معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا
( -395)
الجُزْءُ الثاني
بتحقيق وضبط: عبد السَّلام محمد هَارُون
كتاب الحاء:
ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّ
ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)
ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والظاء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والقاف وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والكاف وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والميم وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)
ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما( ) )
ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)
كتاب الخاء:
ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف
ـ (باب الخاء والدال وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والذال وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والسين وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والشين وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والعين وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب الخاء والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والباء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والتاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)
كتاب الدال:
ـ (باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)
ـ (باب الدال والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب الدال والعين وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والغين وما يثلثهما)
ـ (باب* الدال والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والقاف وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والكاف وما يثلثهما)
ـ (باب الدال واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والميم وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب الدال والهاء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والألف وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والباء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والجيم وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والحاء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والخاء وما يثلثهما)
ـ (باب الدال والدال وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال)
كتاب الذّال:
ـ (باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق)
ـ (باب الذال والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والعين وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والقاف وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والكاف وما يثلثهما)
ـ (باب الذال واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والميم وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والهاء وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والهمزة وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والحاء وما يثلثهما)
ـ (باب الذال والخاء وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال( ))
كتاب الرّاء:
ـ (باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق)
ـ (باب الراء والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والسين وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والشين وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والعين وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والغين وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والقاف وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والكاف وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والميم وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الراءِ والهاءِ وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والهمزة وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والباء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والتاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والجيم وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والحاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والخاء وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والدال وما يثلثهما)
ـ (باب الراء والذال وما يثلثهما)
ـ (باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف)
مراجع التحقيق والضبط
كتاب الحاء:
ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّلُه حاء، وتفريعِ مقاييسه)
(حد) الحاء والدال أصلان: الأوّل المنع، والثاني طَرَف الشيء.
فالحدّ: الحاجز بَيْنَ الشَّيئين([1]). وفلان محدودٌ، إذا كان ممنوعاً. و"إنّه لَمُحارَفٌ محدود"، كأنه قد مُنِع الرِّزْقَ. ويقال للبوَّاب حَدّاد، لمنْعِه النَّاسَ من الدخول. قال الأعشى:
فَقُمنْا ولَمَّا يَصِحْ دِيكُنا *** إلى جَوْنَةٍ عند حَدّادِها([2])
وقال النابغة في الحدّ والمنْع:
إلاّ سليمانَ إذْ قال المَلِيكُ له *** قُمْ في البرِيّة فاحدُدْها عن الفَنَد([3])
وقال آخر:
يا رَبِّ مَن كَتَمني الصِّعَادا([4]) ***
فهَبْ لَهُ حَليلةً مِغْدادا
كانَ لها ما عَمِرَتْ حَدَّادَا
أي يكون بَوّابَها لئلا تَهْرُب. وسمِّي الحديدُ حديداً لامتناعه وصلابته وشدّته. والاستحداد: استعمال الحديد. ويقال حَدَّت المرأة على بَعْلها وَأَحَدَّتْ، وذلك إذا منعَتْ نَفْسَها الزِّينةَ والخِضاب. والمحادَّة: المخالَفَة، فكأنّه الممانعةُ. ويجوز أن يكون من الأصل الآخَر.
ويقال: مالي عن هذا الأمر حَدَدٌ ومُحْتَدٌّ، أي مَعْدَل وَمُمتَنَع. ويقال حَدَداً، بمعنى مَعَاذَ الله. وأصله من المَنْع. قال الكميت:
حَدَداً أن يكون سَيْبُك فِينا *** زَرِماً أو يَجِيئَنا تَمْصِيرا([5])
وحَدُّ العاصي سُمِّي حَدَّاً لأنّه يمنعه عن المعاوَدَة. قال الدّريديّ: "يقال هذا أمر حَدَدٌ، أي منيع([6])".
وأمّا الأصل الآخَر فقولهم: حدُّ السَّيف وهو حَرْفه، وحدُّ السِّكِّين. وحَدُّ الشَّراب: صلابته. قال الأعشى:
* وكأْسٍ كعَيْنِ الديك باكَرْتُ حَدَّها([7]) *
وحَدُّ الرَّجل: بأسُه. وهو تشبيه.
ومن المحمول الحِدّةَ التي تعتري الإنسان من النَّزق. تقول: حَدَدت على الرّجل أَحِدُّ حِدَّةً.
(حذ) الحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدل على القَطْع والْخِفّة والسُّرعة، لا يشذُّ منه شيءٌ. فالحذُّ: القَطْعُ. والأَحَذُّ: المقطوع الذّنَب. ويقال للقطاةِ حَذّاءُ، لِقصَر ذَنَبها. قال:
حَذّاءُ مدْبِرةً سَكَّاءُ مُقْبِلةً *** للماء في النَّحر منها نَوْطَةٌ عَجَبُ([8])
وأمْرٌ أحذّ: لا متعلّق فيه لأحَدٍ: قد فُرِع منه وأُحْكِم. قال:
إذا ما قَطعْنا رَمْلَةً وعَدَابَها *** فإنَّ لنا أمْراً أحذَّ غمُوسا([9])
قال الخليل: الأحذّ: الذي لا يتعلَّق به الشيء. ويسمَّى القلبُ أحَذّ. قال: وقصيدة حَذَّاءُ: لا يَتعلَّقُ بها من العيب شيءٌ لجَوْدتها. والحَذّاء: اليَمين المنكَرَة يُقْتَطَعُ بها الحقُّ([10]).
ومن هذا الباب في المُطابَق: قَرَبٌ حَذْحَاذٌ([11])، أي سريعٌ حثيث.
وفي حديث عُتْبةَ بن غَزْوان([12]): "إنَّ الدُّنْيا قد آذنَتْ بصُرْمٍ ووَلَّت حَذَّاءَ، ولم تَبْق منها صُبابةٌ إلاّ كصُبابة الإناء".
(حر) الحاء والراء في المضاعف له أصلان:
فالأوّل ما خالف العُبودِيّة وبَرئ من العيب والنَّقص. يقال هو حُرٌّ بيِّنُ الْحَرُورِيّة والحُرّيّة. ويقال طِينٌ حُرٌّ: لا رمْل فيه. وباتَتْ فلانةُ بلَيْلَةِ حُرَّةٍ، إذا لم يصل إليها بَعْلُها في أوّلِ ليلَةٍ؛ فإنْ تمكَّن منها فقد باتَتْ بليلةِ شَيْبَاءَ. قال:
شُمْسٌ موانعُ كُلِّ لَيلةِ حُرَّةٍ *** يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحش المِغْيارِ([13])
وحُرُّ الدّار: وَسَطها. وحُمِل على هذا شيءٌ كثيرٌ، فقيل لولد الحيّة حُرٌّ. قال:
مُنطوٍ في جَوف ناموسِهِ *** كانطواء الحُرِّ بين السِّلامْ([14])
ويقال لذكَر القَمَاريّ ساقُ حُرٍّ. قال حُمَيد:
وما هاج هذا الشَّوقَ إلاّ حمامةٌ *** دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وترنُّما([15])
وامرأةٌ حُرّةُ الذِّفْرَى، أي حُرَّةُ مَجَالِ القرْط. قال:
والقُرْطُ في حُرَّةِ الذّفْرَى* مُعَلّقُهُ *** تباعَدَ الحَبْل منه فهو مضطربُ([16])
وحُرُّ البَقْل: ما يُؤكلُ غيرَ مطبوخٍ. فأما قول طَرَفة:
لا يكُنْ حُبُّكِ داءً داخِلاً *** ليس هذا مِنكِ ماويَّ بحُرّْ([17])
فهو من الباب، أي ليس هذا منك بحَسَن ولا جَميل. ويقال حَرَّ الرّجلُ يَحَرُّ، من الحُرِّيّة.
والثاني: خلاف البَرْد، يقال هذا يومٌ ذو حَرٍّ، ويومٌ حارٌّ. والحَرُور: الريح الحارّة تكون بالنهار واللَّيل. ومنه الحِرَّة، وهو العطَش. ويقولون في مَثَلٍ: "حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ([18]).
ومن هذا الباب: الحَرِير، وهو المحرور الذي تداخَلَهُ غيظٌ من أمرٍ نزل به. وامرأةٌ حريرة. قال:
خرجْنَ حَريراتٍ وأبديْنَ مِجْلداً *** وجالَتْ عليهنَّ المكتَّبَةُ الصُّفْرُ([19])
يريد بالمكتّبة الصُّفْر القِداحَ.
والحَرَّة: أرض ذات حجارةٍ سوداء([20]). وهو عندي من الباب لأنَّها كأنّها محترقة. قال الكسائيّ: نهشل بن حَرِّيٍّ([21])، بتشديد الراء، كأنّه منسوب إلى الحَرّ. قال الكسائي: حَرِرتَ يا يومُ([22]) تَحَرّ وَحَرَرْتَ تَحِرّ، إذا اشتدَّ حَرُّ النَّهار.
(حز) الحاء والزّاء أصلٌ واحد، وهو الفَرْضُ في الشيءِ بحديدة أو غيرها، ثم يشتقُّ منه. تقول من ذلك: حزَزْت في الخشَبة حَزَّاً. وإذا أصاب مِرفَقُ البعير كِركِرتَه فأثَّر فيها، قيل به حازٌّ([23]). والحُزَّازُ: ما في النَّفس من غيظٍ؛ فإنّه يحزُّ القلبَ وغيرَه حزّا. قال الشمّاخ:
فلما شَرَاها فاضَت العَينُ عَبْرَةً *** وفي الصدر حُزَّازٌ من اللّوْمِ حامِزُ([24])
والحَزَازَة من ذلك. وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صدرك فقد حَزَّ. ومنه حديث عبد الله: "الإثْم حَزَّازُ القُلُوب([25])". [ و] من الباب الحَزيز، وهو مكانٌ غليظٌ مُنقاد، والجمع أحِزَّة. قال:
* بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ([26]) *
ومنه الحَزاز، وهو هِبْرِيَةٌ في الرأس. ويقال جئت على حَزَّةٍ مُنكَرة، أي حالٍ وساعةٍ. وما أُراه([27]) يقال في حالٍ صالحة. قال:
* وبأيِّ حَزِّ مُِلاَوَةٍ تَتَقَطَّعُ([28]) *
(حس) الحاء والسين أصلان: فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره، والثاني حكايةُ صوتٍ عند توجُّعٍ وشبهه.
فالأول الحَسُّ: القَتْل، قال الله تعالى: {إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنِه} [آل عمران 152]. ومن ذلك الحديث: "حُسُّوهم بالسيف حَسّاً". وفي الحديث في الجراد: "إذا حَسَّهُ البَرْدُ". والحَسِيس: القَتِيل([29]). قال الأفوه: * وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسيسْ([30]) *
ويقال إن البَرْدَ مَحسَّةٌ للنَّبَاتِ. ومن هذا حَسْحَسْت الشيء من اللحم، إذا جعلْتَه على الجَمْرة؛ وحَشْحشْت أيضاً. ويقول العرب: افعل ذلك قبل حُساس الأيسار، أي قبل أن يُحسحِسوا من جَزُورهم، أي يَجْعَلُوا اللحم على النار.
ومن هذا الباب قولهم أحْسَسْتُ، أي عَلِمْتُ بالشيء. قال الله تعالى:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم 98]. وهذا محمولٌ على قولهم قتلتُ الشيءَ عِلْما. فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه. ويقال للمَشَاعر الخَمْسِ الحواسُّ، وهي: اللَّمس، والذَّوق، والشمَّ، والسمع، والبصر.ومن هذا الباب قولهم: من أين حَسِسْتَ هذا الخبر، أي تخبّرتَه.
ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوعَ بسخائه: حسحاس. قال:
واذكرْ حسيناً في النَّفير وقبله *** حَسَنا وعُتبة ذا الندى الحَسْحَاسا
والأصل الثاني: قولهم حَسّ([31])، وهي كلمةٌ تقال عند التوجُّع. ويقال حَسِسْت له فأنا أحَسُّ، إذا رقَقْت له، كأنَّ قلبَك ألِمَ شفقةً عليه. ومن [الباب] الحِسُّ، وهو وجعٌ يأخذ المرأة عند وِلادِها. ويقال انحسَّت أسنانه: انقلعَتْ. وقال:
في مَعْدِنِ المُلْكِ القديم الكِرْسِ *** ليس بمَقْلُوعٍ ولا مُنْحَسِّ([32])
ومن هذا الباب وليس بعيداً منه الحُسَاس، وهو سوءُ الخُلُق. قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لك ذِي حُساسِ *** شِرابُه كالحَزِّ بالمَوَاسِي([33])
ويقال الحُساس الشُّؤم. فهذا يصلح أن يكون من هذا، ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالْخيْر.
(حش) الحاء والشين أصلٌ واحد، *وهو نباتٌ أو غيرُه يَجفُّ، ثم يستعارُ هذا في غيره والمعنى واحد. فالحشيش: النبات اليابس. والحِشاش والمَِحَشُّ: وعاؤه. قال.
* بين حِشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ([34]) *
وحِشَاشا الإنسانِ وغيره: جَنْباه، عن أبي مالك، كأنَّهما شُبِّها بحِشَاشَيِ الحشيش. والحُشَّةُ: القُنَّةُ تُنْبِتُ ويَبْيَضُّ فوقَها الحشيش([35]). قال:
* فالحُشَّة السَّوداء من ظهر العَلَم *
والمُحَشُّ من الناس: الصغير، كأنه قد يَبِس فصغُر. قال:
* قُبِّحْتَ مِن بَعْلٍ مُحَشٍّ مُودَنِ *
ويقال استحشَّتِ الإبلُ: دَقَّت أوظِفَتُها من عِظَمِها أو شَحْمها. ويقولون: اسْتَحَشَّ ساعِدُها كَفَّها، وذلك إذا عَظُم الساعد فاستُصْغِرت الكفُّ. قال:
إذا اصْمَأَلَّ أَخْدَعاه ابتَدَّا ***
إذا هما مَالاَ استَحَشَّا الخَدَّا
ويقال حشَشْتُ النار، إذا أثقَبتَها، وهو من الأصل الذي ذكرناه، كأنّك جعلت ثَقُوبَها كالحشِيش لها تأكلُه. قال:
فما جبُنوا أنَّا نشُدُّ عليهمُ *** ولكنْ رأوْا ناراً تُحَشُّ وتُسْفَعُ([36])
وحَشَّ الرجل سهمَه، إذا أَلزَقَ به قُذَذَه من نواحيه.
ومن الباب فرسٌ محشوش الظهر بجنْبَيه، إذا كان مُجْفَر الجنْبَين. قال:
من الحارِكِ محشوشٍ *** بجَنْبٍ مُجْفَرٍ رَحْبِ([37])
وقول الهذليّ([38]):
في المزنيّ الذي حَشَشْتُ لـه *** مالَ ضَريكٍ تِلادُهُ نَكِدُ([39])
فإنه يريد كثّرت به مالَ هذا الفقير. وذلك أنه أُسِرَ ففُدِي بماله.
ويقال حَُشَّت اليد([40])، إذا يَبِست، كأنها شُبِّهت بالحشيش اليابس. وأحشّت الحامِلُ، إذا جاوَزَتْ وقت الوِلادِ ويَبِس الولدُ في بطنها.
ومما شذ عن الباب الحُشَاشة: بقية النّفْس. قال:
أبَى الله أن يُبقي لنفسي حُشاشةً *** فصبراً لما قد شاء اَلله لي صبرا([41])
(حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النَّصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكنُّه، والثالث ذهاب الشيء وقلّته.
فالأول الحِصّة، وهي النَّصيب، يقال أحصَصْتُ الرّجلَ إذا أعطيتَه حِصَّته.
والثاني قولهم حَصْحَصَ الشيءُ: وضَحَ. قال الله تعالى: {الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ} [يوسف 51].
ومن هذه الحصحصةُ: تحريكُ الشيءِ حتى يستمكن ويستقرّ.
والثالث الحَصُّ والحُصاص، وهو العَدْوُ. وانحَصَّ الشعْر عن الرأس: ذهَب. ورجلٌ أحَصُّ قليلُ الشعر. وحَصَّتِ البيْضةُ شعرَ رأسه. قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حَصّتِ البَيضَةُ رأسي فما *** أطعَمُ نوماً غيرَ تَهجاعِ([42])
والحصحصة: الذَّهاب في الأرض. ورجل أحَصُّ وامرأةٌ حَصّاءُ، أي مشْؤُومة. وهو من الباب، كأنَّ الخير قد ذهب عَنْها. ومن هذا الباب فلانٌ يَحُصّ، إذا كان لا يُجِير أحداً. قال:
أَحُصُّ ولا أُجِيرُ ومَن أُجِرْهُ *** فليس كمن يُدَلَّى بالغُرُورِ([43])
والأَحَصَّانِ: العَبد والعَير؛ لأنهما يُماشِيان أثمانَها حتى يَهرَما فيُنْتَقصَ أثمانُها ويمُوتا.
ويقال سَنَةٌ حَصّاءُ: جرداءُ لا خَير فيها.
ومن الذي شذَّ عن الباب قولهم للوَرْس حُصّ. قال:
مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها *** إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا([44])
(حض) الحاء والضاد أصلان: أحدهما البَعْث على الشيء، والثاني القَرارُ المسْتَفِلُ.
فالأول حضَضْته على كذا، إذا حَضّضْتَه عليه وحَرّضْتَه. قال الخليل: الفرق بين الحضّ والحثّ أنّ الحثّ يكون في السير والسَّوْقِ وكلِّ شيءٍ، والحضّ لا يكون في سير ولا سَوْق. والثاني الحضيض، وهو قَرار الأرض. قال:
* نزَلْتُ إليه قائماً بالحَضِيضِ([45]) *
(حط) الحاء والطاء أصلٌ واحد، وهو إنزال الشيء من عُلوّ. يقال حطَطْت الشيءَ أحُطّه حَطّاً. وقوله تعالى: {حِطَّةٌ} [البقرة 58، الأعراف 161]، قالوا: تفسيرها اللهم حُطّ عنا أوزارَنا.
ومن هذا الباب قولهم جاريةٌ مَحْطوطة المتْنين، كأنما حُطّ مَتْنَاهَا بالمِحَطِّ. قال:
بيضاءُ مَحْطوطَةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ *** رَيَّا الرّوادفِ لم تُمْغِل بأولادِ([46])
ومن هذا الباب قولهم رجل حُطَائِطٌ، أي صغير قصير، كأنّه حُطَّ حَطَّا.
ومن هذا الباب قولُهم للنّجيبة السريعة* حَطوطٌ؛ كأنها لا تزال تحطُّ رَحْلاً بأرض([47]). ومما شذّ عن هذا القياس الحَطَاط: بَثْرَةٌ تكون بالوجْه. قال الهذليّ([48]):
ووجهٍ قد طرقْتُ أمَيْمَ صَافٍ *** أَسيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذِي حَطاطِ
ويروى:
* كقَرنِ الشّمسِ ليس بذي حَطاطِ *
(حظ) الحاء والظاء أصل واحد، وهو النَّصيب والْجَدّ. يقال فلان أحظُّ من فلانٍ، وهو محظُوظٌ. وجمع الحظِّ أحاظٍ على غير قياس. قال أبو زيد: رجلٌ حظيظ جديد، إذا كان ذا حظٍّ من الرزق. ويقال حَظِظْتُ في الأمر أَحَظُّ. قال: وجمع الحَظّ أحُظٌّ([49]).
