قال بعثني رسول الله والزبير وأبا مرثد وكلنا فارس قال انطلقوا حتى تأتوا روضة حاج قال أبو سلمة هكذا قال أبو عوانة حاج فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فاتوني بها فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله تسير على بعير لها وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله إليهم فقلنا أين الكتاب الذي معك قالت ما معي كتاب فأنخنا بها بعيرها فابتغينا في رحلها فما وجدنا شيئا فقال صاحباي ما نرى معها كتابا قال فقلت لقد علمنا ما كذب رسول الله ثم حلف علي والذي يحلف به لتخرجن الكتاب أو لأجردنك فأهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة فأتوا بها رسول الله فقال عمر يا رسول الله قد خان الله رسوله والمؤمنين دعني فأضرب عنقه فقال رسول الله يا حاطب ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله ما لي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي وما لي وليس من أصحابك أحد إلا له هنالك من قومه من يدفع الله

(24/92)


به عن أهله وماله قال صدق لا تقولوا له إلا خيرا قال فعاد فعمر فقال يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني فلأضرب عنقه قال أو ليس من أهل بدر وما يدريك لعل الله اطلع عليهم فقال اعملوا ما شئتم فقد أوجبت له الجنة فاغرورقت عيناه فقال الله ورسوله أعلم )
مطابقته للترجمة من حيث أن النبي عذره في تأويله وشهد بصدقه وأخرجه عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة الوضاح اليشكري عن حصين بضم الخاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي عن فلان قال الكرماني هو سعد بن عبيدة بضم العين المهملة مصغرا أبو حمزة بالحاء المهملة وبالزاي ختن أبي عبد الرحمن السلمي انتهى قلت وقع فلان هنا مبهما وسمي في رواية هشام في الجهاد وعبد الله بن إدريس في الاستئذان سعد بن عبيدة وكان الكرماني ما اطلع عليه ذاهلا حتى قال قيل سعد بن عبيدة وسعد تابعي روى عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر والبراء رضي الله تعالى عنه قوله تنازع أبو عبد الرحمن هو السلمي المذكور وصرح به في رواية عفان قوله وحبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وحكى أبو علي الجياني أن بعض رواة أبي ذر ضبطه بفتح أوله قال بعضهم وهو وهم قلت حكى المزي أن ابن ماكولا ذكره بالكسر وأن ابن الفرضي ضبطه بالفتح وكذا ذكره في المطالع قوله لقد علمت ما الذي كذا في رواية الكشميهني وكذا في أكثر الطرق وفي رواية الحموي والمستملي من الذي ويروى لقد علمت الذي بدون ما ومن ووقع في الجهاد في باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة بلفظ ما الذي قوله جرأ بفتح الجيم وتشديد الراء وبالهمزة من الجرأة وهو الإقدام على الشيء قوله يعني عليا أي يعني بقوله من الذي جرأ علي بن أبي طالب قال الكرماني فإن قلت كيف جاز نسبة الجرأة على القتل إلى علي رضي الله تعالى عنه قلت غرضه أنه لما كان جاز ما بأنه من أهل الجنة عرف أنه إن وقع منه خطأ فيما اجتهد فيه عفي عنه يوم القيامة قطعا قوله قال ما هو أي قال حبان ما هو الذي جرأه قوله لا أبا لك بفتح الهمزة جوزوا هذا التركيب تشبيها له بالمضاف وإلا فالقياس لا أب لك وهذا إنما يستعمل دعامة للكلام ولا يراد به الدعاء عليه حقيقة وقيل هي كلمة تقال عند الحث على الشيء والأصل فيه أن الإنسان إذا وقع في شدة عاونه أبوه فإذا قيل لا أبا لك فمعناه ليس لك أب جد في الأمر جد من ليس له معاون ثم أطلق في الاستعمال في موضع استبعاد ما يصدر من المخاطب من قول أو فعل قوله شيء مرفوع لأنه فاعل جرأ قوله يقوله جملة وقعت صفة لقوله شيء والضمير المنصوب فيه يرجع إلى شيء وكذا بالضمير في رواية المستملي وفي رواية الكشميهني يقول بحذف الضمير قوله قال ما هو أي قال حبان المذكور ما هو أي ذلك الشيء قوله قال بعثني أي قال أبو عبد الرحمن قال علي بعثني وسقطت قال الثانية على عادتهم بإسقاطها في الخط والتقدير قال أبو عبد الرحمن قال علي رضي الله تعالى عنه بعثني رسول الله قوله والزبير بالنصب عطف على نون الوقاية لأن محلها النصب وفي مثل هذا العطف خلاف بين البصريين والكوفيين قوله وأبا مرثد بفتح الميم وسكون الراء وفتح الثاء المثلثة واسمه كناز بفتح الكاف وتشديد النون وبالزاي الغنوي بالغين المعجمة وتقدم في غزوة الفتح من طريق عبيد الله بن أبي رافع عن علي ذكر المقداد بدل أبي مرثد ومضى في الجهاد في باب إذا اضطروا الزبير وفي باب الجاسوس بعثني أنا والزبير والمقداد قال الكرماني ذكر القليل لا ينفي الكثير قوله فارس أي راكب فرس قوله روضة حاج بالحاء المهملة وبالجيم وهو موضع قريب من مكة قاله في التوضيح وقال النووي وهي بقرب المدينة وقال الواقدي هي بالقرب من ذي الحليفة وقيل من المدينة نحو اثني عشر ميلا قوله قال أبو سلمة هو موسى بن إسماعيل شيخ البخاري المذكور فيه قوله هكذا قال أبو عوانة هو أحد الرواة حاج بالحاء المهملة والجيم قال النووي قال العلماء هو غلط من أبي عوانة

(24/93)


وكأنه اشتبه عليه بمكان آخر يقال فيه ذات حاج بالحاء المهملة والجيم وهو موضع بين المدينة والشام يسلكه الحاج وزعم السهيلي أن هشيما كان يقولها أيضا حاج بالحاء المهملة والجيم وهو وهم أيضا والأصح خاخ بمعجمتين قوله تسير من السير جملة وقعت حالا من المرأة التي معها الكتاب وفي رواية محمد بن فضيل عن حصين تشتد من الاشتداد بالشين المعجمة قوله فابتغينا أي طلبنا قوله فقال صاحباي وهما الزبير وأبو مرثد ويروى فقال صاحبي بالإفراد باعتبار أن واحدا منهما قال قوله لقد علمنا وفي رواية الكشميهني لقد علمتما بالخطاب لصاحبيه قوله ثم حلف علي والذي يحلف به أي قال والله لأن الذي يحلف به هو لفظة الله قوله أو لأجردنك أي أنزع ثيابك حتى تكوني عريانة وكلمة أو هنا بمعنى إلى وينتصب المضارع بعدها بأن مضمرة نحو قوله لألزمنك أو تقضيني حقي أي إلى أن تقضيني حقي وفي رواية ابن فضيل أو لأقتلنك ويروى لأجزرنك بجيم ثم زاي أي أصيرك مثل الجزور إذا ذبحت ويروى لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب قال ابن التين كذا وقع بكسر القاف وفتح الياء آخر الحروف وتشديد النون قال والياء زائدة وقال الكرماني هو بكسر الياء وفتحها كذا جاء في الرواية بإثبات الياء والقواعد التصريفية تقتضي حذفها لكن إذا صحت الرواية فلتحمل على أنها وقعت على طريق المشاكلة لتخرجن وهذا توجيه الكسرة وأما الفتحة فتحمل على خطاب المؤنثة الغائبة على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة قال ويجوز فتح القاف على البناء للمجهول فعلى هذا فترفع الثياب واختلف هل كانت هذه المرأة مسلمة أو على دين قومها فالأكثر على الثاني فقد عدت فيمن أهدر النبي دمهم يوم الفتح وكانت مغنية فأهدر دمها لأنها كانت تغني بهجائه وهجاء أصحابه وذكر الواقدي أنها من مزينة وأنها من أهل العرج بفتح العين المهملة وسكون الراء وبالجيم وهي قرية بين مكة والمدينة وذكر الثعلبي أنها كانت مولاة أبي صيفي بن عمرو بن هاشم بن عبد مناف وقيل عمران بدل عمرو وقيل مولاة بني أسد ابن عبد العزى وقيل كانت من موالي العباس وفي تفسير مقاتل بن حبان أن حاطبا أعطاها عشرة دنانير وكساها برداء وقال الواحدي أنها قدمت المدينة فقال لها النبي جئت مسلمة قالت لا ولكن احتجت قال فأين أنت عن شباب قريش وكانت مغنية قالت ما طلبت من بعد وقعة بدر شيئا من ذلك فكساها وحملها فأتاها حاطب فكتب معها كتابا إلى أهل مكة أن رسول الله يريد أن يغزو فخذوا حذركم قوله فأهوت أي مالت قوله إلى حجزتها بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وبالزاي وهي معقد الإزار قوله وهي محتجزة بكساء من احتجز بإزاره شده على وسطه وقد مر في باب الجاسوس أنها أخرجته من عقاصها أي من شعورها قال الكرماني لعلها أخرجته من الحجزة أولا وأخفته في الشعر ثم اضطرت إلى الإخراج منه أو بالعكس قوله فاتوا بها أي بالصحيفة قوله رسول الله ويروى فاتوا بها إلى رسول الله قوله فإذا فيه أي في الكتاب من حاطب إلى ناس من المشركين من أهل مكة سماهم الواقدي في روايته سهيل بن عمرو العامري وعكرمة بن أبي جهل المخزومي وصفوان بن أمية الجمحي قوله ما لي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله وفي رواية المستملي ما بي أن لا أكون بالباء الموحدة بدل اللام وفي رواية عبد الرحمن بن حاطب أما والله ما ارتبت منذ أسلمت في الله وفي رواية ابن عباس قال والله إني لناصح لله ورسوله قوله يد أي منة أدفع بها عن أهلي ومالي وفي رواية أعشى ثقيف والله ورسوله أحب إلي من أهلي ومالي وفي رواية عبد الرحمن بن حاطب ولكني كنت امرأ غريبا فيكم وكان لي بنون وأخوة بمكة فكتبت لعلي أدفع عنهم قوله هنالك وفي رواية المستملي هناك قوله قال صدق أي قال رسول الله صدق حاطب فيحتمل أن يكون قد عرف صدقه من كلامه ويحتمل أن يكون بالوحي قوله فعاد عمر أي إلى كلامه الأول في حاطب وفيه إشكال حيث عاد إلى كلامه الأول بعد أن صدق النبي حاطبا وأجيب عنه بأنه ظن أن صدقه في عذره لا يدفع عنه ما وجب عليه من القتل قوله فلأضرب عنقه قال الكرماني فلأضرب بالنصب وهو في تأويل مصدر محذوف وهو خبر مبتدأ محذوف أي اتركني فتركك للضرب وبالجزم

(24/94)


والفاء زائدة على مذهب الأخفش واللام للأمر ويجوز فتحها على لغة سليم وتسكينها مع الفاء عند قريش وأمر المتكلم نفسه باللام فصيح قليل الاستعمال وبالرفع أي فوالله لأضرب قوله أو ليس من أهل بدر وفي رواية الحارث أليس قد شهد بدرا وهو استفهام تقرير وجزم في رواية عبيد الله بن أبي رافع أنه شهد بدرا وزاد الحارث فقال عمر رضي الله تعالى عنه بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك قوله لعل الله اطلع عليهم أي على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد أوجبت لكم الجنة قال العلماء معناه الغفران لهم في الآخرة وإلا فلو توجه على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد قال وضرب النبي مسطحا الحد وكان بدريا وفي التوضيح وقد اعترض بعض أهل البدع بهذا الحديث على قضية مسطح حين جلد في قذف عائشة رضي الله تعالى عنها وكان بدريا قالوا وكان ينبغي أن لا يحد كحاطب والجواب أن المراد غفر لهم عقاب الآخرة دون الدنيا وقد قام الإجماع على أن كل من ارتكب من أهل بدر ذنبا بينه وبين الله فيه حد وبينه وبين الخلق من القف أو الجراح أو القتل فإن عليه فيه الحد والقصاص وليس يدل عفو العاصي في الدنيا وإقامة الحدود عليه على أنه يعاقب في الآخرة لقوله في ماعز والغامدية لقد تاب توبة لو قسمت على أهل الأرض لوسعتهم قوله فاغرورقت عيناه أي عينا عمر رضي الله تعالى عنه وهو من الاغريراق
( قال أبو عبد الله خاخ أصح ولكن كذا قال أبو عوانة حاج وحاج تصحيف وهو موضع وهشيم يقول خاخ )
أبو عبد الله هو البخاري نفسه خاخ أصح يعني بخاءين معجمتين قوله ولكن كذا قال أبو عوانة وهو الوضاح اليشكري أحد رواة حديث الباب قوله وحاج تصحيف يعني بالحاء المهملة والجيم مصحف وقد مر بيانه عن قريب قوله وهو موضع يعني حاج بالحاء المهملة وبالجيم اسم موضع وقد ذكرناه قوله وهشيم بضم الهاء وفتح الشين المعجمة ابن بشير الواسطي يقول خاخ يعني بالمعجمتين يعني في قول الأكثرين وقيل بل هو أيضا يقول مثل قول أبي عوانة وبه جزم السهيلي ويؤيده أن البخاري لما أخرجه من طريقه في الجهاد عبر بقوله روضة كذا فلو كان بالمعجمتين لما كنى عنه -
89 -
( كتاب الإكراه )
أي هذا كتاب في بيان حكم الإكراه والإكراه بكسر الهمزة هو إلزام الغير بما لا يريده وهو يختلف باختلاف المكره والمكره عليه والمكره به
وقول الله تعالىمن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم
وقول الله عز و جل بالجر عطف على لفظ الإكراه وهذه الآية الكريمة في سورة النحل وأولها الآية واختلف النحاة في العامل في قوله ومن كفر وفي قوله من شرح بالكفر صدرا فقالت نجاة الكوفة جوابهما واحد في قوله فعليهم غضب لأنهما جزءان اجتمعا أحدهما منعقد بالآخر فجوابهما واحد كقول القائل من يأتنا من يحسن نكرمه يعني من يحسن ممن يأتينا نكرمه وقالت نحاة البصرة قوله من كفر مرفوع بالرد على الذين في قوله إنما يفتري الكذب الآية ومعنى الكلام إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه ثم استثنى من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم
وقال ابن عباس نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر لأن الكفار أخذوه وقالوا له اكفر بمحمد

(24/95)


فطاوعهم على ذلك وقلبه كاره ذلك مطمئن بالإيمان ثم جاء إلى رسول الله وهو يبكي فأنزل الله تعالى هذه الآية قوله من شرح بالكفر صدرا أي طاب نفسه بذلك وأتى به على اختيار وقبول
وقال لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير وهي تقية
هذا من آية أولهالا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير
أي تقية وكلاهما بمعنى واحد أشار إليه البخاري بقوله وهي تقية والمعنى إلا أن تتقوا منهم تقية وهي الحذر عن إظهار ما في الضمير من العقيدة ونحوها عند الناس
وقال إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا
إلى قولهوساءت مصيرا
أي وقال الله عز و جل فيه ءايات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان ءامنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين هكذا وقع في بعض النسخ وفيه تغيير لأن قوله فيه ءايات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان ءامنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين إلى قوله فيه ءايات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان ءامنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين من آية وتمامها إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا قوله من آية أخرى متقدمة على الآية المذكورة وأولها قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا والصحيح هو الذي وقع في بعض النسخ ونسب إلى أبي ذر وهو إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلى قوله فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا قال فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا هاتان آيتان الأولى هي قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلى قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا وهي أيضا آيتان الثانية قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا إلى قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا وهي متقدمة على الآية الأولى وأولها قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا الآية أشار إليه بقوله وقال أي وقال الله تعالى المستضعفين إلى آخره
وقد اختلف الشراح في هذا الموضع حتى خرج بعضهم عن مسلك الصواب فقال ابن بطال إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلى قوله فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا وقال انتهى قلت ذكر هنا آيتين متواليتين أولاهما هي قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلى قوله وتمامها إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا والأخرى هي قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا وليس فيه تغيير للتلاوة وقال بعضهم إلا أن فيه تصرفا فيما ساقه المصنف قلت فيما ساقه أيضا نظر لا يخفى وقال ابن التين قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا إلى قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا ليس التلاوة كذلك لأن قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا قبل هذا قال ووقع في بعض النسخ إلى قوله غفور رحيم وفي بعضها فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا وقال إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا إلى قوله من لدنك نصيرا وهذا على سبيل التنزيل وقال بعضهم كذا قال فأخطأ فالآية التي آخرها أولها المستضعفين بالواو لا بلفظ إلا وقال صاحب التوضيح ووقع في الآيتين تخليط في شرح ابن التين قلت والصواب ما ذكرنا ثم نذكر شرح الآيات المذكورة
فقوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا روى ابن حاتم بإسناده إلى عكرمة عن ابن عباس قال كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يخفون إسلامهم فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب بعضهم قال المسلمون كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا الآية قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا أي بترك الهجرة قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة قالوا كنا مستضعفين في

(24/96)


الأرض أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا الآية وقال أبو داود بإسناده إلى سمرة بن جندب أما بعد قال رسول الله من جاء مع المشرك وسكن معه فإنه مثله قوله إلا المستضعفين من الرجال والنسآء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا الآية عذر من الله عز و جل لهؤلاء في ترك الهجرة وذلك لأنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق ولهذا قال فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا وقال عكرمة يعني نهوضا إلى المدينة وقال السدي يعني مالا وقال الضحاك يعني طريقا قوله فأولائك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا أي يتجاوز عنهم تركهم الهجرة وعسى من الله موجبة قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا أي في الجهاد قوله المستضعفين أي وفي المستضعفين أي في استنقاذهم قوله وما لكم لا تقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنسآء والولدان الذين يقولون ربنآ أخرجنا من هاذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا كلمة من بيانية قوله من هذه القرية يعني مكة ووصفها بقوله الظالم أهلها قوله وليا أي ناصرا
فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به
قوله فعذر الله أي جعلهم معذورين قوله غير ممتنع غرضه أن المستضعف لا يقدر على الامتناع من الفعل فهو فاعل لأمر المكره فهو معذور
وقال الحسن التقية إلى يوم القيامة
أي قال الحسن البصري التقية ثابتة إلى يوم القيامة لم تكن مختصة بعصره ووصله ابن أبي شيبة عن هشيم عن وكيع عن قتادة عنه
وقال ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء
أي قال عبد الله بن عباس فيمن يكرهه اللصوص على طلاق امرأته فيطلق امرأته قوله ليس بشيء أي لا يقع طلاقه وهذا كأنه مبني على أن الإكراه يتحقق من كل قادر عليه وهو قول الجمهور وقال أبو حنيفة لا إكراه إلا من سلطان وأثر ابن عباس أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى طلاق المكره شيئا وذكر ابن وهب عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس أنهم كانوا لا يرون طلاقه شيئا وذكره ابن المنذر عن ابن الزبير وابن عمر وابن عباس وعطاء وطاوس والحسن وشريح والقاسم ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأجازت طائفة طلاقه روي ذلك عن الشعبي والنخعي وأبي قلابة والزهري وقتادة وهو قول الكوفيين
وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن
أي وبقول ابن عباس قال عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعامر بن شراحيل الشعبي والحسن البصري وعن الشعبي إن أكرهه اللصوص فليس بطلاق وإن أكرهه السلطان فهو طلاق قلت هو مذهب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه كما ذكرناه
وقال النبي الأعمال بالنية
هذا الحديث قد مضى في أول الكتاب مطولا موصولا وقد بينا هناك اختلاف لفظ العمل ثم وجه إيراد هذا الحديث هنا الإشارة إلى الرد على من فرق في الإكراه بين القول والفعل وهو مذهب الظاهرية فإنهم فرقوا بينهما قال ابن حزم الإكراه قسمان إكراه على كلام وإكراه على فعل فالأول لا يجب به شيء كالكفر والقذف والإقرار بالنكاح والرجعة والطلاق والبيع والابتياع والنذور والأيمان والعتق والهبة وغير ذلك والثاني على قسمين

(24/97)


أحدهما ما تبيحه الضرورة كالأكل والشرب فهذا يبيحه الإكراه فمن أكره على شيء من ذلك فلا يلزمه شيء لأنه أتى مباحا له إتيانه والآخر ما لا تبيحه كالقتل والجراح والضرب وإفساد الأموال فهذا لا يبيحه الإكراه فمن أكره على شيء من ذلك لزمه وفي التوضيح وقالت طائفة الإكراه في القول والفعل سواء إذا أسر الإيمان روي ذلك عن عمر بن الخطاب وهو قول مكحول ومالك وطائفة من أهل العراق
ثم وجه الاستدلال بالحديث المذكور على التسوية بين القول والفعل وهو الذي عليه الجمهور هو أن العمل يتناول فعل الجوارح والقلوب والأقوال فإن قلت إذا كان كذلك يحتاج كل فعل إلى نية والمكره لا نية له فلا يؤاخذ قلت له نية وهي نية عدم الفعل الذي أكره عليه فإن قلت ينبغي على هذا أن لا يؤاخذ الناس والمخطىء في الطلاق والعتاق ونحوهما لأنه لا نية لهما قلت بل يؤاخذ فيصح طلاقه حتى لو قال اسقني فجرى على لسانه أنت طالق وقع الطلاق لأن القصد أمر باطني لا يوقف عليه فلا يتعلق الحكم لوجود حقيقته بل يتعلق بالسبب الظاهر الدال وهو أهليته والقصد بالبلوغ والعقل فإن قلت ينبغي على هذا أن يقع طلاق النائم قلت المانع هو قوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاث
6940 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( خالد بن يزيد ) عن ( سعيد بن أبي هلال ) عن ( هلال بن أسامة ) أن ( أبا سلمة بن عبد الرحمان ) أخبره عن ( أبي هريرة ) أن النبي كان يدعو في الصلاة اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام والوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر وابعث عليهم سنين كسني يوسف
مطابقته للترجمة من حيث إن هؤلاء الذين كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يدعو لهم كانوا مكرهين في مكة أو من حيث إن المكره لا يكون إلا مستضعفا
وخالد بن يزيد من الزيادة الجمحي الإسكندراني الفقيه وسعيد بن أبي هلال الليثي المدني وهلال بن أسامة منسوب إلى جده هو هلال بن علي ويقال له هلال بن أبي ميمونة ويقال ابن أبي هلال
والحديث مضى في الاستسقاء عن قتيبة عن مغيرة بن عبد الرحمان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الخ
قوله في الصلاة أي في القنوت وكان هذا سبب القنوت وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن أبي ربيعة من بني مخروم وسلمة بن هشام أخو أبي جهل والوليد بن الوليد ابن عم أبي جهل والمستضعفين من المؤمنين من بعدهم من باب ذكر العام بعد الخاص قوله وطأتك الوطأة الدوس بالقدم وهذا مجاز عن الأخذ بالقهر والشدة قوله على مضر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة أبو قريش
1 -
( باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر )
أي هذا باب في بيان من اختار في الإكراه الضرب والقتل والهوان أي الذلة والتضعف والتحقر
6941 - حدثنا ( محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي ) حدثنا ( عبد الوهاب أيوب ) عن ( أبي قلابة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال قال رسول الله ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار
مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث من حيث إنه سوى بين كراهية الكفر وبين كراهة دخول النار والقتل والضرب والهوان أسهل عند المؤمن من دخول النار فيكون أسهل من الكفر إن اختار الأخذ بالشدة
وعبد الوهاب بن عبد المجيد

(24/98)


الثقفي وأيوب هو السختياني وأبو قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي
والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب حلاوة الإيمان بهذا السند غير أن شيخه هناك محمد بن المثنى ومضى الكلام فيه
قوله ثلاث أي ثلاث خصال قال الكرماني والجملة بعده إما صفة أو خبر له قلت على قوله صفة كلامه ظاهر وأما على قوله أو خبر ففيه نظر قوله أن يكون كلمة أن مصدرية وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره أو الثلاث كون الله ورسوله في محبته إياهما أكثر محبة من محبة سواهما قوله وأن يحب المرء أي والثاني أن يحب المرء بالتقدير المذكور قوله وأن يكره أي والثالث أن يكره وقال الكرماني قال لمن قال ومن عصاهما فقد غوي بئس الخطيب أنت ثم أجاب بقوله ذمه لأن الخطبة ليس محل الاختصار فكان غير موافق لمقتضى المقام
6942 - حدثنا ( سعيد بن سليمان ) حدثنا ( عباد ) عن ( إسماعيل ) سمعت ( قيسا ) سمعت ( سعيد بن زيد ) يقول لقد رأيتني وإن عمر موثقي على الإسلام ولو انقض أحد مما فعلتم بعثمان كان محقوقا أن ينقض
انظر الحديث 3862 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اختار القتل على الإتيان بما يرضي القتلة فاختياره على الكفر بالطريق الأولى
وسعيد بن سليمان الواسطي سكن بغداد يلقب بسعدويه وعباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن العوام بتشديد الواو والواسطى وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة وبالزاي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل
والحديث قد مضى في باب إسلام سعيد بن زيد فإنه أخرجه هناك عن قتيبة بن سعيد عن سفيان عن إسماعيل عن قيس قال سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحدا انقض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقا أن ينقض
قوله لقد رأيتني أي لقد رأيت نفسي وهو من خصائص أفعال القلوب قوله وإن عمر أي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الواو فيه للحال قوله موثقي اسم فاعل من الإيثاق وهو الإحكام وأراد به يثبتني على الإسلام وأصل هذا من الوثاق وهو حبل أو قيد يشد به الأسير والدابة قوله ولو انقض من الانقضاض بالقاف وهو الانصداع والانشقاق وفي الرواية المتقدمة انفض بالفاء قوله أحد بضمتين وهو الجبل المعروف بالمدينة قوله مما فعلتم أي بسبب ما فعلتم بعثمان بن عفان من المخالفة له والخروج عن طاعته وهو أمير المؤمنين ثم حصرهم إياه ثم قتلهم له ظلما وعدوانا قوله محقوقا أي جديرا أن ينقض أي ينشق وينصدع
6943 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثنا قيس عن خباب بن الأرت قال شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا فقال قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذالك عن دينه والله ليتمن هاذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولاكنكم تستعجلون
انظر الحديث 3612 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث دلالة طلب خباب دعاء من النبي على الكفار لكونهم تحت قهرهم وأذاهم كالمكرهين بما لا يريدون
و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان و ( إسماعيل ) هو ابن أبي خالد و ( قيس ) هو ابن أبي حازم المذكوران عن قريب وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة وتشديد التاء المثناة من فوق ابن جندلة مولى خزاعة
والحديث مضى في علامات النبوة عن محمد بن المثنى عن يحيى وفي مبعث النبي ومضى

(24/99)


الكلام فيه
قوله بردة له ويروى متوسد بردة في ظل الكعبة وهو كساء أسود مربع والجمع برود وأبراد قوله ألا في الموضعين للتحضيض قال ابن بطال إنما يجب النبي سؤال خباب ومن معه بالدعاء على الكفار مع قوله تعالى وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين لأنه علم أنه قد سبق القدر بما جرى عليهم من البلوى ليؤجروا عليها وأما غير الأنبياء فواجب عليهم الدعاء عند كل نازلة لعدم اطلاعهم على ما اطلع عليه النبي وقال بعضهم وليس في الحديث تصريح بأنه لم يدع لهم بل يحتمل أنه قد دعا قلت هذا احتمال بعيد لأنه لو كان دعا لهم لما قال قد كان من كان قبلكم الخ وقوله هذا تسلية لهم وإشارة إلى الصبر على ذلك لينقضي أمر الله عز و جل ثم قال هذا القائل وإلى ذلك الإشارة يعني إلى ما قاله من الاحتمال بقوله ولكنكم تستعجلون قلت هذا لا يدل على أنه دعا لهم بل هذا يدل على أنهم لا يستعجلون في إجابة الدعاء في الدنيا على أن الظاهر منه ترك الاستعجال في هذا الوقت ولو كان يجاب لهم فيما بعد قوله يؤخذ يعني منهم قوله بالمنشار بكسر الميم وسكون النون وهي الآلة التي ينشر بها الأخشاب ويروى الميشار بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف من وشر الخشبة إذا نشرها غير مهموز وفيه لغة بالهمزة من أشر الخشبة قوله ما دون لحمه وعظمه أي من تحتهما ويروى من دون لحمه قوله فما يصده أي فما يمنعه قوله هذا الأمر أي الإسلام قوله من صنعاء بالمد وهي قاعدة اليمن ومدينتها العظمى وحضرموت بفتح الحاء وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء والميم وبضم الميم أيضا وبالهمزة بلدة أيضا باليمن وهو كبعلبك في الإعراب قوله والذئب بالنصب عطف على لفظة الله أي ولا يخاف الذئب على غنمه فافهم
2 -
( باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره )
أي هذا باب في بيان بيع المكره قوله ونحوه المضطر قوله في الحق أي في المالي قوله وغيره أي غير الحق قيل لا دخل لهذه اللفظة فيه لأن الحديث في بيع اليهود وهو إكراه بحق وأجاب الكرماني بأن المراد بالحق المالي وغيره الجلاء بالجيم أو المراد بالحق الجلاء والمراد بغير مثل الجنايات
6944 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( الليث ) عن ( سعيد المقبري ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله فقال انطلقوا إلى يهود فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام النبي فناداهم يا معشر يهود أسلموا تسلموا فقالوا قد بلغت يابا القاسم فقال ذالك أريد ثم قالها الثانية فقالوا قد بلغت يابا القاسم ثم قال الثالثة فقال اعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله
انظر الحديث 3167 وطرفه
قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأن الحديث أشبه ببيع المضطر فإن المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشيء أراد أو لم يرد واليهود شحوا على أموالهم فاختاروا بيعها فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها فصاروا كالمضطرب إلى بيع ماله عند تضييق دائنه عليه فيكون جائزا ولو أكره عليه لم يجز وأجيب بأنه لو كان الإلزام بالبيع من جهة الشرع لجاز على أنا قد ذكرنا أن المراد بقوله في الترجمة ببيع المكره ونحوه هو المضطر وقيل ترجم بالحق وغيره ولم يذكر إلا الشق الأول وأجيب بأن مراده بالحق الدين وبغيره ما عداه مما يكون بيعه لازما لأن اليهود أكرهوا على بيع أموالهم لا لدين عليهم
وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني يروي عن الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن أبيه كيسان عن أبي هريرة
والحديث مضى في الجزية عن عبد الله بن يوسف عن الليث وسيجيء في الاعتصام عن قتيبة عن الليث وأخرجه مسلم في المغازي وأبو داود في الخراج والنسائي في السير جميعا عن قتيبة
قوله يهود غير منصرف قوله بيت المدراس بكسرالميم وبالسين المهملة

(24/100)


على وزن مفعال وزن الآلة وهو الموضع الذي كانوا يقرأون فيه التوراة وقال ابن الأثير مفعال غريب في المكان والظاهر أنه للمبالغة وقال الكرماني وإضافة البيت إليه من إضافة العام إلى الخاص نحو شجر الأراك قوله فناداهم وفي رواية الكشميهني فنادى قوله أسلموا بكسر اللام أمر و تسلموا من السلامة جوابه قوله يا أبا القاسم أصله يا أبا القاسم حذفت الهمزة للتخفيف قوله ذلك أريد أي بقولي أسلموا يعني إن اعترفتم أنني بلغتكم سقط عني الحرج قوله اعلموا أن الأرض وفي رواية الكشميهني إنما الأرض في الموضعين قوله ورسوله قال الداودي لله افتتاح كلام وقوله ورسوله حقيقة لأنها فيما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وقال غيره المراد أن الحكم لله في ذلك وللرسول لكونه المبلغ عنه القائم بتنفيذ أوامره قوله أجليكم بضم الهمزة من الإجلاء وهو الإخراج عن أرضهم قوله فمن وجد منكم بماله قال الكرماني الباء فيه للمقابلة
3 -
( باب لا يجوز نكاح المكره )
أي هذا باب في بيان أنه لا يجوز نكاح المكره
وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وءاتوهم من مال الله الذى ءاتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغآء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحيواة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
قال صاحب التوضيح إدخال البخاري هذه الآية في هذا الباب لا أدري ما وجهه ثم استدرك ما ذكره بما فيه الجواب وهو أنه إذا نهى عن الإكراه فيما لا يحل فالنهي عن الإكراه فيما يحل بالطريق الأولى قال الثعلبي هذه الآية نزلت في معاذة ومسيكة جاريتي عبد الله بن أبي المنافق كان يكرههما على الزنا بضريبة يأخذها منهما وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون إماءهم فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخل من وجهين فإن يكن خيرا فقد استكثرنا منه وإن يكن شرا فقد آن لنا أن ندعه فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية قوله فتياتكم أي إماءكم جمع فتاة قوله على البغاء أي على الزنا وقال ابن الأثير يقال بغت المرأة تبغي بغيا بالكسر إذا زنت فهي بغي فجعلوا البغاء على زنة العيوب كالحران والشراد لأن الزنى عيب قوله إن أردن كلمة إن هنا بمعنى إذا أردن وليس معناه الشرط لأنه لا يجوز إكراههن على الزنى إن لم يردن تحصنا نظيرها قوله تعالى الم والتحصن التعفف قوله ومن يكرههن أي بعد النهي لهن فإن الله غفور رحيم والوزر على المكره
6945 - حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا مالك عن عبد الرحمان بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمان ومجمع ابني يزيد بن جارية الأنصاري عن خنساء بنت خذام الأنصارية أن أباها زوجها وهي
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن قزعة ) بفتح القاف والزاي والعين المهملة الحجازي من أفراد البخاري وعبد الرحمان بن القاسم يروي عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ومجمع على وزن اسم الفاعل من التجمع ابن يزيد بن جارية بالجيم وبالياء آخر الحروف قال أبو عمر يزيد بن جارية والد عبد الرحمان شهد خطبة الوداع وروى منها ألفاظا وخنساء بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وبالسين المهملة وبالمد بنت خذام بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الذال المعجمة ابن وديعة الأنصارية من الأوس
والحديث مضى في النكاح في باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها ومضى الكلام فيه
قوله وهي ثيب كذا في رواية ( مالك ) وروى محمد بن إسحاق عن حجاج بن السائب عن أبيه عن جدته خنساء بنت خذام قال وكانت أيما من رجل فزوجها أبوها رجلا من بني عوف الحديث وقال محمد بن سحنون جمع أصحابنا على إبطال نكاح المكره والمكرهة قالوا ولا يجوز المقام عليه لأنه لم ينعقد وقال ابن القاسم

(24/101)


لا يلزم المكره ما أكره عليه من نكاح أو طلاق أو عتق أو غيره وقال محمد بن سحنون وأجاز أهل العراق نكاح المكره
6946 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( ابن جريج ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( أبي عمرو ) وهو ( ذكوان ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن قال نعم قلت فإن البكر تستأمر فتستحي فتسكت قال سكاتها إذنها
انظر الحديث 5137 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث يفهم منه أن نكاح البكر لا يجوز إلا برضاها وبغير رضاها يكون حكمها حكم المكره
ومحمد بن يوسف يجوز أن يكون الفريابي وشيخه سفيان الثوري ويجوز أن يكون البيكندي البخاري وشيخه سفيان بن عيينة فإن كلا من السفيانين مشهور بالرواية عن ابن جريج وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ولكن جزم أبو نعيم أن هذا الحديث إنما هو عن الفريابي فإنه إذا أطلق سفيان ولم ينسبه فهو الثوري وإذا أراد سفيان بن عيينة نسبه وابن أبي مليكة هو عبيد الله بن عبد الله أو عبد الرحمان بن أبي مليكة بضم الميم واسمه زهير التيمي المكي الأحول القاضي على عهد ابن الزبير وأبو عمرو بفتح العين اسمه ذكوان مولى عائشة رضي الله تعالى عنها وكانت قد دبرته
ومضى الحديث في النكاح
قوله تستأمر على صيغة المجهول يعني تستشار النساء في عقد نكاحها قوله في إبضاعهن قال الكرماني جمع بضع قلت ليس كذلك وليس بجمع بل هو بكسر الهمزة من أبضعت المرأة إبضاعا إذا زوجتها قوله فتستحي بياء واحدة وفيه لغة أخرى فتستحيي بياءين قوله سكاتها وفي رواية الإسماعيلي سكوتها وفي الرواية التي تقدمت في النكاح بلفظ صمتها
4 -
( باب إذا أكره حتى وهب عبدا أو باعه لم يجز )
أي هذا باب يذكر فيه إذا أكره الرجل حتى وهب عبده لشخص أو باعه له لم يجز أي لم يصح لا الهبة ولا البيع والعبد باق على ملكه
وبه قال بعض الناس
أي بالحكم المذكور قال بعض الناس وهو عدم جواز هبة المكره عبده وكذا بيعه قلت إن أراد ببعض الناس الحنفية فمذهبهم ليس كذلك فإن مذهبهم أن شخصا إذا أكره على بيع ماله أوهبته لشخص أو على إقراره بألف مثلا لشخص ونحو ذلك فباع أو وهب وأقر ثم زال الإكراه فهو بالخيار إن شاء أمضى هذه الأشياء وإن شاء فسخها لأن الملك ثبت بالعقد لصدوره من أهله في محله إلا أنه قد شرط الحل وهو التراضي فصار كغيره من الشروط المفسدة حتى لو تصرف فيه تصرفا لا يقبل النقض كالعتق والتدبير ونحوهما لا ينفذ وتلزمه القيمة وإن أجازه جاز لوجود التراضي بخلاف البيع الفاسد لأن الفساد لحق الشرع
فإن نذر المشتري فيه نذرا فهو جائز بزعمه
أراد بهذا الكلام التشنيع على هؤلاء البعض من الناس وإثبات تناقضهم في كلامهم أي قال هؤلاء البعض فإن نذر المشتري يعني المشتري من المكره في الذي اشتراه نذرا فهو جائز قوله بزعمه أي بقوله
وكذلك إن دبره
أي وكذلك قال هؤلاء البعض إن دبر المشتري من المكره العبد الذي اشتراه وبيان التناقض الذي زعمه البخاري فيما قاله الكرماني قال قال المشايخ إذا قال البخاري بعض الناس يريد به الحنفية وغرضه أن يبين أن كلامهم متناقض

(24/102)


لأن بيع الإكراه هل هو ناقل للملك إلى المشتري أم لا فإن قالوا نعم فصح منه جميع التصرفات ولا يختص بالنذر والتدبير وإن قالوا لا فلا يصحان هما أيضا وأيضا فيه تحكم وتخصيص قلت أولا ليس مذهب الحنفية في هذا كما زعمه البخاري كما ذكرنا وثانيا إنا نمنع هذا الترديد في نقل الملك وعدمه بل الملك يثبت بالعقد لصدوره من أهله في محله إلا أنه قد شرط الحل وهو التراضي فصار كغيره من الشروط المفسدة حتى لو تصرف فيه تصرفا لا يقبل النقض كالعتق والتدبير ونحوهما ينفذ وتلزمه القيمة وإن أجازه جاز لوجود التراضي بخلاف البيع الفاسد لأن الفساد لحق الشرع
6947 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( جابر ) رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار دبر مملوكا ولم يكن له مال غيره فبلغ ذلك رسول الله فقال من يشتريه مني فاشتراه نعيم النحام بثمانمائة درهم قال فسمعت جابرا يقول عبدا قبطيا مات عام أول
قال الداودي ما حاصله أنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأنه لا إكراه فيه ثم قال إلا أن يراد أنه باعه وكان كالمكره له على بيعه
وأبو النعمان محمد بن الفضل والحديث مضى في العتق
قوله أن رجلا اسمه أبو مذكور والمملوك اسمه يعقوب والمشتري نعيم بضم النون وفتح العين المهملة وقد وقع في بعض النسخ نعيم بن النحام والصواب نعيم النحام بدون لفظ الابن لأنه قال سمعت في الجنة نحمة نعيم أي سعلته فهو صفته لا صفة أبيه قوله عبدا قبطيا أي من قبط مصر
وفيه جواز بيع المدبر قيل هو حجة على الحنفية في منع بيع المدبر وأجابوا بأن هذا محمول على المدبر المقيد وهو يجوز بيعه إلا أن يثبتوا أنه كان مدبرا مطلقا ولا يقدرون على ذلك وكونه لم يكن له مال غيره ليس علة لجواز بيعه لأن المذهب فيه أن يسعى في قيمته وجواب آخر أنه محمول على بيع الخدمة والمنفعة لا بيع الرقبة لما روى الدارقطني بإسناده عن أبي جعفر أنه قال شهدت الحديث من جابر إنما أذن في بيع خدمته وأبو جعفر ثقة
5 -
( باب من الإكراه كره وكره واحد )
أي هذا باب في جملة ما ورد في أمر الإكراه مما تضمنته الآية المذكور في الباب وفيها لفظ كرها بفتح الكاف أشار البخاري بأن لفظ كره بالفتح وكره بالضم واحد في المعنى قوله كره وكره بالرفع ويروى كرها وكرها على ما في الآية وهو الأوجه ولم يقع هذا في رواية النسفي وقيل الكره بالضم ما أكرهت نفسك عليه وبالفتح ما أكرهك عليه غيرك
6948 - حدثنا ( حسين بن منصور ) حدثنا ( أسباط بن محمد ) حدثنا ( الشيباني سليمان بن فيروز ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) وقال ( الشيباني ) وحدثني ( عطاء أبو الحسن السوائي ) ولا أظنه إلا ذكره عن ابن عباس رضي الله عنهما ياأيها الذين ءامنوا لا يحل لكم أن ترثوا النسآء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض مآ ءاتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا الآية قال كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاؤوا زوجها وإن شاؤوا لم يزوجها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هاذه الآية بذلك
انظر الحديث 4579
مطابقته للترجمة في قوله كرها في الآية
وحسين بن منصور النيسابوري ما له في البخاري إلا هذا الموضع مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين وأسباط بلفظ الجمع ابن محمد القرشي الكوفي وعطاء أبو الحسن السوائي بضم السين المهملة وخفة الواو وبالهمزة بعد الألف نسبة إلى سواء بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بطن كبير وهو من أفراد البخاري
والحديث مر تفسيره في سورة النساء
قوله قال كان ويروى كانوا وهي الأصح قوله فهم أي أهل الرجل ويروى

(24/103)


وهم بالواو قوله في ذلك ويروى بذلك
وقال المهلب فائدة هذا الباب والله أعلم التعريف بأن كل من أمسك امرأة لأجل الإرث منها طمعا أن تموت فلا يحل له ذلك بنص القرآن
6 -
( باب إذا استكرهت المرأة على الزنى فلا حد عليها )
أي هذا باب يذكر فيه إذا استكرهت المرأة على الزنى فلا يجب الحد عليها لأنها مكرهة
لقوله تعالى وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وءاتوهم من مال الله الذى ءاتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغآء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحيواة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
ويروى في قوله تعالى والأول أصوب وجه مناسبة الآية للترجمة من حيث إن فيها دلالة على أن لا إثم على المكرهة على الزنا فيلزم أن لا يجب عليها الحد قوله ومن يكرههن أي بعد النهي بقوله تعالى وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وءاتوهم من مال الله الذى ءاتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغآء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحيواة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم قوله غفور رحيم أي لهن وقد قرىء في الشاذ فإن الله من بعد إكراهن لهن غفور رحيم وهي قراء ابن مسعود وجابر وسعيد بن جبير ونسبت أيضا إلى ابن عباس وقال الطيبي يستفاد منه الوعيد الشديد للمكرهين لهن وفي ذكر المغفرة والرحمة تعريض وتقديره انتهوا أيها المكرهون فإنهن مع كونهن مكرهات قد يؤاخذن لولا رحمة الله ومغفرته فكيف بكم أنتم
6949 - وقال ( الليث ) حدثني ( نافع ) أن ( صفية بنت أبي عبيد ) أخبرته أن عبدا من رقيق الإمارة وقع على وليدة من الخمس فاستكرهها حتى افتضها فجلده عمر الحد ونفاه ولم يجلد الوليدة من أجل أنه استكرهها
مطابقته للترجمة ظاهرة وتعليق الليث بن سعد الذي رواه عن نافع مولى ابن عمر وصله أبو القاسم البغوي عن العلاء بن موسى عن الليث وصفية بنت أبي عبيد الثقفية امرأة عبد الله بن عمر ويروى ابنة أبي عبيد
قوله الإمارة بكسر الهمزة أي من مال الخليفة وهو عمر رضي الله عنه
قوله من الخمس أي من مال خمس الغنيمة الذي يتعلق التصرف فيه بالإمام ومعنى قوله وقع على وليدة زنا بها قوله افتضها أي أزال بكارتها ومادته قاف وضاد معجمة مأخوذة من القضة بكسر القاف وهي عذرة البكرة
وفيه إن عمر كان يرى نفي الرقيق كالحر من البلد يعني يغربه نصف سنة لأن حده نصف حد الحر في الجلد واختلفوا في وجوب الصداق لها فقال عطاء والزهري نعم وهو قول مالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وقال الشعبي إذا أقيم عليها الحد فلا صداق لها وهو قول الكوفيين
قال الزهري في الأمة البكر يفترعها الحر يقيم ذالك الحكم من الأمة العذراء بقدر قيمتها ويجلد وليس في الأمة الثيب في قضاء الأئمة غرم ولكن عليه الحد
أي قال محمد بن مسلم الزهري إلى آخره قوله يفترعها بالفاء والراء والعين المهملة أي يفتضها قوله يقيم قال الكرماني ويقيم إما بمعنى يقوم وإما من قامت الأمة مائة دينار إذا بلغت قيمتها قوله ذلك أي الاقتراع قوله الحكم بفتحتين أي الحاكم قوله العذراء أي البكر قوله بقدر قيمتها أي على الذي افتضها ويروى بقدر ثمنها والمعنى أن الحاكم يأخذ من المفترع دية الافتراع نسبة قيمتها أي أرش النقص وهو التفاوت بين كونها بكرا وثيبا وفائدة قوله ويجلد دفع توهم من يظن أن الغرم يغني عن الجلد قوله غرم أي غرامة وقول مالك كقول الزهري كما نقل عن المهلب
6950 - حدثنا ( أبو اليمان ) حدثنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله هاجر إبراهيم بسارة دخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فأرسل إليه أن أرسل إلي بها فأرسل بها فقام إليها فقامت توضأ وتصلي فقالت

(24/104)


اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك فلا تسلط علي الكافر فغط حتى ركض برجله
مطابقته للترجمة ظاهرة من حيث إنه كما لا ملامة عليها في الخلوة معه إكراها فكذلك المستكرهة في الزنا لا حد عليها كذا قاله الكرماني وصاحب التوضيح قلت الأقرب أن يقال وجه المطابقة من حيث إنه أكره إبراهيم عليه السلام على إرسالها إليه
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمان بن هرمز
ومضى الحديث في آخر البيع وفي أحاديث الأنبياء عليهم السلام
قوله هاجر إبراهيم عليه السلام قال الكرماني من العراق إلى الشام قلت قال أهل السير من بيت المقدس إلى مصر وسارة أم إسحاق عليهما السلام قوله دخل بها قرية قال الكرماني هي حران بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وبالنون وهي كانت مدينة عظيمة تعدل ديار مصر في حد الجزيرة بين الفرات ودجلة واليوم هي خرابة قيل كان مولد إبراهيم بها وقول الكرماني قرية هي حران فيه نظر والذي ذكره أهل السير هي مصر ومما يؤيد هذا الذي ذكره قول من قال إن حران هي التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام قوله أو جبار شك من الراوي قوله فأرسل إليه أي أرسل ذلك الجبار إلى إبراهيم عليه السلام فأرسل بها إبراهيم عليه السلام كرها قوله توضأ بضم الهمزة أصله تتوضأ فحذفت منه إحدى التاءين قوله إن كنت ليس على الشك لأنها لم تكن شاكة في إيمانها وإنما هو على خلاف مقتضى الظاهر فيؤول بنحو إن كنت مقبولة الإيمان قوله فغط بضم الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة أي خنق وصرع وقال الداودي ورويناه هنا بالعين المهملة ويحتمل أن يكون من العطعطة وهي حكاية صوت وقال الشيباني العطوط المغلوب ذكره الجوهري في باب العين المهملة قوله حتى ركض برجله أي حركه ودفع وجمع ولم يذكر البخاري حكم إكراه الرجل على الزنى فذهب الجمهور إلى أنه لا حد عليه وقال مالك وجماعة عليه الحد لأنه لا تنتشر الآلة إلا بلذة وسواء أكرهه سلطان أو غيره وعن أبي حنيفة لا يحد إن أكرهه سلطان وخالفه أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى
7 -
( باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوهوكذالك كل مكره يخاف فإنه يذب عنه الظالم ويقاتل دونه ولا يخذلهفإن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص )
أي هذا باب في بيان يمين الرجل أنه أخوه إذا خاف عليه القتل بأن يقتله ظالم إن لم يحلف اليمين الذي أكرهه الظالم عليها قوله أو نحوه أي أو نحوه القتل مثل قطع اليد أو قطع عضو من أعضائه قوله فإنه يذب بفتح الياء آخر الحروف وضم الذال المعجمة أي يدفع عنه الظالم ويروى المظالم جمع مظلمة ويروى ويدرء عنه الظالم أي يدفعه ويمنعه منه قوله ويقاتل دونه أي يقاتل عنه ولا يخذله له أي لا يترك نصرته قوله فإن قاتل دون المظلوم أي عن المظلوم قوله فلا قود عليه ولا قصاص قال صاحب التوضيح يريد ولا دية لأن الدية تسمى أرشا وقال الكرماني لم كرر القود إذ هو القصاص بعينه ثم أجاب بأنه لا تكرار إذ القصاص أعم من أن يكون في النفس ويستعمل غالبا في القواد أو هو تأكيد قلت في الجواب الثاني نظر لا يخفى وقال ابن بطال ذهب مالك والجمهور إلى أن من أكره على يمين إن لم يحلفها قتل أخوه المسلم أنه لا حنث عليه وقال الكوفيون يحنث لأنه كان له أن يوري فلما ترك التورية صار قاصدا لليمين فيحنث
وإن قيل له لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة أو لتبيعن عبدك أو تقر بدين أو تهب هبة وكل عقدة أو لنقتلن أباك أو أخاك في الإسلام وسعه ذالك لقول النبي المسلم أخو المسلم

(24/105)


أي إن قيل لرجل يعني لو قال رجل لرجل لتشربن الخمر وأكرهه على ذلك أو قال لتأكلن الميتة وأكرهه على ذلك أو قال له لتبيعن عبدك وأكرهه على ذلك وهذه الألفاظ الثلاثة كلها مؤكدة بالنون الثقيلة وباللامات المفتوحة في أوائلها قوله أو تقر أي أو قال له لتقر بدين لفلان وأكرهه على ذلك أو قال له تهب هبة لفلان وأكرهه على ذلك قوله وكل عقدة لفظ كل مضافة إلى لفظ عقدة وهو مبتدأ وخبره محذوف أي كذلك نحو أن يقول لتقرضن أو لتؤجرن ونحوهما ويروى أو تحل عقدة عطف على ما قبله وتحل فعل مضارع مخاطب من الحل بالحاء المهملة قال الكرماني المراد بحل العقدة فسخها قوله أباك أو أخاك في الإسلام إنما قيد بالإسلام ليجعله أعم من الأخ القريب من النسب قوله وسعه ذلك أي جاز له له لنقتلن أباك أو قال أي الأكل والشرب والإقرار والهبة لتخليص الأب والأخ في الدين يعني المؤمن عن القتل وقال ابن بطال مراد البخاري أن من هدد بقتل والده أو بقتل أخيه في الإسلام إن لم يفعل شيئا من المعاصي أو يقر على نفسه بدين ليس عليه أو يهب شيئا لغيره بغير طيب نفس منه أو يحل عقدا كالطلاق والعتاق بغير اختياره فله أن يفعل جميع ما هدده به لينجو أبوه من القتل وكذا أخوه المسلم قوله لقول النبي دليل قوله أو أخاك في الإسلام وقد تقدم هذا الحديث في باب المظالم
وقال بعض الناس لو قيل له لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة أو لتقتلن ابنك أو أباك أو ذا رحم محرم لم يسعه لأن هاذا ليس بمضطر ثم ناقض فقال إن قيل له لنقتلن أباك أو ابنك أو لتبيعن هاذا العبد أو تقر بدين أو تهب يلزمه في القياس ولاكنا نستحسن ونقول البيع والهبة وكل عقدة في ذالك باطل فرقوا بين كل ذي رحم محرم وغيره بغير كتاب ولا سنة
قيل أراد ببعض الناس الحنفية قوله لو قيل له أي قال ظالم لرجل وأراد قتل والده لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة قوله أو لنقتلن ابنك أي أو قال لنقتلن ابنك إن لم تفعل ما أقول لك قوله أو ذا رحم محرم أي أو قال لنقتلن ذا رحم محرم لك إن لم تفعل كذا والمحرم هو من لا يحل نكاحها أبدا لحرمته قوله لم يسعه أي لم يسعه أن يفعل ما أمره به لأنه ليس بمضطر في ذلك لأن الإكراه إنما يكون فيما يتوجه إلى الإنسان في خاصة نفسه لا في غيره وليس له أن يدفع بها معاصي غيره فإن فعل يأثم وعند الجمهور لا يأثم وقال الكرماني يحتمل أن يقال إنه ليس بمضطر لأنه مخير في أمور متعددة والتخيير ينافي الإكراه وقال بعضهم قوله في أمور متعددة ليس كذلك بل الذي يظهر أن أو فيه للتنويع لا للتخيير وأنها أمثلة لأمثال واحد قلت ما الذي يظهر أن أو فيه للتنويع بل هي للتخيير لأنها وقعت بعد الطلب قوله ثم ناقض الضمير فيه يرجع إلى بعض الناس بيان التناقض على زعمه أنهم قالوا بعدم الإكراه في الصورة الأولى وقالوا به في الصورة الثانية من حيث القياس ثم قالوا ببطلان البيع ونحوه استحسانا فقد ناقضوا إذ يلزم القول بالإكراه وقد قالوا بعدم الإكراه قلت هذه المناقضة ممنوعة لأن المجتهد يجوز له أن يخالف قياس قوله بالاستحسان والاستحسان حجة عند الحنفية قوله فرقوا بين كل ذي رحم محرم وغيره بغير كتاب ولا سنة أراد به أن مذهب الحنفية في ذي الرحم بخلاف مذهبهم في الأجنبي فلو قيل لرجل لتقتلن هذا الرجل الأجنبي أو لتبيعن كذا ففعل لينجيه من القتل لزمه البيع ولو قيل له ذلك في ذي رحم محرم لم يلزمه ما عقده قلت هذا أيضا بطريق الاستحسان وهو غير خارج عن الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولائك الذين هداهم الله وأولائك هم أولو الالباب وأما السنة فقوله ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وقال الكرماني وما ذكره البخاري من أمثال هذه المباحث غير مناسب لوضع هذا الكتاب إذ هو خارج عن فنه قلت أنكر عليه بعضهم هذا الكلام فقال للبخاري أسوة بالأئمة الذين سلك طريقهم كالشافعي وأبي ثور والحميدي وأحمد وإسحاق فهذه طريقتهم في البحث انتهى قلت لم يسلك أحد منهم فيما جمعه من الحديث خاصة هذا المسلك وإنما ذكروا في مؤلفات مشتملة على الأصول والفروع وإن ذكر أحد

(24/106)


منهم هذه المباحث في كتب الحديث خاصة فالكلام عليه أيضا وارد على أن أحدا لا ينازع أن البخاري لا يساوي الشافعي في الفقه ولا في البحث عن مثل هذه المباحث
وقال النبي قال إبراهيم لامرأته هاذه أختي وذالك في الله
هذا استشهد به البخاري على عدم الفرق بين القريب والأجنبي في هذا الباب وبيان ذلك أن إبراهيم عليه السلام قال لامرأته وهي سارة وكذا في رواية الكشميهني هذه أختي يعني في الإسلام فإذا كانت أخته في الإسلام وجبت عليه حمايتها والدفع عنها قوله وذلك في الله من كلام البخاري يعني قوله هذه أختي لإرادة التخلص فيما بينه وبين الله قلت فرقهم بين القريب والأجنبي أيضا استسحان لأنه إذا وجبت حماية أخيه المسلم في الدين على ما قالوا فحماية قريبه أوجب
وقال النخعي إذا كان المستخلف ظالما فنية الحالف وإن كان مظلوما فنية المستحلف
أي قال إبراهيم النخعي إذا كان المستحلف ظالما فالمعتبر نية الحالف وإن كان مظلوما فالمعتبر نية المستحلف قيل كيف يكون المستحلف مظلوما وأجيب بأن المدعي المحق إذا لم تكن له نية ويستحلفه المدعى عليه فهو مظلوم وأثر إبراهيم هذا وصله محمد بن الحسن في كتاب الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عنه بلفظ إذا استحلف الرجل وهو مظلوم فاليمين على ما نوى وعلى ما روى وإذا كان ظالما فاليمين على نية من استحلفه وقال ابن بطال قول النخعي يدل على أن النية عنده نية المظلوم أبدا أو إلى مثله ذهب مالك والجمهور وعند أبي حنيفة النية نية الحالف أبدا وقال غيره ومذهب الشافعي أن الحلف إذا كان عند الحاكم فالنية نية الحاكم وهي راجعة إلى نية صاحب الحق وإن كان في غير الحاكم فالنية نية الحالف
6951 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أن ( سالما ) أخبره أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته
انظر الحديث 2442
مطابقته للترجمة من حيث إن المسلم تجب عليه حماية أخيه المسلم
والحديث قد مر في كتاب المظالم بعين هذا الإسناد بأتم منه
قوله ولا يسلمه من الإسلام وهو الخذلان قوله في حاجته أي في قضاء حاجته
6952 - حدثنا ( محمد بن عبد الرحيم ) حدثنا ( سعيد بن سليمان ) حدثنا ( هشيم ) أخبرنا ( عبيد الله بن أبي بكره بن أنس ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال قال رسول الله انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره
انظر الحديث 2443 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبد الرحيم البزاز بمعجمتين الملقب بصاعقة وهو من طبقة البخاري في أكثر شيوخه وسعيد بن سليمان الواسطي سكن بغداد وهو أيضا من شيوخ البخاري وقد روى عنه بغير واسطة في مواضع وهشيم مصغر هشيم ابن بشير مصغر بشر الواسطي وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس يروي عن جده أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه
والحديث مر في كتاب المظالم من حديث عبيد الله بن أبي بكر بن أنس وحميد الطويل سمعا أنس بن مالك يقول قال رسول الله انصر أخاك ظالما أو مظلوما انتهى هذا المقدار وأخرجه فيه أيضا عن مسدد عن معتمر عن حميد عن أنس قال قال رسول الله انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما

(24/107)


فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يده
قوله أفرأيت أي أخبرني والفاء عاطفة على مقدر بعد الهمزة وفيه نوعان من المجاز أطلق الرؤية وأراد الإخبار وأطلق الاستفهام وأراد الأمر والعلاقتان ظاهرتان وكذا القرينة قوله إذا كان ظالما كيف أنصره أي كيف أنصره على ظلمه قوله تحجزه بالحاء المهملة والجيم والزاي تمنعه ويروى تحجره بالراء موضع الزاي من الحجر وهو المنع قوله أو تمنعه شك من الراوي قوله فإن ذلك أي منعه عن الظلم نصره
( كتاب الحيل )
أي هذا كتاب في بيان الحيل وهو جمع حيلة وهي ما يتوصل به إلى المقصود بطريق خفي وقال الجوهري الحيلة بالكسر اسم من الاحتيال ذكره في فصل الياء ثم قال وهو من الواو ويقال هو أحيل منك وأحول منك أي أكثر حيلة وما أحيله لغة فيما أحوله
1 -
( باب في ترك الحيل )
أي هذا باب في بيان ترك الحيل قيل أشار بلفظ الترك إلى دفع توهم جواز الحيل في الترجمة الأولى قلت الترجمة الأولى بعمومها تتناول الحيلة الجائزة والحيلة الغير الجائزة وأطلقها لأن من الحيل ما لا يمنع منها وفي هذه الترجمة بين أحد النوعين وهو الترك
وأن لكل امرىء ما نوي في الأيمان وغيرها
أي هذا في بيان أن لكل امرىء ما نوى وهذا قطعة من الحديث الذي يأتي الآن وأيضا مضى في أول الكتاب وهو قوله إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى الحديث ومضى الكلام فيه مبسوطا قوله في الأيمان وغيرها من كلام البخاري والأيمان بفتح الهمزة جمع يمين قوله وغيرها وفي رواية الكشميهني قيل وجه ذلك إرادة اليمين المستفادة من الأيمان وفيه نظر لا يخفى وهذا الحديث محمول على العبادات والبخاري عمم في ذلك بحيث يشتمل كلامه على المعاملات أيضا
6953 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن يحياى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب قال سمعت النبي يقول يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية وإنما لامرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن هاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
مطابقته للترجمة من حيث إن مهاجر أم قيس جعل الهجرة حيلة في تزويج أم قيس
وأبو النعمان محمد بن الفضل و ( يحيى بن سعيد ) القطان و ( محمد بن إبراهيم ) التيمي وقد شرحت هذا الحديث في أول الكتاب لم يشرح أحد مثله من الشراح المتقدمين والمتأخرين واحتج بهذا الحديث من قال بإبطال الحيل ومن قال بإعمالها لأن مرجع كل من الفريقين إلى نية العامل وفي المحيط كتاب الحيل ومشروعيته بقوله تعالى في قصة أيوب عليه السلام وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب وهي الفرار والهروب عن المكروه والاحتيال للهروب عن الحرام والتباعد عن الوقوع في الآثام لا بأس به بل هو

(24/108)


مندوب إليه وأما الاحتيال لإبطال حق المسلم فإثم وعدوان وقال النسفي في الكافي عن محمد بن الحسن قال ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق
2 -
( باب في الصلاة )
أي هذا باب في بيان دخول الحيلة في الصلاة
6954 - حدثني ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( همام ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
انظر الحديث 135
وقال الكرماني فإن قلت ما وجه تعلق الحديث بالكتاب قلت قالوا مقصود البخاري الرد على الحنفية حيث صححوا صلاة من أحدث في الجلسة الأخيرة وقالوا إن التحلل يحصل بكل ما يضاد الصلاة فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث ووجه الرد أنه محدث في الصلاة فلا تصح لأن التحلل منها ركن فيها لحديث وتحليلها التسليم كما أن التحريم بالتكبير ركن منها وحيث قالوا المحدث في الصلاة يتوضأ ويبني وحيث حكموا بصحتها عند عدم النية في الوضوء بعلة أنه ليس بعبادة انتهى
وقال ابن المنير أشار البخاري بهذه الترجمة إلى رد قول من قال بصحة صلاة من أحدث عمدا في أثناء الجلوس الأخير ويكون حدثه كسلامه بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة مع الحدث انتهى وقال ابن بطال فيه رد على من قال إن من أحدث في القعدة الأخيرة إن صلاته صحيحة انتهى وقيل التحريم يقابله التسليم لحديث تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فإذا كان أحد الطرفين ركنا كان الطرف الآخر ركنا
قلت لا مطابقة بين الحديث والترجمة أصلا فإنه لا يدل أصلا على شيء من الحيل وقول الكرماني فهم متحيلون في صحة الصلاة مع وجود الحدث كلام مردود غير مقبول أصلا لأن الحنفية ما صححوا صلاة من أحدث في القعدة الأخيرة بالحيلة وما للحيلة دخل أصلا في هذا بل حكموا بذلك بقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لابن مسعود رضي الله تعالى عنه إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك رواه أبو داود في سننه ولفظه إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم وإن شئت أن تقعد فاقعد ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وهذا ينافي فرضية السلام في الصلاة لأنه خير المصلي بعد القعود بقوله إن شئت أن تقوم إلى آخره وهو حجة على الشافعي في قوله السلام فرض وما حملهم على هذا الكلام الساقط إلا فرط تعصبهم الباطل
وقوله وجه الرد أنه محدث في صلاته فلا تصح غير صحيح لأن صلاته قد تمت وقوله لحديث وتحليلها التسليم استدلال غير صحيح لأنه خبر من أخبار الآحاد فلا يدل على الفرضية وكذلك استدلالهم على فرضية تكبيرة الافتتاح بقوله تحريمها التكبير غير صحيح لما ذكرنا بل فرضيته بقوله تعالى وربك فكبر المراد به في الصلاة إذ لا يجب خارج الصلاة بإجماع أهل التفسير ولا مكان يجب فيه إلا في افتتاح الصلاة وقوله بعلة أنه لبس بعبادة كلام ساقط أيضا لأن الحنفية لم يقولوا إن الوضوء ليس بعبادة مطلقا بل قالوا إنه عبادة غير مستقلة بذاتها بل هو وسيلة إلى إقامة الصلاة وقول ابن المنير أيضا بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة مردود كما ذكرنا وجهه وقول ابن بطال فيه رد الخ كذلك مردود لأن الحديث لا يدل على ما قاله قطعا وقول من قال فإذا كان أحد الطرفين ركنا كان الطرف الآخر ركنا غير سديد ولا موجة أصلا لعدم استلزام ذلك على ما لا يخفى
قوله حدثني إسحاق ويروى حدثنا إسحاق وهو ابن نصر أبو إبراهيم السعدي البخاري كان ينزل بالمدينة بباب سعد يروي عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن همام بتشديد الميم ابن منبه الأبناوي الصنعاني
والحديث مضى في الطهارة ومضى الكلام فيه
3 -
( باب في الزكاة )

(24/109)


أي هذا باب في بيان ترك الحيل في إسقاط الزكاة وفيه خلاف سيأتي
وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة
أي وفي بيان أن لا يفرق إلى آخره وهو لفظ الحديث الأول في الباب وهو قطعة من حديث طويل مضى في الزكاة بالسند المذكور ومضى الكلام فيه
6955 - حدثنا ( محمد بن عبد الله الأنصاري ) حدثنا أبي حدثنا ( ثمامة بن عبده الله بن أنس ) أن ( أنسا ) حدثه أن ( أبا بكر ) كتب له فريضة الصدقة التي فرض رسول الله ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري يروي عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس وثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم
قوله ولا يجمع عطف على فريضة أي لو كان لكل شريك أربعون شاة فالواجب شاتان لا يجمع بينهما ليكون الواجب شاة واحدة ولا يفرق كما لو كان بين الشريكين أربعون لئلا تجب فيه الزكاة لأنه حيلة في إسقاطها أو تنقيصها
6956 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( أبي سهيل ) عن أبيه عن ( طلحة بن عبيد الله ) أن أعرابيا جاء إلى رسول الله ثائر الرأس فقال يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة فقال الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا فقال أخبرني بما فرض الله علي من الصيام قال شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا قال أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة قال أخبره رسول الله شرائع الإسلام قال والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا فقال رسول الله أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق
وجه المطابقة بين الحديث والترجمة لا يتأتى إلا بالتعسف وأبو سهيل مصغر السهل اسمه نافع بن مالك وطلحة بن عبيد الله مصغرا التيمي أحد العشرة المبشرة بالجنة قتله مروان بن الحكم يوم الجمل
والحديث مضى في الإيمان ومضى الكلام فيه
قوله شرائع الإسلام أي واجبات الزكاة وغيرها وقال الكرماني مفهوم الشرط يوجب أنه إن تطوع لا يفلح قلت شرط اعتبار مفهوم المخالفة عدم مفهوم الموافقة وهاهنا مفهوم الموافقة ثابت إذ من تطوع يفلح بالطريق الأولى
وقال بعض الناس في عشرين ومائة بعير حقتان فإن أهلكها متعمدا أو وهبها أو احتال فيها فرارا من الزكاة فلا شيء عليه
قيل أراد بعض الناس أبا حنيفة والتشنيع عليه لأن مذهبه أن كل حيلة يتحيل بها أحد في إسقاط الزكاة فأثم ذلك عليه وأبو حنيفة يقول إذا نوى بتفويته الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم لم تضره النية لأن ذلك لا يلزمه إلا بتمام الحول ولا يتوجه إليه معنى قوله خشية الصدقة إلا حينئذ وقد قام الإجماع على جواز التصرف قبل دخول الحول كيف شاء وهو قول الشافعي أيضا فكيف يريد بقوله بعض الناس أبا حنيفة على الخصوص وقيل أراد به أبا يوسف فإنه قال في عشرين ومائة

(24/110)


بعير إلى آخره وقال لا شيء عليه لأنه امتناع عن الوجوب لا إسقاط الواجب وقال محمد يكره لم فيه من القصد إلى إبطال حق الفقراء بعد وجود سببه وهو النصاب
6957 - حدثنا إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه صاحبه فيطلبه ويقول أنا كنزك قال والله لن يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه
0ا - نظر الحديث 1403ف
6958 - وقال رسول الله إذا ما رب النعم لم يعط حقها تسلط عليه يوم القيامة تخبط وجهه بأخفافها
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه منع الزكاة بأي وجه كان من الوجوه المذكورة
وإسحاق قيل إنه ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج وقال الكرماني قال الكلاباذي يروي البخاري عن إسحاق بن منصور وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي وإسحاق بن إبراهيم السعدي عن عبد الرزاق انتهى قلت مقتضى كلام الكرماني أن إسحاق هنا يحتمل أن يكون أحد الثلاثة المذكورين بغير تعيين والحديث مضى في الزكاة
قوله كنز أحدكم الكنز المال الذي يخبأ ولا تؤدى زكاته قوله شجاعا من المثلثات وهو حية والأقرع بالقاف أي المتناثر شعر رأسه لكثرة سمه قوله لن يزال وفي رواية الكشميهني لا يزال قوله حتى يبسط يده أي صاحب المال قوله فيلقمها أي يده
قوله وقال رسول الله وهو موصول بالسند المذكور قوله إذا ما رب النعم كلمة ما زائدة والرب المالك والنعم بفتحتين الإبل والبقر والغنم والظاهر أن المراد به هنا هو الإبل بقرينة ذكر أخفافها لأنه للإبل خاصة وهو جمع خف والخف للإبل كالظلف للشاة
وقال بعض الناس في رجل له إبل فخاف أن تجب عليه الصدقة فباعها بإبل مثلها أو بغنم أو ببقر أو بدراهم فرارا من الصدقة بيوم احتيالا فلا بأس عليه وهو يقول إن زكى إبله قبل أن يحول الحول بيوم أو بسنة جازت عنه
قال بعض الشراح أراد البخاري ببعض الناس أبا حنيفة يريد به التشنيع عليه بإثبات التناقض فما قاله بيان ما يريده من التناقض هو أنه نقل ما قاله في رجل له إبل إلى آخره ثم قال وهو يقول أي والحال أن بعض الناس المذكور يقول إن زكى إبله الخ يعني جاز عنده التزكية قبل الحول بيوم فكيف يسقطه في ذلك اليوم وقال صاحب التلويح ما ألزم البخاري أبا حنيفة من التناقض فليس بتناقض لأنه لا يوجب الزكاة إلا بتمام الحول ويجعل من قدمها كمن قدم دينا مؤجلا وقد سبقه بهذا ابن بطال
6959 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) عن ( ابن عباس ) أنه قال استفتى سعد بن عبادة الأنصاري رسول الله في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله اقضه عنها
انظر الحديث 2761 وطرفه
مطابقته للترجمة تظهر بتعسف من كلام المهلب حيث قال في هذا الحديث حجة على أن الزكاة لا تسقط بالحيلة ولا بالموت لأن النذر لما لم يسقط بالموت والزكاة أوكد منه فلا تسقط قلت فيه نظر لا يخفى أما الحديث فإنه لا يدل على حكم الزكاة لا بالسقوط ولا بعدم السقوط وأما قياس عدم سقوط النذر بالموت فقياس غير صحيح لأن النذر حق

(24/111)


معين لواحد والزكاة حق الله وحق الفقراء فمن أين الجامع بينهما ومع هذا فهذا الحديث والحديثان اللذان قبله لا تطابق الترجمة إذا حققت النظر فيها وأنها بمعزل عنها
ورجال الحديث المذكور ذكروا غير مرة والحديث مضى في كتاب الأيمان والنذور
وقال بعض الناس إذا بلغت الإبل عشرين ففيها أربع شياه فإن وهبها قبل الحول أو باعها فرارا واحتيالا لإسقاط الزكاة فلا شيء عليه وكذالك إن أتلفها فمات فلا شيء في ماله
أراد بقوله بعض الناس أبا حنيفة أو الحنفية كما ذكرنا والكلام فيه مثل الكلام في الفرعين المتقدمين وهو أن الحنفية إنما قالوا لا شيء عليه في هذه الثلاثة لأنه إذا أزال عن ملكه قبل الحول فمن أين يكون عليه شيء فلا يرد عليهم ما زعمه البخاري فحينئذ لا فائدة في تكرار هذه الفروع وذكرها مفرقة فإن قلت قال الكرماني إنما كررها لإرادة زيادة التشنيع ولبيان مخالفتهم لثلاثة أحاديث قلت التشنيع على المجتهدين الكبار لا يجوز وليس فيما ذهبوا إليه مخالفة لأحاديث الباب كما تراه وهي بمعزل عما ذهبوا إليه ومن له إدراك دقيق في دقائق الكلام يقف على هذا ويظهر له الحق الباطل والصواب من الخطأ والله ولي العصمة والتوفيق
4 -
( باب الحيلة في النكاح )
أي هذا باب في بيان ترك الحيلة في النكاح
6960 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحياى بن سعيد ) عن ( عبيد الله ) قال حدثني ( نافع ) عن ( عبد الله ) رضي الله عنه أن رسول الله نهاى عن الشغار قلت لنافع ما الشغار قال ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق
انظر الحديث 5112
لا مطابقة أصلا بين الترجمة والحديث حتى قيل إن إدخال البخاري الشغار في باب الحيلة في النكاح مشكل لأن القائل بالجواب يبطل الشغار ويوجب مهر المثل
وعبيد الله بالتصغير ابن عمر العمري وعبد الله هو ابن عمر رضي الله تعالى عنهما والحديث مضى في النكاح ومضى الكلام فيه
وقال بعض الناس إن احتال حتى تزوج على الشغار فهو جائز والشرط باطل
وقال في المتعة النكاح فاسد والشرط باطل
وقال بعضهم المتعة والشغار جائز والشرط باطل
أراد ببعض الناس الحنفية على ما قالوا إن في كل موضع قال البخاري قال بعض الناس فمراده الحنفية أو أبو حنيفة وحده وهذا غير وارد عليهم لأنهم قالوا بصحة العقدين فيه وبوجوب مهر المثل لوجود ركن النكاح من أهله في محله والنهي في الحديث لإخلاء العقد عن المهر فصار كالعقد بالخمر قوله إن احتال لم يذكر أحد من الحنفية أنهم احتالوا في الشغار وإنما قالوا صورة نكاح الشغار أن يقول الرجل إني أزوجك ابنتي على أن تزوجني ابنتك أو أختك فيكون أحد العقدين عوضا عن الآخر فالعقدان جائزان ولكل منهما مهر مثلها وقال مالك والشافعي وأحمد نكاح الشغار باطل لظاهر الحديث
قوله وقال في المتعة أي وقال بعض الناس في نكاح المتعة النكاح فاسد والشرط باطل وصورته أن يتزوج المرأة بشرط أن يتمتع بها أياما ثم يخلي سبيلها هكذا ذكره الكرماني وعند أبي حنيفة صورته أن يقول متعيني نفسك أو أتمتع بك مدة معلومة طويلة أو قصيرة فتقول متعتك نفسي ولا بد من لفظ التمتع فيه هذا مجمع عليه
قوله وقال بعضهم الخ لم أر أحدا من الشراح بين من هؤلاء البعض وقال صاحب التوضيح المراد به بعض أصحاب أبي حنيفة قلت لم يذكر أحد من أصحاب أبي حنيفة شيئا من هذا وقال بعضهم كأنه يشير إلى ما نقل عن زفر أنه أجاز الموقت وألغى الشرط لأنه شرط فاسد

(24/112)


والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة انتهى قلت مذهب زفر ليس كذلك بل عنده ما صورته أن يتزوج امرأة إلى مدة معلومة فالنكاح صحيح ويلزم واشتراط المدة باطل وعند أبي حنيفة وصاحبيه النكاح باطل
6961 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى عن عبيد الله بن عمر حدثنا الزهري عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي عن أبيهما أن عليا رضي الله عنه قيل له إن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأسا فقال إن رسول الله نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية
هذا أيضا غير مطابق لعدم التعرض إلى الحيلة في المتعة وإنما صورتها ما ذكرنا
و ( يحيى ) هو القطان و ( عبيد الله بن عمر ) العمري ومحمد بن علي هو المعروف بابن الحنفية وعلي هو ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في كتاب النكاح ومضى الكلام فيه
وقال بعض الناس إن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد
وقال بعضهم النكاح جائز والشرط باطل
لا مناسبة لذكر هذا هنا لأن بطلان المتعة مجمع عليه وقوله إن احتال ليس له دخل في المتعة وإنما ذكره ليشنع به على الحنفية من غير وجه
قوله وقال بعضهم الخ قال بعضهم إنه قول زفر وليس كذلك وإنما قول زفر قد بيناه عن قريب فافهم
5 -
( باب ما يكره من الاحتيال في البيوع ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ )
أي هذا باب في بيان ما يكره من الاحتيال في البيوع ولم يذكر فيه حديثا وقال الكرماني هو من قبيل ما ترجم له ولم يلحق الحديث به هذا هو الغالب قلت لما لم يظفر بحديث يتعلق بالترجمة كان تركها هو الأوجه قوله ولا يمنع فضل الماء الخ التقدير فيه وباب في بيان لا يمنع الخ ويجيء الكلام فيه الآن
6962 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثنا ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلإ
انظر الحديث 2353 وطرفه
الجزء الثاني من الترجمة هو عين حديث الباب قال الكرماني كيفية تعلقه بكتاب الحيل هو إرادة صيانة الكلأ المباح للكل المشترك فيه فيحيل بصيانة الماء لتلزم صيانته
وإسماعيل هو بن أويس وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج هو عبد الرحمان بن هرمز
والحديث مضى في كتاب الشرب
قوله لا يمنع على صيغة المجهول يعني لا يمنع فضل الماء عنه بوجه من الوجوه لأنه إذا لم يمنع بسبب غيره فأحرى أن يمنع بسبب نفسه وفي تسميته فضلا إشارة إلى أنه إذا لم يكن زيادة عن حاجة صاحب البئر جاز لصاحب البئر منعه صورته رجل له بئر وحولها كلأ مباح وهو بفتح الكاف واللام المخففة وبالهمزة وهو ما يرعى فأراد الرجل الاختصاص به فيمنع فضل ماء بئره أن يرده نعم غيره للشرب وهو لا حاجة له في الماء الذي يمنعه وإنما حاجته إلى الكلأ وهو لا يقدر على منعه لكونه غير مملوك له فيمنع الماء فيتوفر له الكلأ وأمر الشارع صاحب البئر أن لا يمنع فضل الماء لئلا يكون مانعا للكلأ
6 -
( باب ما يكره من التناجش )
أي هذا باب في بيان ما يكره من التناجش وهو أن يزيد في الثمن بلا رغبة فيه ليوقع الغير فيه وأنه ضرب من التحيل في تكثير

(24/113)


الثمن والمراد من الكراهة كراهة التحريم
6963 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) عن ( مالك ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) أن رسول الله نهى عن النجش انظر الحديث 2142
مطابقته للترجمة ظاهرة ودخوله في كتاب الحيل من حيث إن فيه نوعا من الحيلة لإضرار الغير
والحديث مضى في كتاب البيوع ومضى الكلام فيه
7 -
( باب ما ينهاى من الخداع في البيوع )
أي هذا باب في بيان ما جاء في النهي من الخداع ويقال له الخدع بالفتح والكسر ورجل خادع وفي المبالغة خدوع وخداع قوله من الخداع وفي رواية الكشميهني عن الخداع
وقال أيوب يخادعون الله كما يخادعون آدميا لو أتوا الأمر عيانا كان أهون علي
أيوب هو السختياني قوله كما يخادعون ويروى كأنما يخادعون قوله عيانا قال الكرماني لو علموا هذه الأمور بأن أخذ الزائد على الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل لأنه ما جعل الدين آلة له وقول أيوب هذا رواه وكيع عن سفيان بن عيينة عن أيوب
6964 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثنا ( مالك ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أن رجلا ذكر للنبي أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل هو ابن أبي أويس والحديث مضى في البيوع
قوله أن رجلا هو حبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن منقذ على صيغة اسم الفاعل من الإنقاذ بالذال المعجمة قوله يخدع على صيغة المجهول قوله لا خلابة بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وبالباء الموحدة ومعناه لا خديعة وقال المهلب معنى قوله لا خلابة أي لا تخلبوني أي لا تخدعوني فإن ذلك لا يحل وقال لا يدخل في الخداع الثناء على السلعة والإطناب في مدحها فإنه متجاوز عنه ولا ينقض به البيع
8 -
( باب ما ينهاى عن الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وأن لا يكمل صداقها )
أي هذا باب في بيان ما ينهى عن الاحتيال للولي في اليتيمة التي يرغب وليها فيها وفي بيان ما ينهى أن لا يكمل صداقها ويروى أن لا يكمل لها صداقها
6965 - حدثنا ( أبو اليمان ) حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال كان عروة يحدث أنه سأل عائشة وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذالك أدنى ألا تعولوا قالت هي اليتيمة في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها فنهوا عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ثم استفتى الناس رسول الله بعد فأنزل الله ويستفتونك فى النسآء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النسآء اللاتى لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما فذكر الحديث
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة
والحديث مضى في التفسير في مواضع في سورة النساء ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله في حجر وليها بفتح الحاء المهملة وكسرها قوله بأدنى من سنة نسائها أي أقل من

(24/114)


مهر مثل أقاربها قوله فنهوا على صيغة المجهول قوله إلا أن يقسطوا بضم الياء من الإقساط وهو العدل قوله فذكر الحديث أي باقي الحديث واليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها وإذا كانت مرغوبا عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء قلت فكما يتركونها مرغوبين عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق
9 -
( باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضي بقيمة الجارية الميتة ثموجدها صاحبها فهي له وترد القيمة ولا تكون القيمة ثمنا )
أي هذا باب مترجم بما إذا غصب رجل جارية لشخص يعني أخذها قهرا فلما ادعى عليه المغصب منه زعم أي الغاصب أن الجارية ماتت فقضي على صيغة المجهول ويجوز أن يكون على صيغة المعلوم أي فقضى الحاكم بقيمة تلك الجارية التي زعم الغاصب أنها ماتت ثم وجدها صاحبها وهو المغصوب منه فهي أي الجارية له أي للمالك ويرد القيمة التي حكم بها إلى الغاصب ولا تكون القيمة ثمنا إذ ليس ذلك بيعا إنما أخذ القيمة لزعم هلاكها فإذا زال ذلك وجب الرجوع إلى الأصل
وقال بعض الناس الجارية للغاصب لأخذه القيمة وفي هاذا احتيال لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها واعتل بأنها ماتت حتى يأخذ ربها قيمتها فيطيب للغاصب جارية غيره
أراد ببعض الناس أبا حنيفة وليس لذكر هذا الباب هنا وجه لأنه ليس موضعه وإنما أراد به التشنيع على الحنفية وليس هذا من دأب المشايخ قوله لأخذه أي صاحبها قوله واعتل أي تعلل واعتذر
قال النبي أموالكم عليكم حرام ولكل غادر لواء يوم القيامة
هذان طريقان للحديثين المذكورين ذكرهما في معرض الاحتجاج على ما ذكره وليس فيهما ما يدل على دعواه أما الأول فمعناه أن أموالكم عليكم حرام إذا لم يوجد التراضي وهنا قد وجد التراضي بأخذ المالك القيمة وأما الثاني فلا يقال للغاصب في اللغة إنه غادر لأن الغدر ترك الوفاء والغصب هو أخذ شيء قهرا أو عدوانا وقول الغاصب إنها ماتت كذب ثم أخذ المالك القيمة رضا فالحديث الأول وصله البخاري مطولا من حديث أبي بكر في أواخر الحج وقال الكرماني قوله أموالكم عليكم مقابلة الجمع بالجمع وهي تفيد التوزيع فيلزم أن يكون مال كل شخص حراما عليه وأجاب بأن هذا مثل قولهم بنو تميم قتلوا أنفسهم أي قتل بعضهم بعضا فهو مجاز أو إضمار فيه للقرينة الصارفة عن ظاهرها كما علم من القواعد الشرعية والحديث الثاني ذكره موصولا هنا على ما يجيء الآن
6966 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما عن النبي قال لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به
أبو نعيم هو الفضل بن دكين وسفيان هو الثوري والحديث من أفراده
10 -
( باب )
أي هذا باب كذا وقع في رواية الأكثرين بغير ترجمة وقد مر أمثال هذا فيما مضى وقد ذكرنا أنه كالفصل لما قبله وحذفه النسفي والإسماعيلي وابن بطال ولم يذكروه أصلا وأضاف ابن بطال مسألة الباب إلى الباب الذي قبله وأما الكرماني فإنه لا يذكر غالب التراجم
6967 - حدثنا ( محمد بن كثير ) عن ( سفيان ) عن ( هشام ) عن ( عروة ) عن ( زينب ابنة ) أم ( سلمة ) عن أم ( سلمة ) عن النبي قال إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل

(24/115)


بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار
لما كان هذا الباب غير مترجم وهو كالفصل يكون حديثه مضافا إلى الباب الذي قبله ووجه التطابق ظاهر لنهيه عن أخذ مال الغير إذا كان يعلم أنه في نفس الأمر للغير
ومحمد بن كثير بالثاء المثلثة وسفيان هو الثوري وهشام هو ابن عروة بن الزبير وزينب ابنة أم سلمة تروي عن أمها أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية
والحديث مضى في المظالم عن عبد العزيز بن عبد الله وفي الشهادات عن القعنبي وسيأتي في الأحكام عن أبي اليمان عن شعيب
قوله إنما أنا بشر يعني كواحد منكم ولا أعلم الغيب وبواطن الأمور كما هو مقتضى الحالة البشرية وأنا أحكم بالظاهر قوله ولعل استعمل هنا استعمال عسى قوله ألحن أفعل التفضيل من لحن بكسر الحاء إذا فطن والمراد أنه إذا كان أفطن كان قادرا على أن يكون أقدر من حجته من الآخر وفي رواية المظالم بلفظ أبلغ بحجته قوله على نحو ما اسمع كلمة ما موصولة هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره على نحو مما أسمع قوله من حق أخيه ويروى من أخيه وتفسيره من حق أخيه قوله فلا يأخذ وفي رواية الكشميهني فلا يأخذه قوله قطعة من النار قال الكرماني حرام عليه ومرجعه إلى النار وقيل معناه إن أخذها مع علمه بأنها حرام عليه دخل النار
11 -
( باب شهادة الزور في النكاح )
أي هذا باب في بيان حكم شهادة الزور في النكاح وقد مضى عن قريب في باب الحيلة في النكاح وذكر فيه الشغار والمتعة وأتى بهذا الباب هنا لبيان حكم شهادة الزور كما ذكرنا
6968 - حدثنا ( مسلم بن إبراهيم ) حدثنا ( هشام ) حدثنا ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر فقيل يا رسول الله كيف إذنها قال إذا سكتت
انظر الحديث 5136 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام هو الدستوائي والحديث قد مر في النكاح
قوله لا تنكح على صيغة المجهول أي لا تزوج قوله حتى تستأذن على صيغة المجهول أيضا أي حتى يؤخذ منها الإذن قوله حتى تستأمر على صيغة المجهول أيضا أي حتى تستشار
وقال بعض الناس إذا لم تستأذن البكر ولم تزوج فاحتال رجل فأقام شاهدي زور أنه تزوجها برضاها فأثبت القاضي نكاحها والزوج يعلم أن الشهادة باطلة فلا بأس أن يطأها وهو تزويج صحيح
أراد به أيضا أبا حنيفة وأراد به التشنيع عليه ولا وجه له في ذكره هاهنا قوله إذا لم تستأذن وفي رواية الكشميهني إن لم تستأذن قوله شاهدي زور بإضافة شاهدي إلى زور ويروى فأقام شاهدين زورا قوله والزوج يعلم الواو فيه للحال وأبو حنيفة إمام مجتهد أدرك صحابة ومن التابعين خلقا كثيرا وقد تكلم في هذه المسألة بأصل وهو أن القضاء لقطع المنازعة بين الزوجين من كل وجه فلو لم ينفذ القضاء بشهادة الزور باطنا كان تمهيدا للمنازعة بينهما وقد عهدنا بنفوذ مثل ذلك في الشرع ألا ترى أن التفريق باللعان ينفذ باطنا وأحدهما كاذب بيقين والقاضي إذا حكم بطلاقها بشاهدي زور وهو لا يعلم أنه يجوز أن يتزوجها من لا يعلم ببطلان النكاح ولا يحرم عليه بالإجماع وقال بعض المشنعين هذا خطأ في القياس ثم مثل لذلك بقوله ولا خلاف بين

(24/116)


الأئمة أن رجلا لو أقام شاهدي زور على ابنته أنها أمته وحكم الحاكم بذلك لا يجوز له وطؤها فكذلك الذي شهد على نكاحها هما في التحريم سواء قلت هذا القياس الذي فيه الخطأ الظاهر يفرق بين القياسين من له إدراك مستقيم
6969 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا يحيى بن سعيد عن القاسم أن امرأة من ولد جعفر تخوفت أن يزوجها وليها وهي كارهة فأرسلت إلى شيخين من الأنصار عبد الرحمان ومجمع ابني جارية قالا فلا تخشين فإن خنساء بنت خذام أنكحها أبوها وهي كارهة فرد النبي ذالك
قال سفيان وأما عبد الرحمان فسمعته يقول عن أبيه إن خنساء
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عينية و ( يحيى بن سعيد ) الأنصاري و ( القاسم ) هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في النكاح في باب إذا زوج ابنته وهي كارهة فنكاحها مردود
قوله أن امرأة من ولد جعفر وفي رواية ابن أبي عمر عن سفيان أن امرأة من آل جعفر أخرجه الإسماعيلي ولم يدر اسم المرأة وقال بعضهم ويغلب على الظن أنه جعفر بن أبي طالب ثم قال وتجاسر الكرماني فقال المراد به جعفر الصادق بن محمد الباقر وكان القاسم بن محمد جد جعفر الصادق لأمه انتهى ثم قال وخفي عليه أن القصة المذكورة وقعت وجعفر الصادق صغير لأن مولده سنة ثمانين وكانت وفاة عبد الرحمان بن يزيد بن جارية في سنة ثلاث وتسعين من الهجرة وقد وقع في الحديث أنه أخبر المرأة بحديث خنساء بنت خذام فكيف تكون المرأة المذكورة في مثل تلك الحالة وأبوها ابن ثلاث عشرة سنة أو دونها انتهى قلت هو أيضا تجاسر حيث قال بغلبة الظن إنه جعفر بن أبي طالب والكرماني لم يقل هذا من عنده وإنما نقله عن أحد فلا ينسب إليه التجاسر ويمكن أن يكون جعفر غير ما قالا قوله وهي كارهة الواو فيه للحال قوله عبد الرحمان بالجر ومجمع على وزن اسم الفاعل من التجميع عطف عليه وهما ابنا يزيد بن جارية بالجيم وهنا قد نسبا إلى جدهما وتقدم في النكاح أنهما نسبا إلى أبيهما ولقد صحف من قال حارثة بالحاء المهملة والثاء المثلثة قوله فلا تخشين قال الكرماني بلفظ الجمع خطاب للمرأة المتخوفة وأصحابها وقال ابن التين صوابه بكسر الباء وتشديد النون ولو كان بلا نون التأكيد لحذفت النون في النهي على ما عرف قوله فإن خنساء بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وبالسين المهملة وبالمد بنت خذام بكسر الخاء المعجمة وبالذال المعجمة الخفيفة ابن وديعة الأنصارية من الأوس وقال أبو عمر اختلفت الأحاديث في حالها في ذلك الوقت فرواية مالك عن عبد الرحمان بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمان ومجمع ابني يزيد بن جارية عن خنساء أنها كانت ثيبا ورواية ابن المبارك عن الثوري عن عبد الرحمان بن القاسم عن عبد الله بن يزيد ابن وديعة عن خنساء بنت خذام أنها كانت يومئذ بكرا والصحيح نقل مالك إن شاء الله تعالى
قوله قال سفيان وأما عبد الرحمان يعني ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه قوله فسمعته يقول عن أبيه عن خنساء أراد أنه أرسله فلم يذكر فيه عبد الرحمان بن يزيد ولا أخاه
6970 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( شيبان ) عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا كيف إذنها قال أن تسكت
انظر الحديث 5136 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم الفضل بن دكين وشيبان هو ابن عبد الرحمان النحوي و ( يحيى ) هو ابن أبي كثير وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه مسلم في النكاح
قوله الأيم هي من لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا لكن المراد منها هنا الثيب بقرينة المقابلة للبكر والأفعال هنا كلها على صيغة المجهول ومضى الكلام

(24/117)


فيه في النكاح
وقال بعض الناس إن احتال إنسان بشاهدي زور على تزويج امرأة ثيب بأمرها فأثبت القاضي نكاحها إياه والزوج يعلم أنه لم يتزوجها قط فإنه يسعه هاذا النكاح ولا بأس بالمقام له معها
أراد به التشنيع أيضا على أبي حنيفة قوله يسعه أي يجوز له ويحل له قال الكرماني وهذا تشنيع عظيم لأنه أقدم على الحرام البين عالما بالتحريم متعمدا لركوب الإثم انتهى وقد ذكرنا أن أبا حنيفة بنى هذه الأشياء على أن حكم الحاكم بشاهدي زور ينفذ ظاهرا وباطنا
6971 - حدثنا ( أبو عاصم ) عن ( ابن جريج ) عن ( ابن أبي مليكة ) عن ( ذكوان ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت قال رسول الله البكر تستأذن قلت إن البكر تستحي قال إذنها صماتها
انظر الحديث 5137 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بضم الميم واسمه زهير وذكوان بفتح الذال المعجمة وبالواو مولى عائشة رضي الله عنها والحديث قد مضى في النكاح
وقال بعض الناس إن هوي رجل جارية يتيمة أو بكرا فأبت فاحتال فجاء بشاهدي زور على أنه تزوجها فأدركت فرضيت اليتيمة فقبل القاضي شهادة الزور والزوج يعلم ببطلان ذلك حل له الوطء
هذا تشنيع آخر على الحنفية وقوله هذا تكرار بلا فائدة لأن حاصل هذه الفروع الثلاثة واحد وذكره إياها واحدا بعد واحد لا يفيد شيئا لأنه قد علم أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرا وباطنا ويحلل ويحرم وقال الكرماني فائدة التكرار كثرة التشنيع قوله إن هوي بكسر الواو يعني أحب قوله جارية هي الفتية من النساء يتيمة أو بكرا ويروى عن الكشميهني ثيبا أو بكرا قوله فأدركت ظاهرة أنها بعد الشهادة بلغت ورضيت ويحتمل أن يريد أنه جاء بشاهدين على أنها أدركت ورضيت فتزوجها فيكون داخلا تحت الشهادة والفاء للسببية فقبل القاضي بشهادة الزور كذا في رواية الأكثرين بشهادة بالباء الموحدة وفي رواية الكشميهني بحذف الباء قوله جاز له الوطء ويروى حل له الوطء
12 -
( باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وما نزل على النبي في ذلك )
أي هذا باب في بيان ما يكره الخ كلمة موصولة والضرائر جمع ضرة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء قوله وما نزل أي وفي بيان ما نزل على النبي قوله في ذلك أي فيما ذكر من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر وأراد بقوله وما نزل قوله تعالى يا أيها النبي لا تحرم ما أحل الله لك وذلك لما قال شربت عسلا ولن أعود وقبل إنما حرم جاريته مارية فحلف أن لا يطأها وأسر ذلك إلى حفصة فأفشته إلى عائشة ونزل القرآن في ذلك
6972 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله يحب الحلواء ويحب العسل وكان إذا صلى العصر أجاز على نسائه فيدنو منهن فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس فسألت عن ذلك فقال لي أهدت امرأة من قومها عكة عسل فسقت رسول الله منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له

(24/118)


فذكرت ذلك لسودة قلت إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له يا رسول الله أكلت مغافير فإنه سيقول لا فقولي له ما هاذه الريح وكان رسول الله يشتد عليه أن يوجد منه الريح فإنه سيقول سقتني حفصة شربة عسل فقولي له جرست نحله العرفط وسأقول ذالك وقوليه أنت يا صفية فلما دخل على سودة قلت تقول سودة والذي لا إلاه إلا هو لقد كدت أن أبادره بالذي قلت لي وإنه لعلى الباب فرقا منك فلما دنا رسول الله قلت يا رسول الله أكلت مغافير قال لا قلت فما هاذه الريح قال سقتني حفصة شربة عسل قلت جرست نحله العرفط فلما دخل علي قلت له مثل ذلك ودخل على صفية فقالت له مثل ذلك فلما دخل على حفصة قالت له يا رسول الله ألا أسقيك منه قال لا حاجة لي به قالت تقول سودة سبحان الله لقد حرمناه قالت قلت لها اسكتي
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله والله لنحتالن له
وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها
والحديث قد مضى في الأطعمة عن إسحاق بن إبراهيم وفي الأشربة عن عبد الله بن أبي شيبة وفيه وفي الطب عن علي بن عبد الله وهنا عبيد بن إسماعيل أربعتهم عن أبي أسامة وأخرجه بقية الجماعة وقد ذكرناه
قوله الحلواء بمد وبقصر قال الداودي يريد التمر وشبهه قوله أجاز أي تمم النهار وأنفده يقال جاز الوادي جوازا وأجازه إذا قطعه وقال الأصمعي جاز مشى فيه وأجازه قطعه وذكره ابن التين بلفظ جاز قال كذا وقع في المجمل وقال الضحاك جزت الموضع سرت فيه وأجزته خلفته وقطعته قوله عكة بالضم الآنية من الجلد قوله فسقت رسول الله شربة يعني حفصة قال صاحب التوضيح هذه غلط لأن حفصة هي التي تظاهرت مع عائشة في هذه القصة وإنما شربه عند صفية بنت حيي وقيل عند زينب والأصح أنها زينب وقال الكرماني تقدم في كتاب الطلاق أنه شرب في بيت زينب والمتظاهرتان على هذا القول عائشة وحفصة ثم قال لعله شرب في بيتهما فهما قضيتان قوله لنحتالن من الاحتيال فإن قلت كيف جاز على أزواجه الاحتيال قلت هذه من مقتضيات الطبيعة للنساء وقد عفى عنهن قوله مغافير جمع مغفور بالغين المعجمة وبالفاء والواو والراء وهو صبغ كالعسل له رائحة كريهة قوله جرست بالجيم والراء وبالسين المهملة أي لحست باللسان وأكلت قوله العرفط بضم العين المهملة والفاء وإسكان الراء وبالطاء المهملة وهو شجر خبيث الثمر وقيل العرفط موضع وقيل شجر من العضاء وثمرته بيضاء مدحرجة وقال الجوهري ثمرة كل العضاء صفراء إلا أن العرفط ثمرته بيضاء قوله أن أبادره من المبادرة ويروى أن أبادئه بالباء الموحدة من المبادأة يقال أبادئهم أمرهم أي أظهره ويروى أن أناديه بالنون موضع الباء قوله ألا أسقيك بضم الهمزة وفتحها وفي الصحاح سقيته وأسقيته قوله حرمناه أي منعناه من العسل
13 -
( باب ما يكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون )
أي هذا باب في بيان ما يكره من الاحتيال في الفرار أي الهروب من الطاعون قال الكرماني هو بثر مؤلم جدا يخرج غالبا في الآباط مع لهيب وخفقان وقيء ونحوه
6973 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبد الله بن عامر بن ربية ) أن ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه خرج إلى الشأم فلما جاء بسرغ بلغه أن الوباء وقع

(24/119)


بالشأم فأخبره عبد الرحمان بن عوف أن رسول الله قال إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه فرجع عمر من سرغ
وعن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر إنما انصرف من حديث عبد الرحمان
انظر الحديث 5729 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وإذا وقع بأرض الخ
وعبد الله بن مسلمة القعنبي يروي عن مالك بن أنس عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حي من اليمن ولد على عهد رسول الله وروى عنه وقبض النبي وهو ابن أربع أو خمس سنين ومات في سنة تسع وثمانين وقيل خمس وثمانين وذكره الذهبي في الصحابة وقال ولد سنة ست من الهجرة روى عنه الزهري وغيره وقد وعى عن النبي
والحديث مضى في الطب عن عبد الله بن يوسف ومضى الكلام فيه
قوله خرج إلى الشام كان خروج عمر رضي الله تعالى عنه إلى الشام في ربيع الثاني سنة ثماني عشرة قوله يسرغ بفتح السين المهملة وسكون الراء وبالغين المعجمة منصرف وغير منصرف وهي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز وقال البكري سرغ مدينة بالشام افتتحها أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه هي واليرموك والجابية والرمادة متصلة قوله أن الوباء بالمد والقصر وجمع المقصور أوباء وجمع الممدود أوبئة وهو المرض العام قوله فلا تقدموا بفتح الدال قيل لا يموت أحد إلا بأجله ولايتقدم ولا يتأخر فما وجه النهي عن الدخول والخروج وأجيب بأنه لم ينه عن ذلك حذرا عليه إذ لا يصيبه إلا ما كتب عليه بل حذرا من الفتنة في أن يظن أن هلاكه كان من أجل قدومه عليه وأن سلامته كانت من أجل خروجه وفي التوضيح ولا يتحيل في الخروج في تجارة أو زيارة أو شبههما ناويا بذلك الفرار منه ويبين هذا المعنى قوله إنما الأعمال بالنيات قال والمعنى في النهي عن الفرار منه كأنه يفر من قدر الله وقضائه وهذا لا سبيل إليه لأحد لأن قدره لا يغلب
قوله وعن ابن شهاب موصول بما قبله قوله عن سالم بن عبد الله يعني ابن عمر بن الخطاب وأشار بهذا إلى أن انصراف عمر رضي الله تعالى عنه من سرغ كان من حديث عبد الرحمان بن عوف وروي أن انصرافه كان من أبي عبيدة بن الجراح وذلك أنه لما استقبل عمر فقال جئت بأصحاب رسول الله تدخلهم أرضا فيها الطاعون الذين هم أئمة يقتدى بهم فقال عمر رضي الله تعالى عنه يا أبا عبيدة أشككت فقال أبو عبيدة كأني يعقوب إذ قال لبنيهلا تدخلوا من باب واحد فقال عمر والله لأدخلنها فقال أبو عبيدة والله لا تدخلها فرده
وفيه قبول خبر الواحد وفيه أنه يوجد عند بعض العلماء ما ليس عند أكبر منه قيل وفيه دليل على تقدم خبر الواحد على القياس وموضعه في كتب الأصول
حدثنا ( أبو اليمان ) حدثنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) حدثنا ( عامر بن سعد بن أبي وقاص ) أنه سمع ( أسامة بن زيد ) يحدث سعدا أن رسول الله ذكر الوجع فقال رجز أو عذاب عذب به بعض الأمم ثم بقي منه بقية فيذهب المرة ويأتي الأخرى فمن سمع بأرض فلا يقدمن عليه ومن كان بأرض وقع بها فلا يخرج فرارا منه
انظر الحديث 3473 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع
والحديث مضى في ذكر بني إسرائيل عن عبد العزيز بن عبد الله عن مالك ومضى الكلام فيه هناك
قوله ذكر الوجع أي الطاعون قوله رجز بكسر الراء وضمها العذاب قوله أو عذاب شك من الراوي قوله فيذهب المرة أي لا يكون دائما بل في بعض الأوقات قوله فلا يقدمن بفتح الدال وبالنون المؤكدة الثقيلة
14 -
( باب في الهبة والشفعة )

(24/120)


أي هذا باب فيما يكره من الاحتيال في الرجوع عن الهبة والاحتيال في إسقاط الشفعة
وقال بعض الناس إن وهب هبة ألف درهم أو أكثر حتى مكث عنده سنين واحتال في ذلك ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحد منهما فخالف الرسول في الهبة وأسقط الزكاة
أراد به التشنيع أيضا على أبي حنيفة من غير وجه لأن أبا حنيفة في أي موضع قال هذه المسألة على هذه الصورة بل الذي قاله أبو حنيفة هو أن الواهب له أن يرجع في هبته ولكن لصحة الرجوع قيود الأول أن يكون أجنبيا والثاني أن يكون قد سلمها إليه لأنه قبل التسليم يجوز مطلقا والثالث أن لا يقترن بشيء من الموانع وهي مذكورة في موضعها واستدل في جواز الرجوع بقوله من وهب هبة فهو أحق بهبته ما لم يثب منها أي ما لم يعوض رواه أبو هريرة وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم
أما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجه في الأحكام من حديث عمرو بن دينار عن أبي هريرة وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني من حديث عطاء عنه قال قال رسول الله من وهب هبة فهو أحق بهبته ما لم يثب منها وأما حديث ابن عمر فأخرجه الحاكم من حديث سالم بن عبد الله يحدث عن ابن عمر أن النبي قال من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فكيف يحل أن يقال في حق هذا الإمام الذي علمه وزهده لا يحيط بهما الواصفون أنه خالف الرسول وكيف خالفه وقد احتج فيما قاله بأحاديث هؤلاء الثلاثة من الصحابة الكبار وأما الحديث الذي احتج به مخالفوه وهو ما رواه البخاري الذي يأتي الآن ورواه أيضا الجماعة غير الترمذي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي قال العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه فلم ينكره أبو حنيفة بل عمل بالحديثين معا فعمل بالحديث الأول في جواز الرجوع وبالثاني في كراهة الرجوع لا في حرمه الرجوع كما زعموا وقد شبه النبي رجوعه بعود الكلب في قيئه وفعل الكلب يوصف بالقبح لا بالحرمة وهو يقول به لأنه مستقبح ولقائل أن يقول للقائل الذي قال إن أبا حنيفة خالف الرسول أنت خالفت الرسول في الحديث الذي يحتج به على عدم الرجوع لأن هذا الحديث يعم منع الرجوع مطلقا سواء كان الذي يرجع منه أجنبيا أو والدا له فإن قلت روى أصحاب السنن الأربعة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عمرو بن عباس رضي الله تعالى عنهم عن النبي قال لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده قلت هذا بناء على أصلهم أن للأب حق التملك في مال الابن لأنه جزؤه فالتمليك منه كالتمليك من نفسه من وجه قوله واحتال في ذلك فسره بعضهم بقوله بأن تواطأ مع الموهوب له على ذلك قلت لم يقل أحد من أصحاب أبي حنيفة إن أبا حنيفة أو أحدا من أصحابه قال ذلك وإنما هذا اختلاق لتمشية التشنيع عليهم
6975 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( أيوب السختياني ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال قال النبي العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ليس لنا مثل السوء
مطابقته للجزء الأول من الترجمة وأبو نعيم الفضل بن دكين وسفيان هو الثوري والحديث مضى في كتاب الهبة
قوله وليس لنا مثل السوء أي الصفة الرديئة
6976 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام بن يوسف ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أبي سلمة ) عن ( جابر بن عبد الله ) قال إنما جعل النبي الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي
والحديث مضى في البيوع عن محمد بن محبوب وعن محمود عن عبد الرزاق وفيه وفي الشفعة وفي الشركة عن مسدد
قوله في كل ما لم يقسم أي ملكا مشتركا مشاعا

(24/121)


بين الشركاء قوله وصرفت بالتخفيف والتشديد أي منعت وقال ابن مالك أي خلصت وثبتت من الصرف وهو الخالص قال ولا شفعة لأنه صار مقسوما وصار في حكم الجوار وخرج عن الشركة وقد ذكرنا فيه من الخلاف وغيره غير مرة
وقال بعض الناس الشفعة للجوار ثم عمد إلى ما شدده فأبطله وقال إن اشترى دارا فخاف أن يأخذها الجار بالشفعة فاشترى سهما من مائة سهم ثم اشترى الباقي وكان للجار الشفعة في السهم الأول ولا شفعة له في باقي الدار وله أن يحتال في ذالك
هذا تشنيع آخر على أبي حنيفة وهو غير صحيح لأن هذه المسألة فيها خلاف بين أبي يوسف ومحمد فأبو يوسف هو الذي يرى ذلك وقال محمد يكره ذلك وبه قال الشافعي قوله للجوار بكسر الجيم وضمها وهو المجاورة قوله ثم عمد إلى ما شدده بالشين المعجمة ويروى بالمهملة وأراد به إثبات الشفعة للجار قوله فأبطله يعني أبطل ما شدده ويريد به إثبات التناقض وهو أنه قال الشفعة للجار ثم أبطله حيث قال في هذه الصورة لا شفعة للجار في باقي الدار وناقض كلامه قلت لا تناقض هنا أصلا لأنه لما اشترى سهما من مائة سهم كان شريكا لمالكها ثم إذا اشترى منه الباقي يصير هو أحق بالشفعة من الجار لأن استحقاق الجار الشفعة إنما يكون بعد الشريك في نفس الدار وبعد الشريك في حقها قوله إن اشترى دارا أي إذا أراد اشتراءها
6977 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إبراهيم بن ميسرة ) قال سمعت ( عمرو بن الشريد ) قال جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي فانطلقت معه إلى سعد فقال أبو رافع للمسور ألا تأمر هاذا أن يشتري مني بيتي الذي في داري فقال لا أزيده على أربعمائة إما مقطعة وإما منجمة قال أعطيت خمسمائة نقدا فمنعته ولولا أني سمعت النبي يقول الجار أحق بسقبه ما بعتكه أو قال ما أعطيتكه
قلت لسفيان إن معمرا لم يقل هاكذا قال لاكنه قال لي هاكذا
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وإبراهيم بن ميسرة ضد الميمنة الطائفي وعمرو بن الشريد بالشين المعجمة وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة الثقفي والمسور بكسر الميم وسكون السين المهملة وبالواو ثم بالراء ابن مخرمة بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة ابن نوفل القرشي ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين وقدم به المدينة في عقب ذي الحجة سنة ثمان وقبض النبي وهو ابن ثمان سنين وسمع من النبي وحفظ عنه وفي حصار الحصين بن نمير مكة لقتال ابن الزبير أصابه حجر من حجر المنجنيق وهو يصلي في الحجر فقتله وذلك في مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين وصلى عليه ابن الزبير بالحجون وهو ابن اثنتين وستين وأبوه مخرمة من مسلمة الفتح وهو أحد المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم مات بالمدينة سنة أربع وخمسن وقد بلغ مائة سنة وخمس عشرة سنة وسعد هو ابن أبي وقاص وهو خال المسور المذكور وأبو رافع مولى رسول الله واسمه أسلم القبطي
قوله ألا تأمر هذا يعني سعد بن أبي وقاص والمراد أنه يسأله أو يشير عليه قال الكرماني وفيه أن الأمر لا يشترط فيه العلو ولا الاستعلاء قوله بيتي الذي في داري كذا في رواية الأكثرين بالإفراد وفي رواية الكشميهني بيتي اللذين بالتثنية قوله إما مقطعة

(24/122)


وإما منجمة ويروى مقطعة أو منجمة بالشك من الراوي والمراد أنها مؤجلة على نقدات مفرقة والنجم الوقت المعين المضروب قوله أعطيت على صيغة المجهول والقائل هو أبو رافع قوله بسقبه ويروى بصقبه بالصاد وبفتح القاف وسكونها وهو القرب يقال سقبت داره بالكسر والمنزل سقب والساقب القريب ويقال للبعيد أيضا جعلوه من الأضداد وقال إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث الصقب بالصاد ما قرب من الدار ويجوز أن يقال سقب بالسين واستدل به أصحابنا أن للجار الشفعة بعد الخليط في نفس المبيع وهو الشريك ثم للخليط في حق المبيع كالشرب بالكسر والطريق وهو حجة على الشافعي حيث لم يثبت الشفعة للجار قوله ما بعتكه أي الشيء وفي رواية المستملي ما بعتك بحذف المفعول قوله أو قال ما أعطيتكه شك من الراوي قيل هو سفيان ويروى ما أعطيتك بحذف الضمير
قوله قلت لسفيان القائل هو علي بن عبد الله شيخ البخاري قوله أن معمرا لم يقل هكذا يشير به إلى ما رواه عبد الله بن المبارك عن معمر عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه بالحديث دون القصة
أخرجه النسائي وابن ماجه عن حسين المعلم عن عمرو بن الشريد عن أبيه أن رجلا قال يا رسول أرضي ليس فيها لأحد شرك ولا قسم إلا الجوار فقال إنما الجار أحق بسقبه ما كان وأخرجه الطحاوي أيضا وهذا صريح بوجوب الشفعة لجوار لا شركة فيه انتهى قلت الشريد بن سويد الثقفي عداده في أهل الطائف له صحبة النبي ويقال إنه من حضرموت ويقال إنه من همدان حليف لثقيف روى عنه عمرو والمراد على هذا بالمخالفة إبدال الصحابي بصحابي آخر وقال الكرماني يريد أن معمرا لم يقل هكذا أي إن الجار أحق بالشفعة بزيادة لفظ الشفعة ورد عليه بأن الذي قاله لا أصل له ولم يعلم مستنده فيه ما هو بل لفظ معمر الجار أحق بصقبه كرواية أبي رافع سواء قوله لكنه أي قال سفيان لكن إبراهيم بن ميسرة قال لي هكذا وحكى الترمذي عن البخاري إن الطريقين صحيحان والله أعلم
وقال بعض الناس إذا أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يبطل الشفعة فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها ويدفعها إليه ويعوضه المشتري ألف درهم فلا يكون للشفيع فيها شفعة
هذا تشنيع على الحنفية بلا وجه على ما نذكره قوله أن يبيع الشفعة من البيع قال الكرماني لفظ الشفعة من الناسخ أو المراد لازم البيع وهو الإزالة قلت في رواية الأصيلي وأبي ذر عن غير الكشميهني إذا أراد أن يقطع الشفعة ويروى إذا أراد أن يمنع الشفعة قوله ويحدها أي يصف حدودها التي تميزها وقال الكرماني ويروى في بعض النسخ ونحوها وهو أظهر وإنما سقطت الشفعة في هذه الصورة لأن الهبة ليست معاوضة محضة فأشبهت الإرث
6978 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إبراهيم بن ميسرة ) عن ( عمرو بن الشريد ) عن ( أبي رافع ) أن سعدا ساومه بيتا بأربعمائة مثقال فقال لولا أني سمعت رسول الله يقول الجار أحق بصقبه لما أعطيتك
أي هذا حديث أبي رافع المذكور ذكره مختصرا من طريق سفيان الثوري عن إبراهيم بن ميسرة وأورده في آخر كتاب الحيل بأتم منه
سعد هو ابن أبي وقاص قيل ذكر البخاري في هذه المسألة حديث أبي رافع ليعرفك إنما جعله النبي حقا للشفيع لقوله الجار أحق بصقبه لا يحل إبطاله انتهى قلت ليس في الحديث ما يدل على أن البيع وقع والشفيع لا يستحق إلا بعد صدور البيع فحينئذ لا يصح أن يقال لا يحل إبطاله وقال صاحب التوضيح إنما أراد البخاري أن يلزم أبا حنيفة التناقض لأنه يوجب الشفعة للجار ويأخذ في ذلك بحديث الجار أحق بصقبه فمن اعتقد هذا وثبت ذلك عنده من قضائه وتحيل بمثل هذه الحيلة في إبطال شفعة الجار فقد أبطل السنة التي اعتقدها انتهى قلت هذا الذي قاله كلام

(24/123)


من غير إدراك ولا فهم لأنه لا جار في هذه الصورة لأن الذي فيها الشريك في نفس المبيع والجار لا يتقدم عليه ولا يستحق الجار الشفعة إلا بعده بل وبعد الشريك في حق المبيع أيضا فكيف يحل لهذا القائل أن يفتري على هذا الإمام الذي سبق إمامه وإمام غيره وينسب إليه أبطال السنة
وقال بعض الناس إن اشتراى نصيب دار فأراد أن يبطل الشفعة وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين
هذا أيضا تشنيع على الحنفية قوله وهب أي ما اشتراه لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين في تحقق الهبة ولا في جريان شروطها وقيد بالصغير لأن الهبة لو كانت للكبير وجب عليه اليمين فتحيل إلى إسقاطها بجعلها للصغير وأشار باليمين أيضا إلى أن لو وهب لأجنبي فإن للشفيع أن يحلف الأجنبي أن الهبة حقيقية وأنها جرت بشروطها والصغير لا يحلف لكن عند المالكية أن أباه الذي يقبل له يحلف وعن مالك لا تدخل الشفعة في الموهوب مطلقا كذا ذكره في المدونة
15 -
( باب احتيال العامل ليهدى له )
أي هذا باب في بيان كراهة حيلة العامل لأجل أن يهدى له على صيغة المجهول والعامل هو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة عامل
6979 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( أبي حميد الساعدي ) قال استعمل رسول الله رجلا على صدقات بني سليم يدعاى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هاذا مالكم وهاذا هدية فقال رسول الله فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم خطبنا فحمد الله وأثناى عليه ثم قال أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هاذا مالكم وهاذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه يقول اللهم هل بلغت بصر عيني وسمع أذني
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وهذا هدية قال المهلب حيلة العامل ليهدى له تقع بأن يسامح بعض من عليه الحق فلذلك قال هلا جلس في بيت أبيه وأمه لينظر هل يهدى له ويقال احتيال العامل هو بأن ما أهدي له في عمالته يستأثر به ولا يضعه في بيت المال وهدايا العمال والأمراء هي من جملة حقوق المسلمين
وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أبي حميد بضم الحاء عبد الرحمان وقيل المنذر الساعدي الأنصاري
والحديث مضى في الهبة عن عبد الله بن محمد وفي النذور عن أبي اليمان وفي الزكاة عن يوسف بن موسى ومضى الكلام فيه في الزكاة
قوله ابن اللتبيه بضم اللام وسكون التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة وياء النسبة وقيل بفح التاء المثناة من فوق وقيل بالهمزة المضمومة بدل اللام واسمه عبد الله قوله فلا أعرفن نهي للمتكلم صورة وفي المعنى نهي لقوله أحدا ويروى فلأعرفن أي والله لأعرفن قوله رغاء هو صوت ذات الخف قوله تيعر بالكسر وقيل بالفتح من اليعار بضم الياء آخر

(24/124)


الحروف وتخفيف العين المهملة وهو صوت الشاة قوله بياض إبطيه ويروى بالإفراد قوله بصر عيني بلفظ الماضي وكذلك لفظ سمع أي أبصرت عيناي رسول الله ناطقا ورافعا يديه وسمعت كلامه وهو قول أبي حميد الراوي له وقال عياض ضبط أكثرهم بسكون الصاد وبسكون الميم وفتح الراء والعين مصدرين مضافين وهو مفعول بلغت وهو مقول رسول الله
6980 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إبراهيم بن ميسرة ) عن ( عمرو بن الشريد ) عن ( أبي رافع ) قال قال النبي الجار أحق بصقبه
هذا الحديث والذي يأتي في آخر الباب يتعلقان بباب الهبة والشفعة فلا وجه لذكرهما في هذا الباب ومن هذا قال الكرماني كان موضعهما المناسب قيل باب احتيال العامل لأنه من بقية مسائل الشفعة وتوسيط هذا الباب بينهما أجنبي ثم قال ولعله من جملة تصرفات النقلة عن الأصل ولعله كان في الحاشية ونحوها فنقلوه إلى غير مكانه ورجاله قد ذكروا عن قريب وكذلك شرحه
وقال بعض الناس إن اشترى دارا بعشرين ألف درهم فلا بأس أن يحتال حتى يشتري الدار بعشرين ألف درهم وينقده تسعة آلاف درهم وتسعمائة درهم وتسعة وتسعين وينقده دينارا بما بقي من العشرين الألف فإن طلب الشفيع أخذها بعشرين ألف درهم وإلا فلا سبيل له على الدار فإن استحقت الدار رجع المشتري على البائع بما دفع إليه وهو تسعة آلاف درهم وتسعمائة وتسعة وتسعون درهما ودينار لأن البيع حين استحق انتقض الصرف في الدينار فإن وجد بهاذه الدار عيبا ولم تستحق فإنه يردها عليه بعشرين ألف درهم قال فأجاز هذا الخداع بين المسلمين وقال قال النبي لا داء ولا خبثة ولا غائلة
هذا أيضا تشنيع بعد تشنيع بلا وجه قوله إن اشترى دارا أي أراد اشتراء دار بعشرين ألف درهم قوله فلا بأس أن يحتال أي على إسقاط الشفعة حتى يشتري الدار بعشرين ألف درهم قوله وينقده أي ينقد البائع تسعة آلاف درهم وتسعمائة وتسعة وتسعين وينقده دينارا بما بقي أي بمقابلة ما بقي من العشرين الألف ويروى من العشرين ألفا يعني مصارفه عنها قوله فإن طلب الشفيع أي أخذها بالشفعة قوله أخذها بصيغة الماضي أي أخذها بعشرين ألف درهم يعني بثمن الذي وقع عليه العقد قوله وإلا فلا سبيل له على الدار يعني وإن لم يرض أخذها بعشرين ألفا فلا سبيل له على الدار لسقوط الشفعة لكونه امتنع من بدل الثمن الذي وقع عليه العقد قوله فإن استحقت على صيغة المجهول يعني إذا ظهرت الدار مستحقة لغير البائع قوله لأن البيع أي لأن المبيع قوله حين استحق أي للغير قوله انتقض الصرف أي الذي وقع بين البائع والمشتري في الدار المذكورة بالدينار وهي رواية الكشميهني أعني في الدينار وفي رواية غيره في الدار والأول أوجه قوله فإن وجد بهذه الدار أي الدار المذكورة عيبا قوله ولم تستحق الواو فيه للحال أي والحال أنها لم تخرج مستحقة فإنه يردها أي الدار عليه أي على البائع بعشرين ألفا قال وهذا تناقض بين لأن الأمة مجمعة وأبو حنيفة معهم على أن البائع لا يرد في الاستحقاق والرد بالعيب إلا ما قبض فكذلك الشفيع لا يشفع إلا بما نقد المشتري وما قبضه من البائع لا بما عقد وأشار إلى ذلك بقوله قال فأجاز هذا الخداع بين المسلمين أي أجاز الحيلة في إيقاع الشريك في العين إن أخذ الشفعة وإبطال حقه بسبب الزيادة في الثمن باعتبار العقد لو تركها والضمير في قال يرجع إلى

(24/125)


البخاري وفي أجاز إلى بعض الناس فإن كان مراده من قوله فأجاز أي أبو حنيفة ففيه سوء الأدب فحاشا أبو حنيفة من ذلك فدينه المتين وورعه المحكم يمنعه عن ذلك قوله وقال قال النبي أي قال البخاري قال النبي وأراد بهذا الحديث المعلق الذي مضى موصولا بأتم منه في أوائل كتاب البيوع الاستدلال على حرمة الخداع بين المسلمين في معاقداتهم قوله لا داء أي لا مرض ولا خبثة بكسر الخاء المعجمة أي لا يكون وحكى الضم أيضا وقال الهروي الخبثة أن يكون البيع غير طيب كأن يكون من قوم لم يحل سبيهم لعهد تقدم لهم وقال ابن التين وهذا في عهد الرقيق قيل إنما خصه بذلك لأن الخبر إنما ورد فيه قوله ولا غائلة وهو أن يأتي أمرا سوءا كالتدليس ونحوه وقال الكرماني الغائلة الهلاك أي لا يكون فيه هلاك مال المشتري والأصل عنده من يرى هذا الاحتيال في هذه الصورة وغيرها هو أن إبطال الحقوق الثابتة بالتراضي جائز
6981 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن سفيان قال حدثني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد أن أبا رافع ساوم سعد بن مالك بيتا بأربعمائة مثقال وقال لولا أني سمعت النبي يقول الجار أحق بصقبه ما أعطيتك
قد مر الكلام فيه عن قريب عند قوله حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان الخ وهو بعين ذلك الحديث غير أنه أخرجه هنا عن مسدد عن ( يحيى ) القطان عن ( سفيان ) الثوري وهناك عن أبي نعيم عن سفيان عن إبراهيم الخ ومضى الكلام فيه
بسم الله الرحمان الرحيم
ثبتت البسملة هنا لجميع الرواة
( كتاب التعبير )
أي هذا كتاب في بيان التعبير وقال الكرماني قالوا الفصيح العبارة لا التعبير وهي التفسير والإخبار بما يؤول إليه أمر الرؤيا والتعبير خاص بتفسير الرؤيا وهي العبور من ظاهرها إلى باطنها وقيل هو النظر في الشيء فتعبير بعضه ببعض حتى يحصل على فهمه وأصله من العبر بفتح العين وسكون الباء وهو التجاوز من حال إلى حال والاعتبار والعبرة الحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد ويقال عبرت الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها وعبرتها بالتشديد لأجل المبالغة في ذلك
1 -
( باب أول ما بدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة )
أي هذا باب فيه أول ما بدىء به وهكذا وقع في رواية النسفي والقابسي وكذا وقع لأبي ذر مثله إلا أنه سقط له عن غير المستملي لفظ باب ووقع لغيرهم باب التعبير وأول ما بدىء به الخ والرؤيا ما يراه الشخص في منامه وهي على وزن فعلى وقد تسهل الهمزة وقال الواحدي هو في الأصل مصدر كالبشري فلما جعلت اسما لما يتخيله النائم أجريت مجرى الأسماء وقال ابن العربي الرؤيا إدراكات يخلقها الله عز و جل في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان إما بأسمائها أي حقيقتها وإما بكناها أي بعبارتها وإما تخليط ونظيرها في اليقظة الخواطر فإنها قد تأتي على نسق في قصد وقد تأتي مسترسلة غير محصلة
وروى الحاكم والعقيلي من رواية محمد بن عجلان عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال لقي عمر عليا رضي الله عنهما فقال يا أبا الحسن الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب قال نعم سمعت رسول الله يقول ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلىء نوما إلا يخرج بروحه إلى العرش فالذي لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تصدق والذي يستيقظ دون العرش فتلك التي تكذب قال الذهبي في تلخيصه هذا حديث منكر ولم يصححه المؤلف ولعل الآفة من

(24/126)


الراوي عن ابن عجلان انتهى الراوي عن ابن عجلان هو أزهر بن عبد الله الأزدي الخرساني ذكره العقيلي في ترجمته وقال إنه غير محفوظ قوله الرؤيا الصادقة قد ذكرنا أن الرؤيا في المنام والرؤية هي النظر بالعين والرأي بالقلب والصادقة هي رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن تبعهم من الصالحين وقد تقع لغيرهم بندور والأحلام الملتبسة أضغاث وهي لا تندر بشيء
6982 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) ح وحدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( عبد الرزاق ) حدثنا ( معمر ) قال ( الزهري ) ( فأخبرني عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها أنها قالت أول ما بدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذالك ثم يرجع إلى خديجة فتزود لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه فقال فقال له النبي فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال ع فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال ع فقلت ما أنا بقارىء فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذى خلق حتى بلغ علم الإنسان ما لم يعلم فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال قد خشيت على نفسي فقالت له كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخو أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة أي ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال ورقة ابن أخي ماذا تراى فأخبره النبي ما رأى فقال ورقة هاذا الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك فقال رسول الله أو مخرجي هم فقال ورقة نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفاى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذالك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذالك فإذا أوفاى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذالك
وقال ابن عباس فالق

(24/127)


الإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل
ف
هذا الحديث قد مر في أول الكتاب ومضى الكلام فيه مستوفى
وعائشة لم تدرك هذا الوقت فإما أنها سمعته من النبي أو من صحابي آخر
وأخرجه هنا من طريقين أحدهما عن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عن الليث بن سعد المصري عن عقيل بضم العين ابن خالد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري والآخر عن عبد الله بن محمد الجعفي المعروف بالمسندي عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري وكتب بين الإسناد حرف ح إشارة إلى التحويل من إسناد قبل ذكر الحديث إلى إسناد آخر وقال الكرماني أو الإشارة إلى صح أو إلى الحائل أو إلى الحديث
قوله فأخبرني عروة ذكر حرف الفاء إشعارا بأنه روى له حديثا ثم عقبه بهذا الحديث فهو عطف على مقدر ووقع عند مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق مثله لكن فيه وأخبرني بالواو لا بالفاء قوله الصادقة وفي رواية الصالحة وهما بمعنى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء عليهم السلام وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة أخص فرؤيا النبي صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر وغير صالحة بالنسبة إلى الدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أحد وأما رؤيا غير الأنبياء عليهم السلام فبينهما عموم وخصوص إن فسرنا الصادقة بأنها التي لا تحتاج إلى تعبير وإن فسرناها بأنها غير الأضغاث فالصالحة أخص مطلقا وقيل الرؤيا الصادقة ما يقع بعينه أو ما يعبر في المنام أو يخبر به من لا يكذب والصالحة ما يسر وقال الكرماني الصالحة ما صلح صورتها أو ما صلح تعبيرها والصادقة المطابقة للواقع قوله جاءت هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره جاءته قوله فلق الصبح بفتح الفاء ضوء الصبح وشقه من الظلمة وافتراقها منه وجه التشبيه بفلق الصبح دون غيره هو أن شمس النبوة كانت الرؤيا مبادىء أنوارها فما زال ذلك النور يتسع حتى أشرقت الشمس فمن كان باطنه نوريا كان في التصديق بكريا كأبي بكر ومن كان باطنه مظلما كان في التكذيب خفاشا كأبي جهل وبقية الناس بين هاتين المنزلتين كل منهم بقدر ما أعطي من النور قوله جراء بكسر الحاء وبالمد وهو الأفصح وحكى بتثليث أوله مع المد والقصر والصرف وعدمه فتجتمع فيه عدة لغات مع قلة أحرفه ونظيره قباء والخطابي جزم بأن فتح أوله لحن وكذا ضمه وكذا قصره قيل الحكمة في تخصيصه بالتخلي فيه أن المقيم فيه كانت تمكنه فيه رؤية الكعبة فتجتمع فيه لمن يخلو فيه ثلاث عبادات الخلوة والتعبد والنظر إلى البيت وقيل إن قريشا كانت تفعله وأول من فعل ذلك من قريش عبد المطلب وكانوا يعظمونه لجلالته وكبر سنه فتبعه على ذلك من كان يتأله وكان يخلو بمكان جده وسلم له ذلك أعمامه لكرامته عليهم قوله وهو التعبد تفسير للتحنث الذي في ضمن يتحنث وهو إدراج من الراوي قوله الليالي ذوات العدد قال الكرماني الليالي مفعول يتحنث وذوات بالكسر أي كثيرة وقال الكرماني الليالي ذوات العدد يحتمل الكثرة إذ الكثير يحتاج إلى العدد وقال غيره المراد به الكثرة لأن العدد على قسمين فإذا أطلق أريد به مجموع القلة والكثرة فكأنها قالت ليالي كثيرة أي مجموع قسم العدد قوله فتزود لمثلهاكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فتزوده بالضمير وقوله لمثلها أي لمثل الليالي وقيل يحتمل أن يكون للمرة أو الفعلة أو الخلوة أو العبادة وقال بعض من عاصرناه إن الضمير للسنة فذكر من رواية ابن إسحاق كان يخرج إلى غار حراء في كل عام شهرا من السنة يتنسك فيه يطعم من جاءه من المساكين قال وظاهره التزود لمثلها كان في السنة التي تليها لا لمرة أخرى من تلك السنة واعترض عليه بعض تلامذته بأن مدة الخلوة كانت شهرا كان يتزود لبعض ليالي الشهر فإذا نفد ذلك الزاد رجع إلى أهله فيتزود قدر ذلك من جهة أنهم لم يكونوا في سعة بالغة من العيش وكان غالب زادهم اللبن واللحم وذلك لا يدخر منه كفاية الشهر لئلا يسرع إليه الفساد ولا سيما وقد وصف بأنه كان يطعم من يرد عليه قوله حتى فجئه الحق كلمة حتى هنا على أصلها لانتهاء الغاية والمعنى انتهى توجهه لغار حراء بمجيء الملك وترك ذلك وفجئه بفتح الفاء وكسر الجيم وبهمزة فعل ماض أي جاءه الوحي بغتة وقال الطيبي الحق أي أمر الحق وهو الوحي أو رسول الحق وهو جبريل

(24/128)


عليه السلام وقيل الحق الأمر البين الظاهر أو المراد الملك بالحق أي الأمر الذي بعث به قوله فجاءه الفاء فاء التفسيرية وقيل يحتمل أن تكون للتعقيب وقيل يحتمل أن تكون سببية قوله فيه أي في الغار وهذا يرد قول من قال إن الملك لم يدخل إليه الغار بل كلمه والنبي داخل الغار والملك على الباب والملك هنا جبريل عليه السلام وقيل اللام فيه لتعريف الماهية لا للعهد إلا أن يكون المراد به ما عهده عليه السلام قبل ذلك لما كلمه في صباه وكان سن النبي حين جاءه جبريل عليه السلام في غار حراء أربعين سنة على المشهور وكان ذلك يوم الاثنين نهارا في شهر رمضان في سابع عشرة وقيل في سابعه وقيل في رابع عشرين وقيل كان في سابع عشرين شهر رجب وقيل في أول شهر ربيع الأول وقيل في ثامنه قوله فقال اقرأ ظاهره أنه لم يتقدم من جبريل شيء قبل هذه الكلمة ولا السلام وقيل يحتمل أنه سلم وحذف ذكره وروى الطيالسي أن جبريل سلم أولا ولم ينقل أنه سلم عند الأمر بالقراءة قوله فقال اقرأ قيل دلت القصة على أن مراد جبريل عليه السلام أن يقول النبي نص ما قاله وهو قوله اقرأ وإنما لم يقل له قل اقرأ لئلا يظن أن لفظة قل أيضا من القرآن فإن قلت ما الذي أراد باقرأ قلت هو المكتوب الذي في النمط كذا في رواية ابن إسحاق فلذلك قال ما أنا بقارىء يعني أنا أمي لا أحسن قراءة الكتب فإن قلت ما كان المكتوب في ذلك النمط قلت الآيات الأول من اقرأ باسم ربك الذى خلق وقيل ويحتمل أن يكون ذلك جملة القرآن نزل باعتبار ثم نزل منجما باعتبار آخر وفيه إشارة إلى أن أمره تكمل باعتبار الجملة ثم تكمل باعتبار التفصيل فغطني من الغط بالغين المعجمة وهو العصر الشديد والكبس وقال ابن الأثير قيل إنما غطه ليختبره هل يقول من تلقاء نفسه شيئا وقيل لتنبيهه واستحضاره ونفي منافيات القراءة عنه وقال السهيلي تأويل الغطات الثلاث أنها كانت في النوم أنه ستقع له ثلاث شدائد يبتلى بها ثم يأتي الوحي وكذا كانت الأولى في الشعب لما حصرتهم قريش فإنه لقي ومن تبعه شدة عظيمة الثانية لما خرجوا توعدوهم بالقتل حتى فروا إلى الحبشة والثالثة لما هموا به ما هموا من المكر به كما قال تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين الآية فكانت له العاقبة في الشدائد الثلاث وقال من عاصرنا من المشايخ ما ملخصه إن هذه المناسبة حسنة ولا يتعين للنوم بل يكون بطريق الإشارة في اليقظة وقال ويمكن أن تكون المناسبة أن الأمر الذي جاء به ثقيل من حيث القول والعمل والنية أو من جهة التوحيد والأحكام والإخبار بالغيب الماضي والآتي وأشار بالإرسالات الثلاث إلى حصول التيسير والتسهيل والخفيف في الدنيا والبرزخ والآخرة عليه وعلى أمته قوله حتى بلغ مني الجهد بضم الجيم الطاقة وبفتحها الغاية ويجوز فيه رفع الدال ونصبها أما الرفع فعلى أنه فاعل بلغ وهي القراءة التي عليها الأكثرون وهي المرجحة وأما النصب فعلى أن فاعل بلغ هو الغط الذي دل عليه قوله غطني والتقدير بلغ مني الغط جهده أي غايته وقال الشيخ التوربشتي لا أرى الذي قاله بالنصب إلا وهما فإنه يصير المعنى أنه غطه حتى استفرغ الملك قوته في ضغطه بحيث لم يبق فيه مزيد وهو قول غير سديد فإن البنية البشرية لا تطيق استنفاد القوة الملكية لا سيما في مبتدأ الأمر وقد صرح في الحديث بأنه دخله الرعب من ذلك انتهى وقيل لا مانع أن يكون الله قواه على ذلك ويكون من جملة معجزاته وقال الطيبي في جوابه بأن جبريل لم يكن حينئذ على صورته الملكية فيكون استفراغ جهده بحسب صورته التي جاء بها حين غطه وقال وإذا صحت الرواية اضمحل الاستبعاد انتهى وفيه تأمل قوله فرجع بها أي مصاحبا بالآيات المذكورة الخمس قوله ترجف بوادره جملة حالية والبوادر جمع البادرة وهي اللحمة بين العنق والمنكب وقد تقدم في بدء الوحي بلفظ فؤاده قيل الحكمة في العدول عن القلب إلى الفؤاد أن الفؤاد وعاء القلب فإذا حصل الرجفان للفؤاد حصل لما فيه قوله الروع بفتح الراء الفزع قوله مالي أي ما كان الذي حصل لي قوله قد خشيت على نفسي هكذا رواية الكشمهيني وفي رواية غيره خشيت علي بالتشديد يعني من أن يكون مرضا أو عارضا من الجن وقال الكرماني قالوا الأولى خشيت أني لا أقوى على تحمل أعباء الرسالة ومقاومة الوحي قوله فقالت له كلا أي فقالت خديجة للنبي كلا أي ليس الأمر كما زعمت بل لا خشية عليك

(24/129)


وأصل كلمة كلا للردع والإبعاد وقد يجيء بمعنى حقا قوله أبشر خطاب من خديجة للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وهو أمر من البشارة بكسر الباء وضمها وهو اسم والمصدر بشر وبشور من بشرت الرجل أبشره بالضم أي أدخلت له سرورا وفرحا ولم يعين فيه المبشر به ووقع في دلائل النبوة للبيهقي من طريق أبي ميسرة مرسلا مطولا وفي آخر فأبشر فإنك رسول الله حقا وفيه لا يفعل الله بك إلا خيرا قوله لا يخزيك الله أبدا من الخزي بالمعجمتين وهو الذل والهوان وفي رواية الكشميهني لا يحزنك الله من الحزن بالحاء المهملة والنون قوله الكل أي ثقل من الناس قوله على نوائب الحق جمع نائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث قوله وهو ابن عم خديجة رضي الله تعالى عنها أخو أبيها كذا وقع هنا وأخو صفة للعم فكان حقه أن يذكر مجرورا وكذا وقع في رواية ابن عساكر أخي أبيها ووجه رواية الرفع أنه مبتدأ محذوف أي هو أخو أبيها فائدته دفع المجاز في إطلاق العم عليه قوله تنصر أي دخل في دين النصرانية قوله في الجاهلية أي قبل البعثة المحمدية قوله بالعبرانية بكسر العين وكذلك العبري قال الجوهري هو لغة اليهود وقد ذكرنا في أول الكتاب في هذا الحديث أن العبراني نسبة إلى العبر وزيدت فيه الألف والنون في النسبة على غير القياس وقال ابن الكلبي ما أخذ على غربي الفرات في قرية العرب يسمى العبر وإليه ينسب العبريون من اليهود لأنهم لم يكونوا عبروا الفرات قوله اسمع من ابن أخيك إنما قالته تعظيما وإظهارا للشفقة لأنه لم يكن ابن أخي ورقة قوله هذا الناموس هو صاحب السر يعني جبريل عليه السلام وقد مر الكلام فيه مطولا قوله جذعا بفتح الجيم والذال المعجمة وهو الشاب القوي وانتصابه على تقدير ليتني أكون جذعا أو هو منصوب على مذهب من ينصب بليت الجزأين أو حال قاله الكرماني قلت لا يكون حالا إلا بالتأويل قوله أو مخرجي هم الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدر بعدها وهم مبتدأ ومخرجي مقدما خبره وأصله مخرجين فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون قوله بما جئت به وفي رواية الكشميهني بمثل ما جئت به قوله إلا عودي على صيغة المجهول من المعاداة قوله نصرا مؤزرا بالهمزة في رواية الأكثرين من التأزير وهو التقوية وأصله من الأزر وهو القوة وقال القزاز الصواب موازرا بغير همز من وازرته إذا عاونته ومنه أخذ وزير الملك ويجوز حذف الألف فتقول نصرا موزرا ويرد عليه قول الجوهري أزرت فلانا عاونته والعامة تقول وازرته قوله ثم لم ينشب بفتح الشين المعجمة أي لم يلبث قوله حزن النبي من الحزن بضم الحاء وسكون الزاي وبفتحها قوله عدا بالعين المهملة من العدو وهو الذهاب بسرعة ومنهم من أعجمها فيكون من الذهاب غدوة قوله يتردى أي يسقط قوله شواهق الجبال الشواهق جمع شاهق وهو المرتفع العالي من الجبل قوله فلما أوفى بذروة جبل أي فلما أشرف بذروة جبل بكسر الذال المعجمة وبفتحها وضمها والضم أعلى وذروة كل شيء أعلاه قوله تبدى له أي ظهر له وفي رواية الكشميهني بدا له وهو بمعنى ظهر أيضا قوله جاشه بالجيم والشين المعجمة وهو النفس والاضطراب
قوله وقال ابن عباس الخ ذكره هذا المعلق عن ابن عباس لأجل ما وقع في حديث الباب إلا جاءت مثل فلق الصبح ثبت هذا للنسفي ولأبي زيد المروزي ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني ووصله الطبري من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله فالق الإصباح يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل واعترض على البخاري بأن ابن عباس فسر الإصباح لا لفظ فالق الذي هو المراد هنا وأجيب عنه بأن مجاهدا فسر قوله اقرأ باسم ربك الذى خلق بأن الفلق الصبح فلعى هذا فالمراد بفلق الصبح إضاءته والفالق اسم فاعل من ذلك
2 -
( باب رؤيا الصالحين )
أي هذا باب في بيان عامة رؤيا الصالحين وهي التي يرجى صدقها لأنه قد يجوز على الصالحين الأضغاث في رؤياهم لكن الأغلب عليهم الصدق والخير وقلة تحكم الشيطان عليهم في النوم أيضا لما جعل الله عليهم من الصلاح وبقي سائر الناس

(24/130)