(حف) الحاء والفاء ثلاثة أصول: الأول ضربٌ من الصَّوت، والثاني أن يُطيفَ الشيءُ بالشيء، والثالث شِدَّةٌ في العيش.
تفسير ذلك: الأول الحفيف* حفيفُ الشجرِ ونحوِه، وكذلك حفيفُ جَناح الطائر.
والثاني: قولهم حفّ القوم بفلانٍ إذا أطافُوا به. قال الله تعالى:{وَتَرَى المَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ} [الزمر 75]. ومن ذلك حِفافا كلِّ شيءٍ: جانباه. قال طَرَفة:
كَأَنّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكنَّفا *** حِفَافَيْهِ شُكّاً في العَسيبِ بِمسْرَدِ([50])
ومن هذا الباب: هو على حَفَفِ أمْرٍ أي ناحيةٍ منه، وكلُّ ناحيةِ شيءٍ فإنها تُطِيف به. ومن هذا الباب قولهم: "فلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا" كأنّه يشتمل علينا فيُعْطينا ويَمِيرُنا.
والثالث: الحُفُوف والحَفَف، وهو شدّة العيش ويُبْسُه. قال أبو زيد: حَفَّتْ أرضُنا وقَفَّتْ، إذا يبسَ بَقْلُها. وهو كالشَّظَف. ويقال: هم في حَفَفٍ من العَيش، أي ضيق ومحْلٍ، ثم يُجْرَى هذا حتى يقال رأسُ فلانٍ محفوفٌ وحافٌّ، إذا بَعُد عهدُه بالدُّهن، ثم يقال حَفَّت المرأةُ وجْهها من الشّعر. واحتفَفْتُ النبتَ إذا جَزَزْتَه.
(حق) الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحّته. فالحقُّ نقيضُ الباطل، ثم يرجع كلُّ فرعٍ إليه بجَودة الاستخراج وحُسْن التّلفيق ويقال حَقَّ الشيءُ وجَبَ. قال الكسائيّ: يقول العرب: "إنك لتعرف الحَِقَّةَ عليك، وتُعْفي بما لدَيْكَ([51])". ويقولون: "لَمَّا عَرَف الحِقَّةَ منّي انْكَسَرَ".
ويقال حاقَّ فلانٌ فلاناً، إذا ادّعى كلُّ واحدٍ منهما، فإذا غَلَبَه على الحقِّ قيل حَقَّه وأحَقَّه. واحتَقَّ الناس من الدَّيْنِ، إذا ادَّعى كلُّ واحدٍ الحقَّ.
وفي حديث عليّ عليه السلام: "إذا بلغَ النِّساء نَصَّ الحقَاقِ فالعَصَبَةُ أوْلى".
قال أبو عبيدٍ: يريدُ الإدراكَ وبُلوغَ العقل. والحِقاقُ أن تقول هذه أنا أحقُّ، ويقولَ أولئك نحنُ أحقّ. حاقَقْتُه حِقاقاً. ومن قال "نَصَّ الحقائق" أراد جمع الحقيقة.
ويقال للرجُل إذا خاصَمَ في صغار الأشياء: "إنَّه لَنَزِقُ الحِقاق" ويقال طَعْنَةٌ مُحْتَقَّةٌ، إذا وصلَتْ إلى الجوف لشدَّتها، ويقال هي التي تُطعَن في حُقِّ الورِك. قال الهذلي([52]):
وَهَلاً وقد شرع الأسِنّةَ نحوَها *** مِن بين مُحْتَقٍّ بها ومُشَرِّمِ
وقال قومٌ: المحتقُّ الذي يُقتَل مكانَه. ويقال ثوبٌ مُحَقَّقٌ، إذا كان محكم النّسج([53]). قال:
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجهِ أبيك إنّا *** كفَيناك المحقَّقَة الرّقاقا([54])
والحِقَّةُ من أولاد الإبل: ما استحقَّ أن يُحمَل عليه، والجمع الحِقاق. قال الأعشى:
وهمُ ما همُ إذا عزَّت الخَمْـ *** ـرُ وقامت زِقاقُهم والحِقاقُ([55])
يقول: يباع زقٌّ منها بحِقّ([56]). وفلان حامِي الحقيقة، إذا حَمَى ما يَحقُّ عليه أن يحمِيه؛ ويقال الحقيقة: الراية. قال الهذليّ([57]):
حامِي الحقيقة نَسَّالُ الوَديقة مِعْـ *** ـتاقُ الوَسيقة لا نِكسٌ ولا وانِ([58])
والأحقّ من الخيل: الذي لا يعْرَق؛ وهو من الباب؛ لأن ذلك يكون لصلابته وقوّته وإحكامه. قال رجلٌ من الأنصار([59]):
وأَقْدَرُ مُشرفُ الصَّهَواتِ ساطٍ *** كُمَيتٌ لا أحَقُّ ولا شَئيتُ([60])
ومصدره الحَقَق. وقال قوم: الأقدر أن يسبقَ موضعُ *رِجليه موقعَ يديه. والأحقّ: أنْ يطبِّق هذا ذاك. والشئِيت: أن يقصر موقع حافر رجلَيه عن موقع حافر يديه.
والحاقَّة: القيامة؛ لأنها تحقّ بكل شيء. قال الله تعالى: {وَلكِنْ حَقَّتْ كلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكافِرِينَ} [الزمر 71]. والحَقْحَقَة أرفَعُ السَّير وأتْعَبُه للظَّهْر. وفي حديث مطرّف بن عبد الله لابنه([61]): "خَير الأمور أوساطُها، وشرُّ السَّير الحَقْحَقَة". والحُقُّ: مُلتقَى كلِّ عظمَين إلا الظهرَ؛ ولا يكون ذلك إلا صُلباً قوياً.
ومن هذا الحُقّ من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطَبَقُه. وهي مؤنّثة، والجمع حُقق. وهو في شعر رؤبة:
* تَقْطِيطَ الحُقَقْ([62]) *
ويقال فلانٌ حقيقٌ بكذا ومحقوقٌ به([63]). وقال الأعشى:
لَمَحْقوقةٌ أن تستجيبي لِصَوتِهِ *** وأنْ تعلمي أنّ المُعانَ مُوَفَّقُ
قال بعضُ أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {حَقِيقٌ عَلَيَّ} [الأعرا ف 105]. قال: واجِبٌ عليّ. ومن قرأها {حَقيقٌ عَلَى} فمعناها حريصٌ عَلَى([64]).
قال الكسائي حُقّ لك أن تفعل هذا وحُقِقْتَ. وتقول: حَقَّاً لا أفعل ذلك، في اليمين.
قال أبو عبيدة: ويُدخلون فيه اللام فيقولون: "[لَحَقُّ] لا أفعل ذاك([65])"، يرفعونه بغير تنوين. ويقال حَقَقْتُ الأمرَ وأحقَقْتُه، أي كنتُ على يقينٍ منه. قال الكسائيّ: حَقَقْتُ حَذَرَ الرجُل وأحقَقْتُه: [فعلتُ([66])] ما كان يحذر. ويقال أحَقَّت الناقة من الرّبيع، أي سَمِنَت.
وقال رجلٌ لتميميٍّ: ما حِقَّةٌ حَقَّتْ عَلَى ثلاث حِقاقٍ؟ قال: هي بَكْرَةٌ معها بَكْرتان، في ربيع واحد، سمِنت قبل أن تسمنا ثم ضَبِعَتْ ولم تَضْبَعا([67])، ثم لَقِحت ولم تَلقَحا.
قال أبو عمرو: استحقّ لَقَحُها([68])، إذا وجب. وأحقَّت: دخلَتْ في ثلاث سنين. وقد بلغت حِقَّتها، إذا صارت حِقَّة. قال الأعْشَى:
بحِقّتها رُبِطَتْ في اللَّجِيـ *** ـنِ حتى السَّديسُ لها قد أَسَنّْ([69])
يقال أسَنَّ السِّنُّ نَبَتَ.
(حك) الحاء والكاف أصلٌ واحد، وهو أن يلتقيَ شيئانِ يتمرّس كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. الحكُّ: حَكُّكَ شيئاً على شيء. يقال ما بقِيتْ في فيه حَاكَّة، أي سنّ. وأحكَّنِي رأسي فحكَكْته. ويقال حكَّ في صدري كذا: إذا لم ينشرح صدْرك له، كأنه شيء شكَّ صدرَك فتمرّس [به]. والحُكاكة: ما يسقط من الشيئين تحكُّهما. والحَكِيك: الحافر النَّحِيت([70]). ويقولون وهو أصل الباب: فلانٌ يتحكَّك بي، أي يتمرَّس.قال الفرّاء: إنه لحِكُّ شَرٍّ، وحِكُّ ضِغْنٍ([71]).
(حل) الحاء واللام لـه فروع كثيرة ومسائلُ، وأصلها كلُّها عندي فَتْح الشيء، لا يشذُّ عنه شيء.
يقال حلَلْتُ العُقدةَ أحُلُّها حَلاًّ. ويقول العرب: "يا عاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ". والحلال: ضِدُّ الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناهُ، كأنه من حَلَلْتُ الشيء، إذا أبحْتَه وأوسعته لأمرٍ فيه([72]).
وحَلَّ: نزل. وهو من هذا الباب لأن المسافر يشُدّ ويَعقِد، فإذا نزلَ حَلّ؛ يقال حَلَلْتُ بالقوم. وحليل المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجُه. وسُمِّيا بذلك لأن كلّ واحدٍ منهما يَحُلُّ عند صاحبه.
قال أبو عبيد: كل من نازَلَكَ وجاوَرَك فهو حَليل. قال:
ولستُ بأطْلَسِ الثَّوبينِ يُصْبِي *** حليلتَه إذا هدأ النِّيامُ([73])
أراد جارتَه. ويقال سمِّيت الزوجةُ حليلةً لأن كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ إزارَ الآخر. والحُلّة معروفة، وهي لا تكون إلا ثوبَين. وممكن أن يحمل على الباب فيقال لمَّا كانا اثنَينِ كانت فيهما فُرْجة.
ومن الباب الإحليل، وهو مَخرج البَول، ومَخرج اللَّبن من الضَّرْع.
ومن الباب تحلحل عن مكانه، إذا زال. قال:
* ثَهْلانَُ ذو الهَضَبَاتِ لا يتلحلحَلُ([74]) *
والحلاحِل: السيِّد، وهو من الباب ليس بمنْغَلق محرَّم كالبخيل المُحكم اليابس. والحِلَّة: الحيُّ النزول مِن العرب قال الأعشى:
لقد كانَ في شيبانَ لو كنت عالما *** قِبابٌ وحَيٌّ حِلّةٌ وقبائلُ([75])
و*المَحَلَّة: المكانُ ينزِل به القومُ. وحيٌّ حِلاَلٌ نازلون. وحلَّ الدَّينُ وجب. والحِلُّ ما جاوزَ الحرم. ورجلٌ مُحِلٌّ من الإحلال، ومُحرِم من الإحرام. وحِلٌّ وحَلالٌ بمعنى؛ وكذلك في مقابلته حِرْم وحَرَام. وفي الحديث: "تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونةَ وهما حَلاَلانِ". ورجلٌ مُحِلٌّ لا عَهْدَ له، ومحْرِم ذُو عَهْد. قال:
جَعَلْن القَنَان عن يمينٍ وحَزْنَه *** وكم بالقَنَانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم([76])
وقال قوم: مِنْ محلٍّ يرى دمي حلالاً، ومحرِمٍ يراه حَرَاما.
والحُلاَّن: الجدي يُشقُّ له عن بطن أمّه. قال:
يُهدِي إليه ذِراعَ الجَفْر تَكْرِمَةً *** إمّا ذبيحاً وإمّا كانَ حُلاَّنَا([77])
وهو من الباب. وحَلّلْتُ اليمينَ أحَلِّلُها تحليلا([78]). وفعلتُ هذا تَحِلَّةَ القسَم، أي لم أفعل إلا بقدْرِ ما حَلَّلْتُ به قَسَمي أنْ أفعله ولم أبالِغْ. ومنه: "لا يموتُ لمؤمنٍ ثلاثةُ أولادٍ فتمسَّه النّارُ إلا تَحِلّةَ القَسَم". يقول: بقدر ما يبَرُّ الله تعالى قسمَه فيه من قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها[ [مريم 71]، أي لا يرِدُها إلا بقدر ما يحلِّلُ القَسَم([79])، ثم كثُر هذا في الكلام حتى قِيل لكلِّ شيء لم يبالَغْ فيه تحليلٌ؛ يقال ضربتُه تحليلاً، ووقعَتْ مَنَاسِمُ هذه الناقةِ تحليلاً، إذا لم تُبالغْ في الوقع بالأرض. وهو في قول كعب بن زهير:
* وقْعُهنَّ الأرضَ تحليلُ([80]) *
فأمّا قولُ امرئ القيس:
كبِكْرِ المقاناةِ البَياضَ بصُفرَةٍ *** غذاها نميرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ
ففيه قولان: أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل، وهو نحوُ ما ذكرناه من التَّحِلَّة. والقول الآخر: أن يكون غير مَنزولٍ عليه فيَفْسُد ويُكدَّر.
ويقال أحَلَّت الشاةُ، إذا نزل اللَّبن في ضَرْعِها من غير نَتاج. والحِلالُ: مَتاع الرَّحْل. قال الأعشى:
وكأنَّها لم تَلْقَ ستّةَ أشهر *** ضُرَّاً إذا وضَعَتْ إليك حِلاَلَها([81])
كذا رواه القاسم بن مَعْن، ورواه غيره بالجيم.
والحِلال: مركَبٌ من مراكب النساء. قال:
* بَعِيرَ حِلالٍ غادَرَتْهُ مُجَعْفَلِ([82]) *
ورأيت في بعض الكتب عن سِيبويه: هو حِِلَّةَ الغَوْر، أي قَصْدَه. وأنشد:
سَرَى بعد ما غار النُّجومُ وبَعْدَما *** كأنّ الثرَيّا حِلَّةَ الغَور مُنْخُل([83])
أي قصْدَه.
(حم) الحاء والميم فيه تفاوتٌ؛ لأنّه متشعب الأبواب جداً. فأحد أصوله اسوداد، والآخَر الحرارة، والثالث الدنوّ والحُضور، والرابع جنسٌ من الصوت، والخامس القَصْد.
فأمّا السواد الفحُمَمُ الفحم. قال طرفة:
أشَجَاكَ الرَّبْعُ أم قِدَمُهْ *** أمْ رمادٌ دارسٌ حُمَمُهْ([84])
ومنه اليَحْموم، وهو الدُّخان. والحِمْحِمُ: نبتٌ أسود، وكلُّ أسوَدَ حِمْحِم.
ويقال حَمَّمْته إذا سَخَّمت وجهه بالسُّخام، وهو الفَحْم.
ومن هذا الباب: حَمَّمَ الفرْخُ، إذا طلع رِيشُه. قال:
* حَمَّم فَرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *
وأمّا الحرارة فالحَميم الماء الحارّ. والاستحمام: الاغتسال به. ومنه الحَمّ، وهي الأَلية تُذاب، فالذي يبقى منها بعد الذَّوْب حَمٌّ، واحدته حَمَّةٌ. ومنه الحَميم، وهو العَرَق. قال أبو ذؤيب:
فَأَبَى بدِرَّتِها إذا ما استُغْضِبَتْ *** إلاَّ الحميمَ فإِنّه يَتَبَضَّعُ([85])
ومنه الحُمَام، وهو حُمَّى الإبل. ويقال أحمَّت الأرض [إذا صارت([86])] ذات حُمَّى. وأنشد الخليل في الحَمِّ:
ضُمَّا عليها جانِبَيْها ضَمَّا *** ضَمَّ عَجوزٍ في إناء حُمَّا
وأمّا الدنُوّ والحضور فيقولون: أَحَمَّتِ الحاجةُ: حَضَرت، وأحَمَّ الأمرُ: دنا. وأنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزَال الأَجَمَّا *** إن يكنْ ذلك الفراقُ أَحَمَّا([87])
وأما الصوت فالحَمْحَمة حَمحمَةُ الفَرَس عند العَلْف.
وأمّا القَصْد فقولهم حَمَمْتُ حَمَّهُ، أي قَصَدْت قَصْدَه. قال طرفة:
جَعَلتْهُ حَمَّ كَلْكَلِها *** بالعَشِيِّ دِيمَةٌ تَثِمُهْ([88])
ومما شذَّ عن هذه الأبواب قولهم: طلَّق الرّجُل امرأتَه وحَمَّمَها، إذا متَّعها بثَوْبٍ أو نحوه. قال:
أنتَ الذي وَهبتَ زيداً بعدما *** همَمْتُ بالعَجُوز* أنْ تُحَمَّما([89])
وأمّا قولهم احتَمَّ الرّجلُ، فالحاء مبدلةٌ من هاء، وإنّما هو من اهتَمَّ.
(حن) الحاء والنون أصلٌ واحد، وهو الإشفاق والرّقّة. وقد يكون ذلك مع صوتٍ بتوجُّع. فحنين النّاقةِ: نِزاعُها إلى وطنها. وقال قوم: قد يكون ذلك من غير صوتٍ أيضاً. فأمَّا الصوت فكالحديث الذي جاء في حَنِين الجِذْع الذي كان يَستَنِد إليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّمَ، لمَّا عُمِل لـه المِنبرُ فتَرَك الاستنادَ إليه. والحنان: الرحمة. قال الله تعالى: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} [مريم 13]. وتقول: حَنَانَك أي رحمَتَك. قال:
مُجاوَِرَةً بَنِي شَمَجَى بنِ جَرْمٍ *** حَنَانَك رَبَّنَا يا ذَا الحَنانِ([90])
وحنانَيْكَ، أي حناناً بعْدَ حنان، ورحمةً بعدَ رحمة. قال طرفة:
أبا مُنْذِرٍ أَفنَيْتَ فاستَبْقِ بعضنا *** حنانيكَ بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِن بعضِ([91])
والحَنَّةُ: امرأة الرجُل، واشتقاقها من الحَنين لأنّ كلاًّ منهما يَحِنُّ إلى صاحبه. والحَنُون: ريحٌ إذا هَبَّت كان لها كحنين الإبل. قال:
* تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ([92]) *
وقَوْسٌ حَنَّانَةٌ، لأنّها تَحِنُّ عند الإنْباض. قال:
وفي مَنْكِبي حَنّانَةٌ عُودُ نبْعةٍ *** تَخَيّرها لي سُوقَ مَكّةَ بائِعُ([93])
ومما شذّ عن الباب طريقٌ حَنَّانٌ، أي واضح.
(حأ) الحاء والهمزة قبيلة. قال:
* طلبتُ الثأْرَ في حَكَمٍ وحاء([94]) *
(حب) الحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها اللزوم والثَّبات، والآخر الحَبّة من الشيء ذي الحَبّ، والثالث وصف القِصَر.