غير الصالحين تحت تحكم الشيطان عليهم في النوم مثل تحكمه عليهم في اليقظة في أغلب أمورهم وإن كان قد يجوز منهم الصدق في اليقظة فكذلك يكون في رؤياهم صدق أيضا
وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شآء الله ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا
وقوله بالجر عطف على الصالحين والتقدير وفي بيان قوله عز و جللقد صدق الله لآية وسيقت هذه الآية كلها في رواية كريمة وأخرج عبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال أري النبي وهو بالحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه محلقين فلما نحر الهدي بالحديبية قال أصحابه أين رؤياك فنزلت وقوله فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قال النحر بالحديبية فرجعوا ففتحوا خيبر والمراد بالفتح فتح خيبر قال ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة القابلة وكانت الحديبية سنة ست وفي قوله إن شاء الله أقوال فقيل هل هو مما خوطب العباد أن يقولوه مثل الآية والاستثناء لمن مات منهم قبل ذلك أو قتل أو هو حكاية لما قيل لرسول الله في منامه
6983 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ) عن ( أنس بن مالك ) أن رسول الله قال الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث أخرجه النسائي في تعبير الرؤيا عن قتيبة وغيره وأخرجه ابن ماجه فيه عن هشام بن عمار
قوله الحسنة هي إما باعتبار حسن ظاهرها أو حسن تأويلها وقسموا الرؤيا إلى الحسنة ظاهرا وباطنا كالتكلم مع الأنبياء عليهم السلام أو ظاهرا لا باطنا كسماع الملاهي وإلى رديئة ظاهرا وباطنا كلدغ الحية أو ظاهرا لا باطنا كذبح الولد قوله من الرجل ذكر للغالب فلا مفهوم له فإن المرأة الصالحة كذلك قاله ابن عبد البر قوله جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قال الكرماني قوله من النبوة أي في حق الأنبياء دون غيرهم وكان الأنبياء يوحى إليهم في منامهم كما يوحى إليهم في اليقظة وقيل معناه أن الرؤيا تأتي على موافقة النبوة لا أنها جزء باق من النبوة وقال الزجاج تأويل قوله جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة أن الأنبياء عليهم السلام يخبرون بما سيكون والرؤيا تدل على ما يكون وقال الخطابي ناقلا عن بعضهم ما ملخصه إن أول ما بدىء به الوحي إلى أن توفي ثلاث وعشرون سنة أقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشرا وكان يوحى إليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر وهي نصف سنة فصارت هذه المدة جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة بنسبتها من الوحي في المنام ثم اعلم أن قوله جزء من ستة وأربعين جزءا هو الذي وقع في أكثر الأحاديث وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة جزء من خمسة وأربعين وفي رواية له من حديث ابن عمر جزء من سبعين جزءا وكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفا وأخرجه الطبراني عنه من وجه آخر مرفوعا وللطبراني من وجه آخر عنه من ستة وسبعين وسنده ضعيف وأخرجه ابن عبد البر من طريق عبد العزيز بن المختار عن ثابت عن أنس مرفوعا جزء من ستة وعشرين وأخرج أحمد وأبو يعلى حديثا في هذا الباب وفيه قال ابن عباس إني سمعت العباس بن عبد المطلب يقول سمعت رسول الله يقول الرؤيا الصالحة من المؤمن جزء من خمسين جزءا من النبوة وأخرجه الترمذي والطبري من حديث أبي ذر بن العقيلي جزء من أربعين وأخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس أربعين وأخرج الطبري أيضا من حديث عبادة جزء من أربعة وأربعين وأخرج أيضا أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص جزء من تسعة وأربعين وذكر القرطبي في المفهم بلفظ سبعة بتقديم السين فحصلت من هذه عشرة أوجه ووقع في شرح النووي

(24/131)


وفي رواية عبادة أربعة وعشرون وفي رواية ابن عمر ستة وعشرون وقيل جاء فيه اثنان وسبعون واثنان وأربعون وسبعة وعشرون وخمسة وعشرون فعلى هذا ينتهي العدد إلى ستة عشر وجها وأجاب من تكلم في بيان وجه الاختلاف الأعداد بأنه وقع بحسب الوقت الذي حدث فيه النبي بذلك كأن يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي إليه حدث بأن الرؤيا جزء من ستة وعشرين إن ثبت الخبر بذلك وذلك وقت الهجرة ولما أكمل عشرين حدث بأربعين ولما أكمل اثنين وعشرين حدث بأربعة وأربعين ثم بعدها بخمسة وأربعين ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته وأما ما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين فضعيف ورواية الخمسين يحتمل أن تكون لجبر الكسر ورواية السبعين للمبالغة وما عدا ذلك لم يثبت والله أعلم
3 -
( باب الرؤيا من الله )
أي هذا باب يذكر فيه الرؤيا من الله وإضافة الرؤيا إلى الله للتشريف كما في قوله تعالى فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها والرؤيا المضافة إلى الله لا يقال لها حلم والتي تضاف إلى الشيطان لا يقال لها رؤيا وهذا تصرف شرعي وإلا فالكل يسمى رؤيا
6984 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا يحيى هو ابن سعيد قال سمعت أبا سلمة قال سمعت أبا قتادة عن النبي قال الرؤيا من الله والحلم من الشيطان
مطابقته للترجمة ظاهرة هذا على هذه الرواية من غير ذكر الوصف للرؤيا وهي رواية أحمد بن ( يحيى ) الحلواني عن أحمد بن يونس شيخ البخاري ويروى الرؤيا الصادقة من الله وفي رواية الكشميهني الرؤيا الصالحة وهي التي وقعت في معظم الروايات
وأحمد بن يونس هو أحمد بن يونس اليربوعي الكوفي وزهير هو ابن معاوية أبو خيثمة الكوفي ويحيى هو ( ابن سعيد ) الأنصاري وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف وأبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري
والحديث مضى في الطب عن خالد بن مخلد وأخرجه بقية الجماعة
قوله والحلم بضم الحاء واللام قال ابن التين كذا قرأناه وفي ضبط الجوهري بسكون اللام وهو ما يراه النائم وحلم بفتح الحاء واللام كضرب تقول حلمت بكذا وحلمته وقال ابن سيده في مثلثه ويجمع على أحلام لا غير وقال الزمخشري الحالم النائم يرى في منامه شيئا وإذا لم ير شيئا فليس بحالم وقال الزجاج الحلم بالضم ليس بمصدر وإنما هو اسم وحكى ابن التياني في الموعب عن الأصمعي في المصدر حلما وحلما والحلم بالكسر الأناءة يقال منه حلم بضم اللام قوله من الشيطان أضيفت إليه لكونها على هواه ومراده وقيل لأنه الذي يخيل بها ولا حقيقة لها في نفس الأمر
6985 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثني ( ابن الهاد ) عن ( عبد الله بن خباب ) عن ( أبي سعيد الخدري ) أنه سمع النبي يقول إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذالك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره
الحديث 6985 طرفه في 7045
مطابقته للترجمة في قوله فإنما هي من الله وابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي وعبد الله بن خباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى الأنصاري وأبو سعيد بن مالك الخدري
والحديث أخرجه الترمذي والنسائي في الرؤيا واليوم والليلة جميعا عن قتيبة
قوله وليحدث بها هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره وليتحدث بها قوله فليستعذ وفي بعض النسخ فليستعذ بالله قوله لا تضره وفي رواية

(24/132)


الكشميهني فإنها لن تضره
4 -
( باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة )
أي هذا باب يذكر فيه الرؤيا الصالحة إلى آخره وسقطت هذه الترجمة للنسفي وذكر أحاديثها في الباب الذي قبله
6986 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الله بن يحيى بن أبي كثير وأثنى عليه خيرا ) وقال ل ( قيته باليمامة ) عن أبيه حدثنا ( أبو سلمة ) عن ( أبي قتادة ) عن النبي قال الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فإذا حلم فليتعوذ منه وليبصق عن شماله فإنها لا تضره
وعن أبيه قال حدثنا عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي مثله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير ضد القليل اليماني وقال الكرماني لم يتقدم ذكره
قوله وأثنى عليه خيرا أي وأثنى مسدد على عبد الله بن يحيى خيرا وهي جملة حالية أي أثنى عليه خيرا حال كونه حدث عنه وقد أثنى عليه أيضا إسحاق بن إسرائيل فيما أخرجه الإسماعيلي من طريقه قال حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير وكان من خيار الناس وأهل الورع والدين قوله لقيته باليمامة أي قال مسدد لقيت عبد الله بن يحيى باليمامة بتخفيف الميم قال الجوهري اليمامة بلاد كان اسمها الجو بالجيم وتشديد الواو وقال الكرماني بين مكة واليمن وقال الجوهري اليمامة اسم جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام يقال أبصر من زرقاء اليمامة فسميت البلاد المذكورة باسم هذه الجارية لكثرة ما أضيف إليها وقيل جو اليمامة قوله عن أبيه هو يحيى بن أبي كثير واسم أبي كثير صالح بن المتوكل وقيل غير ذلك روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمان بن عوف وروى عنه ابنه عبد الله المذكور وأبو قتادة هو الحارث بن ربعي وقد مضى عن قريب قوله فإذا حلم بفتح اللام قوله فليتعوذ منه أي من الشيطان لأنه ينسب إليه قوله وليبصق أمر بالبصق عن شماله طرد للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة وتحقيرا له واستقذارا وخص الشمال لأنه محل الأقذار والمكروهات ويروى فلينفث ويروى أيضا فليتفل وأكثر الروايات على الثاني وادعى بعضهم أن معناها واحد ولعل المراد بالجميع النفث وهو نفخ بلا ريق ويكون التفل والبصق محمولين مجازا
قوله وعن أبيه هو عطف على السند الذي قبله وهذا يدل على أن مسددا له طريقان في الحديث المذكور أحدهما عن عبد الله بن يحيى عن أبيه عن أبي سلمة وهو المذكور والآخر عن عبد الله بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أبي قتادة عن النبي وكذا أخرجه الإسماعيلي عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن أبي سلمة قوله مثله أي مثل الحديث المذكور وقال الكرماني قال أصحاب علوم الحديث إذا روى الراوي حديثا بسنده ثم اتبعه بإسناد آخر له وقال في آخره مثله أو نحوه فهل يجوز رواية لفظ الحديث الأول بالإسناد الثاني فقال شعبة لا وقال الثوري نعم وقال ابن معين يجوز في مثله ولا يجوز في نحوه
6987 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) عن ( عبادة بن الصامت ) عن النبي قال رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
مطابقته للترجمة ظاهرة وغندر هو محمد بن جعفر
والحديث أخرجه مسلم في تعبير الرؤيا أيضا عن بندار وأبي موسى كلاهما عن غندر وغيره وأخرجه الترمذي في الرؤيا عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي فيه عن إسماعيل بن مسعود ومضى الكلام فيه عن قريب

(24/133)


6988 - حدثنا ( يحيى بن قزعة ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( الزهري ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
الحديث 6988 - طرفه في 7017
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة والحديث من أفراده
ورواه ثابت وحميد وإسحاق بن عبد الله وشعيب عن أنس عن النبي
أي روى الحديث المذكور هؤلاء الأربعة عن أنس بن مالك أما رواية ثابت بن حميد البناني بضم الباء الموحدة وتخفيف النون فقد وصلها البخاري عن معلى بن أسد وسيأتي في باب من رأى النبي وأما رواية حميد الطويل فوصلها أحمد عن محمد بن أبي عدي عنه وأما رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فقد مضت عن قريب وأما رواية شعيب هو ابن الحبحاب فوصلها أبو عبد الله بن منده من طريق عبد الله بن سعيد
6989 - حدثني ( إبرهيم بن حمزة ) حدثني ( ابن أبي حازم والدراوردي ) عن ( يزيد ) عن ( عبد الله بن خباب ) عن ( أبي سعيد الخدري ) أنه سمع رسول الله يقول الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن حمزة وأبو إسحاق القرشي وابن أبي حازم هو عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار والدراوردي هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد والدراوردي بفتح الدال نسبة إلى داراورد قرية من قرى خراسان ويزيد من الزيادة هو المعروف بابن الهاد والسند كله مدنيون وتقدم الكلام فيه
قوله من النبوة كذا في جميع الطرق وليس فيه شيء منها بلفظ من الرسالة بدل من النبوة وكان السر فيه أن الرسالة تزيد على النبوة بتبليغ الأحكام للمكلفين بخلاف النبوة المجردة فإنها اطلاع على بعض المغيبات
5 -
( باب المبشرات )
أي هذا باب في بيان المبشرات وهي بكسر الشين جمع مبشرة قال بعضهم وهي البشرى قلت ليس كذلك لأن البشرى اسم بمعنى البشارة والمبشرة اسم فاعل للمؤنث من التبشير وهو إدخال السرور والفرح على المبشر بفتح الشين والمراد بالمبشرة هنا الرؤيا الصالحة وقد ورد في قوله تعالى لهم البشرى في الحيواة الدنيا وفى الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذالك هو الفوز العظيم هي الرؤيا الصالحة أخرجه الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم من رواية أبي سلمة عن عبد الرحمان عن عبادة بن الصامت
6990 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) حدثني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) قال سمعت رسول الله يقول لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع والحديث من أفراده
قوله لم يبق قال الكرماني قوله لم يبق فإن قلت هو في معنى الماضي لكن المراد منه الاستقبال إذ قبل زمانه وحال زمانه كان غيرها باقيا منها فالمراد بعد قلت صدق في زمانه أنه لم يبق لأحد غيره نبوة فإن قلت هل يقال لصاحب الرؤيا الصالحة له شيء من النبوة قلت جزء النبوة ليس بنبوة إذ جزء الشيء غيره أو لا هو ولا غيره فلا نبوة له فإن قلت الرؤيا الصالحة أعم لاحتمال أن تكون منذرة إذا الصلاح قد يكون باعتبار تأويلها قلت فيرجع إلى المبشر نعم يخرج منها ما لا صلاح لها لا صورة ولا تأويلا وقال ابن التين معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا فإن قيل يرد عليه الإلهام لأن

(24/134)


فيه إخبارا بما سيكون وهو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ويقع في غير الأنبياء كما تقدم في مناقب عمر رضي الله تعالى عنه قد كان فيمن مضى من الأمم محدثون وفسر المحدث بفتح الدال بالملهم بفتح الهاء وقد أخبر كثير من الأولياء عن أمور مغيبة فكانت كما أخبروا وأجيب بأن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين بخلاف الإلهام فإنه مختص بالبعض ومع كونه مختصا فإنه نادر وقال المهلب ما حاصله إن التعبير بالمبشرات خرج للأغلب فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه
6 -
( باب رؤيا يوسف عليه السلام )
أي هذا باب في بيان رؤيا يوسف عليه السلام كذا وقع للأكثرين ووقع للنسفي يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمان صلوات الله عليهم وسلامه
وقوله تعالى إذ قال يوسف لابيه ياأبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين قال يابنى لا تقصص رءياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين وكذالك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى ءال يعقوب كمآ أتمهآ على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم وقوله تعالى ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هاذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجآء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشآء إنه هو العليم الحكيم رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الاحاديث فاطر السماوات والارض أنت ولى فى الدنيا والاخرة توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين
وقوله بالجر عطف على ما قبله وسيقت هذه الآيات كلها إلى قوله بالصالحين في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر والنسفي ساق إلى ساجدين ثم قال إلى قوله عليم حكيم قوله إذ قال أي اذكر حين قال يوسف لأبيه يعني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام قوله أحد عشر كوكبا نصب على التمييز وأسماؤها جرثان والطارق والذيال وذو الكتفين وذو القابس ووثاب وعمودان والفليق والمصبح والضروج وذو الفرغ قوله رأيتهم لي ساجدين ولم يقال رأيتها ساجدة لأنه لما وصفها الله بما هو خاص بالعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة ورأى يوسف عليه السلام هذا وهو ابن اثني عشرة سنة وقيل كان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة وقيل ثمانون قوله على إخوتك وهم يهوذا وروبيل وريالون وشمعون ولاوي ويشجر ودينه دان ونفتال وجاد وآشر قوله فيكيدوا لك أي فيبغوا لك الغوائل ويحتالوا في هلاكك قوله يجتبيك أي يصطفيك قوله من تأويل الأحاديث يعني تعبير الرؤيا قوله ويتم نعمته عليك يعني يوصل لك نعم الدنيا بنعمة الآخرة قوله وعلى آل يعقوب أي أهله وهم نسله وغيرهم قوله أبويك أراد بهما الجد وأبا الجد قوله هذا تأويل رؤياي وهو قوله إني رأيت أحد عشر كوكبا قوله أحسن بي يقال أحسن إليه وبه قوله من البدو أي من البادية لأنهم كانوا أهل عمل وأصحاب مواش ينتقلون في المياه والمناجع قوله من بعد أن نزغ الشيطان أي أفسد بيننا وأغوى قوله لطيف ذو لطف وصنع لما يشاء عالم بدقائق الأمور قوله من الملك أي ملك مصر وتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا قوله فاطر السموات يعني يا فاطر السموات والأرض أنت وليي أي متولي أمري قوله توفني يعني اقبضني إليك وألحقني بالصالحين يعني بآبائي الأنبياء عليهم السلام ثم توفاه الله تعالى بمصر ودفن في النيل في صندوق من رخام ومات وعمره مائة وعشرون سنة

(24/135)


قال أبو عبد الله فاطر والبديع والمبتدع والباريء والخالق واحد
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وأشار إلى أن معنى هذه الألفاظ الأربعة واحد وأشار بالفاطر إلى المذكور في قوله رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الاحاديث فاطر السماوات والارض أنت ولى فى الدنيا والاخرة توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين وغيرها وقيل دعوى البخاري الوحدة في معنى هذه الألفاظ ممنوعة عند المحققين ورد عليه بعضهم بأن البخاري لم يرد بذلك أن حقائق معانيها متوحدة وإنما أراد أنها ترجع إلى معنى واحد وهو إيجاد الشيء بعد أن لم يكن قلت قوله واحد ينافي هذا التأويل ومعنى الفاطر من الفطر وهو الابتداء والاختراع قاله الجوهري ثم قال ابن عباس كنت لا أدري ما معنى فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي أنا ابتدأتها قوله والبديع معناه الخالق المخترع لا عن مثال سابق فعيل بمعنى مفعل يقال أبدع فهو مبدع وكذا في بعض النسخ مبدع قوله والبارىء والخالق قال الطيبي قيل الخالق البارىء المصور ألفاظ مترادفة وهو وهم لأن الخالق من الخلق وأصله التقدير المستقيم والبارىء مأخوذ من البرء وأصله خلوص الشيء عن غيره إما على سبيل التقصي منه وعليه قولهم برىء من مرضه وإما على سبيل الإنشاء منه ومنه برأ الله النسمة وهو البارىء لها وقيل البارىء هو الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت والتنافر قوله البارىء ويروى البادىء وقيل لبعضهم البارىء بالراء ولأبي ذر والأكثر البادىء بالدال بدل الراء والهمز ثابت فيهما وزعم بعض من عاصرناه من الشراح أن الصواب بالراء ورواية الدال وهم ورد عليه بعضهم بأنه وقع في بعض طرق الأسماء الحسنى المبدىء وفي سورة العنكبوت أولم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذالك على الله يسير ثم قال قل سيروا فى الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الاخرة إن الله على كل شىء قدير فاسم الفاعل من الأول مبدىء ومن الثاني بادىء انتهى قلت في هذا الرد نظر لا يخفى
من البدو بادئة
أشار به إلى ما ذكر آنفا من قوله ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هاذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجآء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشآء إنه هو العليم الحكيم أي من البادية وقد ذكرناه
7 -
( باب رؤيا إبراهيم عليه السلام )
أي هذا باب في بيان رؤيا إبراهيم الخليل عليه السلام كذا وقع لأبي ذر وسقط لفظ باب لغيره
وقوله تعالى فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شآء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيآ إنا كذلك نجزى المحسنين
وقوله مجرور عطف على ما قبله وسيقت الآيات كلها في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر فلما بلغ منه السعي إلى قوله نجزي المحسنين وسقط للنسفي قوله السعي أي بلغ أن يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه ومعه لا يتعلق ببلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعي ولا بالسعي لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه فبقي أن يكون بيانا كأنه قال لما قال فلما بلغ معه السعي قوله فلما أسلما سيجيء تفسيره وكذا تفسير قوله وتله
قال مجاهد أسلما سلما ما أمرا به وتله وضع وجهه بالأرض
وصل الفريابي في تفسيره تعليق مجاهد عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فذكره وليس في هذا الباب وفي الباب الذي قبله حديث واكتفى بالقرآن وقال بعضهم وقول الكرماني إنه كان في كل منهما بياض ليلحق به حديثا يناسبه محتمل مع بعده قلت لم يقل الكرماني هكذا أصلا وإنما قال وهذان البابان مما ترجمهما البخاري ولم يتفق له إثبات حديث فيهما
8 -
( باب التواطؤ على الرؤيا )

(24/136)


أي هذا باب في بيان التواطؤ أي توافق جماعة على رؤيا واحدة وإن اختلفت عباراتهم
6991 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سالم بن عبد الله ) عن ( بن عمر ) رضي الله عنهما أن أناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر وأن أناسا أروها أنها في العشر الأواخر فقال النبي التمسوها في السبع الأواخر
انظر الحديث 1158 وطرفه
للترجمة ظاهرة ولكن اعترضه الإسماعيلي فقال اللفظ الذي ساقه خلاف التواطؤ وحديث التواطؤ أرى رؤياكم قد تواطأت على العشر الأواخر ورد عليه بأنه لم يلتزم إيراد الحديث بلفظ التواطؤ وإنما أراد بالتواطؤ التوافق وهو أعم من أن يكون الحديث بلفظه أو بمعناه
ورجال الحديث قد تكرر ذكرهم والحديث من أفراده
قوله أن أناسا وفي رواية الكشميهني أن ناسا قوله أروا على صيغة المجهول أي في المنام قوله الأواخر جمع والسبع مفرد فلا مطابقة وأجيب بأنه اعتبر الآخرية بالنظر إلى كل جزء منها
9 -
( باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك )
أي هذا باب في بيان رؤيا أهل السجون وهو جمع سجن بالكسر وهو الحبس وبالفتح مصدر وقد سجنه يسجنه من باب نصر أي حبسه قوله والفساد أي رؤيا أهل الفساد يعني أهل المعاصي قوله والشرك يعني رؤيا أهل الشرك ووقع في رواية أبي ذر بدل الشرك الشراب بضم الشين المعجمة وتشديد الراء جمع شارب أو بفتحتين مخففا أي وأهل الشراب وأريد به الشراب المحرم وعطفه على الفساد من عطف الخاص على العام وأشار بهذا إلى أن الرؤيا الصالحة معتبرة في حق هؤلاء بأنها قد تكون بشرى لأهل السجن بالخلاص وإن كان المسجون كافرا تكون بشرى له بهدايته إلى الإسلام كما كانت رؤيا الفتيين اللذين حبسا مع يوسف عليه السلام صادقة وقال أبو الحسن بن أبي طالب وفي صدق رؤيا الفتيين حجة على من زعم أن الكافر لا يرى رؤيا صادقة وأما رؤيا أهل الفساد فتكون بشرى لهم بالتوبة والرجوع عما هم فيه وأما رؤيا الكافر فتكون بشرى له بهدايته إلى الإيمان
لقوله تعالى ودخل معه السجن فتيان قال أحدهمآ إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذالكما مما علمنى ربى إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة هم كافرون واتبعت ملة ءابآءي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنآ أن نشرك بالله من شىء ذالك من فضل الله علينا وعلى الناس ولاكن أكثر الناس لا يشكرون ياصاحبى السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار
وقال الفضيل عند قوله يا صاحبي السجن لبعض الأتباع يا عبد الله ياصاحبى السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم مآ أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذالك الدين القيم ولاكن أكثر الناس لا يعلمون ياصاحبى السجن أمآ أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الاخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الامر الذى فيه تستفتيان وقال للذى ظن أنه ناج منهما اذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين وقال

(24/137)


الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ياأيها الملأ أفتونى فى رؤياى إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين وقال الذى نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى من بعد ذالك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتى من بعد ذالك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون وقال الملك ائتونى به فلما جآءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم
سيقت هذه الآيات كلها في رواية كريمة وهي ثلاث عشرة آية وفي رواية أبي ذر من قوله ودخل معه السجن فتيان ثم قال إلى قوله إرجع إلى ربك قوله لقوله تعالى وفي بعض النسخ وقوله تعالى بدون لام التعليل والأول أولى لأنه يحتج بقوله ودخل معه إلى آخره على اعتبار الرؤيا الصالحة في حق أهل السجن والفساد والشرك وهو أيضا يوضح حكم الترجمة فإنه لم يتعرض فيها إلى بيان الحكم قوله ودخل معه أي مع يوسف فتيان وهما غلامان كانا للوليد بن ريان ملك مصر الأكبر أحدهما خبازه وصاحب طعامه واسمه مجلث والآخر ساقيه صاحب شرابه واسمه نبوء غضب عليهما الملك فحبسهما وكان يوسف لما دخل السجن قال لأهله إني أعبر الأحلام فقال أحد الفتيين لصاحبه فلنجرب هذا العبد العبراني فتراءيا له فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئا فقال أحدهما إني أراني أعصر خمرا أي عنبا بلغة عمان وقيل لأعرابي معه عنب ما معك قال خمر وقرأ ابن مسعود عصر عنبا وقيل إنما قال خمرا باعتبار ما يؤول إليه قولهنبئنا بتأويله أي أخبرنا بتعبيره وما يؤول إليه أمر هذه الرؤيا قولهإنل نراك من المحسنين أي من العالمين الذين أحسنوا العلم قاله الفراء وقال ابن إسحاق المحسنين إلينا إن قلت ذلك قوله لا يأتيكما طعام ترزقانه إنما قال ذلك لأنه كره أن يعبر لهما ما سألاه لما علم في ذلك من المكروه على أحدهما فأعرض عن سؤالهما وأخذ في غيره فقال لهما لا يأتيكما طعام ترزقانه في نومكما إلا نبأتكما بتأويله أي بتفسيره وألوانه أي طعام أكلتم وكم أكلتم ومتى أكلتم من قبل أن يأتيكما فقالا له هذا من فعل العرافين والكهنة فقال يوسف ما أنا بكاهن وإنما ذلكما العلم ما علمني ربي ثم أعلمهما أنه مؤمن فقال إني تركت ملة أي دينهم وشريعتهم قولهواتبعت ملة آبائي إبراهيم هي الملة الحنيفية قوله ذلك أي التوحيد والعلم من فضل الله فأراهما دينه وعلمه وفطنته ثم دعاهما إلى الإسلام فأقبل عليهما وعلى أهل السجن وكان بين أيديهم أصنام يعبدونها من دون الله فقال إلزاما للحجةيا صاحبي السجن جعلهما صاحبي السجن لكونهما فيه فقالأأرباب متفرقون يعني شتى لا تضر ولا تنفعخير أم الله الواحد القهار قوله وقال الفضيل إلى قوله القهار وقع هنا عند كريمة ووقع عند أبي ذر بعد قوله إرجع إلى ربك ووقع عند غيرهما بعد قوله الأعناب والدهن والذي عند كريمة هو أليق قوله ما تعبدون أي من دون الله إلا أسماء يعني لا حقيقة لها قوله من سلطان أي حجة وبرهان قولهذلك الدين أي ذلك الذي دعوتكم إليه من التوحيد وترك الشرك هو الدين القيم أي المستقيم ثم فسر رؤياهما بقوله يا صاحبي السجن الخ ولما سمعا قول يوسف قالا ما رأينا شيئا كنا نلعب فقال يوسف أي قضي الأمر أي فرغ الأمر الذي سألتهما ووجب حكم الله عليكما بالذي أخبرتكما به وقال يوسف عند ذلك للذي ظن أي علم أنه تاج وهو الساقيأذكرني عند ربك أي سيدك قوله فأنساه الشيطان أي أنسى يوسف الشيطان ذكر ربه حتى ابتغى الفرج من غيره واستعان بالمخلوق فلذلك لبث في السجن بضع سنين واختلف في معناه فقال أبو عبيدة هو ما بين الثلاثة إلى الخمسة وقال مجاهد ما بين ثلاث إلى سبع وقال قتادة والأصمعي

(24/138)


ما بين الثلاثة إلى التسع وقال ابن عباس ما دون العشرة وأكثر المفسرين هاهنا أن البضع سبع سنين ولما دنا فرج يوسف رأى ملك مصر الأكبر رؤيا عجيبة هالته وقال إني أرى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس يأكلهن سبع بقرات عجاف أي مهازيل فابتلعنهن فدخلن في بطونهن فلم ير منهن شيء ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها وأخر يابسات قد احتصدت وأفركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليهن فجمع السحرة والكهنة والحازة والقافة وقصها عليهم وقال أيها الملأ أي الأشراف أفتوني في رؤياي فاعبروها إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا هذا الذي رأيته أضغاث أحلام أي أحلام مختلطة مشتبهة أباطيل والأضغاث جمع ضغث وهو الحزمة من أنواع الحشيش قوله وقال الذي نجا منهما هو الساقي قوله واذكر أي تذكر حاجة يوسف وهو قوله اذكرني عند ربك قوله بعد أمة أي بعد حين وعن عكرمة بعد قرن وعن سعيد بن جبير بعد سنين وسيجيء مزيد الكلام فيه قوله أنبئكم أي أخبركم بتأويله قوله فأرسلون يعني إلى يوسف فأرسلوه إليه فقال يوسف يعني يا يوسف أيها الصديق وهو الكثير الصدق قوله أفتنا إلى قوله هههها من كلام الساقي المرسل إلى يوسف قوله لعلهم يعلمون أي تأويل رؤيا الملك وقيل يعلمون فضلك وعلمك قوله قال تزرعون أي قال يوسف إرجع إلى ربك أي كعادتكم قاله الثعلبي وقال الزمخشري دأبا مصدر دأب في العمل وهو حال من المأمورين أي دائبين أي إما على تدأبون دأبا وإما على إيقاع المصدر حالا يعني ذوي دأب قوله د أي اتركوه في سنبله إنما قال ذلك ليبقى ولا يفسد قوله 0 يعني سبع سنين جدب وقحط قوله ك ل أي تحرسون وتدخرون قوله هه من الغوث أو من الغيث وهو المطر أي يمطرون منه قوله هه أكثر المفسرين على معنى يعصرون العنب خمرا والزيتون زيتا والسمسم دهنا وقال أبو عبيدة يعصرون ينجون من الجدب والكرب العصر والعصرة النجاة والملجأ وقيل يعصرون يمطرون دليله وأنزلنا من المعصرات مآء ثجاجا ثم إن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بما أفتاه يوسف من تأويل رؤياه فلما جاءه الرسول أي بيوسف أي لما جاء يوسف الرسول وقال أجب الملك قال يوسف أرجع إلى ربك أي سيدك الملك فأسأله ما بال النبوة الآية وإنما قال ذلك حتى يظهر عذره ويعرف صحة أمره من قبل النسوة وتمام القصة في موضعها
وادكر افتعل من ذكر أمة قرن وتقرأ أمه نسيان وقال ابن عباس يعصرون الأعناب والدهن تحصنون تحرسون
أشار بهذا إلى تفسير بعض الألفاظ التي وقعت في الآيات المذكورة منها قوله وادكر فإنه على وزن افتعل لأن أصله اذكر بالذال المعجمة فنقلت إلى باب الافتعال فصار اذتكر ثم قلبت التاء دالا مهملة فصار اذدكر ثم قلبت الذال المعجمة دالا مهملة ثم أدغمت الدال في الدال فصار ادكر قال الزمخشري هذا هو الفصيح وعن الحسن بالذال المعجمة وقوله افتعل من ذكر رواية الكشميهني وفي رواية غيره افتعل من ذكرت ومنها قوله أمة فإنه فسرها بقوله قرن قوله ويقرا أمه بفتح الهمزة وتخفيف الميم وبالهاء المنونة فسره بقوله نسيان وأخرجه الطبري عن عكرمة وتنسب هذه القراءة في الشواذ إلى ابن عباس والضحاك يقال رجل مأموه ذاهب العقل يقال أمهت آمه أمها بسكون الميم ومنها قوله يعصرون إشارة إلى تفسيره بقوله وقال ابن عباس يعصرون الأعناب والدهن ووصله هكذا ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ومنها قوله تحصنون ففسره بقوله يحرسون وقد مر الكلام فيه
6992 - حدثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء ) حدثنا ( جويرية ) عن ( مالك ) عن ( الزهري ) أن ( سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قال رسول الله لو لبثت

(24/139)


في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه وعبد الله هو ابن محمد بن أسماء بن عبيد الضبعي سمع عمه جويرية بن أسماء وهما اسمان علمان مشتركان بين الذكور والإناث وأبو عبيد بالضم اسمه سعد بن عبيد مولى عبد الرحمان بن الأزهر بن عوف
والحديث مضى في التفسير وفي أحاديث الأنبياء بهذا السند
قوله ما لبث أي مدة لبثه قوله ثم أتاني الداعي أي من الملك يدعوني إليه لأسرعت في الإجابة ولبادرت إليه ولا اشترطت شرطا لإخراجي وقد كان يوسف لما أتاه الداعي يدعوه إلى الملك قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ولا يلزم من ذلك تفضيل يوسف على النبي لأنه قال ذلك تواضعا أو بيانا للمصلحة إذ لعل في الخروج مصالح الإسراع بها أولى
10 -
( باب من رأى النبي في المنام )
أي هذا باب في بيان أمر من رأى النبي في منامه
6993 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) حدثني ( أبو سلمة ) أن ( أبا هريرة ) قال سمعت النبي يقول من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي
قال أبو عبد الله قال ابن سيرين إذا رآه في صورته
مطابقته للترجمة من حيث إنه يوضحها أن رؤية النبي في المنام صحيحة لا تنكر وليست بأضغاث أحلام ولا من تشبيهات الشيطان يؤيده قوله فقد رأى الحق أي الرؤيا الصحيحة وذكر أبو الحسن عن علي بن أبي طالب في مدخله الكبير رؤية سيدنا رسول الله تدل على الخصب والأمطار وكثرة الرحمة ونصر المجاهدين وظهور الدين وظفر الغزاة والمقاتلين ودمار الكفار وظفر المسلمين بهم وصحة الدين إذ رئي في الصفات المحمودة وربما دل على الحوادث في الدين وظهور الفتن والبدع إذا رئي في الصفات المكروهة
وعبدان شيخ البخاري لقب عبد الله بن عثمان المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي ويونس هو ابن يزيد الأيلي والزهري هو محمد بن مسلم وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف رضي الله تعالى عنه
والحديث أخرجه مسلم في التعبير عن أبي الطاهر بن السرح وغيره وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح
قوله فسيراني في اليقظة زاد مسلم من هذا الوجه أو فكما رآني في اليقظة هكذا بالشك ومعنى لفظ البخاري أن المراد أهل عصره أي من رآه في المنام وفقه الله للهجرة إليه والتشرف بلقائه أو يرى تصديق تلك الرؤيا في الدار الآخرة أو يراه فيها رؤية خاصة في القرب منه والشفاعة قوله ولا يتمثل الشيطان بي أي لا يحصل له مثال صورتي ولا يتشبه بي قالوا كما منع الله الشيطان أن يتصور بصورته في اليقظة كذلك منعه في المنام لئلا يشتبه الحق بالباطل
قوله قال أبو عبد الله إلى آخره لم يثبت للنسفي ولأبي ذر وثبت عند غيرهما وأبو عبد الله هو البخاري نفسه قال محمد بن سيرين إذا رآه في صورته أراد أن رؤيته إياه لا تعتبر إلا إذا رآه على صفته التي وصف بها وهذا التعليق رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب من شيوخ البخاري عن حماد بن زيد عن أيوب قال كان محمد يعني ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي قال صف الذي رأيته فإن وصف له بصفة لا يعرفها قال لم يره وهذا سند صحيح فإن قلت يعارضه ما أخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر عن أبي هريرة قال قال رسول الله من رآني في المنام فقد رآني فإني أرى في كل صورة قلت في سنده صالح مولى التوأمة وهو ضعيف لاختلاطه وهو من رواية من سمع منه بعد الاختلاط
6994 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( عبد العزيز بن مختار ) حدثنا ( ثابت البناني ) عن ( أنس )

(24/140)


رضي الله عنه قال قال النبي من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
انظر الحديث 6983
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله كلهم بصريون والحديث أخرجه الترمذي في الشمائل عن عبد الله بن عبد الرحمان عن معلى بن أسد به
قوله فقد رآني قيل معناه أن رؤياه صحيحة لا تكون أضغاثا ولا من تشبيهات الشيطان ويعضده في بعض طرقه فقد رأى الحق وقال الطيبي هنا اتحد الشرط والجزاء فدل على أن الغاية في الكمال أي فقد رآني رؤيا ليس بعدها شيء وقيل هو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره بأنها رؤية حق ليست أضغاث أحلام ولا تخيلات الشيطان ورؤيته سبب الإخبار قيل كيف يكون ذلك وهو في المدينة والرائي في الشرق والغرب وأجيب بأن الرؤية أمر يخلقه الله تعالى ولا يشترط فيها عقلا مواجهة ولا مقابلة ولا مقارنة ولا خروج شعاع ولا غيره ولهذا جاز أن يرى أعمى الصين بقة أندلس وقيل كثيرا يرى على خلاف صفته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والجسم الواحد لا يكون إلا في مكان واحد وأجاب النووي حاكيا عن بعضهم ذلك ظن الرائي أنه رآه كذلك وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكونه مرتبطا بما يراه عادة فذاته الشريفة هي مرئية قطعا لا خيال ولا ظن فيه لكن هذه الأمور العارضة قد تكون متخيلة للرآئي قوله فإن الشيطان لا يتمثل بي ومضى في حديث أبي هريرة في كتاب العلم فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي وفي حديث جابر عند ابن ماجه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي وفي لفظ مسلم أن يتشبه بدل أن يتمثل وفي حديث ابن مسعود عند الترمذي وابن ماجه إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي وفي حديث أبي قتادة على ما يجيء وأن الشيطان لا يتراءاى بي بالراء ومعناه لا يستطيع أن يصير مرئيا بصورتي وفي رواية أبي ذر لا يتزايا بالزاي وبعد الألف ياء آخر الحروف وفي حديث أبي سعيد في آخر الباب فإن الشيطان لا يتكونني
6995 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عبيد الله بن أبي جعفر ) قال أخبرني ( أبو سلمة ) عن ( أبي قتادة ) قال قال النبي الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره وإن الشيطان لا يتزايا بي
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وإن الشيطان لا يتزايا بي
والثلاثة الأول من السند مصريون وعبد الله بن أبي جعفر الأموي القرشي واسم أبي جعفر يسار وكان عبيد الله بقية في زمانه وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف وأبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري
والحديث مضى في الطب عن خالد بن مخلد وفي التعبير عن أحمد بن يونس ومضى الكلام فيه
قوله لا يتزايا بالزاي أي لا يقصدني لأن يصير مرئيا بصورتي
6996 - حدثنا ( خالد بن خلي ) حدثنا ( محمد بن حرب ) حدثني ( الزبيدي ) عن ( الزهري ) قال ( أبو سلمة ) قال ( أبو قتادة ) رضي الله عنه قال النبي من رآني فقد رأى الحق
مطابقته للترجمة ظاهر وخالد بن خلي بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وتشديد الياء أبو القاسم الحمصي قاضيها وهو من أفراد البخاري ومحمد بن حرب أبو عبد الله النسائي روى عنه البخاري في آخر الاعتصام والزبيدي نسبة إلى زبيد بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء والدال المهملة واسمه محمد بن الوليد بن عامر الشامي الحمصي وحديث أبي قتادة قد مر عن قريب غير مرة
قوله فقد رأى الحق أي الرؤية الصحيحة الثابتة لا أضغاث أحلام ولا خيالات باطلة وقال الطيبي الحق هنا مصدره مؤكد أي فقد رأى رؤية الحق

(24/141)


تابعه يونس وابن أخي الزهري
أي تابع الزبيدي في رواية عن الزهري يونس بن يزيد وابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم ووصلها مسلم من طريقهما وساقها على لفظ يونس وأحال برواية ابن أخي الزهري عليه
6997 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثني ( ابن الهاد ) عن ( عبد الله بن خباب ) عن ( أبي سعيد الخدري ) سمع النبي يقول من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن أسامة وعبد الله بن خباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى وقد مر ذكره عن قريب والحديث من أفراده
قوله فإن الشيطان لا يتكونني لتتميم المعنى والتعليل للحكم ومعناه لا يتكون كونا مثل كوني أو لا يتخذ كوني أي لا يتشكل بشكلي وقال الكرماني التكون لازم فما وجهه ثم أجاب بقوله لزومه غير لازم أو معناه لا يتكون كوني فحذف المضاف وأوصل المضاف إليه بالفعل
11 -
( باب رؤيا الليل )
أي هذا باب في بيان الرؤيا التي تكون بالليل هل تساوي الرؤيا التي تكون بالنهار أو يتفاوتان قيل كأنه يشير إلى حديث أبي سعيد أصدق الرؤيا بالأسحار أخرجه أحمد مرفوعا وصححه ابن حبان وذكر نصر بن يعقوب الدينوري أن الرؤيا أول الليل تبطىء بتأويلها ومن النصف الثاني تسرع بتفاوت أجزاء الليل وأن أسرعها تأويلا رؤيا السحر ولا سيما عند طلوع الفجر وعن جعفر الصادق أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة
رواه سمرة
أي روى حديث رؤيا الليل سمرة بن جندب الفزاري الصحابي المشهور وسيأتي حديثه في آخر كتاب التعبير إن شاء الله تعالى
6998 - حدثنا ( أحمد بن المقدام العجلي ) حدثنا ( محمد بن عبد الرحمان الطفاوي ) حدثنا ( أيوب ) عن ( محمد ) عن ( أبي هريرة ) قال قال النبي أعطيت مفاتيح الكلم ونصرت بالرعب وبينما أنا نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي قال أبو هريرة فذهب رسول الله وأنتم تنتقلونها
مطابقته للترجمة في قوله وبينما أنا نائم البارحة
والطفاوي بضم الطاء وتخفيف الفاء وبالواو نسبة إلى بني طفاوة أو إلى طفاوة موضع وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن سيرين والحديث من أفراده
قوله مفاتيح الكلم أي لفظ قليل يفيد معاني كثيرة وهذا غاية البلاغة وستأتي رواية أخرى بعثت بجوامع الكلم وقال البخاري بلغني أن جوامع الكلم هو أن الله تعالى يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الوحد والأمرين أو نحو ذلك قوله ونصرت بالرعب بضم الراء وسكون العين الفزع أي ينهزمون من عسكر الإسلام بمجرد الصيت ويخافون منهم أو ينقادون بدون إيجاف خيل ولا ركاب قوله البارحة اسم لليلة الماضية وإن كان قبل الزوال قوله أتيت على صيغة المجهول قوله في يدي إما حقيقة وإما مجاز باعتبار قوله تنتقلونها من الانتقال من النقل بالنون والقاف ويروى تنتفلونها بالفاء موضع القاف أي تغتنمونها ويروى تنتثلونها بالثاء المثلثة موضع الفاء أي تستخرجونها وذلك كاستخراجهم خزائن كسرى ودفائن قيصر

(24/142)


6999 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله قال أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها تقطر ماء متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت من هاذا فقيل المسيح ابن مريم ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية فسألت من هذا فقيل المسيح الدجال
مطابقته للترجمة في قوله أراني الليلة عند الكعبة
والحديث مضى في اللباس عن عبد الله بن يوسف وأخرجه مسلم في الإيمان عن يحيى بن يحيى
قوله أراني الليلة أي أرى نفسي والليلة نصب على الظرفية وسيأتي في باب الطواف بالكعبة من وجه آخر عن ابن عمر بلفظ بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة قوله من أدم الرجال بضم الهمزة وسكون الدال جمع آدم وهو الأسمر قال الداودي هو إلى السمرة أميل وقال أبو عبد الملك الأدم فوق الأسمر يعلوه سواد قليل قوله له لمة بكسر اللام وتشديد الميم وهو الشعر المجاوز شحمة الأذن واللمم بالكسر أيضا جمع لمة فإذا بلغ المنكبين فهي جمة والوفرة دون ذلك قوله رجلها بتشديد الجيم أي سرحها قوله يقطر ماء جملة حالية قوله متكئا حال من قوله قوله رجلا وهو نكرة ولكنه وصف بالأوصاف المذكورة فصار حكمه حكم المعرفة قوله أو على عواتق رجلين شك من الراوي وهو جمع عاتق وهو اسم لما بين المنكب والعنق وقيل هذا جمع فكيف أضيف إلى المثنى وأجيب بأنه نحو قوله إن تتوبآ إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذالك ظهير وجاز مثله إذ لا التباس قوله جعد أي غير سبط أو قصير قوله قطط وهو المبالغ في الجعودة قوله طافية ضد الراسبة وقال ابن الأثير الطافية هي الحبة التي قد خرجت عن حد نبت أخواتها فظهرت من بينها وارتفعت وقيل أراد به الحبة الطافية على وجه الماء شبه عينه بها ويقال طفا الشيء على الماء يطفو إذا علا فعين الدجال طافية على وجهه قد برزت كالعنبة وقال ابن بطال من قرأ طافئة بالهمزة فمعناه أن عينه مفقوءة ذهب ضوؤها كأنها عنبة نضجت فذهب ماؤها ومن قرأ بغير همز فمعناه أنها برزت وخرج الباطن الأسود فيها لأن كل شيء ظهر فقد طفا قوله المسيح الدجال وفي تسمية الدجال بالمسيح خمسة أقوال وفي تسميته بالدجال عشرة أقوال ذكرناها كلها في كتابنا الموسوم بزين المجالس وكذلك ذكرنا في تسمية عيسى ابن مريم بالمسيح ثلاثة وعشرين وجها اختصرنا هنا ذكره خوفا من السآمة ومختصره معنى المسيح في عيسى عليه السلام كونه لا يمسح ذا عاهة إلا برىء ومعناه في الدجال كونه ممسوح إحدى العينين وقيل فيه بالخاء المعجمة
7000 - حدثنا يحيى حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله أنص ابن عباس كان يحدث أن رجلا أتى رسول الله فقال إني أريت الليلة في المنام وساق الحديث
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) بن عبد الله بن بكير ينسب إلى جده و ( عبيد الله بن عبد الله ) بن عتبة بن مسعود الهذلي
قوله إني أريت على صيغة المجهول ويروى رأيت وقد اقتصر البخاري على هذا المقدار من الحديث وسيأتي بتمامه بهذا السند في باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب وسيأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى
وتابعه سليمان بن كثير وابن أخي الزهري وسفيان بن حسين عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي

(24/143)


أي تابع الزهري في روايته عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس سليمان بن كثير ووصل هذه المتابعة مسلم وقال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان الدارمي أخبرنا محمد بن كثير حدثنا سليمان وهو ابن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله كان يقول لأصحابه من رأى منكم رؤيا فليقصها أعبرها له قال جاء رجل فقال يا رسول الله إني رأيت ظلمة فأحاله على ما قبله قوله وابن أخي الزهري أي تابعه أيضا ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم وقال بعضهم وصمها الذهلي في الزهريات ولا أعلم صحته قوله وسفيان بن حسين أي وتابعه أيضا سفيان بن حسين الواسطي ووصلها أحمد عن يزيد بن هارون عنه
وقال الزبيدي عن الزهري عن عبيد الله أن ابن عباس أو أبا هريرة عن النبي
أي وقال محمد بن الوليد بن عامر الحمصي عن محمد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس أو أبا هريرة فذكره بالشك ووصله مسلم وقال حدثنا حاجب بن الوليد حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي أخبرني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس أو أبا هريرة كان يحدث أن رجلا أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثم ساق الحديث بسند آخر
وقال شعيب وإسحاق بن يحياى عن الزهري كان أبو هريرة يحدث عن النبي وكان معمر لا يسنده حتى كان بعد
شعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي وإسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي وقال بعضهم وصلها الذهلي في الزهريات ولا أعلم صحته قوله وكان معمر أي ابن راشد لا يسند الحديث المذكور حتى أسنده بعد ذلك قال عبد الرزاق كان معمر يحدث به فيقول كان ابن عباس يعني ولا يذكر عبيد الله بن عبد الله في السند حتى جاء زمعة بكتاب فيه عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس فكان لا يشك فيه بعد
12 -
( باب الرؤيا بالنهار )
أي ها باب في بيان أمر الرؤيا الواقعة بالنهار وفي رواية أبي ذر رؤيا النهار
وقال ابن عون عن ابن سيرين رؤيا النهار مثل رؤيا الليل
أي قال عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين ووصله عن علي بن أبي طالب القيرواني في كتاب التعبير من طريق مسعدة بن اليسع عن عبد الله بن عون وفي التوضيح قال أبو الحسن علي بن أبي طالب في كتابه نور البستان وربيع الإنسان لا فرق بين رؤيا النهار والليل وحكمهما واحد في العبارة وكذا رؤيا النساء ورؤيا الرجال
7001 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ) أنه سمع ( أنس بن مالك ) يقول كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها يوما فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك
قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال

(24/144)


ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هاذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة شك إسحاق قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت البر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت
مطابقته للترجمة في قوله فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك
والحديث مضى في الجهاد عن عبد الله بن يوسف أيضا وفي الاستئذان عن إسماعيل وأخرجه مسلم في الجهاد عن يحيى بن يحيى ومضى الكلام فيه
قوله يدخل على أم حرام بنت ملحان بكسر الميم وقيل بفتحها وهي خالة أنس بن مالك ووجه دخوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عليها أنها كانت خالته من الرضاع قوله تفلي على وزن ترمي أي تفتش عن القمل قوله ثبج هذا البحر بفتح الثاء المثلثة والباء الموحدة وبالجيم أي وسطه قوله في زمان معاوية احتج بعضهم على صحة خلافة معاوية ولا يصح لأنه كان في زمنه وهو أمير بالشام والخليفة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ولئن سلمنا أن ذلك كان في زمن دعواه الخلافة لا يصح لقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة ومعاوية ومن بعده يسمون ملوكا ولو سموا خلفاء
13 -
( باب رؤيا النساء )
أي هذا باب في بيان رؤيا النساء قال ابن بطال الاتفاق على أن رؤيا المؤمنة الصالحة داخلة في قوله رؤيا المؤمن الصالح جزء من أجزاء النبوة
7003 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثني ( الليث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( خارجة بن زيد بن ثابت ) أن أم العلاء امرأة من الأنصار بايعت رسول الله أخبرته أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة قالت فطار لنا عثمان بن مظعون وأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه فلما توفي غسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله قالت فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله وما يدريك أن الله أكرمه فقلت بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله فقال رسول الله أما هو فوالله لقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير ووالله ما أدري وأنا رسول الله ماذا يفعل بي فقالت والله لا أزكي بعده أحدا أبدا
هذا مضى في الجنائز وفيه فرأيت لعثمان عينا تجري فأخبرت رسول الله فقال ذلك عمله ويأتي أيضا الآن وهذا هو وجه مطابقة الحديث للترجمة
وأم العلاء ابنة الحارث بن ثابت بن حارثة بن ثعلبة ابن حلاس بن أمية الأنصارية من المبايعات وكان رسول الله يعودها في مرضها
قوله أنهم أي أن الأنصار اقتسموا المهاجرين يعني أخذ كل منهم واحدا من المهاجرين حين قدموا المدينة قوله فطار لنا أي وقع في سهمنا عثمان بن مظعون بالظاء المعجمة والعين المهملة قوله فوجع بكسر الجيم أي مرض ويجوز ضم الواو وقال ابن التين بالضم رويناه قوله أبا السائب بالسين المهملة كنية عثمان بن مظعون قوله فشهادتي مبتدأ وعليك صلته والجملة الخبرية خبره وهي لقد أكرمك الله أي شهادتي عليك قولي لقد أكرمك الله قوله بأبي أنت أي مفدى بأبي أنت قوله أما هو بفتح الهمزة وتشديد الميم وقسمه قوله والله ما أدري وأنا رسول الله وأما مقدر نحوه للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنسآء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا إن لم يكن عطفا على الله قال الكرماني فإن قلت معلوم أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وله من المقامات المحمودة ما ليس لغيره قلت

(24/145)


هو نفي للدراية التفصيلية والمعلوم هو الإجمالي قوله ما يفعل بي وفي الحديث الآتي ما يفعل به قال الداودي الأول ليس بصحيح والصحيح هذا لأن الرسول لا يشك قال أو قال ذلك قبل أن يخبر بأن أهل بدر يدخلون الجنة
7004 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) بهذا وقال ما أدري ما يفعل به قالت وأحزنني فنمت فرأيت لعثمان عينا تجري فأخبرت رسول الله فقال ذلك عمله
هذا هو من الحديث الماضي أخرجه عن أبي اليمان الحكم بن نافع الخ قوله بهذا أي بالحديث المذكور قوله ذلك ويروى ذاك
14 -
( باب الحلم من الشيطان )
أي هذا باب يذكر فيه الحلم من الشيطان والحلم بضم الحاء وقد سبق معناه وقد حذف ابن بطال وغيره هذا الباب لأن سبق مع الكلام عليه
فإذا حلم فليبصق عن يساره وليستعذ بالله عز و جل
حلم بفتح اللام وهذه الترجمة ببعض ألفاظ الحديث
7005 - حدثنا يحياى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا قتادة الأنصاري وكان من أصحاب النبي وفرسانه قال سمعت رسول الله يقول الرؤيا من الله والحلم من الشيطان فإذا حلم أحدكم الحلم يكرهه فليبصق عن يساره وليستعذ بالله منه فلن يضره
مطابقته للترجمة ظاهرة وقد مضى في باب من رأى النبي عن ( يحيى بن بكير ) عن الليث عن عبد الله بن أبي جعفر عن ( أبي سلمة ) عن أبي قتادة الحديث وبينهما بعض اختلاف في رجال السند وفي المتن من زيادة ونقصان
قوله وكان من أصحاب النبي ذكر هذا تعظيما له وافتخارا به وتعليما للجاهل وإن كان من الصحابة المشهورين قوله وفرسانه أي ومن فرسان النبي ومن فروسيته أنه قتل يوم خيبر عشرين رجلا فنفله الشارع سلبهم قوله الرؤيا من الله أي المنام المحبوب من الله تعالى والحلم المكروه من الشيطان أي على طبعه وإلا فالكل من الله تعالى قوله فإذا حلم بفتح اللام وقد مر آنفا
15 -
( باب اللبن )
أي هذا باب في حكم رؤية اللبن إذا رآه في المنام بماذا يعبر به
6007 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) أخبرني ( حمزة بن عبد الله ) أن ( ابن عمر ) قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري ثم أعطيت فضلي يعني عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
مطابقته للترجمة من حيث إنه يوضحها ويبين تعبير اللبن
وعبدان بن لقب عبد الله بن عثمان المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي ويونس هو ابن يزيد وحمزة بالزاي ابن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم يروي عن أبيه عبد الله
والحديث مضى في العلم عن سعيد بن عفير
قوله لأرى الري اللام فيه للتأكيد والري بكسر الراء وتشديد الياء الاسم وبالفتح مصدر قال الجوهري روينا من الري بالكسر أروي ريا ورواه أيضا قوله يخرج من أظفاري ويروى يجري

(24/146)


من أظافيري وهو جمع أظفار جمع ظفر قال الداودي قد يراه من تحت الجلد أو يحسه فيكون هذا ريا وقال الكرماني الخروج يستعمل بعن قلت معناه خرج عن البدن حاصلا أو ظاهرا في الأظافير فليس صلته أو باعتبار أن بين الحروف معاوضة انتهى قلت هذا السؤال والجواب على كون اللفظ يخرج في أظافيري على ما في بعض النسخ على رواية الأكثرين وأما على نسخة يخرج من أظفاري على رواية الكشميهني فلا يحتاج إلى هذا التكلف وقال الكرماني أيضا إن الري معنى والخروج للأعيان قلت هو بمعنى ما يروى به أو ثمة مقدر يعني أثر الري أو نحوه
16 -
( باب إذا جراى اللبن في أطرافه أو أظافيره )
أي هذا باب يذكر فيه إذا جرى اللبن في أطرافه أو أظافيره يعني في المنام
7007 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا أبي عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( حمزة بن عبد الله بن عمر ) أنه سمع ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما يقول قال رسول الله بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأراى الري يخرج من أطرافي فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب فقال من حوله فما أولت ذالك يا رسول الله قال العلم
هذا هو الحديث الذي سبق قبله في باب اللبن غير أنه أخرجه هنا عن علي بن عبد الله المديني عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف عن صالح بن كيسان عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الخ ومضى الكلام فيه
17 -
( باب القميص في المنام )
أي هذا باب في رؤية القميص
26 - ( حدثنا علي بن عبد الله حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب قال حدثني أبو أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك ومر علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا ما أولت يا رسول الله قال الدين )
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله هم المذكورون في الباب السابق غير أن هناك بعد ابن شهاب حمزة بن عبد الله وهنا أبو أمامة بن سهل واسمه أسعد بن سهل بن حنيف الأنصاري أدرك النبي ويقال أنه سماه وكناه باسم جده وكنيته ولم يسمع من النبي وسمع أباه وأبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما والحديث مضى في العلم في باب تفاضل أهل الإيمان قوله رأيت الناس قال بعضهم رأيت من الرؤية البصرية وقوله يعرضون حال ويجوز أن يكون من الرؤية العلمية ويعرضون مفعول ثان والناس بالنصب على المفعولية ويجوز فيه الرفع انتهى قلت في هذا التفصيل نظر ويعرضون حال على كل تقدير ولم يبين وجه رفع الناس قوله علي بتشديد الياء وليس هذا اللفظ في كثير من النسخ ولكن هو مقدر قوله قمص بضم القاف والميم جمع قميص ومناسبته بالدين أنه يستر العورة كما أن الدين يستر الأعمال السيئة قيل جر القميص منهي عنه الجواب المنهي هو الذي يجر للخيلاء لا القميص الأخروي الذي هو لباس التقوى قوله الثدي بفتح الثاء المثلثة وسكون الدال ويجمع على ثدي بضم الثاء وكسر الدال

(24/147)


وتشديد الياء وظاهر الكلام أن الثدي يكون للرجل وقال الجوهري الثدي للرجل والمرأة وقال ابن فارس الثدي للمرأة الجمع الثدي يذكر ويؤنث وثندوة الرجل كثدي المرأة وأصل ثدي ثدوي على وزن فعول فاجتمع حرفا علة وسبق الأول بالسكون فقلبت ياء وأدغمت الياء في الياء التي بعدها وكسرت الدال لأجل الياء التي بعدها ويقال أيضا بكسر الثاء المثلثة قوله ومر علي بتشديد الياء والواو في وعليه للحال وكذا يجره حال وفي رواية عقيل يجتر قوله ما أولت كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره ما أولته بالضمير ومضى في الإيمان بلفظ فما أولت ذلك ووقع عند الحكيم الترمذي فقال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه على ما تأولت هذا يا رسول الله -
18 -
( باب جر القميص في المنام )
أي هذا باب في بيان حكم جر القميص في المنام
7009 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثني ( الليث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( أبو أمامة بن سهل ) عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجتره قالوا فما أولته يا رسول الله قال الدين
مطابقته للترجمة في قوله وعليه قميص يجتره وهذا هو الحديث الذي مضى في الباب السابق أخرجه من وجه آخر عن ابن شهاب وفيه فضيلة عمر رضي الله تعالى عنه
19 -
( باب الخضر في المنام والروضة الخضراء )
أي هذا باب في بيان رؤية الخضر في المنام والخضر بضم الخاء المعجمة وسكون الضاد المعجمة جمع أخضر وهو اللون المعروف من أصول الألوان ووقع في رواية النسفي وأبي أحمد الجرجاني باب الخضرة قوله والروضة الخضراء قال القيرواني الروضة التي لا يعرف نبتها تعبر بالإسلام لنضارتها وحسن بهجتها وتعبر أيضا بكل مكان فاضل يطاع الله فيه كقبر رسول الله وحلق الذكر وجوامع الخير وقبور الصالحين وقال ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة وقال ارتعوا من رياض الجنة يعني حلق الذكر وقال القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وقد تدل الروضة على المصحف وعلى كتاب العلم كقولهم الكتب رياض الحكماء
7010 - حدثني ( عبد الله بن محمد الجعفي ) حدثنا ( حرمي بن عمارة ) حدثنا ( قرة بن خالد ) عن ( محمد بن سيرين ) قال قال قيس بن عباد كنت في حلقة فيها سعد بن مالك وابن عمر فمر عبد الله بن سلام فقالوا هاذا رجل من أهل الجنة فقلت له إنهم قالوا كذا وكذا فقال سبحان الله ما كان ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم إنما رأيت كأنما عمود وضع في روضة خضراء فنصب فيها وفي رأسها عروة وفي أسفلها منصف والمنصف الوصيف فقيل ارقه فرقيت حتى أخذت بالعروة فقصصتها على رسول الله فقال رسول الله يموت عبد الله وهو

(24/148)


آخذ بالعروة الوثقى
انظر الحديث 2813 وطرفه
مطابقته للجزء الثاني من الترجمة في قوله في روضة خضراء
وعبد الله بن محمد هو المعروف بالمسندي والجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء نسبة إلى جعف بن سعد العشيرة من مذحج وقال الجوهري أبو قبيلة من اليمن والنسبة إليه كذلك وحرمي بفتح الحاء المهملة والراء وبالميم وياء النسبة وهو اسم بلفظ النسب وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم وقرة بضم القاف وتشديد الراء ابن خالد السدوسي وقيس بن عباد بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة البصري التابعي الثقة الكبير له إدراك قدم المدينة خلافة عمر رضي الله تعالى عنه ووهم من عده من الصحابة وقد مضى ذكره في مناقب عبد الله بن سلام بهذا الحديث ومضى له حديث آخر في تفسير سورة الحج وغزوة بدر أيضا وليس له في البخاري سوى هذين الحديثين
قوله في حلقة بسكون اللام ويجمع على حلق بكسر الحاء كقصعة وقصع وقال الجوهري جمع الحلقة حلق بفتح الحاء على غير قياس قوله فيها سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قوله هذا رجل من أهل الجنة إنما قالوا ذلك لأنهم سمعوا رسول الله يقول إنه لا يزال متمسكا بالإسلام حتى يموت قوله فقلت له أي لعبد الله بن سلام والقائل هو قيس بن عباد قوله فقال سبحان الله أي فقال عبد الله بن سلام سبحان الله للتعجب إنما أنكر عبد الله عليهم للتواضع وكراهة أن يشار إليه بالأصابع فيدخله العجب قال الكرماني الأولى أن يقال إنما قاله لأنهم لم يسمعوا ذلك صريحا بل قالوه استدلالا واجتهادا فهو في مشيئة الله تعالى إنما رأيت الخ التئام هذا الكلام بما قبله هو أنه لما أنكر عليهم ما قالوه ذكر المنام المذكور فهذا يدل على أنه إنما أنكر عليهم الجزم ولم ينكر أصل الإخبار بأنه من أهل الجنة وهكذا يكون شأن المراقبين الخائفين المتواضعين قوله كأنما عمود وضع في روضة خضراء وفي رواية ابن عون في وسط الروضة ولم يذكر وصف الروضة هنا ومضى في المناقب من رواية ابن عون رأيت كأني في روضة ذكره من سعتها وخضرتها وقال الكرماني يحتمل أن يراد بالروضة جميع ما يتعلق بالدين وبالعمود الأركان الخمسة وبالعروة الوثقى الدين وفي التوضيح والعمود دال على كل ما يعتمد عليه كالقرآن والسنن والفقه في الدين ومكان العمود وصفات المنام تدل على تأويل الأمر وحقيقة التعبير وكذلك العروة الإسلام والتوحيد وهي العروة الوثقى قال تعالى لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم فأخبر الشارع بأن ابن سلام يموت على الإيمان ولما في هذه الرؤيا من شواهد ذلك حكم له الصحابة بالجنة بحكم الشارع بموته على الإسلام وقال الداودي قالوا لأنه كان بدريا وفيه القطع بأن كل من مات على الإسلام والتوحيد لله دخل الجنة وإن نالت بعضهم عقوبات قوله فنصب فيها أي العمود نصب في الروضة ونصب بضم النون وكسر الصاد المهملة من النصب وهو ضد الخفض وفي المطالع وفي رواية العذري انتصب والأول هو الصواب وقال الكرماني ويروى نيص من ناص بالمكان أي أقام فيه وهو بالنون في أوله وفي رواية المستملي والكشميهني قبضت بفتح القاف والباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة وبتاء الخطاب وقال الكرماني ويروى قبضت بلفظ مجهول القبض وهو بإعجام الضاد قوله وفي رأسها أي وفي رأس العمود وإنما أنث الضمير لأن العمود إما مؤنث سماعي وإما باعتبار معنى العمدة وقيل المراد منه عمودة وحيث استوى فيه التذكير والتأنيث لم تلحقه التاء قوله منصف بكسر الميم وهو الوصيف بالصاد المهملة أي الخادم وقد فسره في الحديث بقوله والمنصف الوصيف وهو مدرج تفسير ابن سيرين وقال ابن التين روينا منصف بفتح الميم وقال الهروي يقال نصفت الرجل أنصفه نصافة إذا خدمته والمنصف الخادم والمراد هنا بالوصيف عون الله له قوله ارقه أي قيل لعبد الله بن سلام ارقه وهو أمر من رقى يرقى من باب علم يعلم إذا صعد ومصدره رقي قوله فرقيت بكسر القاف على الأفصح قوله حتى أخذت بالعروة وتقدم في المناقب فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فاستمسكت فاستيقظت وإنها لفي يدي ووقع في رواية خرشة عند مسلم حتى أتى

(24/149)


بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض أعلاه حلقة فقال لي اصعد فوق هذا قال قلت كيف أصعد فأخذ بيدي فزجل بي بزاي وجيم أي رفعني فإذا أنا متعلق بالحلقة ثم ضرب العمود فخر وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت قوله فقصصتها أي الرؤيا والباقي ظاهر
20 -
( باب كشف المرأة في المنام )
أي هذا باب في بيان كشف الرجل المرأة في المنام بأن كشف وجهها ليراه ليتزوج بها
7011 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت قال رسول الله أريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت فأقول إن يكن هاذا من عند الله يمضه
مطابقته للترجمة في قوله فأكشفها وعبيد مصغر عبد ابن إسماعيل الهباري القرشي الكوفي واسمه في الأصل عبد الله أبو محمد وأبو أسامة حماد بن أسامة الليثي وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح وأخرجه مسلم في الفضائل عن أبي كريب
قوله أريتك بضم الهمزة وكسر الراء والكاف خطاب لعائشة قوله مرتين وقع عند مسلم مرتين أو ثلاثا بالشك قيل يحتمل أن يكون الشك من هشام فاقتصر البخاري على مرتين لأنه محقق قوله إذا رجل يحملك يأتي في الباب الذي يليه فإذا ملك يحملك والتوفيق بينهما أن الملك يتشكل بشكل الرجل والمراد به جبريل عليه السلام قوله في سرقه بفتح السين المهملة وفتح الراء والقاف أي في قطعة من حرير وفي التوضيح السرقة شقة الحرير وقوله من حرير تأكيد كقوله أساور من ذهب والأساور لا تكون إلا من ذهب وإن كان من فضة تسمى قلبا وإن كانت من قرون أو عاج تسمى مسكة قوله فأكشفها بلفظ المتكلم قوله فإذا هي أنت قال القرطبي يريد أنه رآها في النوم كما رآها في اليقظة فكانت هي المراد بالرؤيا لا غيرها قوله يمضه مجزوم لأنه جواب الشرط أي ينفذه ويكمله وقال الكرماني يحتمل أن تكون هذه الرؤيا قبل النبوة وأن تكون بعدها وبعد العلم فإن رؤياه وحي فعبر عما علمه بلفظ الشك ومعناه اليقين إشارة إلى أنه لا دخل له فيه وليس ذلك باختياره وفي قدرته انتهى قلت بين حماد بن سلمة في روايته المراد ولفظه أتيت بجارية في سرقة من حرير بعد وفاة خديجة فكشفتها فإذا هي أنت وهذا يدفع الاحتمال الذي ذكره الكرماني
21 -
( باب ثياب الحرير في المنام )
أي هذا باب في بيان رؤية ثياب الحرير في المنام
7012 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( أبو معاوية ) أخبرنا ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) قالت قال رسول الله أريتك قبل أن أتزوجك مرتين رأيت الملك يحملك في سرقة من حرير فقلت له اكشف فكشف فإذا هي أنت فقلت إن يكن هاذا من عند الله يمضه ثم أريتك يحملك في سرقة من حرير فقلت اكشف فكشف فإذا هي أنت فقلت إن يك هاذا من عند الله يمضه
هذا هو الحديث المذكور قبل هذا الباب
ومحمد شيخ البخاري قال الكلاباذي محمد بن سلام أو محمد بن المثنى كل منهما

(24/150)


يروي عن أبي معاوية محمد بن خازم بالخاء المعجمة والزاي وجزم السرخسي في رواية أبي ذر عنه أنه محمد بن العلاء أبو كريب ومضى الكلام فيه
قوله اكشف فكشف قد مر في الرواية الماضية اكشفها فالكاشف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثمة وهنا الملك والتوفيق بينهما أنه يحتمل أن يراد بقوله اكشفها أمرت بكشفها أو كشف كل منهما شيئا وقيل نسبة الكشف إليه لكونه الآمر به وأن الذي باشر الكشف هو الملك
وقال ابن بطال رؤية المرأة في المنام تحتمل وجوها منها أن تدل على امرأة تكون له في اليقظة تشبه التي رآها في المنام كما كانت رؤية الشارع هذه ومنها أنه قد تدل على الدنيا والمنزلة فيها والسعة في الرزق وهو أصل عند المعبرين في ذلك ومنها أنه قد تدل على فتنة بما يقترن بها من دلائل ذلك وثياب الحرير واتخاذها للنساء في الرؤيا تدل على النكاح وعلى الأزواج وعلى العز والغناء ولبس الذهب والفضة واللباس دال على حشم لابسه لأنه محله ولا خير في ثياب الحرير للرجل والله أعلم
22 -
( باب المفاتيح في اليد )
أي هذا باب في بيان رؤية المفاتيح في اليد وقال أهل التعبير المفتاح مال وعز وسلطان وصلاح وعلم وحكمة فمن رأى أنه يفتح بابا بمفتاح فإنه يظفر بحاجته بمعونة من له يد وإن رأى أن في يده مفتاحا فإنه يصيب سلطانا عظيما فإن كان مفتاح الجنة فإنه يصيب سلطانا عظيما في الدين أو عملا كثيرا من أعمال البر أو يجد كنزا أو مالا حلالا ميراثا وإن كان مفتاح الكعبة حجب سلطانا أو إماما وقس على هذا سائر المفاتيح وقال الكرماني وقد يكون إذا فتح به بابا دعا دعاء يستجاب له
7013 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثنا ( الليث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( سعيد ابن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) قال سمعت رسول الله يقول بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي
قال محمد وبلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين أو نحو ذلك
مطابقته للترجمة في قوله أتيت بمفاتيح خزائن الأرض
ورجاله قد مروا تقريبا وبعيدا والحديث مضى في الجهاد عن يحيى بن بكير ومضى الكلام فيه
قوله قال محمد ويروى قال أبو عبد الله قلت قال محمد رواية كريمة وقوله أبو عبد الله رواية أبي ذر قيل هو البخاري لأن اسمه محمد وكنيته أبو عبد الله وقال بعضهم الذي يظهر أن الصواب ما عند كريمة فإن هذا الكلام ثبت عن الزهري واسمه محمد بن مسلم وقد ساقه البخاري هنا من طريقه فيبعد أن يأخذ كلامه فينسبه لنفسه انتهى قلت سبق بهذا الكلام صاحب التوضيح ولا يخلو عن تأمل قوله يجمع الأمور الكثيرة الخ قال الهروي يعني القرآن
23 -
( باب التعليق بالعروة والحلقة )
أي هذا باب في بيان من رأى في منامه أنه يتعلق بالعروة أو بالحلقة وقال أهل التعبير الحلقة والعروة المجهولة تدل لمن تمسك بها على قوته في دينه وإخلاصه فيه
7014 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( أزهر ) عن ( ابن عون ) وحدثني ( خليفة ) حدثنا ( معاذ ) حدثنا ( ابن عون ) عن ( محمد ) حدثنا ( قيس بن عباد ) عن ( عبد الله بن سلام ) قال رأيت كأني في روضة وسط الروضة عمود في أعلاى العمود عروة فقيل لي ارقه قلت لا أستطيع فأتاني وصيف فرفع ثيابي فرقيت فاستمسكت بالعروة فانتبهت وأنا مستمسك بها فقصصتها على النبي

(24/151)


فقال تلك الروضة روضة الإسلام وذالك العمود عمود الإسلام وتلك العروة عروة الوثقى لا تزال مستمسكا بالإسلام حتى تموت
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فاستمسكت بالعروة وهو الحديث الذي مر عن قريب في باب الخضر في المنام والروضة الخضراء ومضى الكلام فيه
وأخرجه هنا من طريقين الأول عن عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي عن أزهر بفتح الهمزة وسكون الزاي ابن سعد السمان البصري عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن قيس بن عباد والثاني عن خليفة بن خياط بفتح الخاء المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف عن معاذ بن معاذ بضم الميم فيهما التميمي عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن قيس بن عباد الخ
قوله حدثني ويروى حدثنا قوله ارقه إلها فيه هاء السكت قوله وصيف بفتح الواو وهو الخادم قوله وأنا مستمسك بها قيل كيف كانت العروة بعد الانتباه في يده وأجيب يعني انتبهت حال الاستمساك حقيقة بعده لشمول قدرة الله عز و جل له
24 -
( باب عمود الفسطاط تحت وسادته )
أي هذا باب في ذكر من رأى في منامه عمود الفسطاط تحت وسادته والعمود معروف وجمعه أعمدة وعمد بضمتين وبفتحتين وهو ما ترفع به الأخبية من الخشب والعمود يطلق أيضا على ما يرفع به البيوت من حجارة كالرخام والصوان ويطلق أيضا على ما يعتمد عليه من حديد أو غيره وعمود الصبح ابتداء ضوئه والفسطاط بضم الفاء وبكسرها وبالطاء المهملة مكررة هو الخيمة العظيمة وقال الكرماني هو السرادق ويقال له الفستات والفستاط والفساط وقال الجوالقي هو فارسي معرب قوله تحت وسادته وفي رواية النسفي عند وسادته وهي بكسر الواو المخدة وهذه الترجمة ليس فيها حديث وبعده باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام وهكذا عند الجميع إلا أنه سقط لفظ باب عند النسفي والإسماعيلي وأما ابن بطال فإنه جمع الترجمتين في باب واحد فقال باب عمود الفسطاط تحت وسادته ودخول الجنة في المنام وفيه حديث ابن عمر الآتي وقال ابن بطال سألت المهلب كيف ترجم البخاري بهذا الباب ولم يذكر فيه حديثا فقال لعله رأى حديث ابن عمر أكمل إذ فيه أن السرقة كانت مضروبة في الأرض على عمود كالخباء وأن ابن عمر اقتلعها فوضعها تحت وسادته وقام هو بالسرقة بمسكها وهي كالهودج من استبرق فلا يرى موضعا من الجنة إلا طار إليه ولما لم يكن هذا بسنده لم يذكره لكنه ترجم به ليدل على أن ذلك مروي أو ليبين سنده فيلحقه بها فأعجلته المنية عن تهذيب كتابه والله أعلم
25 -
( باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام )
أي هذا باب في بيان رؤية الاستبرق وهو الغليظ من الديباج وهو فارسي معرف بزيادة القاف وقد يعبر الحرير في المنام بالشرف في الدين والعلم لأن الحرير من أشرف ملابس الدنيا وكذلك العلم بالدين أشرف العلوم قوله ودخول الجنة في المنام عطف على الاستبرق أي وفي بيان رؤية الدخول في الجنة في المنام ورؤية دخول الجنة في المنام تدل على دخولها في اليقظة ويعبر أيضا بالدخول في الإسلام الذي هو سبب لدخول الجنة
7015 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( وهيب ) عن ( أيوب ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير لا أهوي بها إلى مكان في الجنة إلا طارت بي إليه
7016 - ( فقصصتها على حفصة ) ( فقصتها حفصة على ) النبي فقال إن أخاك رجل صالح أو قال إن عبد الله رجل صالح

(24/152)


مطابقته للجزء الأول للترجمة تؤخذ من قوله رأيت في المنام كأن في يدي سرقة من حرير وتؤخذ للجزء الثاني من قوله لا أهوي بها إلى مكان في الجنة إلا طارت بي إليه فإن قلت ليس فيه ما يطابق الجزء الأول من الترجمة فإنها لفظ الإستبرق وليس فيه قلت قد مر أن السرقة قطعة من الحرير وقيل شقة منه الإستبرق أيضا نوع من الحرير
وشيخ البخاري معلى بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد اللام المفتوحة ابن أسد العمي أبو الهيثم البصري أخو بهز بن أسد ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري وأيوب هو السختياني ونافع يروي عن مولاه عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
والحديث مضى في صلاة الليل عن أبي النعمان عن حماد ومضى الكلام فيه
قوله أهوي بها بضم الهمزة من الإهواء وثلاثيه هوى أي سقط وقال الأصمعي أهويت بالشيء إذا رميت به ويقال أهويت له بالسيف قوله إلا طارت بي إليه طيران السرقة قوة يرزقه الله تعالى على التمكن من الجنة حيث يشاء
قوله أو إن عبد الله شك من الراوي ووقع في رواية حماد عند مسلم إن عبد الله رجل صالح بالجزم وزاد الكشميهني في روايته عن الفربري لو كان يصلي من الليل ووقع في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال نعم الفتى أو قال نعم الرجل ابن عمر كان يصلي من الليل رواه مسلم
26 -
( باب القيد في المنام )
أي هذا باب في بيان من رأى أنه مقيد في المنام ولم يذكر ما يكون تعبيره اكتفاء بما ذكر في الحديث
7017 - حدثنا ( عبد الله بن صباح ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت ( عوفا ) حدثنا ( محمد بن سيرين ) أنه سمع ( أبا هريرة ) يقول قال رسول الله إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وما كان من النبوة فإنه لا يكذب
قال محمد وأنا أقول هاذه قال وكان يقال الرؤيا ثلاث حديث النفس وتخويف الشيطان وبشراى من الله فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل قال وكان يكره الغل في النوم وكان يعجبهم القيد ويقال القيد ثبات في الدين
انظر الحديث 6988
مطابقته للترجمة في قوله وكان يعجبهم القيد الخ
وعبد الله بن الصباح بتشديد الباء الموحدة العطار البصري ومعتمر بن سليمان وعوف الأعرابي والحديث من أفراده
قوله إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن هكذا في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني وفي رواية غيره إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب وقال الخطابي فيه قولان أحدهما أن المعنى إذا تقارب زمان الليل وزمان النهار وهو وقت استوائهما أيام الربيع وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبا والثاني أن المراد من اقتراب الزمان انتهاء مدته إذا دنا قيام الساعة وقال ابن بطال الصواب هو الثاني وقال الداودي المراد بتقارب الزمان نقص الساعات والأيام والليالي ومراده بالنقص سرعة مرورها وذلك قرب قيام الساعة وقيل معنى كون رؤيا المؤمن في آخر الزمان لا تكاد تكذب أنها تقع غالبا على الوجه المرئي لا تحتاج إلى التعبير فلا يدخلها الكذب والحكمة في اختصاص ذلك بآخر الزمان أن المؤمن في ذلك الوقت يكون غريبا كما في الحديث بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا أخرجه مسلم فيقل أنس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة وقيل المراد بالزمان المذكور زمان المهدي عند بسط العدل وكثرة الأمن وبسط الخير والرزق وقال القرطبي المراد والله أعلم بآخر الزمان المذكور في هذا الحديث زمان الطائفة الباقية مع عيسى ابن مريم صلوات الله عليهما وسلامه بعد قتله الدجال قوله ورؤيا المؤمن جزء الحديث معطوف على جملة الحديث قبله وهذا إذا اقترب الزمان الحديث فهو مرفوع أيضا وقد مر الكلام فيه عن قريب
قوله قال محمد هو ابن سيرين قوله وأنا أقول هذه إشارة إلى الجملة

(24/153)


المذكورة وقال الكرماني هذه أي المقالة وقوله وأنا أقول هذه كذا هو في رواية أبي ذر وفي جميع الطرق ووقع في شرح ابن بطال وأنا أقول هذه الأمة وذكره عياض كذلك وقال خشي ابن سيرين أن يتأول أحد معنى قوله وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا أنه إذا تقارب الزمان لم يصدق إلا رؤيا الرجل الصالح وأنا أقول هذه الأمة يعني أن رؤيا هذه الأمة صادقة كلها صالحها وفاجرها ليكون صدق رؤياهم زجرا لهم وحجة عليهم لدروس أعلام الدين وطموس آثاره بموت العلماء وظهور المنكر انتهى وقال بعضهم وهذا مرتب على ثبوت هذه الزيادة وهي لفظ الأمة ولم أجدها في شيء من الأصول انتهى قلت عدم وجدانه ذلك لا يستلزم عدم وجدانه عند غيره قوله قال وكان يقال الرؤيا ثلاث الخ أي قال محمد بن سيرين الرؤيا على ثلاثة أقسام ولم يعين ابن سيرين القائل بهذا من هو قالوا هو أبو هريرة وقد رفعه بعض الرواة ووقفه آخرون وقد أخرجه أحمد عن هوذة بن خليفة عن عوف بسنده مرفوعا الرؤيا ثلاث الحديث مثله وأخرجه الترمذي والنسائي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله الرؤيا ثلاث فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تخويف من الشيطان وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين مرفوعا أيضا بلفظ الرؤيا ثلاث فالرؤيا الصالحة بشرى من الله والباقي نحوه قوله حديث النفس أي أولها حديث النفس وهو ما كان في اليقظة في خيال الشخص فيرى ما يتعلق به عند المنام قوله وتخويف الشيطان وهو الحلم أي المكروهات منه قوله وبشرى أي الثالث بشرى من الله أي المبشرات وهي المحبوبات ووقع في حديث عوف بن مالك عند ابن ماجه بسند حسن رفعه الرؤيا ثلاث منها أهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم ومنها ما بهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قيل ليس الحصر مرادا من قوله ثلاث لثبوت أربعة أنواع أخرى الأول حديث النفس وهو في حديث أبي هريرة في الباب الثاني تلاعب الشيطان وقد ثبت عند مسلم من حديث جابر رضي الله تعالى عنه قال جاء أعرابي فقال يا رسول الله رأيت في المنام كان رأسي قطع فأنا أتبعه وفي لفظ فتدحرج فاشتددت في إثره فقال لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام وفي رواية له إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يخبر به الناس والثالث رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة كمن كانت عادته أن يأكل في وقت فنام فيه فرأى أنه يأكل أو بات طافحا من أكل أو شرب فرأى أنه يتقيأ وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص الرابع الأضغاث قوله قال وكان يكره أي قال ابن سيرين كان أبو هريرة يكره الغل في النوم لأنه من صفات أهل النار لقوله تعالى إذ الاغلال فى أعناقهم والسلاسل يسحبون الآية وقد تدل على الكفر وقد تدل على امرأة تؤذي يعني يعبر بها والغل بضم الغين المعجمة وتشديد اللام هو الحديد الذي يجعل في العنق وقالوا إن انضم الغل إلى القيد يدل على زيادة المكروه وإذ جعل الغل في اليدين حمد لأنه كف لهما عن الشر وقد يدل الغل على البخل بحسب الحال وقالوا أيضا إن رأى أن يديه مغلولتان فإنه بخيل وإن رأى أنه قيد وغل فإنه يقع في سجن أو شدة وقال الكرماني اختلفوا في قوله وكان يقال إلى قوله في الدين فقال بعضهم كله كلام الرسول وقيل كله كلام ابن سيرين وقيل القيد ثبات في الدين هو كلام رسول الله وقيل وكان يكره فاعله رسول الله وهو كلام أبي هريرة انتهى قلت أخذ الكرماني هذا من كلام الطيبي قوله وكان يعجبهم كذا ثبت هنا بلفظ الجمع والإفراد في يكره ونقول وقال الطيبي ضمير الجمع لأهل التعبير وكذا قوله وكان يقال القيد ثبات في الدين قال المهلب روي عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم القيد ثبات في الدين من رواية قتادة ويونس وآخرين وتفسير ذلك أنه يمنع الخطايا ويقيد عنها وروى ابن ماجه من حديث وكيع عن أبي بكر الهذلي عن ابن سيرين فذكر قصة القيد مرفوعة

(24/154)


وروى قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي وأدرجه بعضهم كله في الحديث وحديث عوف أبين وقال يونس لا أحسبه إلا عن النبي في القيد
أي روى أصل الحديث قتادة بن دعامة ويونس بن عبيد أحد أئمة البصرة وهشام بن حسان الأزدي وأبو هلال محمد بن سليم بالضم الراسبي وقال الكرماني لم يسبق ذكره كل هؤلاء رووه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي قوله وأدرجه بعضهم كله أي كل المذكور من لفظ الرؤيا ثلاث إلى في الدين أي جعله كله مرفوعا والمراد به رواية هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة وقال مسلم حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا معاذ حدثني أبي عن قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله وأدرجه في الحديث قوله وأكره الغل الخ ولم يذكر الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قوله وحديث عوف أبين أي وحديث عوف الأعرابي أظهر حيث فصل المرفوع عن الموقوف وقال الكرماني أبين أي في أن لا يكون ذلك من الحديث قوله وقال يونس لا أحسبه أي لا أحسب الذي أدرجه بعضهم إلا عن النبي في القيد يعني أنه شك في رفعه
وقال أبو عبد الله لا تكون الأغلال إلا في الأعناق
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وأشار بهذا الكلام إلى رد قول من قال قد يكون الغل في غير العنق كاليد والرجل ولكن لا ينهض هذا الرد لما قال أبو علي القالي الغل ما يربط به اليد وقال ابن سيده الغل خاصة تجعل في العنق أو اليد والجمع أغلال ويد مغلولة جعلت في الغل قال تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشآء وليزيدن كثيرا منهم مآ أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضآء إلى يوم القيامة كلمآ أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون فى الارض فسادا والله لا يحب المفسدين
27 -
( باب العين الجارية في المنام )
أي هذا باب في بيان رؤية العين الجارية في المنام وقال المهلب العين الجارية تحتمل وجوها فإن كان ماؤها صافيا عبرت بالعمل الصالح وإلا فلا وقيل العين الجارية عمل جار من صدقة أو معروف لحي أو ميت وقيل عين الماء نعمة وبركة وخير وبلوغ أمنية إن كان صاحبها مستورا وإن كان غير عفيف أصابته مصيبة يبكي لها أهل داره
7018 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( خارجة بن زيد بن ثابت ) عن أم ( العلاء ) وهي امرأة من نسائهم بايعت رسول الله قالت طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين فاشتكى فمرضناه حتى توفي ثم جعلناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله قال وما يدريك قلت لا أدري والله قال أما هو فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير من الله والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم قالت أم العلاء فوالله لا أزكي أحدا بعده قالت ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري فجئت رسول الله فذكرت ذالك له فقال ذاك عمله يجري له
مطابقته للترجمة في قوله ورأيت لعثمان في النوم إلى آخره
وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وعبد الله هو ابن المبارك المروزي
والحديث قد مضى في باب رؤيا النساء ومضى الكلام فيه وأم العلاء والدة خارجة بن زيد الراوي عنها هنا واسمها كنيتها
قوله وهي امرأة من نسائهم أي من الأنصار وهو من كلام الزهري الراوي عن خارجة
قوله طار لنا

(24/155)


يعني وقع لنا في سهمنا قوله حين اقترعت وفي رواية أبي ذر عن غير الكشميهني حين أقرعت بحذف التاء قوله فاشتكى أي مرض قوله فمرضناه بتشديد الراء أي قمنا بأمره في مرضه قوله حتى توفي كانت وفاته في شعبان سنة ثلاث من الهجرة قوله ذاك عمله يجري له يعني شيء من عمله بقي له ثوابه جاريا كالصدقة وأنكر صاحب التلويح أن يكون له شيء من الأمور الثلاثة التي ذكرها مسلم من حديث أبي هريرة رفعه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث الحديث ورد عليه بأنه كان له ولد صالح شهد بدرا وما بعدها وهو السائب مات في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه فهو أحد الثلاثة وقد كان عثمان من الأغنياء فلا يبعد أن يكون له صدقة استمرت بعد موته فقد أخرج ابن سعد من مرسل أبي بردة بن أبي موسى قال دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي فرأين هيئتها فقلن مالك فما في قريش أغنى من بعلك فقالت أما ليله فقائم الحديث
28 -
( باب نزع الماء من البئر حتى يرواى الناس )
أي هذا باب في بيان من يرى أنه ينزع الماء أي يستخرج الماء من البئر حتى يروى بفتح الواو من روى يروي من باب علم يعلم قوله الناس بالرفع فاعله
رواه أبو هريرة عن النبي
أي روى نزع الماء من البئر أبو هريرة وسيأتي موصولا في الباب الثاني
7019 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم بن كثير ) حدثنا ( شعيب بن حرب ) حدثنا ( صخر بن جويرية ) حدثنا ( نافع ) أن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما حدثه قال قال رسول الله بينا أنا على بئر أنزع منها إذ جاءني أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف فغفر الله له ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن
مطابقته للترجمة ظاهرة ويعقوب بن إبراهيم بن كثير بالثاء المثلثة الدورقي وشعيب بن حرب المدائني يكنى أبا صالح كان أصله من بغداد فسكن المداين فنسب إليها ثم انتقل إلى مكة فنزلها إلى أن مات بها وماله في البخاري سوى هذا الحديث وصخر بفتح الصاد المهملة وسكون الخاء المعجمة وبالراء ابن جويرية مصغر جارية بالجيم
والحديث مضى في فضائل أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن أحمد بن سعيد
قوله بينا قد ذكرنا غير مرة أن أصل بينا بين فأشبعت فتحة النون فصارت بينا ويقال أيضا بينما ويضاف إلى جملة قوله إذ جاءني جوابه وكلمة إذ للمفاجأة قوله ذنوبا بفتح الذال المعجمة وهو الدلو الممتلىء قوله أو ذنوبين شك من الراوي قوله وفي نزعه ضعف بفتح الضاد وضمها لغتان قوله ثم أخذها ابن الخطاب أي ثم أخذ الدلو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله من يد أبي بكر رضي الله تعالى عنه فيه إشارة إلى أن عمر ولي الخلافة بعهد من أبي بكر بخلاف أبي بكر فإن خلافته لم تكن بعهد صريح من النبي ولكن وقعت عدة إشارات إلى ذلك فيها ما يقرب من الصريح قوله فاستحالت أي تحولت في يد عمر رضي الله تعالى عنه قوله غربا بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وبالباء الموحدة وهو الدلو العظيمة المتخذة من جلود البقر فإذا فتحت الراء فهو الماء الذي يسيل بين البئر والحوض قوله عبقريا بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح القاف وهو الكامل الحاذق في عمله قوله يفري بسكون الفاء وكسر الراء قوله فريه بفتح الفاء وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف أي يعمل عمله جيدا صالحا عجيبا قوله حتى ضرب

(24/156)


الناس بعطن بفتح المهملتين وآخره نون وهو ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل والعطن للإبل كالوطن للناس لكن غلب على مبركها حول الحوض وقال ابن الأثير في حديث ضرب الناس بعطن أي رويت إبلهم حتى بركت وأقامت مكانها
29 -
( باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف )
أي هذا باب في بيان نزع الذنوب وهو الدلو الممتلىء كما ذكرناه الآن قوله بضعف أي مع ضعف
7020 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه عن رؤيا النبي في أبي بكر وعمر قال رأيت الناس اجتمعوا فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف

(24/157)


والله يغفر له ثم قام عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فما رأيت من الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن
هذا الحديث هو الذي مضى في الباب السابق غير أنه أخرجه من طريق آخر عن أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي عن زهير بن معاوية الجعفي عن ( موسى بن عقبة ) عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد مضى الكلام فيه
7021 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثني ( الليث ) قال حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( سعيد ) أن ( أبا هريرة ) أخبره أن رسول الله قال بينما أنا نائم رأيتني على قليب وعليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن
مطابقته للترجمة ظاهرة وهو مثل حديث ابن عمر أخرجه عن سعيد بن عفير عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده
قوله رأيتني أي رأيت نفسي قوله على قليب هو البئر المقلوب ترابها قبل الطي قوله ابن أبي قحافة هو أبو بكر الصديق واسم أبي قحافة عبد الله بن عثمان رضي الله تعالى عنه قوله والله يغفر له ليس له نقص فيه ولا إشارة إلى ذنب وإنما هي كلمة كانوا يدعمون بها كلامهم ونعمت الدعامة وكذا ليس في قوله وفي نزعه ضعف حط من فضيلته وإنما هو إخبار عن حال ولايتهما وقد كثر انتفاع الناس في ولاية عمر رضي الله تعالى عنه لطولها واتساع الإسلام والفتوحات وتمصير الأمصار
30 -
( باب الاستراحة في المنام )
أي هذا باب في بيان أمر الاستراحة في المنام قال أهل التعبير إن كان المستريح مستلقيا على قفاه فإنه يقوى أمره وتكون الدنيا تحت يده لأن الأرض أقوى ما يستند إليه بخلاف ما إذا كان منبطحا فإنه لا يدري ما وراءه
7022 - حدثنا ( إسحاق بن إبراهيم ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( همام ) أنه سمع ( أبا هريرة ) رضي الله عنه يقول قال رسول الله بينما أنا نائم رأيت إني على حوض أسقي الناس فأتاني أبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليريحني فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له فأتى ابن الخطاب فأخذ منه فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ليريحني
وإسحاق بن إبراهيم هو المعروف بابن راهويه ويحتمل أن يكون إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي لأن كلا منهما يروي عن عبد الرزاق ومعمى بفتح الميمين ابن راشد وهمام بتشديد الميم الأولى ابن منبه والحديث من أفراده
قوله على حوض وفي رواية المستملي والكشميهني على حوضي بياء المتكلم وقال الكرماني قوله على حوض فإن قلت سبق على بئر وعلى قليب قلت لا منافاة انتهى قلت هذا ليس بجواب يرضي سائله بل الذي يقال هنا كأنه كان يملأ من البئر فيسكب في الحوض والناس يتناولون الماء لأنفسهم ولبهائمهم فإن قلت ما الفرق بين قوله على حوض وقوله على حوضي قلت على حوض أولى يعني على حوض من الأحواض وأما على حوضي بالياء فيراد به حوضه الذي أعطاه الله عز و جل وذكره في القرآن وقيل يحتمل أن يكون له حوض في الدنيا لا حوضه الذي في الآخرة قوله حتى تولى الناس أي حتى أعرض الناس والواو في والحوض للحال قوله يتفجر أي يتدفق ويسيل
31 -
( باب القصر في المنام )
أي هذا باب في بيان رؤية القصر أو الدخول في القصر في المنام قال أهل التعبير القصر في المنام عمل صالح لأهل الدين ولغيرهم حبس وضيق وقد يعبر عن دخول القصر بالتزويج
7023 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثني ( الليث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) قال بينا نحن جلوس عند رسول الله قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرا قال أبو هريرة فبكى عمر بن الخطاب ثم قال أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا عن قريب والحديث مضى في صفة الجنة وفي فضائل عمر رضي الله تعالى عنه عن سعيد بن أبي مريم
قوله فإذا امرأة تتوضأ ونقل عن الخطابي وابن قتيبة أن قوله تتوضأ تصحيف والأصل فإذا امرأة شوهاء يعني حسناء قاله ابن قتيبة قال والوضوء لغوي ولا مانع منه وقال الكرماني الجنة ليست دار التكليف فما وجه هذا الوضوء ثم أجاب بقوله لا يكون على وجه التكليف وقال القرطبي إنما توضأت لتزداد حسنا ونورا لا أنها تزيل وسخا ولا قذرا إذ الجنة منزهة عن ذلك وقيل يحتمل أن يكون وضوءا حقيقة ولا يمنع من ذلك كون الجنة ليست دار التكليف لجواز أن يكون على غير وجه التكليف وقيل كانت هذه المرأة أم سليم وكانت في قيد الحياة حينئذ فرآها النبي في الجنة إلى جانب قصر عمر رضي الله تعالى عنه فيكون تعبيرها أنها من أهل الجنة لقول الجمهور من أهل التعبير إن من رأى أنه دخل الجنة فإنه يدخلها فكيف إذا كان الرائي لذلك أصدق الخلق وأما وضوؤها فيعبر بنظافتها حسا ومعنى وطهارتها جسما وحكما وأما كونها إلى قصر عمر رضي الله تعالى عنه ففيه إشارة إلى أنها تدرك خلافته وكان كذلك قوله أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار قيل إنه مقلوب لأن القياس أن يقول أعليها أغار منك وقال الكرماني لفظ عليك ليس متعلقا بأغار بل التقدير مستعليا عليك أغار عليها قال ودعوى القياس المذكور ممنوعة إذ لا يخرج إلى ارتكاب القلب مع وضوح المعنى بدونه ويحتمل أن يكون أطلق علي وأراد من كما قيل إن حروف الجر تتناوب قلت يجيء على بمعنى من كما في قوله تعالى الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون قوله بأبي أنت وأمي جملة معترضة أي أنت مفدى بأبى وأمي

(24/158)


7024 - حدثنا ( عمر بن علي ) حدثنا ( معتمر بن سليمان ) حدثنا ( عبيد الله بن عمر ) عن ( محمد بن المنكدر ) عن ( جابر بن عبد الله ) قال قال رسول الله دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت لمن هذا فقالوا لرجل من قريش فما منعني أن أدخله يا ابن الخطاب إلا ما أعلم من غيرتك قال وعليك أغار يا رسول الله
انظر الحديث 3679 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمرو بن علي بن بحر بن كثير أبو حفص الباهلي البصري الصيرفي وهو شيخ مسلم أيضا ومعتمر بن سليمان بن طرخان البصري وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب
والحديث مضى في النكاح عن محمد بن أبي بكر المقدمي وأخرجه النسائي في المناقب عن عمرو بن علي به
قوله لرجل من قريش قيل إنه عرف من الرواية الأخرى أنه عمر رضي الله تعالى عنه والأحسن ما قاله الكرماني علم النبي أنه عمر إما بالقرائن وإما بالوحي
32 -
( باب الوضوء في المنام )
أي هذا باب في بيان رؤية الوضوء في المنام قال أهل التعبير رؤية الوضوء في المنام وسيلة إلى سلطان أو عمل فإن أتمه في النوم حصل مراده في اليقظة وإن تعذر لعجز الماء مثلا أو توضأ بما لا يجوز الصلاة به فلا والوضوء للخائف أمان ويدل على حصول الثواب وتكفير الخطايا
7025 - حدثني ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( سعيد بن المسيب ) أن ( أبا هريرة ) قال بينما نحن جلوس عند رسول الله قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هاذا القصر فقالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر وقال عليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار
مطابقته للترجمة في قوله فإذا امرأة تتوضأ ورجال هذا قد مروا عن قريب وفيما مضى أيضا مكررا والحديث مضى في الباب السابق غير أنه هناك عن جابر وهنا عن أبي هريرة ومضى الكلام فيه
33 -
( باب الطواف بالكعبة في المنام )
أي هذا باب في بيان من رأى أنه يطوف بالكعبة في المنام قال أهل التعبير الطواف يدل على الحج وعلى التزويج وحصول أمر مطلوب من الإمام وعلى بر الوالدين وعلى خدمة عالم والدخول في أمر الإمام فإن كان الرائي رقيقا دل على نصحه لسيده
7026 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( سالم بن عبد الله بن عمر ) أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله بينما أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر بين رجلين ينطف رأسه ماء فقلت من هذا قالوا ابن مريم فذهبت ألتفت فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية قلت من هذا قالوا هذا الدجال أقرب الناس به شبها ابن قطن وابن قطن رجل من بني المصطلق من خزاعة
مطابقته للترجمة في قوله رأيتني أطوف بالكعبة
وأبو اليمان الحكم بن نافع والحديث مضى في باب رؤيا الليل ومضى أيضا في أحاديث الأنبياء عليهم السلام في أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله سبط الشعر

(24/159)


بسكون الباء الموحدة وكسرها قوله ينطف بضم الطاء وكسرها قال المهلب النطف الصب وكان ينطف لأن تلك الليلة كانت ماطرة وقال الكرماني يحتمل أن يكون ذلك أثر غسله بزمزم ونحوه أو الغرض منه بيان لطافته ونظافته لا حقيقة النطف وقال أبو القاسم الأندلسي وصف عيسى عليه السلام بالصورة التي خلقه الله عليها ورآه يطوف وهذه رؤيا حق لأن الشيطان لا يتمثل في صورة الأنبياء عليهم السلام ولا شك أن عيسى في السماء وهو حي ويفعل الله في خلقه ما يشاء وقال الكرماني مر في الأنبياء في باب مريم وأما عيسى فأحمر جعد قلت ذاك ليس في الطواف بل في وقت آخر أو يراد به جعودة الجسم أي اكتنازه قوله فذهبت ألتفت إلى آخره قال أبو القاسم المذكور وصف الدجال بصورته قال ودل هذا الحديث على أن الدجال يدخل مكة دون المدينة لأن الملائكة الذين على أنقابها يمنعونه من دخولها قال صاحب التوضيح أنكروا ذلك وقالوا في هذا الدليل نظر وقال الكرماني الدجال لا يدخل مكة وقت ظهور شوكته وأيضا لا يدخل في المستقبل قوله ابن قطن اسمه عبد العزى ابن قطن بن عمرو بن حبيب بن سعيد بن عائد بن مالك بن خزيمة وهو المصطلق بن سعد أخي كعب وعدي أولاد عمرو بن ربيعة وهو لحي بن حارثة بن عمرو مزيقيا وقال الزهري ابن قطن رجل من خزاعة هلك في الجاهلية
34 -
( باب إذا أعطى فضله غيره في المنام )
أي هذا باب يذكر فيه إذا أعطى شخص ما فضل منه من اللبن لشخص غيره في المنام وفي بعض النسخ في النوم
7027 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( حمزة بن عبد الله بن عمر ) أن ( عبد الله بن عمر ) قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري ثم أعطيت فضله عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث قد مضى في هذا الكتاب في باب اللبن وفي باب إذا جرى اللبن في أطرافه ومضى الكلام فيه
قوله الري بكسر الراء وتشديد الياء ما يروى به يعني اللبن أو هو إطلاق على سبيل الاستعارة وإسناد الخروج إليه قرينة وقيل اسم من أسماء اللبن
( باب الأمن وذهاب الروع في المنام )
أي هذا باب في بيان حصول الأمن وذهاب الروع في المنام والروع بفتح الراء وسكون الواو وبالعين المهملة الخوف وأما الروع بضم الراء فهو النفس قال أهل التعبير من رأى أنه قد أمن من شيء فإنه يخاف منه
7028 - حدثني ( عبيد الله بن سعيد ) حدثنا ( عفان بن مسلم ) حدثنا ( صخر بن جويرية ) حدثنا ( نافع ) أن ( ابن عمر ) قال إن رجالا من أصحاب رسول الله كانوا يرون الرؤيا على عهد رسول الله فيقصونها على رسول الله فيقول فيها رسول الله ما شاء الله وأنا غلام حديث السن وبيتي المسجد قبل أن أنكح فقلت في نفسي لو كان فيك خير لرأيت مثل ما يراى هاؤلاء فلما اضطجعت ليلة

(24/160)


قلت اللهم إن كنت تعلم في خيرا فأرني رؤيا فبينما أنا كذالك إذ جاءني ملكان في يد كل واحد منهما مقمعة من حديد يقبلان بي إلى جهنم وأنا بينهما أدعو الله اللهم أعوذ بك من جهنم ثم أراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديد فقال لن تراع نعم الرجل أنت لو تكثر الصلاة فانطلقوا بي حتى وقفوا بي على شفير جهنم فإذا هي مطوية كطي البئر له قرون كقرن البئر بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد وأرى فيها رجالا معلقين بالسلاسل رؤوسهم أسفلهم عرفت فيها رجالا من قريش فانصرفوا بي عن ذات اليمين
فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله فقال رسول الله إن عبد الله رجل صالح فقال نافع لم يزل بعد ذالك يكثر الصلاة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لن تراع
وعبيد الله بن سعيد أبو قدامة اليشكري وعفان بن مسلم الصفار البصري روى عنه البخاري في الجنائز بلا واسطة وصخر مر عن قريب
والحديث ذكره المزي في سند حفصة أخرجه البخاري في الصلاة عن عبد الله بن محمد وفي مناقب ابن عمر عن إسحاق بن نصر وفي صلاة الليل عن يحيى بن سليمان ومضى الكلام فيه
قوله فيقول فيها أي يعبرها قوله حديث السن أي صغير السن وفي رواية الكشميهني حدث السن قوله وبيتي المسجد أي كنت أسكن في المسجد قبل أن أتزوج قوله فلما اضطجعت ليلة وفي رواية الكشميهني ذات ليلة قوله فأرني رؤيا غير منصرف قوله مقمعة بكسر الميم وسكون القاف والجمع مقامع قال الكرماني هي العمود أو شيء كالمحجن يضرب به رأس الفيل وقال غيره هي كالسوط من حديد رأسها معوج وأغرب الداودي وقال المقمعة والمقرعة واحد قوله يقبلان بي من الإقبال ضد الإدبار أو من أقبلته الشيء إذا جعلته يلي قبالته قوله لن تراع هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره لم ترع أي لم تفزع ووقع عند كثير من الرواة لن ترع بحرف لن مع الجزم والجزم بلن لغة قليلة حكاها الكسائي قوله له قرون جمع قرن وفي رواية الكشميهني لها قرون وهي جوانبها التي تبنى من حجارة توضع عليها الخشبة التي تعلق فيها البكرة والعادة أن لكل بئر قرنان قوله رؤوسهم أسفلهم يعني منكسين قوله ذات اليمين أي جهة اليمين
36 -
( باب الأخذ على اليمين في النوم )
أي هذا باب فيمن أخذ في نومه وسير به على يمينه يعبر له بأنه من أهل اليمين ويروى باب الأخذ باليمين
7030 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام بن يوسف ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن ( ابن عمر ) قال كنت غلاما شابا عزبا في عهد النبي وكنت أبيت في المسجد وكان من رأى مناما قصه على النبي فقلت اللهم إن كان لي عندك خير فأرني مناما يعبره لي رسول الله فنمت فرأيت ملكين أتياني فانطلقا بي فلقيهما ملك آخر فقال لي لن تراع إنك رجل صالح فانطلقا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا فيها ناس قد عرفت بعضهم فأخذا بي ذات اليمين فلما أصبحت ذكرت ذلك لحفصة فزعمت حفصة أنها قصتها على النبي فقال إن عبد الله رجل صالح لو

(24/161)


كان يكثر الصلاة من الليل
قال الزهري وكان عبد الله بعد ذلك يكثر الصلاة من الليل
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأخذا بي ذات اليمين
وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي والحديث مضى الآن في الباب السابق
قوله عزبا بفتح العين المهملة وفتح الزاي وبالباء الموحدة ويقال له الأعزب بقلة في الاستعمال وهو من لا أهل له ويقال من لا زوجة له قوله فأخذا بي بالباء الموحدة بعد قوله أخذا أي الملكان ويروى أخذاني بالنون
وفيه جواز المبيت في المسجد للعزب كما ترجم عليه في أحكام المساجد وجواز النيابة في الرؤيا وقبول خبر الواحد العدل
37 -
( باب القدح في النوم )
أي هذا باب في ذكر من أعطي قدحا في نومه قال أهل التعبير القدح في النوم امرأة أو مال من جهة امرأة وقدح الزجاج يدل على ظهور الأشياء الخفية وقدح الذهب والفضة ثناء حسن
7032 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( حمزة بن عبد الله ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله يقول بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى عن قريب في باب إذا أعطى فضله غيره في المنام ومضى الكلام فيه
38 -
( باب إذا طار الشيء في المنام )
أي هذا باب يذكر فيه إذا طار الشيء من الرائي في منامه الذي ليس من شأنه أن يطير وجواب إذا محذوف تقديره يعبر بحسب ما يليق له والترجمة ليست فيما إذا رأى أنه يطير قال المعبرون من رأى أنه يطير فإنه كان إلى جهة السماء من غير تعريج ناله ضرر فإن غاب في السماء ولم يرجع مات وإن رجع أفاق من مرضه وإن كان يطير عرضا سافر ونال رفعة بقدر طيرانه فإن كان بجناح فهو مال أو سلطان يسافر في كنفه وإن كان بغير جناح فهو يدل عل التعزير فيما يدخل فيه
7033 - حدثني ( سعيد بن محمد ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا أبي عن ( صالح ) عن ( أبي عبيدة بن نشيط ) قال قال عبيد الله بن عبد الله سألت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رؤيا رسول الله التي ذكر
فقال ابن عباس ذكر لي أن رسول الله قال بينما أنا نائم رأيت أنه وضع في يدي سواران من ذهب ففظعتهما وكرهتهما فأذن لي فنفختهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان فقال عبيد الله أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن والآخر مسيلمة
مطابقته للترجمة في قوله فنفختهما فطارا وسعيد بن محمد الجرمي بفتح الجيم وإسكان الراء الكوفي ويعقوب بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف كان على قضاء بغداد وصالح هو ابن كيسان وابن عبيدة بضم العين اسمه عبد الله بن عبيدة بن نشيط بفتح النون وكسر الشين المعجمة على وزن عظيم ووقع في رواية الكشميهني عن أبي عبيدة بالكنية والصواب ابن عبيدة عبد الله أخو موسى بن عبيدة يقال بينهما في الولادة ثمانون سنة وعبد الله الأكبر قتله الحرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة ويقال فيهما الربذي بفتح الراء والباء الموحدة وبالذال المعجمة

(24/162)


القرشي العامري مولاهم وينسبون أيضا إلى اليمن وليس لعبد الله هذا في البخاري غير هذا الحديث وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة
ومضى الحديث بهذا السند في أواخر المغازي في قصة العنسي ومضى الكلام فيه
قوله ذكر لي على صيغة المجهول قال الكرماني فإن قلت فما حكم هذا الحديث حيث لم يصرح باسم الذاكر قلت غايته الرواية عن صحابي مجهول الاسم ولا بأس به لأن الصحابة كلهم عدول
قوله سواران تثنية سوار وقال الكرماني ويروى إسوران وفي التوضيح وقع هنا إسوران بالألف وفيما مضى ويأتي بدون الألف وهو الأكثر عند أهل اللغة وقال ابن التين في باب النفخ قوله فوضع في يده سوارين كذا عند الشيخ أبي الحسن وعند غيره إسوران وهو الصواب قال صاحب التوضيح والذي في الأصول سواران بحذف الألف وإن كان ابن بطال ذكره بإثباتها وقال أبو عبيدة السوار بالضم والكسر قوله ففظعتهما بكسر الظاء المعجمة أي استعظمت أمرهما قوله كذابين قال المهلب أولهما بالكذابين لأن الكذب إخبار عن الشيء بخلاف ما هو به ووضعه في غير موضعه والسوار في يده ليس في موضعه لأنه ليس من حلي الرجال وكونه من ذهب مشعر بأنه شيء يذهب عنه ولا بقاء له والطيران عبارة عن عدم ثبات أمرهما والنفخ إشارة إلى زوالها بغير كلفة شديدة لسهولة النفخ على النافخ قوله فقال عبيد الله هو المذكور في السند قوله العنسي بفتح العين المهملة وسكون النون اسمه الأسود الصنعاني وكان يقال له ذو الحمار لأنه علم حمارا إذا قال له اسجد يخفض رأسه قتله فيروز الديلمي ومسيلمة بن حبيب الحنفي اليماني وكان صاحب نيرنجات وهو أول من أدخل البيضة في القارورة قتله وحشي قاتل حمزة رضي الله تعالى عنه ومضى الكلام فيه في علامات النبوة مستوفى
39 -
( باب إذا رأى بقرا تنحر )
أي هذا باب يذكر فيه إذا رأى في المنام بقرا تنحر وجواب إذا محذوف تقديره إذا رأى أحد بقرا تنحر يعبر بحسب ما يليق به والنبي لما رأى بقرا تنحر كان تأويل رؤياه قتل الصحابة الذين قتلوا بأحد وقال المهلب وفي رؤياه بقرا ضرب المثل لأنه رأى بقرا تنحر فكانت البقر أصحابه فعبر عن حال الحرب بالبقر من أجل ما لها من السلاح والقرون شبهت بالرماح ولما كان طبع البقر المناطحة والدفاع عن أنفسها بقرونها كما يفعل رجال الحرب وشبه النحر بالقتل
7035 - حدثني ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن جده ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى أراه ) عن النبي قال رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت فيها بقرا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله به بعد يوم بدر
مطابقته للترجمة في قوله ورأيت فيها بقرا فإن قلت ترجم بقيد النحر ولم يقع ذلك في حديث الباب قلت كأنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث وهو ما رواه أحمد من حديث جابر أن النبي قال رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقرا تنحر الحديث وقال الثوري بهذه الزيادة على ما في الصحيحين يتم تأويل الرؤيا فنحر البقر هو قتل الصحابة الذين قتلوا بأحد
وشيخ البخاري هو أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني الكوفي وهو شيخ مسلم وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة اسمه الحارث وقيل عامر يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث مضى بهذا السند بتمامه في علامات النبوة وفرق منه

(24/163)


في المغازي بهذا السند أيضا وعلق فيها منه قطعة في الهجرة فقال وقال أبو موسى وذكر بعضه هنا وبعضه بعد أربعة أبواب ولم يذكر بعضه
قوله أراه بضم الهمزة أي أظنه قيل إن القائل بهذه اللفظة هو البخاري وقال الكرماني هو قول الراوي عن أبي موسى ورواه مسلم وغيره عن أبي كريب محمد بن العلاء شيخ البخاري بالسند المذكور بدون هذه اللفظة بل جزموا برفعه قوله فذهب وهلي يعني وهمي وقال ابن التين رويناه بفتح الهاء والذي ذكره أهل اللغة بسكونها تقول وهلت بالفتح أهل وهلا إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره ووهل يوهل وهلا بالتحريك إذا فزع وقال النووي يقال وهل بفتح الهاء يهل بكسرها وهلا بسكونها مثل ضرب يضرب ضربا إذا غلط وذهب وهمه إلى خلاف الصواب وأما وهلت بكسرها أو هل وهلا بالتحريك فمعناه فزعت والوهل بالفتح الفزع وضبطه النووي هنا بالتحريك وقال معناه الوهم وصاحب النهاية جزم أنه بالسكون قوله اليمامة بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميم الأولى وهي بلاد الجو بين مكة واليمن قوله أو هجر كذا وقع بدون الألف واللام في رواية كريمة ووقع في رواية أبي ذر والأصيلي أو الهجر بالألف واللام وهجر بفتحتين قاعدة أرض البحرين وقيل بلد باليمن قوله يثرب كان اسم مدينة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الجاهلية قوله ورأيت فيها أي في الرؤيا قوله والله خير مبتدأ أو خبر أي ثواب الله للمقبولين خير لهم من بقائهم في الدنيا أو صنع الله خير لكم قيل والأولى أن يقال إنه من جملة الرؤيا وأنها كلمة سمعها عند رؤياه البقر بدليل تأويله لها بقوله فإذا الخير ما جاء الله به قوله بعد بدر هو فتح خيبر ثم فتح مكة ووقع في رواية بعد بالضم أي بعد أحد قال الكرماني ويحتمل أن يراد بالخير الغنيمة وبعد أي بعد الخير والثواب والخير حصلا في يوم بدر
40 -
( باب النفخ في المنام )
أي هذا باب يذكر فيه النفخ في المنام قال المعبرون النفخ يعبر بالكلام وقال ابن بطال يعبر بإزالة الشيء المنفوخ بغير تكلف شديد لسهولة النفخ على النافخ
7036 - حدثنا ( إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( همام بن منبه ) قال ( هذا ما ) حدثنا ( به أبو هريرة ) عن رسول الله قال نحن الآخرون السابقون وقال رسول الله بينما أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع في يدي سوارن من ذهب فكبر علي وأهماني فأوحي إلي أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق بن إبراهيم هو المعروف بابن راهويه قوله حدثني في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر حدثنا
ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وهمام بالتشديد ابن منبه اسم فاعل من التنبيه
قوله هذا ما حدثنا به أبو هريرة أشار بهذا إلى أن هماما ما روى هذا عن أبي هريرة على ما هو المعهود في الروايات واحترز بهذا عن روايته عن أبي هريرة صحيفة كانت تعرف بصحيفة همام والحديث كان عند إسحاق من رواية همام بهذا السند وأول الحديث نحن الآخرون السابقون مضى في الجمعة وبقية الحديث معطوفة عليه بلفظ وقال رسول الله وكان إسحاق إذا أراد التحديث بشيء منها بدأ بطرف من الحديث الأول وعطف عليه ما يريد وتقدم هذا الحديث في باب وفد بني حنيفة في أواخر المغازي عن إسحاق بن نصر عن عبد الرزاق بهذا الإسناد لكن قال في روايته عن همام أنه سمع أبا هريرة ولم يبدأ إسحاق بن نصر فيه بقوله نحن الآخرون السابقون قوله إذا أتيت خزائن الأرض من الإتيان يعني المجيء في رواية أبي ذر وعند غيره إذ أوتيت بزيادة الواو من الإيتاء بمعنى الإعطاء وفي رواية أحمد وإسحاق بن

(24/164)


نصر عن عبد الرزاق أوتيت بخزائن الأرض بإثبات الباء قوله في يدي وفي رواية إسحاق بن نصر في كفي قوله فكبرا علي بضم الباء الموحدة أي عظم أمرهما وشق علي وقال القرطبي إنما عظما عليه لكون الذهب من حلية النساء ومما حرم على الرجال قوله وأهماني أي أحزناني وأقلقاني قوله فأوحي إلي على بناء المجهول وفي رواية الكشميهني في رواية إسحاق بن نصر فأوحى الله إلى قوله فطارا في رواية المقبري زاد فوقع واحد باليمامة والآخر باليمن قوله اللذين أنا بينهمالأنهما كانا حين قص الرؤيا موجودين فإن قلت وقع في رواية ابن عباس يخرجان بعدي قلت قال النووي إن المراد بخروجهما بعده ظهور شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوة وقال بعضهم فيه نظر لأن ذلك كله ظهر للأسود بصنعاء في حياة النبي فادعي النبوة وعظمت شوكته وحارب المسلمين وفتك فيهم وغلب على البلد وآل أمره إلى أن قتل في حياة النبي وأما مسيلمة فكان ادعى النبوة في حياة النبي لكن لم تعظم شوكته ولم تقع محاربته إلا في عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه انتهى قلت في نظره نظر لأن كلام ابن عباس يصدق على أن خروج مسيلمة بعد النبي وأما كلامه في حق الأسود فمن حيث أن أتباعه ومن لاذ به تبعوا مسيلمة وقووا شوكته فأطلق عليه الخروج من بعد النبي بهذا الاعتبار
41 -
( باب إذا رأى أنه أخرج الشيء من كورة فأسكنه موضعا آخر )
أي هذا باب فيه إذا رأى في نومه أنه أخرج الشيء من كورة بضم الكاف وسكون الواو وهي الناحية ووقع في رواية أبي ذر من كوة بضم الكاف وتشديد الواو المفتوحة وقال الجوهري الكوة بالفتح ثقب البيت وقد تضم الكاف قوله فأسكنه أي أسكن ذلك الشيء في موضع آخر
7038 - حدثنا ( إسماعيل بن عبد الله ) حدثني ( أخي عبد الحميد ) عن ( سليمان بن بلال ) عن ( موسى بن عقبة ) عن ( سالم بن عبد الله ) عن أبيه أن النبي قال رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس أخرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة وهي الجحفة فأولتها أن وباء المدينة نقل إليها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أخرجت موضع خرجت لأن في رواية ابن أبي الزناد أخرجت على صيغة المجهول وهو يقتضي المخرج اسم الفاعل ويصدق عليه أنه أخرج الشيء من ناحية وأسكنه في موضع آخر
وإسماعيل بن عبد الله هو إسماعيل بن أبي أويس يروي عن أخيه
والحديث أخرجه الترمذي في التعبير عن محمد بن بشار وأخرجه النسائي فيه عن يوسف بن سعيد وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمد بن بشار به
قوله ثائرة الرأس أي شعر الرأس وفي رواية أحمد وأبي نعيم ثائرة الشعر من ثار الشيء إذا انتشر قوله بمهيعة بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء آخر الحروف وبالعين المهملة وفسرها بقوله وهي الجحفة بضم الجيم وسكون الحاء المهملة وبالفاء وهي ميقات المصريين قيل هذا التفسر مدرج من قول موسى بن عقبة قوله فأولتها أن وباء المدينة وفي رواية ابن جريج فأولتها وباء بالمدينة فنقل إلى الجحفة والوباء مقصور وممدود وقال المهلب هذه الرؤيا المعبرة وهي مما ضرب به المثل
42 -
( باب المرأة السوداء )
أي هذا باب في ذكر رؤيا المرأة السوداء في المنام
7039 - حدثنا ( أبو بكر المقدمي ) حدثنا ( فضيل بن سليمان ) حدثنا ( موسى ) حدثني ( سالم بن عبد الله ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما في رؤيا النبي في المدينة رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت بمهيعة فتأولتها أن وباء المدينة

(24/165)


نقل إلى مهيعة وهي الجحفة
انظر الحديث 7038 وطرفه
مطابقته لترجمة ظاهرة وهو الحديث المذكور قبل هذا الباب أخرجه عن محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المعروف بالمقدمي البصري وقال الكرماني فإن قلت ما حكم هذا الحديث حيث لم يقل قال رسول الله قلت لزم من التركيب إذ معناه قال رأيت فهو مقدر في حكم الملفوظ
43 -
( باب المرأة الثائرة الرأس )
أي هذا باب فيه ذكر رؤية المرأة الثائرة الرأس
7040 - حدثني ( إبراهيم بن المنذر ) حدثني ( أبو بكر بن أبي أويس ) حدثني ( سليمان ) عن ( موسى بن عقبة ) عن ( سالم ) عن أبيه أن النبي قال رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة فأولت أن وباء المدينة ينقل إلى مهيعة وهي الجحفة
انظر الحديث 7038 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا الحديث هو الحديث الماضي غير أنه أخرجه عن ثلاث شيوخ فوضع لكل واحد ترجمة
وأبو بكر بن أبي أويس هو عبد الحميد المذكور آنفا وسليمان هو ابن بلال المذكور في باب إذا رأى أنه أخرج الشيء وسالم هو ابن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن عمر إلى آخره
44 -
( باب إذا هز سيفا في المنام )
أي هذا باب فيه إذا هز سيفا في منامه وجواب إذا محذوف يقدر فيه بما يليق للذي يهزه لأن للسيف وجوها في التعبير
7041 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن عبد الله بن أبي بردة ) عن جده ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى ) ( أراه ) عن النبي قال رأيت في رؤيا أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن العلاء أبو كريب مر عن قريب وأبو أسامة حماد بن أسامة ويريد بضم الباء الموحدة ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة عامر أو الحارث عن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في غزوة أحد وهو طرف من حديث مضى في علامات النبوة بكماله وقال المهلب هذه الرؤيا من ضرب المثل ولما كان النبي يصول بأصحابه عبر عن السيف بهم وبهزه عن أمره لهم بالحرب وعن القطع فيه بالقتل فيهم وفي الهزة الأخرى لما عاد إلى حالته من الاستواء عبر به عن اجتماعهم والفتح عليهم
45 -
( باب من كذب في حلمه )
أي هذا باب في بيان إثم من كذب في حلمه بضم الحاء وسكون اللام وهو ما يراه النائم
7042 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( أيوب ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) عن النبي قال من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة

(24/166)


ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ
قال سفيان وصله لنا أيوب
انظر الحديث 2225 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله من تحلم بحلم وإنما قال في الترجمة من كذب في حلمه ولفظ الحديث من تحلم إشارة إلى ما ورد في بعض طرقه وهو ما أخرجه الترمذي من حديث علي رضي الله تعالى عنه رفعه من كذب في حلمه كلف يوم القيامة عقد شعيرة وصححه الحاكم
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأيوب هو السختياني
والحديث أخرجه أبو داود في الأدب عن مسدد وأخرجه الترمذي في اللباس عن قتيبة بالقصة الأولى والقصة الثالثة وفي الرؤيا عن محمد بن بشار بالقصة الثانية وأخرجه النسائي في الزينة عن قتيبة بالقصة الأولى وأخرجه ابن ماجه في الرؤيا عن بشر بن هلال بالقصة الثانية
قوله من تحلم أي من تكلف الحلم لأن باب التفعل للتكلف قوله لم يره جملة وقعت صفة لقوله تحلم قوله كلف على صيغة المجهول أي كلف يوم القيامة أي يعذب بذلك وذلك التكليف نوع من العذاب والاستدلال به ضعيف في جواز تكليف ما لا يطاق كيف وأنه ليس بدار التكليف قوله ولن يفعل أي ولن يقدر على ذلك قوله وهم له أي لمن استمع كارهون لا يريدون استماعه قوله أو يفرون منه شك من الراوي قوله الآنك بالمد وضم النون وبالكاف وهو الرصاص المذاب قوله وكلف يحتمل أن يكون عطفا تفسيريا لقوله عذب وأن يكون نوعا آخر قوله أن ينفخ فيها أي أن ينفخ الروح في تلك الصورة قوله وليس بنافخ أي ليس بقادر على النفخ
قوله قال سفيان هو ابن عيينة وصله لنا أي وصل الحديث المذكور في الرواة إنما قال ذلك لأن الحديث في الطرق الآخر التي بعده موقوف غير مرفوع إلى النبي
وقال قتيبة حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عكرمة عن أبي هريرة قوله من كذب في رؤياه
وقال شعبة عن أبي هاشم الرماني سمعت عكرمة قال أبو هريرة رضي الله عنه قوله من صور ومن تحلم ومن استمع
هذه ثلاث طرق معلقة موقوفة الأول قوله وقال قتيبة هو ابن سعيد أحد مشايخه حدثنا أبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري عن قتادة عن عكرمة عن أبي هريرة ورواية قتيبة هذه وصلها في نسخته عن أبي عوانة رواية النسائي عنه من طريق علي بن محمد الفارسي عن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيوية عن النسائي ولفظه عن أبي هريرة قال من كذب في رؤياه كلف أن يعقد بين طرفي شعيرة ومن استمع الحديث ومن صور الحديث
الثاني قوله وقال شعبة عن أبي هاشم اسمه يحيى بن دينار ووقع في رواية المستملي والسرخسي عن أبي هشام قيل إنه غلط والرماني بضم الراء وتشديد الميم نسبة إلى قصر الرمان بواسط كان ينزل قصر الرمان بوسط الثالث قوله قال أبو هريرة إلى آخره كذا وقع في الأصل مختصرا على أطراف الأحاديث الثلاثة وجزاء هذه الشروط المذكورة هو كلف وصب وعذب كما تقدم وكذا وصله الإسماعيلي في مستخرجه من طريق عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه عن شعبة بن أبي هاشم بهذا السند مقتصرا على قوله عن أبي هريرة
حدثنا إسحاق حدثنا خالد عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال من استمع ومن تحلم ومن صور نحوه
إسحاق هو ابن شاهين وخالد شيخه هو ابن عبد الله الطحان وخالد شيخه هو الحذاء كذا أخرجه مختصرا وأخرجه الإسماعيلي من طريق وهب بن منبه عن خالد بن عبد الله فذكره بهذا السند إلى ابن عباس عن النبي فرفعه ولفظه من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك ومن تحلم كلف أن يعقد شعيرة يعذب بها

(24/167)


وليس بفاعل ومن صور صورة عذب حتى يعقد بين شعيرتين وليس عاقدا
تابعه هشام عن عكرمة عن ابن عباس قوله
أي تابع خالدا الحذاء هشام بن حسان في روايته عن عكرمة عن ابن عباس قوله قوله يعني قول ابن عباس يعني موقوفا عليه
7043 - حدثنا ( علي بن مسلم ) حدثنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( عبد الرحمان بن عبد الله بن دينار ) مولى ( ابن عمر ) عن أبيه عن ( ابن عمر ) أن رسول الله قال من أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تر
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مسلم الطوسي نزيل بغداد مات قبل البخاري بثلاث سنين وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث بن سعيد وقد أدركه البخاري بالسن وعبد الرحمن بن دينار مختلف فيه قال ابن المديني صدوق وقال يحيى بن معين في حديثه عندي ضعف ومع ذلك عمدة البخاري فيه على شيخه علي على أنه لم يخرج له البخاري شيئا إلا وله فيه متابع أو شاهد والحديث من أفراده
قوله من أفرى الفرى بفتح الهمزة وسكون الفاء أفعل التفضيل أي أكذب الكذبات والفرى بكسر الفاء والقصر جمع فرية وهي الكذبة العظيمة التي يتعجب منها ويروى أن من أفرى الفرى قوله أن يري بضم الياء وكسر الراء من الإراءة وهو فعل وفاعل وقوله عينيه بالنصب مفعوله الأول وقوله ما لم تر مفعول ثان أي الذي لم تره ويروى ما لم يريا بالتثنية باعتبار رؤية عينيه مثنى وقال الكرماني فإن قلت هو لا يرى عينيه بل ينسب إليهما الرؤية قلت المقصود نسبته إليهما وإخباره عنهما بالرؤية فإن قلت الكذب في اليقظة أكثر ضررا لتعديه إلى غيره ولتضمنه المفاسد فما وجه تعظيم الكاذب في رؤياه بذلك قلت هو لأن الرؤيا جزء من النبوة والكاذب فيها كاذب على الله وهو أعظم الفرى وأولى بعظيم العقوبة
46 -
( باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها )
أي هذا باب يذكر فيه إذا رأى أحد في منامه ما يكرهه فلا يخبر بها أحدا ولا يذكرها وجمع في الترجمة بين لفظي الحديثين لكن في الترجمة فلا يخبر بها ولفظ الحديث فلا يحدث وهم متقاربان
7044 - حدثنا ( سعيد بن الربيع ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عبد ربه بن سعيد ) قال سمعت ( أبا سلمة ) يقول لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول وأنا كنت لأرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت النبي يقول الرؤيا الحسنة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان ولينقل ثلاثا ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره
مطابقته للترجمة في قوله لا يحدث بها أحدا وقد ذكرنا الآن أن لفظي الإخبار والتحديث متقاربان
وسعيد بن الربيع أبو زيد الهروي كان يبيع الثياب الهروية من أهل البصرة وعبد ربه بن سعيد الأنصاري أخو يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف وحديث أبي سلمة عن أبي قتادة مر في باب من رأى النبي وفي باب الحلم من الشيطان وأبو قتادة الأنصاري في اسمه أقوال فقيل الحارث وقيل النعمان وقيل عمر قوله فتمرضني بضم التاء من الأمراض قوله كنت لأرى الرؤيا كذا باللام في رواية المستملي وفي رواية غيره بدون اللام قال بعضهم بدون اللام أولى قلت ليت شعري ما وجه الأولوية قوله فلا يحدث به إلا من يحب أي من يحبه لأنه إذا حدث بها من لا يحب فقد يفسرها له بما لا يحب

(24/168)


إما بغضا وإما حسدا فقد يقع على تلك الصفة والمحب لا يعبرها إلا بخير والعبارة لأول عابر وقال الرؤيا لأول عابر وكان أبو هريرة يقول لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قوله وليتفل أي ليبصق وذاك لطرد الشيطان واستقذاره من تفل بالتاء المثناة من فوق وبالفاء يتفل بضم الفاء وكسرها قوله ثلاثا أي ثلاث مرات قوله فإنها لن تضره قال الداودي يريد ما كان من الشيطان وأما ما كان من الله من خير أو شر فهو واقع لا محالة
7045 - حدثنا ( إبراهيم بن حمزة ) حدثني ( ابن أبي حازم والدراوردي ) عن ( يزيد ) عن ( عبد الله بن خباب ) عن ( أبي سعيد الخدري ) أنه سمع رسول الله يقول إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لن تضره
انظر الحديث 6985
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن حمزة أبو إسحاق الزبير الأسدي المدني يروي عن عبد العزيز بن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي واسمه سلمة بن دينار والدراوردي عبد العزيز بن محمد وقد تقدم في باب الرؤيا من الله وكذلك الحديث مضى فيه
47 -
( باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب )
أي هذا باب فيه من لم ير إلى آخره وقال الكرماني المعتبر في أقوال العابرين قول العابر الأول فيقبل إذا كان مصيبا في وجه العبارة أما إذا لم يصب فلا يقبل إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب فمعنى الترجمة من لم يعتقد أن تفسير الرؤيا هو للعابر الأول إذا كان مخطئا ولهذا قال للصديق اخطأت بعضا كأنه يشير إلى حديث أنس قال قال رسول الله فذكر حديثا فيه والرؤيا لأول عابر وهو حديث ضعيف فيه يزيد الرقاشي ولكن له شاهد أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بسند حسن وصححه الحاكم عن أبي رزين العقيلي رفعه الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت لفظ أبي داود في رواية الترمذي سقطت انتهى قلت هذا الذي قاله غير مناسب لمعنى الترجمة يفهمه من له أدنى إدراك وذوق
6407 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما كان يحدث أن رجلا أتى رسول الله فقال إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل فأراى الناس يتكففون منها فالمستكثر والمستقل وإذا سبب واصل من السماء إلى الأرض فأراك أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل آخر فعلا به ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل فقال أبو بكر يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها فقال النبي اعبرها قال أما الظلة فالإسلام وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن والمستقل وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به ثم يأخذ رجل آخر فيعلو به ثم يأخذه رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت

(24/169)


أم أخطأت قال النبي أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت
قال لا تقسم 0انظر الحديث 7000
مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث وأخرجه مسلم في التعبير عن حرملة وعن آخرين وأخرجه أبو داود في الأيمان والنذور عن محمد بن يحيى وغيره وأخرجه النسائي في الرؤيا عن محمد بن منصور وأخرجه ابن ماجه فيه عن يعقوب بن حميد قوله ظلة بضم الظاء المعجمة أي سحابة لها ظلة وكل ما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة قاله الخطابي وقال ابن فارس الظلة أول شيء يظل وفي رواية ابن ماجه ظلة بين السماء والأرض قوله تنطف أي تقطر من نطف الماء إذا سال ويجوز الضم والكسر في الطاء قوله يتكففون أي يأخذون بأكفهم وفي رواية ابن وهب بأيديهم وفي رواية الترمذي يستقون أي يأخذون بالأسقية قوله فالمستكثر مرفوع على الابتداء وخبره محذوف أي فيهم المستكثر في الأخذ أي يأخذ كثيرا قوله والمستقل أي ومنهم المستقل في الأخذ أي يأخذ قليلا قوله سبب أي حبل قوله واصل من الوصول وقيل هو بمعنى الموصول كقوله فهو فى عيشة راضية أي مرضية قوله فعلوت من العلو وفي رواية سليمان بن كثير فأعلاك الله قوله ثم أخذ به كذا في رواية الأكثرين ويروى ثم أخذه قوله وصل على بناء المجهول وفي رواية شيبان بن حصين ثم وصل له قوله بأبي أنت وأمي أي مفدى بهما هكذا في رواية معمر وفي رواية غيره بأبي فقط قوله لتدعني بفتح اللام للتأكيد أي لتتركني وفي رواية سليمان ائذن لي قوله فأعبرها في رواية ابن وهب فلأعبرنها بزيادة لام التأكيد والنون ومثله في رواية الترمذي قوله اعبر أمر من عبر يعبر قوله ثم يأخذ به رجل من بعدك أي ثم يأخذ بالحبل رجل وهو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ويقوم بالحق في أمته بعده قوله ثم يأخذ رجل آخر فيعلو به وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به وهو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قوله ثم يوصل له قال المهلب الخطأ فيه حيث زاد له والوصل لغيره وكان ينبغي له أن يقف حيث وقفت الرؤيا ويقول ثم يوصل على نص الرؤيا ولا يذكر الموصول له ومعنى كتمانه موضع الخطأ لئلا يحزن الناس بالعارض لعثمان فهو الرابع الذي انقطع له ثم وصل أي الخلافة لغيره وقال القاضي عياض قيل خطؤه في قوله ويوصل له وليس في الرؤيا إلا أنه يوصل وليس فيها له ولذلك لم توصل لعثمان وإنما وصلت الخلافة لعلي رضي الله تعالى عنه وقال بعضهم لفظة له ثابتة في رواية ابن وهب وغيره كلهم عن يونس عند مسلم وغيره ثم لفق الكلام وقال المعنى أن عثمان كاد أن ينقطع به الحبل عن اللحوق بصاحبيه بسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها فعبر عنها بانقطاع الحبل ثم وقعت له الشهادة فاتصل بهم فعبر عنه بأن الحبل وصل له فاتصل فالتحق بهم انتهى قلت هذا خلاف ما يقتضيه معنى قوله ثم يوصل له فيعلو به قوله فأخبرني يا رسول الله بأبي يعني أنت مفدى بأبي قوله أصبت بعضا وأخطأت بعضا أما الذي أصاب فهو تعبير أن تكون الظلة نعمة الإسلام إلى قوله ثم يوصل له فيعلو به وأما الذي أخطأ فاختلفوا فيه فقال المهلب موضع الخطأ في قوله ثم يوصل له وقد ذكرناه الآن وقال الإسماعيلي الخطأ هو أن الرجل لما قص على النبي رؤياه كان النبي أحق بتعبيرها من غيره فلما طلب أبو بكر تعبيرها كان ذلك خطأ وهذا نقله الإسماعيلي عن ابن قتيبة ووافقه على ذلك جماعة وتعقبه النووي تبعا لغيره فقال هذا فاسد لأنه قد أذن له في ذلك فقال له اعبر قيل فيه نظر لأنه لم يأذن له ابتداء بل بادر هو فسأل أن يأذن له في تعبيرها فأذن له فقال أخطأت في مبادرتك للسؤال بأن تتولى تعبيرها لا أنه أخطأت في تعبيرك وقيل أخطأ في تفسيره لها بحضرة النبي ولو كان الخطأ في التعبير لم يقره عليه وقال الطحاوي الخطأ لكونه المذكور في الرؤيا شيئين العسل والسمن ففسرهما بشيء واحد وكان ينبغي أن يفسرهما بالقرآن والسنة وقيل المراد بقوله أخطأت وأصبت أن تعبير الرؤيا مرجعه الظن والظان يخطىء ويصيب وقال الكرماني فإن قلت لم يبين رسول الله موضع الخطأ فلم تبينون أنتم قلت هذه احتمالات لا جزم فيها أو لأنه كان يلزم في بيانه مفاسد للناس واليوم زال ذلك قوله لا تقسم قال الداودي أي

(24/170)


لا تكرر يمينك فإني لا أخبرك وقيل معناه أنك إذ تفكرت فيما أخطأت به علمته وقال الكرماني فإن قلت قد أمر النبي بإبرار القسم قلت ذلك مخصوص بما لم تكن فيه مفسدة وهاهنا لو أبره لزم مفاسد مثل بيان قتل عثمان ونحوه أو مما يجوز الاطلاع عليه بأن لا يكون من أمر الغيب ونحوه أو بما لا يستلزم توبيخا على أحد بين الناس بالإنكار مثلا على مبادرته أو على ترك تعيين الرجال الذين يأخذون بالسبب وكان في بيانه أعيانهم مفاسد وفي التوضيح وكذا إذا أقسم على ما لا يجوز أن يقسم عليه كشرب الخمر والمعاصي ففرض عليه ألا يبره
وفيه جواز فتوى المفضول بحضرة الفاضل إذا كان مشارا إليه بالعلم والإمامة وفيه أن العالم قد يخطىء وقد يصيب
48 -
( باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح )
أي هذا باب في بيان تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح قيل فيه إشارة إلى ضعف ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمان عن بعض علمائهم قال لا تقصص رؤياك على امرأة ولا تخبر بها حتى تطلع الشمس وفيه إشارة إلى الرد على من قال من أهل التعبير إن المستحب أن يكون التعبير من بعد طلوع الشمس إلى الرابعة ومن العصر إلى قبل الغروب فإن الحديث يدل على استحباب تعبيرها قبل طلوع الشمس وقال المهلب ما ملخصه إن تعبير الرؤيا عند صلاة الصبح أولى من غيره من الأوقات لحفظ صاحبها لها لقرب عهده بها ولحضور ذهن العابر فيما يقوله
7047 - حدثنا ( مؤمل بن هشام أبو هشام ) حدثنا ( إسماعيل بن إبراهيم ) حدثنا ( عوف ) حدثنا ( أبو رجاء ) حدثنا ( سمرة بن جندب ) رضي الله عنه قال كان رسول الله مما يكثر أن يقول لأصحابه هل رأى أحد منكم من رؤيا قال فيقص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتهدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت لهما سبحان الله ما هاذان قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقة إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه قال وربما قال أبو رجاء فيشق قال ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذالك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هاذان قال قالا لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال فأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذالك اللهب ضوضؤوا قال قلت لهما ما هاؤلاء قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذالك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذالك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا فينطلق يسبح

(24/171)


ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرا قال قلت لهما ما هاذان قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآة وإذا عنده نار يحشها ويسعاى حولها قال قلت لهما ما هاذا قال قالا لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أراى رأسه طولا في السماء وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط قال قلت لهما ما هاذا ما هاؤلاء قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظم منها ولا أحسن قال قالا لي ارقه فيها قال فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قال قالا لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر قال وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قال قالا لي هذه جنة عدن هاذاك منزلك قال فسما بصري صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قال قالا لي هاذاك منزلك قال قلت لهما بارك الله فيكما ذراني فأدخله قالا أما الآن فلا وأنت داخله قال قلت لهما فإني قد رأيت منذ الليلة عجبا فما هاذا الذي رأيت قال قالا لي أما إنا سنخبرك أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا وأما الرجل الكرية المرأة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة قال فقال بعض المسلمين يا رسول الله وأولاد المشركين فقال رسول الله وأولاد المشركين وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسنا وشطر منهم قبيحا فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تجاوز الله عنهم
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ذات غداة لأن الغداة ما قبل طلوع الشمس قال الجوهري الغدوة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس ولفظ ذات مقحم أو هو من إضافة المسمى إلى اسمه
ومؤمل على وزن محمد ابن هشام أبو هاشم كذا لأبي ذر عن بعض مشايخه وقال الصواب أبو هشام وكذا هو عند غير أبي ذر وهو ممن وافق كنيته اسم أبيه وهو ختن إسماعيل بن إبراهيم المشهور بابن علية اسم أمه وهو الذي يروي عنه مؤمل المذكور وعوف هو المشهور بالأعرابي

(24/172)