فالأوَّل الحَبّ([95])، معروفٌ من الحنطة والشعير. فأما الحِبُّ بالكسر فبُروز الرّياحين، الواحدُ حِبَّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومٍ: " يخرُجون من النَّار فيَنبتُون كما تنبت الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيل".
قال بعض أهل العلم: كلُّ شيءٍ له حَبٌّ فاسم الحَبّ منه الحِبّة. فأمَّا الحِنطة والشعير فَحبٌّ لا غير.
ومن هذا الباب حَبَّة القلب: سُوَيداؤه، ويقال ثمرته.
ومنه الحَبَب وهو تَنَضُّد الأسنان. قال طرفة:
وإذا تَضْحك تُبدِي حَبَباً *** كرُضَابِ المِسْكِ بالماء الخَصِرْ([96])
وأمّا اللزوم فالحُبّ والمَحبّة، اشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه. والمُحِبّ: البعير الذي يَحْسَِر فيلزمُ مكانَه. قال:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسّبَبْ *** فهُنَّ بعدُ كلُّهُنَّ كالمُحِبّْ([97])
ويقال المحَبُّ بالفتح أيضاً. ويقال أحبَّ البَعير إذا قام([98]). قالوا: الإحباب في الإبل مثل الحِران في الدوابّ. قال:
* ضَرْبَ بَعيرِ السَّوْء إذْ أَحَبّا([99]) *
أي وقَف. وأنشد ثعلبٌ لأعرابيَّةٍ تقول لأبيها:
يا أَبَتا وَيْهاً أَبَهْ ***
حَسَّنْتَ إلاّ الرَّقَبَهْ([100])
فزيِّنَنْها يا أَبَهْ([101])
حَتَّى يجِيءَ الخَطَبَهْ
بإبلٍ مُحَبْحَبَهْ([102])
معناه أنّها من سمنها تَقِف. وقد روي بالخاء "مُخَبخَبه"، وله معنى آخر، وقد ذكر في بابه. وأنشد أيضاً:
مُحِبٌّ كإحباب السَّقيم وإنَّما *** به أسَفٌ أن لا يَرَى مَن يُساوِرُه([103])
وأَمّا نعت القِصَر فالحَبْحاب: الرجُل القصير. ومنه قول الهُذلي([104]):
دَلَجِي إذا ما اللَّيلُ جَـ *** ـنَّ على المُقَرَّنَةِ [الحَباحبْ
فالمقرّنة: الجبالُ([105])] يدنو بعضُها من بعضٍ، كأنّها قُرِنت. والحَباحِب: الصِّغار، وهو جمع حَبْحاب. وأظنُّ أنَّ حَبَاب الماءِ من هذا. ويجوز أن يكون من الباب الأوّل كأنّها حَبَّاتٌ. وقد قالوا: حَباب الماء: مُعْظَمه في قوله:
يشقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها *** كما قَسَم التُّربَ المفاَيِلُ باليَدِ([106])
والحُباحب: اسمُ رجلٍ، مشتقُّ من بعض ما تقدّم ذكره. ويقال إنّه كان لا يُنْتَفَع بناره، فنُسِبت إليه كلُّ نار لا يُنتَفع بها. قال النابغة:
تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضاعَفَ نَسجُه *** ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نَار الحُباحبِ([107])
ومما شذّ عن الباب الحُباب، وهو الحيَّة. قالوا: وإنما قيل الحُباب اسمُ شيطان لأن الحية شيطان. وأنشد:
تُلاعبُ مَثْنَى حَضْرميٍّ* كأنّهُ *** تمعُّجُ شيطان بذي خِرْوَعٍ قَفْرِ([108])
(حت) الحاء والتاء أصلٌ واحد، وهو تساقُطُ الشيء، كالورق ونحوِه ويُحمل عليه ما يقارِبُه. فالحتُّ حتُّ الوَرَقِ من الغصن. وتحاتَّت الشجرة. ويقال حَتّهُ مائةَ سوْطٍ، أي عجَّلَها، كأن ذلك من حَتِّ الورق، وهو قريبٌ. ويقال فَرَسٌ حَتٌّ، أي ذَريعٌ يَحُتُّ العَدْوَ حَتّاً، والجمع أحْتَاتٌ. قال:
على حتِّ البُرَايةِ زَمْخَرِيِّ الـ *** ـسَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طُِوالِ([109])
وحُتَاتُ: اسمُ رجلٍ من هذا.
(حث) الحاء والثاء أصلان: أحدهما الحضُّ على الشيء، والآخر يَبيسٌ من يبيس الشيء.
فالأوَّل قولهم: حَثَثْتُه على [الشيء] أَحُثّه. ومنه الحَثِيث؛ يقال ولَّى حَثِيثاً، أي مسرِعاً. قال سَلامة:
ولَّى حثيثاً وهذا الشيبُ يطلُبه *** لو كان يدركه ركضُ اليعاقِيبِ([110])
ومنه الحَثْحثَة، وهو اضطرابُ البرق في السَّحاب.
وأمّا الآخر فالحُثُّ وهو الحطام اليَبيس، ويقال الحُثّ الرّمل اليابس الخَشِن. قال:
* حتى يُرى في يابِس الثّرْياء حُثّ ([111]) *
(حج) الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال:
وأشهَدَُ مِن عَوْفٍ حُلولا كثيرةً *** يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا([112])
ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُْك. والحَجِيج: الحاجّ. قال:
ذكرتُكِ والحجيجُ لهم ضجيجٌ *** بمكّةَ والقلوبُ لها وجيب
ويقال لهم الحُِجُّ أيضاً. قال:
* حُِجٌّ بأسفَلِ ذي المجاز نزولُ([113]) *
وفي أمثالهم: "لَجَّ فَحَجَّ". ومن أمثالهم: "الحاجَّ أسْمَعْتَ"، وذلك إذا أفشَى السرّ. أي إنَّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق.
ومن الباب المحَجَّة، وهي جَادَّة الطريق. قال:
ألا بَلِّغا عَنِّي حُرَيثاً رِسالةً *** فإنك عن قَصد المَحَجَّة أنكَبُ
وممكن أن يكون الحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب. يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. والمصدر الحِجَاج.
ومن الباب حَجَجْت الشَّجَّة، وذلك إذا سَبَرْتَها بالمِيل، لأنك قصدت معرفةَ قَدْرِها. قال:
* يَحُجُّ مأمُومَةً في قعرها لَجَفٌ([114]) *
ويقال بل هو أن يصبّ على دَم الشَّجَّة السَّمن، فيظهرَ فيُؤخَذَ بقُطْنةٍ. قال أبو ذؤيب:
وصُبَّ عليها المِسْكُ حتى كأنَّها *** أسِيٌّ على أمِّ الدِّماغ حَجيجُ([115])
والأصل الآخر: الحِجَّة وهي السّنَة. وقد يمكن أن يُجمع هذا إلى الأصل الأوّل؛ لأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، فكأنَّ العام سُمِّي بما فيه من الحَجّ حِجّة. قال:
يَرُضْن صِعابَ الدُّرِّ في كل حِجَّةٍ *** ولو لم تكن أعناقُهن عَواطلا([116])
قال قوم: أراد السّنَة؛ وقال قوم: الحِجَّة ها هنا: شَحْمة الأذن. ويقال بل الحِجَّة الخَرزَة أو اللؤلؤة تعلَّق في الأذن. وفي القولين نظرٌ.
والأصل الثالث: الحِجَاجُ، وهو العظْم المستدير حَولَ العَين. يقال للعظيمِ الحِجَاجِ أحَجُّ، جمع الحِجَاج أحِجَّة.
وزعم أبو عمرو أنّه يقال للمكان المتكاهف([117]) ومن الصَّخرة حجاج.
والأصل الرابع: الحَجْحَجة النُّكوص. يقال: حَمَلوا علينا ثمَّ حَجْحَجُوا. والمُحَجْحِج: العاجز. قال:
* ضَرْباً طَِلَخْفاً ليس بالمحَجْحِج([118]) *
ويقال أنا لا أُحَجْحِجُ في كذا، أي لا أشكّ. يقولون: لا تذهَبنَّ بك حَجْحجةٌ ولا لَجْلجة. ورَجُلٌ حَجْحجٌ([119]): فَسْلٌ.
ــــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "من الشيئين".
([2]) ديوان الأعشى 51 واللسان (حدد، جون). والجونة، بالفتح: الخابية المطلية بالقار.
([3]) ديوان النابعة 21 واللسان (حدد). والرواية المشهورة كما فيهما: "إذ قال الإله له".
([4]) البيت وتاليه في اللسان (غدد) برواية: "من يكتمني". والصعاد، هنا: جمع صعدة وهي من النساء المستقيمة القامة، كأنها صعدة قناة.
([5]) السيب: العطاء. وفي الأصل: "سيبك"، صوابه في المجمل واللسان. والزرم، بتقديم الزاي: القليل. وفي الأصل: "رزما" وفي المجمل واللسان: "وتحا أو مجبنا ممصورا". والتمصير: تقليل العطاء.
([6]) في الجمهرة (1: 58): "أي ممتنع"، وفي اللسان بدون نسبة إلى ابن دريد: "وهذا أمر حدد أي منيع حرام لا يحل ارتكابه".
([7]) عجزه كما في الديوان 137 واللسان (حدد): * بفتيان صدق والنواقيس تضرب *
([8]) نسب البيت في اللسان (حذذ، نوط) إلى النابغة. وأنشده في (سكك) بدون نسبة. ونسب في الأغاني
(8: 142) مع أربعة أبيات إلى العباس بن يزيد بن الأسود. قال: "هكذا ذكر ابن الكلبى، وغيره يرويها لبعض بني مرة". والنوطة، بالفتح: الحوصلة.
([9]) البيت ليزيد بن الخذاق الشّنّيّ العبدي، من قصيدة في المفضليات (2: 79). والعداب: الحبل من الرمل. والغموس: الغامض.
([10]) شاهده ما أنشده في اللسان (حذذ):
تزيدها حذاء يعلم أنه *** هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا
([11]) يقال حذحاذٌ وحذاحذ، كعلابط. والقرب، بالتحريك: سير الليل لورد الغد.
([12]) زاد في اللسان: "أنه خطب الناس فقال في خطبته".
([13]) البيت للنابغة في ديوانه 36 واللسان والجمهرة (حرر).
([14]) البيت للطرماح في ديوانه 109 واللسان والمجمل (حرر). وهو في صفة صائد.
([15]) البيت في اللسان (5: 256). وأنشده في (5: 257) وذكر أن صواب الرواية: "في حمام ترنما". وبهذه الرواية الأخيرة ورد في المجمل.
([16]) البيت لذي الرمة في ديوانه 569 واللسان (حبل). و"معلقه" وردت في الأصل واللسان والديوان "معلقة" تحريف، إذ "القرط" مذكر. ومعلقه، أي موضع تعليقه. وفي الديوان واللسان: "تباعد الحبل منها". وفي شرح الديوان: "أي تباعد حبل العنق من القرط لأنها طويلة العنق". فالمعنى على رواية الديوان واللسان: تباعد حبلها؛ كما تقول قرت العين مني، أي عيني.
([17]) ديوان طرفة 63 واللسان (حرر).
([18]) هو دعاء، أي رماه الله بالعطش والبرد، أو بالعطش في يوم بارد.
([19]) البيت للفرزدق في ديوانه 217 واللسان (حرر). وقد سبق في مادة (جلد). وأنشده في اللسان (قرم) بدون نسبة وبرواية: "المقرمة الصفر".
([20]) كذا جاء وصف الحجارة بسوداء. وانظر تحقيقي لهذه المسألة في مجلة الثقافة 2151 ومجلة المقتطف عدد نوفمبر سنة 1944. وفي المجمل واللسان: "سود".
([21]) نهشل بن حَرِّيّ: شاعر مخضرم، أدرك معاوية، وكان مع علي في حروبه. الإصابة 8878 والخزانة (1: 151).
([22]) في الأصل: "يا قوم" صوابه في المجمل واللسان. وضبط الفعل في القاموس: كمللت وفررت ومررت.
([23]) الكركرة: صدر كل ذي خف. وقد ضبطت العبارة في اللسان خطأ، وهي في القاموس على الصواب. وقد أضاف كل منهما كلمة "طرف" إلى "كركرته".
([24]) ديوان الشماخ 49 واللسان (حزز، حمز). ورواية الديوان: "من الوجد"، واللسان: "من الهم".
([25]) ويروى أيضاً: "حواز القلوب" أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها.
([26]) للبيد في معلقته. والبيت بتمامه:
بأحزة الثلبوت يربأُ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها
([27]) في الأصل: "أرى".
([28]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 5 والمفضليات (2 : 323) واللسان (حزز، رزن) وصدره: * حتى إذا جزرت مياه رزونه *
([29]) في الأصل والمجمل: "القتل"، صوابه في اللسان.
([30]) صدره كما في ديوان الأفوه 4 واللسان (حسس): * نفسي لهم عند انكسار القنا *
([31]) يقال بفتح الحاء، وكسر السين المشددة مع التنوين وعدمه، ويقال حسا، بفتح الحاء مع النصب. وكذلك حس، بكسر الحاء وكسر السين المشددة المنونة.
([32]) للعجاج في اللسان (حسس، كرس) وليس في ديوانه. والكرس، بالكسر: الأصل. ويروى: "الكريم الكرس".
([33]) الرجز في اللسان (حسس)، ونوادر أبي زيد 175. والمواسي: جمع موسى الحلاق.
([34]) الرجز في اللسان (حشش، جرر). وانظر أيضاً (جرر، مرر) وقد سبق إنشاده في (جر).
([35]) في القاموس "والحشة بالضم: القبة العظيمة". قال الزبيدي: "هكذا في سائر النسخ القبة بالموحدة. والصواب القنة بالنون، كما ضبطه الصاغاني عن ابن عباد".
([36]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 11 واللسان (حسس).
([37]) لأبي دواد الإيادي، كما في اللسان (حشش). ورواه أبو عبيدة في كتاب الخيل 86 لعقبة بن سابق.
([38]) هو صخر الغي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 55 وشرح السكري للهذليين 13. والبيت في اللسان (حشش).
([39]) الذي حششت، ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من اللسان وديوان الهذليين.
([40]) يقال: حشت وأحشت، بالبناء للفاعل والمفعول في كل منهما.
([41]) كذا ورد هذا العجز ويصح بقطع همزة لفظ الجلالة "الله".
([42]) قصيدة أبي قيس الأقيس في المفضليات (2: 83-86). والبيت في اللسان (حصص) برواية: "فما أذوق نوماً".
([43]) البيت لأبي جندب الهذلي، كما في اللسان (دلا). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 87 ومخطوطة الشنقيطي 119.
([44]) لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.
([45]) لامرئ القيس في ديوانه 110. وصدره: * فلما أجن الشمس عني غيارها *
([46]) البيت للقطامي في ديوانه 7 واللسان (حطط، مغل).
([47]) شاهده قول النابغة في اللسان (حطط):
فما وخدت بمثلك ذات غرب *** حطوط في الزمام ولا لجون
([48]) هو المتنخل الهذلي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 48 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين. ورواية البيت في اللسان (حطط):
ووجه قد جلوت أميم صاف *** كقرن الشمس ليس بذي حطاط
([49]) هذا في جمع القلة، ويقال في الكثرة حظوظ وحظاظ كرجال.
([50]) البيت من معلقته المشهورة. والمضرحي: النسر.
([51]) في اللسان: "المعفي الذي يصحبك ولا يتعرض لمعروفك". وأنشد:
فإنك لا تبلو امرأ دون صحبة *** وحتى تعيشا معفيين وتجهدا
([52]) هو أبو كبير الهذلي كما في اللسان (حقق)، وقصيدة البيت في نسخة الشنقيطي 76 الوهل: الفزع. وفي اللسان: "هلا وقد" تحريف. وقبل البيت:
فاهتجن من فزع وطار جحاشها *** من بين قارمها وما لم يقرم
([53]) وقيل: ثوب محقق: عليه وشي كصورة الحقق.
([54]) كلمة "جلد" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.
([55]) البيت في ديوان الأعشى 143.
([56]) في الأصل: "يقال يباع زق منها حق".
([57]) هو أبو المثلم الهذلي. وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 94 والسكري 34.
([58]) السكري: "معتاق الوسيقة، وهي الطريدة، إذا طرد طريدة أنجاها من أن تدرك".
والبيت ملفق من بيتين. وفي ديوان الهذليين:
آبى الهضيمة ناب بالعظيمة متـ *** ـلاف الكريمة لا سقط ولا وان
حامي الحقيقة نال الوديقة معـ *** ـتاق الوسيقة جلد غير ثنيان
([59]) البيت يروى أيضاً لعدي بن خرشة الخطمي كما في اللسان (حقق، شأت).
([60]) سيأتي في (شأت). وهذه رواية أبي عبيد. ورواية الجمهرة (1: 63):
بأجرد من عتاق الخيل نهد *** جواد لا أحق ولا شئيت
([61]) في الأصل: "لأبيه" تحريف. وفي اللسان: "وتعبد عبد الله بن مطرف بن الشخير فلم يقتصد، فقال له أبوه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين" الخ. ومطرف بن الشخير، هو مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين، توفي سنة 95. انظر تهذيب التهذيب، وصفة الصفوة.
([62]) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان واللسان:
* سوى مساحيهن تقطيط الحقق *
أي إن الحجارة سوت حوافر الحمر من تقطيط الحقق وتسويتها.
([63]) قبله كما في ديوان الأعشى 149:
وإن امرأ أسرى إليك ودونه *** فياف تنوفات وبيداء خيفق
([64]) هذه قراءة الجمهور. وأما القراءة الأولى (عليّ) بتشديد الياء، فهي قراءة الحسن ونافع، وانظر إتحاف فضلاء البشر 227.
([65]) التكملة من الصحاح واللسان. وفي اللسان: "قال الجوهري: وقولهم لحق لا آتيك، هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام. وإذا أزالوا عنها اللام قالوا: حقاً لا آتيك. قال ابن بري: يريد لحق الله فنـزله منزلة لعمر الله. ولقد أوجب رفعه لدخول اللام كما وجب في قولك لعمر الله، إذا كان باللام".
([66]) التكملة من المجمل واللسان (حقق 333).
([67]) ضبعت الناقة ضبعاً، من باب فرح: اشتهت الفحل. وفي الأصل: "صنعت ولم تصنعا"، صوابه في اللسان (حقق 341) حيث ساق الخبر في تفصيل.
([68]) اللقح بالفتح والتحريك: اللقاح. ويقال أيضاً استحقت الناقة اللقاح.
([69]) رواية الديوان 16 واللسان (حقق): "حبست في اللجين".
([70]) أي المنحوت. وفي الأصل: "النجيب"، صوابه من المجمل واللسان.
([71]) لم يذكر في اللسان: وفي القاموس: "وحك شر وحكاكه، بكسرهما: يحاكه كثيرا".
([72]) في الأصل: "الأمر فيه".
([73]) البيت في المجمل واللسان (طلس، حلل). وأطلس الثوبين كناية عن أنه مرمي بالقبيح.
([74]) عجز بيت للفرزدق في ديوانه 717 واللسان (حلل). وصدره:
* فارفع بكفك إن أردت بناءنا *
وفي الديوان: "ثهلان ذا الهضبات" وقال ابن بري: "هذه من الرواية الصحيحة". وأقول: الرفع على الاستئناف صحيح أيضاً، جعله مثلا.
([75]) البيت في اللسان (حلل)، وقصيدته في الديوان 128.
([76]) البيت لزهير في معلقته. وفي الأصل: "ومن بالقنا في محل"، تحريف.
([77]) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (حلن) والحيوان (5: 499 / 6: 142). وفاعل "يهدي" في بيت بعده، وهو:
عيط عطابيل لئن الرى وابتذلت *** معاطفا سابريات وكتانا
([78]) في الأصل: "أحلها حلا"، والسياق يقتضي المشدد.
([79]) في الأصل "يحل القسم"، والسياق يأباه.
([80]) البيت بتمامه:
تخدى على يسرات وهي لاحقة *** بأربع مسهن الأرض تحليل
([81]) الديوان ص24 برواية: "جلالها". وأنشده في اللسان (حلل).
([82]) لطفيل بن عوف الغنوي. وصدره كما في ديوانه 38 واللسان (حلل، جعفل) وأمالي القالي (1: 104): والمخصص (7: 147): * وراكضة ما تستجن بجنة *
([83]) النص والشاهد في كتاب سيبويه (1: 201- 202). وفي الأصل: "حلة القوم" صوابه من المجمل وسيبويه. وفي سيبويه: "بعد ما غار الثريا". قال الشنتمري: "شبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل".
([84]) ديوان طرفة 16 واللسان (حمم).
([85]) ديوان أبي ذؤيب 17 والمفضليات (2: 228) والمجمل واللسان (حمم). وفي الأصل: "استقضيت" صوابه من المجمل والديوان والمفضليات. وفي اللسان وإحدى روايتي الديوان: "إذا ما استكرهت".
([86]) التكملة من المجمل واللسان.
([87]) الأجم: الذي لا قرن له. وفي الأصل واللسان: "الأحما"، صوابه في المجمل.
([88]) في الديوان 16: "لربيع ديمة"، وفي اللسان: "من ربيع".
([89]) البيتان في اللسان (حمم، وثم).
([90]) البيت ملفق من بيتين في ديوان امرئ القيس 169- 170 وهما:
مجاورة بني شمجى بن جرم *** هوانا ما أتيح من الهوان
ويمنحها بنو شمجى بن جرم *** معيزهم حنانك ذا الحنان
وهذا البيت الأخير بهذه الرواية في اللسان (حنن 286).
([91]) ديوان طرفة 48 والمجمل واللسان (حنن). وأبو منذر كنية عمرو بن هند.
([92]) سيعيده في (زع). وهو عجز بيت للنابغة لم يرو في ديوانه. وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع). * غشيت لها منازل مقفرات *
([93]) كلمة "لي" ليست في الأصل؛ وإثباتها من اللسان، وقال: "أي في سوق مكة".
([94]) كذا ورد ضبطه في اللسان (20: 334) على أنه عجز بيت. ولم أجد تتمته. وفي الجمهرة (1: 172): "وبنو حاء ممدود بطن من العرب، وهم بنو حاء بن جشم بن معد، وهم حلفاء لبني الحكم بن سعد العشيرة".
([95]) قد جرى في الكلام على أن يجعل هذا أول أبواب معاني المادة، مع أنه ذكره هنا ثانيها.
([96]) ديوان طرفة 65 والمجمل واللسان (حبب). ورضاب المسك: قطعه.
([97]) البيتان في اللسان (حبب) وأمالي القالي (2: 19).
([98]) قام، بدون همزة كما في الأصل والمجمل. ومعناه وقف كما سيأتي.
([99]) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (حبب). وانظر الجمهرة (1: 25) والأصمعيات 7.
([100]) هذا البيت والثلاثة بعده في اللسان (جبب). كأنها تستوهب أباها ما تزين به عنقها.
([101]) في اللسان: "فحسننها".
([102]) هذا البيت والبيت الذي قبله رويا أيضاً في اللسان (خبب) برواية: "مخبخبة"، وهي العظيمة الأجواف، أو هي مقلوبة من "المبخبخة" التي يقال لها بخ بخ، إعجاباً بها. وروى في اللسان (جبب): "مجبجبة" أي ضخمة الجنوب.
([103]) البيت في أمالي ثعلب 369 برواية: "ما يساوره". وهو لأبي الفضل الكناني كما في الأصمعيات 76 طبع دار المعارف. برواية: "من يثاور".
([104]) هو الأعلم الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 55 ومخطوطة الشنقيطي 59. والبيت في المجمل واللسان (حبحب).
([105]) هذه التكملة التي تبدأ من نهاية البيت السابق، من المجمل.
([106]) البيت من معلقة طرفة بن العبد.
([107]) ديوان النابغة 7 واللسان (حبحب).
([108]) نسبه في الحيوان (4: 133) إلى طرفة، وليس في ديوانه. وانظر الحيوان (1: 153/ 6: 192) والمخصص (8: 109) واللسان (3: 153/ 17: 105). والرواية في المراجع: "تعمج" بتقديم العين، وهما بمعنى.
([109]) البيت للأعلم الهذلي، وقد سبق الكلام عليه في مادة (برو/ي 1: 233).
([110]) في الأصل: "وهذا الشيء"، صوابه في ديوان سلامة بن جندل 7 والمفضليات (1: 117).
([111]) الثرياء: الثرى. والبيت في اللسان (حثث).
([112]) البيت للمخبل السعدي، كما في اللسان (حجج، سبب) ويرى ابن بري أن صواب إنشاده: "وأشهد" بالنصب، لأن قبله:
ألم تعلمي يا أم عمرة أنني *** تخاطأني ربب الزمان لأكبرا
([113]) لجرير في ديوانه 476 واللسان (حجج). وصدره:
* وكأن عافية النسور عليهم *
وحج بضم الحاء، مثل بازل وبزل. وحج، بكسرها: اسم جمع للحاج.
([114]) لعذار بن درة الطائي، كما في اللسان (حجج، لجف، غرد). وعجزه:
* فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *
([115]) ديوان أبي ذؤيب 58 واللسان (حجج، أسا)، وفي الأصل: "عليه المسك حتى كأنه" وإنما البيت في صفة امرأة.
([116]) البيت للبيد في ديوانه 22 طبع 1881 واللسان (حجج). وفي اللسان: "يرضن صعاب الدر، أي يثقبنه". في الأصل: "يرضعن" تحريف، صوابه من المراجع ومن (عطل).
([117]) كذا. وفي اللسان والقاموس: تكهف صار فيه كهوف.
([118]) أنشده في اللسان (حجحج). وطلحفا، يقال بالحاء، بفتح الطاء واللام، وبكسر الطاء وفتح اللام. وفي الأصل: طلفخا"، تحريف.
([119]) في الأصل: "حجج"، صوابه من القاموس.
ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)
(حدر) الحاء والدال والراء أصلان: الهبوط، والامتلاء.
فالأوّل حَدَرْتُ الشّيءَ إذا أَنزَلْتَه([1]). والحُدُور فعل الحادر. والحَدُور، بفتح الحاء: [المكان([2])] تَنْحَدِر منه.
والأصل الثاني قولُهم للشَّيء الممتلئ حادر. يقال عَينٌ حَدْرَة بَدْرَة: ممتلِئة. وقد مضى شاهدُه([3]). وناقةٌ حادرةُ العينين، إذا امتلأتَا. وسُمِّيت حَدْراء لذلك. ويقال الحيدرة الأسد* ويمكن أن يكون اشتقاقُه من هذا. ومنه حَدَر جلْدُه تورّم يحدُر حُدورا([4]). وأحدرتُه، إذ ضربتَه حتَّى تؤثر فيه. والحَدْرة، بسكون الدال: قُرْحةٌ تخرج بباطن جَفْن العين. ويقال [حَيٌّ([5])] ذو حُدورة، أي ذُو اجتماعٍ وكَثْرة. قال:
وإنِّي لَمِنْ قومٍ تصيدُ رِماحُهمْ *** غَداةَ الصَّباحِ ذَا الحُدُورة والحَرْدِ([6])
والحُدْرَة: الصِّرمة([7])؛ سُمِّيت بذلك لتجمُّعها.
ومما شذَّ عن الباب الحادُور: القُرْط. ويُنشد:
* بائِنةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها([8]) *
(حدس) الحاء والدال والسين أصلٌ واحدٌ يُشْبه الرّمْي والسُّرعة وما أشبه ذلك. فالحَدْس الظنّ. وقياسُهُ من الباب، لأنّا([9]) نقول: رَجَم بالظّنّ، كأنّه رَمَى به. والحَدْس: سُرعة السَّير. قال:
* كأنّها مِنْ بَعْدِ سَيرٍ حَدْسِ([10]) *
ويقال حَدَس به الأرضَ حَدْساً، إذا صَرَعَهُ. قال:
...............ترى به *** من القوم مَحدُوساً وآخَرَ حادساً([11])
ومنه أيضاً حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير، إذا وجَأْتَ في لَبَّتِه. وحدَسْتُ الشَّيءَ برِجْلي: وطئتُه. وحَدَسْت النّاقَة، إذا أنَخْتَها. وحَدَسْتُ بسهمي: رمَيت.
(حدق) الحاء والدال والقاف أصلٌ واحدٌ، [وهو الشيء] يحيط بشيء. يقال حَدَقَ القومُ بالرّجُل وأحدقوا به. قال:
المطعِمون بَنُو حَربٍ وقَدْ حَدَقَتْ *** بي المنيّةُ واستبطأتُ أنصارِي([12])
وحَدَقَة العين مِن هذا، وهي السَّواد، لأنها تحيط بالصَّبِيّ([13])؛ والجمع حِداق. قال:
فالعين بَعْدَهمُ كأنّ حِداقَها *** سُمِلَتْ بشَوْكٍ فَهْيَ عَورٌ تَدْمَعُ([14])
والتّحديق: شِدّة النّظر. والحديقة: الأرضُ ذاتُ الشجَر. والحِنْدِيقة: الحَدَقَة([15]).
(حدل) الحاء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو المَيَل. يقال رجلٌ أحدَلُ، إذا كان في شِقِّه مَيَل، وهو الحَدَل. قال أبو عمرو: الأحدَل: الذي في مَنكِبَيه ورقَبَته انكبابٌ على صدره. ويقال قَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء، وذلك إذا تطامنَتْ سِيَتُها. والحَدْل: ضِدُّ العَدْل. قال أبو زيد: حَدَلَ عن الأمر يحدِل حَدْلاً. وإنه لَحدْلٌ غير عَدْل. ومما شذَّ عن الباب وما أدري أصحيحٌ هو أم لا، قولهم: الحَوْدل الذَّكر من القِرَدة([16]).
(حدم) الحاء والدال والميم أصلٌ واحد، هو اشتداد الحرّ. يقال احتدم النهار: اشتدّ حره. واحتدم الحرّ. واحْتَدَمَتِ النار. وللنار حَدَمةٌ، وهو شدّتها، ويقال صوت التهابِها. قال الخليل: أحْدَمَتِ الشمسُ [الشيءَ([17])] فاحتدم، واحتَدَم صدْرُه غيظاً. فأمّا احتِدام الدّم فقال قوم: اشتدت حُمْرَتُه حتى يسودَّ؛ والصحيح أن يشتدّ حرُّه([18]). قال الفرّاء: قِدْرٌ حُدَمَةٌ، إذا كانت سريعةَ الغَلْي؛ وهي ضدّ الصَّلُود.
(حدا) الحاء والدال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو السَّوق. يقال حَدَا بإبله: زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للحمار إذا قَدَم أُتُنَه هو يَحْدُوها. قال:
* حادِي ثلاثٍ من الحُقبِ السّماحيج([19]) *
ويقال للسهم إذا مرَّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه. ويقال حَدَوْتُه على كذا، أي سُقْتُه وبعثتُه عليه. ويقال للشَّمال حَدْواء، لأنها تحدُو السحابَ، أي تسُوقُه.
قال العجاج:
* حَدْواء جاءَتْ مِنْ أعالي الطّورِ([20]) *
وقولهم: [فلان([21])] يتحدَّى فلانا، إذا كانَ يُبارِيه ويُنازِعُه الغَلَبة. وهو من هذا الأصل؛ لأنه إذا فعل ذلك فكأنه يحدوه على الأمر. يقال أنا حُدَيَّاكَ لهذا الأمر، أي ابرُزْ لي فيه. قال عمرو بن كلثوم:
* حُدَيَّا النَّاسِ كلِّهمُ جميعاً([22]) *
(حدأ) الحاء والدال والهمزة أصلٌ واحد: طائرٌ أو مشبَّه به. فالحِدَأَة الطائر المعروف، والجمع الحِدَأ. قال:
* كما تَدَانَى الحِدَأ الأُوِيُّ([23]) *
ومما يشبَّه به وغُيِّرتْ بعضُ حركاته الحَدَأَةُ، شِبهُ فأسٍ تُنقر به الحجارة. قال:
* كالحَدَأ الوَقيعِ([24]) *
ومما شذَّ عن الباب حَدِِئ* بالمكان: لَزِق.
(حدب) الحاء والدال والباء أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. فالحَدَب ما ارتفع من الأرض. قال الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء 96]. والحَدَب في الظَّهر؛ يقال حَدِب واحدَوْدَب. وناقة حَدْباء، إذا بدت حراقفُها؛ وكذلك الحِدْبار([25]). يقال هُنّ حُدْبٌ حَدَابيرُ. فأمّا قولهم حَدِبَ عليه إذا عطَف وأشفق، فهو من هذا، لأنّه كأنّه جَنَأَ عليه من الإشفاق، وذلك شبيهٌ بالحَدَب.
(حدث) الحاء والدال والثاء أصلٌ واحد، وهو كونُ الشيء لم يكُنْ. يقال حدثَ أمرٌ بَعْد أن لم يكُن. والرجُل الحَدَثُ: الطريُّ السّن. والحديثُ مِنْ هذا؛ لأنّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشيءُ بعدَ الشيء. ورجلٌ حدثٌ([26]): حَسَن الحديث. ورجل حِدْثُ نساءٍ، إذا كانَ يتحدَّث إليهنّ. ويقال هذه حِدِّيثى حَسَنَة، كخِطِّيبَى، يراد به الحديثُ.
(حدج) الحاء والدال والجيم أصلٌ واحد يقرُب من حَدَق بالشيء إذا أحاط به. فالتَّحديج في النظر مثل التَّحديق. ومن الباب الحِدْج: مركبٌ من مَراكب النِّساء. يقال حَدَجْتُ البعيرَ، إذا شددْتَ عليه الحِدج. قال الأعشى:
ألا قُلْ لَميْثاءَ ما بالُهَا *** أبِالليل تُحْدَجُ أجْمالُها([27])
ومن الباب الحَدَجُ، وهو الحنظل إذا اشتدَّ وصَلُب، وإنما قُلنا ذلك لأنّه مستدير.
ـــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "حدرت بالشيء إذا نزلته"، صوابه من المجمل.
([2]) هذه التكملة من المجمل واللسان.
([3]) مضى في الجزء الأول (مادة بدر).
([4]) ويقال أيضاً حدر يحدر حدراً، من باب ضرب.
([5]) التكملة من المجمل واللسان.
([6]) في الأصل والمجمل: "ذو الحدورة" تحريف. والحرد: الغضب. وفي الأصل: "الحدر" صوابه في المجمل.
([7]) في اللسان: "والحدرة من الإبل، بالضم: نحو الصرمة".
([8]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حدر).
([9]) في الأصل: "أنا".
([10]) الرجز في المجمل واللسان (حدس).
([11]) جزء بيت لمعد يكرب كما في اللسان (حدس). وقد استشهد بهذا الجزء في المجمل. وأنشده ياقوت في (الحبيا) بدون نسبة محرفاً. وهو بتمامه:
بمعترك شط الحبيا ترى به *** من القوم محدوساً وآخر حادسا
ومعد يكرب هذا هو غلفاء بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي. انظر الأغاني (11: 60، 62).
([12]) للأخطل في ديوانه 119 واللسان (حدق) برواية "المنعمون" فيهما.
([13]) في اللسان "الصبي: ناظر العين. وعزاه كراع إلى العامة".
([14]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 3 واللسان (حدق).
([15]) في الجمهرة (2: 123): "الحندوقة والحنديقة: الحدقة. ولا أدري ما صحته".
([16]) في الأصل: "القردان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
([17]) التكملة من المجمل.
([18]) اقتصر في المجمل على القول الأول.
([19]) لذى الرمة في ديوانه 73 والمجمل واللسان (حدا). وصدره:
* كأنه حين يرمي خلفهن به *
([20]) ديوان العجاج والمجمل واللسان (حدا).
([21]) التكملة من المجمل.
([22]) من معلقته. وعجزه: * مقارعة بنيهم عن بنينا *
([23]) للعجاج في ديوانه 67 والمجمل واللسان (حدأ).
([24]) جزء من بيت للشماخ في ديوانه 56 واللسان (حدأ). وهو بتمامه:
يبادرن العضاه بمقنعات *** نواجذهن كالحدأ الوقيع
([25]) في الأصل: "الحدباء"، صوابه من المجمل وسياق القول.
([26]) يقال حدث، كفرح وندس، وحدث بالكسر.
([27]) ديوان الأعشى 116 والمجمل واللسان (حدج).
ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)
(حذر) الحاء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو من التحرُّز والتيقُّظ. يقال حَذِر يَحْذَر حَذَراً. ورَجُلٌ حَذِرٌ وحَذُورٌ وحِذْرِيانٌ: متيقِّظٌ متحرّز.
وحَذَارِ، بمعنى احذَرْ. قال:
* حَذَارِ من أرْماحِنا حَذَارِ(1) *
وقرئت: {وَإنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(2)} [الشعراء 56]، قالوا: متأهِّبون. و(حَذِرُونَ): خائفون. والمحْذُورة: الفزَع. فأمّا الحِذْرِيَةُ فالمكانُ الغليظ: ويمكن أنْ يكون سُمّي بذلك لأنه يُحذَر المشْيُ عليه(3).
(حذق) الحاء والذال والقاف أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال حَذَقَ السكِّين الشيءَ، إذا قطَعه. [قال]:
* فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِق(4) *
ومن هذا القياس الرّجُل الحاذِق في صناعته، وهو الماهر، وذلك أنّه يَحْذِق الأمرَ يَقْطَعُه لا يدع فيه مُتَعلَّقا. ومنه حِذْق القرآن. ومن قياسِه الحُذَاقيُّ، وهو الفَصيحُ اللِّسان؛ وذلك أنّه يَفْصِل الأمورَ يَقطعها. ولذلك يسمَّى اللِّسان مِفْصَلاً. والباب كلُّه واحد.
ومن الباب حَذَقَ فاهُ الخلُّ إذا حَمَزَه، وذلك كالتَّقطيع يقَعُ فيه.
ــــــــــــــــ
(1) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حذر). وأنشده ثعلب في أماليه 651.