وأبو رجاء بفتح الراء والجيم المخففة اسمه عمران العطاردي والرجال كلهم بصريون
والحديث أخرجه البخاري مقطعا في الصلاة وفي الجنازة وفي البيوع وفي الجهاد وفي بدء الخلق وفي صلاة الليل في الأدب عن موسى بن إسماعيل وفي الصلاة وفي أحاديث الأنبياء وفي التفسير وهنا عن مؤمل ولم يخرجه تاما إلا هنا وفي أواخر كتاب الجنائز وأخرجه مسلم في الرؤيا عن محمد بن بشار مختصرا وأخرجه الترمذي فيه عن بندار به مختصرا وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الأعلى وفي التفسير عن بندار بأكثره وقد مضى الكلام في أكثره في كتاب الجنائز ولنذكر هنا شرح الألفاظ التي لم تذكر هناك
قوله حدثنا مؤمل بن هشام وفي رواية غير أبي ذر حدثني قوله كان رسول الله مما يكثر أن يقول لأصحابه وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني كان رسول الله يعني مما يكثر وله عن غيره بإسقاط يعني كذا وقع عند الباقين وفي رواية النسفي مما يقول لأصحابه وقال الطيبي قوله مما يكثر خبر كان وما موصولة ويكثر صلته وأن يقول فاعل يكثر قوله هل رأى أحد منكم هو المقول قوله فيقص بفتح الياء وضم القاف يقال قصصت الرؤيا على فلان إذا أخبرته بها أقصها قصا والقص البيان قوله من شاء الله هكذا في رواية النسفي وفي رواية غيره ما شاء الله وكلمة من للقاص وكلمة ما للمقصوص قوله الليلة بالنصب على الظرفية قوله آتيان تثنية آت من الإتيان ويروى اثنان من التثنية وعند ابن أبي شيبة اثنان أو آتيان بالشك وفي رواية جرير رأيت رجلين وفي رواية علي رأيت ملكين وسيأتي في آخر الحديث أنهما جبريل وميكائيل عليهما السلام قوله ابتعثاني بسكون الباء الموحدة وفتح التاء المثناة من فوق وبعد العين المهملة ثاء مثلثة أي أرسلاني قال الجوهري يقال بعثته وابتعثته أرسلته وفي رواية الكشميهني انبعثا بي بنون ساكنة وياء موحدة قوله مضطجع وفي رواية جرير مستلق على قفاه قوله وإذا آخر أي وإذا رجل آخر وكلمة إذ للمفاجأة قوله بصخرة وفي رواية جرير بفهر أو صخرة قوله يهوي بفتح الياء وسكون الهاء وكسر الواو من هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط إلى أسفل وضبطه ابن التين بضم الياء من الإهواء يقال أهوى من بعد وهوى بفتح الواو من قرب قوله فيثلغ بفتح الياء وسكون الثاء المثلثة وفتح اللام وبالغين المعجمة أي يشدخ والشدخ كسر الشيء الأجوف وقال ابن الأثير الثلغ ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى يتشدخ قوله فيتدهده الحجر أي ينحط من علو إلى أسفل يقال تدهده يتدهده وفي رواية الكشميهني فيتدأدأ بهمزتين بدل الهاءين وفي رواية النسفي فيتدهدأ بهمزة في آخره بدل الهاء والكل بمعنى قوله هاهنا أي إلى جهة الضارب قوله حتى يصح رأسه وفي رواية جرير حتى يلتئم وعند أحمد عاد رأسه كما كان وفي حديث علي رضي الله عنه فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا قوله ثم يعود عليه وفي رواية جرير يعود إليه قوله انطلق انطلق كذا في المواضع كلها بالتكرير وسقط في بعض الروايات التكرار وأما في رواية جرير فليس فيها سبحان الله فيها انطلق مرة واحدة قوله بكلوب بفتح الكاف وضم اللام المشددة وجاء الضم في الكاف ويقال الكلاب والجمع كلاليب وهو المنشال من حديد ينشل بها اللحم من القدر وقال الداودي هو كالسكين ونحوها قوله فيشرشر شدقه إلى قفاه أي يقطعه والشدق جانب الفم وقال صاحب العين شرشره قطع شرشره وشق أيضا قوله أبو رجاء هو راوي الحديث أراد أن أبا رجاء قال يشق شدقه قوله مثل التنور وفي رواية محمد بن جعفر مثل بناء التنور وزاد جرير أعلاه ضيق وأسفله واسع قوله لغط أي جلبة وصيحة لا يفهم معناها قوله لهب هو لسان النار وقال الداودي هو شدة الوقيد والاشتعال قوله حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم وفي رواية جرير بن حازم على نهر من دم ولم يقل حسبت قوله يسبح أي يعوم قوله ضوضؤوا أي ضجوا وصاحوا قال الكرماني ضوضؤوا بفتح المعجمتين وسكون الواوين بلفظ الماضي وقال الجوهري هو غير مهموز أصله ضوضوا استثقلت الضمة على الواو فحذفت فاجتمع ساكنان فحذفت الواو الأولى لاجتماع الساكنين وقال ابن الأثير ضوضوا وضبط بالهمزة أي ضجوا واستغلوا والضوضأة أصوات

(24/173)


الناس وغلبتهم وهو مصدر قوله يفغر له فاه أي يفتحه يقال فغر فاه وفغر فوه يتعدى ولا يتعدى ومادته فاء وغين معجمة وراء قوله فيلقمه بضم الياء من الإلقام قوله كلما رجع إليه وفي رواية المستملي كما رجع إليه فغر له فاه أي فتح قوله كريه المرآة بفتح الميم وسكون الراء وهمزة ممدودة بعدها هاء تأنيث أي كريه المنظر وأصلها المراية تحركت الياء وانفتح ماقبلها فقلبت ألفا ووزنها مفعلة بفتح الميم والمرآة بكسر الميم الآلة التي ينظر فيها قوله يحشها بفتح الياء وضم الحاء المهملة وتشديد الشين المعجمة أي يحركها لتتقد يقال حشيت النار أحشها حشا إذا أوقدتها وجمعت الحطب إليها وحكى في المطالع بضم أوله من الإحشاش وفي رواية جرير بن حازم يحششها بسكون الحاء وضم الشين المعجمة المكررة ويسعى حولها أي حول النار قوله معتمة بضم الميم وسكون العين المهملة وكسر التاء المثناة من فوق وتخفيف الميم بعدها هاء تأنيث ويروى بفتح التاء وتشديد الميم من أعتم النبت إذا كثر وقال الداودي أعتمت الروضة غطاها الخصب وأورد ابن بطال مغنة فقط بالغين المعجمة والنون ثم قال ابن دريد وأدغن ومغن إذا كثر شجره ولا يعرف الأصمعي الأغن وحده وقال صاحب العين روضة غناء كثيرة العشب والذباب وقرية غناء كثيرة الأهل قوله من كل نور الربيع بفتح النون وهو نور الشجر أي زهره ونورت الشجرة أخرجت نورها وقوله نور الربيع رواية الكشميهني وفي رواية غيره من كل لون الربيع بالواو والنون قوله بين ظهري الروضة تثنية ظهر وفي رواية يحيى بن سعيد بين ظهراني الروضة معناهما وسطها قوله طولا نصب على التمييز قوله وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط قال الطيبي شيخ شيخي أصل هذا الكلام وإذا حول الرجل ولدان ما رأيت ولدانا قط أكثر منهم ونظيره قوله بعد ذلك لم أر روضة قط أعظم منها ولما كان هذا التركيب متضمنا معنى النفي جازت زيادة من وقط التي تختص بالماضي المنفي وقال ابن مالك جاء استعمال قط في المثبت في هذه الرواية وهو جائز وغفل أكثرهم عن ذلك فخصوه بالماضي المنفي وقال الكرماني يحتمل أنه اكتفي بالمنفي الذي لزم من التركيب إذ معناه ما رأيته أكثر من ذلك أو يقال إن النفي مقدر قوله إلى روضة وفي رواية أحمد والنسائي وأبي عوانة والإسماعيلي إلى درجة وهي الشجرة الكبيرة قوله ارقه أمر من رقى يرقى والهاء فيه للسكت قوله إلى مدينة من مدن بالمكان إذا أقام به على وزن فعيلة ويجمع على مدائن بالهمزة وقيل هي مفعلة من دنت أي ملكت فعلى هذا لا يهمز جمعها فإذا نسبت إلى مدينة الرسول قلت مدني وإلى مدينة منصور قلت مديني وإلى مدينة كسرى قلت مدايني قوله بلبن ذهب بفتح اللام وكسر الباء جمع لبنة وهي من الطين النيء قوله شطر أي نصف من خلقهم بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام بعدها قاف أي هيئتهم قوله شطر مبتدأ وقوله كأحسن خبره والكاف زائدة والجملة صفة رجال قوله فقعوا بفتح القاف وضم العين أمر للجماعة بالوقوع أصله أوقعوا لأنه من وقع يقع حذفت الواو تبعا لحذفها في المضارع واستغني عن الهمزة فبقي قعوا على وزن علوا فافهم قوله معترض أي يجري عرضا قوله المحض بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وبالضاد المعجمة هو اللبن الخالص من الماء حلوا كان أو حامضا وقد بين جهة التشبيه بقوله في البياض هكذا رواية النسفي والإسماعيلي في البياض وفي رواية غيرهما من البياض قوله فذهب ذلك السوء عنهم أي صار الشطر القبيح كالشطر الحسن فلذلك قال فصاروا في أحسن صورة قوله جنة عدن أي إقامة وأشار بقوله هذه إلى المدينة قوله فسما بصري بفتح السين المهملة وتخفيف الميم أي نظر إلى فوق قوله صعدا بضم المهملتين أي ارتفع كثيرا قال الكرماني صعدا بمعنى صاعدا وقيل صعدا بضم الصاد وفتح العين المهملتين وبالمد ومنه تنفس الصعداء أي تنفس تنفسا ممدودا وكذا ضبطه ابن التين قوله فإذا قصر كلمة إذ للمفاجاة قوله مثل الربابة بفتح الراء وتخفيف الباءين الموحدتين وهي السحابة البيضاء وقال الخطابي السحابة التي ركب بعضها بعضا وقال صاحب العين الرباب السحاب واحدها ربابة ويقال إنه السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب قد يكون أبيض وقد يكون أسود وقال الداودي الربابة السحابة البعيدة في السماء قوله ذراني أي دعاني واتركاني وهو بفتح الذال المعجمة

(24/174)


وتخفيف الراء أمر للاثنين من يذر أصله يوذر حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة والأمر منه ذر وأصله أوذر حدفت الواو منه تبعا لحذفها في المضارع واستغني عن الهمزة فقيل ذر على وزن فل وأميت ماضي هذا الفعل فلا يقال وذر قوله فأدخله جواب الأمر ويجوز في اللام النصب والرفع والجزم أما النصب فعلى تقدير أن أدخله وأما الرافع فعلى تقدير أنا أدخله وأما الجزم فلأنه جواب الأمر وفي غالب النسخ أدخله بدون الفاء قوله وأنت داخله يعني في المستقبل وفي رواية جرير بن حازم قلت دعاني أدخل منزلي قالا إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك قوله أما إنا سنخبرك كلمة أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم و إنا بكسر الهمزة وتشديد النون قوله فيرفضه بكسر الفاء وقيل بضمها أي يتركه ولما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه قوله يغدو أي يخرج من بيته مبكرا فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق وفي رواية جرير بن حازم مكذوب يحدث بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة قوله العراة جمع عار قوله والزناة جمع زان ومناسبة العري لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا لأن عادتهم أن يستتروا بالخلوة فعوقبوا بالهتك والحكمة في العذاب لهم من تحتهم كون جنايتهم ومن أعضائهم السفلى قوله الذي عنده النار هكذا في رواية الكشميهني عنده وفي رواية غيره الذي عند النار قوله وأما الرجل وفي رواية جرير ابن حازم والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام وإنما اختص إبراهيم عليه السلام بذلك لأنه أبو المسلمين قال تعالى وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفى هاذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهدآء على الناس فأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير قوله مولود مات على الفطرة وفي رواية النضر بن شميل ولد على الفطرة وهو أشبه بقوله في الرواية الأخرى وأولاد المشركين وقد مضى الكلام في هذا الفصل في كتاب الجنائز قوله الذين كانوا شطر منهم حسنا يرفع شطر ونصب حسنا كذا في رواية غير أبي ذر ووجهه أن كان تامة والجملة حال وإن كان بدون الواو كقوله تعالى فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين وفي رواية أبي ذر الذين كانوا شطرا منهم حسن ووجهه ظاهر وفي رواية النسفي والإسماعيلي بالرفع في الجميع وعليه اقتصر الحميدي في جمعه وزاد جرير بن حازم في روايته والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وهذه الدار دار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل
بسم الله الرحمان الرحين
92 -
( كتاب الفتن )
أي هذا كتاب في بيان الفتن بكسر الفاء جمع فتنة وهي المحنة والفضيحة والعذاب ويقال أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ثم أطلقت على كل مكروه وآيل إليه كالكفر والإثم والفضيحة والفجور وغير ذلك وفي بعض النسخ البسملة ذكرت بعد قوله كتاب الفتن وهي رواية كريمة والأصيلي
1 -
( باب ما جاء في قول الله تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة واعلموا أن الله شديد العقاب )
أي هذا باب في ذكر ما جاء إلى آخره ذكر أحمد في تفسيره وهو ما عزاه إليه ابن الجوزي في حدائقه حدثنا أسود حدثنا جرير سمعت الحسن قال قال الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع رسول الله فجعلنا نقول ما هذه الفتنة وما نشعر أنها تقع حيث وقعت وعنه أنه قال يوم الجمل لما لقي ما لقي ما توهمت أن هذه الآية نزلت فينا أصحاب محمد اليوم وقال الضحاك هي في أصحاب محمد خاصة وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أمر الله المؤمنين أن لا يقروا منكرا بين ظهورهم وأنذرهم بالعذاب وقيل إنه تعم الظالم وغيره وقال المبرد إنها نهي بعد نهي لأمر الفتنة والمعنى في النهي للظالمين أن لا يقربوا الظلم وروى الطبري من طريق الحسن البصري قال قال الزبير لقد خوفنا بهذه الآية ونحن مع رسول الله وما ظننا أن خصصنا بها وأخرجه

(24/175)


النسائي من هذا الوجه وأخرجه الطبري من طريق السدي قال نزلت في أهل بدر خاصة فأصابتهم يوم الجمل
وما كان النبي يحذر من الفتن
عطف على ما قبله أي وفي بيان ما كان النبي يحذر أصحابه من الفتن ويحذر من التحذير وأشار بهذا إلى ما تضمنته أحاديث الباب من الوعيد على التبديل والإحداث
7048 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( بشر بن السري ) حدثنا ( نافع بن عمر ) عن ( ابن أبي مليكة ) قال قالت ( أسماء ) عن النبي قال أنا على حوضي أنتظر من يرد علي فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي فيقول لا تدري مشوا على القهقرى
قال ابن أبي مليكة اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن
انظر الحديث 6593
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن السري بفتح السين المهملة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف البصري سكن مكة وكان يلقب بالأفوه ثقة كان صاحب مواعظ وليس له في البخاري سوى هذا الموضع ونافع بن عمر بن عبد الله القرشي من أهل مكة وقال أبو داود مات سنة تسع وستين ومائة وابن أبي مليكة اسمه عبد الله واسم أبي مليكة زهير وكان عبد الله قاضي مكة أيام عبد الله بن الزبير وأسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما
والحديث مضى في ذكر الحوض عن سعيد بن أبي مريم ومضى الكلام فيه
قوله أنا على حوضي يعني يوم القيامة قوله انتظر من يرد علي بتشديد الياء أي من يحضرني ليشرب قوله من دوني أي من عندي قوله فيقول أي فيقول الله عز و جل ويروى فيقال قوله لا تدري خطاب للنبي قوله مشوا على القهقرى والقهقرى مقصور وهو الرجوع إلى خلف فإذا قلت رجعت القهقرى كأنك قلت رجعت الرجوع الذي يعرف بهذا الاسم لأن القهقرى ضرب من الرجوع وقال الأزهري معنى الحديث الارتداد عما كانوا عليه قوله أو نفتن على صيغة المجهول
7049 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( مغيرة ) عن ( أبي وائل ) قال قال ( عبد الله ) قال النبي أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك
انظر الحديث 6575 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ومغير بضم الميم وكسرها ابن المقسم بكسر الميم الضبي الكوفي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في ذكر الحوض عن عمرو بن علي
قوله فرطكم بفتح الفاء والراء وبالطاء المهملة أي أنا أتقدمكم والفرط من يتقدم الواردين فيهيىء لهم الإرشاء والدلاء وعدد الحياض ويسقي لهم وهو على وزن فعل بمعنى فاعل كبيع بمعنى بائع قوله ليرفعن على صيغة المجهول المؤكد بالنون الثقيلة قوله إذا أهويت أي ملت وامتددت قوله اختلجوا على صيغة المجهول أي سلبوا من عندي يقال خلجه واختلجه إذا جذبه وانتزعه قوله ما أحدثوا أي من الأمور التي لا يرى الله بها وجميع أهل البدع والظلم والجور داخلون في معنى هذا الحديث
7049 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( مغيرة ) عن ( أبي وائل ) قال قال ( عبد الله ) قال النبي أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك
انظر الحديث 6575 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ومغير بضم الميم وكسرها ابن المقسم بكسر الميم الضبي الكوفي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في ذكر الحوض عن عمرو بن علي
قوله فرطكم بفتح الفاء والراء وبالطاء المهملة أي أنا أتقدمكم والفرط من يتقدم الواردين فيهيىء لهم الإرشاء والدلاء وعدد الحياض ويسقي لهم وهو على وزن فعل بمعنى فاعل كبيع بمعنى بائع قوله ليرفعن على صيغة المجهول المؤكد بالنون الثقيلة قوله إذا أهويت أي ملت وامتددت قوله اختلجوا على صيغة المجهول أي سلبوا من عندي يقال خلجه واختلجه إذا جذبه وانتزعه قوله ما أحدثوا أي من الأمور التي لا يرى الله بها وجميع أهل البدع والظلم والجور داخلون في معنى هذا الحديث
7050 - حدثنا يحياى بن بكير حدثنا يعقوب بن عبد الرحمان عن أبي حازم قال سمعت سهل بن سعد يقول سمعت النبي يقول أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب

(24/176)


منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هاذا فقال هاكذا سمعت سهلا فقلت نعم قال وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي
انظر الحديث 6584
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن بكير ) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري ويعقوب بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله القاري من قارة حي من العرب أصله مدني سكن الإسكندرية وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار والنعمان بن أبي عياش بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة واسم أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي الأنصاري المدني وسهل بن سعد الأنصاري الساعدي
والحديث أخرجه مسلم في فضل النبي عن قتيبة
قوله من ورده شرب وفي رواية الكشميهني من ورده يشرب قوله لم يظمأ قيل هو كناية عن أنه يدخل الجنة لأنه صفة من يدخلها وقال الكرماني فإن قلت قال أولا من ورده شرب وآخرا ليردن علي أقوام ثم يحال قلت الورود في الأول إنما هو على الحوض وفي الثاني عليه قلت فيه نظر لا يخفى قوله ما بدلوا وفي رواية الكشميهني ما أحدثوا واعلم أن حال هؤلاء المذكورين إن كانوا من ارتدوا عن الإسلام فلا إشكال في تبري النبي منهم وإبعادهم وإن كانوا ممن لم يرتدوا ولكن أحدثوا معصية كبيرة من أعمال البدن أو بدعة من أعمال القلب فقد أجابوا بأنه يحتمل أنه أعرض عنهم ولم يسمع لهم اتباعا لأمر الله فيهم حتى يعاقبهم على جنايتهم ثم لا مانع من دخولهم في عموم شفاعته لأهل الكبائر من أمته فيخرجون عند إخراج الموحدين من النار قوله سحقا أي بعدا وكرر لفظ سحقا من سحق الشيء بالضم فهو سحيق أي بعيد وأسحقه الله أي أبعده
2 -
( باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها )
أي هذا باب في ذكر قول النبي إلى آخره وهذه الترجمة بعض متن الحديث الذي يأتي في أحاديث الباب
وقال عبد الله بن زيد قال النبي اصبروا حتى تلقوني على الحوض
عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري العاصمي وحديثه هذا طرف من حديث وصله البخاري في غزوة حنين من كتاب المغازي
7052 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا الأعمش حدثنا زيد بن وهب سمعت عبد الله قال قال لنا رسول الله إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا حقكم
انظر الحديث 3603
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن سعيد القطان ) والأعمش سليمان و ( زيد بن وهب ) أبو سليمان الهمداني الجهني الكوفي من قضاعة خرج إلى النبي فقبض النبي وهو في الطريق و ( عبد الله ) هو ابن مسعود
والحديث مضى في علامات النبوة عن محمد بن كثير ومضى الكلام فيه
قوله أثرة بفتح الهمزة والثاء المثلثة الاستئثار في الحظوظ الدنيوية والاختيار لنفسه والاختصاص بها قوله وأمورا تنكرونها يعني من أمور الدين وسقطت الواو في وأمورا في بضع الروايات فعلى هذا يكون أمورا تنكرونها بدلا من أثرة قوله أدوا إليهم حقهم أي أدوا الأمراء حقهم أي الذي لهم المطالبة به ووقع في رواية الثوري تؤدون الحقوق التي عليكم أي بذل المال الواجب في الزكاة والنفس الواجب في الخروج إلى الجهاد عند التعيين ونحوه قوله وسلوا الله حقكم قال الداودي سلوا الله أن يأخذ لكم حقكم ويقيض

(24/177)


لكم من يؤديه إليكم وقال زيد يسالون الله سرا لأنهم إذ سالوه جهرا كان سبا للولاة ويؤدي إلى الفتنة
7053 - حدثنا ( مسدد ) عن ( عبد الوارث ) عن ( الجعد ) عن ( أبي رجاء ) عن ( ابن عباس ) عن النبي قال من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث
وعبد الوارث هو ابن سعيد والجعد بفتح الجيم وسكون العين المهملة هو أبو عثمان الصيرفي وأبو رجاء بالجيم عمران العطاردي
والحديث أخرجه البخاري في الأحكام أيضا عن سليمان بن حرب وأخرجه مسلم في المغازي عن حسن بن الربيع وغيره
قوله من خرج من السلطان أي من طاعته قوله فليصبر يعني فليصبر على ذلك المكروه ولا يخرج عن طاعته لأن في ذلك حقن الدماء وتسكين الفتنة إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام فلا طاعة لمخلوق عليه وفيه دليل على أن السلطان لا ينعزل بالفسق والظلم ولا تجوز منازعته في السلطنة بذلك قوله شبرا أي قدر شبر وهو كناية عن خروجه ولو كان بأدنى شيء قال بعضهم شبرا كناية عن معصية السلطان ومحاربته وقال صاحب التوضيح شبرا يعني في الفتنة التي يكون فيها بعض المكروه قلت في كل من التفسيرين بعد والأوجه ما ذكرناه قوله مات ميتة بكسر الميم كالجلسة لأن باب فعلة بالكسر للحالة وبالفتح للمرة قوله جاهلية أي كموت أهل الجاهلية حيث لم يعرفوا إماما مطاعا وليس المراد أنه يموت كافرا بل أنه يموت عاصيا
7054 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( الجعد أبي عثمان ) حدثني ( أبو رجاء العطاردي ) قال سمعت ( ابن عباس ) رضي الله عنهما عن النبي قال من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية
انظر الحديث 7053 وطرفه
هذا طريق آخر في حديث ابن عباس المذكور أخرجه عن أبي النعمان محمد بن الفضل بن النعمان السدوسي البصري إلى آخره
قوله فإنه فإن الشان من فارق الجماعة إلى آخره قيل المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء فكنى عنها بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق قوله فمات إلا مات ميتة جاهلية وقال الكرماني ما ملخصه إن إلا زائدة قال الأصمعي إلا تقع زائدة أو تكون حرف عطف وما بعدها يكون معطوفا على ما قبلها
7055 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( ابن وهب ) عن ( عمرو ) عن ( بكير ) عن ( بسر بن سعيد ) عن ( جنادة بن أبي أمية ) قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي قال دعانا النبي فبايعنا فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث وإسماعيل هو ابن أبي أويس وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وعمرو هو ابن الحارث وبكير مصغر بكر هو ابن عبد الله بن الأشج وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن سعيد مولى الحضرمي من أهل المدينة وجنادة بضم الجيم وتخفيف النون ابن أبي أمية الدوسي وقيل السدوسي وهو الصواب واسم أبي أمية كثير مات جنادة سنة سبع وستين
والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن أحمد بن عبد الرحمان
قوله وهو

(24/178)


مريض الواو فيه للحال قوله فقلنا أصلحك الله يحتمل أنه أراد الدعاء بالصلاح في جسمه ليعافى من مرضه أو أعم من ذلك وهي كلمة اعتادوها عند افتتاح الطلب قوله فبايعنا بفتح العين أي فبايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ولفظ بايع ماض وفاعله الضمير الذي فيه ونا مفعوله ويروى فبايعنا بإسكان العين أي فبايعنا نحن رسول الله
قوله فقال فيما أخذ علينا أي فيما اشترط علينا قوله أن بايعنا بفتح العين وكلمة أن بفتح الهمزة مفسرة قوله على السمع والطاعة أي لله ولرسوله قوله في منشطنا بفتح الميم وسكون النون وفتح الشين المعجمة أي في حالة نشاطنا وقال ابن الأثير المنشط مفعل من النشاط وهو الأمر الذي ينشط له ويخف إليه ويؤثر فعله وهو مصدر بمعنى النشاط قوله ومكرهنا أي ومكروهنا وقال الداودي أي في الأشياء التي تكرهونها قلت المكره أيضا مصدر وهو ما يكره الإنسان ويشق عليه قوله وعسرنا ويسرنا أي في حالة العسر وحالة اليسر قوله وأثرة علينا بفتح الهمزة والثاء المثلثة أي على استئثار الأمراء بحظوظهم واختصاصهم إياها بأنفسهم وحاصل الكلام أن طواعيتهم لمن يتولى عليهم لا يتوقف على إيصالهم حقوقهم بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقهم قوله وأن لا ننازع الأمر أهله عطف على قوله أن بايعنا والمراد بالأمر الملك والإمارة وزاد أحمد من طريق عمير بن هانىء عن جنادة وإن رأيت أن لك في الأمر حقا فلا تعمل بذلك الرأي بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة قوله إلا أن تروا كفرا أي بايعنا قائلا إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام إذ عند ذلك تجوز المنازعة بالإنكار عليهم وقال النووي المراد بالكفر هنا المعاصي وقال الكرماني الظاهر أن الكفر على ظاهره والمراد من النزاع القتال قوله بواحا بفتح الباء الموحدة وتخفيف الواو وبالحاء المهملة أي ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا أذاعه وأظهره وأنكر ثابت في الدلائل بواحا وقال إنما يجوز بوحا بسكون الواو وبؤاحا بضم الباء والهمزة الممدودة وقال النووي هو في معظم النسخ من مسلم بالواو وفي بعضها بالراء وقال الخطابي من رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى وأصل البراح الأرض القفراء التي لا أنيس فيها ولا بناء وقيل البراح البيان يقال برح الخفاء إذا ظهر ووقع في رواية حبان أبي النضر إلا أن يكون معصية لله بوحا ووقع عند الطبراني من رواية أحمد بن صالح عن ابن وهب في هذا الحديث كفرا صراحا بضم الصاد المهملة ثم بالراء قوله برهان أي نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل وقال الداودي الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا اختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه
7057 - حدثنا ( محمد بن عرعرة ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) عن ( أسيد بن حضير ) أن رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله استعملت فلانا ولم تستعملني قال إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني
انظر الحديث 3792
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه
ومحمد بن عرعرة القرشي البصري وأسيد مصغر أسد وحضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة ابن سماك بن عتيك أبي عبيد الأنصاري الأشهلي
والحديث مضى في فضائل الأنصار عن بندار ومضى الكلام فيه
قوله استعملت فلانا أي قلدته عملا قوله إنكم سترون إلى آخره قال الداودي هو كلام ينفي بعضه وهو كلام ليس من الأول إلا أنه أخبر عن هذا الرجل ممن يرى الأثرة وأوصاهم بالصبر وقال صاحب التوضيح إنه كلام وإنه جواب لما ذكر انتهى قلت هذا ليس بشيء وكيف هو جواب يطابق كلام الرجل بل الذي يقال إن غرضه أن استعمال فلان ليس لمصلحته خاصة بل لك ولجميع المسلمين نعم نصير بعدي الاستعمالات خاصة فيصدق

(24/179)


أنه لفلان وليس لي فظهرت المطابقة هذا كلام الكرماني وتحرير الكلام أن جوابه للرجل عن طلب الولاية بقوله قوله سترون بعدي أثرة إرادة نفي ظنه أنه أثر الذي ولاه عليه فبين له أن ذلك لا يقع في زمانه وأنه لم يخص الرجل بذلك لذاته بل لعموم مصلحة المسلمين وأن الاستئثار للحظ الدنيوي إنما يقع بعده وأمرهم عند وقوع ذلك بالصبر
3 -
( باب قول النبي هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء )
أي هذا باب يذكر فيه قول النبي إلى آخره وفي بعض النسخ من قريش وهو في رواية أبي ذر ولم يقع لغيره وروى أحمد والنسائي من رواية سماك عن أبي ظالم عن أبي هريرة بلفظ إن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش قوله أغيلمة تصغير غلمة جمع غلام وواحد الجمع المصغر غليم بالتشديد يقال للصبي من حين يولد إلى أن يحتلم غلام وجمعه غلمان وغلمة وأغيلمة وقد يطلق لفظ غلام على الرجال المستحكم القوة تشبيها له بالغلام في قوته وقال ابن الأثير المراد بالأغيلمة هنا الصبيان ولذلك صغرهم
7058 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد ) قال أخبرني جدي قال كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي بالمدينة ومعنا مروان قال أبو هريرة سمعت الصادق المصدوق يقول هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش فقال مروان لعنة الله عليهم غلمة فقال أبو هريرة لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشأم فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا عسى هاؤلاء أن يكونوا منهم قلنا أنت أعلم
انظر الحديث 3604 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله هلكة أمتي على يدي غلمة ولكن ليس في الحديث لفظ سفهاء قال الكرماني لعله بوب ليستذكره فلم يتفق له أو أشار إلى أنه ثبت في الجملة لكنه ليس بشرطه قلت قد ذكرنا الآن لفظ سفهاء عند أحمد والنسائي
والحديث مضى في علامات النبوة عن أحمد بن محمد المكي أخرجه مسلم
قوله أخبرني جدي هو سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وعمر بن سعيد هو المعروف بالأشدق قتله عبد الملك بن مروان لما خرج عليه بدمشق بعد السبعين قوله كنت جالسا مع أبي هريرة كان ذلك زمن معاوية قوله ومعنا مروان هو ابن الحكم بن العاص بن أمية الذي ولي الخلافة وكان يلي لمعاوية إمرة المدينة تارة وسعيد بن العاص والد عمر ويليها لمعاوية تارة قوله الصادق المصدوق أي الصادق في نفسه والمصدوق من عند الله أو بمعنى المصدق من عند الناس قوله هلكة أمتي الهلكة بفتحتين بمعنى الهلاك وفي رواية إكمال هلاك أمتي قال بعضهم هو المطابق للترجمة قلت إذا كان الهلكة بمعنى الهلاك يحصل المطابقة والمراد بالأمة هنا أهل ذلك العصر ومن قاربهم لا جميع الأمة إلى يوم القيامة قوله على يدي غلمة كذا في رواية الأكثرين بالتثنية وفي رواية السرخسي والكشميهني على أيدي بالجمع قوله لعنة الله عليهم غلمة بنصب غلمة على الاختصاص وفي رواية عبد الصمد لعنة الله عليهم من أغيلمة والعجب من لعن مروان الغلمة المذكورين مع أن الظاهر أنهم من ولده فكأن الله تعالى أجرى ذلك على لسانه ليكون أشد في الحجة عليهم لعلهم يتعظون وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد أخرجها الطبراني وغيره قوله فكنت أخرج مع جدي قائل ذلك عمرو بن يحيى قوله حين ملكوا بالشام إنما خص الشام مع أنهم لما ولوا الخلافة ملكوا غير الشام أيضا لأنها كانت مساكنهم من عهد معاوية قوله أحداثا جمع حديث أي شبانا وأولهم يزيد عليه ما يستحق وكان غالبا ينزع الشيوخ من إمارة البلدان الكبار ويوليها

(24/180)


الأصاغر من أقاربه قوله قال لنا القائل هو جد عمرو بن يحيى قوله قلنا أنت أعلم القائل ذلك له أولاده وأتباعه ممن سمع منه ذلك
4 -
( باب قول النبي ويل للعرب من شر قد اقترب )
أي هذا باب في ذكر قول النبي ويل الخ وإنما خص العرب بالذكر لأنهم أول من دخل في الإسلام والإنذار بأن الفتن إذا وقعت كان الهلاك إليهم أسرع
7059 - حدثنا ( مالك بن إسماعيل ) حدثنا ( ابن عيينة ) أنه سمع ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( زينب بنت ) أم ( سلمة ) عن أم ( حبيبة ) عن ( زينب ابنة جحش ) رضي الله ( عنهن ) أنها قالت استيقظ النبي من النوم محمرا وجهه يقول لا إلاه إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هاذه وعقد سفيان تسعين أو مائة قيل أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
مطابقته للترجمة ظاهرة فإن الترجمة قطعة منه
وابن عيينة سفيان وفيه ثلاث من الصحابيات زينب بنت أم سلمة ربيبة النبي وأمها أم سلمة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأم حبيبة زوج النبي اسمها رملة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش أم المؤمنين تزوجها النبي سنة ثلاث وقال الكرماني قالوا هذا الإسناد منقطع وصوابه كما في صحيح مسلم زينب عن حبيبة عن أم حبيبة عن زينب بزيادة حبيبة وهذا من الغرائب اجتمع فيه أربع صحابيات زوجتان لرسول الله وربيبتان لرسول الله ثم قال الكرماني يحتمل أن زينب سمعت من حبيبة ومن أمها وكلاهما صواب
والحديث مضى في أحاديث الأنبياء عليهم السلام وفي علامات النبوة عن أبي اليمان وأخرجه بقية الجماعة ما خلا أبا داود وقد مضى الكلام فيه مستقصى
قوله ويل للعرب لفظ ويل مثل ويح إلا أن ويلا يقال لمن وقع في هلكة يستحقها وويحا يقال لمن لا يستحقها وأراد بالعرب أهل دين الإسلام وإنما خص بذكرهم لأن معظم شرهم راجع إليهم قوله قد اقترب أي قرب قوله فتح على صيغة المجهول اليوم نصب على الظرفية قوله من ردم يأجوج ومأجوج الردم السد الذي بيننا وبينهم وقال الكرماني يقال إن يأجوج هم الترك وجرى ما جرى ببغداد منهم قلت هذا القول غير صحيح لأن الترك ما لهم ردم والردم بيننا وبين يأجوج ومأجوج وهما من بني آدم من أولاد يافث بن نوح عليه السلام والذي جرى ببغداد كان من هلاكو من أولاد جنكيز خان فإنه هو الذي قتل الخليفة المستعصم بالله العباسي وأخرب بغداد في سنة ست وخمسين وستمائة قوله وعقد سفيان تسعين ومائة كذا هنا وفي رواية حلق بإصبعه الإبهام والتي تليها وفي لفظ عقد سفيان بيده عشرة وفي حديث أبي هريرة وعقد وهيب بيده تسعين وقيل المراد التقريب بالتمثيل لا حقيقة التحديد وقال الداودي في رواية سفيان يعني جعل طرف السبابة في وسط الإبهام وليس كما ذكره وقد علم من مقالة أهل العلم بالحساب أن صفة عقد التسعين أن يثني السبابة حتى يعود طرفها عند أصلها من الكف ويعلق عليه الإبهام قوله وفينا الصالحون الواو فيه للحال قوله إذا كثر الخبث بفتح الخاء والباء الموحدة فسروه بالفسوق كلها أو بالزنى خاصة
7060 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( ابن عيينة ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) وحدثني ( محمود ) أخبرنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( أسامة بن زيد ) رضي الله عنهما قال أشرف

(24/181)


النبي على أطم من آطام المدينة فقال هل ترون ما أرى قالوا لا قال فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه
وأخرجه من طريقين الأول عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة عن أسامة والثاني عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق إلى آخره والحديث أخرجه البخاري في الحج عن علي وفي المظالم عن عبد الله بن محمد وفي علامات النبوة عن أبي نعيم وأخرجه مسلم في الفتن عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره
قوله أشرف من الإشراف وهو الاطلاع من علو وفي رواية عند الإسماعيلي أو في قوله على أطم بضمتين وهو الحصن والقصر قوله خلال بيوتكم أي أوساطها وقيل الخلال النواحي قوله كوقع المطر هكذا في رواية المستملي والكشميهني وفي رواية غيرهما كوقع القطر وهو المطر أيضا والتشبيه في الكثرة والعموم لا خصوصية لها بطائفة وفيه إشارة إلى الحروب الجارية بينهم كقتل عثمان رضي الله عنه ويوم الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وفيه معجزة ظاهرة للنبي
5 -
( باب ظهور الفتن )
أي هذا باب في بيان ظهور الفتن وهو جمع فتنة
7061 - حدثنا ( عياش بن الوليد ) أخبرنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سعيد ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج قالوا يا رسول الله أيم هو قال القتل القتل
مطابقته للترجمة في قوله وتظهر الفتن
وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام البصري وعبد الأعلى بن الأعلى السامي بالسين المهملة البصري ومعمر بن راشد والزهري محمد بن مسلم وسعيد بن المسيب
والحديث أخرجه مسلم في القدر وابن ماجه في الفتن كلاهما عن أبي بكر بن أبي شيبة
قوله يتقارب الزمان كذا في رواية الأكثرين وفي رواية السرخسي الزمن وهي لغة وكذا في رواية مسلم وقال الخطابي يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر وهو كالجمعة وهي كاليوم وهو كالساعة وهو من استلذاذ العيش كأنه والله أعلم يريد خروج المهدي وبسط العدل في الأرض وكذلك أيام السرور قصار وقال الكرماني هذا لا يناسب أخواته من ظهور الفتن وكثرة الهرج وقيل تقارب الزمان اعتدال الليل والنهار وقيل إذا دنا قيام الساعة وقيل الساعات الأيام والليالي تقصر وقال الطحاوي قد يكون معناه تقلب أحوال أهله في ترك طلب العلم خاصة والرضا بالجهل وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم لتفاوت درجاته قال تعالى فبدأ بأوعيتهم قبل وعآء أخيه ثم استخرجها من وعآء أخيه كذالك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشآء الله نرفع درجات من نشآء وفوق كل ذى علم عليم وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا وقال البيضاوي يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان تسارع الدول في الانقضاء والقرون إلى الانقراض فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم وقال ابن بطال معناه والله أعلم تفاوت أحواله في أهله في قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله وقد جاء في الحديث لا يزال الناس بخير ما كان فيهم أهل فضل وصلاح وخوف الله يلجأ إليهم عند الشدائد ويستشفى بآرائهم ويتبرك بدعائهم ويؤخذ بقولهم وآثارهم قوله وينقص العمل قيل نقص العمل الحسي ينشأ عن نقص الدين ضرورة وأما المعنوي فسببه ما يدخل من الخلل بسبب سوء المطعم وقلة المساعد على العمل والنفس ميالة إلى الراحة قوله ويلقى الشح أي البخل والحرص ويلقى بضم الياء من الإلقاء والمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم وليس المراد وجود أصل الشح لأنه لم يزل موجودا وقال الحميدي المحفوظ في الروايات يلقى بضم أوله ويحتمل أن يكون بفتح اللام وتشديد القاف أي يتلقى ويتعلم ويتواصى به ويقال يحتمل أن يكون إلقاء الشح عاما في الأشخاص والمحذور من ذلك ما يترتب

(24/182)


عليه مفسدة والشحيح شرعا هو من منع ما وجب عليه وهو مثلث الشين قال الكرماني وذلك ثابت في جميع الأزمنة ثم قال المراد غلبته وكثرته بحيث يراه جميع الناس فإن قلت تقدم في نزول عيسى في كتاب الأنبياء عليهم السلام أنه يفيض المال حتى لا يقبله أحد وفي كتاب الزكاة لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها قلت كلاهما من أشراط الساعة لكن كل منهما في زمان غير زمان الآخر قوله وتظهر الفتن المراد كثرتها وانتشارها وعدم التكاتم بها والله المستعان قوله أيم هو أي الهرج وأيم بفتح الهمزة وتشديد الياء آخر الحروف وضم الميم وأصله أيما أي أي شيء الهرج قال القتل القتل مكررا وضبطه بعضهم بتخفيف الياء كما قالوا أيش في موضع أي شيء وفي رواية الإسماعيلي وما هو وفي رواية أبي داود أيش هو قال القتل القتل
7062 - 7063 - حدثنا ( عبيد الله بن موسى ) عن ( الأعمش ) عن ( شقيق ) قال كنت مع عبده الله وأبي موسى فقالا قال النبي إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه والأعمش سليمان وشقيق بن سلمة وعبد الله بن مسعود وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنهما ووقع هنا عن أبي ذر عن شيوخه في نسخة معتمدة حدثنا مسدد حدثنا عبيد الله بن موسى وسقط في بعض النسخ الغير المعتمدة وقال عياض ثبت للقابسي عن أبي زيد المروزي وسقط للباقين وهو الصواب
قوله لأياما وفي رواية الكشميهني بحذف اللام قوله ينزل فيها الجهل نزول الجهل تمكنه في الناس برفع العلم ورفع العمل بموت العلماء وهو معنى قوله ويرفع فيها العلم
7064 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( شقيق ) قال ( جلس عبد الله وأبو موسى فتحدثا ) فقال ( أبو موسى ) قال النبي إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج والهرج القتل
انظر الحديث 7063 وطرفه
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث إلى آخره
قوله أياما ويروى لأياما وقد فسر الهرج في هذه الروايات الثلاث بالقتل فتدل صريحا على أن تفسير الهرج مرفوع ولا يعارض ذلك مجيئه في غير هذه الروايات موقوفا ولا كونه بلسان الحبشة
7065 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي وائل ) قال إني لجالس مع عبد الله وأبي موسى رضي الله عنهما فقال أبو موسى سمعت النبي مثله والهرج بلسان الحبشة القتل
انظر الحديث 7063 وطرفه
هذا طريق آخر أخرجه عن قتيبة بن سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن سليمان الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة
قوله فقال أبو موسى سمعت النبي قيل قوله فقال أبو موسى يدل على أن القائل هو أبو موسى وحده في الروايات الماضية التي قال فيها وقالا لاحتمال أن أبا وائل سمعه من عبد الله أيضا لدخوله في قوله في رواية الأعمش فقال قالا قلت أكثر الرواة اتفقوا عن الأعمش على أنه عن عبد الله وأبي موسى معا فإن قلت رواه أبو معاوية عن الأعمش فقال إنه عن أبي موسى ولم يذكر عبد الله أخرجه مسلم قلت أشار ابن أبي خيثمة إلى ترجيح قول الجماعة قوله والهرج بلسان الحبشة القتل قال الكرماني هو إدراج من أبي موسى وقال صاحب التوضيح قد عرفت أن تفسير الهرج ذكر غير مرة ما ظاهره الرفع ومرة من كلام أبي موسى رضي الله تعالى عنه وأنه بلغة الحبشة وكذا ساقه الجرمي في غريبه من كلام أبي موسى

(24/183)


قال الحبش يدعون القتل الهرج وقيل في ذلك إن أصل الهرج في اللغة العربية الاختلاط يقال هرج الناس إذا خلطوا واختلفوا وهرج القوم في حديثهم إذا أكثروا وخلطوا وأخطأ من قال فنسبة تفسير الهرج بالقتل للسان الحبشة وهم من بعض الرواة وإلا فهي عربية صحيحة ووجه الخطأ أنها لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل إلا على طريق المجاز لكون الاختلاط مع الاختلاف يفضي كثيرا إلى القتل وكثيرا ما يسمون الشيء باسم ما يؤول إليه وكيف يدعى على مثل أبي موسى الأشعري الوهم في تفسير لفظة لغوية بل الصواب معه واستعمال العرب الهرج بمعنى القتل لا يمنع كونها لغة الحبشة وإن ورد استعمالها في الاختلاط والاختلاف لحديث معقل بن يسار رفعه العبادة في الهرج لهجرة إلي أخرجه مسلم
7066 - حدثنا ( محمد ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( واصل ) عن ( أبي وائل ) عن ( عبد الله ) وأحسبه رفعه قال بين يدي الساعة أيام الهرج يزول فيها العلم ويظهر فيها الجهل قال أبو موسى والهرج القتل بلسان الحبشة
انظر الحديث 7062
هذا طريق آخر في حديث أبي موسى أخرجه عن محمد ولم ينسبه أكثر الرواة ونسبه أبو ذر في روايته وقال محمد بن بشار وقال الكلاباذي محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ومحمد بن الوليد رووا عن غندر في الجامع قلت يشير بذلك إلى أن محمدا الذي ذكر هنا غير منسوب يحتمل أن يكون أحد الثلاثة المذكورين ولكن أبو ذر نسبه فقال محمد بن بشار وهو الظاهر لأنه كثيرا ما يروي عن غندر وهو محمد بن جعفر وواصل هو ابن حبان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف يروي عن أبي وائل شقيق عن عبد الله بن مسعود
قوله وأحسبه رفعه أي قال أبو وائل أحسب عبد الله رفع الحديث إلى النبي
7067 - وقال ( أبو عوانة ) عن ( عاصم ) عن ( أبي وائل ) عن ( الأشعري ) أنه قال لعبد الله تعلم الأيام التي ذكر النبي أيام الهرج نحوه
أبو عوانة بفتح العين المهملة وتخفيف الواو وبعد الألف نون اسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري وعاصم هو ابن أبي النجود القارىء المشهور يروي عن أبي وائل شقيق عن أبي موسى الأشعري
قوله نحوه أي نحو الحديث المذكور بين يدي الساعة أيام الهرج
قال ابن مسعود سمعت النبي يقول من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء
في بعض النسخ فقال ابن مسعود يعني بالسند المذكور وقال ابن التين هذا إخبار عن أن الكفار والمنافقين شرار الخلق وهم حينئذ أحياء إذ ذاك وقال ابن بطال وهو وإن كان لفظه العموم فالمراد به الخصوص ومعناه أن الساعة تقوم في الأغلب والأكثر على شرار الناس بدليل قوله لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرها من ناوأها حتى تقوم الساعة فدل هذا الخبر على أن الساعة أيضا تقوم على قوم فضلاء وأنهم في صبرهم على دينهم كالقابض على الجمر
6 -
( باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه )
أي هذا باب يذكر فيه لا يأتي زمان إلى آخره
7068 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الزبير بن عدي ) قال ( أتينا أنس بن مالك ) فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم

(24/184)


الترجمة المذكورة هي عين الحديث المذكور في الباب
ومحمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي وسفيان هو ابن عيينة والزبير بن عدي الكوفي الهمداني بسكون الميم من صغار التابعين ولي قضاء الري وليس له في البخاري سوى هذا الحديث
والحديث أخرجه الترمذي في الفتن عن ابن بشار به
قوله ما نلقى من الحجاج هو ابن يوسف الثقفي الأمير المشهور ويروى شكونا إليه ما يلقون فيه الثقات ووقع في رواية الكشميهني فشكوا ووقع عند أبي نعيم نشكوا بنون ومعناه شكوا ما يلقون من ظلمه لهم وتعديه وذكر الزبير في الموفقيات من طريق مجالد عن الشعبي قال كان عمر رضي الله تعالى عنه فمن بعده إذا أخذوا العاصي أقاموه للناس ونزعوا عمامته فلما كان زياد ضرب في الجنايات بالسياط ثم زاد مصعب بن الزبير حلق اللحية فلما كان بشر بن مروان سمر كف الجاني بمسمار فلما قدم الحجاج قال هذا كله لعب فقتل بالسيف قوله اصبروا أي عليه وكذا وقع في رواية عبد الرحمان بن مهدي قوله فإنه أي فإن الشان والحال قوله زمان وفي رواية عبد الرحمان عام قوله إلا والذي بعده كذا لأبي ذر بالواو وسقطت في رواية الباقين قوله شر منه كذا في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر والنسفي أشر وعليه شرح ابن التين يقال كذا وقع أشر بوزن أفعل وقد قال الجوهري فلان شر من فلان ولا يقال أشر إلا في لغة رديئة قلت إن صحت الرواية بأفعل التفضيل لا يلتفت إلى ما قاله الجوهري وغيره فإن قلت هذا الإطلاق مشكل لأن بعض الأزمنة يكون في الشر دون الذي قبله وهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه بعد الحجاج بيسير وقد اشتهر خيرية زمانه بل قيل إن الشر اضمحل في زمانه قلت حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال لا بد للناس من تنفيس وقيل إن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة أحياء وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله خير القرون قرني وهو في الصحيحين وقوله أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون أخرجه مسلم فإن قلت ما تقول في زمن عيسى عليه السلام فإنه بعد زمان الدجال قلت قال الكرماني إن المراد بالزمان الزمان الذي يكون بعد عيسى عليه السلام أو المراد جنس الزمان الذي فيه الأمراء وإلا فمعلوم من الدين بالضرورة أن زمان النبي المعصوم لا شر فيه قوله حتى تلقوا ربكم أي حتى تموتوا قوله سمعته من نبيكم وفي رواية أبي نعيم سمعت ذلك
7069 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وحدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( أخي ) عن ( سليمان ) عن ( محمد بن أبي عتيق ) عن ( ابن شهاب ) عن ( هند بنت الحارث الفراسية ) أن أم ( سلمة ) زوج النبي قالت استيقظ رسول الله ليلة فزعا يقول سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن وماذا أنزل من الفتن من يوقظ صواحب الحجرات يريد أزواجه لكي يصلين رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وماذا أنزل من الفتن أي الشرور فتكون تلك الليلة التي استيقظ فيها النبي أشر من الليلة التي قبلها
وأخرجه من طريقين أحدهما عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن هند والآخر عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن ابن شهاب عن هند بنت الحارث الفراسية بكسر الفاء وتخفيف الراء وبالسين المهملة نسبة إلى بطن من كنانة وهم إخوة قريش وكانت هند زوج معبد بن المقداد وقد قيل إن لها صحبة
والحديث مضى في كتاب العلم والعظة في الليل
لة نصب على الظرفية قوله فزعا بفتح الفاء وكسر الزاي وبالعين المهملة أي خائفا وهو نصب على الحال قوله يقول في موضع الحال وفي رواية

(24/185)


سفيان فقال سبحان الله قوله ماذا أنزل الله هكذا في راية الكشميهني وفي رواية غيره ماذا أنزل بضم الهمزة من الخزائن أي الخيرات وهو جمع خزانة وهو الموضع أو الوعاء الذي يحفظ فيه الشيء قوله وماذا أنزل من الفتن أي الشرور وقوله من يوقظ صواحب الحجرات كذا هو في رواية الأكثرين وفي رواية سفيان أيقظوا بصيغة الأمر ندب بعض خدمه لذلك والصواحب جمع صاحبة والحجرات جمع حجرة وهو الموضع المنفرد في الدار قوله يريد أزواجه لكي يصلين وفي رواية شعيب حتى يصلين وخلت سائر الروايات من هذه الزيادة قوله رب كاسية وفي رواية سفيان فرب كاسية بفاء في أوله وفي رواية ابن المبارك يا رب كاسية وفي رواية هشام كم من كاسية وهذا يؤيد ما قال ابن مالك رب أكثر ما يرد للتكثير وهذا بخلاف ما قال أكثر النحويين إن رب للتقليل وأن معنى ما يصدر بها المضي والصحيح أن معناها في الغالب التكثير وهو مقتضى كلام سيبويه فإنه قال في باب كم واعلم أن كم في الخبر لا تعمل إلا ما تعمل فيه رب لأن المعنى واحد إلا أن كم اسم ورب غير اسم ومعنى كاسية في الدنيا عارية في الآخرة كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا وقيل كاسية في الدنيا لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك وقيل كاسية من النعم عارية من الشكر فهي عارية في الآخرة من الثواب
7 -
( باب قول النبي من حمل علينا السلاح فليس منا )
أي هذا باب فيه قول النبي من حمل الخ
7070 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله قال من حمل علينا السلاح فليس منا
انظر الحديث 6874
الترجمة عين الحديث والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن يحيى بن يحيى وأخرجه النسائي في المحاربة عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ومعنى الحديث من حمل السلاح على المسلمين لقتالهم به بغير حق قوله فليس منا أي ليس على طريقتنا أو ليس متبعا طريقتنا لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بحمل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله وقال الكرماني أي ليس ممن اتبع سنتنا وسلك طريقتنا إلا أنه يريد ليس من ديننا قال فما قولك في الطائفتين إحداهما باغية ثم أجاب بقوله الباغية ليست متبعة سنة النبي
7071 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى عن النبي قال من حمل علينا السلاح فليس منا
هذا أيضا مثل ما قبله أخرجه عن أبي كريب محمد بن العلاء عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن بريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله عن جده أبي بردة عامر أو حارث عن أبيه ( أبي موسى ) الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي كريب وأبي عامر وأخرجه الترمذي في الحدود عن أبي كريب وأبي السائب وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمود بن غيلان وغيره
7072 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( همام ) سمعت ( أبا هريرة ) عن النبي قال لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإن فيه معنى الحمل عليه
أخرجه عن محمد قال

(24/186)


الكرماني هو الذهلي وكذا جزم به أبو علي الجياني بأنه محمد بن يحيى الذهلي وقال بعضهم يحتمل أن يكون محمد بن رافع فإن مسلما أخرج هذا الحديث عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق قلت الاحتمال بعيد فإن إخراج مسلم هذا الحديث عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق لا يستلزم إخراج البخاري كذلك ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وهمام بالتشديد ابن منبه
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن محمد بن رافع
قوله لا يشير نفي ويجوز لا يشر بصورة النهي قوله فإنه أي فإن الذي يشير لا يدري لعل الشيطان ينزغ بالغين المعجمة قال الخليل في الغين نزغ الشيطان بين القوم نزغا حمل بعضهم على بعض بالفساد ومنه ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هاذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجآء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشآء إنه هو العليم الحكيم وفي رواية الكشميهني بالعين المهملة ونقل عياض عن جميع رواة مسلم بالعين المهملة ومعناه يرمي بيده ويحقق الضربة ومن رواه بالمعجمة قال هو من الإغراء أي يزين له تحقق الضربة قوله فيقع في حفرة من النار كناية عن وقوعه في المعصية التي تفضي به إلى دخول النار
وفي الحديث النهي عما يفضي إلى المحذور وإن لم يكن المحذور محققا سواء كان ذلك في جد أو هزل وروى الترمذي من رواية خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا من أشار إلى أخيه بحديدة لعنته الملائكة وقال حديث حسن صحيح غريب
7073 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال قلت ل ( عمرو ) يا أبا محمد سمعت ( جابر بن عبد الله ) يقول مر رجل بسهام في المسجد فقال له رسول الله أمسك بنصالها قال نعم
انظر الحديث 451 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أمسك بنصالها فإن في تركه ربما يحصل خدش وهو في معنى حمل السلاح على المسلمين
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار
والحديث مضى في الصلاة عن قتيبة في أول المساجد
قوله قال نعم القائل هو عمرو جوابا لقول سفيان وأبو محمد كنية عمرو
7074 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عمرو بن دينار ) عن ( جابر ) أن رجلا مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها فأمر أن يأخذ بنصولها لا يخدش مسلما
انظر الحديث 451 وطرفه
هذا طريق آخر في حديث جابر أخرجه عن أبي النعمان بن محمد بن الفضل السدوسي
قوله بأسهم جمع سهم قوله قد أبدى أي أظهر والنصول جمع نصل وهو حديدة السهم قوله فأمر على صيغة المجهول والآمر هو الشارع قوله لا يخدش بالخاء والشين المعجمتين من خدش يخدش من باب ضرب يضرب خدشا بالفتح وخدش الجلد قشره بعود أو نحوه وهو أول الجراح
7075 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى عن النبي قال إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها أو قال فليقبض بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيء
انظر الحديث 452
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فليمسك على نصالها كما ذكرناه عن قريب
وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة عامر أو حارث عن ( أبي موسى ) الأشعري عن النبي
والحديث مضى في الصلاة عن موسى بن إسماعيل ومضى الكلام فيه هناك
قوله فليقبض بكفه أي على النصال قوله ومعه نبل جملة حالية والنبل بفتح النون السهام قوله أن يصيب كلمة أن مصدرية أي كراهة الإصابة أو كلمة لا فيه مقدرة نحو يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثهآ إن لم يكن لهآ ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونسآء فللذكر مثل حظ الانثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شىء عليم
8 -
( باب قول النبي لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )
أي هذا باب في ذكر قول النبي لا ترجعوا الخ وهذه الترجمة بلفظ ثاني أحاديث الباب

(24/187)


7076 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثني أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( شقيق ) قال قال ( عبد الله ) قال النبي سباب المسلم فسوق وقتاله كفر
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث بالتعسف
وأخرجه عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود والحديث قد مضى في الإيمان
قوله سباب المسلم بكسر السين مصدر من سبه يسبه سبا وسبابا قوله كفر يعني إذا كان مستحلا له أو هو للتغليظ
7077 - حدثنا ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( شعبة ) أخبرني ( واقد ) ( بن محمد ) عن أبيه عن ( ابن عمر ) أنه سمع النبي يقول لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
الترجمة عين الحديث وأخرجه في أول الديات ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله لا ترجعوا بصيغة النهي وهو المعروف وفي رواية أبي ذر لا ترجعون بصيغة الخبر قوله كفارا في معناه أقوال كثيرة قد ذكرنا أكثرها هناك منها المراد منه الستر يعني لا ترجعوا بعدي ساترين الحق لأن معنى الكفر في اللغة الستر ومنها أن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر وقال الداودي معناه لا تفعلوا بالمؤمنين ما تفعلون بالكفار ولا تفعلوا بهم ما لا يحل وأنتم ترونه حراما قوله يضرب بالجزم جوابا للأمر وبالرفع استئنافا أو حالا وقال صاحب التلويح من جزم أوله على الكفر ومن رفع لا يجعله متعلقا بما قبله بل حالا أو مستأنفا
7078 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى حدثنا قرة بن خالد حدثنا ابن سيرين عن عبد الرحمان بن أبي بكرة عن أبي بكرة وعن رجل آخر هو أفضل في نفسي من عبد الرحمان بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن رسول الله خطب الناس فقال ألا تدرون أي يوم هاذا قالوا الله ورسوله أعلم قال حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بيوم النحر قلنا بلاى يا رسول الله قال أي بلد هاذا أليست بالبلدة قلنا بلاى يا رسول الله قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هاذا في شهركم هاذا في بلدكم هاذا ألا هل بلغت قلنا نعم قال اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعاى له فكان كذالك
قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فلما كان يوم حرق ابن الحضرمي حين حرقه جارية بن قدامة قال أشرفوا على أبي بكرة فقالوا هاذا أبو بكرة يراك قال عبد الرحمان فحدثتني أمي عن أبي بكرة أنه قال لو دخلوا علي ما بهشت بقصبة
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنها قطعة منه و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان و ( ابن سيرين ) محمد بن سيرين والسند كله بصريون
ومضى الحديث في كتاب الحج في باب الخطبة أيام منى
قوله عن ( أبي بكرة ) هو نفيع مصغر نفع ابن الحارث الثقفي نزل البصرة وتحول إلى الكوفة قوله وعن رجل آخر هو حميد بن عبد الرحمان بن عوف صرح به في كتاب الحج قوله خطب الناس يعني يوم النحر صرح به في الحج قوله وأعراضكم جمع عرض وهو الحسب وموضع المدح والذم من الإنسان قوله وأبشاركم جمع البشر وهو ظاهر الجلد قوله في شهركم قال الكرماني لم يذكر أي شهر في هذه

(24/188)


الرواية مع أنه قال بعد في شهركم هذا فكيف شبهه به فيما قال في شهركم ثم أجاب بقوله كان السؤال لتقرير ذلك في أذهانهم وحرمة أشهر كانت متقررة عندهم فإن قلت فكذا حرمة البلدة قلت هذه الخطبة كانت بمنى وربما قصد دفع وهم من يتوهم أنها خارجة عن الحرم أو دفع من يتوهم أن البلدة لم تبق حراما لقتاله فيها يوم الفتح أو اقتصره الراوي اعتمادا على سائر الروايات مع أنه لا يلزم ذكره في صحة التشبيه قوله رب مبلغ قال الكرماني بكسر اللام وكذا يبلغه والضمير الراجع إلى الحديث المذكور مفعول أول له ومن هو أوعى مفعول ثان له واللفظان من التبليغ أو من الإبلاغ وقال بعضهم رب مبلغ بفتح اللام الثقيلة ويبلغه بكسرها قلت الصواب ما قاله الكرماني قوله من هو وفي رواية الكشميهني لمن هو قوله أوعى له أي أحفظ وزاد في الحج منه قوله فكان كذلك جملة موقوفة من كلام محمد بن سيرين تخللت بين الجمل المرفوعة أي وقع التبليغ كثيرا من الحافظ إلا الأحفظ
قوله قال لا ترجعوا بالسند المذكور من رواية محمد بن سيرين عن عبد الرحمان بن أبي بكرة قوله فلما كان يوم حرق على صيغة المجهول من التحريق وضبط الحافظ الدمياطي أحرق من الإحراق وقال هو الصواب وقال بعضهم وليس الآخر بخطأ بل جزم أهل اللغة باللغتين أحرقه وحرقه والتشديد للتكثير انتهى قلت هذا كلام من لا يذوق من معاني التراكيب شيئا وتصويب الدمياطي باب الأفعال لكون المقصود حصول الإحراق وليس المراد المبالغة فيه حتى يذكر باب التفعيل قوله ابن الحضرمي هو عبد الله بن عمرو بن الحضرمي وأبوه عمر وهو أول من قتل من المشركين يوم بدر ولعبد الله رؤية على هذا وذكره بعضهم في الصحابة واسم الحضرمي عبد الله بن عمار وكان حالف بني أمية في الجاهلية والعلاء بن الحضرمي الصحابي المشهور عم عبد الله قوله حين حرقه جارية بجيم وياء آخر الحروف ابن قدامة بضم القاف وتخفيف الدال ابن مالك بن زهير بن الحصين التميمي السعدي وكان السبب في ذلك ما ذكره العسكري في الصحابة قال كان جارية يلقب محرقا لأنه أحرق أبي الحضرمي بالبصرة وكان معاوية وجه ابن الحضرمي إلى البصرة يستنفرهم على قتال علي رضي الله تعالى عنه فوجه على جارية بن قدامة فحصره فتحصن منه ابن الحضرمي في دار فأحرقها جارية عليه وذكر الطبري في حوادث سنة ثمان وثلاثين هذه القضية وفيها بعث علي رضي الله تعالى عنه جارية بن قدامة فحصر ابن الحضرمي في الدار التي نزل فيها ثم أحرق الدار عليه وعلى من معه وكانوا سبعين رجلا أو أربعين ونقل الكرماني عن المهلب قال ابن الحضرمي رجل امتنع عن الطاعة فأخرج إليه جارية بن قدامة جيشا فظفر به في ناحية من العراق كان أبو بكرة الثقفي الصحابي يسكنها فأمر جارية بصلبه فصلب ثم ألقي في النار في الجذع الذي صلب فيه قلت العمدة على ما ذكره العسكري والطبري وما ذكره المهلب ليس له أصل قوله قال أشرفوا على أبي بكرة إلى آخره جواب قوله فلما كان إلى آخره وذلك أن جارية لما أحرق ابن الحضرمي أمر جيشه أن يشرفوا على أبي بكرة هل هو على الاستسلام والانقياد أم لا فقال له جيشه هذا أبو بكرة يراك وما صنعت بابن الحضرمي وما أنكر عليك بكلام ولا بسلاح فلما سمع أبو بكرة ذلك وهو في غرفة له قال لو دخلوا علي ما بهشت بقصبة بكسر الهاء وسكون الشين المعجمة وفي رواية الكشميهني بفتح الهاء وهما لغتان والمعنى ما دفعتهم بقصبة ونحوها فكيف أن أقاتلهم لأني ما أرى الفتنة في الإسلام ولا التحريك إليها مع إحدى الطائفتين قوله قال عبد الرحمان هو ابن أبي بكرة الراوي وهو موصول بالسند المذكور قوله حدثتني أمي هي هالة بنت غليظ العجيلة ذكر كذلك خليفة بن خياط في تاريخه وجماعة وقال ابن سعد هي هولة والله أعلم قوله علي بتشديد الياء
7079 - حدثنا ( أحمد بن إشكاب ) حدثنا ( محمد بن فضيل ) عن أبيه عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال قال النبي لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم

(24/189)


رقاب بعض
انظر الحديث 1739
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنها قطعة منه وأحمد بن إشكاب بكسر الهمزة وسكون الشين المعجمة وبالباء الموحدة بعد الألف الصفار الكوفي ومحمد بن فضيل مصغر الفضل بالضاد المعجمة يروي عن أبيه فضيل بن غزوان بفتح الغين المعجمة وسكون الزاي
قوله لا ترتدوا تقدم في الحج من وجه آخر عن فضيل بلفظ لا ترجعوا وسياقه هناك أتم
7080 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( علي بن مدرك ) سمعت ( أبا زرعة بن عمرو بن جرير ) عن جده ( جرير ) قال قال لي رسول الله في حجة الوداع استنصت الناس ثم قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مدرك على صيغة اسم الفاعل من الإدراك الكوفي وأبو زرعة بضم الزاي اسمه هرم بفتح الهاء ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي وليس لأبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده في البخاري إلا هذا الحديث ومضى الحديث في كتاب العلم
قوله لا ترجعوا كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني لا ترجعن بضم العين والنون المثقلة وكفارا جمع كافر نصب على الحال
(
( تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم )
أي هذا باب يذكر فيه تكون إلى آخره وهذه الترجمة بعض الحديث
7080 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( علي بن مدرك ) سمعت ( أبا زرعة بن عمرو بن جرير ) عن جده ( جرير ) قال قال لي رسول الله في حجة الوداع استنصت الناس ثم قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مدرك على صيغة اسم الفاعل من الإدراك الكوفي وأبو زرعة بضم الزاي اسمه هرم بفتح الهاء ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي وليس لأبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده في البخاري إلا هذا الحديث ومضى الحديث في كتاب العلم
قوله لا ترجعوا كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني لا ترجعن بضم العين والنون المثقلة وكفارا جمع كافر نصب على الحال
(
( تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم )
أي هذا باب يذكر فيه تكون إلى آخره وهذه الترجمة بعض الحديث
7080 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( علي بن مدرك ) سمعت ( أبا زرعة بن عمرو بن جرير ) عن جده ( جرير ) قال قال لي رسول الله في حجة الوداع استنصت الناس ثم قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن مدرك على صيغة اسم الفاعل من الإدراك الكوفي وأبو زرعة بضم الزاي اسمه هرم بفتح الهاء ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي وليس لأبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده في البخاري إلا هذا الحديث ومضى الحديث في كتاب العلم
قوله لا ترجعوا كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني لا ترجعن بضم العين والنون المثقلة وكفارا جمع كافر نصب على الحال
(
( تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم )
أي هذا باب يذكر فيه تكون إلى آخره وهذه الترجمة بعض الحديث
7081 - حدثنا ( محمد بن عبيد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( أبي سلمة بن عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة )
قال ( إبراهيم ) وحدثني ( صالح بن كيسان ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذبه
انظر الحديث 3601 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبيد الله مصغرا ابن محمد مولى عثمان بن عفان الأموي وإبراهيم بن سعد يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف عن عمه أبي سلمة بن عبد الرحمان بن عوف عن أبي هريرة
والحديث أخرجه مسلم في الفتن أيضا عن إسحاق بن منصور
قوله ستكون فتن وفي رواية المستملي فتنة والمراد جميع الفتن وقيل هي الاختلاف الذي يكون بين أهل الإسلام بسبب افتراقهم على الإمام ولا يكون المحق فيها معلوما بخلاف علي ومعاوية قوله القاعد فيها أي في الفتن خير من القائم إشارة إلى أن شرها يكون بحسب التعلق بها وزاد الإسماعيلي والنائم فيها خير من اليقظان واليقظان فيها خير من القاعد ولمسلم اليقظان فيها خير من النائم وللبزار ستكون فتن ثم تكون فتن بزيادة والمضطجع خير من القاعد فيها ولأبي داود المضطجع فيها خير من الجالس والجالس خير من القائم ومعنى القاعد خير من القائم الذي لا يستشرفها وقال الداودي الظاهر أنه إنما أراد أن يكون فيها قاعدا وحكى ابن التين عنه أن الظاهر أن المراد من يكون مباشرا لها في الأحوال كلها يعني أن بعضهم في ذلك أشد من بعض فأعلاهم في ذلك الساعي فيها بحيث يكون سببا لإثارتها ثم من يكون قائما بأسبابها وهو الماشي ثم من يكون مباشرا لها وهو القائم ثم من يكون مع النظارة ولا يقاتل وهو القاعد ثم من يكون محسنا لها ولا يباشر ولا ينظر وهو المضطجع اليقظان ثم من لا يقع منه شيء من ذلك ولكنه راض وهو النائم والمراد بالأفضلية في هذه الخيرية من يكون أقل شرا ممن فوقه على التفصيل المذكور قوله من تشرف بفتح التاء المثناة من فوق والشين المعجمة وتشديد الراء على وزن تفعل أي تطلع لها بأن يتصدر ويتعرض

(24/190)


لها ولا يعرض عنها وقال الكرماني ويروى من يشرف من الإشراف قوله تستشرفه أي تهلكه بأن يشرف منها على الهلاك يقال استشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه قوله ملجأ أي موضعا يلتجأ إليه من شرها قوله أو معاذا بفتح الميم وبالعين المهملة وبالذال المعجمة أي موضع العوذ وهو بمعنى الالتجاء أيضا وقال ابن التين رويناه بالضم يعني بضم الميم قوله فليعذبه جواب قوله فمن وجد
7082 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( أبو سلمة بن عبد الرحمان ) أن ( أبا هريرة ) قال قال رسول الله ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به
انظر الحديث 3601 وطرفه
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري إلى آخره
قد ذكرنا أن المراد من قوله فتن جميع الفتن فإن قلت إذا كان المراد جميع الفتن فما تقول في الفتن الماضية وقد علمت أنه نهض فيها من خيار التابعين خلق كثير وإن كان المراد بعض الفتن فما معناه وما الدليل على ذلك قلت أجاب الطبري بأنه قد اختلف السلف في ذلك فقيل المراد به جميع الفتن وهي التي قال الشارع فيها القاعد فيها خير من القائم وممن قعد فيها من الصحابة حذيفة ومحمد بن سلمة وأبو ذر وعمران بن حصين وأبو موسى الأشعري وأسامة بن زيد وأهبان بن صيفي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو بكرة ومن التابعين شريح والنخعي وقالت طائفة بلزوم البيت وقالت طائفة بلزوم التحول عن بلد الفتن أصلا ومنهم من قال إذا هجم عليه شيء من ذلك يكف يده ولو قتل ومنهم من قال يدافع عن نفسه وعن ماله وعن أهله وهو معذور إن قتل أو قتل وقيل إذا بغت طائفة على الإمام فامتنعت عن الواجب عليها ونصبت الحرب وجب قتالها وكذلك لو تحاربت طائفتان وجب على كل قادر الأخذ على المخطىء ونصر المظلوم وهذا قول الجمهور وقال الطبري والصواب أن يقال إن الفتنة أصلها الابتلاء وإنكار المنكر واجب على كل من قدر عليه فمن أعان المحق أصاب ومن أعان المخطىء أخطأ وأن أشكل الأمر فهي الحالة التي ورد النهي عن القتال فيها وذهب آخرون إلى أن الأحاديث وردت في حق ناس مخصوصين وأن النهي مخصوص بمن خوطب بذلك وقيل إن أحاديث النهي مخصوصة بآخر الزمان حيث يحصل التحقق أن المقاتلة إنما هي في طلب الملك قلت يدخل فيها الترك أصحاب مصر حيث لم يكن بينهم قتال إلا لطلب الملك
10 -
( باب إذا التقاى المسلمان بسيفيهما )
أي هذا باب يذكر فيه إذا التقى المسلمان بسيفيهما وجواب إذا محذوف لم يذكره اكتفاء بما ذكر في الحديث وهو قوله فكلاهما من أهل النار وقوله في الحديث إذا تواجه المسلمان بسيفيهما في معنى إذا التقيا
7083 - حدثنا ( عبد الله بن عبد الوهاب ) حدثنا ( حماد ) عن ( رجل ) لم ( يسمه ) عن ( الحسن ) قال خرجت بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة فقال أين تريد قلت أريد نصرة ابن عم رسول الله قال قال رسول الله إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار قيل فهاذا القاتل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل صاحبه
قال حماد بن زيد فذكرت هاذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد وأنا أريد أن يحدثاني به فقالا

(24/191)


إنما رواى هاذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إذا تواجه المسلمان بسيفيهما وقد ذكرنا أن معناه إذا التقيا
وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري من أفراد البخاري وحماد هو ابن زيد وقد نسبه في أثناء الحديث
قوله عن رجل قال بعضهم هو عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة وكان سيىء الضبط قاله الحافظ المزي في التهذيب وقال صاحب التلويح هو هشام بن حسان أبو عبد الله القردوسي وتبعه على ذلك صاحب التوضيح وكذا قاله الكرماني ناقلا عن قوم وقال بعضهم فيه بعد قلت ليت شعري ما وجه البعد ووجه البعد فيما قاله ويؤيد ما قاله هؤلاء ما قاله الإسماعيلي في صحيحه حدثنا الحسن حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد حدثنا هشام عن الحسن فذكره وتوضحه رواية النسائي عن علي بن محمد عن خلف بن تميم عن زائدة عن هشام عن الحسن الحديث والحسن هو البصري قوله ليالي الفتنة أراد بها الحرب التي وقعت بين علي ومن معه وعائشة ومن معها كذا قال بعضهم قلت ما معنى إبهامه ذلك والمراد به وقعة الجمل ووقعة صفين قوله فاستقبلني أبو بكرة هو نفيع بن الحارث الثقفي قوله قلت أريد نصرة ابن عمر رسول الله وهو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وفي رواية مسلم أريد نصر ابن عم رسول الله يعني عليا رضي الله تعالى عنه قال فقال لي يا أحنف ارجع قوله قال قال رسول الله وفي رواية مسلم قال سمعت رسول الله قوله إذا تواجه المسلمان ويروى توجه وقال الكرماني تواجه أي ضرب كل واحد منهما وجه الآخر أي ذاته قوله فكلاهما من أهل النار وفي رواية الكشميهني في النار وفي رواية مسلم فالقاتل والمقتول في النار قوله أهل النار أي مستحق لها وقد يعفو الله عنه وقال الكرماني علي رضي الله تعالى عنه ومعاوية كلاهما كانا مجتهدين غاية ما في الباب أن معاوية كان مخطئا في اجتهاده ونحوه انتهى قلت كيف يقال كان معاوية مخطئا في اجتهاده فما كان الدليل في اجتهاده وقد بلغه الحديث الذي قال ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية وابن سمية هو عمار بن ياسر وقد قتله فئة معاوية أفلا يرضى معاوية سواء بسواء حتى يكون له أجر واحد وروى الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمرو عن أبيه قال ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله فإن قلت كان عبد الله بن عمرو ممن روى الحديث المذكور وأخبر معاوية بهذا فكيف كان مع فئة معاوية قلت روي عنه أنه قال لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح ولكن رسول الله قال أطع أباك فأطعته وقيل لإبراهيم النخعي من كان أفضل علقمة أو الأسود فقال علقمة لأنه شهد صفين وخضب سيفه بها وقيل كان أويس القرني رضي الله تعالى عنه مع علي رضي الله تعالى عنه في الرجالة قاله إبراهيم بن سعد وقال الكرماني مساعدة الإمام الحق ودفع البغاة واجبة فلم منع أبو بكرة الحسن عن حضوره مع فئة علي رضي الله تعالى عنه وأجاب بقوله لعل الأمر لم يكن بعد ظاهرا عليه قوله قيل فهذا القاتل القائل هو أبو بكرة فقوله القاتل مبتدأ وخبره محذوف أي هذا القاتل يستحق النار فما بال المقتول أي فما ذنبه قال إنه أي إن المقتول أراد قتل صاحبه وتقدم في الإيمان أنه كان حريصا على قتل صاحبه فإن قلت مريد المعصية إذا لم يعملها كيف يكون من أهل النار قلت إذا جزم بعملها وأصر عليه يصير به عاصيا ومن يعص الله ورسوله يدخله نارا
قوله قال حماد بن زيد هو موصول بالسند المذكور قوله قلت لأيوب هو السختياني ويونس بن عبيد بن دينار القيسي البصري قوله فقالا أي أيوب ويونس إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة يعني أن عمرو بن عبيد أخطأ في حذف الأحنف بين الحسن وأبي بكرة والأحنف بن قيس السعدي التميمي البصري واسمه الضحاك والأحنف لقبه وعرف به ودعا له النبي مات سنة سبع وستين بالكوفة وقال أبو عمر الأحنف بن قيس أدرك النبي ولم يره ودعا له وإنما ذكرناه في الصحابة لأنه أسلم على عهد النبي
حدثنا سليمان حدثنا حماد بهاذا وقال مؤمل حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب

(24/192)


ويونس وهشام ومعلى بن زياد عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة عن النبي سليمان هذا هو ابن حرب وحما هو ابن زيد وأشار بقوله بهذا إلى الحديث المذكور الذي رواه آنفا وليس فيه ذكر الأحنف ثم قال وقال مؤمل يعني ابن هشام أحد مشايخ البخاري عن علقمة عن حماد بن زيد وأيوب السختياني ويونس بن عبيد وهشام بن حسان ومعلى بن زياد إلى آخره
وأخرجه الإسماعيلي حدثنا موسى حدثنا يزيد بن سنان حدثنا أيوب ويونس إلى آخره وقال الدارقطني رواه أيوب ويونس هشام ومعلى عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة وقال أبو خلف عبد الله بن عيسى ومحبوب بن الحسن عن موسى عن الحسن عن أبي بكرة ورواه قتادة وجسر بن فرقد ومعروف الأعور عن الحسن عن أبي بكرة ولم يذكروا فيه الأحنف والصحيح حديث أيوب حدث به عنه حماد بن زيد
ورواه معمر عن أيوب
أي روى الحديث المذكور معمر عن أيوب وأخرجه الإسماعيلي عن ابن ياسين حدثنا زهير بن محمد والرمادي قالا حدثنا عبد الرزاق نا معمر عن أيوب عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة سمعت رسول الله فذكر الحديث دون القصة
ورواه بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي بكرة
بكار بن عبد العزيز رواه عن أبيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي بكرة وليس له ولا لولده بكار في البخاري إلا هذا الحديث ووصله الطبري من طريق خالد بن خداش بكسر الخاء المعجمة وبالدال المهملة وبالشين المعجمة قال حدثنا بكار بن عبد العزيز بالسند المذكور ولفظه سمعت النبي أن فتنة كائنة القاتل والمقتول في النار إذ المقتول قد أراد قتل القاتل
وقال غندر حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي بكرة عن النبي ولم يرفعه سفيان عن منصور
غندر بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال وبالراء ابن حراش لقب محمد بن جعفر ومنصور هو ابن المعتمر وربعي بكسر الراء وإسكان الباء الموحدة وكسر العين المهملة وتشديد الياء ابن حراش بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالشين المعجمة الأعور الغطفاني التابعي المشهور وهذا التعليق وصله الإمام أحمد قال حدثنا محمد بن جعفر وهو غندر بهذا السند مرفوعا ولفظه إذا التقى المسلمان حملا أحدهما على صاحبه السلاح فهما على حرف جهنم فإذا قتل أحدهما الآخر فهما في النار قوله ولم يرفعه سفيان أي لم يرفع الحديث المذكور سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر بالسند المذكور ووصله النسائي من رواية يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري بالسند المذكور عن أبي بكرة قال إذا حمل الرجلان المسلمان السلاح أحدهما على الآخر فهما في النار قال العلماء معنى كونهما في النار أنهم يستحقان ذلك ولكن أمرهما إلى الله عز و جل إن شاء عاقبهما في النار كسائر الموحدين وإن شاء عفا عنهما فلم يعاقبهما أصلا وقيل هو محمول على من استحل ذلك
11 -
( باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة )
أي هذا باب يذكر فيه كيف أمر المسلم يعني ماذا يفعل في حال الاختلاف والفتنة إذا لم تكن أي إذا لم توجد وكان تامة وجماعة أي مجتمعون على خليفة وحاصل معنى الترجمة أنه إذا وقع اختلاف ولم يكن خليفة فكيف يفعل المسلم من قبل أن يقع الاجتماع على خليفة وفي حديث الباب بين ذلك وهو أنه يعتزل الناس كلهم ولو بأن يعض بأصل شجرة حتى يدركه الموت وذلك خير له من دخوله بين طائفة لا إمام لهم خشية ما يؤول من عاقبة ذلك من فساد الأحوال باختلاف الأهواء وبسبب الآراء

(24/193)


7084 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( الوليد بن مسلم ) حدثنا ( ابن جابر ) حدثني ( بسر بن عبيد الله الحضرمي ) أنه سمع ( أبا إدريس الخولاني ) أنه سمع ( حذيفة بن اليمان ) يقول كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك
انظر الحديث 3606 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام إلى آخره
وابن جابر بالجيم وكسر الباء الموحدة هو عبد الرحمان بن زيد بن جابر كما صرح به مسلم في روايته عن محمد بن المثنى شيخ البخاري فيه وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن عبد الله الحضرمي بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وأبو إدريس عائذ الله بالذال المعجمة الخولاني بفتح الخاء المعجمة
والحديث مضى في علامات النبوة عن يحيى بن موسى وأخرجه مسلم في الفتن عن محمد بن المثنى به وأخرجه ابن ماجه فيه عن علي بن محمد ببعضه
قوله مخافة أي لأجل مخافة أن يدركني أي الشر وكلمة أن مصدرية قوله في جاهلية وشر يشير به إلى ما كان قبل الإسلام من الكفر وقتل بعضهم بعضا ونهب بعضهم بعضا وارتكاب الفواحش قوله بهذا الخير يعني الإيمان والأمن وصلاح الحال واجتناب الفواحش قوله دخن بفتح الدال المهملة وفتح الخاء المعجمة وهو الدخان وأراد به ليس خيرا خالصا بل فيه كدورة بمنزلة الدخان من النار وقيل أراد بالدخن الحقد وقيل الدغل وقيل فساد في القلب وقيل الدخن كل أمر مكروه وقال النووي المراد من الدخن أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض كما كانت عليه من الصفاء قوله يهدون بفتح أوله قوله بغير هديي بياء الإضافة عند الأكثرين وبياء واحدة بالتنوين في رواية الكشميهني وفي رواية الأسود تكون بعدي أئمة يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي قوله تعرف منهم أي من القوم المذكورين وتنكر يعني من أعمالهم وقال القاضي الخير بعد الشر أيام عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه والذي تعرف منهم وتنكرهم الأمراء بعده ومنهم من يدعو إلى بدعة وضلالة كالخوارج وقال الكرماني يحتمل أن يراد بالشر زمان قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وبالخير بعده زمان خلافة علي رضي الله تعالى عنه والدخن الخوارج ونحوهم والشر بعده زمان الذين يلعنونه على المنابر قوله دعاة بضم الدال جمع داع على أبواب جهنم قال ذلك باعتبار ما يؤول إليه حالهم قوله من جلدتنا أي من قومنا ومن أهل لسانا وملتنا وفيه إشارة إلى أنهم من العرب وقال الداودي أي من بني آدم وقال القاضي معناه أنهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن مخالفون وجلدة الشيء ظاهره وهي في الأصل غشاء البدن قوله وإمامهم بكسر الهمزة أي أميرهم وفي رواية الأسود تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك قوله وأن تعض بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة من عضض يعضض من باب علم يعلم أي ولو كان الاعتزال من تلك الفرق بالعض فلا تعدل عنه ولفظ تعض منصوب عند الرواة كلهم وجوز بعضهم

(24/194)


الرفع ولا يجوز ذلك إلا إذا جعل أن مخففة من المثقلة وقال البيضاوي المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان وعض أصل الشجرة كناية عن مكايدة المشقة كقولهم فلان يعض الحجارة من شدة الألم أو المراد اللزوم كقوله في الحديث الآخر عضوا عليها بالنواجذ قوله وأنت على ذلك أي على العض الذي هو كناية عن لزوم جماعة المسلمين وإطاعة سلاطينهم ولو جاروا
وفيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك القيام على أئمة الحق لأنه أمر بذلك ولم يأمر بتفريق كلمتهم وشق عصاهم
واختلفوا في صفة الأمر بذلك فقال بعضهم هو أمر إيجاب بلزوم الجماعة وهي السواد الأعظم واحتجوا برواية ابن ماجه من حديث أنس مرفوعا إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وقال آخرون الجماعة التي أمر الشارع بلزومها هي جماعة العلماء لأن الله عز و جل جعلهم حجة على خلقه وإليهم تفزع العامة في دينها وهم تبع لها وهم المعنيون بقوله إن الله لن يجمع أمتي على ضلالة وقال آخرون هم جماعة الصحابة الذين قاموا بالدين وقال آخرون إنها جماعة أهل الإسلام ما داموا مجتمعين على أمر واجب على أهل الملل فإذا كان فيهم مخالف منهم فليسوا مجتمعين وقال الإمام أبو محمد الحسن بن أحمد بن إسحاق التستري في كتابه افتراق الأمة أهل السنة والجماعة فرقة والخوارج خمس عشرة فرقة والشيعة ثلاث وثلاثون والمعتزلة ستة والمرجئة اثنا عشر والمشبهة ثلاثة والجهمية فرقة واحدة والضرارية واحدة والكلابية واحدة وأصول الفرق عشرة أهل السنة والخوارج والشيعة والجهمية والضرارية والمرجئة والنجارية والكلابية والمعتزلة والمشبهة وذكر أبو القاسم الفوراني في كتابه فرق الفرق إن غير الإسلاميين الدهرية والهيولي أصحاب العناصر الثنوية والديصانية والمانوية والطبائعية والفلكية والقرامطة
12 -
( باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم )
أي هذا باب في بيان من كره أن يكثر من الإكثار أو من التكثير قوله سواد الفتن والظلم أي أهلهما والسواد بفتح السين المهملة وتخفيف الواو الأشخاص
7085 - حدثنا ( عبد الله بن يزيد ) حدثنا ( حيوة وغيره ) قالا حدثنا ( أبو الأسود ) وقال ( الليث ) عن ( أبي الأسود ) قال قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي ثم قال أخبرني ابن عباس أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله فيأتي السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله فأنزل الله تعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الارض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وسآءت مصيرا
انظر الحديث 4596
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن يزيد من الزيادة المقري وحيوة بن شريح التجيبي
والحديث مضى في التفسير عن عبد الله بن يزيد أيضا وأخرجه النسائي في التفسير عن زكريا بن يحيى
وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمان الأسدي يتيم عروة بن الزبير قوله وغيره قال صاحب التوضيح قيل المراد به ابن لهيعة وقيل كأنه يريد ابن لهيعة فإنه رواه عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمان وقد رواه عنه الليث أيضا وقال الكرماني ويروى وعبدة ضد الحرة والأول أصح قوله قطع على أهل المدينة بعث أي أفرد عليهم بعث بفتح الباء الموحدة وهو الجيش ومنه كان إذا أراد أن يقطع بعثا قال ابن الأثير أي يفرد قوما يبعثهم في الغزو ويعينهم من غيرهم قوله فاكتتبت فيه على صيغة المجهول قال الكرماني وبالمعروف يقال اكتتبت أي كتبت نفسي في ديوان السلطان قوله يكثرون من الإكثار أو التكثير قوله فيرمى أي فيرمى به ويروى كذلك قيل هو من القلب والتقدير

(24/195)


فيرمى بالسهم فيأتي وقال الكرماني وفي بعض الروايات لفظ فيرمى مفقود وهو ظاهر وقيل يحتمل أن تكون الفاء الثانية زائدة وثبت كذلك لأبي ذر في سورة النساء فيأتي السهم يرمى به قوله أو يضربه معطوف على فيأتي لا على فيصيب أي يقتل إما بالسهم وإما بالسيف قوله فأنزل الله تعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم
13 -
( باب إذا بقي في حثالة من الناس )
أي هذا باب فيه إذا بقي مسلم في حثالة من الناس بضم الحاء المهملة وتخفيف الثاء المثلثة وهي رديء كل شيء وما لا خير فيه وجواب إذا مقدر وهو ماذا يصنع قيل هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه الطبري وصححه ابن حبان من طريق العلاء بن عبد الرحمان بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه قال فما تأمرني قال عليك بخاصتك ودع عنك عوامهم وقال ابن بطال أشار البخاري إلى هذا الحديث ولم يخرجه لأن العلاء ليس من شرطه فأدخل معناه في حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه
7086 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) حدثنا ( الأعمش ) عن ( زيد بن وهب ) حدثنا ( حذيفة ) قال حدثنا رسول الله حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة وحدثنا عن رفعها قال ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت ثم ينام النومة فتقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة فيقال إن في بني فلان رجلا أمينا ويقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولقد أتى علي زمان ولا أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلما رده علي الإسلام وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا
انظر الحديث 6497 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من معناه وقد ذكرنا أن ابن بطال قال أدخل البخاري معنى حديث أبي هريرة الذي ذكرناه الآن في حديث حذيفة وهذا الحديث بعينه سندا ومتنا مضى في كتاب الرقاق في باب رفع الأمانة فراجعه لأن الكلام فيه قد بسطناه
قوله وحدثنا عن رفعها هو الحديث الثاني وفيه علم من أعلام نبوته لأن فيه الإخبار عن فساد أديان الناس وقلة أمانتهم في آخر الزمان والجذر بفتح الجيم وكسرها وسكون الذال المعجمة الأصل أي كانت لهم بحسب الفطرة وحصلت لهم بالكسب من الشريعة والوكت بفتح الواو وسكون الكاف وبالتاء المثناة من فوق الأثر اليسير وقيل السواد وقيل اللون المخالف للون الذي قبله والمجل بفتح الميم وسكون الجيم وفتحها هو التنفط الذي يحصل في اليد من العمل ونفط بكسر الفاء ولم يؤنث الضمير باعتبار العضو ومنتبرا مفتعلا من الانتبار وهو الارتفاع ومنه المنبر والأمانة ضد الخيانة وقيل هي التكاليف الإلاهية ومعنى المبايعة هنا البيع والشراء أي كنت أعلم أن الأمانة في الناس فكيف أقدم على معاملة من اتفق غير مبال بحاله وثوقا بأمانته أو أمانة الحاكم عليه فإنه إن كان مسلما فدينه يمنعه من الخيانة ويحمله

(24/196)


على أدائها وإن كان كافرا وذكر النصراني على سبيل التمثيل فساعيه أي المولى عليه يقوم بالأمانة في ولايته فينصفني ويستخرج حقي منه وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة فلست أثق اليوم بأحد أئتمنه على بيع أو شراء إلا فلانا وفلانا يعني أفرادا من الناس قلائل
14 -
( باب التعرب في الفتنة )
أي هذا باب في بيان التعرب بفتح العين المهملة وضم الراء المشددة وبالباء الموحدة وهو الإقامة بالبادية والتكلف في صيرورته أعرابيا وقيل التعرب السكنى مع الأعراب وهو أن ينتقل المهاجر من البلد الذي هاجر إليه فيسكن البادية فيرجع بعد هجرته أعرابيا وكان ذلك محرما إلا أن يأذن له الشارع في ذلك وقيده بالفتنة إشارة إلى ما ورد من الإذن في ذلك عند حلول الفتن ووقع في رواية كريمة التعزب بالزاي وبينهما عموم وخصوص وقال صاحب المطالع وجدته بخط البخاري بالزاي وأخشى أن يكون وهما فإن صح فمعناه البعد والاعتزال
7087 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة بن الأكوع ) أنه دخل على الحجاج فقال يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت قال لا ولكن رسول الله أذن لي في البدو
مطابقته للترجمة ظاهرة وحاتم بالحاء المهملة هو ابن إسماعيل الكوفي ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد بضم العين مولى سلمة بن الأكوع
والحديث أخرجه مسلم في المغازي والنسائي في البيعة كلاهما عن قتيبة كالبخاري قوله على الحجاج هو ابن يوسف الثقفي وذلك لما ولي الحجاج إمرة الحجاز بعد قتل ابن الزبير فسار من مكة إلى المدينة وذلك في سنة أربع وسبعين وقيل إن سلمة مات في آخر خلافة معاوية سنة ستين ولم يدرك زمن إمارة الحجاج قوله ارتددت على عقبيك كأنه أشار بهذا إلى ما جاء من حديث ابن مسعود أخرجه النسائي مرفوعا لعن الله آكل الربا وموكله الحديث وفيه والمرتد بعد هجرته إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد قوله قال لا أي لم أسكن البادية رجوعا عن هجرتي ولكن بالتشديد والتخفيف قوله في البدو أي في الإقامة فيه والبدو البادية
وعن يزيد بن أبي عبيد قال لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادا فلم يزل بها حتى أقبل قبل أن يموت بليال فنزل المدينة
هو موصول بالسند المذكور قوله إلى الربذة بفتح الراء والباء الموحدة والذال المعجمة موضع بالبادية بين مكة والمدينة قاله بعضهم قلت الربذة هي التي جعلها عمر رضي الله تعالى عنه حمى لإبل الصدقة وهي بالقرب من المدينة على ثلاث مراحل منها قريب من ذات عرق قوله فلم يزل بها وفي رواية الكشميهني هناك قوله فنزل المدينة هكذا فنزل بالفاء في رواية المستملي والسرخسي وفي رواية غيرهما نزل بلا فاء وهذا يشعر بأن سلمة لم يمت بالبادية كما جزم به يحيى بن عبد الوهاب بن مندة في معرفة الصحابة وقال يحيى بن بكير وغيره مات بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة
7088 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي صعصعة ) عن أبيه عن ( أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها سعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن
مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث وتقدم في الإيمان في باب من الدين الفرار من الفتن فإنه أخرجه هناك عن

(24/197)


عبد الله بن سلمة عن مالك إلى آخر وتقدم أيضا في باب العزلة من كتاب الرقاق
قوله سعف الجبال بالسين والعين المهملتين وبالفاء رأس الجبل وأعلاه قوله ومواقع القطر أي المطر والمواقع جملة حالية من الضمير المستتر في يتبع
15 -
( باب التعوذ من الفتن )
أي هذا باب في بيان التعوذ من الفتن قال ابن بطال في مشروعية ذلك الرد على من قال اسألوا الله الفتنة فإن فيها حصاد المنافقين وزعم أنه ورد في حديث لا يثبت رفعه بل الصحيح خلافه وقد أخرج أبو نعيم من حديث علي رضي الله تعالى عنه بلفظ لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان فإنها تعبير المنافقين وفي سنده ضعيف ومجهول
7089 - حدثنا ( معاذ بن فضالة ) حدثنا ( هشام ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال سألوا النبي حتى أحفوه بالمسألة فصعد النبي ذات يوم المنبر فقال لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم فجعلت أنظر يمينا وشمالا فإذا كل رجل لاث رأسه في ثوبه يبكي فأنشأ رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه فقال يا نبي الله من أبي فقال أبوك حذافة ثم أنشأ عمر فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا نعوذ بالله من سوء الفتن فقال النبي ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط إنه صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط
قال قتادة يذكر هاذا الحديث عند هاذه الآية ياأيها الذين ءامنوا لا تسألوا عن أشيآء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم
مطابقته للترجمة في قوله نعوذ بالله من شر الفتن ومعاذ بضم الميم ابن فضالة بفتح الفاء وتخفيف الضاد المعجمة وهشام هو الدستوائي والحديث مضى في الدعوات عن حفص بن عمر
قوله حتى أحفوه بالحاء المهملة أي ألحوا عليه في السؤال وبالغوا قوله ذات يوم المنبروفي رواية الكشميهني على المنبر قوله لاث رأسه هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فإذا كل رجل رأسه في ثوبه ولاث بالثاء المثلثة من اللوث وهو الطي والجمع ومنه لثت العمامة ألوثها لوثا قوله فأنشأ رجل أي بدأ بالكلام قوله كان إذا لاحى بالحاء المهملة أي إذا جادل وخاصم يدعى إلى غير أبيه يعني يقولون له يا ابن فلان وهو خلاف أبيه قوله فقال أبوك حذافة في رواية معتمر سمعت أبي عن قتادة عند الإسماعيلي واسم الرجل خارجة وقيل قيس بن حذافة وقيل المعروف أن القائل عبد الله بن حذافة أخو خارجة قوله من سوء الفتن بضم السين وبالهمزة وفي رواية الكشميهني من شر الفتن بفتح الشين المعجمة وتشديد الراء قوله صورت على صيغة المجهول وفي رواية الكشميهني صورت لي قوله دون الحائط أي عنده
قوله قال قتادة يذكر بضم الياء وسكون الذال وفتح الكاف ووقع في رواية الكشميهني يذكر على صيغة المعلوم وهذا أوجه
7090 - وقال ( عباس النرسي ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) حدثنا ( قتادة ) أن ( أنسا ) حدثهم أن نبي الله بهذا وقال كل رجل لافا رأسه في ثوبه يبكي وقال عائذا بالله من سوء الفتن أو قال أعوذ بالله من سوء الفتن
عباس بالباء الموحدة والسين المهملة ابن الوليد بن نصر الباهلي البصري النرسي بفتح النون وسكون الراء وبالسين المهملة وقال الكلاباذي نرس لقب جدهم كان اسمه نصرا فقال له بعض النبط نرس بدل نصر فبقي لقبا عليه فنسب ولده إليه وقيل نهر من أنهار الفرات بالعراق يقال له نهر النرس تضاف إليه الثياب النرسية وهو يروي عن يزيد بن زريع مصغر زرع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة إلى آخره
بهذا أي بهذا الحديث الماضي وصله أبو نعيم في

(24/198)


المستخرج من رواية محمد بن عبد الله بن رسته بضم الراء وسكون السين المهملة وبالتاء المثناة المفتوحة قال حدثنا العباس بن الوليد به قوله وقال كل رجل أي قال أنس كل رجل كان هناك حال كونه لافا بتشديد الفاء رأسه في ثوبه يبكي ويروى لاف وهو الأوجه وقوله يبكي خبر قوله كل رجل لأنه مبتدأ ولما ألحوا على رسول الله في المسألة كره مسائلهم وعز على المسلمين الإلحاح والتعنت عليه وتوقعوا نزول عقوبة الله عليهم فبكوا خوفا منها فمثل الله تعالى الجنة والنار له وأراه كل ما يسأله عنه قوله وقال أي كل رجل قال عائذا بالله أي حال كونه مستعيذا بالله من سوء الفتن قوله أو قال أعوذ بالله شك من الراوي ويحتمل أن يكون الشك بين قوله عائذا بالله وقوله أعوذ بالله ويحتمل أن يكون بين قوله من سوء الفتن وقوله من شر الفتن
7091 - وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد ومعتمر عن أبيه عن قتادة أن أنسا حدثهم عن النبي بهاذا وقال عائذا بالله من شر الفتن
أي قال البخاري قال لي خليفة هو ابن خياط بطريق المذاكرة عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة ومعتمر بن سليمان بن طرخان عن قتادة إلى آخره قوله بهذا أي بالحديث المذكور قال عائذ بالله من شر الفتن بالشين المعجمة والراء المشددة
16 -
( باب قول النبي الفتنة من قبل المشرق )
أي هذا باب في ذكر قول النبي الفتنة من قبل المشرق بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي من جهته
7092 - حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام بن يوسف ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن أبيه عن النبي أنه قام إلى جنب المنبر فقال الفتنة هاهنا الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان أو قال قرن الشمس
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وسالم هو ابن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن عمر عن النبي
والحديث أخرجه الترمذي في الفتن عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق
قوله حدثني عبد الله ويروى حدثنا قوله قرن الشيطان ذهب الداودي إلى أن للشيطان قرنين على الحقيقة وذكر الهروي أن قرنيه ناحيتي رأسه وقيل هذا مثل أي حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط وقيل القرن القوة أي تطلع حين قوة الشيطان وإنما أشار إلى المشرق لأن أهله يومئذ كانوا أهل كفر فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذلك كانت وهي وقعة الجمل ووقعة صفين ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق وكانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين قتل عثمان رضي الله تعالى عنه وكان يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه وذلك من دلالات نبوته قوله أو قرن الشمس شك من الراوي وقال الجوهري قرن الشمس أعلاها
7093 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله وهو مستقبل المشرق يقول ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان
هذا عن عبد الله بن عمر أيضا أخرجه عن قتيبة عن ليث بن سعيد إلى آخره

(24/199)


7094 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( أزهر بن سعد ) عن ( ابن عون ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) قال ذكر النبي اللهم بارك لنا في شأمنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا قال اللهم بارك لنا في شأمنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان
انظر الحديث 1037
مطابقته للترجمة في قوله وهناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان وأشار بقوله هناك إلى نجد ونجد من المشرق قال الخطابي نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة اليمن
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وأزهر بن سعد السمان البصري يروي عن عبد الله بن عون بالنون ابن أرطبان البصري
والحديث مضى في الاستسقاء عن محمد بن المثنى وأخرجه الترمذي في المناقب عن بشر بن آدم ابن بنت أزهر السمان عن جده أزهر به وقال حسن صحيح غريب والفتن تبدو من المشرق ومن ناحيتها يخرج يأجوج ومأجوج والدجال وقال كعب بها الداء العضال وهو الهلاك في الدين وقال المهلب إنما ترك الدعاء لأهل المشرق ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم لاستيلاء الشيطان بالفتن
7095 - حدثنا ( إسحاق الواسطي ) حدثنا ( خالد ) عن ( بيان ) عن ( وبرة بن عبد الرحمان ) عن ( سعيد بن جبير ) قال خرج علينا عبد الله بن عمر فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا قال فبادر إليه رجل فقال يا أبا عبد الرحمان حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير فقال هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك إنما كان محمد يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة وليس كقتالكم على الملك
مطابقته للترجمة من حيث إن فيها الفتنة من قبل المشرق سألوا هنا عن ابن عمر أن يحدثهم بحديث حسن فيه ذكر الرحمة فحدثهم بحديث الفتنة
وإسحاق هو ابن شاهين الواسطي يروي عن خالد بن عبد الله الطحان ووقع في بعض النسخ خلف بدل خالد وما أظن صحته وبيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء وبعد الألف نون بن بشر بالشين المعجمة الأحمسي بالمهملتين ووبرة بفتح الواو والباء الموحدة والراء ابن عبد الرحمان الحارثي والباء مفتوحة عند الجميع وبه جزم ابن عبد البر وقال عياض ضبطناه في مسلم بسكون الباء
والحديث مضى في التفسير عن أحمد بن يونس
قوله حديثا حسنا أي حسن اللفظ يشمل على ذكر الرحمة والرخصة قوله فبادرنا بفتح الراء فعل ومفعول وقوله رجل فاعله واسمه حكيم قوله إليه أي إلى ابن عمر قوله فقال يا عبد الرحمان أصله يا أبا فحذفت الألف للتخفيف وأبو عبد الرحمان كنية عبد الله بن عمر قوله والله يقول يريد الاحتجاج بالآية على مشروعية القتال في الفتنة وأن فيها الرد على من ترك ذلك كابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال ابن عمر ثكلتك أمك بكسر الكاف أي عدمتك أمك وهو وإن كان على صورة الدعاء عليه لكنه ليس مقصودا وقد مرت قصته في سورة البقرة وهي أنه قيل له في فتنة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما ما يمنعك أن تخرج وقال تعالى والفتنة هي الكفر وكان قتالنا على الكفر وقتالكم على الملك أي في طلب الملك وأشار به إلى ما وقع بين مروان ثم عبد الملك ابنه وبين ابن الزبير وما أشبه ذلك وكان رأي عبد الله بن عمر ترك القتال في الفتنة ولو ظهر أن إحدى الطائفتين محقة والأخرى مبطلة

(24/200)


17 -
( باب الفتنة التي تموج كموج البحر )
أي هذا باب في بيان الفتنة التي تموج كموج البحر قيل أشار به إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله تعالى عنه في هذه الأمة خمس فتن فذكر الأربعة ثم فتنة تموج كموج البحر وهي التي يصبح الناس فيها كالبهائم أي لا عقول لهم
وقال ابن عيينة عن خلف بن حوشب كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهاذه الأبيات عند الفتن قال امرؤ القيس
( الحرب أول ما تكون فتية
تسعى بزينتها لكل جهول )
( حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها
ولت عجوزا غير ذات حليل )
( شمطاء ينكر لونها وتغيرت
مكروهة للشم والتقبيل )
أي قال سفيان بن عيينة عن خلف بالخاء واللام المفتوحتين ابن حوشب بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة وبالباء الموحدة كان من أهل الكوفة روى عن جماعة من كبار التابعين وأدرك بعض الصحابة لكن لا يعلم روايته عنهم وكان عابدا من عباد أهل الكوفة وثقه العجلي وقال النسائي لا بأس به وأثنى عليه ابن عيينة وليس له في البخاري إلا هذا الموضع قوله كانوا أي السلف قوله عند الفتن أي عند نزولها قوله قال امرؤ القيس كذا وقع عند أبي ذر في نسخته والمحفوظ أن هذه الأبيات لعمرو بن معد يكرب الزبيدي وقد جزم به المبرد في الكامل وتعليق سفيان هذا وصله البخاري في التاريخ الصغير عن عبد الله بن محمد المسندي حدثنا سفيان بن عيينة قوله فتية بفتح الفاء وكسر التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف أي شابة ويجوز فيه ضم الفاء بالتصغير ويجوز فيه الرفع والنصب وأما الرفع فعلى أنه خبر وذلك أن الحرب مبتدأ وأول ما تكون بدل منه وما مصدرية وتكون تامة تقديره أول كونها وفتية خبر المبتدأ وقال الكرماني وجاز في أول وفتية أربعة أوجه نصبهما ورفعهما ونصب الأول ورفع الثاني والعكس وكان إما ناقصة وإما تامة ثم سكت ولم يبين وجه ذلك قلت وجه نصبهما أن يكون الأول منصوبا على الظرف وفتية مرفوعا على الخبرية وتكون ناقصة والتقدير الحرب في أول حالها فتية ووجه العكس أن يكون الأول مبتدأ ثانيا أو بدلا من الحرب ويكون تامة وقد خبط بعضهم في هذا المكان يعرفه من يقف عليه قوله بزينتها بكسر الزاي وسكون الياء آخر الحروف وبالنون ورواه سيبويه ببزتها بالباء الموحدة والزاي المشددة والبزة اللباس الجيد قوله حتى إذا اشتعلت بشين معجمة وعين مهملة يقال اشتعلت النار إذا ارتفع لهيبها وإذا يجوز أن يكون ظرفية ويجوز أن يكون شرطية وجوابها قوله ولت قوله وشب بالشين المعجمة والباء الموحدة المشددة يقال شبت الحرب إذا اتقدت قوله ضرامها بكسر الضاد المعجمة وهو ما اشتعل من الحطب قوله غير ذات حليل بفتح الحاء المهملة وكسر اللام وهو الزوج ويروى بالخاء المعجمة وهو ظاهر قوله شمطاء من شمط بالشين المعجمة اختلاط الشعر الأبيض بالشعر الأسود ويجوز في إعرابه النصب على أن يكون صفة لعجوز ويجوز فيه الرفع على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي شمطاء قوله ينكر على صيغة المجهول ولونها مرفوع به أي بدل حسنها بقبح ووقع في رواية الحميدي والسهيلي في الروض
شمطاء جزت رأسها
قوله مكروهة نصب على الحال من الضمير الذي في تغيرت والمراد بالتمثيل بهذه الأبيات استحضار ما شاهدوه وسمعوه من حال الفتنة فإنهم يتذكرون بإنشادها ذلك فيصدهم عن الدخول فيها حتى لا يغتروا بظاهر أمرها أولا
7096 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( شقيق ) سمعت

(24/201)


( حذيفة ) يقول نحن جلوس عند عمر إذ قال أيكم يحفظ قول النبي في الفتنة قال فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال ليس عن هاذا أسألك ولاكن التي تموج كموج البحر قال ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها بابا مغلقا قال عمر أيكسر الباب أم يفتح قال بل يكسر قال عمر إذا لا يغلق أبدا قلت أجل قلنا لحذيفة أكان عمر يعلم الباب قال نعم كما أعلم أن دون غد ليلة وذالك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأله من الباب فأمرنا مسروقا فسأله فقال من الباب قال عمر
مطابقته للترجمة ظاهرة وعمر بن حفص يروي عن أبيه حفص بن غياث عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حذيفة بن اليمان
والحديث مضى في الصلاة في باب المواقيت مطولا وفي الزكاة عن قتيبة عن جرير وفي الصوم عن علي بن عبد الله ومضى الكلام فيه
قوله ليس عليك وفي رواية الكشميهني عليكم بالجمع قوله بينك وبينها بابا مغلقا قيل قال هذا ثم قال آخرا هو الباب وأجيب بأن المراد بين زمانك وحياتك وبينها أو الباب بدل عمر وهو بين الفتنة وبين نفسه قوله أيكسر الباب أم يفتح قال ابن بطال أشار بالكسر إلى قتل عمر وبالفتح إلى موته وقال عمر إذا كان بالقتل فلا تسكن الفتنة أبدا قوله كما أعلم أن دون غد ليلة أي علما ضروريا قوله بالأغاليط جمع الأغلوطة وهي الكلام الذي يغالط به ويغالط فيه قوله فأمرنا أي قلنا أو طلبنا
وفيه أن الأمر لا يشترط فيه العلو والاستعلاء
7097 - حدثنا ( سعيد بن أبي مريم ) أخبرنا ( محمد بن جعفر ) عن ( شريك بن عبد الله ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي موسى الأشعري ) قال خرج النبي يوما إلى حائط من حوائط المدينة لحاجته وخرجت في إثره فلما دخل الحائط جلست على بابه وقلت لأكونن اليوم بواب النبي ولم يأمرني فذهب النبي وقضاى حاجته وجلس على قف البئر فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فجاء أبو بكر يستأذن عليه ليدخل فقلت كما أنت حتى أستأذن لك فوقف فجئت إلى النبي فقلت يا نبي الله أبو بكر يستأذن عليك قال ائذن له وبشره بالجنة فدخل فجاء عن يمين النبي فكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر فجاء عمر فقلت كما أنت حتى أستأذن لك فقال النبي ائذن له وبشره بالجنة فجاء عن يسار النبي فكشف عن ساقيه فدلاهما في البئر فامتلأ القف فلم يكن فيه مجلس ثم جاء عثمان فقلت كما أنت حتى استأذن لك فقال النبي ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه فدخل فلم يجد معهم مجلسا فتحول حتى جاء مقابلهم على شفة البئر فكشف عن ساقيه ثم دلاهما في البئر فجعلت أتمنى أخا لي وأدعو الله أن يأتي
قال ابن المسيب فتأولت ذالك قبورهم اجتمعت هاهنا وانفرد عثمان
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وبشره بالجنة معها بلاء يصيبه وهذا من جملة الفتن التي تموج كموج البحر ولهذا خصه

(24/202)


بالبلاء ولم يذكر ما جرى على عمر رضي الله تعالى عنه لأنه لم يمتحن مثل ما امتحن عثمان من التسلط عليه ومطالبة خلع الإمامة والدخول على حرمه ونسبة القبائح إليه
وشريك بن عبد الله هو ابن أبي نمر ولم يخرج البخاري عن شريك بن عبد الله النخعي القاضي شيئا
والحديث مضى في فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن محمد وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة قوله ولم يأمرني يعني بأن أعمل بوابا وقال الداودي في الرواية الأخرى أمرني بحفظ الباب وهو اختلاف وليس المحفوظ إلا أحدهما ورد عليه بإمكان الجمع بأنه فعل ذلك ابتداء من قبل نفسه فلما استأذن أولا لأبي بكر وكان كشف عن ساقيه أمره بحفظ الباب قوله على قف البئر وفي رواية الكشميهني وجلس في قف البئر والقف ما ارتفع من متن الأرض وقال الداودي ما حول البئر وقال الكرماني القف بضم القاف وهو البناء حول البئر وحجر في وسطها وشفيرها ومصبها قوله ودلاهما أي أرسلهما فيها قوله كما أنت أي قف واثبت كما أنت عليه قوله معها بلاء هو البلية التي صار بها شهيد الدار قوله مقابلهم اسم مكان فتحا واسم فاعل كسرا قوله فتأولت وفي رواية الكشميهني فأولت أي فسرت ذلك بقبورهم وذلك من جهة كونهما مصاحبين له مجتمعين عند الحضرة المباركة التي هي أشرف البقاع على وجه الأرض لا من جهة أن أحدهما عن اليمين والآخر عن اليسار قوله وانفرد عثمان يعني لم يدفن معهما ودفن في البقيع
حدثني ( بشر بن خالد ) أخبرنا ( محمد بن جعفر ) عن ( شعبة ) عن ( سليمان ) سمعت ( أبا وائل ) قال قيل لأسامة ألا تكلم هاذا قال قد كلمته ما دون أن أفتح بابا أكون أول من يفتحه وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين أنت خير بعد ما سمعت من رسول الله يقول يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون أي فلان ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهاى عن المنكر فيقول إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله وأنهاى عن المنكر وأفعله
انظر الحديث 3267
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ بالتعسف من كلام أسامة وهو أنه لم يرد فتح الباب بالمجاهرة بالتنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك من كونه فتنة ربما تؤول إلى أن تموج كموج البحر
وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن خالد اليشكري وسليمان هو الأعمش وأبو وائل شقيق بن سلمة وأسامة هو ابن زيد حب رسول الله
والحديث مضى في صفة النار عن علي بن عبد الله وأخرجه مسلم في آخر الكتاب عن يحيى بن يحيى وغيره
قوله قيل لأسامة ألا تكلم هذا لم يبين هنا من هو القائل لأسامة ألا تكلم هذا ولا المشار إليه بقوله هذا من هو وقد بين في رواية مسلم قيل له ألا تدخل على عثمان رضي الله تعالى عنه وتكلمه في شأن الوليد بن عقبة وما ظهر منه من شرب الخمر وقال الكرماني ألا تكلم فيما يقع بين الناس من الغيبة والسعي في إطفاء إثارتها قوله قال قد كلمته ما دون أن أفتح بابا أي كلمته شيئا دون أن أفتح بابا من أبواب الفتن أي كلمته على سبيل المصلحة والأدب والسر دون أن يكون فيه تهييج للفتنة ونحوها وكلمة ما موصوفة قوله أكون أول من يفتحه وفي رواية الكشميهني أول من فتحه بصيغة الماضي قوله وأنت خير في رواية الكشميهني ائت خيرا بكسر الهمزة والتاء بصيغة الأمر من الإيتاء وخيرا بالنصب على المفعولية قوله يجاء برجل على صيغة المجهول وكذلك فيطرح قوله فيطحن على بناء المعلوم قوله كطحن الحمار وفي رواية الكشميهني كما يطحن قوله فيطيف به أهل النار أي يجتمعون حوله يقال أطاف به القوم إذا حلقوا حوله حلقة قوله أي فلان يعني

(24/203)


يا فلان فإن قلت ما مناسبة ذكر أسامة هذا الحديث هنا قلت ذكره ليتبرأ مما ظنوا به من سكوته عن عثمان في أخيه وقال قد كلمته سرا دون أن أفتح باب الإنكار على الأئمة علانية خشية أن تفترق الكلمة ثم عرفهم بأنه لا يداهن أحدا ولو كان أميرا بل ينصح له في السر جهده
18 -
( باب )
كذا وقع لفظ باب من غير ترجمة وسقط لابن بطال وقد ذكرنا غير مرة أن هذا كالفصل للكتاب ولا يعرب إلا إذا قلنا هذا باب لأن الإعراب لا يكون إلا في المركب
7099 - حدثنا ( عثمان بن الهيثم ) حدثنا ( عوف ) عن ( الحسن ) عن ( أبي بكرة ) قال لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل لما بلغ النبي أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
انظر الحديث 4425
مطابقته للكتاب من حيث إن أيام الجمل كانت فتنة شديدة ووقعتها مشهورة كانت بين علي وعائشة رضي الله تعالى عنهما وسميت وقعة الجمل لأن عائشة كانت على جمل
وعثمان بن الهيثم بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة وعوف هو الأعرابي والحسن هو البصري كلهم بصريون
والحديث مضى في المغازي
قوله لقد نفعني الله أخرج الترمذي والنسائي عن أبي بكرة بلفظ عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله قوله إن فارسا مصروف في النسخ وقال ابن مالك الصواب عدم الصرف وقال الكرماني يطلق على الفرس وعلى بلادهم فعلى الأولى يجب الصرف إلا أن يقال المراد القبيلة وعلى الثاني جاز الأمران قوله ابنه كسرى كسرى هذا شيرويه بن إبرويز بن هرمز وقال الكرماني كسرى بكسر الكاف وفتحها ابن قباذ بضم القاف وتخفيف الباء الموحدة واسم ابنته بوران بضم الباء الموحدة وبالراء والنون وكانت مدة ملكها سنة وستة أشهر قوله لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة قوم مرفوع لأنه فاعل لن يفلح وامرأة نصب على المفعولية وفي رواية حميد ولي أمرهم امرأة بالرفع لأنه فاعل ولي وأمرهم بالنصب على المفعولية واحتج به من منع قضاء المرأة وهو قول الجمهور وخالف الطبري فقال يجوز أن تقتضي فيما تقبل شهادتها فيه وأطلق بعض المالكية الجواز
7100 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا يحياى بن آدم حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا أبو حصين حدثنا أبو مريم عبد الله بن زياد الأسدي قال لما صار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعد المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه فسمعت عمارا يقول إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولاكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي
انظر الحديث 3772 وطرفه
هذا مطابق للحديث السابق من حيث المعنى فالمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء
وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي و ( يحيى بن آدم ) بن سليمان الكوفي صاحب الثوري و ( أبو بكر بن عياش ) بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة المقري و ( أبو حصين ) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين اسمه عثمان بن عاصم الأسدي وأبو مريم عبد الله بن زياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف الأسدي الكوفي وثقه العجلي والدارقطني وما له في البخاري إلا هذا الحديث

(24/204)


قوله لما سار طلحة هو ابن عبيد الله أحد العشرة والزبير هو ابن العوام أحد العشرة وعائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم وأصل ذلك أن عائشة كانت بمكة لما قتل عثمان ولما بلغها الخبر قامت في الناس تحضهم على القيام بطلب دم عثمان وطاوعوها على ذلك واتفق رأيهم في التوجه إلى البصرة ثم خرجوا في سنة ست وثلاثين في ألف من الفرسان من أهل مكة والمدينة وتلاحق بهم آخرون فصاروا إلى ثلاثين ألفا وكانت عائشة على جمل اسمه عسكر اشتراه يعلى بن أمية رجل من عرينة بمائتي دينار فدفعه إلى عائشة وكان علي رضي الله تعالى عنه بالمدينة ولما بلغه الخبر خرج في أربعة الآف فيهم أربعمائة ممن بايعوا تحت الشجرة وثمانمائة من الأنصار وهو الذي ذكره البخاري بعث علي عمار بن ياسر وابنه الحسن فقدما الكوفة فصعدا المنبر يعني عمارا والحسن صعدا منبر جامع الكوفة فكان الحسن بن علي فوق المنبر لأنه ابن الخليفة وابن بنت رسول الله صلى الله تعالى وآله وسلم قوله فسمعت عمارا القائل أبو مريم الراوي يقول سمعت عمارا يقول إن عائشة قد سارت إلى البصرة والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة أراد بذلك عمار رضي الله تعالى عنه أن الصواب مع علي وإن صدرت هذه الحركة عن عائشة فإنها بذلك لم تخرج عن الإسلام ولا عن كونها زوجة النبي في الجنة ولكن الله ابتلاكم ليعلم على صيغة المجهول أي ليميز قوله إياه الضمير يرجع إلى علي قوله أم هي أي أم تطيعون هي يعني عائشة ووقع في رواية ابن أبي شيبة من طريق بشر بن عطية عن عبد الله بن زياد قال قال عمار إن أمنا سارت مسيرها هذا وإنها والله زوج محمد في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلانا بها ليعلم إياه نطيع أو إياها انتهى إنما قال هي وكان المناسب أن يقول إياها لأن الضمائر يقوم بعضها مقام البعض والذي يفهم من كلام الشراح أن قوله ليعلم على بناء المعلوم فلذلك قال الكرماني فإن قلت إن الله تعالى عالم أبدا وأزلا وما هو كائن وسيكون قلت المراد به العلم الوقوعي أو تعلق العلم أو إطلاقه على سبيل المجاز عن التمييز لأن التمييز لازم للعلم انتهى ثم إن وقوع الحرب بين الطائفتين كان في النصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ولما تواثب الفريقان بعد استقرارهم في البصرة وقد كان مع علي نحو عشرين ألفا ومع عائشة نحو ثلاثين ألفا كانت الغلبة لعسكر علي وقال الزهري ما شوهدت وقعة مثلها فني فيها الكماة من فرسان مضر فهرب ابن الزبير فقتل بوادي السباع وجاء طلحة سهم غرب فحملوه إلى البصرة ومات وحكى سيف عن محمد وطلحة قالا كان قتلى الجمل عشرة آلاف نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة وقيل قتل من أصحاب عائشة ثمانية آلاف وقيل ثلاثة عشر ألفا ومن أصحاب علي ألف وقيل من أهل البصرة عشرة آلاف ومن أهل الكوفة خمسة آلاف وقيل سبعون شيخا من بني عدي كلهم قراء القرآن سوى الشباب
( باب )
للإسماعيلي وسقط في رواية الباقين لأن فيه الحديث الذي قبله وإن كان فيه زيادة في القصة
7101 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( ابن أبي غنية ) عن ( الحكم ) عن ( أبي وائل ) قام عمار على منبر الكوفة فذكر عائشة وذكر مسيرها وقال إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولاكنها مما ابتليتم
انظر الحديث 3772 وطرفه
أبو نعيم الفضل بن دكين وابن أبي غنية بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف وهو عبد الملك بن حميد الكوفي أصله من أصفهان وليس له في البخاري إلا هذا الحديث والحكم بفتحتين هو ابن عتيبة مصغر عتبة الدار وأبو وائل شقيق بن سلمة
قوله قام عمار على منبر الكوفة هذا طرف من الحديث الذي قبله وأراد البخاري بإيراده

(24/205)


تقوية حديث أبي مريم لكونه مما انفرد به أبو حصين ولكنها أي ولكن عائشة قوله مما ابتليتم على صيغة المجهول أي امتحنتم بها
7102 7103 7 - 1 - 0 - 4 - حدثنا ( بدل بن المحبر ) حدثنا ( شعبة ) أخبرني ( عمرو ) سمعت ( أبا وائل ) يقول دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار حيث بعثه علي إلى أهل الكوفة يستنفرهم فقالا ما رأيناك أتيت أمرا أكره عندنا من إسراعك في هاذا الأمر منذ أسلمت فقال عمار ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هاذا الأمر وكساهما حلة حلة ثم راحوا إلى المسجد
الحديث 7102 - طرفه في 7106 0الحديث 7103 - طرفه في 7105 0الحديث 7104 - طرفه في 7107
بدل بفتح الباء الموحدة والدال المهملة ابن المحبر بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وبالراء من التحبير اليربوعي البصري وقيل الواسطي وهو من أفراده وعمرو هو ابن مرة بضم الميم وتشديد الراء وأبو وائل شقيق بن سلمة وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس وأبو مسعود عقبة بضم العين المهملة وسكون القاف وبالباء الموحدة ابن عامر البدري الأنصاري
قوله حيث بعثه علي وفي رواية الكشميهني حين بعثه قوله يستنفرهم أي يطلب منهم الخروج لعلي على عائشة وفي رواية الإسماعيلي يستنفر أهل الكوفة على أهل البصرة قوله فقالا أي أبو موسى وأبو مسعود قوله ما رأيناك الخطاب لعمار وجعل كل منهم الإبطاء والإسراع عيبا بالنسبة لما يعتقده والباقي ظاهر قوله وكساهما أي كسى أبو مسعود والدليل على أن الذي كسى أبو مسعود ماصرح به في الرواية الآتية وإن كان الضمير المرفوع في كساهما هاهنا محتملا قوله وكان أبو مسعود موسرا جوادا وقال ابن بطال كان اجتماعهم عند أبي مسعود في يوم الجمعة فكسى عمارا حلة ليشهد بها الجمعة لأنه كان في ثياب السفر وهيئة الحرب فكره أن يشهد الجمعة في تلك الثياب وكره أن يكسوه بحضرة أبي موسى ولا يكسو أبا موسى فكسى أبا موسى أيضا والحلة اسم لثوبين من أي ثوب كان إزارا ورداء قوله ثم راحوا إلى المسجد أي ثم راح عمار وأبو موسى وعقبة إلى مسجد الجامع بالكوفة
7105 7106 7 - 1 - 0 - 7 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( شقيق بن سلمة ) قال ( كنت جالسا مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار ) فقال ( أبو مسعود ) ما من أصحابك أحد إلا لو شئت لقلت فيه غيرك وما رأيت منك شيئا منذ صحبت النبي أعيب عندي من استسراعك في هاذا الأمر قال عمار يا أبا مسعود وما رأيت منك ولا من صاحبك هاذا شيئا منذ صحبتما النبي أعيب عندي من إبطائكما في هاذا الأمر فقال أبو مسعود وكان موسرا يا غلام هات حلتين فأعطاى إحداهما أبا موسى والأخراى عمارا وقال روحا فيه إلى الجمعة
انظر الأحاديث 7102 و7103 و7104
عبدان لقب عبد الله بن عثمان وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون والأعمش سليمان وشقيق بن سلمة أبو وائل
قوله لقلت فيه أي لقدحت فيه بوجه من الوجوه قوله أعيب أفعل التفضيل من العيب وفيه رد على النحاة حيث قالوا أفعل التفضيل من الألوان والعيوب لا يستعمل من لفظه قال الكرماني الإبطاء فيه كيف يكون عيبا قلت لأنه تأخر عن مقتضى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون
19 -
( باب إذا أنزل الله بقوم عذابا )
أي هذا باب يذكر فيه إذا أنزل الله بقوم عذابا وجواب إذا محذوف اكتفى به بما ذكر في الحديث
7108 - حدثنا ( عبد الله بن عثمان ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( يونس ) عن ( الزهري ) أخبرني ( حمزة

(24/206)


بن عبد الله بن عمر ) أنه سمع ( ابن عمر ) رضي الله عنهما يقول قال رسول الله إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن عثمان هو عبدان المذكور فيما قبل الباب وعبد الله هو ابن المبارك المروزي ويونس هو ابن يزيد والزهري محمد بن مسلم وحمزة بن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب
والحديث أخرجه مسلم في صفة النار عن حرملة
قوله من كان فيهم كلمة من من صيغ العموم يعني يصيب الصالحين منهم أيضا لكن يبعثون يوم القيامة على حسب أعمالهم فيثاب الصالح بذلك لأنه كان تمحيصا له ويعاقب غيره
20 -
( باب قول النبي للحسن بن علي إن ابني هذا لسيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين )
أي هذا باب قول النبي الخ قوله لسيد اللام فيه للتأكيد وفي رواية المروزي والكشميهني سيد بغير لام
7109 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( إسرائيل أبو موسى ) ولقيته بالكوفة وجاء إلى ابن شبرمة فقال أدخلني على عيساى فأعظه فكأن ابن شبرمة خاف عليه فلم يفعل قال حدثنا الحسن قال لما سار الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية بالكتائب قال عمرو بن العاص لمعاوية أراى كتيبة لا تولي حتى تدبر أخراها قال معاوية من لذراري المسلمين فقال أنا فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمان بن سمرة نلقاه فنقول له الصلح
قال الحسن ولقد سمعت أبا بكرة قال بينا النبي يخطب جاء الحسن فقال النبي إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله بن المديني وسفيان هو ابن عيينة وإسرائيل هو ابن موسى وكنيته أبو موسى وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه وهو بصري كان يسافر في التجارة إلى الهند وأقام بها مدة
قيته بالكوفة قائل هذا سفيان والجملة حالية قوله وجاء ابن شبرمة هو عبد الله قاضي الكوفة في خلافة أبي جعفر المنصور ومات في زمنه سنة أربع وأربعين ومائة وكان صارما عفيفا ثقة فقيها قوله أدخلني على عيسى فأعظه عيسى هو ابن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ابن أخي المنصور وكان أميرا على الكوفة إذ ذاك و أعظه بفتح الهمزة وكسر العين المهملة وفتح الظاء المعجمة من الوعظ فكأن بالتشديد أي فكان ابن شبرمة خاف عليه أي على إسرائيل فلم يفعل أي فلم يدخله على عيسى بن موسى ولعل سبب خوفه عليه أنه كان ناطقا بالحق فخشي أن لا يتلطف بعيسى فيبطش به لما عنده من عزة الشباب وعزة الملك وفيه دلالة على أن من خاف على نفسه سقط عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوله بالكتائب جمع كتيبة على وزن عظيمة وهي طائفة من الجيش تجمع وهي فعيلة بمعنى مفعولة لأن أمير الجيش إذا رتبهم وجعل كل طائفة على حدة كتبهم في ديوانه قوله لا تولي بالتشديد أي لا تدبر أخراها أي الكتيبة التي لخصومهم قوله قال معاوية من لذراري المسلمين أي من يتكفل لهم حينئذ والذراري بالتشديد والتخفيف جمع ذرية قوله فقال عبد الله بن عامر بن كريز مصغر الكرز بالراء والزاي العبشمي وعبد الرحمان بن سمرة نلقاه أي نجتمع به ونقول له نحن نطلب الصلح وهذا ظاهره أنهما بدأ بذلك والذي تقدم في كتاب الصلح أن معاوية هو الذي بعثهما فيمكن الجمع بأنهما عرضا أنفسهما فوافقهما وآخر الأمر وقع

(24/207)


الصلح فقيل في سنة أربعين وقيل في سنة إحدى وأربعين والأصح أنه تم في هذه السنة ولهذا كان يقال له عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على معاوية
قوله قال الحسن أي البصري وهو موصول بالسند المتقدم قوله ولقد سمعت أبا بكرة هو نفيع بن الحارث الثقفي وفيه تصريح بسماع الحسن عن أبي بكرة قوله ابني هذا أطلق الابن على ابن البنت قوله ولعل الله استعمل لعل استعمال عسى لاشتراكهما في الرجاء والأشهر في خبر لعل بغير أن كقوله تعالى ياأيها النبى إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قوله فئتين زاد عبد الله بن محمد في روايته عظيمتين وحديث الحسن هذا قد مضى في كتاب الصلح بأتم منه
وفيه من الفوائد علم من أعلام النبوة ومنقبة للحسن بن علي لأنه ترك الخلافة لا لعلة ولا لذلة ولا لقلة بل لحقن دماء المسلمين وفيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد في الحياة وهما بدريان قاله ابن التين وفيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحا للمسلمين وجواز أخذ المال على ذلك وإعطائه بعد استيفاء شرائطه بأن يكون المنزول له أولى من النازل وأن يكون المبذول من مال الباذل
7110 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال قال ( عمرو ) أخبرني ( محمد بن علي ) أن حرملة مولى أسامة أخبره قال عمرو وقد رأيت حرملة قال أرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل له يقول لك لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ولاكن هذا أمر لم أره فلم يعطني شيئا فذهبت إلى حسن وحسين وابن جعفر فأوقروا إلي راحلتي
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله فذهبت إلى حسن وحسين إلى آخره فإن فيه دلالة على غاية كرم الحسن وسيادته لأن الكريم يصلح أن يكون سيدا
وأخرجه عن علي بن عبد الله بن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي جعفر الباقر عن حرملة مولى أسامة بن زيد
وفي هذا السند ثلاثة من التابعين في نسق عمرو وأبو جعفر وحرملة وهذا الحديث من أفراده
قوله أرسلني أسامة إلى علي أي من المدينة إلى علي وهو بالكوفة ولم يذكر مضمون الرسالة ولكن قوله فلم يعطني شيئا دل على أنه كان أرسله يسأل عليا شيئا من المال قوله وقال إنه أي وقال أسامة لحرملة إنه أي عليا سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك أي ما السبب في تخلفه عن مساعدتي قوله فقل له أي لعلي يقول لك أسامة لو كنت في شدقه الأسد لأحببت أن أكون معك فيه أي في شدق الأسد وهو بكسر الشين المعجمة ويجوز فتحها وسكون الدال المهملة وبالقاف وهو جانب الفم من داخل ولكل فم شدقان إليهما ينتهي شدقه الفم وهذا الكلام كناية عن الموافقة في حالة الموت لأن الذي يفترسه الأسد بحيث يجعله في شدقه في عداد من هلك قوله ولكن هذا أمر لم أره يعني قتال المسلمين وكان قد تخلف لأجل كراهته قتال المسلمين وسببه أنه لما قتل مرداسا وعاتبه النبي على ذلك قرر على نفسه أن لا يقاتل مسلما قوله فلم يعطني شيئا هذه الفاء فاء الفصيحة والتقدير فذهبت إلى علي رضي الله تعالى عنه فبلغته ذلك فلم يعطني شيئا قوله فأوقروا إلي راحلتي أي حملوا إلي على راحلتي ما أطاقت حمله ولم يعين جنس ما أعطوه ولا نوعه والراحلة الناقة التي صلحت للركوب من الإبل ذكرا كان أو أنثى وأكثر ما يطلق الوقر بكسر الواو على ما يحمل البغل والحمار وأما حمل البعير فيقال له الوسق
21 -
( باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه )
أي هذا باب يذكر فيه إذا قال أحد عند قوم شيئا ثم خرج من عندهم فقال بخلاف ما قاله وفي التوضيح معنى الترجمة إنما هو في خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية ورجوعهم عن بيعته وما قالوا له وقالوا بغير حضرته خلاف ما قالوا بحضرته
7111 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( نافع ) قال لما خلع أهل

(24/208)


المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده إني سمعت النبي يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة وإنا قد بايعنا هاذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هاذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه
مطابقته للترجمة من حيث إن في القول في الغيبة بخلاف ما في الحضور نوع غدر
وأيوب هو السختياني والحديث مضى في الجزية وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي الربيع
قوله حشمه أي خاصته الذين يغضبون له قوله لكل غادر من الغدر وهو ترك الوفاء بالعهد قوله لواء أي راية قوله وإنا قد بايعنا هذا الرجل أي يزيد قوله على بيع الله ورسوله أي على شرط ما أمر الله به من البيعة قوله من أن يبايع من المبايعة وأصله من البيعة وهي الصفقة من البيع وذلك أن من بايع سلطانه فقد أعطاه الطاعة وأخذ منه العطية فأشبهت البيع الذي فيه المعاوضة من أخذ وعطاء قوله ثم ينصب له القتال بفتح أوله وفي رواية مؤمل نصب له القتال قوله ولا أعلم أحدا منكم خلعه أي يزيد عن الخلافة ولم يبايعه فيها قوله ولا تابع بالتاء المثناة من فوق كذا قاله الكرماني قلت هذا قول الأكثرين وفي رواية الكشميهني ولا بايع بالباء الموحدة وبالياء آخر الحروف قوله إلا كانت الفيصل إنما أنث كانت باعتبار الخلعة والمتابعة ويروى إلا كان بالتذكير وهو الأصل والفيصل بفتح الصاد الحاجز والفارق والقطاع وقيل هو بمعنى القطع والياء فيه زائدة لأنه من الفصل وهو القطع يقال فصل الشيء قطعه
7112 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( أبو شهاب ) عن ( عوف ) عن ( أبي المنهال ) قال لما كان ابن زياد ومروان بالشأم ووثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل علية له من قصب فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس فأول شيء سمعته تكلم به إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطا على أحياء قريش إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد حتى بلغ بكم ما ترون وهاذه الدنيا التي أفسدت بينكم إن ذاك الذي بالشأم والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا
( الحديث 7112 - طرفه في 7271
مطابقته للترجمة من حيث إن الذي عليهم أبو برزة كانوا يظهرون أنهم يقاتلون لأجل القيام بأمر الدين ونصر الحق وكانوا في الباطن إنما يقاتلون لأجل الدنيا
وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله التميمي اليربوعي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وأبو شهاب هو عبد ربه بن نافع المدايني الحناط بالحاء المهملة والنون وهو أبو شهاب الأصغر وعوف بالفاء المشهور بالأعرابي وأبو المنهال بكسر الميم وسكون النون سيار بن سلامة
قوله لما كان ابن زياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف ابن أبي سفيان الأموي بالاستلحاق ومروان هو ابن الحكم بن أبي العاص ابن عم عثمان رضي الله تعالى عنه قوله وثب ابن الزبير الواو فيه للحال أي وثب على الخلافة عبد الله بن الزبير ظاهر الكلام أن وثوب ابن الزبير وقع بعد قيام ابن زياد ومروان بالشام وليس كذلك وإنما وقع في الكلام حذف وتحريره ما وقع عند الإسماعيلي من طريق يزيد بن زريع عن عوف قال حدثنا أبو المنهال قال لما كان زمن خروج ابن زياد يعنى من البصرة وثب مروان بالشام ووثب ابن الزبير بمكة ووثب الذين يدعون القراء بالبصرة غم أبي غما شديدا وتصحيح ما وقع في رواية ابن شهاب بأن يزاد

(24/209)


واو قبل قوله وثب ابن الزبير بأن ابن زياد لما أخرج من البصرة توجه إلى الشام فقام مع مروان قلت فلذلك وقع الواو في بعض النسخ قبل قوله وثب ابن الزبير ووقع في بعض النسخ بدون زيادة الواو فإن قلت ما جواب لما في قوله لما كان ابن زياد ومروان بالشام قلت على عدم زيادة الواو هو قوله وثب وعلى تقدير الواو يكون الجواب قوله فانطلقت مع أبي والفاء يدخل في جوابه كقوله تعالى وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بئاياتنآ إلا كل ختار كفور قوله ووثب القراء بالبصرة والقراء جمع قارىء وهم طائفة سموا أنفسهم توابين لتوبتهم وندامتهم على ترك مساعدة الحسين رضي الله تعالى عنه وكان أميرهم سليمان بن صرد بضم الصاد المهملة وفتح الراء الخزاعي كان فاضلا قارئا عابدا وكان دعواهم إنا نطلب دم الحسين ولا نريد الإثارة غلبوا على البصرة ونواحيها وهذا كله عند موت معاوية بن يزيد بن معاوية قوله فانطلقت مع أبي قائله أبو المنهال وأبو سلامة الرياحي قوله إلى أبي برزة بفتح الباء الموحدة وإسكان الراء وبالزاي واسمه نضلة بفتح النون وسكون الضاد المعجمة الأسلمي الصحابي غزا خراسان فمات بها قوله هو جالس الواو فيه للحال قوله في ظل علية بضم العين المهملة وكسرها وتشديد اللام والياء آخر الحروف وهي الغرفة ويجمع على علالي وأصل علية عليوة فأبدلت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء قوله فأنشأ أبي أي جعل أبي يستطعمه الحديث أي يستفتحه ويطلب منه التحديث قوله فقال يا با برزة فحذفت الألف للتخفيف قوله إني احتسبت عند الله أي تقربت إليه وفي رواية الكشميهني احتسب قيل معناه أنه يطلب بسخطه على الطوائف المذكورين من الله الأجر على ذلك لأن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان قوله ساخطا حال ويروى لائما قوله على أحياء قريش أي على قبائلهم قوله إنكم معشر العرب وفي رواية ابن المبارك العريب قوله كنتم على الحال الذي علمتم وفي رواية يزيد بن زريع على الحال التي كنتم عليها في جاهليتكم قوله حتى بلغ بكم ما ترون أي من العزة والكثرة والهداية قوله إن ذاك الذي بالشام يعني مروان بن الحكم والله إن يقاتل أي ما يقاتل إلا على الدنيا
وإن ذاك الذي بمكة والله إن يقاتل إلا على الدنيا وإن هاؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا
هذا أيضا من جملة كلام أبي برزة ولا يوجد إلا في بعض النسخ قوله وإن ذاك الذي بمكة أراد به عبد الله بن الزبير قوله وإن هؤلاء الذين بين أظهركم أراد بهم القراء توضحه رواية ابن المبارك إن الذين حولكم الذين يزعمون أنهم قراؤهم قوله إن بكسر الهمزة وسكون النون بعد قوله والله كلمة النفي
7113 - حدثنا ( آدم بن أبي إياس ) حدثنا ( شعبة ) عن ( واصل الأحدب ) عن ( أبي وائل ) عن ( حذيفة بن اليمان ) قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
مطابقته للترجمة من حيث إن جهرهم بالنفاق وشهر السلاح على الناس بخلاف ما بذلوه من الطاعة حين بايعوا أولا
وواصل هو ابن حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف الأسدي الكوفي يقال له بياع السابري بضم الباء الموحدة وأبو وائل هو شقيق بن سلمة
والحديث أخرجه النسائي في التفسير عن إسحاق بن إبراهيم
قوله على عهد النبي يتعلق بمقدر وهو نحو تاءين إذ لا يجوز أن يقال هو متعلق بالضمير القائم مقام المنافقين إذا الضمير لا يعمل قيل إنما كان شرا لأن سرهم لا يتعدى إلى غيرهم وقال ابن التين أراد أنهم أظهروا من السر ما لم يظهر أولئك فإنهم لم يصرحوا بالكفر وإنما هو التفث يلقونه بأفواههم فكانوا يعرفون به
7114 - حدثنا ( خلاد ) حدثنا ( مسعر ) عن ( حبيب بن أبي ثابت ) عن ( أبي الشعثاء ) عن ( حذيفة ) قال إنما كان النفاق على عهد النبي فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان

(24/210)