(2) هذه قراءة ابن ذكوان، وهشام من طريق الداجواني، وعاصم، وحمزة، والكسائي وخلف. ووافقهم الأعمش. والباقون بحذف الألف. ومما يجدر ذكره أن كتابتهما في رسم المصحف (حذرون) بطرح الألف. انظر إتحاف فضلاء البشر 332.
(3) في الأصل: "بالمشي عليه".
(4) لأبي ذؤيب في ديوانه 151 واللسان (حذق). وصدره:
* يرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا *
ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)
(حرز) الحاء والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو من الحِفْظ والتَّحفظ يقال حَرَزْتُه([1]) واحترزَ هو، أي تحفَّظَ. وناسٌ يذهبون إلى أنّ هذه الزّاءَ مبدلةٌ مِن سين، وأنَّ الأصل الحَرْس وهو وجهٌ. وفي الكتاب الذي للخليل أنّ الحَرَزَ جَوْز محكوكٌ يُلعَب به، والجمع أحْراز. قلنا: وهذا شيءٌ لا يعرَّج عليه ولا مَعْنَى له.
(حرس) الحاء والراء والسين أصلان: أحدهما الحِفْظ والآخر زمانٌ.
فالأوّل حَرَسَه يَحْرُسُه حَرْساً. والحَرَس: الحُرَّاس. وأمَّا حُرِيسَة الجَبَل، التي جاءت في الحديث، فيقال هي الشاة يُدركها اللَّيل قَبْلَ أُوِيِّها إلى مأواها، فكأنها حُرِسَتْ هناك. وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل: يجعلها بعضهم السَّرِقَة نفسَها؛ يقال حَرَس يَحْرِسُ حَرْساً، إذا سَرَق. وهذا إنْ صحَّ فهو قريبٌ من الباب؛ لأنَّ السارق يرقُب الشيء كأنّه يحرُسه حتَّى يتمكَّن منه. والأوّلُ أصحّ. وذلك قول أهل اللغة إنّ الحريسَةَ هي المحروسة. فيقول: "[ليس] فيما يحرس بالجبل قَطْع" لأنّه ليس بموضع* حِرْز.
(حرش) الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب. وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر ومنه سمِّي الرجل حراشاً([2]). ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة. ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.
ومن هذا الباب حَرَشْتُ [الضبّ([3])]، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظن أنّها حيّة فيُخْرِج ذَنبَه فتأخذَه. وذلك المَسْح له أثَرٌ. فهو من القياس الذي ذكرناه. والحَرِيش: نوعٌ من الحيات أرقَطُ. وربَّما قالوا حيّة حَرْشاء، كما يقولون رَقْطاء قال:
بِحَرْشاءَ مِطْحَانٍ كأنّ فحيحَها *** إذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ على جمْرِ([4])
والحَرْشاء: حَبَّة تنبُت شبيهةٌ بالخَرْدَلِ. قال أبو النجم:
* وانْحَتَّ مِن حَرشاءِ فَلْجٍ خَرْدَلهْ([5]) *
فأمّا قولُهم حَرَّشْت بينَهم، إذا أغرَيْتَ وألقيتَ العداوة، فهو من الباب؛ لأن ذلك كتحزيزٍ يقع في الصُّدور والقلوب.
ومن ذلك تسميتهم النُّقْبة، وهي أوَّل الجَرَب يَبْدُو، حَرْشاء. يقال نُقْبةٌ حَرْشاء، وهي الباِثرَة([6]) التي لم تُطْلَ. وأنشد:
وحَتَّى كأنِّي يتقي بي مُعَبَّدٌ *** به نُقْبة حَرْشاءُ لم تَلْقَ طاليا([7])
فأمّا قوله:
* كما تطايَرَ مَنْدُوفُ الحراشِين([8]) *
فيقال إنّه شيءٌ في القطن لا تدَيِّثُهُ المطارق([9])، ولا يكون ذلك إلاّ لخشونةٍ فيه.
(حرص) الحاء والراء والصاد أصلان: أحدهما الشّقّ، والآخر الجَشَع.
فالأول الحَرْصُ الشَّقُّ؛ يقال حَرَص القَصَّار الثوبَ إذا شقَّه. والحارِصَة من الشِّجاج: التي تشقُّ الجلد. ومنه الحرِيصة والحارِصَةُ، وهي السحابة التي تَقْشِر وجْهَ الأرض مِن شِدّة وَقْع مطرِها. قال:
* انهلالُ حريصَةٍ([10]) *
وأمّا الجَشَع والإفراط في الرَّغْبة فيقال حَرَصَ إذا جَشَع يَحْرُِص حِرْصا، فهو حريصٌ. قال الله تعالى: {إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل 37]. ويقال حُرِصَ المَرْعَى([11])، إذا لم يُتْرك منه شيء؛ وذلك من الباب، كأنّه قُشِر عن وجْه الأرض.
(حرض) الحاء والراء والضاد أصلان: أحدهما نبت، والآخَر دليلُ الذَّهاب والتّلَف والهلاك والضَّعف وشِبهِ ذلك.
أمَّا الأوّل فالحُرْض الأُشنان، ومُعالِجُه الحَرّاض. والإحْرِيض: العُصْفُر. قال:
* مُلْتَهِبٌ كلَهَبِ الإحْرِيضِ([12]) *
والأصل الثاني: الحَرَض، وهو المُشرِف على الهلاك. قال الله تعالى: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} [يوسف 85]. ويقال حَرَّضْتُ فلاناً على كذا. زعم ناسٌ أنّ هذا من الباب. قال أبو إسحاق البصريُّ([13]) الزَّجّاج: وذلك أنّه إذا خالف فقَدْ أفْسَد. وقوله تعالى: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ} [الأنفال 65]، لأنهم إذا خالَفُوه فقد أُهلِكوا. وسائر الباب مقاربٌ هذا؛ لأنَّهم يقولون هو حُرْضَة، وهو الذي يُنَاوَلُ قِدَاحَ الميسر ليضرب بها.
ويقال إنّه لا يأكل اللحمَ أبداً بثَمن، إنّما يأكل ما يُعْطَى، فيُسمَّى حُرْضَةً، لأنه لا خَيرَ عنده.
ومن الباب قولُهم للذي لا يُقاتِل ولا غَنَاء عِنْدَه ولا سِلاح معَه حَرَض. قال الطرِمّاح:
* حُمَاةً للعُزَّلِ الأحراضِ([14]) *
ويقال حَرَض الشّيءُ وأحرضَهُ غيره، إذا فَسَد وأفسَدهُ غيرُه. وأحْرَضَ الرّجُل، إذا وُلِد له [ولَدُ] سَوء. وربما قالوا حَرَضَ الحالبان النّاقَة، إذا احتلبا لبنَها كلَّه.
(حرف) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول: حدُّ الشيء، والعُدول، وتقدير الشَّيء.
فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره. ومنه الحَرْف، وهو الوجْه. تقول: هو مِن أمرِه على حَرْفٍ واحد، أي طريقة واحدة. قال الله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهََ عَلَى حَرْفٍ} [الحج 11]. أي على وجه واحد. وذلك أنّ العبد يجبُ عليه طاعةُ ربِّه تعالى عند السرّاء والضرّاء، فإذا أطاعَه عند السّرّاء وعَصاه عند الضرّاء فقد عَبَدَه على حرفٍ. ألا تراه قال تعالى: {فَإِنْ أصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج 11]. ويقال للناقةِ حَرْفٌ. قال قوم: هي الضامر، شبِّهت بحرف السَّيف. وقال آخرون: بل هي الضَّخْمة، شبِّهت بحرف الجبل، وهو جانبُه. قال أوس:
حَرْفٌ أخُوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ *** وعَمُّها خالُها قوداءُ مِئشيرُ([15])
وقال كعب بن زهير:
حرفٌ أخوها أبوها مِن مهجَّنةٍ *** وعَمُّها خالُها جرداءُ شِمْلِيلُ([16])
والأصل الثاني: الانحراف عن الشَّيء. يقال انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه، أي عدَلتُ به عنه. ولذلك يقال مُحَارَفٌ، وذلك إذا حُورِف كَسْبُه فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته. قال الله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه([17])} [النساء 46، المائدة 13].
والأصل الثالث: المِحراف، حديدة يقدَّر بها الجِراحات عند العِلاج. قال:
إذا الطَّبيب بمِحْرافَيْهِ عالَجَها *** زادَتْ على النَّقْرِ أو تحرِيكِها ضَجَما([18])
وزعم ناسٌ أنّ المُحارَفَ من هذا، كأنّه قُدِّر عليه رزقُه كما تقدَّر الجِراحةُ بالمحْراف.
ومن هذا الباب فلان يَحْرُف لِعياله، أي يكسِب. وأجْوَدُ مِن هذا أن يقال فيه إنّ الفاءَ مبدلةٌ من ثاء. وهو من حَرَثِ أي كَسَبَ وجَمَعَ. وربما قالوا أحْرَفَ فلانٌ إحرافاً، إذا نَما مالُه وَصَلُح. وفلان حَرِيفُ فلانٍ أي مُعامِلُه. وكل ذلك من حَرَفَ واحترف أي كسَب. والأصلُ ما ذكرناه.
(حرق) الحاء والراء والقاف أصلان: أحدهما حكُّ الشَّيء بالشيء مع حرارة والتهاب، وإليه يرجع فروعٌ كثيرة. والآخَر شيءٌ من البَدَن.
فالأول قولهم حَرَقْتُ الشيءَ إذا بردْتَ وحككْتَ بعضَهُ ببعض. والعرب تقول: "هو يَحْرُقُ عليك الأُرَّم غَيظاً"، وذلك إذا حكَّ أسنانَه بعضَها ببعض. والأُرَّم هي الأسنان. قال:
نُبِّئْتُ أحْماءَ سُليمَى إنَّما *** باتُوا غِضاباً يَحْرُقُون الأرَّمَا([19])
وقرأ ناسٌ: {لَنَحْرُقَنَّهُ ثمَّ لِنَنْسِفَنَّه([20])} [طه 97]، قالوا: معناه لنبرُدنَّه بالمبارد. والحَرَق: النَّار. والحَرَقُ في الثَّوب([21]). والحَرُوقاء هذا الذي يقال لـه الحُرَّاق. وكلُّ ذلك قياسُه واحد.
ومن الباب قولهم للذي ينقطع شَعَْره وينسل حَرِقٌ. قال:
* حَرِقَ المَفَارِق كالبُراءِ الأعْفَرِ([22]) *
والحُرْقَانُ: المَذَح في الفخِذين، وهو من احتكاك إحداهما بالأخرى. ويقال فَرَسٌ حُرَاقٌ([23]) إذا كان يتحرَّق في عَدْوِه. وسَحابٌ حَرِقٌ، إذا كان شديدَ البَرْق. وأحْرَقَني النّاسُ بلَوْمهم: آذَوْني. ويقال إنّ المُحارقَةَ جِنسٌ من المباضعة. وماء حُرَاقٌ: مِلحٌ شديد المُلوحة.
وأمّا الأصل الآخر فالحارقة، وهي العَصب الذي يكون في الورِك. يقال رجلٌ محروقٌ، إذا انقطعت حارِقَتُه. قال:
* يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمحروقِ([24]) *
(حرك) الحاء والراء والكاف أًصلٌ واحد، فالحركة ضدُّ السكون. ومن الباب الحارِكانِ، وهما ملتقى الكتِفَين، لأنَّهما لا يزالان يتحرَّكان. وكذلك الحراكيك، وهي الحراقِفُ، واحدتها حَرْكَكَة.
(حرم) الحاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع والتشديد. فالحرام: ضِدُّ الحلال. قال الله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيةٍ أَهْلَكنْاَهَا} [الأنبياء 95]. وقرئت: {وحِرْمٌ([25])}. وسَوْطٌ مُحرَّم، إذا لم يُلَيَّن بعدُ. قال الأعشى:
* تُحاذِر كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّمَا([26]) *
والقطيع: السوط، والمحرَّم الذي لم يمرَّن ولم يليَّنْ بعدُ. والحريم: حريم البئرِ، وهو ما حَولَها، يحرَّم على غير صاحبها أن يحفِر فيه. والحَرَمَانِ: مكة والمدينة، سمِّيا بذلك لحرمتهما، وأنّه حُرِّم أن يُحدَث فيهما أو يُؤْوَى مُحْدِثٌ. وأحْرَم الرّجُل بالحجّ، لأنه يحرُم عليه ما كان حلالاً له من الصَّيد والنساءِ وغير ذلك. وأحرم الرّجُل: دخل في الشهر الحرام. قال:
قَتَلُوا ابنَ عفّانَ الخليفةَ مُحْرِماً *** فمضى ولم أَرَ مثلَه مقتولا([27])
ويقال المُحْرِم الذي* له ذِمَّة. ويقال أحْرَمْتُ الرّجُلَ قَمرْتُه، كأنَّك حرمْتَه ما طمِعَ فيه منك. وكذلك حَرِم هو يَحْرَم حَرَماً، إذا لم يَقْمُر. والقياس واحدٌ، كأنه مُنِع ما طَمِع فيه. وحَرَمْتُ الرّجلَ العطية حِرماناً، وأحرمْتُه، وهي لغة رديّة. قال:
ونُبِّئْتُها أحْرَمْت قَومَها *** لتَنْكِحَ في مَعْشرٍ آخَرِينا([28])
ومَحارِم اللَّيل: مخاوفه التي يحرُم على الجبان أن يسلُكَها. وأنشد ثعلب:
واللهِ لَلنَّومُ وبِيضٌ دُمَّجُ *** أَهْوَنُ مِن لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ
مَحَارِمُ اللَّيلِ لَهُنّ بَهْرَجُ([29]) *** حِين يَنام الوَرَعُ المزَلَّجُ([30])
ويقال من الإحرام بالحجِّ قوم حُرُمٌ وحَرَامٌ، ورجلٌ حَرَامٌ. ورجُلٌ حِرْمِيٌّ منسوب إلى الحَرَم. قال النابغة:
لِصَوْتِ حِرْمِيَّةٍ قالت وقد رحلوا *** هل في مُخِفِّيكُم من يَبتغي أَدَما([31])
والحَرِيم: الذي حُرِّم مَسُّهُ فلا يُدْنَى منه. وكانت العرب إذا حجُّوا ألقَوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبَسوها في الحرَم، ويسمَّى الثوبُ إذا حرّم لُبسه الحَريم. قال:
كَفى حَزَناً مَرِّي عليه كأنّهُ *** لَقىً بين أيدي الطائِفِين حريمُ([32])
ويقال بين القوم حُرْمةٌ ومَحْرَُمة، وذلك مشتقٌّ من أنه حرامٌ إضاعتُه وترْكُ حِفظِه. ويقال إنّ الحَرِيمةَ اسمُ ما فات من كل همٍّ مطموعٍ فيه.
ومما شذَّ الحيْرَمَة: البقرة.
(حرن) الحاء والراء والنون أصلٌ واحد، وهو لزوم الشي للشيء لا يكادُ يفارقه. فالحِرَان في الدّابة معروف، يقال حَرَنَ وحَرُن. والمَحَارن من النَّحْل: اللواتي يلصَقْن بالشَُّهد فلا يبرحْن أو يُنْزَعْنَ. قال:
* صَوْتُ المحابِضِ يَنْزِعْن المَحَارِينا([33]) *
وكذلك قول الشماخ:
فما أرْوَى ولو كَرُمَتْ علينا *** بأدْنَى مِنْ موقَّفَةٍ حَرُونِ([34])
هي التي لا تبرح أعلَى الجبل. ويقال حَرَنَ في البيع فلا يزيد ولا ينقُص.
(حرو/ي) الحاء والراء وما بعدها معتل. أصول ثلاثة: فالأوّل جنس من الحرارة، والثاني القرب والقصد، والثالث الرُّجوع.
فالأوّل الحَرْوُ. من قولك وجَدْتُ في فمي حَرْوَة وحَرَاوةً، وهي حرارةٌ مِن شيءٍ يُؤْكل كالخردَل ونحوِه. ومن هذا القياس حَرَاةُ النار، وهو التهابها. ومنه الحَرَة الصَّوت والجَلَبةُ.
وأمّا القُرب والقَصْد فقولهم أنت حَرىً أنْ تفعل كذا. ولا يثنَّى على هذا اللفظ ولا يُجمَع. فإذا قلت حَرِيٌّ قلت حرِيّان وحريُّون وأحرياء للجماعة([35]). وتقول هذا الأمر مَحْراةٌ لكذا. ومنه قولهم: هو يتحرَّى الأمر، أي يقصِدُه.
ويقال إنَّ الحَرا مقصور: موضع البَيْض، وهو الأفحوص. ومنه تحرَّى بالمكان: تلبَّثَ. ومنه قولهم نزلتُ بِحَرَاهُ وَبِعَراه، أي بعَقْوتَه.
والثالث: قولهم حَرَى الشّيءُ يَحرِي حَرْياً، إذا رجع ونَقَص. وأحراه الزمانُ. ويقال للأفعى التي كَبِرت ونقص جسمُها حاريَةٌ. وفي الدعاء عليه يقولون: "رماهُ الله بأفعَى حاريةٍ"، لأنها تنقُص من مرور الزمان عليها وتَحْرِي، فذلك أخبثُ. وفي الحديث: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل جسمُ أبي بكر يَحْرِي حتى لَحق به".
(حرب) الحاء والراء والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها السّلْب، والآخر دويْبَّة، والثالث بعضُ المجالس.
فالأوَّل: الحَرْب، واشتقاقها من الحَرَب وهو السَّلْب. يقال حَرَبْتُه مالَه، وقد حُرِب مالَه، أي سُلِبَه، حَرَباً. والحريب: المحروب. ورجل مِحْرَابٌ: شجاعٌ قَؤُومٌ بأمر الحرب مباشرٌ لها. وحَريبة الرَّجُل: مالُه الذي يعيش به، فإذا سُلِبَه لم يَقُمْ بعده. ويقال أسَدٌ حَرِبٌ، أي من شدّة غضبِه كأنّه حُرِب شيئاً أي سُلِبه. وكذلك الرجل الحَرِب.
وأما الدويْبَّة [فـ] الحِرباء. يقال أرض مُحَرْبئة، إذا كثُر حِرباؤها. وبها شبِّه الحِرْباء، وهي مسامير الدُّروع. وكذلك حَرَابيّ المَتن، وهي لَحَماتُهُ.
والثالث: *المحراب، وهو صدر المجلس، والجمع محاريب. ويقولون: المحراب الغرفةُ في قوله تعالى: {فَخَرَجَ علَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْراب} [مريم 11]. وقال:
رَبَّةُ مِحرابٍ إذا جئتُها *** لم ألقَها أوْ أَرتَقِي سُلَّمَا([36])
ومما شذَّ عن هذه الأصول الحُرْبة. ذكر ابنُ دريد أنها الغِرارَة السَّوداء. وأنشد:
وصَاحبٍ صاحبتُ غيرِ أَبْعَدا *** تراهُ بين الحُرْبَتَينِ مَسْنَدَا([37])
(حرت) الحاء والراء والتاء أصلٌ واحد، وهو الدَّلْك، يقال حَرَته حَرْتاً، إذا دلكه دَلْكاً شديداً.