مطابقته للترجمة من حيث إن المنافق في هذا اليوم قال بكلمة الإسلام بعد أن ولد فيه وعلى فطرته ثم أظهر كفرا فصار مرتدا فدخل في الترجمة من جهة قوليه المختلفين
وخلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام وبالدال المهملة ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي سكن مكة ومسعر بكسر الميم وسكون السين المهملة ابن كدام الكوفي وحبيب ضد العدو واسم أبي ثابت قيس بن دينار الكوفي وأبو الشعثاء بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة وبالثاء المثلثة مؤنث الأشعث واسمه سليم مصغر سلم ابن أسود المحاربي قيل ليس في الكتب الستة لأبي الشعثاء عن حذيفة إلا هذا الحديث معنعنا
قوله إنما كان النفاق أي موجودا على عهد النبي قوله فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان كذا في رواية الأكثرين وفي رواية فإنما هو الكفر أو الإيمان وكذا حكى الحميدي في جمعه أنهما روايتان قوله إنما هو الكفر لأن المسلم إذا أبطن الكفر صار مرتدا هذا ظاهره لكن قيل غرضه أن التخلف عن بيعة الإمام جاهلية ولا جاهلية في الإسلام أو هو تفرق وقال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذالك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تهتدون وهو غير مستور اليوم فهو الكفر بعد الإيمان
22 -
( باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور )
أي هذا باب فيه لا تقوم الساعة حتى يغبط على صيغة المجهول الغبطة تمني مثل حال المغبوط من غير إرادة زوالها عنه بخلاف الحسد فإن الحاسد يتمنى زوال نعمة المحسود تقول غبطته أغبطه غبطا وغبطة وتغبيط أهل القبور تمني الموت عند ظهور الفتن إنما هو لخوف ذهاب الدين لغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر
7115 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن أبي أويس اسمه عبد الله وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن قتيبة قوله يا ليتني مكانه يعني يا ليتني كنت ميتا وقد مر الوجه في ذلك الآن وعن ابن مسعود قال سيأتي عليكم زمان لو وجد أحدكم فيه الموت يباع لاشتراه
23 -
( باب تغيير الزمان حتى يعبدوا الأوثان )
أي هذا باب في بيان تغيير الزمان عن حاله الأول قوله حتى يعبدوا الأوثان وسقوط النون فيه من غير جازم لغة ويروى حتى تعبد الأوثان وهو جمع وثن وهو كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب أو الحجارة كصورة الآدمي يعمل وينصب فيعبد والصنم الصورة بلا جثة ومنهم من لم يفرق بينهما
7116 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال قال ( سعيد بن المسيب ) أخبرني ( أبو هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن ذا الخلصة اسم صنم لدوس وعبادتهم إياها من تغيير الزمان
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والهري محمد بن مسلم والحديث من أفراده
قوله أخبرني أبو هريرة ويروى إن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول قوله حتى تضطرب أي يضرب بعضها بعضا وقال ابن التين فيه الإخبار بأن نساء دوس يركبن الدواب من البلدان إلى الصنم المذكور فهو المراد باضطراب ألياتهن والألياة بفتح الهمزة واللام جمع ألية وهي العجيزة وجمعها أعجاز وقال الكرماني معناه لا تقوم الساعة حتى تضطرب أي تتحرك أعجاز نسائهم من الطواف حول ذي الخلصة أي حتى يكفرن ويرجعن إلى عبادة الأصنام قوله طاغية دوس بفتح الدال قبيلة أبي هريرة

(24/211)


وذو الخلصة بفتح الخاء المعجمة وفتح اللام وقيل بسكونها وقيل بضمها وهو موضع ببلاد دوس كان فيه صنم يعبدونه اسمه الخلصة والطاغية الصنم ولفظ البخاري يشعر بأن ذا الخلصة هي الطاغية نفسها إلا أن يقال كلمة فيها أو كلمة هي محذوفة لكن تقدم في كتاب الجهاد في باب حرق الدور بأنه بيت في خثعم تسمى كعبة اليمانية
7117 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثني ( سليمان ) عن ( ثور ) عن ( أبي الغيث ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه
انظر الحديث 3517
مطابقته للترجمة من حيث إن سوق رجل من قحطان الناس بعصاه إنما يكون في تغيير الزمان وتبديل أحوال الإسلام لأن هذا الرجل ليس من رهط الشرف الذين جعل الله فيهم الخلافة ولا من فخذ النبوة وبهذا يرد على الإسماعيلي في قوله هذا ليس من ترجمة الباب في شيء
وسلميان هو ابن بلال وثور بلفظ الحيوان المشهور ابن زيد الديلمي وأبو الغيث بفتح الغين وسكون الياء آخر الحروف اسمه سالم والسند كلهم كوفيون
والحديث قد مضى في مناقب قريش وأخرجه مسلم في الفتن عن قتيبة به
قوله من قحطان هو قبيلة وهو أبو اليمن وقال الرشاطي قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح وقال القرطبي قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له ولم يرد نفس العصا وقيل إنه يسوقهم بعصاه حقيقة كما يساق الإبل والماشية لشدة عنفه على الناس
24 -
( باب خروج النار )
أي هذا باب في خروج النار من أرض الحجاز
وقال أنس قال النبي أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب
مطابقته للترجمة ظاهرة هذا التعليق وصله في إسلام عبد الله بن سلام من طريق حميد عن أنس ولفظه وأول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ووصله في أحاديث الأنبياء عليهم السلام من وجه آخر عن حميد والأشراط العلامات واحدها شرط بفتحتين وقال ابن التين يريد بقوله أول أشراط الساعة أنها تخرج من اليمن حتى تؤديهم إلى بيت المقدس فإن قلت جاء في حديث حذيفة بن أسيد لا تقوم الساعة حتى تكون عشر فعدها وعد في الأولى خروج الدجال وفي آخره وأخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم وفي التوضيح وقد جاء في حديث إن النار آخر أشراط الساعة قلت يجوز أن يقال لكل واحد أول لتقارب بعضه من بعض أو إن الأول أمر نسبي يطلق على ما بعده باعتبار الذي يليه
7118 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال ( سعيد بن المسيب ) أخبرني ( أبو هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله عن قريب ذكروا والحديث من أفراده
قوله قال سعيد بن المسيب وفي رواية أبي نعيم عن سعيد بن المسيب قوله نار من أرض الحجاز قال القرطبي في التذكرة خرجت نار بالحجاز بالمدينة وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة ترى في صور البلد العظيم عليها سور محيط بها عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن ويرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته

(24/212)


ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي فاجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم وانتهت النار إلى قرب المدينة ومع ذلك فكان يأتي ببركة النبي المدينة نسيم بارد وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها وقال بعض أصحابنا لقد رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام من المدينة وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى وقال النووي تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام وقال أبو شامة في ذيل الروضتين وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين فذكر هذا الحديث وفي بعض الكتب ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد وفي كتاب آخر سال منها واد مقداره أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال يجري على وجه الأرض يخرج منها مهاد وجبال صغار وفي كتاب آخر ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة قوله تضيء أعناق الإبل تضيء فعل وفاعل وأعناق الإبل مفعوله وتضيء يأتي لازما ومتعديا قوله ببصرى بضم الباء الموحدة وإسكان الصاد المهملة وبالراء مقصورا مدينة معروفة وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل
7119 - حدثنا ( عبد الله بن سعيد الكندي ) حدثنا ( عقبة بن خالد ) حدثنا ( عبيد الله ) عن ( خبيب بن عبد الرحمان ) عن جده ( حفص بن عاصم ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا
قال عقبة وحدثنا عبيد الله حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي مثله إلا أنه قال يحسر عن جبل من ذهب
مطابقته للترجمة من حيث إنه ذكر عقيب الحديث السابق وبنيهما مناسبة في كون كل منهما من أشراط الساعة والمناسب للشيء مناسب لذلك الشيء
وشيخه عبد الله بن سعيد هو أبو سعيد الأشج مشهور بكنيته وصفته وهو من الطبقة الوسطى الثالثة من شيوخ البخاري وعاش بعد البخاري سنة واحدة ومات سنة سبع وخمسين ومائتين وعقبة بالقاف ابن خالد الكوفي وعبد الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم المشهور بالعمري وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة ابن عبد الرحمان بن خبيب بن يساف الأنصاري
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن سهل بن عثمان عن عقبة وأخرجه أبو داود في الملاحم والترمذي في صفة الجنة جميعا عن أبي سعيد عن عبد الله بن سعيد بن الأشج به
قوله عن جده حفص بن عاصم أي ابن عمر بن الخطاب والضمير لعبيد الله بن عمر لا لشيخه قوله يوشك أي يقرب وهو بكسر الشين المعجمة قوله الفرات نهر مشهور بالتاء المجرورة وقيل يجوز أن يكتب بالهاء كالتابوت والتابوه والعنكبوت والعنكبوه قوله أن يحسر بفتح أوله وسكون الحاء المهملة وكسر السين المهملة وفتحها أي ينكشف عن الكنز لذهاب مائه وهو لازم ومتعد قوله فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا هذا يشعر بأن الأخذ منه ممكن بأن يكون دنانير أو قطعا أو تبرا ولكن وجه منع الأخذ لأنه مستعقب للبليات وهو آية من الآيات وقال ابن التين إنما نهى عن الأخذ منه لأنه للمسلمين فلا يؤخذ إلا بحقه واعترض عليه بأنه غير ظاهر وإنما النهي لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه وأخرج مسلم من حديث أبي بن كعب سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب فإذا سمع الناس ساروا إليه فيقتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون فإن قلت وقع عند ابن ماجه فيه فيقتل من كل عشرة تسعة قلت هذه رواية شاذة والمحفوظ رواية مسلم ويمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى طائفتين
قوله قال عقبة هو ابن

(24/213)


خالد المذكور وهو موصول بالسند المذكور حدثنا عبيد الله هو العمري المذكور وأشار بهذا إلى أن لعبيد الله المذكور إسنادين أحدهما فيه عن كنز من ذهب والآخر عن جبل من ذهب رواه عبيد الله عن أبي الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمان بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة
25 -
( باب )
أي هذا باب وهو كالفصل لما قبله ووقع بلا ترجمة عند جميع الرواة وسقط من شرح ابن بطال وذكر أحاديثه في الباب الذي قبله
7120 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا معبد سمعت حارثة بن وهب قال سمعت رسول الله يقول تصدقوا فسيأتي على الناس زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها
قال مسدد حارثة أخو عبيد الله بن عمر لأمه قاله أبو عبد الله
انظر الحديث 1411 وطرفه
لما كان هذا الباب المجرد كالفصل كانت أحاديثه ملحقة بالباب المترجم الذي قبله والمطابقة بينهما ظاهرة
و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان و ( معبد ) بفتح الميم وسكون العين وفتح الباء الموحدة ابن خالد بن العاص وحارثة بالحاء المهملة وبالثاء المثلثة ابن وهب الخزاعي يعد في الكوفيين
والحديث مضى في الزكاة عن علي وأخرجه مسلم فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره
قوله فلا يجد من يقبلها لكثرة الأموال وقلة الرغبات للعلم بقرب قيام الساعة وقصر الآمال
قوله أخو عبيد الله لأمه هي أم كلثوم بنت جرول بن مالك بن المسيب بن ربيعة بن أصرم الخزاعية ذكرها ابن سعد قال وكان الإسلام فرق بينها وبين عمر قوله قاله أبو عبد الله ليس بمذكور في أكثر النسخ وأبو عبد الله هو البخاري نفسه
7121 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( عبد الرحمان ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا اطلعت ورآها الناس يعني آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها
هذا الإسناد بهؤلاء الرجال قد تكرر جدا قربا وبعدا
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان وعبد الرحمان هو ابن هرمز الأعرج والحديث من أفراده
قوله فئتان عظيمتان قال الكرماني طائفتان علي ومعاوية وعن ابن منده أخرجه ابن عساكر في ترجمة معاوية من طريقه ثم من طريق أبي القاسم ابن أخي

(24/214)


أبي زرعة الرازي قال جاء رجل إلى عمي فقال له إني أبغض معاوية قال لم قال لأنه قاتل عليا بغير حق فقال له أبو زرعة رب معاوية رب رحيم وخصم معاوية خصم كريم فما دخولك بينهما وقيل الفئتان الخوارج وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قوله دعوتهما واحدة أي يدعيان الإسلام ويتأول كل منهما أنه محق قوله حتى يبعث أي حتى يظهر دجالون جمع دجال أي خلاطون بين الحق والباطل مموهون والفرق بينهم وبين الدجال الأكبر أنهم يدعون النبوة وهو يدعي الإلاهية لكنهم كلهم مشتركون في التمويه وادعاء الباطل العظيم وقد وجد كثير منهم فضحهم الله وأهلكهم قوله قريب مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي عددهم قريب قال الكرماني أو منصوب مكتوب بلا ألف على اللغة الربيعية وقد وقع في حديث ثوبان بالجزم أنهم ثلاثون وهو سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان وروى أبو يعلى من حديث عبد الله بن عمرو بين يدي الساعة ثلاثون دجالا كذابا وكذا رواه أحمد من حديث علي رضي الله عنه والطبراني من حديث ابن مسعود وروى أحمد والطبراني من حديث سمرة المصدر بالكسوف وفيه ولا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال وروى الطبراني من حديث عبد الله بن عمر ولا تقوم الساعة حتى يخرج سبعون كذابا وسنده ضعيف وكذا عن أبي يعلى من حديث أنس وهو أيضا ضعيف وهو وإن ثبت فمحمول على المبالغة في الكثرة لا على التحديد وروى أحمد بسند جيد عن حذيفة يكون في أمتي دجالون كذابون سبعة وعشرون منهم أربع نسوة وإني خاتم النبيين ولا نبي بعدي قوله وكلهم يزعم أنه رسول الله ظاهره يدل على أن كلا منهم يدعي النبوة وهذا هو السر في قوله ويقبض العلم يعني يقبض العلماء وقد تقدم في كتاب العلم من أشراط الساعة أن يرفع العلم وفي رواية أن يقل العلم قوله وتكثر الزلازل وقد استمرت الزلزلة في بلدة من بلاد الروم التي هي للمسلمين ثلاثة عشر شهرا قوله ويتقارب الزمان أي أهله بأن يكون كلهم جهالا ويحتمل الحمل على الحقيقة بأن يعتدل الليل والنهار دائما وذلك بأن تنطبق منطقة البروج على معدل النهار قوله حتى يكثر فيكم المال إشارة إلى ما وقع من الفتوح واقتسامهم أموال الفرس والروم في زمن الصحابة قوله فيفيض من الفيضان وهو أن يكثر حتى يسيل كالوادي وهذا إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز لأنه وقع في زمنه أن الرجل كان يعرض ماله للصدقة فلا يجد من يقبل صدقته قوله حتى يهم بضم الياء وكسر الهاء قال ابن بطال رب هو مفعول و من يقبل فاعله ويهمه أي يحزنه وقال النووي بضم الياء وكسر الهاء وبفتح الياء وضم الهاء وحينئذ يكون رب فاعلا أي يقصده قوله من يقبل قال الكرماني ظاهره أن يقال من لا يقبل قلت يريد به من شأنه أن يكون قابلا لها قوله لا أرب بفتحتين أي لا حاجة لي به وهذا إشارة إلى ما سيقع في زمن عيسى عليه السلام قوله به للمبالغة قوله لقحته بكسر اللام القريبة العهد بالولادة والناقة الحلوب قوله فلا يطعمه أي فلا يشربه قوله هو يليط يقال لاط ويليط إذ طينه وأصلحه وألصقه يقال لاط حبه بقلبي يليط ويلوط ليطا ولوطا ولياطة وقال الجوهري لطت الحوض بالطين ألواطه لوطا أي طينته وقال الهروي كل شيء لصق بشيء فقد لاط به يلوط لوطا ويليط أيضا قوله أكلته بضم الهمزة وهي اللقمة وبفتحها المرة الواحدة إلى فيه أي إلى فمه
26 -
( باب ذكر الدجال )
أي هذا باب في بيان ذكر الدجال وقد مضى الكلام فيه عن قريب
7122 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى حدثنا إسماعيل حدثني قيس قال قال لي المغيرة بن شعبة ما سأل أحد النبي عن الدجال ما سألته وإنه قال لي ما يضرك منه قلت لأنهم يقولون إن معه جبل خبز ونهر ماء قال هو أهون على الله من ذالك

(24/215)


مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) هو القطان و ( إسماعيل ) هو ابن أبي خالد
والحديث أخرجه مسلم في الفتن عن شهاب بن عباد وآخرين وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمد بن عبد الله بن نمير
قوله الدجال قال الكرماني هو شخص بعينه ابتلى الله عباده به وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعال من إحياء الميت واتباع كنوز الأرض وإمطار السماء وإنبات الأرض بأمره ثم يعجزه الله عز و جل بعد ذلك فلا يقدر على شيء من ذلك وهو يكون مدعيا للإلاهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله من انتقاصه بالعور وعجزه عن إزالته عن نفسه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه فإن قلت إظهار المعجزة على يد الكذاب ليس يمكن قلت إنه يدعي الإلاهية واستحالته ظاهرة فلا محذور فيه بخلاف مدعي النبوة فإنها ممكنة فلو أتى الكاذب فيها بمعجزة لالتبس النبي بالمتنبي وفائدة تمكينه من هذه الخوارق امتحان العباد قوله وإنه أي وإن النبي قال لي ما يضرك منه أي من الدجال قوله لأنهم أي لأن الناس ويروى أنهم وهو رواية المستملي قال الكرماني هو متعلق بمقدر يناسب المقام وقدر بعضهم الخشية منه مثلا وفيه تأمل قوله جبل وفي رواية مسلم معه جبال من خبز ولحم قوله ونهر بسكون الهاء وفتحها قوله هو أهون على الله من ذلك قال القاضي هو أهون على الله من أن يجعل ذلك سببا لضلال المؤمنين بل هو ليزداد الذين آمنوا إيمانا وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك
7123 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر أراه ) عن النبي قال أعور العين اليمناى كأنها عنبة طافية
مطابقته للترجمة ظاهرة ووهيب مصغر وهب ابن خالد وأيوب هو السختياني
قوله أراه بضم الهمزة القائل به هو البخاري وقد سقط قوله أراه إلى آخره في رواية المستملي وأبي زيد المروزي وأبي أحمد الجرجاني فصارت صورته موقوفة وبذلك جزم الإسماعيلي والحديث في الأصل مرفوع فقد أخرجه مسلم من رواية حماد بن زيد عن أيوب فقال فيه عن النبي قوله أعور العين اليمنى أي أعور عين الجهة اليمنى وفي رواية أبي ذر أعور عين اليمنى بلا ألف ولام قوله طافئة بالهمزة وهي التي ذهب نورها وبلا همزة الناتئة الشاخصة
7124 - حدثنا ( سعد بن حفص ) حدثنا ( شيبان ) عن يحياى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال النبي يجىء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعد بن حفص أبو محمد الطلحي الكوفي وشيبان هو أبو معاوية النحوي و ( يحيى ) هو ابن أبي كثير بالثاء المثلثة والحديث من أفراده
قوله حتى ينزل في ناحية المدينة ويأتي عن قريب بعد باب ينزل بعض السباخ التي تلي المدينة وفي رواية حماد بن سلمة عن إسحاق عن أنس فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه فيخرج إليه كل منافق ومنافقة والجرف بضم الجيم والراء وبالفاء مكان بطريق المدينة من جهة الشام على ميل وقيل ثلاثة أميال والرواق الفسطاط وفي رواية ابن ماجه من حديث أبي أمامة ينزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة قوله ثم ترجف المدينة ويروى فترجف المدينة وهو أوجه ومعناه تتحرك المدينة ويضطرب أهلها قوله فيخرج إليه أي إلى الدجال كل كافر ومنافق قلت الذي يظهر لي أن المراد بالكافر غلاة الروافض لأنهم كفرة وفي المدينة رفضة وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد والحاكم فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه
07125 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن جده عن ( أبي بكرة ) عن النبي قال لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ولها يومئذ

(24/216)


سبعة أبواب على كل باب ملكان
انظر الحديث 1879 وطرفه
7126 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( محمد بن بشر ) حدثنا ( مسعر ) حدثنا ( سعد بن إبراهيم ) عن أبيه عن ( أبي بكرة ) عن النبي قال لا يدخل المدينة رعب المسيح لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان
قال وقال ابن إسحاق عن صالح بن إبراهيم عن أبيه قال قدمت البصرة فقال لي أبو بكرة سمعت النبي بهاذا
انظر الحديث 1879 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني ومحمد بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة العبدي ومسعر بكسر الميم ابن كدام الكوفي وسعد بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف عن أبي بكرة نفيع الثقفي
والحديث مضى في الحج عن عبد العزيز بن عبد الله وهذا ثبت للمستملي وحده وسقط للكل غيره
قوله رعب بضم الراء والعين وبكسون الثاني وهو الفزع
قوله وقال ابن إسحاق أي محمد بن إسحاق صاحب المغازي روى عنه مسلم واستشهد به البخاري وصالح هو ابن كيسان وإبراهيم هو ابن عبد الرحمان بن عوف وهو أخو سعد بن إبراهيم وأراد بهذا التعليق ثبوت لقاء إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف لأبي بكرة لأن إبراهيم مدني وقد تستنكر روايته عن أبي بكرة لأنه نزل البصرة على عهد عمر رضي الله تعالى عنه إلى أن مات ووصل هذا التعليق الطبراني في الأوسط من رواية محمد بن سلمة الحراني عن محمد بن إسحاق بهذا السند قوله بهذا أي بالحديث المذكور
7127 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سالم بن عبد الله ) أن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما قال قام رسول الله في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذره قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه إنه أعور وإن الله ليس بأعور
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان وصالح هو ابن كيسان وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري وسالم هو ابن عبد الله يروي عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم
قوله وما من نبي إلا وقد أنذره قومه زاد في رواية معمر لقد أنذره نوح قومه وفي رواية أبي داود والترمذي لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال فإن قلت هذا مشكل لأن الأحاديث قد ثبتت أنه يخرج بعد أمور ذكرت وأن عيسى عليه السلام يقتله بعد أن ينزل من السماء فيحكم بالشريعة المحمدية قلت كان وقت خروجه أخفي عن نوح ومن بعده فكأنهم أنذروا به ولم يذكر لهم وقت خروجه فحذروا قومهم من فتنته قوله إنه أعور إنما اقتصر على هذا مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكن العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإلاه يتعالى عن النقص علم أنه كذاب
7128 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سالم ) عن ( عبد الله بن عمر ) أن رسول الله قال بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر ينطف أو يهراق رأسه ماء قلت من هذا قالوا ابن مريم ثم ذهبت ألتفت فإذا رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبة طافية قالوا هذا الدجال أقرب الناس به شبها ابن قطن رجل من خزاعة
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا قد مضى في كتاب التعبير في باب الطواف بالكعبة في المنام فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن سالم بن عبد الله إلى آخره ومضى الكلام فيه فليرجع إليه

(24/217)


لأن المسافة قريبة
7129 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة ) أن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد العزيز وإبراهيم وصالح وابن شهاب قد مروا الآن والحديث قد مضى في باب الدعاء قبل السلام قبيل كتاب الجمعة مطولا
7130 - حدثنا ( عبدان ) أخبرني أبي عن ( شعبة ) عن ( عبد الملك ) عن ( ربعي ) عن ( حذيفة ) عن النبي قال في الدجال إن معه ماء ونارا فناره ماء بارد وماؤه نار قال أبو مسعود أنا سمعته من رسول الله
انظر الحديث 3450
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان يروي عن أبيه عثمان بن جبلة بن أبي رواد بفتح الراء وتشديد الواو وعبد الملك هو ابن عمير وربعي بكسر الراء وسكون الباء الموحدة وكسر العين المهملة اسم بلفظ النسبة وهو ابن حراش بكسر الحاء المهملة وبالشين المعجمة وحذيفة هو ابن اليمان رضي الله تعالى عنه كذا ذكره شعبة مختصرا وقد تقدم في أول ذكر بني إسرائيل من طريق أبي عوانة عن عبد الملك عن ربعي إلى آخره
قوله قال في الدجال أي في شأنه وحكايته قوله فناره ماء قيل النار كيف تكون ماء وهما حقيقتان مختلفتان وأجيب بأن معناه ما صورته نعمة ورحمة فهو بالحقيقة لمن مال إليه نقمة ومحنة وبالعكس وأبو مسعود هو عقبة بن عمرو البدري الأنصاري
7131 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال قال النبي ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإن بين عينيه مكتوب كافر
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث أخرجه أيضا في التوحيد عن حفص بن عمر وأخرجه مسلم في الفتن عن أبي موسى وغيره وأخرجه الترمذي فيه عن بندار به
قوله ألا أنه أعور بفتح الهمزة واللام المخففة لأنه حرف التنبيه قوله وإن بين عينيه مكتوب كافر كذا في رواية الأكثرين ويروى مكتوبا كافرا قال بعضهم ولا إشكال فيه لأنه إما اسم إن وإما حال قلت نعم مكتوبا نصب على أنه اسم إن وأما قوله وإما حال فغير صحيح بل قوله كافرا عمل فيه مكتوبا وأما إعراب الأول فهو إن اسم إن محذوف ومكتوب كافر في موضع الخبر والتقدير وإنه أي وإن الدجال بين عينيه مكتوب كافر وكافر أما حروف هجائه هي المكتوبة غير مقطعة وأما المكتوب وفي رواية مسلم من رواية محمد بن جعفر عن شعبة مكتوب بين عينيه
فيه أبو هريرة وابن عباس عن النبي أي في هذا الباب يدخل أبو هريرة أي حديث أبي هريرة وابن عباس أما حديث أبي هريرة فقد تقدم في ترجمة نوح عليه السلام في أحاديث الأنبياء عليهم السلام من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال النبي ألا أحدثكم حديثا عن الدجال ما حدث به نبي قومه إنه أعور الحديث وأما حديث ابن عباس فهو ما تقدم في الملائكة من طريق أبي العالية عن ابن عباس في ذكر صفة موسى عليه السلام وذكر أنه رأى الدجال
27 -
( باب لا يدخل الدجال المدينة )

(24/218)


أي هذا باب فيه لا يدخل الدجال المدينة النبوية
7132 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ) أن ( أبا سعيد ) قال حدثنا رسول الله يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما يحدثنا به أنه قال يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس أو من خير الناس فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هاذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر فيقولون لا فيقتله ثم يحييه فيقول والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه
انظر الحديث 1882
مطابقته للترجمة في قوله وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة
وأبو اليمان الحكم بن نافع وأبو سعيد هو الخدري واسمه سعد بن مالك والحديث قد مضى في آخر الحج في باب من أبواب حرم المدينة فقال لا يدخل الدجال المدينة وذكر فيه أحاديث منها هذا الحديث بعينه
أخرجه عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله نقاب المدينة جمع نقب وهو الطريق بين الجبلين وقيل هو بقعة بعينها قوله فيخرج إليه رجل قيل هو الخضر عليه السلام قوله ما كنت فيك أشد بصيرة لأن رسول الله أخبر بأن ذلك من جملة علاماته قوله فلا يسلط عليه أي لا يقدر على قتله بأن لا يخلق القطع في السيف ويجعل بدنه كالنحاس مثلا أو غير ذلك
7133 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( نعيم بن عبد الله المجمر ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال
انظر الحديث 1880 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة ونعيم بضم النون وفتح العين المهملة مصغر نعم ابن عبد الله المجمر على صيغة اسم الفاعل من الإجمار بالجيم والراء هو صفة نعيم لا صفة عبد الله
والحديث قد مضى في الباب الذي ذكرناه في الحديث السابق
قوله على أنقاب المدينة الأنقاب جمع القلة والنقاب جمع الكثرة وقد مر الكلام في الباب المذكور
7134 - حدثنا يحيى بن موسى حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال قال ولا الطاعون إن شاء الله
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن موسى ) بن عبد ربه أبو زكريا السختياني البلخي يقال له خت
وحديث أنس مضى في الباب المذكور بأتم منه وليس فيه فلا يقربها إلى آخره
قوله يحرسونها أي يحفظونها وروى أحمد والحاكم من حديث محجن بن الأذرع لا يدخلها الدجال إن شاء الله كلما أراد دخولها تلقاه بكل نقب من نقابها ملك مصلت سيفه يمنعه عنها وقال ابن العربي يجمع بين هذا وبين قوله على كل نقب ملكان بأن سيف أحدهما مسلول والآخر بغلافه فلا يقربها أي الدجال قوله إن شاء الله قيل هذا الاستثناء محتمل للتعليق ومحتمل للتبرك وهو أولى وقيل إنه يتعلق بالطاعون وفيه نظر وحديث محجن المذكور الآن يؤيد أنه لكل منهما
28 -
( باب يأجوج ومأجوج )
أي هذا باب في ذكر يأجوج ومأجوج ومضى الكلام فيهما في ترجمة ذي القرنين من أحاديث الأنبياء عليهم السلام

(24/219)


7135 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وحدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( أخي ) عن ( سليمان ) عن ( محمد بن أبي عتيق ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة بن الزبير ) أن زينب ابنة أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب ابنة جحش أن رسول الله دخل عليها يوما فزعا يقول لا إلاه إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هاذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها قالت زينب ابنة جحش فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين أحدهما عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة والآخر عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عبد الحميد عن سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر
وهذا الحديث قد مضى في أوائل الفتن في باب ويل للعرب ومضى الكلام فيه مبسوطا
قوله فزعا أي خائفا مضطربا قيل قد تقدم في أول كتاب الفتن أنها قالت استيقظ النبي من النوم يقول لا إلاه إلا الله وأجيب بأنه لا منافاة لجواز تكرار ذلك القول وقال الكرماني وخصص العرب بالذكر لأن شرهم بالنسبة إليها أكثر ما وقع ببغداد من قتلهم الخليفة انتهى قلت لم تقتل الخليفة العرب وإنما قتله هولاكو من أولاد جنكيزخان والخليفة هو المستعصم بالله وكان قتله في سنة ست وخمسين وستمائة قوله من ردم هو السد الذي بناه ذو القرنين قوله أفنهلك بكسر اللام قوله الخبث بفتح الخاء المعجمة وهو الفسق وقيل هو الزنى خاصة
حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( ابن طاوس ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال يفتح الردم ردم يأجوج ومأجوج مثل هاذه وعقد وهيب تسعين
انظر الحديث 3347
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرجه عن موسى بن إسماعيل عن وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة
والحديث مضى في أحاديث الأنبياء عليهم السلام وعن مسلم بن إبراهيم وأخرجه مسلم في الفتن عن أبي بكر بن أبي شيبة
قوله وعقد وهيب تسعين قال الكرماني فإن قلت قال هاهنا عقد وهيب تسعين وفي أول الفتن عقد سفيان وفي الأنبياء في باب ذي القرنين وعقد أي رسول الله قلت لا مانع للجمع بأن عقد كلهم وأما عقده فهو تحليق الإبهام والمسبحة بوضع خاص يعرفه الحساب انتهى قلت قد شرحنا ذلك فيما مضى في الفتن فليرجع إليه والله أعلم
93 -
( كتاب الأحكام )
أي هذا كتاب في بيان الأحكام وهو جمع حكم وهو إسناد أمر إلى آخر إثباتا أو نفيا وفي اصطلاح الأصوليين خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير وأما خطاب السلطان للرعية وخطاب السيد لعبده فوجوب طاعته هو بحكم الله تعالى
1 -
( باب قول الله تعالى ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذالك خير وأحسن تأويلا )
لم يثبت لفظ باب إلا لأبي ذر ولا يوجد في كثير من النسخ والطعة هي الإتيان بالمأمور به والانتهاء عن المنهي عنه

(24/220)


والمعصية خلافه والمراد من قوله ياأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذالك خير وأحسن تأويلا الأمراء قاله أبو هريرة وقال الحسن العلماء وقال مجاهد الصحابة وقال زيد بن أسلم هم الولاة وقرأ ما قبلها إن الله يأمركم أن تؤدوا الاحمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا وقال بعضهم في هذا إشارة من المصنف إلى ترجيح القول الصائر إلى أن الآية نزلت في طاعة الأمراء خلافا لمن قال نزلت في العلماء قلت ليت شعري ما دليله على ما قاله لأن في هذا أقوالا كما ترى فترجيح قول منها يحتاج إلى دليل
7137 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( عبد الله ) عن ( يونس ) عن ( الزهري ) أخبرنا ( أبو سلمة بن عبد الرحمان ) أنه سمع ( أبا هريرة ) رضي الله عنه يقول إن رسول الله قال من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني
انظر الحديث 2957
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان وعبد الله هو ابن المبارك المروزي ويونس هو ابن يزيد والزهري هو محمد بن مسلم
والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن أبي الطاهر وحرملة
قوله من أطاعني فقد أطاع الله مأخوذ من قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فمآ أرسلناك عليهم حفيظا لأن الله أمر بطاعته فإذا أطاعه فقد أطاع الله قوله ومن أطاع أميري إلى آخره وفي رواية همام والأعرج وغيرهما ومن أطاع الأمير وقال ابن التين قيل كانت قريش ومن يليها من العرب لا يعرفون الإمارة فكانوا يمتنعون على الأمراء فقال هذا القول يحثهم على طاعة من يؤمر عليه والانقياد لهم إذا بعثهم في السرايا وإذا ولاهم البلاد فلا يخرجوا عليهم لئلا تفترق الكلمة
7138 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما أن رسول الله قال ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
مطابقته للترجمة من حيث إن الترجمة تدل على وجوب طاعة الأئمة وإقامة حقوقهم فكذلك هنا على وجوب أمر الرعية على الأئمة ففي هذا المقدار كفاية لوجه المطابقة
وإسماعيل هو ابن أبي أويس عبد الله
والحديث مضى في كتاب الجمعة في باب الجمعة في القرى والمدن مطولا ومضى الكلام فيه
قوله إلا بفتحتين وتخفيف اللام كلمة تنبيه وافتتاح قوله عن رعيته الرعية كل من شمله حفظ الراعي ونظره وأصل الرعاية حفظ الشيء وحسن التعهد فيه لكن تختلف فرعاية الإمام هي ولاية أمور الرعية وإقامة حقوقهم ورعاية المرأة حسن التعهد في أمر بيت زوجها ورعاية الخادم هو حفظ ما في يده والقيام بالخدمة ونحوها ومن لم يكن إماما ولا له أهل ولا سيد ولا أب وأمثال ذلك فرعايته على أصدقائه وأصحاب معاشرته وقال الطيبي شيخ شيخي في هذا الحديث إن الراعي ليس مطلوبا لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه فإنه أجمل أولا ثم فصل وأتى بحرف التنبيه مكررا قال والفاء في قوله ألا فكلكم جواب شرط محذوف وختم بما يشبه الفذلكة إشارة إلى استيفاء التفصيل
2 -
( باب الأمراء من قريش )
أي هذا باب مترجم بقوله الأمراء من قريش الأمراء مبتدأ أو من قريش خبره أي الأمراء كائنون من قريش وقال عياض نقل عن ابن أبي صفرة الأمر أمر قريش قال وهو تصحيف قلت وقع في نسخة لأبي ذر عن الكشميهني مثل ذلك لكن الأول هو المعروف قيل لفظ الترجمة لفظ حديث أخرجه يعقوب بن سفيان وأبو يعلى والطبراني من طريق مسكين

(24/221)


ابن عبد العزيز حدثنا سيار بن سلامة أبو المنهال قال دخلت مع أبي علي أبي برزة الأسلمي فذكر الحديث وفيه الأمراء من قريش وروي عن أنس بلفظ الأئمة من قريش ما إذا حكموا فعدلوا رواه البزار وروي عن أنس بطرق متعددة منها ما رواه الطبراني من رواية قتادة عنه بلفظ إن الملك في قريش وأخرجه أحمد بهذا اللفظ عن أبي هريرة
7139 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) قال كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا توثر عن رسول الله وأولائك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله يقول إن هاذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين
انظر الحديث 3500
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وشيخ البخاري واثنان بعده قد ذكروا عن قريب ومحمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عدي بن عبد مناف القرشي المدني مات بالمدينة زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنهما قاله الواقدي
والحديث مضى في مناقب قريش عن أبي اليمان أيضا
قوله وهو عنده أي والحال أن محمد بن جبير عند معاوية ويروى وهم عنده أي محمد بن جبير ومن كان معه من الوفد الذين كانوا معه أرسلهم أهل المدينة إلى معاوية ليبايعوه وذلك حين بويع له بالخلافة لما سلم له الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قوله إن عبد الله بن عمرو في محل الرفع لأنه فاعل بلغ ومعاوية بالنصب مفعوله وعمرو بالواو وهو ابن العاص قوله يحدث جملة في محل الرفع لأنها خبر إن قوله أنه أي أن الشان سيكون ملك من قحطان قد مر أن قحطان أبو اليمن قوله فغضب أي معاوية قال ابن بطال سبب إنكار معاوية أنه حمل حديث عبد الله بن عمرو على ظاهره وقد يكون معناه أن قحطانيا يخرج في ناحية من النواحي فلا يعارض حديث معاوية قوله أحاديث جمع حديث على غير قياس قال العزيزي إن واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعا للحديث والحديث الخبر الذي يأتي على قليل وكثير قوله ولا تؤثر على صيغة المجهول أي لا تنقل عن رسول الله ولا تروي قوله وأولئك جهالكم بضم الجيم وتشديد الهاء جمع جاهل قوله فإياكم والأماني أي احذروا الأماني بتشديد الياء وتخفيفها وهي جمع أمنية وأصله من منى يمنى إذا قدر وقال الجوهري فلان يتمنى الأحاديث أي يفتعلها مقلوب من المين وهو الكذب قوله التي تضل أهلها صفة للأماني وتضل بضم التاء المثناة من فوق وكسر الضاد المعجمة من الإضلال وروي بفتح أوله ورفع أهلها قوله إن هذا الأمر أي الخلافة قوله لا يعاديهم أحد أي لا ينازعهم أحد في الأمر إلا كبه الله في النار على وجهه يعني إلا كان مقهورا في الدنيا معذبا في الآخرة قوله كبه الله من الغرائب إذ أكب لازم و كب متعد عكس المشهور قوله ما أقاموا الدين أي مدة إقامتهم أمور الدين
قيل يحتمل أن يكون مفهومه فإذا لم يقيموه فلا يسمع لهم وقيل يحتمل أن لا يقام عليهم وإن كان لا يجوز إبقاؤهم على ذلك ذكرهما ابن التين وقال الكرماني هذا يعني ما رواه معاوية لا ينافي كلام عبد الله يعني ابن عمرو لا مكان ظهوره عند عدم إقامتهم الدين قلت غرضه أن لا اعتبار له إذ ليس في كتاب ولا في سنة فإن قلت مر في تغيير الزمان عن أبي هريرة أن رسول الله قال لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه قلت هذا رواية أبي هريرة وربما لم يبلغ معاوية وأما عبد الله فلم يرفعه انتهى قلت قد ذكرنا فيه ما فيه الكفاية في باب تغيير الزمان ثم قال الكرماني فإن قلت خلا زماننا عن خلافتهم قلت لم يخل إذ في الغرب خليفة منهم على ما قيل وكذا في مصر انتهى قلت لم يشتهر أصلا أن في الغرب خليفة من بني العباس ولكن كان فيه من الحفصيين من ذرية أبي حفص صاحب ابن

(24/222)


تومرت وقد انتسبوا إلى عمر بن الخطاب وهو قرشي وفي مصر موجود من بني العباس ولكن ليس بحاكم بل تحت حكم
تابعه نعيم عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير
أي تابع شعيبا في روايته عن الزهري عن محمد بن جبير نعيم بن حماد عن عبد الله بن المبارك عن معمر بن راشد عن الزهري عن محمد بن جبير إنما ذكر البخاري هذا تقوية لصحة رواية الزهري عن محمد بن جبير وقال صالح الحافظ الملقب بجزرة لم يقل أحد في روايته عن الزهري عن محمد بن جبير إلا ما وقع في رواية نعيم بن حماد الذي ذكره البخاري قال ولا أصل له من حديث ابن المبارك وكانت عادة الزهري إذا لم يسمع الحديث يقول كان فلان يحدث ورد عليه البيهقي بما أخرجه من طريق يعقوب بن سفيان عن حجاج بن أبي منيع الرصافي عن جده عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم وأخرجه الحسن بن رشيق في فوائده من طريق عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن محمد بن جبير
3 -
( باب أجر من قضى بالحكمة لقوله تعالى وليحكم أهل الإنجيل بمآ أنزل الله فيه ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الفاسقون )
أي هذا باب في بيان أجر من قضى بالحكمة وفي رواية أبي زيد المروزي باب من قضى بالحكمة بدون لفظ أجر أي من قضى بحكم الله تعالى ولهذا لو قضى بغير حكم الله فسق لقوله تعالى وليحكم أهل الإنجيل بمآ أنزل الله فيه ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الفاسقون واقتصر البخاري من الآية على ما ذكره ولم يذكر وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الظالمون ولا وكتبنا عليهم فيهآ أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الظالمون لأنه قيل إنما أنزل ذلك في اليهود والنصارى وقال النحاس وأحسن ما قيل فيه أنها كلها في الكفار ولا شك أن من رد حكما من أحكام الله تعالى فقد كفر وقيل الآية عامة في المسلمين والكفار
7141 - حدثنا ( شهاب بن عباد ) حدثنا ( إبراهيم بن حميد ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) عن ( عبد الله ) قال قال رسول الله لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها
مطابقته للترجمة في قوله أتاه الله حكمة فهو يقضي بها
وشهاب ابن عباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة العبدي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وإبراهيم بن حميد الرواسي بضم الراء وتخفيف الهمزة وبالسين المهملة وإسماعيل

(24/223)


بن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث مضى في العلم عن الحميدي عن سفيان بن عيينة وفي الزكاة عن محمد بن المثنى وسيأتي في الاعتصام أيضا عن شهاب المذكور ومضى الكلام فيه
قوله إلا في اثنتين أي خصلتين قوله رجل قال بعضهم رجل بالجر وسكت عليه ولم يبين وجهه وبينا وجهه في كتاب العلم ووجه الرفع والنصب أيضا قوله آتاه الله أي أعطاه الله قوله على هلكته بالمفتوحات أي على هلاكه قوله وآخر أي ورجل آخر قوله حكمة أي علما وافيا والمراد به علم الدين قاله الكرماني وقيل القرآن وبسطنا الكلام فيه في العلم
4 -
( باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية )
أي هذا باب في بيان وجوب السمع والطاعة للإمام وإنما قيده بالإمام وإن كان في أحاديث الباب الأمر بالطاعة لكل أمير ولو لم يكن إماما لأن طاعة الأمراء الذين تأمروا من جهة الإمام طاعة للإمام والطاعة للإمام بالأصالة ولمن أمره الإمام بالتبعية قوله ما لم تكن أي السمع والطاعة معصية لأنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق والأخبار الواردة بالسمع والطاعة للأئمة ما لم يكن خلافا لأمر الله تعالى ورسوله فإذا كان خلاف ذلك فغير جائز لأحد أن يطيع أحدا في معصية الله ومعصية رسوله وبنحو ذلك قالت عامة السلف
7142 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى عن شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة
انظر الحديث 693 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة واسمه يزيد من الزيادة ابن حميد الضبعي بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة وبالعين المهملة البصري
والحديث مر في الصلاة عن بندار وعن محمد بن أبان
قوله وإن استعمل على صيغة المجهول أي جعل عاملا بأن أمر إمارة عامة على بلد مثلا أو ولي فيها ولاية خاصة كالإمامة في الصلاة أو جباية الخراج أو مباشرة الحرب فقد كان في أيام الخلفاء الراشدين من تجمع له الأمور الثلاثة ومن يختص ببعضها قوله حبشي مرفوع بقوله وإن استعمل المجهول ويروى حبشيا بالنصب على أن يكون استعمل على بناء المعلوم والضمير فيه يرجع إلى الإمام بدلالة القرينة والحبشي بياء النسبة منسوب إلى الحبشة وهم جيل مشهور من السودان قوله زبيبة هي واحدة الزبيب المشهور وجه التشبيه في تجمع رأسه وسواد شعره وهو تمثيل في الحقارة وبشاعة الصورة على سبيل المبالغة وهذا في الأمراء والعمال دون الخلفاء لأن الحبشي لا يتولى الخلافة لأن الأئمة من قريش وقال الخطابي قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود وهذا من ذاك أطلق العبد الحبشي مبالغة في الأمر بالطاعة وإن كان لا يتصور شرعا أن يلي ذلك وقال الخطابي أيضا العرب لا يعرفون الإمارة فحضهم رسول الله على طاعتهم والانقياد لهم في المعروف إذا بعثهم في السرايا وإذا ولاهم البلدان لئلا تتفرق الكلمة
7142 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحيى عن شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة
انظر الحديث 693 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة واسمه يزيد من الزيادة ابن حميد الضبعي بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة وبالعين المهملة البصري
والحديث مر في الصلاة عن بندار وعن محمد بن أبان
قوله وإن استعمل على صيغة المجهول أي جعل عاملا بأن أمر إمارة عامة على بلد مثلا أو ولي فيها ولاية خاصة كالإمامة في الصلاة أو جباية الخراج أو مباشرة الحرب فقد كان في أيام الخلفاء الراشدين من تجمع له الأمور الثلاثة ومن يختص ببعضها قوله حبشي مرفوع بقوله وإن استعمل المجهول ويروى حبشيا بالنصب على أن يكون استعمل على بناء المعلوم والضمير فيه يرجع إلى الإمام بدلالة القرينة والحبشي بياء النسبة منسوب إلى الحبشة وهم جيل مشهور من السودان قوله زبيبة هي واحدة الزبيب المشهور وجه التشبيه في تجمع رأسه وسواد شعره وهو تمثيل في الحقارة وبشاعة الصورة على سبيل المبالغة وهذا في الأمراء والعمال دون الخلفاء لأن الحبشي لا يتولى الخلافة لأن الأئمة من قريش وقال الخطابي قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود وهذا من ذاك أطلق العبد الحبشي مبالغة في الأمر بالطاعة وإن كان لا يتصور شرعا أن يلي ذلك وقال الخطابي أيضا العرب لا يعرفون الإمارة فحضهم رسول الله على طاعتهم والانقياد لهم في المعروف إذا بعثهم في السرايا وإذا ولاهم البلدان لئلا تتفرق الكلمة
7143 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( الجعد ) عن ( أبي رجاء ) عن ( ابن عباس ) يرويه قال قال النبي من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية
انظر الحديث 7053 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فليصبر إلى آخره لأنه يدل على وجوب السمع والطاعة للأئمة
وحماد هو ابن زيد والجعد بفتح الجيم وسكون العين المهملة وبالدال المهملة ابن دينار الصيرفي وأبو رجاء ضد اليأس اسمه عمران العطاردي

(24/224)


والحديث مضى في الفتن عن أبي النعمان وأخرجه مسلم في المغازي عن حسن بن الربيع وغيره
يرويويه فائدته الإشعار بأن الرفع إلى النبي أعم من أن يكون بالواسطة أو بدونها قوله شبرا أي قدر شبر قوله فيموت بالنصب والرفع نحو ما تأتينا فتحدثنا قوله ميتة بكسر الميم أي كالميتة الجاهلية حيث لا إمام لهم ولا يراد به أن يكون كافرا وقد مر الكلام فيه عن قريب
7144 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى بن سعيد عن عبيد الله حدثني نافع عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة
انظر الحديث 2955
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى بن سعيد ) القطان و ( عبيد الله ) هو ابن عمر العمري و ( عبد الله ) هو ابن عمر
والحديث مضى في الجهاد عن مسدد أيضا وأخرجه مسلم في المغازي عن زهير بن حرب وغيره وأخرجه أبو داود في الجهاد عن مسدد
قوله على المرء المسلم أي ثابت عليه أو واجب قوله فيما أحب أو كره هكذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره فيما أحب وكره قوله فإذا أمر على صيغة المجهول قوله فلا سمع أي حينئذ ولا طاعة لما مر فيما مضى
7145 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( سعد بن عبيدة ) عن ( أبي عبد الرحمان ) عن ( علي ) رضي الله عنه قال بعث النبي سرية وأمر عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم وقال أليس قد أمر النبي أن تطيعوني قالوا بلاى قال عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها فجمعوا حطبا فأوقدوا فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم إنما تبعنا النبي فرارا من النار أفندخلها فبينما هم كذالك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر للنبي فقال لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف
انظر الحديث 4340 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة والأعمش سليمان وسعد بن عبيدة بضم العين وفتح الباء الموحدة أبو حمزة بالزاي ختن أبي عبد الرحمان الذي يروي عنه وأبو عبد الرحمان اسمه عبد الله بن حبيب السلمي ولأبيه صحبة وعلي هو ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
والحديث مر في المغازي في باب بعث النبي خالد بن الوليد فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن عبد الواحد عن الأعمش عن سعد بن عبيدة إلى آخره ومر الكلام فيه هناك مستوفى
قوله سرية هي قطعة من الجيش نحو ثلاثمائة أو أربعمائة قوله رجلا هو عبد الله بن حذافة السهمي قوله لما جمعتم بالتخفيف وجاء بالتشديد أي إلا جمعتم وجاء لما بمعنى كلمة إلا للاستثناء ومعناه ما أطلب منكم إلا جمعكم ذكره الزمخشري في المفصل قوله أفندخلها الهمزة فيه للاستفهام قوله خمدت بالخاء المعجمة وفتح الميم وقال ابن التين في بعض الروايات بكسر الميم ولا يعرف في اللغة قال ومعنى خمدت سكن لهيبها وإن لم يطفأ جمرها فإن طفى قيل همدت قوله لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا قال الداودي يريد تلك النار لأنهم يموتون بتحريقها فلا يخرجون منها أحياء وليس المراد بالنار نار جهنم ولا أنهم يخلدون فيها وقال الكرماني قوله لما خرجوا فإن قلت ما وجه الملازمة قلت الدخول فيها معصية فإذا استحلوها كفروا وهذا جزاء من جنس العمل قوله إنما الطاعة في المعروف يعني تجب الطاعة في المعروف لا في المعصية وقد مر
5 -
( باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله )

(24/225)


أي هذا باب في بيان حال من لم يسأل الإمارة قوله أعانه الله جواب من ويروى في بعض النسخ أعانه الله عليها
7146 - حدثنا ( حجاج بن منهال ) حدثنا ( جرير بن حازم ) عن ( الحسن ) عن ( عبد الرحمان بن سمرة ) قال قال النبي يا عبد الرحمان لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر يمينك وأت الذي هو خير
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة والحسن هو البصري
والحديث مضى في النذور عن أبي النعمان وفي الكفارات عن محمد بن عبد الله ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله وكلت على صيغة المجهول بالتخفيف ومعناه صرف إليها ومن وكل إلى نفسه هلك ومنه الدعاء ولا تكلني إلى نفسي ووكله بالتشديد استحفظه ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه وإن من حرص على ذلك لا يعان فإن قلت يعارضه في ذلك ما رواه أبو داود عن أبي هريرة رفعه من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره عدله فله النار قلت الجمع بينهما بأنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل إذا ولي أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية قوله وإذا حلفت إلى آخره تقدم في كتاب اليمين وفيه الكفارة قبل الإتيان وكذا في الحديث الذي يأتي بعده
6 -
( باب من سأل الإمارة وكل إليها )
أي هذا باب في بيان حال من سأل الإمارة قوله وكل على صيغة المجهول جواب من ومعناه لم يعن على ما أعطى
7147 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( يونس ) عن ( الحسن ) قال حدثني عبد الرحمان بن سمرة قال قال لي رسول الله يا عبد الرحمان بن سمرة لا تسأل الإمارة فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك
هذا طريق آخر في الحديث المذكور في الباب الذي قبله وهو حديث واحد غير أنه جعل له ترجمتين باعتبار اختلاف رواته وباعتبار قسمته على شطرين فجعل لكل شطر ترجمة
وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري وعبد الوارث بن سعيد ويونس بن يزيد والحسن البصري وهنا صرح الحسن بالتحديث عن ( عبد الرحمن بن سمرة )
7 -
( باب ما يكره من الحرص على الإمارة )
أي هذا باب في بيان كراهة الحرص على طلب الإمارة وتحصيلها لأن من حرص عليها وسولت له نفسه أنه قائم بها يخذل في أغلب الأحوال
7148 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( ابن أبي ذئب ) عن ( سعيد المقبري ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة

(24/226)


مطابقته للترجمة ظاهرة وابن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة محمد بن عبد الرحمان بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام المدني
والحديث أخرجه النسائي في الفضائل وفي البيعة وفي السير عن محمد بن آدم به
قوله إنكم ستحرصون بكسر الراء وفتحها ووقع في رواية شبابة عن ابن أبي ذئب ستعرضون بالعين وأشار إلى أنها خطأ وقال الجوهري الحرص الجشع ثم فسر الجشع بقوله الجشع أشد الحرص تقول منه جشع بالكسر قوله على الإمارة بكسر الهمزة ويدخل فيها الإمارة العظمى وهي الخلافة والصغرى وهي الولاية على البلدة قوله وستكون أي الإمارة ندامة يوم القيامة يعني لمن لم يعمل فيها بما ينبغي قوله فنعم المرضعة وبئست الفاطمة قال الكرماني نعم المرضعة أي نعم أولها وبئست الفاطمة أي بئس آخرها وذلك لأن معها المال والجاه واللذات الحسية والوهمية أولا لكن آخرها القتل والعزل ومطالبات التبعات في الآخرة وقال الداودي نعمت المرضعة في الدنيا وبئست الفاطمة أي بعد الموت لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك فيصير كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون ذلك هلاكه
اعلم أن نعم وبئس فعلان لا يتصرفان لأنهما أزيلا عن موضوعهما فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة وبئس منقول من بئس إذا أصاب بؤسا فنقلا إلى المدح والذم فشابها الحروف وقيل إنهما استعملا للحال بمعنى الماضي وفي نعم أربع لغات بفتح أوله وكسر ثانيه وكسرهما وسكون العين وكسر النون وفتحها وسكون العين تقول نعم المرأة هند وإن شئت نعمت المرأة هند وقال الطيبي إنما لم تلحق التاء بنعم لأن المرضعة مستعارة للإمارة وتأنيثها غير حقيقي فترك إلحاق التاء بها وألحقت بئس نظرا إلى كون الإمارة حينئذ داهية دهياء قال وإنما أتى بالتاء في الفاطمة والمرضعة إشارة إلى تصوير تينك الحالتين المتجددتين في الإرضاع والفطام
وقال محمد بن بشار حدثنا عبد الله بن حمران حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري عن عمر بن الحكم عن أبي هريرة قوله
محمد بن بشار بفتح الباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة وهو الذي يقال له بندار وعبد الله بن حمران بضم الحاء المهملة وسكون الميم وبعد الألف نون البصري صدوق وقال ابن حبان في الثقات مخطىء وماله في الصحيح إلا هذا الموضع وعبد الحميد بن جعفر المدني لم يخرج له البخاري إلا تعليقا وعمر بن الحكم بفتحتين ابن ثوبان المدني الثقة أخرج له البخاري في غير هذا الموضع تعليقا وهذا كما رأيت قد وقع بين سعيد المقبري وبين أبي هريرة بخلاف الطريقة السابقة قوله عن أبي هريرة قوله أي موقوفا عليه
7149 - حدثنا ( محمد بن العلاء ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى رضي الله عنه دخلت على النبي أنا ورجلان من قومي فقال أحد الرجلين أمرنا يا رسول الله وقال الآخر مثله فقال إنا لا نولي هاذا من سأله ولا من حرص عليه
مطابقته للترجمة في آخر الحديث
وأبو أسامة حماد بن أسامة ويريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة اسمه عامر اه والحارث وبريد يروي عن جده أبي بردة وأبو بردة يروي عن أبيه ( أبي موسى ) الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر وأبي كريب كلاهما عن أبي أسامة
قوله أمرنا بفتح الهمزة وتشديد الميم المكسورة وهو صيغة أمر من التأمير أرادوا لنا موضعا قوله حرص عليه بفتح الراء
8 -
( باب من استرعي رعية فلم ينصح )
أي هذا باب في بيان من استرعى على صيغة المجهول يعني جعل راعيا على رعية قال الكرماني استحفظ ولم ينصح

(24/227)


الرعية إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم وإما بإهمال حدودهم وحقوقهم أو ترك حماية حوزتهم أو ترك العدل فيهم وجواب من محذوف اكتفى عن ذكره بما في حديث الباب
7150 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( أبو الأشهب ) عن ( الحسن ) أن عبيد الله بن زياد عاد معقل ابن يسار في مرضه الذي مات فيه فقال له معقل إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله سمعت النبي يقول ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحية إلا لم يجد رائحة الجنة
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم الفضل بن دكين وأبو الأشهب جعفر بن حيان بالحاء المهملة والياء آخر الحروف المشددة العطاردي والحسن هو البصري وعبيد الله بن زياد بن أبي سفيان الذي كان أمير البصرة في زمن معاوية وولده يزيد ومعقل بفتح الميم وإسكان العين وكسر القاف ابن يسار ضد اليمين المزني بالزاي والنون سكن البصرة وابتنى بها دارا وإليه ينسب نهر معقل الذي بالبصرة شهد بيعة الحديبية وتوفي بالبصرة في آخر خلافة معاوية وقيل إنه توفي أيام يزيد بن معاوية
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن القاسم بن زكريا وعن يحيى بن يحيى
قوله استرعاه أي استحفظه قوله فلم يحطها بفتح الياء وضم الحاء وسكون الطاء المهملتين من الحياطة وهي الحفظ والتعهد أي لم يحفظها ولم يتعهد أمرها قوله بنصيحة كذا في رواية المستملي وفي رواية غيره بنصحه بضم النون وضم الصاد وبالضمير في آخره قوله إلا لم يجد رائحة الجنة وفي رواية مسلم إلا حرم الله عليه الجنة وفي رواية الطبراني من حديث عبد الله بن مغفل وعرفها يوجد يوم القيامة من مسيرة سبعين عاما ويروى بدون لفظ إلا وهو مشكل لأن مفهوم الحديث أنه يجدها وهو عكس المقصود قال الكرماني إن إلا مقدرة أي إلا لم يجد أو الخبر محذوف أي ما من عبد كذا إلا حرم الله عليه الجنة وقوله لم يجد استئناف كالمفسر له أو ما ليس للنفي جاز زيادة من للتأكيد عند بعض النحاة والكلام عند وجود إلا ظاهر
7151 - حدثنا ( إسحاق بن منصور ) أخبرنا ( حسين الجعفي ) قال ( زائدة ) ( ذكره ) عن ( هشام ) عن ( الحسن ) قال أتينا معقل بن يسار نعوده فدخل علينا عبيد الله فقال له معقل أحدثك حديثا سمعته من رسول الله فقال ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة
هذا طريق آخر في الحديث السابق أخرجه عن إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبي يعقوب المروزي عن حسين بن علي الجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء نسبة إلى جعف ابن سعد العشيرة من مذحج وقال الجوهري أبو قبيلة من اليمن والنسبة إليه كذلك
قوله قال زائدة أي ابن قدامة وفيه قال الثانية محذوف تقديره قال الحسين الجعفي قال زائدة ذكره أي الحديث الذي سيأتي هشام بن حسان عن الحسن البصري ووقع في رواية مسلم عن القاسم بن زكريا عن حسين الجعفي بالعنعنة في جميع السند قوله ما من وال وفي رواية أبي المليح ما من أمير بدل وال وقال فيه ثم لا يجد له بجيم ودال مشددة من الجد بالكسر ضد الهزل وقال فيه إلا لم يدخل معهم الجنة وقال ابن بطال هذا وعيد شديد على أئمة الجور ممن ضيع من استرعاه الله أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة ومعنى حرم الله عليه الجنة أي أنفذ الله عليه الوعيد ولم يرض عنه

(24/228)


المظلومين ونقل ابن التين عن الداودي نحوه قال ويحتمل أن يكون هذا في حق الكافر لأن المؤمن لا بد له من نصيحة قلت هذا احتمال بعيد جدا والتعليل بالكافر مردود لأن الكافر لا يدخل الجنة ولو كان ناصحا وقال الكرماني معنى حرم الله أي في أول الحال أو هو للتغليظ أو عند الاستحلال
9 -
( باب من شاق شق الله عليه )
أي هذا باب في بيان من شاق على الناس شق الله عليه لأن الجزاء من جنس العمل ومعنى شق الله عليه ثقل الله عليه يقال شققت عليه أي أدخلت عليه المشقة وأصل شاق شاقق لأنه من باب المفاعلة فأدغمت القاف في القاف هكذا رواية الأكثرين وفي رواية النسفي من شق
7152 - حدثنا ( إسحاق الواسطي ) حدثنا ( خالد ) عن ( الجريري ) عن ( طريف أبي تميمة ) قال شهدت صفوان وجندبا وأصحابه وهو يوصيهم فقالوا هل سمعت من رسول الله شيئا قال سمعته يقول من سمع سمع الله به يوم القيامة قال ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة فقالوا أوصنا فقال إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبا فليفعل ومن استطاع أن لا يحال بينه وبين الجنة بملء كفه من دم أهراقه فليفعل
قلت لأبي عبد الله من يقول سمعت رسول الله جندب قال نعم جندب
انظر الحديث 6499
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق شيخ البخاري هو إسحاق بن شاهين أبو بشر الواسطي روى عنه في مواضع ولم يزد على قوله حدثنا إسحاق الواسطي يروي هنا عن خالد بن عبد الله الطحان والجريري بضم الجيم وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن بكر بن وائل ومن المنسوبين إليه هو سعيد بن إياس الجريري وطريف بالطاء المهملة على وزن كريم ابن مجالد بضم الميم وتخفيف الجيم الجهيمي بالجيم مصغرا نسبة إلى بني جهيم بطن من تميم وكان مولاهم وهو بصري وماله في البخاري عن أحد من الصحابة إلا هذا الحديث وحديث آخر مضى في الأدب من روايته عن أبي عثمان النهدي قوله أبي تميمة كنية طريف
هو ابن محرز بن زياد التابعي الثقة المشهور من أهل البصرة قوله وجندبا هو ابن عبد الله البجلي الصحابي المشهور قوله وأصحابه أي أصحاب صفوان قوله وهو يوصيهم أي صفوان بن محرز يوصيهم كذا قاله بعضهم فجعل الضمير راجعا إلى صفوان وقال الكرماني وهو ابن جندب كان يوصي أصحابه فجعل الضمير راجعا إلى جندب والصواب مع الكرماني يدل عليه أيضا ما ذكره المزي في الأطراف بلفظ شهدت صفوان وأصحابه وجندبا يوصيهم قوله فقالوا أي فقال صفوان وأصحابه لجندب هل سمعت من رسول الله شيئا قال أي جندب سمعته أي سمعت النبي يقول من سمع بالتشديد أي من عمل للسمعة يظهر الله للناس سريرته ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه من خبث السرائر جزاء لفعله وقيل أي يسمعه الله ويريه ثوابه من غير أن يعطيه وقيل من أراد بعلمه الناس أسمعه الله الناس وذلك ثوابه فقط وفيه أن الجزاء من جنس الذنب وقال الخطابي من رأى بعمله وسمع الناس يعظموه بذلك شهره الله يوم القيامة وفضحه حتى يرى الناس ويسمعون ما يحل به من الفضيحة عقوبة على ما كان منه في الدنيا من الشهرة وقال الداودي يعني من سمع بمؤمن شيئا بشهرته أقامه الله يوم القيامة مقاما يسمع به وقال صاحب العين سمعت بالرجل إذا أذعت عنه عيبا والسمعة ما يسمع به من طعام أو غيره ليرى ويسمع وقال أبو عبيد في حديث الباب من سمع الله بعمله سمع الله به خلقه وحقره وصغره قوله ومن يشاقق يشقق الله عليه كذا في رواية السرخسي والمستملي بصيغة المضارع وفك القاف في الموضعين وفي رواية الكشميهني ومن شاق شق الله عليه

(24/229)


بصيغة الماضي والإدغام في الموضعين وفي رواية الطبراني عن أحمد بن زهير عن إسحاق بن شاهين شيخ البخاري ومن شاقق يشق الله عليه بصيغة الماضي في الأول والمضارع في الثاني والمعنى أن يضل الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر وقيل المعنى أن يكون ذلك من شقاق الخلاف وهو بأن يكون في شق منهم وفي ناحية من جماعتهم وقيل المعنى النهي عن القول القبيح في المؤمنين وكشف مساويهم وعيوبهم قوله فقال أي جندب إن أول ما ينتن من الإنسان بطنه وهذا موقوف وكذا أخرجه الطبراني من طريق قتادة عن الحسن البصري عن جندب موقوفا قوله ينتن بضم الياء وسكون النون من الإنتان وماضيه أنتن والنتن الرائحة الكريهة وقال الجوهري نتن الشيء وأنتن بمعنى فهو منتن ومنتن بكسر الميم اتباعا لكسرة التاء قوله إلا طيبا أي حلالا قوله أن لا يحال وفي رواية الكشميهني أن لايحول قوله بملء كفه وفي رواية الكشميهني ملء كفه بغير باء موحدة قوله كفه كذا في رواية الأصيلي وكريمة بالضمير وفي رواية غيرهما بملء كف بدون الضمير قوله من دم كلمة من بيانية قوله أهراقه أي صبه وقال ابن التين وقع في روايتنا إهراقه والأصل أراقه والهاء فيه زائدة قوله وأن لا يحال إلى آخره موقوف أيضا وكذا أخرجه الطبراني من طريق قتادة عن الحسن عن جندب موقوفا وزاد الحسن بعد قوله قوله أهراقه كأنما يذبح دجاجة كلما يقدم لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه ووقع مرفوعا عند الطبراني أيضا من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب ولفظه تعلمون أني سمعت رسول الله يقول يحول بين أحدكم وبين الجنة وهو يراها بملء كف دم من مسلم أهراقه بغير حله وهذا لو لم يرد مصرحا برفعه فكأنه في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي وهو وعيد شديد لقتل المسلم
قوله قلت لأبي عبد الله أبو عبد الله هو البخاري والقائل له هو الفربري وليس هذا في رواية النسفي
10 -
( باب القضاء والفتيا في الطريق )
أي هذا باب في بيان القضاء أي الحكم والفتيا بضم الفاء يقال استفتيت الفتيا فأفتاني والاسم الفتيا والفتوى قوله في الطريق أي حال كون القضاء والفتيا في الطريق وقال المهلب الفتوى في الطريق على الدابة وما يشاكلها من التواضع لله فإن كانت لضعيف أو جاهل فمحمودة عند الله والناس وإن تكلف ذلك لرجل من أهل الدنيا ولمن يخشى لسانه فمكروه أن ينزل مكانه واختلف أصحاب مالك في القضاء سائرا أو ماشيا فقال أشهب لا بأس بذلك إذا لم يشغله السير أو المشي عن الفهم وقال سحنون لا ينبغي أن يقضي وهو يسير أو يمشي وقال ابن حبيب ما كان من ذلك يسيرا كالذي يأمر بسجن من وجب عليه أو يأمر بشيء أو يكف عن شيء فلا بأس بذلك وأما الابتداء بالنظر ونحوه فلا وقال ابن بطال وهو حسن وقول أشهب أشبه بالدليل وقال ابن التين لا يجوز الحكم في الطريق فيما يكون غامضا
وقضى يحياى بن يعمر في الطريق
يعمر بفتح الياء آخر الحروف وسكون العين المهملة وفتح الميم وبالراء التابعي الجليل المشهور وكان من أهل البصرة فانتقل إلى مرو بأمر الحجاج فولي قضاء مرو لقتيبة بن مسلم وكان من أهل الفصاحة والورع وقال الحكم وقضى في أكثر مدن خراسان وكان إذا تحول إلى بلدة استخلف في التي انتقل منها وفي التوضيح يحيى بن يعمر قضى في الطريق لعله فيما كان فيه نص أو مسألة لا تحتاج إلى فكر دون ما غامض قوله في الطريق أي حال كونه في الطريق ووصل هذا محمد بن سعد في الطبقات عن شبابة عن موسى بن يسار قال رأيت يحيى بن يعمر على القضاء بمرو فربما رأيته يقضي في السوق وفي الطريق وربما جاءه الخصمان وهو على حمار فيقضي بينهما
وقضى الشعبي على باب داره

(24/230)


الشعبي هو عامر بن شراحيل بن عبد الله أبو عمر ونسبته إلى شعب من همدان مات في أول سنة ست ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنة وقال منصور بن عبد الرحمان الفداني عن الشعبي أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله يقولون علي وطلحة والزبير في الجنة وروى عنه جماعة كثيرون منهم الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه قوله على باب داره أي حال كونه على باب داره وقال ابن سعد في الطبقات أخبرنا أبو نعيم أخبرنا ابن أبي شيبة حدثنا أبو إسرائيل رأيت الشعبي يقضي عند باب الفيل بالكوفة
7153 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( سالم بن أبي الجعد ) حدثنا ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه بينما أنا والنبي خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال يا رسول الله متى الساعة قال النبي ما أعددت لها فكأن الرجل استكان ثم قال يا رسول الله ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة ولاكني أحب الله ورسوله قال أنت مع من أحببت
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله عند سدة المسجد لأن السدة في قوله هي الساحة أمام البيت وقيل هي باب الدار وقيل هي المظلة على الباب لوقاية المطر والشمس وقيل عتبة الدار وقيل لإسماعيل بن عبد الرحمان السدي لأنه كان يبيع المقانع عند سدة مسجد الكوفة وهي بضم السين وتشديد الدال المهملتين
وعثمان شيخ البخاري أخو أبي بكر بن أبي شيبة وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وسالم بن أبي الجعد بفتح الجيم وسكون العين المهملة واسم أبي الجعد رافع الأشجعي مولاهم الكوفي مات في سنة تسع أو ثمان وتسعين في ولاية سليمان بن عبد الملك
والحديث مضى في الأدب عن عبدان عن أبيه ومضى الكلام فيه
قوله ما أعددت لها كذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره ما عددت بالتشديد مثل أي ما هيأت للساعة واستعددت لها قوله استكان أي خضع وهو من باب استفعل من السكون الدال على الخضوع وقال الداودي أي سكن وقال الكرماني استكان افتعل من السكون فالمد شاذ وقيل استفعل من السكون فالمد قياس قوله كثير صيام بالثاء المثلثة عند البعض وعند الأكثرين بالباء الموحدة
11 -
( باب ما ذكر أن النبي لم يكن له بواب )
أي هذا باب في بيان ما ذكر أن النبي لم يكن له بواب ليمنع الناس وقال المهلب لم يكن للنبي بواب راتب فإن قلت قد تقدم أن أبا موسى كان بوابا للنبي لما جلس على القف قلت الجمع بينهما أنه إذا لم يكن في شغل من أهله ولا انفرد لشيء من أمره أنه كان يرفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالب الحاجة إليه وقد تقدم في النكاح أنه كان في وقت خلوته يتخذ بوابا
7154 - حدثنا ( إسحاق ) أخبرنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( ثابت البناني ) عن ( أنس بن مالك ) يقول لامرأة من أهله تعرفين فلانة قالت نعم قال فإن النبي مر بها وهي تبكي عند قبر فقال اتقي الله واصبري فقالت إليك عني فإنك خلو من مصيبتي قال فجاوزها ومضى فمر بها رجل فقال ما قال لك رسول الله قالت ما عرفته قال إنه لرسول الله قال فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا فقالت يا رسول الله والله ما عرفتك فقال النبي الصبر عند أول صدمة

(24/231)


مطابقته للترجمة في قوله فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا
وإسحاق شيخ البخاري هو ابن منصور وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث
والحديث مضى في الجنائز عن آدم بن أبي إياس وعن بندار عن غندر ومضى الكلام فيه
قوله عند قبر وكان قبر ابنها قوله وهي تبكي الواو فيه للحال قوله فلانة غير منصرف كناية عن أعلام إناث الأناسي قوله إليك عني أي تنح عني وكف نفسك عني قوله خلو بكسر الخاء المعجمة وهو الخالي قوله فمر بها رجل هو الفضل بن عباس قوله الصبر ويروى إن الصبر قوله عند أول صدمة وفي رواية الكشميهني عند الصدمة الأولى أي عند فورة المصيبة وشدتها والصدم ضرب الشيء الصلب بمثله والصدمة المرة منه
واختلف في مشروعية الحاجب للحاكم فقال الشافعي وجماعة ينبغي للحاكم أن لا يتخذ حاجبا وذهب آخرون إلى جوازه وقال آخرون بل يستحب ذلك لترتيب الخصوم ومنع المستطيل ودفع الشرير ونقل ابن التين عن الداودي قال الذي أحدثه بعض القضاة من شدة الحجاب وإدخال بطائق الخصوم لم يكن من فعل السلف ولن يأتي آخر هذه الأمة بأفضل ما أتى به أولها وهذا من التكبر وكان عمر رضي الله تعالى عنه يرقد في الأفنية نهارا
12 -
( باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه )
أي هذا باب مترجم بقوله الحاكم إلى آخره فقوله الحاكم مرفوع على الابتداء وقوله يحكم بالقتل خبره وليس لفظ الباب مضافا إلى الحاكم واختلف العلماء في هذا الباب فقال ابن القاسم في المجموعة لا يقيم الحدود في القتل ولاة المياه ليجلب إلى الأمصار ولا يقام القتل بمصر كلها إلا بالفسطاط أو يكتب إلى والي الفسطاط بذلك وقال أشهب من ولاه الأمير وجعله واليا على بعض المياه وجعل ذلك إليه فليقم الحد في القتل والقطع وغير ذلك وإن لم يجعله إليه فلا يقيمه وذكر الطحاوي عن أصحابنا الكوفيين قال لا يقيم الحدود إلا أمراء الأمصار وحكامها ولا يقيمها عامل السواد ونحوه وقال الشافعي إذا كان الوالي عدلا يضع الصدقة مواضعها فله عقوبة من غل الصدقة وإن لم يكن عدلا فله أن يعزره
7155 - حدثنا ( محمد بن خالد الذهلي ) حدثنا ( الأنصاري محمد ) حدثنا أبي عن ( ثمامة ) عن ( أنس ) أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي بمنزلة صاحب الشرط من الأمير
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث لأن قيس بن سعد لما قدم رسول الله كان في تعديته وينفذ في أموره ويدخل في الترجمة وإن كان لا يخلي عن النظر
ومحمد بن خالد هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي وقد ذكرنا غير مرة عن الكلاباذي وغيره أخرج عن محمد هذا فلم يصرح به فتارة يقول حدثنا محمد وتارة محمد بن عبد الله فينسبه إلى جده وتارة محمد بن خالد فينسبه إلى جد أبيه وقد ذكر السبب فيه والأنصاري هو محمد بن عبد الله الأنصاري ووقع هكذا في رواية الأكثرين ووقع في رواية أبي زيد المروزي حدثنا الأنصاري محمد فقدم النسبة على الاسم ولم يسم أباه وأبوه عبد الله بن المثنى عن عبد الله بن أنس وثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم هو عم أبيه وهو ابن عبد الله بن أنس بن مالك وقد أخرج البخاري عن الأنصاري بلا واسطة عدة أحاديث في الزكاة والقصاص وغيرهما وروى عنه بواسطة في عدة مواضع في الاستسقاء وفي بدء الخلق وفي شهود الملائكة بدرا وغيرها
قوله أن قيس بن سعد زاد في رواية المروزي ابن عبادة وهو الأنصاري الخزرجي الذي كان والده رئيس الخزرج قوله كان يكون بين يدي النبي وقال الكرماني فائدة تكرار الكون بيان الاستمرار والدوام وقال بعضهم بعد أن نقل هذا الكلام عن الكرماني قد وقع في رواية الترمذي وابن حبان والإسماعيلي وأبي نعيم وغيرهم من طرق عن الأنصاري بلفظ كان قيس بن سعد بين يدي النبي قال فظهر أن ذلك من تصرف الرواة انتهى قلت غرضه الغمز على الكرماني لأن ما قاله الكرماني أولى وأحسن من نسبة هذا إلى تصرف الرواة وليس للرواة إلا نقل ما حفظوه من الأحاديث وليس لهم أن يتصرفوا فيها من عند أنفسهم وفي رواية الترمذي ومن ذكر معه بلفظ كان قيس بن سعد لا يستلزم نفي رواية كان يكون

(24/232)


وكل منهم لا يروي إلا ما حفظه قوله صاحب الشرط بضم الشين المعجمة وفتح الراء جمع شرطة وهم أول الجيش سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات والأشراط الأعلام وصاحب الشرط معناه العلامات يعرف بها الواحد شرطة والنسبة إليها شرطي بضمتين وقد تفتح الراء وقيل المراد بصاحب الشرطة كبيرهم وقال الأزهري شرطة كل شيء خياره ومنه الشرطة لأنهم نخبة الجند وقيل سموا بذلك لأنهم أعدوا أنفسهم لذلك يقال أشرط فلان نفسه لأمر كذا إذا أعدها قاله أبو عبيدة وقيل مأخوذ من الشريط وهو الحبل المبرم لما فيهم من الشدة
وفي الحديث تشبيه ما مضى بما حدث بعده لأن صاحب الشرطة لم يكن موجودا في العهد النبوي عند أحد من العمال وإنما حدث في دولة بني أمية فأراد أنس بن مالك تقريب حال قيس بن سعد عند السامعين فشبهه بما يعهدونه
7156 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن قرة حدثني حميد بن هلال حدثنا أبو بردة عن أبي موسى أن النبي بعثه وأتبعه بمعاذ
مطابقته للترجمة من حيث إن هذا الحديث قطعة من الحديث الذي أخرجه مطولا في كتاب استتبابة المرتدين بهذا الإسناد بعينه عن مسدد عن ( يحيى ) القطان عن ( قرة ) بن خالد السدوسي عن ( حميد بن هلال ) عن أبي بردة بضم الباء الموحدة عامر أو الحارث عن ( أبي موسى ) الأشعري عبد الله بن قيس وفيه قتل معاذ المرتد دون أن يرفع أمره إلى رسول الله وبه احتج من رأى أن للحاكم والوالي إقامة الحدود دون الإمام الذي فوقه
قوله بعثه أي أرسله إلى اليمن قاضيه ثم أتبعه بمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه
7157 - حدثني ( عبد الله بن الصباح ) حدثنا ( محبوب بن الحسن ) حدثنا ( خالد ) عن ( حميد بن هلال ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى أن رجلا أسلم ثم تهود فأتى معاذ بن جبل وهو عند ( أبي موسى ) فقال ما لهاذا قال أسلم ثم تهود قال لا أجلس حتى أقتله قضاء الله ورسوله
مطابقته للترجمة مثل ما ذكرناه في الحديث السابق على أنه أيضا أخرجه من طريق آخر عن عبد الله بن الصباح بتشديد الباء الموحدة العطاردي البصري عن محبوب ضد المبغوض ابن الحسن القرشي البصري ويقال اسمه محمد ومحبوب لقب له وهو به أشهر وهو مختلف في الاحتجاج به وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وهو في حكم المتابعة لأنه قد تقدم في استتابة المرتدين من وجه آخر عن حميد بن هلال وخالد الذي روى عنه محبوب هو الحذاء
13 -
( باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان )
أي هذا باب في بيان هل يقضي الحاكم هكذا رواية الكشميهني وفي رواية غيره هل يقضي القاضي وجواب الاستفهام محذوف يوضحه حديث الباب
7158 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( شعبة ) حدثنا ( عبد الملك بن عمير ) سمعت ( عبد الرحمان بن أبي بكرة ) قال كتب أبو بكرة إلى ابنه وكان بسجستان بأن لا تقضي بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت النبي يقول لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة وأبو بكرة اسمه نفيع بن الحارث الثقفي
والحديث أخرجه مسلم في الأحكام أيضا عن قتيبة وغيره وأخرجه ابن ماجه في الأحكام عن هشام بن عمار وغيره
قوله كتب أبو بكرة إلى ابنه وفي رواية الترمذي عن عبد الرحمان بن أبي بكرة قال كتب أبي إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهذا يفسر رواية البخاري

(24/233)


المبهمة وكذا وقع في أطراف المزي إلى ابنه عبيد الله ووقع في رواية مسلم عن عبد الرحمان قال كتب أبي وكتبت إلى عبيد الله بن أبي بكرة قيل معناه كتب أبو بكرة بنفسه مرة وأمر ولده عبد الرحمان أن يكتب لأخيه فكتب له مرة أخرى انتهى وقال بعضهم ولا يتعين ذلك بل الذي يظهر أن قوله كتب أبي أي أمر بالكتابة وقوله وكتبت له أي باشرت الكتابة التي أمر بها والأصل عدم التعدد انتهى قلت الأصل عدم التعدد والأصل عدم ارتكاب المجاز والعدول عن ظاهر الكلام لا لعلة وما المانع من التعدد قوله وكان بسجستان وفي رواية مسلم وهو قاضي بسجستان وهي جملة حالية وهي في الأصل اسم إقليم من الأقاليم العراقية وهو إقليم عظيم واسم قصبته زرنج بفتح الزاي والراء وسكون النون وبالجيم وهي مدينة كبيرة من سجستان وقال ابن حوقل وقد يطلق على زرنج نفسها سجستان قلت اسم سجستان أنسي هذا اليوم وأطلق اسم الإقليم على المدينة وهي بين خراسان ومكران والسند وبين كرمان بينهما وبين كرمان مائة فرسخ منها أربعون فرسخا مفازة ليس فيها ماء والنسبة إليها سجستاني وسجزي بزاي بدل السين الثانية والتاء وهو على غير قياس قوله غضبان الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وروى الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه قوله حكم بفتحتين هو الحاكم وقال المهلب سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز إلى غير الحق فمنع وبذلك قال فقهاء الأمصار وقال الغزالي فهم من هذا الحديث أنه لا يقضي حاقنا أو جائعا أو متألما بمرض وقال الرافعي وكذلك لا يقضي بكل حال يسوء خلقه فيها ويتغير عقله فيها بجوع وشبع مفرط ومرض مؤلم وخوف مزعج وحزن وفرح شديدين وكغلبة نعاس وملال وكذا لو حضره طعام ونفسه تتوق إليه قال والمقصود أن يتمكن من استيفاء الفكر والنظر فإن قلت هل هذا النهي نهي تحريم أو كراهة قلت نهي تحريم عند أهل الظاهر وحمله العلماء على الكراهة حتى لو حكم في حال غضبه بالحق نفذ حكمه وهو مذهب الجمهور فإن قلت قد صح عنه أنه قد حكم في حالة غضبه كحكمه للزبير في شراج الحرة حين قال له الأنصاري إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وقال اسق يا زبير الحديث وفي الصحيح أيضا في قصة عبد الله بن عمر حين طلق امرأته وهي حائض فذكره عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله فتغيظ رسول الله قلت أجابوا عنه بأجوبة أحسنها أنه كان معصوما فلا يتطرق إليه احتمال ما يخشى من غيره في الحكم وغيره
7159 - حدثنا ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( إسماعيل بن أبي خالد ) عن ( قيس بن أبي حازم ) عن ( أبي مسعود الأنصاري ) قال جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فيها قال فما رأيت النبي قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ ثم قال يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليوجز فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله الذي روى عنه شيخ البخاري عبد الله بن المبارك وأبو مسعود عقبة بن عمرو
والحديث مضى في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة عن محمد بن كثير ومضى أيضا في كتاب الصلاة في باب تخفيف الإمام في القيام عن أحمد بن يونس ومضى الكلام فيه
قوله فليوجز أي فليختصر ويروى فليتجوز
7160 - حدثنا ( محمد بن أبي يعقوب الكرماني ) حدثنا ( حسان بن إبراهيم ) حدثنا ( يونس ) قال ( محمد ) أخبرني ( سالم ) أن ( عبد الله بن عمر ) أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر للنبي

(24/234)


فتغيظ فيه رسول الله ثم قال ليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها
مطابقته للترجمة ظاهرة واسم أبي يعقوب إسحاق الكرماني نسبته إلى كرمان قال الكرماني المشهور عند المحدثين فتح الكاف لكن أهلها يقولون بالكسر وأهل مكة أعرف بشعابها وهو بلد أهل السنة والجماعة ولا يكاد يوجد فيها شيء من العقائد الفاسدة وهي مولدي وأول أرض مس جلدي ترابها ويونس هو ابن يزيد الأيلي ومحمد هو الزهري
قوله فتغيظ فيه وفي رواية الكشميهني فتغيظ عليه والضمير في فيه يرجع إلى الفعل المذكور وهو الطلاق الموصوف وفي عليه للفاعل وهو ابن عمر
والحديث مضى في الطلاق في مواضع في أوائله
14 -
( باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة كما قال النبي لهندخذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وذالك إذا كان أمر مشهور )
أي هذا باب في بيان من رأى من الفقهاء أن للقاضي ويروي للحاكم أن يحكم بعلمه في أمر الناس وأشار بهذا إلى قول الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فإن مذهبه أن للقاضي أن يحكم بعلمه في حقوق الناس وقيد به لأنه ليس له أن يقضي بعلمه في حقوق الله كالحدود
قوله إذا لم يخف أي القاضي الظنون والتهمة بفتح الهاء وشرط شرطين في جواز ذلك أحدهما عدم التهمة والآخر وجود شهرة القضية أشار إليه بقوله إذا كان أمر مشهور قوله كما قال النبي إلى آخره ذكره في معرض الاحتجاج لمن رأى أن للقاضي أن يحكم بعلمه فإن النبي قضى لهند بنفقتها ونفقة ولدها على أبي سفيان لعلمه بوجوب ذلك وهند هي بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف أم معاوية زوجة أبي سفيان بن حرب أسلمت عام الفتح بعد إسلام زوجها وهذا وصله البخاري في النفقات
ثم هذه المسألة فيها أقوال للعلماء فقال الشافعي يجوز للقاضي ذلك في حقوق الناس سواء علم ذلك قبل القضاء أو بعده وبه قال أبو ثور وقال أبو حنيفة ما علمه قبل القضاء من حقوق الناس لا يحكم فيه بعلمه ويحكم فيما إذا علمه بعد القضاء وقال أبو يوسف ومحمد يحكم فيما علمه قبل القضاء وقال شريح والشعبي ومالك في المشهور عنه وأحمد وإسحاق وأبو عبيد لا يقضي بعلمه أصلا وقال الأوزاعي ما أقر به الخصمان عنده أخذهما به وأنفذه عليهما إلا الحد وقال عبد الملك يحكم بعلمه فيما كان في مجلس حكمه وقال الكرابيسي الذي عندي أن شرط جواز الحكم بالعلم أن يكون الحاكم مشهورا بالصلاح والعفاف والصدق ولم يعرف بكثير زلة ولم يوجد عليه جريمة بحيث تكون أسباب التقى فيه موجودة وأسباب التهم فيه مفقودة فهذا الذي يجوز له أن يحكم بعلمه مطلقا
7161 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) حدثني ( عروة ) أن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك ثم قالت إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي من حرج أن أطعم الذي له عيالنا قال لها لا حرج عليك أن تطعميهم من معروف
مطابقته للترجمة تؤخذ من آخر الحديث فإن فيه قضاء النبي بعلمه كما ذكرناه عن قريب
وأبو اليمان الحكم بن نافع وقد مضت في كتاب النفقات قضية هند حيث قال البخاري باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ إلى آخره
وأخرجه عن محمد بن المثنى عن يحيى عن هشام عن أبيه إلى آخره وهنا من طريق الزهري عن عروة عن عائشة وفيه زيادة على ذلك قوله خبائك بالمد هي الخيمة قيل أرادت بقولها أهل خبائك نفسه وكنت عنه بأهل الخباء إجلالا له ويحتمل أنها

(24/235)


أرادت به أهل بيته أو صحابته وقيل الدار يسمى خباء والقبيل يسمى خباء وهذا من الاستعارة والمجاز قوله أن يذلوا كلمة أن مصدرية أي ذلتهم وكذلك الكلام في أن يعزوا قوله مسيك بكسر الميم وتشديد السين المهملة صيغة مبالغة في مسك اليد يعني بخيل جدا ويجوز فتح الميم وكسر السين المخففة قوله من حرج أي من إثم قوله إن أطعم أي بأن أطعم وعيالنا منصوب لأنه مفعول أطعم قوله لا حرج عليك أي لا إثم عليك ولا منع من أن تطعميهم من معروف يعني لايكون فيه إسراف ونحوه فإن قلت كيف يصح الاستدلال بهذا الحديث على جواز حكم القاضي بعلمه لأنه خرج مخرج الفتيا قلت الأغلب من أحوال النبي الحكم والإلزام
15 -
( باب الشهادة على الخط المختوم وما يجوز من ذالك وما يضيق عليهموكتاب الحاكم إلى عامله والقاضي إلى القاضي )
أي هذا باب في بيان حكم الشهادة على الخط المختوم بالخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق هكذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني المحكوم بالحاء المهملة والكاف وليست هذه اللفظة بموجودة عند ابن بطال ومعناه هل تصح الشهادة على خط بأنه خط فلان وقيد بالمختوم لأنه أقرب إلى عدم التزوير على الخط قوله وما يجوز من ذلك أي من الشهادة على الخط قوله وما يضيق أي وما لا يجوز من ذلك وحاصل المعنى أن القول بجواز الشهادة على الخط ليس على العموم نفيا وإثباتا لأنه لو منع مطلقا تضيع الحقوق ولا يعمل به مطلقا لأنه لا يؤمن فيه التزوير فحينئذ يجوز ذلك بشروط قوله وكتاب الحاكم إلى عماله عطف على قوله باب الشهادة أي وفي بيان جواز كتاب الحاكم إلى عماله بضم العين وتشديد الميم جمع عامل قوله وكتاب القاضي إلى القاضي أي وفي بيان جواز كتاب القاضي إلى القاضي وهذه الترجمة مشتملة على ثلاثة أحكام كما رأيتها ويجيء الآن بيان حكم كل منها مع بيان الخلاف فيها
وقال بعض الناس كتاب الحاكم جائز إلا في الحدود ثم قال إن كان القتل خطأ فهو جائز لأن هاذا مال بزعمه وإنما صار مالا بعد أن ثبت القتل فالخطأ والعمد واحد
أراد ببعض الناس الحنفية وليس غرضه من ذكر هذا ونحوه مما مضى إلا التشنيع على الحنفية لأمر جرى بينه وبينهم وحاصل غرض البخاري من هذا الكلام إثبات المناقضة فيما قاله الحنفية فإنهم قالوا كتاب القاضي إلى القاضي جائز إلا في الحدود ثم قالوا إن كان القتل خطأ يجوز فيه كتاب القاضي إلى القاضي لأن قتل الخطأ في نفس الأمر مال لعدم القصاص فيلحق بسائر الأموال في هذا الحكم وقوله وإنما صار مالا إلى آخره بيان وجه المناقضة في كلام الحنفية حاصله إنما يصير قتل الخطأ مالا بعد ثبوته عند الحاكم والخطأ والعمد واحد يعني في أول الأمر حكمهما واحد لا تفاوت في كونهما حدا والجواب عن هذا أن يقال لا نسلم أن الخطأ والعمد واحد وكيف يكونا واحدا ومقتضى العمد القصاص ومقتضى الخطأ عدم القصاص ووجوب المال لئلا يكون دم المقتول خطأ هدرا وسواء كان هذا قبل الثبوت أو بعده
وقد كتب عمر إلى عامله في الحدود
أي كتب عمر بن الخطاب إلى عامله في الحدود وغرضه من إيراد هذا الرد على الحنفية أيضا في عدم رؤيتهم جواز كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود ولا يرد على ما نذكره وذكر هذا الأثر عن عمر للرد عليهم فيما قالوه قوله في الحدود رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني في الجارود بالجيم وبالراء المضمومة وفي آخره دال مهملة وهو الجارود بن المعلى يكنى أبا غياث كان سيدا في عبد القيس رئيسا قال ابن إسحاق قدم على رسول الله في سنة عشر في وفد عبد القيس وكان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه ويقال إن اسمه بشر بن عمرو وإنما قيل له الجارود لأنه أغار في الجاهلية على بكر بن وائل ومن معه فأصابهم وجردهم وسكن البصرة إلى أن مات وقيل بأرض فارس

(24/236)


وقيل قتل بأرض نهاوند مع النعمان بن مقرن في سنة إحدى وعشرين وله قصة مع قدامة بن مظعون عامل عمر رضي الله تعالى عنه على البحرين أخرجهما عبد الرزاق من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة قال استعمل عمر قدامة بن مظعون فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر فقال إن قدامة شرب فسكر فكتب عمر إلى قدامة في ذلك فذكر القصة بطولها في قدوم قدامة وشهادة الجارود وأبي هريرة عليه وجلده الحد والجواب عنه أن كتاب عمر رضي الله تعالى عنه إلى عامله لم يكن في إقامة الحد وإنما كان لأجل كشف الحال ألا يرى أن عمر هو الذي أقام الحد فيه بشهادة الجارود وأبي هريرة
وكتب عمر بن عبد العزيز في سن كسرت
أي كتب إلى عامله زريق بن حكيم في شأن سن كسرت وكان كتب إليه كتابا أجاز فيه شهادة رجل على سن كسرت وهذا وصله أبو بكر الخلال في كتاب القصاص والديات من طريق عبد الله بن المبارك عن حكيم بن زريق عن أبيه فذكر ما ذكرناه
وقال إبراهيم كتاب القاضي إلى القاضي جائز إذا عرف الكتاب والخاتم
إبراهيم هو النخعي ووصله ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن عبيدة عنه
وكان الشعبي يجيز الكتاب المختوم بما فيه من القاضي
الشعبي هو عامر بن شراحيل التابعي الكبير ووصله ابن أبي شيبة من طريق عيسى بن أبي عزة قال كان عمر يعني الشعبي يجيز الكتاب المختوم يجيئه من القاضي
ويرواى عن ابن عمر نحوه
أي يروى عن عبد الله بن عمر نحو ما روي عن الشعبي ولم يصح هذا فلذلك ذكره بصيغة التمريض
وقال معاوية بن عبد الكريم الثقفي شهدت عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة وإياس بن معاوية والحسن وثمامة بن عبد الله بن أنس وبلال بن أبي بردة وعبد الله بن بريدة الأسلمي وعامر بن عبيدة وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود فإن قال الذي جيء عليه بالكتاب إنه زور قيل له اذهب فالتمس المخرج من ذالك
معاوية بن عبد الكريم الثقفي المعروف بالضال بالضاد المعجمة واللام المشددة سمي بذلك لأنه ضل في طريق مكة وثقه أحمد وأبو داود والنسائي ومات سنة ثمانين ومائة ووصل أثره وكيع في مصنفه عنه قوله شهدت أي حضرت عبد الملك بن يعلى بوزن يرضى التابعي الثقة ولاه يزيد بن هبيرة قضاء البصرة لما ولي إمارتها من قبل يزيد بن عبد الملك بن مروان ومات على القضاء بعد المائة بسنتين أو ثلاث ويقال بل عاش إلى خلافة هشام بن عبد الملك فعزله قوله وإياس بكسر الهمزة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالسين المهملة ابن معاوية المزني المعروف بالذكاء وكان قد ولي قضاء البصرة في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ولاه عدي بن أرطأة عامل عمر عليها بعد امتناع منه مات سنة ثنتين ومائة وهو ثقة عند الجميع قوله والحسن هو البصري الإمام المشهور وكان ولي قضاء البصرة مدة لطيفة ولاه عدي بن أرطاة عاملها وأبوه يسار رأى مائة وعشرين من أصحاب رسول الله مات في شهر رجب سنة عشر ومائة وهو ابن تسع وثمانين سنة قوله وثمامة بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميمين ابن عبد الله بن أنس بن مالك وكان تابعيا ثقة ولي قضاء البصرة في أوائل خلافة ابن هشام بن عبد الملك ولاه خالد القسري سنة ست ومائة وعزله سنة عشر وولى بلال بن

(24/237)


أبي بردة ومات ثمامة بعد ذلك روى عن جده أنس بن مالك والبراء بن عازب قوله وبلال بن أبي بردة بضم الباء الموحدة اسمه عامر أو الحارث بن أبي موسى الأشعري وكان صديق خالد بن عبد الله القسري فولاه قضاء البصرة لما ولي إمرتها من قبل هشام بن عبد الملك وضم إليه الشرطة وكان أميرا وقاضيا إلى أن قتله يوسف بن عمر الثقفي لما ولي الإمرة بعد خالد ولم يكن محمودا في أحكامه قوله وعبد الله بن بريدة بضم الباء الموحدة وفتح الراء الأسلمي التابعي المشهور وكان ولي قضاء مرو بعد أخيه سليمان سنة خمس ومائة إلى أن مات وهو على قضائها سنة خمس عشرة ومائة وذلك في ولاية أسد بن عبد الله القسري على خراسان وهو أخو خالد القسري وحديث عبد الله بن بريدة الحصيب هذا في الكتب الستة قوله وعامر بن عبيدة بضم العين وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وقيل عبدة بفتحتين وقيل عبدة بفتح العين وسكون الباء وهو تابعي قديم ثقة وحديثه عند النسائي وعامر كان ولي القضاء بالكوفة مرة قوله وعباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن منصور الناجي بالنون والجيم أبو سلمة البصري قال أبو داود ولي قضاء البصرة خمس مرات وكان يرمى بالقدر فلذلك ضعفوه وحديثه في السنن الأربعة وعلق له البخاري شيئا مات سنة اثنتين وخمسين ومائة قوله يجيزون جملة حالية قوله فالتمس المخرج بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة أي اطلب الخروج من عهدة ذلك إما بالقدح في البينة بما يقبل فتبطل الشهادة وإما بما يدل على البراءة من المشهود به
وأول من سأل على كتاب القاضي البينة ابن أبي ليلى وسوار بن عبد الله
ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى واسم أبي ليلى يسار قاضي الكوفة وأول ما وليها في زمن يوسف بن عمر الثقفي في خلافة الوليد بن يزيد ومات سنة أربعين ومائة وهو صدوق اتفقوا على ضعف حديثه من قبل سوء حفظه وحديثه في السنن الأربعة وسوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو ابن عبد الله العنبري نسبة إلى بني العنبر من بني تميم قال ابن حبان في الثقات كان فقيها ولاه المنصور قضاء البصرة سنة ثمان وثلاثين ومائة فبقي على قضائها إلى أن مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائة
وقال لنا أبو نعيم حدثنا عبيد الله بن محرز جئت بكتاب من موسى بن أنس قاضي البصرة وأقمت عنده البينة أن لي عند فلان كذاا وكذاا وهو بالكوفة وجئت به القاسم بن عبد الرحمان فأجازه
أبو نعيم الفضل بن دكين أحد مشايخ البخاري نقله عنه مذاكرة وعبيد الله بن محرز بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء وفي آخره زاي هو كوفي وماله في البخاري سوى هذا الأثر وموسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة التابعي المشهور ثقة وحديثه في الكتب الستة وكان ولي القضاء بالبصرة في ولاية الحكم بن أيوب الثقفي والقاسم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن مسعود وكان على قضاء البصرة من عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وكان لا يأخذ على القضاء أجرا وكان ثقة صالحا من التابعين لقي جابر بن سمرة قيل إنه مات سنة ست عشرة ومائة قوله فأجازه بالجيم أي أمضاه وعمل به وفي مغني الحنابلة يشترط في قول أئمة الفتوى أن يشهد بكتاب القاضي إلى القاضي شاهدان عدلان ولا يكفي معرفته خط القاضي وختمه وحكى عن الحسن وسوار والحسن العنبري أنهم قالوا إذا كان يعرف خطه وختمه قبله وهو قول أبي ثور أيضا وفي التوضيح واختلفوا إذا أشهد القاضي شاهدين على كتابه ولم يقرأه عليهما ولا عرفهما بما فيه فقال مالك يجوز ذلك ويلزم القاضي المكتوب إليه قبوله بقول الشاهدين هذا كتابه دفعه إلينا مختوما وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور إذا لم يقرأه عليهما القاضي ولم يحرره لم يعمل القاضي المكتوب إليه بما فيه وروي عن مالك مثله واختلفوا إذا انكسر ختم الكتاب فقال أبو حنيفة وزفر لا يقبله الحاكم وقال أبو يوسف يقبله ويحكم به إذا شهدت به البينة وبه قال الشافعي

(24/238)


وكره الحسن وأبو قلابة أن يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها لأنه لا يدري لعل فيها جورا
الحسن هو البصري وأبو قلابة بكسر القاف وتخفيف اللام هو عبد الله بن زيد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء قوله أن يشهد بفتح الياء وفاعله محذوف تقدير أن يشهد أحد على وصية إلى آخره قوله جورا بفتح الجيم وهو في الأصل الظلم والمراد به هنا غير الحق وقال الداودي هذا هو الصواب الذي لا شك فيه أنه لا يشهد على وصية حتى يعلم ما فيها وتعقبه ابن التين فقال لا أدري لم صوبه وهي إن كان فيها جور يوجب الحكم أن لا يمضي لا يمض وإن كان يوجب الحكم إمضاءه يمض ومذهب مالك جواز الشهادة على الوصية وإن لم يعلم الشاهد ما فيها
وقد كتب النبي إلى أهل خيبر إما أن يدوا صاحبكم وإما أن تؤذنوا بحرب
هذا قطعة من حديث سهل بن أبي حثمة في قصة حويصة ومحيصة وقتل عبد الله بن سهل بخيبر وسيأتي هذا بعد عدة أبواب في باب كتاب الحاكم إلى عماله قوله إما أن يدوا أي إما أن يعطوا الدية وهو من ودى يدي إذا أعطى الدية وأصل يدوا يوديوا فحذفت الواو التي هي فاء الفعل في المفرد لوقوعها بين الياء والكسرة ثم حذفت في التثنية والجمع تبعا للمفرد ثم نقلت ضمة الياء إلى الدال فالتقى ساكنان وهما الياء والواو فحذفت الياء ولم يحذف الواو لأنه علامة الجمع فصار يدوا على وزن يعلوا
وقال الزهري في شهادة على المرأة من وراء الستر إن عرفتها فاشهد وإلا فلا تشهد
أي قال محمد بن مسلم بن شهاب الزهري في حكم الشهادة على المرأة إن عرفها الشاهد يشهد لها وعليها وإن لم يعرفها فلا يشهد قوله في شهادة ويروى في الشهادة بالألف واللام قوله من وراء الستر إما بالتنقب وإما بغير ذلك وحاصله أنه إذا عرفها بأي طريق كان يجوز الشهادة عليها ولا يشترط أن يراها حال الإشهاد
وأثر الزهري هذا وصله ابن أبي شيبة من طريق جعفر بن يرقان عنه ومذهب مالك جواز شهادة الأعمى في الإقرار وفي كل ما طريقه الصوت سواء عنده تحملها أعمى أو بصيرا ثم عمي وقال أبو حنيفة والشافعي لا تقبل إذا تحملها أعمى ودليل مالك أن الصحابة والتابعين رووا عن أمهات المؤمنين من وراء حجاب وميزوا أشخاصهن بالصوت وكذا آذان ابن أم مكتوم ولم يفرقوا بين ندائه ونداء بلال إلا بالصوت ولأن الإقدام على الفروج أعلى من الشهادة بالحقوق والأعمى له وطء زوجته وهو لا يعرفها إلا بالصوت وهذا لم يمنع منه أحد
7162 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) قال سمعت ( قتادة ) عن ( أنس بن مالك ) قال لما أراد النبي أن يكتب إلى الروم قالوا إنهم لا يقرأون كتابا إلا مختوما فاتخذ النبي خاتما من فضة كأني أنظر إلى وبيصه ونقشه محمد رسول الله
مطابقته للترجمة من حيث إنها مشتملة على أحكام منها الشهادة على الخط المختوم وهذا الحديث فيه الخط والختم وقال الطحاوي حديث أنس رضي الله تعالى عنه يستفاد منه أن الكتاب إذا لم يكن مختوما فالحجة بما فيه قائمة لكونه أراد أن يكتب إليهم قالوا إنهم لا يقرؤون كتابا إلا مختوما فلذلك اتخذ خاتما من فضة
والحديث تقدم بيانه شرح حديث أبي سفيان مطولا في بدء الوحي وأخرجه هنا عن محمد بن بشار الذي يقال له بندار عن غندر بضم الغين المعجمة وسكون النون وهو لقب محمد بن جعفر
قوله وبيصه بفتح الواو وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالصاد المهملة أي بريقه ولمعانه=

ج46.عمدة القارئ

16 -  ( باب متى يستوجب الرجل القضاء )
أي هذا باب يذكر فيه متى يستوجب الرجل أي متى يستحق أن يكون قاضيا وقال الكرماني أي متى يصير أهلا للقضاء أو متى يجب عليه القضاء
وقال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهواى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ثم قرأ بل هم اليوم مستسلمون وقرأ إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون وقرأ وداوود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا ءاتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هاذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هاذا بعلمه وعذر هاذا باجتهاده
أي قال الحسن البصري رحمه الله أخذ الله أي ألزم الله على الحكام بضم الحاء جمع حاكم أن لا يتبعوا الهوى أي هوى النفس وهو ما تحبه وتشتهيه من هوى يهوى من باب علم يعلم هوى والنهي عن اتباع الهوى أمر بالحكم بالحق قوله ولا يخشوا الناس نهي عن خشيتهم وفي النهي عن خشيتهم أمر بخشية الله ومن لازم خشية الله الحكم بالحق قوله ولا يشتروا بآياته أي بآيات الله ثمنا قليلا وهكذا في بعض النسخ وفي بعضها ولا تشتروا بآياتي وفي النهي عن بيع آياته الأمر باتباع ما دلت عليه وإنما وصف الثمن بالقلة إشارة إلى أنه وصف لازم له بالنسبة للعوض فإنه أعلى من جميع ما حوته الدنيا قوله ثم قرأ أي قرأ الحسن البصري قوله تعالىيا داوود إنا جعلناك خليفة أي صيرناك خلفا عمن كان قبلك في الأرض أي على الملك من الأرض كمن يستخلفه بعض السلاطين على بعض البلاد ويملكه عليها قوله فاحكم بين الناس بالحق أي بالعدل الذي هو حكم الله قوله ولا تتبع الهوى أي لا تمل مع ما تشتهي إذا خالف أمر الله تعالى قوله فيضلك منصوب على الجواب وقيل مجزوم عطفا على النهي وفتح اللام لالتقاء الساكنين قوله عن السبيل الله أي عن دلائله التي نصبها في العقول أو عن شرائعه التي شرعها وأوحى بها قولهبما نسوا أي بنسيانهم يوم الحساب ويوم الحساب متعلق بنسوا أو بقوله لهم أي لهم عذاب شديد يوم القيامة بسبب نسيانهم وهو ضلالهم عن سبيل الله قوله وقرأ أي الحسن البصري قوله فيها هدى أي بيان ونور الفتيا الكاشف للشبهات وذلك أن اليهود استفتوا النبي في أمر الزانيين فأنزل الله تعالى هذه الآية قوله وصفهم بالإسلام لا على أن غيرهم من النبيين لم يكونوا مسلمين وهو كقوله الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولائك هم المفلحون قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السماوات والارض لا إلاه إلا هو يحى ويميت فئامنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون الآية لا أن غيره لم يؤمن بالله وقيل أراد الذين انقادوا لحكم الله لا الإسلام الذي هو ضد الكفر وقيل أسلموا أنفسهم لله وقيل بما في التوراة قوله إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون أي تابوا من الكفر قاله ابن عباس وقال الحسن هم اليهود ويجوز أن يكون فيها تقديم وتأخير أي للذين هادوا يحكم بها النبيون قوله والربانيون العلماء الحكماء وهو جمع رباني وأصله رب العلم والألف والنون فيه للمبالغة وقال مجاهد هم فرق الأحبار والأحبار العلماء لأنهم يحبرون الشيء وهو في صدورهم محبر قولهبما استحفظوا من كتاب الله استودعوا هذا

(24/240)


تفسير أبي عبيدة وقد ثبت هذا للمستملي يقال استحفظته كذا استودعته إياه قوله أي على الكتاب أو على ما في التوراة قولهفلا تخشوا الناس أي في إظهار صفة النبي واخشون في كتمان صفته والخطاب لعلماء اليهود وقيل ليهود المدينة بأن لا يخشوا يهود خيبر وقيل نهي للحكام عن خشيتهم غير الله تعالى في حكوماتهم قوله ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا أي ولا تستبدلوا بأحكامي وفرائضي وقيل بصفة النبي قوله ومن لم يحكم إلى آخره هذه والآيتان بعدها نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود وليس في أهل الإسلام منها شيء لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال له كافر قوله وقرأ أي الحسن البصري وداود وسليمان إذ يحكمان يعني يحكمان في الحرثوأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن مسروق قال كان حرثهم عنبا نفشت فيه الغنم أي رعت ليلا يقال نفشت الدابة تنفش نفوشا إذا رعت ليلا بلا راع وأهملت إذا رعت نهارا بليل فتحاكم أصحاب الحرث مع أصحاب الغنم عند داود عليه السلام فقضى بالغنم لأصحاب الحرث فمروا بسليمان فأخبروه الخبر فقال سليمان لا ولكن أقضي بينهم أن يأخذوا الغنم فيكون لهم لبنها وصوفها وسمنها ومنفعتها ويقوم هؤلاء على حرثهم حتى إذا عاد كما كان ردوا عليهم غنمهم فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه فأرسل إلى سليمان فعزم عليه بحق النبوة والملك والولد كيف رأيت فيما قضيت فقال عدل الملك وأحسن وغيره كان أرفق بهما جميعا قال ما هو فأخبره بما حكم به فقال داود عليه السلام نعم ما قضيت قوله ففهمناها يعني القضية قوله وكلا أي كل واحد من داود وسليمان عليهما السلام آتينا أي أعطينا حكما وعلما وقال الداودي أثنى الله عليهما بذلك فحمد سليمان ولم يلم داود من اللوم وفي بعض النسخ ولم يذم من الذم قيل قول الحسن البصري ولم يذم داود بأن فيه نقصا لحق داود عليه السلام وذلك أن الله تعالى قال وكلا إتينا حكما وعلما فجمعهما في الحكم والعلم وميز سليمان بالفهم وهو علم خاص زاد على العام بفصل الخصومة قال والأصح في الواقعة أن داود أصاب الحكم وسليمان أرشد إلى الصلح وقيل الاختلاف بين الحكمين في الأولوية لا في العمد والخطأ ومعنى قول الحسن فحمد سليمان يعني لموافقته الطريق الأرجح ولم يذم داود لاقتصاره على الطريق الراجح واستبدل بهذه القصة على أن للنبي أن يجتهد في الأحكام ولا ينتظر نزول الوحي لأن داود عليه السلام اجتهد في المسألة المذكورة قطعا لأنه لو كان قضى فيها بالوحي ما خص الله سليمان بفهمها دونه وقد اختلف من أجاز للنبي أن يجتهد هل يجوز عليه الخطأ في اجتهاده فاستدل من أجاز ذلك بهذه القصة ورد عليه بأن الله تعالى أثنى على داود فيها بالحكم والعلم والخطأ ليس حكما ولا علما وإنما هو ظن غير مصيب قوله ولولا ما ذكر الله من أمر هذين يعني داود وسليمان عليهم السلام قوله لرأيت جواب لو واللام فيه للتأكيد وهي مفتوحة وفي رواية الكشميهني لرئيت على صيغة المجهول قوله إن القضاة أي قضاة هذا الزمان هلكوا لما تضمنه قوله عز و جل إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون ودخل في عمومه العامد والمخطىء فاستدل بقوله 4 5 الآية على أن الوعيد خاص بالعامد وأشار إلى ذلك بقوله فإنه أي فإن الله أثنى على هذا أي على سليمان بعلمه قوله وعذر بالذال المعجمة قوله هذا يعني داود باجتهاده فلذلك لم يلمه
وقال مزاحم بن زفر قال لنا عمر بن عبد العزيز خمس إذا أخطأ القاضي منهن خطة كانت فيه وصمة أن يكون فهما حليما عفيفا صليبا عالما سؤلا عن العلم
مزاحم بضم الميم وبالزاي وكسر الحاء المهملة ابن زفر بضم الزاي وفتح الفاء وبالراء الكوفي وهو ممن أخرج له مسلم وعمر بن عبد العزيز الخليفة المشهور العادل قوله خمس أي خمس خصال قوله إذا أخطأ أي إذا تجاوز وفات منهن أي من الخمس المذكورة وقال الكرماني ويروى منهم أي من القضاة قوله خطة بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء كذا في رواية أبي ذر عن غير الكشميهني وفي روايته عنه خصلة بفتح الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة وهما بمعنى قوله وصمة بفتح الواو وسكون الصاد المهملة أي عيب وعار قوله أن يكون تفسير لحال القاضي المذكور وهو جملة في محل

(24/241)


الرفع على الخبرية تقديره وهي أن يكون قوله فهما بفتح الفاء وكسر الهاء قال بعضهم هو من صيغ المبالغة قلت هو من الصفات المشبهة ووقع في رواية المستملي فقيها قوله حليما يعني على من يؤذيه ولا يبادر بالانتقام وقيل الحلم هو الطمأنينة يعني يكون متحملا لسماع كلام المتحاكمين واسع الخلق غير ضجور ولا غضوب قوله عفيفا أي يكف عن الحرام فإنه إذا كان عالما ولم يكن عفيفا كان ضرره أشد من ضرر الجاهل ويقال العفة النزاهة عن القبائح أي لا يأخذ الرشوة بصورة الهدية ولا يميل إلى ذي جاه ونحوه قوله صليبا على وزن فعيل من الصلاة أي قويا شديدا يقف عند الحق ولا يميل مع الهوى ويستخلص حق المحق من المبطل ولا يتهاون فيه ولا يحاميه قوله سؤولا على وزن فعول أي كثير السؤال عن العلم مذاكرا مع أهل العلم لأنه ربما يظهر له من غيره ما هو أقوى مما عنده
وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور في السنن عن عبادة بن عباد ومحمد بن سعد في الطبقات عن عفان كلاهما قال حدثنا مزاحم بن زفر قال قدمنا على عمر بن عبد العزيز في خلافته وقد أمر أهل الكوفة فسألنا عن بلادنا وقاضينا وأمره وقال خمس إذا أخطأ إلى آخره فإن قلت هذه ستة لا خمسة قلت السادس من تتمة الخامس لأن كمال العلم لا يحصل إلا بالسؤال
17 -
( باب رزق الحكام والعاملين عليها )
أي هذا باب فيه بيان رزق الحكام بضم الحاء وتشديد الكاف جمع حاكم والعاملين جمع عامل وهو الذي يتولى أمرا من أعمال المسلمين كالولاة وجباة الفيء وعمال الصدقات ونحوهم وفي بعض النسخ باب رزق الحاكم وفي بعضها باب رزق القاضي والرزق ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين قوله عليها قال بعضهم أي على الحكومات قلت الصواب أن يقال على الصدقات بقرينة ذكر الرزق والعاملين
وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجرا
شريح هو ابن الحارث بن قيس النخعي الكوفي قاضي الكوفة ولاه عمر رضي الله تعالى عنه ثم قضى من بعده بالكوفة دهرا طويلا ثقة مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ويقال إن له صحبة مات قبل الثمانين وقد جاوز المائة قوله أجرا أي أجرة وفي التلويح هذا التعليق ضعيف وهو يرد على من قال التعليق المجزوم به عند البخاري صحيح قلت رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق مجالد عن الشعبي بلفظ كان مسروق لا يأخذ على القضاء أجرا وكان شريح يأخذ وروى ابن أبي شيبة عن الفضل بن دكين عن الحسن بن صالح عن ابن أبي ليلى قال بلغنا أو قال بلغني أن عليا رضي الله تعالى عنه رزق شريحا خمسمائة قلت هذا يؤيد قول من قال التعليق المذكور ضعيف لأن القاضي إذا كان له شيء من بيت المال ليس له أن يأخذ شيئا من الأجرة وقال الطبري ذهب الجمهور إلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم لكونه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه غير أن طائفة من السلف كرهت ذلك ولم يحرموه مع ذلك وقال أبو علي الكرابيسي لا بأس للقاضي أن يأخذ الرزق على القضاء عند أهل العلم قاطبة من الصحابة ومن بعدهم وهو قول فقهاء الأمصار ولا أعلم بينهم اختلافا وقد كره ذلك قوم منهم مسروق ولا أعلم أحدا منهم حرمه وقال صاحب الهداية ثم إن القاضي إذا كان فقيرا فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته وإن كان غنيا فالأفضل الامتناع عن أخذ الرزق من بيت المال رفقا ببيت المال وقيل الأخذ هو الأصح صيانة للقضاء عن الهوان ونظرا لمن يولى بعده من المحتاجين ويأخذ بقدر الكفاية له ولعياله
وقالت عائشة يأكل الوصي بقدر عمالته
العمالة بضم العين وتخفيف الميم وقيل هو من المثلثات وهي أجرة العمل ووصل ابن أبي شيبة هذا التعليق من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوهآ إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا قالت أنزل ذلك في ولي مال اليتيم يقوم عليه بما يصلحه إن كان محتاجا يأكل منه

(24/242)


وأكل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
أكلهما كان في أيام خلافتهما لاشتغالهما بأمور المسلمين ولهما من ذلك حق وأثر أبي بكر رضي الله تعالى عنه وصله أبو بكر بن أبي شيبة من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت لما استخلف أبو بكر قال قد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي وقد شغلت بأمر المسلمين وفيه فيأكل آل أبي بكر من هذا المال وأثر عمر وصله ابن أبي شيبة أيضا وابن سعد من طريق حارثة بن مضرب بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها موحدة قال قال عمر إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة قيم اليتيم إن استغنيت عنه تركت وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف
حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( السائب بن يزيد ) ابن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها فقلت بلاى فقال عمر ما تريد إلى ذالك قلت إن لي أفراسا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين قال عمر لا تفعل فإني كنت أردت الذي أردت فكان رسول الله يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه أفقر إليه مني فقال النبي خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وإلا فلا تتبعه نفسك وعن الزهري قال حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال سمعت عمر يقول كان النبي يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالا فقلت أعطه من هو أفقر إليه مني فقال النبي خذه فتموله وتصدق به فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك
انظر الحديث 1473 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والزهري محمد بن مسلم والسائب بن يزيد من الزيادة ابن أخت نمر بفتح النون وكسر الميم بعدها راء هو الصحابي المشهور وأدرك من زمن النبي ست سنين وحفظ عنه وهو من أواخر الصحابة موتا وآخر من مات منهم بالمدينة وقال أبو عمر قيل إنه توفي سنة ثمانين وقيل ست وثمانين وقيل سنة إحدى وتسعين وهو ابن أربع وتسعين وقيل ست وتسعين وحويطب تصغير الحاطب بالمهملتين ابن عبد العزى اسم الصنم المشهور العامري من الطلقاء كان من مسلمة الفتح وهو أحد المؤلفة قلوبهم أدرك الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها وأعطي من غنائم بدر مائة بعير وكان ممن دفن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وباع من معاوية دارا بالمدينة بأربعين ألف دينار مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية وهو ابن مائة وعشرين سنة وعبد الله بن السعدي هو عبد الله بن وقدان بن عبد شمس بن عبدود وإنما قيل له ابن السعدي لأن أباه كان مسترضعا في بني سعد مات بالمدينة سنة سبع وخمسين وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد
وهذا الإسناد من الغرائب اجتمع فيه أربعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة عن أبي الطاهر بن السرح وغيره وأخرجه أبو داود فيه وفي الجراح عن أبي الوليد الطيالسي عن ليث به وأخرجه النسائي في الزكاة عن قتيبة به وغيره
قوله ألم أحدث بضم الهمزة وفتح الحاء وتشديد الدال قوله تلي من أعمال الناس أي الولايات من إمرة أو قضاء أو نحوهما ووقع في رواية بشر بن سعيد عند مسلم استعملني عمر رضي الله تعالى عنه على الصدقة فعين الولاية قوله فإذا

(24/243)


أعطيت على صيغة المجهول قوله العمالة بالضم أجرة العمل وبالفتح نفس العمل قوله ما تريد إلى ذلك يعني ما غاية قصدك بهذا الرد قوله أفراسا جمع فرس قوله وأعبدا جمع عبد كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني أعتدا بضم التاء المثناة من فوق جمع عتيد وهو المال المدخر قوله الذي أردت بفتح التاء قوله يعطيني العطاء أي المال الذي يقسمه الإمام في المصالح قوله أعطه أفقر إليه مني أي أعط بهمزة القطع الذي هو أفقر إليه مني وفصل بين أفعل التفضيل وبين كلمة من لأنه إنما لم يجز عند النحاة إذا كان أجنبيا وهنا هو ألصق به من الصلة لأن ذلك محتاج إليه بحسب جوهر اللفظ والصلة محتاج إليها بحسب الصيغة قوله غير مشرف أي غير طامع ولا ناظر إليه قوله وإلا أي وإن لم يجيء إليك فلا تتبعه نفسك في طلبه واتركه قيل لم منعه رسول الله من الإيثار أجيب بأنه أراد الأفضل والأعلى من الأجر لأن عمر وإن كان مأجورا بإيثاره الأحوج لكن أخذه ومباشرته الصدقة بنفسه أعظم وذلك لأن التصدق بعد التمول إنما هو دفع الشح الذي هو مستول على النفوس
قوله وعن الزهري حدثني سالم هو موصول بالسند المذكور أولا إلى الزهري وقد أخرج النسائي عن عمرو بن منصور عن أبي اليمان شيخ البخاري الحديثين المذكورين بالسند المذكور إلى عمر رضي الله عنه وفيه أخذ الرزق لمن اشتغل بشيء من مصالح المسلمين وذكر ابن المنذر أن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه كان يأخذ الأجر على القضاء وروى ذلك عن ابن سيرين وشريح وهو قول الليث وإسحاق وأبي عبيد وقال الشافعي إذا أخذ القاضي جعلا لم يجز عندي وقال ابن المنذر وحديث ابن السعدي حجة في جواز إرزاق القضاة من وجوهها
وفيه إن أخذ ما جاء من المال بغير مسألة أفضل من تركه لأنه يقع في إضاعة المال وقد نهى الشرع عن ذلك وذهب بعض الصوفية إلى أن المال إذا جاء من غير إشراف نفس ولا سؤال لا يرد فإن رد عوقب بالحرمان ويحكى عن أحمد أيضا وأهل الظاهر وقال ابن التين في هذا الحديث كراهة أخذ الرزق على القضاء مع الاستغناء وإن كان المال طيبا
18 -
( باب من قضى ولاعن في المسجد )
أي هذا باب في بيان من قضى ولاعن في المسجد قوله قضى ولاعن فعلان تنازعا في المسجد ومعنى لاعن أمر باللعان على سبيل المجاز نحو كسى الخليفة الكعبة
ولاعن عمر عند منبر النبي
أي أمر عمر رضي الله عنه باللعان عند منبر النبي وإنما خص عمر المنبر لأنه كان يرى التحليف عند المنبر أبلغ في التغليظ ويؤخذ منه التغليظ في الأيمان بالمكان وقاسوا عليه الزمان وفي التوضيح يغلظ في اللعان بالزمان والمكان وهي سنة عندنا لا فرض على الأصح وقال مالك بالتغليظ وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنه منعه وروى ابن كنانة عن مالك يجزىء في المال العظيم والدماء وزمن اللعان بعد العصر عندنا وعند المالكية أثر الصلاة واختصاص العصر لاختصاصه بالملائكة أعني ملائكة الليل والنهار
وقضى شريح والشعبي ويحياى بن يعمر في المسجد
شريح هو القاضي المشهور والشعبي هو عامر بن شراحيل ويحيى بن يعمر بفتح الياء والميم بينهما عين مهملة البصري القاضي بمرو وأثر شريح وصله ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن أبي خالد قال رأيت شريحا يقضي في المسجد وعليه برنس خز وأثر الشعبي وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في جامع سفيان عن طريق عبد الله بن شبرمة قال رأيت الشعبي جلد يهوديا في فرية في المسجد وأثر يحيى بن يعمر وصله ابن أبي شيبة من رواية عبد الرحمان بن قيس قال رأيت يحيى بن يعمر يقضي في المسجد

(24/244)


وقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر
مروان هو ابن الحكم قوله عند المنبر وفي رواية الكشميهني على المنبر وهذا طرف من أثر مضى في كتاب الشهادات
وكان الحسن وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجا من المسجد
الحسن هو البصري وزرارة بضم الزاي وتخفيف الراء الأولى ابن أوفى بفتح الهمزة وسكون الواو وبالفاء مقصورا العامري قاضي البصرة قوله في الرحبة بفتح الحاء وسكونها قاله الكرماني والظاهر أن التي بالسكون هي المدينة المشهورة وهي الساحة والمكان المتسع أمام باب المسجد غير منفصل عنه وحكمها حكم المسجد فيصح فيها الاعتكاف في الأصح بخلاف ما إذا كانت منفصلة
7165 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال ( الزهري ) عن ( سهل بن سعد ) قال شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة فرق بينهما
مطابقته للترجمة من حيث ذكر اللعان وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وسهل بن سعد الساعدي الأنصاري المدني وقد مضى هذا مطولا في اللعان وقال مالك وابن القاسم يقع الفراق بنفس اللعان ولا تحل له أبدا وقال ابن أبي صفرة اللعان لا يرفع العصمة حتى يوقع الزوج الطلاق
7166 - حدثنا يحيى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن سهل أخي بني ساعدة أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي فقال أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد
مطابقته للترجمة في آخر الحديث و ( يحيى ) هذا يحتمل أن يكون يحيى بن جعفر بن أعين البخاري البيكندي وأن يكون يحيى بن موسى بن عبد ربه السختياني البلخي الذي يقال له خت لأن كلا منهما روى عن ( عبد الرزاق ) بن همام وروى البخاري عن كل منهما
وهذا طريق آخر في حديث سهل أخرجه عن يحيى عن عبد الرزاق عن عبد الملك بن جريج عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سهل بن سعد إلى آخره
قوله أخبرني ( ابن شهاب ) وفي الطريق الأول قال الزهري إشارة إلى أن قوله قال فلان دون قوله أخبرني فلان أو عن فلان قوله أخي بني ساعدة أي واحد منهم كما يقال هو أخو العرب أي واحد منهم وبنو ساعدة ينسب إلى ساعدة بن كعب بن الخزرج قوله إن رجلا هو عويمر العجلاني
والحديث مر مطولا في اللعان ومضى الكلام فيه
19 -
( باب من حكم في المسجدحتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج من المسجد فيقام )
أي هذا باب فيه بيان من كان لا يكره الحكم في المسجد إذا حكم فيه ثم أتى إلى حكم فيه إقامة حد من الحدود ينبغي أن يأمر أن يخرج من وجب عليه الحد من المسجد فيقام الحد عليه خارج المسجد وقد فسر بعضهم هذه الترجمة بقوله كأنه يشير بهذه الترجمة إلى من خصص جواز الحكم في المسجد بما إذا لم يكن هناك شيء يتأذى به من في المسجد أو يقع به نقص للمسجد كالتلويث انتهى قلت تفسير هذه الترجمة بما ذكرناه وليس ما ذكره تفسيرها أصلا يقف عليه من له أدنى ذوق من معاني التراكيب نعم الذي ذكره ينبغي أن يحترز عنه ولكن لا مناسبة له في معنى الترجمة واختلف العلماء في إقامة الحدود في المسجد فروي عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما منع ذلك كما

(24/245)


يجيء الآن وهو قول مسروق والشعبي وعكرمة والكوفيين والشافعي وأحمد وإسحاق وروي عن الشعبي أنه أقام على رجل من أهل الذمة حدا في المسجد وهو قول ابن أبي ليلى وروي عن مالك الرخصة في الضرب بالسياط اليسيرة في المسجد فإذا كثرت الحدود فلا تقام فيه وهو قول أبي ثور أيضا وقال ابن المنذر ولا ألزم من أقام الحد في المسجد مأثما لأني لا أجد دليلا عليه وفي التوضيح وأما الأحاديث التي فيها النهي عن إقامة الحدود في المسجد فضعيفة
وقال عمر أخرجاه من المسجد
أي قال عمر بن الخطاب أخرجاه أي الذي وجب عليه الحد من المسجد وفي بعض النسخ وضربه بعد قوله من المسجد وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق كلاهما من طريق طارق بن شهاب قال أتي عمر بن الخطاب برجل في حد فقال أخرجاه من المسجد ثم اضرباه وسنده على شرط الشيخين
ويذكر عن علي نحوه
أي يذكر عن علي بن أبي طالب نحو ما ذكر عن عمر بن الخطاب ووصله ابن أبي شيبة من طريق ابن معقل بسكون العين المهملة والقاف المكسورة أن رجلا جاء إلى علي فساره فقال يا قنبر أخرجه من المسجد فأقم عليه الحد وفي سنده من فيه مقال فلذلك ذكره بصيغة التمريض حيث قال ويذكر
7167 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة وسعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) قال أتى رجل رسول الله وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فلما شهد على نفسه أربعا قال أبك جنون قال لا قال اذهبوا به فارجموه
20 -
( باب موعظة الإمام للخصوم )
أي هذا باب فيه بيان موعظة الإمام للخصوم عند الدعوى
7169 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( زينب ابنة أبي سلمة ) عن أم

(24/246)


( سلمة ) رضي الله عنها أن رسول الله قال إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار
مطابقته للترجمة ظاهرة وهشام يروي عن أبيه عروة بن الزبير واسم أم سلمة هند المخزومية أم المؤمنين
والحديث قد مضى في المظالم وفي أوائل كتاب الحيل ومضى الكلام فيه
قوله إنما أنا بشر على معنى الإقرار على نفسه بصفة البشرية من أنه لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله منه قوله إنكم تختصمون إلي يريد والله أعلم وأنا لا أعرف المحق منكم من المبطل حتى يميز المحق منكم من المبطل فلا يأخذ المبطل ما أعطيه قوله ألحن بحجته يعني أفطن لها وأجدل وقال ابن حبيب أنطق وأقوى مأخوذ من قوله تعالى ولو نشآء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم فى لحن القول والله يعلم أعمالكم أي في بطن القول وقيل معناه أن يكون أحدهما أعلم بمواقع الحجج وأهدى لإيرادها ولا يخلطها بغيرها وقال أبو عبيد اللحن بفتح الحاء النطق وبالإسكان الخطأ في القول وذكر ابن سيده لحن الرجل لحنا تكلم بلغته ولحن له يلحن لحنا قال له قولا يفهمه عنه ويخفى على غيره وألحنه القول أفهمه إياه ولحنه لحنا فهمه ورجل لحن عالم بعواقب الكلام ظريف ولحن لحنا فطن لحجته وانتبه لها ولاحن الناس فألحنهم قوله فأقضي نحو ما أسمع فيه أن الحاكم مأمور بأن يقضي بما يقر به الخصم عنده قوله فمن قضيت له خطاب للمقضي له لأنه يعلم من نفسه هل هو محق أو مبطل
21 -
( باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولايته القضاء أو قبل ذالك للخصم )
أي هذا باب في بيان حكم الشهادة التي تكون عند الحاكم يعني إذا كان الحاكم شاهدا للخصم الذي هو أحد المتحاكمين عنده سواء تحملها قبل توليته للقضاء أو في زمان التولي هل له أن يحكم بها اختلفوا في أن له ذلك أم لا فلذلك لم يجزم بالجواب لقوة الخلاف في المسألة وإن كان آخر كلامه يقتضي اختيار أن لا يحكم بعلمه فيها وبيان الخلاف فيه يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى وفي التوضيح ترجمة البخاري فيها دليل على أن الحاكم إنما يشهد عند غيره بما تقدم عنده من شهادة في ولايته أو قبلها وهو قول مالك وأكثر أصحابه وقال بعض أصحابنا يعني من الشافعية يحكم بما علمه فيما أقر به أحد الخصمين عنده في مجلسه
وقال شريح القاضي وسأله إنسان الشهادة فقال ائت الأمير حتى أشهد لك
هذا وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن شبرمة قال قلت للشعبي يا أبا عمرو أرأيت رجلين استشهدا على شهادة فمات أحدهما واستقضي الآخر فقال أتي شريح فيها وأنا جالس فقال ائت الأمير وأنا أشهد لك قوله ائت الأمير أي السلطان أو من هو فوقه
وقال عكرمة قال عمر لعبد الرحمان بن عوف لو رأيت رجلا على حد زنى أو سرقة وأنت أمير فقال شهادتك شهادة رجل من المسلمين قال صدقت قال عمر لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي
مولى ابن عباس قال عمر أي ابن الخطاب إلى آخره وأخرجه ابن أبي شيبة عن شريك عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة بلفظ أرأيت لو كنت القاضي والوالي وأبصرت إنسانا أكنت مقيمه عليه قال لا حتى يشهد معي غيري قال أصبت لو قلت غير ذلك لم تجد بضم التاء المثناة من فوق وكسر الجيم وسكون الدال من الإجادة وهذا السند منقطع لأن عكرمة لم يدرك عبد الرحمان فضلا عن عمر رضي الله تعالى عنه قوله قال عمر لولا أن يقول الناس إلى آخره قال

(24/247)


المهلب رحمه الله استشهد البخاري بقول عبد الرحمان بن عوف المذكور بقول عمر هذا أنه كانت عنده شهادة في آية الرجم أنها من القرآن فلم يلحقها بنص المصحف بشهادته فيه وحده وأفصح بالعلة في ذلك بقوله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله فأشار إلى أن ذلك من قطع الذرائع لئلا يجد حكام السوء السبيل إلى أن يدعوا العلم لمن أحبوا له الحكم بشيء
وأقر ماعز عند النبي بالزنى أربعا فأمر برجمه ولم يذكر أن النبي أشهد من حضره
أشار بهذا إلى أن حكم رسول الله على ماعز بالرجم كان بإقراره دون أن يشهد من حضره وحديث ماعز قد تكرر ذكره
وقال حماد إذا أقر مرة عند الحاكم رجم وقال الحكم أربعا
حماد هو ابن سليمان فقيه الكوفة والحكم بفتحتين ابن عتيبة مصغر عتبة الباب فقيه الكوفة أيضا قوله أربعا يعني لا يرجم حتى يقر أربع مرات ووصله ابن أبي شيبة من طريق شعبة قال سألت حمادا عن الرجل يقر بالزنى كم يردد قال مرة قال وسألت الحكم فقال أربع مرات والله أعلم
7170 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( الليث ) عن يحيى عن عمر بن كثير عن أبي محمد مولى أبي قتادة أن أبا قتادة قال قال رسول الله يوم حنين من له بينة على قتيل قتله فله سلبه فقمت لألتمس بينة على قتيل فلم أر أحدا يشهد لي فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره إلى رسول الله فقال رجل من جلسائه سلاح هاذا القتيل الذي يذكر عندي قال فأرضه منه فقال أبو بكر كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله قال فأمر رسول الله فأداه إلي فاشتريت منه خرافا فكان أول مال تأثلته
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأمر رسول الله هكذا في رواية كريمة فأمر بفتح الهمزة والميم بعدها راء وفي رواية فقام رسول الله فأداه إلي وفي رواية أبي ذر عن غير الكشميهني فحكم وكذا الأكثر رواة الفربري
و ( يحيى ) هو ابن سعيد الأنصاري و ( عمر بن كثير ) ضد القليل مولى أبي أيوب الأنصاري وأبو محمد هو نافع مولى ( أبي قتادة ) الحارث الأنصاري الخزرجي
والحديث مضى في الخمس والبيوع عن القعنبي وفي المغازي في غزوة حنين عن عبد الله بن يوسف وقد مر الكلام فيه
قوله سلبه بفتح اللام مال مع القتيل من الثياب والأسلحة ونحوهما قوله فأرضه منه هي رواية الأكثرين وعند الكشميهني مني قوله كلا كلمة ردع قوله أصيبغ بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة وبالغين المعجمة تصغير أصبع صغره تحقيرا له بوصفه باللون الرديء وقال الخطابي الأصيبغ بالصاد المهملة نوع من الطير ونبات ضعيف كالثمام ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة مصغر الضبع على غير قياس كأنه لما عظم ( أبا قتادة ) بأنه أسد صغر هذا وشبهه بالضبع لضعف افتراسه بالنسبة إلى الأسد وأصيبغ منصوب لأنه مفعول ثان لقوله لا يعطه قوله ويدع قال الكرماني بالرفع والنصب والجزم ولم يين وجه ذلك اعتمادا على أن القارىء الذي له يد في العربية لا يخفى عليه ذلك قوله أسدا بفتحتين و من أسد الله بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد قوله يقاتل في محل النصب لأنه صفة قوله أسدا قوله فأداه إلي بتشديد الياء قوله خرافا بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الراء هو البستان قوله تأثلته أي اتخذته أصل المال واقتنيته ويقال مال مؤثل ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل وقال الكرماني فإن قلت أول القصة وهو طلب البينة

(24/248)


تخالف آخرها حيث حكم بدونها قلت لا تخالف لأن الخصم اعترف بذلك مع أن المال لرسول الله له أن يعطي من شاء ويمنع من شاء
قال لي عبد الله عن الليث فقام النبي فأداه إلي
عبد الله هو ابن صالح كاتب الليث بن سعد والبخاري يعتمده في الشواهد قوله فقام يعني موضع فأمر
وقال أهل الحجاز الحاكم لا يقضي بعلمه شهد بذالك في ولايته أو قبلها ولو أقر خصم عنده لآخر بحق في مجلس القضاء فإنه لا يقضي عليه في قول بعضهم حتى يدعو بشاهدين فيحضرهما إقراره
وقال بعض أهل العراق ما سمع أو رآه في مجلس القضاء قضاى به وما كان في غيره لم يقض إلا بشاهدين وقال آخرون منهم بل يقضي به لأنه مؤتمن وإنما يراد من الشهادة معرفة الحق فعلمه أكثر من الشهادة وقال بعضهم يقضي بعلمه في الأموال ولا يقضي في غيرها
أراد بأهل الحجاز مالكا ومن وافقه في هذه المسألة قوله ولو أقر خصم إلى قوله فيحضرهما إقراره بضم الياء من الإحضار وهو قول ابن القاسم وأشهب قوله وقال بعض أهل العراق أراد بهم أبا حنيفة ومن تبعه وهو قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون من المالكية وقال ابن التين وجرى به العمل ويوافقه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن سيرين قال اعترف رجل عند شريح بأمر ثم أنكره فقضى عليه باعترافه فقال أتقضي علي بغير بينة فقال شهد عليك ابن أخت خالتك يعني نفسه قوله وقال آخرون منهم أي من أهل العراق وأراد بهم أبا يوسف ومن تبعه ووافقهم الشافعي رحمه الله تعالى قوله وقال بعضهم يعني من أهل العراق وأراد بهم أبا حنيفة وأبا يوسف فيما نقله الكرابيسي عنه
وقال القاسم لا ينبغي للحاكم أن يمضي قضاء بعلمه دون علم غيره مع أن علمه أكثر من شهادة غيره ولاكن فيه تعرضا لتهمة نفسه عند المسلمين وإيقاعا لهم في الظنون وقد كره النبي الظن فقال إنما هاذه صفية
القاسم إذا أطلق يراد به ابن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قاله الكرماني وقال بعضهم كنت أظن أنه ابن محمد بن أبي بكر الصديق أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة لأنه إذا أطلق في الفروع الفقهية انصرف الذهن إليه لكن رأيت في رواية عن أبي ذر أنه القاسم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن مسعود فإن كان كذلك فقد خالف أصحابه الكوفيين ووافق أهل المدينة انتهى قلت الكلام في صحة رواية أبي ذر على أن هذه المسألة فقهية وعند الفقهاء إذا أطلق القاسم يراد به القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ولئن سلمنا صحة رواية أبي ذر فإطباق الفقهاء على أنه إذا أطلق يراد به ابن محمد بن أبي بكر أرجح من كلام غيرهم قوله أن يمضي بضم الياء آخر الحروف من الإمضاء هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أن يقضي قوله دون علم غيره أي إذا كان وحده عالما به لا غيره قوله ولكن فيه تعرضا بتشديد النون وتعرضا منصوب لأنه اسم لكن وفي بعض النسخ بالتخفيف فعلى هذا قوله تعرض بالرفع وارتفاعه على أنه مبتدأ وخبره قوله فيه مقدما قوله وإيقاعا نصب عطفا على تعرضا وقال الكرماني منصوب بأنه مفعول معه والعامل هاهنا ما يلزم الظرف قوله وقد كره النبي الظن ذكره في معرض الاستدلال في نفي قضاء الحاكم في أمر بعلمه دون علم غيره لأن فيه إيقاع نفسه في الظن والنبي كره الظن إلا يرى أنه قال للرجلين اللذين مرا به وصفية بنت حيي زوجته معه إنما هذه صفية على ما يأتي الآن عقيب هذا الأثر إنما قال ذلك خوفا من وقوع الظن الفاسد لهما في قلبهما لأن الشيطان

(24/249)


يوسوس فقال ذلك دفعا لذلك
7171 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( ابن شهاب ) عن ( علي بن حسين ) أن النبي أتته صفية بنت حيي فلما رجعت انطلق معها فمر به رجلان من الأنصار فدعاهما فقال إنما هي صفية قالا سبحان الله قال إن الشيطان يجري من ابن آدم مجراى الدم
ذكر هذا الحديث بيانا لقوله في الأثر المذكور إنما هذه صفية
أخرجه عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب وهو الملقب بزين العابدين وهذا مرسل لأن علي بن حسين تابعي ولأجل ذلك عقبه البخاري بقوله رواه شعيب إلى آخره
قوله أتته صفية كانت أتته وهو معتكف في المسجد وزارته فلما رجعت انطلق النبي معها
فيه زيارة المرأة زوجها وجواز حديث المعتكف مع امرأته وخروجه معها ليشيعها قوله فدعاهما أي طلبهما فقال إنما هي صفية إنما قال ذلك لئلا يظنا ظنا فاسدا قوله قالا سبحان الله تعجبا من قول رسول الله فقال إن الشيطان يوسوس فخفت أن يوقع في قلبكما شيئا من الظنون الفاسدة فتأثمان به فقلته دفعا لذلك وقال الخطابي وقد بلغني عن الشافعي أنه قال في معنى هذا الحديث أشفق عليهما من الكفر لو ظنا به ظن التهمة فبادر لإعلامهما دفعا لوسواس الشيطان وقيل قولهما سبحان الله يبعده
رواه شعيب وابن مسافر وابن أبي عتيق وإسحاق بن يحياى عن الزهري عن علي يعني ابن حسين عن صفية عن النبي
أي روى الحديث المذكور شعيب بن أبي حمزة وابن مسافر هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي مولى الليث بن سعد وابن أبي عتيق هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وإسحاق بن يحيى بن علقمة الكلبي الحمصي كلهم رووه عن ابن محمد بن مسلم الزهري عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ورواية شعيب وصلها البخاري في الاعتكاف ورواية ابن مسافر وصلها أيضا في الصوم وفي فرض الخمس ورواية ابن أبي عتيق وصلها البخاري في الاعتكاف وأوردها في الأدب أيضا مقرونة برواية شعيب ورواية إسحاق بن يحيى وصلها الذهلي في الزهريات
22 -
( باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا )
أي هذا باب في بيان أمر الوالي إلى آخره قوله أن يتطاوعا كلمة أن مصدرية أي تطاوعهما يعني كل منهما يطيع الآخر ولا يخالفه قوله ولا يتعاصيا أي لا يظهر أحدهما العصيان للآخر لأنه متى وقع الخلاف بينهما يفسد الحال ويروى يتغاضبا بالغين والضاد المعجمتين وبالباء الموحدة قيل قد ذكر هذين اللفظين من باب التفاعل وكان الذي ينبغي أن يذكرهما من باب المفاعلة لأن باب التفاعل يكون بين القوم على ما عرف في موضعه قلت تبع لفظ الحديث فإنه ذكر فيه من باب التفاعل
7172 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( العقدي ) حدثنا ( شعبة ) عن ( سعيد بن أبي بردة ) قال سمعت أبي قال بعث النبي أبي ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقال يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا فقال له أبو موسى إنه يصنع بأرضنا البتع فقال كل مسكر حرام

(24/250)