(حرث) الحاء والراء والثاء أصلانِ متفاوتان: أحدهما الجمع والكَسْب، والآخر أنْ يُهْزَل الشيء.
فالأوّل الحَرْث، وهو الكَسْب والجمع، وبه سمِّي الرجل حارثاً. وفي الحديث: "احْرُثْ لدُنْياكَ كأنَّك تعيش أبداً، واعمَلْ لآخرتِك كأنك تموت غداً".
ومن هذا الباب حرث الزَّرع. والمرأة حرث الزَّوج؛ فهذا تشبيه، وذلك أنه مُزدَرَع ولده. قال الله تعالى: {نساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة 223]. والأحرِثة: مَجارِي الأوتار في الأفواق([38])؛ لأنّها تجمعها.
وأمّا الأصل الآخر فيقال حَرَثَ ناقتَه: هَزَلها؛ أحرثها أيضاً. ومن ذلك قول الأنصار لمّا قال لهم معاوية: ما فعلَتْ نواضحُكم؟ قالوا: أحْرثْنَاها يَوْمَ بَدْرٍ.
(حرج) الحاء والراء والجيم أصلٌ واحد، وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه، وذلك تجمُّع الشيء وضِيقُه. فمنه الحَرَج جمع حَرَجة، وهي مجتمع شجرٍ. ويقال في الجمع حَرَجات. قال:
أَيا حَرَجاتِ الحيِّ حِينَ تحمَّلوا *** بذي سَلَمٍ لا جادكُنَّ ربيعُ([39])
ويقال حِراجٌ أيضاً. قال:
* عايَنَ حيَّاً كالحراج نَعَمُهْ([40]) *
ومن ذلك الحرَجَ الإثم، والحَرَج الضِّيق. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [الأنعام 125]. ويقال حَرِجَتِ العينُ تَحرَج، أي تحارُ. وتقول: حَرِجَ عَلَيَّ ظُلمك، أي حرُم. ويقال أحْرَجَها بتطليقةٍ، أي حرّمَها. ويقولون: أكسَعَها بالمُحْرِجات، يريدون بثلاث تطليقات. والحَرَج: السَّرير الذي تُحمَل عليه الموتى. والمِحَفَّةُ حَرَجٌ. قال:
فإمّا تَرَيْنِي في رِحالةِ جابرٍ *** على حَرَجٍ كالقَرّ تَخْفِق أكفاني([41])
وناقة حَرَجٌ وحُرْجُوجٌ: ضامرة، وذلك تداخُلُ عظامِها ولحمِها. ومنه الحَرِجُ الرّجل الذي لا يكاد يبرحُ القتال.
ومما شذّ عن هذا الباب قولهم إنّ الْحِرْجَ الوَدَعة، والجمع أحراج. ويقال هو نَصيب الكلْب من لحم الصَّيْد. قال جحدر:
وتقدُّمي للَّيْثِ أرْسُفُ مُوثَقاً *** حتى أُكابِرَه على الأحْراجِ([42])
ويقال الحِرْج الحِبالُ تُنْصَب. قال:
* كأنّها حرج حابلِ([43]) *
(حرد) الحاء والراء والدال أصولٌ ثلاثة: القصد، والغضَب، والتنحِّي.
فالأوَّل: القصد. يقال حَرَدَ حَرْدَهُ، أي قصد قصده، قال الله تعالى:
{وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم 25]. [و] قال:
أقبل سَيْلٌ جاءَ مِنْ عِنْدِ اللهْ *** يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلّهْ([44])
ومن هذا الباب الحُرُود: مبَاعر الإبل، واحدها حِرْد.
والثاني: الغضب؛ يقال حَرِدَ الرّجل غَضِبَ حَرْداً، بسكون الراء([45]). قال الطرمّاح:
* وابن سَلْمى على حَرْدِ([46]) *
ويقال أسَدٌ حارد. قال:
لعَلكِ يوما أن تَرَيْنِي كأنّما *** بَنِيَّ حوالَيَّ الليُوثُ الحوارِدُ([47])
والثالث: التنحِّي والعُدول. يقال نَزلَ فلانٌ حريداً، أي منتحِّياً. وكوكب حَريد. قال جرير:
نَبْنِي على سَنَنِ العَدُوِّ بُيُوتَنَا *** لا نستجير ولا نحلُّ حَرِيدا([48])
قال أبو زيد: الحريد ها هنا: المتحوِّل عن قومه. وقد حَرَدَ حُرُوداً. يقول إنَّا لا نَنْزِل في غير قومنا من ضعف وذِلّة؛ لقوّتنا وكثْرتنا. والمحرَّد من كل شيء: المعوَّج. وحارَدَتِ الناقة، إذ قلَّ لبنُها، وذلك أنّها عَدَلَتْ عمَّا كانت عليه من الدّرّ. وكذلك حارَدَت السنة إذا قَلّ مطرها. وحَبْلٌ مُحَرَّدٌ، إذا ضُفر فصارت لـه حِرفةٌ لاعوِجاجه.
(حرذ) الحاء والراء والذال ليس أصلاً، وليست فيه عربيةٌ صحيحة. وقد قالوا إنّ الحِرذَون دويْبَّة.
ـــــــــــــــــ
([1]) في القاموس: "وحرزه حفظه، أو هو إبدال والأصل حرسه".
([2]) في أسمائهم حراش، ككتاب، وحراش، كشداد.
([3]) التكملة في المجمل.
([4]) البيت في المجمل واللسان (حرش، طحن). والمطحان: المترحية المستديرة.
([5]) اللسان (حرش) والحيوان (4: 11) والجمهرة (2: 133).
([6]) في الأصل: "الناشرة"، صوابه في المجمل واللسان.
([7]) في الأصل: "حتى كأني شقي"، صوابه من المجمل واللسان.
([8]) أنشده في المجمل (حرش)، وذكر أن مفرده "حرشون". لكن ابن منظور أنشده في (حرشن).
([9]) ديثت المطارق الشيء: لينته. وفي الأصل: "لا تدشه المطارف". وفي المجمل: "لا يدبثه المطارق"، صوابهما ما أثبت من اللسان (ديث).
([10]) جزء من بيت للحادرة الذبياني في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي، والمفضليات (1: 24)، واللسان (حرص). وهو بتمامه:
ظلم البطاح لـه انهلال حريصة *** فصفا النطاف لـه بعيد المقلع
([11]) في الأصل: "المعنى"، صوابه من المجمل.
([12]) البيت من أبيات أربعة في نوادر أبي زيد 222 واللسان (حرض).
([13]) هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج، تلميذ المبرد، المتوفى سنة 311.
([14]) جزء من بيت له في ديوانه 86 واللسان (حرض). وهو بتمامه:
من يرم جمعهم يجدهم مراجيـ *** ـح حماة للعزل الأحراض
([15]) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في مادة (أشر).
([16]) سبق الكلام على هذا البيت في حواشي مادة (أشر)
([17]) من الآية 46 في النساء، والآية 13 في المائدة. وفي الآية 41 من المائدة: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه).
([18]) للقطامي في ديوانه 71 واللسان (حرف، ضجم). ويروى: "على النفر" بالفاء، وهو الورم أو خروج الدم. وفي الديوان: "حاولها" بدل: "عالجها".
([19]) الرجز في اللسان (حرق، أرم). وفي (أرم) توجيه كسر همزة "إنما" وفتحها.
([20]) هذه قراءة أبي جعفر من رواية ابن وردان، ووافقه الأعمش. وقرئ: (لنحرقنه) من الإحراق، وهي قراءة أبي جعفر من رواية ابن جماز، ووافقه الحسن. وباقي القراء: (لنحرقنه) من التحريق. انظر إتحاف فضلاء البشر 307.
([21]) في اللسان: "والحرق: أن يصيب الثوب احتراق من النار… ابن الأعرابي: الحرق: النقب في الثوب من دق القصار". وفي المجمل: "والحرق في الثوب من الدق".
([22]) لأبي كبير الهذلي، كما سبق في حواشي (برو/ي 234) من الجزء الأول، وصدره:
* ذهبت بشاشته فأصبح واضحا *
([23]) يقال: حراق، كزعاق، وحراق، كرمان.
([24]) لأبي محمد الحذلمي، كما في اللسان (فتق، صفق). وأنشده أيضاً في اللسان (حرق) بدون نسبة. وانظر أمالي ثعلب 232.
([25]) هي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وطلحة والأعمش وأبي عمرو. وانظر سائر القراءات في تفسير أبي حيان (6: 338).
([26]) في (قطع): "تراقب كفي". وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم):
* ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *
([27]) للراعي كما في خزانة الأدب (1: 503) واللسان (حرم) وجمهرة أشعار العرب 176. وهذا الإنشاد يوافق ما في المجمل. ورواية سائر المصادر: "ودعا فلم أر مثله".
([28]) البيت من أبيات لشقيق بن السليك، أو ابن أخي زر بن حبيش، في اللسان (حرم).
([29]) الأبيات في المجمل، والأول والثاني منهما في اللسان (دمج)، والأخيران فيه (حرم، زلج). البهرج: المباح. والورع بالفتح: الجبان. والمزلج: الدون الذي ليس بتام الحزم.
([30]) يروى أيضاً "مخارم الليل" أي أوائله. وهي رواية اللسان (خرم).
([31]) ديوان النابغة 67 والمجمل واللسان (حرم). المخف: الخفيف المتاع. والأدم: الجلد.
([32]) المجمل واللسان (حرم). وفي الأخير: "كرى عليه" وانظر السيرة 129.
([33]) لابن مقبل في اللسان (حبض، حرن). وصدره: * كأن أصواتها من حيث تسمعها *
([34]) ديوان الشماخ 91 واللسان (وقف، حرن).
([35]) وكذلك إذا قلت حر، كشج؛ ثنيته أو جمعته.
([36]) لوضاح اليمن في اللسان (حرب) والأغاني (6: 43) والجمهرة (1: 219).
([37]) البيتان في اللسان (حرب).
([38]) الأفواق: جمع فوق، بالضم؛ وهو من السهم موضع الوتر. وفي الأصل: "الأفراق" تحريف.
([39]) البيت للمجنون كما في الحيوان (5: 173) والأغاني (1: 17).
([40]) للحجاج في ديوانه 64 واللسان (حرج).
([41]) لامرئ القيس في ديوانه 126 واللسان (حرج، قرر)، وسيعيده في (قر).
([42]) البيت في اللسان (حرج).
([43]) جزء من بيت في اللسان (حرج) وهو بتمامه:
وشر الندامى من تبيت ثيابه *** مجففة كأنها حرج حابل
وفي الأصل: "كأنها حرج نابل وحابل"، صوابه في المجمل واللسان.
([44]) الشطران في اللسان (حرد). ونسبهما التبريزي في التهذيب لحسان.
([45]) وبتحريكها أيضاً، والتسكين أكثر.
([46]) في المجمل: * وابن أبي سلمى على حرد *
ولم أعثر على هذا الشعر في ديوان الطرماح.
([47]) للفرزدق في ديوانه 172 والحيوان (3: 97) وعيون الأخبار (4: 122) ومعاهد التنصيص (1: 102).
([48]) ديوان جرير 173 واللسان (حرد).
ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)
(حزق) الحاء والزاء والقاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. ومن ذلك [الحِزقُ]: الجماعات. قال عنترة:
* حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِمِ([1]) *
والحَزيقة من النَّخل: الجماعة. ومن ذلك الحُزُقَّة: الرجُل القصير، وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقه. والحَزْق: شدُّ القوس بالوَتَر. والرجل المتحزِّق: المتشدِّد على [ما] في يديه بُخْلا. ويقولون: الحازق الذي ضاق عليه خُفُّهُ. والقياس في الباب كله واحد.
(حزك) الحاء والزاء والكاف كلمةٌ واحدة أُراها من باب الإبدال وأنها ليست أصلاً. وهو الاحتزاك، وذلك الاحتزام بالثَّوب. فإمّا أن يكون الكاف بدلَ ميم، وإما أن يكون الزاء بدلاً من باء وأنه الاحتباك. وقد ذكر الاحتباك في بابه.
(حزل) الحاء والزاء واللام أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. يقال احْزَأَلَّ، إذا ارتفع. واحزألَّتِ الإبلُ على متن الأرض في السَّير: ارتفعت. واحزألَّ الجبلُ: ارتفع في السَّراب.
(حزم) الحاء والزاء والميم أصلٌ واحد، وهو شدُّ الشيءِ وجمعُه، قياسٌ مطرد. فالحزم: جَودة الرأي، وكذلك الحَزَامة، وذلك اجتماعُه وألاّ يكون مضطرِباً منتشِراً والحزام للسَّرج من هذا. والمتحزِّم: المُتلبّب. والحُزْمَة من الحطب وغيره معروفة([2]). والحَيزُوم والحَزِيم: الصّدر؛ لأنّه مجتَمَع عِظامه ومَشَدُّها.
يقول العرب: شددتُ لهذا الأمر([3]) حَزِيمي. قال أبو خِراش يصفُ عُقابا:
رَأت قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمّت *** إلى حيزومها ريشاً رطيبا([4])
أي كاد الصَّيد يفوتها. والرطيب: الناعم. أي كسرت جناحَها حين رأت الصيد لتنقضَّ. وأمّا قول القائل:
* أعددْتُ حَُزْمَةَ وهي مُقْرَبَةٌ([5]) *
فهي فرسٌ، واسمُها مشتقٌ مما ذكرناه. والحَزَم كالغَصَص في الصّدر، يقال حَزِمَ يَحْزَم حَزَماً؛ ولا يكون ذلك إلا من تجمُّع شيء هناك. فأمّا الحَزْمُ من الأرض فقد يكون من هذا، ويكون من أن يقلب النون ميما والأصل حَزْن، وإنما قلبوها ميما لأنّ الحَزْم، فيما يقولون، أرفع من الحزن.
(حزن) الحاء والزاء والنون أصلٌ واحد، وهو خشونة الشيء وشِدّةٌ فيه. فمن ذلكَ الحَزْن، وهو ما غلُظ من الأرض. والحُزْن معروف، يقال حَزَنَنِي الشيءُ يحزُنُني؛ وقد قالوا أحزَنني. وحُزَانتك: أهلُك ومن تتحزَّن له.
(حزو/ي) الحاء والزاء والحرف المعتل أصلٌ قليل الكَلِم، وهو الارتفاع. يقال حَزَا السّرابُ الشيءَ يحزُوهُ، إذا رفعَه. ومنه حَزَوْتُ الشيءَ وحَزَيته إذا خَرَصْته([6]). وهو من الباب؛ لأنّك تفعل ذلك ثم ترفعُه ليُعلم كم هو.
وقد جعلوا في هذا من المهموز كلمةً فقالوا: حَزَأْتُ الإبلَ أحزَؤُها حَزءاً، إذا جمعتَها وسُقْتها؛ وذلك أيضاً رفْعٌ في السَّير. فأمّا الحَزاء فَنبْتٌ.
(حزب) الحاء والزاء والباء أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. فمن ذلك الحِزب الجماعة من النّاس. قال الله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 32]. والطائفة من كلِّ شيءٍ حِزْبٌ. يقال قرأَ حِزْبَهُ من القرآن. والحِزْباء: الأرض الغليظة([7]). والحَزَابِيَةُ: الحِمار المجموع الخَلْق.
ومن هذا الباب الحيزبُون: العجوز، وزادوا فيه الياء والواو والنون، كما يفعلونه في مثل هذا، ليكون أبلغ في الوصف الذي يريدونه.
(حزر) الحاء والزاء والراء أصلان: أحدهما اشتداد الشيء، والثاني جنسٌ من إعْمال الرّأْي.
فالأصل الأول: الحَزَاوِرُ، وهي الرّوابي، واحدتها حَزْوَرَة. ومنه الغلام الحَزْوَر([8]) وذلك إذا اشتدّ وقوِي، والجمع حزاورة. ومن* ذلك حَزَرَ اللَّبنُ والنّبيذُ، إذا اشتدّت حُموضته. وهو حازر. قال:
* بَعْدَ الذي عَدَا القُروصَ فَحَزَرْ([9]) *
وأما الثالث فقولهم: حزَرتُ الشيء، إذا خرصْتَه، وأنا حازر. ويجوز أن يحمل على هذا قولُهم لخيار المال حَزَرَات. وفي الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَثَ مُصدِّقاً فقال: لا تأخُذْ مِن حَزَرات أموال الناس شيئاً. خُذِ الشّارِفَ والبَكْرَ وذا العيب". فالحَزرات: الخيار، كأنّ المصدِّق يَحزُِرُ فيُعمِل رأيَه فيأخذُ الخِيار([10]).
ـــــــــــــــ
([1]) صدره كما في المعلقات: * تأوي له قلص النعام كما أوت *
([2]) في الأصل: "معرفة".
([3]) في الأصل: "هذا الأمر"، صوابه في المجمل.
([4]) البيت من قصيدة لـه في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 70 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57.
([5]) صدر بيت لحنظلة بن فاتك الأسدي، في اللسان (حزم). وعجزه:
* تقفي بقوت عيالنا وتصان *
وحزمة، بضم الحاء كما في الأصل والقاموس والمخصص (6: 198)، وضبطت في اللسان ونسب الخيل لابن الكلبي بفتحها.
([6]) الخرص: تقدير الشيء بالظن. وفي الأصل: "حرضته"، تحريف.
([7]) يقال حزباء في الجمع، والمفردة حزباءة.
([8]) يقال في وصف الغلام حزور كجعفر، وحزور كعملس.
([9]) أنشده أيضاً في المجمل. والقروص، مصدر لم يرد في المعاجم المتداولة.
([10]) في اللسان وجه آخر للاشتقاق، قال: "سميت حزرة لأن صاحبها لم يزل يحزرها في نفسه كلما رآها".
ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)
(حسف) الحاء والسين والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يتقشَّر عن شيء ويسقط. فمن ذلك الحُسَافة، وهو ما سَقَط من التمر والثَّمَر. ويقال انحسف الشّيءُ، إذا تفتَّت في يدك. وأمَا الحَسيفَة، وهي العداوة، فجائزٌ أن يكون من هذا الباب. والذي عندي أنها من باب الإبدال، وأنّ الأصل الحسيكة؛ فأُبدلت الكاف فاءً. وقد ذكرت الحسيكة وقياسُها بعد هذا الباب. ويقال الحَسَفُ الشَّوك، وهو من الباب.
(حسك) الحاء والسين والكاف من خشونة الشيء، لا يخرج مسائله عنه. فمن ذلك الحَسَكُ، وهو حَسَك السَّعدانِ([1])، وسمِّي بذلك لخشونته وما عليه مِن شَوك. ومن ذلك الحَسِيكة، وهي العداوة وما يُضَمّ في القلب من خشونة. ومن ذلك الحِسْكِك([2]). وهو القُنفُذ. والقياس في جميعه واحد.