مطابقته للترجمة في قوله وتطاوعا العقدي هو عبد الملك بن عمرو بن قيس ونسبته إلى العقد بفتحتين وهم قوم من قيس وهم صنف من الأزد وسعيد بن أبي بردة بضم الباء الموحدة عامر بن عبد الله أبي موسى الأشعري
والحديث مرسل لأن أبا بردة من التابعين سمع أباه وجماعة آخرين من الصحابة كان على قضاء الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه مكانه مات سنة أربع ومائة والحديث مضى في أواخر المغازي في بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن قبل حجة الوداع فإنه أخرجه هناك من طرق ومضى الكلام فيه
قوله بعث النبي أبي القائل هو أبو بردة وأبوه أبو موسى الأشعري قوله يسرا ولا تعسرا أي خذا بما فيه اليسر وأخذهما ذلك هو عين تركهما للعسر قوله وبشرا أي بما فيه تطييب للنفوس ولا تنفرا بما لا يقصد إلى ما فيه الشدة قوله وتطاوعا أي تحابا فإنه متى وقع الخلاف وقع التباغض قوله فقال له أي فقال للنبي إنه يصنع بأرضنا البتع والدليل على أن القائل للنبي أبو موسى ما تقدم في آخر المغازي الذي ذكرناه الآن عن أبي موسى أن النبي بعثه إلى اليمن فسأله عن أشربة تصنع بها فقال وما هي قال البتع والمزر والبتع بكسر الباء الموحدة وسكون التاء المثناة من فوق وبالعين المهملة وقد فسره أبو بردة في الحديث الذي تقدم بأنه نبيذ العسل والمزر بكسر الميم وسكون الزاي وبالراء نبيذ الشعير قوله فقال أي رسول الله كل مسكر حرام وقال صاحب التوضيح فيه رد على أبي حنيفة ومن وافقه قلت هذا كلام ساقط سمج ففي أي موضع قال أبو حنيفة إن المسكر ليس بحرام حتى يشنع هذا التشنيع الباطل
وقال النضر وأبو داود ويزيد بن هارون ووكيع عن شعبة عن سعيد عن أبيه عن جده عن النبي
أشار بهذا التعليق إلى أن الحديث السابق قد رفعه هؤلاء المذكورون وهم النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل مصغر شمل بالشين المعجمة ابن حرشة أبو الحسن المازني مات أول سنة أربع ومائتين وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي من رجال مسلم ويزيد من الزيادة ابن هارون الواسطي ووكيع بن الجراح الكوفي أربعتهم رووا عن شعبة بن الحجاج عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه أبي بردة عن جده أبي موسى الأشعري عن النبي والضمير في جده يرجع إلى سعيد ورواية النضر وأبي داود ووكيع تقدمت في أواخر المغازي في باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن ورواية يزيد بن هارون وصلها أبو عوانة في صحيحه وفيه تقديم أفاضل الصحابة على العمل واختصاص العلماء منهم وفي التوضيح وفي الحديث اشتراكهما في العمل في اليمن والمذكور في غيره أنه قدم كل واحدة منهما على مخلاف والمخلاف الكورة واليمن مخلافان قلت كان عمل معاذ النجود وما تعالى من بلاد اليمن وعمل أبي موسى التهايم وما انخفض منها
23 -
( باب إجابة الحاكم الدعوة )
أي هذا باب في بيان إجابة الحاكم الدعوة بفتح الدال وبالكسر في النسب وادعى ابن بطال الاتفاق على وجوب إجابة دعوة الوليمة واختلافهم في غيرها من الدعوات ونظروا فيه
وقد أجاب عثمان عبدا للمغيرة بن شعبة
هذا يوضح معنى الترجمة فإنه لم يذكر فيها الحكم وإجابة عثمان لعبد المغيرة دليل الوجوب وظاهر الأمر أيضا في قوله أجيبوا الداعي ولكن لإيجاب الإجابة شرائط مذكورة في الفروع الفقهية والأثر المذكور وصله أبو محمد بن صاعد في فوائده بسند صحيح إلى أبي عثمان النهدي أن عثمان بن عفان أجاب عبدا للمغيرة بن شعبة دعاه وهو صائم فقال أردت أن أجيب الداعي وأدعو بالبركة
7173 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحياى بن سعيد ) عن ( سفيان ) حدثني ( منصور ) عن ( أبي وائل )

(24/251)


عن ( أبي موسى ) عن النبي قال فكوا العاني وأجيبوا الداعي
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو القطان وسفيان هو الثوري ومنصور هو ابن المعتمر وأبو وائل شقيق بن سلمة
والحديث قد مضى في الوليمة وغيرها بأتم من هذا
قوله العاني أي الأسير في أيدي الكفار قوله الداعي أي إلى الطعام
24 -
( باب هدايا العمال )
أي هذا باب في بيان حكم الهدايا التي تهدى إلى العمال بضم العين وتشديد الميم جمع عامل وهو الذي يتولى أمرا من أمور المسلمين وروى أحمد من حديث أبي حميد رفعه هدايا العمال غلول ويروى هدايا الأمراء غلول
7174 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الزهري ) أنه سمع ( عروة ) أخبرنا ( أبو حميد الساعدي ) قال استعمل النبي رجلا من بني أسد يقال له ابن الأتبية على صدقة فلما قدم قال هاذا لكم وهاذا هدي لي فقام النبي على المنبر قال سفيان أيضا فصعد المنبر فحمد الله وأثناى عليه ثم قال ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول هاذا لك وهاذا لي فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهداى له أم لا والذي نفسي بيده لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ألا هل بلغت ثلاثا
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأبو حميد اسمه عبد الرحمان وقيل المنذر
وقد مضى في الزكاة عن يوسف بن موسى وفي الجمعة والنذور عن أبي اليمان وفي الهبة عن عبد الله بن محمد وفي ترك الحيل عن عبيد بن إسماعيل وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره وأخرجه أبو داود في الخراج عن أبي الطاهر وغيره
قوله من بني أسد قيل وقع هنا بفتح الهمزة وسكون السين المهملة ووقع في الهبة من بني الأزد والسين تقلب زايا ووقع في رواية الأصيلي من بني الأسد بالألف واللام قوله ابن الأتبية بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق وكسر الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف ويقال اللتبية بضم اللام وسكون التاء المثناة فوق وبفتحها وكسر الباء الموحدة ووقع لمسلم باللام وهي اسم أمه وقال ابن دريد بنو لتب بطن من العرب منهم ابن اللتبية رجل من الأزد ويقال فيه الأسد بالسين واسمه دراء على وزن فعال قوله قال سفيان أيضا أي قال سفيان بن عيينة تارة قام وتارة صعد قوله إن كان بعيرا له رغاء أي إن كان الذي غله بعيرا البعير يقع على الذكر والأنثى من الإبل ويجمع على أبعرة وبعران والرغاء بضم الراء وتخفيف الغين المعجمة مع المد وهو صوت البعير والخوار بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو صوت البقرة ويروى جؤار بالجيم والهمزة من يجأرون كصوت البقرة وسيأتي هذا قوله أو شاة تيعر بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف وبفتح العين المهملة ويجوز كسرها ووقع عند ابن التين أو شاة لها يعار بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف العين المهملة وهو صوت الشاة الشديد قاله القزاز وقال غيره بضم أوله صوت المعز يعرت العنز تيعر بالفتح والكسر تعار إذا صاحت قوله عفرة إبطيه بضم العين المهملة وسكون الفاء وبالراء البياض المخالط للحمرة ونحوه ويروى عفرتي إبطيه وفي رواية أبي ذر عفر إبطيه بفتح العين وسكون الفاء ويروى بفتح الفاء أيضا بلا هاء قوله ألا بالتخفيف وبلغت بالتشديد قوله ثلاثا أي قالها ثلاث مرات وفي الهبة اللهم هل بلغت ثلاثا وفي رواية مسلم هل بلغت مرتين والمعنى بلغت حكم الله إليكم امتثالا لقوله تعالى ياأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين

(24/252)


قال سفيان قصه علينا الزهري وزاد هشام عن أبيه عن أبي حميد قال سمع أذناي وأبصرته عيني وسلوا زيد بن ثابت فإنه سمعه معي ولم يقل الزهري سمع أذني
سفيان هو ابن عيينة قوله وزاد هشام عن أبيه أي عروة هو أيضا من مقول سفيان وليس تعليقا من البخاري قوله سمع أذناي بالتثنية ويروى بالإفراد وسمع بصيغة الماضي وقال عياض بسكون الصاد والميم وفتح الراء والعين للأكثر وفي رواية لمسلم بصر وسمع بالسكون فيهما والتثنية في أذني وعيني وفي رواية له بصر عيناي وسمع أذناي وفي رواية أبي عوانة بصر عينا أبي حميد وسمع أذناه في رواية لمسلم عن عروة قلت لأبي حميد أسمعته من رسول الله قال من فيه إلى أذني قال النووي معناه أنني أعلمه علما يقينا لا أشك في علمي به قوله وسلوا أي اسألوا قوله فإنه أي فإن زيد بن ثابت سمعه معي وفي رواية الحميدي فإنه كان حاضرا معي قوله ولم يقل الزهري سمع أذني هو أيضا من مقول سفيان
خوار صوت والجؤار من تجأرون كصوت البقرة
هذا من كلام البخاري وقع هنا في رواية أبي ذر عن الكشميهني قوله خوار بضم الخاء المعجمة وفسره بقوله صوت قوله والجؤار بضم الجيم وبالهمزة وأشار بقوله من تجأرون إلى ما في سورة قد أفلح حتى إذآ أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجئرون قال أبو عبيدة أي يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور والحاصل أنه بالجيم وبالخاء المعجمة بمعنى إلا أنه بالخاء للبقر وغيرها من الحيوان وبالجيم للبقر والناس قال الله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون
وفيه أن ما أهدي إلى العمال وخدمة السلطان بسبب السلطة أنه لبيت المال إلا أن الإمام إذا أباح له قبول الهدية لنفسه فهو يطيب له كما قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن قد علمت الذي دار عليك في مالك وإني قد طيبت لك الهدية فقبلها معاذ وأتى بما أهدي إليه رسول الله فوجده قد توفي فأخبر بذلك الصديق رضي الله تعالى عنه فأجازه ذكره ابن بطال وقال ابن التين هدايا العمال رشوة وليست بهدية إذ لولا العمل لم يهد له كما نبه عليه الشارع وهدية القاضي سحت ولا تملك
25 -
( باب استقضاء الموالي واستعمالهم )
أي هذا باب استقضاء الموالي أي توليتهم القضاء واستعمالهم أي على إمرة البلاد حربا أو خراجا أو صلاة والمراد بالموالي العتقاء والأصل في هذا الباب ما ذكره الله عز و جل في كتابه الكريم ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبآئل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير وقد قدم الشارع في العمل والصلاة والسعاية المفضول مع وجود الفاضل توسعة منه على الناس ورفقا بهم
7175 - حدثنا ( عثمان بن صالح ) حدثنا ( عبد الله بن وهب ) أخبرني ( ابن جريج ) أن ( نافعا ) أخبره أن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما أخبره قال كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة
انظر الحديث 692
مطابقته للترجمة وهو أن سالما تقدم وهو مولى على من ذكر من الأحرار ظاهرة
وعثمان بن صالح السهمي المصري وابن جريج عبد الملك والحديث من أفراده وسالم مولى أبي حذيفة قال أبو عمر سالم بن معقل بفتح الميم وكسر القاف مولى أبي حذيفة بن عتبة من أهل فارس من اصطخر وقيل إنه من العجم وكان من فضلاء الموالي ومن خيار الصحابة وكبارهم ويعد في القراء وكان عبدا لبثينة بنت يعار زوج أبي حذيفة فأعتقته سائبة فانقطع إلى أبي حذيفة فتبناه وزوجه من بنت أخته فاطمة بنت الوليد بن عتبة
قوله يؤم المهاجرين الأولين هم الذين صلوا إلى القبلتين وفي الكشاف هم الذين شهدوا بدرا قوله قباء ممدودا وغير ممدود منصرفا وغير منصرف قوله وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي زوج

(24/253)


أم سلمة قبل النبي أم المؤمنين وزيد بن حارثة كذا قاله بعضهم وقال الكرماني زيد بن الخطاب العدوي من المهاجرين الأولين شهد المشاهد كلها والظاهر أن الصواب معه وعامر بن ربيعة العنزي بالنون والزاي أسلم قديما وشهد بدرا والمشاهد كلها ومات سنة ثلاث وقيل خمس وثلاثين فإن قلت عد أبي بكر رضي الله تعالى عنه في هؤلاء مشكل جدا لأنه إنما هاجر في صحبة النبي قلت لا إشكال إلا على قول ابن عمر إن ذلك كان قبل مقدم النبي وأجاب البيهقي بأنه يحتمل أن يكون سالم استمر يؤمهم بعد أن تحول النبي إلى المدينة ونزل بدار أبي أيوب قبل بناء مسجده بها فيحتمل أن يقال وكان أبو بكر يصلي خلفه إذا جاءه إلى قباء
26 -
( باب العرفاء للناس )
أي هذا باب في أمر العرفاء وهو جمع عريف وهو القائم بأمر طائفة من الناس وفي التوضيح اتخاذ العرفاء النظار سنة لأن الإمام لا يمكنه أن يباشر بنفسه جميع الأمور فلا بد من قوم يختارهم لعونه وكفايته
7176 7177 - حدثنا ( إسماعيل بن أبي أويس ) حدثني ( إسماعيل بن إبراهيم ) عن ( عمه موسى بن عقبة ) قال ( ابن شهاب ) حدثني ( عروة بن الزبير ) أن ( مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أخبراه ) أن رسول الله قال حين أذن لهم المسلمون في عتق سبي هوازن فقال إني لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول الله فأخبروه أن الناس قد طيبوا وأذنوا
ما
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة بن أبي عياش يروي عن عمه موسى بن عقبة ورجال هذا الحديث كلهم مدنيون والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتح الميمين وبالخاء المعجمة
والحديث مضى في غزوة حنين
قوله حين أذن لهم المسلمون أي النبي ومن تبعه أو من أقامه في ذلك ويروى حين أذن له بالإفراد وكذا في رواية النسائي قوله هوازن قبيلة قوله من أذن منكم ممن لم يأذن كذا في رواية غير الكشميهني وكذا للنسائي وفي رواية الكشميهني من أذن فيكم قوله قد طيبوا أي تركوا السبايا بطيب أنفسهم وأذنوا في إعتاقهم وإطلاقهم
27 -
( باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك )
أي هذا باب في بيان ما يكره من ثناء السلطان أي من ثناء الناس على السلطان والإضافة فيه إضافة إلى المفعول أي الثناء بحضرته بقرينة قوله وإذا خرج يعني من عنده قال غير ذلك أي غير الثناء بالمدح وغيره الهجو والخوض فيه بذكر مساويه
7178 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ) عن أبيه قال أناس لابن عمر إنا ندخل على سلطاننا فنقول لهم خلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال كنا نعده نفاقا
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم الفضل بن دكين
قوله قال أناس سمى منهم عروة بن الزبير ومجاهد وأبو إسحاق الشيباني ووقع عند الحسن بن سفيان من طريق معاذ عن عاصم عن أبيه دخل رجل على ابن عمر أخرجه أبو نعيم من طريقه قوله على سلطاننا وفي رواية الطيالسي عن عاصم سلاطيننا بصيغة الجمع قوله فنقول لهم أي نثني عليهم وفي رواية الطيالسي

(24/254)


فنتكلم بين أيديهم بشيء وفي رواية عروة بن الزبير عند الحارث بن أبي أسامة قال أتيت ابن عمر فقلت إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بشيء نعلم أن الحق غيره فنصدقهم فقال كنا نعد هذا نفاقا فلا أدري كيف هو عندكم قوله كنا نعده من العد هكذا في رواية أبي ذر وله عن الكشميهني كنا نعد هذا وعند ابن بطال كنا نعد ذلك بدل هذا قوله نفاقا لأنه إبطان أمر وإظهار أمر آخر ولا يراد به أنه كفر بل إنه كالكفر ولا ينبغي لمؤمن أن يثني على سلطان أو غيره في وجهه وهو عنده مستحق للذم ولا يقول بحضرته خلاف ما يقوله إذا خرج من عنده لأن ذلك نفاق كما قال ابن عمر وقال فيه شر الناس ذو الوجهين الحديث لأن يظهر لأهل الباطل الرضا عنهم ويظهر لأهل الحق مثل ذلك ليرضى كل فريق منهم ويريد أنه منهم وهذه المذاهب محرمة على المؤمنين فإن قلت هذا الحديث وحديث أبي هريرة الذي يأتي الآن يعارضان قوله للذي استأذن عليه بئس ابن العشرة ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب قلت لا يعارضه لأنه لم يقل خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على التجريح عند السامع ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه من الاستئلاف وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق
7179 - حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( الليث ) عن ( يزيد بن أبي حبيب ) عن ( عراك ) عن ( أبي هريرة ) أنه سمع رسول الله يقول إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هاؤلاء بوجه وهاؤلاء بوجه
انظر الحديث 3494 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن ذا الوجهين أيضا يثني على قوم ثم يأتي إلى قوم آخر فيتكلم بخلافه
ويزيد من الزيادة ابن حبيب المصري من صغار التابعين وعراك بكسر العين المهملة وتخفيف الراء وبالكاف ابن مالك الغفاري المدني
والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث
قوله ذو الوجهين ليس المراد منه حقيقة الوجه بل هو مجاز عن الجهتين مثل المدحة والمذمة قال الله تعالى وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون أي شر الناس المنافقون قال الكرماني فإن قلت هذا عام لكل نفاق سواء كان كفرا أم لا فكيف يكون سواء في القسم الثاني قلت هو للتغليظ وللمستحل أو المراد شر الناس عند الناس لأن من اشتهر بذلك لا يحبه أحد من الطائفتين
28 -
( باب القضاء على الغائب )
أي هذا باب في بيان القضاء أي الحكم على الغائب أي في حقوق الآدميين دون حقوق الله بالاتفاق حتى لو قامت البينة على غائب بسرقة مثلا حكم بالمال دون القطع وقال ابن بطال أجاز مالك والليث والشافعي وأبو عبيد والجماعة الحكم على الغائب واستثنى ابن القاسم عن مالك ما يكون للغائب فيه حجج كالأرض والعقار إلا إن طالت غيبته أو انقطع خبره وأنكر ابن الماجشون صحة ذلك عن مالك وقال العمل بالمدينة على الغائب مطلقا حتى لو غاب بعد أن يتوجه عليه الحكم قضى عليه وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة لا يقضي على الغائب مطلقا وأما من هرب أو استتر بعد إقامة البينة فينادي القاضي عليه ثلاثا فإن جاء وإلا أنفذ الحكم عليه وقال ابن قدامة أجازه أيضا ابن شبرمة والأوزاعي وإسحاق وهو إحدى الروايتين عن أحمد ومنعه أيضا الشعبي والثوري وهي الرواية الأخرى عن أحمد
7180 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) رضي الله عنها أن هند قالت للنبي إن أبا سفيان رجل شحيح فأحتاج أن آخذ من ماله قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف

(24/255)


لا مطابقة بين الترجمة وحديث الباب لأنه لا حكم فيه على الغائب لأن أبا سفيان كان حاضرا في البلد وأيضا فإن الحديث استفتاء وجواب وليس بحكم لأن الحكم له شروط واحتجاج الشافعي ومن تبعه بهذا الحديث على جواز القضاء على الغائب غير موجه أصلا على ما لا يخفى وقال صاحب التوضيح وقد تناقض الكوفيون في ذلك فقالوا لو ادعى رجل عند حاكم أن له على غائب حقا وجاء رجل فقال إنه كفيله واعتف له الرجل بأنه كفيله إلا أنه قال لا شيء له عليه وقال أبو حنيفة يحكم على الغائب ويأخذ الحق من الكفيل وكذلك إذا قامت وطلبت النفقة من مال زوجها فإنه يحكم لها عليه بها عندهم انتهى قلت سبحان الله كيف يقول صاحب التوضيح قال أبو حنيفة يحكم على الغائب ويأخذ الحق من الكفيل وأبو حنيفة لم يحكم على الغائب وإنما حكم على الكفيل وهو حاضر وفي ضمن هذا يقع على الغائب والضمنيات لا تعلل وأيضا إنكار المدعى عليه شرط جواز القضاء بالبينة ليقع قاطعا للخصومة ولم يوجد الإنكار فلا يجوز إلا أن يحضر من يقوم مقامه كالكفيل والوكيل والوصي وكذلك في المسألة الثانية لا يحكم القاضي على الغائب بل يفرض في ماله المودع عند أحد أو الدين أو المضاربة ولكن بشروط وهي أن يعلم القاضي بذلك المال وبالنكاح أو باعتراف من كان المال في يده بالمال والنكاح وبتحليفه إياها على عدم النفقة وأخذ الكفيل منها
وشيخ البخاري محمد بن كثير ضد القليل وسفيان هو ابن عيينة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة
والحديث قد مضى عن قريب في باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه
29 -
( باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذهفإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا )
أي هذا باب يذكر فيه من قضى له على صيغة المجهول قوله بحق أخيه إنما ذكر بالأخوة باعتبار الجنسية لأن المراد خصمه وهو أعم من أن يكون مسلما أو ذميا أو معاهدا أو مرتدا لأن الحكم في الكل سواء وقيل يحتمل أن يكون هذا من باب التهييج وعبر بقوله بحق أخيه مراعاة للفظ الخبر الذي تقدم في ترك الحيل من طريق الثوري عن هشام بن عروة قوله فإن قضاء الحاكم إلى آخره هذا الكلام من كلام الشافعي فإنه لما ذكر هذا الحديث قال فيه دلالة على أن الأمة إنما كلفوا القضاء على الظاهر وفيه أن قضاء القاضي لا يحرم حلالا ولا يحل حراما
وتحرير هذا الكلام أن مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وسائر الظاهرية أن كل قضاء قضى به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو من حله بطلاق أو بما أشبه ذلك أن ذلك كله على حكم الباطن فإن كان ذلك في الباطن كهو في الظاهر وجب ذلك على ما حكم به وإن كان ذلك في الباطن على خلاف ما شهد به الشاهد أن على خلاف ما حكم به بشهادتهما على الحكم الظاهر لم يكن قضاء القاضي موجبا شيئا من تمليك ولا تحريم ولا تحليل وهو قول الثوري والأوزاعي ومالك وأبي يوسف أيضا وقال ابن حزم لا يحل ما كان حراما قبل قضائه ولا يحرم ما كان حلالا قبل قضائه إنما القاضي منفذ على الممتنع فقط لا مزية له سوى هذا وقال الشعبي وأبو حنيفة ومحمد ما كان من تمليك مال فهو على حكم الباطن وما كان من ذلك من قضاء بطلاق أو نكاح بشهود ظاهرهم العدالة وباطنهم الجراحة فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم الذي تعبد الله أن يحكم بشهادة مثلهم معه فذلك يجزيهم في الباطن لكفايته في الظاهر
7181 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( عروة بن الزبير ) أن ( زينب ابنة أبي سلمة أخبرته ) أن أم ( سلمة ) زوج النبي ( أخبرتها ) عن رسول الله أنه سمع ( خصومة ) بباب حجرته فخرج إليهم

(24/256)


فقال إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذالك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فاقضي له بذلك إلى آخر الحديث
وإبراهيم بن سعد بن إبرهيم بن عبد الرحمان بن عوف وصالح هو ابن كيسان
والحديث قد مضى في المظالم عن عبد العزيز بن عبد الله أيضا وفي الشهادات وفي الأحكام عن القعنبي وفي الأحكام أيضا عن أبي اليمان وفي ترك الحيل عن محمد بن كثير ومضى الكلام فيه
وفي رواية شعيب عن الزهري جلبة بفتح الجيم واللام وهو اختلاط الأصوات وفي رواية الطحاوي جلبة خصام عند بابه والخصام جمع خصيم كالكرام جمع كريم وفي رواية مسلم جلبة خصم وله في رواية من طريق معمر عن هشام لجبة بتقديم اللام على الجيم وهي لغة في جلبة ولم يعين أصحاب الجلبة وفي رواية أبي داود أتى رسول الله رجلان يختصمان وأما الخصومة ففي رواية عبد الله بن رافع أنها كانت في مواريث لهما وروى الطحاوي بسنده إلى عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله فقال إنما أنا بشر الحديث قوله بباب حجرته وفي رواية مسلم عند بابه والحجرة هي منزل أم سلمة وكانت الخصومة في مواريث وأشياء بينهما قد درست وليست لهما بينة فقال رسول الله وفي رواية مسلم في رواية معمر بباب أم سلمة قوله إنما أنا بشر البشر يطلق على الجماعة الواحد يعني أنه منهم والمراد أنه مشارك للبشر في أصل الخلقة ولو زاد عليهم بالمزايا التي اختص بها في ذاته وصفاته وقد ذكرت في شرح معاني الآثار وفي قوله إنما أنا بشر أي من البشر ولا أدري باطن ما يتحاكمون فيه عندي ويختصمون فيه لدي وإنما أقضي بينكم على ظاهر ما تقولون فإذا كان الأنبياء عليهم السلام لا يعلمون ذلك فغير جائز أن تصح دعوة غيرهم من كاهن أو منجم العلم وإنما يعلم الأنبياء من الغيب ما أعلموا به بوجه من الوحي قوله فلعل استعمل استعمال عسى وبينهما معاوضة قوله أبلغ من بعض أي أفصح في كلامه وأقدر على إظهار حجته وفي رواية سفيان الثوري في ترك الحيل لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض قوله فأحسب أنه صادق هذا يؤذن أن في الكلام حذفا تقديره هو في الباطن كاذب وفي رواية معمر فأظنه صادقا قوله فأقضي له بذلك أي أحكم له بما يذكره بظني أنه صادق وفي رواية أبي داود من طريق الثوري فأقضي له عليه على نحو ما أسمع وفي رواية عبد الله بن رافع إني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه قوله فمن قضيت له بحق مسلم وفي رواية مالك ومعمر فمن قضيت له بشيء من حق أخيه وفي رواية الثوري فمن قضيت له من أخيه شيئا وكأنه ضمن قضيت معنى أعطيت وعند أبي داود عن محمد بن كثير شيخ البخاري فيه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه قوله فإنما هي الضمير للحكومة التي تقع بينكم على هذا الوجه يعني بحسب الظاهر قوله قطعة من النار تمثيل يفهم منه شدة التعذيب وهو من مجاز التشبيه كقوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قوله قوله فليأخذها أو ليتركها وفي رواية يونس فليحملها أو ليذرها وزاد عبد الله بن رافع في آخر الحديث في رواية الطحاوي بعد أن قال فليأخذها أو ليدعها فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي الآخر فقال رسول الله أما إذا فعلتما هذا فاذهبا فاقتسما وتوخيا الحق ثم أستهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه قوله توخيا الحق أي تحرياه قوله ثم استهما أي ثم اقترعا فإن قلت ما معنى أو هنا قلت التخيير على سبيل التهديد إذ معلوم أن العاقل لا يختار أخذ النار التي تحرقه
وفيه من الفوائد أن البشر لا يعلمون ما غيب عنهم وستر عن الضمائر وأن بعض الناس أدرى بمواضع الحجة وتصرف القول من بعض وأن القاضي إنما يقضي على الخصم بما يسمع منه من إقرار وإنكار أو بينات على حسب ما أحكمته السنة في ذلك وأن التحري جائز في أداء المظالم وأن الحاكم يجوز له الاجتهاد فيما لم يكن فيه نص وأن الصلح على الإنكار جائز خلافا للشافعي قاله أبو عمر وأن الاقتراع والاستهام جائز وقال أبو عمر وقد احتج أصحابنا بهذا الحديث في رد حكم القاضي بعلمه

(24/257)


7182 - حدثنا ( إسماعيل ) قال حدثني ( مالك ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عروة بن الزبير ) عن ( عائشة ) زوج النبي أنها قالت كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال ابن أخي قد كان عهد إلي فيه فقام إليه عبد بن زمعة فقال أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فتساوقا إلى رسول الله فقال سعد يا رسول الله ابن أخي كان عهد إلي فيه وقال عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فقال رسول الله هو لك يا عبد بن زمعة ثم قال رسول الله الولد للفراش وللعاهر الحجر ثم قال لسودة بنت زمعة احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله تعالى
وجه إيراد هذا الحديث السابق أن الحكم بحسب الظاهر ولو كان في نفس الأمر خلاف ذلك فإنه حكم في ابن وليدة زمعة بحسب الظاهر وإن كان في نفس الأمر ليس من زمعة ولا يسمى ذلك خطأ في الاجتهاد فيدخل هذا في معنى الترجمة
وإسماعيل هو ابن أبي أويس
والحديث قد مضى في البيوع في باب تفسير المشتبهات فإنه أخرجه هناك عن قزعة عن مالك وفي الفرائض عن قتيبة وفي المحاربين عن أبي الوليد ومضى الكلام فيه
قوله كان عتبة بضم العين وسكون التاء المثناة من فوق قوله ابن وليدة زمعة الوليدة الجارية وزمعة بسكون الميم وفتحها واسم الابن عبد الرحمن قوله عهد إلي بتشديد الياء وعهد أوصى قوله فتساوقا من التساوق وهو مجيء واحد بعد واحد والمراد هنا المسارعة قوله هو لك أي إنه ابن أمته قوله وللعاهر أي الزاني قوله الحجر أي الخيبة كما يقال بفيه الحجر وقيل يراد به الحجر الذي يرجم به المحصن وليس بظاهر قوله احتجبي منه أي من الابن المتنازع فيه إنما قال ذلك تورعا واحتياطا
30 -
( باب الحكم في البئر ونحوها )
أي هذا باب في بيان الحكم في البئر ونحوها مثل الحوض والشرب بكسر الشين المعجمة
7183 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( منصور والأعمش ) عن ( أبي وائل ) قال قال ( عبد الله ) قال النبي لا يحلف على يمين صبر يقتطع مالا وهو فيها فاجر إلا لقي الله وهو عليه غضبان فأنزل الله إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الآية فجاء الأشعث وعبد الله يحدثهم فقال في نزلت وفي رجل خاصمته في بئر فقال النبي ألك بينة قلت لا قال فليحلف قلت إذا يحلف فنزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم الآية
مطابقته للترجمة ظاهرة وقيل وجه دخول هذه الترجمة في القصة مع أنه لا فرق بين البئر والدار والعبد حتى ترجم على البئر وحدها أنه أراد الرد على من زعم أن الماء لا يملك فحقق بالترجمة أنه يملك لوقوع الحكم بين المتخاصمين فيها انتهى قلت في أول كلامه نظر لأنه لم يقتصر في الترجمة على البئر وحدها بل قال ونحوها وفي آخر كلامه أيضا نظر لأنه ليس في الخبر تصريح بذكر الماء فكيف يصح الرد
وإسحاق بن نصر هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي البخاري روى عنه البخاري فتارة يقول حدثنا إسحاق بن نصر وتارة يقول إسحاق بن إبراهيم بن نصر وعبد الرزاق بن همام بالتشديد وسفيان هو الثوري ومنصور هو ابن المعتمر والأعمش هو سليمان وأبو وائل هو شقيق بن سلمة

(24/258)


وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في الشرب قوله على يمين صبر أي يمين على حبس الشخص عندها قوله يقتطع أي يكتسب قطعة من المال لنفسه قوله وهو فيها فاجر أي كاذب والجملة حالية قوله غضبان المراد من الغضب لازمه وهو العذاب لأن الغضب لا يصح على الله لأنه غليان دم القلب لإرادة الانتقام
قوله الأشعث بالشين المعجمة وبالثاء المثلثة ابن قيس الكندي قوله وعبد الله يحدثهم الواو فيه للحال قوله في بتشديد الياء قوله وفي رجل اسمه الجفشيش الكندي ويقال الحضرمي قال أبو عمر يقال فيه بالجيم وبالحاء وبالخاء يكنى أبا الخير ويقال اسمه جرير بن معدان قدم على النبي في وفد كندة قوله يحلف بالنصب
31 -
( باب القضاء في كثير المال وقليله )
أي هذا باب في بيان القضاء أي الحكم في كثير المال وقليله يعني لا فرق في الحكم بين الكثير والقليل لأن كل ذلك مال ولكن الأقل من درهم لا يعد مالا في العرف حتى إنه لو قال لفلان علي مال فإنه لا يصدق في أقل من درهم والكثير ما له حد والمال الكثير نصاب الزكاة وقيل نصاب السرقة عشرة دراهم ثم قوله باب مبتدأ محذوف الخبر وقوله القضاء مبتدأ أو قوله في كثير المال خبره تقديره القضاء واقع أو ثابت أو سواء في كثير المال وقليله وفي بعض النسخ باب القضاء في كثير المال وقليله سواء بالخبر البارز وقال بعضهم باب بالتنوين قلت لا يقال بالتنوين إلا إذا قدر مبتدأ قبله نحو هذا باب كما ذكرناه لأن الإعراب لا يكون إلا في المركب
وقال ابن عيينة عن ابن شبرمة القضاء في قليل المال وكثيره سواء
أي قال سفيان بن عيينة عن عبد الله بن شبرمة قاضي الكوفة وهكذا ذكر سفيان في جامعه عن ابن شبرمة
7185 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عروة بن الزبير ) أن ( زينب بنت أبي سلمة أخبرته ) عن ( أمها ) أم ( سلمة ) قالت سمع النبي جلبة خصام عند بابه فخرج عليهم فقال لهم إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضا أن يكون أبلغ من بعض أقضي له بذلك وأحسب أنه صادق فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليدعها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله بحق مسلم لأن الحق يتناول القليل والكثير والحديث مضى قبل هذا الباب ومضى الكلام فيه هناك
32 -
( باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهموقد باع النبي مدبرا من نعيم بن النحام )
أي هذا باب في بيان حكم بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم وهو جمع ضيعة وهي العقار قاله الكرماني وقال أيضا هو من عطف الخاص على العام قلت وقد فسر الجوهري الضيعة بالعقار أيضا وقال صاحب دستور اللغة الضيعة القرية قلت وفي اصطلاح الناس كذلك لا يطلقون الضيعة إلا على القرية وإليه أشار ابن الأثير أيضا ما يكون منه معاش الرجل كالضيعة والتجارة والزراعة ونحو ذلك وذكره في باب الضاد مع الياء ثم قيل إنما أضاف البيع إلى الإمام ليشير إلى أن ذلك يقع منه في مال السفيه أو في وفاء دين الغائب أو من يمتنع أو غير ذلك ليتحقق أن للإمام التصرف في الأموال في الجملة وقال المهلب إنما يبيع الإمام على الناس أموالهم إذا رأى منهم سفها في أحوالهم فأما من ليس بسفيه فلا يباع عليه شيء من ماله إلا في حق يكون عليه قوله وقد باع النبي مدبرا من نعيم بن النحام وإنما ذكره في معرض الاستدلال لما ذكره قبله وإنما باع مدبره لأنه أنفد جميع ذات يده في المدبر لأنه تعرض للهلكة فنقض فعله وإنما لم ينقض على الذي قال له

(24/259)


لا خلابة لأنه لم يفوت على نفسه جميع ماله ونعيم مصغرا هو النحام لأنه قال سمعت نحمة نعيم أي سلعته في الجنة ولفظ الابن زائد وقال أبو عمر نعيم بن عبد الله النحام القرشي العدوي وإنما سمي النحام لأنه قال دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم فيها والنحمة السعلة وقيل النحنحة الممدود آخرها فسمي بذلك النحام كان قديم الإسلام يقال إنه أسلم بعد عشرة أنفس قبل إسلام عمر رضي الله عنه وكان يكتم إسلامه وكانت هجرته عام خيبر وقيل بل هاجر في أيام الحديبية وقيل أقام بمكة حتى كان قبل الفتح قتل بأجنادين شهيدا سنة ثلاث عشرة في آخر خلافة أبي بكر رضي الله عنه وقيل قتل يوم اليرموك في رجب سنة خمس عشرة
7186 - حدثنا ( ابن نمير ) حدثنا ( محمد بن بشر ) حدثنا ( إسماعيل ) حدثنا ( سلمة بن كهيل ) عن ( عطاء ) عن ( جابر ) قال بلغ النبي أن رجلا من أصحابه أعتق غلاما عن دبر لم يكن له مال غيره فباعه بثمانمائة درهم ثم أرسل بثمنه إليه
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير مصغر نمر الحيوان المشهور ومحمد بن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة وإسماعيل هو ابن أبي خالد وسلمة بن كهيل مصغر كهل وعطاء هو ابن أبي رباح بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة وجابر هو ابن عبد الله وكذا وقع في بعض النسخ
والحديث مضى في البيوع وأخرجه أبو داود في العتق عن أحمد بن حنبل وأخرجه النسائي فيه عن أبي داود الحراني وغيره وأخرجه ابن ماجه عن شيخ البخاري وغيره
قوله عن دبر يعني علق عتقه بعد موته ووقع هنا للكشميهني عن دين بفتح الدال وسكون الياء آخر الحروف وبالنون قيل هو تصحيف والمشهور هو الأول والرجل المذكور هو أبو مذكور واسم الغلام يعقوب والمشتري نعيم النحام
33 -
( باب من لم يكثرت بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثا )
أي هذا باب في ذكر من لم يكترث أي لم يبال ولم يلتفت وأصله من الكرث بفتح الكاف وسكون الراء وبالثاء المثلثة يقال ما اكترثت أي ما أبالي ولا يستعمل إلا في النفي واستعماله في الإثبات شاذ وقال المهلب معنى هذه الترجمة أن الطاعن إذا لم يعلم حال المطعون عليه فرماه بما ليس فيه لا يعبأ بذلك الطعن ولا يعمل به قوله بطعن من لا يعلم إشارة إلى أن من طعن فعلم أنه يعمل به فلو طعن بأمر محتمل كان ذلك راجعا إلى رأي الإمام
7187 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد العزيز بن مسلم ) حدثنا ( عبد الله بن دينار ) قال سمعت ( ابن عمر ) رضي الله عنهما يقول بعث رسول الله بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن في إمارته وقال إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله وايم الله إن كان لخليقا للإمرة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هاذا لمن أحب الناس إلي بعده
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في آخر المغازي في باب بعث النبي أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه ومضى الكلام فيه
قوله بعثا أي جيشا قوله وأمر بتشديد الميم أي جعله أميرا على الجيش قوله فطعن على صيغة المجهول قوله في إمارته بكسر الهمزة قوله أن تطعنوا في إمارته أي في إمارة أسامة قوله فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه أي أبي أسامة وهو زيد قوله من قبله وذلك أنهم طعنوا في إمارة زيد من قبل طعن أسامة وكان رسول الله بعث أسامة إلى الحرقات من جهينة وبعثه أميرا في غزوة مؤتة فاستشهد هناك وقال الكرماني قالت النحاة الشرط سبب للجزاء متقدم عليه وهاهنا ليس كذلك ثم أجاب بأنه يؤول مثله بالإخبار عندهم أي إن طعنتم فيه فأخبركم بأنكم طعنتم من قبل في أبيه

(24/260)


ويلازمه عند البيانيين أي إن طعنتم فيه تأثمتم بذلك لأنه لم يكن حقا والغرض أنه كان خليقا بالإمارة أشار إليه بقوله وايم الله إلى آخره ولفظ ايم الله من ألفاظ القسم كقولك والله وفيها لغات كثيرة وتفتح همزتها وتكسر وهمزتها همزة وصل وقد تقطع وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين وغيرهم يقول هو اسم موضوع للقسم قوله إن كان لفظه إن مخففة من المثقلة أصله إنه كان أي إن زيد بن أسامة كان لخليقا أي لائقا للإمرة ومستحقا لها وفي رواية الكشميهني للإمارة قوله وإن كان أي وإنه كان لمن أحب الناس إلي بتشديد الياء قوله وإن هذا أي وإن زيدا هذا وأشار إليه لمن أحب الناس إلي بعده أي بعد أسامة فإن قلت قد طعن على أسامة وأبيه ما ليس فيهما ولم يعزل الشارع واحدا منهما بل بين فضلهما ولم يعتبر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بهذا القول في سعد وعزله حين قذفه أهل الكوفة بما هو بريء منه قلت عمر رضي الله تعالى عنه لم يعلم من مغيب أمر سعد ما علمه الشارع من أمر زيد وأسامة وإنما قال عمر لسعد حين ذكر أن صلاته تشبه صلاة رسول الله ذلك الظن بك ولم يقطع على ذلك كما قطع رسول الله في أمر زيد إنه خليق للإمارة وقيل الطاعنون فيهما من استصغار سنهما على من قدما عليه من مشيخة الصحابة وقيل هم المنافقون الذي كانوا يطعنون على رسول الله ويقبحون آراءه
34 -
( باب الألد الخصم وهو الدائم في الخصومة )
أي هذا باب في ذكر الألد بفتح الهمزة واللام وتشديد الدال الخصم بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد المهملة وفسره البخاري بقوله وهو الدائم الخصومة أراد أن خصومته لا تنقطع
لدا عوجا
إلى قوله فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا واللد بضم اللام جمع ألد والعوج بضم العين جمع أعوج وفسره به وفي رواية الكشميهني ألد أعوج وفي تفسير عبد بن حميد من طريق معمر عن قتادة في قوله قال جدلا بالباطل
7188 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى بن سعيد ) عن ( ابن جريج ) سمعت ( ابن أبي مليكة ) يحدث عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت قال رسول الله أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم
انظر الحديث 2457 وطرفه
الترجمة والحديث واحد ويحيى هو القطان وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وابن أبي مليكة هو عبد الله واسم أبي مليكة بضم الميم زهير
والحديث مضى في المظالم عن أبي عاصم وفي التفسير عن قبيصة عن سفيان الثوري ومضى الكلام فيه
قال الكرماني الأبغض هو الكافر ثم قال معناه أبغض الكفار والكافر المعاند وأبغض الرجال المخاصمين الألد الخصم وقيل المعنى الثاني هو الأصوب وهو أعم من أن يكون كافرا أو مسلما
35 -
( باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد )
أي هذا باب فيه إذا قضى الحاكم بجور أي بظلم أو قضى بحكم هو يخالف أهل العلم قوله قوله فهو رد جواب إذا أي مردود يعني ينقض وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم فإن كان وجه الاجتهاد والتأويل كما صنع خالد بن الوليد رضي الله عنه على ما يأتي الآن فإن الإثم فيه ساقط والضمان لازم في ذلك عند عامة أهل العلم إلا أنهم اختلفوا فيه فقالت طائفة إذا أخطأ الحاكم في حكمه في قتل أو جراح فدية ذلك في بيت المال وكذا عند الثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وعند الأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي على عاقلة الإمام

(24/261)


7189 - حدثنا ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن ( ابن عمر بعث ) النبي ( خالدا ) ح وحدثني ( نعيم ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن أبيه قال بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا صبأنا صبأنا فجعل خالد يقتل ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره فذكرنا ذلك للنبي فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين
انظر الحديث 4339
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد يعني من قتله الذين قالوا صبأنا قبل أن يستفسرهم عن مرادهم بذلك القول فإن فيه إشارة إلى تصويب فعل ابن عمر ومن تبعه في تركهم متابعة خالد على قتل من أمرهم بقتلهم من المذكورين وقال الخطابي الحكمة في تبريه من فعل خالد مع كونه لم يعاتبه على ذلك لكونه مجتهدا أن يعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه ولينزجر غير خالد بعد ذلك عن فعل مثله وقال ابن بطال الإثم وإن كان ساقطا عن المجتهد في الحكم إذا تبين أنه بخلاف جماعة أهل العلم لكن الضمان لازم للمخطىء عند الأكثر مع الاختلاف وقد بيناه الآن
ثم إنه أخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والآخر عن نعيم بضم النون وفتح العين المهملة ابن حماد الرفاء بتشديد الفاء المروزي الأعور ذو التصانيف امتحن في القرآن وقيد فمات بسامرا سنة تسع وعشرين ومائتين وفي رواية أبي ذر وحدثني أبو عبد الله نعيم بن حماد وفي رواية غيره قال أبو عبد الله حدثني أبو نعيم وأبو عبد الله هذا هو البخاري ونعيم يروي عن عبد الله بن المبارك المروزي عن معمر إلى آخره
والحديث مضى في المغازي في باب بعث النبي خالد بن الوليد إلى بني جذيمة وهي قبيلة من عبد قيس
قوله صبأنا من صبأ الرجل إذا خرج من دين إلى دين قوله مما صنع خالد أي من العجلة في قتلهم وترك التثبت في أمورهم
36 -
( باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم )
أي هذا باب فيه الإمام إلى آخره وارتفاع الإمام بالابتداء وخبره يأتي قوما قوله فيصلح وفي رواية الكشميهني ليصلح بينهم باللام بدل الفاء ويجوز إضافة الباب إلى الإمام أي هذا باب في أمر الإمام حال كونه يأتي قوما لأجل الإصلاح بينهم
7190 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد ) ( أبو حازم المديني ) عن ( سهل بن سعد الساعدي ) قال كان قتال بين بني عمرو فبلغ ذلك النبي فصلى الظهر ثم أتاهم يصلح بينهم فلما حضرت صلاة العصر فأذن بلال وأقام وأمر أبا بكر فتقدم وجاء النبي وأبو بكر في الصلاة فشق الناس حتى قام خلف أبي بكر فتقدم في الصف الذي يليه قال وصفح القوم وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت حتى يفرغ فلما رأى التصفيح لا يمسك عليه التفت فرأى النبي خلفه فأومأ إليه النبي أن امضه وأومأ بيده هاكذا ولبث أبو بكر

(24/262)


هنية يحمد الله على قول النبي ثم مشى القهقراى فلما رأى النبي ذالك تقدم فصلى النبي بالناس فلما قضى صلاته قال يا أبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت قال لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم النبي وقال للقوم إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو النعمان محمد بن الفضل وحماد بن زيد وكذا في بعض النسخ وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار المدني
والحديث مضى في الصلاة في باب من دخل ليؤم الناس
قوله بين بني عمرو أي ابن عوف بالفاء وهي قبيلة قوله فأذن بلال قيل ليس هذا محل الفاء سواء كان لما للشرط أو للظرفية وأجيب بأن جزاءه محذوف وهو جاء المؤذن والفاء للعطف عليه قوله فشق الناس فإن قلت جاء عنه أنه نهى عن التخطي الحديث قلت الإمام مستثنى من ذلك فله أن يتخطى إلى موضعه وقال المهلب الشارع ليس كغيره في أمر الصلاة وغيرها فإنه ليس لأحد أن يتقدم عليه فيها قوله وصفح القوم بتشديد الفاء من التصفيح وهو التصفيق وهو التصويت باليد قوله لا يمسك عليه بلفظ المجهول ويروى عنه قوله امضه من الإمضاء وهو الإنقاذ قوله هكذا أي مشيرا بالمكث في مكانه قوله هنية مصغر الهنة أصلها الهنوة أي زمانا يسيرا قوله يحمد الله حال أي يحمد الله على قول النبي المستفاد من الإشارة بالإمضاء والمكث في المكان وفي رواية الكشميهني فحمد الله بالفاء قوله القهقرى نوع من المشي وهو رجوع إلى خلف قوله يا أبا بكر أصله يا أبا بكر حذفت الألف للتخفيف قوله إذا أي حين قوله أومأت إليك قوله مضيت أي تقدمت قوله لم يكن لابن أبي قحافة بضم القاف وفتح الحاء المهملة وبالفاء وهو كنية والد أبي بكر واسمه عثمان التيمي أسلم عام الفتح وعاش إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه إنما قال هكذا ولم يقل لي أو لأبي بكر تحقيرا لنفسه واستصغارا لمرتبته عند رسول الله قوله إذا نابكم بالنون أي إذا أصابكم أمر ويروى إذا رابكم أي سنح لكم حاجة فليسبح الرجال أي ليقولوا سبحان الله قوله وليصفح النساء من التصفيح وقد مر تفسيره وهو أن تضرب بيدها على ظهر يدها الأخرى
37 -
( باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا )
أي هذا باب في بيان ما يستحب لكاتب الحكم أن يكون أمينا في كتابته بعيدا من الطمع ولا يأخذ أكثر من أجرة المثل في موضع يجوز له الأخذ ولا يأخذ مثل ما يأخذ غالب شهود مصر قوله عاقلا يعني لا يكون مغفلا مثل بعض قضاة مصر لأن المغفل يخدع ويضيع حقوق الناس ولا سيما إذا كان لا يخرج من كلام بعض خواصه من أكالين أموال الناس المفسدين وعن الشافعي رضي الله تعالى عنه ينبغي لكاتب القاضي أن يكون عاقلا لئلا يخدع ويحرص على أن يكون فقيها لئلا يؤتى من جهله ويكون بعيدا
7191 - حدثنا ( محمد بن عبيد الله أبو ثابت ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبيد بن السباق ) عن ( زيد بن ثابت ) قال بعث إلي أبو بكر لمقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله فقال عمر هو والله خير فلم

(24/263)


يزل عمر يراجعني في ذالك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ورأيت في ذالك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله فتتبع القرآن فاجمعه قال زيد فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما كلفني من جمع القرآن قلت كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله قال أبو بكر هو والله خير فلم يزل يحث مراجعتي حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر ورأيت في ذالك الذي رأيا فتبعت القرآن أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال فوجدت آخر سورة التوبة لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم إلى آخرها مع خزيمة أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها وكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز و جل ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر
قال محمد بن عبيد الله اللخاف يعني الخزف
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك
ومحمد بن عبيد الله بتصغير العبد أبو ثابت مولى عثمان رضي الله تعالى عنه وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري وعبيد مصغر عبد بن السباق بالسين المهملة وتشديد الباء الموحدة الثقفي
والحديث مضى في تفسير سورة براءة وفي فضائل القرآن ومضى الكلام فيه
قوله اليمامة بفتح الياء آخر الحروف وتخفيف الميم الأولى جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام وبلاد الجون منسوبة إليها وهي من اليمن وفيها قتل مسيلمة الكذاب وقتل من القراء سبعون أو سبعمائة قوله استحر أي اشتد وكثر قوله خير يحتمل أن يكون أفعل التفضيل وأن لا يكون قيل كيف يكون فعلهم خيرا مما كان في زمن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأجيب يعني هو خير في زمانهم وكذا الترك كان خيرا في زمانه لعدم تمام النزول واحتمال النسخ فلو جمعت بين الدفتين وسارت به الركبان إلى البلدان ثم نسخ لأدى ذلك إلى اختلاف عظيم قوله من العسب بضم العين وسكون السين المهملتين جمع عسيب وهو جريد النخل إذا نزع منه الخوص قوله والرقاع جمع رقعة قوله واللخاف بالخاء المعجمة جمع اللخفة وهو الحجر الأبيض وقيل الخزف قوله مع خزيمة بن ثابت الأنصاري قوله أو أبي خزيمة شك من الراوي وأبو خزيمة بن أوس بن يزيد بن أصرم شهد بدرا وما بعدها من المشاهد وتوفي في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه قيل قد مر في باب جمع القرآن أن الآية التي مع خزيمة من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا من سورة الأحزاب أجيب بأن آية التوبة كانت عند النقل من العسب إلى الصحف وآية الأحزاب عند النقل من الصحيفة إلى المصحف قيل كيف ألحقها بالقرآن وشرطه التواتر قيل له معناه لم أجدها مكتوبة عند غيره قيل لما كان متواترا فما هذا التتبع أجيب للاستظهار لا سيما وقد كتب بين يدي رسول الله وليعلم هل فيها قراءة أخرى أم لا قيل ما وجه ما اشتهر أن عثمان هو جامع القرآن أجيب بأن الصحف كانت مشتملة على جميع أحرفه ووجوهه التي نزل بها فجرد عثمان اللغة القرشية منها أو كانت صحفا فجعلها مصحفا واحدا جمع الناس عليها وأما الجامع الحقيقي سورا وآيات فهو رسول الله بالوحي
قوله قال محمد بن عبيد الله هو شيخ البخاري فإنه فسر اللخاف بالخزف
38 -
( باب كتاب الحاكم إلى عماله والقاضي إلى أمنائه )
أي هذا باب في بيان كتاب الحاكم إلى عماله بضم العين وتشديد الميم جمع عامل وهو الذي يوليه الحاكم على بلد لجمع خراجها

(24/264)


أو زكاتها أو الصلاة بأهلها أو التأميل على جهاد عدوها وكتاب القاضي إلى أمنائه جمع أمين وهو الذي يوليه القاضي في ضبط أموال الناس نحو الجباة والشهود والذين يكتبون معهم
7192 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( أبي ليلى ) الله ح وحدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي ليلاى بن عبد الله بن عبد الرحمان بن سهل ) عن ( سهل بن أبي حثمة ) أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقير أو عين فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه قالوا ما قتلناه والله ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم وأقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمان بن سهل فذهب ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال النبي لمحيصة كبر كبر يريد السن فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب فكتب رسول الله إليهم به فكتب ما قتلناه فقال رسول الله لحويصة ومحيصة وعبد الرحمان أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم قالوا لا قال أفتحلف لكم يهود قالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار قال سهل فركضتني منها ناقة
مطابقته للترجمة في قوله فكتب رسول الله أي إلى أهل خيبر به أي بالخبر الذي نقل إليه
وأخرجه من طريقين أحدهما عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي ليلى بفتح اللامين مقصورا ابن عبد الله بن عبد الرحمان بن سهل بن أبي حثمة وقيل أبو ليلى هو عبد الله بن سهل بن عبد الرحمان بن سهل قال الكرماني وقيل لم يرو عنه إلا مالك فقط فهو نقض على قاعدة البخاري حيث قالوا شرطه أن يكون لراويه راويان والطريق الآخر عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك إلى آخره والحديث مضى في القسامة
قوله من كبراء قومه أي عظمائهم قوله أن عبد الله بن سهل أي ابن زيد بن كعب الحارثي محيصة بضم الميم وفتح الحاء المهملة وأما الياء آخر الحروف فمشددة مكسورة أو مخففة ساكنة وبإهمال الصاد ابن مسعود بن كعب الحارثي قوله من جهد بفتح الجيم الفقر والاشتداد ونكاية العيش قوله وطرح في فقير بالفاء المفتوحة والقاف المكسورة والياء آخر الحروف الساكنة والراء وهو فم القناة والحفيرة التي يغرس فيها الفسيلة قوله وأخوه حويصة بالمهملتين على وزن محيصة في الوجهين قوله وهو حويصة قوله كبر أي قدم الأسن في الكلام قوله إما أن يدوا أي إما أن يعطي اليهود الدية ومن ودى إذا أعطى الدية ومضارعه يدي أصله يودي حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة فصار على وزن يعل قوله فكتب ما قتلناه في رواية الكشميهني فكتبوا وهذا أوجه قال الكرماني فكتب أي كتب الحي المسمى باليهود وفيه تكلف وقال بعضهم وأقرب منه أن يراد الكاتب عنهم لأن الذي يباشر الكتابة إنما هو واحد قلت هذا أيضا فيه تكلف والأقرب منه والأصوب كتبوا بصيغة الجمع والأولى أن يكون كتب على صيغة المجهول ولفظ قوله ما قتلناه مرفوع به محلا أي كتب هذا اللفظ قوله أتحلفون قال الكرماني كيف عرضت اليمين على الثلاثة وإنما هي للوارث خاصة وهو أخوه قلت كان معلوما عندهم أن اليمين يختص به فأطلق الخطاب لهم لأنه كان لا يعمل شيئا إلا بمشورتهما إذ هو كان كالولد لهما قوله فواده أي فأعطى ديته رسول الله إنما أعطاه من عنده قطعا للنزاع وجبرا لخاطرهم وإلا فاستحقاقهم لم يثبت

(24/265)


( باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور )
أي هذا باب يذكر فيه هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا حال كونه وحده للنظر في الأمور أي في أمور المسلمين وفي رواية المستملي والكشميهني أن يبعث رجلا وحده ينظر في الأمور وجواب الاستفهام محذوف لم يذكره اكتفاء بما يوضح ذلك في حديث الباب
وفيه خلاف فعند محمد بن الحسن لا يجوز للقاضي أن يقول أقر عندي فلان بكذا لا يقضي به عليه من قتل أو مال أو عتق أو طلاق حتى يشهد معه على ذلك غيره وأجاب عن حديث الباب أنه خاص بالنبي قال وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبدا عدلان يسمعان من يقر ويشهدان على ذلك فينفذ الحكم بشهادتهما وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إذا أقر رجل عند القاضي بأي شيء كان وسعه أن يحكم به وقال ابن القاسم على مذهب مالك إن كان القاضي عدلا وحكم به ينفذ وبه قال الشافعي وقال ابن القاسم وإن لم يكن عدلا لم يقبل قوله وقال المهلب في هذا الحديث حجة لمالك في جواز إنفاذ الحاكم رجلا واحدا يثق به يكشف له عن حال الشهود في السر كما يجوز قبول الفرد فيما طريقه الخبر لا الشهادة وقال وقد استدل به قوم في جواز تنفيذ الحكم دون إعذار إلى المحكوم عليه قال وهذا ليس بشيء لأن الإعذار يشترط فيما كان الحكم فيه بالبينة لا ما كان بالإقرار كما في هذه القصة لقوله فإن اعترفت
7193 7194 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( ابن أبي ذئب ) حدثنا ( الزهري ) عن ( عبيد الله ) ( بن عبد الله ) عن ( أبي هريرة ) ( وزيد بن خالد الجهني ) قالا ( جاء أعرابي ) فقال يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله فقام خصمه فقال صدق فاقض بيننا بكتاب الله فقال الأعرابي إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقالوا لي على ابنك الرجم ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة ثم سألت أهل العلم فقالوا إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام فقال النبي لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وأما أنت يا أنيس لرجل فاغد على امرأة هاذا فارجمها فغدا عليها أنيس فرجمها
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فاغد يا أنيس على امرأة هذا
وشيخ البخاري آدم بن إياس واسمه عبد الرحمن أصله من خراسان سكن عسقلان وهو من أفراده وابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة واسمه هشام والزهري محمد بن مسلم وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة
والحديث مضى مكررا في الشروط عن قتيبة وفي الوكالة عن أبي الوليد وفي الصلح عن آدم وفي النذور عن إسماعيل وفي المحاربين عن عبد الله بن يوسف وعن عاصم بن علي وعن مالك بن إسماعيل وغير ذلك ومضى الكلام فيه
قوله كان عسيفا أي أجيرا قوله لأقضين بينكما بكتاب الله أي بحكم الله وليس هو في كتاب الله صريحا قوله ووليدة هي الجارية قوله فرد أي مردود يجب الرد عليك قوله يا أنيس مصغر أنس ابن الضحاك الأسلمي على الأصح والمرأة كانت أسلمية قوله فارجمها يعني إن اعترفت فارجمها صرح به في سائر الروايات
( باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد )
أي هذا باب في بيان ترجمة الحكام جمع حاكم وفي رواية الكشميهني ترجمة الحاكم بالإفراد الترجمة تفسير الكلام بلسان غير لسانه يقال ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر ومنه الترجمان والجمع التراجم قال الجوهري ولك أن تضم التاء لضم الجيم فتقول ترجمان قوله وهل يجوز ترجمان واحد إنما ذكره بالاستفهام لأجل الخلاف الذي فيه فعند أبي حنيفة وأحمد يكتفى بواحد واختاره البخاري وابن المنذر وآخرون وقال الشافعي وأحمد في الأصح إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم

(24/266)


لا يقبل فيه إلا عدلان كالشهادة وقال أشهب وابن نافع عن مالك وابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون إذا اختصم إلى القاضي من لا يتكلم بالعربية ولا يفقه كلامه فليترجم له عنهم ثقة مسلم مأمون واثنان أحب إلي والمرأة تجزىء ولا يقبل ترجمة كافر وشرط المرأة عند من يراه أن تكون عدلة ولا يترجم من لا تجوز شهادته
7195 - وقال ( خارجة بن زيد بن ثابت ) عن ( زيد بن ثابت ) أن النبي أمره أن يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبي كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه
هذا التعليق من الأحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلقة وقد وصله مطولا في كتاب التاريخ عن إسماعيل بن أبي أويس حدثني عبد الرحمان بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت الحديث
قوله كتاب اليهود أي كتابتهم يعني خطهم وفي رواية الكشميهني كتاب اليهودي بياء النسبة قوله حتى كتبت بلفظ المتكلم قوله كتبه يعني إليهم قوله وأقرأته كتبهم يعني التي يكتبونها إليه
وقال عمر وعنده علي وعبد الرحمان وعثمان ماذا تقول هذه قال عبد الرحمان بن حاطب فقلت تخبرك بصاحبهما الذي صنع بهما
أي قال عمر بن الخطاب والحال أن عنده علي بن أبي طالب وعبد الرحمان بن عوف وعثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم قوله ماذا تقول هذه مقول عمر رضي الله تعالى عنه وأشار بقوله هذه إلى امرأة كانت حاضرة عندهم فترجم عبد الرحمان بن حاطب بن أبي بلتعة مترجما عنها لعمر رضي الله تعالى عنه بإخبارها عن فعل صاحبهما وهي كانت نوبية بضم النون وسكون الواو وكسر الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف أعجمية من جملة عتقاء حاطب وقد زنت وحملت فأقرت أن ذلك من عبد اسمه برغوس بالراء والغين المعجمة وبالسين المهملة بدرهمين وهذا التعليق وصله عبد الرزاق وسعد بن منصور من طرق عن يحيى بن عبد الرحمان بن حاطب عن أبيه نحوه
وقال أبو جمرة كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس
أبو جمرة بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران الضبعي البصري وأخرجه النسائي بزيادة بعد قوله وبين الناس وأتته امرأة فسالته عن نبيذ الجر فنهى عنه الحديث
وقال بعض الناس لا بد للحاكم من مترجمين
قال الكرماني قال مغلطاي المصري كأنه يريد ببعض الناس الشافعي وهو رد لقول من قال إن البخاري إذا قال بعض الناس أراد به أبا حنيفة ثم قال الكرماني أقول غرضهم بذلك غالب الأمر أو في موضع تشنيع عليه وقبح الحال أو أراد به هاهنا أيضا بعض الحنفية لأن محمد بن الحسن قال بأنه لا بد من اثنين غاية ما في الباب أن الشافعية أيضا قائل به لكن لم يكن مقصودا بالذات انتهى وقال بعضهم المراد ببعض الناس محمد بن الحسن فإنما الذي اشترط أنه لا بد في الترجمة من اثنين ونزلها منزلة الشهادة ووافقه الشافعي فتعلق بذلك مغلطاي فقال فيه رد لقول من قال إن البخاري الخ قلت سبحان الله ما هذا التعصب الباطل حتى يوقعوا به أنفسهم في المحذور فمآله لكرماني الذي طرح جلباب الحياء وبقول أو في موضع تشنيع عليه وقبح الحال وما التشنيع وقبح الحال إلا على من يتكلم في الأئمة الكبار الذين سبقوهم بالإسلام وقوة الدين وكثرة العلم وشدة الورع والقرب من زمن النبي ومع هذا فالكرماني ما جزم بأن مراد البخاري ببعض الناس أبو حنيفة ومحمد بن الحسن لأنه ردد في كلامه والعجب من بعضهم الذي جزم بأن المراد به محمد بن الحسن فهروبهم عن المراد به الشافعي مثل ما ذكره الشيخ

(24/267)


علاء الدين مغلطاي لماذا والحال أن المراد لو كان الشافعي لما يلزم به النقص للشافعي ولا ينقص من جلالة قدره شيء على أن البخاري لا يراع الشافعي قط والدليل عليه أنه ما روى عنه قط في جامعه الصحيح ولو كان يعترف به لروى عنه كما روى عن الإمام مالك جملة مستكثرة وكذلك روى عن أحمد بن حنبل في آخر المغازي في مسند بريدة أنه غزا مع النبي ست عشرة غزوة وقال في كتاب الصدقات حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا أبي حدثنا ثمامة الحديث ثم قال عقيبه وزادني أحمد بن حنبل عن محمد بن عبد الله الأنصاري وقال في كتاب النكاح قال لنا أحمد بن حنبل
7196 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله ) أن ( عبد الله بن عباس ) أخبره أن ( أبا سفيان بن حرب ) أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل هاذا فإن كذبني فكذبوه فذكر الحديث فقال للترجمان قل له إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين
قال الكرماني ذكر ترجمة الحاكم ولا حكم فيها ونصب الأدلة في غير ما ترجم عليه قلت غرض البخاري ذكر لفظ الترجمة ليس إلا وليس مراده الحكم بالترجمة ورجال الحديث قد تكرر ذكرهم وأبو اليمان الحكم بن نافع والحديث مضى في أول الكتاب مطولا وأبو سفيان اسمه صخر بن حرب
41 -
( باب محاسبة الإمام عماله )
أي هذا باب في بيان محاسبة الإمام عماله بضم العين جمع عامل
7197 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( عبدة ) حدثنا ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( أبي حميد الساعدي ) أن النبي استعمل ابن الأتبية على صدقات بني سليم فلما جاء إلى رسول الله وحاسبه قال هذا الذي لكم وهاذه هدية أهديت لي فقال رسول الله فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم قام رسول الله فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني استعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله فيأتي أحدكم فيقول هاذا لكم وهاذه هدية أهديت لي فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئا قال هشام بغير حقه إلا جاء الله يحمله يوم القيامة ألا فلا أعرفن ما جاء الله رجل ببعير له رغاء أو ببقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه ألا هل بلغت
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد هو ابن سلام وعبدة هو ابن سليمان
والحديث مضى عن قريب في باب هدايا العمال ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله ابن الأتبية بضم الهمزة وسكون التاء المثناة من فوق ويقال ابن اللتبية باللام بدل الهمزة واسمه عبد الله قوله فهلا جلس هكذا رواية الكشميهني في الموضعين وفي رواية غيره ألا وهما بمعنى قوله فلا أعرفن بلفظ النهي ويروى فلأعرفن واللام جواب القسم قوله ما جاء الله أي مجيئه ربه وكلمة ما مصدرية أو موصوفة أي رجل جاء الله قوله رجل ببعير أي يجيء رجل ببعير أو هو خبر مبتدأ أي هو رجل قوله تيعر بكسر العين المهملة وفتحها من

(24/268)


اليعارة وهو صوت الغنم قوله ألا كلمة تنبيه وحث على ما يجيء بعدها
42 -
( باب بطانة الإمام وأهل مشورته )
أي هذا باب في بيان بطانة الإمام ويجيء تفسير البطانة الآن قوله وأهل مشورته من عطف الخاص على العام والمشورة بفتح الميم وضم الشين المعجمة وسكون الواو وفتح الراء وهو اسم من شاورت فلانا في كذا وتشاوروا واستشوروا والشورى التشاور وقال الجوهري المشورة الشورى وكذا المشورة بضم الشين تقول منه شاورته في الأمر واستشرته بمعنى انتهى قلت قد ينكر سكون الشين فيه وهذا كلام الجوهري يدل على صحته وحاصل معنى شاورته عرضت عليه أمري حتى يدلني على الصواب منه
البطانة الدخلاء
البطانة بكسر الباء الموحدة الصاحب الوليجة والدخيل والمطلع على السريرة وفسره البخاري بقوله الدخلاء وهو جمع دخيل وهو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته ويفضي إليه بسره ويصدقه فيما يخبر به مما يخفى عليه من أمر رعيته ويعمل بمقتضاه
7198 - حدثنا ( أصبغ ) أخبرنا ( ابن وهب ) أخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي سعيد الخدري ) عن النبي قال ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصم الله تعالى
انظر الحديث 6611
مطابقته للترجمة ظاهرة وأصبغ هو ابن الفرج المصري وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ويونس هو ابن يزيد الأيلي وابن شهاب محمد بن مسلم الزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف رضي الله تعالى عنه وأبو سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك
والحديث مضى في القدر عن عبدان وأخرجه النسائي في البيعة وفي السير عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد الله بن وهب به قوله ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة وفي رواية صفوان بن سليم ما بعث الله من نبي ولا بعده من خليفة ووقع في رواية الأوزاعي ومعاوية بن سلام ما من وال وهو أعم قوله بالمعروف في رواية سليمان بالخير قوله وتحضه بالحاء المهملة والضاد المعجمة المشددة أي يرغبه فيه ويدله عليه فإن قلت هذا التقسيم مشكل في حق النبي قلت في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي من بطانة الشر بقوله والمعصوم من عصم الله وهو معصوم لا شك فيه ولا يلزم من وجود من يشير على النبي بالشر أن يقبل منه وقيل المراد بالبطانتين في حق النبي الملك والشيطان وشيطانه قد أسلم فلا يأمره إلا بخير قوله والمعصوم من عصم الله أي من عصمه الله وكذا في بعض الرواية وقال الكرماني أي لكل نبي وخليفة جلساء صالحة وجلساء طالحة والمعصوم من عصمه الله من الطالحة أو لكل منهما نفس أمارة بالسوء ونفس لوامة والمعصوم من أعطاه الله نفسا مطمئنة أو لكل قوة ملكية وقوة حيوانية والمعصوم من رجح الله له جانب الملكية قال المهلب غرضه إثبات الأمور لله تعالى فهو الذي يعصم من نزغات الشياطين والمعصوم من عصمه الله لا من عصم نفسه
وقال سليمان عن يحياى أخبرني ابن شهاب بهاذا
سليمان هو ابن بلال ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري قوله بهذا أي بالحديث المذكور ووصله الإسماعيلي

(24/269)


من طريق أيوب بن سليمان بن بلال عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال قال قال يحيى بن سعيد أخبرني ابن شهاب فذكره
وعن ابن أبي عتيق وموسى عن ابن شهاب مثله
هذا عطف على يحيى بن سعيد وابن أبي عتيق هو محمد بن عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق وموسى هو ابن عقبة ووصله البيهقي من طريق أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة به قوله مثله أي مثل الحديث المذكور وقال الكرماني والفرق بينهما أي بين قوله بهذا وبين قوله مثله أن المروي في الطريق الأول هو الحديث المذكور بعينه وفي الثاني هو مثله وقال بعضهم ولا يظهر بين هذين فرق قلت كيف ينفي الفرق ومثل الشيء غير عينه
وقال شعيب عن الزهري حدثني أبو سلمة عن أبي سعيد قوله
شعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي يعني روى شعيب عن محمد بن مسلم الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قوله يعني لم يرفعه بل جعله من كلام أبي سعيد وانتصاب قوله بنزع الخافض أي من قوله قيل هذه الرواية الموقوفة وصلها الذهلي في الزهريات
وقال الأوزاعي ومعاوية بن سلام حدثني الزهري حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو ومعاوية بن سلام بتشديد اللام الدمشقي أشار بهذا إلى أن الأوزاعي ومعاوية خالفا من تقدم فجعلا الحديث عن أبي هريرة بدل أبي سعيد وخالفا شعيبا أيضا فإن شعيبا وقفه وهما رفعاه فرواية الأوزاعي وصلها أحمد من رواية الوليد بن مسلم عنه ورواية معاوية بن سلام وصلها النسائي من رواية معمر بالتشديد بن يعمر بفتح الباء وسكون العين المهملة حدثنا معاوية بن سلام حدثنا الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال فذكره
وقال ابن أبي حسين وسعيد بن أبي زياد عن أبي سلمة عن أبي سعيد قوله
ابن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي حسين النوفلي المكي وسعيد بن أبي زيادة الأنصاري المدني من صغار التابعين روى عن جابر وحديثه عنه عند أبي داود والنسائي وماله راو إلا سعيد بن أبي هلال وقد قال فيه أبو حاتم الرازي مجهول وما له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع
وقال عبيد الله بن أبي جعفر حدثني صفوان عن أبي سلمة عن أبي أيوب قال سمعت النبي
عبيد الله بن أبي جعفر اسمه يسار ضد اليمين المصري من التابعين الصغار وصفوان هو ابن سليم بالضم مولى آل عوف وأبو أيوب الأنصاري اسمه خالد بن زيد ووصل هذا الطريق النسائي من طريق الليث عن عبيد الله بن جعفر عن صفوان عن أبي سلمة عن أبي أيوب قال الكرماني والحديث مرفوع من ثلاثة أنفس من الصحابة قلت هم أبو سعيد وأبو هريرة وأبو أيوب
43 -
( باب كيف يبايع الإمام الناس )
أي هذا باب فيه كيف يبايع الإمام الناس قيل المراد بالكيفية الصيغ القولية لا الفعلية بدليل ما ذكره فيه ست أحاديث

(24/270)


وهي البيعة على السمع والطاعة وعلى الهجرة وعلى الجهاد وعلى الصبر وعلى عدم الفرار ولو وقع الموت وعلى بيعة النساء وعلى الإسلام وكل ذلك وقع عند البيعة بينهم بالقول
حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن يحيى بن سعيد قال أخبرني عبادة بن الوليد أخبرني أبي عن عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم
ي 7205 7272
و ( يحيى ) هو القطان و ( سفيان ) هو الثوري والحديث من أفراده
قوله عبد الملك هو ابن مروان بن الحكم الأموي والمراد باجتماع الناس عليه عقدهم له بالخلافة وكان بويع له في حياة أبيه فلما مات أبوه في ثالث رمضان في سنة خمس وستين جددت لعبد الملك البيعة بدمشق ومصر وأعمالهما واستقرت يده على ما كانت يد أبيه عليه قوله كتب أي ابن عمر إني أقر بالسمع والطاعة إلى آخره قوله ما استطعت أي قدر استطاعتي قوله إن بني قد أقروا بذلك أي بالسمع والطاعة وأبناؤه هم عبد الله وأبو بكر وأبو عبيدة وبلال وعمر أمهم صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي وعبد الرحمان أمه أم علقمة بنت نافس

(24/271)


بن وهب وسالم وعبيد الله وحمزة أمهم أم ولد وزيد أمه أم ولده
7204 - حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا ( هشيم ) أخبرنا ( سيار ) عن ( الشعبي ) عن ( جرير بن عبد الله ) قال بايعت النبي على السمع والطاعة فلقنني فيما است
7205 - حدثنا ( عمرو بن علي ) حدثنا ( يحيى ) عن ( سفيان ) قال حدثني ( عبد الله بن دينار ) قال لما بايع الناس عبد الملك كتب إليه عبد الله بن عمر إلى عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إني أقر بالسمع والطاعة لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت وإن بني قد أقروا بذلك
انظر الحديث 7203 وطرفه
7206 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( حاتم ) عن ( يزيد ) قال قلت لسلمة على أي شيء بايعتم النبي يوم الحديبية قال على الموت
انظر الحديث 2960 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وحاتم بالحاء المهملة ابن إسماعيل الكوفي سكن المدينة ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع يروي عن مولاه سلمة بن الأكوع وهو القائل له على أي شيء بايعتم
قوله على الموت يعني لا نفر وإن قتلنا وهذا الحديث مختصر وتمامه في كتاب الجهاد في باب البيعة على الحرب أن لا يفروا
7207 - حدثنا ( عبد الله بن محمد بن أسماء ) حدثنا ( جويرية ) عن ( مالك ) عن ( الزهري ) أن ( حميد بن عبد الرحمان ) أخبره أن ( المسور بن مخرمة ) أخبره أن الرهط الذين ولاهم عمر اجتمعوا فتشاوروا فقال لهم عبد الرحمان لست بالذي أنافسكم على هاذا الأمر ولاكنكم إن شئتم اخترت لكم منكم فجعلوا ذالك إلى عبد الرحمان فلما ولوا عبد الرحمان أمرهم فمال الناس على عبد الرحمان حتى ما أراى أحدا من الناس يتبع أولائك الرهط ولا يطأ عقبه ومال الناس على عبد الرحمان يشاورونه تلك الليالي حتى إذا كانت الليلة التي أصبحنا منها فبايعنا عثمان قال المسور طرقني عبد الرحمان بعد هجع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت فقال أراك نائما فوالله ما اكتحلت هاذه الليلة بكثير نوم انطلق فادع الزبير وسعدا فدعوتهما له فشاورهما ثم دعاني فقال ادع لي عليا فدعوته فناجاه حتى ابهار الليل ثم قام علي من عنده وهو على طمع وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئا ثم قال ادع لي عثمان فدعوته فنجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح فلما صلى للناس الصبح واجتمع أولائك الرهط عند المنبر فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمان ثم قال أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا فقال أبايعك على سنة الله وسنة رسوله والخليفتين من بعده فبايعه عبد الرحمان وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون
مطابقته للترجمة ظاهرة وهذا آخر الأحاديث الستة التي أخرج كلا منها لكل من البيعة الستة
وجويرية مصغر جارية ابن أسماء الضبعي وهو عم عبد الله بن محمد بن أسماء الراوي عنه وحميد بن عبد الرحمان بن عوف والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتح الميم ابن نوفل ابن أخت عبد الرحمان بن عوف يكنى أبا عبد الرحمان سمع النبي
قوله إن الرهط الذين ولاهم عمر رضي الله تعالى عنهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهم وقال إن عجل بي أمر فالشورى في هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض وقال الطبري فلم يكن أحد من أهل الإسلام يومئذ له منزلتهم من الدين والهجرة السابقة والفضل والعلم بسياسة الأمر قوله فقال لهم عبد الرحمن هو ابن عوف قوله أنافسكم أي أنازعكم فيه إذ ليس لي في الاستقلال بالخلافة رغبة قوله على هذا الأمر هكذا في

(24/272)


رواية الكشميهني وفي رواية غيره عن هذا الأمر أي من جهته ولأجله قوله فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم يعني أمر الاختيار منهم قوله فمال الناس على عبد الرحمان من الميل وفي رواية سعيد بن عامر فانثال الناس بنون وبثاء مثلثة أي قصدوه كلهم شيئا بعد شيء وأصل المثل الصب يقال نثل كنانته أي صب ما فيها من السهام قوله ولا يطأ عقبه بفتح العين المهملة وبكسر القاف وبالباء الموحدة أي ولا يمشي خلفه وهي كناية عن الإعراض قوله فمال الناس على عبد الرحمان كرر هذه اللفظة لبيان سبب الميل وهو قوله يشاورونه تلك الليالي قوله بعد هجع بفتح الهاء وسكون الجيم وبالعين المهملة أي بعد قطعة من الليل يقال لقيته بعد هجع من الليل والهجع والهجعة والهجيع والهجوع بمعنى وقال صاحب العين الهجوع النوم بالليل خاصة يقال هجع يهجع وقوم هجع وهجوع قوله هذه الليلة كذا في رواية المستملي وفي رواية غيره ما اكتحلت هذه الثلاث ويؤيده رواية سعيد بن عامر والله ما حملت فيها غمضا منذ ثلاث قوله بكثير نوم بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة وهو مشعر بأنه لم يستوعب الليل سهرا بل نام لكن يسيرا منه والاكتحال في هذا كناية عن دخول النوم جفن العين كما يدخلها الكحل ووقع في رواية يونس ما ذاقت عيناي كثير نوم قوله فشاورهما من المشاورة وفي رواية المستملي فسارهما بالسين المهملة وتشديد الراء فإن قلت ليس لطلحة ذكر هاهنا قلت لعله كان شاوره قبلهما قوله حتى ابهار الليل بالباء الموحدة الساكنة وتشديد الراء أي حتى انتصف الليل وبهرة كل شيء وسطه وقيل معظمه قوله على طمع أي أن يوليه قوله وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئا أي من المخالفة الموجبة للفتنة قوله وكانوا وافوا تلك الحجة أي قدموا إلى مكة فحجوا مع عمر ورافقوه إلى المدينة وأمراء الأجناد هم معاوية أمير الشام وعمير بن سعد أمير حمص والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة وأبو موسى الأشعري أمير البصرة وعمرو بن العاص أمير مصر قوله تشهد عبد الرحمن وفي رواية إبراهيم بن طهمان جلس عبد الرحمان على المنبر وفي رواية سعيد بن عامر فلما صلى صهيب بالناس صلاة الصبح جاء عبد الرحمن يتخطى حتى صعد المنبر قوله فلا تجعلن على نفسك سبيلا أي من الخلافة إذا لم يوافق الجماعة وهذا ظاهر أن عبد الرحمان لم يتردد عند البيعة في عثمان فإن قلت في رواية عمرو بن ميمون التصريح بأنه بدأ بعلي فأخذ بيده فقال لك قرابة رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت والله عليك لئن أمرتك لتعدلن وأن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك فلما أخذ الميثاق قال ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايعه علي رضي الله تعالى عنه قلت طريق الجمع بينهما أن عمرو بن ميمون حفظ ما لم يحفظه الآخر ويحتمل أن يكون الآخر حفظه ولكن طوى ذكره بعض الرواة قوله فبايعه عبد الرحمن فيه حذف تقديره قال نعم بعد أن قال له أبايعك على سنة الله إلى آخره قوله والمسلمون من عطف العام على الخاص
وفيه فائدة جليلة ذكرها ابن المنير وهي أن الوكيل المفوض له أن يوكل وإن لم ينص له على ذلك لأن الخمسة أسندوا الأمر لعبد الرحمان وأفردوه به فاستقل مع أن عمر رضي الله تعالى عنه لم ينص لهم على الانفراد
44 -
( باب من بايع مرتين )
أي هذا باب في ذكر من بايع مرتين يعني في حالة واحدة للتأكيد
7208 - حدثنا ( أبو عاصم ) عن ( يزيد بن أبي عبيد ) عن ( سلمة ) قال بايعنا النبي تحت الشجرة فقال لي يا سلمة ألا تبايع قلت يا رسول الله قد بايعت في الأول قال وفي الثاني
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو عاصم الضحاك بن مخلد المشهور بالنبيل والبخاري يروي عنه كثيرا بالواسطة ويزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه
والحديث أخرجه البخاري في الجهاد عن مكي بن إبراهيم وهذا هو الحادي والعشرون من ثلاثيات البخاري
قوله تحت الشجرة وهي التي في الحديبية وهي التي نزل فيها لقد رضي الله عنها المؤمنين

(24/273)


إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا وهذه تسمى بيعة الرضوان قوله في الأول أي في الزمان الأول وفي رواية الكشميهني في الأولى بالتأنيث أي الساعة الأولى أو في الطائفة الأولى قوله وفي الثاني أي تبايع أيضا في الثاني أي في الوقت الثاني وقال المهلب أراد أن يؤكد بيعة سلمة لعلمه بشجاعته وعنائه في الإسلام وشهرته بالثبات فلذلك أمره بتكرير المبايعة ليكون له في ذلك فضيلة
45 -
( باب بيعة الأعراب )
أي هذا باب في ذكر بيعة الأعراب على الإسلام والجهاد والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة والعرب اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية أو المدن والنسبة إليها أعرابي وعربي
7209 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( محمد بن المنكدر ) عن ( جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما أن أعرابيا بايع رسول الله على الإسلام فأصابه وعك فقال أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى فخرج فقال رسول الله المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في أواخر الحج في باب المدينة تنفي الخبث وأيضا يأتي في الاعتصام عن إسماعيل
وأخرجه مسلم في المناسك عن يحيى بن يحيى وأخرجه الترمذي في المناقب عن قتيبة بن سعيد وأخرجه النسائي في البيعة وفي السير عن قتيبة
قوله وعك بفتح الواو وسكون العين المهملة وقد تفتح بعدها كاف وهو الحمى وقيل ألمها وقيل إرعادها قوله أقلني بيعتي تقدم في فضل المدينة من رواية الثوري عن ابن المنكدر أنه أعاد ذلك ثلاث مرات قوله فأبى أي فامتنع رسول الله عن إقالته لأن البيعة كانت فرضا على جميع المسلمين أعرابا كانوا أو غيرهم وإباؤه بعد طلب الإقالة لأنه لا يعين على معصية قوله فخرج أي الأعرابي من المدينة قوله كالكير بكسر الكاف وهو ما ينفخ الحداد فيه قوله تنفي خبثها بالفتحات وبالضم والسكون وهو الرديء والغش أي تنفي من لا خير فيه قوله وتنصع بضم التاء المثناة من فوق وسكون النون من أنصع إذا أظهر ما في نفسه وطيبها بكسر الطاء مفعوله أي تظهر طيبها وتخلصه ويروى وينصع بفتح الياء آخر الحروف وسكون النون أي يظهر طيبها وهو مرفوع على أنه فاعل ينصع ويروى وتبضع بضم التاء المثناة من فوق وسكون الباء الموحدة وكسر الضاد المعجمة كذا ذكره الزمخشري وقال هو من أبضعته بضاعة وإذا دفعتها إليه يعني أن المدينة تعطي طيبها ساكنها وقد روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء المهملة من النضخ والنضح وهو رش الماء
46 -
( باب بيعة الصغير )
أي هذا باب فيه بيان حكم بيعة الصغير ولم يذكر الحكم فيه على عادته غالبا إما اكتفاء بما بين في حديث الباب وإما لمحل الخلاف فيه فقال جماعة من العلماء البيعة لا تلم إلا من تلزمهم عقود الإسلام كلها من البالغين وقال بعض العلماء إنها تلزم الأصاغر بمبايعة آبائهم وقد بايع عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما ومات رسول الله وهو ابن ثمان سنين
7210 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( عبد الله بن يزيد ) حدثنا ( سعيد ) هو ( ابن أبي أيوب ) قال حدثني ( أبو عقيل زهرة بن معبد ) عن جده ( عبد الله بن هشام ) وكان قد أدرك النبي

(24/274)


وذهبت به أمه زينب ابنة حميد إلى رسول الله فقالت يا رسول الله بايعه فقال النبي هو صغير فمسح رأسه ودعا له وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث قد مضى قبل باب ومضى الكلام فيه
48 -
( باب من بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا )
أي هذا باب في بيان من بايع رجلا لا يقصد من مبايعته طاعة الله بل يبايعه لأجل الدنيا
7212 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له ورجل يبايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدقه فأخذها ولم يعط بها

(24/275)


مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون اليشكري والأعمش سليمان بن مهران وأبو صالح ذكوان السمان الزيات
والحديث مر في الشرب في باب إثم من منع ابن السبيل من الماء فإنه أخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد بن زياد عن الأعمش إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله ثلاثة أشخاص قوله لا يكلمهم الله عدم تكليم الله إياهم عبارة عن عدم الالتفات إليهم وعدم تزكيته إياهم عبارة عن عدم قبول أعمالهم قوله رجل أي أحد الثلاثة رجل كان على فضل ماء قوله ورجل أي الثاني رجل بايع إماما قوله لدنياه ويروى لدنيا بلا ضمير ولا تنوين قوله وإلا أي وإن لم يعط له ما يريده لم يف له قوله ورجل أي الثالث رجل يبايع رجلا بسلعة بعد العصر قيد بقوله بعد العصر تغليظا لأن أشرف الأوقات في النهار بعد العصر لرفع الملائكة الأعمال واجتماع ملائكة الليل والنهار فيه ولهذا تغلظ الأيمان فيه قوله أعطي على بناء المجهول قوله بها أي في مقابلتها والباء للمقابلة نحو بعت هذا بذاك قوله فأخذها أي المشتري بالقيمة التي ذكر البائع أنه أعطى فيها كذا اعتمادا على كلامه قوله ولم يعط بها أي والحال أنه لم يعط ذلك المقدار مقابل سلعته ويجوز في لم يعط بناء المجهول وبناء المعلوم والضمير للحالف فيهما ووقع في رواية عبد الواحد بلفظ لقد أعطيت بها وفي رواية أبي معاوية فحلف له بالله لأخذها بكذا أي لقد أخذها وقال الكرماني ما ملخصه أن المذكور في الشرب مكان البائع للإمام الحالف لاقتطاع مال رجل مسلم فهم أربعة لا ثلاثة ثم أجاب بأن التخصيص بعدد لا ينفي الزائد عليه انتهى وقيل يحتمل أن يكون كل من الراويين حفظ ما لم يحفظ الآخر لأن المجتمع من الحديثين أربع خصال وكل واحد من الحديثين مصدر بثلاثة فكأنه كان في الأصل أربعة فاقتصر كل من الراويين على واحد منه مع الاثنتين اللتين توافقا عليهما فصار في رواية كل منهما ثلاثة
49 -
( باب بيعة النساء )
أي هذا باب في بيان بيعة النساء
رواه ابن عباس عن النبي
أي روى ذكر بيعة النساء عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأشار بذلك إلى ما ذكر من حديث ابن عباس الذي تقدم في العيدين من رواية طاوس عنه وفيه فقال أي النبي ياأيها النبى إذا جآءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم الآية الحديث
7213 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) وقال ( الليث ) حدثني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( أبو إدريس الخولاني ) أنه سمع ( عبادة بن الصامت ) يقول قال لنا رسول الله ونحن في مجلس تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذالك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه فبايعناه على ذالك
وجه ذكره هذا الحديث في ترجمة بيعة النساء لأنها وردت في القرآن في حق النساء فعرفت بهن ثم استعملت في الرجال قلت وقد وقع في بعض طرقه عن عبادة قال أخذ علينا رسول الله كم أخذ على النساء أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني الحديث
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والزهري محمد بن مسلم قوله وقال الليث بن سعد الإمام المشهور وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله بن عمرو الخولاني بفتح الخاء المعجمة الدمشقي قاضي دمشق مات سنة ثمانين

(24/276)


والحديث مضى بهذا الإسناد والمتن في الإيمان في باب مجرد ومضى الكلام فيه وفي التوضيح وهذه البيعة في أحاديث الباب كانت بيعة العقبة الأولى بمكة قبل أن يفرض عليهم الحرب ذكره ابن إسحاق وأهل السير وكانوا اثني عشر رجلا
قوله فهو كفارة له هذا صريح في الرد على من قال إن الحدود زاجرات لا مكفرات
7214 - حدثنا ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت كان النبي يبايع النساء بالكلام بهاذه الآية ياأيها النبى إذا جآءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم قالت وما مست يد رسول الله يد امرأة إلا امرأة يملكها
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمود هو ابن غيلان والحديث أخرجه الترمذي عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق نحوه
قوله بالكلام لأن المصافحة ليست شرطا في صحة البيعة وقال الكرماني فيه إشارة إلى أن بيعة الرجال كانت باليد أيضا قوله بهذه الآية وهي قوله عز و جل 0الممتحنة12ف الآية قوله يملكها إما بالنكاح وإما بملك اليمين
7215 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( أيوب ) عن ( حفصة ) عن أم ( عطية ) قالت بايعنا النبي فقرأ علينا ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة منا يدها فقالت فلانة أسعدتني وأنا أريد أن أجزيها فلم يقل شيئا فذهبت ثم رجعت فما وفت امرأة إلا أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ
( انظر الحديث 1306 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الوارث هو ابن سعيد وأيوب هو السختياني وحفصة هي بنت سيرين أخت محمد بن سيرين وأم عطية اسمها نسيبة بضم النون وفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة الأنصارية وقيل بفتح النون أيضا ومر في كتاب الزكاة ما يوهم أنها غير أم عطية حيث قالت عن أم عطية قالت بعث إلى نسيبة الأنصارية بشاة لكن الصحيح أنها هي إياها لا غيرها
والحديث قد مضى في الجنائز في باب ما ينهى من النوح والبكاء ولكن هناك عن أيوب عن محمد عن أم عطية
قوله بايعنا بصيغة المتكلم وإن صحت الرواية بصيغة الغائب فالمعنى صحيح قوله فقبضت امرأة يدها قال الكرماني فإن قلت هذا مشعر بأن البيعة لهن كانت أيضا باليد قلت لعلهن كن يشرن باليد عند المبايعة بلا مماسة قوله فلانة غير منصرف أي أسعدتني في النياحة وأنا أريد أن أجزيها أي أكافئها بالنياحة وذهبت لأن تساعدها أو لغيره ورجعت وبايعها فإن قلت لم ما قال شيئا لها وسكت عنها ولم يزجرها قلت لعله عرف أنه ليس من جنس النياحات المحرمة أو ما التفت إلى كلامها حيث بين حكمها لهن أو كان جوازها من خصائصها والمفهوم من كلام مسلم أن فلانة كناية عن أم عطية الراوية للحديث قوله أم سليم بضم السين أم أنس واسمها مليكة أم العلاء بنت الحارث بن حارثة بن ثعلبة الأنصارية وكان رسول الله يعودها في مرضها وابنة أبي سبرة بفتح السين المهملة وسكون الباء الموحدة وهي امرأة معاذ بن جبل قوله أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ شك من الراوي وقد مر في الجنائز فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ وامرأتان أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى وهناك أيضا شك الراوي وقد حققنا الكلام هناك
50 -
( باب من نكث بيعة )
أي هذا باب في بيان من نكث بيعة أي نقضها وفي رواية الكشميهني بيعته بزيادة الضمير

(24/277)


)
وقوله تعالى إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما
وقوله تعالى بالجر عطف على من نكث أي وفي بيان قوله تعالى وهكذا هو في رواية أبي ذر وفي رواية غيره وقال الله تعالى وساق الآية كلها وفي رواية كريمة وأبي زيد ساق إلى قوله فإنما ينكث على نفسهثم قال إلى قوله قيؤتيه أجرا عظيما قوله الخطاب للنبي يعني بالحديبية وكانوا ألفا وأربعمائة قولهيد الله فوق أيديهم يعني عند المبايعة قوله فمن نكث أي فمن نقض البيعة فإنما ينقض على نفسه وقال جابر بايعنا رسول الله تحت الشجرة على الموت وعلى أن لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد ابن قيس وكان منافقا اختبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع القوم قوله ء يعني الجنة
7216 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( محمد بن المنكدر ) قال سمعت ( جابرا ) قال جاء أعرابي إلى النبي فقال بايعني على الإسلام فبايعه على الإسلام ثم جاء من الغد محموما فقال أقلني فأباى فلما ولى قال المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم بضم النون الفضل بن دكين وسفيان هو ابن عيينة
والحديث مضى عن قريب في باب بيعة الأعراب ومضى الكلام فيه مستوفى
51 -
( باب الاستخلاف )
أي هذا باب في بيان الاستخلاف أي تعيين الخليفة عند موته خليفة بعده أو تعيين جماعة ليختاروا واحدا منهم
7217 - حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد سمعت القاسم بن محمد قال قالت عائشة رضي الله عنها وارأساه فقال رسول الله ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك فقالت عائشة واثكلياه والله إني لأظنك تحب موتي ولو كان ذاك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك فقال النبي بل أنا وارأساه لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ثم قلت يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون
انظر الحديث 5666
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد إلى آخره قال المهلب فيه دليل قاطع على خلافة الصديق وهذا مما وعد به لأبي بكر رضي الله تعالى عنه فكان كما وعد وذلك من أعلام نبوته
وشيخ البخاري ( يحيى بن يحيى ) بن أبي بكر وأبو زكريا التميمي الحنظلي وهو شيخ مسلم أيضا و ( يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري و ( القاسم بن محمد ) بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في الطب
قوله وارأساه هو قول المتفجع على الرأس من الصداع ونحوه قوله لو كان ذاك أي موتك والسياق يدل عليه والواو في وأنا حي للحال قوله واثكلياه أي وافقدان المرأة ولدها وهذا كلام كان يجري على لسانهم عند إصابة مصيبة أو خوف مكروه ونحو ذلك ويروى واثكلتاه بزيادة التاء المثناة من فوق في آخره ويروى أيضا بزيادة الياء آخر الحروف وكسر اللام ويروى واثكلاه بلفظ الصفة قوله لظللت بالكسر أي دنوت وقربت في آخر يومك حال كونك معرسا ويقال أظللت أمر واظلك شهر كذا أي دنا منك وأظلك فلان إذا دنا منك كأنه ألقى عليك ظله ومعرسا بكسر الراء من أعرس بأهله إذا بنى بها ويقال أعرس الرجل فهو معرس إذا

(24/278)


دخل بامرأته عند بنائه بها قوله بل أنا وارأساه هذا إضراب عن كلام عائشة أي أضرب أنا عن حكاية وجع رأسك واشتغل بوجع رأسي إذ لا بأس بك وأنت تعيشين بعدي عرفه بالوحي قوله أو أردت شك من الراوي قوله إلى أبي بكر وابنه قيل ما فائدة ذكر الابن إذ لم يكن له دخل في الخلافة وأجيب بأن المقام مقام استمالة قلب عائشة يعني كما أن الأمر مفوض إلى والدك كذلك الائتمار في ذلك بحضور أخيك فأقاربك هم أهل أمري وأهل مشورتي أو لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمه حتى لو احتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك ويروى أو آتيه من الإتيان قاله في المطالع قيل إنه هو الصواب قوله فأعهد أي أوصى بالخلافة قوله أن يقول أي كراهة أن يقول القائلون الخلافة لي أو لفلان قوله أو يتمنى المتنون أي أو مخافة أن يتمنى أحد ذلك أي أعينه قطعا للنزاع والأطماع قوله يأبى الله أي يأبى الله الخلافة لغير أبي بكر ويدفع المؤمنون أيضا غيره قوله أو يدفع الله ويأبى المؤمنون شك من الراوي وفي مسلم يأبى الله ويدفع المؤمنون إلا أبا بكر رضي الله تعالى عنه
7218 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) أخبرنا ( سفيان ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما قال قيل لعمر ألا تستخلف قال إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله فأثنوا عليه فقال راغب وراهب وددت أني نجوت منها كفافا لا لي ولا علي لا أتحملها حيا ولا ميتا
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن يوسف هو الفريابي وسفيان هو الثوري وهشام بن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما
قوله ألا تستخلف ألا كلمة تنبيه وتحضيض أي ألا تجعل خليفة بعدك وفي مسلم عن ابن عمر حضرت أبي حين أصيب قالوا استخلف قوله فقد ترك أي التصريح بالشخص المعين وعقد الأمر له قوله فأثنوا عليه أي أثنت الصحابة الحاضرون على عمر رضي الله تعالى عنه قوله فقال أي عمر راغب وراهب أي راغب في الثناء في حسن رأيي راهب من إظهار ما بنفسه من الكراهة وقيل راغب في الخلافة راهب منها فإن وليت الراغب خشيت أن لا يعان عليها وإن وليت الراهب خشيت أن لا يقوم بها ولهذا توسط حاله بين الحالتين جعلها لأحد من الطائفة الستة ولم يجعلها لواحد معين منهم وقال الكرماني ويحتمل أن يراد أني راغب فيما عند الله راهب من عذابه ولا أعول على نياتكم وفيه دليل على أن الخلافة تحصل بنص الإمام السابق قوله كفافا أي يكف عني وأكف عنها أي رأسا برأس لا لي ولا علي قوله لا أتحملها أي الخلافة حيا ولا ميتا أي فلا أجمع في تحملها بينهما فلا أعين شخصا بعينه وقال النووي وغيره أجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان حيث لا يكون هناك استخلاف غيره وعلى جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين عدد محصور أو غيره وأجمعوا على أنه يجب نصب خليفة وعلى أن وجوبه بالشرع لا بالعقل وقال الأصم وبعض الخوارج لا يجب نصب الخليفة وقال بعض المعتزلة يجب بالعقل لا بالشرع
حدثنا ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه أنه سمع خطبة عمر الأخيرة حين جلس على المنبر وذالك الغد من يوم توفي النبي فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم قال كنت أرجو أن يعيش رسول الله حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يك محمد قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به بما هداى الله محمدا

(24/279)


وإن أبا بكر صاحب رسول الله ثاني اثنين فإنه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذالك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر
قال الزهري عن أنس بن مالك سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فإنه أولى المسلمين بأموركم
وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء أبو إسحاق الرازي يعرف بالصغير وهو شيخ مسلم أيضا وهشام هو ابن يوسف ومعمر هو ابن راشد
قوله الأخيرة منصوب على أنه صفة الخطبة وأما الخطبة الأولى فهي التي خطب بها يوم الوفاة وقال إن محمدا لم يمت وإنه سيرجع وهي كالاعتذار من الأولى قوله وذلك الغد منصوب على الظرفية أي إتيانه بالخطبة في الغد من يوم توفي النبي قوله وأبو بكر الواو فيه للحال قوله صامت أي ساكت قوله كنت أرجو أي قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قوله حتى يدبرنا بضم الياء الموحدة أي يموت بعدنا ويخلفنا يقال دبرني فلان خلفني وقد فسره في الحديث بقوله يريد بذلك أن يكون آخرهم ووقع في رواية عقيل ولكن رجوت أن يعيش رسول الله حتى يدبر أمرنا بتشديد الباء الموحدة من التدبير قوله فإن يك محمد من كلام عمر رضي الله تعالى عنه قوله نورا أي قرآنا ووقع بيانه في رواية معمر عن الزهري في أوائل الاعتصام بلفظ وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسوله فخذوا به تهتدوا فإنما يهدي الله محمدا به قوله صاحب رسول الله قال ابن التين قدم الصحبة لشرفها ولما كان غيره قد شاركه فيها عطف عليه ما انفرد به أبو بكر وهو كونه ثاني اثنين وهو أعظم فضائله التي استحق بها أن يكون خليفة من بعد النبي ولذلك قال فإنه أولى الناس بأموركم قوله فقوموا من كلام عمر رضي الله تعالى عنه أيضا يخاطب به الحاضرين من الصحابة قوله في سقيفة بني ساعدة السقيفة الساباط والطاق كانت مكان اجتماعهم للحكومات وبنو ساعدة بن كعب بن الخزرج قال ابن دريد ساعدة اسم من أسماء الأسد قوله وكانت بيعة العامة على المنبر أي في اليوم المذكور
قوله قال الزهري عن أنس موصول بالإسناد المذكور قوله صعد المنبر وفي رواية الكشميهني حتى أصعده قوله فبايعه الناس عامة أراد أن البيعة الثانية كانت أعم وأشهر من البيعة التي وقعت في سقيفة بني ساعدة
7220 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن أبيه عن ( محمد بن جبير بن مطعم ) عن أبيه قال أتت النبي امرأة فكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه قالت يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تريد الموت قال إن لم تجديني فأتي أبا بكر
انظر الحديث 3659 وطرفه
مطابقته للترجمة في آخر الحديث فإنه مشعر بأن أبا بكر هو الخليفة بعده
وإبراهيم بن سعد يروي عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف رضي الله تعالى عنه ومحمد بن جبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة يروي عن أبيه جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل القرشي النوفلي
والحديث مضى في فضل أبي بكر عن الحميدي ويأتي في الاعتصام عن عبيد الله بن سعد والحديث من أبين الدلائل على خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه
7221 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن سفيان حدثني قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي بكر رضي الله عنه قال لوفد بزاخة تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه والمهاجرين أمرا يعذرونكم به
مطابقته للترجمة في قوله حتى يرى الله خليفة نبيه إلى آخره
و ( يحيى ) هو القطان و ( سفيان ) هو الثوري
والحديث من

(24/280)


أفراده ولكنه أخرجه مختصرا
قوله لوفد بزاخة الوفد بفتح الواو وسكون الفاء هم القوم يجتمعون ويردون البلاد واحدهم وافد وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك وبزاخة بضم الباء الموحدة وتخفيف الزاي وبالخاء المعجمة موضع بالبحرين أو ماء لبني أسد وغطفان كان فيها حرب للمسلمين في أيام الصديق رضي الله تعالى عنه ووفد بزاخة ارتدوا ثم تابوا وأرسلوا وفدهم إلى الصديق يعتذرون إليه فأحب أبو بكر أن لا يقضي فيهم إلا بعد المشاورة في أمرهم فقال لهم ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحارى حتى يري الله خليفة نبيه إلى آخره وذكر يعقوب بن محمد الزهري قال حدثني إبراهيم بن سعد عن سفيان الثوري عن ( قيس بن مسلم ) عن طارق بن شهاب قال قدم وفد أهل بزاخة وهم من طيىء يسألونه الصلح فقال أبو بكر اختاروا إما الحرب المجلية وإما السلم المخزية فقالوا قد عرفنا الحرب فما السلم المخزية قال ينزع منكم الكراع والحلقة وتدون قتلانا وقتلاكم في النار ويغنم ما أصبنا منكم وتردون إلينا ما أصبتم منا وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل حتى يرى الله خليفة نبيه والمهاجرين أمرا يعذرونكم به فخطب أبو بكر الناس فذكر ما قال وقالوا فقال عمر رضي الله تعالى عنه قد رأيت وسنشير عليك أما ما ذكرت من أن ينزع منهم الكراع والحلقة فنعم ما رأيت وأما ذكرت من أن تدون قتلانا ويكون قتلاكم في النار فإن قتلانا قاتلت على أمر الله وأجورها على الله فليس لها ديات فتتابع الناس على قول عمر رضي الله تعالى عنه قلت الكراع اسم لجميع الخيل والحلقة بسكون اللام السلاح عاما قيل هي الدروع خاصة قوله من أن تدوا بالدال المهملة أي تعطوا الدية
52 -
( باب )
أي هذا باب وليس له ترجمة وقد ذكرنا غير مرة أنه كالفصل لما قبله وليس لفظ باب في رواية أبي ذر عن الكشميهني والسرخسي
7222 7223 - حدثني ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عبد الملك ) سمعت ( جابر بن سمرة ) قال سمعت النبي يقول يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال كلهم من قريش
مطابقته لما قبله ظاهرة وغندر بضم الغين المعجمة وسكون النون هو محمد بن جعفر وعبد الملك هو ابن عمير وصرح به في رواية مسلم وفي رواية سفيان بن عيينة لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا وفي رواية أبي داود لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة وقال المهلب لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث بمعنى فقوم يقولون يكون اثنا عشر أميرا بعد الخلافة المعلومة مرضيين وقوم يقولون يكونون متواليين إمارتهم وقوم يقولون يكونون في زمن واحد كلهم من قريش يدعي الإمارة فالذي يغلب عليه الظن أنه إنما أراد أن يخبر بأعاجيب ما يكون بعده من الفتن حتى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميرا وما زاد على الاثني عشر فهو زيادة في التعجب كأنه أنذر بشرط من الشروط وبعضه يقع ولو أراد غير هذا لقال يكون اثنا عشر أميرا يفعلون كذا ويصنعون كذا فلما أعراهم من الخبر علمنا أنه أراد أن يخبر بكونهم في زمن واحد
قيل هذا الحديث له طرق غير الرواية التي ذكرها البخاري مختصرة وأخرج أبو داود هذا الحديث من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة بلفظ لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة بلفظ لا يضرهم عداوة من عاداهم
وقيل في هذا العدد سؤالان أحدهما أنه يعارضه ظاهر قوله في حديث سفينة الذي أخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان وغيره الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا لأن الثلاثين لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما والثاني أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد
وأجيب

(24/281)


عن الأول أنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة ولم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك وعن الثاني أنه لم يقل لا بلى إلا اثنا عشر وإنما قال يكون اثنا عشر فلا يمنع الزيادة عليه وقيل المراد من اثني عشر هم عدد الخلفاء من بني أمية ثم عند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرت دولة بني العباس فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغييرا بينا وقيل يحتمل أن يكون اثنا عشر بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان وقيل وجد في كتاب دانيال إذا مات المهدي ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر ثم خمسة من ولد السبط الأصغر ثم يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر ملكا كل واحد منهم إمام مهدي وعن كعب الأحبار يكون اثنا عشر مهديا ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال وقيل المراد من وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وأن تتوالى أيامهم ويؤيد هذا ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير من طريق أبي بحران أبا الجلد حدثه أنه لا يهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق منهم رجلان من أهل بيت محمد يعيش أحدهما أربعين سنة والآخر ثلاثين سنة وقيل جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه سنة إحدى ومائة وتغيرت الأحوال بعده وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون
قوله فقال أبي يعني سمرة والوالد والولد كلاهما صحابيان قوله وإنه أي وإن رسول الله
53 -
( باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة )
أي هذا باب في بيان إخراج الخصوم أي أهل المخاصمات والنزاع وأهل الريب بكسر الراء جمع ريبة وهي التهمة والمعصية قوله بعد المعرفة أي بعد شهرتهم بذاك يعني لا يتجسس عليهم وذلك الإخراج لأجل تأذي الجيران ولأجل مجاهرتهم بالمعاصي وقد ذكر في الأشخاص باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت ثم ذكر الحديث الذي ذكره هنا ومضى الكلام فيه مستوفى وقال المهلب إخراج أهل الريب والمعاصي من دورهم بعد المعرفة بهم وجب على الإمام لأجل تأذي من جاورهم ومن أجل مجاهرتهم بالعصيان وإذا لم يعرفوا بأعيانهم فلا يلزم البحث عن أمرهم لأنه من التجسس الذي نهى الله عنه وقيل ليس بإخراج أهل المعاصي بواجب فمن ثبت عليه ما يوجب الحد أقيم عليه
وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت
أي أخرج عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أخت أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين ناحت من النياحة وإنما أخرجها من البيت لأنه نهاها فلم تنته وقيل إنه أبعدها عن نفسه ثم بعد ذلك رجعت إلى بيتها
7224 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدكم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء
مطابقته للترجمة من حيث إنه أبلغ من معناها فإن فيها الإخراج من البيوت وفيه إحراقها بالنار
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمان بن هرمز ومضى الحديث في الأشخاص وقبله في الصلاة في باب الصلاة بالجماعة ومضى الكلام فيه
قوله يحتطب ويروى يحطب بالتشديد أي يجمع الحطب

(24/282)


قوله ثم أخالف إلى رجال أي آتيهم أي أخالف المشتغلين بالصلاة قاصدا إلى بيوت الذين لم يخرجوا عنها إلى الصلاة وأحرقها عليهم قوله عرقا بفتح العين المهملة وسكون الراء هو العظم الذي أخذ عنه اللحم قوله أو مرماتين تثنية مرماة بكسر الميم وهي ما بين ظلفي الشاة من اللحم وقيل هي الظلف وقيل هي سهم يتعلم عليه الرمي وهو أرذل السهام أي لو علم أنه لو حضر صلاة العشاء لوجد نفعا دنيويا وإن كان خسيسا حقيرا لحضرها لقصور همته ولا يحضرها لما لها من الأجور والمثوبات
وقال محمد بن يوسف قال يونس قال محمد بن سليمان قال أبو عبد الله مرماة ما بين ظلف الشاة من اللحم مثل منساة وميضاة الميم مخفوضة
هذا لم يثبت إلا لأبي ذر عن المستملي وحده ومحمد بن يوسف هو الفربري ويونس ما وقفت عليه ومحمد بن سليمان أبو أحمد الفارسي راوي التاريخ الأكبر عن البخاري قوله مثل منساة بغير همزة في قراءة أبي عمرو ونافع في قوله تعالى فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين وقراءة الباقين بهمزة مفتوحة وهي العصا وكذلك الوجهان في الميضاة قوله الميم مخفوضة أي مكسورة في كل من المنساة والميضاة وروى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل فاسد يأوي إليه أهل الفسق والشر ما يصنع به قال يخرج من منزله ويحرق عليه الدار قلت لا يباع عليه قال لا لعله يتوب فيرجع إلى منزله وعن ابن القاسم يتقدم إليه مرة أو مرتين أو ثلاثا فإن لم ينته أخرج وأكريت عليه وقال بعض أصحابنا الحنفية إذا لم ينته بعد النهي مرارا يهد بيته وحديث الباب من أقوى الحجج فيه
54 -
( باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه )
أي هذا باب في هل يجوز للإمام أن يمنع المجرمين من الإجرام وفي رواية أبي أحمد الجرجاني المجنونين والأول أولى لأن المجنون لا يتحقق عصيانه قوله وأهل المعصية من عطف العام على الخاص
7225 - حدثني ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عبد الرحمان بن عبد الله بن كعب بن مالك ) أن ( عبد الله بن كعب بن مالك ) وكان قائد كعب بن مالك من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك قال لما تخلف عن رسول الله في غزوة تبوك فذكر حديثه ونهى رسول الله المسلمين عن كلامنا فلبثنا على ذلك خمسين ليلة وآذن رسول الله بتوبة الله علينا
مطابقته للجزء الأخير للترجمة ظاهرة والحديث بطوله قد مر في المغازي في غزوة تبوك ومضى الكلام فيه
قوله وآذن بالمد أي أعلم بأن الله قد تاب علينا قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا الآية

(24/283)


عمدة القاري شرح صحيح البخاري
للعلامة بدر الدين العيني
الجزء الخامس و العشرون
عمدة القاري 25
94 -
( كتاب التمني )
أي هذا كتاب في بيان التمني وهو تفعل من الأمنية والجمع أماني والتمني إرادة تتعلق بالمستقبل فإن كان في خير من غير أن يتعلق بحسد فهو مطلوب وإلا فهو مذموم والفرق بين التمني والترجي أن بينهما عموما وخصوصا فالترجي في الممكن والتمني أعم من ذلك
1 -
( باب من تمنى الشهادة )
أي هذا باب في بيان أمر من تمنى الشهادة وفي رواية أبي ذر عن المستملي باب ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة وكذا لابن بطال لكن بغير بسملة وأثبتها ابن التين لكن حذف لفظ باب وفي رواية النسفي بعد البسملة ما جاء في التمني واقتصر الإسماعيلي على باب ما جاء في تمني الشهادة
7226 - حدثنا ( سعيد بن عفير ) حدثني ( الليث ) حدثني عبد الرحمان بن خالد عن ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله يقول والذي نفسي بيده لولا أن رجالا يكرهون أن يتخلفوا بعدي ولا أجد ما أحملهم ما تخلفت لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة فإن قلت ما وجه ظهوره ومن أين يستفاد التمني في الحديث قلت من لفظ وددت إذ التمني أعم من أن يكون بحرف ليت وغيرها
ونصف السند من الأول بصريون ونصف الثاني مدنيون
و ( عبد الرحمن بن خالد ) بن مسافر الفهمي
والحديث مضى في كتاب الجهاد في باب تمني الشهادة
قوله بيده من المتشابهات والأئمة في أمثالها طائفتان مفوضة ومؤولة قوله ما تخلفت أي عن سرية قوله لوددت من الودادة وهي إرادة وقوع شيء على وجه مخصوص يراد وقال الراغب الود محبة الشيء وتمني حصوله
حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال والذي نفسي بيده وددت إني لأقاتل في سبيل الله فأقتل

(25/2)


ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا فكان أبو هريرة يقولهن ثلاثا أشهد بالله
الله
هذا طريق آخر أخرجه عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة
قوله لأقاتل بلام التأكيد من باب المفاعلة هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره بدون اللام قوله يقولهن أي أقتل ثلاثا قوله أشهد بالله أنه قال ذلك
وفائدته التأكيد وظاهره أنه من كلام الراوي عن أبي هريرة أي أشهد بالله أن أبا هريرة كان يقول كلمات أقتل ثلاث مرات
2 -
( باب تمني الخير وقول النبي لو كان لي أحد ذهبا )
أي هذا باب في بيان تمني الخير وهذه الترجمة أعم من الترجمة التي قبلها لأن تمني الشهادة في سبيل الله من جملة الخير وأشار بهذا العموم إلى أن التمني لا ينحصر في طلب الشهادة قوله وقول النبي بالجر عطف على قوله تمني الخير قوله لو كان لي أحد ذهبا جواب لو هو قوله لأحببت على ما يأتي الآن ولكن في حديث الباب لو كان عندي على ما تقف عليه وباللفظ المذكور هنا مضى في الرقاق موصولا
7228 - حدثنا ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) عن ( معمر ) عن ( همام ) سمع ( أبا هريرة ) عن النبي قال لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي ثلاث وعندي منه دينار ليس شيء أرصده في دين علي أجد من يقبله
انظر الحديث 2389 وطرفه
قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة لأنه لا يشبه التمني ورد عليه بأن في قوله لأحببت معنى التمني وقيل إنها بمعنى وددت وقال الكرماني أيضا الحديث لا يوافق الترجمة لأن لو تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره لا للتمني ثم أجاب بقوله لو بمعنى أن لمجرد الملازمة ومحبة كون غير الواقع واقعا هو نوع من التمني فغايته أن هذا تمن على هذا التقدير قال السكاكي الجملة الجزائية جملة خبرية مقيدة بالشرط فعلى هذا هو تمن الشرط
ورجاله قد ذكروا غير مرة قريبا وبعيدا
والحديث مضى في الرقاق في باب قول النبي ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا
قوله ثلاث أي ثلاثة أيام والواو في وعندي للحال قوله أرصده من الرصد أو من الإرصاد قوله من يقبله الضمير فيه راجع إلى الدينار أو إلى الدين والجملة حال فافهم
3 -
( باب قول النبي لو استقبلت من أمري ما استدبرت )
أي هذا باب في بيان قول النبي لو استقبلت من أمري ما استدبرت أي استدبرته وجواب لو محذوف تقديره ماسقت الهدي على ما يأتي الآن في حديث الباب
7229 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( عروة ) أن ( عائشة ) قالت قال رسول الله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت مع الناس حين حلوا
الله
الترجمة جزء الحديث والحديث مضى في الحج
قوله لو استقبلت أي لو علمت في أول الحال ما علمت آخرا من جواز العمرة في أشهر الحج ما سقت معي الهدي أي ما قارنت أو ما أفردت قوله ولحللت أي لتمتعت لأن صاحب الهدي لا يمكن له الإحلال حتى يبلغ الهدي محله

(25/3)


7230 - حدثنا ( الحسن بن عمر ) حدثنا ( يزيد ) عن ( حبيب ) عن ( عطاء ) عن ( جابر بن عبد الله ) قال كنا مع رسول الله فلبينا بالحج وقدمنا مكة لأربع خلون من ذي الحجة فأمرنا النبي أن نطوف بالبيت وبالصفا والمروة وأن نجعلها عمرة ولنحل إلا من كان معه هدي قال ولم يكن مع أحد منا هدي غير النبي وطلحة وجاء علي من اليمن معه الهدي فقال أهللت بما أهل به رسول الله فقالوا ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر قال رسول الله إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لحللت قال ولقيه سراقة وهو يرمي جمرة العقبة فقال يا رسول الله ألنا هاذه خاصة قال لا بل لأبد قال وكانت عائشة قدمت مكة وهي حائض فأمرها النبي أن تنسك المناسك كلها غير أنها لا تطوف ولا تصلي حتى تطهر فلما نزلوا البطحاء قالت عائشة يا رسول الله أتنطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بحجة قال ثم أمر عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق أن ينطلق معها إلى التنعيم فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام الحج
الله
مطابقته للترجمة من حيث إنها جزء منه
وشيخه الحسن بن عمر بن شقيق البصري ويزيد من الزيادة هو ابن زريع البصري وحبيب ضد العدو وابن أبي قريبة أبو محمد المعلم البصري وعطاء بن أبي رباح
والحديث مضى في الحج في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله فلبينا بالحج أي كنا مفردين قوله وطلحة هو ابن عبيد الله أحد العشرة المبشرة قوله فقالوا أي الصحابة المأمورون بالإحلال قوله يقطر أي منيا بسبب قرب عهدنا بالجماع قوله وسراقة بالضم هو ابن مالك الكناني بالنونين
4 -
( باب قول النبي ليت كذا وكذا )
أي هذا باب في بيان قول النبي الخ وكلمة ليت حرف تمن يتعلق بالمستحيل غالبا وبالممكن قليلا ومنه حديث الباب فإن كلا من الحراسة والمبيت بالمكان الذي تمناه قد وجد
7231 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( سليمان بن بلال ) حدثني يحيى بن سعيد سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة قال قالت عائشة أرق النبي ذات ليلة فقال ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة إذ سمعنا صوت السلاح قال من هذا قيل سعد يا رسول الله جئت أحرسك فنام النبي حتى سمعنا غطيطه
قال أبو عبد الله وقالت عائشة قال بلال
( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بواد وحولي إذخر وجليل )
فأخبرت النبي
انظر الحديث 2885
مطابقته للترجمة ظاهرة على ما قلناه الآن
وخالد بن مخلد بفتح الميم واللام البجلي الكوفي و ( يحيى بن سعيد ) الأنصاري
والحديث مضى في الجهاد عن إسماعيل بن الخليل ومضى الكلام فيه
قوله أرق أي سهر قوله قوله ذات ليلة لفظ ذات مقحم قوله سعد هو سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قيل لم احتاج إلى الحراسة والله عز و جل قال والله يعصمك من الناس ياأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين أجيب لعله كان قبل نزول الآية قوله غطيطه بفتح الغين المعجمة صوت النائم ونفخه

(25/4)


قوله قال أبو عبد الله هو البخاري قوله قالت عائشة هو تعليق منه تقدم موصولا بتمامه في مقدم النبي في كتاب الهجرة قوله إذخر حشيش طيب الرائحة والجليل بفتح الجيم الثمام واحده جليلة والثمام بضم الثاء المثلثة وقال ابن الأثير الثمام نبت ضعيف قصير لا يطول
5 -
( باب تمني القرآن والعلم )
أي هذا باب في بيان تمني قراءة القرآن وتحصيل العلم وأضاف إليه العلم بطريق الإلحاق به في الحكم وهذا حسن وكذا كل تمن في أبواب الخير ولكن إنما يحوز منها ما كان في معنى هذا الحديث إذا خلصت النية في ذاك وخلص ذلك من البغي والحسد
7232 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) حدثنا ( جرير ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله قوله لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار يقول لو أوتيت مثل ما أوتي هاذا لفعلت كما يفعل ورجل آتاه الله مالا ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي لفعلت كما يفعل
انظر الحديث 5026 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لو أوتيت لأن فيه التمني
وجرير هو ابن عبد الحميد والأعمش سليمان وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث يأتي في التوحيد وأخرجه النسائي في كتاب العلم عن إسحاق بن إبراهيم
قوله إلا في اثنتين أي في خصلتين ويروى في اثنين أي في شيئين قوله رجل آتاه الله المضاف فيه محذوف أي خصلة رجل قوله آناء الليل وفي رواية المستملي من آناء الليل بزيادة من قوله يقول لو أوتيت أي سامعه يقول لو أوتيت أي لو أعطيت وظاهره أن القائل هو الذي أوتي القرآن وليس كذلك وإنما معناه ما ذكرناه وأوضحه في فضائل القرآن ولفظه فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت إلى آخره قوله لفعلت أي لقرأت أولا ولأنفقت ثانيا قيل هذا غبطة لا حسد وأجيب بأن معناه لا حسد إلا فيهما لكن هذان لا حسد فيهما فلا حسد كقوله تعالى لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم قال الكرماني والحديث مر في كتاب العلم قلت ليس كذلك لأن الذي مضى في كتاب العلم من حديث عبد الله بن مسعود لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها
حدثنا قتيبة حدثنا جرير بهذا
أي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير بن عبد الحميد بهذا الحديث المذكور وأشار بهذا إلى أن له شيخين في هذا الحديث أحدهما عثمان بن أبي شيبة عن جرير والآخر قتيبة بن سعيد عن جرير أيضا
6 -
( باب ما يكره من التمني )
أي هذا باب في بيان ما يكره من التمني وأشار بهذا إلى أن التمني الذي فيه الإثم يكره وعن الشافعي لولا أن نأثم بالتمني لتمنينا أن يكون كذا والتمني الذي فيه الإثم هو الذي يكون داعيا إلى الحسد والبغضاء
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنسآء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما
سيقت الآية بكمالها في رواية كريمة وفي رواية أبي ذر إلى قوله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنسآء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما وقال المهلب بين الله تعالى في هذه الآية ما لا يجوز تمنيه وذلك ما كان من عرض الدنيا وأشباهه وقال الطبري

(25/5)


أو قيل إن هذه الآية نزلت في نساء تمنين منازل الرجال وأن يكون لهن ما لهم فنهى الله سبحانه عن الأماني الباطلة إذا كانت الأماني الباطلة تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في هذه الآية لا يتمن الرجل بأن يقول ليت لي مال فلان وأهله فنهى الله عن ذلك وأمر عباده أن يسألوه من فضله
7233 - حدثنا ( الحسن بن الربيع ) حدثنا ( أبو الأحوص ) عن ( عاصم ) عن ( النضر بن أنس ) قال قال ( أنس ) رضي الله عنه لولا أني سمعت النبي يقول لا تتمنوا الموت لتمنيت
انظر الحديث 5671 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة والحسن بن الربيع بن سليمان البجلي الكوفي يعرف بالبوراني وهو شيخ مسلم أيضا وأبو الأحوص سلام بتشديد اللام ابن سليم الكوفي والنضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن أنس بن مالك
والحديث أخرجه مسلم في الدعوات عن حامد بن عمر
قوله لا تتمنوا بتاءين في أوله وهي رواية الكشميهني وفي رواية غيره بحذف التاء الأولى للتخفيف ومعنى النهي عن تمني الموت هو أن الله عز و جل قدر الآجال فمتمني الموت غير راض بقدر الله ولا يسلم لقضائه
7234 - حدثنا ( محمد ) حدثنا ( عبدة ) عن ( ابن أبي خالد ) عن ( قيس ) قال أتينا خباب بن الأرت نعوده وقد اكتوى سبعا فقال لولا أن رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد هو ابن سلام بالتشديد والتخفيف وعبدة بفتح العين وسكون الباء الموحدة هو ابن سليمان وابن أبي خالد هو إسماعيل واسم أبي خالد سعد البجلي وقيس هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي
والحديث مضى في الطب عن آدم وفي الدعوات عن مسدد وفي الرقاق عن أبي موسى ومضى الكلام فيه
قوله نعوده جملة حالية وكذلك وقد اكتوى قيل المكي منهي عنه أجيب بأنه عند عدم الضرورة أو عند اعتقاد أن الشفاء منه قلت في الجواب الأول نظر لا يخفى
7235 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام بن يوسف ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أبي عبيد اسمه سعد بن عبيد ) مولى ( عبد الرحمان بن أزهر ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة
والحديث مضى في الطب عن أبي اليمان وأخرجه النسائي في الجنائز عن عمرو بن عثمان
قوله إما محسنا تقديره إما أن يكون محسنا وكذا التقدير في قوله وإما مسيئا ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بالرفع فيهما وهذا هو الأصل ويحتمل أن يكون الحذف من بعض الرواة وقد بين رسول الله ما للمحسن والمسيء في أن لا يتمنى الموت وذلك ازدياد المحسن من الخير ورجوع المسيء عن الشر وذلك نظر من الله للعبد وإحسان منه إليه خير له من تمنيه الموت قوله يستعتب أي يسترضي الله بالتوبة وهو مشتق من الاستعتاب الذي هو طلب الإعتاب والهمزة للإزالة أي يطلب إزالة العتاب وهو على غير قياس إذ الاستفعال إنما يبنى من الثلاثي لا من المزيد فيه
7 -
( باب قول الرجل لولا الله ما اهتدينا )
أي هذا باب في بيان قول الرجل لولا الله ما اهتدينا هكذا الترجمة في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي والسرخسي باب قول النبي
7236 - حدثنا ( عبدان ) أخبرني أبي عن ( شعبة ) حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( البراء بن عازب ) قال كان النبي

(25/6)


ينقل معنا التراب يوم الأحزاب ولقد رأيته وارى التراب بياض بطنه يقول
لولا أنت ما اهتدينا
نحن ولا تصدقنا ولا صلينا
( فأنزلن سكينة علينا )
إن الأولى وربما قال أن الملا قد بغوا عليناإذا أرادوا فتنة أأيناأبينا يرفع بها صوته الترجمة جزء لما في الحديث لأن فيه لولا الله أيضا في رواية شعبة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان يروي عن أبيه عثمان بن جبلة بن أبي رواد البصري وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي وقد مضى هذا في باب حفر الخندق في غزوة الخندق من حديث شعبة بأتم سياقا ومضى في الجهاد أيضا قوله ولقد رأيته أي رسول الله قوله وارى أي غطى التراب بياض بطنه وهي جملة حالية بحذف حرف قد كما في قوله تعالى إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جآءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلونكم أو يقاتلوا قومهم ولو شآء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا قوله بطنه ويروى إبطيه فأنزلن بالنون الخفيفة للتأكيد قوله سكينة هي الوقار والطمأنينة قوله إن الأولى أي إن الذين وربما قال إن الملأ وتقدم في الجهاد إن العدا قوله بغوا أي ظلموا قوله أبينا من الإباء وهو الامتناع وهو مكرر وقد مضى الكلام فيه مستوفى في المواضع المذكورة 8 - ( باب كراهية تمنى لقاء العدو ) أي هذا باب في بيان كراهية تمني لقاء العدو ومضى في أواخر الجهاد باب لا تتمنوا لقاء العدو فإن قلت يجوز تمني الشهادة لأن تمنيها محبوب فكيف ينهى عن لقاء العدو قلت حصول الشهادة أخص من اللقاء لإمكان تحصيل الشهادة مع نصرة الإسلام ودوام عزه واللقاء هذا يفضي إلى عكس ذلك فنهى عن تمنيه ولا ينافي في ذلك تمني الشهادة وقيل لعل الكراهة مختصة بمن يثق بقوته ويعجب بنفسه ونحو ذلك ورواه الأعرج عن أبي هريرة عن النبي أي وروى المذكور من كراهية تمني لقاء العدو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة عن النبي وقد مر هذا في الجهاد معلقا من رواية عبد الملك العقدي عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج ومضى الكلام فيه فليراجع إليه هناك حدثني ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( معاوية بن عمرو ) حدثنا ( أبو إسحاق ) عن ( موسى بن عقبة ) عن ( سالم أبي النضر ) مولى ( عمر بن عبيد الله ) وكان كاتبا له قال كتب إليه عبد الله بن أبي أوفاى فقرأته فإذا فيه أن رسول الله قال لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية الله مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن محمد المعروف بالمسندي ومعاوية بن عمرو بن المهلب الأزدي البغدادي أصله كوفي وهو أيضا أحد مشايخ البخاري روى عنه في الجمعة وروى عن عبد الله المسندي ومحمد بن عبد الرحيم وأحمد بن أبي رجاء عنه في مواضع وأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد الفزاري بفتح الفاء وبالزاي وموسى بن عقبة بضم العين المهملة وسكون القاف الإمام في المغازي وسالم أبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة مولى عمر بن عبيد الله قوله وكان كاتبا له أي وكان سالم أبو النضر كاتبا لعمر بن عبيد الله القرشي قوله قال كتب إليه أي قال سالم كتب إلى عمر بن عبيد الله عبد الله بن أبي أوفى الصحابي واسم أبي أوفى علقمة والحديث مضى في الجهاد في باب لا تتمنوا لقاء العدو قوله وسلوا الله العافية

(25/7)


أي السلامة من المكروهات والبليات في الدنيا والآخرة
وفي الحديث دلالة على جواز الرواية بالكتابة دون السماع
9 -
( باب ما يجوز من اللو )
أي هذا باب في بيان ما يجوز أن يقال لو كان كذا لكان كذا قوله من اللو بسكون الواو ويروى بالتشديد ولما أرادوا إعرابها جعلوها اسما بالتعريف ليكون علامة لذلك وبالتشديد ليصير متمكنا قال الشاعر
( ألام على لو ولو كنت عالما
بأذناب لو م تفتني أوائله )
وقال ابن الأثير الأصل لو ساكنة الواو وهي حرف من حروف المعاني يمتنع بها الشيء لامتناع غيره غالبا فلما أرادوا إعرابها أتو فيها بالتعريف ليكون علامة لذلك ومن ثمة شدد الواو وقد سمع بالتشديد منونا قال الشاعر وذكر البيت المذكور وقال ابن التين في بعض النسخ وتبعه الكرماني في باب ما يجوز من لو بغير ألف ولام ولا تشديد على الأصل وقال بعضهم لعله من إصلاح بعض الرواة لكونه لم يعرف وجهه قلت هذا هو الصواب لأن معناه باب ما يجوز من ذكر لو في كلامه لا يحتاج إلى تكلفات بعيدة وأما الشاعر فإنه شدد لو للضرورة ونسبة بعض الرواة إلى عدم معرفة وجه ذلك من سوء الأدب
وقوله تعالى قال لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد
هذا حكاية عن قول لوط عليه السلام وتمامه وآوى إلى ركن شديد واحتج به البخاري على جواز استعمال لو في الكلام وقال عياض الذي يفهم من ترجمة البخاري ومما ذكره في الباب من الأحاديث أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال مما فعله لوجود غيره ثم قال النهي على ظاهره وعمومه لكنه نهي تنزيه وقال النووي الظاهر أن النهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه وأما من قاله تأسفا على ما فاته من طاعة الله أو ما هو متعذر عليه ونحو هذا فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجودة في الأحاديث ثم إن جواب لو في قوله قال لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد محذوف تقدير لقاتلتكم والمعنى لو كان لي قوة أي منعة وشيعة تنصرني وقصته مشهورة في التفسير
7238 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( القاسم بن محمد ) قال ذكر ابن عباس المتلاعنين فقال عبد الله بن شداد أهي التي قال رسول الله لو كنت راجما امرأة من غير بينة قال لا تلك امرأة أعلنت
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة في قوله لو كنت راجما
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه
قوله ذكر ابن عباس المتلاعنين أي قصتهما قوله فقال عبد الله بن شداد بفتح الشين المعجمة وتشديد الدال ابن الهاد واسمه أسامة بن عمرو الليثي الكوفي قوله أهي التي أي أهي المرأة التي قال رسول الله إلى آخره ويوضحه ما قد مضى في اللعان في باب قول النبي لو كنت راجما بغير بينة وهو الذي رواه القاسم بن محمد عن ابن عباس أنه ذكر التلاعن عند النبي الحديث وفيه فأتاه رجل من قومه يشكو إليه قد وجد مع امرأته رجلا إلى آخره وهي المرأة التي قال عبد الله بن شداد هي التي قال رسول الله لو كنت راجما امرأة من غير بينة وجواب لو محذوف أي لرجمتها قوله قال لا أي قال ابن عباس ليست تلك المرأة وقال تلك امرأة أعلنت أي أعلنت السوء في الإسلام
7239 - حدثنا ( علي ) حدثنا ( سفيان ) قال ( عمرو ) حدثنا ( عطاء ) قال أعتم النبي بالعشاء فخرج عمر فقال الصلاة يا رسول الله رقد النساء والصبيان فخرج ورأسه يقطر يقول

(25/8)


لولا أن أشق على أمتي أو على الناس وقال سفيان أيضا على أمتي لأمرتهم بالصلاة هاذه الساعة
وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أخر النبي هاذه الصلاة فجاء عمر فقال يا رسول الله رقد النساء والولدان فخرج وهو يمسح الماء عن شقه يقول إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي
وقال عمرو حدثنا عطاء ليس فيه ابن عباس أما عمرو فقال رأسه يقطر
وقال ابن جريج يمسح الماء عن شقه
وقال عمرو لولا أن أشق على أمتي
وقال ابن جريج إنه لوقت لولا أن أشق على أمتي
وقال إبراهيم بن المنذر حدثنا معن حدثني محمد بن مسلم عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس عن النبي
انظر الحديث 571
قيل لا مطابقة هنا بين الحديث والترجمة لأن الترجمة معقودة على لو وفي هذا الحديث لولا ولو لامتناع الشيء لامتناع غيره لولا لامتناع الشيء لوجود غيره فبينهما بون بعيد وأجيب بأن مآل لولا إلى لو إذ معناه لو لم تكن المشقة لأمرتهم ويحتمل أن يقال أصله لو زيد عليه لا
قد ذكر في هذا الباب تسعة أحاديث في بعضها النطق بلو وفي بعضها لولا
وشيخ البخاري هنا علي بن عبد الله بن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار وعطاء هو ابن أبي رباح
قوله قال أعتم النبي أي قال عطاء أعتم النبي إلى قوله قال ابن جريج مرسل وشرح المتن فيه مضى في الصلاة ولنذكر بعض شيء قوله أعتم أي أبطأ واحتبس أو دخل في ظلمة الليل قوله الصلاة منصوب على الإغراء ويجوز الرفع على تقدير هي الصلاة أي وقتها قوله يقطر أي ماء قوله لولا أن أشق بضم الشين أي لولا أن أثقل عليهم وأدخلهم في المشقة
قوله وقال سفيان هو ابن عيينة الراوي
قوله قال ابن جريج إلى قوله وقال عمرو ومسند وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وهو ليس بتعليق بل هو موصول بالسند المذكور قوله والولدان جمع وليد وهو الصبي قوله إنه للوقت أي إن هذا الوقت وقت الصلاة واللام مفتوحة أي لولا أن أشق عليهم لحكمت بأن هذه الساعة هي وقت صلاة العشاء قوله وقال عمرو أي ابن دينار حدثنا عطاء أي ابن أبي رباح ليس فيه أي في سنده عبد الله بن عباس
قوله أما عمرو إلى قوله وقال إبراهيم إشارة إلى اختلاف لفظ عمرو ولفظ ابن جريج فيما روياه فقال عمرو رأسه يقطر وقال ابن جريج يمسح الماء عن شقه وكذا اختلافهما فيما بعد ذلك حيث قال عمر ولولا أن أشق على أمتي وقال ابن جريج أنه للوقت
قوله وقال إبراهيم بن المنذر على وزن اسم الفاعل من الإنذار ابن عبد الله بن المنذر أبو إسحاق الحزامي المديني وهو أحد مشايخ البخاري روى عنه في غير موضع وروى عن محمد بن أبي غالب حديثا في الاستئذان وإبراهيم هذا يروي عن معن بفتح الميم وسكون العين المهملة وبالنون ابن عيسى القزاز بالقاف وتشديد الزاي الأولى عن محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس عن النبي وهذا موصول بذكر ابن عباس وهو مخالف لتصريح سفيان بن عيينة عن عمرو بأن حديثه ليس فيه ابن عباس قيل هذا يعد من أوهام الطائفي وهو موصوف بسوء الحظ قلت إذا كان الأمر كما قال هذا القائل فيكف رضي البخاري بإخراجه عنه موصولا
7240 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( جعفر بن ربيعة ) عن عبد الرحمان سمعت أبا هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك
انظر الحديث 887
وجه المطابقة قد ذكرناه و ( عبد الرحمن ) هو ابن هرمز الأعرج والحديث من أفراده
تابعه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس عن النبي

(25/9)


قد ذكر هذه المتابعة في كثير من النسخ بعد حديث أنس الذي يأتي قيل كذا وقع في رواية كريمة وهو غلط والصواب ثبوتها بعد حديث أنس فحينئذ معنى تابعه تابع حميدا عن ثابت سلميان بن المغيرة القيسي البصري ووصل هذه المتابعة مسلم من طريق أبي النضر عن سليمان بن المغيرة
7241 - حدثنا ( عياش بن الوليد ) حدثنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( حميد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال واصل النبي آخر الشهر وواصل أناس من الناس فبلغ النبي فقال لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقين
انظر الحديث 1961
مطابقته للترجمة في قوله لو مد بي الشهر أي لو كمل بي الشهر وجواب لو هو قوله قوله لواصلت
وعياش بتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام البصري وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي البصري وحميد ابن أبي حميد الطويل يروي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك وتارة يروي حميد عن أنس بلا واسطة في الأكثر والحديث مضى في الصوم
قوله أناس بضم الهمزة هو الناس قال الكرماني ما معناه قلت التنوين فيه للتبعيض كما قال الزمخشري في قوله تعالى سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذى باركنا حوله لنريه من ءاياتنآ إنه هو السميع البصير أو للتقليل كما في قوله وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذالك هو الفوز العظيم قوله يدع أي يترك المتعمقون أي المتكلفون المتشددون قوله أظل أي أصبر حال كوني يطعمني ربي ويسقين قال الكرماني في هذه الرواية أظل فكيف صح الصيام مع الإطعام بالنهار وفي التي بعدها أبيت فكيف صح الوصال قلت الغرض من الإطعام لازمه وهو التقوية
7242 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) وقال ( الليث ) حدثني عبد الرحمان بن خالد عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أن أبا هريرة قال نهى رسول الله عن الوصال قالوا تواصل قال أيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقين فلما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزدتكم كالمنكل لهم
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وبقية الرجال تقدموا غير مرة
والحديث مضى في الصوم
قوله وقال الليث حدثني ( عبد الرحمن بن خالد ) هو ابن مسافر الفهمي أمير مصر وهذا التعليق وصله الدارقطني من طريق أبي صالح عن الليث قوله كالمنكل لهم بضم الميم وفتح النون وكسر الكاف المشددة أي كالمعذب لهم
7243 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( أبو الأحوص ) حدثنا ( أشعث ) عن ( الأسود بن يزيد ) عن ( عائشة ) قالت سألت النبي عن الجدر أمن البيت هو قال نعم قلت فما لهم لم يدخلوه في البيت قال إن قومك قصرت بهم النفقة قلت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل ذاك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا لولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض
الله
مطابقته للترجمة في قوله لولا ووجهها ما ذكرناه عن قريب
وأبو الأحوص سلام بالتشديد ابن سليم وأشعث بالشين المعجمة والثاء المثلثة ابن أبي الشعثاء الكوفي والأسود بن يزيد من الزيادة
والحديث مضى في الحج ومضى الكلام فيه
قوله

(25/10)


عن الجدر بفتح الجيم يعني الحجر بكسر الحاء ويقال له الحطيم أيضا قوله فما لهم ويروى ما بالهم قوله لم يدخلوه بضم الياء من الإدخال والضمير المنصوب يرجع إلى الجدر قوله قصرت بهم النفقة أي آلات العمارة من الحجر وغيره ولم يريدوا أن يضيفوا إليها من خارج ما كان في زمان إبراهيم عليه السلام قوله فعل ذاك أي ارتفاع الباب قوله ليدخلوا أي لأن يدخلوا من الإدخال قوله من شاءوا مفعوله قوله إن قومك يعني قريشا ويروى إن قومي قوله حديث عهد أي جديد عهد بالإضافة ويروى حديث عهدهم برفع عهدهم بقوله حديث بالتنوين وجواب لولا محذوف أي لفعلت قوله أن أدخل بضم الهمزة وهو فعل المتكلم من المضارع وكذا قوله أن ألصق من الإلصاق
7244 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار
انظر الحديث 3779
وجه مطابقته للترجمة ما ذكرناه فيما مضى
وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
ومضى الحديث في مناقب الأنصار
قوله لولا الهجرة قال محيي السنة ليس المراد منه الانتقال عن النسب الولادي لأنه حرام مع أن نسبه أفضل الأنساب وإنما أراد النسب البلادي أي لولا أن الهجرة أمر ديني وعبادة مأمور بها لانتسبت إلى داركم والغرض منه التعريض بأن لا فضيلة أعلى من النصرة بعد الهجرة وبيان أنهم بلغوا من الكرامة مبلغا لولا أنه من المهاجرين لعد نفسه من الأنصار قوله شعبا بكسر الشين المعجمة الطريق في الجبل وما انفرج بين الجبلين والأنصار هم الصحابة المدنيون الذين آووا ونصروا أي أتابعهم في طرائقهم ومقاصدهم في الخيرات والفضائل
7245 - حدثنا ( موسى ) حدثنا ( وهيب ) عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد عن النبي قال لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها
انظر الحديث 433
وجه مطابقته للترجمة ما ذكرناه وشيخ البخاري موسى بن إسماعيل البصري يقال له التبوذكي ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري و ( عمرو بن يحيى ) المازني الأنصاري وعباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد سمع عمه عبد الله بن زيد المدني الأنصاري المازني رضي الله تعالى عنه ومضى الحديث في غزوة الطائف بعين هذا الإسناد بأتم منه مطولا
تابعه أبو التياح عن أنس عن النبي في الشعب
أي تابع ( عباد بن تميم ) أبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة يزيد بن حميد الضبعي بضم الضاد المعجمة وفتح الباء الموحدة وبالعين المهملة البصري عن أنس في الشعب يعني في قوله لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وأدي الأنصار أو شعبهم
95 -
( كتاب أخبار الآحاد )
1 - ( باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوقفي الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام

(25/11)