(حسل) الحاء والسين واللام أصلٌ واحد قليلُ الكلِم، وهو ولد الضبّ، يقال له الحِسْلُ والجمع حُسُول. ويقولون في المثل: "لا آتِيك [سِنَّ الحِسْل"، أي لا آتيك([3])] أبداً. وذلك أنّ الضب لا يسقط له سِنٌّ. ويكنى الضّبُّ أبا الحِسل. والحسِيل: ولد البقر، لا واحِدَ له من لفظه. قال:
* وهنّ كأذنابِ الحَسِيلِ صوادرٌ([4]) *
(حسم) الحاء والسين والميم أصلٌ واحد، وهو قَطْع الشّيء عن آخره. فالحَسْم: القطع. وسُمِّي السيفُ حُساماً. ويقال حسامُه حَدّهُ، أيُّ ذلك كان فهو من القَطْع. فأما قوله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أيَّامٍ حُسُوماً} [الحاقة 7]، فيقال هي المتتابعة. ويقال الحسوم الشّؤم. ويقال سمِّيت حُسوماً لأنها حسمت الخيرَ عن أهلها. وهذا القول أقْيَس لما ذكرناه. ويقال للصبيّ السيِّئ الغذاء([5]) محسومٌ، كأنه قُطِع نماؤُه لَمَّا حُسِم غذاؤه. والحَسْم: أن تقطَعَ عِرقاً وتكويه بالنار كي لا تسيل دمُه. ولذلك يقال: احْسِم عنك هذا الأمر، أي اقطعه واكفِهِ نفسَك.
(حسن) الحاء والسين والنون أصلٌ واحد. فالحُسن ضِدُّ القبح. يقال رجلٌ حسن وامرَأة حسناءُ وحُسّانَةٌ. قال:
دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقولُ لها *** يا ظبيةً عُطُلاً حُسّانَة الجِيدِ([6])
وليس في الباب إلاّ هذا. ويقولون: الحسَن: جَبَل، وحَبْلٌ من حبال الرمل. قال:
لأمِّ الأرضِ وَيْلٌ ما أجَنَّتْ *** غداةَ أضَرَّ بالحَسَنِ السبيلُ([7])
والمحاسنُ من الإنسان وغيره: ضدُّ المساوي. والحسن من الذراع: النصف الذي يلي الكوع، وأحسَِبه سمّي بذلك مقابلةً بالنِّصف الآخر؛ لأنّهم يسمُّون النصف الذي يلي المِرفَق القبيح، وهو الذي يقال له كَِسْرُ قبيحٍ. قال:
لو كنتَ عيْراً كنتَ عَيْرَ مذَلَّةٍ *** ولو كنت كِسْراً كنت كَِسْرَ قبيحِ([8])
(حسو/ي) الحاء والسين والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، ثم يشتقّ منه. وهو حَسْو الشيء المائع، كالماء واللبن وغيرهما؛ يقال منه حَسَوْت اللّبن وغيره حَسْواً. ويقال في المثل:
* لمثل ذا كنتُ أحَسِّيك الحُسى *
*والأصل الفارسُ يغذو فرسَه بالألبان يحسّيها إيّاه، ثمّ يحتاج إليه في طلبٍ أو هرب، فيقول: لهذا كنتُ أفعلُ بك ما أفعل. ثم يقال ذلك لكلِّ من رُشِّح لأمر. والعرب تقول في أمثالها: "هو يُسِرُّ حَسْواً في ارتغاء"، أي إنّه يُوهِم أنّه يتناول رغوةَ اللبن، وإنّما الذي يريده شُربُ اللّبنِ نَفْسِه. يضرب ذلك لمن يَمكُر، يُظهِر أمراً وهو يريد غيره. ويقولون: "نَومٌ كحَسْو الطائر" أي قليل. ويقولون: شَرِبْتُ حَسْوَاً وحَساءً. وكان يقال لابن جُدْعانَ حاسي الذَّهَب، لأنّه كان لـه إناءٌ من ذهب يحسُو منه. والحِسْيُ: مكانٌ إذا نُحِّيَ عنه رملُه نَبَع ماؤُه. قال:
تَجُمُّ جُمومَ الحِسْي جاشت غُرُوبُه *** وبَرَّدَهُ من تحتُ غِيلٌ وأبْطَحُ([9])
فهذا أيضاً من الأول كأنَّ ماءَه يُحسَى.
ومما هو محمولٌ عليه احتسيت الخَبَر وتحسَّيت مثل تحسَّسْت، وحَسِيت بالشيء مثل حَسِسْتُ. وقال:
سوى أنّ العِتاقَ من المطايا *** حَسِينَ به فهنَّ إليه شُوسُ([10])
وهذا ممكنٌ أن يكون أيضاً من الباب الذي يقلبونه عند التضعيف ياء، مثل قصَّيْتُ أظفاري، وتقضَّى البازي، وهو قريبٌ من الأمرين وحِسْيُ الغَميِم: مكانٌ.
(حسب) الحاء والسين والباء أصول أربعة:
فالأول: العدّ. تقول: حَسَبْتُ الشيءَ أحْسُبُه حَسْباً وحُسْباناً. قال الله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن 5]. ومن قياس الباب الحِسْبانُ الظنّ، وذلك أنَّه فرق بينه وبين العدّ بتغيير الحركة والتّصريف، والمعنى واحد، لأنّه إذا قال حسِبته كذا فكأنّه قال: هو في الذي أعُدُّه من الأمور الكائنة.
ومن الباب الحَسَبُ الذي يُعَدُّ من الإنسان. قال أهل اللغة: معناه أن يعد آباءً أشرافاً.
ومن هذا الباب قولهم: احتسب فلانٌ ابنَه، إذا مات كبيراً([11]). وذلك أنْ يَعُدّه في الأشياء المذخورة لـه عند الله تعالى. والحِسْبة: احتسابك الأجرَ. وفلان حَسَنُ الحِسْبة بالأمر، إذا كان حَسَن التدبير؛ وليس من احتساب الأجر. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنه إذا كان حسنَ التدبير للأمر كان عالماً بِعِدَادِ كل شيءٍ وموضِعِه من الرأْي والصّواب. والقياسُ كله واحد([12]).
والأصل الثاني: الكِفاية. تقول شيء حِسَابٌ، أي كافٍ([13]). ويقال: أحسَبْتُ فلاناً، إذا أعطيتَه ما يرضيه؛ وكذلك حَسَّبْته. قالت امرأة([14]):
ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إن كان جائعاً *** ونُحْسِبه إن كان ليسَ بجائِع
والأصل الثالث: الحُسْبَانُ، وهي جمع حُسبانَةٍ، وهي الوِسادة الصغيرة. وقد حسَّبت الرّجلَ أُحَسِّبه، إذا أجلسته عليها ووسَّدْتَه إياها. ومنه قول القائل:
* غداة ثَوَى في الرّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ([15]) *
وقال آخر([16]):
يا عامِ لو قدَرَتْ عليكَ رِماحُنا *** والرّاقصاتِ إلى مِنَىً فالغَبْغَبِ
لَلَمسْتَ بالوكْعاء طعنةَ ثائرٍٍ *** حَرّانَ أو لثوَيْتَ غيرَ مُحسَّبِِ([17])
ومن هذا الأصل الحُسبْان: سهامٌ صغار يُرْمى بها عن القسيِّ الفارسية، الواحدة حُسبانة. وإنما فرق بينهما لصِغَر هذه و[كبر] تلك.
ومنه قولهم أصاب الأرض حُسبان، أي جراد. وفُسِّرَ قوله تعالى: {وَ يُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاء} [الكهف 40]، بالبَرَد.
والأصل الرابع: الأحسب الذي ابيضَّت جِلدتُه من داءٍ ففسدت شَعرته، كأنَّه أبرص. قال:
يا هِنْدُ لا تَنْكحي بُوهَةً *** عليه عقيقتُه أحْسَبا([18])
وقد يتّفق في أصول الأبواب هذا التفاوتُ الذي تراه في هذه الأصول الأربعة.
(حسد) الحاء والسين والدال أصلٌ واحد، وهو الحَسَد.
(حسر) الحاء والسين والراء أصلٌ واحد، وهو من كَشْف الشيء. [يقال حَسَرت عن الذراع([19])]، أي كشفته. والحاسر: الذي لا دِرْع عليه ولا *مِغْفَر. ويقال حَسَرْتُ البيتَ: كنستُه. ويقال: إن المِحْسَرَة المِكْنَسَة. وفلان كريم المَحْسَر، أي كريم المخبر، أي إذا كشفْتَ عن أخلاقه وجدتَ ثَمَّ كريماً. قال:
أرِقَتْ فما أدرِي أَسُقْمٌ طِبُّهَا *** أم من فراق أخٍ كريم المَحْسَر([20])
ومن الباب الحسرةُ: التلهُّف على الشيء الفائت. ويقال حَسِرْتُ عليه حَسَراً وحَسْرَةً، وذلك انكشافُ أمرِه في جزعه وقلَّة صبره. ومنه ناقةٌ حَسْرَى إذا ظلَعَتْ. وحَسَر البصر إذا كَلَّ، وهو حسير، وذلك انكشافُ حاله في قلّة بَصَره وضَعْفه. والمُحَسَّرُ، المُحَقَّر، كأنّه حُسر، أي جُعِل ذا حَسْرَة. وقد فسّرناها.
ـــــــــــــــــــ
([1]) حسك السعدان، ثمره، وهو خشن يعلق بأصواف الغنم.
([2]) في الأصل: "الحيسك"، تحريف. ويقال للقنفذ حسكك كزبرج، وحسيكة كسفينة.
([3]) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.
([4]) للشنفرى في المفضليات (1: 109) واللسان (حسل). وعجزه:
* وقد نهلت من الدماء وعلت *.
([5]) في الأصل: "الانداء"، صوابه من المجمل واللسان.
([6]) للشماخ في ديوانه 21 واللسان (حسن).
([7]) لعبد الله بن عنمة الضبي في اللسان (حسن) ومعجم البلدان (الحسنان) والحماسة.
([8]) قال ابن بري: "البيت من الطويل، ودخله الخرم في أوله. و منهم من يرويه: أو كنت كسراً، والبيت على هذا من الكامل". انظر اللسان (قبح) والمقاييس (قبح).
([9]) للمرقش الأصغر، من قصيدة في المفضليات (2: 41). وكذا جاءت الرواية في المجمل. وفي المفضليات: "وجرده من تحت"، أي كشفه وعراه من الشجر.
([10]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (حسا، حسس)، وأمالي القالي (1: 176).
([11]) وإذا فقده صغيراً لم يبلغ الحلم قيل: افترطه افتراطا.
([12]) في الأصل: "كلمة واحدة".
([13]) وبه فسر قوله تعالى: (عطاء حسابا).
([14]) من بني قشير، كما في اللسان (حسب). وأنشده أيضاً في (قفا).
([15]) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (حسب).
([16]) هو نهيك الفزاري، يخاطب عامر بن الطفيل، كما في اللسان (حسب). وفي معجم البلدان (رسم الغبغب) أنه "نهيكة الفزاري".
([17]) الوكعاء: الوجعاء، وهي الدبر. وفي اللسان "بالوجعاء" وفي المعجم "بالرصعاء".
([18]) لامرئ القيس في ديوانه 154 واللسان (بوه، عقق، حسب). وقد سبق في (بوه).
([19]) التكملة من المجمل.
([20]) في الأصل: "الكريم"، صوابه في المجمل، حيث أنشد العجز. والطب، بالكسر الشأن والعادة.
ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)
(حشف) الحاء والشين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَخَاوة وضعف وخلوقة.
فأوّل ذلك الحَشَف، وهو أردأ التَّمر. ويقولون في أمثالهم: "أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة"، للرَّجُل يجمع أمرين ردِيَّين. قال امرؤ القيس:
كأنَّ قلوبَ الطيرِ رَطباً ويابساً *** لدى وَكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي([1])
وإنما ذكر قلوبَها لأنها أطيبُ ما في الطير، وهي تأتي فراخها بها. ويقال حَشِفَ([2]) خِلْفُ الناقة، إذا ارتفع منه الّلبن. والحشيف: الثَّوب الخَلَق. وقد تَحَشَّف الرَّجلُ: لَبِسَ الحشيف. قال:
يُدنـي الحَشيفَ عليها كي يواريَها *** ونَفْسَها وهو للأطمار لَبَّاس([3])
والحَشَفة: العجوز الكبيرة، والخميرة اليابسة([4])، والصخرة الرِّخْوَة حَوْلها السهلُ من الأرض.
(حشك) الحاء والشين والكاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. يقال حَشَكْت النَّاقةَ، إذا تركتَها لا تحلبُها فتجمَّع لبنُها، وهي محشوكة. قال:
* غَدَت وهي مَحْشوكَةٌ حافلٌ([5]) *
وَحَشَكَ القوم، إذا حَشَدُوا. وحَشَكَت([6]) السّحابة: كثُر ماؤُها. ومنه قولهم للنّخلة الكثيرة الحَمْل حاشك. وحَشَكت السّماء: أتَتْ بمطرها. وربَّما حملوا عليه فقالوا: قوسٌ حاشكة، وهي الطَّرُوحُ البعيدةُ المَرمى. وحَشّاك: نَهْر.
(حشم) الحاء والشين والميم أصلٌ مشترك، وهو الغَضَب أو قريبٌ منه.
قال أهل اللغة. الحِشْمَة: الانقباضُ والاستحياء. وقال قومٌ: هو الغضب. قال ابن قُتيبة: رُوِي عن بعض فصحاء العرب: إن ذلك مما يُحْشِمُ بني فلانٍ، أي يغضبهم. وذكر آخر أن العرب لا تعرِفُ الحشمةَ إلاَّ الغضب، وأنَّ قولهم لحشَمِ الرجل خدمه، إنما معناه أنّهم الذين يَغْضب لهم ويغْضَبون له.
قال أبو عبيدٍ: قال أبو زيد: حَشَمْتُ الرجل أحْشِمه وأحْشَمْتُه، وهو أن يجلس إليك فتُؤذيَهُ وتُسمعه ما يكره. وابن الأعرابي يقول: حَشَمْتُه فَحَشم، أي أخجلته. وأحشمته: أغضبته. وأنشد:
لَعَمْرُكَ إنْ قُرْصَ أبي خُبَيبٍ *** بطيءُ النُّضْجِ مَحشومُ الأكيل([7])
(حشن) الحاء والشين والنون أصلٌ واحد، وهو تغيُّر الشيء بما يتعلّق به من درن. ثمّ يشتق منه:
فأمّا الأول فقولهم فيما رواه الخليل: حَشنَ السِّقاء، إذا حُقِنَ لبناً ولم يُتَعهَّدْ بغسلٍ فتغيَّرَ ظاهرُه وأنتَنَ. وأمَّا القياس فقال أبو عبيد: الحِشْنة، بتقديم الحاء على الشين: الحقد. وأنشد:
ألاَ لا أرَى ذا حِشْنَةٍ في فؤاده *** يُجَمجِمُها إلاّ سَيَبْدُو دفينُها([8])
قال غيره: ومن ذلك قولهم: قال([9]) فلانٌ لفلان حتَّى حشَّن صدرَه.
(حشو/ي) الحاء والشين وما بعدها معتلٌ أصلٌ واحد، وربما هُمِزَ فيكون المعنيان متقاربين أيضاً. وهو أن يُودَع الشيءُ وعاءً باستقصاء. يقال حشوتُه أحشوه حَشْوا. وَحِشْوَة الإنسان والدابة: أمعاؤه. ويقال [فلانٌ] من حِشْوة بني فلانٍ، أي من رُذَالهم. وإنما قيل ذلك لأن الذي تحشى به الأشياءُ لا يكون من أفخر المَتاع بل أدْونِه.
والمِحْشى: ما تحتشي([10]) به المرأة، تعظِّم* به عَجِيزتها، والجمع المحاشِي. قال:
* جُمَّاً غَنيّاتٍ عن المَحاشِي([11]) *
والحشا: حشا الإنسان، والجمع أحشاء. والحشا: الناحية، وهو من قياس الباب، لأنّ لكلّ ناحيةٍ أهلاً فكأنّهم حشَوها. يقال: ما أدري بأيّ حشاً هو. قال:
* بأيِّ الحَشَا أمسى الخليطُ المبايِنُ([12]) *
ومن المهموز وهو من قياسِ الباب غيرُ بعيدٍ منه، قولهم: حشأتُه بالسَّهم أحشَؤُه، إذا أصبتَ به جَنْبَه. قال:
فَلأَحْشأَنّكَ مِشْقَصاً *** أوْساً أُوَيْسُ من الهَبَالهْ([13])
ومنه حَشَأْتُ المرأةَ، كناية عن الجِماع.
والحَشَا، غير مهموز: الرَّبْو، يقال حَشِي يَحْشَى حشاً، فهو حَشٍ كما ترى. فأمّا قول النابغة:
جَمِّعْ مِحاشَكَ يا يزيدُ فإِنَّنِي *** أعددتُ يربوعاً لكم وتميما([14])
فله وجهان: أحدهما أن يكون ميمُه أصليَّة، وقد ذكر في بابه. والوجه الآخر أن يكون الميم زائدةً ويكون مِفْعَلاً من الحَشو، كأنه أراد اللفيف والأُشابة، وكان ينبغي أن يكون مِحْشَىً، فَقَلب.
(حشب) الحاء والشين والباء قريبُ المعنى مما قبله. فيقال الحَوْشَب العظيم البطن. قال:
وتجرُّ مُجْرِيَةٌ لها *** لحمي إلى أجْرٍ حواشِبْ([15])
والحوشب: حَشْو الحافر، ويقال بل هو عظمٌ في باطن الحافر بين العصَب والوظيف. قال رؤبة:
* في رُسُغٍ لا يَتَشكَّى الحوشَبا([16]) *
(حشد) الحاء والشين والدال قريب المعنى من الذي قبلَه. يقال حَشَد القوم إذا اجتمعوا وخفُّوا في التعاوُن. وناقة حشُودٌ: يسرعُ اجتماعُ اللبَن في ضرعها. والحَشْدَ: المحتشدون. وهذا وإن كان في معنى ما قبلَه ففيه معنىً آخر، وهو التّعاوُن. ويقال عِذقٌ حاشِدٌ وحاشك: مجتمِعُ الحَمْل كثيرُهُ.
(حشر) الحاء والشين والراء قريبُ المعنى من الذي قبلِه، وفيه زيادةُ معنىً، وهو السّوق والبعثُ والانبعاث.
وأهل اللغة يقولون: الحشر الجمع مع سَوْقٍ، وكلُّ جمعٍ حَشْر. والعرب تقول: حَشرَتْ مالَ بني فلانٍ السنةُ كأنّها جمعته، ذهبت به وأتَتْ عليه. قال رؤبة:
وما نجا من حَشْرِها المحشوشِ *** وحْشٌ ولا طمشٌ من الطُّموشِ([17])
ويقال أُذُنٌ حَشْرَةٌ، إذا كانت مجتمِعة الخَلْق. قال:
لها أذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ *** كإعْلِيط مَرْخٍ إذا ما صَفِرْ([18])
ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الحاشر"، معناه أنّه يحشر النّاس على قدمَيه، كأنّه يقدُمُهم يوم القِيامة وهم خلْفه. ومحتملٌ أن يكون لَمَّا كان آخِرَ الأنبياء حُشِر النّاس في زمانه.
وحشرات الأرض: دوابُّها الصغار، كاليرابيع والضِّباب وما أشبهها، فسمِّيت بذلك لكثرتها وانسياقها وانبعاثها. والحَشْوَرُ من الرّجال: العظيم الخَلْق أو البطنِ.
وممّا شذّ عن الأصل قولهم للرجل الخفيف حَشْرٌ. والحَشْر من القُذَذ: ما لَطُف. وسِنانٌ حَشْرٌ، أي دقيق؛ وقد حَشَرْته.
ـــــــــــــــــــ
([1]) ديوان امرئ القيس 70.
([2]) وكذا ضبط بكسر الشين في المجمل، وفي اللسان بالفتح.
([3]) في المجمل: "ونفسه".
([4]) ذكر هذين المعنيين في المجمل، وذكرا في القاموس، وفاتا صاحب اللسان.
([5]) عجزه كما في اللسان (حشك): * فراح الذئار عليها صحيحا *
([6]) في الأصل: "حشدت"، تحريف.
([7]) البيت في المجمل واللسان (حشم).
([8]) البيت في المجمل واللسان (حشن).
([9]) كذا وردت هذه الكلمة.
([10]) في الأصل: " ما تحشى"، صوابه ما أثبت.
([11]) الجم: جمع جماء، وهي الكثيرة اللحم. وفي الأصل: "جمعا"، صوابه من المجمل.
([12]) للمعطل الهذلي من قصيدة في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 108. وأشده في اللسان: (حشا) وصدره: * يقول الذي أمسى إلى الحرز أهله *
([13]) البيت لأسماء بن خارجة كما في اللسان (حشا، أوس، هبل).
([14]) ديوان النابغة 70 واللسان (حشا).
([15]) لحبيب بن عبد الله، المعروف بالأعلم الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (1: 447).
([16]) ديوان العجاج 74 واللسان والمجمل (حشب).
([17]) ديوان رؤبة 78 واللسان (حشر، طمش) والمقاييس (طمش).
([18]) للنمر بن تولب كما في اللسان (حشر)، ونبه على صحة هذه النسبة في (علط) بعد أن ذكر نسبته إلى امرئ القيس، وسيعيده في المقاييس (علط).
ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)
(حصف) الحاء والصاد والفاء أصلٌ واحد، وهو تشدُّدٌ يكون في الشيءِ وصلابةٌ وقوَّة. فيقال لرَكانة العقْل حصافة، وللعَدْوِ الشديد إحصاف. يقال فرسٌ مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ. ويقال كتيبة محصوفةٌ، إذا تَجمَّع أصحابُها وقلّ الخَلَل فيهم. قال الأعشى:
تأوِي طوائِفُها إلى مَحْصُوفة *** مكروهةٍ يخشى الكماةُ نِزالَها([1])
ويقال "مخصوفة"، وهذا له قياسٌ آخر وقد ذكر في بابه. ويقال استحصَفَ على بني فلانٍ الزّمانُ، إذا اشتدّ. وفرْجٌ مستحصِفٌ. وقال:
وإذا طعنتَ طعنتَ في مستَحْصِفٍ *** رابي المَجَسَّةِ بالعبير مُقَرْمَدِ([2])
والحَصَف: بَثْر صِغارٌ يَستحصِف لها الجِلْد.
(حصل) الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ *الطائر؛ لأنّه يجمع فيها. ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا. وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛ ويقال لفاعله المحصِّل. قال:
ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً *** يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ([3])
فإن كان كذا فهو القياسُ، والباب كلُّه محمول عليه.
والحَصَل: البلح قبل أن يشتدّ ويظهر ثَفارِيقُه، الواحدةُ حَصَلة. قال:
* ينحَتُّ منهُنّ السَّدَى والحَصْلُ([4]) *
السّدَى: البَلَح الذاوي، الواحدة سَداة. وهذا أيضاً من الباب، أعني الحصَل، لأنه حُصِّل من النخلة.
ومما شذّ عن الباب وما أدري ممّ اشتقاقه، قولهم: حَصِلَ الفرسُ، إذا اشتكى بَطْنَهُ عن أكل التُّراب.([5])
(حصم) الحاء والصاد والميم أصلٌ قليل الكَلِم، إلاّ أنه تكسُّر في الشيء، يقال: انحصم العود، إذا انكسر. قال ابن مُقْبل:
وبيَاضاً أحدثَتْه لِمَّتِي *** مثلَ عيدانِ الحَصاد المنحَصِمْ([6])
ومما اشتقّ منه حُصام([7]) الدّابة، وهو رُدَامه. والقياس قريب.
(حصن) الحاء والصاد والنون أصلٌ واحد منقاس، وهو الحفظ والحِياطة والحِرز. فالحِصن معروف، والجمع حصون. والحاصِن والحَصَان: المرأة المتعفِّفة الحاصنةُ فرْجَها. قال:
فَمَا ولَدتْنِي حاصِنٌ رَبَعِيّةٌ *** لئن أنا مالأْتُ الهوى لاتِّباعِها([8])
وقال حسّان في الحَصان:
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ *** وتُصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافِل([9])
والفعل من هذا حَصُن. قال أحمد بن يحيى ثعلب: كلّ امرأةٍ عفيفة فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكل امرأة متزوِّجةٍ فهي محصَنة لا غير. قال: ويقال لكلِّ ممنوعٍ مُحْصَن، وذكر ناسٌ أنّ القُفْل يسمَّى مُحْصَناً. ويقال أحْصَنَ الرّجُل فهو مُحْصَنٌ. وهذا أحدُ ما جاء على أفعل فهو مُفْعَل.
(حصو/ي) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول: الأول المنع، والثاني العَدُّ والإطاقة، والثالث شيءٌ من أجزاء الأرض.
فالأوَّل الحصو. قال الشيبانيّ: هو المنع؛ يقال حصوته أي منعته. قال:
ألا تخافُ الله إذْ حَصَوْتني *** حقِّي بلا ذنبٍ وإذْ عَنَّنْتَني([10])
والأصل الثاني: أحصيت الشيءَ، إذا عَدَدْته وأطْقته. قال الله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل 20]. وقال تعالى: {أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة 6].
والأصل الثالث: الحصى، وهو معروف. يقال أرضٌ مَحْصاةٌ، إذا كانت ذاتَ حصَى. وقد قيل حَصِيتْ تَحْصَى.
ومما اشتقّ منه الحصاة؛ يقال ما له حصاةٌ، أي ما له عقل. وهو من هذا؛ لأن في الحصى قوةً وشدّة. والحصاة: العقل، لأنّ به تماسُكَ الرّجل وقوّة نفسه. قال:
وإنّ لسانَ المرءِ مالم تكن له *** حَصاةٌ على عَوْراته لدَلِيلُ([11])
ويقال لكلِّ قطعةٍ من المسك حَصَاة؛ فهذا تشبيهٌ لا قياس.
وإذا هُمِز فأصْله تجمُّع الشيء؛ يقال أحصأتُ الرّجلَ، إذا أروَيته من الماء، وحَصِئَ هو. ويقال حَصأ الصبيُّ من اللبن، إذا ارتضَعَ حتى تمتلئَ مَعِدته، وكذلك الجَدْي.
(حصب) الحاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من أجزاء الأرض، ثم يشتقّ منه، وهو الحصباء، وذلك جنسٌ من الحَصَى. ويقال حَصَبْتُ الرّجلَ بالحَصبَاء. وريحٌ حاصب، إذا أتَتْ بالغُبار. فأمّا الحَصْبَةُ فَبثْرةٌ تخرج بالجَسدِ، وهو مشبَّه بالحَصْباء. فأمَّا المُحَصَّب بمِنىً فهو موضع الجِمار. قال ذو الرمة:
أرى ناقتي عند المحصَّب شاقَها *** رَواحُ اليَمانِي والهديلُ المُرجَّعُ([12])
يريد نفر اليمانينَ حين ينْصرفون. والهديل هاهنا: أصوات الحمام. أراد أنّها ذَكَرت الطير في أهلها فحنّت إليها.
ومن الباب الإحصاب: أن يُثِير الإنسانُ الحصَى في عَدْوِه. ويقال أرض مَحْصَبَةٌ، ذاتُ حَصْباء. فأمّا قولُهم حَصَّب القوم عن صاحبهم *يُحَصِّبون، فذلك تَوَلِّيهِمْ عنه مسرِعين كالحاصب، وهي الريح الشديدة. فهذا محمولٌ على الباب.
ويقال إنّ الحصِبَ من الألبان الذي لا يُخرِج زُبدَه، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنه كأنه من بَرْده يشتدّ حتى يصير كالحصباء فلا يُخرج زُبْداً([13]).
(حصد) الحاء والصاد والدال أصلان: [أحدهما] قطْع الشيء، والآخر إحكامه. وهما متفاوتان.
فالأول حصدتُ الزّرعَ وغيرَه حَصْدا. وهذا زمَنُ الحَصاد والحِصاد. وفي الحديث: "وهَلْ يكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم". فإن الحصائد جمع حَصِيدة، وهو كلُّ شيءٍ قيل في الناس باللِّسان وقُطِع به عليهم. ويقال حَصَدْتُ واحتصَدْت، والرجل محتصِد. قال:
إنما نحنُ مِثلُ خامةِ زَرْعٍ *** فمتى يَأْنِ يَأْتِ محتصِدُهْ([14])
والأصل الآخر قولهم حَبْلٌ مُحْصَدٌ، أي مُمَرٌّ مفتول.
ومن الباب شجرةٌ حَصْداء، أي كثيرة الورق؛ ودِرْع حصداء: مُحْكَمة؛ واستحصدَ القومُ، إذا اجتَمَعوا.
(حصر) الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو الجمع والحَبْس والمنع. قال أبو عمرو: الحَصِير الجَنْبُ. قال الأصمعيّ: الحصير ما بين العِرْق الذي يظهر في جنب البعير والفَرَس معترضاً، فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير. وأيَّ ذلك [كان] فهو من الذي ذكرناه من الجَمْع، لأنّه مجمع الأضلاع.
والحَِصر: العَيُّ، كأنَّ الكلام حُبِس عنه ومُنِع منه. والحَصَر: ضِيقُ الصَّدْر. ومن الباب([15]) الحُصْر، وهو اعتقال البَطْن؛ يقال منه حُصِر وأُحْصِر. والناقة الحَصُور، وهي الضيِّقة الإحليل؛ والقياس واحد. فأمَّا الإحصار فأن يُحْصَرَ الحاجُّ عن البيت بمرضٍ([16]) أو نحوه. وناسٌ يقولون: حَصَره المرض وأحصره العدُوّ.
وروى أبو عبيدٍ عن أبي عمرو: حَصَرَني الشيء وأحصرني، إذا حبَسني، وذكر قول ابنِ ميّادة:
وما هَجْرُ ليلَى أن تكون تباعدَتْ *** عَليكَ ولا أَنْ أَحْصَرتْكَ شُغُولُ([17])
والكلام في حَصَره وأحصره، مشتبهٌ عندي غايةَ الاشتباه؛ لأنّ ناساً يجمعون بينهما وآخرون يَفْرِقون، وليس فَرْقُ مَنْ فَرَقَ بينَ ذلك ولا جَمْعُ مَن جمعَ ناقضاً القياسَ الذي ذكرناه، بل الأمرُ كلُّه دالٌّ على الحبْس.
ومن الباب الحَصُور الذي لا يأتي النِّساء؛ فقال قوم: هو فَعول بمعنى مفعول، كأنّه حَصِر أي حُبِس. وقال آخرون: هو الذي يأبَى النساء([18]) كأنّه أحجَمَ هو عنهنَّ، كما يقال رجل حَصُورٌ، إذا حَبَس رِفدَه ولم يُخْرِجْ ما يخرجه النّدامَى. قال الأخطل:
وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادَمَني *** لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّارِ([19])
ومن الباب الحَصِر بالسِّرّ، وهو الكتوم له. قال جرير:
ولقد تَسقَّطَنِي الوُشاةُ فصادَفُوا *** حَصِراً بِسرِّكِ يا أمَيْمَ ضَنِينا([20])
والحصير في قولـه عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء 8]، وهو المحْبِس. والحصير في قول لبيد:
* لَدَى بابِ الحَصيرِ قيامُ([21]) *
هو الملك. والحصَار: وِسادةٌ تحشَى وتجعل لقادمة الرَّحْل؛ يقال احتَصَرْت البعير احتصارا([22]).
ــــــــــــــــــــ
([1]) ديوان الأعشى 27 واللسان (حصف). وفي الديوان: "إلى مخضرة".
([2]) للنابغة الذبياني في ديوانه 32، والبيت ملفق من بيتين وهما:
وإذا طعنت في مستهدف *** رابى المجسة بالعبير مقرمد
وإذا نزعت نزعت من مستحصف *** نزع الحزور بالرشاء المحصد
([3]) البيت لعمرو بن قعاس المرادي، كما في الخزانة (1: 459) وكتاب سيبويه (1: 359). وأنشده في اللسان (حصل) بدون نسبة. وفي "رجل" أوجه الإعراب الثلاثة.
([4]) الثفاريق: جمع ثفروق، بضم الثاء المثلثة، وهو قمع البسرة والتمرة. وفي الأصل واللسان: "تغاريقه"، تحريف. وفي المخصص (11: 121): "إذا استبان البسر ونبت أقماعه وتدحرج قيل حصل النخل، وهو الحصل".
([5]) استشهد به في اللسان والمخصص على تسكين الصاد للضرورة، وأنشده كذلك في اللسان (سدا).
([6]) البيت في اللسان (حصم).
([7]) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة. والدابة، يذكر ويؤنث.
([8]) نسب في الحماسة بشرح المرزوقي 208 إلى إياس بن قبيصة الطائي.
([9]) ديوان حسان 324 واللسان (حصن، رزن). يقوله في شأن أم المؤمنين عائشة.
([10]) لبشير الفريري، كما في اللسان (حصى).
([11]) لكعب بن سعد الغنوي، كما في اللسان (حصى). ونبه الأزهري إلى طرفة، وهو في ديوانه ص52.
([12]) ديوان ذي الرمة 345 واللسان (هدل).
([13]) لم يذكر "الحصب" في اللسان. وفي القاموس: "وككتف: اللبن لا يخرج زبده من برده".
([14]) للطرماح في ديوانه 113 واللسان (خوم). وكلمة "مثل" ساقطة من الأصل. وإثباتها مما سيأتي في
(خام 237) واللسان. وفي الديوان:
إنما الناس مثل نابتة الزر *** ع متى يأن يأت محتصده
([15]) في الأصل: "وهو من الباب".
([16]) في الأصل: "عرض"، صوابه من المجمل.
([17]) البيت في المجمل واللسان (شغل).
([18]) في الأصل: "يأتي النساء".
([19]) ديوان الأخطل 116 واللسان (6: 2، 51).
([20]) ديوان جرير 578 واللسان (حصر)، وورد محرفا في اللسان.
([21]) البيت بتمامه كما في ديوان لبيد 29:
ومقامة غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى طرف الحصير قيام
([22]) وكذلك يقال حصره وأحصره.
ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)
(حضل) الحاء والضاد واللام كلمةٌ واحدة ليست أصلاً ولا يقاس عليها؛ يقال حَضِلَت النخلةُ، إذا فسد أصولُ سَعَفِها.
(حضن) الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته. فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني. فأمَّا قول الكميت:
ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها *** هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا
فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها. وطائر [الليل]: الخفّاش. ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.
ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها. والمُحْتَضَن: [الحِضْن([1])]. قال:
عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ *** هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ([2])
فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد. والعرب تقول: "أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً". ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان([3]). فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها. فإنْ كانت صحيحةً فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه. ومصدره الحَضْنُ والحَضانة. ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:
تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً *** وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ([4])
ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل. فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.
(حضي) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد، وهو هَيْج الشيء، ويكون في النار خاصّة. يقال حَضَوْت النارَ، إذا أوقدتَها. والعود الذي تُحرّك به النار مِحضاءٌ ممدود. ويقال حضأتها أيضاً بالهمز، والعود مِحْضَأ على مِفْعَل، وربما مدُّوه؛ والأول أجود.
(حضب) الحاء والضاد والباء أصلان: الأول ما تُسْعَرُ به النار، والثاني جنسٌ من الصَّوْت.
فالأوَّل قولـه جلَّ ثناؤُه: {حَضَْبُ جَهنَّمَ([5])} [الأنبياء 98]، قالوا: هو الوَقُود بفتح الواو. ويقال لما تُسعر النار به مِحْضَب. وينشد بيت الأعشى:
فلا تَكُ في حَرْبِنا مِحْضباً *** لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا([6])
والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ، والجمع أحضاب. فأما قولهم إنَّ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.
(حضج) الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشيء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار. يقول العرب: انحضج الرّجُل وغيره إذا وقع بجَنْبه، وحضَجْت أنا به الأرضَ. ويقال: هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ، أي إحدى سَقَطاتِه. وذلك في القول والفِعل([7]). والحِضْج: ما يَبقى في حياض الإبل من الماء، والجمع أحضاج. ويقال للدَّنِيِّ من الرجال حِضْج. وحَضَجْتُ الثَّوْبَ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه، وهي تلك الخشبة.
وأمّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب؛ لأنه يتساقط. فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها، فيجوز أن يكون من الباب، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
(حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء، ووروده ومشاهدته. وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.
فالحَضَرُ خلاف البَدْو. وسكون الحَضَر الحِضارة([8]). قال:
فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ *** فأيَّ رجالِ باديةٍ ترانَا([9])
قالها أبو زيدٍ بالكسر، وقال الأصمعي هي الحَضارة بالفتح. فأمّا الحُضْر الذي هو العَدْوُ فمن الباب أيضاً، لأن الفرسَ وغيرَه يُحْضِرَان ما عندهما من ذلك، يقال أَحْضَرَ الفرس، وهو فرس مِحْضِيرٌ سريع الحُضْرِ، ومِحْضار. ويقال حاضَرْتُ الرّجلَ، إذا عدوتَ معه. وقول العرب: "اللبنُ مَحضُور" فمعناه كثير الآفة، ويقولون إنَّ الجانَّ تحضُره. ويقولون: "الكُنُف محضورة". وتأوَّلَ ناسٌ قولـه تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون 97- 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء. والبابُ كله واحد، وذلك أنّهم يَحْضُرُونه بسوء. ويقال للحاضر وهي([10]) الحيّ العظيم. قال حسان:
لنا حاضِرٌ فَعْم وبادٍ كأنَّه *** قطينُ الإلهِ عزّةً وتكرُّما([11])
ويروي ناسٌ:
.................... كأنَّه *** شماريخ رَضوى عِزَّةً وتكرُّما
وأنكرت قريشٌ ذلك وقالوا: *أيُّ عزَّةٍ وتكرمٍ لشماريخ رَضْوَى. والحضيرة: الجماعة ليست بالكثيرة. قال:
يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونفيضةً *** وِرْدَ القطاةِ إذا اسمأَلّ التّبَُّعُ([12])
ويقال المحاضَرة المغالبة، وحاضرتُ الرجل: جاثيتُه عند سلطان أو حاكم. ويقال ألقت الشاةُ حضِيرتَها، وهي ما تُلْقِيه بَعد الولَد من المَشيمة وغيرها. وهذا قياسٌ صحيح، وذلك أنّ تلك الأشياء تُسَمَّى