(
أي هذا باب
في بيان ما جاء في إجازة خبر الواحد الخ الإجازة هو الإنفاذ والعمل به والقول بحجيته قوله الصدوق ببناء المبالغة والمراد أن يكون له ملكة الصدق يعني يكون عدلا وهو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم قوله في الأذان الخ إنما ذكر هذه الأشياء ليعلم أن إنفاذ الخبر إنما هو في العمليات لا في الاعتقاديات والمراد بقبول خبره في الأذان أنه إذا كان مؤتمنا فأذن تضمن دخول الوقت فجازت صلاة ذلك الوقت وفي الصلاة الإعلام بجهة القبلة وفي الصوم الإعلام بطلوع الفجر أو غروب الشمس قوله والفرائض من عطف العام على الخاص قوله والأحكام جمع الحكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير وهو من عطف العام على عام أخص منه لأن الفرائض فرد من الأحكام
قم اعلم أنه عند جميع الرواة هكذا باب ما جاء الخ بلفظ باب ووقع في بعض النسخ قبل البسملة كتاب خبر الواحد وكذا وقع عند الكرماني وثبتت البسملة قبل لفظ باب في رواية كريمة والأصيلي وسقطت لأبي ذر والقابسي والجرجاني
وقول الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
وقول الله تعالى بالجر عطف على المضاف إليه في باب ما جاء أي وفي بيان قول الله تعالى وساق الآية كلها في رواية كريمة وفي رواية غيرها وقول الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون الآية وأول الآية قوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون الآية وسبب نزول هذه الآية أن الله لما أنزل في حق المنافقين ما أنزل بسبب تخلفهم عن الغزاة مع رسول الله قال المؤمنون والله لا نتخلف غزوة يغزوها رسول الله ولا سرية أبدا فلما أرسل السرايا بعد تبوك نفر المؤمنون جميعا وتركوه وحده فنزلت هذه الآية ولفظها لفظ الخبر ومعناه الأمر والمعنى ما كان لهم أن ينفروا جميعا بل ينفر بعضهم ويبقى مع النبي بعض قوله فلولا نفر يعني فحين لم يكن نفير الكافة ولم يكن مصلحة فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة قال الزمخشري أي من كل جماعة كثيرة قليلة منهم يكفونهم النفير ليتفقهوا بالدين أي ليتكلفوا الفقاهة فيه ولينذروا قومهم بعلمهم إذا رجعوا إليهم أي النافرين لعلهم يحذرون إرادة أن يحذروا الله فيعملوا عملا صالحا والكلام في الطائفة ومراد البخاري أن لفظ طائفة يتناول الواحد فما فوقه ولا يختص بعدد معين وهو منقول عن ابن عباس والنخعي ومجاهد وعطاء وعكرمة وعن ابن عباس أيضا من أربعة إلى أربعين وعن الزهري ثلاثة وعن الحسن عشرة وعن مالك أقل الطائفة أربعة وعن عطاء اثنان فصاعدا وقال الراغب لفظ طائفة يراد بها الجمع والواحد طائف ويراد بها الواحد
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية
لو قال ويسمى الواحد أو الشخص لكان أولى قوله لقوله تعالى وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين استدلال منه بهذه الآية على أن الواحد يسمى طائفة قوله فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية لإطلاق الطائفة على الواحد وعن مجاهد في الآية المذكورة أنهما كانا رجلين ويروى فلو اقتتل الرجلان بالألف واللام قوله دخل ويروى دخلا وهو الصواب
وقوله تعالى ياأيها الذين ءامنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
قال الكرماني وجه الاستدلال به أنه أوجب الحذر عند مجيء فاسق بنبأ أي بخبر وأمر بالتبين عند الفسق فحيث لا فسق لا يجب التبين فيجب العمل به وقال بعضهم وجه الدلالة منها تؤخذ من مفهومي الشرط والصفة فإنهما يقتضيان قبول

(25/12)


خبر الواحد العدل انتهى قلت كلام الكرماني كاد أن يقرب وكلام الآخر كاد أن يبعد جدا لأن الخصم لا يقول بالمفهوم والذي يظهر أنه إنما ذكر هذه الآية لقوله في الترجمة خبر الواحد الصدوق واحتج بها على أن خبر الواحد الفاسق لا يقبل فافهم
وكيف بعث النبي أمراءه واحدا بعد واحد فإن سها أحد منهم رد إلى السنة
استدل بهذا أيضا على إجازة خبر الواحد الصادق فإن النبي كان يبعث أمراءه إلى الجهاد واحدا بعد واحد لأن خبر الواحد لو لم يكن مقبولا لما كان في إرساله معنى وقال الكرماني إذا كان خبر الواحد مقبولا فما فائدة بعث الآخر بعد الأول قلت لرده إلى الحق عند سهوه وهو معنى قوله فإن سها واحد منهم أي من الأمراء المبعوثين رد إلى السنة وهو على صيغة المجهول وأراد بالسنة الطريق الحق والمنهج الصواب وقال الكرماني والسنة هي الطريقة المحمدية يعني شريعته واجبا ومندوبا وغيرهما
1 -
( باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوقفي الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام
(
أي هذا باب في بيان ما جاء في إجازة خبر الواحد الخ الإجازة هو الإنفاذ والعمل به والقول بحجيته قوله الصدوق ببناء المبالغة والمراد أن يكون له ملكة الصدق يعني يكون عدلا وهو من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم قوله في الأذان الخ إنما ذكر هذه الأشياء ليعلم أن إنفاذ الخبر إنما هو في العمليات لا في الاعتقاديات والمراد بقبول خبره في الأذان أنه إذا كان مؤتمنا فأذن تضمن دخول الوقت فجازت صلاة ذلك الوقت وفي الصلاة الإعلام بجهة القبلة وفي الصوم الإعلام بطلوع الفجر أو غروب الشمس قوله والفرائض من عطف العام على الخاص قوله والأحكام جمع الحكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير وهو من عطف العام على عام أخص منه لأن الفرائض فرد من الأحكام
قم اعلم أنه عند جميع الرواة هكذا باب ما جاء الخ بلفظ باب ووقع في بعض النسخ قبل البسملة كتاب خبر الواحد وكذا وقع عند الكرماني وثبتت البسملة قبل لفظ باب في رواية كريمة والأصيلي وسقطت لأبي ذر والقابسي والجرجاني
وقول الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
وقول الله تعالى بالجر عطف على المضاف إليه في باب ما جاء أي وفي بيان قول الله تعالى وساق الآية كلها في رواية كريمة وفي رواية غيرها وقول الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون الآية وأول الآية قوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون الآية وسبب نزول هذه الآية أن الله لما أنزل في حق المنافقين ما أنزل بسبب تخلفهم عن الغزاة مع رسول الله قال المؤمنون والله لا نتخلف غزوة يغزوها رسول الله ولا سرية أبدا فلما أرسل السرايا بعد تبوك نفر المؤمنون جميعا وتركوه وحده فنزلت هذه الآية ولفظها لفظ الخبر ومعناه الأمر والمعنى ما كان لهم أن ينفروا جميعا بل ينفر بعضهم ويبقى مع النبي بعض قوله فلولا نفر يعني فحين لم يكن نفير الكافة ولم يكن مصلحة فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة قال الزمخشري أي من كل جماعة كثيرة قليلة منهم يكفونهم النفير ليتفقهوا بالدين أي ليتكلفوا الفقاهة فيه ولينذروا قومهم بعلمهم إذا رجعوا إليهم أي النافرين لعلهم يحذرون إرادة أن يحذروا الله فيعملوا عملا صالحا والكلام في الطائفة ومراد البخاري أن لفظ طائفة يتناول الواحد فما فوقه ولا يختص بعدد معين وهو منقول عن ابن عباس والنخعي ومجاهد وعطاء وعكرمة وعن ابن عباس أيضا من أربعة إلى أربعين وعن الزهري ثلاثة وعن الحسن عشرة وعن مالك أقل الطائفة أربعة وعن عطاء اثنان فصاعدا وقال الراغب لفظ طائفة يراد بها الجمع والواحد طائف ويراد بها الواحد
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية
لو قال ويسمى الواحد أو الشخص لكان أولى قوله لقوله تعالى وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين استدلال منه بهذه الآية على أن الواحد يسمى طائفة قوله فلو اقتتل رجلان دخل في معنى الآية لإطلاق الطائفة على الواحد وعن مجاهد في الآية المذكورة أنهما كانا رجلين ويروى فلو اقتتل الرجلان بالألف واللام قوله دخل ويروى دخلا وهو الصواب
وقوله تعالى ياأيها الذين ءامنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
قال الكرماني وجه الاستدلال به أنه أوجب الحذر عند مجيء فاسق بنبأ أي بخبر وأمر بالتبين عند الفسق فحيث لا فسق لا يجب التبين فيجب العمل به وقال بعضهم وجه الدلالة منها تؤخذ من مفهومي الشرط والصفة فإنهما يقتضيان قبول خبر الواحد العدل انتهى قلت كلام الكرماني كاد أن يقرب وكلام الآخر كاد أن يبعد جدا لأن الخصم لا يقول بالمفهوم والذي يظهر أنه إنما ذكر هذه الآية لقوله في الترجمة خبر الواحد الصدوق واحتج بها على أن خبر الواحد الفاسق لا يقبل فافهم
وكيف بعث النبي أمراءه واحدا بعد واحد فإن سها أحد منهم رد إلى السنة
استدل بهذا أيضا على إجازة خبر الواحد الصادق فإن النبي كان يبعث أمراءه إلى الجهاد واحدا بعد واحد لأن خبر الواحد لو لم يكن مقبولا لما كان في إرساله معنى وقال الكرماني إذا كان خبر الواحد مقبولا فما فائدة بعث الآخر بعد الأول قلت لرده إلى الحق عند سهوه وهو معنى قوله فإن سها واحد منهم أي من الأمراء المبعوثين رد إلى السنة وهو على صيغة المجهول وأراد بالسنة الطريق الحق والمنهج الصواب وقال الكرماني والسنة هي الطريقة المحمدية يعني شريعته واجبا ومندوبا وغيرهما
7246 - حدثنا ( محمد بن المثنى ) حدثنا ( عبد الوهاب ) حدثنا ( أيوب ) عن ( أبي قلابة ) حدثنا ( مالك ) قال أتينا النبي ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله رقيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم
الله
مطابقته للترجمة في قوله فليؤذن أحدكم لأن أذان الواحد يؤذن بدخول الوقت والعمل به
وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي وأيوب هو السختياني وأبو قلابة بكسر القاف عبد الله بن زيد الجرمي ومالك هو ابن الحويرث بضم الحاء المهملة وفي آخره ثاء مثلثة بن حشيش بشينين معجمتين على وزن عظيم من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حجازي سكن البصرة ومات بها سنة أربع وسبعين
والحديث بعين هذا الإسناد والمتن قد مضى في الصلاة في باب الأذان للمسافر وقد كرر هذا الحديث بلا فائدة جديدة ومضى الكلام فيه هناك
قوله أتينا النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أي وافدين عليه قوله ونحن شببة بشين معجمة وباءين موحدتين وفتحات جمع شاب وهو من كان دون الكهولة قوله متقاربون أي في السن ووقع عند أبي داود متقاربون في العلم وعند مسلم متقاربون في القراءة قوله رقيقا بقافين ويروى بفاء وقاف وعند مسلم بقافين فقط قوله اشتهينا أهلنا وفي رواية الكشميهني أهلينا بكسر اللام وزيادة الياء جمع أهل وفي الصلاة اشتقنا إلى أهلنا والمراد بالأهل الزوجات أو أعم من ذلك قوله سألنا بفتح اللام والضمير المرفوع فيه يرجع إلى النبي قوله ارجعوا إلى أهليكم إنما أذن لهم بالرجوع لأن الهجرة كانت قد انقطعت بعد الفتح فكانت الإقامة بالمدينة باختيار الوافد قوله وعلموهم أي الشرائع قوله ومروهم بالإتيان بالواجبات والاجتناب عن المحرمات قوله أحفظها أو لا أحفظها ليس شكا بل هو تنويع وقائل هذا هو أبو قلابة قوله وصلوا كما رأيتموني أصلي أي من جملة الأشياء التي حفظها أبو قلابة عن مالك هو قوله هذا قوله فإذا حضرت الصلاة أي فإذا دخل وقتها قوله أكبركم أي أفضلكم أو أسنكم وعند النسائي في الفضيلة
7247 - حدثنا ( مسدد ) عن يحياى عن التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال قال رسول الله قوله لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم وينبه نائمكم وليس الفجر أن يقول هاكذا وجمع يحياى كفيه حتى يقول هاكذا

(25/13)


ومد يحياى إصبعيه السبابتين
انظر الحديث 621 وطرفه
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره فإنه يخبر أن هذا الوقت الذي يؤذن فيه من الليل حتى يجوز التسحر في ذلك الوقت وهو خبر واحد صدوق في هذا الأذان
و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان و ( التيمي ) هو سليمان بن طرخان وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي بفتح النون وسكون الهاء
والحديث مضى في الأذان قبل الفجر
قوله من سحوره بالضم وهو التسحر وبالفتح ما يتسحر به من الطعام قوله أو قال ينادي شك من الراوي قوله ليرجع من الرجع وهو متعد ومن الرجوع لازم قوله هكذا أي مستطيلا غير منتشر وهو الصبح الكاذب قوله وجمع يحيى هو يحيى القطان الراوي قوله حتى يقول هكذا أي حتى يصير مستطيلا منتشرا في الأفق ممدودا من الطرفين اليمين والشمال وهو الصبح الصادق
7248 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد العزيز بن مسلم ) حدثنا ( عبد الله بن دينار ) سمعت ( عبد الله بن عمر ) رضي الله عنهما عن النبي
قال قوله إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن بلالا ينادي بليل على الوجه الذي ذكرناه في رأس الحديث السابق وهو أيضا في الباب المذكور
وابن أم مكتوم اسمه عبد الله وقيل عمرو بن قيس القرشي العامري واسم أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله وهو ابن خال خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها هاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي استخلفه النبي على المدينة ثلاث عشرة مرة وكان أعمى
7249 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) عن ( عبد الله ) قال صلى بنا النبي الظهر خمسا فقيل أزيد في الصلاة قال وما ذاك قالوا صليت خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلم
الله
قال ابن التين ما حاصله أن هذا الحديث ليس بمطابق للترجمة لأن المخبر فيه ليس بواحد وإنما كانوا جماعة وأجاب عنه الكرماني بما حاصله أن هذا لم يخرج بإخبار الجماعة عن الآحاد نعم صار من الأخبار المفيدة لليقين بسبب أنه صار محفوفا بالقرائن انتهى قلت هذا جواب غير مشبع بل الجواب الكافي هو أن حديث عبد الله بن مسعود رواه البخاري عن شيخين أحدهما هذا رواه عن حفص بن عمر بن غياث عن شعبة عن الحكم بفتح الكاف ابن عتيبة مصغر عتبة الباب عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود وفيه قالوا صليت خمسا والآخر أخرجه في الصلاة في باب ما إذا صلى خمسا رواه عن أبي الوليد عن شعبة إلى آخره مثله سواء غير أن فيه قال وما ذاك قال صليت خمسا فالقائل واحد فصدقه النبي لكونه صدوقا عنده فهذا مطابق للترجمة فلا يضر إيراد الحديث الذي فيه القائلون جماعة في هذه الترجمة لأن الحديثين حديث واحد عن صحابي واحد في حادثة واحدة وأما حكم الحديث فقد مضى بيانه هناك
7250 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أيوب ) عن ( محمد ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله فصلى ركعتين أخريين

(25/14)


ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده ثم رفع
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه عمل بخبر ذي اليدين وهو واحد فإن قلت لم يكتف بمجرد إخباره حتى قال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم قلت لم يكن سؤاله منهم إلا لأجل استثبات خبره لكونه انفرد دون من صلى معه لاحتمال خطئه في ذلك ولا يلزم من ذلك رد خبره مطلقا
وشيخ البخاري إسماعيل بن أبي أويس واسمه عبد الله ابن أخت مالك وأيوب هو السختياني ومحمد هو ابن سيرين
والحديث مضى في الصلاة في باب من لم يتشهد في سجدتي السهو فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره ومضى الكلام فيه مستوفى واسم ذي اليدين خرباق بكسر الخاء المعجمة وإسكان الراء وبالباء الموحدة وبالقاف ولقب به لطول في يده
7251 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( عبد الله بن عمر ) قال بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشأم فاستداروا إلى الكعبة
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وهي في قوله إذ أتاهم آت لأن الصحابة قد عملوا بخبره واستداروا إلى الكعبة وكانت وجوههم إلى الشام ومضى الحديث في أوائل الصلاة في باب ما جاء في القبلة فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك الخ ومضى الكلام فيه
7252 - حدثنا يحياى حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال لما قدم رسول الله المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السمآء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون فوجه نحو الكعبة وصلى معه رجل العصر ثم خرج فمر على قوم من الأنصار فقال هو يشهد أنه صلى مع النبي وأنه قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر
الله
مطابقته للترجمة في معنى قوله وصلى معه رجل الخ
وشيخ البخاري ( يحيى ) بن موسى البلخي و ( وكيع ) هو ابن الجراح و ( إسرائيل ) هو ابن يونس يروي عن جده ( أبي إسحاق ) عن عمرو بن عبد الله السبيعي عن ( البراء ) بن عازب رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في الصلاة في باب التوجه نحو القبلة عن عبد الله بن رجاء وأخرجه الترمذي في الصلاة وفي التفسير عن هناد عن وكيع ومضى الكلام فيه
قوله وصلى معه رجل العصر الصحيح أن الرجل لم يعرف اسمه وقال الكرماني فإن قلت في الحديث السابق أنها صلاة الفجر قلت التحويل كان عند صلاة العصر وبلوغ الخبر إلى قباء في اليوم الثاني وقت صلاة الصبح فإن قلت فصلاة أهل قباء في المغرب والعشاء قبل وصول الخبر إليهم صحيحة قلت نعم لأن النسخ لا يؤثر في حقهم إلا بعد العلم به قوله وهم ركوع أي راكعون
7253 - حدثنا يحياى بن قزعة حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب شرابا من فضيخ وهو تمر فجاءهم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة يا أنس قم إلى هاذه الجرار فاكسرها قال أنس فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت
الله

(25/15)


مطابقته للترجمة في قوله فجاءهم آت لم يعرف اسمه وورد في بعض طرق هذا الحديث فوالله ما سألوا عنها ولا راجعوا بعد خبر الرجل وهو حجة قوية في قبول خبر الواحد لأنهم أثبتوا نسخ الشيء الذي كان مباحا حتى أقدموا من أجله على تحريمه والعمل بمقتضى ذلك
والحديث مضى في أوائل كتاب الأشربة في باب نزول تحريم الخمر وهي من البسر والتمر
و ( يحيى بن قزعة ) بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة واسمه زيد بن سهل الأنصاري ابن أبي أنس بن ( مالك ) روى عن ( أنس بن مالك ) واسم أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح
قوله من فضيخ بالضاد والخاء المعجمتين شراب يتخذ من البسر قوله وهو تمر أي الفضيخ تمر مفضوخ أي مكسور قوله إلى مهراس بكسر الميم
7254 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي إسحاق ) عن ( صلة ) عن ( حذيفة ) أن النبي قال لأهل نجران لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين فاستشرف لها أصحاب النبي فبعث أبا عبيدة
مطابقته للترجمة في قوله لأبعثن إليكم رجلا أمينا وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي وصلة بكسر الصاد المهملة وفتح اللام المخففة ابن زفر وحذيفة بن اليمان العبسي
والحديث مضى في مناقب أبي عبيدة عن مسلم بن إبراهيم وفي المغازي عن بندار وعن عباس بن الحسين
قوله لأهل نجران وقصتهم ما رواه البخاري في المغازي حدثني عباس بن الحسين حدثنا يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله الحديث وفيه ابعث معنا رجلا أمينا فقال لأبعثن إليكم رجلا أمينا الحديث قوله لأهل نجران بفتح النون وسكون الجيم وهو بلد باليمن قوله فاستشرف لها أي تطلع لها ورغبوا فيها حرصا على أن يكون كل منهم هو الأمين الموعود الموصوف لا حرصا على الولاية والأمانة وإن كانت مشتركة بين الكل لكن النبي خص بعضهم بصفات غلبت عليهم وكانوا بها أخص كالحياء بعثمان رضي الله تعالى عنه
7255 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( شعبة ) عن ( خالد ) عن ( أبي قلابة ) عن ( أنس ) رضي الله عنه قال النبي لكل أمة أمين وأمين هاذه الأمة أبو عبيدة
انظر الحديث 3744 وطرفه
ذكر هذا لكونه مناسبا للحديث الذي قبله فيكون مناسبا للترجمة لأن المناسب للمناسب للشيء مناسب لذلك الشيء
وخالد هو ابن مهران الحذاء البصري وأبو قلابة عبد الله بن زيد
والحديث مضى في مناقب أبي عبيدة
7256 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن يحياى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم قال وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله وشهدته أتيت بما يكون من رسول الله وإذ غبت عن رسول الله وشهد أتاني بما يكون من رسول الله
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن عمر رضي الله تعالى عنه كان يقبل خبر الشخص الواحد
و ( يحيى بن سعيد ) الأنصاري و ( عبيد بن حنين ) كلاهما مصغر مولى زيد بن الخطاب
والحديث مضى في العلم في باب التناوب في العلم بأتم منه مطولا ومضى الكلام فيه
قوله وشهدته أي وحضرته قوله بما يكون أي من أقواله وأفعاله وأحواله قوله وشهد وفي رواية الكشميهني والمستملي وشهده بالضمير في آخره أي وحضر عند النبي وشاهد ما كان عنده من الأقوال والأفعال

(25/16)


7257 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( زبيد ) عن ( سعد بن عبيدة ) عن أبي عبد الرحمان عن علي رضي الله عنه أن النبي بعث جيشا وأمر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال ادخلوها فأرادوا أن يدخلوها
وقال آخرون إنما فررنا منها فذكروا للنبي فقال للذين أرادوا أن يدخلوها لو دخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف
انظر الحديث 4340 وطرفه
قال ابن التين ما حاصله أنه لا مطابقة بين هذا الحديث والترجمة لأنهم لم يطيعوه ورد عليه بأنهم كانوا مطيعين له في غير دخول النار وبه يتم المقصود
قوله غندر هو لقب محمد بن جعفر وزبيد بضم الزاي وفتح الباء الموحدة مصغر زيد ابن الحارث اليامي بالياء آخر الحروف وسعد بن عبيدة بالضم ختن ( أبي عبد الرحمن ) السلمي واسمه عبد الله
والحديث مضى في أوائل الأحكام في باب السمع والطاعة للإمام فإنه أخرجه هناك بأتم منه عن عمر بن حفص ومضى الكلام فيه
7258 7259 - حدثنا ( زهير بن حرب ) حدثنا ( يعقوب بن إبراهيم ) حدثنا أبي عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) أن ( عبيد الله بن عبد الله ) أخبره أن ( أبا هريرة ) ( وزيد بن خالد ) أخبراه أن رجلين اختصما إلى النبي
اما
7260 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ) أن ( أبا هريرة ) قال بينما نحن عند رسول الله إذ قام رجل من الأعراب فقال يا رسول الله اقض لي بكتاب الله فقام خصمه فقال صدق يا رسول الله اقض له بكتاب الله وأذن لي فقال له النبي قل فقال إن ابني كان عسيفا على هاذا والعسيف الأجير فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة من الغنم ووليدة ثم سألت أهل العلم فأخبروني أن على امرأته الرجم وإنما على ابني جلد مائة وتغريب عام فقال والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فردوها وأما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام وأما أنت يا أنيس لرجل من أسلم فاغد على امرأة هاذا فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها أنيس فاعترفت فرجمها
الله
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من تصديق أحد المتخاصمين الآخر وقبول خبره وقد أخرجه من طريقين أحدهما عن زهير مصغر زهر ابن حرب بن شداد ويعقوب بن إبراهيم يروي عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وصالح هو ابن كيسان وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري
والآخر عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري إلى آخره
والحديث قد مضى في مواضع كثيرة منها عن قريب في المحاربين في باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم وأسفل منه بسبعة أبواب في باب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه ومضى الكلام فيه مرارا
قوله وأذن لي عطف على قول الأعرابي أي ائذن في التكلم وعرض الحال قوله فقال أي الأعرابي إن ابني إلى آخره قوله والعسيف الأجير مدرج قوله يا أنيس بضم الهمزة مصغر أنس بالنون

(25/17)


2 -
( باب بعث النبي الزبير طليعة وحده )
أي هذا باب في بيان بعث النبي الزبير بن العوام حال كونه طليعة حال كونه وحده والطليعة بفتح الطاء هو من يبعث ليطلع على أحوال العدو ويجمع على طلائع
7261 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( ابن المنكدر ) قال سمعت ( جابر بن عبد الله ) قال ندب النبي الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال لكل نبي حواري وحواري الزبير
قال سفيان حفظته من ابن المنكدر وقال له أيوب يا أبا بكر حدثهم عن جابر فإن القوم يعجبهم أن تحدثهم عن جابر فقال في ذالك المجلس سمعت جابرا فتتابع بين أحاديث سمعت جابرا قلت لسفيان فإن الثوري يقول يوم قريظة فقال كذا حفظته كما أنك جالس يوم الخندق
قال سفيان هو يوم واحد وتبسم سفيان
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله ندب النبي فانتدب الزبير رضي الله تعالى عنه
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة يروي عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في الجهاد في باب هل يبعث الطليعة وحده
قوله ندب النبي يقال ندب إلى الأمر أي دعا إليه وحث عليه قوله يوم الخندق قال موسى بن عقبة كانت في شوال سنة أربع قوله فانتدب الزبير أي أجابه وأسرع إليه قوله حواري بفتح الحاء المهملة وتخفيف الواو وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف ومعناه الناصر وقال ابن الأثير يقال حواري من أصحابي أي خاصتي من أصحابي وناصري قيل كل الصحابة كانوا أنصارا له وأجيب بأنه كان له اختصاص بالنصرة وزيادة فيها على أقرانه لا سيما في ذلك اليوم وهو لفظ مفرد منصرف وإذا أضيف إلى ياء المتكلم جاز حذفها والاكتفاء بالكسرة وتبديلها فتحة للتخفيف إذ فيه استثقال
قوله قال سفيان هو ابن عيينة قوله وقال له أيوب أي قال لابن المنكدر أيوب السختياني قوله يا أبا بكر أصله أبا بكر حذفة الهمزة للتخفيف وهو كنية محمد بن المنكدر قوله أن تحدثهم أي بأن تحدثهم وكلمة أن مصدرية قوله فتتابع بتاءين في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني فتتابع بتاء واحدة قوله بين أحاديث وفي رواية الكشميهني أربعة أحاديث قوله قلت لسفيان القائل هو علي بن عبد الله بن المديني شيخ البخاري وسفيان هو ابن عيينة قوله فإن الثوري أي سفيان الثوري يقول يوم قريظة يعني موضع يوم الخندق قوله فقال كذا حفظته أي فقال سفيان بن عيينة كذا حفظته من ابن المنكدر يعني يوم الخندق حفظا ظاهرا محققا كظهور جلوسك هنا قوله يوم الخندق ظرف لقوله كذا حفظته
قوله قال سفيان أي ابن عيينة هو يوم واحد يعني يوم الخندق ويوم قريظة يوم واحد وقال الكرماني يوم الأحزاب أيضا إذ الثلاثة كانوا في زمن واحد قلت قريظة بضم القاف وفتح الراء وبالظاء المعجمة قبيلة من اليهود وسمي يوم الأحزاب لاجتماع طوائف الناس فيه جمع حزب بالكسر
3 -
( باب قول الله تعالى ياأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم والله لا يستحى من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسئلوهن من ورآء حجاب ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذالكم كان عند الله عظيما فإذا أذن له واحد جاز )
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى إلى آخره كان ينبغي أن يذكر هذا في التفسير قال قتادة ومقاتل دخلت جماعة في بيت أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأكلوا ثم أطالوا الجلوس فتأذى بهم رسول الله واستحيا منهم أن يأمرهم بالخروج والله لا يستحيي من الحق فأنزل الله هذه الآية قوله إلا أن يؤذن لكم أي إلا أن تدعوا إلى طعام فيؤذن لكم فتأكلونه قوله فإذا أذن له واحد جاز لعدم تعيين العدد في النص فصار الواحد من جملة

(25/18)


ما يصدق عليه وجود الإذن
7262 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( أيوب ) عن ( أبي عثمان ) عن أبي موسى أن النبي دخل حائطا وأمرني بحفظ الباب فجاء رجل يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فإذا أبو بكر ثم جاء عمر فقال ائذن له وبشره بالجنة ثم جاء عثمان فقال ائذن له وبشره بالجنة
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وحماد هو ابن زيد وأيوب هو السختياني وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري
والحديث مضى في مناقب عمر بن الخطاب فإنه أخرجه هناك بأتم منه حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة حدثني عثمان بن غياث حدثنا أبو عثمان النهدي عن ( أبي موسى ) وأخرجه أيضا في مناقب أبي بكر بأطول منه حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن يحيى بن حسان حدثنا شريك بن أبي نمر عن سعيد بن المسيب أخبرنا أبو موسى الأشعري الحديث
قوله حائطا هو بستان أريس بفتح الهمزة وكسر الراء قوله وأمرني بحفظ الباب قال ابن التين قول أبي موسى هنا وأمرني بحفظ الباب وقال في الرواية الماضية ولم يأمرني بحفظه فأحدهما وهم وأجاب الكرماني بأنه لم يأمره أولا وأمره آخرا
7263 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( سليمان بن بلال ) عن يحياى عن عبيد بن حنين سمع ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم قال جئت فإذا رسول الله في مشربة له وغلام لرسول الله أسود على رأس الدرجة فقلت قل هاذا عمر بن الخطاب فأذن لي
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( يحيى ) هو ابن سعيد الأنصاري و ( عبيد بن حنين ) كلاهما بالتصغير
والحديث مضى في سورة التحريم مطولا جدا
قوله في مشربة بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وضم الراء وفتحها الغرفة قوله وغلام اسمه رباح بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة وبالحاء المهملة
4 -
( باب ما كان النبي يبعث من الأمراء والرسل واحدا بعد واحد )
أي هذا باب في بيان ما كان النبي يبعث وفي بعض النسخ باب ما كان يبعث النبي أما الأمراء فإنه كان أمر على مكة عتاب بن أسيد وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص وعلى البحرين ابن العلاء الحضرمي وعلى عمان عمرو بن العاص وعلى نجران أبا سفيان بن حرب وعلى صنعاء وسائر بلاد اليمن باذان ثم ابنه شهر وفيروز المهاجر بن أمية وأبان بن سعيد بن العاص وأمر على السواحل أبا موسى الأشعري وعلى الجند وما معها معاذ بن جبل وكان كل منهما يقضي في عمله ويسير فيه وكانا ربما التقيا وأمر يزيد بن أبي سفيان على تيماء وثمامة بن أثال على اليمامة وسنذكر قصة باذان عن قريب وأما الرسل فإنه بعث ستة نفر مصطحبين في سنة ست من الهجرة رسلا منه إلى من نذكر وهم
حاطب بن أبي بلتعة أرسله إلى المقوقس صاحب الإسكندرية واسمه جريج بن مينا فمضى بكتاب رسول الله إليه فقبل الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله وسرحه إلى النبي وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها وجاريتين إحداهما مارية أم إبراهيم عليه الصلاة و السلام والأخرى وهبها لمحمد بن قيس العبدري
وشجاع بن وهب أرسله إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام وقيل توجه لجبلة وقيل لهما معا وقال بن إسحاق ثم بعث رسول الله شجاع

(25/19)


ابن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق قال شجاع فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب رسول الله ورمى به وقال أنا أسير إليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر ولما بلغ رسول الله ذلك قال باد ملكه
ودحية بن خليفة أرسله إلى قيصر ملك الروم فأكرمه قيصر ووضع كتاب رسول الله على فخده وساله عن النبي وثبت عنده صحة نبوته فهم بالإسلام فلم توافقه الروم فخافهم على ملكه فأمسك ورد دحية ردا جميلا
وسليط بن عمرو العامري أرسله إلى هوذة بن علي ملك اليمامة فأكرمه وأنزله ورد الجواب بقوله إن جعلت لي بعض الأمر صرت إليك وأسلمت ونصرتك وإلا قصدت حربك فقال لا ولا كرامة اللهم اكفنيه فمات
وعمرو بن أمية الضمري أرسله إلى النجاشي ملك الحبشة واسمه أصحمة فأخذ كتاب رسول الله ووضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الأرض وأسلم على يد جعفر بن أبي طالب ولما مات صلى عليه النبي
وعبد الله بن حذافة أرسله إلى كسرى إبرويز بن هرمز فمزق كتابه وقال يكاتبني وهو عبدي ولما بلغ النبي ذلك قال مزق الله ملكه ثم كتب كسرى إلى باذان وهو نائبه على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به فبعث باذان قهرمانه وكان كاتبا حاسبا بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له خرخرة وكتب معهما إلى رسول الله يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى فخرجا حتى قدما على رسول الله ودخلا على رسول الله وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما وقال لهما ارجعا حتى تأتيناني غدا وأتى الخبر من السماء رسول الله بأن الله عز و جل قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وكذا في ليلة كذا وكذا في ساعة كذا وكذا من الليل فدعاهما النبي فأخبرهما وأعطى خرخرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذان وأخبراه الخبر فقال والله ما هذا بكلام ملك وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول وليكونن ما قد قال فلم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه فيه أنه قتل كسرى في تاريخ كذا وكذا فلما وقف عليه قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس وقرره النبي في موضعه وهو أول نائب من نوابه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
ويقال إنه أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي العبدي ملك البحرين من قبل الفرس فأسلم وأسلم جميع العرب بالبحرين وأرسل الحارث بن عمير إلى ملك بصرى فلما نزل أرض مؤتة عرض له عمرو بن شرحبيل الغساني فقتله ولم يقتل لرسول الله رسول غيره وأرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى ذي الكلاع وذي عمرو فأسلما وتوفي رسول الله وجرير عندهما وأرسل السائب بن العوام وهو أخو الزبير إلى فروة عمرو الجذامي وكان عاملا لقيصر بعمان فأسلم وكتب إلى النبي وبعث إليه هدية مع مسعود بن سعد وهي بغلة شهباء يقال لها فضة وفرس يقال لها الظرب وقباء سندس مخوص بالذهب فقبل هديته وأجاز مسعودا اثني عشر أوقية وأرسل عياش بن أبي ربيعة المخزومي إلى الحارث وفروخ ونعيم بن عبد كلاب من حمير والله أعلم
وقال ابن عباس بعث النبي ددحية الكلبي بكتابه إلى عظيم بصراى أن يدفعه إلى قيصر
هذا قطعة من الحديث الطويل المذكور في بدء الوحي وهذا التعليق لم يثبت إلا في رواية الكشميهني وحده
7264 - حدثنا ( يحيى بن بكير ) حدثني ( الليث ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أنه قال أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن ( عبد الله بن عباس ) أخبره أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسراى فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين يدفعه عظيم البحرين إلى كسراى فلما قرأه كسراى مزقه فحسبت أن ابن المسيب قال فدعا عليهم رسول الله أن يمزقوا كل ممزق
الله
قد مرت الآن قضية كسرى وذكرنا أن الرسول كان عبد الله بن حذافة
ويونس هو ابن يزيد الأيلي
قوله فأمره

(25/20)


أي أمر حاصله وهو عبد الله بن حذافة قوله فحسبت القائل هو ابن شهاب الزهري قوله كل ممزق أي كل تمزيق وكذا جرى ولم يبق من الأكاسرة أحد وآخرهم يزدجرد فقتل في أيام عمر رضي الله تعالى عنه وقيل في أيام عثمان رضي الله تعالى عنه
7265 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن يزيد بن أبي عبيد حدثنا سلمة بن الأكوع أن رسول الله قال لرجل من أسلم أذن في قومك أو في الناس يوم عاشوراء أن من أكل فليتم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم
انظر الحديث 1924 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله قوله قال لرجل من أسلم أذن في قومك فإنه من جملة الرسل الذين أرسلهم واسم الرجل هند بن أسماء بن حارثة
و ( يحيى ) هو ابن سعيد القطان ويزيد من الزيادة ابن أبي عبيد مولى ( سلمة بن الأكوع )
والحديث مضى في آخر كتاب الصوم عن المكي بن إبراهيم ثلاثيا
قوله فليتم بقية يومه أي ليصم تمام يومه
( باب وصاة النبي وفود العرب أن يبلغوا من وراءهمقاله مالك بن الحويرث )
أي هذا باب في بيان وصاة النبي بفتح الواو وبالقصر ويجوز كسرها أي وصية النبي قوله وفود العرب الوفود جمع وفد وقد مر تفسيره عن قريب قوله أن يبلغوا أي بأن يبلغوا وكلمة أن مصدرية و يبلغوا من التبليغ قوله من وراءهم في محل النصب على المفعولية قوله قاله مالك بن الحويرث أشار به إلى حديثه الذي مضى في أوائل باب ما جاء في إجازة خبر الواحد فليراجع إليه
7266 - حدثنا ( علي بن الجعد ) أخبرنا ( شعبة ) وحدثني ( إسحاق ) أخبرنا ( النضر ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( أبي جمرة ) قال كان ابن عباس يقعدني على سريره فقال إن وفد عبد القيس لما أتوا رسول الله قال من الوفد قالوا ربيعة قال مرحبا بالوفد أو القوم غير خزايا ولا ندامى قالوا يا رسول الله إن بيننا وبينك كفار مضر فمرنا بأمر ندخل به الجنة ونخبر به من وراءنا فسألوا عن الأشربة فنهاهم عن أربع وأمرهم بأربع أمرهم بالإيمان بالله قال هل تدرون ما الإيمان بالله قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأظن فيه صيام رمضان وتؤتوا من المغانم الخمس ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير وربما قال المقير قال احفظوهن وأبلغوهن من وراءكم
الله
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وهو ظاهر وأخرجه من طريقين أحدهما عن علي بن الجعد بفتح الجيم وسكون العين المهملة ابن عبيد الجوهري البغدادي عن شعبة عن أبي جمرة بفتح الجيم وبالراء نصر بن عمران الضبعي البصري والآخر عن إسحاق قال الكرماني هو إما ابن منصور وإما ابن إبراهيم وقال بعضهم إسحاق بن راهويه كذا ثبت في رواية أبي ذر فأغنى عن تردد الكرماني قلت ثبوته في رواية أبي ذر لا ينافي ثبوت غيره في رواية غيره
والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب أداء الخمس من الإيمان فإنه أخرجه هناك عن علي ابن الجعد إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك مستوفى
قوله يقعدني من الإقعاد وكان ترجمانا بينه وبين الناس فيما يستفتونه فلذلك كان يقعده على سريره قوله عبد القيس هو أبو قبيلة كانوا ينزلون البحرين وحوالي القطيف بفتح القاف قوله ربيعة فخذ من عبد القيس لأنهم من أولاده قوله خزايا جمع خزيان وهو المفتضح والذليل قوله ولا ندامى أي وغير ندامى وهو جمع ندمان بمعنى النادم قوله مضر بضم الميم وفتح الضاد المعجمة

(25/21)


وبالراء قبيلة ويقال ربيعة ومضر أخوان يقال ربيعة الخيل ومضر الحمراء لأنهما لما اقتسما الميراث أخذ مضر الذهب وربيعة الفرس ولم يكن لهم الوصول إلى المدينة إلا عليهم وكانوا يخافون منهم إلا في الشهر الحرام قوله من وراءنا بحسب المكان من البلاد البعيدة أو بحسب الزمان من الأولاد ونحوهم ويروى من ورائنا بكسر الميم قوله وتؤتوا من المغانم قال الكرماني لم عدل عن أسلوب أخواته قلت للإشعار بمعنى التجدد لأن سائر الأركان كانت ثابتة قبل ذلك بخلاف الخمس فإن فرضيته كانت متجددة ولم يذكر الحج لأنه لم يفرض حينئذ أو لأنهم لا يستطيعون الحج بسبب لقاء مضر فإن قلت المذكور خمس لا أربع قلت لم يجعل الشهادة من الأربع لعلمهم بذلك وإنما أمرهم بأربع لأنه لم يكن في علمهم أنها من دعائم الإيمان قوله والدباء بتشديد الباء الموحدة وبالمد اليقطين والمزفت بتشديد الفاء المطلي بالزفت والنقير بفتح النون وكسر القاف الجذع المنقور الوسط كانوا ينبذون فيه قوله وربما قال أي قال ابن عباس المقير أي المطلي بالقار وهو الزفت والنهي عن الظروف لكن المراد منه النهي عن شرب الأنبذة التي فيها
6 -
( باب خبر المرأة الواحدة )
أي هذا باب في بيان خبر المرأة الواحدة هل يعمل به أم لا وفي التوضيح فيه الإمساك على شك فيه حتى يتيقن أمره
7267 - حدثنا ( محمد بن الوليد ) حدثنا ( محمد بن جعفر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( توبة العنبري ) قال قال لي الشعبي أرأيت حديث الحسن عن النبي وقاعدت ابن عمر قريبا من سنتين أو سنة ونصف فلم أسمعه يحدث عن النبي غير هاذا قال كان ناس من أصحاب النبي فيهم سعد فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أزواج النبي إنه لحم ضب فأمسكوا فقال رسول الله كلوا أو اطعموا فإنه حلال أو قال لا بأس به شك فيه ولاكنه ليس من طعامي
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأمسكوا حيث سمعوا من كلام تلك المرأة تركوا الأكل فدل ذلك على أن خبر المرأة الواحدة العدلة يعمل به وقوله كلوا غير متوجه إلى نفي كلامها بل هو إعلام بأنها تؤكل وإنما منعتهم المرأة لكونها علمت أن النبي ما كان يأكل فبنت على هذا ومنعتهم وما علمت أن ترك أكل النبي من ذلك لكونه يعافه بل لكونه حراما
وتوبة بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الواو وبالباء الموحدة ابن كيسان العنبري نسبة إلى بني العنبر بطن مشهور من بني تميم والشعبي عامر بن شراحيل من كبار التابعين قيل إنه أدرك خمسمائة صحابي
قوله أرأيت من رؤية البصر والاستفهام للإنكار قوله حديث الحسن أي البصري عن النبي وكان الشعبي ينكر على من يرسل الأحاديث عن النبي إشارة إلى أن الحامل لفاعل ذلك طلب الإكثار من التحديث عنه وإلا لكان يكتفي بما سمعه موصولا وقال الكرماني غرضه أن الحسن مع أنه تابعي يكثر الحديث عن النبي يعني أنه جريء على الإقدام عليه وعبد الله بن عمر مع أنه صحابي يقلل فيه محتاط محترز ما أمكن قوله وقاعدت ابن عمر قال بعضهم الجملة حالية قلت ليس كذلك بل هو ابتداء كلام لبيان تقليل ابن عمر في الحديث أي جلست معه قريبا من سنتين أو قريبا من سنة ونصف فلم أسمعه يحدث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غير هذا وأشار به إلى الحديث الذي بعده وهو قوله كان ناس من أصحاب النبي فيهم سعد هو ابن أبي وقاص قوله فنادتهم امرأة هي ميمونة إحدى زوجات النبي قوله شك فيه أي قال شعبة شك فيه توبة العنبري قوله لكنه أي لكن الضب ليس من طعامي أي من الطعام المألوف به فأعافه

(25/22)


بسم الله الرحمان الرحيم
( كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة )
أي هذا باب في بيان الاعتصام وهو افتعال من العصمة وهذه الترجمة مقتبسة من قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذالك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تهتدون إذ المراد بالحبل الكتاب والسنة على سبيل الاستعارة المصرحة والقرينة الإضافة إلى الله والجامع كونهما سببا للمقصود الذي هو الثواب كما أن الحبل سبب للمقصود من السقي ونحوه والمراد بالكتاب القرآن المتعبد بتلاوته وبالسنة ما جاء عن النبي من أقواله وأفعاله وتقريره وما هم بفعله
7268 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) عن ( مسعر وغيره ) عن ( قيس بن مسلم ) عن ( طارق بن شهاب ) قال قال رجل من اليهود لعمر يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هاذه الآية حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومآ أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومآ أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالازلام ذالكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الأسلام دينا فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم لاتخذنا ذالك اليوم عيدا فقال عمر إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية نزلت يوم عرفة في يوم جمعة
سمع سفيان من مسعر ومسعر قيسا وقيس طارقا
الله
وجه ذكر هذا الحديث عقيب هذه الترجمة من حيث إن الآية تدل على أن هذه الأمة معتصمة بالكتاب والسنة لأن الله تعالى من عليهم بهذه الآية بإكمال الدين وإتمام النعمة وبرضاه لهم بدين الإسلام
والحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى منسوب إلى أحد أجداد حميد بالضم وسفيان هو ابن عيينة ومسعر بكسر الميم ابن كدام بكسر الكاف وتخفيف الدال قوله وغيره قيل يحتمل أن يكون سفيان الثوري فإن أحمد أخرجه من روايته عن قيس بن مسلم الجدلي بفتح الجيم والدال المهملة الكوفي كان عابدا ثقة ثبتا لكنه نسب إلى الإرجاء وهو يروي عن طارق بن شهاب الأحمسي معدود في الصحابة لأنه رأى النبي لكن لم يثبت له منه سماع
والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب زيادة الإيمان ونقصانه ومضى الكلام فيه
قوله يوم عرفة هو غير منصرف وعرفات منصرف لأن عرفة علم للزمان المعين وعرفات اسم جنس له
قوله سمع سفيان من مسعر إلى آخره من كلام البخاري وأشار به إلى أن العنعنة المذكورة من هذا السند محمولة عنده على السماع لاطلاعه على سماع كل منهم من شيخه فافهم
7269 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( أنس بن مالك ) أنه سمع ( عمر ) الغد حين بايع المسلمون أبا بكر واستوى على منبر رسول الله تشهد قبل أبي بكر فقال أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم وهاذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا وإنما هدى الله به رسوله
انظر الحديث 7219
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وهذا الكتاب إلى آخره يفهم من له ذوق من دقائق التراكيب
والحديث مضى في كتاب الأحكام في باب الاستخلاف بأتم منه
قوله الغد أي في اليوم الثاني من يوم المبايعة الأولى الخاصة ببعض الصحابة قوله الذي عنده أي في الآخرة على الذي عندكم أي في الدنيا
7270 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( وهيب ) عن ( خالد ) عن ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) قال ضمني إليه النبي وقال اللهم علمه الكتاب
الله

(25/23)


مطابقته للترجمة من حيث إنه دعا له بأن يعلمه الله الكتاب ليعتصم به
ووهيب مصغر وهب ابن خالد بن عجلان البصري يروي عن خالد الحذاء
والحديث قد مضى في كتاب العلم في باب قول النبي اللهم علمه الكتاب
7271 - حدثنا ( عبد الله بن صباح ) حدثنا ( معتمر ) قال سمعت ( عوفا ) أن ( أبا المنهال ) حدثه أنه سمع ( أبا برزة ) قال إن الله يغنيكم أو نعشكم بالإسلام وبمحمد
انظر الحديث 7112
مطابقته للترجمة من حيث إغناء الله عباده بالإسلام وبنبيه وهو عبارة عن الاعتصام بالدين وبرسوله
وعبد الله بن صباح بتشديد الباء الموحدة العطار البصري ومعتمر هو ابن سليمان بن طرخان البصري وعوف بالفاء في آخره هو المشهور بعوف الأعرابي وأبو المنهال بكسر الميم وسكون النون سيار بن سلامة وأبو برزة بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وبالزاي اسمه نضلة بفتح النون وسكون الضاد المعجمة بن عبيد الأسلمي سكن البصرة
والحديث مضى في الفتن في باب إذا قال عند قوم شيئا
قوله يغنيكم من الإغناء بالغين المعجمة والنون قوله أو نعشكم بنون ثم عين مهملة وشين معجمة أي رفعكم أو جبركم من الكسر أو أقامكم من العثر
7272 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( عبد الله بن دينار ) أن ( عبد الله بن عمر ) كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه وأقر بذلك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت
انظر الحديث 7203 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله على سنة الله وسنة رسوله فقد اعتصم بهما
والحديث مضى بأتم من هذا في أواخر كتاب الأحكام في باب كيف يبايع الإمام
قوله يبايعه حال قوله وأقر بذلك ويروى وأقر لك وهو عطف على متقدم عليه كان في مكتوب ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قوله فيما استطعت يعني قدر استطاعتي
1 -
( باب قول النبي بعثت بجوامع الكلم )
أي هذا باب في ذكر قول النبي بعثت بجوامع الكلم أي بجوامع الكلمات القليلة الجامعة للمعاني الكثيرة وحاصله أنه كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني وقيل المراد بجوامع الكلم القرآن بدليل قوله بعثت والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني
7273 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي
قال أبو هريرة فقد ذهب رسول الله وأنتم تلغثونها أو ترغثونها أو كلمة تشبهها
الترجمة جزء من الحديث وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
والحديث من أفراده
قوله ونصرت على بناء المجهول قوله بالرعب أي الخوف أي بمجرد الخبر الواصل إلى العدو يفزعون مني ويؤمنون قوله وبينا أصله بين أشبعت فتحة النون فصارت ألفا ويضاف إلى جملة قوله رأيتني بضم التاء المثناة أي رأيت نفسي قوله أتيت على بناء المجهول أي أعطيت قوله فوضعت أي مفاتيح خزائن الأرض بها فتح الله على أمته والخزائن جمع خزانة وهي الموضع الذي يخزن فيها
قوله قال أبو هريرة موصول بالسند المذكور أولا قوله فقد ذهب أي مات قوله وأنتم تلغثونها بلام ساكنة وغين معجمة مفتوحة ثم بثاء مثلثة مأخوذة من اللغيث بوزن عظيم وهو الطعام المخلوط بالشعير ذكره صاحب المحكم عن ثعلب والمراد تأكلونها كيف ما اتفق ويقال معنى تلغثونها تأكلونها يعني الدنيا من اللغيت وهو طعام يخلط بالشعير قوله أو ترغثونها شك من الراوي وهو مثل تلغثونها

(25/24)


ولكنه بالراء بدل اللام ومعناه ترضعونها من رغث الجدي أمه إذا رضعها قاله القزاز وقال أبو عبد الملك أما باللام فلا نعرف له معنى وأما بالراء فمعناه ترضعونها يقال ناقة غوث أي غزيرة اللبن وكذلك الشاة وفي المنتهى لأبي المعالي اللغوي لغث طعامه ولعث بالغين المعجمة والعين المهملة إذا فرقه قال واللغيث ما يبقى في الكيل من الحب فعلى هذا المعنى وأنتم تأخذون المال فتفرقونه بعد أن تحوزوه قوله أو كلمة تشبهها أي أو قال كلمة تشبه إحدى الكلمتين المذكورتين نحو تنتثلونها من الانتثال بتاء الافتعال أو تنثلونها من النثل بالنون والثاء المثلثة وهو الاستخراج يقال نثل كنانته إذا استخرج ما فيها من السهام ومثل جرابه إذا نفض ما فيه وقال الداودي المحفوظ في هذا الحديث تنتثلونها وفي التلويح في بعض النسخ الصحيحة وأنتم تلعقونها بعين مهملة ثم قاف قال بعضهم وهو تصحيف ولو كان له بعض اتجاه قلت مجرد دعوى التصحيف لا تسمع ولا يبعد لصحة المعنى
7274 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( الليث ) عن ( سعيد ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله أو من أو آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أني أكثرهم تابعا يوم القيامة
انظر الحديث 4981
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وإنما كان الذي أوتيت وحيا إلى آخره فإنه أراد بقوله وحيا أوحاه الله إلي القرآن ولا شك أن فيه جوامع الكلم وهو في القرآن كثير منها قوله تعالى ولكم في القصاص حيواة ياأولي الألباب لعلكم تتقون الآية وقوله تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الانهر خالدين فيها وذالك الفوز العظيم وغيرها الآية
وسعيد هذا يروي عن أبيه أبي سعيد المقبري واسمه كيسان
والحديث مضى في فضائل القرآن عن عبد الله بن يوسف
قوله إلا أعطي على صيغة المجهول قوله من الآيات أي المعجزات قوله ما مثله في محل الرفع لاستناد أعطي إليه قوله أومن بضم الهمزة وسكون الواو وكسر الميم من الأمن قوله أو آمن شك من الراوي بالمد وفتح الميم من الإيمان وحكى ابن قرقول أن في رواية القابسي بفتح الهمزة وكسر الميم بغير مد من الإيمان قوله عليه أي مغلوبا عليه يعني فيه تضمين معناها وإلا فاستعماله بالباء أو باللام قوله وإنما كان الذي أوتيت هكذا رواية المستملي وفي رواية غيره أوتيته بالهاء ومعنى الحصر فيه أن القرآن أعظم المعجزات بدوامه إلى آخر الدهر ولما كان لا شيء يقاربه فضلا عن أن يساويه كان ما عداه بالنسبة إليه كأن لم يقع ويقال معناه أن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء فآمن به البشر وأما معجزتي العظمى فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله فلهذا أنا أكثرهم تبعا ويقال إن الذي أوتيت لا يتطرق إليه تخييل بسحر وشبهه بخلاف معجرة غيري فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب صورته كما خيلت السحرة في صورة العصا والخيال قد يروج على بعض العوام الناقصة العقول قوله تابعا نصب على التمييز
2 -
( باب الاقتداء بسنن رسول الله )
أي هذا باب في بيان وجوب الاقتداء بسنن رسول الله وسننه أقواله وأفعاله وأمر الله عز و جل عباده باتباع نبيه والاقتداء بسننه فقال ما كان الله ليذر المؤمنين على مآ أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشآء فئامنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقال الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولائك هم المفلحون الآية وتوعد من خالف سبيله ورغب عن سنته فقال لا تجعلوا دعآء الرسول بينكم كدعآء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم الآية
وقول الله تعالىواجعلنا للمتقين إماما قال أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا
وقول الله بالجر عطف على الاقتداء قوله أئمة لم يعلم القائل من هو ولكن ذكر في التفسير قال مجاهد أي اجعلنا ممن نقتدي بمن قبلنا حتى يقتدي بنا من بعدنا قوله أئمة يعني استعمل الإمام هذا بمعنى الجمع بدليل اجعلنا وقال الكرماني فإن قلت الإمام هو المقتدى به فمن أين استفاد المأمومية حتى ذكر المقدمة الأولى أيضا قلت هي لازمة إذ لا يكون متبوعا إلا إذا كان تابعا لهم أي ما لم يتبع الأنبياء لا تتبعه الأولياء ولهذا لم يذكر الواو بين المقدمتين

(25/25)


وقال ابن عون ثلاث أحبهن لنفسي ولإخواني هذه السنة أن يتعلموها ويسألوا عنها والقرآن أن يتفهموه ويسألوا عنه ويدعوا الناس إلا من خير
أي وقال عبد الله بن عوف البصري من صغار التابعين ووصل تعليقه هذا محمد بن نصر المروزي في كتاب السنة والجوزقي من طريقه قال محمد بن نصر حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا سليم بن أحضر سمعت ابن عوف يقول غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ثلاث أحبهن لنفسي الخ قوله ولإخواني وفي رواية حماد ولأصحابي قوله هذه السنة أشار إلى طريقة النبي إشارة نوعية لا شخصية وقال في القرآن يتفهموه وفي السنة يتعلموها لأن الغالب على حال المسلم أن يتعلم القرآن في أول أمره فلا يحتاج إلى الوصية بتعلمه فلهذا أوصى بفهم معناه وإدراك منطوقه وفحواه قوله أن يتفهموه وفي رواية يحيى فيتدبروه قوله ويدعوا الناس بفتح الدال أي يتركوا الناس ووقع في رواية الكشميهني بسكون الدال من الدعاء وفي روايته ويدعوا الناس إلى خير قال الكرماني في قوله ويدعوا الناس أي يتركوا الناس أي لا يتعرضوا لهم رحم الله امرءا شغله خويصة نفسه عن الغير نعم إن قدر على إيصال خير فبها ونعمت وإلا ترك الشر أيضا خير
7275 - حدثنا ( عمرو بن عباس ) حدثنا عبد الرحمان حدثنا سفيان عن واصل عن أبي وائل قال جلست إلى شيبة في هاذا المسجد قال جلس إلي عمر في مجلسك هاذا فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين قلت ما أنت بفاعل قال لم قلت لم يفعله صاحباك قال هما المرآن يقتدى بهما
انظر الحديث 1594
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله هما المرآن يقتدى بهما أي بالنبي وبأبي بكر رضي الله تعالى عنه والاقتداء بالنبي اقتداء بسنته
وعمرو بفتح العين ابن عباس بالباء الموحدة الأهوازي و ( عبد الرحمن ) بن مهدي و ( سفيان ) هو الثوري و ( واصل ) هو ابن حيان بتشديد الياء آخر الحروف وبالنون وأبو وائل بالهمزة بعد الألف شقيق بن سلمة
قوله إلى شيبة بفتح الشين وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة هو ابن عثمان الحجبي العبدري أسلم بعد الفتح وبقي إلى زمان يزيد بن معاوية وليس له في البخاري ولا في مسلم إلا هذا الحديث قوله في هذا المسجد أي المسجد الحرام قوله لقد هممت أي قصدت أن لا أدع أي أن لا أترك فيها أي في الكعبة صفراء أي ذهبا ولا بيضاء أي فضة قوله قلت القائل هو شيبة قوله ما أنت بفاعل أي ما أنت تفعل ذلك قوله قال لم أي قال عمر لم لا أفعل قوله لم يفعله صاحباك أراد بهما النبي وأبا بكر رضي الله تعالى عنه وجواب لو محذوف أي لفعلت ولكنهما ما فعلاه فقال عمر هما المرآن يقتدى بهما وقال ابن بطال أراد عمر رضي الله تعالى عنه قسمة المال في مصالح المسلمين فلما ذكر شيبة أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأبا بكر بعده لم يتعرضا له لم يسعه خلافهما ورأى أن الاقتداء بهما واجب فربما يهدم البيت أو يحتاج إلى ترميمه فيصرف ذلك المال فيه ولو صرف في منافع المسلمين لكان كأنه قد خرج عن وجهه الذي عين فيه
7276 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال سألت ( الأعمش ) فقال عن ( زيد بن وهب ) سمعت ( حذيفة ) يقول حدثنا رسول الله أن الأمانة نزلت من السماء في جذر قلوب الرجال ونزل القرآن فقرأوا القرآن وعلموا من السنة
انظر الحديث 6497 وطرفه
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وهو ظاهر
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة والأعمش سلميان وزيد بن وهب الهمداني الجهني الكوفي من قضاعة خرج إلى النبي فقبض النبي وهو في

(25/26)


الطريق سمع جماعة من الصحابة
والحديث مضى مطولا في الرقاق وفي الفتن عن محمد بن كثير عن الثوري
قوله الأمانة قيل المراد بها الإيمان وشرائعه قوله جذر بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة الأصل والرجال المؤمنون قوله ونزل القرآن يعني كان في طباعهم الأمانة بحسب الفطرة التي فطر الناس عليها ووردت الشريعة بذلك فاجتمع الطبع والشرع في حفظها
7277 - حدثنا ( آدم بن أبي إياس ) حدثنا ( شعبة ) أخبرنا ( عمرو بن مرة ) سمعت ( مرة الهمداني ) يقول قال ( عبد الله ) إن أحسن الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها إن ما توعدون لأت ومآ أنتم بمعجزين
انظر الحديث 6098
مطابقته للترجمة في قوله وأحسن الهدي هدي محمد لأن الهدي هو السمت والطريقة وهي من سنن النبي
وعمرو بن مرة الجملي بفتح الجيم وتخفيف الميم ومرة شيخه ابن شراحيل ويقال له مرة الطيب بالتشديد وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في كتاب الأدب
قوله وأحسن الهدي بفتح الهاء وسكون الدال كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني بضم الهاء وفتح الدال مقصورا وهو ضد الضلال قوله وشر الأمور إلى آخره زيادة على الرواية المتقدمة في الأدب والبخاري اختصره هناك وظاهر سياق هذا الحديث أنه موقوف لكن القدر الذي له حكم الرفع منه وأحسن الهدي هدي محمد فإن فيه إخبارا عن صفة من صفاته وهو أحد أقسام المرفوع على ما قالوه ولكن جاء هذا عن ابن مسعود مصرحا فيه بالرفع من وجه آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة لكن ليس هو على شرط البخاري قوله محدثاتها جمع محدثة والمراد به ما أحدث وليس له أصل في الشرع وسمي في عرف الشرع بدعة وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة قوله تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون إلى آخره من كلام ابن مسعود أخذه من القرآن للموعظة التي تناسب الحال
7278 7279 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( الزهري ) عن ( عبيد الله ) عن ( أبي هريرة وزيد بن خالد ) قال كنا عند النبي فقال لأقضين بينكما بكتاب الله
اما
مطابقته للترجمة من حيث إن قوله بكتاب الله أن السنة يطلق عليها كتاب الله لأنها بوحيه فإذا كان المراد هو السنة يدخل في الترجمة
وسفيان هو ابن عيينة والزهري محمد بن مسلم وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهذا قطعة من حديث العسيف والذي استأجره وقد مر بتمامه غير مرة قوله بينكما الخطاب لوالد العسيف والذي استأجره وليس خطابا لأبي هريرة وزيد بن خالد لأنه قد يتوهم ذلك ظاهرا
7280 - حدثنا ( محمد بن سنان ) حدثنا ( فليح ) حدثنا ( هلال بن علي ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله من أطاعني لأن من أطاعه يعمل بسنته
وفليح بضم الفاء وفتح اللام وبالحاء المهملة ابن سليمان المدني وهلال بن علي هو الذي يقال له ابن أبي ميمونة وهلال ابن هلال وهلال بن أسامة المدني وعطاء بن يسار ضد اليمين
والحديث من أفراده
قوله إلا من أبى أي امتنع عن قبول الدعوة أو عن امتثال الأمر فإن قلت العاصي يدخل الجنة أيضا إذ لا يبقى مخلدا في النار قلت يعني لا يدخل في أول الحال أو المراد بالإباء الامتناع عن الإسلام
7281 - حدثنا ( محمد بن عبادة ) أخبرنا ( يزيد ) حدثنا ( سليم بن حيان ) وأثناى عليه حدثنا سعيد

(25/27)


بن ميناء حدثنا أو سمعت جابر بن عبد الله يقول جاءت ملائكة إلى النبي وهو نائم فقال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا إن لصاحبكم هاذا مثلا فاضربوا له مثلا فقال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة فقالوا أولوها له يفقهها فقال بعضهم إنه نائم وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان فقالوا فالدار الجنة والداعي محمد فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ومن عصى محمدا فقد عصاى الله ومحمد فرق بين الناس
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله لأن من أطاعه يعمل بسنته
ومحمد بن عبادة بفتح العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة وبالدال المهملة الواسطي وما له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر مضى في كتاب الأدب ويزيد من الزيادة ابن هارون وسليم بفتح السين المهملة على وزن كريم ابن حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف قوله ( وأثنى عليه ) أي على سليم بن حيان القائل بهذا هو محمد شيخ البخاري وفاعل أثنى هو يزيد قوله قال حدثنا أو سمعت القائل ذاك ( سعيد بن ميناء ) والشاك هو سليم بن حيان شك في أي الصيغتين قالها شيخه سعيد ويجوز في جابر النصب والرفع أما النصب فعلى تقدير سمعت جابرا وأما الرفع فعلى تقدير حدثنا جابر
قوله جاءت ملائكة لم يدر أساميهم وجاء في رواية الترمذي على ما نذكره عن قريب أن الذين حضروا في هذه القصة جبريل وميكائيل عليهما السلام ولفظه خرج علينا النبي يوما فقال إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي قوله إن لصاحبكم أي لسيدنا محمد قوله فاضربوا له مثلا وفي رواية الأكثر قال فاضربوا له وسقط لفظ قال في رواية أبي ذر قوله مثله بفتح الميم والمثلثة أي صفته ويمكن أن يراد به ما عليه أهل البيان وهو ما نشأ من الاستعارات التمثيلية قوله مأدبة بسكون الهمزة وضم الدال بعدها باء موحدة وحكى الفتح في الدال وقال ابن التين عن أبي عبد الملك الضم والفتح لغتان فصيحتان وقال أبو موسى الحامض من قال بالضم أراد الوليمة ومن قال بالفتح أراد به أدب الله الذي أدب به عباده ويتعين الضم هنا قوله أولوها أي فسروها واكشفوها كما هو تعبير الرؤيا حتى يفهم الحق وقال الكرماني فإن قلت التشبيه يقتضي أن يكون مثل الباني هو مثل النبي حيث قال مثله كمثل رجل بنى دارا لا مثل الداعي قلت هذا ليس من باب تشبيه المفرد بالمفرد بل تشبيه المركب بالمركب من غير ملاحظة مطابقة المفردات من الطرفين كقوله تعالى إنما مثل الحيواة الدنيا كمآء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى إذآ أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليهآ أتاهآ أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذالك نفصل الآيات لقوم يتفكرون قوله فرق بفتح الراء المشددة على أنه فعل ماض كذا في رواية أبي ذر وفي رواية غيره بسكون الراء وبتنوين القاف بمعنى فارق بين المطيع والعاصي قوله ومحمد مرفوع على أنه مبتدأ و فرق أو فرق على الوجهين خبره
تابعه قتيبة عن ليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن جابر خرج علينا النبي
أي تابع محمد بن عبادة قتيبة بن سعيد كلاهما من مشايخ البخاري وليث هو ابن سعد وخالد هو ابن يزيد أبو عبد الرحيم المصري أحد الثقات وسعيد بن أبي هلال الليثي المدني وروى الترمذي هذه المتابعة حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال خرج علينا النبي يوما فقال إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه اضرب له مثلا فقال اسمع سمعت أذنك واعقل

(25/28)


عقل قلبك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مائدة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه فالله هو الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد رسول من أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل مما فيها هذا حديث مرسل لأن سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله انتهى قيل فائدة إيراد البخاري هذه المتابعة لرفع توهم من يظن أن طريق سعيد بن ميناء موقوف لأنه لم يصرح برفع ذلك إلى النبي وذكر هذه المتابعة لتصريحها بالرفع
7282 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) عن ( همام ) عن ( حذيفة ) قال يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقا بعيدا فإن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا
مطابقته للترجمة في قوله استقيموا لأن الاستقامة هي الاقتداء بسنن الرسول
وأبو نعيم الفضل بن دكين وسفيان هو الثوري والأعمش هو سليمان وإبراهيم هو النخعي وهمام بتشديد الميم هو ابن الحارث ورجال السند كلهم كوفيون
قوله يا معشر القراء بضم القاف قارىء والمراد بهم العلماء بالقرآن والسنة والعباد وكان في الصدر الأول إذا أطلقوا القراء أرادوا بهم العلماء قوله استقيموا أي اسلكوا طريق الاستقامة وهو كناية عن التمسك بأمر الله فعلا وتركا قوله فقد سبقتم على صيغة المجهول يعني لازموا الكتاب والسنة فإنكم مسبوقون سبقا بعيدا أي قويا متمكنا فربما يلحقون بهم بعض اللحوق قوله فإن أخذتم يمينا وشمالا أي خالفتم الأمر وأخذتم غير طريق الاستقامة فقد ضللتم ضلالا بعيدا أي قويا متمكنا قال الله تعالى وأن هاذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون
7283 - حدثنا ( أبو كريب ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد ) عن ( أبي بردة ) عن أبي موسى عن النبي
قال إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذالك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق
انظر الحديث 6482
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأطاعه طائفة من قومه لأن إطاعة النبي اقتداء بسنته
وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء هو ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة عامرا أو الحارث وأبو بردة يروي عن أبيه ( أبي موسى ) الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في الرقاق في باب الانتهاء عن المعاصي
قوله العريان أي المجرد عن الثياب كانت عادتهم أن الرجل إذا رأى العدو وأراد إنذار قومه يخلع ثوبه ويديره حول رأسه إعلاما لقومه من بعيد بالغارة ونحوها قوله فالنجاء ممدودا ومقصورا بالنصب على أنه مفعول مطلق أي الإسراع والإدلاج بكسر الهمزة السير أول الليل ومن باب الافتعال السير آخر الليل قوله على مهلهم أي على سكينتهم قوله فصبحهم الجيش أي أتوهم صباحا وأغاروا عليهم قوله واجتاحهم بالجيم ثم الحاء المهملة أي استأصلهم
7284 7285 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ل ( يث ) عن ( عقيل ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) عن ( أبي هريرة ) قال لما توفي رسول الله واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله

(25/29)


أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله فمن قال لا إلاه إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله فقال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق
قال ابن بكير وعبد الله عن الليث عناقا وهو أصح
ما
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن من فرق بينهما خرج على الاقتداء بسنته
ورجاله قد ذكروا غير مرة والحديث قد مضى في أول الزكاة ومضى الكلام فيه
قوله واستخلف على صيغة المجهول قوله الناس هم طائفة منعوا الزكاة بشبهة أن صلاة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ليست سكنا لهم بخلاف صلاة الرسول فإنها كانت سكنا قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليم قوله فإن الزكاة حق المال أي هذا داخل تحت الاستثناء الرافع للعصمة المبيح للقتال
قوله قال ابن بكير أي يحيى بن عبد الله بن بكير المصري وعبد الله هو ابن صالح كاتب الليث يعني حدثه به يحيى بن بكير وعبد الله عن الليث بالسند المذكور بلفظ عناقا بدل عقالا
7286 - حدثني ( إسماعيل ) حدثني ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) أن ( عبد الله بن عباس ) رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه يا ابن أخي هل لك وجه عند هاذا الأمير فتستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه
قال ابن عباس فاستأذن لعيينة فلما دخل قال يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل وما تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم بأن يقع به فقال الحر يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإن هاذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله
انظر الحديث 4642
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله وكان وقافا عند كتاب الله فإن الذي يقف عند كتاب الله هو الذي يقتدي بسنن رسول الله والوقوف عند كتاب الله عبارة عن العمل بما فيه
وإسماعيل هو ابن أبي أويس يروي عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد الأيلي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
والحديث مضى في التفسير في سورة الأعراف عن أبي اليمان عن شعيب
قوله عيينة مصغر عينة بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالنون ابن حصن بكسر الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة وبالنون ابن حذيفة بن بدر الفزاري معدود في الصحابة وكان في الجاهلية موصوفا بالشجاعة والجهل والجفاء وله ذكر في المغازي ثم أسلم في الفتح وشهد مع النبي حنينا فأعطاه مع المؤلفة وسماه النبي الأحمق المطاع ووافق طليحة الأسدي لما ادعى النبوة فلما غلبهم المسلمون في قتال أهل الردة فر طليحة وأسر عيينة فأتي به أبو بكر رضي الله تعالى عنه فاستتابه فتاب قوله الحر بضم الحاء المهملة وتشديد الراء ابن قيس بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري قال أبو عمر الحر كان من الوفد الذين قدموا على رسول الله

(25/30)


من فزارة مرجعه من تبوك قوله وكان من النفر أي وكان الحر بن قيس من الطائفة الذين يدنيهم عمر أي يقربهم ثم بين ابن عباس سبب إدنائه الحر بقوله وكان القراء أصحاب مجلس عمر وأراد بالقراء العلماء والعباد فدل ذلك على أن الحر المذكور كان يتصف بذلك فلذلك كان عمر يدنيه قوله ومشاورته أي وأصحاب مشاورته يعني كان يشاورهم في الأمور وقال الكرماني ومشاورته بلفظ المصدر وبلفظ المفعول قوله كهولا كانوا أو شبانا الكهول جمع كهل والشبان جمع شاب أراد أن هؤلاء المذكورين أصحاب مجلسه وأصحاب مشورته سواء فيهم الكهول والشبان لأن كلهم كانوا على خير قوله هل لك وجه أي وجاهة ومنزلة قوله عند هذا الأمير أراد به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لكن لم يقل هذا الأمير إلا من قوة جفائه وعدم معرفته بمنازل الأكابر قوله فتستأذن لي بالنصب أي فتطلب منه الإذن في خلوة لأن عمر كان لا يحتجب إلا عند خلوته وراحته ولأجل ذلك قال الحر سأستأذن لك حتى تجتمع به وحدك
قوله قال ابن عباس موصول بالسند المذكور قوله يا ابن الخطاب هذا أيضا من جفائه حيث لم يقل يا أمير المؤمنين أو يا عمر بن الخطاب وقد تقدم في سورة الأعراف فلما دخل عليه قال هي يا ابن الخطاب بكسر الهاء وسكون الباء وهذه كلمة تقال في الاستزادة وبمعنى التهديد وأشار صاحب التوضيح إلى المعنى الثاني قوله الجزل بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها لام أي العطاء الكثير وأصل الجزل ما عظم من الخطب قوله وما تحكم وفي رواية الكشميهني ولا تحكم قوله حتى هم أن يقع به أي حتى قصد أن يبالغ في ضربه وفي رواية التفسير حتى هما أن يوقع به قوله وإن هذا من الجاهلين أي أعرض عنه قوله فوالله ما جاوزها قيل إنه من كلام ابن عباس وقيل من كلام الحر بن قيس ومعنى ما جاوزها ما عمل بغير ما دلت عليه الآية بل عمل بمقتضاها فلذلك قال وكان وقافا عند كتاب الله أي يعمل بما فيه ولا يتجاوزه
7287 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( هشام بن عروة ) عن ( فاطمة بنت المنذر ) عن ( أسماء ابنة أبي بكر ) رضي الله عنهما أنها قالت أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام وهي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء فقالت سبحان الله فقلت آية قالت برأسها أن نعم فلما انصرف رسول الله حمد الله وأثناى عليه ثم قال ما من شيء لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هاذا حتى الجنة والنار وأوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا من فتنة الدجال فأما المؤمن أو المسلم لا أدري أي ذالك قالت أسماء فيقول محمد جاءنا بالبينات فأجبنا وآمنا فيقال نم صالحا علمنا أنك موقن وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذالك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته
الله
وجه مطابقته للترجمة يمكن أن يؤخذ من قوله محمد جاءنا بالبينات فأجبنا لأن الذي أجاب وآمن هو الذي اقتدى بسنته
وفاطمة بنت المنذر زوجة هشام بن عروة وأسماء جدتها
والحديث مضى في كتاب العلم في باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس
قوله حين خسفت الشمس ويروى كسفت الشمس فدل على أن الخسوف والكسوف كليهما يستعملان للشمس وفيه رد على من قال إن الكسوف مختص بالشمس والخسوف بالقمر قوله تفتنون أي تمتحنون وذلك بسؤال منكر ونكير قوله فأجبنا أي دعوته وآمنا به
7288 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي
قال دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم

(25/31)


مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث لأن الذي يجتنب عما نهاه نبي الله ويأتمر بما أمره به يكون ممن اقتدى بسنن النبي
وإسماعيل هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز والحديث من أفراده بهذا الوجه
قوله دعوني أي اتركوني قوله ما تركتكم أي مدة تركي إياكم وإنما غاير بين اللفظين لأن الماضي أميت من باب يدع وأما قراءة ما ودعك ربك وما قلى بالتخفيف فشاذة قوله هلك على صيغة المعلوم من الماضي ومن فاعله وهو رواية الكشميهني وفي رواية غيره إنما أهلك على صيغة المعلوم أيضا من الثلاثي المزيد فيه ويكون سؤالهم مرفوعا فاعله وقوله من كان مفعوله وليس فيه الباء وأما على رواية غير الكشميهني بالباء بسؤالهم أي بسبب سؤالهم قوله واختلافهم بالرفع والجر بحسب العطف على ما قبله قوله وإذا أمرتكم بأمر وفي رواية مسلم بشيء قوله فأتوا منه ما استطعتم أي افعلوا قدر استطاعتكم وقال النووي هذا من جوامع الكلم وقواعد الإسلام ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن أو شرط فيأتي بالمقدور وكذا الوضوء وستر العورة وحفظ بعض الفاتحة والإمساك في رمضان لمن أفطر بالعذر ثم قدر في أثناء النهار إلى غير ذلك من المسائل التي يطول شرحها
3 -
( باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه )
أي هذا باب في بيان ما يكره من كثرة السؤال عن أمور معينة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها والسؤال عما لا يكون له شاهد في عالم الحس كالسؤال عن قرب الساعة وعن الروح وعن مدة هذه الأمة إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف قوله وتكلف ما لا يعنيه أي ما لا يهمه
وقوله تعالى
وقوله بالجر عطفا على قوله ما يكره وكأنه استدل بهذه الآية على المدعي من الكراهة وفي سبب نزولها اختلاف فقال سعيد بن جبير نزلت في الذين سألوا عن البحيرة والسائبة والوصيلة ألا ترى أن ما بعدها ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام ولاكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون وقال الحسن البصري سألوه عن أمور الجاهلية التي عفى الله عنها ولا وجه للسؤال عما عفى الله عنها وقيل كان الذي سأل رسول الله عن أبيه ينازعه رجلان فأخبره بأنه منهما واعلم أن السؤال عن مثل هذا لا ينبغي وإنه أظهر فيه الجواب ساء ذلك السائل وأدى ذلك إلى فضيحته وقيل إنما نهى في هذه الآية لأنه وجب الستر على عباده رحمة منه لهم وأحب أن لا يقترحوا المسائل وقال المهلب وأصل النهي عن كثرة السؤال والتنطع في المسائل مبين في قوله تعالى في بقرة بني إسرائيل حين أمرهم الله بذبح بقرة فلو ذبحوا أي بقرة كانت لكانوا مؤتمرين غير عاصين فلما شددوا شدد الله عليهم وقيل أراد النهي عن أشياء سكت عنها فكره السؤال عنها لئلا يحرم شيئا كان مسكوتا عنه
7289 - حدثنا ( عبد الله بن يزيد المقرىء ) حدثنا ( سعيد ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) عن ( عامر بن سعد بن أبي وقاص ) عن أبيه أن النبي قال إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته
مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة وسعيد هو ابن أبي أيوب الخزاعي المصري واسم أبي أيوب مقلاص بكسر الميم وسكون القاف وفي آخره صاد مهملة وكان ثقة ثبتا قوله عن أبيه هو سعد بن أبي وقاص
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي عن يحيى بن يحيى وغيره وأخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة
قوله إن أعظم المسلمين جرما أي من حيث الجرم أي الذنب وفي رواية مسلم إن أعظم الناس في المسلمين جرما قال الطيبي

(25/32)


شيخ شيخي فيه من المبالغة أنه جعله عظيما ثم فسره بقوله جرما ليدل على أنه نفس الجرم وقوله في المسلمين أي في حقهم قوله عن شيء وفي رواية سفيان عن أمر قوله لم يحرم على صيغة المجهول من التحريم صفة لقوله شيء قوله فحرم على صيغة المجهول أيضا من التحريم وفي رواية مسلم عليهم وله من رواية سفيان عليهم وقال ابن بطال عن المهلب ظاهر الحديث يتمسك به القدرية في أن الله يفعل شيئا من أجل شيء وليس كذلك بل هو على كل شيء قدير فهو فاعل السبب والمسبب كل ذلك بتقديره ولكن الحديث محمول على التحذير مما ذكر فعظم جرم من فعل ذلك لكثرة الكارهين لفعله وقال غيره أهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل وإنما ينكرون وجوبه فلا يمتنع أن يكون المقدر الشيء الفلاني يتعلق به الحرمة إن سئل عنه وقد سبق القضاء بذلك لا أن السؤال علة للتحريم فإن قلت قوله تعالى ومآ أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون يدل على وجوب السؤال قلت هو معارض بقوله لا تسألوا عن أشياء فالتحقيق أن المأمور به هو ما تقرر حكمه من وجوب ونحوه والمنهي هو ما لم يتعبد الله به عباده ولم يتكلم بحكم فيه فإن قلت السؤال ليس يتعلق به حرمة ولئن تعلقت به فليس بكبيرة ولئن كانت فليست بأكبر الكبائر قلت السؤال عن الشيء بحيث يصير سببا لتحريم شيء مباح هو أعظم الجرائم لأنه صار سببا لتضييق الأمر على جميع المسلمين فالقتل مثلا مضرته راجعة إلى المقتول وحده بخلافه فإنه عام للكل
7290 - حدثنا ( إسحاق ) أخبرنا ( عفان ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( موسى بن عقبة ) سمعت ( أبا النضر ) يحدث عن ( بسر بن سعيد ) عن ( زيد بن ثابت ) أن النبي
اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس ثم فقدوا صوته ليلة فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة
انظر الحديث 731 وطرفه
مطابقته للترجمة للجزء الثاني وهي إنكاره ما صنعوا من تكلف ما لم يأذن لهم فيه من الجمعية في المسجد في صلاة الليل
وشيخه إسحاق هو ابن منصور وقال الجياني لعله ابن منصور أو ابن راهويه وعفان هو ابن مسلم الصفار ووهيب هو ابن خالد وأبو النضر بفتح النون وسكون المعجمة سالم بن أبي أمية وبسر بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة ابن سعيد مولى الحضرمي من أهل المدينة
والحديث مضى في كتاب الصلاة عن عبد الأعلى بن حماد ومضى الكلام فيه
قوله اتخذ حجرة بالراء وفي رواية المستملي بالزاي وهما بمعنى قال الكرماني اتخذ حجرة أي حوط موضعا في المسجد بحصير يستره من الناس ليصلي فيه قوله ليالي أي من رمضان وذلك كان في التراويح قوله من صنيعكم بفتح الصاد وكسر النون وفي رواية السرخسي من صنعكم بضم الصاد وسكون النون قوله أن يكتب أي يفرض قوله إلا المكتوبة أي إلا المفروضة فإن قلت صلاة العيد ونحوها شرع فيها الجماعة في المسجد قلت لها حكم الفريضة لأنها من شعار الشرع فإن قلت تحية المسجد وركعتا الطواف ليس البيت فيهما أفضل قلت العام قد يخص بالأدلة الخارجية وتحية المسجد لتعظيم المسجد فلا تصح إلا فيه وما من عام إلا وقد خص إلا قوله تعالى الذين يأكلون الربواا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربواا وأحل الله البيع وحرم الربواا فمن جآءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون وغيرها
7291 - حدثنا ( يوسف بن موسى ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( بريد بن أبي بردة ) عن ( أبي بردة ) عن ( أبي موسى الأشعري ) قال سئل رسول الله عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسألة غضب وقال سلوني فقام رجل فقال يا رسول الله من أبي قال أبوك حذافة ثم قام آخر فقال

(25/33)


يا رسول الله من أبي فقال أبوك سالم مولى شيبة فلما رأى عمر ما بوجه رسول الله من الغضب قال إنا نتوب إلى الله عز و جل
انظر الحديث 92
مطابقته للجزء الأول للترجمة ظاهرة وشيخه يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد ومات بها سنة اثنتين وخمسين ومائتين وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله يروي عن جده أبي بردة عامر أو الحارث عن أبي موسى الأشعري
والحديث مضى في كتاب العلم في باب الغضب في الموعظة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة ومضى الكلام فيه
قوله إنا نتوب إلى الله عز و جل زاد في رواية الزهري فبرك عمر رضي الله تعالى عنه على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وفي رواية قتادة من الزيادة ونعوذ بالله من شر الفتن وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة فقام إليه عمر فقبل رجله وقال رضينا بالله ربا فذكر مثله وزاد وبالقرآن إماما فاعف عفا الله عنك فلم يزل به حتى رضي
7292 - حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة حدثنا عبد الملك عن وراد كاتب المغيرة قال كتب معاوية إلى المغيرة اكتب إلي ما سمعت من رسول الله
فكتب إليه إن نبي الله كان يقول في دبر كل صلاة لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وكتب إليه إنه كان ينهاى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وكان ينهاى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات
الله
مطابقته للجزء الأول للترجمة في قوله وكثرة السؤال
و ( موسى ) هو ابن إسماعيل و ( أبو عوانة ) بفتح العين المهملة اسمه الوضاح اليشكري و ( عبد الملك ) هو ابن عمير ووراد بفتح الواو وتشديد الراء كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه
والحديث أخرجه البخاري في مواضع في الصلاة في باب الذكر بعد الصلاة فإنه أخرجه هناك عن محمد بن يوسف إلى قوله منك الجد وفي الرقاق عن علي بن مسلم وفي القدر عن محمد بن سنان وفي الدعوات عن قتيبة ومضى الكلام فيه في هذا المواضع
قوله في دبر أي في عقب كل صلاة قوله الجد أي البخت والحظ أو أب الأب وبالكسر الاجتهاد أي لا ينفع ذا الغنى أو النسب أو الكد والسعي منك غناه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة وقال الخطابي من هاهنا بمعنى البدل وقال الجوهري معنى منك هاهنا عندك تقديره ولا ينفع هذا الغنى عندك غنى وإنما ينفعهم العمل بطاعتك قوله وكتب إليه عطف على قوله فكتب إليه وهو موصول بالسند المذكور قوله عن قيل وقال بلفظ الاسمين وبلفظ الفعلين الماضيين أي نهى عن الجدال والخلاف أو عن أقوال الناس قوله وكثرة السؤال أي عن المسائل التي لا حاجة إليها أو عن أخبار الناس أو عن أحوال تفاصيل معاش صاحبك أو هو سؤال للأموال الاستكثار من المنافع الدنيوية قوله وإضاعة المال هو صرفه في غير ما ينبغي قوله عن عقوق الأمهات جمع أم وأصلها أمه فلذلك تجمع على أمهات وقال بعضهم الأمهات للناس والأمات للبهائم قاله الجوهري وإنما اقتصر على الأمهات لأن حرمتهن آكد من الأباء ولأن أكثر العقوق يقع للأمهات قوله ووأد البنات هو دفنهن أحياء تحت التراب وهذا كان من عادتهم في الجاهلية قوله ومنع أي ومنع الرجل ما توجه عليه من الحقوق قوله وهات أي ونهى عن طلب الرجل ما ليس له حاجة إليه وقال الجوهري تقول هات يا رجل التاء أي أعطني وللاثنين هاتيان وللجمع هاتوا أو للمرأة هاتي وللمرأتين هاتيا وللنساء هاتين مثل عاطين وقال الخليل أصل هات من آتى يؤتى فقلبت الألف هاء

(25/34)


7293 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) قال كنا عند عمر فقال نهينا عن التكلف
مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة وهكذا أورده البخاري مختصرا
وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري ولفظه عن أنس كنا عند عمر رضي الله تعالى عنه وعليه قميص في ظهره أربع رقاع فقرأ وفاكهة وأبا فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ثم قال مه نهينا عن التكلف قيل إخراج البخاري هذا الحديث في هذا الباب إشارة منه إلى أن قول الصحابي أمرنا ونهينا في حكم المرفوع ولو لم يضفه إلى النبي ومن ثمة اقتصر على قوله نهينا عن التكلف وحذف القصة
7294 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وحدثني ( محمود ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) أخبرني ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه أن النبي
خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هاذا
قال أنس فأكثر الناس البكاء وأكثر رسول الله أن يقول سلوني فقال أنس فقام إليه رجل فقال أين مدخلي يا رسول الله قال النار فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة قال ثم أكثر أن يقول سلوني سلوني فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا قال فسكت رسول الله حين قال عمر ذالك ثم قال رسول الله والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هاذا الحائط وأنا أصلي فلم أر كاليوم في الخير والشر
الله
مطابقته للجزء الأول للترجمة وأخرجه من طريقين الأول عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن أنس بن مالك والثاني عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن الزهري
والحديث مضى في الصلاة في باب وقت الظهر عند الزوال أخرجه عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أنس وهنا ساقه على لفظ معمر ومضى الكلام فيه
قوله فأكثر الناس البكاء وفي رواية الكشميهني فأكثر الأنصار البكاء وذلك لما سمعوا من الأمور العظام الهائلة التي بين أيديهم قوله وأكثر رسول الله أن يقول سلوني كلمة أن مصدرية أي أكثر من قوله سلوني وذلك على سبيل الغضب قوله النار بالرفع ووجه ذلك أنه كان منافقا أو عرف رداءة خاتمة حاله كما عرف حسن خاتمة العشرة المبشرة قوله فبرك من البروك وهو للبعير فاستعمل للإنسان كما استعمل المشفر للشفة مجازا قوله آنفا يقال فعلت الشيء آنفا أي في أول وقت يقرب مني وهنا معناه الآن قوله في عرض هذا الحائط بضم العين أي في جانبه أو ناحيته قوله وأنا أصلي جملة حالية قوله كاليوم صفة لمحذوف أي فلم أر يوما مثل هذا اليوم
7295 - حدثنا ( محمد بن عبد الرحيم ) أخبرنا ( روح بن عبادة ) حدثنا ( شعبة ) أخبرني ( موسى بن أنس ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) قال قال رجل يا نبي الله من أبي قال أبوك فلان ونزلت الآية ياأيها

(25/35)


الذين ءامنوا لا تسألوا عن أشيآء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ومحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى كان يقال له صاعقة وروح بفتح الراء ابن عبادة بالضم وتخفيف الباء
والحديث مضى في التفسير عن المنذر بن الوليد الجارودي وفي الرقاق عن محمد بن عبد الرحيم مثل ما هنا
7296 - حدثنا ( الحسن بن صباح ) حدثنا ( شبابة ) حدثنا ( ورقاء ) عن عبد الله بن عبد الرحمان سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا هاذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله
مطابقته للترجمة في الجزء الأول وشيخه الحسن بن الصباح بتشديد الباء الواسطي وشبابة بفتح الشين المعجمة وتخفيف الباء الموحدة الأولى ابن سوار بفتح السين المهملة وتشديد الواو وورقاء مؤنث الأورق ابن عمر و ( عبد الله بن عبد الرحمن ) أبو طوالة بضم الطاء المهملة وتخفيف الواو الأنصاري قاضي المدينة
والحديث من أفراده من هذا الوجه
قوله لن يبرح أي لن يزال قوله يتساءلون وفي رواية المستملي يساءلون بتشديد السين قال الكرماني معرفة الله بالدليل فرض عين أو فرض كفاية والسؤال عنها واجب والجواب يحتمل أن يراد أن كونه تعالى غير مخلوق ضروري أو كسبي يقارب الضروري فالسؤال عنه تعنت أو هو مذمة للسؤال الذي يكون على سبيل التعنت وإلا فهو صريح الإيمان إذ لا بد من الانقطاع إلى من لا يكون له خالق دفعا للتسلسل أو ضرورة قوله حتى يقولوا أي حتى أن يقولوا قوله هذا الله خالق كل شيء وفي رواية مسلم هذا خلق الله الخلق ثم إنه يحتمل أن يكون هذا مفعولا والمعنى حتى يقال هذا القول وأن يكون مبتدأ حذف خبره أي هذا الأمر قد علم ويحتمل أن يكون هذا الله مبتدأ وخبرا و خالق كل شيء خبر مبتدأ محذوف أي هو خالق كل شيء ويحتمل أن يكون هذا مبتدأ و الله عطف بيان و خالق كل شيء خبره وفي مسلم فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله وزاد في رواية أخرى ورسله وفي رواية أبي داود والنسائي فقولوا الله أحد الله الصمد السورة ثم يتفل عن يساره ثم ليستعذ بالله
7297 - حدثنا ( محمد بن عبيد بن ميمون ) حدثنا ( عيسى بن يونس ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم ) عن ( علقمة ) عن ( ابن مسعود ) رضي الله عنه قال كنت مع النبي في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يسمعكم ما تكرهون فقاموا إليه فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن الروح فقام ساعة ينظر فعرفت أنه يوحى إليه فتأخرت عنه حتى صعد الوحي ثم قال وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والارض لن ندعوا من دونه إلاها لقد قلنا إذا شططا
الله
مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة
ومحمد بن عبيد مصغر عبد والأعمش سليمان وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس
والحديث مضى في تفسير سورة سبحان فإنه أخرجه هناك عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود ومضى الكلام فيه
قوله في حرث بالثاء المثلثة أي زرع ويروى في خرب بالخاء المعجمة والباء الموحدة قوله عسيب بفتح العين وكسر السين المهملتين وهو جريد النخل قوله لا يسمعكم بالرفع والجزم قوله حتى صعد الوحي بكسر العين المهملة

(25/36)


4 -
( باب الاقتداء بأفعال النبي )
أي هذا باب في بيان الاقتداء بأفعال النبي ولم يوضح ما حكم الاقتداء بأفعاله لمكان الاختلاف فيه فقال قوم يجب اتباعه في فعله كما يجب في قوله حتى يقوم دليل على الندب أو الخصوصية كذا قاله الداودي وبه قال ابن شريح وأبو سعيد الاصطخري وابن خيران وقال آخرون يحتمل الوجوب والندب والإباحة فيحتاج إلى القرينة وبه قال أبو بكر بن أبي الطيب وقال آخرون للندب إذا ظهر وجه القربة وقيل ولو لم يظهر وقال آخرون ما فعله إن كان بيانا لمجمل فحكمه حكم ذلك المجمل وجوبا أو ندبا أو إباحة وقال الشافعي إنه يدل على الندب وقال مالك يدل على الإباحة
7298 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال اتخذ النبي خاتما من ذهب فاتخذ الناس خواتيم من ذهب فقال النبي إني اتخذت خاتما من ذهب فنبذه وقال إني لن ألبسه أبدا فنبذ الناس خواتيمهم
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن الناس اقتدوا بفعله حيث نبذوا خواتيمهم التي صنعوها من ذهب لما نبذ النبي خاتمه
وأبو نعيم الفضل بن دكين وسفيان هو الثوري كما نص عليه الحافظ المزي
والحديث مضى من وجه آخر في كتاب اللباس في باب خواتيم الذهب
قوله خواتيم يعني اتخذ كل واحد خاتما لأن مقابلة الجمع بالجمع مفيدة للتوزيع قوله اتخذت ويروى أخذت
5 -
( باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والعلو في الدين والبدع )
أي هذا باب في بيان ما يكره من التعمق وهو التشدد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه قوله والتنازع في العلم أي التجادل فيه يعني عند الاختلاف في الحكم إذا لم يتضح الدليل فيه قوله والغلو بضم الغين المعجمة واللام وتشديد الواو وهو التجاوز في الحد قاله الكرماني قلت الغلو فوق التعمق وهو من غلا في الشيء يغلو غلوا وغلا في السعر يغلو غلاء وورد النهي عنه صريحا فيما أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال قال رسول الله فذكر حديثا وفيه وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين وهو مثل البحث في الربوبية حتى يحصل نزغة من نزغات الشيطان فيؤدي إلى الخروج عن الحق والذين غلوا في الفكرة آل بهم الأمر إلى أن جعلوا آلهة ثلاثة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قوله والبدع جمع بدعة وهي ما لم يكن له أصل في الكتاب والسنة وقيل إظهار شيء لم يكن في عهد رسول الله ولا في زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم
لقوله تعالى ياأهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فئامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إلاه واحد سبحانه أن يكون له ولد له وما فى السماوات وما فى الارض وكفى بالله وكيلا
احتج بهذه الآية على تحريم الغلو في الدين وأهل الكتاب اليهود والنصارى وإذا قلنا إن لفظ أهل الكتاب للتعميم يتناول غير اليهود والنصارى بالإلحاق
7299 - حدثنا ( عبد الله بن محمد ) حدثنا ( هشام ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) قال قال النبي لا تواصلوا قالوا إنك تواصل قال إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فلم ينتهوا عن الوصال قال فواصل بهم النبي يومين أو ليلتين ثم رأوا الهلال فقال النبي لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم
الله
قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة هنا أصلا ورد بأن عادته جرت بإيراد ما لا يطابق الترجمة ظاهرا لكن يناسبها طريق

(25/37)


من طرق الحديث الذي يورده وهنا كذلك
ومضى في حديث أنس في كتاب التمني قال واصل النبي آخر الشهر وواصل أناس من الناس فبلغ النبي فقال لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني فإن هذا يطابق الترجمة وحديث الوصال واحد وإن كان رواية الصحابة متعددة وقد رواه في كتاب الصيام في ثلاثة أبواب عن أنس وابن عمر وابن سعيد وعن عائشة وأبي هريرة وحديث الباب رواه في باب التنكيل لمن أكثر الوصال أخرجه هناك عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهنا أخرجه عن عبد الله بن محمد المعروف بالمسندي عن هشام بن يوسف اليماني قاضيها عن معمر بفتح الميمين ابن راشد عن محمد بن مسلم الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
قوله لا تواصلوا أي في الصوم قوله إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني قيل إذا كان يطعمه الله لا يكون مواصلا بل مفطرا وأجيب بأن المراد بالإطعام لازمه وهو التقوية أو المراد من طعام الجنة وهو لا يفطر آكله قوله فلم ينتهوا عن الوصال قيل لم خالفوا النهي وأجيب بأنهم ظنوا أنه ليس للتحريم قوله لزدتكم أي في المواصلة حتى تعجزوا عنه وعن سائر الطاعات قوله كالمنكل أي كالمعاقب من التنكيل وهو التعذيب ومنه النكال هكذا رواية الأكثرين والكشميهني ويروى كالمنكي بضم الميم وسكون النون وبعد الكاف ياء آخر الحروف ساكنة من النكاية والإنكاء وهو رواية أبي ذر عن السرخسي وعن المستملي كالمنكر من الإنكار ومضى في كتاب الصوم من طريق شعيب عن الزهري كالتنكيل لهم حين أبو أن ينتهوا
7300 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثني ( إبراهيم التيمي ) حدثني أبي قال خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة فقال والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وإذا فيه ذمة المسلمين واحدة يسعاى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وإذا فيها من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا
الله
مطابقته للترجمة ما قاله الكرماني لعله استفاد من قول علي رضي الله تعالى عنه تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة وقال بعضهم الغرض من إيراد الحديث هنا لعن من أحدث حدثا فإنه وإن قيد في الخبر بالمدينة فالحكم عام فيها وفي غيرها إذا كان من متعلقات الدين انتهى قلت الذي قاله الكرماني هو المناسب لألفاظ الترجمة والذي قاله هذا القائل بعيد من ذلك يعرف بالتأمل
وشيخ البخاري يروي عن أبيه حفص بن غياث بالغين المعجمة والثاء المثلثة عن سليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي وإبراهيم يروي عن أبيه يزيد بن شريك التيمي
والحديث مضى في آخر الحج في باب حرم المدينة ومضى الكلام مستوفى فيه ولنذكر بعض شيء لبعد المسافة
قوله من آجر قال الكرماني الآجر بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب وقال الجوهري الآجر الذي يبنى به فارسي معرب ويقال أيضا آجور على وزن فاعول وقال في باب الدال الترميد الآجر قلت في لغة أهل مصر هو الطوب المشوي قوله أسنان الإبل أي إبل الديات لاختلافها في العمد والخطأ وشبه العمد قوله عير بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء جبل بمكة قوله إلى كذا كناية

(25/38)


عن موضع أو جبل قوله حدثا أي بدعة أو ظلما قوله لعنة الله المراد باللعنة هنا البعد عن الجنة أول الأمر بخلاف لعنة الكفار فإنها البعد عنها كل الإبعاد أولا وآخرا قوله صرفا ولا عدلا الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل بالعكس قوله وإذا فيها ذمة المسلمين أي في الصحيفة ويروى فيه أي في الكتاب والذمة العهد والأمان يعني أمان المسلم للكافر صحيح والمسلمون كنفس واحدة فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما قوله فمن أخفر أي نقض عهده قوله والى أي نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء وقطع الرحم ونحوه ولفظ بغير إذن مواليه ليس لتقييد الحكم به وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب
7301 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( مسلم ) عن ( مسروق ) قال قالت ( عائشة ) رضي الله عنها صنع النبي شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذالك النبي فحمد الله ثم قال ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني أعلمهم بالله وأشدهم له خشية
انظر الحديث 6101
مطابقته للجزء الأول للترجمة تؤخذ من قوله ترخص فيه وتنزه عنه قوم لأن تنزيههم عما رخص فيه النبي تعمق
والثلاثة الأول من رجال الحديث قد ذكروا الآن ومسلم قال الكرماني يحتمل أن يكون ابن صبيح مصغر الصبح ويحتمل أن يكون ابن أبي عمران البطين بفتح الباء الموحدة لأنهما يرويان عن مسروق والأعمش يروي عنهما وقال غيره هو مسلم بن صبيح أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه وقد وقع عند مسلم مصرحا به في رواية جرير عن الأعمش فقال عن أبي الضحى به قلت وكذا نص عليه الحافظ المزي فقال مسلم بن صبيح أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ثم ذكر الحديث المذكور
وقد مضى الحديث في الأدب في باب من لم يواجه بالعتاب
قوله صنع النبي شيئا فرخص فيه أي أسهل فيه مثل الإفطار في بعض الأيام والصوم في بعضها من غير رمضان ومثل التزوج وتنزه قوم عنه أي احترزوا عنه بأن سردوا الصوم واختاروا العزوبة وأشار ابن بطال إلى أن الذي تنزهوا عنه القبلة للصائم وقال الداودي التنزه عما رخص فيه الشارع من أعظم الذنوب لأن هذا يرى نفسه أتقى في ذلك من رسوله وهذا إلحاد وكذا قال ابن التين ولا شك أنه إلحاد إذا اعتقد ذلك قوله أعلمهم بالله إشارة إلى القوة العلمية وأشدهم خشية إلى القوة العملية أي هم يتوهمون أن رغبتهم عما فعلت أفضل لهم عند الله وليس كما توهموا إذ أنا أعلمهم بالأفضل وأولاهم بالعمل
7302 - حدثني ( محمد بن مقاتل ) أخبرنا ( وكيع ) عن ( نافع بن عمر ) عن ( ابن أبي مليكة ) قال كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر لما قدم على النبي وفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التيمي الحنظلي أخي بني مجاشع وأشار الآخر بغيره فقال أبو بكر لعمر إنما أردت خلافي فقال عمر ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما عند النبي فنزلت ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إلى قوله عظيم
قال ابن أبي مليكة قال ابن الزبير فكان عمر بعد ولم يذكر ذالك عن أبيه يعني أبا بكر إذا حدث النبي بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه
مطابقته للجزء الثاني وهو التنازع في العلم تؤخذ من قوله فارتفعت أصواتهما أي أصوات أبي بكر وعمر رضي الله

(25/39)


تعالى عنهما كما يجيء الآن وكان تنازعهما في تولية اثنين في الإمارة كل منهما كان يريد تولية خلاف ما يريده الآخر فتحاربا على ذلك عند النبي وارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولائك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم إنما قلنا تنازعهما في العلم لأن كلا منهما أشار بالتولية لكل واحد من الاثنين واختلفا وقد ذكرنا أن معنى التنازع في العلم الاختلاف
وشيخ البخاري محمد بن مقاتل أبو الحسن المروزي المجاور بمكة ونافع بن عمر الجمحي يروي عن عبد الله بن أبي مليكة بضم الميم واسمه زهير الأحول المكي القاضي على عهد عبد الله بن الزبير
والحديث قد مضى في تفسير سورة الحجرات فإنه أخرجه هناك عن يسرة بن صفوان عن نافع بن عمر إلى آخره
قوله الخيران تثنية خير بفتح الخاء المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف المكسورة وأراد بهما أبا بكر وعمر وفسرهما بقوله أبو بكر وعمر أي هما أبو بكر وعمر قوله لما قدم على النبي وفد بني تميم وفي الرواية المتقدمة ركب بني تميم قوله أشار أحدهما أي أحد الخيرين وهو عمر رضي الله تعالى عنه بتأمير الأقرع بن حابس الحنظلي أخي بني مجاشع أي واحد منهم وبنو مجاشع بضم الميم وبالجيم والشين المعجمة المكسورة ابن دارم بن مالك بن زيد مناة بن تميم وكانت عامتهم بالبصرة قوله وأشار الآخر أراد به أبا بكر رضي الله تعالى عنه قوله بغيره أي بغير الأقرع وهو القعقاع بن معبد بن زرارة التميمي أحد وفد بني تميم وكانا يطلبان الإمارة ولما تنازع أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في ذلك وارتفعت أصواتهما عند النبي نزلت إلى قوله ياأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولائك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم وقيل نزلت في غير ذلك على ما ذكره في التفسير قوله ولا تجهروا بالقول أي في المخاطبة وقيل لا تدعوه باسمه يا محمد كما يدعو بعضكم بعضا قوله أن تحبط أعمالكم أي خشية أن تحبط أعمالكم والحال أي لا تعلمون قوله إن الذين يغضون أصواتهم الغض النقض من كل شيء قوله للتقوى أي أخلص من المعصية قوله
قال ابن الزبير أي عبد الله بن الزبير فكان عمر بعد أي بعد نزول هذه الآية إذا حدث النبي إلى آخره قوله ولم يذكر عن أبيه يعني أبا بكر معترض بين قوله بعد وبين قوله إذا حدث وفسر قوله عن أبيه بقوله يعني أبا بكر ولم يكن أبو بكر أبا لعبد الله بن الزبير حقيقة وإنما كان جده للأم وأطلق عليه الأب وفهم منه أن الجد للأم يسمى أبا كما في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النسآء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وسآء سبيلا والجد للأم داخل في ذلك قوله كأخي السرار قال أبو العباس النحوي لفظ أخي صلة أي صاحب المشاورة والسرار بكسر السين وقال ابن الأثير كأخي السرار السرار المساررة أي كصاحب السرار وكمثل المساررة لخفص صوته قوله لم يسمعه بضم الياء أي لم يسمع عمر النبي حديثه حتى يستفهم النبي منه من الاستفهام وهو طلب الفهم
7303 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( هشام بن عروة ) عن أبيه عن ( عائشة ) أم المؤمنين أن رسول الله قال في مرضه مروا أبا بكر يصلي بالناس قالت عائشة قلت إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة فقلت لحفصة قولي إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل للناس فقالت حفصة لعائشة ما كنت لأصيب منك خيرا
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه المراددة والمراجعة في الأمر وهو مذموم داخل في معنى التعمق لأن التعمق المبالغة في الأمر والتشديد فيه
وإسماعيل هو ابن أبي أويس
والحديث مضى في الصلاة في ثلاثة أبواب من أبواب الإمامة آخرها باب إذا بكى الإمام في الصلاة وأخرجه هناك عن إسماعيل أيضا إلى آخره
قوله ففعلت حفصة أي قالت لأن الفعل أعم الأفعال قوله صواحب يوسف أي أنتن تشوشن الأمر علي كما أنهن شوشن

(25/40)


على يوسف عليه السلام
7304 - حدثنا ( آدم ) حدثنا ( ابن أبي ذئب ) حدثنا ( الزهري ) عن ( سهل بن سعد الساعدي ) قال جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فيقتله أفتقتلونه به سل لي يا عاصم رسول الله فسأله فكره النبي المسائل وعاب فرجع عاصم فأخبره أن النبي كره المسائل فقال عويمر والله لآتين النبي فجاء وقد أنزل الله تعالى القرآن خلف عاصم فقال له قد أنزل الله فيكم قرآنا فدعا بهما فتقدما فتلاعنا ثم قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ففارقها ولم يأمره النبي بفراقها فجرت السنة في المتلاعنين وقال النبي انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرا مثل وحرة فلا أراه إلا قد كذب وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسب إلا قد صدق عليها فجاءت به على الأمر المكروه
الله
مطابقته للجزء الأول للترجمة لأن عويمرا أفحش في السؤال فلهذا كره النبي المسائل وعابها
وآدم هو ابن أبي إياس يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة واسمه هشام بن سعيد
والحديث قد مضى في كتاب اللعان في مواضع ومضى الكلام فيه
قوله خلف عاصم أي بعد رجوعه وأراد بالقرآن قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين الآية قوله فدعا بهما أي بعويمر وزوجته قوله ولم يأمره لأن نفس اللعان يوجب المفارقة وفيه خلاف قوله فجرت السنة أي صار الحكم بالفراق بينهما شريعة قوله وحرة بفتح الواو والحاء المهملة والراء وهي دويبة فوق العرسة حمراء وقيل دويبة حمراء تلزق بالأرض كالوزغة تقع في الطعام فتفسده قوله أسحم أي أسود أعين أي واسع العين قوله ذا أليتين هو على الأصل وإلا فالاستعمال على حذف التاء منه قيل كل الناس ذو إليتين أي عجيزتين وأجيب بأن معناه إليتين كبيرتين قوله على الأمر المكروه أي الأسحم الأعين لأنه متضمن لثبوت زناها عادة
7305 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) حدثنا ( الليث ) حدثني ( عقيل ) عن ( ابن شهاب ) قال أخبرني ( مالك بن أوس النضري ) وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من ذلك فدخلت على مالك فسألته فقال انطلقت حتى أدخل على عمر أتاه حاجبه يرفأ فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمان والزبير وسعد يستأذنون قال نعم فدخلوا فسلموا وجلسوا فقال هل لك في علي وعباس فأذن لهما قال العباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظالم استبا فقال الرهط عثمان وأصحابه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر فقال اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة يريد رسول الله نفسه قال الرهط قد قال ذالك فأقبل عمر على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قال ذالك قالا نعم قال عمر فإني محدثكم عن

(25/41)


هاذا الأمر إن الله كان خص رسوله في هاذا المال بشيء لم يعطه أحدا غيره فإن الله يقول ومآ أفآء الله على رسوله منهم فمآ أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولاكن الله يسلط رسله على من يشآء والله على كل شىء قدير الآية فكانت هذه خالصة لرسول الله ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم وقد أعطاكموها وبثهافيكم حتى بقي منها هذا المال وكان النبي ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله فعمل النبي بذلك حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذالك فقالوا نعم ثم قال لعلي وعباس أنشدكما الله هل تعلمان ذالك قالا نعم ثم توفى الله نبيه فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضها أبو بكر فعمل فيها بما عمل فيها رسول الله وأنتما حينئذ وأقبل على علي وعباس فقال تزعمان أن أبا بكر فيها كذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل به رسول الله وأبو بكر ثم جئتماني وكلمتكما على كلمة واحدة وأمركما جميع جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها فقلت إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه تعملان فيها بما عمل به رسول الله وبما عمل فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها وإلا فلا تكلماني فيها فقلتما ادفعها إلينا بذالك فدفعتها إليكما بذالك أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذالك قال الرهط نعم فأقبل على علي وعباس فقال أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذالك قالا نعم قال أفتلتمسان مني قضاء غير ذالك فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذالك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فأنا أكفيكماها
الله
مطابقته للجزء الأول للترجمة لأن منازعة علي وعباس قد طالت واشتدت عند عمر وفيه نوع من التعمق ألا ترى إلى قول عثمان ومن معه يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر
ومالك بن أوس النضري بفتح النون وسكون الضاد المعجمة نسبة إلى النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وفي همدان أيضا النضر بن ربيعة قال ابن دريد النضر الذهب
والحديث مضى في باب فرض الخمس بطوله ومضى الكلام فيه مبسوطا
قوله يرفأ بفتح الياء آخر الحروف وسكون الراء وبالفاء مهموزا وغير مهموز اسم حاجب عمر رضي الله تعالى عنه ومولاه قوله الظالم إنما جاز للعباس مثل هذا القول لأن عليا كان كالولد له وللوالد ما ليس لغيره أو هي كلمة لا يراد بها حقيقتها إذ الظلم وضع الشيء في غير موضعه وهو متناول للصغيرة وللخصلة المباحة التي لا تليق به عرفا وبالجملة حاشا لعلي أن يكون ظالما ولا يصير ظالما بالنسبة إليه ولا بد من التأويل قال بعضهم هاهنا مقدر أي هذا الظالم إن لم ينصف أو كالظالم وقال المازري هذا اللفظ لا يليق بالعباس وحاشا علي من ذلك فهو سهو من الرواة وإن كان لا بد من صحته فيؤول بأن العباس تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر وردعا لما يعتقد أنه مخطىء فيه ولهذا لم ينكره أحد من الصحابة لا الخليفة ولا غيره مع تشددهم في إنكار المنكر وما ذاك إلا أنهم فهموا بقرينة الحال أنه لا يريد به الحقيقة قوله استبا أي تخاشنا في الكلام تكلما بغليظ القول كالمستبين قوله اتئدوا

(25/42)


من الافتعال أي اصبروا وأمهلوا قوله أنشدكم بالله وفي رواية الكشميهني أنشدكم الله بحذف الباء أي أسألكم بالله قوله لا نورث بفتح الراء قوله صدقة بالرفع يريد به نفسه أي لا يريد به الأمة وقيل إنما جمع لأن ذلك حكم عام لكل الأنبياء قوله هذا الأمر أي قصة ما تركه رسول الله وكيفية تصرفه فيه في حياته وتصرف أبي بكر فيه ودعوى فاطمة والعباس الإرث ونحوه قوله في هذا المال أي الفيء قوله لم يعط أحدا غيره لأنه أباح الكل له لا لغيره قوله احتازها بالحاء المهملة والزاي يعني جمعها وفي رواية الكشميهني بالجيم والزاي قوله استأثر بها أي استقل واستبد قوله وبثها أي فرقها قوله مجعل مال الله أي ما هو لمصالح المسلمين قوله وأنتما مبتدأ قوله تزعمان خبره قوله كذا وكذا أي ليس محقا ولا فاعلا بالحق فإن قلت كيف جاز لهما مثل هذا الاعتقاد في حقه قلت قالاه باجتهادهما قبل وصول حديث لا نورث إليهما وبعد ذلك رجعا عنه واعتقد أنه محق بدليل أن عليا رضي الله تعالى عنه لم يغير الأمر عما كان عليه حين انتهت نوبة الخلافة إليه قوله على كلمة واحدة يعني لم يكن بينكما مخالفة وأمركما مجتمع لا تفرق فيه ولا تنازع عليه قوله عنها أي فإن عجزتما عن التصرف فيها مشتركا فأنا أكفيكماها وأتصرف فيها لكما
6 -
( باب إثم من آواى محدثا )
أي هذا باب في بيان إثم من آوى بالمد محدثا بضم الميم وكسر الدال أي مبتدعا أو ظالما أو آوى محدث المعصية
رواه علي عن النبي
أي روى إثم من آوى محدثا علي بن أبي طالب عن النبي قال بعضهم تقدم موصولا في الباب الذي قبله قلت ليس في الباب الذي قبله ما يطابق الترجمة وإنما الذي يطابقها ما تقدم في باب الجزية في باب إثم من عاهد ثم غدر فإن فيه فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله الحديث
7306 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( عبد الواحد ) حدثنا ( عاصم ) قال قلت لأنس أحرم رسول الله المدينة قال نعم ما بين كذا إلى كذا لا يقطع شجرها من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
قال عاصم فأخبرني موسى بن أنس أنه قال أو آوى محدثا
انظر الحديث 1867
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وعبد الواحد هو ابن زياد وعاصم هو ابن سليمان الأحول
والحديث مضى في الحج عن أبي النعمان محمد بن الفضل ومضى الكلام فيه
قوله قال عاصم فأخبرني هو موصول بالسند المذكور قوله موسى بن أنس قال الدارقطني في كتاب العلل موسى بن أنس وهم من البخاري أو من موسى بن إسماعيل شيخه والصواب النضر بسكون العجمة ابن أنس كما رواه مسلم في صحيحه
7 -
( باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس )
أي هذا باب في بيان ما يذكر من ذم الرأي الذي يكون على غير أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع وأما الرأي الذي يكون على أصل من هذه الثلاثة فهو محمود وهو الاجتهاد قوله وتكلف القياس الذي لا يكون على هذه الأصول لأنه ظن وأما القياس الذي يكون على هذه الأصول فغير مذموم وهو الأصل الرابع المستنبط من هذه والقياس هو الاعتبار والاعتبار مأمور به فالقياس مأمور به وذلك لقوله تعالى هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا ياأولى الابصار فالقياس إذا مأمور به فكان حجة فإن قلت روى البيهقي من طريق مجاهد عن الشعبي عن عمرو بن حويرث عن عمر قال إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أغنتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا قلت في صحته نظر ولئن سلمنا فإنه أراد به الرأي مع وجود النص

(25/43)


ولا تقف ولا تقل ما ليس لك علم به
احتج به لما ذكره من ذم التكلف ثم فسر القفو بالقول وهو من كلام ابن عباس أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه وقال أبو عبيدة معناه لا تتبع ما لا تعلم وما لا يعنيك وقال الراغب الاقتفاء اتباع القفا كما أن الارتداف اتباع الردف ويكنى بذلك عن الاغتياب وتتبع المعائب ومعنى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولا لا تحكم بالقيافة والظن وهو حجة على من يحكم بالقائف
7307 - حدثنا ( سعيد بن تليد ) حدثنا ( ابن وهب ) حدثني ( عبد الرحمان بن شريح وغيره ) عن ( أبي الأسود ) عن ( عروة ) قال حج علينا عبد الله بن عمرو فسمعته يقول سمعت النبي يقول إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون فحدثت به عائشة زوج النبي
ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد فقالت يا ابن أختي انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها فعجبت فقالت والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو
انظر الحديث 100
مطابقته للترجمة في قوله فيفتون برأيهم الذي هو غير مبني على أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع
وسعيد بن تليد بفتح التاء المثناة من فوق وكسر اللام على وزن عظيم وهو سعيد بن عيسى بن تليد نسب إلى جده أبو عثمان المصري يروي عن عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن قوله وغيره هو عبد الله بن لهيعة أبهمه البخاري لضعفه عنده واعتمد على عبد الرحمن بن شريح
والحديث مضى في كتاب العلم في باب كيف يقبض العلم وأخرجه مسلم في القدر عن قتيبة وآخرين وأخرجه الترمذي في العلم عن هارون بن إسحاق وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن رافع وغيره وأخرجه ابن ماجه في السنة عن أبي كريب وغيره
قوله حج علينا أي مارا علينا قوله عبد الله بن عمرو أي ابن العاص قوله أعطاهموه كذا في رواية أبي ذر عن المستملي والكشميهني وفي رواية غيرهم أعطاكموه قوله انتزاعا نصب على المصدرية ووقع في رواية حرملة لا ينزع العلم من الناس وفي الرواية المتقدمة في كتاب العلم من طريق مالك إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد وفي رواية الحميدي في مسنده من قلوب العباد وعند الطبراني إن الله لا ينزع العلم من صدور الناس بعد أن يعطيهم إياه قوله مع قبض العلماء بعلمهم أي يقبض العلماء مع علمهم وقال الكرماني أو يراد من لفظ بعلمهم بكتبهم بأن يمحى العلم من الدفاتر ويبقى مع على المصاحبة أو مع بمعنى عند قوله يستفتون على صيغة المجهول أي يطلب منهم الفتوى قوله فيفتون بضم الياء على صيغة المعلوم من الإفتاء قوله فيضلون بفتح الياء قوله ويضلون بضم الياء من الإضلال قوله فحدثت به عائشة أي قال عروة حدثت بهذا الحديث عائشة أم المؤمنين قوله بعد أي بعد تلك السنة والحجة قوله فقالت يا ابن أختي أي فقالت عائشة لعروة يا ابن أختي لأن عروة ابن أسماء أخت عائشة قوله فاستثبت لي منه أي من عبد الله بن عمرو قوله كنحو ما حدثني أي في مرته الأولى قوله فعجبت أي عائشة من جهة أنه ما غير حرفا منه
7308 - حدثنا ( عبدان ) أخبرنا ( أبو حمزة ) سمعت ( الأعمش ) قال سألت أبا وائل هل شهدت صفين قال نعم فسمعت سهل بن حنيف يقول وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي وائل قال قال سهل بن حنيف يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم لقد

(25/44)


رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله لرددته وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هاذا الأمر
قال وقال أبو وائل شهدت صفين وبئست صفون
الله
مطابقته للترجمة في قوله اتهموا رأيكم على دينكم قال الكرماني وذلك أن سهلا كان يتهم بالتقصير في القتال في صفين فقال اتهموا رأيكم فإني لا أقصر وما كنت مقصرا وقت الحاجة كما في يوم الحديبية فإني رأيت نفسي يومئذ لو قدرت على مخالفة حكم رسول الله لقاتلت قتالا لا مزيد عليه لكني أتوقف اليوم لمصالح المسلمين انتهى وقال بعضهم قوله اتهموا رأيكم على دينكم أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين انتهى قلت ما قاله الكرماني أقرب إلى معنى التركيب وما قاله غيره أقرب إلى الترجمة
وأخرج الحديث المذكور من طريقين الأول عن عبدان لقب عبد الله بن عثمان عن أبي حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري عن سليمان الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن سهل بن حنيف بضم الحاء المهملة وفتح النون والطريق الثاني عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري عن سليمان الأعمش إلى آخره والحديث مر في كتاب الجزية في باب مجرد بعد باب إثم من عاهد ثم غدر فإنه أخرجه هناك عن عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش ومضى أيضا في غزوة الحديبية
قوله هل شهدت صفين أي هل حضرت وقعة صفين التي كانت بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وصفين بكسر الصاد المهملة وتشديد الفاء المكسورة وسكون الياء آخر الحروف وبالنون وهو موضع بين الشام والعراق بشاطىء الفرات قوله اتهموا رأيكم مر تفسيره الآن قوله لقد رأيتني أي لقد رأيت نفسي يوم أبي جندل وهو يوم من أيام غزوة الحديبية وقصتها مختصرة أنها كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف وخرج رسول الله إليها في رمضان وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه ومعه المهاجرون والأنصار وكان الهدي سبعين بدنة والناس سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة نفر ولما بلغ الخبر قريشا خرجوا ونزلوا بذي طوى وعاهدوا الله أن محمدا لا يدخلها أبدا ثم إن بديل بن ورقاء أتى النبي في رجال من خزاعة فسألوه ما الذي جاء به فأخبرهم أنه لم يأت للحرب بل زائرا للبيت ورجعوا إلى قريش فأخبروهم به ثم جرى أمور كثيرة من مراسلات وغيرها إلى أن بعثت قريش سهيل بن عمرو إلى رسول الله بالمصالحة وأن يرجع عامه هذا وجرى كلام كثير حتى جرى الصلح على وضع الحرب عشر سنين على أن من أتى من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه فبينا رسول الله يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت منهم ولما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه وقال يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا قال صدقت فجعل يجر أبا جندل ليرده إلى قريش وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني فزاد الناس ذلك هما إلى همهم فقال رسول الله يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين بمكة فرجا ومخرجا ولما فرغ الصلح قام النبي إلى هديه فنحره وحلق رأسه وقام الصحابة كلهم ينحرون ويحلقون رؤوسهم ثم قفل رسول الله إلى المدينة قوله ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله لرددته قد ذكرنا أنهم لما اتهموا سهل بن حنيف بالتقصير في القتال في قصة صفين صعب عليه وقال لهم أنا لست بمقصر في القتال وقت الحاجة ولما جاء أبو جندل إلى رسول الله مسلما فرده إلى المشركين لأجل الصلح المذكور بينهم وبين النبي صعب على سهل ذلك جدا فقال لهم حين اتهموه بالتقصير في القتال لو كنت أستطيع رد أبي جندل لرددته ولكني قصرت لأجل أمر رسول الله فإنه أمر برده ولم يكن يسعني أن أرد أمر رسول الله وقال الكرماني لم نسب اليوم إلى أبي جندل لا إلى الحديبية قلت لأن رده إلى المشركين كان شاقا على المسلمين وكان ذلك أعظم ما جرى عليهم من سائر

(25/45)


الأمور وأرادوا القتال بسببه وأن لا يردوا أبا جندل ولا يرضون بالصلح قوله وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا جمع عاتق قوله إلى أمر يفظعنا بضم الياء وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة أي يخوفنا ويهولنا قاله الكرماني وقال ابن الأثير أي يوقعنا في أمر فظيع أي شديد شنيع وقد فظع يفظع فهو مفظع وفظع الأمر فهو فظيع وقال الجوهري وأفظع الرجل على ما لم يسم فاعله أي نزل به أمر عظيم وأفظعت الشيء واستفظعته وجدته فظيعا قوله ألا أسهلن بنا أي أفضين بنا إلى سهولة يعني السيوف أفضين بنا إلى أمر سهل نعرفه خبرا غير هذا الأمر أي الذي نحن فيه من هذه المقاتلة في صفين فإنه لا يسهل بنا وفي رواية الكشميهني بها وقال بعضهم إلا أسهلن أي أنزلتنا في السهل من الأرض أي أفضين بنا وهو كناية عن التحول من الشدة إلى الفرج قلت هذا معنى بعيد على ما لا يخفى على المتأمل
قوله قال وقال أبو وائل أي قال الأعمش قال أبو وائل المذكور شهدت صفين وبئست صفون أي بئست المقاتلة التي وقعت فيها وإعراب هذا اللفظ كإعراب الجمع كقوله تعالى كلا إن كتاب الابرار لفى عليين ومآ أدراك ما عليون والمشهور أن يعرب بالنون ويكون بالياء في الأحوال الثلاث تقول هذه صفين برفع النون ورأيت صفين ومررت بصفين بفتح النون فيهما وكذلك تقول في قنسرين وفلسطين ونبرين والحاصل أن فيها لغتين إحداهما إجراء الإعراب على ما قبل النون وتركها مفتوحة كجمع السلامة والثانية أن يجعل النون حرف الإعراب كما ذكرنا ووقع في رواية أبي ذر شهدت صفين وبئست صفين وفي رواية النسفي وبئست الصفون بالألف واللام وهو لا ينصرف للعلمية والتأنيث والمشهور كسر الصاد وقيل جاء بفتحها أيضا
8 -
( باب ما كان النبي يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقوللا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ولم يقل برأي ولا بقياس لقوله تعالى إنآ أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمآ أراك الله ولا تكن للخآئنين خصيما )
أي هذا باب في بيان ما كان النبي الخ قوله يسأل على صيغة المجهول قوله لا أدري قال الكرماني فيه حزازة حيث قال لا أدري إذ ليس في الحديث ما يدل عليه ولم يثبت عنه ذلك وقال بعضهم هو تساهل شديد منه لأنه أشار في الترجمة إلى ما ورد في ذلك ولكنه لم يثبت عنده منه شيء على شرطه ثم ذكر حديث ابن مسعود من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم وذكر حديث ابن عمر جاء رجل إلى النبي فقال أي البقاع خير قال لا أدري فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فقال لا أدري فقال سل ربك فانتفض جبريل انتفاضة وحديث أبي هريرة أن رسول الله قال ما أدري الحدود كفارة لأهلها انتهى
قلة نسبة الكرماني إلى التساهل الشديد تساهل أشد منه لأن قوله ليس في الحديث ما يدل عليه صحيح وقوله ولم يثبت عنه ذلك أيضا صحيح لأن مراده أنه لم يثبت عنده فإذا كان كذلك فقول البخاري لا أدري غير واقع في محله قوله ولم يقل برأي ولا قياس قال الكرماني قيل لا فرق بينهما وهما مترادفان وقيل الرأي هو التفكر أي لم يقل بمقتضى العقل ولا بالقياس وقيل الرأي أعم لتناوله مثل الاستحسان وقال المهلب ما حاصله الرد على البخاري في قوله ولم يقل برأي ولا قياس لأن النبي قد علم أمته كيفية القياس والاستنباط في مسائل لها أصول ومعان في كتاب الله عز و جل ليريهم كيف يصنعون فيما عدموا فيه النصوص والقياس هو تشبيه ما لا حكم فيه بما فيه حكم في المعنى وقد شبه الحمر بالخيل فقال ما أنزل الله علي فيهما بشيء غير هذه الآية الفاذة الجامعة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره وقال للتي أخبرته إن أباها لم يحج أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته فالله أحق بالقضاء وهذا هو عين القياس عند العرب وعند العلماء بمعاني الكلام وأما سكوته حتى نزل الوحي فإنما سكت في أشياء معضلة ليست لها أصول في الشريعة فلا بد فيها من اطلاع الوحي ونحن الآن قد فرغت لنا الشرائع وأكمل الله الدين فإنما ننظر ونقيس موضوعاتها فيما أعضل من النوازل قوله لقوله بما أراك الله أي لقول الله تعالى ويروى هكذا لقول الله وهو رواية

(25/46)


المستملي واحتج البخاري بقوله تعالى بما أراك الله أي بما أعلمك الله وأجيب عن هذا بأنه إذا حكم بين الناس القياس فقد حكم أيضا بما أراه الله ونقل ابن التين عن الداودي بما حاصله إن الذي احتج به البخاري بما ادعاه من النفي حجة في الإثبات لأن المراد بقوله ليس محصورا في النصوص بل فيه إذن بالقول في الرأي قلت فحينئذ تنقلب الحجة عليه
وقال ابن مسعود سئل النبي عن الروح فسكت حتى نزلت
ذكر هذا التعليق عن عبد الله بن مسعود دليلا لقوله في الترجمة ولم يجب لأن عدم الإجابة السكوت ولا ينتهض هذا دليلا لما ادعاه لأنا قد ذكرنا أن سكوته في مثل هذا الموضع لكونه في أشياء معضلة وليس لها أصول في الشريعة فلا بد في مثل هذا من الوحي ومع هذا ما أطلعه الله في هذه الآية وهي ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ومآ أوتيتم من العلم إلا قليلا الآية على حقيقة كيفية الروح بل قال ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ومآ أوتيتم من العلم إلا قليلا وهذا التعليق مضى موصولا في آخر باب ما يكره من كثرة السؤال لكنه ذكر فيه فقام ساعة ينتظر وأورده في كتاب العلم بلفظ فسكت وأورده في تفسير سبحان بلفظ فأمسك وفي رواية مسلم فأسكت النبي فلم يرد عليه شيئا
7309 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال سمعت ( ابن المنكدر ) يقول سمعت ( جابر بن عبد الله ) يقول مرضت فجاءني رسول الله يعودني وأبو بكر وهما ماشيان فأتاني وقعد أغمي علي فتوضأ رسول الله ثم صب وضوءه علي فأفقت فقلت يا رسول الله وربما قال سفيان فقلت أي رسول الله كيف أقضي في مالي كيف أصنع في مالي قال فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث
الله
مطابقته للترجمة على زعمه تؤخذ من آخر الحديث وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة يروي عن محمد بن المنكدر
والحديث مضى في سورة النساء في قوله تعالى يوصيكم الله ولفظه في آخر الحديث فنزلتيوصيكم الله
قوله وقد أغمى علي أي غشي والواو فيه للحال قوله وضوءه بفتح الواو وهو الماء الذي يتوضأ به قال الداودي وفي هذا الحديث الوضوء للمريض شفاء قوله وربما قال سفيان هو ابن عيينة الراوي
قال الداودي فيه جواز الرواية بالمعنى ورد عليه بأن هذا لا يتضمن حكما وليس من قول رسول الله
9 -
( باب تعليم النبي أمته من الرجالوالنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل )
أي هذا باب في بيان تعليم رسول الله أمته إلى آخره قال المهلب مراده أن العالم إذا كان يمكنه أن يحدث بالنصوص لا يحدث بنظره ولا قياسه انتهى وقال صاحب التوضيح ترجم في كتاب العلم باب هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم ثم نقل كلام المهلب ثم قال بهذا معنى الترجمة لأنه حدثهم حديثا عن الله لا يبلغه قياس ولا نظر وإنما هو توقيف ووحي وكذلك ما حدثهم به من سننه فهو عن الله تعالى أيضا لقوله هههه 0النجم3ف قوله ليس برأي قد مر تفسير الرأي قوله ولا تمثيل أي قياس وهو إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم وهذا يدل على أنه من نفاة القياس وقد قلنا فيما مضى إن القياس اعتبار والاعتبار مأمور به لقوله تعالى 0الحشر2ف فالقياس مأمور به
7310 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن عبد الرحمان بن الأصبهاني عن أبي صالح ذكوان

(25/47)


عن أبي سعيد جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله فقال اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله فعلمهن مما علمه الله ثم قال ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجابا من النار فقالت امرأة منهن يا رسول الله اثنين قال فأعادتها مرتين ثم قال واثنين واثنين واثنين
قال الكرماني ما حاصله إن موضع الترجمة هو قوله لها حجابا من النار لأن هذا أمر توقيفي تعليم من الله تعالى ليس قولا برأي ولا تمثيل لا دخل لهما فيه انتهى قلت هذا الحديث لا يدل على مطابقة الترجمة أصلا لأن عدم دلالته على الرأي والتمثيل لا يستلزم نفيهما
وأبو عوانة بالفتح هو الوضاح اليشكري و ( عبد الرحمن بن الأصبهاني ) هو عبد الرحمن بن عبد الله الأصبهاني الكوفي وأصله من أصبهان وقال الكرماني في أصبهان أربع لغات فتح الهمزة وكسرها وبالباء الموحدة وبالفاء وقد مضى الحديث في كتاب العلم في باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم فإنه أخرجه هناك عن آدم عن شعبة عن ابن الأصبهاني إلى آخره وفي الجنائز عن مسلم بن إبراهيم ومضى الكلام فيه
قوله جاءت امرأة قيل يحتمل أن تكون هي أسماء بنت يزيد بن السكن قوله من نفسك أي من أوقات نفسك قوله اجتمعن أولا بلفظ الأمر وثانيا بالماضي قوله تقدم من التقديم أي إلى يوم القيامة
( باب قول النبي لا تزال طائفة من أمتيظاهرين على الحق يقاتلون وهم أهل العلم )
أي هذا باب في بيان قول النبي إلى آخره وروى مسلم مثل هذه الترجمة عن ثوبان قال حدثنا حماد هو ابن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وروى أيضا مثله عن المغيرة بن شعبة وجابر بن سمرة قوله وهم أهل العلم من كلام البخاري وقال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل هو البخاري يقول سمعت علي بن المديني يقول هم أصحاب الحديث
7311 - حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل عن قيس عن المغيرة بن شعبة عن النبي قال لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون
انظر الحديث 3640 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة و ( عبيد الله بن موسى ) بن باذان الكوفي و ( إسماعيل ) هو ابن أبي خالد و ( قيس ) هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي
والحديث مضى في علامات النبوة وأخرجه مسلم كما ذكرناه آنفا
قوله ظاهرين أي معاونين على الحق وقيل غالبين وقيل عالين قوله أمر الله أي القيامة قوله وهم ظاهرون أي غالبون على من خالفهم قيل فيه حجية الإجماع وامتناع خلو العصر عن المجتهدين فإن قلت يعارض هذا الحديث حديث عبد الله بن عبد الله بن عمرو لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم رواه مسلم قلت المراد من شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة قوم يكونون بموضع مخصوص وبموضع آخر تكون طائفة يقاتلون على الحق لا يضرهم من خالفهم ويؤيده ما رواه أبو أمامة مرفوعا لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قيل يا رسول الله وأين هم قال هم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس قلت الأكناف جمع كنف بالتحريك وهو الجانب والناحية

(25/48)


7312 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثنا ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( حميد ) قال سمعت ( معاوية بن أبي سفيان ) يخطب قال سمعت النبي يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هاذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وقال الكرماني ليس في الباب ما يدل على أنهم أهل العلم على ما ترجم عليه وأجاب بقوله نعم فيه إذ من جملة الاستقامة أن يكون فيهم إذ التفقه والمتفقه لا بد منه لترتبط الأخبار بعضها ببعض وتحصل جهة جامعة بينهما معنى
وإسماعيل هو ابن أبي أويس يروي عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن حميد بالضم بن عبد الرحمن بن عوف
والحديث أخرجه في العلم عن سعيد بن عفير وفي الخمس عن حبان عن ابن المبارك وأخرجه مسلم في الزكاة عن حرملة عن ابن وهب به
قوله خيرا عام لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم أي جميع الخيرات ويحتمل أن يكون التنوين للتعظيم قوله أنا قاسم أي أقسم بينكم فألقي إلى كل واحد ما يليق به من أحكام الدين والله يوفق من يشاء منهم للفقه والتفهم منه والتفكر في معانيه قوله أو حتى يأتي أمر الله شك من الراوي وفيه أن أمته آخر الأمم
11 -
( باب قول الله تعالى أو يلبسكم شيعا )
أي هذا باب في ذكر قول الله عز و جل أو يلبسكم شيعا وأوله قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون وفي الآية أقوال قال ابن عباس من فوقكم أئمة السوء أو من تحت أرجلكم خدم السوء وقيل الأتباع وقال الضحاك من فوقكم أي كباركم أو من تحت أرجلكم من سفلتكم وقال أبو العباس إ ئ يعني الرجم أو يلبسكم شيعا يعني الخسف قوله ث ج ح الشيع الفرق والمعنى شيعا متفرقة مختلفة لا متفقة يقال لبست الشيء خلطته وألبست عليه إذا لم تبينه وقال ابن بطال أجاب الله دعاء نبيه في عدم استئصال أمته بالعذاب ولم يجبه في أن لا يلبسهم شيعا أي فرقا مختلفين وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض أي بالحرب والقتل بسبب ذلك وإن كان ذلك من عذاب الله لكنه أخف من الاستئصال وفيه للمؤمنين كفارة
7313 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( سفيان ) قال ( عمرو ) سمعت ( جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما يقول لما نزل على رسول الله قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون قال أعوذ بوجهك أو من تحت أرجلكم قال أعوذ بوجهك فلما نزلت قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون قال هاتان أهون أو أيسر
انظر الحديث 4628 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة وعمرو بالفتح هو ابن دينار
والحديث مضى في سورة الأنعام وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن يحيى بن أبي عمر
قوله من فوقكم كإمطار الحجارة عليهم كما كان على قوم لوط عليه السلام أو من تحت أرجلكم كالخسف كما فعل بقارون قوله أو يلبسكم شيعا أي يخلطكم فرقا أصحاب أهواء مختلفة قوله ويذيق بعضكم أي يقتل بعضكم بعضا قوله بوجهك من المتشابهات قوله هاتان أي المحنتان أو الخصلتان وهما اللبس والإذاقة أهون من الاستئصال والانتقام من عذاب الله وإن كانت الفتنة من عذاب الله ولكن هي أخف لأنها كفارة للمؤمنين قوله أو أيسر شك من الراوي
12 -
( باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل )

(25/49)


أي هذا باب في بيان من شبه أصلا معلوما الخ وهذا الباب للدلالة على صحة القياس وأنه ليس مذموما فإن قلت الباب المتقدم يشعر بالذم والكراهة قلت القياس على نوعين صحيح مشتمل على جميع شرائطه المذكورة في فن الأصول وفاسد بخلاف ذلك فالمذموم هو الفاسد وأما الصحيح فلا مذمة فيه بل هو مأمور به كما ذكرناه عن قريب قوله من شبه أصلا معلوما قال الكرماني لو قال من شبه أمرا معلوما لوافق اصطلاح أهل القياس وهذا المذكور من الترجمة رواية الكشميهني والإسماعيلي والجرجاني ورواية غيرهم من شبه أصلا معلوما بأصل مبين وقد بين النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حكمهما وفي رواية النسفي من شبه أصلا معلوما بأصل مبهم قد بين الله حكمهما ليفهم السائل
7314 - حدثنا ( أصبغ بن الفرج ) حدثني ( ابن وهب ) عن ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن أبي سلمة بن عبد الرحمان عن أبي هريرة أن أعرابيا أتى رسول الله فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود وإني أنكرته فقال له رسول الله هل لك من إبل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى ترى ذالك جاءها قال يا رسول الله عرق نزعها قال ولعل هاذا عرق نزعه ولم يرخص له في الانتفاء منه
انظر الحديث 5305 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي شبه للأعرابي ما أنكر من لون الغلام بما عرف في نتاج الإبل فقال له هل لك من إبل إلى قوله لعل عرقا نزعه فأبان له بما يعرف أن الإبل الحمر تنتج الأورق أي الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض فكذلك المرأة البيضاء تلد الأسود
وأصبغ بن الفرج أبو عبد الله المصري روى عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس بن يزيد الأيلي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن ( أبي سلمة بن عبد الرحمن ) عن أبي هريرة
والحديث قد مضى في اللعان ولكن عن يحيى بن قزعة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن ( أبي هريرة ) ومضى الكلام فيه
قوله وإني أنكرته لأني أبيض وهو أسود قوله لورقا بضم الواو جمع الأورق وهو ما في لونه بياض إلى سواد قوله عرق أي أصل قوله نزعها أي اجتذبها إليه حتى ظهر لونه عليه قوله في الانتفاء أي في اللعان ونفي الولد من نفسه
7315 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) أن امرأة جاءت إلى النبي فقالت إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها قال نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم فقال فاقضوا الذي له فإن الله أحق بالوفاء
انظر الحديث 1852 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي شبه لتلك المرأة التي سألته الحج عن أمها بدين الله بما تعرف غيره من دين العباد غير أنه قال فدين الله أحق
وأبو عوانة بالفتح الوضاح وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية
والحديث قد مر في كتاب الحج في باب الحج المنذور عن الميت ومضى الكلام فيه
قوله قاضيته بالضمير ويروى قاضية بدون الضمير قوله فاقضوا أي فاقضوا أيها المسلمون الحق الذي لله تعالى ودخلت المرأة التي سألته الحج عن أمها في هذا الخطاب دخولا بالقصد الأول وقد علم في الأصول أن النساء يدخلن في خطاب الرجال لا سيما عند القرينة المدخلة قيل قال الفقهاء حق الآدمي مقدم على حق الله تعالى وأجيب بأن التقديم بسبب احتياجه لا ينافي الأحقية بالوفاء واللزوم واحتج المزني بهذين الحديثين على من أنكر القياس قال وأول من أنكر القياس إبراهيم النظام وتبعه بعض المعتزلة

(25/50)


وداود بن علي وما اتفق عليه الجماعة هو الحجة فقد قاس الصحابة ومن بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار وقيل دعوى الأولية في إنكار القياس بإبراهيم مردود لأنه ثبت عن ابن مسعود من الصحابة وعن عامر الشعبي التابعي من فقهاء الكوفة وعن محمد بن سيرين من فقهاء البصرة والله أعلم
13 -
( باب ما جاء في
اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى لقوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون
أي هذا باب في بيان ما جاء في اجتهاد القضاة في حكمهم بما أنزل الله تعالى وفي رواية أبي ذر والنسفي وابن بطال وطائفة باب ما جاء في اجتهاد القضاة والاجتهاد لغة المبالغة في الجهد واصطلاحا استفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية قوله لقوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون وفي القرآن أيضا فأولئك هم الفاسقون و فأولئك هم الكافرون وتخصيص آية الظلم من حيث إن الظلم عام شامل للفسق والكفر لأنه وضع الشيء في غير موضعه وهو يشملهما
ومدح النبي صاحب الحكمة حين يقضي بها ويعلمها لا يتكلف من قبله ومشاورة الخلفاء وسؤالهم أهل العلم
يجوز في قوله ومدح النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وجهان أحدهما أن يكون مصدرا مجرورا عطفا على قوله ما جاء في اجتهاد القضاة ويكون المصدر مضافا إلى فاعله وقوله صاحب الحكمة منصوب على أنه مفعوله والثاني أن يكون فعلا ماضيا من المدح ويكون النبي مرفوعا على أنه فاعل له وصاحب الحكمة منصوب على المفعولية والحكمة العلم الوافي المتقن قوله حين يقضي بها أي بالحكمة قوله من قبله بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته وفي رواية الكشميهني من قيله بكسر القاف وسكون الياء آخر الحروف أي من كلامه وفي رواية النسفي من قبل نفسه قوله ومشاورة الخلفاء بالجر عطفا على قوله في اجتهاد القضاة أي وفيما جاء في مشاورة الخلفاء أراد أن مشاورة الخلفاء وسؤالهم أهل العلم بما أنزل الله تعالى في الأحكام وذكر الخلفاء ليس بقيد لأن سائر الحكام في ذلك سواء وقوله أهل العلم منصوب تنازع فيه العاملان أعني قوله مشاورة وقوله وسؤالهم
7316 - حدثنا ( شهاب بن عباد ) حدثنا ( إبراهيم بن حميد ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) عن ( عبد الله ) قال قال رسول الله لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها
الله
مطابقته للترجمة الثانية ظاهرة وشهاب بن عباد بالفتح وتشديد الباء الموحدة العبدي الكوفي وإبراهيم بن حميد بالضم الرؤاسي وإسماعيل بن أبي خالد البجلي واسم أبي خالد سعد وقيس بن أبي حازم وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث مضى في أوائل الأحكام في باب أجر من قضى بالحكمة فإنه أخرجه هناك عن شهاب بن عباد أيضا الخ ومضى الكلام فيه
7317 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( أبو معاوية ) حدثنا ( هشام ) عن أبيه عن ( المغيرة بن شعبة ) قال سأل عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة هي التي يضرب بطنها فتلقي جنينا فقال أيكم سمع من النبي فيه شيئا فقلت أنا فقال ما هو قلت سمعت النبي يقول فيه غرة عبد أو أمة فقال لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت فخرجت فوجدت محمد بن

(25/51)


مسلمة فجئت به فشهد معي أنه سمع النبي يقول فيه غرة عبد أو أمة
انظر الحديث 6906 وطرفه
مطابقته للترجمة الثانية ظاهرة ومحمد شيخ البخاري قال الكلاباذي ابن سلام وابن المثنى يرويان عن أبي معاوية محمد بن خازم بالمعجمة قلت لم يجزم بأحدهما والمشهور أنه محمد بن سلام لأن اختصاصه به مشهور
والحديث مضى في آخر الديات في باب جنين المرأة
قوله عن إملاص المرأة الإملاص إلقاء المرأة الجنين ميتا وهي التي يضرب بطنها قوله أيكم سمع قيل خبر الواحد حجة يجب العمل به فلم ألزمه بالشاهد وأجيب للتأكيد وليطمئن قلبه بذلك مع أنه لم يخرج بانضمام آخر إليه عن كونه خبر الواحد قوله غرة بالتنوين وقوله عبد عطف بيان
تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة
أي تابع هشام بن عروة في روايته عن أبيه عروة بن أبي الزناد هو عبد الرحمن عن أبيه هو عبد الله بن ذكوان عن عروة بن الزبير عن المغيرة بن شعبة وأخرج المحاملي هذه المتابعة موصولة فقال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثني ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن المغيرة فذكره قيل وقع في رواية الكشميهني عن الأعرج عن أبي هريرة وهو غلط والصواب عن عروة عن المغيرة وذكر هذه المتابعة سقط في رواية النسفي
( باب قول النبي لتتبعن سنن من كان قبلكم )
أي هذا باب في ذكر قول النبي لتتبعن بفتح اللام للتأكيد وفتح التاءين المدغم إحداهما في الأخرى وكسر الباء الموحدة وضم العين وبالنون الثقيلة وأصله تتبعون من الاتباع قوله سنن من كان قبلكم بفتح السين والنون أي طريقة من كان قبلكم يعني في كل شيء مما نهى الشرع عنه وذمه وقال ابن التين في شرح هذا اللفظ في الحديث قرأناه بضمها يعني بضم السين وقال المهلب الفتح أولى لأنه هو الذي يستعمل فيه الذراع والشبر على ما يأتي الآن -
7319 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( ابن أبي ذئب ) عن ( المقبري ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه عن النبي قال لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولائك
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها أي حتى تسير أمتي بسير القرون قبلها الأخذ بفتح الهمزة وكسرها السيرة يقال أخذ فلان بأخذ فلان أي سار بسيرته وحكى ابن بطال عن الأصيلي بما أخذ القرون بالباء الموحدة و ما الموصولة وأخذ بصورة الفعل الماضي وهو رواية الإسماعيلي أيضا وفي رواية النسفي بمأخذ القرون على وزن مفعل بفتح الميم والقرون جمع قرن بفتح القاف وسكون الراء وهو الأمة من الناس
وشيخ البخاري أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي وهو شيخ مسلم أيضا وابن أبي ذئب بكسر الذال المعجمة وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي المدني واسم أبي ذئب هشام بن سعيد والمقبري بفتح الميم وسكون القاف وضم الباء الموحدة هو سعيد بن أبي سعيد بن أبي كيسان والحديث من أفراده
قوله شبرا بشبر وذراعا بذراع تمثيل وفي رواية الكشميهني شبرا شبرا وذراعا ذراعا قوله كفارس والروم أراد هؤلاء الذين يتبعونهم كفارس والروم وهما جيلان مشهوران من الناس وفارس هم الفرس وملكهم كسرى وملك الروم قيصر قوله ومن الناس إلا أولئك أي فارس والروم وكلمة من للاستفهام على سبيل الإنكار قيل الناس ليسوا منحصرين فيهما وأجيب بأن المراد حصر الناس المتبوعين المعهودين المتقدمين وإنما عين هذين الجيلين لكونهما كانا إذ ذاك أكبر ملوك الأرض وأكثرهم رعية وأوسعهم بلادا

(25/52)


7320 - حدثنا ( محمد بن عبد العزيز ) حدثنا ( أبو عمر الصنعاني من اليمن ) عن ( زيد بن أسلم ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي سعيد الخدري ) عن النبي قال لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصاراى قال فمن
انظر الحديث 3456
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن الترجمة جزء منه
ومحمد بن عبد العزيز الرملي وأبو عمر حفص بن ميسرة الصنعاني من صنعاء اليمن احترز به عن صنعاء الشام وعطاء بن يسار خلاف اليمين وأبو سعيد سعد بن مالك
والحديث مضى في ذكر بني إسرائيل عن سعيد بن أبي مريم
قوله جحر ضب بضم الجيم وسكون الحاء المهملة والضب بفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء الموحدة هو الحيوان المشهور قوله اليهود بالرفع أي الذين قبلنا هم اليهود وبالجر عطف على أنه بدل عمن قبلكم قوله فمن استفهام إنكار فالتقدير فمن هم غير أولئك وقال الكرماني هذا مغاير لما تقدم آنفا أنهم كفارس قلت الروم نصارى وفي الفرس كان يهود مع أن ذلك لا على سبيل المثال وقال ابن بطال أعلم النبي أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء كما وقع للأمم قبلهم انتهى قلت قد وقع معظم ما ذكره خصوصا في الديار المصرية وخصوصا في ملوكها وعلمائها وقضاتها
15 -
( باب إثم من دعا إلى ضلالة أو من سن سنة سيئة لقول الله تعالى ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم )
أي هذا باب في بيان إثم من دعا الناس إلى ضلالة أراد عليه إثم مثل إثم من تبعه فيها وقد ورد بذلك حديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي قوله أو من سن سنة سيئة كذلك ورد حديث أخرجه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي وهو حديث طويل وفيه قال رسول الله من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا قوله لقول الله تعالى ومن أوزار الذين يضلون الآية وأولها ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون قال مجاهد حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم شيئا
7321 - حدثنا ( الحميدي ) حدثنا ( سفيان ) حدثنا ( الأعمش ) عن ( عبد الله بن مرة ) عن ( مسروق ) عن ( عبد الله ) قال قال النبي ليس من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها وربما قال سفيان من دمها لأنه أول من سن القتل أولا
انظر الحديث 3335 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه السنة السيئة وهي قتل النفس
والحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى منسوب إلى حميد أحد أجداده وسفيان هو ابن عيينة يروي عن سليمان الأعمش عن عبد الله بن مرة بضم الميم وتشديد الراء عن مسروق بن الأجدع عن عبد الله بن مسعود
والحديث مضى في خلق آدم عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه وفي الديات عن قبيصة عن سفيان الثوري ومضى الكلام فيه
قوله تقتل على صيغة المجهول قوله على ابن آدم الأول وهو قابيل وهو أول من سن القتل لأنه قتل أخاه هابيل وهو أول قتيل وقع في العالم قوله كفل بكسر

(25/53)


الكاف أي نصيب
16 -
( باب ما ذكر النبي وحض على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي والمنبر والقبر )
أي هذا باب في بيان ما ذكر النبي وحض أي حرض فقوله ذكر وقوله حض تنازعا في العمل في قوله على اتفاق أهل العلم ويروى وما حض عليه من اتفاق أهل العلم قاله الكرماني وإذا اتفق أهل عصر من أهل العلم عل قول حتى ينقرضوا ولم يتقدم فيه اختلاف فهو إجماع واختلف إذا كان من الصحابة اختلاف ثم أجمع من بعدهم على أحد أقوالهم هل يكون ذلك إجماعا والصحيح أنه ليس بإجماع واختلف في الواحد إذا خالف الجماعة هل يؤثر في إجماعهم وكذلك في اثنين وثلاثة من العدد الكثير قوله وما اجتمع عليه الحرمان عطف على ما قبله وقوله مكة والمدينة أي أحد الحرمين مكة والآخر المدينة أراد أن ما اجتمع عليه أهل الحرمين من الصحابة ولم يخالف صاحب من غيرهما فهو إجماع كذا قيده ابن التين ثم نقل عن سحنون أنه إذا خالف ابن عباس أهل المدينة لم ينعقد لهم إجماع وقال ابن بطال اختلف أهل العلم فيما هم فيه أهل المدينة حجة على غيرهم من الأمصار فكان الأبهري يقول أهل المدينة حجة على غيرهم من طريق الاستنباط ثم رجع فقال قولهم من طريق النقل أولى من طريق غيرهم وهم وغيرهم سواء في الاجتهاد وهذا قول الشافعي وذهب أبو بكر بن الطيب إلى أن قولهم أولى من طريق الاجتهاد والنقل جمعيا وذهب أصحاب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه إلى أنهم ليسوا حجة على غيرهم لا من طريق النقل ولا من طريق الاجتهاد وقال المهلب غرض البخاري في الباب تفضيل المدينة بما خصها الله به من معالم الدين وأنها دار الوحي ومهبط الملائكة بالهدى والرحمة وبقعة شرفها الله عز و جل بسكنى رسوله وجعل فيها قبره ومنبره وبينهما روضة من رياض الجنة قوله وما كان إلى آخره إشارة أيضا إلى تفضيل المدينة بفضائل وهي ما كان من مشاهد النبي وإنما جمع المشهد بقوله من مشاهد النبي إشارة إلى أن المدينة مشهد النبي ومشهد المهاجرين ومشهد الأنصار وأصله من شهد المكان شهودا إذا حضره قوله ومصلى النبي عطف على مشاهد النبي والمنبر والقبر معطوفان عليه وهذه أيضا إشارة إلى فضيلة المدينة بأمور منها أن فيها مصلى النبي وهو موضع يصلى فيه ومنها أن فيها منبره وقال فيه منبري على حوضي ومنها أن فيها قبره الذي بينه وبين منبره روضة من رياض الجنة كما ذكرناه
7322 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( محمد بن المنكدر ) عن ( جابر بن عبد الله السلمي ) أن أعرابيا بايع رسول الله على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فجاء الأعرابي إلى رسول الله فقال يا رسول الله أقلني بيعتي فأباى رسول الله ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأباى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأباى فخرج الأعرابي فقال رسول الله إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها
الله
مطابقته للترجمة من حيث الفضيلة التي اشتمل على ذكرها كل منهما
وإسماعيل بن أبي أويس والحديث مضى في الأحكام في باب من بايع ثم استقال البيعة ومضى الكلام فيه مبسوطا

(25/54)


7323 - حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله قال حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت أقرىء عبد الرحمان بن عوف فلما كان آخر حجة حجها عمر فقال عبد الرحمان بمنى لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل قال إن فلانا يقول لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا فقال عمر لأقومن العشية فأحذر هاؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم قلت لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس ويغلبون على مجلسك فأخاف أن لا ينزلوها على وجهها فيطير بها كل مطير فأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة فتخلص بأصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار فيحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها فقال والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة
قال ابن عباس فقدمنا المدينة فقال إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل آية الرجم
الله
مطابقته للترجمة في قوله دار الهجرة ودار السنة فتخلص بأصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار وذكر في الترجمة ما يتعلق بوصف المدينة بهذه الأشياء
و ( موسى بن إسماعيل ) البصري التبوذكي يروي عن ( عبد الواحد ) بن زياد عن ( معمر ) بفتح الميمين ابن راشد عن محمد بن مسلم ( الزهري ) عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
وهذا الحديث قطعة من حديث طويل قد مضى في كتاب الحدود في باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت ومضى الكلام فيه مبسوطا
قوله أقرىء بضم الهمزة من الإقراء قوله فلما كان آخر حجة جواب لما محذوف نحو رجع عبد الرحمن بن عوف من عند عمر رضي الله تعالى عنهما قوله بمنى يحتمل أن يتعلق بقوله كنت أقرىء قوله لو شهدت كلمة لو إما للتمني وإما جزاؤه محذوف قوله الذين يريدون أن يغصبوهم أي الذين يقصدون أمورا ليس ذلك وظيفتهم ولا لهم مرتبة ذلك فيريدون أن يباشرونها بالظلم والغصب قوله رعاع الناس بفتح الراء وتخفيف العين المهملة الأولى وهم أحداث الناس وأراذلهم قوله ويغلبون على مجلسك أي يكثرون في مجلسك قوله لا ينزلوها بضم الياء أي لا ينزلون خطبتك أو وصيتك أو كلماتك أو مقالتك والقرينة على ذلك قوله على وجهها أي على ما ينبغي حق كلامك قوله فيطير بها كل مطير قال صاحب التوضيح أي يتأول على خلاف وجهها قلت معناه ينقلها كل ناقل بالسرعة والانتشار لا بالتأني والضبط وقوله يطير بفتح الياء مضارع من طار وقوله كل مطير فاعله والمطير بضم الميم اسم فاعل من أطار وقال الكرماني ويروى فيطيروا بها بصيغة المجهول من التطير مفردا وجمعا وكل مطير بفتح الميم وكسر الطاء ويروى مطار بضم الميم قوله فأمهل أمر من الإمهال أي اصبر ولا تستعجل قوله دار الهجرة بالنصب على البدلية من المدينة قوله فتخلص بالنصب أي حتى تقدم المدينة فتصل بأصحاب رسول الله قوله فيحفظوا عطف على قوله فتخلص
قوله قال ( ابن عباس ) موصول بالسند المذكور قوله بعث محمدا بالحق حذف منه قطعة كبيرة بين قوله فقدمنا المدينة وبين قوله فقال إلى آخره مضى بيانها في الباب المذكور في الحدود قوله آية الرجم وهي قوله الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما وهو منسوخ التلاوة باقي الحكم
7324 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد ) عن ( أيوب ) عن ( محمد ) قال كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط فقال بخ بخ أبو هريرة يتمخط في الكتان لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله إلى حجرة عائشة مغشيا علي فيجيء الجائي فيضع رجله

(25/55)


على عنقي ويراى أني مجنون وما بي من جنون ما بي إلا الجوع
مطابقته للترجمة في قوله وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله إلى حجرة عائشة وهي مكان القبر الشريف
وحماد هو ابن زيد يروي عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين
والحديث أخرجه الترمذي في الزهد عن قتيبة
قوله وعليه الواو فيه للحال قوله ممشقان بضم الميم وفتح الميم الثانية والشين المعجمة المشددة وبالقاف أي مصبوغان بالمشق بكسر الميم وسكون الشين وهو الطين الأحمر قوله فتمخط أي استنثر قوله بخ بخ بفتح الباء الموحدة فيها وتشديد الخاء المعجمة وبتخفيفها وهي كلمة تقال عند الرضا والإعجاب وقال الجوهري هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وقد تكون للمبالغة قوله لقد رأيتني بضميري المتكلم وهو من خصائص أفعال القلوب أي لقد رأيت نفسي قوله لأخر أي أسقط قوله مغشيا علي حال أي مغمى عليه قوله ويرى أني مجنون أي يظن أني مجنون والحال ما بي من الجنون وما بي إلا الجوع
7325 - حدثنا ( محمد بن كثير ) أخبرنا ( سفيان ) عن عبد الرحمان بن عابس قال سئل ابن عباس أشهدت العيد مع النبي قال نعم ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر فأتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب ولم يذكر أذانا ولا إقامة ثم أمر بالصدقة فجعل النساء يشرن إلى آذانهن وحلوقهن فأمر بلالا فأتاهن ثم رجع إلى النبي
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله فأتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت لأن العلم بفتحتين هو المصلى وفي الترجمة من مشاهد النبي مصلاه الذي كان يصلي فيه صلاة العيد والجنائز ودار كثير بن الصلت بنيت بعد العهد النبوي وإنما عرف المصلى بها لشهرتها وقال أبو عمر كثير بن الصلت بن معد يكرب الكندي ولد على عهد رسول الله وسماه كثيرا وكان اسمه قليلا يروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم وقال الذهبي الأصح أن الذي سماه كثيرا عمر رضي الله تعالى عنه
وشيخ البخاري محمد بن كثير بالثاء المثلثة وسفيان هو الثوري و ( عبد الرحمن بن عابس ) بالعين المهملة وبعد الألف باء موحدة مكسورة وبالسين المهملة ابن ربيعة النخعي
والحديث مضى في الصلاة عن عمرو بن علي وفي العيدين عن مسدد ومضى الكلام فيه
7326 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما أن النبي كان يأتي قباء ماشيا وراكبا
مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن قباء مشهد من مشاهد النبي
وأبو نعيم الفضل بن دكين وسفيان هو ابن عيينة والحديث مضى في أواخر الصلاة في ثلاثة أبواب متوالية أولها باب مسجد قباء
7327 - حدثنا ( عبيد بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) عن أبيه عن ( عائشة ) قالت لعبد الله بن الزبير ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي في البيت فإني أكره أن أزكى وعن هشام عن أبيه أن عمر أرسل إلى عائشة ائذني لي أن أدفن مع صاحبي فقالت إي والله قال وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة قالت لا والله لا أوثرهم بأحد أبدا
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أن أدفن مع صاحبي يعني في قبر النبي
وأبو أسامة حماد بن أسامة وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهم
والحديث من أفراده
قوله ادفني مع صواحبي أي أمهات

(25/56)


المؤمنين يعني ادفني في مقبرة البقيع معهن قوله في البيت أراد حجرتها التي دفن فيها النبي وصاحباه قوله أن أزكى على صيغة المجهول من التزكية المعنى أنها كرهت أن يظن أنها أفضل الصحابة بعد النبي وصاحبيه حيث جعلت نفسها ثالثة الضجيعين
قوله مع صاحبي أراد بهما رسول الله وأبا بكر رضي الله تعالى عنه قوله إي والله بكسر الهمزة وسكون الياء وهو حرف جواب بمعنى نعم ولا يقع إلا بعد القسم قوله من الصحابة فيه حذف تقديره إذا أرسل إليها أحد من الصحابة يسألها أن يدفن معهم قوله قالت جواب الشرط قوله لا أؤثرهم بالثاء المثلثة يقال آثر كذا بكذا أي اتبعه إياه أي لا أتبعهم بدفن آخر عندهم وقال صاحب المطالع هو من باب القلب أي لا أوثر بهم أحدا ويحتمل أن يكون لا أثيرهم بأحد أي لا أنبشهم لدفن أحد والباء بمعنى اللام واستشكله ابن التين بقول عائشة في قصة عمر رضي الله تعالى عنه لأوثرنه على نفسي ثم أجاب باحتمال أن يكون الذي آثرت عمر به المكان الذي دفن فيه من وراء قبر أبيها بقرب النبي وذلك لا ينفي وجود مكان آخر في الحجرة وذكر ابن سعد من طرق أن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أوصى أخاه أن يدفنه عندهم إن لم تقع بذلك فتنة فصده عن ذلك بنو أمية فدفن بالبقيع
وأخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن سلام وقال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى عليهما السلام يدفن معه قال أبو داود أحد رواته وبقي في البيت موضع قبر وفي رواية الطبراني يدفن عيسى مع رسول الله وأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فيكون قبرا رابعا
7329 - حدثنا ( أيوب بن سليمان ) حدثنا ( أبو بكر بن أبي أويس ) عن ( سليمان بن بلال ) عن ( صالح بن كيسان ) قال ( ابن شهاب ) أخبرني ( أنس بن مالك ) أن رسول الله كان يصلي العصر فيأتي العوالي والشمس مرتفعة
وزاد الليث عن يونس وبعد العوالي أربعة أميال أو ثلاثة
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله فيأتي العوالي لأن إتيانه إلى العوالي يدل على أن العوالي من جملة مشاهده في المدينة
وأيوب بن سليمان بن بلال وأبو بكر بن أبي أويس اسمه عبد الحميد وأبو أويس اسمه عبد الله الأصبحي الأعشى المديني والحديث من أفراده
قوله والشمس الواو فيه للحال
قوله وزاد الليث أي زاد الليث في روايته عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أنس ووصل هذه الزيادة البيهقي من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني الليث عن يونس أخبرني ابن شهاب عن أنس فذكر الحديث بتمامه وزاد في آخره وبعد العوالي من المدينة أربعة أميال قوله أو ثلاثة شك من الراوي أي أو ثلاثة أميال والعوالي جمع عالية وهي مواضع مرتفعة على غيرها قرب المدينة وذكر هنا بعدها من المدينة أربعة أميال وقيل ثلاثة والأميال جمع ميل وهو ثلث الفرسخ وقيل هو مد البصر
7330 - حدثنا ( عمرو بن زرارة ) حدثنا ( القاسم بن مالك ) عن ( الجعيد ) سمعت ( السائب بن يزيد ) يقول كان الصاع على عهد النبي مدا وثلثا بمدكم اليوم وقد زيد فيه
انظر الحديث 1859 وطرفه
لم يذكر أحد هنا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة أصلا ويمكن أن يكون الصاع النبوي داخلا في قوله وما اجتمع عليه الحرمان لأن الصاع النبوي كان مما اجتمع عليه أهل الحرمين في أيام النبي وهو أنه كان مدا وثلث مد وقد زيد بعده صلى الله تعالى عليه وسلم في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه مد وثلث وهو معنى قوله وقد زيد فيه وهي جملة حالية
وشيخ البخاري عمرو بالفتح ابن زرارة بضم الزاي وفتح الراءين بينهما ألف والقاسم بن مالك أبو جعفر المزني الكوفي والجعيد بضم الجيم وفتح العين المهملة مصغر جعد وقد يستعمل مكبرا وهو ابن

(25/57)


عبد الرحمن بن أويس الكندي المدني والسائب بن يزيد ابن أخت النمر الكندي ويقال غيره الصحابي
والحديث مضى في الحج عن عمرو بن زرارة وفي الكفارات عن عثمان بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في الزكاة عن عمرو بن زرارة
قوله مدا وثلثا ويروى مد وثلث ووجهه أن يكون على اللغة الربيعية يكتبون المنصوب بدون الألف وقال الكرماني أو يكون في وكان ضمير الشأن قلت فعلى هذا يكون مد وثلث مرفوعان على الخبرية عن الصاع المرفوع على الابتداء
7331 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ) عن ( أنس بن مالك ) أن رسول الله قال اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم يعني أهل المدينة
انظر الحديث 2130 وطرفه
هذا الحديث متعلق بالحديث السابق لأن فيه الدعاء بالبركة في صاعهم فمطابقة ذاك للترجمة تسد مطابقة هذا
والحديث مضى في البيوع عن عبد الله بن مسلمة أيضا وفي الكفارات عن عبد الله بن يوسف وأخرجه مسلم والنسائي كلاهما عن قتيبة
7332 - حدثنا ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( أبو ضمرة ) حدثنا ( موسى بن عقبة ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) أن اليهود جاءوا إلى النبي برجل وامرأة زنيا فأمر بهما فرجما قريبا من حيث توضع الجنائز عند المسجد
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله من حيث توضع الجنائز وفي رواية المستملي حيث موضع الجنائز أي للصلاة عليها وهو المصلى
وأبو ضمرة بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وبالراء واسمه أنس بن عياض
والحديث مضى في المحاربين في باب أحكام أهل الذمة عن إسماعيل بن عبد الله بأتم منه ومضى الكلام فيه
7333 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( عمرو ) مولى ( المطلب ) عن ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه أن رسول الله طلع له أحد فقال هاذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن أحدا أيضا من مشاهده
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وعمرو مولى المطلب بن عبد الله المخزومي
والحديث مضى في الجهاد عن عبد العزيز بن عبد الله وفي أحاديث الأنبياء عن القعنبي وفي المغازي في أخر غزوة أحد عن عبد الله بن يوسف ومضى الكلام فيه
قوله يحبنا أي يحبنا أهله ويحتمل أن يكون حقيقة بأن الله يخلق فيه الحياة والإدراك والمحبة كحنين الجذع قوله ما بين لابتيها تثنية لابة بفتح الباء الموحدة المخففة وهي الحرة وهي الحجارة السود أي ما بين طرفيها من الحجارة السود
تابعه سهل عن النبي في أحد
أي تابع أنس بن مالك سهل بن سعد في روايته الحديث المذكور لكن تابعه سهل بن سعد في غير التحريم أشار به إلى ما ذكره في كتاب الزكاة معلقا من حديث سهل بن سعيد ولفظه وقال سلميان عن سهل بن سعد عن عمارة بن غزية عن عباس عن أبيه عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال أحد جبل يحبنا ونحبه وعباس هو ابن سهل بن سعد يروي عنه

(25/58)


7334 - حدثنا ( ابن أبي مريم ) حدثنا ( أبو غسان ) حدثني ( أبو حازم ) عن ( سهل ) أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة وبين المنبر ممر الشاة
انظر الحديث 496
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن أبي مريم هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري وأبو غسان بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة محمد بن مطرف وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج عن سهل بن سعد والحديث مر في أوائل الصلاة
7335 - حدثنا ( عمرو بن علي ) حدثنا ( عبد الرحمان بن مهدي ) حدثنا ( مالك ) عن ( خبيب بن عبد الرحمان ) عن ( حفص بن عاصم ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي
مطابقته للترجمة ظاهرة وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وحفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في آخر الصلاة وفي آخر الحج عن مسدد وفي الحوض عن إبراهيم بن المنذر وأخرجه مسلم في الحج عن زهير بن حرب وغيره
قوله روضة من رياض الجنة يجوز أن يكون حقيقة وأنها تنتقل إلى الجنة أو العمل فيها موصل إلى الجنة واحتج به في المعونة على تفضيل المدينة لأنه قد علم أنه إنما خص ذلك الموضع منها بفضيلة على بقيتها فكان بأن يدل على فضلها على ما سواها أولى وقال الكرماني روضة أي كروضة أو هو حقيقة وكذا حكم المنبر قالوا معناه من لزم العبادة فيما بينهما فله روضة منها ومن لزمها عند المنبر يشرب من الحوض
7336 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( جويرية ) عن ( نافغ ) عن ( عبد الله ) قال سابق النبي بين الخيل فأرسلت التي ضمرت منها وأمدها إلى الحفياء إلى ثنية الوداع والتي لم تضمر أمدها ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله كان فيمن سابق
مطابقته للترجمة من حيث إن المواضع المذكورة فيه تدخل في لفظ المشاهد في الترجمة المذكورة
وجويرية مصغر جارية ابن أسماء البصري
والحديث مضى في الصلاة في باب هل يقال مسجد بني فلان
قوله سابق من المسابقة وهي المراهنة في إعداء الخيل قوله فأرسلت على صيغة المجهول وفي رواية الكشميهني فأرسل أي فأرسل النبي أي بأمره قوله ضمرت على صيغة المجهول من التضمير وقال الخطابي تضمير الخيل أن يظاهر عليها بالعلق مدة ثم تغشى بالجلال ولا تعلف إلا قوتا حتى تعرق فيذهب كثرة لحمها وتصلب وزيد في المسافة للخيل المضمرة لقوتها ونقص منها لما لم تضمر لقصورها عن شأو ذات التضمير ليكون عدلا بين النوعين وكله إعداد للقوة في إعزاز كلمة الله امتثالا لقوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون قوله منها أي من الخيول قوله وأمدها الأمد الغاية قوله إلى الحفياء بفتح المهملة وإسكان الفاء وبالياء آخر الحروف وبالمد وهو موضع بينه وبين ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة والثنية أضيفت إلى الوداع لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها قوله بني زريق بضم الزاي وفتح الراء وبنو زريق من الأنصار قوله وأن عبد الله هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما
حدثنا ( قتيبة ) عن ل ( يث ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) وحدثني ( إسحاق ) أخبرنا ( عيسى وابن إدريس ) ( وابن أبي غنية ) عن ( أبي حيان ) عن ( الشعبي ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال سمعت عمر على منبر النبي
الله

(25/59)


مطابقته للترجمة في قوله على منبر النبي واقتصر من الحديث على هذا المقدار لكون الذي يحتاج إليه هنا هو ذكر المنبر وتمامه مضى في كتاب الأشربة في باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل حدثنا أحمد بن أبي رجاء أخبرنا يحيى عن أبي حيان التيمي عن الشعبي عن ابن عمر قال خطب عمر على منبر رسول الله فقال إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل الحديث
وهنا أخرجه من طريقين أحدهما عن قتيبة بن سعيد عن ليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمرو والآخر عن إسحاق قال الكلاباذي هو ابن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه وهو يروي عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي وعن عبد الله بن إدريس بن زيد الكوفي وعن ابن أبي غنية بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف واسمه يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية الخزاعي الكوفي وأصله من أصبهان تحولوا عنها حين افتتحها أبو موسى الأشعري إلى الكوفة وهو يروي عن أبي حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالنون واسمه يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التيمي تيم الرباب الكوفي وهو يروي عن عامر بن شراحيل الشعبي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
7338 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( السائب بن يزيد ) سمع ( عثمان بن عفان ) خطيبا على منبر النبي
مطابقته للترجمة في المنبر وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب هو ابن أبي حمزة يروي عن محمد بن مسلم الزهري عن السائب بن يزيد الصحابي واقتصر على هذا المقدار من الحديث لأجل لفظ المنبر
قوله خطيبا حال من عثمان ويروى خطبنا بنون المتكلم مع غيره بلفظ الماضي أي خطبنا عثمان وقد أخرج أبو عبيد في كتاب الأموال من وجه آخر عن الزهري فزاد فيه يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده الحديث ونقل فيه عن إبراهيم بن سعد أنه أراد شهر رمضان وقال أبو عبيد وجاء من وجه آخر أنه شهر الله المحرم
7339 - حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( عبد الأعلى ) حدثنا ( هشام بن حسان ) أن ( هشام بن عروة ) حدثه عن أبيه أن ( عائشة ) قالت قد كان يوضع لي ولرسول الله هاذا المركن فنشرع فيه جميعا
الله
لم أر أحدا من الشراح ذكر وجه دخول هذا الحديث في هذا الباب غير أن واحدا منهم ذكر وقال إن مركن عائشة الذي كانت تشرع فيه مع رسول الله ومقدار ما يكفيهما من الماء سنة ولا يوجد ذلك المركن إلا بالمدينة انتهى قلت يمكن أن يؤخذ من هذا وجه مطابقته للترجمة في ذكر المدينة
وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السامي بالسين المهملة البصري
والحديث مضى في كتاب الغسل في باب غسل الرجل مع امرأته
قوله المركن بكسر الميم قال الكرماني الإجانة وقال بعضهم وأبعد من فسره بالإجانة بكسر الهمزة وتشديد الجيم ثم نون وهي القصرية بكسر القاف قلت قال ابن الأثير المركن الإجانة التي يغسل فيها الثياب والميم زائدة وكذا فسره الأصمعي
7340 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( عباد بن عباد ) حدثنا ( عاصم الأحول ) عن ( أنس ) قال حالف النبي بين الأنصار وقريش في داري التي بالمدينة وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم
الله
مطابقته للترجمة في قوله في داري التي بالمدينة
وعباد بن عباد بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة فيهما
والحديث مضى في الكفالة عن محمد بن الصباح وعنه روى مسلم في الفضائل وأخرجه أبو داود عن مسدد في الفرائض
قوله حالف من المحالفة وهي المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فإن قلت ورد لا حلف في الإسلام قلت هذا على الحلف الذي كان في الجاهلية على الفتن والقتال والغارات ونحوها فهذه هي التي نهى عنها
قوله وقنت الخ حديث مستقل مضى في

(25/60)


كتاب الوتر إنما دعا على أحياء من بني سليم لأنهم غدروا وقتلوا القراء وقد مر بيانه فيما مضى
7342 - حدثنا ( أبو كريب ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( بريد ) عن ( أبي بردة ) قال قدمت المدينة فلقيني عبد الله بن سلام فقال لي انطلق إلى المنزل فأسقيك في قدح شرب فيه رسول الله وتصلي في مسجد صلى فيه النبي فانطلقت معه فسقاني سويقا وأطعمني تمرا وصليت في مسجده
انظر الحديث 3814
مطابقته للترجمة في قوله وصليت في مسجده وأبو كريب بضم الكاف محمد بن العلاء وأبو أسامة حماد بن أسامة وبريد بضم الباء الموحدة ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء أيضا ابن أبي موسى الأشعري واسم أبي بردة عامر أو الحارث وقد مر غير مرة وعبد الله بن سلام بالتخفيف وبين في رواية عبد الرزاق سبب قدوم أبي بردة المدينة
وأخرجه من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة قال أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام لأتعلم منه فسألني من أنت فأخبرته فرحب بي
قوله انطلق إلى المنزل أي انطلق معي إلى منزلي فالألف واللام بدل من المضاف إليه قوله فسقاني ويروى فأسقاني
7343 - حدثنا ( سعيد بن الربيع ) حدثنا ( علي بن المبارك ) عن ( يحياى بن أبي كثير ) حدثني ( عكرمة ) عن ( ابن عباس ) أن ( عمر ) رضي الله عنه حدثه قال حدثني النبي قال أتاني الليلة آت من ربي وهو بالعقيق أن صل في هاذا الوادي المبارك وقل عمرة وحجة
وقال هارون بن إسماعيل حدثنا علي عمرة في حجة 0انظر الحديث 1534 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله وهو بالعقيق لأنه داخل في مشاهده
وسعيد بن الربيع أبو زيد الهروي كان يبيع الثياب الهروية فنسب إليها وهو من أهل البصرة
والحديث مضى في أوائل الحج في باب قول النبي العقيق واد مبارك ومضى الكلام فيه هناك
قوله آت هو الملك والظاهر أنه جبريل عليه الصلاة و السلام قوله بالعقيق وهو واد بظاهر المدينة قوله أن صل قال الكرماني لعل المراد بالصلاة سنة الإحرام وفيه دليل على أنه كان قارنا قوله عمرة وحجة منصوبان أي نويت أو أردت
قوله وقال هارون بن إسماعيل هو أبو الحسن الخزاز بالخاء المعجمة والزاءين المعجمتين البصري
قوله حدثنا علي هو ابن المبارك قوله عمرة في حجة معناه عمرة مع حجة أو عمرة مدرجة في حجة يعني القران
7344 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) وقت النبي قرنا لأهل نجد والجحفة لأهل الشأم وذا الحليفة لأهل المدينة قال سمعت هاذا من النبي وبلغني أن النبي قال ولأهل اليمن يلملم وذكر العراق فقال لم يكن عراق يومئذ
الله
مطابقته للترجمة لا تخفى لمن يتأملها ومحمد بن يوسف أبو أحمد البخاري البيكندي وسفيان هو ابن عيينة
والحديث قد مضى في أوائل الحج عن ابن عمر من وجوه
قوله وقت أي عين الميقات قوله قرنا بسكون الراء وقال الجوهري هو بفتحها وهو على مرحلتين من مكة ويروى قرن باعتبار أنه غير منصرف أو باعتبار اللغة الربيعية قوله وبلغني فإن قلت هذه رواية عن مجهول قلت لا قدح بذلك لأنه يروي عن صحابي آخر والصحابة كلهم عدول قوله وذكر على صيغة المجهول

(25/61)


قوله فقال أي ابن عمر قوله لم يكن عراق يومئذ يعني لم يكن أهل العراق في ذلك الوقت مسلمين حتى يوقت لهم ميقات وكانت العراق يومئذ بأيدي كسرى وعماله من الفرس والعرب وقال بعضهم يعكر على هذا الجواب ذكر أهل الشام فلعل مراد ابن عمر نفي العراقين وهما المصران المشهوران الكوفة والبصرة وكل منهما إنما صار مصرا جامعا بعد فتح المسلمين بلاد الفرس انتهى قلت هذا كلام واه لأن ابن عمر يقول وقت النبي ففي ذلك الوقت لم يكن اسم الكوفة ولا اسم البصرة مذكورا ولا خطر بخاطر أحد أن في العراق بلدين الكوفة والبصرة وإنما تمصرتا في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه والجواب عن قوله ويعكر أن الحج فرض في سنة ست من الهجرة كما قرره الشافعي فلهذا ذهب إلى أنه للتراخي لأنه لم يحج إلا في سنة عشر وبينهما أربع سنين وفي هذه المدة دخل ناس في الإسلام من القاطنين فيما وراء المدينة من ناحية الشام وتوقيت النبي المواقيت كان في زمن حجه
7345 - حدثنا عبد الرحمان بن المبارك حدثنا الفضيل حدثنا موسى بن عقبة حدثني سالم ابن عبد الله عن أبيه عن النبي أنه أري وهو في معرسه بذي الحليفة فقيل له إنك ببطحاء مباركة
مطابقته للترجمة لا تخفى لأن ذا الحليفة أيضا من أعظم مشاهده ولهذا قيل له إنك في بطحاء مباركة وبطحاء الوادي وأبطحه حصاه اللين في بطن المسيل وذو الحليفة على ستة أميال من المدينة وقيل سبعة وهو ماء من مياه بني جشم بينهم وبين جحفة وهي ميقات أهل المدينة التي تسميها العوام آبار علي رضي الله تعالى عنه
و ( عبد الرحمن بن المبارك ) بن عبد الله و ( الفضيل ) بضم الفاء ابن سليمان النميري البصري والحديث مضى في أوائل الحج
قوله أري بضم الهمزة على بناء المجهول قوله في معرسه وهو اسم المكان من التعريس وهو المنزل الذي كان في آخر الليل
انتهت أحاديث هذا الباب وهي أربعة وعشرون حديثا كلها داخلة تحت ترجمته فبعون الله ولطفه ذكرنا وجوه المطابقات فيها على الفتح الإلاهي والفيض الرباني فلله الحمد أولا وآخرا أبدا دائما
17 -
( باب قول الله تعالى ليس لك من الامر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون )
أي هذا باب في ذكر قول الله عز و جل ليس لك من الامر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون أي ليس لك من أمر خلقي شيء وإنما أمرهم والقضاء فيهم بيدي دون غيري وأقضي الذي أشاء من التوبة على من كفر بي وعصاني أو العذاب إما في عاجل الدنيا بالقتل وإما في الآجل بما أعددت لأهل الكفر ومضى ذكر سبب نزولها في تفسير سورة آل عمران ويجيء الآن أيضا وقال ابن بطال دخول هذه الترجمة في كتاب الاعتصام من جهة دعاء النبي على المذكورين لكونهم لم يذعنوا للإيمان ليعتصموا به من اللعنة وإن معنى قوله ليس لك من الامر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون هو معنى قوله ليس عليك هداهم ولاكن الله يهدى من يشآء وما تنفقوا من خير فلانفسكم وما تنفقون إلا ابتغآء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
7346 - حدثنا ( أحمد بن محمد ) أخبرنا ( عبد الله ) أخبرنا ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( سالم ) عن ( ابن عمر ) أنه سمع النبي يقول في صلاة الفجر ورفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا ولك الحمد في الآخرة ثم قال اللهم العن فلانا وفلانا فأنزل الله عز و جل ليس لك من الامر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن محمد السمسار المروزي وعبد الله هو ابن المبارك ومعمر بن راشد
والحديث مضى في سورة آل عمران ومضى الكلام فيه
قوله يقول قال الكرماني أين مقول يقول ثم أجاب بقوله جعله كالفعل اللازم أي يفعل القول ويخفيه أو هو محذوف وقال بعضهم يحتمل أن يكون بمعنى قائلا أو لفظ قال المذكور زائد قلت هذا

(25/62)


الاحتمال لا يمنع السؤال لأنه وإن كان حالا فلا بد له من مقول ودعواه بزيادة قال غير صحيحة لأنه واقع في محله قوله ورفع رأسه الواو فيه للحال قوله ربنا ولك الحمد ويروى بدون الواو قوله في الآخرة من كلام ابن عمر أي في الركعة الآخرة ووهم فيه الكرماني وهما فاحشا وظن أنه متعلق بالحمد حتى قال وجه التخصيص بالآخرة مع أن له الحمد في الدنيا أيضا لأن نعيم الآخرة أشرف فالحمد عليه هو الحمد حقيقة أو المراد بالآخرة العاقبة أي قال كل الحمود إليك انتهى وفي جمع الحمد على الحمود نظر قوله فلانا وفلانا قال الكرماني يعني رعلا وذكوان قيل وهم فيه أيضا لأنه سمى ناسا بأعيانهم لا القبائل
18 -
( باب قول الله تعالى ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا وقوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلاهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون )
أي هذا باب في ذكر قوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلاهنا وإلاهكم واحد ونحن له مسلمون وفي التفسير بين سبب نزولها قوله وقوله تعالى ل م الآية اختلف العلماء في تأويل هذه الآية فقالت طائفة هي محكمة ويجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله والتنبيه على حججه وآياته رجاء إجابتهم إلى الإيمان هذا قول مجاهد وسعيد بن جبير وقال ابن زيد معناه ولا تجادلوا أهل الكتاب يعني إذا أسلموا وأخبروكم بما في كتبهم و ى يي في المخاطبة إلا الذين ظلموا بإقامتهم على الكفر فخاطبوهم بالسيف وقال قتادة هي منسوخة بآية القتال
7347 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) ح وحدثني ( محمد بن سلام ) أخبرنا ( عتاب بن بشير ) عن ( إسحاق ) عن ( الزهري ) أخبرني ( علي بن حسين ) أن ( حسين بن علي ) رضي الله عنهما أخبره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إن رسول الله طرقه وفاطمة عليها السلام بنت رسول الله فقال لهم ألا تصلون فقال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله حين قال له ذلك ولم يرجع إليه شيئا ثم سمعه وهو مدبر يضرب فخذه وهو يقول ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا
مطابقته للجزء الأول للترجمة ظاهرة وأخرجه من طريقين أحدهما عن أبي اليمان الحكم بن نافع عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم الزهري عن علي بن الحسين والآخر عن محمد بن سلام بالتخفيف ووقع عند النسفي غير منسوب عن عتاب بفتح العين المهملة وتشديد التاء المثناة من فوق وبالباء الموحدة ابن بشير بفتح الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة والجزري بالجيم والزاي والراء عن إسحاق بن راشد الجزري أيضا ووقع إسحاق عند النسفي وأبي ذر غير منسوب ونسب عند الباقين وساق المتن على لفظه عن الزهري عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم
والحديث مضى في الصلاة عن أبي اليمان أيضا وفي التفسير عن علي بن عبد الله
قوله طرقه أي طرق عليا وفاطمة منصوب لأنه عطف على الضمير المنصوب بطرقه ومعناه أتاه ليلا وسيأتي مزيد الكلام فيه قوله فقال لهم ألا تصلون أي لعلي وفاطمة ومن عندهما أو إن أقل الجمع اثنان وفي رواية شعيب ألا تصليان بالتثنية على الأصل قوله بعثنا أي من النوم للصلاة قوله حين قال له ذلك فيه التفات وفي رواية شعيب حين قلت له ذلك قوله وهو مدبر بضم أوله وكسر الباء الموحدة أي مول ظهره بتشديد اللام وفي رواية الكشميهني وهو منصرف قوله يضرب فخذه جملة وقعت حالا وكذلك قوله وهو يقول وكأن رسول الله حرضهم على الصلاة باعتبار الكسب والقدرة وأجابه علي رضي الله تعالى عنه باعتبار القضاء والقدر قالوا وكان يضرب فخذه تعجبا من سرعة جوابه والاعتبار بذلك أو تسليما لقوله وقال المهلب لم يكن لعلي رضي الله تعالى عنه أن يدفع ما دعاه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إليه من الصلاة بقوله

(25/63)


بل كان عليه الاعتصام بقبوله ولا حجة لأحد في ترك المأمور به بمثل ما احتج به علي قيل له ما فائدة قوله رفع القلم عن النائم
قال أبو عبد الله يقال ما أتاك ليلا فهو طارق ويقال الطارق النجم والثاقب المضيء يقال أثقب نارك للموقد
أبو عبد الله هو البخاري قوله يقال ما أتاك ليلا فهو طارق كذا لأبي ذر وسقط من رواية النسفي وثبت للباقين لكن بدون لفظ يقال وقيل معنى طرقه جاءه ليلا وقال ابن فارس حكى بعضهم أن ذلك قد يقال في النهار أيضا وقيل أصل الطروق من الطرق وهو الدق وسمي الآتي بالليل طارقا لحاجته إلى دق الباب قوله ويقال الطارق النجم والثاقب المضيء قال تعالى ومآ أدراك ما الطارق النجم الثاقب كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه ووصف بالطارق لأنه يبدو بالليل قوله أثقب أمر من الثقب وهو متعد يقال ثقبت الشيء ثقبا وهو من باب نصر ينصر والأمر منه أثقب بضم الهمزة قوله للموقد بكسر القاف وهو الذي يوقد النار
حدثنا ( قتيبة ) حدثنا ( الليث ) عن ( سعيد ) عن أبيه عن ( أبي هريرة ) قال بينا نحن في المسجد خرج رسول الله فقال انطلقوا إلى يهود فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام النبي فناداهم فقال يا معشر يهود أسلموا تسلموا فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم قال فقال لهم رسول الله ذلك أريد أسلموا تسلموا فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله ذلك أريد ثم قالها الثالثة فقال اعلموا أنما الأرض لله ورسوله وأني أريد أن أجليكم من هاذه الأرض فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله
انظر الحديث 3167 وطرفه
مطابقته للجزء الثاني للترجمة من حيث إنه بلغ اليهود ودعاهم إلى الإسلام فقالوا بلغت ولم يذعنوا لطاعته فبالغ في تبليغهم وكرره وهذه مجادلة بالتي هي أحسن
وسعيد هو المقبري يروي عن أبيه كيسان
والحديث مضى في الجزية عن عبد الله بن يوسف وفي الإكراه عن عبد العزيز بن عبد الله وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي كلهم عن قتيبة فمسلم في المغازي وأبو داود في الخراج والنسائي في السير
قوله بيت المدراس بكسر الميم وهو الذي يقرأ فيه التوراة وقيل هو الموضع الذي كانوا يقرأون فيه وإضافة البيت إليه إضافة العام إلى الخاص ويروى المدارس بضم الميم قاله الكرماني قوله أسلموا بفتح الهمزة من الإسلام وتسلموا من السلامة قوله ذلك أريد بضم الهمزة وكسر الراء أي التبليغ هو مقصودي إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزآء الظالمين وغيرها وفي رواية أبي زيد المروزي فيما ذكره القابسي بفتح الهمزة وبزاي من الزيادة وأطبقوا على أنه تصحيف ووجهه بعضهم بأن معناه أكرر مقالتي مبالغة في التبليغ قوله أن أجليكم أي أطردكم من تلك الأرض وكان خروجهم إلى الشام وقال الجوهري جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا يتعدى ولا يتعدى وأجلوا عن البلد وأجليتهم أنا كلاهما بالألف وزاد في الغريبين وجلى عن وطنه بالتشديد قوله بماله الباء للمقابلة نحو بعته بذاك
19 -
( باب قوله تعالى وكذالك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم )
أي هذا باب في ذكر قوله تعالى الخ معناه مثل الجعل الغريب الذي اختصصناكم فيه بالهداية أي عدلا يوم القيامة كما جاء في حديث نوح يقول قوم نوح عليه السلام كيف يشهدون علينا

(25/64)


ونحن أول الأمم وهم آخر الأمم فيقولون نشهد أن الله عز و جل بعث إلينا رسولا وأنزل إلينا كتابا فكان فيما أنزل الله إلينا خبركم
وما أمر النبي بلزوم الجماعة وهم أهل العلم
هذا عطف على ما قبله تقديره وفيما أمر النبي بلزوم الجماعة المراد بالجماعة أهل الحل والعقد في كل عصر وقال الكرماني مقتضى الأمر بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلف متابعة ما اجتمع عليه المجتهدون وهم المراد بقوله وهل أهل العلم
7349 - حدثنا ( إسحاق بن منصور ) حدثنا ( أبو أسامة ) حدثنا ( الأعمش ) حدثنا ( أبو صالح ) عن ( أبي سعيد الخدري ) قال قال رسول الله يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له هل بلغت فيقول نعم يا رب فتسأل أمته هل بلغكم فيقولون ما جاءنا من نذير فيقول من شهودك فيقول محمد وأمته فيجاء بكم فتشهدون ثم قرأ رسول الله وكذالك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم
انظر الحديث 3339 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج أبو يعقوب المروزي وأبو أسامة حماد بن أسامة والأعمش سليمان وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في ذكر نوح عليه السلام عن موسى بن إسماعيل وفي التفسير عن يونس بن راشد ومضى الكلام فيه
قوله حدثنا الأعمش ويروى قال الأعمش حذف منه قال الثانية قوله فيقول محمد ويروى فيقال
وعن جعفر بن عون حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري عن النبي بهاذا
وجعفر بن عون بالنون بن جعفر المخزومي القرشي الكوفي وهو معطوف على قوله أبو أسامة والقائل هو إسحاق بن منصور فروى هذا الحديث عن أبي أسامة بصيغة التحديث وعن جعفر بن عوف بالعنعنة وأبو نعيم جزم بأن رواية جعفر بن عون معلقة وأخرجه من طريق أبي مسعود الرازي عن أبي أسامة وحده ومن طريق بندار عن جعفر بن عون وحده
20 -
( باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود لقول النبي من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
أي هذا باب فيه إذا اجتهد العامل وفي رواية الكشميهني إذا اجتهد العالم قوله العامل قال الكرماني أي عامل الزكاة قلت لفظ العامل أعم من آخذ الزكاة وقال الحاكم أي القاضي وهذا أيضا أعم من القاضي قوله أو الحاكم كلمة أو فيه للتنويع فإن قلت قد مضى في كتاب الأحكام باب إذا قضى الحاكم بجور وخلاف أهل العلم فهو مردود فما فائدة ذكر هذه الترجمة هنا قلت تلك الترجمة معقودة لمخالفة الإجماع وهذه الترجمة معقودة لمخالفة الرسول قوله فأخطأ أي في أخذ واجب الزكاة أو في قضائه قاله الكرماني قلت هو أعم من ذلك قوله خلاف الرسول أي مخالفا للسنة قوله من غير علم أي جاهلا قال الكرماني وحاصله إن حكم بغير السنة ثم تبين له أن السنة بخلاف حكمه وجب عليه الرجوع منه إليها وهو الاعتصام بالسنة ثم قال وفي الترجمة نوع تعجرف قلت كأنه أشار بذلك إلى قوله فأخطأ لأن ظاهره ينافي المقصود لأن من أخطأ خلاف الرسول لا يذم بخلاف من أخطأ وفاقه وقال بعضهم ردا عليه وتمام الكلام عند قوله فأخطأ ويتعلق بقوله اجتهد وقوله خلاف الرسول أي فقال خلاف الرسول فأي عجرفة في هذا انتهى قلت فيما قاله عجرفة أكثر مما قاله الكرماني لأن تقديره بقوله فقال خلاف الرسول يكون عطفا على أخطأ

(25/65)


فيؤدي إلى نفي المقصود الذي ذكرناه الآن ووجد بخط الحافظ الدمياطي في حاشية نسخته الصواب فأخطأ بخلاف الرسول قوله لقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى آخره قد تقدم هذا موصولا في كتاب الصلح عن عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ آخر ورواه مسلم بهذا اللفظ ومضى الكلام فيه هناك وقال ابن بطال مراده أن من حكم بغير السنة جهلا أو غلطا يجب عليه الرجوع إلى حكم السنة وترك ما خالفها امتثالا لأمر الله بإيجاب طاعة رسوله وهذا هو نفس الاعتصام بالسنة
7350 7351 - حدثنا ( إسماعيل ) عن ( أخيه ) عن ( سليمان بن بلال ) عن ( عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمان بن عوف ) أنه سمع ( سعيد بن المسيب ) يحدث أن ( أبا سعيد الخدري وأبا هريرة ) حدثاه أن رسول الله بعث أخا بني عدي الأنصاري واستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال له رسول الله أكل تمر خيبر هاكذا قال لا والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع فقال رسول الله لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل أو بيعوا هاذا واشتروا بثمنه من هاذا وكذلك الميزان
اما
مطابقته للترجمة من حيث إن الصحابي اجتهد فيما فعل من غير علم فرده النبي ونهاه عما فعل
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأخوه أبو بكر واسمه عبد الحميد بتقديم الحاء المهملة على الميم وهو يروي عن سليمان بن بلال أبي أيوب القرشي التيمي عن عبد المجيد بالميم قبل الجيم ابن سهيل ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني وقال الغساني سقط من كتاب الفربري من هذا الإسناد سليمان بن بلال وذكر أبو زيد المروزي أنه لم يكن في أصل الفربري والصواب رواية النسفي فإنه ذكره ولا يتصل السند إلا به
والحديث مضى في كتاب البيوع في باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه
قوله أخا بني عدي يعني واحدا منهم كما يقال يا أخا همدان أي واحدا منهم واسم هذا المنعوت سواد بن غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتية قوله جنيب بفتح الجيم وكسر النون هو نوع من التمر وهو أجود تمرهم والجمع رديء وقال الأصمعي كل لون من النخل لا يعرف اسمه فهو جمع وقال الجوهري الجمع الدقل وقال القزاز الجمع أخلاط أجناس التمر قوله لا تفعلوا أي هذا الفعل وفي مسلم هو الربا فردوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا هذا قوله وكذلك الميزان يعني كل ما يوزن يباع وزنا بوزن وقال الكرماني الحديث تقدم في البيع وليس فيه ذكر هذه الجملة فما معناها وأجاب بقوله يعني الموزونات حكمها حكم المكيلات لا يجوز فيها أيضا التفاضل فلا بد فيها من البيع ثم الاشتراء بثمنه
21 -
( باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ )
أي هذا باب في بيان أجر الحاكم إذا اجتهد في حكمه فأصاب أو أخطأ أما إذا أصاب فله أجران وأما إذا أخطأ فله أجر وتفاوت الأجر مع التساوي في العمل لكون المصيب فاز بالصواب وفاز بتضاعف الأجر وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ولعله للمصيب زيادة في العمل إما كمية وإما كيفية قيل لم يكون الأجر للمخطىء وأجيب لأجل اجتهاده في طلب الصواب لا على خطئه وقال ابن المنذر وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالما بالاجتهاد فاجتهد فأما إذا لم يكن عالما فلا
7352 - حدثنا ( عبد الله بن يزيد المقري المكي ) حدثنا ( حيوة ) حدثني ( يزيد بن عبد الله بن

(25/66)


الهاد ) عن ( محمد بن إبراهيم بن الحارث ) عن ( بسر بن سعيد ) عن ( أبي قيس ) مولاى ( عمرو بن العاص ) عن ( عمرو بن العاص ) أنه سمع رسول الله يقول إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر قال فحدثت بهاذا الحديث أبا بكر بن عمرو بن حزم فقال هاكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمان عن أبي هريرة
وقال عبد العزيز بن المطلب عن عبد الله بن أبي بكر عن أبي سلمة عن النبي مثله
مطابقته للترجمة من حيث إنه يوضح الإبهام الذي فيه لأنه لم يبين فيها كمية الأجر ولا كيفيته
وعبد الله بن يزيد من الزيادة المقرىء من الإقراء وحيوة بن شريح بضم الشين المعجمة ويزيد من الزيادة ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المدني التابعي ولأبيه صحبة وبسر بضم الباء الموحدة ابن سعيد وأبو قيس من الفقهاء قال في الطبقات اسمه سعد وقال البخاري لا يعرف له اسم وتبعه الحاكم أبو أحمد وجزم ابن يونس في تاريخ مصر بأنه عبد الرحمن بن ثابت وهو أعرف بالمصريين من غيره وليس لأبي قيس هذا في البخاري إلا هذا الحديث
وفي هذا السند أربعة من التابعين أولهم يزيد بن عبد الله
والحديث أخرجه مسلم في الأحكام عن يحيى بن يحيى وغيره وأخرجه أبو داود في القضاء عن القواريري وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه ابن ماجه في الأحكام عن همام بن عمار
قوله إذا حكم الحاكم فاجتهد القياس أن يقال إذا اجتهد فحكم لأن الحكم متأخر عن الاجتهاد ولكن معنى حكم إذا أراد أن يحكم قوله ثم أصاب وفي رواية أحمد فأصاب وهو الأصوب ومعناه صادف ما في نفس الأمر من حكم الله قوله فأخطأ أي ظن أن الحق في جهته فصادف أن الذي في نفس الأمر بخلاف ذلك قوله قال فحدثت أي قال عبد الله بن يزيد أحد رواة الحديث قوله هكذا حدثني أبو سلمة يعني مثل حديث أبي قيس مولى عمرو بن العاص قوله وقال عبد العزيز بن المطلب بضم الميم وتشديد الطاء ابن عبد الله بن حنطب المخزومي قاضي المدينة وكنيته أبو طالب وهو من أقران مالك ومات قبله وليس له في البخاري سوى هذا الموضع الواحد المعلق المرسل لأن أبا سلمة تابعي وعبد الله بن أبي بكر يروي عن شيخ أبيه وهو ولد الراوي المذكور في السند الذي قبله أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وكان قاضي المدينة أيضا
22 -
( باب الحجة على من قال إن أحكام النبي كانت ظاهرة وما كان يغيب بعضهم عن مشاهد النبي وأمور الإسلام )
أي هذا باب في بيان الحجة إلى آخره عقد هذا الباب لبيان أن كثيرا من أكابر الصحابة كان يغيب عن مشاهد النبي ويفوت عنهم ما يقوله أو يفعله من الأفعال التكليفية فيستمرون على ما كانوا اطلعوا عليه إما على المنسوخ لعدم اطلاعهم على الناسخ وإما على البراءة الأصلية ثم أخذ بعضهم من بعض مما رواه عن رسول الله فهذا الصديق رضي الله تعالى عنه على جلالة قدره لم يعلم النص في الجدة حتى أخبره محمد بن مسلمة والمغيرة بالنص فيها وهذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجع إلى أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه في الاستئذان وهو حديث الباب وأمثال هذا كثيرة ويرد بهذا الباب على الرافضة وقوم من الخوارج زعموا أن أحكامه وسنته منقولة عنه نقل تواتر وأنه لا يجوز العمل بما لم ينقل متواترا وهو مردود بما صح أن الصحابة كان يأخذ بعضهم من بعض ويرجع بعضهم إلى رواية غيره عن رسول الله وانعقد الإجماع على القول بالعمل بأخبار الآحاد قوله كانت ظاهرة أي للناس لا تخفى إلا على النادر قوله وما كان يغيب عطف على مقول القول وكلمة ما نافية أو عطف على الحجة فما موصولة قوله عن

(25/67)


مشاهد النبي ووقع في رواية النسفي مشاهدة ويروى عن مشهد النبي بالإفراد ووقع في مستخرج أبي نعيم وما كان يفيد بعضهم بعضا بالفاء والدال من الإفادة
7353 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا يحياى عن ابن جريج حدثني عطاء عن عبيد بن عمير قال استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع فقال عمر ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له فدعي له فقال ما حملك على ما صنعت فقال إنا كنا نؤمر بهاذا قال فأتني على هاذا ببينة أو لأفعلن بك فانطلق إلى مجلس من الأنصار فقالوا لا يشهد إلا أصاغرنا فقام أبو سعيد الخدري فقال قد كنا نؤمر بهاذا فقال عمر خفي علي هاذا من أمر النبي ألهاني الصفق بالأسواق
انظر الحديث 2062 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن عمر رضي الله تعالى عنه لما خفي عليه أمر الاستئذان رجع إلى قول أبي موسى الأشعري في قوله قد كنا نؤمر بهذا أي بالاستئذان فدل هذا على أن خبر الواحد يعمل به وأن بعض السنن كان يخفى على بعض الصحابة وأن الشاهد منهم يبلغ الغائب ما شهد وإن الغائب كان يقبله ممن حدثه ويعتمده ويعمل به فإن قلت طلب عمر رضي الله تعالى عنه البينة يدل على أنه لا يحتج بخبر الواحد قلت فيه دليل على أنه حجة لأنه بانضمام خبر أبي سعيد إليه لا يصير متواترا وقال البخاري في كتاب بدء الإسلام أراد عمر التثبت لا أنه لا يجيز خبر الواحد
و ( يحيى ) في السند هو القطان يروي عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ( عطاء ) بن أبي رباح عن ( عبيد بن عمير ) الليثي المكي قال استأذن أبو موسى وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله تعالى عنه وقد مضت قضية أبي موسى مع عمر بن الخطاب في كتاب الاستئذان في باب التسليم والاستئذان ثلاثا ما حملك على ما صنعت أي من الرجوع وعدم التوقف قوله قد كنا نؤمر قال الأصوليون مثله يحمل على أن الآمر به هو النبي وهو قوله إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع قوله فقالوا القائل أولا هو أبي بن كعب ثم تبعه الأنصار في ذلك قوله فقام أبو سعيد هو الخدري سعد بن مالك قوله ألهاني أي شغلني الصفق وهو ضرب اليد على اليد للبيع
7354 - حدثنا ( علي ) حدثنا ( سفيان ) حدثني ( الزهري ) أنه سمعه ( من الأعرج ) يقول أخبرني ( أبو هريرة ) قال إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث على رسول الله والله الموعد إني كنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فشهدت من رسول الله ذات يوم وقال من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه فلن ينسى شيئا سمعه مني فبسطت بردة كانت علي فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن أبا هريرة أخبر عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من أقواله وأفعاله ما غاب عنه كثير من الصحابة ولما بلغهم ما سمعه قبلوه وعملوا به فدل على أن خبر الواحد يقبل ويعمل به وفيه حجة على الذين يشترطون التواتر في أخبار النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
وعلي هو ابن عبد الله بن المديني وسفيان هو ابن عيينة والزهري محمد بن مسلم والأعرج عبد الرحمان بن هرمز
والحديث قد مضى في أول كتاب البيوع بأطول منه من وجه آخر ومضى أيضا في كتاب العلم في باب حفظ العلم من حديث مالك عن الزهري عن الأعرج
قوله والله

(25/68)


الموعد جملة معترضة ومراده من هذا يوم القيامة يعني يظهر أنكم على الحق في الإنكار أو إني عليه في الإكثار قوله على ملء بطني بكسر الميم والهمزة في آخره أراد به سد جوعته قوله على أموالهم أي على مزارعهم والمال وإن كان عاما لكنه قد يخص بنوع منه ولم يكن للأنصار إلا المزارع قوله ثم يقبضه بالرفع قوله فلن ينسى هكذا رواية الكشميهني ونقل ابن التين أنه وقع في الرواية فلن ينس بالنون والجزم وروى عن الكسائي أنه قال الجزم بلن لغة لبعض العرب ويروى فلم ينس قوله سمعه مني ويروى يسمعه بصورة المضارع
23 -
( باب من رأى ترك النكير من النبي حجة لا من غير الرسول )
أي هذا باب في بيان من رأى ترك النكير أي الإنكار وهو بفتح النون وكسر الكاف مبالغة في الإنكار غرضه أن تقرير الرسول حجة إذ هو نوع من فعله ولأنه لو كان منكرا للزمه التغيير ولا خلاف بين العلماء في ذلك لأنه لا يجوز له أن يرى أحدا من أمته يقول قولا أو يفعل فعلا محظورا فيقرره عليه لأن الله تعالى فرض عليه النهي عن المنكر قوله لا من غير الرسول يعني ليس بحجة ترك الإنكار من غير الرسول لجواز أنه لم يتبين له حينئذ وجه الصواب وقال ابن التين الترجمة تتعلق بالإجماع السكوتي وأن الناس اختلفوا فيه وقد علم ذلك في موضعه
7355 - حدثنا ( حماد بن حميد ) حدثنا ( عبيد الله بن معاذ ) حدثنا أبي حدثنا ( شعبة ) عن ( سعد ابن إبراهيم ) عن ( محمد بن المنكدر ) قال رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن الصياد الدجال قلت تحلف بالله قال إني سمعت عمر يحلف على ذالك عند النبي فلم ينكره النبي
مطابقته للترجمة ظاهرة وحماد بن حميد بالضم الخراساني وذكر الحافظ المزي في التهذيب أن في بعض النسخ القديمة من البخاري حدثنا حماد بن حميد صاحب لنا حدثنا بهذا الحديث وعبيد الله بن معاذ في الإحياء
وقد أخرج مسلم هذا الحديث عن عبيد الله بن معاذ بلا واسطة قيل هو أحد الأحاديث التي نزل فيها البخاري عن مسلم أخرجها مسلم عن شيخ وأخرجها البخاري بواسطة بينه وبين ذلك الشيخ قلت عبيد الله بن معاذ من مشايخ مسلم روى عنه في غير موضع وروى البخاري عن محمد بن النضر وحماد بن حميد وأحمد غير منسوب عنه في ثلاث مواضع في كتابه في تفسير سورة الأنفال في موضعين وفي آخر الاعتصام وروى البخاري هنا عن حماد عن عبيد الله عن أبيه معاذ بن حسان العنبري البصري عن شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف عن محمد بن المنكدر عن جابر وأخرجه مسلم وأبو داود كلاهما عن عبيد الله بن معاذ فمسلم أخرجه في الفتن وأبو داود في الملاحم
قوله إن ابن الصياد كذا لأبي ذر بصيغة المبالغة ووقع عند ابن بطال مثله لكن بغير الألف واللام وكذا في رواية مسلم وفي رواية الباقين ابن الصائد بوزن الظالم واسمه صاف وإنما حلف عمر بالظن ولعله سمعه من النبي أو فهمه بالعلامات والقرائن فإن قلت جاء في خبره أن عمر قال لرسول الله دعني أضرب عنقه فقال إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن لم يكن فلا خير لك في قتله فهذا يدل على شكه فيه وترك القطع عليه أنه الدجال قلت يمكن أن يكون هذا الشك منه كان متقدما على يمين عمر بأنه الدجال ثم أعلمه الله أنه الدجال وجواب آخر أن الكلام وإن خرج مخرج الشك فقد يجوز أن يراد به اليقين والقطع كقوله لئن أشركت ليحبطن عملك وقد علم تعالى أن ذلك لا يقع منه فإنما خرج هذا منه على المتعارف عند العرب في مخاطبتها قال الشاعر
( أيا ظبية الوعساء بين جلاجل
وبين النقا أأنت أم أم سالم )

(25/69)


فأخرج كلامه مخرج الشك مع كونه غير شاك في أنها ليست بأم سالم وكذلك كلامه خرج مخرج الشك لطفا منه بعمر في صرفه عن عزمه على قتله
24 -
( باب الأحكام التي تعرف بالدلائل وكيف معنى الدلالة وتفسيرها )
أي هذا باب في بيان الأحكام التي تعرف بالدلائل أي بالملازمات الشرعية أو العقلية وقال ابن الحاجب وغيره المتفق عليها خمسة الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستدلال وذلك كلما علم ثبوت الملزوم شرعا أو عقلا علم ثبوت لازمه عقلا أو شرعا قوله بالدلائل كذا في رواية الأكثرين وفي رواية الكشميهني بالدليل بالإفراد والدليل ما يرشد إلى المطلوب ويلزم من العلم به العلم بوجود المدلول قوله وكيف معنى الدلالة بفتح الدال وكسرها وحكي ضمها أيضا والفتح أعلى ومعنى الدلالة هو كإرشاد النبي أن الخاص وهو الحمر حكمه داخل تحت حكم العام وهو فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فإن من ربطها في سبيل الله فهو عامل للخير يرى جزاءه خيرا ومن ربطها فخرا ورياء فهو عامل للشر يرى جزاءه شرا قوله وتفسيرها يجوز بالرفع والجر وتفسيرها يعني تبيينها كتعليم عائشة رضي الله تعالى عنها للمرأة السائلة التوضؤ بالفرصة
وقد أخبر النبي أمر الخيل وغيرها ثم سئل عن الحمر فدلهم على قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
قد بينا معناه الآن
وسئل النبي عن الضب فقال لا آكله ولا أحرمه وأكل على مائدة النبي الضب فاستدل ابن عباس بأنه ليس بحرام
فيه أيضا بيان تقريره عليه الصلاة و السلام وأنه يفيد الجواز إلى أن يوجد منه قرينة تصرفه إلى غير ذلك قوله فاستدل ابن عباس بأنه أي بأن أكل الضب ليس بحرام وذلك لما رأى أنه يؤكل على مائدته بحضرته ولم ينكره ولا منع منه ولقائل أن يقول لا آكله قرينة على عدم جواز أكله مع قوله تعالى الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولائك هم المفلحون ولا شك أن الضب من الخبائث لأن النفس الزكية لا تقبله ألا ترى كيف قال إني أعافه وأما قوله ولا أحرمه فيحتمل أنه يكون قبل نزول الآية ويحتمل أنه كان الذين أكلوه في ذلك الوقت في مجاعة وكان الوقت في ضيق شديد من عدم ما يؤكل من الحيوان
7356 - حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذالك المرج أو الروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذالك حسنات له وهي لذالك الرجل أجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي له ستر ورجل ربطها فخرا ورياء فهي على ذالك وزر وسئل رسول الله عن الحمر قال ما أنزل الله علي فيها إلا هاذه الآية الفاذة الجامعة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
الله

(25/70)


مطابقته للترجمة من حيث إن النبي لما بين أمور الخير وسئل عن الحمر عرف حكم الحمر بالدليل وهو قوله تعالى 0الزلزلة7ف الآية وقد ذكرناه الآن
وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأبو صالح ذكوان الزيات السمان
والحديث قد مضى في الشرب عن عبد الله بن يوسف وفي الجهاد وفي علامات النبوة عن القعنبي وفي التفسير عن إسماعيل وعن يحيى بن سليمان ومضى الكلام فيه
قوله وزر هو الاسم قوله فأطال مفعوله محذوف أي أطال لها الذي يشد به قوله في مرج هو الموضع الذي ترعى فيه الدواب قوله أو روضة شك من الراوي قوله في طيلها بكسر الطاء وفتح الياء آخر الحروف وهو الحبل الطويل الذي تشد به الدابة عند الرعي قوله فاستنت من الاستنان وهو العدو قوله شرفا بفتحتين وهو الشوط قوله يسقي به أي يسقيه والياء زائدة ويروى تسقى بلفظ المجهول قوله تغنيا قال ابن نافع أي يستغني بها عما في أيدي الناس وانتصابها على التعليل قوله وتعففا أي يتعفف بها عن الافتقار إليهم بما يعمل عليها ويكسبه على ظهرها قوله في رقابها فيه دليل على أن فيها الزكاة واعتمد عليه الحنفية في إيجاب الزكاة في الخيل والخصم فسره بقوله لا ينسى التصدق ببعض كسبه عليها الله تعالى قوله وسئل رسول الله قيل يمكن أن يكون السائل هو صعصعة بن معاوية عم الأحنف التميمي لأن له حديثا رواه النسائي في التفسير وصححه الحاكم ولفظه قدمت على النبي فسمعته يقول فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إلى آخر السورة قال ما أبالي أن لا أسمع غيرها حسبي حسبي قوله الفاذة بتشديد الذال المعجمة المفردة في معناها ومعنى الجامعة التي تجمع أعمالها البر كلها دقيقها وجليلها وكذلك أعمال المعاصي
7357 - حدثنا يحياى حدثنا ابن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه عن عائشة أن امرأة سألت النبي
أخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما أخرجه مختصرا عن ( يحيى ) قال الكلاباذي هو يحيى بن جعفر البيكندي وقال بعضهم صنيع ابن السكن يقتضي أنه يحيى بن موسى البلخي قلت تبع الكلاباذي في هذا جماعة منهم البيهقي و ( ابن عيينة ) هو سفيان ومنصور بن عبد الرحمان بن طلحة بن الحارث بن أبي طلحة بن عبد الدار العبدري الحجبي يروي عن ( أمه ) صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ولصفية ولأبيها صحبة
والطريق الثاني هو قوله
حدثنا محمد هو ابن عقبة حدثنا الفضيل بن سليمان النميري البصري حدثنا منصور بن عبد الرحمان بن شيبة حدثتني أمي عن ( عائشة ) رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي عن الحيض كيف تغتسل منه قال تأخذين فرصة ممسكة فتوضئين بها قالت كيف أتوضأ بها يا رسول الله قال النبي توضئي قالت كيف أتوضأ بها يا رسول الله قال النبي توضئين بها قالت عائشة فعرفت الذي يريد رسول الله فجذبتها إلي فعلمتها
انظر الحديث 314 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إنه لما سألته المرأة المذكورة عن كيفية الاغتسال علمها بالدليل
وشيخ البخاري محمد بن عقبة الشيباني الكوفي قال أبو حاتم ليس بالمشهور ورد عليه بأنه روى عنه مع البخاري يعقوب بن سفيان وأبو كريب وآخرون ووثقه جماعة منهم ابن عدي وقال الكلاباذي هو من قدماء شيوخ البخاري وما له عنده سوى هذا الموضع ورد عليه بأن له موضعا آخر مضى في الجمعة وآخر في غزوة المريسيع وله في الأحاديث الثلاثة عنده متابع فما أخرج له شيئا استقلالا ولكنه ساقه المتن هنا بلفظه وأما لفظ ابن عيينة فقد مضى في الطهارة قاله بعضهم وليس كذلك بل هو في كتاب

(25/71)


الحيض في باب دلك المرأة نفسها إذا طهرت من الحيض أخرجه عن يحيى المذكور في الطريق الأول عن ابن عيينة إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله إن امرأة هي أسماء بنت شكل بفتح الشين المعجمة والكاف واللام قوله كيف تغتسل منه على صيغة المجهول قوله تأخذين ويروى تأخذي والأول هو الصواب قوله فرصة بتثليث الفاء وسكون الراء وبالصاد المهملة وهي القطعة من القطن أو الخروق تتمسح بها المرأة من الحيض قوله ممسكة أي مطيبة بالمسك وقال الخطابي قد تأول الممسكة على معنى الإمساك دون الطيب يريد أنها تمسكها بيدها فتستعملها قوله فتوضئين بها أي تتنظفين وتتطهرين أي أراد معناها اللغوي قوله فجذبتها إلي بتشديد الياء
7358 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( أبي بشر ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( ابن عباس ) أن أم حفيد بنت الحارث بن حزن أهدت إلى النبي سمنا وأقطا وأضبا فدعا بهن النبي فأكلن على مائدته فتركهن النبي كالمتقذر لهن ولو كن حراما ما أكلن على مائدته ولا أمر بأكلهن
مطابقته للترجمة من حيث إنه لما تركهن كالمتقذر لهن ربما امتنعوا عن أكلها ثم إنه لما دعا بهن وأكلن على مائدته صار ذلك دليلا على إباحتهن
وأبو عوانة بفتح المهملة الوضاح اليشكري وأبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة جعفر بن أبي وحشية
والحديث مضى في الأطعمة في باب الأقط عن مسلم بن إبراهيم
قوله أن أم حفيد بضم الحاء المهملة وفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة واسمها هزيلة مصغر هزلة بالزاي بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة أم المؤمنين وهي خالة ابن عباس وخالة خالد بن الوليد واسم أم كل منهما لبابة بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة الأولى قوله وأضبا بفتح الهمزة وضم الضاد المعجمة وتشديد الباء الموحدة جمع ضب وفي رواية الكشميهني وضبا بالإفراد وقال صاحب التوضيح أصل أضبا أضببا على وزن أفلس اجتمع مثلان متحركان وأسكن الأول ونقلت حركته إلى الساكن الذي قبله انتهى قلت كأنه استغرب هذا وطول الكلام فيه ومن قرأ مختصرا في علم التصريف يعلم هذا ومع هذا لم يكمل ما قاله فيه وتتمته أنه لما اجتمع فيه حرفان مثلان نقلت حركة الأول إلى الضاد وأدغم في الثاني قوله كالمتقذر بالقاف والذال المعجمة قوله لهن أي لهذه المذكورات الثلاث وفي رواية الكشميهني له بالإفراد وهو الأوجه لأنه لم يكن يتقذر السمن والأقط وكذا الكلام في دعا بهن وفي الباقي وذكرنا الخلاف في الضب فيما مضى
7359 - حدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( ابن وهب ) أخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) أخبرني ( عطاء بن أبي رباح ) عن ( جابر بن عبد الله ) قال قال النبي من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته وإنه أتي ببدر قال ابن وهب يعني طبقا فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا فسأل عنها فأخبر بما فيها من البقول فقال قربوها فقربوها إلى بعض أصحابه كان معه فلما رآه كره أكلها قال فإني أناجي من لا تناجي
مطابقته للترجمة من حيث إن النبي لما امتنع من الخضرات المذكورة لأجل ريحها امتنع الرجل الذي كان معه فلما رآه قد امتنع قال له كل وفسر كلامه بقوله فإني أناجي من لا تناجي
وابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ويونس هو ابن يزيد الأيلي
والحديث مضى في الصلاة عن سعيد بن عفير ومضى الكلام فيه
قوله وليقعد في بيته وفي رواية الكشميهني أو ليقعد بزيادة الألف في أوله قوله ببدر بفتح الباء الموحدة وهو الطبق على ما يأتي سمي

(25/72)


بدرا لاستدارته تشبيها بالقمر قوله قال ابن وهب موصول بسند الحديث المذكور قوله فيه خضرات بفتح أوله وكسر ثانيه وقال ابن التين وضبط في بعض الروايات بفتح الضاد وضم الخاء قوله قربوها بكسر الراء أمر للجماعة وقوله فقربوها بصيغة الجمع للماضي قوله إلى بعض أصحابه منقول بالمعنى لأن لفظه قربوها لأبي أيوب رضي الله تعالى عنه فكأن الراوي لم يحفظه فكنى عنه بذلك وعلى تقدير أن لا يكون عينه ففيه التفات لأن نسق العبارة أن يقول إلى بعض أصحابي قوله كان معه من كلام الراوي أي مع النبي قوله فلما رآه كره أكلها فاعل كره بمقتضى ظاهر الكلام هو بعض أصحابه ولكنه في الحقيقة هو أبو أيوب وفيه حذف تقديره فلما رآه امتنع من أكلها وأمر بتقريبها إليه كره أكلها ويحتمل أن يكون التقدير فلما رآه لم يأكل منها كره أكلها قال ابن بطال قوله قربوها نص على جواز الأكل وكذا قوله أناجي إلى آخره وقالوا يدخل في حكم الثوم والبصل الكراث والفجل وقد ورد في الفجل حديث وعلل ذلك بأن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم قيل يريد غير الحافظين
وقال ابن عفير عن ابن وهب بقدر فيه خضرات ولم يذكر الليث وأبو صفوان عن يونس قصة القدر فلا أدري هو من قول الزهري أو في الحديث
أي قال سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء نسب لجده عن عبد الله بن وهب بقدر بكسر القاف وسكون الدال قوله ولم يذكر الليث أي ابن سعد وأبو صفوان عبد الله بن سعيد الأموي قال الكرماني والظاهر أن لفظ ولم يذكر وكذا لفظ فلا أدري لأحمد ابن صالح ويحتمل أن يكون لعبد الله بن وهب أو لابن عفير وللبخاري تعليقا قوله فلا أدري هو من قول الزهري أو في الحديث معناه أن الزهري نقله مرسلا عن رسول الله ولهذا لم يروه يونس والليث وأبو صفوان أو مسندا كما في الحديث ولهذا نقله يونس لابن وهب ومضى الحديث في آخر كتاب الجماعة في باب ما جاء في الثوم
7360 - حدثني ( عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ) حدثنا ( أبي وعمي ) قالا حدثنا أبي عن أبيه أخبرني ( محمد بن جبير ) أن أباه ( جبير بن مطعم ) أخبره أن ( امرأة من الأنصار ) أتت رسول الله فكلمته في شيء فأمرها بأمر فقالت أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك قال إن لم تجديني فأتي أبا بكر
انظر الحديث 3659 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إنه قال للمرأة المذكورة فيه إنها إن لم تجده تأتي أبا بكر رضي الله تعالى عنه قال الكرماني ما وجه مناسبة هذين الحديثين بالترجمة قلت أما الأول فيستدل منه أن الملك يتأذى بالرائحة الكريهة وأما الثاني فيستدل به على خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه قلت باب الأحكام التي تعرف بالدلائل ليس بينها وبين الحديثين مطابقة بالوجه الذي ذكره من استنباط الحكم من الحديثين وإنما وجه المطابقة ما ذكرته من الفيض الرحماني
وشيخه عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف وأبوه سعد وعمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وقال الدمياطي مات يعقوب سنة ثمان ومائتين وكان أصغر من أخيه سعد انفرد به البخاري واتفقا على أخيه وجبير بضم الجيم وفتح الباء الموحدة ابن مطعم اسم فاعل من الإطعام ابن عدي بن نوفل القرشي النوفلي
والحديث مضى في فضل أبي بكر رضي الله تعالى عنه عن الحميدي وفي الأحكام عن عبد العزيز بن عبد الله ومضى الكلام فيه
قوله إن امرأة لم يدر اسمها قوله في شيء يعني سألته في شيء يخصها

(25/73)


زاد الحميدي عن إبراهيم بن سعد كأنها تعني الموت
يروى زاد لنا الحميدي أي زاد الحميدي عبد الله بن الزبير بن عيسى المنسوب إلى أحد أجداده حميد يعني زاد على الحديث الذي قبله لفظ كأنها تعني الموت يعني تعني بعدم وجدانها النبي موته وقد مضى في مناقب الصديق حدثنا الحميدي ومحمد بن عبد الله قالا حدثنا إبراهيم بن سعد وساقه بتمامه وفيه الزيادة ويستفاد منه أنه إذا قال زادنا أو زاد لنا أو زادني أو زاد لي فهو كقوله حدثنا وكذلك قال لنا وقال لي ونحو ذلك
بسم الله الرحمان الرحيم
25 -
( باب قول النبي لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء )
أي هذا باب في قول النبي إلى آخره هذه الترجمة حديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والبزار من حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن عمر رضي الله تعالى عنه أتي بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه فغضب فقال لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ورجاله ثقات إلا أن في مجالد ضعفا قوله لا تسألوا أهل الكتاب أي اليهود والنصارى قوله عن شيء أي مما يتعلق بالشرائع لأن شرعنا مكتف ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا وعن الأخبار عن الأمم السالفة وأما قوله تعالى فإن كنت في شك ممآ أنزلنآ إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جآءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فالمراد به من آمن منهم والنهي إنما هو عن سؤال من لم يؤمن منهم
7361 - وقال ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( حميد بن عبد الرحمان ) سمع ( معاوية ) يحدث ( رهطا من قريش ) بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال إن كان من أصدق هاؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذالك لنبلو عليه الكذب
مطابقته للترجمة في ذكر كعب الأحبار الذي كان يتحدث من الكتب القديمة ويسأل عنه من أخبارهم
وكعب هو ابن ماتع بكسر التاء المثناة من فوق بعدها عين مهملة ابن عمرو بن قيس من آل ذي رعين وقيل ذي الكلاع الحميري وقيل غير ذلك في اسم جده ويكنى أبا إسحاق كان في حياة النبي رجلا وكان يهوديا عالما بكتبهم حتى كان يقال له كعب الحبر وكعب الأحبار أسلم في عهد عمر رضي الله تعالى عنه وقيل في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وقيل أسلم في عهد النبي وتأخرت هجرته والأول أشهر وغزا الروم في خلافة عمر ثم تحول في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه إلى الشام إلى أن مات بحمص وقال الواقدي وغيره مات سنة اثنتين وثلاثين وقال ابن سعد ذكروه لأبي الدرداء فقال إن عند ابن الحميرية لعلما كثيرا وأخرج ابن سعد من طريق عبد الرحمان بن جبير بن نفير قال قال معاوية إلا إن كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لعلم كالبحار وإن كنا مفرطين وروى عن النبي مرسلا وعن عمر بن الخطاب وعائشة وآخرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وروى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ومعاوية رضي الله تعالى عنهم وروى له البخاري والأربعة ابن ماجه في التفسير
وشيخ البخاري أبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة والزهري محمد بن مسلم وحميد بالضم ابن عبد الرحمان بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان
قوله سمع معاوية أي أنه سمع معاوية وحذف أنه يقع كثيرا قوله بالمدينة يعني لما حج في خلافته قوله وذكر على صيغة المجهول قوله إن كان كلمة إن مخففة من المثقلة قوله من أصدق هؤلاء المحدثين ويروى لمن أصدق هؤلاء المحدثين بزيادة لام التأكيد قوله الكتاب يشمل التوراة والإنجيل والصحف قوله وإن كنا مع ذلك أي مع كونه أصدق المحدثين أراد بالمحدثين أنظار كعب ممن كان من أهل الكتاب لنبلو أي لنختبر عليه الكذب يعني يقع بعض ما يخبرنا عنه بخلاف ما يخبرنا به وقال ابن حبان في كتاب الثقات أراد معاوية أنه يخطىء أحيانا فيما يخبر به ولم يرد أنه كان كذابا وقال غيره الضمير في قوله لنبلو عليه الكذب

(25/74)


للكتاب لا لكعب وإنما يقع في كتابهم الكذب لكونهم بدلوه وحرفوه وقال ابن الجوزي المعنى الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبا لا أنه يتعمد الكذب وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار
7362 - حدثني ( محمد بن بشار ) حدثنا ( عثمان بن عمر ) أخبرنا ( علي بن المبارك ) عن ( يحيى بن أبي كثير ) عن ( أبي سلمة ) عن ( أبي هريرة ) قال كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم قولوا ءامنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتى موسى وعيسى ومآ أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون الآية
انظر الحديث 4485
مطابقته للترجمة من حيث إنه أمرهم بعدم التصديق وعدم التكذيب فيقتضي ترك السؤال عنهم
ومحمد بن بشار بفتح الباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة وعثمان بن عمر بن فارس البصري وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
والحديث بعينه سندا ومتنا مضى في تفسير سورة البقرة في باب قوله قولوا آمنا بالله الآية ومضى الكلام فيه
7363 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( إبراهيم ) أخبرنا ( ابن شهاب ) عن ( عبيد الله ) أن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله أحدث تقرأونه محضا لم يشب وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم
مطابقته للترجمة ظاهرة وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم المذكور قريبا وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
والحديث مضى في الشهادات عن يحيى بن بكير عن الليث ويأتي في الوحيد عن أبي اليمان
قوله أحدث أي الكتب وكذا تقدم في كتاب الشهادات قيل كتابنا قديم فما معنى أحدث أجيب بأنه أحدث نزولا مع أن اللفظ حادث وإنما القديم هو المعنى القائم بذات الله تعالى قوله محضا أي صرفا خالصا قوله لم يشب أي لم يخلط من شاب يشوب شوبا لأنه لم يتطرق إليه تحريف ولا تبديل بخلاف التوراة قوله وقد حدثكم أي الكتاب الذي أنزل على النبي ويروى وقد حدثتم على صيغة المجهول قوله ألا ينهاكم كلمة ألا للتنبيه ويروى لا ينهاكم بدون الهمزة في أوله استفهام محذوف الأداة بدليل ما تقدم في الشهادات أو لا ينهاكم قوله ما جاءكم فاعل ينهاكم والإسناد مجازي قوله من العلم أي الكتاب والسنة قوله لا والله كلمة لا تأكيد للنفي والمقصود أنهم لا يسألونكم مع أن كتابهم محرف فأنتم بالطريق الأولى أن لا تسألوهم لكن يجوز لكم السؤال عنهم
26 -
( باب كراهية الخلاف )
أي هذا باب في بيان كراهية الخلاف أي في الأحكام الشرعية وقد وقع هذا الباب في كثير من النسخ بعد بابين وسقط بالكلية لابن بطال فصار حديثه من جملة باب النهي على التحريم
7364 - حدثنا ( إسحاق ) أخبرنا عبد الرحمان بن مهدي عن سلام بن أبي مطيع عن أبي عمران الجوني عن جندب بن عبد الله قال قال رسول الله اقرأوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه

(25/75)


مطابقته للترجمة ظاهرة وإسحاق هو ابن راهويه قاله الكلاباذي وسلام بتشديد اللام ابن أبي مطيع الخزاعي وأبو عمران عبد الملك بن حبيب الجوني بفتح الجيم وسكون الواو وبالنون نسبة إلى أحد أجداده الجون بن عوف وقال ابن الأثير الجون بطن من كندة منهم أبو عمران الجوني
والحديث مضى في فضائل القرآن عن أبي النعمان وأخرجه مسلم في القدر عن يحيى بن يحيى وغيره وأخرجه النسائي في فضائل القرآن عن عمرو بن علي به وعن غيره
قوله ما ائتلفت أي ما توافقت عليه القراءة
قال أبو عبد الله سمع عبد الرحمان سلاما
أي قال أبو عبد الله البخاري سمع ( عبد الرحمن بن مهدي ) سلام بن أبي مطيع وأشار بهذا إلى ما أخرجه في فضائل القرآن عن عمرو بن علي عن عبد الرحمن قال حدثنا ( سلام بن أبي مطيع ) ووقع هذا الكلام للمستملي وحده
7365 - حدثنا ( إسحاق ) أخبرنا ( عبد الصمد ) حدثنا ( همام ) حدثنا ( أبو عمران الجوني ) عن ( جندب بن عبد الله ) أن رسول الله قال اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن إسحاق أيضا عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام بتشديد الميم الأولى عن يحيى البصري عن أبي عمران الخ وأمرهم النبي بالائتلاف وحذرهم الفرقة وعند حدوث الشبهة التي توجب المنازعة فيه أمرهم بالقيام عن الاختلاف ولم يأمرهم بترك قراءة القرآن إذا اختلفوا في تأويله لإجماع الأمة على أن قراءة لمن فهمه ولمن لم يفهمه فدل على أن قوله قوموا عنه على وجه الندب لا على وجه التحريم للقراءة عند الاختلاف
قال أبو عبد الله وقال يزيد بن هارون عن هارون الأعور حدثنا أبو عمران عن جندب عن النبي
هذا تعليق وصله الدارمي عن يزيد بن هارون فذكره
7366 - حدثنا ( إبراهيم بن موسى ) أخبرنا ( هشام ) عن ( معمر ) عن ( الزهري ) عن ( عبيد الله بن عبد الله ) عن ( ابن عباس ) قال لما حضر النبي قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده قال عمر إن النبي غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي قال قوموا عني
قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وشيخ البخاري إبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء أبو إسحاق الرازي يعرف بالصغير روى عنه مسلم أيضا وهشام بن يوسف ومعمر بفتح الميمين ابن راشد وعبيد الله بن عبد الله ذكر عن قريب
والحديث مضى في العلم في باب كتابة العلم عن يحيى بن سليمان وفي المغازي عن علي بن عبد الله وفي الطب عن عبد الله بن محمد وأخرجه مسلم في الوصايا

(25/76)


عن محمد بن رافع وأخرجه النسائي في العلم عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه
قوله لما حضر بلفظ المجهول أي لما حضره الموت قوله هلم أي تعالوا وعند الحجازيين يستوي فيه المفرد والجمع المؤنث والمذكر قوله اللغط هو الصوت بلا فهم المقصود قوله إن الرزية بالراء ثم الزاي وهي المصيبة قوله من اختلافهم بيان لقوله ما حال
27 -
( باب نهي النبي على التحريم إلا ما تعرف إباحته )
أي هذا باب في بيان نهي النبي واقع على التحريم وهو حقيقة فيه إلا ما تعرف إباحته بقرينة الحال أو بقيام الدليل عليه أو بدلالة السياق فقوله نهي النبي كلام إضافي مرفوع بالابتداء وقوله على التحريم خبره ومتعلقه حاصل أو واقع أو نحو ذلك
وكذلك أمره نحو قوله حين أحلوا أصيبوا من النساء
أي كحكم النهي حكم أمره يعني تحريم مخالفته لوجوب امتثاله ما لم يقم الدليل على إرادة الندب أو غيره قوله نحو قوله أي قول النبي في حجة الوداع حين أحلوا من العمرة قوله أصيبوا أمر لهم بالإصابة من النساء أي بجماعهن وقال أكثر الأصوليين النهي ورد لثمانية أوجه وهو حقيقة في التحريم مجاز في باقيها والأمر لستة عشر وجها حقيقة في الإيجاب مجاز في الباقي
وقال جابر ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم
أي قال جابر بن عبد الله ولم يعزم أي لم يوجب النبي الجماع أي لم يأمرهم أمر إيجاب بل أمرهم أمر إحلال وإباحة
وقالت أم عطية نهينا عن اتباع الجنازة ولم يعزم علينا
اسم أم عطية نسيبة مصغرة ومكبرة الأنصارية قوله نهينا على صيغة المجهول ومثله يحمل على أن الناهي كان رسول الله أراد أن النهي لم يكن للتحريم بل للتنزيه لقوله ولم يعزم أي ولم يوجب علينا وهذا التعليق قد مضى موصولا في كتاب الجنائز
7367 - حدثنا ( المكي بن إبراهيم ) عن ( ابن جريج ) قال ( عطاء ) قال ( جابر ) قال ( أبو عبد الله ) وقال ( محمد بن بكر ) حدثنا ( ابن جريج ) قال أخبرني ( عطاء ) سمعت ( جابر بن عبد الله ) في أناس معه قال أهللنا أصحاب رسول الله في الحج خالصا ليس معه عمرة قال عطاء قال جابر فقدم النبي صبح رابعة مضت من ذي الحجة فلما قدمنا أمرنا النبي أن نحل وقال أحلوا وأصيبوا من النساء قال عطاء قال جابر ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم فبلغه أنا نقول لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المذي قال ويقول جابر بيده هكذا وحركها فقام رسول الله فقال قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ولولا هديي لحللت كما تحلون فحلوا فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت فحللنا وسمعنا وأطعنا
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن أمره بإصابة النساء لم يكن على الوجوب ولهذا قال ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن أي النساء لهم
وابن جريج هو عبد الملك وعطاء هو ابن أبي رباح والحديث مر في الحج
قوله أصحاب منصوب على الاختصاص قوله قال جابر معطوف على شيء محذوف يظهر هذا مما مضى في باب من أهل في زمن النبي ولفظه

(25/77)


أمر النبي عليا أن يقيم على إحرامه فذكر الحديث ثم قال وقال جابر أهللنا بالحج خالصا قوله خالصا ليس معه عمرة هو محمول على ما كانوا ابتدأوا به ثم يقع الإذن بإدخال العمرة في الحج وبفسخ الحج إلى العمرة فصاروا على ثلاثة أنحاء مثل ما قالت عائشة منا من أهل بالحج ومنا من أهل بعمرة ومنا من جمع قال أبو عبد الله هو البخاري وقال محمد بن بكر البرساني بضم الباء الموحدة نسبة إلى برسان بطن من الأزد وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وعطاء بن أبي رباح
قوله في أناس معه فيه التفات لأن مقتضى الكلام أن يقول معي ووقع كذلك في رواية يحيى القطان وقال الكرماني ولعل البخاري ذكره تعليقا عن محمد بن بكر لأنه مات سنة ثلاث ومائتين قوله فقدم النبي أي مكة قوله أمرنا بفتح الراء قوله أن نحل أي بالإحلال أي بأن نصير متمتعين بعد أن نجعله عمرة قوله وأصيبوا من النساء هو إذن لهم في جماع نسائهم قوله إلا خمس أي خمس ليال قوله أمرنا بفتح الراء قوله مذاكيرنا جمع الذكر على غير قياس قوله المذي بفتح الميم وكسر الذال المعجمة وفي رواية المستملي المني وكذا عند الإسماعيلي قوله ويقول جابر بيده هكذا وحركها أي أمالها وهكذا إشارة إلى التقطر وكيفيته ووقع في رواية الإسماعيلي قال يقول جابر كأني انظر إلى يده يحركها قوله ولولا هديي لحللت كما تحلون وفي رواية الإسماعيلي لأحللت حل وأحل لغتان والمعنى لولا أن معي الهدي لتمتعت لأن صاحب الهدي لا يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي محله وذلك في يوم العيد قوله فلو استقبلت من أمري ما استدبرت أي لو علمت في أول الأمر ما علمت آخرا وهو جواز العمرة في أشهر الحج ما سقت الهدي
7368 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) عن ( الحسين ) عن ( ابن بريدة ) حدثني ( عبد الله المزني ) عن النبي قال صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة
انظر الحديث 1183
مطابقته للترجمة في قوله لمن شاء فإن فيه إشارة إلى أن الأمر حقيقة في الوجوب إلا إذا قامت قرينة تدل على التخيير بين الفعل والترك وقوله لمن شاء إشارة إليه فكان هذا صارفا عن الحمل على الوجوب
وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري مات بالبصرة سنة أربع وعشرين ومائتين وعبد الوارث بن سعيد والحسين بن ذكوان المعلم وابن بريدة بضم الباء الموحدة وفتح الراء عبيد الله الأسلمي قاضي مرو وعبد الله المزني بالزاي والنون هو ابن مغفل على صيغة اسم المفعول من التغفيل بالغين المعجمة والفاء
والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب كم بين الأذان والإقامة
قوله كراهية أي لأجل كراهية أن يتخذها الناس سنة أي طريقة لازمة لا يجوز تركها أو سنة راتبة يكره تركها
28 -
( باب قول الله تعالى والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلواة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين وأن المشاورة قبل العزم والتبين لقوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )
أي هذا باب في قول الله تعالى والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلواة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون الشورى على وزن فعلى المشورة تقول منه شاورته في الأمر واستشرته بمعنى ومعنى والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلواة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون أي يتشاورون قوله وشاورهم في الأمر اختلفوا في أمر الله عز و جل رسوله أن يشاور أصحابه فقالت طائفة في مكائد الحروب وعند لقاء العدو تطييبا لنفوسهم وتأليفا لهم على دينهم وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم وإن كان الله أغناه عن رأيهم بوحيه روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق وقالت طائفة فيما لم يأته فيه وحي ليبين لهم صواب الرأي وروي عن الحسن والضحاك قالا ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجته إلى رأيهم وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشورة من الفضل وقال آخرون إنما أمر بها مع غناه عنهم لتدبيره تعالى له وسياسته إياه ليستن به من بعده ويقتدوا به فيما ينزل بهم من النوازل وقال الثوري وقد سن رسول الله

(25/78)


الاستشارة في غير موضع استشار أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في أسارى بدر وأصحابه يوم الحديبية قوله وأن المشاورة عطف على قول الله قوله قبل العزم أي على الشيء وقبل التبين أي وضوح المقصود لقوله تعالى فإذا عزمت الآية وجه الدلالة أنه أمر أولا بالمشاورة ثم رتب التوكل على العزم وعقبه عليه إذ قال فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين وقال قتادة أمر الله نبيه إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله
فإذا عزم الرسول لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله
يريد أنه بعد المشورة إذا عزم على فعل أمر مما وقعت عليه المشورة وشرع فيه لم يكن لأحد من البشر التقدم على الله ورسوله لورود النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله
وشاور النبي أصحابه يوم أحد في المقام والخروج فرأوا له الخروج فلما لبس لأمته وعزم قالوا أقم فلم يمل إليهم بعد العزم وقال لا ينبغي لنبي يلبس لأمته فيضعها حتى يحكم الله
هذا مثال لما ترجم به أنه يشاور فإذا عزم لم يرجع قوله لأمته أي درعه وهو بتخفيف اللام وسكون الهمزة وقيل الأداة بفتح الهمزة وتخفيف الدال وهي الآلة من درع وبيضة وغيرهما من السلاح والجمع لام بسكون الهمزة قوله أقم أي اسكن بالمدينة ولا تخرج منها إليهم قوله فلم يمل أي فما مال إلى كلامهم بعد العزم وقال ليس ينبغي له إذا عزم على أمر أن ينصرف عنه لأنه نقض للتوكل الذي أمر الله به عند العزيمة وليس اللأمة دليل العزيمة
وشاور عليا وأسامة فيما رمى به أهل الإفك عائشة فسمع منهما حتى نزل القرآن فجلد الرامين ولم يلتفت إلى تنازعهم ولاكن حكم بما أمره الله
أي شاور النبي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ومضت قصة الإفك مطولة في تفسير سورة النور قوله فسمع منهما أي من علي وأسامة يعني سمع كلامهما ولم يعمل به حتى نزل القرآن قوله فجلد الرامين وسماهم أبو داود في روايته وهم مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وعن عمرة عن عائشة قالت لما نزلت براءتي قام رسول الله على المنبر فدعا بهم وحدهم رواه أحمد وأصحاب السنن من رواية محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة قوله ولم يلتفت إلى تنازعهم قال ابن بطال عن القابسي كأنه أراد تنازعهما فسقطت الألف لأن المراد علي وأسامة وقال الكرماني القياس تنازعهما إلا أن يقال أقل الجمع اثنان أو المراد هما ومن معهما ووافقهما في ذلك
وكانت الأئمة بعد النبي يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداء بالنبي
أي وكانت الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يستشيرون الأمناء وقيد به لأن غير المؤتمن لا يستشار ولا يلتفت إلى قوله قوله في الأمور المباحة التي كانت على أصل الإباحة قوله ليأخذوا بأسهلها أي بأسهل الأمور إذا لم يكن فيها نص بحكم معين والباقي ظاهر
ورأى أبو بكر قتال من منع الزكاة فقال عمر كيف تقاتل وقد قال رسول الله

(25/79)


أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله فإذا قالوا لا إلاه إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين ما جمع رسول الله ثثم تابعه بعد عمر فلم يلتفت أبو بكر إلى مشورة إذ كان عنده حكم رسول الله في الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة وأرادوا تبديل الدين وأحكامه وقال النبي من بدل دينه فاقتلوه
هذا غير مناسب في هذا المكان لأنه ليس من باب المشاورة وإنما هو من باب الرأي وهذا مصرح فيه بقوله فلم يلتفت إلى مشورة والعجب من صاحب التوضيح حيث يقول فعل الصديق وشاور أصحابه في مقاتلة مانعي الزكاة وأخذ بخلاف ما أشاروا به عليه من الترك انتهى والذي هنا من قوله فلم يلتفت إلى مشورة يرد ما قاله قوله من بدل دينه فاقتلوه مضى موصولا من حديث ابن عباس في كتاب المحاربين
وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولا كانوا أو شبابا وكان وقافا عند كتاب الله عز و جل
وكان القراء أي العلماء وكان اصطلاح الصدر الأول أنهم كانوا يطلقون القراء على العلماء قوله كهولا كانوا أو شبابا يعني كان يعتبر العلم لا السن والشباب على وزن فعال بالموحدتين ويروى شبانا بضم الشين وتشديد الباء وبالنون قوله وقافا بتشديد القاف أي كثير الوقوف وقد مر الكلام فيه عن قريب
7369 - حدثنا ( الأويسي ) حدثنا ( إبراهيم ) عن ( صالح ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( عروة وابن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها حين قال لها أهل الإفك قالت ودعا رسول الله علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما وهو يستشيرهما في فراق أهله فأما أسامة فأشار بالذي يعلم من براءة أهله وأما علي فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك فقال هل رأيت من شيء يريبك قالت ما رأيت أمرا أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله فقام على المنبر فقال يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا فذكر براءة عائشة
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة والأويسي بضم الهمزة وفتح الواو وسكون الياء وبالسين المهملة عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم القرشي الأويسي المديني ونسبته إلى أويس بن سعد والأويس اسم من أسماء الذئب وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وصالح هو ابن كيسان وعروة بن الزبير بن العوام وابن المسيب هو سعيد بن المسيب وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود
وهذا الحديث طرف من حديث الإفك المطول
قد مضى في الشهادات عن أبي الربيع وفي المغازي وفي التفسير وفي الأيمان والنذور عن عبد العزيز الأويسي وفي الجهاد وفي التوحيد وفي الشهادات وفي المغازي وفي التفسير وفي الإيمان عن حجاج بن منهال وفي التفسير والتوحيد أيضا عن يحيى بن بكير وفي الشهادات أيضا ومضى الكلام فيه غير مرة
قوله ودعا عطف على مقدر أي قالت عمل رسول الله كذا ودعا قوله حين استلبث الوحي أي تأخر وأبطأ قوله أهله أي عائشة
7370 - وقال ( أبو أسامة ) عن ( هشام ) وحدثني ( محمد بن حرب ) حدثنا ( يحياى بن أبي زكرياء

(25/80)


الغساني ) عن ( هشام ) عن ( عروة ) عن ( عائشة ) أن رسول الله خطب الناس فحمد الله وأثناى عليه وقال ما تشيرون علي في قوم يسبون أهلي ما علمت عليهم من سوء قط وعن عروة قال لما أخبرت عائشة بالأمر قالت يا رسول الله أتأذن لي أن أنطلق إلى أهلي فأذن لها وأرسل معها الغلام وقال رجل من الأنصار سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهاذا سبحانك هاذا بهتان عظيم
الله
هذا تعليق من البخاري وأبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي وهشام هو ابن عروة
قوله حدثني محمد بن حرب هذا طريق موصول وحرب ضد الصلح النشائي بياع النشا بالنون والشين المعجمة ويحيى بن أبي زكريا مقصورا وممدودا الغساني بالغين المعجمة وتشديد السين المهملة السامي سكن واسطا ويروى العشاني بضم العين المهملة وتخفيف الشين المعجمة وقال صاحب المطالع إنه وهم
قوله ما تشيرون علي هكذا بلفظ الاستفهام ومضى في طريق أبي أسامة بصيغة الأمر أشيروا علي قوله ما علمت عليهم يعني أهله وجمع باعتبار الأهل أو يلزم من سبها سب أبويها قوله لما أخبرت بلفظ المجهول قوله بالأمر أي بكلام أهل الإفك وشأنهم قوله وقال رجل من الأنصار هو أبو أيوب خالد رضي الله تعالى عنه والله أعلم
97 -
( كتاب التوحيد )
أي هذا كتاب في بيان إثبات الوحدانية لله تعالى بالدليل وإنما قلنا بالدليل لأن الله عز و جل واحد أزلا وأبدا قبل وجود الموحدين وبعدهم وكذا وقعت الترجمة للنسفي وعليه اقتصر الأكثرون عن الفربري وفي رواية المستملي كتاب التوحيد والرد على الجهمية وغيرهم ووقع لابن بطال وابن التين كتاب رد الجهمية وغيرهم التوحيد وقال بعضهم وضبطوا التوحيد بالنصب على المفعولية وظاهره معترض لأن الجهمية وغيرهم من المبتدعة لم يردوا التوحيد وإنما اختلفوا في تفسيره انتهى قلت لا اعتراض عليه فإن من الجهمية طائفة يردون التوحيد وهم طوائف ينتسبون إلى جهم بن صفوان من أهل الكوفة وعن ابن المبارك إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي قول جهم وقال الكرماني وفي بعض النسخ كتاب التوحيد ورد الجهمية بالإضافة إلى المفعول ولم تثبت البسملة قبل لفظ الكتاب إلا لأبي ذر
1 -
( باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تعالى )
أي هذا باب في بيان ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تعالى وهو الشهادة بأن الله إلاه واحد والتوحيد في الأصل مصدر وحد يوحد ومعنى وحدت الله اعتقدته منفردا بذاته وصفاته لا نظير له ولا شبيه وقيل التوحيد إثبات ذات غير مشبهة بالذوات ولا معطلة عن الصفات
7371 - حدثنا ( أبو عاصم ) حدثنا ( زكرياء بن إسحاق ) عن ( يحيى بن عبد الله بن صيفي ) عن ( أبي معبد ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما أن النبي بعث معاذا إلى اليمن
7372 - وحدثني ( عبد الله بن أبي الأسود ) حدثنا ( الفضل بن العلاء ) حدثنا ( إسماعيل بن أمية ) عن يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول سمعت ابن عباس يقول لما بعث النبي معاذا نحو اليمن قال له إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذالك فأخبرهم أن الله فرض عليهم

(25/81)


خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذالك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس
الله
مطابقته للترجمة في قوله تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى
وأخرجه من طريقين أحدهما عن أبي عاصم الضحاك المشهور بالنبيل وكثيرا ما يروي عنه البخاري بالواسطة وهو يروي عن زكريا بن إسحاق المكي عن يحيى بن عبد الله بن صيفي قال الكلاباذي هو ( يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي ) مولى عمرو بن عثمان بن عفان المكي عن أبي معبد بفتح الميم والباء الموحدة واسمه نافذ بالنون والفاء وبالذال المعجمة والطريق الثاني عن عبد الله بن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد بن أبي الأسود واسمه حميد البصري يروي عن الفضل بن العلاء الكوفي نزل البصرة وثقه علي بن المديني وقال أبو حاتم شيخ يكتب حديثه وقال الدارقطني كثير الوهم وما له في البخاري سوى هذا الموضع وقد قرنه بغيره ولكنه ساق المتن هنا على لفظه
وإسماعيل بن أمية الأموي
والحديث مر في أول الزكاة عن أبي عاصم إلى آخره ومضى الكلام فيه قوله سمعت ( ابن عباس ) يقول وفي بعض النسخ سمعت ( ابن عباس ) لما بعث النبي بحذف قال أو يقول وقد جرت العادة بحذفه خطأ قوله نحو اليمين أي جهة اليمن ويروى نحو أهل اليمن وهذا من إطلاق الكل وإرادة البعض لأنه بعثه إلى بعضهم لا إلى جميعهم لأن اليمن مخلافان وبعث النبي معاذا إلى مخلاف وأبا موسى الأشعري إلى مخلاف كما مر في آخر المغازي ويحتمل أن يكون الخبر على عمومه في الدعوى إلى الأمور المذكورة وإن كانت إمرة معاذ إنما كانت على جهة من اليمن مخصوصة قوله تقدم بفتح الدال قوله من أهل الكتاب هم اليهود وكان ابتداء دخول اليهود اليمن في زمن أسعد ذي كرب وهو تبع الأصغر فقام الإسلام وبعض أهل اليمن على اليهودية وبعد ذلك دخل دين النصرانية لما غلبت الحبشة على اليمن وكان منهم أبرهة صاحب الفيل ولم يبق بعد باليمن أحد من النصارى أصلا إلا بنجران وهي بين مكة واليمن وبقي ببعض بلادها قليل من اليهود قوله فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله أي فليكن أول الأشياء دعوتهم إلى التوحيد وكلمة ما مصدرية ومضى في الزكاة فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله قوله فإذا عرفوا ذلك أي التوحيد قوله فإذا أقروا بذلك أي صدقوا وآمنوا به فخذ منهم الزكاة قوله وتوق كرائم أموال الناس أي احذر واجتنب خيار مواشيهم أن تأخذها في الزكاة والكرائم جمع كريمة وهي الشاة الغزيرة اللبن
حدثنا ( محمد بن بشار ) حدثنا ( غندر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( أبي حصين والأشعث بن سليم ) سمعا ( الأسود بن هلال ) عن ( معاذ بن جبل ) قال قال النبي يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد قال الله ورسوله أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا أتدري ما حقهم عليه قال الله ورسوله أعلم قال أن لا يعذبهم
الله
مطابقته للترجمة في قوله أن يعبدوه لأن معناه أن يوحدوه ولهذا عطف عليه بالواو التفسيرية
وغندر هو محمد بن جعفر وأبو حصين بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي والأشعث بن سليم بضم السين مصغر سلم وهو الأشعث بن أبي الشعثاء المحاربي والأسود بن هلال المحاربي الكوفي
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي موسى وبندار ومر مثله من حديث أنس عن معاذ في اللباس وفي الرقاق عن هدنة بن خالد وفي الاستئذان عن موسى بن إسماعيل وفي الجهاد عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل أخرجه عن إسحاق بن إبراهيم
قوله ما حقهم عليه أي ما حق العباد على الله هذا من باب المشاكلة كما في قوله تعالى ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين وأما أن يراد به الثابت أو الواجب الشرعي بإخباره عنه أو كالواجب في تحقق وجوبه وليس ذلك بإيجاب العقل وبظاهره احتجب المعتزلة في قولهم تجب على الله المغفرة

(25/82)


7374 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي فذكر له ذالك وكأن الرجل يتقالها فقال رسول الله والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن
انظر الحديث 5013 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إنه صرح فيه من وصف الله بالأحدية
وإسماعيل هو ابن أبي أويس ومضى متن الحديث في فضائل القرآن عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره
قوله يرددها أي يكررها ويعيدها قوله وكأن من الحروف المشبهة ويروى وكان بلفظ الماضي من الكون قوله يتقالها بتشديد اللام أي يعدها قليلة قوله لتعدل اللام فيه للتأكيد وإنما تعدل ثلث القرآن لأنه على ثلاثة أنواع أحكام وقصص وصفات وسورة الإخلاص في الصفات
وزاد إسماعيل بن جعفر عن مالك عن عبد الرحمان عن أبيه عن أبي سعيد أخبرني أخي قتادة بن النعمان عن النبي
إسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم الأنصاري المديني كان يكون ببغداد وقد ذكر هذه الزيادة في فضائل القرآن في فضل قل هو الله أحد لكن زاد في أوله راويا آخر حيث قال وزاد أبو معمر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن مالك بن أنس عن ( عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ) عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أخبرني أخي قتادة بن النعمان أن رجلا قام في زمن النبي يقرأ من السحر قل هو الله أحد لا يزيد عليها فلما أصبحنا أتى الرجل إلى النبي فذكر نحوه ومضى الكلام فيه هناك وقتادة بن النعمان الأنصاري أخو أبي سعيد لأمه
7375 - حدثنا ( محمد ) حدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( ابن وهب ) حدثنا ( عمرو ) عن ( ابن أبي هلال ) أن ( أبا الرجال محمد بن عبد الرحمان ) حدثه عن أمه عمرة بنت عبد الرحمان وكانت في حجر ( عائشة ) زوج النبي عن عائشة أن النبي بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم لم يلد ولم يولد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي فقال سلوه لأي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لأنها صفة الرحمان وأنا أحب أن أقرأ بها فقال النبي أخبروه أن الله يحبه
مطابقته للترجمة مثل ما ذكرنا في ترجمة الحديث السابق
ومحمد شيخ البخاري قال الكلاباذي هو فيما أحسب محمد بن يحيى الذهلي ووقع في بعض النسخ أحمد بن صالح وبه جزم أبو نعيم في المستخرج وأبو مسعود في الأطراف وقال المزي في الأطراف في بعض النسخ حدثنا محمد حدثنا أحمد بن صالح عن ابن وهب المصري عن عمرو بن الحارث المصري عن ابن أبي هلال وسماه مسلم في رواية الليثي المدني عن أبي الرجال بالجيم إنما كنى به لأنه كان له عشرة أولاد ذكور رجال
والحديث أخرجه مسلم في الصلاة عن أحمد بن عبد الرحمن وأخرجه النسائي فيه وفي اليوم والليلة عن أبي الربيع سليمان بن داود ومضى في الصلاة في باب الجمع بين السورتين في الركعة عن عبيد الله عن ثابت عن أنس ما يشبهه مطولا وفي آخره حبك إياها أدخلك الجنة
قوله في حجر عائشة بفتح الحاء وكسرها قوله على سرية أي أميرا عليهم قوله صفة الرحمن قال ابن التين إنما قال إنها صفة

(25/83)


الرحمن لأن فيها أسماءه وصفاته وأسماؤه مشتقة من صفاته قوله أخبروه أن الله يحبه أي يريد ثوابه لأنه تعالى لا يوصف بالمحبة الموجودة في العباد
2 -
( باب قول الله تبارك وتعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا )
أي هذا باب في قول الله تبارك وتعالى وقال ابن بطال غرضه في هذا الباب إثبات الرحمة وهي صفات الذات فالرحمن وصف وصف الله به نفسه وهو متضمن لمعنى الرحمة فالرحامن بمعنى المترحم والرحيم بمعنى المتعطف وقيل الرحمن في الدنيا والرحيم في الآخرة ولما نزلت هذه الآية قالوا اندعوا اثنين فأعلم الله سبحانه وتعالى أن لا يدعى غيره فقال قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله الاسمآء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا وقال ابن عباس في قوله تعالى رب السماوات والارض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا قال هل تعلم أحدا اسمه الرحمان سواه قوله أيا كلمة أي بفتح الهمزة وتشديد الياء تأتي لمعان أحدها أن يكون شرطا وهي أي هذه وسبب نزول هذه الآية أن النبي تهجد ليلة بمكة فجعل يكثر في سجوده يا الله يا رحمان فقال المشركون كاد محمد يدعو إلاهنا فيدعو إلاهين وما نعرف رحمانا إلا رحمان اليمامة وقال الزمخشري الدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء وهو يتعدى إلى مفعولين نقول دعوته زيدا ثم تترك أحدهما استغناء عنه فيقال دعوت زيدا والله والرحمان المراد بهما الاسم لا المسمى وأو للتخيير يعني اذعوا الله أو ادعوا الرحمان يعني سموا بهذا الاسم أو بهذا الاسم واذكروا إما هذا وإما هذا والتنوين في أياما عوض عن المضاف إليه و ما صلة للإبهام المؤكد لما في أي أي أي هذين الاسمين سميتم أو ذكرتم فله أسماء ومعنى كونها أحسن الأسماء أنها مستقلة بمعنى التمجيد والتقديس والتعظيم
7376 - حدثنا ( محمد ) أخبرنا ( أبو معاوية ) عن ( الأعمش ) عن ( زيد بن وهب وأبي ظبيان ) عن ( جرير بن عبد الله ) قال قال رسول الله لا يرحم الله من لا يرحم الناس
انظر الحديث 6013
مطابقته للترجمة تؤخذ من لفظ الرحمان ومحمد شيخ البخاري قال الكرماني محمد إما ابن سلام وإما ابن المثنى وقال بعضهم قال الكرماني تبعا لأبي علي الجياني هو إما ابن سلام وإما ابن المثنى قلت لم يذكر الكرماني أبا علي الجياني أصلا والأمانة مطلوبة في النقل قال وقد وقع التصريح بالثاني في رواية أبي ذر عن شيوخه فتعين الجزم قلت دعوى الجزم مردودة على ما لا يخفى فافهم وأبو معاوية محمد بن خازم بالخاء المعجمة والزاي يروي عن سلميان الأعمش عن زيد بن وهب الهمداني الكوفي من قضاعة خرج إلى النبي فقبض النبي وهو في الطريق وأبو ظبيان بفتح الظاء المعجمة وكسرها وسكون الباء الموحدة وبالياء آخر الحروف واسمه حصين مصغر الحصن بالمهملتين ابن جندب الكوفي
والحديث مضى في الأدب عن عمر بن حفص وأخرجه مسلم في فضائل النبي عن زهير بن حرب وغيره
7377 - حدثنا ( أبو النعمان ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( عاصم الأحول ) عن ( أبي عثمان النهدي ) عن ( أسامة بن زيد ) قال كنا عند النبي إذ جاءه رسول إحدى بناته يدعوه إلى ابنها في الموت فقال النبي ارجع فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فأعادت الرسول أنها أقسمت ليأتينها فقام النبي وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل فدفع الصبي إليه ونفسه تقعقع كأنها في شن

(25/84)


ففاضت عيناه فقال له سعد يا رسول الله ما هاذا قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو النعمان محمد بن الفضل وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل
والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب قول النبي يعذب الميت ببعض بكاء أهله
قوله تدعوه إلى ابنها قد تقدم في كتاب المرضى أنها قالت إن ابنتي وقال ابن بطال هذا الحديث لم يضبطه الراوي فمرة قال صبية ومرة قال صبيا وقال الكرماني يحتمل أنهما قضيتان قلت احتمال بعيد قوله تقعقع أي تضطرب وتتحرك وقال الداودي يعني صارت في صدره كأنها فواق قوله شن بفتح الشين المعجمة وتشديد النون وهي القربة الخلقة قوله ما هذا فيه استعمال الإشارة وهو استعمال العرب ويروى ما هذه قوله الرحماء منصوب بقوله يرحم الله وهو جمع رحيم كالكرماء جمع كريم
3 -
( باب قول الله تعالى إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين
)
أي هذا باب في قول الله تعالى إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين هذه هي القراءة المشهورة وبها رواية أبي ذر والأصيلي والنسفي ووقع في رواية القابسي أنا الرزاق ذو القوة المتين وعليه جرى ابن بطال وقال إن الذي وقع عند أبي ذر وغيره لظنهم أنه خلاف القراءة قال وقد ثبت ذلك قراءة عن ابن مسعود وذكر أن النبي أقرأه كذلك أخرجه أصحاب السنن والحاكم صححه من طريق عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أقرأني رسول الله فذكره وقال بعضهم تبع الكرماني ابن بطال فيما قاله قلت لم يقل الكرماني هكذا وإنما لفظه باب قول الله عز و جل إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وفي بعضها إني أنا الرزاق وقال بعضهم هو قراءة ابن مسعود
7378 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( سعيد بن جبير ) عن ( أبي عبد الرحمان السلمي ) عن ( أبي موسى الأشعري ) قال قال النبي ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم
انظر الحديث 6099
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وعبدان لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي بضم السين المهملة وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس
والحديث مضى في الأدب عن مسدد عن يحيى ومضى الكلام فيه
قوله أصبر أفعل تفضيل قيل الصبر حبس النفس على المكروه والله تعالى منزه عنه وأجيب بأن المراد لازمه وهو ترك المعاجلة بالعقوبة قوله على أذى قيل إنه منزه عن الأذى وأجيب بأن المراد به أذى يلحق أنبياءه إذ في إثبات الولد إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه تكذيب له وإنكار لمقالته قوله يدعون له الولد أي ينسبون إليه وينسبونه له ثم يدفع عنهم المكروهات من العلل والبليات قوله ويرزقهم اختلفوا في الرزق فالجمهور على أنه ما ينتفع به العبد غذاء أو غيره حلالا أو حراما وقيل هو الغذاء وقيل هو الحلال قيل القدرة قديمة وإضافة الرزق حادثة وأجيب بأن التعلق حادث واستحالة الحدوث إنما هي في الصفات الذاتية لا في الفعليات والإضافيات قوله من الله صلة لأصبر ووقع الفاصلة بينهما لأنها ليست أجنبية
( باب قول الله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير لاكن الله يشهد بمآ أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب إن ذلك على الله يسير إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركآئى قالوا ءاذناك ما منا من شهيد )

(25/85)


أي هذا باب في قول الله عز و جل عالم الغيب الخ ذكر هنا خمس قطع من خمس آيات الأولى قوله عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا يعني الله عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول اختاره فيما يقوله والرسول إما جميع الرسل أو جبريل عليه السلام لأنه المبلغ لهم واختلف في المراد بالغيب فقيل هو على عمومه وقيل ما يتعلق بالوحي خاصة وقيل ما يتعلق بعلم الساعة وهو ضعيف لأن علم الساعة مما استاثر الله بعلمه إلا أن ذهب قائل ذلك بأن الاستثناء منقطع وفي الآية رد على المنجمين وعلى كل من يدعي أنه يطلع على ما
يكون من
حياة أو موت أو غير ذلك لأنه مكذب للقرآن الآية الثانية قوله تعالى إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الارحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير روي عن مجاهد أن رجلا يقال له الوارث بن عمرو بن حارثة من أهل البادية أتى النبي فسأله عن الساعة ووقتها وقال إن أرضنا أجدبت فمتى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فمتى تلد وقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت وقد علمت ما عملت اليوم فماذا أعمل غدا فأنزل الله تعالى هذه الآية الآية الثالثة في الحجج القاطعة في إثبات العلم لله تعالى وحرفه صاحب الاعتزال نصرة لمذهبه فقال أنزله ملتبسا بعلمه الخاص وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ ورد عليه بأن نظم العبارات ليس هو نفس العلم القديم بل دال عليه الآية الرابعة كالآية الأولى في إثبات العلم والآية الخامسة فمعناها لا يعلم متى وقت قيامها غيره فالتقدير إليه يرد علم وقت الساعة
قال يحياى الظاهر على كل شيء علما والباطن على كل شيء علما
يحيى هذا هو ابن زياد الفراء النحوي المشهور ذكر ذلك في كتاب معاني القرآن له وقال الكرماني يحيى قيل هو ابن زياد بن عبد الله بن منظور الذهلي وهو الذي نقل عنه البخاري في كتاب معاني القرآن قلت هو الفراء بعينه ولكن قوله الذهلي غلط لأن الفراء ديلمي كوفي مولى بني أسد وقيل مولى بني منقر والظاهر أن هذا من الناسخ ومات الفراء في سنة سبع ومائتين في طريق مكة وعمره ثلاث وستون سنة وإنما قيل له الفراء ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها لأنه كان يفري الكلام ومنظور بالظاء المعجمة قوله الباطن على كل شيء ويروى الباطن بكل شيء يعني العالم بظواهر الأشياء وبواطنها وقيل الظاهر أي دلائله الباطن بذاته عن الحواس أي الظاهر عند العقل الباطن عند الحس وهو تفسير لقوله تعالى هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شىء عليم
7379 - حدثنا ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( سليمان بن بلال ) حدثني ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما عن النبي قال مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث مضى في آخر الاستسقاء فإنه أخرجه هناك عن محمد بن يوسف عن سفيان عن عبد الله بن دينار ومضى الكلام فيه
قوله مفاتيح الغيب استعارة إما مكنية وإما مصرحة ولما كان جميع ما في الوجود محصورا في علمه شبهه الشارع بالمخازن واستعار لبابها المفتاح والحكمة في كونها خمسا الإشارة إلى حصر العوالم فيها ففي قوله ما تغيض الأرحام إشارة إلى ما يزيد في النفس وينقص وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر يعرفونها بالعادة ومع ذلك ينفي أن يعرف أحد حقيقتها وفي قوله ولا يعلم متى يأتي المطر إشارة إلى العالم العلوي وخص المطر مع أن له أسبابا قد تدل بجري العادة على وقوعه لكنه من غير تحقيق وفي قوله ولا تدري نفس بأي أرض تموت إشارة إلى أمور العالم السفلي مع أن عادة أكثر الناس أن يموت ببلده ولكن ليس ذلك حقيقة بل لو مات في بلده لا يعلم في أي بقعة يدفن فيها ولو كان هناك مقبرة لأسلافه بل قبر أعده هو له وفي قوله ولا يعلم ما في غد إلا الله إشارة إلى أنواع الزمان وما فيها من الحوادث وعبر بلفظ غد لكون حقيقته أقرب الأزمنة وإذا كان مع قربه لا يعلم حقيقة ما يقع فيه وفي قوله ولا يعلم متى تقوم الساعة

(25/86)


إلا الله إشارة إلى علوم الآخرة فإذا لم يعلم أولها مع قربها فنفي علم ما بعدها أولى
7380 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن ( إسماعيل ) عن ( الشعبي ) عن ( مسروق ) عن ( عائشة ) رضي الله عنها قالت من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب وهو يقول لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب وهو يقول لا يعلم الغيب إلا الله
الله
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وسفيان هو ابن عيينة وإسماعيل هو ابن أبي خالد البجلي يروي عن عامر الشعبي عن مسروق بن الأجدع
والحديث مضى مطولا في التفسير عن يحيى عن وكيع ومضى الكلام فيه
قوله رأى ربه أي في ليلة المعراج واختلفوا في رؤيته فعائشة ممن أنكرها لكنها لم تنقل عن النبي بل قالته اجتهادا واستدلالا وقال الداودي إنما أنكرت ما قيل عن ابن عباس أنه رآه بقلبه ومعنى الآية لا تحيط به الأبصار وقيل لا تدركه الأبصار وإنما يدركه المبصرون وقيل لا تدركه في الدنيا قوله ومن حدثك أنه يعلم الغيب قال الداودي ما أظنه محفوظا وإنما المحفوظ من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله إليه فقد كذب قال وإنما قال ذلك لأن الرافضة كانت تقول إنه خص عليا رضي الله تعالى عنه بعلم لم يعلمه غيره وأما علم الغيب فما أحد يدعي لرسول الله أنه كان يعلم منه إلا ما علم
5 -
( باب قول الله تعالىالسلام المؤمن )
أي هذا باب في قوله عز و جل السلام المؤمن كذا في رواية الجميع وزاد ابن بطال المهيمن وقال غرضه بهذا إثبات أسماء من أسماء الله تعالى وكأنه أراد بهذا القدر الإشارة إلى الآيات الثلاث المذكورة في آخر سورة الحشر قال شيخ شيخي الطيبي رحمه الله السلام مصدر نعت به والمعنى ذو السلامة من كل آفة ونقيصة أي الذي سلمت ذاته عن الحدوث والعيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر المحض وهو من أسماء التنزيه وفي الحديث الصحيح أنه اسم من أسماء الله تعالى وقد أطلق على التحية الواقعة بين المؤمنين وقيل السلام في حقه تعالى الذي سلم المؤمنون من عقوبته واختلف في تأويل قوله تعالى والله يدعو إلى دار السلام ويهدى من يشآء إلى صراط مستقيم فقيل الجنة لأنه لا آفة فيها ولا كدر فالسلام على هذا والسلامة بمعنى كاللذاذ واللذاذة وقال قتادة الله السلام وداره الجنة قوله المؤمن قال شيخ شيخي المؤمن في الأصل الذي يجعل غيره آمنا وفي حق الله تعالى على وجهين أحدهما أن يكون صفة ذات وهو أن يكون متضمنا لكلام الله تعالى الذي هو تصديقه لنفسه في أخباره ولرسله في صحة دعواهم الرسالة والثاني أن يكون متضمنا صفة فعل هي أمانة رسله وأوليائه المؤمنين به من عقابه وأليم عذابه قوله المهيمن راجع إلى معنى الحفظ والرعاية وذلك صفة فعل له عز و جل وقد روى البيهقي من حديث ابن عباس في قوله مهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه وفي رواية علي بن أبي طلحة عنه المهيمن الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله وقيل الرقيب على الشيء والحافظ له وقال شيخ شيخي المهيمن الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ من قولهم هيمن الطير إذا نشر جناحه على فرخه صيانة له وقيل أصله مؤيمن فقبلت الهمزة هاء فصار مهيمن قاله الخطابي وابن قتيبة ومن تبعهما واعترض إمام الحرمين ونقل الإجماع على أن أسماء الله تعالى لا تصغر قلت هم ما ادعوا أنه مصغر حتى يصح الاعتراض عليهم ومهيمن غير مصغر لأن وزنه مفيعل وليس هذا من أوزان التصغير
7381 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) حدثنا ( زهير ) حدثنا ( مغيرة ) حدثنا ( شقيق بن سلمة ) قال قال ( عبد الله ) كنا نصلي خلف النبي فنقول السلام على الله فقال النبي

(25/87)


إن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إلاه إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي روى عنه مسلم أيضا وزهير هو ابن معاوية الجعفي ومغيرة بضم الميم وكسرها هو ابن المقسم بكسر الميم وعبد الله هو ابن مسعود
والحديث قد مضى في كتاب الصلاة في باب التشهد في الأخيرة بأتم منه ومضى الكلام فيه
6 -
( باب قول الله تعالى ملك الناس فيه ابن عمر عن النبي )
أي هذا باب في قول الله عز و جل ملك الناس فيه وجهان أحدهما أن يكون راجعا إلى صفة ذات وهو القدرة لأن الملك بمعنى القدرة والآخر أن يكون راجعا إلى صفة فعل وذلك بمعنى القهر والصرف لهم عما يريدونه إلى ما يريده قوله فيه عن ابن عمر أي في هذا الباب عن عبد الله بن عمر عن النبي وهو قوله إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك وسيأتي هذا بعد أبواب بسنده
7382 - حدثنا ( أحمد بن صالح ) حدثنا ( ابن وهب ) أخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) عن ( سعيد ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض
مطابقته للترجمة ظاهرة وابن وهب هو عبد الله ويونس هو ابن يزيد وسعيد هو ابن المسيب
والحديث مضى في الرقاق في باب يقبض الله الأرض ومضى الكلام فيه
قوله يقبض الله الأرض أي يجمعها وتصير كلها شيئا واحدا قوله بيمينه من المتشابهات فإما أن يفوض وإما أن يؤول بقدرته وفيه إثبات اليمين لله تعالى صفة له من صفات ذاته وليست بجارحة خلافا للجهمية
وعن أحمد بن سلمة عن إسحاق بن راهويه قال صح أن الله يقول بعد فناء خلقه لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول لنفسه وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولى الحميد وفيه الرد على من زعم أن الله يخلق كلاما فيسمعه من شاء بأن الوقت الذي يقول فيه لمن الملك اليوم ليس هناك أحد
وقال شعيب والزبيدي وابن مسافر وإسحاق بن يحيى عن الزهري عن أبي سلمة مثله
وشعيب هو ابن أبي حمزة والزبيدي هو محمد بن الوليد صاحب الزهري نسبه إلى زبيد بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف قبيلة وابن مسافر هو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي المصري واليها وإسحاق بن يحيى الكلبي الحمصي وأبو سلمة عبد الرحمن بن عوف قوله مثله وقع لأبي ذر وسقط لغيره وليس المراد أن أبا سلمة أرسله بل مراده أنه اختلف على الزهري وهو محمد بن مسلم في شيخه فقال يونس سعيد بن المسيب وقال الباقون أبو سلمة وكل منهما يرويه عن أبي هريرة فرواية شعيب وصلها الدارمي قال حدثنا الحكم بن نافع وهو أبو اليمان فذكره وفيه سمعت أبا سلمة يقول قال أبو هريرة ورواية الزبيدي وصلها ابن خزيمة من طريق عبد الله بن سالم عنه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ورواية ابن مسافر قد تقدمت موصولة في تفسير سورة الزمر من طريق الليث بن سعد عنه كذلك ورواية إسحاق بن يحيى وصلها الذهلي رحمه الله في الزهريات

(25/88)


7 -
( باب
قول الله تعالى وهو العزيز الحكيم وغيرها قل نعم وأنتم داخرون الصافات180 يقولون لئن رجعنآ إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولاكن المنافقين لا يعلمون ومن حلف بعزة الله وصفاته
أي هذا باب في قول الله عز و جل آ أ ؤ ذكر فيه ثلاث قطع من ثلاث آيات الأولى قوله تعالى وهو العزيز الحكيم وغيرها فالعزيز متضمن للعزة ويجوز أن يكون صفة ذات يعني القدرة والعظمة وأن يكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم وقال الحليمي معناه الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه فإن العزيز في لسان العرب من العزة وهي الصلابة وقال الخطابي العزيز المنيع الذي لا يغلب والعز قد يكون من الغلبة يقال منه عز يعز بفتح العين وقد يكون بمعنى نفاسة القدر يقال منه عز يعز بكسر العين فيؤول معنى العز على هذا وأنه لا يعازه شيء قوله الحكيم متضمن لمعنى الحكمة وهو إما صفة ذات يكون بمعنى العلم والعلم من صفات الذات وإما صفة فعل بمعنى الأحكام الآية الثانية قل نعم وأنتم داخرون ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد هاهنا القهر والغلبة ويحتمل أن يكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل ذو العزة وأنها من صفات الذات والتعريف في العزة للجنس فإذا كانت العزة كلها لله تعالى فلا يصح أن يكون أحد معتزا إلا به ولا عزة لأحد إلا وهو مالكها والآية الثالثة يعرف حكمها من الثانية وهي بمعنى الغلبة لأنها جواب لمن ادعى أنه الأعز وأن ضده الأذل فرد عليه أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فهو كقوله كتب الله لاغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز قوله ومن حلف بعزة الله وصفاته كذا في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي وسلطانه بدل وصفاته والأول أولى وقد تقدم في كتاب الأيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه وقد تقدم الكلام فيه وقال ابن بطال ما ملخصه الحالف بعزة الله التي هي صفة ذات يحنث والحالف بعزة الله التي هي صفة فعل لا يحنث بل هو منهي عن الحلف بها كما نهى عن الحلف بحق السماء وحق زيد انتهى لكن إذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقد اليمين إلا إن قصد خلاف ذلك
وقال أنس قال النبي تقول جهنم قط قط وعزتك
هذا طرف من حديث مطول مضى في تفسير سورة ق والمراد به أن النبي نقل عن جهنم أنها تحلف بعزة الله وأقرها على ذلك فيحصل المراد سواء كانت هي الناطقة حقيقة أم الناطق غيرها كالموكلين بها
وقال أبو هريرة عن النبي يبقى رجل بين الجنة والنار آخر أهل النار دخولا الجنة فيقول رب اصرف وجهي عن النار لا وعزتك لا أسألك غيرها قال أبو سعيد إن رسول الله قال قال الله عز و جل لك ذلك وعشرة أمثاله
مطابقة هذا والذي قبله للترجمة ظاهرة هذا طرف حديث طويل تقدم مع شرحه في آخر كتاب الرقاق قوله يبقى رجل يروي أن اسمه جهنية بالجيم والنون قيل ليس كلام هذا حجة وأجيب بأن حكاية رسول الله على سبيل التقرير والتصديق حجة قوله وقال أبو سعيد من تتمة حديث أبي هريرة قاله الكرماني قلت ليس كذلك بل المراد أن أبا سعيد وافق أبا هريرة على رواية الحديث المذكور إلا ما ذكره من الزيادة في قوله عشرة أمثاله
وقال أيوب وعزتك لا غنى بي عن بركتك
هذا أيضا طرف من حديث لأبي هريرة مضى في كتاب الأيمان والنذور وتقدم أيضا موصولا في كتاب الطهارة في الغسل وأوله بينا أيوب يغتسل وتقدم أيضا في أحاديث الأنبياء عليهم السلام مع شرحه ووقع في رواية الحاكم لما عافى الله أيوب أمطرعليه جرادا من ذهب الحديث قوله لا غنى بي بالقصر في رواية الأكثرين وفي رواية المستملي لا غناء ممدودا وكذا في رواية أبي ذر للسرخسي

(25/89)


7383 - حدثنا ( أبو معمر ) حدثنا ( عبد الوارث ) حدثنا ( حسين المعلم ) حدثني ( عبد الله بن بريدة ) عن يحياى بن يعمر عن ابن عباس أن النبي كان يقول أعوذ بعزتك الذي لا إلاه إلا أنت الذي لا يموت والجن والإنس يموتون
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المقعد البصري وعبد الوارث بن سعيد وحسين هو ابن ذكوان وعبد الله بن بريدة بضم الباء الموحدة ابن حصيب الأسلمي قاضي مرو مات بمرو و ( يحيى بن يعمر ) بلفظ المضارع بفتح الميم وبضمها أيضا والفتح أشهر وهو القاضي بمرو أيضا
والحديث أخرجه مسلم في الدعاء عن حجاج بن المسارع وأخرجه النسائي في النعوت عن عثمان بن عبد الله
قوله الذي لا إلاه إلا أنت قيل ما العائد للموصول وأجيب بأنه إذا كان المخاطب نفس المرجوع إليه يحصل الارتباط وكذلك المتكلم نحو
( أنا الذي سمتني أمي حيدرة )
قوله لا يموت بلفظ الغائب ويروى بالخطاب قوله الجن والإنس يموتون استدلت به طائفة على أن الملائكة لا تموت ولا يصح هذا الاستدلال لأنه مفهوم لقب ولا اعتبار به فيعارضه ما هو أقوى منه وهو عموم قوله تعالى ولا تدع مع الله إلاها ءاخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون وقال بعضهم لا مانع من دخول الملائكة في مسمى الجن لجامع ما بينهم من الاستتار قلت هذا كلام واه لأن مسمى الجن غير مسمى الملائكة ولا يلزم من استتارهم عن أعين الناس صحة دخول الملائكة الذين هم من النور في الجن الذين خلقوا من مارج من نار 7384 - حدثنا ( ابن أبي الأسود ) حدثنا ( حرمي ) حدثنا ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) عن النبي قال يلقى في النار وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس وعن معتمر سمعت أبي عن قتادة عن أنس عن النبي قال لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العالمين قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ثم تقول قد قد بعزتك وكرمك ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشىء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة مطابقته للترجمة في قوله بعزتك وشيخ البخاري ابن أبي الأسود هو عبد الله بن محمد البصري واسم أبي الأسود حميد بن الأسود وحرمي بفتح الحاء المهملة والراء وياء النسبة هو ابن عمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم وأخرج هذا الحديث من طريقين الأول عن ابن أبي الأسود بالتحديث والثاني بالقول حيث قال وقال لي خليفة هو ابن خياط عن يزيد من الزيادة ابن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وقال الكرماني ما حاصله إنه قال أخرجه من ثلاث طرق وذكر الطريقين وقال الطريق الثالث تعليق وهو قوله وعن معتمر سمعت أبي وهو سليمان بن طرخان عن قتادة وأنكر عليهم بعضهم بأن هذا ليس بتعليق لأن قوله وعن معتمر معطوف على قوله حدثنا يزيد بن زريع موصول فالتقدير وقال لي خليفة عن معتمر وبهذا جزم أصحاب الأطراف قلت كونه معطوفا موصولا لا ينافي كونه طريقا آخر على ما لا يخفى لاختلاف شيخي خليفة قوله وتقول هل من مزيد أي تقول النار وإسناد القول إليها مجاز أو حقيقة بأن يخلق الله القول فيها ومزيد بمعنى الزيادة مصدر ميمي قوله قدمه قيل المراد بها المتقدم أي يضع الله فيها من قدمه لها من أهل العذاب أو ثمة مخلوق اسمه القدم أو أراد بوضع القدم الزجر عليها والتسكين لها كما تقول لشيء تريد محوه وإبطاله جعلته تحت قدمي أو هو مفوض إلى الله وقال النضر بن شميل القدم هاهنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار وأنهم يملأ بهم النار حتى ينزوي بعضها إلى بعض من الملأ ولتضايق أهلها فتقول قط قط أي امتلات حسبي حسبي قوله ينزوي مضارع من الانزواء ويروى تزوى على صيغة المجهول من زوى سره عنه إذا طواه أو من زوى الشيء إذا جمعه وقبضه قوله قد قد روي بسكون الدال وكسرها وهو اسم مرادف لقط أي حسب قوله تفضل أي عن الداخلين فيها قوله حتى ينشىء من الإنشاء

(25/90)


أي حتى ينشىء الله خلقا فيسكنهم من الإسكان فضل الجنة أي الموضع الذي فضل منها وبقي عنهم ويروى أفضل بصيغة أفعل التفضيل فقيل هو مثل الناقص والأشج أعد لابني مروان يعني عاد لابني مروان وفيه أن دخول الجنة ليس بالعمل
8 -
( باب قول الله تعالى وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية ولاكن أكثرهم لا يعلمون
أي هذا باب في قوله تعالى وقالوا لولا نزل عليه ءاية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل ءاية ولاكن أكثرهم لا يعلمون أي بكلمة الحق وهي قوله كن وقيل ملتبسا بالحق لا بالباطل وذكر ابن التين أن الداودي قال إن الباء هاهنا بمعنى اللام أي لأجل الحق قلت ذكر النحاة أن الباء تأتي لأربعة عشر معنى ولم يذكروا فيها أنها تجيء بمعنى اللام وقال ابن بطال المراد بالحق هاهنا ضد الهزل وقيل يقال لكل موجود من فعل الله تعالى يقتضي الحكمة حق ويطلق على الاعتقاد في الشيء المطابق في الواقع ويطلق على الواجب واللازم الثابت والجائز وعن الحليمي الحق ما لا يسع إنكاره ويلزم إثباته والاعتراف به ووجود الباري أولى ما يجب الاعتراف به ولا يسع جحوده إذ لا مثبت تظاهرت عليه البينة ما تظاهرت على وجوده عز و جل
7385 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن ( ابن جريج ) عن ( سليمان ) عن ( طاوس ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كان النبي يدعو من الليل اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن لك الحمد أنت نور السماوات والأرض قولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وأسررت وأعلنت أنت إلاهي لا إلاه لي غيرك
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله أنت رب السموات والأرض لأن معناه أنت مالك السموات والأرض وخالقهما
وقبيصة بفتح القاف ابن عقبة وسفيان هو الثوري وابن جريج عبد الملك وسليمان الأحول
والحديث مضى في صلاة الليل عن علي بن عبد الله وفي الدعوات عن عبد الله بن محمد ومضى الكلام فيه
الليل أي في الليل أو من قيام الليل قوله رب السموات الرب السيد والمصلح والمالك قوله أنت قيم السموات أي مدبرها ومقومها قوله نور السموات أي منورها وهو من جملة صفات الفعل وقد مر تفسير الحق قوله وعدك حق من عطف الخاص على العام لأن الوعد أيضا قول قوله لقاؤك المراد باللقاء البعث قوله إليك أنبت أي رجعت إلى عبادتك قوله وبك خاصمت أي ببراهينك التي أعطيتني خاصمت الأعداء قوله وإليك حاكمت يعني من جحد الحق حاكمته إليك أي جعلتك حاكما بيني وبينه لا غيرك مما كانت الجاهلية تتحاكم إلى الصنم ونحوه قوله فاغفر لي سؤاله المغفرة تواضع منه أو تعليم لأمته
حدثنا ثابت بن محمد حدثنا سفيان بهذا وقال أنت الحق وقولك الحق
أشار بهذا إلى أن في رواية قبيصة سقط منها أنت الحق قبل قوله قولك الحق وثبت في رواية ثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن محمد العابد البناني بضم الباء الموحدة وتخفيف النون الأولى عن سفيان الثوري قوله بهذا أي بالسند المذكور والمتن وسيأتي بيانه في باب قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة
9 -
( باب قول الله تعالى من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا )
أي هذا باب في قول الله تعالى من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا غرضه من هذا الرد على المعتزلة حيث قالوا إنه سميع بلا سمع وعلى من قال معنى السميع العالم بالمسموعات لا غير وقولهم هذا يوجب مساواته تعالى للأعمى والأصم الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها وأن في العالم أصوتا ولا يسمعها وفساده ظاهر فوجب كونه سميعا بصيرا مفيدا أمرا زائدا على ما يفيد كونه

(25/91)


عالما وقال البيهقي السميع من له سمع يدرك به المسموعات والبصير من له بصر يدرك به المرئيات قيل كيف يتصور السمع له وهو عبارة عن وصول الهواء المتموج إلى العصب المفروش في مقعر الصماخ وأجيب بأنه ليس السمع ذلك بل هو حالة يخلقها الله في الحي نعم جرت سنة الله تعالى أنه لا يخلقه عادة إلا عند وصول الهواء إليه ولا ملازمة عقلا بينهما والله تعالى يسمع المسموع بدون هذه الوسائط العادية كما أنه يرى بدون المواجهة والمقابلة وخروج الشعاع ونحوه من الأمور التي لا يحصل الإبصار عادة إلا بها
وقال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات فأنزل الله تعالى على النبي قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركمآ إن الله سميع بصير
أي وقال سليمان الأعمش عن تميم بن سلمة الكوفي التابعي عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت إلى آخره ووصل هذا التعليق أحمد والنسائي باللفظ المذكور هنا وأخرجه ابن ماجه من رواية أبي عبيدة بن معن عن الأعمش بلفظ تبارك الذي وسع سمعه كل شي إني أسمع كلام خولة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله وهي تقول أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكوا إليك فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركمآ إن الله سميع بصير انتهى ومعنى قول عائشة أوعى وسع سمعه الأصوات لا أنه اتسع صوته لها لأن الموصوف بالسعة لا يصح وصفه بالضيق بدلا منه والوصفان جميعا من صفات الأجسام فيستحيل هذا في حق الله فوجب صرف قولها عن ظاهره إلى ما اقتضاه صحة الدليل
7386 - حدثنا ( سليمان بن حرب ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( أيوب ) عن ( أبي عثمان ) عن ( أبي موسى ) قال كنا مع النبي في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا تدعون سميعا بصيرا قريبا ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك به
الله
مطابقته للترجمة في قوله تدعون سميعا بصيرا
وأيوب هو السختياني وأبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي بفتح النون وأبو موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس
والحديث مضى في كتاب الدعوات في باب الدعاء إذا علا عقبة وأخرجه هناك بعين هذا الإسناد عن سليمان بن حرب إلى آخره وبعين هذا المتن ومضى الكلام فيه هناك
قوله أربعوا بفتح الباء الموحدة أي ارفعوا ولا تبالغوا في الجهر وحكى ابن التين أنه وقع في رواية بكسر الباء وأنه في كتب أهل اللغة وبعض كتب الحديث بفتحها قلت الفتح هو الصحيح لأنه من الكلمة التي في لام فعله حرف حلق ولا يجيء مضارعه إلا بفتح عين الفعل قوله أصم ويروى أصما ولعله لمناسبة غائبا قوله ولا غائبا قال الكرماني فإن قلت المناسب ولا أعمى وقلت الأعمى غائب عن الإحساس بالبصر والغائب كالأعمى في عدم رؤية ذلك المبصر فنفى لازمه ليكون أبلغ وأعم وزاد القريب إذ رب سامع وباصر لا يسمع ولا يبصر لبعده عن المحسوس فأثبت القريب لتبين وجود المقتضى وعدم المانع ولم يرد بالقرب قرب المسافة لأنه تعالى منزه عن الحلول في مكان بل القرب بالعلم أو هو مذكور عل سبيل الاستعارة قوله كنز أي كالكنز في نفاسته أو قال شك من الراوي أي ألا أدلك على كلمة هي كنز بهذا الكلام
وقال ابن بطال في هذا الحديث نفي الآفة المانعة من السمع والآفة المانعة من البصر وإثبات كونه سميعا بصيرا قريبا مستلزم أن لا يصح أضداد

(25/92)


هذه الصفات عليه
7387 7388 - حدثنا يحياى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمرو عن يزيد عن أبي الخير سمع عبد الله بن عمرو أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال للنبي يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي من عندك مغفرة إنك أنت الغفور الرحيم
الحديث 7388 انظر الحديث 834 وطرفه
مطابقته للترجمة من حيث إن بعض الذنوب مما يسمع وبعضها مما يبصر لم تقع مغفرته إلا بعد الإسماع والإبصار وقال ابن بطال مناسبته للترجمة من حيث إن دعاء أبي بكر بما علمه النبي يقتضي أن الله تعالى سمع لدعائه ويجازيه عليه وبما ذكرنا رد على من قال حديث أبي بكر ليس مطابقا للترجمة إذ ليس فيه ذكر صفتي السمع والبصر
و ( يحيى بن سليمان ) بن يحيى أبو سعيد الجعفي الكوفي نزل بمصر ومات بها سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين يروي عن عبد الله بن وهب المصري عن ( عمرو ) بن الحارث المصري عن ( يزيد ) من الزيادة ابن أبي حبيب واسم أبي حبيب سويد عن ( أبي الخير ) مرثد بفتح الميم وبالثاء المثلثة ابن عبد الله و ( عبد الله بن عمرو ) بن العاص
والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب الدعاء قبل السلام ومضى الكلام فيه
قوله كثيرا بالثاء المثلثة وهو المشهور من الروايات ووقع للقابسي بالباء الموحدة قوله مغفرة أي عظيمة ولفظ من عندك أيضا يدل على التعظيم لأن عظمة المعطي تستلزم عظمة العطاء
7389 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( ابن وهب ) أخبرني ( يونس ) عن ( ابن شهاب ) حدثني ( عروة ) أن ( عائشة ) رضي الله عنها حدثته قال النبي إن جبريل عليه السلام ناداني قال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك
انظر الحديث 323
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله مشهورون قد ذكروا غير مرة
والحديث قد مضى بأتم منه في بدء الخلق
قوله وما ردوا عليك أي أجابوك أو ردهم الدين عليك وعدم قبولهم الإسلام وإنما ناداه بعد رجوعه من الطائف ويأسه من أهله
10 -
( باب قول الله تعالى قل هو القادر )
أي هذا باب في قول الله عز و جل قل هو القادر القدرة من صفات الذات والقدرة والقوة بمعنى واحد
7390 - حدثني ( إبراهيم بن المنذر ) حدثنا ( معن بن عيسى ) حدثني ( عبد الرحمان بن أبي الموالي ) قال سمعت ( محمد بن المنكدر ) يحدث ( عبد الله بن الحسن ) يقول أخبرني ( جابر بن عبد الله السلمي ) قال كان رسول الله يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلم السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم فإن كنت تعلم هاذا الأمر ثم يسميه بعينه خيرا لي في عاجل أمري وآجله قال أو في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل

(25/93)


أمري وآجله فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به
انظر الحديث 1162 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبد الله بن الحسن بلفظ التكبير فيهما ابن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم وكان عبد الله كبير بني هاشم في وقته وكان من العباد وثقه ابن معين والنسائي وهو من صغار التابعين مات في حبس المنصور سنة ثلاث وأربعين ومائة وله خمس وسبعون سنة وليس له ذكر في البخاري إلا في هذا الموضع قوله السلمي بفتح السين المهملة واللام
والحديث قد مضى في كتاب التهجد في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى وفي كتاب الدعوات ومضى الكلام فيه
قوله الاستخارة أي صلاة الاستخارة ودعائها وهي طلب الخيرة بوزن العنبة اسم من قولك اختاره الله قوله وأستقدرك أي أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه والباء في بعلمك وبقدرتك يحتمل أن يكون للاستعانة وأن يكون للاستعطاف كما في قوله تعالى قال رب بمآ أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين أي بحق علمك ويقال قدرت الشيء أقدره بالضم والكسر فمعنى أقدره أجعله مقدورا لي قوله ثم يسميه بعينه أي يذكر حاجته معينة باسمها قوله ثم رضني به أي اجعلني راضيا به فافهم
11 -
( باب مقلب القلوب وقول الله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون )
أي هذا باب فيه ذكر مقلب القلوب هذا على تقدير إضافة الباب إلى مقلب القلوب ويجوز قطع الباب عنه ويكون مقلب مرفوعا أنه خبر مبتدأ محذوف أي الله مقلب القلوب ويكون التقدير هذا باب يذكر فيه الله مقلب القلوب ومعناه مبدل الخواطر وناقض العزائم فإن قلوب العباد تحت قدرته يقلبها كيف يشاء وقال الكرماني فإن قلت لا تحمله على حقيقته بأن يكون معناه يا جاعل القلب قلبا قلت لأن مظان استعماله تنبو عنه وفيه أن أغراض القلب كالإرادة ونحوها بخلق الله تعالى وهذا من الصفات الفعلية ومرجعه إلى القدرة وقيل سمي القلب به لكثرة تقلبه من حال إلى حال قال الشاعر
( وما سمي الإنسان إلا لأنسه
ولا القلب إلا أنه يتقلب )
7391 - حدثني ( سعيد بن سليمان ) عن ( ابن المبارك ) عن ( موسى بن عقبة ) عن ( سالم ) عن ( عبد الله ) قال أكثر ما كان النبي يحلف لا ومقلب القلوب
انظر الحديث 6617 وطرفه
مطابقته للترجمة ظاهرة وسعيد بن سليمان الواسطي سكن بغداد يلقب بسعدويه يروي عن عبد الله بن المبارك المروزي وعبد الله هو ابن عمر بن الخطاب
والحديث مضى في القدر عن محمد بن مقاتل وفي الأيمان والنذور عن محمد بن يوسف عن سفيان ومضى الكلام فيه
قوله لا ومقلب القلوب الواو فيه للقسم وبعد لا يقدر نحو لا أفعل أو لا أقول وحق مقلب القلوب
12 -
( باب إن لله مائة اسم إلا واحداقال ابن عباس ذو الجلال العظمة البر اللطيف )
أي هذا باب فيه إن لله مائة اسم إلا واحدا وقد مضى في الدعوات باب لله مائة اسم غير واحد قوله قال ابن عباس أي قال عبد الله بن عباس تفسير الجلال العظمة وفي رواية الكشميهني ذو الجلال العظيم قوله البر اللطيف أي قال ابن عباس تفسير البر اللطيف
7392 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال إن تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة أحصيناه حفظناه
انظر الحديث 2736 وطرفه

(25/94)


مطابقته للترجمة من حيث المعنى ظاهرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث مضى في الشروط بعين هذا الإسناد والمتن ومضى الكلام فيه
قوله إلا واحدا كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره إلا واحدة ولعل التأنيث باعتبار الكلمة أو هي للمبالغة في الوحدة نحو رجل علامة وراوية وفائدة مائة إلا واحدة التأكيد ورفع التصحيف لأن تسعة تتصحف بسبعة وتسعين بسبعين والحكمة في الاستثناء أن الوتر أفضل من الشفع أن الله وتر يحب الوتر وقال الكرماني الغرض من الباب إثبات الأسماء لله تعالى
واختلفوا فيها فقيل الاسم عين المسمى وقيل غيره وقيل لا هو ولا غيره وهذا هو الأصح وذكر نعيم بن حماد أن الجهمية قالوا إن أسماء الله تعالى مخلوقة لأن الاسم غير المسمى وادعوا أن الله كان ولا وجود لهذه الأسماء ثم خلقها فتسمى بها قال قلنا لهم إن الله تعالى قال سبح اسم ربك الاعلى وقال إن ربكم الله الذي خلق السماوات والارض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذالكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون فأخبر أنه المعبود ودل كلامه على اسمه بما دل به على نفسه فمن زعم أن اسم الله مخلوق فقد زعم أن الله أمر نبيه أن يسبح مخلوقا
قوله من أحصاها أي من حفظها وعرفها لأن العارف بها يكون مؤمنا والمؤمن يدخل الجنة لا محالة وقيل أي عددها معتقدا بها وقيل أطلق القيام بحقها والعمل بمقتضاها قوله أحصيناه حفظناه هذا من كلام البخاري أشار به إلى أن معنى الإحصاء هو الحفظ والإحصاء في اللغة يطلق بمعنى الإحاطة بعلم عدد الشيء وقدره ومنه ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شىء عددا قاله الخليل وبمعنى الإطاقة له قال تعالى إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اليل ونصفه وثلثه وطآئفة من الذين معك والله يقدر اليل والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءان علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون فى الارض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكواة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم أي لن تطيقوه
13 -
( باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها )
أي هذا باب في السؤال بأسماء الله تعالى قال ابن بطال مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصح بالذات قلت كون الاسم هو المسمى لا يتمشى إلا في الله تعالى كما نبه عليه صاحب التوضيح هنا حيث قال غرض البخاري أن يثبت أن الاسم هو المسمى في الله تعالى على ما ذهب إليه أهل السنة
7393 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثني ( مالك ) عن ( سعيد بن أبي سعيد المقبري ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات وليقل باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين
انظر الحديث 6320
ذكر في هذا الباب تسعة أحاديث كلها في التبرك باسم الله عز و جل والسؤال به والاستعاذة ومطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه وقال ابن بطال أضاف الوضع إلى الاسم والرفع إلى الذات فدل على أن المراد بالاسم الذات وبالذات يستعان في الوضع والرفع لا باللفظ
وشيخ البخاري عبد العزيز بن عبدالله بن يحيى بن عمرو بن أويس الأويسي المدني يروي عن مالك بن أنس عن سعيد بن أبي سعيد كيسان ونسبته إلى مقبرة المدينة
والحديث مضى في كتاب الدعوات ومضى الكلام فيه
قوله بصنفة ثوبه بفتح الصاد المهملة وكسر النون وبالفاء وهو أعلى حاشية الثوب الذي عليه الهدب وقيل جانبه وقيل طرفه وهو المراد هنا قاله عياض وقال ابن التين رويناه بكسر الصاد وسكون النون والحكمة فيه أنه ربما دخلت فيه حية أو عقرب وهو لا يشعر ويده مستورة بحاشية الثوب لئلا يحصل في يده مكروه إن كان هناك شيء وذكر المغفرة عند الإمساك والحفظ عند الإرسال لأن الإمساك كناية عن الموت فالمغفرة تناسبه والإرسال كناية عن الإبقاء في الحياة فالحفظ يناسبه
تابعه يحيى وبشر بن المفضل عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي

(25/95)


أي تابع عبد العزيز في روايته عن مالك عن سعيد يحيى بن سعيد القطان وبشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة ابن المفضل بتشديد الضاد المعجمة عن عبيد الله بن عبد الله العمري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ومتابعة يحيى رواها النسائي عن عمرو بن علي وابن مثنى عن يحيى عن عبيد الله به ومتابعة بشر بن المفضل فقد أخرجها مسدد في مسنده
وزاد زهير وأبو ضمرة وإسماعيل بن زكرياء عن عبيد الله عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي
زهير بن معاوية وأبو ضمرة أنس بن عياض وإسماعيل بن زكريا الخلقاني الكوفي عن عبد الله بن عمر العمري عن سعيد المقبري عن أبيه كيسان عن أبي هريرة عن النبي وأراد بالزيادة هي لفظة أبيه أما زيادة زهير فقد مضت في الدعوات عن أحمد بن يونس وكذلك أخرجها أبو داود حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليضطجع على شقه الأيمن الحديث أما زيادة أبي ضمرة فأخرجها مسلم عن إسحاق بن موسى حدثنا أنس بن عياض هو أبو ضمرة حدثنا عبيد الله فذكره وأما زيادة إسماعيل بن زكريا فرواها الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن يونس بن محمد عنه
ورواه ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي
أي روى الحديث المذكور محمد بن عجلان الفقيه المدني عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي وكذلك رواه النسائي عن قتيبة عن يعقوب بن عبد الرحمن عن ابن عجلان عن سعيد به
تابعه محمد بن عبد الرحمان والدراوردي وأسامة بن حفص
أي تابع محمد بن عجلان محمد بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي نسبة إلى دراورد قرية بخراسان وأسامة بن حفص المدني يعني هؤلاء تابعوا محمد بن عجلان في روايتهم بإسقاط ذكر الأب بين سعيد وبين أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أما متابعة محمد بن عبد الرحمن الطفاوي البصري
وأما متابعة الدراوردي فأخرجها محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني عنه وأما متابعة أسامة بن حفص ( 1 )
7394 - حدثنا ( مسلم ) حدثنا ( شعبة ) عن ( عبد الملك ) عن ( ربعي ) عن ( حذيفة ) قال كان النبي إذا أوى إلى فراشه قال اللهم باسمك أحيا وأموت وإذا أصبح قال الحمد الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور
مطابقته للترجمة في قوله اللهم باسمك أحيا وأموت
وعبد الملك بن عمير وربعي بكسر الراء وسكون الباء الموحدة وكسر العين المهملة وتشديد الياء ابن حراش بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالشين المعجمة الغطفاني وكان من العباد يقال إنه تكلم بعد الموت
والحديث مضى في الدعوات في باب وضع اليد اليمنى تحت الخد الأيمن ومضى الكلام فيه
7395 - حدثنا ( سعد بن حفص ) حدثنا ( شيبان ) عن ( منصور ) عن ( ربعي بن حراش ) عن ( خرشة بن الحر ) عن ( أبي ذر ) قال كان النبي إذا أخذ مضجعه من الليل قال باسمك نموت ونحيا

(25/96)


فإذا استيقظ قال الحمد الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور
انظر الحديث 6325
مطابقته للترجمة في قوله باسمك نموت ونحيا
وسعد بن حفص أبو محمد الطلحي الكوفي يقال له الضخم وشيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية ومنصور بن المعتمر وخرشة بالمعجمتين والراء المفتوحات ابن الحر بضم الحاء وتشديد الراء الفزاري الكوفي عن أبي جندب بن جنادة على المشهور
والحديث مضى في الدعوات عن عبدان عن أبي حمزة
7396 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( سالم ) عن ( كريب ) عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال قال رسول الله لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا
الله
مطابقته للترجمة في قوله بسم الله
وجرير هو ابن عبد الحميد وسالم هو ابن أبي الجعد وكريب مولى عبد الله بن عباس
والحديث مضى في كتاب النكاح عن سعد بن حفص ومر أيضا في كتاب الوضوء في باب التمسية على كل حال وعند الوقاع فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن جرير
قوله إن يقدر قيل التقدير أزلي فما وجه أن يقدر وأجيب بأن المراد به تعلقه قوله لم يضره شيطان ويروى الشيطان أي
يكون من
المخلصين
7397 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) حدثنا ( فضيل ) عن ( منصور ) عن ( إبراهيم ) عن ( همام ) عن ( عدي بن حاتم ) قال سألت النبي قلت أرسل كلابي المعلمة قال إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فأمسكن فكل وإذا رميت بالمعراض فخزق فكل
الله
مطابقته للترجمة في قوله وذكرت اسم الله
وفضيل مصغر فضل بالضاد المعجمة ابن عياض بكسر العين المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالضاد المعجمة ابن موسى أبو علي التميمي اليربوعي ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد وكتب الحديث بالكوفة وتحول إلى مكة فأقام بها إلى أن مات سنة سبع وثمانين ومائة وقبره بمكة مشهور يزار ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي وهمام هو ابن الحارث النخعي
والحديث مضى من وجوه كثيرة في الصيد
قوله كلابي المعلمة هي التي تنزجر بالزجر وتسترسل بالإرسال ولا تأكل منه مرارا قوله المعراض بكسر الميم سهم بلا ريش ونصل وغالبا يصيب بعرض عوده دون حده وقيل هو نصل عريض له ثقل فإن قتل الصيد بحده فجرحه ذكاه وهو معنى الخزق بالخاء المعجمة والزاي فيحل أكله وإن قتل بعرضه فهو وقيذ لأن عرضه لا يسلك إلى داخله فلا يحل وخزق بالزاي أي جرح ونفذ وطعن فيه ولو صحت الرواية بالراء فمعناه مرق
7398 - حدثنا ( يوسف بن موسى ) حدثنا ( أبو خالد الأحمر ) قال سمعت ( هشام بن عروة ) يحدث عن أبيه عن ( عائشة ) قالت قالوا يا رسول الله إن هنا أقواما حديثا عهدهم بشرك يأتونا بلحمان لا ندري يذكرون اسم الله عليها أم لا قال اذكروا أنتم اسم الله وكلوا
انظر الحديث 2057 وطرفه
مطابقته للترجمة في قوله اذكروا أنتم اسم الله
ويوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي سكن بغداد ومات بها سنة خمسين ومائتين وأبو خالد اسمه سليمان بن حيان الكوفي
والحديث أخرجه أبو داود في الذبائح عن يوسف بن موسى نحوه
قوله حديثا بالتنوين وعهدهم مرفوع به قوله يأتونا قال الكرماني بالإدغام والفك قلت لا إدغام هنا وإنما هذا على لغة من يحذف نون الجمع بدون جازم وناصب وأصله يأتوننا قوله بلحمان بضم اللام

(25/97)


جمع لحم قال الكرماني فيه جواز أكل متروك التسمية عند الذبح قلت كأنه لم يقرأ قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلىا أوليآئهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون
تابعه محمد بن عبد الرحمان والدراوردي وأسامة بن حفص
أي تابع أبا خالد محمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد العزيز الدراوردي وأسامة بن حفص في روايته عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أما متابعة محمد بن عبد الرحمن فقد أخرجها البخاري في كتاب البيوع في باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات فإنه أخرجه عن أحمد بن المقدام العجلي عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث وأما متابعة الدراوردي فأخرجها محمد بن يحيى العدني عنه وأما متابعة أسامة بن حفص فقد أخرجها البخاري أيضا في كتاب الصيد في باب ذبيحة الأعراب ونحوهم عن محمد بن عبيد الله عن أسامة بن حفص المدني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث
7399 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( هشام ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) قال ضحى النبي بكبشين يسمي ويكبر
الله
مطابقته للترجمة في قوله يسمي وهشام هو ابن عبد الله الدستوائي
والحديث أخرجه أبو داود في الأضاحي عن مسلم بن إبراهيم
قوله يسمي أي يذكر اسم الله مثل البسملة قوله ويكبر أي يقول الله أكبر
7400 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( شعبة ) عن ( الأسود بن قيس ) عن ( جندب ) أنه شهد النبي يوم النحر صلى ثم خطب فقال من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخراى ومن لم يذبح فليذبح باسم الله
الله
مطابقته للترجمة في آخر الحديث وهو قوله فليذبح باسم الله
والحديث مضى في العيد في باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد فإنه أخرجه هناك عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة عن الأسود عن جندب الحديث ومضى الكلام فيه
7401 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( ورقاء ) عن ( عبد الله بن دينار ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما قال قال النبي لا تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله
الله
مطابقته للترجمة في قوله فليحلف بالله وأبو نعيم الفضل بن دكين وورقاء مؤنث الأورق ابن عمر الخوارزمي
والحديث قد مضى في كتاب الأيمان
قوله لا تحلفوا بآبائكم كانوا يحلفون بهم فنهاهم عن ذلك قيل ثبت أنه قال أفلح وأبيه وأجيب بأنها كلمة تجري عل اللسان عمودا للكلام ولا يقصد بها اليمين والحكمة في النهي هي أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى وهكذا حكم غير الآباء من سائر المخلوقات
14 -
( باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله وقال خبيب وذالكفي ذات الإلاه فذكر الذات باسمه تعالى )
أي هذا باب في بيان ما يذكر في الذات يريد ما يذكر في ذات الله ونعوته هل هو كما يذكر أسامي الله يعني هل يجوز إطلاقه كإطلاق الأسامي أو يمنع والذي يفهم من كلامه أنه لا يمنع ألا يرى كيف استشهد على ذلك بقول خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الأخرى ابن عدي الأنصاري قوله
وذلك في ذات الإلاه وإن يشأيبارك على أوصال شلو ممزع
أنشد ذلك وقبله بيت آخر على ما يجيء الآن حين أسر وخرجوا به للقتل وقد مضت قصته في غزوة

(25/98)


بدر وقال الكرماني ذكر حقيقة الله بلفظ الذات أو ذكر الذات ملتبسا باسم الله وقد سمع رسول الله قول خبيب هذا ولم ينكره فصار طريق العلم به التوقيف من الشارع قيل ليس فيه دلالة على الترجمة لأنه لا يراد بالذات الحقيقة التي هي مراد البخاري بقرينة ضم الصفة إليه حيث قال ما يذكر في الذات والنعوت وأجيب بأن غرضه جواز إطلاق الذات في الجملة قوله والنعوت أي الأوصاف جمع نعت وفرقوا بين الوصف والنعت بأن الوصف يستعمل في كل شيء حتى يقال الله موصوف بخلاف النعت فلا يقال الله منعوت ولو قال في الترجمة في الذات والأوصاف لكان أحسن قوله وأسامي الله قال بعضهم الأسامي جمع اسم قلت ليس كذلك بل الأسامي جمع أسماء وأسماء جمع اسم فيكون الأسامي جمع الجمع
7402 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) عن ( الزهري ) أخبرني ( عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي ) حليف لبني زهرة وكان من أصحاب أبي هريرة أن أبا هريرة قال بعث رسول الله عشرة منهم خبيب الأنصاري فأخبرني عبيد الله بن عياض أن ابنة الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه قال خبيب الأنصاري
ولست أبالي حين أقتل مسلماعلى أي شق كان لله مصرعيوذلك في ذات الإله وإن يشأيبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث فأخبر النبي أصحابه خبرهم يوم أصيبوا
أوضح بهذا الحديث قوله وقال خبيب
( وذلك في ذات الإلاه )
وأبو اليمان الحكم بن نافع وعمرو بن أبي سفيان بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين ابن جارية بالجيم الثقفي حليف بالحاء المهملة أي معاهدهم والحديث قد مضى في الجهاد مطولا في باب هل يستأسر الرجل قوله عشرة أي عشرة أنفس قوله فأخبرني أي قال الزهري فأخبرني عبيد الله بن عياض بكسر العين المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالضاد المعجمة ابن عمرو المكي وقال الحافظ المنذري عبيد الله بن عياض بن عمر والقاري حجازي قوله ابنة الحارث ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف كان خبيب قتل أباها قوله حين اجتمعوا أي إخوتها لقتله اقتصاصا لأبيهم قوله استعار منها ويروى فاستعار منها بالفاء قال الكرماني الفاء زائدة وجوز بعض النحاة زيادتها أو التقدير استعار فاستعار والمذكور مفسر للمقدر قوله موسى مفعل أو فعلى منصرف وغير منصرف على خلاف بين الصرفيين قوله يستحد من الاستحداد وهو حلق الشعر بالحديد قوله ولست أبالي ويروى ما أبالي وليس موزونا إلا بإضافة شيء إليه نحو إنا قوله شق بكسر الشين المعجمة وتشديد القاف وهو النصف قوله مصرعي من الصرع وهو الطرح على الأرض ويجوز أن يكون مصدرا ميميا ويجوز أن يكون اسم مكان قوله في ذات الإلاه أي في طاعة الله وسبيل الله قوله على أوصال جمع وصل ويريد بها المفاصل أو العظام قوله شلو بكسر الشين المعجمة وهو العضو قوله ممزع بالزاي المفرق والمقطع قوله فقتله ابن الحارث هو عقبة بالقاف ابن الحارث بن عامر 15 - ( باب قول الله تعالى لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذالك فليس من الله في شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير وقوله جل ذكره وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أءنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى 1764 أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب أي هذا باب في ذكر قوله عز و جل لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذالك فليس من الله في شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ذكر هنا آيتين وذكر ثلاث أحاديث لبيان إثبات نفس لله تعالى وفي

(25/99)


القرآن جاء أيضا قل لمن ما فى السماوات والارض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون واصطنعتك لنفسى وقال ابن بطال النفس لفظ يحتمل معاني والمراد بنفسه ذاته فوجب أن يكون نفسه هي هو وهو اجتماع وكذا قال الراغب نفسه ذاته وهذا وإن كان يقتضي المغايرة من حيث إنه مضاف ومضاف إليه فلا شيء من حيث المعنى سوى واحد سبحانه وتعالى وتنزه عن الاثنينية من كل وجه وقيل إن إضافة النفس هنا إضافة ملك والمراد بالنفس نفوس عباده وفي الأخير بعد لا يخفى وقيل ذكر النفس هنا للمشاكلة والمقابلة قلت هذا يمشي في الآية الثانية دون الأولى وقال الزجاج في قوله تعالى لا يتخذ المؤمنون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين ومن يفعل ذالك فليس من الله في شىء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير أي إياه وقيل يحذركم عقابه وقال ابن الأنباري في قوله تعالى وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أءنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب أي ولا أعلم ما في غيبك وقيل معناه تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك
7403 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) عن ( شقيق ) عن ( عبد الله ) عن النبي قال ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش وما أحد أحب إليه المدح من الله
قيل لا مطابقة هنا بين الترجمة وهذا الحديث لأنه ليس فيه ذكر النفس حتى قال الكرماني الظاهر أن هذا الحديث كان قبل هذا الباب فنقله الناسخ إلى هذا الباب ونسبه بعضهم إلى أن هذا غفلة من مراد البخاري فإن ذكر النفس ثابت في هذا الحديث الذي أورده وإن كان لم يقع في هذا الطريق وهو في هذا الحديث أورده في سورة الأنعام وفيه ولا شيء أحب إليه المدح من الله وكذلك مدح نفسه قلت هذا ليس غفلة منه لأن كلامه على الظاهر لأن الذي ينبغي أن لا يذكر حديث عقيب ترجمة إلا ويكون فيه لفظ يطابق الترجمة وإلا يبقى بحسب الظاهر غير مطابق ومع هذا اعتذر الكرماني عنه حيث قال لعله أقام استعمال أحد مقام النفس لتلازمهما في صحة استعمال كل واحد منهما مقام الآخر ويؤيده قول غيره وجه مطابقته أنه صدر الكلام بأحد وأحد الواقع في النفي عبارة عن النفس على وجه مخصوص بخلاف أحد الواقع في قوله تعالى قل هو الله أحد وهذا السند بعينه مر في الكتاب غير مرة
والأعمش سليمان وشقيق بن سلمة أبو وائل وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والحديث مضى في سورة الأنعام ومضى أيضا في أواخر النكاح في باب الغيرة بغير هذا الإسناد والمتن
قوله أغير من الله غيرة الله هي كراهيته الإتيان بالفواحش أي عدم رضاه به لا عدم إرادته وقيل الغضب لازم الغيرة أي غضبه عليها ثم لازم الغضب إرادة إيصال العقوبة عليها قوله أحب بالنصب والمدح بالرفع فاعله وهو مثل مسألة الكحل ويروى أحب بالرفع وهو بمعنى المحبوب لا بمعنى المحب
7404 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لما خلق الله الخلق كتب في كتابه هو يكتب على نفسه وهو وضع عنده على العرش إن رحمتي تغلب غضبي
الله
مطابقته للترجمة في قوله على نفسه
وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي اسمه محمد بن ميمون والأعمش سليمان وأبو صالح ذكوان الزيات السمان
والحديث أخرجه مسلم قال حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا المغيرة يعني الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي
قوله وهو وضع بمعنى موضوع عنده وكذا في رواية أخرى لمسلم فهو موضوع عنده وقال الجوهري وضعت الشيء من يدي وضعا وموضعا وموضوعا وهو مثل المعقول وزنا
7405 - حدثنا ( عمر بن حفص ) حدثنا أبي حدثنا ( الأعمش ) سمعت ( أبا صالح ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قال النبي يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا

(25/100)


ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
مطابقته للترجمة في قوله ذكرته في نفسي
والحديث من أفراده
قوله أنا عند ظن عبدي بي يعني إن ظن أني أعفو عنه وأغفر له فله ذلك وإن ظن العقوبة والمؤاخذة فكذلك ويقال إن كان فيه شيء من الرجاء رجاه لأنه لا يرجو إلا مؤمن بأن له ربا يجازي ويقال إني قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامله به وقال الكرماني وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف قوله وأنا معه أي بالعلم إذ هو منزه عن المكان وقيل أنا معه بحسب ما قصد من ذكره لي قوله فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي يعني إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سرا ذكرته بالثواب والرحمة سرا وقيل معناه إن ذكرني بالتعظيم أذكره بالإنعام قوله وإن ذكرني في ملأ أي في جماعة ذكرته في ملأ خير منهم يعني الملائكة المقربين وقال ابن بطال هذا الحديث نص من الشارع على أن الملائكة أفضل من بني آدم ثم قال وهو مذهب جمهور أهل العلم وعلى ذلك شواهد من كتاب الله تعالى منها قوله تعالى فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هاذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ولا شك أن الخلود أفضل من الفناء فكذلك الملائكة أفضل من بني آدم وإلا فلا يصح معنى الكلام قلت ما وافق أحد على أن هذا مذهب الجمهور بل الجمهور على تفضيل البشر وفيه الخلاف المشهور بين أهل السنة والمعتزلة وأصحابنا الحنفية فصلوا في هذا تفصيلا حسنا وهو أن خواص بني آدم أفضل من خواص الملائكة وعوام بني آدم أفضل من عوامهم وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم واستدلالهم بهذا الحديث على تفضيل الملائكة على بني آدم لا يتم لأنه يحتمل أن يراد بالملأ الخير الأنبياء أو أهل الفراديس قوله وإن تقرب إلي بشبر هكذا رواية المستملي والسرخسي بشبر بزيادة الباء في أوله وفي رواية غيرهما شبرا بالنصب أي مقدار شبر وكذلك تقدير ذراعا مقدار ذراع وتقدير باعا مقدار باع قوله هرولة أي إتيانا هرولة والهرولة الإسراع ونوع من العدو وأمثال هذه الإطلاقات ليس إلا على سبيل التجوز إذ البراهين العقلية القاطعة قائمة على استحالتها على الله تعالى فمعناه من تقرب إلي بطاعة قليلة أجازيه بثواب كثير وكلما زاد في الطاعة أزيد في الثواب وإن كان كيفية إتيانه بالطاعة على التأني يكون كيفية إتياني بالثواب على السرعة فالغرض أن الثواب راجح على العمل مضاعف عليه كما وكيفا ولفظ النفس والتقرب والهرولة إنما هو مجاز على سبيل المشاكلة أو على طريق الاستعارة أو على قصد إرادة لوازمها وهو من الأحاديث القدسية الدالة على كرم أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين
16 -
( باب قول الله تبارك وتعالى ولا تدع مع الله إلاها ءاخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون )
أي هذا باب في قول الله عز و جل إلى آخره قوله وكذا في قوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وقال ابن بطال في هذه الآية والحديث دلالة على أن لله وجها وهو من صفة ذاته وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين كما نقول إنه عالم ولا نقول إنه كالعلماء الذين نشاهدهم وقال غيره دلت الآية على أن المراد بالوجه الذات المقدسة ولو كانت صفة من صفات العلم لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات وهو محال وقال الكرماني ما حاصله إن المراد بالوجه الذات وقال أبو عبيدة إلا جاهه واحتج بقوله لفلان جاه في الناس أي وجه وقيل إلا إياه ولا يجوز أن يكون وجهه غيره لاستحالة مفارقته له بزمان أو مكان أو عدم أو وجود فثبت أن له وجها لا كالوجوه لأنه فاطر السماوات والارض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الانعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير
7406 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) حدثنا ( حماد ) عن ( عمرو ) عن ( جابر بن عبد الله ) قال لما نزلت هاذه الآية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون قال النبي أعوذ

(25/101)


بوجهك فقال قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون فقال النبي أعوذ بوجهك قال قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون فقال النبي هذا أيسر
انظر الحديث 4628 وطرفهمح
مطابقته للترجمة في قوله أعوذ بوجهك
وحماد هو ابن زيد وعمر هو ابن دينار
والحديث مر في تفسير سورة الأنعام فإنه أخرجه هناك عن أبي النعمان عن حماد إلى آخره نحوه ومضى أيضا في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة في باب قول الله تعالى أو يلبسكم شيعا فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله عن سفيان عن عمرو عن جابر ومضى الكلام فيه
قوله هذا أيسر وفي رواية ابن السكن هذه وسقط في رواية الأصيلي لفظ الإشارة
17 -
( باب قول الله تعالى أن اقذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى تغذى وقوله جل ذكره تجرى بأعيننا جزآء لمن كان كفر )
أي هذا باب في بيان قوله جل ذكره إلى آخره وأشار بالآيتين إلى أن لله تعالى صفة سماها عينا ليست هو ولا غيره وليست كالجوارح المعقولة بيننا لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء خلافا لما يقوله المجسمة من أنه تعالى جسم لا كالأجسام وقيل على عيني أي على حفظي وتستعار العين لمعان كثيرة قوله تغذى كذا وقع في رواية الأصيلي والمستملي بضم التاء وفتح الغين المعجمة بعدها ذال معجمة من التغذية ووقع في نسخة الصغاني بالدال المهملة وليس بفتح أوله على حذف التاءين فإنه تفسير تصنع وقال ابن التين هذا التفسير لعبادة ويقال صنعت الفرس إذا أحسنت القيام عليه قوله د ذ أي بعلمنا وقال الكرماني أما العين فالمراد منها المرآى أو الحفظ وبأعيننا أي وبمرآى منا أو هو محمول على الحفظ إذ الدليل مانع عن إرادة العضو وأما الجمع فهو للتعظيم
7407 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( جويرية ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله ) قال ذكر الدجال عند النبي فقال إن الله لا يخفى عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه لأن فيه إثبات العين
وجويرية هو ابن أسماء
والحديث من أفراده بهذا الوجه قال الحافظ المزي وفي كتاب أبي مسعود عن مسدد بدل موسى بن إسماعيل والذي في الصحيح موسى بن إسماعيل هكذا منسوب في عدة أصول
قوله إن الله ليس بأعور قيل في إشارته إلى العين نفي العور وإثبات العين ولما كان منزها عن الجسمية والحدقة ونحوهما لا بد من الصرف إلى ما يليق به واحتجت المجسمة بقوله إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه على أن عينه كسائر الأعين قلنا إذا قامت الدلائل على استحالة كونه محدثا وجب صرف ذلك إلى معنى يليق به وهو نفي النقص والعور عنه جلت عظمته وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر بل منتف عنه جميع النقائص والآفات قوله أعور عين اليمنى من باب إضافة الموصوف إلى صفته قوله طافئة أي ناتئة شاخصة ضد راسبة
7408 - حدثنا ( حفص بن عمر ) حدثنا ( شعبة ) أخبرنا ( قتادة ) قال سمعت ( أنسا ) رضي الله عنه عن النبي قال ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر
انظر الحديث 7131
مطابقته للترجمة مثل مطابقة الحديث السابق
والحديث مضى في الفتن عن سليمان بن حرب
قوله الأعور الكذاب أي الدجال قيل معلوم أنه ليس الرب بدلائل متعددة وأجيب بأن ذلك معلوم للعلماء والمقصود أن يشير إلى أمر محسوس تدركه العوام

(25/102)


18 -
( باب قول الله تعالى هو الله الخالق البارىء المصور له الاسمآء الحسنى يسبح له ما فى السماوات والارض وهو العزيز الحكيم )
أي هذا باب في قول الله عز و جل إلى آخره قوله هو الله الخالق البارىء المصور له الاسمآء الحسنى يسبح له ما فى السماوات والارض وهو العزيز الحكيم كذا وقع في رواية الأكثرين والتلاوة هو الله الخالق البارىء المصور له الاسمآء الحسنى يسبح له ما فى السماوات والارض وهو العزيز الحكيم وثبت كذلك في بعض النسخ من رواية كريمة وقال شيخ شيخي الطيبي قيل إن الألفاظ الثلاثة مترادفة وهو وهم فإن الخالق من الخلق وأصله التقدير المستقيم ويطلق على الإبداع وهو إيجاد الشيء على غير مثال كقوله خلق السماوات والارض بالحق تعالى عما يشركون وعلى التكوين كقوله خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين والبارىء من البرء وأصله خلوص الشيء عن غيره إما على سبيل التفصي منه كقولهم برىء فلان من مرضه والمديون من دينه وإما على سبيل الإنشاء ومنه برأ الله النسمة وقيل البارىء الخالق البرىء من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام والمصور مبدع صور المخترعات ومرتبها بحسب مقتضى الحكمة والثلاثة من صفات الفعل إلا إذا أريد بالخالق المقدر فيكون من صفات الذات لأن مرجع التقدير إلى الإرادة والخلق في حق غير الله يقع بمعنى التقدير وبمعنى الكذب والبارىء خص بوصف الله تعالى والبرية الخلق قيل أصله الهمزة فهو من برأ وقيل أصله البري من بريت العود وقيل البرية من البرى بالقصر وهو التراب ويحتمل أن يكون معناه موحد الخلق من البري وهو التراب والمصور معناه المهيىء قال تعالى هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشآء لا إلاه إلا هو العزيز الحكيم والصورة في الأصل ما يتميز به الشيء عن غيره
7409 - حدثنا ( إسحاق ) حدثنا ( عفان ) حدثنا ( وهيب ) حدثنا ( موسى ) هو ( ابن عقبة ) حدثني محمد بن يحياى بن حيان عن ابن محيريز عن أبي سعيد الخدري في غزوة بني المصطلق أنهم أصابوا سبايا فأرادوا أن يستمتعوا بهن ولا يحملن فسألوا النبي عن العزل فقال ما عليكم أن لا تفعلوا فإن الله قد كتب من هو خالق إلى يوم القيامة
الله
مطابقته للترجمة في قوله من هو خالق إلى يوم القيامة
وإسحاق قال الغساني هو إما ابن منصور وإما إسحاق بن راهويه قيل يؤيد أنه ابن منصور أن ابن راهويه لا يقول إلا أخبرنا وهنا ثبت في النسخ حدثنا وعفان هو ابن مسلم الصفار ووهيب مصغر وهب ابن خالد البصري و ( محمد بن يحيى بن حيان ) بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف الأنصاري و ( ابن محيريز ) هو عبد الله بن محيريز بضم الميم وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالزاي الجمحي القرشي السامي
ومضى الحديث في النكاح في باب العزل
قوله المصطلق بكسر اللام قوله عن العزل وهو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال قوله ما عليكم أن لا تفعلوا أي ليس عليكم ضرر في ترك العزل أو ليس عدم العزل واجبا عليكم وقال المبرد لا زائدة
وقال مجاهد عن قزعة سمعت أبا سعيد فقال قال النبي ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها
قزعة هو ابن يحيى وهو من الأقران لأن مجاهدا في طبقة قزعة قوله سمعت وفي رواية أبي ذر سألت والمسؤول عنه محذوف وقد وصل هذا التعليق مسلم من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ ذكر العزل عند رسول الله فقال ولم يفعل ذلك أحدكم ولم يقل فلا يفعل ذلك قوله مخلوقة أي مقدرة الخلق أو معلومة الخلق عند الله أي لا بد لها من مجيئها من العدم إلى الوجود والخلق من صفات الفعل وهو راجع إلى صفة القدرة
19 - ( باب قول الله عز و جل قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى أستكبرت أم كنت من العالين

(25/103)


أي هذا باب في قول الله عز و جل قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى أستكبرت أم كنت من العالين واليد هنا القدرة وقال أبو المعالي ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليدين والعينين والوجه صفات ثابتة للرب والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة والعينين على البصر والوجه على الوجود وقال ابن بطال في هذه الآية ثبات اليدين لله تعالى وليستا بجارحتين خلافا للمشبهة من المثبتة وللجهمية من المعطلة
7410 - حدثنا ( معاذ بن فضالة ) حدثنا ( هشام ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) أن النبي قال يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذالك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هاذا فيأتون آدم فيقولون يا آدم أما ترى الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء شفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هاذا فيقول لست هناك ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمان فيأتون إبراهيم فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطاياه التي أصابها ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما فيأتون موسى فيقول لست هناكم ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه فيأتون عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال لي ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ربي ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال ارفع محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأحمد ربي بمحامد علمنيها ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أرجع فأقول يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود
قال النبي يخرج من النار من قال لا إلاه إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا إلاه إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إلاه إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة
الله
مطابقته للترجمة في قوله خلقك الله بيده
ومعاذ بن فضالة بفتح الفاء وتخفيف الضاد المعجمة وحكي ضم الفاء وهشام هو الدستوائي
والحديث مضى في أول تفسير سورة البقرة عن مسلم بن إبراهيم عن هشام وعن خليفة عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة ومضى الكلام فيه
قوله يجمع مع الله المؤمنين يتناول كل المؤمنين من الأمم الماضية قوله كذلك أي مثل الجمع الذي نحن عليه قوله لو استشفعنا الجزاء محذوف أو كلمة لو للتمني فلا يحتاج إلى الجزاء قوله يريحنا بضم الياء

(25/104)


وكسر الراء من الإراحة قوله من مكاننا هذا أي من الموقف بأن يحاسبوا ويخلصوا من حر الشمس والغموم والكروب وسائر الأهوال مما لا يطيقون ولا يحملون قوله أما ترى الناس أي فيما هم فيه قوله شفع أمر من التشفيع وهو قبول الشفاعة قال الكرماني وهو لا يناسب المقام اللهم إلا أن يقال هو تفعيل للتكثير والمبالغة وفي بعض النسخ اشفع أمر من شفع يشفع قوله لست هناك أي ليس لي هذه المرتبة والمنزلة هكذا رواية الأكثرين في الموضعين وفي رواية أبي ذر عن السرخسي هناكم قوله خطيئته التي أصاب وهي أكل الشجرة قوله نوحا بالتنوين منصرف لسكون أوسطه قوله فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض قال الكرماني مفهومه أن آدم عليه السلام ليس برسول وأجاب بأنه لم يكن للأرض أهل وقت آدم وهو مقيد بذلك انتهى قلت كذا ذكر صاحب التوضيح السؤال والجواب وهو في الحقيقة من كلام ابن بطال وكذا قاله الداودي ثم قال ابن بطال فإن قيل لما تناسل منه ولده وجب أن يكون رسولا إليهم قيل لما أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض علمه الله أحكام دينه وما يلزمه من طاعة ربه ولما حدث ولده بعده حملهم على دينه وما هو عليه من شريعة ربه كما أن الواحد منا إذا ولد له ولد يحمله على سنته وطريقته ولا يستحق بذلك أن يسمى رسولا وإنما سمي نوح رسولا لأنه بعث إلى قوم كفار ليدعوهم إلى الإيمان قلت لقائل أن يقول إن قابيل لما قتل هابيل وهرب من آدم وعصى عليه ومعه أولاده فآدم دعاهم إلى الطاعة وإلى دينه فهذا يطلق عليه أنه أرسل إليهم فإذا صح هذا يحتاج إلى جواب شاف في الوجه بين هذا وبين قوله عليه السلام فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض وهنا شيء آخر وهو أن أهل التاريخ ذكروا أن إدريس عليه السلام جد نوح فإن صح أن إدريس رسول لم يصح قولهم إنه قبله وإلا احتمل أن يكون إدريس غير مرسل قوله ويذكر خطيئته التي أصاب وهي دعوته وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا قوله خطاياه وخطايا إبراهيم عليه السلام كذباته الثلاث ( إني مستقيم ) و ( بل فعله كبيرهم ) وإنها أختي أي سارة عليها السلام قوله وكلمته لوجوده بمجرد قول كن قوله وروحه لنفخ الروح في مريم عليها السلام قوله فيؤذن لي وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني ويؤذن لي بالواو قوله فيدعني أي يتركني قوله ارفع أي رأسك يا محمد قوله وقل يسمع بالياء آخر الحروف في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر عن السرخسي والكشميهني بالتاء المثناة من فوق قوله وسل تعطه وفي رواية أبي ذر عن المستملي تعط بلا هاء في الموضعين قوله واشفع تشفع أي تقبل شفاعتك قوله فيحد لي حدا أي يعين لي قوما مخصوصين للتخليص وذلك إما بتعيين ذواتهم وإما بيان صفاتهم قوله إلا من حبسه القرآن إسناد الحبس إليه مجاز يعني من حكم الله في القرآن بخلوده وهم الكفار قال الله تعالى ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بنى إسراءيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الاكمه والابرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن في ذالك لأية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بأية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربى وربكم فاعبدوه هاذا صراط مستقيم فلمآ أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنآ ءامنا بمآ أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة وما لهم من ناصرين وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين ذالك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حآجك فيه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا وأبنآءكم ونسآءنا ونسآءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين إن هاذا لهو القصص الحق وما من إلاه إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ياأهل الكتاب لم تحآجون فى إبراهيم ومآ أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون هاأنتم هاؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحآجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهاذا النبى والذين ءامنوا والله ولى المؤمنين ودت طآئفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون ياأهل الكتاب لم تكفرون بأيات الله وأنتم تشهدون ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طآئفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذي أنزل على الذين ءامنوا وجه النهار واكفروا ءاخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتىا أحد مثل مآ أوتيتم أو يحآجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشآء والله واسع عليم يختص برحمته من يشآء والله ذو الفضل العظيم ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قآئما ذالك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولائك لا خلاق لهم فى الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لى من دون الله ولاكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لمآ ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جآءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذالكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذالك فأولائك هم الفاسقون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السماوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون قل ءامنا بالله ومآ أنزل علينا ومآ أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الاخرة من الخاسرين كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجآءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين أولائك جزآؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذالك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولائك هم الضآلون إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الارض ذهبا ولو افتدى به أولائك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شىء فإن الله به عليم كل الطعام كان حلا لبنى إسراءيل إلا ما حرم إسراءيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولائك هم الظالمون قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه ءايات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان ءامنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين قل ياأهل الكتاب لم تكفرون بئيات الله والله شهيد على ما تعملون قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من ءامن تبغونها عوجا وأنتم شهدآء وما الله بغافل عما تعملون ياأيها الذين ءامنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم ءايات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذالك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولائك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جآءهم البينات وأولائك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خالدون تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين ولله ما فى السماوات وما فى الارض وإلى الله ترجع الامور كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو ءامن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وبآءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذالك بأنهم كانوا يكفرون بئايات الله ويقتلون الانبيآء بغير حق ذالك بما عصوا وكانوا يعتدون ليسوا سوآء من أهل الكتاب أمة قآئمة يتلون ءايات الله ءانآء اليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولائك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون ونحوه قيل أول الحديث يشعر بأن هذه الشفاعة في العرصات لخلاص جميع أهل الموقف من أهواله وآخره يدل على أنها للتخليص من النار وأجيب بأن هذه شفاعات متعددة فالأولى لأهوال الموقف وهو المستفاد من يؤذن لي عليه
قوله قال النبي هو موصول بالإسناد الأول وليس بإرسال ولا تعليق قوله من الخير من الإيمان قوله ما يزن أي ما يعدل قوله ذرة بفتح الذال المعجمة
وفي الحديث بيان فضيلة النبي حيث أتى بما خاف منه غيره وفيه شفاعته لأهل الكبائر من أمته خلافا للمعتزلة والقدرية والخوارج فإنهم ينكرونها وفيه الدلالة على وقوع الصغائر منهم نقله ابن بطال عن أهل السنة وأطبقت المعتزلة والخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم قلت أنا على قولهم في هذه المسألة خاصة
7411 - حدثنا ( أبو اليمان ) أخبرنا ( شعيب ) حدثنا ( أبو الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال يد الله ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار
وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يده
وقال وكان عرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع
الله

(25/105)


مطابقته للترجمة في قوله منذ خلق السموات
وأبو اليمان الحكم بن نافع وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث بعين هذا الإسناد والمتن مضى في تفسير سورة هود وفيه زيادة وهي في أوله قال قال الله عز و جل أنفق أنفق عليك وقال يد الله إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله يد الله حقيقة لكنها كالأيدي التي هي الجوارح ولا يجوز تفسيرها بالقدرة كما قالت القدرية لأن قوله وبيده الأخرى ينافي ذلك لأنه يلزم إثبات قدرتين وكذا لا يجوز أن تفسر بالنعمة لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله لأن النعم كلها مخلوفة وأبعد أيضا من فسرها بالخزائن قوله ملأى بفتح الميم وسكون اللام وبالهمزة وبالقصر تأنيث ملآن ووقع في مسلم بلفظ ملآن قيل هو غلط والمراد لازمه أي في غاية الغنى وتحت قدرته ما لا نهاية له من الأرزاق قوله لا يغيضها بفتح الياء وبالمعجمتين أي لا ينقصها يقال غاض الماء يغيض أي نقص قوله سحاء بفتح السين المهملة وتشديد الحاء المهملة وبالمد أي دائمة السح أي الصب والسيلان يقال سح يسح بضم السين في المضارع فهو ساح والمؤنث سحاء وهي فعلاء لا أفعل لها كهطلاء وقال ابن الأثير وفي رواية يمين الله ملآى سحا بالتنوين على المصدر واليمين هاهنا كناية عن محل عطائه ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها فجعلها كالعين الثرة التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينقصها الامتناح وخص اليمين لأنها في الأكثر مظنة العطاء على طريق المجاز والاتساع قوله الليل والنهار منصوبان على الظرفية قوله منذ خلق السموات وفي رواية أبي ذر منذ خلق الله السموات قوله فإنه لم يغض أي لم ينقص ووقع في رواية همام لم ينقص ما في يمينه وقال الطيبي يجوز أن يكون ملآى ولا يغيضها وسحاء و أرأيتم أخبارا مترادفة ليد الله ويجوز أن تكون الثلاثة أوصافا لملآى ويجوز أن يكون أرأيتم استئنافا فيه معنى الترقي كأنه لما قيل ملآى أوهم جواز النقصان فأزيل بقوله لا يغيضها شيء وقد يمتلىء الشيء ولا يغيض فقيل سحاء إشارة إلى عدم الغيض وقرنه بما يدل على الاستمرار من ذكر الليل والنهار ثم أتبعه بما يدل على أن ذلك ظاهر غير خاف على ذي بصر وبصيرة بعد أن اشتمل من ذكر الليل والنهار بقوله أرأيتم على تطاول المدة لأنه خطاب عام عظيم والهمزة فيه للتقرير
قوله وقال وكان عرشه على الماء سقط قال من رواية همام فإن قلت ما مناسبة ذكر العرش هنا قلت ليستطلع السامع من قوله خلق السموات والأرض ما كان قبل ذلك فذكر ما يدل على أن عرشه قبل السموات والأرض كان على الماء كما وقع في حديث عمران بن حصين كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض ومضى هذا في بدء الخلق عن سعيد بن جبير سألت ابن عباس على أي شيء كان الماء ولم يخلق سماء ولا أرضا فقال على متن الريح قوله يخفض ويرفع أي يخفض الميزان ويرفعه وقال الخطابي الميزان هنا مثل وإنما هو القسمة بين الخلائق يبسط الرزق على من يشاء ويقتر كما يصنعه الوزان عند الوزن يرفع مرة ويخفض أخرى
7412 - حدثنا ( مقدم بن محمد ) قال حدثني ( عمي القاسم بن يحيى ) عن ( عبيد الله ) عن ( نافع ) عن ( ابن عمر ) رضي الله عنهما عن رسول الله أنه قال إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك رواه سعيد عن مالك
وقال عمر بن حمزة سمعت سالما سمعت ابن عمر عن النبي بهاذا
وقال أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة قال قال رسول الله يقبض الله الأرض
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله يقبض وقوله وتكون السموات بيمينه ولا يخفى ذلك على المتأمل الفطن
ومقدم على صيغة اسم المفعول من التقديم ابن محمد بن يحيى الهلالي الواسطي وعمه القاسم بن يحيى بن عطاء روى عنه ابن أخيه مقدم المذكور وعبيد الله بن عمر العمري
والحديث من أفراده بهذا الوجه
قوله رواه سعيد أي روى الحديث المذكور

(25/106)


سعيد بن داود بن أبي زنبر بفتح الزاي وسكون النون وفتح الباء الموحدة ثم راء المدني سكن بغداد وحدث بالري وما له في البخاري إلا هذا الموضع وقد حدث عنه البخاري في كتاب الأدب المفرد وتكلم فيه جماعة ووصل تعليقه الدارقطني في غرائب مالك وأبو القاسم اللالكائي من طريق أبي بكر الشافعي عن محمد بن خالد الآجري عن سعيد
قوله وقال عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر سمعت سالما هو ابن عبد الله بن عمر عم عمر المذكور وهذا وصله مسلم وأبو داود وغيرهما من رواية أبي أسامة عن عمر بن حمزة عن سالم بن عبد الله أخبرني عبد الله بن عمر قال قال رسول الله يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذ هذه بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون هذا لفظ مسلم وفي رواية له يأخذ الله سمواته وأرضه بيديه فيقول أنا الله ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك الحديث وفي رواية أخرى يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده قوله بهذا أي بهذا الحديث
قوله وقال أبو اليمان الحكم بن نافع الخ وتقدم الكلام فيه في باب قوله تعالى ملك الناس قبل هذا بثلاثة عشر بابابش
7414 - حدثنا ( مسدد ) سمع يحياى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله أن يهوديا جاء إلى النبي فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قرأ وما قدروا الله حق قدره
الله
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله والخلائق على إصبع على ما لا يخفى على المتأمل
و ( يحيى بن سعيد ) القطان و ( سفيان ) هو الثوري ومنصور هو ابن المعتمر وسليمان هو الأعمش و ( إبراهيم ) هو النخعي و ( عبيدة ) بفتح العين هو ابن عمرو السلماني أسلم في حياة النبي و ( عبد الله ) هو ابن مسعود وقد تابع سفيان الثوري عن منصور على قوله عبيدة شيبان بن عبد الرحمن عن منصور كما مضى في تفسير سورة الزمر وفضيل بن عياض بعده وجرير بن عبد الحميد عند مسلم وخالفه عن الأعمش في قوله عبيدة حفص بن غياث المذكور في الباب وجرير وأبو معاوية وعيسى بن يونس عند مسلم فكلهم قالوا عن الأعمش عن إبراهيم بن علقمة بدل عبيدة ويعلم من تصرف الشيخين أنه عند الأعمش على الوجهين
والحديث مضى في تفسير سورة الزمر في باب قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره عن آدم عن شيبان ومضى الكلام فيه
قوله أن يهوديا جاء وفي رواية علقمة عن ابن مسعود جاء رجل من أهل الكتاب وفي رواية فضيل بن عياض عند مسلم جاء حبر وزاد شيبان في روايته من الأحبار قوله فقال يا محمد وفي رواية علقمة يا أبا القاسم وجمع بينهما في رواية فضيل بن عياض قوله إن الله يمسك السموات وفي راية شيبان يجعل بدل يمسك وزاد فضيل يوم القيامة قوله والشجر على إصبع زاد في رواية علقمة والشرى وفي رواية شيبان الماء والثرى وفي رواية فضيل بن عياض الجبال والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع قوله والخلائق وفي رواية فضيل وشيبان وسائر الخلق وروى الترمذي من حديث ابن عباس مر يهودي بالنبي فقال يا يهودي حدثنا فقال كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه وأشار أبو جعفر يعني أحد رواته بخنصره أولا ثم تابع حتى بلغ الإبهام قال الترمذي حسن غريب صحيح قوله فضحك رسول الله وفي رواية علقمة عن ابن مسعود فرأيت النبي ضحك قوله حتى بدت أي ظهرت نواجذه جمع ناجذ بنون وجيم مكسورة ثم ذال معجمة وهو ما يظهر عند الضحك من الأسنان وقيل هي الأنياب

(25/107)


وقيل الأضراس وقيل الدواخل من الأضراس التي في أقصى الحلق وزاد شيبان بن عبد الرحمن تصديقا لقول الحبر وفي رواية فضيل تعجبا وتصديقا له وعند مسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له وفي رواية جرير عنده وتصديقا له بزيادة واو وأخرجه ابن خزيمة من رواية إسرائيل عن منصور حتى بدت نواجذه تصديقا له
ثم الكلام هنا في مواضع
الأول في أمر الإصبع قال ابن بطال لا يحمل الإصبع على الجارحة بل يحمل على أنه صفة من صفات الذات لا يكيف ولا يحدد وهذا ينسب إلى الأشعري وعن ابن فورك يجوز أن يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فيحمل ما يحمل الإصبع ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان وقال الخطابي لم يقع ذكر الإصبع في القرآن ولا في حديث مقطوع به وقد تقرر أن اليد ليست جارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهود فإن اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين ورد عليه إنكاره ورود الإصبع لوروده في عدة أحاديث منها حديث مسلم إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن قيل هذا لا يرد عليه لأنه إنما نفى القطع وفيه نظر لا يخفى أقول لا يمنع ثبوت الإصبع الذي هو غير الجارحة فكما ثبت اليد أنها غير جارحة فكذلك الإصبع
الموضع الثاني في تصديق النبي إياه قال الخطابي قول الراوي تصديقا له ظن منه وحسبان وروى هذا الحديث غير واحد من أصحاب عبد الله فلم يذكروا فيه تصديقا له وقال القرطبي في المفهم وأما من زاد تصديقا له فليس بشيء فإن هذه الزيادة من قول الراوي وهي باطلة لأن النبي لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله تعالى محال وطول الكلام فيه ثم قال ولئن سلمنا أن النبي صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقا في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه ويقطع بأن ظاهره غير مراد
الموضع الثالث في ضحك النبي قال القرطبي وضحك النبي إنما هو للتعجب من جهل اليهودي فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق وليس كذلك وقال ابن بطال حاصل الخبر أنه ذكر المخلوقات وأخبر عن قدرة الله جميعا فضحك النبي تعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى
الموضع الرابع في أن النبي ما كان يضحك إلا تبسما وهنا ضحك حتى بدت نواجذه وهو قهقهة قال الكرماني كان التبسم هو الغالب وهذا كان نادرا أو المراد بالنواجذ الأضراس مطلقا
الموضع الخامس في الحكمة في قراءته قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون فقيل أشار بهذا إلى أن الذي قاله اليهودي يسير في جنب ما يقدر عليه أي ليس قدرته بالحد الذي ينتهي إليه الوهم أو يحيط به الحد والبصر وقال الخطابي الآية محتملة للرضاء والإنكار وقال القرطبي ضحكه تعجبا من جهل اليهودي فلذلك قرأ هذه الآية وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون أي ما عرفوه حق معرفته وما عظموه حق عظمته
( باب قول النبي لا شخص أغير من الله )
أي هذا باب في قول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا شخص أغير من الله ووقع في بعض النسخ باب قول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا أحد أغير من الله وقال عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك لا شخص أغير من الله وابن بطال غير قوله لا شخص بقوله لا أحد وعليه شرح وقال اختلف ألفاظ هذا الحديث فلم يختلف في حديث ابن مسعود أنه بلفظ لا أحد فظهر أن لفظ شخص جاء في موضع أحد فكان من تصرف الراوي قلت اختلاف ألفاظ الحديث هو أن في رواية ابن مسعود ما من أحد أغير من الله وفي رواية عائشة ما أحد أغير من الله وفي رواية أسماء لا شيء أغير من الله وفي رواية أبي هريرة إن الله تعالى يغار كل ذلك مضى في كتاب النكاح في باب الغيرة ورواية ابن مسعود مبينة أن لفظ الشخص موضوع موضع أحد وقال الداودي في قوله لا شخص أغير من الله لم يأت متصلا ولم تتلق الأمة مثل هذه الأحاديث بالقبول وهو يتوقى في الأحكام التي لا تلجىء الضرورة الناس إلى العمل به وقال الخطابي إطلاق الشخص في صفات الله غير جائز لأن الشخص إنما يكون جسما مؤلفا وخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفا من الراوي

(25/108)


وكثير من الرواة يحدث بالمعنى وليس كلهم فقهاء وفي كلام آحاد الرواة جفاء وتعجرف وقال بعض كبار التابعين نعم المرء ربنا لو أطعناه ما عصانا ولفظ المرء إنما يطلق على الذكور من الآدميين فأرسل الكلام وبقي أن يكون لفظ الشخص جرى على هذا السبيل فاعتوره الفساد من وجوه أحدها أن اللفظ لا يثبت إلا من طريق السمع والثاني إجماع الأمة على المنع منه والثالث أن معناه أن يكون جسما مؤلفا فلا يطلق على الله وقد منعت الجهمية إطلاق الشخص مع قولهم بالجسم فدل ذلك على ما قلناه من الإجماع على منعه في صفته عز و جل قوله لا شخص كلمة لا لنفي الجنس و أغير مرفوع خبره و أغير أفعل تفضيل من الغيرة وهي الحمية والأنفة وقال عياض الغيرة مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ذلك ما يكون بين الزوجين هذا في حق الآدمي وأما في حق الله فيأتي عن قريب قوله وقال عبيد الله بن عمرو بتصغير العبد وبفتح العين في عمرو بن أبي الوليد الأسدي مولاهم الرقي يروي عن عبد الملك هو ابن عمير بن سويد الكوفي وهو أول من عبر نهر جيحون نهر بلخ على طريق سمرقند مع سعيد بن عثمان بن عفان خرج غازيا معه ومات سنة ست وثلاثين ومائة وعمره يوم مات مائة سنة وثلاث سنين وقال الخطابي انفرد به عبيد الله عن عبد الملك ولم يتابع عليه ورد بعضهم على الخطابي بقوله إنه لم يراجع صحيح مسلم ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيد الله بن عمرو ورد الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما رووا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم ومن ثمة قال الكرماني لا حاجة لتخطئة الرواة الثقاة بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات إما التفويض وإما التأويل انتهى قلت هذا وقع في عين ما أنكر عليه والخطابي لم ينكر هذه اللفظة وحده وكذلك أنكرها الداودي وابن فورك والقرطبي قال أصل وضع الشخص في اللغة لجرم الإنسان وجسمه واستعمل في كل شيء ظاهر يقال شخص الشيء إذا ظهر وهذا المعنى محال على الله انتهى فكلامه يدل على أنه لا يرضى بإطلاق هذه اللفظة على الله وإن كان قد أوله والعجب من هذا القائل إنه أيد كلامه بما قاله الكرماني مع أنه ينسبه في مواضع إلى الغفلة وإلى الوهم والغلط ومن أين ثبت له عدم مراجعة الخطابي إلى صحيح مسلم وغيره وكلامه عام في كل موضع فيه والسهو والنسيان غير مرفوعين عن كل أحد يقعان عن الثقات وغيرهم وفي نسبة الثقات إلى قصور الفهم واقع هو فيه
7416 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) حدثنا ( أبو عوانة ) حدثنا ( عبد الملك ) عن ( وراد كاتب المغيرة ) عن ( المغيرة ) قال قال ( سعد بن عبادة ) لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله فقال تعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذالك وعد الله الجنة
انظر الحديث 6846
مطابقته للترجمة من حيث المعنى ظاهرة وموسى بن إسماعيل التبوذكي وأبو عوانة بفتح العين المهملة وبالنون بعد الألف الوضاح بن عبد الله اليشكري وعبد الملك هو ابن عمير وقد مر الآن ووراد بفتح الواو وتشديد الراء كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه وسعد بن عبادة بضم العين وتخفيف الباء الموحدة سيد الخزرج
والحديث أخرجه البخاري في كتاب النكاح في باب الغيرة معلقا من قوله قال وراد إلى قوله والله أغير مني ثم أخرجه موصولا في كتاب المحاربين في باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله فقال حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة إلى قوله والله أغير مني
قوله غير مصفح بضم الميم وسكون الصاد وفتح الفاء وكسرها أي غير ضارب بعرضه بل بحده وقال ابن التين بتشديد الفاء في سائر الأمهات

(25/109)


قوله والله مجرور بواو القسم قوله لأنا مبتدأ دخلت عليه لام التأكيد المفتوحة وقوله أغير منه خبره وقوله والله مرفوع بالابتداء و أغير مني خبره ومعنى غيرة الله الزجر عن الفواحش والتحريم لها والمنع منها وقد بين ذلك بقوله ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش جمع فاحشة وهي كل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال قوله ما ظهر منها قال مجاهد هو نكاح الأمهات في الجاهلية وما بطن الزنى وقال قتادة سرها وعلانيتها قوله ولا أحد بالرفع لأنه اسم لا وأحب بالنصب لأنه خبره إن جعلتها حجازية وترفعه على أنه خبر إن جعلتها تميمية قوله العذر مرفوع لأنه فاعل أحب قال الكرماني المراد بالعذر الحجة لقوله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما وقال صاحب التوضيح العذر التوبة والإنابة قوله المدحة مرفوع لأنه فاعل أحب وهو بكسر الميم مع هاء التأنيث وبفتحها مع حذف الهاء والمدح الثناء بذكر أوصاف الكمال والإفضال قوله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة كذا فيه بحذف أحد المفعولين للعلم والمراد به من أطاعه وفي رواية مسلم وعد الجنة بإضمار الفاعل وهو الله وقال ابن بطال إرادته المدح من عباده طاعته وتنزيهه عما لا يليق به والثناء عليه ليجازيهم على ذلك
21 -
( باب قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون وسمى الله تعالى نفسه شيئا قل الله وسمى النبي القرآن شيئا وهو صفة من صفات الله وقال ولا تدع مع الله إلاها ءاخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون )
أي هذا باب في قوله تعالى قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون وقال بعضهم باب بالتنوين قلت ليس كذلك لأن التنوين يكون في المعرب والمعرب هو المركب الذي لم يشبه مبنى الأصل فإذا قلنا مثل ما ذكرنا يأتي التنوين والإعراب قوله باب إلى قوله شيئا كذا وقع في رواية أبي ذر والقابسي وسقط باب لغيرهما من رواية الفربري وسقطت الترجمة من رواية النسفي وذكر قوله قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون وحديث سهل بن سعد بعد أثري أبي العالية ومجاهد في تفسير استوى على العرش ووقع عند الأصيلي وكريمة قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون سمى الله نفسه شيئا اا قوله قل الله أي قل يا محمد أي شيء كلمة أي استفهامية ولفظ شيء أعم العام لوقوعه على كل ما يصلح أن يخبر عنه وقال الزمخشري أي شيء أي شهيد أكبر شهادة فوضع شيئا مقام شهيد ليبالغ بالتعميم ويقال إن قريشا أتوا النبي بمكة فقالوا يا محمد ما نرى أحدا يصدقك فيما تقول ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فأرنا من يشهد لك أنك رسول الله فأنزل الله هذه الآية قل أى شىء أكبر شهادة قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحى إلى هاذا القرءان لانذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إلاه واحد وإننى برىء مما تشركون على ما أقول قوله فسمى الله نفسه شيئا يعني إثباتا للوجود ونفيا للعدم وتكذيبا للزنادقة والدهرية قوله وسمى النبي القرآن شيئا أشار به إلى الحديث الذي أورده من حديث سهل بن سعد وفيه أمعك شيء من القرآن وقد مضى في النكاح قوله وهو صفة أي القرآن صفة من صفات الله أي من صفات ذاته وكل صفة تسمى شيئا بمعنى أنها موجودة قوله وقال ولا تدع مع الله إلاها ءاخر لا إلاه إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون فهو أنه مستثنى متصل فيجب اندراجه في المستنثى منه والشيء يساوي الموجود لغة وعرفا وقيل إن الاستثناء منقطع والتقدير لكن هو لا يهلك
7417 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( أبي حازم ) عن ( سهل بن سعد ) قال النبي لرجل أمعك من القرآن شيء قال نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها
الله
مطابقته للترجمة في قوله وسمى النبي القرآن شيئا
وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار
والحديث مضى في النكاح بأتم منه ومضى الكلام فيه
22 -
( باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم )
أي هذا باب في قوله عز و جل وهو الذى خلق السماوات والارض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هاذآ إلا سحر مبين في قوله فإن تولوا فقل حسبى الله لا إلاه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وذكر هاتين القطعتين

(25/110)


من الآيتين الكريمتين تنبيها على فائدتين الأولى من قوله هي لدفع توهم من قال إن العرش لم يزل مع الله تعالى مستدلين بقوله في الحديث كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وهذا مذهب باطل ولا يدل قوله تعالى وهو الذى خلق السماوات والارض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هاذآ إلا سحر مبين على أنه حال عليه وإنما أخبر عن العرش خاصة بأنه على الماء ولم يخبر عن نفسه بأنه حال عليه تعالى الله عن ذلك لأنه لم يكن له حاجة إليه وإنما جعله ليتعبد به ملائكته كتعبد خلقه بالبيت الحرام ولم يسمه بيته بمعنى أنه يسكنه وإنما سماه بيته لأنه الخالق له والمالك وكذلك العرش سماه عرشه لأنه مالكه والله تعالى ليس لأوليته حد ولا منتهى وقد كان في أوليته وحده ولا عرش معه والفائدة الثانية من قوله اذهب بكتابى هاذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون لدفع توهم من قال إن العرش هو الخالق الصانع وقوله رب العرش يبطل هذا القول الفاسد لأنه يدل على أنه مربوب مخلوق والمخلوق كيف يكون خالقا وقد اتفقت أقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير وأنه جسم ذو قوائم بدليل قوله فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش وهذا صفة المخلوق لدلائل قيام الحدوث به من التأليف وغيره وجاء عن عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة عرشه من ياقوتة حمراء
قال أبو العالية استوى إلى السماء ارتفع فسواهن خلقهن
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي سمع ابن عباس وقال الكرماني أبو العالية بالمهملة والتحتانية كنية لتابعيين بصريين راويين عن ابن عباس اسم أحدهما رفيع مصغر رفع ضد الخفض واسم الآخر زياد بالتحتانية الخفيفة انتهى قلت لم يعين أيهما قال استوى إلى السماء ارتفع وكذلك غيره من الشراح أهمل ولم يبين والظاهر أنه رفيع لشهرته أكثر من زياد ولكثرة روايته عن ابن عباس والتعليق المذكور وصله الطبري عن محمد بن أبان حدثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن أبي العالية وقد اختلف العلماء في معنى الاستواء فقالت المعتزلة بمعنى الاستيلاء والقهر والغلبة كما في قول الشاعر
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ودم مهراق
بمعنى قهر وغلب وأنكر عليهم بأنه لا يقال استولى إلا إذا لم يكن مستوليا ثم استولى والله عز و جل لم يزل مستوليا قاهرا غالبا وقال أبو العالية معنى استوى ارتفع وفيه نظر لأنه لم يصف به نفسه وقالت المجسمة معناه استقر وهو فاسد لأن الاستقرار من صفات الأجسام ويلزم منه الحلول والتناهي وهو محال في حق الله تعالى واختلف أهل السنة فقال بعضهم معناه ارتفع مثل قول أبي العالية وبه قال أبو عبيدة والفراء وغيرهما وقال بعضهم معناه ملك وقدر وقال بعضهم معناه علا وقيل معنى الاستواء التمام والفراغ من فعل الشيء ومنه قوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى ءاتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين فعلى هذا فمعنى استوى على العرش أتم الخلق وخص لفظ العرش لكونه أعظم الأشياء وقيل إن على في قوله على العرش بمعنى إلى فالمراد على هذا انتهى إلى العرش أي فيما يتعلق بالعرش لأنه خلق الخلق شيئا بعد شيء والصحيح تفسير استوى بمعنى علا كما قاله مجاهد على ما يأتي الآن وهو المذهب الحق وقول معظم أهل السنة لأن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالعلي واختلف أهل السنة هل الاستواء صفة ذات أو صفة فعل فمن قال معناه علا قال هي صفة ذات ومن قال غير ذلك قال هي صفة فعل قوله فسواهن خلقهن هو من كلام أبي العالية أيضا قوله خلقهن كذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره فسوى خلق والمنقول عن أبي العالية بلفظ فقضاهن كما أخرجه الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عنه في قوله تعالى هو الذى خلق لكم ما فى الارض جميعا ثم استوى إلى السمآء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شىء عليم قال ارتفع وفي قوله فقضاهن خلقهن والذي وقع فسواهن تغيير وفي تفسير سوى بخلق نظر لأن في التسوية قدرا زائدا على الخلق كما في قوله تعالى الذى خلق فسوى وقال مجاهد استوى على العرش

(25/111)


هذا هو الصحيح ووصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه
وقال ابن عباس المجيد الكريم والودود الحبيب يقال حميد مجيد كأنه فعيل من ماجد محمود من حميد
مطابقته للترجمة من حيث إنه لما ذكر العرش ذكر أن الله وصفه بالمجيد في قوله عز و جل ذو العرش المجيد فسر المجيد بالكريم ووصل هذا ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وقرىء ذو العرش صفة لربك وقرىء المجيد بالجر صفة للعرش ومجد الله عظمته ومجد العرش علوه وعظمته قوله والودود الحبيب ذكر هذا استطرادا لأن قبل قوله وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد وفسر الودود بالحبيب وقال الزمخشري الودود الفاعل بأهل طاعته ما يفعله الودود من إعطائهم ما أرادوا قوله كأنه فعيل أي كأن مجيدا على وزن فعيل أخذ من ماجد ومحمود أخذ من حميد ويروى من حمد على صيغة الماضي وهو الصواب وقال الكرماني غرضه أن مجيدا فعيل بمعنى فاعل وحميدا فعيل بمعنى محمود فهو من باب القلب ويروى محمود من حمد بلفظ ماضي المجهول والمعروف وإنما قال كأنه لاحتمال أن يكون حميد بمعنى حامد والمجيد بمعنى الممجد وفي الجملة في عبارة البخاري تعقيد انتهى وقال بعضهم التعقيد في قوله محمود من حمد قلت سبحان الله كيف يقول هذا القائل التعقيد في قوله محمود من حمد وهذا كلام من لم يذق من علم التصريف شيئا بل لفظ محمود مشتق من حمد والتعقيد الذي ذكره الكرماني ونسبه إلى البخاري هو قوله ومحمود أخذ من حميد لأن محمودا لم يؤخذ من حميد وإنما كلاهما أخذا من حمد الماضي فافهم
7418 - حدثنا ( عبدان ) عن ( أبي حمزة ) عن ( الأعمش ) عن ( جامع بن شداد ) عن ( صفوان بن محرز ) عن ( عمران بن حصين ) قال إني عند النبي إذ جاءه قوم من بني تميم فقال اقبلوا البشراى يا بني تميم قالوا بشرتنا فأعطنا فدخل ناس من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا قبلنا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هاذا الأمر ما كان قال كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء ثم أتاني رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وعبدان لقب عبد الله بن عثمان وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون وجامع بن شداد بتشديد الدال المهملة الأولى وصفوان بن محرز بضم الميم على صيغة الفاعل من الإحراز
والحديث مضى في أول كتاب بدء الخلق
قوله إذ جاء قوم من بني تميم وفي رواية المغازي جاءت بنو تميم وهو محمول على إرادة بعضهم وفي رواية بدء الخلق جاء نفر من بني تميم والمراد وفد تميم كما صرح به ابن حبان في روايته اقبلوا البشرى وفي رواية أبي عاصم أبشروا يا بني تميم قوله بشرتنا أي بالجنة ونعيمها أعطنا شيئا وفي المغازي فقالوا أما إذا بشرتنا فأعطنا وفيها فتغير وجهه وعند أبي نعيم في المستخرج كأنه كره ذلك وفي رواية في المغازي فرئي ذلك في وجهه وفيها فقالوا يا رسول الله بشرتنا وهو دال على إسلامهم قيل بنو تميم قبلوها حيث قالوا بشرتنا غاية ما في الباب أنهم سألوا شيئا وأجيب بأنهم لم يقبلوها حيث لم يهتموا بالسؤال عن حقائقها وكيفية المبدأ والمعاد ولم يعتنوا بضبطها وحفظها ولم يسألوا عن موجباتها وعن الموصلات إليها وقيل المراد بهذه البشارة أن من أسلم نجا من الخلود في النار ثم بعد ذلك يترتب جزاؤه على وفق عمله إلا أن يعفو الله قوله فأعطنا زعم ابن الجوزي أن القائل أعطنا هو الأقرع بن حابس التميمي قوله فدخل ناس من أهل اليمن وفي رواية حفص

(25/112)


ثم دخل عليه وفي رواية أبي عاصم فجاءه ناس من أهل اليمن قوله عن أول هذا الأمر أي ابتداء خلق العالم والمكلفين قوله ما كان ما للاستفهام قوله ولم يكن شيء قبله حال قاله الطيبي وعند الكوفيين خبر والمعنى يساعده إذ التقدير كان الله منفردا وقد جوز الأخفش دخول الواو في خبر كان وأخواتها نحو كان زيد وأبوه قائم قوله وكان عرشه على الماء قال الكرماني عطف على كان الله ولا يلزم منه المعية إذ اللازم من الواو هو الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان بينهما تقديم وتأخير وقال شيخ شيخي الطيبي طيب الله ثراهما لفظ كان في الموضعين بحسب حال مدخولها فالمراد بالأول الأزلية والقدم وبالثاني الحدوث بعد العدم قوله في الذكر أي اللوح المحفوظ قوله أدرك ناقتك فقد ذهبت وفي رواية أبي معاوية انحلت ناقتك من عقالها قوله دونها أي كانت الناقة من وراء السراب بحيث لا بد من المسافة السرابية للوصول إليها والسراب بالسين المهملة الذي يراه الإنسان نصف النهار كأنه ماء قوله وايم الله يمين تقدم معناه غير مرة قوله لوددت إلى آخره الود المذكور تسلط على مجموع ذهابها وعدم قيامه لا على أحدهما فقط لأن ذهابها كان قد تحقق بانفلاتها أو المراد بالذهاب الفعل الكلي قاله بعضهم وفي الأخير نظر لا يخفى
7419 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( معم ) عن ( همام ) حدثنا ( أبو هريرة ) عن النبي قال إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه وعرشه على الماء وبيده الأخراى الفيض أو القبض يرفع ويخفض
الله
مطابقته للترجمة في قوله وعرشه على الماء
وعلي بن عبد الله هو ابن المديني وعبد الرزاق بن همام ومعمر بن راشد وهمام بفتح الهاء وتشديد الميم ابن منبه أخو وهب بن منبه وكان أكبر من وهب
ومضى نحوه عن قريب من رواية الأعرج عن أبي هريرة ومضى شرحه هناك
قوله وعرشه على الماء ليس المراد بالماء ماء البحر بل هو ما تحت العرش والواو فيه للحال قوله الفيض بالفاء والياء آخر الحروف والقبض بالقاف والباء الموحدة وكلمة أو ليست للترديد بل للتنويع قال الكرماني يحتمل أن يكون شكا من الراوي والأول أولى
7420 - حدثنا ( أحمد ) حدثنا ( محمد بن أبي بكر المقدمي ) حدثنا ( حماد بن زيد ) عن ( ثابت ) عن ( أنس ) قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي يقول اتق الله وأمسك عليك زوجك
قالت عائشة لو كان رسول الله كاتما شيئا لكتم هاذه قال فكانت زينب تفخر على أزواج النبي تقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات
وعن ثابت وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيآئهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة
انظر الحديث 4787
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله من فوق سبع سماوات لأن المراد من فوق سبع سماوات هو العرش ويؤيده ما رواه أبو القاسم التيمي في كتاب الحجة من طريق داود بن أبي هند عن عامر الشعبي قال كانت زينب تقول للنبي أنا أعظم نسائك عليك حقا أنا خيرهن منكحا وأكرمهن سفيرا وأقربهن رحما زوجنيك الرحمان من فوق عرشه وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك وأنا ابنة عمتك وليس لك من نسائك قريبة غيري
وشيخ البخاري أحمد كذا وقع لجميع الرواة غير منسوب وذكر أبو نصر الكلاباذي أنه أحمد بن سيار المروزي وذكر الحاكم أنه أحمد بن النضر النيسابوري وهو المذكور في سورة الأنفال وقال صاحب التوضيح قال فيه ابن البيع هو أبو الفضل أحمد بن نصر بن

(25/113)


عبد الوهاب النيسابوري وقال غيره هو أبو الحسن أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي واقتصر عليه صاحب الأطراف نقلا روى عنه النسائي ومات سنة ثمان وستين ومائتين وقال جامع رجال الصحيحين أحمد غير منسوب حدث عن أبي بكر بن محمد المقدمي في التوحيد وعن عبيد الله بن معاذ في تفسير سورة الأنفال روى عنه البخاري يقال إنه أحمد بن سيار المروزي فإنه حدث عن المقدمي فأما الذي حدث عن عبيد الله بن معاذ فهو أحمد بن النصر بن عبد الوهاب على ما حكاه أبو عبد الله بن البيع عن أبي عبد الله الأخرم وهو حديث آخر
والحديث ذكره المزي في الأطراف
قوله جاء زيد بن حارثة بالحاء المهملة وبالثاء المثلثة مولى رسول الله قوله يشكو أي من أخلاق زوجته زينب بنت جحش وقال الداودي الذي شكاه من زينب وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله كان من لسانها وهم يرون أنه ابن رسول الله فلما أراد طلاقها قال له وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى وأقمن الصلواة وءاتين الزكواة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وكان رسول الله يحب طلاقه إياها فكره أن يقول له طلقها فيسمع الناس بذلك
قوله قالت عائشة موصول بالسند المذكور وليس بتعليق كذا وقع في الأصول قالت عائشة لو كان رسول الله كاتما شيئا لكتم هذه أي الآية وهي وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيآئهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا وقال الداودي وقال أنس لو كان الخ موضع وقالت عائشة واقتصر عياض في الشفاء على نسبته إلى عائشة وأغفل حديث أنس هذا وهو عند البخاري وفي مسند الفردوسي من وجه آخر عن عائشة من لفظه لو كنت كاتما شيئا من الوحي الحديث قوله أهاليكن الأهالي جمع أهل على غير القياس والقياس أهلون وأهل الرجل امرأته وولده وكل من في عياله وكذا كل أخ أو أخت أو عم أو ابن عم أو صبي أجنبي يعوله في منزله وعن الأزهري أهل الرجل أخص الناس به ويكنى به عن الزوجة ومنه وسار بأهله وأهل البيت سكانه وأهل الإسلام من تدين به وأهل القرآن من يقرأونه ويقومون بحقوقه قوله من فوق سبع سماوات لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضيفت إلى فوق سبع سماوات وقال الراغب فوق يستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر فالأول باعتبار العلو ويقابله تحت نحو قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون والثاني باعتبار الصعود والانحدار نحو إذ جآءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا والثالث في العدد نحو يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نسآء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فإن كان له إخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصى بهآ أو دين ءابآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما والرابع في الكبر والصغر كقوله إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين ءامنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذآ أراد الله بهاذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين والخامس يقع تارة باعتبار الفضيلة الدنيوية نحو أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحيواة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون والأخروية نحو زين للذين كفروا الحيواة الدنيا ويسخرون من الذين ءامنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشآء بغير حساب والسادس نحو قوله تعالى وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون
قوله وعن ثابت أي البناني وهو موصول بالسند المذكور قوله ما الله مبديه أي مظهره والذي كان أخفى في نفسه هو علمه بأن زيدا سيطلقها ثم ينكحها والله أعلمه بذلك والواو في وتخفي في نفسك وفي تخشى الناس للحال أي تقول لزيد أمسك عليك زوجك والحال أنك تخفي في نفسك أن لا يمسكها وقال الزمخشري يجوز أن تكون واو العطف كأنه قيل وإذ تجمع بين قولك أمسك وإخفاء خلافه خشية الناس والله أحق أن تخشاه
7421 - حدثنا ( خلاد بن يحياى ) حدثنا ( عيسى بن طهمان ) قال سمعت ( أنس بن مالك ) رضي الله عنه يقول نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما وكانت تفخر على نساء النبي وكانت تقول إن الله أنكحني في السماء
الله
مطابقته للجزء الثالث للترجمة وهو قول أبي العالية استوى إلى السماء وهنا قوله في السماء
وخلاد بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام وبالدال المهملة ابن يحيى السلمي بضم السين المهملة وفتح اللام الكوفي ثم المكي وعيسى بن طهمان بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء البكري البصري
وهذا هو الحديث الثالث والعشرون من ثلاثيات البخاري وهو آخر الثلاثيات والحديث أخرجه النسائي في عشرة النساء عن إسحاق بن إبراهيم وفي النكاح عن أحمد بن يحيى الصوفي وفي النعوت

(25/114)


عن إسحاق بن إبراهيم عن يحيى بن آدم
قوله آية الحجاب هي ياأيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم والله لا يستحى من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسئلوهن من ورآء حجاب ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذالكم كان عند الله عظيما الآية قوله عليها أي على وليمتها قوله وأنكحني حيث قال الله تعالى ى وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيآئهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا قوله في السماء وجه هذا أن جهة العلو لما كانت أشرف أضيفت إليها والمقصود علو الذات والصفات وليس ذلك باعتبار أنه محله أو جهته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
7423 - حدثنا ( إبراهيم بن المنذر ) حدثني ( محمد بن فليح ) قال حدثني أبي حدثني ( هلال ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا يا رسول الله أفلا ننبىء الناس بذلك قال إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمان ومنه تفجر أنهار الجنة
انظر الحديث 2790
مطابقته للترجمة في قوله وفوقه عرش الرحمان
ومحمد بن فليح يروي عن أبيه فليح بن سلميان وكان اسمه عبد الملك ولقبه فليح فغلب على اسمه واشتهر به وهلال بن علي هو هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال المديني وعطاء بن يسار ضد اليمين
والحديث مضى في الجهاد في باب درجات المجاهدين في سبيل الله فإنه أخرجه هناك حدثنا يحيى بن صالح حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار الخ ومضى الكلام فيه مستوفى
قوله كان حقا على الله تعالى احتجت به المعتزلة والقدرية على أن الله يجب عليه الوفاء لعبده الطائع وأجاب أهل السنة بأن معنى الحق الثابت أو هو واجب بحسب الوعد شرعا لا بحسب العقل وهو المتنازع فيه فإن قلت لم يذكر الزكاة والحج قلت لأنهما موقوفان على النصاب والاستطاعة وربما لا يحصلان له قوله هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قيل هذا بعد انقضاء الهجرة بعد الفتح أو
يكون من
غير أهل مكة لأن الهجرة لم تكن على جميعهم قوله أفلا ننبىء الناس قال الكرماني بالخطاب وبالتكلم قوله كما بين السماء والأرض اختلف الخبر الوارد في قدر مسافة ما بين السماء والأرض فذكر الترمذي مائة عام وذكر الطبراني خمسمائة عام وروى ابن خزيمة في التوحيد من صحيحه وابن أبي عاصم في كتاب السنة عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام

(25/115)


وبين كل سماء خمسمائة عام وفي رواية وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام وبين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم قوله الفردوس هو البستان قال الفراء هو عربي وعن ابن عزيز أنه بستان بلغة الروم قوله فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة قيل الأوسط كيف يكون أعلى وما هما إلا متنافيان وأجيب بأن الأوسط هو الأفضل فلا منافاة قوله تفجر بضم الجيم من الثلاثي ومضارع التفجر أيضا
7424 - حدثنا يحيى بن جعفر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم هو التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال دخلت المسجد ورسول الله جالس فلما غربت الشمس قال يا أبا ذر هل تدري أين تذهب هاذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ ذلك مستقر لها في قراءة عبد الله
الله
مطابقته للترجمة من حيث إن هذا الحديث فيه أنها تذهب حتى تسجد تحت العرش الحديث وهذا مختصر منه وتقدم تمامه في كتاب بدء الخلق فإنه أخرجه هناك في باب صفة الشمس والقمر عن محمد بن يوسف عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه
و ( يحيى بن جعفر ) بن أعين البخاري البيكندي و ( أبو معاوية ) محمد بن خازم بالخاء المعجمة والزاي و ( الأعمش ) سليمان و ( إبراهيم ) التيمي يروي عن أبيه يزيد بن شريك ( التيمي ) تيم الرباب وأبو ذر اسمه جندب بن جنادة على المشهور
والحديث مضى في مواضع في بدء الخلق كما ذكرنا وفي التفسير عن الحميدي وعن أبي نعيم ومضى الكلام فيه
قوله ذلك مستقر لها في قراءة عبد الله أي ابن مسعود والقراءة المشهورة والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم
7425 - حدثنا ( موسى ) عن ( إبراهيم ) حدثنا ( ابن شهاب ) عن ( عبيد بن السباق ) أن ( زيد بن ثابت )
وقال ( الليث ) حدثني عبد الرحمان بن خالد عن ابن شهاب عن ابن السباق أن زيد بن ثابت حدثه قال أرسل إلي أبو بكر فتتبعت القرآن حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم حتى خاتمة براءة 0ا
مطابقته للترجمة عند تمام الآية المذكورة فإن تولوا فقل حسبى الله لا إلاه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وموسى هو ابن إسماعيل التبوذكي وإبراهم هو ابن سعد وهو سبط عبد الرحمن بن عوف وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري وعبيد مصغر عبد ابن السباق بالسين المهملة وتشديد الباء الموحدة الثقفي و ( عبد الرحمن بن خالد ) بن مسافر الفهمي والي مصر
والحديث مضى في آخر تفسير سورة التوبة مطولا
قال الليث تعليق ومر هناك من وصله عن سعيد بن عفير حدثنا الليث به قوله مع أبي خزيمة الأنصاري هو ابن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار واسمه تيم اللات شهد بدرا وما بعدها مات في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه وأبو خزيمة هو الذي جعل الشارع شهادته بشهادة رجلين قال الكرماني فإن قلت شرط القرآن التواتر فكيف ألحقها به قلت معناه لم أجدها مكتوبة عند غيره
حدثنا يحياى بن بكير حدثنا الليث عن يونس بهاذا وقال مع أبي خزيمة الأنصاري
هذا طريق آخر عن يحيى بن بكير هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عن الليث بن سعد عن يونس بن يزيد بهذا أي بهذا الحديث
7426 - حدثنا ( معلى بن أسد ) حدثنا ( وهيب ) عن ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أي العالية ) عن

(25/116)


( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال كان النبي يقول عند الكرب لا إلاه إلا الله العليم الحليم لا إلاه إلا الله رب العرش العظيم لا إلاه إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم
مطابقته للترجمة في قوله رب العرش العظيم
ووهيب هو ابن خالد وسعيد هو ابن أبي عروبة وأبو العالية بالعين المهملة وبالياء آخر الحروف اسمه رفيع مصغرا
والحديث قد مضى في كتاب الدعوات في باب الدعاء عند الكرب
قوله الحليم الحلم هو الطمأنينة عند الغضب وحيث أطلق على الله فالمراد لازمها وهو تأخير العقوبة ووصف العرش بالعظمة من جهة الكم وبالكرم أي الحسن من جهة الكيف فهو ممدوح ذاتا وصفة وهذا الذكر من جوامع الكلم
7427 - حدثنا ( محمد بن يوسف ) حدثنا ( سفيان ) عن عمرو بن يحياى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال النبي يصعقون يوم القيامة فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش وقال الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي قال فأكون أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش
الله
مطابقته للترجمة في قوله العرش في الموضعين
وسفيان هو الثوري و ( عمرو بن يحيى ) يروي عن أبيه يحيى بن عمارة المازني الأنصاري وأبو سعيد اسمه سعد بن مالك
والحديث قد مضى في كتاب الأنبياء عليهم السلام في باب قول الله تعالى وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لاخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين بعين هذا الإسناد والمتن وفيه زيادة وهي فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور
قوله يصعقون كذا في بعض النسخ وفي بعضها الناس يصعقون كما في الباب المذكور وهو الصحيح والظاهر أن لفظ الناس سقط من الكاتب
قوله قال ( الماجشون ) بفتح الجيم وضمها وكسرها وهو معرب ماهكون يعني شبيه القمر وقيل شبيه الورد وهو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ميمون المدني وهذا اللقب قد يستعمل أيضا لأكثر أقاربه و ( عبد الله بن الفضل ) بسكون الضاد المعجمة الهاشمي وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وقال أبو مسعود الدمشقي في الأطراف وتبعه جماعة من المحدثين إنما روى الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج لا عن ( أبي سلمة ) وقالوا البخاري وهم في هذا حيث قال عن أبي سلمة وأجيب عن هذا بأن لعبد الله بن الفضل في هذا الحديث شيخين والدليل عليه أن أبا داود الطيالسي أخرج في مسنده عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة طرفا من هذا الحديث وبهذا يرد أيضا على من قال إن البخاري جزم بهذه الرواية وهي وهم قلت إنما جزم بناء على الجواب المذكور فلذلك قال قال الماجشون وإلا فعادته إذا كان مثل هذا غير مجزوم عنده يذكره بصيغة التمريض فافهم
23 -
( باب
قول الله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وقوله جل ذكره من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولائك هو يبور
أي هذا باب في قول الله عز و جل تعرج الملائكة إلى آخره ذكر هاتين القطعتين من الآيتين الكريمتين وأراد بالأولى الرد على الجهمية المجسمة في تعلقهم بظاهر قوله تعالى من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه فقد كان ولا مكان وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف والمعارج جمع معرج كالمصاعد جمع مصعد والعروج الارتقاء يقال عرج بفتح الراء يعرج بضمها عروجا ومعرجا والمعرج المصعد والطريق الذي تعرج فيه الملائكة إلى السماء والمعراج شبيه سلم أو درج تعرج فيه الأرواح إذا قبضت وحيث تصعد أعمال بني آدم وقال الفراء المعارج من نعت الله ووصف بذلك نفسه لأن الملائكة تعرج إليه وقيل معنى قوله من الله ذي المعارج أي الفواضل العالية

(25/117)


قوله تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة اختلف فيه فقيل جبريل عليه السلام وقيل ملك عظيم تقوم الملائكة صفا ويقوم وحده صفا قال الله عز و جل يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا وقيل هو خلق من خلق الله تعالى لا ينزل ملك إلا ومعه اثنان منهم وعن ابن عباس إنه ملك له أحد عشر ألف جناح وألف وجه يسبح الله إلى يوم القيامة وقيل هم خلق كخلق بني آدم لهم أيد وأرجل وأما الآية الثانية فرد شبهتهم أيضا لأن صعود الكلم إليه لا يقتضي كونه في جهة إذ الباري سبحانه وتعالى لا تحويه جهة إذ كان موجودا ولا جهة ووصف الكلم بالصعود إليه مجاز لأن الكلم عرض والعرض لا يصح أن ينتقل قوله الكلم الطيب قيل القرآن والعمل الصالح يرفعه القرآن وعن قتادة العمل الصالح يرفعه الله عز و جل والعمل الصالح أداء فرائض الله تعالى
وقال أبو جمرة عن ابن عباس بلغ أبا ذر مبعث النبي فقال لأخيه اعلم لي علم هاذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء
أبو جمرة بالجيم والراء نضر بن عمران الضبعي البصري وهذا التعليق مضى موصولا في باب إسلام أبي ذر قوله اعلم من العلم قوله لي أي لأجلي أو من الإعلام أي أخبرني خبر هذا الرجل الذي بمكة يدعي النبوة
وقال مجاهد العمل الصالح يرفع الكلم الطيب
هذا التعليق وصله الفريابي من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد وهو قول ابن عباس وزاد فيه مجاهد والعمل الصالح أي أداء فرائض الله فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وكان أولى به
يقال ذي المعارج الملائكة تعرج إليه
أي قال معنى ذي المعارج الملائكة العارجات قوله إليه أي إلى الله ويروى إلى الله أيضاشر
7429 - حدثنا ( إسماعيل ) حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) رضي الله عنه أن رسول الله قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم فيقول كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسماعيل هو ابن أبي أويس وأبو الزناد بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان والأعرج عبد الرحمن بن هرمز
والحديث مضى في أوائل كتاب الصلاة في باب فضل صلاة العصر فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره ومضى الكلام فيه
قوله يتعاقبون أي يتناوبون وهو نحو أكلوني البراغيث والسؤال عن التزكية فقالوا وأتيناهم وهم يصلون فزادوا على الجواب إظهارا لبيان فضيلتهم واستدراكا لما قالوا وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وأما اتفاقهم في هذين الوقتين فلأنهما وقتا الفراغ من وظيفتي الليل والنهار ووقت رفع الأعمال وأما اجتماعهم فهو من تمام لطف الله بالمؤمنين ليكونوا لهم شهداء وأما السؤال فلطلب اعتراف الملائكة بذلك وأما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك ذكر الذين ظلوا فإما اكتفاء بذكر اجتماعهما عن الأخرى وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة فلما لم يعصوا واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى بذلك وأما لأن حكم طرفي النهار يعلم من حكم طرف الليل فذكره كالتكرار
7430 - وقال ( خالد بن مخلد ) حدثنا ( سليمان ) حدثني ( عبد الله بن دينار ) عن ( أبي صالح ) عن ( أبي هريرة ) قال قال رسول الله من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب

(25/118)


فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل
انظر الحديث 1410
مطابقته للترجمة في قوله ولا يصعد إلى الله إلا الطيب
وخالد بن مخلد بفتح الميم واللام وسليمان هو ابن بلال وأبو صالح ذكوان الزيات
والحديث مضى في أوائل الزكاة في باب الصدقة من كسب طيب مسندا وهذا معلق وأخرجه مسلم عن أحمد بن عثمان عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال لكن خالف في شيخ سليمان فقال عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قوله وقال خالد بن مخلد كذا هو عند جميع الرواة ووقع عند الخطابي في شرحه قال أبو عبد الله البخاري حدثنا خالد بن مخلد
قوله بعدل تمرة بكسر العين وفتحها بمعنى المثل وقيل بالفتح ما عادله من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه وقيل بالعكس والعدل بالكسر نصف الحمل وقال الخطابي عدل التمرة ما يعادلها في قيمتها يقال عدل الشيء مثله في القيمة وعدله مثله في المنظر قوله بيمينه فيه معنى حسن القبول فإن العادة جارية بأن تصان اليمين عن مس الأشياء الدنية وليس فيما يضاف إليه تعالى من صفة اليد شمال لأنها محل النقص والضعف وقد روي كلتا يديه يمين وليست بمعنى الجارحة إنما هي صفة جاء بها التوقيف فنطلقها ولا نكيفها وننتهي حيث انتهى التوقيف قوله يتقبلها وفي رواية الكشميهني يقبلها بدون التاء المثناة من فوق قوله لصاحبه وفي رواية المستملي لصاحبها قوله فلوه بفتح الفاء وضمها وشدة الواو الجحش والمهر إذا فطمه
ورواه ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي ولا يصعد إلى الله إلا طيب
أي روى الحديث المذكور ورقاء بن عمر بن كليب أصله من خوارزم ويقال من الكوفة سكن المدائن عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار ضد اليمين وأشار بهذا إلى أن رواية ورقاء موافقة لرواية سليمان بن بلال إلا في الشيخ فإن سلميان يروي عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح وورقاء يروي عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار وفي المتن متفقان إلا في قوله الطيب فإن رواية ورقاء طيب بغير الألف واللام وهو معنى قول الكرماني والفرق بين الطريقين أن الطيب في الأول معرفة وفي الثاني نكرة واقتصر على هذا الفرق ولم يذكر اختلاف الشيخ ثم إن تعليق ورقاء وصله البيهقي من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم عن ورقاء فوقع عنده الطيب بالألف واللام وقال في آخره مثل أحد عوض مثل الجبل
7431 - حدثنا ( عبد الأعلى بن حماد ) حدثنا ( يزيد بن زريع ) حدثنا ( سعيد ) عن ( قتادة ) عن ( أبي العالية ) عن ( ابن عباس ) أن نبي الله كان يدعو بهن عند الكرب لا إلاه إلا الله العظيم الحليم لا إلاه إلا الله رب العرش العظيم لا إلاه إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم
ليس هذا بمطابق للترجمة ومحله في الباب السابق ولعل الناسخ نقله إلى هنا
وسعيد هو ابن أبي عروبة وأبو العالية رفيع
وقد مر الحديث في الباب الذي قبله قال الكرماني هذا ذكر وتهليل وليس بدعاء قلت هو مقدمة الدعاء فاطلق الدعاء عليه باعتبار ذلك أو الدعاء أيضا ذكر لكنه خاص فأطلقه وأراد العام
7432 - حدثنا ( قبيصة ) حدثنا ( سفيان ) عن أبيه عن ( ابن أبي نعم ) أو ( أبي نعم ) ( شك قبيصة ) عن ( أبي سعيد ) قال ( بعث إلى ) النبي ( بذهيبة فقسمها بين أربعة )
وحدثني ( إسحاق بن نصر ) حدثنا ( عبد الرزاق ) أخبرنا ( سفيان ) عن أبيه عن ( ابن أبي نعم ) عن ( أبي سعيد الخدري ) قال بعث علي وهو باليمن إلى النبي بذهيبة في تربتها فقسمها بين الأقرع بن حابس

(25/119)


الحنظلي ثم أحد بني مشاجع وبين عيينة بن بدر الفزاري وبين علقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب وبين زيد الخيل الطائي ثم أحد بني نبهان فتغضبت قريش والأنصار فقالوا يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا قال إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين ناتىء الجبين كث اللحية مشرف الوجنتين محلوق الرأس فقال يا محمد اتق الله فقال النبي فمن يطيع الله إذا عصيته فيأمني على أهل الأرض ولا تأمنوني فسأل رجل من القوم قتله أراه خالد بن الوليد فمنعه النبي فلما ولى قال النبي إن من ضئضيء هاذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد
الله
لا مطابقة بينه وبين الترجمة بحسب الظاهر وقد تكلف بعضهم في توجيه المطابقة فقال ما حاصله إن في الرواية التي في المغازي وأنا أمين من في السماء ما يدل عليها وهو أن معنى قوله من في السماء على العرش في السماء وفيه تعسف وكذلك تكلف فيه الكرماني حيث قال ما ملخصه أن يقال دل عليها لازم قوله لا يجاوز حناجرهم أي لا يصعد إلى السماء وفيه جر ثقيل
ثم إنه أخرج هذا الحديث من طريقين أحدهما عن قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن عبد الرحمن بن أبي نعم بضم النون وسكون العين المهملة أو أبي نعم أبي الحكم عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك بن سنان والثاني عن إسحاق بن نصر وهو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاري السعدي كان ينزل بالمدينة بباب سعد فالبخاري يروي عنه تارة بنسبته إلى جده وتارة بنسبته إلى أبيه وهو يروي عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني عن سفيان الثوري إلى آخره وقد مضى هذا الحديث في أحاديث الأنبياء في باب قول الله عز و جل وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية حيث قال قال ابن كثير عن سفيان عن أبيه إلى آخره ومضى أيضا في المغازي في باب بعث علي رضي الله تعالى عنه عن قتيبة عن عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن عبد الرحمن بن أبي نعم قال سمعت أبا سعيد الخدري إلى آخره ومضى أيضا في تفسير سورة براءة في باب قوله والمؤلفة قلوبهم عن محمد بن كثير عن سفيان عن أبيه مختصرا ومضى الكلام فيه مرارا ولنذكر بعض شيء لبعد المسافة
قوله شك قبيصة يعني في قوله ابن أبي نعم أو أبي نعم هكذا قاله بعضهم والذي يفهم من كلام الكرماني أن شكه في ابن أبي نعم وقد مضى في أحاديث الأنبياء بلا شك عن ابن أبي نعم بضم النون وسكون العين المهملة قوله بعث على صيغة المجهول قوله بذهيبة مصغر ذهبة وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات قوله في تربتها أي مستقرة فيها والتأنيث على نية قطعة من الذهب وفي الصحاح الذهب معروف وربما أنث والقطعة منه ذهبة فأراد بالتربة تبر الذهب ولا يصير ذهبا خالصا إلا بعد السبك
بعث علي أي علي بن أبي طالب وهذا يفسر قوله أولا بعث إلى النبي بذهيبة قوله وهو باليمن أي والحال أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه باليمن وهو رواية الكشميهني وفي رواية غيره في اليمن قوله بين الأقرع هؤلاء أربعة أنفس من المؤلفة قلوبهم الذين يعطون من الزكاة أحدهم الأقرع بن حابس الحنظلي نسبة إلى حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم قوله بني مجاشع بضم الميم وبالجيم وبالشين المعجمة المكسورة وبالعين المهملة ابن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم الثاني عيينة مصغر عين ابن بدر نسب إلى جد أبيه وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة الفزاري بفتح الفاء ونسبته إلى فزارة بن ذيبان بن بغيض بن ريث بن غطفان والثالث علقمة بن علاثة بضم العين المهملة وتخفيف اللام وبالثاء المثلثة ابن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب وهو معنى قوله قوله العامري نسبة إلى عامر بن عوف

(25/120)


بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلاب قوله ثم أحد بني كلاب وهو ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن الرابع زيد الخيل هو ابن مهلهل بن زيد بن منهب الطائي نسبة إلى طيىء واسمه جلهمة بن ادد قوله ثم أحد بني نبهان هو أسود بن عمرو بن الغوث بن طيىء قال الخليل أصل طيىء طوى قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء والنسبة إلى طيىء طائي على غير القياس لأن القياس طيي على وزن طيعي ولما قدم زيد على النبي سماه زيد الخير بالراء بدل اللام وكان قدومه وقيل له زيد الخيل لعنايته بها ويقال لم يكن في العرب أكثر خيلا منه وكان شاعرا خطيبا شجاعا جوادا مات على إسلامه في حياة النبي وقيل مات في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأما علقمة فإنه ارتد مع من ارتد ثم عاد ومات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه بحوران وأما عيينة فإنه ارتد مع طلحة ثم عاد إلى الإسلام وأما الأقرع فإنه أسلم وشهد الفتوح واستشهد باليرموك وقيل بل عاش إلى خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه فأصيب بالجوزجان وقال المبرد كان في صدر الإسلام رئيس خندف وقال المرزباني هو أول من حرم القمار وقيل كان سنوطا أعرج مع قرعه وعوره وكان يحكم في المواسم وهو آخر الحكام من بني تميم قوله فغضبت قريش وفي رواية الأكثرين فتغيظت قريش من الغيظ من باب التفعل وفي رواية أبي ذر عن الحموي فتغضبت من الغضب من باب التفعل أيضا وكذا في رواية النسفي والذي مضى في قصة عاد فغضبت قوله يعطيه أي يعطي النبي المال صناديد نجد وهو جمع صنديد وهو السيد وكانت هؤلاء الأربعة المذكورة سادات أهل نجد وقال الرشاطي نجد ما بين الحجاز إلى الشام إلى العذيب فالطائف من نجد والمدينة من نجد وأرض اليمامة والبحرين إلى عمان إلى العروض وقال ابن دريد نجد أرض للعرب قوله ويدعنا أي يتركنا ولا يعطينا شيئا قوله إنما أتألفهم من التألف وهو المداراة والإيناس ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال قوله رجل اسمه عبد الله ذو الخويصرة مصغر الخاصرة بالخاء المعجمة والصاد المهملة التميمي قوله غائر العينين من غارت عينه إذ دخلت وهو ضد الجاحظ وقال الكرماني غائر العينين أي داخلتين في الرأس لاصقتين بقعر الحدقة قوله ناتىء الجبين أي مرتفع الجبين من النتوء بالنون والتاء المثناة من فوق ويروى ناشز الجبين والمعنى واحد قوله كث اللحية بتشديد المثلثة أي كثير شعرها غير مسبلة قوله مشرف الوجنتين أي غليظهما يعني ليس بسهل الخد يقال أشرفت وجنتاه علتا والوجنتان العظمان المشرفان على الخدين وفي الصحاح الوجنة ما ارتفع من الخد وفيها أربع لغات بتثليث الواو والرابع أجنة قوله محلوق الرأس كانوا لا يحلقون رؤوسهم ويوفرون شعورهم وقد فرق رسول الله شعره وحلق في حجة وعمرة وقال الداودي كان هذا الرجل من بني تميم من بادية العراق قوله فيأمني بفتح الميم وتشديد النون أصله يأمنني فأدغمت النون الأولى في الثانية ويروى على الأصل فيامنني أي فيأمنني الله تعالى أي يجعلني أمينا على أهل الأرض ولا تأمنوني أنتم ويروى ولا تأمنونني أنتم على الأصل قوله أراه بضم الهمزة أي أظن هذا الرجل خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه ووقع في كتاب استتابة المرتدين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ولا تنافي بينهما لاحتمال وقوعه منهما قوله فلما ولى أي فلما أدبر قوله إن من ضئضيء أي من أصل هذا الرجل وهو بكسر الضادين المعجمتين وسكون الهمزة الأولى قوما ويروى قوم فإما أنه كتب على اللغة الربيعية فإنهم يكتبون المنصوب بدون الألف وإما أن يكون في إن ضمير الشأن قوله لا يبلغ حناجرهم أي لا يرتفع إلى الله منهم شيء والحناجر جمع حنجرة وهو الحلقوم قوله يمرقون من المروق وهو النفوذ حتى يخرج من الطرف الآخر والحاصل يخرجون خروج السهم قوله مروق السهم أي كمروق السهم من الرمية بتشديد الياء آخر الحروف على فعيلة بمعنى مفعولة قوله ويدعون أي يتركون قوله لأقتلنهم قيل لم منع خالد بن الوليد وقد أدركه

(25/121)


وأجيب بأنه إنما أراد إدراك طائفتهم وزمان كثرتهم وخروجهم على الناس بالسيف وإنما أنذر رسول الله أن سيكون ذلك وقد كان كما قال وأول ما نجم هو في زمان علي رضي الله تعالى عنه قوله قتل عاد وقد تقدم في بعث علي إلى اليمن أنه قال لأقتلنهم قتل ثمود ولا تعارض لأن الغرض منه الاستئصال بالكلية وعاد وثمود سواء فيه إذ عاد استوصلت بالريح الصرصر وثمود أهلكوا بالطاغية قال الكرماني ما معنى كقتل حيث لا قتل وأجاب بأن المراد لازمه وهو الهلاك ويحتمل أن تكون الإضافة إلى الفاعل ويراد به القتل الشديد القوي لأنهم مشهورون بالشدة والقوة
7433 - حدثنا ( عياش بن الوليد ) حدثنا ( وكيع ) عن ( الأعمش ) عن ( إبراهيم التيمي ) عن أبيه عن ( أبي ذر ) قال سألت النبي عن قوله والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم قال مستقرها تحت العرش
الله
مطابقته للترجمة تأتي ببعض التعسف بيانه أنه لما نبه على بطلان قول من أثبت الجهة من قوله من الله ذي المعارج وبين أن العلو الفوقي مضاف إلى الله وأن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والجهة التي يصدق عليها أنها عرش كل منهما مخلوق مربوب محدث وقد كان الله قبل ذلك ولا ابتداء لأوليته ولا انتهاء لآخريته فمن هذا تستأنس المطابقة
وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبعد الألف شين معجمة ابن الوليد الرقام والأعمش سليمان وإبراهيم التيمي يروي عن أبيه يزيد من الزيادة ابن شريك وقد مر عن قريب
والحديث مضى في الباب الذي قبله وهو مختصر من الحديث الذي فيه وقرأ ابن عباس لا مستقر لها أي جارية لا تثبت في موضع واحد
قوله مرفوع بالابتداء و تجري لمستقر لها خبره وقيل هي خبر مبتدأ محذوف تقديره وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها
24 -
( باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
أي هذا باب في قوله عز و جل وجوه يومئذ أي يوم القيامة والناضرة من نضرة النعيم من النظر وقال الكرماني المقصود من الباب ذكر الظواهر التي تشعر بأن العبد يرى ربه يوم القيامة فإن قلت لا بد للرؤية من المواجهة والمقابلة وخروج الشعاع من الحدقة إليه وانطباع صورة المرئي في حدقة الرائي ونحوها مما هو محال على الله تعالى قلت هذه شروط عادية لا عقلية يمكن حصولها بدون هذه الشروط عقلا ولهذا جوز الأشعرية رؤية أعمى الصين بقة أندلس إذ هي حالة يخلقها الله تعالى في الحي فلا استحالة فيها وقال غيره استدل البخاري بهذه الآية وبأحاديث الباب على أن المؤمنين يرون ربهم في جنات النعيم وهو مذهب أهل السنة والجماعة وجمهور الأمة ومنعت ذلك الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة ولهم في ذلك دلائل فاسدة وفي التوضيح حاصل اختلاف الناس في رؤية الله يوم القيامة أربعة أقوال قال أهل الحق يراه المؤمنون يوم القيامة دون الكفار وقالت المعتزلة والجهمية هي ممتنعة لايراه مؤمن ولا كافر وقال ابن سالم البصري يراه الجميع الكافر والمؤمن وقال صاحب كتاب التوحيد من الكفار من يراه رؤية امتحان لا يجدون فيها لذة كما يكلمهم بالطرد والإبعاد قال وتلك الرؤية قبل أن يوضع الجسر بين ظهراني جهنم وهذه الآية التي هي الترجمة جاءت فيما رواه عبد بن حميد والترمذي والطبري وآخرون وصححه الحاكم من طريق ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه ألف سنة وإن أفضلهم منزلة من ينظر في وجه ربه عز و جل في كل يوم مرتين قال ثم تلا قلت ثوير هذا ضعيف جدا تكلم فيه جماعة كثيرون
7434 - حدثنا ( عمرو بن عون ) حدثنا ( خالد ) ( وهشيم ) عن ( إسماعيل ) عن ( قيس ) عن ( جرير )

(25/122)


قال كنا جلوسا عند النبي إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال إنكم سترون ربكم كما ترون هاذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة لأن كلا منهما يدل على الرؤية
وعمرو بن عون بن أوس السلمي الواسطي نزل البصرة قال البخاري مات سنة خمس وعشرين ومائتين أو نحوها وخالد هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي من الصالحين وهشيم مصغر هشم ابن بشير الواسطي وإسماعيل هو ابن أبي خالد الأحمسي البجلي الكوفي واسم أبي خالد سعد وقيل هرمز وقيل كثير وقيس هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي البجلي وجرير بن عبد الله البجلي
والحديث مضى في الصلاة في باب فضل صلاة العصر عن الحميدي وأخرجه بقية الجماعة ومضى في التفسير أيضا عن إسحاق بن إبراهيم ومضى الكلام فيه
قوله لا تضامون بتخفيف الميم من الضيم وهو الذل والتعب أي لا يضيم بعضكم بعضا في الرؤية بأن يدفعه عنه ونحوه ويروى بفتح التاء وضمها وشدة الميم من الضم أي لا تتزاحمون ولا تتنازعون ولا تختلفون فيها وفيه وجوه أخرى ذكرناها قوله أن لا تغلبوا بلفظ المجهول قال الكرماني والتعقيب بكلمة الفاء يدل على أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيهما أو لأن وقت صلاة الصبح وقت لذيذ النوم وصلاة العصر وقت الفراغ من الصناعات وإتمام الوظائف فالقيام فيهما أشق على النفس
7435 - حدثنا ( يوسف بن موسى ) حدثنا ( عاصم بن يوسف اليربوعي ) حدثنا ( أبو شهاب ) عن ( إسماعيل بن أبي خالد ) عن ( قيس بن أبي حازم ) عن ( جرير بن عبد الله ) قال قال النبي إنكم سترون ربكم عيانا
الله
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن يوسف بن موسى القطان الكوفي عن عاصم بن يوسف اليربوعي نسبة إلى يربوع بن حنظلة في تميم ويربوع بن غيظ في غطفان الكوفي عن أبي شهاب واسم عبد ربه بن نافع الحناط بالحاء المهملة وتشديد النون إلى آخره
قوله عيانا تقول عاينت الشيء عيانا إذا رأيته بعينك وقال الطبراني تفرد أبو شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد بقوله عيانا وهو حافظ متقن من ثقات المسلمين
7436 - حدثنا ( عبدة بن عبد الله ) حدثنا ( حسين الجعفي ) عن ( زائدة ) عن ( بيان بن بشر ) عن ( قيس بن أبي حازم ) حدثنا ( جرير ) قال خرج علينا رسول الله ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هاذا لا تضامون في رؤيته
الله
هذا طريق آخر في الحديث المذكور أخرجه عن عبدة بفتح العين المهملة وسكون الباء الموحدة ابن عبد الله الصفار البصري عن حسين بن علي بن الوليد الجعفي بضم الجيم وسكون العين المهملة وبالفاء نسبة إلى جعف بن سعد العشيرة من مذحج وقال الجوهري أبو قبيلة من اليمن والنسبة إليه كذلك عن زائدة بن قدامة عن بيان بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء آخر الحروف وبالنون ابن بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة الأحمسي بالمهملتين الخ
قوله كما ترون معنى التشبيه بالقمر أنكم ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا تعب ولا خفاء كما ترون القمر كذلك فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي ولا كيفية الرؤية بكيفية الرؤية
7437 - حدثنا ( عبد العزيز بن عبد الله ) حدثنا ( إبراهيم بن سعد ) عن ( ابن شهاب ) عن

(25/123)


( عطاء بن يزيد الليثي ) عن ( أبي هريرة ) أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله هل تضارون في القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقاى هاذه الأمة فيها شافعوها أو منافقوها شك إبراهيم فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هاذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاءنا عرفناه فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعواى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم المؤمن أو الموبق يبقى بعمله أو الموثق بعمله ومنهم المخردل أو المجازاى أو نحوه ثم يتجلى حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إلاه إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون تحته كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولا الجنة فيقول أي رب اصرف وجهي عن النار فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله بما شاء أن يدعوه ثم يقول الله هل عسيت إن أعطيت ذالك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فيقول الله له ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيت أبدا ويلك يا ابن آدم ما أغدرك

(25/124)


فيقول أي رب ويدعو الله حتى يقول هل عسيت إن أعطيت ذالك أن تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا قام إلى باب الجنة انفقهت له الجنة فرأى ما فيها من الحبرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب أدخلني الجنة فيقول الله ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت فيقول ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول أي رب لا أكونن أشقاى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه فإذا ضحك منه قال له ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله له تمنه فسأل ربه وتمنى حتى إن الله ليذكره يقول كذا وكذا حتى انقطعت به الأماني قال الله ذالك لك ومثله معه
قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله تبارك وتعالى قال ذالك لك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة قال أبو هريرة ما حفظت إلا قوله ذالك ومثله معه قال أبو سعيد الخدري أشهد أني حفظت من رسول الله قوله ذالك لك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة فذالك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة وشيخ البخاري عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى أبو القاسم العامري الأويسي المديني يروي عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عطاء بن يزيد من الزيادة الليثي الجندعي وقد مضى الحديث في الرقاق في باب الصراط جسر جهنم عن محمود عن عبد الرزاق ومضى الكلام فيه
قوله هل تضارون بفتح التاء المثناة من فوق وضمها وتشديد الراء وتخفيفها فالتشديد بمعنى لا تتخالفون ولا تجادلون في صحة النظر إليه لوضوحه وظهوره يقال ضاره يضاره مثل ضره يضره وقال الجوهري يقال أضرني فلان إذا دنا مني دنوا شديدا فأراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه وأما التخفيف فهو من الضير لغة في الضر والمعنى فيه كالأول قوله كذلك أي واضحا جليا بلا شك ولا مشقة ولا اختلاف قوله فيتبع بتشديد التاء من الاتباع قوله الشمس الشمس الأول منصوب لأنه مفعول يعبد والثاني منصوب بقوله فيتبع وكذلك الكلام في القمر القمر والطواغيت الطواغيت وهو جمع طاغوت والطواغيت الشياطين أو الأصنام وفي الصحاح الطاغوت الكاهن وكل رأس في الضلال قد يكون واحدا وقد يكون جمعا وهو على وزن لاهوت مقلوب لأن من طغى ولاهوت من لاه وأصله طغووت مثل جبروت نقلت الواو إلى ما قبل الغين ثم قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها قوله شافعوها أي شافعو الأمة وأصله شافعون سقطت النون للإضافة من شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع قوله شك إبراهيم هو إبراهيم بن سعد الراوي المذكور قوله فيأتيهم الله إسناد الإتيان إلى الله تعالى مجاز عن التجلي لهم وقيل عن رؤيتهم إياه لأن الإتيان إلى الشخص مستلزم لرؤيته وقال عياض أي يأتيهم بعض ملائكته أو يأتيهم في صورة الملك وهذا آخر امتحان المؤمنين وقال الكرماني فإن قلت الملك معصوم فكيف يقول أنا ربكم وهو كذب قلت لا نسلم عصمته من مثل هذه الصغيرة انتهى قلت فحينئذ فرعون لم يصدر منه إلا صغيرة في قوله فقال أنا ربكم الاعلى ولو نزه شرحه عن مثل هذا لكان أحسن قوله فإذا جاء ربنا عرفناه وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني فإذا جاءنا قوله في صورته أي في صفته أي يتجلى لهم الله على الصفة التي عرفوه بها وقال ابن التين اختلف في معنى الصورة فقيل صورة اعتقاد كما تقول صورة اعتقادي في هذا الأمر فالمعنى يرونه على ما كانوا يعتقدون من الصفات وقال ابن قتيبة لله صورة لا كالصور كما أنه شيء لا كالأشياء فأثبت لله صورة قديمة وقال ابن فورك وهذا جهل من قائله وقال الداودي إن كانت الصورة محفوظة فيحتمل أن يكون المراد صورة الأمر والحال الذي يأتي فيه وقال المهلب أما قولهم فإذا جاء ربنا عرفناه فإنما ذلك أن الله تعالى يبعث إليهم ملكا ليفتنهم ويختبرهم في اعتقاد صفات ربهم الذي ليس كمثله شيء فإذا قال لهم الملك أنا ربكم رأوا عليه دليل الخلقة التي تشبه المخلوقات فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاءنا عرفنا أي إنك لست ربنا فيأيتهم الله في صورته التي يعرفون أي يظهر إليهم في ملكه الذي

(25/125)


لا ينبغي لغيره وعظمته التي لا تشبه شيئا من مخلوقاته فيعرفون أن ذلك الجلال والعظمة لا يكون لغيره فيقولون أنت ربنا الذي لا يشبهك شيء فالصورة يعبر بها عن حقيقة الشيء قوله فيتبعونه أي فيتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة أو ملائكته التي تذهب بهم إليها قوله بين ظهري جهنم أي على وسطها ويروى بين ظهراني جهنم وكل شيء متوسط بين شيئين فهو بين ظهريهما وظهرانيهما وقال الداودي يعني على أعلاها فيكون جسرا ولفظ ظهري مقحم والصراط جسر ممدود على متن جهنم أحد من السيف وأدق من الشعر يمر عليه الناس كلهم قوله من يجيزها أي يجوز يقال أجزت الوادي جزته لغتان وقال الأصمعي أجاز بمعنى قطع وفي رواية المستملي أول من يجيء قوله يومئذ أي في حال الإجازة وإلا ففي يوم القيامة مواطن يكلم الناس فيها وتجادل كل نفس عن نفسها ولا يتكلمون لشدة الأهوال قوله كلاليب جمع كلوب بفتح الكاف وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم وقيل الكلوب الذي يتناول به الحداد الحديد من النار كذا في كتاب ابن بطال وفي كتاب ابن التين هو المعقف الذي يخطف به الشيء قوله شوك السعدان هو في أرض نجد وهو نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب قوله تخطف بفتح الطاء ويجوز كسرها قوله بأعمالهم أي بسبب أعمالهم أو بقدر أعمالهم قوله فمنهم المؤمن بالميم والنون من الإيمان قوله يبقى بعمله من البقاء ويروى يقي بعمله من الوقاية ويروى يعني بعمله وكذا في مسلم وقال القاضي عياض قوله فمنهم المؤمن بقى بعمله روي على ثلاث أوجه أحدها المؤمن بقي بعمله بالميم والنون وبقي بالباء والقاف قوله والثاني الموثق بالمثلثة والقاف والثالث الموبق يعني بعمله فالموبق بالباء الموحدة والقاف ويعني بفتح الياء المثناة وبعدها العين ثم النون قال القاضي هذا أصحها وكذا قال وكذا قال صاحب المطالع هذا الثالث هو الصواب قال وفي بقي على الوجه الأول ضبطان أحدهما بالباء الموحدة والثاني بالياء المثناة من تحت من الوقاية قوله أو الموبق بالواو وبالباء الموحدة والقاف من وبق إذا هلك وبوقا وأوبقته ذنوبه أهلكته قوله ومنهم المخردل من خردلت اللحم فصلته وخردلت الطعام أكلت خياره قاله صاحب العين وقال غيره خردلته صرعته وهذا الوجه يوافق معنى الحديث كما قاله ابن بطال وقال الكرماني ويقال بالذال المعجمة أيضا والجردلة بالجيم الإشراف على الهلاك وهذا كله شك من الرواة قوله أو المجازي بالجيم والزاي وفي مسلم ومنهم المجازى حتى ينجى قوله أو نحوه هذا شك من الراوي أيضا قوله إذا فرغ الله أي أتم قوله ممن يشهد قيل هذا تكرار لقوله لا يشرك وأجيب بأن فائدته تأكيد الإعلام بأن تعلق إرادة الله بالرحمة ليس إلا للموحدين قوله إلا أثر السجود أي موضع أثر السجود وهو الجبهة وقيل الأعظم السبعة قيل قال الله تعالى يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هاذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون وأجيب بأنه نزل في أهل الكتاب مع أن الكي غير الأكل فإن قلت ذكر مسلم مرفوعا أن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارة الوجوه قلت هؤلاء القوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار بأنه لا يسلم منهم من النار إلا دارة الوجوه وأما غيرهم فتسلم جميع أعضاء السجود منهم عملا بعموم هذا الحديث فهذا الحديث عام وذلك خاص فيعمل بالعام إلا ما خص قوله قد امتحشوا بالحاء المهملة والشين المعجمة وهو بفتح التاء والحاء هكذا هو في الروايات وكذا نقله القاضي عن متقني شيوخه قال وهو وجه الكلام وكذا ضبطه الخطابي والهروي وقالا في معناه احترقوا وروي على صيغة المجهول وفي الصحاح المحش إحراق النار الجلد وفيه لغة أمحشته النار وامتحش الجلد احترق وقال الداودي امتحشوا ضمروا ونقصوا كالمحترقين قوله الحبة بكسر الحاء بزر البقول والعشب تنبت في جوانب السيل والبراري وجمعها حبب بكسر لحاء وفتح الباء قوله في حميل السيل بفتح الحاء المهملة ما جاء به السيل من طين ونحوه أي محمول السيل والتشبيه إنما هو في سرعة النبات وطراوته وحسنه قوله قد قشبني بالقاف والشين المعجمة والباء الموحدة المفتوحات أي آذاني وأهلكني هكذا معناه عند الجمهور من أهل اللغة وقال الداودي معناه غير جلدي وصورتي قوله ذكاؤها بفتح الذال المعجمة وبالمد في جميع الروايات ومعناه لهبها واشتعالها وشدة لفحها والأشهر في اللغة أنه مقصور وقيل القصر والمد لغتان يقال ذكت النار تذكو ذكاء إذا اشتعلت وأذكيتها أنا قوله هل عسيت بفتح التاء على الخطاب ويقال بفتح

(25/126)


السين وكسرها لغتان قرىء بهما في السبع وقرأ نافع بالكسر والباقون بالفتح وهو الأفصح الأشهر في اللغة وقال الخليل لا يستعمل منه مستقبل قوله أن أعطيت بفتح التاء على صيغة المجهول قوله ذلك أي صرف وجهك من النار وقال الكرماني فإن قلت ما وجه حمل السؤال على المخاطب إذ لا يصح أن يقال أنت سؤال إذ السؤال حدث وهو ذات قلت تقديره أنت صاحب السؤال أو عسى أمرك سؤالك أو هو من باب زيد عدل أو هو بمعنى قرب أي قرب من السؤال أو أن الفعل بدل اشتمال عن فاعله قوله ما أغدرك فعل التعجب من الغدر وهو الخيانة وترك الوفاء بالعهد قوله انفهقت من الانفهاق بالفاء ثم القاف وهو الانفتاح والاتساع وحاصل المعنى انفتحت واتسعت قوله من الحبرة بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة قال الكرماني النعمة وقال ابن الأثير الحبرة سعة العيش وكذلك الحبور وفي مسلم فرأى ما فيها من الخير بالخاء العجمة وبالياء آخر الحروف وقال النووي هذا هو الصحيح المشهور في الروايات والأصول وحكى عياض أن بعض رواة مسلم الحبر بفتح الحاء المهملة وسكون الباء ومعناه السرور وقال صاحب المطالع كلاهما صحيح والثاني أظهر قوله لا أكونن بالنون الثقيلة هكذا في رواية المستملي وفي رواية غيره لا أكون قوله أشقى خلقك قيل هو ليس بأشقى لأنه خلص من العذاب وزحزح عن النار وإن لم يدخل الجنة وأجيب بأنه أشقى أهل التوحيد الذين هم أبناء جنسه فيه ويقال أشقى خلقك الذين لم يخلدوا في النار قوله حتى يضحك الله منه الضحك محال على الله ويراد لازمه وهو الرضا عنه ومحبته إياه قوله تمنه الهاء فيه للسكت وهو أمر من تمنى يتمنى قوله ويذكره أي يذكر المتمنى الفلاني والفلاني يسمى له أجناس ما يتمنى وهذا من عظيم رحمة الله سبحانه قوله الأماني جمع أمنية ويجوز في الجمع التخفيف والتشديد قوله ومثله معه أي ومثل ما أعطى بسؤاله يعطى أيضا مثله والجمع بين روايتي أبي هريرة وأبي سعيد أن الله أعلم أولا بما في حديث أبي هريرة ثم تكرم الله فزاد بما في رواية أبي سعيد ولم يسمعه أبو هريرة
7439 - حدثنا ( يحياى بن بكير ) حدثنا ( الليث ) عن ( خالد بن يزيد ) عن ( سعيد بن أبي هلال ) عن ( زيد ) عن ( عطاء بن يسار ) عن ( أبي سعيد الخدري ) قال قلنا يا رسول الله هل نراى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا قلنا لا قال فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ثم قال ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم حتى يبقاى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزيرا ابن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون قالوا نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم ثم يقال للنصاراى ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون فيقولون نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس فيقولون فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه

  فيه أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقاى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ثم يؤتاى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قلنا يا رسول الله وما الجسر قال مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا فيقول الله تعالى اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا
قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرأوا إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منها إلى الظل كان أبيض فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة هاؤلاء عتقاء الرحمان أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه
الله
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى بن بكير هو يحيى بن عبد لله بن بكير المخزومي المصري يروي عن الليث بن سعد عن خالد بن يزيد من الزيادة الجمحي عن سعيد بن أبي هلال الليثي المدني عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عن عطاء بن يسار ضد اليمين عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك
والحديث مضى في تفسير سورة النساء عن محمد بن عبد العزيز
يقال تضارون بالتخفيف أي لا يلحقكم ضرر ولا يخالف بعضكم بعضا ولا تتنازعون ويروى بالتشديد أي لا تضارون أحدا فتسكن الراء الأولى وتدغم في التي بعدها وحذف مفعوله لبيان معناه قوله إذا كانت صحوا أي ذات صحو وفي الصحاح أصحت السماء انقشع عنها الغيم فهي مصحية وقال الكسائي فهي صحو ولا تقل مصحية قوله إلا كما تضارون بفتح التاء المثناة من فوق وضمها وتشديد الراء وتخفيفها قوله وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم وفي رواية مع إلاههم بالإفراد قوله وغبرات بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة أي بقايا وقال الكرماني جمع غابر وليس كذلك بل هو جمع غبر وغبر الشيء بقيته وقال ابن الأثير الغبرات جمع غبر والغبر جمع غابر قوله كأنها سراب هو الذي يتراءى للناس

  في القاع المستوي وسط النهار في الحر الشديد لامعا مثل الماء والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مآء حتى إذا جآءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب قوله عزير اسم منصرف وإن كانت فيه العجمة والعلمية مثل نوح ولوط قوله فيقال كذبتم قيل كانوا صادقين في عبادة عزير وأجيب بأنهم كذبوا في كونه ابن الله قال الكرماني فإن قلت المرجع هو الحكم الواقع لا المشار إليه فالصدق والكذب راجعان إلى الحكم بالعبادة لا إلى الحكم بكونه ابنا قلت إن الكذب راجع إلى الحكم بالعبادة المقيدة وهي منتفية في الواقع باعتبار انتفاء قيدها وهو في حكم القضيتين كأنهم قالوا عزير هو ابن الله ونحن كنا نعبده فكذبهم في القضية الأولى قوله فيتساقطون لشدة عطشهم وإفراط حرارتهم قوله ما يحبسكم بالحاء المهملة والباء الموحدة من الحبس هكذا في رواية الكشميهني أي ما يمنعكم من الذهاب وفي رواية غيره ما يجلسكم بالجيم واللام من الجلوس أي ما يقعدكم عن الذهاب قوله فيقولون فارقناهم أي الناس في الدنيا وكنا في ذلك الوقت أحوج إليهم منا في هذا اليوم فكل واحد هو المفضل والمفضل عليه لكن باعتبار زمانين أي نحن فارقنا أقاربنا وأصحابنا ممن كانوا يحتاج إليهم في المعاش لزوما لطاعتك ومقاطعة لأعداء الدين وغرضهم منه التضرع إلى الله في كشف هذه خوفا من المصاحبة معهم في النار يعني كما لم نكن مصاحبين لهم في الدنيا لا نكون مصاحبين لهم في الآخرة قوله في صورة أي في صفة وأطلق الصورة على سبيل المشاكلة واستدل ابن قتيبة بذكر الصورة على أن لله صورة لا كالصور كما ثبت أنه شيء لا كالأشياء وقال ابن بطال تمسكت به المجسمة فأثبتوا لله صورة ولا حجة لاحتمال أن تكون بمعنى العلامة وضعها الله لهم دليلا على معرفته كما يسمى الدليل والعلامة صورة قوله غير صورته التي رأوه أول مرة قيل يحتمل أن يشير بذلك إلى ما عرفوه حين أخرج ذرية آدم من صلبه ثم أنساهم ذلك في الدنيا ثم يذكرهم بها في الآخرة قوله فإذا رأينا ربنا عرفناه قال ابن بطال عن المهلب أن الله يبعث لهم ملكا ليختبرهم في اعتقاد صفات ربهم الذي ليس كمثله شيء فإذا قال لهم أنا ربكم ردوا عليه لما رأوا عليه من صفة المخلوق فقوله فإذا جاء ربنا عرفناه أي إذا أظهر لنا في ملك لا ينبغي لغيره وعظمته لا تشبه شيئا من مخلوقاته فحينئذ يقولون أنت ربنا قال وأما قوله هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فهذا يحتمل أن الله عرفهم على ألسنة الرسل من الملائكة والأنبياء أن الله جعل لهم علامة تجلية الساق قوله يكشف على صيغة المجهول والمعروف عن ساقه فسر الساق بالشدة أي يكشف عن شدة ذلك اليوم وأمر مهول وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر كما يقال قامت الحرب على ساق وجاء عن ابن عباس في قوله يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون قال عن شدة من الأمر وقيل المراد به النور العظيم وقيل هو جماعة من الملائكة يقال ساق من الناس كما يقال رجل من جراد وقيل هو ساق يخلقه الله خارجا عن السوق المعتادة وقيل جاء الساق بمعنى النفس أي تتجلى لهم ذاته قوله رياء أي ليراه الناس قوله وسمعة أي ليسمعه الناس قوله فيذهب كيما يسجد لفظة كي هنا بمنزلة لام التعليل في المعنى والعمل دخلت على كلمة ما المصدرية بعدها أن مضمرة تقديره يذهب لأجل السجود قوله طبقا واحدا الطبق فقار الظهر أي صار فقارة واحدة كالصفحة فلا يقدر على السجود وقيل الطبق عظم رقيق يفصل بين كل فقارين وقال ابن بطال تمسك به من أجاز تكليف ما لا يطاق من الأشاعرة والمانعون تمسكوا بقوله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون ورد عليهم بأن هذا ليس فيه تكليف ما لا يطاق وإنما هو خزي وتوبيخ إذ أدخلوا أنفسهم بزعهمم في جملة المؤمنين الساجدين في الدنيا وعلم الله منهم الرياء في سجودهم فدعوا في الآخرة إلى السجود كما دعي المؤمنون المحقون فيتعذر السجود عليهم وتعود ظهورهم طبقا واحدا ويظهر الله تعالى نفاقهم فأخبرهم وأوقع الحجة عليهم قوله ثم يؤتى بالجسر بفتح الجيم وكسرها حكاهما ابن السكيت والجوهري قوله مدحضة من دحضت رجله دحضا زلقت ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت ودحضت حجته بطلت قوله مزلة من زلت الأقدام سقطت وقال الكرماني مزلة بكسر الزاي وفتحها بمعنى المزلقة أي موضع تزلق فيه الأقدام ومدحضة أي محل ميل الشخص وهما بفتح الميم ومعناهما متقاربان قوله خطاطيف جمع خطاف بالضم وهو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء والكلاليب جمع كلوب وقد مر تفسيره في الحديث الماضي قوله وحسكة بفتحات 

قلت المدون التالي بمشيئة الله ج47. والاخر

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آيات ورد فيها "العرش" ويسبحون واشتقاقاتهم

  العرش آيات ورد فيها "العرش " ويسبحون واشتقاقاتهم   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِ...