حمل القران وورد وبي دي اف

 مدونة العيني /مدونة تاريخ الخلق /أضواء

 

 حمل القران وورد وبي دي اف.

القرآن الكريم وورد word doc icon||| تحميل سورة العاديات مكتوبة pdf

السبت، 1 أكتوبر 2022

ج2وج3.معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا ( -395)

 

 

معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا

( -395)

الجُزْءُ الثاني

بتحقيق وضبط: عبد السَّلام محمد هَارُون

كتاب الحاء:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّ‏

ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)‏

ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)‏

ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما( ) )‏

ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)‏

كتاب الخاء:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف ‏

ـ (باب الخاء والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب الخاء والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)‏

كتاب الدال:

ـ (باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الدال والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب الدال والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب* الدال والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب الدال والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والألف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الدال والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال)‏

كتاب الذّال:

ـ (باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق)‏

ـ (باب الذال والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الذال والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال( ))‏

كتاب الرّاء:

ـ (باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق)‏

ـ (باب الراء والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراءِ والهاءِ وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف)

مراجع التحقيق والضبط‏

 

كتاب الحاء:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّلُه حاء، وتفريعِ مقاييسه)

(حد) الحاء والدال أصلان: الأوّل المنع، والثاني طَرَف الشيء.

فالحدّ: الحاجز بَيْنَ الشَّيئين([1]). وفلان محدودٌ، إذا كان ممنوعاً. و"إنّه لَمُحارَفٌ محدود"، كأنه قد مُنِع الرِّزْقَ. ويقال للبوَّاب حَدّاد، لمنْعِه النَّاسَ من الدخول. قال الأعشى:

فَقُمنْا ولَمَّا يَصِحْ دِيكُنا *** إلى جَوْنَةٍ عند حَدّادِها([2])

 وقال النابغة في الحدّ والمنْع:

إلاّ سليمانَ إذْ قال المَلِيكُ له *** قُمْ في البرِيّة فاحدُدْها عن الفَنَد([3])

وقال آخر:

يا رَبِّ مَن كَتَمني الصِّعَادا([4]) ***

 فهَبْ لَهُ حَليلةً مِغْدادا

كانَ لها ما عَمِرَتْ حَدَّادَا

أي يكون بَوّابَها لئلا تَهْرُب. وسمِّي الحديدُ حديداً لامتناعه وصلابته وشدّته. والاستحداد: استعمال الحديد. ويقال حَدَّت المرأة على بَعْلها وَأَحَدَّتْ، وذلك إذا منعَتْ نَفْسَها الزِّينةَ والخِضاب. والمحادَّة: المخالَفَة، فكأنّه الممانعةُ. ويجوز أن يكون من الأصل الآخَر.

ويقال: مالي عن هذا الأمر حَدَدٌ ومُحْتَدٌّ، أي مَعْدَل وَمُمتَنَع. ويقال حَدَداً، بمعنى مَعَاذَ الله. وأصله من المَنْع. قال الكميت:

حَدَداً أن يكون سَيْبُك فِينا *** زَرِماً أو يَجِيئَنا تَمْصِيرا([5])

وحَدُّ العاصي سُمِّي حَدَّاً لأنّه يمنعه عن المعاوَدَة. قال الدّريديّ: "يقال هذا أمر حَدَدٌ، أي منيع([6])".

وأمّا الأصل الآخَر فقولهم: حدُّ السَّيف وهو حَرْفه، وحدُّ السِّكِّين. وحَدُّ الشَّراب: صلابته. قال الأعشى:

* وكأْسٍ كعَيْنِ الديك باكَرْتُ حَدَّها([7]) *

وحَدُّ الرَّجل: بأسُه. وهو تشبيه.

ومن المحمول الحِدّةَ التي تعتري الإنسان من النَّزق. تقول: حَدَدت على الرّجل أَحِدُّ حِدَّةً.

(حذ) الحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدل على القَطْع والْخِفّة والسُّرعة، لا يشذُّ منه شيءٌ. فالحذُّ: القَطْعُ. والأَحَذُّ: المقطوع الذّنَب. ويقال للقطاةِ حَذّاءُ، لِقصَر ذَنَبها. قال:

حَذّاءُ مدْبِرةً سَكَّاءُ مُقْبِلةً *** للماء في النَّحر منها نَوْطَةٌ عَجَبُ([8])

  وأمْرٌ أحذّ: لا متعلّق فيه لأحَدٍ: قد فُرِع منه وأُحْكِم. قال:

إذا ما قَطعْنا رَمْلَةً وعَدَابَها *** فإنَّ لنا أمْراً أحذَّ غمُوسا([9])

  قال الخليل: الأحذّ:  الذي لا يتعلَّق به الشيء. ويسمَّى القلبُ أحَذّ. قال: وقصيدة حَذَّاءُ: لا يَتعلَّقُ بها من العيب شيءٌ لجَوْدتها. والحَذّاء: اليَمين المنكَرَة يُقْتَطَعُ بها الحقُّ([10]).

ومن هذا الباب في المُطابَق: قَرَبٌ حَذْحَاذٌ([11])، أي سريعٌ حثيث.

وفي حديث عُتْبةَ بن غَزْوان([12]): "إنَّ الدُّنْيا قد آذنَتْ بصُرْمٍ ووَلَّت حَذَّاءَ، ولم تَبْق منها صُبابةٌ إلاّ كصُبابة الإناء".

(حر)  الحاء والراء في المضاعف له أصلان:

فالأوّل ما خالف العُبودِيّة وبَرئ من العيب والنَّقص. يقال هو حُرٌّ بيِّنُ الْحَرُورِيّة والحُرّيّة. ويقال طِينٌ حُرٌّ: لا رمْل فيه. وباتَتْ فلانةُ بلَيْلَةِ حُرَّةٍ، إذا لم يصل إليها بَعْلُها في أوّلِ ليلَةٍ؛ فإنْ تمكَّن منها فقد باتَتْ بليلةِ شَيْبَاءَ. قال:

شُمْسٌ موانعُ كُلِّ لَيلةِ حُرَّةٍ *** يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحش المِغْيارِ([13])

  وحُرُّ الدّار: وَسَطها. وحُمِل على هذا شيءٌ كثيرٌ، فقيل لولد الحيّة حُرٌّ. قال:

مُنطوٍ في جَوف ناموسِهِ *** كانطواء الحُرِّ بين السِّلامْ([14])

  ويقال لذكَر القَمَاريّ ساقُ حُرٍّ. قال حُمَيد:

وما هاج هذا الشَّوقَ إلاّ حمامةٌ *** دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وترنُّما([15])

  وامرأةٌ حُرّةُ الذِّفْرَى، أي حُرَّةُ مَجَالِ القرْط. قال:

والقُرْطُ في حُرَّةِ الذّفْرَى* مُعَلّقُهُ *** تباعَدَ الحَبْل منه فهو مضطربُ([16])

  وحُرُّ البَقْل: ما يُؤكلُ غيرَ مطبوخٍ. فأما قول طَرَفة:

لا يكُنْ حُبُّكِ داءً داخِلاً *** ليس هذا مِنكِ ماويَّ بحُرّْ([17])

  فهو من الباب، أي ليس هذا منك بحَسَن ولا جَميل. ويقال حَرَّ الرّجلُ يَحَرُّ، من الحُرِّيّة.

والثاني: خلاف البَرْد، يقال هذا يومٌ ذو حَرٍّ، ويومٌ حارٌّ. والحَرُور: الريح الحارّة تكون بالنهار واللَّيل. ومنه الحِرَّة، وهو العطَش. ويقولون في مَثَلٍ: "حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ([18]).

ومن هذا الباب: الحَرِير، وهو المحرور الذي تداخَلَهُ غيظٌ من أمرٍ نزل به. وامرأةٌ حريرة. قال:

خرجْنَ حَريراتٍ وأبديْنَ مِجْلداً *** وجالَتْ عليهنَّ المكتَّبَةُ الصُّفْرُ([19])

  يريد بالمكتّبة الصُّفْر القِداحَ.

والحَرَّة: أرض ذات حجارةٍ سوداء([20]). وهو عندي من الباب لأنَّها كأنّها محترقة. قال الكسائيّ: نهشل بن حَرِّيٍّ([21])، بتشديد الراء، كأنّه منسوب إلى الحَرّ. قال الكسائي: حَرِرتَ يا يومُ([22]) تَحَرّ وَحَرَرْتَ تَحِرّ، إذا اشتدَّ حَرُّ النَّهار.

(حز) الحاء والزّاء أصلٌ واحد، وهو الفَرْضُ في الشيءِ بحديدة أو غيرها، ثم يشتقُّ منه. تقول من ذلك: حزَزْت في الخشَبة حَزَّاً. وإذا أصاب مِرفَقُ البعير كِركِرتَه فأثَّر فيها، قيل به حازٌّ([23]). والحُزَّازُ: ما في النَّفس من غيظٍ؛ فإنّه يحزُّ القلبَ وغيرَه حزّا. قال الشمّاخ:

فلما شَرَاها فاضَت العَينُ عَبْرَةً *** وفي الصدر حُزَّازٌ من اللّوْمِ حامِزُ([24])

  والحَزَازَة من ذلك. وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صدرك فقد حَزَّ. ومنه حديث عبد الله: "الإثْم حَزَّازُ القُلُوب([25])". [ و] من الباب الحَزيز، وهو مكانٌ غليظٌ مُنقاد، والجمع أحِزَّة. قال:

* بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ([26]) *

ومنه الحَزاز، وهو هِبْرِيَةٌ في الرأس. ويقال جئت على حَزَّةٍ مُنكَرة، أي حالٍ وساعةٍ. وما أُراه([27]) يقال في حالٍ صالحة. قال:

* وبأيِّ حَزِّ مُِلاَوَةٍ تَتَقَطَّعُ([28]) *

(حس) الحاء والسين أصلان: فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره، والثاني حكايةُ صوتٍ عند توجُّعٍ وشبهه.

فالأول الحَسُّ: القَتْل، قال الله تعالى: {إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنِه} [آل عمران 152]. ومن ذلك الحديث: "حُسُّوهم بالسيف حَسّاً". وفي الحديث في الجراد: "إذا حَسَّهُ البَرْدُ". والحَسِيس: القَتِيل([29]). قال الأفوه:  * وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسيسْ([30]) *

ويقال إن البَرْدَ مَحسَّةٌ للنَّبَاتِ. ومن هذا حَسْحَسْت الشيء من اللحم، إذا جعلْتَه على الجَمْرة؛ وحَشْحشْت أيضاً. ويقول العرب: افعل ذلك قبل حُساس الأيسار، أي قبل أن يُحسحِسوا من جَزُورهم، أي يَجْعَلُوا اللحم على النار.

ومن هذا الباب قولهم أحْسَسْتُ، أي عَلِمْتُ بالشيء. قال الله تعالى:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم 98]. وهذا محمولٌ على قولهم قتلتُ الشيءَ عِلْما. فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه. ويقال للمَشَاعر الخَمْسِ الحواسُّ، وهي: اللَّمس، والذَّوق، والشمَّ، والسمع، والبصر.ومن هذا الباب قولهم: من أين حَسِسْتَ هذا الخبر، أي تخبّرتَه.

ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوعَ بسخائه: حسحاس. قال:

واذكرْ حسيناً في النَّفير وقبله *** حَسَنا وعُتبة ذا الندى الحَسْحَاسا

  والأصل الثاني: قولهم حَسّ([31])، وهي كلمةٌ تقال عند التوجُّع. ويقال حَسِسْت له فأنا أحَسُّ، إذا رقَقْت له، كأنَّ قلبَك ألِمَ شفقةً عليه. ومن [الباب] الحِسُّ، وهو وجعٌ يأخذ المرأة عند وِلادِها. ويقال انحسَّت أسنانه: انقلعَتْ. وقال:

في مَعْدِنِ المُلْكِ القديم الكِرْسِ *** ليس بمَقْلُوعٍ ولا مُنْحَسِّ([32])

  ومن هذا الباب وليس بعيداً منه الحُسَاس، وهو سوءُ الخُلُق. قال:

رُبَّ شَرِيبٍ لك ذِي حُساسِ *** شِرابُه كالحَزِّ بالمَوَاسِي([33])

ويقال الحُساس الشُّؤم. فهذا يصلح أن يكون من هذا، ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالْخيْر.

(حش) الحاء والشين أصلٌ واحد، *وهو نباتٌ أو غيرُه يَجفُّ، ثم يستعارُ هذا في غيره والمعنى واحد. فالحشيش: النبات اليابس. والحِشاش والمَِحَشُّ: وعاؤه. قال.

* بين حِشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ([34]) *

وحِشَاشا الإنسانِ وغيره: جَنْباه، عن أبي مالك، كأنَّهما شُبِّها بحِشَاشَيِ الحشيش. والحُشَّةُ: القُنَّةُ تُنْبِتُ ويَبْيَضُّ فوقَها الحشيش([35]). قال:

* فالحُشَّة السَّوداء من ظهر العَلَم *

والمُحَشُّ من الناس: الصغير، كأنه قد يَبِس فصغُر. قال:

* قُبِّحْتَ مِن بَعْلٍ مُحَشٍّ مُودَنِ *

ويقال استحشَّتِ الإبلُ: دَقَّت أوظِفَتُها من عِظَمِها أو شَحْمها. ويقولون: اسْتَحَشَّ ساعِدُها كَفَّها، وذلك إذا عَظُم الساعد فاستُصْغِرت الكفُّ. قال:

إذا اصْمَأَلَّ أَخْدَعاه ابتَدَّا ***

إذا هما مَالاَ استَحَشَّا الخَدَّا

  ويقال حشَشْتُ النار، إذا أثقَبتَها، وهو من الأصل الذي ذكرناه، كأنّك جعلت ثَقُوبَها كالحشِيش لها تأكلُه. قال:

فما جبُنوا أنَّا نشُدُّ عليهمُ *** ولكنْ رأوْا ناراً تُحَشُّ وتُسْفَعُ([36])

  وحَشَّ الرجل سهمَه، إذا أَلزَقَ به قُذَذَه من نواحيه.

ومن الباب فرسٌ محشوش الظهر بجنْبَيه، إذا كان مُجْفَر الجنْبَين. قال:

من الحارِكِ محشوشٍ *** بجَنْبٍ مُجْفَرٍ رَحْبِ([37])

  وقول الهذليّ([38]):

في المزنيّ الذي حَشَشْتُ لـه *** مالَ ضَريكٍ تِلادُهُ نَكِدُ([39])

  فإنه يريد كثّرت به مالَ هذا الفقير. وذلك أنه أُسِرَ ففُدِي بماله.

ويقال حَُشَّت اليد([40])، إذا يَبِست، كأنها شُبِّهت بالحشيش اليابس. وأحشّت الحامِلُ، إذا جاوَزَتْ وقت الوِلادِ ويَبِس الولدُ في بطنها.

ومما شذ عن الباب الحُشَاشة: بقية النّفْس. قال:

أبَى الله أن يُبقي لنفسي حُشاشةً *** فصبراً لما قد شاء اَلله لي صبرا([41])

  (حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النَّصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكنُّه، والثالث ذهاب الشيء وقلّته.

فالأول الحِصّة، وهي النَّصيب، يقال أحصَصْتُ الرّجلَ إذا أعطيتَه حِصَّته.

والثاني قولهم حَصْحَصَ الشيءُ: وضَحَ. قال الله تعالى: {الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ} [يوسف 51].

ومن هذه الحصحصةُ: تحريكُ الشيءِ حتى يستمكن ويستقرّ.

والثالث الحَصُّ والحُصاص، وهو العَدْوُ. وانحَصَّ الشعْر عن الرأس: ذهَب. ورجلٌ أحَصُّ قليلُ الشعر. وحَصَّتِ البيْضةُ شعرَ رأسه. قال أبو قيس بن الأسلت:

قد حَصّتِ البَيضَةُ رأسي فما *** أطعَمُ نوماً غيرَ تَهجاعِ([42])

  والحصحصة: الذَّهاب في الأرض. ورجل أحَصُّ وامرأةٌ حَصّاءُ، أي مشْؤُومة. وهو من الباب، كأنَّ الخير قد ذهب عَنْها. ومن هذا الباب فلانٌ يَحُصّ، إذا كان لا يُجِير أحداً. قال:

أَحُصُّ ولا أُجِيرُ ومَن أُجِرْهُ *** فليس كمن يُدَلَّى بالغُرُورِ([43])

  والأَحَصَّانِ: العَبد والعَير؛ لأنهما يُماشِيان أثمانَها حتى يَهرَما فيُنْتَقصَ أثمانُها ويمُوتا.

ويقال سَنَةٌ حَصّاءُ: جرداءُ لا خَير فيها.

ومن الذي شذَّ عن الباب قولهم للوَرْس حُصّ. قال:

مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها *** إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا([44])

  (حض)  الحاء والضاد أصلان: أحدهما البَعْث على الشيء، والثاني القَرارُ المسْتَفِلُ.

فالأول حضَضْته على كذا، إذا حَضّضْتَه عليه وحَرّضْتَه. قال الخليل: الفرق بين الحضّ والحثّ أنّ الحثّ يكون في السير والسَّوْقِ وكلِّ شيءٍ، والحضّ لا يكون في سير ولا سَوْق. والثاني الحضيض، وهو قَرار الأرض. قال:

* نزَلْتُ إليه قائماً بالحَضِيضِ([45]) *

(حط)  الحاء والطاء أصلٌ واحد، وهو إنزال الشيء من عُلوّ. يقال حطَطْت الشيءَ أحُطّه حَطّاً. وقوله تعالى: {حِطَّةٌ} [البقرة 58، الأعراف 161]، قالوا: تفسيرها اللهم حُطّ عنا أوزارَنا.

ومن هذا الباب قولهم جاريةٌ مَحْطوطة المتْنين، كأنما حُطّ مَتْنَاهَا بالمِحَطِّ. قال:

بيضاءُ مَحْطوطَةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ *** رَيَّا الرّوادفِ لم تُمْغِل بأولادِ([46])

  ومن هذا الباب قولهم رجل حُطَائِطٌ، أي صغير قصير، كأنّه حُطَّ حَطَّا.

ومن هذا الباب قولُهم للنّجيبة السريعة* حَطوطٌ؛ كأنها لا تزال تحطُّ رَحْلاً بأرض([47]). ومما شذّ عن هذا القياس الحَطَاط: بَثْرَةٌ تكون بالوجْه. قال الهذليّ([48]):

ووجهٍ قد طرقْتُ أمَيْمَ صَافٍ *** أَسيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذِي حَطاطِ

ويروى:

* كقَرنِ الشّمسِ ليس بذي حَطاطِ *

(حظ) الحاء والظاء أصل واحد، وهو النَّصيب والْجَدّ. يقال فلان أحظُّ من فلانٍ، وهو محظُوظٌ. وجمع الحظِّ أحاظٍ على غير قياس. قال أبو زيد: رجلٌ حظيظ جديد، إذا كان ذا حظٍّ من الرزق. ويقال حَظِظْتُ في الأمر أَحَظُّ. قال: وجمع الحَظّ أحُظٌّ([49]).

(حف)  الحاء والفاء ثلاثة أصول: الأول ضربٌ من الصَّوت، والثاني أن يُطيفَ الشيءُ بالشيء، والثالث شِدَّةٌ في العيش.

تفسير ذلك: الأول الحفيف* حفيفُ الشجرِ ونحوِه، وكذلك حفيفُ جَناح الطائر.

والثاني: قولهم حفّ القوم بفلانٍ إذا أطافُوا به. قال الله تعالى:{وَتَرَى المَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ} [الزمر 75]. ومن ذلك حِفافا كلِّ شيءٍ: جانباه. قال طَرَفة:

كَأَنّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكنَّفا *** حِفَافَيْهِ شُكّاً في العَسيبِ بِمسْرَدِ([50])

  ومن هذا الباب: هو على حَفَفِ أمْرٍ أي ناحيةٍ منه، وكلُّ ناحيةِ شيءٍ فإنها تُطِيف به. ومن هذا الباب قولهم: "فلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا" كأنّه يشتمل علينا فيُعْطينا ويَمِيرُنا.

والثالث: الحُفُوف والحَفَف، وهو شدّة العيش ويُبْسُه. قال أبو زيد: حَفَّتْ أرضُنا وقَفَّتْ، إذا يبسَ بَقْلُها. وهو كالشَّظَف. ويقال: هم في حَفَفٍ من العَيش، أي ضيق ومحْلٍ، ثم يُجْرَى هذا حتى يقال رأسُ فلانٍ محفوفٌ وحافٌّ، إذا بَعُد عهدُه بالدُّهن، ثم يقال حَفَّت المرأةُ وجْهها من الشّعر. واحتفَفْتُ النبتَ إذا جَزَزْتَه.

(حق) الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحّته. فالحقُّ نقيضُ الباطل، ثم يرجع كلُّ فرعٍ إليه بجَودة الاستخراج وحُسْن التّلفيق ويقال حَقَّ الشيءُ وجَبَ. قال الكسائيّ: يقول العرب: "إنك لتعرف الحَِقَّةَ عليك، وتُعْفي بما لدَيْكَ([51])". ويقولون: "لَمَّا عَرَف الحِقَّةَ منّي انْكَسَرَ".

ويقال حاقَّ فلانٌ فلاناً، إذا ادّعى كلُّ واحدٍ منهما، فإذا غَلَبَه على الحقِّ قيل حَقَّه وأحَقَّه. واحتَقَّ الناس من الدَّيْنِ، إذا ادَّعى كلُّ واحدٍ الحقَّ.

وفي حديث عليّ عليه السلام: "إذا بلغَ النِّساء نَصَّ الحقَاقِ فالعَصَبَةُ أوْلى".

قال أبو عبيدٍ: يريدُ الإدراكَ وبُلوغَ العقل. والحِقاقُ أن تقول هذه أنا أحقُّ، ويقولَ أولئك نحنُ أحقّ. حاقَقْتُه حِقاقاً. ومن قال "نَصَّ الحقائق" أراد جمع الحقيقة.

ويقال للرجُل إذا خاصَمَ في صغار الأشياء: "إنَّه لَنَزِقُ الحِقاق" ويقال طَعْنَةٌ مُحْتَقَّةٌ، إذا وصلَتْ إلى الجوف لشدَّتها، ويقال هي التي تُطعَن في حُقِّ الورِك. قال الهذلي([52]):

وَهَلاً وقد شرع الأسِنّةَ نحوَها *** مِن بين مُحْتَقٍّ بها ومُشَرِّمِ

  وقال قومٌ: المحتقُّ الذي يُقتَل مكانَه. ويقال ثوبٌ مُحَقَّقٌ، إذا كان محكم النّسج([53]). قال:

تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجهِ أبيك إنّا *** كفَيناك المحقَّقَة الرّقاقا([54])

  والحِقَّةُ من أولاد الإبل: ما استحقَّ أن يُحمَل عليه، والجمع الحِقاق. قال الأعشى:

وهمُ ما همُ إذا عزَّت الخَمْـ *** ـرُ وقامت زِقاقُهم والحِقاقُ([55])

  يقول: يباع زقٌّ منها بحِقّ([56]). وفلان حامِي الحقيقة، إذا حَمَى ما يَحقُّ عليه أن يحمِيه؛ ويقال الحقيقة: الراية. قال الهذليّ([57]):

حامِي الحقيقة نَسَّالُ الوَديقة مِعْـ *** ـتاقُ الوَسيقة لا نِكسٌ ولا وانِ([58])

  والأحقّ من الخيل: الذي لا يعْرَق؛ وهو من الباب؛ لأن ذلك يكون لصلابته وقوّته وإحكامه. قال رجلٌ من الأنصار([59]):

وأَقْدَرُ مُشرفُ الصَّهَواتِ ساطٍ *** كُمَيتٌ لا أحَقُّ ولا شَئيتُ([60])

  ومصدره الحَقَق. وقال قوم: الأقدر أن يسبقَ موضعُ *رِجليه موقعَ يديه. والأحقّ: أنْ يطبِّق هذا ذاك. والشئِيت: أن يقصر موقع حافر رجلَيه عن موقع حافر يديه.

والحاقَّة: القيامة؛ لأنها تحقّ بكل شيء. قال الله تعالى: {وَلكِنْ حَقَّتْ كلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكافِرِينَ} [الزمر 71]. والحَقْحَقَة أرفَعُ السَّير وأتْعَبُه للظَّهْر. وفي حديث مطرّف بن عبد الله لابنه([61]): "خَير الأمور أوساطُها، وشرُّ السَّير الحَقْحَقَة". والحُقُّ: مُلتقَى كلِّ عظمَين إلا الظهرَ؛ ولا يكون ذلك إلا صُلباً قوياً.

ومن هذا الحُقّ من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطَبَقُه. وهي مؤنّثة، والجمع حُقق. وهو في شعر رؤبة:

* تَقْطِيطَ الحُقَقْ([62]) *

ويقال فلانٌ حقيقٌ بكذا ومحقوقٌ به([63]). وقال الأعشى:

لَمَحْقوقةٌ أن تستجيبي لِصَوتِهِ *** وأنْ تعلمي أنّ المُعانَ مُوَفَّقُ

  قال بعضُ أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {حَقِيقٌ عَلَيَّ} [الأعرا ف 105]. قال: واجِبٌ عليّ. ومن قرأها {حَقيقٌ عَلَى} فمعناها حريصٌ عَلَى([64]).

قال الكسائي حُقّ لك أن تفعل هذا وحُقِقْتَ. وتقول: حَقَّاً لا أفعل ذلك، في اليمين.

قال أبو عبيدة: ويُدخلون فيه اللام فيقولون: "[لَحَقُّ] لا أفعل ذاك([65])"، يرفعونه بغير تنوين. ويقال حَقَقْتُ الأمرَ وأحقَقْتُه، أي كنتُ على يقينٍ منه. قال الكسائيّ: حَقَقْتُ حَذَرَ الرجُل وأحقَقْتُه: [فعلتُ([66])] ما كان يحذر. ويقال أحَقَّت الناقة من الرّبيع، أي سَمِنَت.

وقال رجلٌ لتميميٍّ: ما حِقَّةٌ حَقَّتْ عَلَى ثلاث حِقاقٍ؟ قال: هي بَكْرَةٌ معها بَكْرتان، في ربيع واحد، سمِنت قبل أن تسمنا ثم ضَبِعَتْ ولم تَضْبَعا([67])، ثم لَقِحت ولم تَلقَحا.

قال أبو عمرو: استحقّ لَقَحُها([68])، إذا وجب. وأحقَّت: دخلَتْ في ثلاث سنين. وقد بلغت حِقَّتها، إذا صارت حِقَّة. قال الأعْشَى:

بحِقّتها رُبِطَتْ في اللَّجِيـ *** ـنِ حتى السَّديسُ لها قد أَسَنّْ([69])

يقال أسَنَّ السِّنُّ نَبَتَ.

(حك)  الحاء والكاف أصلٌ واحد، وهو أن يلتقيَ شيئانِ يتمرّس كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. الحكُّ: حَكُّكَ شيئاً على شيء. يقال ما بقِيتْ في فيه حَاكَّة، أي سنّ. وأحكَّنِي رأسي فحكَكْته. ويقال حكَّ في صدري كذا: إذا لم ينشرح صدْرك له، كأنه شيء شكَّ صدرَك فتمرّس [به]. والحُكاكة: ما يسقط من الشيئين تحكُّهما. والحَكِيك: الحافر النَّحِيت([70]). ويقولون وهو أصل الباب: فلانٌ يتحكَّك بي، أي يتمرَّس.قال الفرّاء: إنه لحِكُّ شَرٍّ، وحِكُّ ضِغْنٍ([71]).

(حل) الحاء واللام لـه فروع كثيرة ومسائلُ، وأصلها كلُّها عندي فَتْح الشيء، لا يشذُّ عنه شيء.

يقال حلَلْتُ العُقدةَ أحُلُّها حَلاًّ. ويقول العرب: "يا عاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ". والحلال: ضِدُّ الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناهُ، كأنه من حَلَلْتُ الشيء، إذا أبحْتَه وأوسعته لأمرٍ فيه([72]).

وحَلَّ: نزل. وهو من هذا الباب لأن المسافر يشُدّ ويَعقِد، فإذا نزلَ حَلّ؛ يقال حَلَلْتُ بالقوم. وحليل المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجُه. وسُمِّيا بذلك لأن كلّ واحدٍ منهما يَحُلُّ عند صاحبه.

قال أبو عبيد: كل من نازَلَكَ وجاوَرَك فهو حَليل. قال:

ولستُ بأطْلَسِ الثَّوبينِ يُصْبِي *** حليلتَه إذا هدأ النِّيامُ([73])

  أراد جارتَه. ويقال سمِّيت الزوجةُ حليلةً لأن كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ إزارَ الآخر. والحُلّة معروفة، وهي لا تكون إلا ثوبَين. وممكن أن يحمل على الباب فيقال لمَّا كانا اثنَينِ كانت فيهما فُرْجة.

ومن الباب الإحليل، وهو مَخرج البَول، ومَخرج اللَّبن من الضَّرْع.

ومن الباب تحلحل عن مكانه، إذا زال. قال:

* ثَهْلانَُ ذو الهَضَبَاتِ لا يتلحلحَلُ([74]) *

والحلاحِل: السيِّد، وهو من الباب ليس بمنْغَلق محرَّم كالبخيل المُحكم اليابس. والحِلَّة: الحيُّ النزول مِن العرب قال الأعشى:

لقد كانَ في شيبانَ لو كنت عالما *** قِبابٌ وحَيٌّ حِلّةٌ وقبائلُ([75])

  و*المَحَلَّة: المكانُ ينزِل به القومُ. وحيٌّ حِلاَلٌ نازلون. وحلَّ الدَّينُ وجب. والحِلُّ ما جاوزَ الحرم. ورجلٌ مُحِلٌّ من الإحلال، ومُحرِم من الإحرام. وحِلٌّ وحَلالٌ بمعنى؛ وكذلك في مقابلته حِرْم وحَرَام. وفي الحديث: "تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونةَ وهما حَلاَلانِ". ورجلٌ مُحِلٌّ لا عَهْدَ له، ومحْرِم ذُو عَهْد. قال:

جَعَلْن القَنَان عن يمينٍ وحَزْنَه *** وكم بالقَنَانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم([76])

  وقال قوم: مِنْ محلٍّ يرى دمي حلالاً، ومحرِمٍ يراه حَرَاما.

والحُلاَّن: الجدي يُشقُّ له عن بطن أمّه. قال:

يُهدِي إليه ذِراعَ الجَفْر تَكْرِمَةً  *** إمّا ذبيحاً وإمّا كانَ حُلاَّنَا([77])

  وهو من الباب. وحَلّلْتُ اليمينَ أحَلِّلُها تحليلا([78]). وفعلتُ هذا تَحِلَّةَ القسَم، أي لم أفعل إلا بقدْرِ ما حَلَّلْتُ به قَسَمي أنْ أفعله ولم أبالِغْ. ومنه: "لا يموتُ لمؤمنٍ ثلاثةُ أولادٍ فتمسَّه النّارُ إلا تَحِلّةَ القَسَم". يقول: بقدر ما يبَرُّ الله تعالى قسمَه فيه من قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها[ [مريم 71]، أي لا يرِدُها إلا بقدر ما يحلِّلُ القَسَم([79])، ثم كثُر هذا في الكلام حتى قِيل لكلِّ شيء لم يبالَغْ فيه تحليلٌ؛ يقال ضربتُه تحليلاً، ووقعَتْ مَنَاسِمُ هذه الناقةِ تحليلاً، إذا لم تُبالغْ في الوقع بالأرض. وهو في قول كعب بن زهير:

* وقْعُهنَّ الأرضَ تحليلُ([80]) *

فأمّا قولُ امرئ القيس:

كبِكْرِ المقاناةِ البَياضَ بصُفرَةٍ *** غذاها نميرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ

  ففيه قولان: أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل، وهو نحوُ ما ذكرناه من التَّحِلَّة. والقول الآخر: أن يكون غير مَنزولٍ عليه فيَفْسُد ويُكدَّر.

ويقال أحَلَّت الشاةُ، إذا نزل اللَّبن في ضَرْعِها من غير نَتاج. والحِلالُ: مَتاع الرَّحْل. قال الأعشى:

وكأنَّها لم تَلْقَ ستّةَ أشهر *** ضُرَّاً إذا وضَعَتْ إليك حِلاَلَها([81])

  كذا رواه القاسم بن مَعْن، ورواه غيره بالجيم.

والحِلال: مركَبٌ من مراكب النساء. قال:

* بَعِيرَ حِلالٍ غادَرَتْهُ مُجَعْفَلِ([82]) *

ورأيت في بعض الكتب عن سِيبويه: هو حِِلَّةَ الغَوْر، أي قَصْدَه. وأنشد:

سَرَى بعد ما غار النُّجومُ وبَعْدَما *** كأنّ الثرَيّا حِلَّةَ الغَور مُنْخُل([83])

  أي قصْدَه.

(حم) الحاء والميم فيه تفاوتٌ؛ لأنّه متشعب الأبواب جداً. فأحد أصوله اسوداد، والآخَر الحرارة، والثالث الدنوّ والحُضور، والرابع جنسٌ من الصوت، والخامس القَصْد.

فأمّا السواد الفحُمَمُ الفحم. قال طرفة:

أشَجَاكَ الرَّبْعُ أم قِدَمُهْ *** أمْ رمادٌ دارسٌ حُمَمُهْ([84])

  ومنه اليَحْموم، وهو الدُّخان. والحِمْحِمُ: نبتٌ أسود، وكلُّ أسوَدَ حِمْحِم.

ويقال حَمَّمْته إذا سَخَّمت وجهه بالسُّخام، وهو الفَحْم.

ومن هذا الباب: حَمَّمَ الفرْخُ، إذا طلع رِيشُه. قال:

* حَمَّم فَرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *

وأمّا الحرارة فالحَميم الماء الحارّ. والاستحمام: الاغتسال به. ومنه الحَمّ، وهي الأَلية تُذاب، فالذي يبقى منها بعد الذَّوْب حَمٌّ، واحدته حَمَّةٌ. ومنه الحَميم، وهو العَرَق. قال أبو ذؤيب:

فَأَبَى بدِرَّتِها إذا ما استُغْضِبَتْ *** إلاَّ الحميمَ فإِنّه يَتَبَضَّعُ([85])

  ومنه الحُمَام، وهو حُمَّى الإبل. ويقال أحمَّت الأرض [إذا صارت([86])] ذات حُمَّى. وأنشد الخليل في الحَمِّ:

ضُمَّا عليها جانِبَيْها ضَمَّا *** ضَمَّ عَجوزٍ في إناء حُمَّا

  وأمّا الدنُوّ والحضور فيقولون: أَحَمَّتِ الحاجةُ: حَضَرت، وأحَمَّ الأمرُ: دنا. وأنشد:

حَيِّيا ذلك الغَزَال الأَجَمَّا *** إن يكنْ ذلك الفراقُ أَحَمَّا([87])

  وأما الصوت فالحَمْحَمة حَمحمَةُ الفَرَس عند العَلْف.

وأمّا القَصْد فقولهم حَمَمْتُ حَمَّهُ، أي قَصَدْت قَصْدَه. قال طرفة:

جَعَلتْهُ حَمَّ كَلْكَلِها *** بالعَشِيِّ دِيمَةٌ تَثِمُهْ([88])

  ومما شذَّ عن هذه الأبواب قولهم: طلَّق الرّجُل امرأتَه وحَمَّمَها، إذا متَّعها بثَوْبٍ أو نحوه. قال:

أنتَ الذي وَهبتَ زيداً بعدما *** همَمْتُ بالعَجُوز* أنْ تُحَمَّما([89])

  وأمّا قولهم احتَمَّ الرّجلُ، فالحاء مبدلةٌ من هاء، وإنّما هو من اهتَمَّ.

(حن) الحاء والنون أصلٌ واحد، وهو الإشفاق والرّقّة. وقد يكون ذلك مع صوتٍ بتوجُّع. فحنين النّاقةِ: نِزاعُها إلى وطنها. وقال قوم: قد يكون ذلك من غير صوتٍ أيضاً. فأمَّا الصوت فكالحديث الذي جاء في حَنِين الجِذْع الذي كان يَستَنِد إليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّمَ، لمَّا عُمِل لـه المِنبرُ فتَرَك الاستنادَ إليه. والحنان: الرحمة. قال الله تعالى: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} [مريم 13]. وتقول: حَنَانَك أي رحمَتَك. قال:

مُجاوَِرَةً بَنِي شَمَجَى بنِ جَرْمٍ *** حَنَانَك رَبَّنَا يا ذَا الحَنانِ([90])

  وحنانَيْكَ، أي حناناً بعْدَ حنان، ورحمةً بعدَ رحمة. قال طرفة:

أبا مُنْذِرٍ أَفنَيْتَ فاستَبْقِ بعضنا *** حنانيكَ بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِن بعضِ([91])

  والحَنَّةُ: امرأة الرجُل، واشتقاقها من الحَنين لأنّ كلاًّ منهما يَحِنُّ إلى صاحبه. والحَنُون: ريحٌ إذا هَبَّت كان لها كحنين الإبل. قال:

* تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ([92]) *

وقَوْسٌ حَنَّانَةٌ، لأنّها تَحِنُّ عند الإنْباض. قال:

وفي مَنْكِبي حَنّانَةٌ عُودُ نبْعةٍ *** تَخَيّرها لي سُوقَ مَكّةَ بائِعُ([93])

  ومما شذّ عن الباب طريقٌ حَنَّانٌ، أي واضح.

(حأ) الحاء والهمزة قبيلة. قال:

* طلبتُ الثأْرَ في حَكَمٍ وحاء([94]) *

(حب) الحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها اللزوم والثَّبات، والآخر الحَبّة من الشيء ذي الحَبّ، والثالث وصف القِصَر.

فالأوَّل الحَبّ([95])، معروفٌ من الحنطة والشعير. فأما الحِبُّ بالكسر فبُروز الرّياحين، الواحدُ حِبَّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومٍ: " يخرُجون من النَّار فيَنبتُون كما تنبت الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيل".

قال بعض أهل العلم: كلُّ شيءٍ له حَبٌّ فاسم الحَبّ منه الحِبّة. فأمَّا الحِنطة والشعير فَحبٌّ لا غير.

ومن هذا الباب حَبَّة القلب: سُوَيداؤه، ويقال ثمرته.

ومنه الحَبَب وهو تَنَضُّد الأسنان. قال طرفة:

وإذا تَضْحك تُبدِي حَبَباً *** كرُضَابِ المِسْكِ بالماء الخَصِرْ([96])

  وأمّا اللزوم فالحُبّ والمَحبّة، اشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه. والمُحِبّ: البعير الذي يَحْسَِر فيلزمُ مكانَه. قال:

جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسّبَبْ *** فهُنَّ بعدُ كلُّهُنَّ كالمُحِبّْ([97])

  ويقال المحَبُّ بالفتح أيضاً. ويقال أحبَّ البَعير إذا قام([98]). قالوا: الإحباب في الإبل مثل الحِران في الدوابّ. قال:

* ضَرْبَ بَعيرِ السَّوْء إذْ أَحَبّا([99]) *

أي وقَف. وأنشد ثعلبٌ لأعرابيَّةٍ تقول لأبيها:

يا أَبَتا وَيْهاً أَبَهْ ***

حَسَّنْتَ إلاّ الرَّقَبَهْ([100])

فزيِّنَنْها يا أَبَهْ([101])

حَتَّى يجِيءَ الخَطَبَهْ

بإبلٍ مُحَبْحَبَهْ([102])

 معناه أنّها من سمنها تَقِف. وقد روي بالخاء "مُخَبخَبه"، وله معنى آخر، وقد ذكر في بابه. وأنشد أيضاً:

مُحِبٌّ كإحباب السَّقيم وإنَّما *** به أسَفٌ أن لا يَرَى مَن يُساوِرُه([103])

  وأَمّا نعت القِصَر فالحَبْحاب: الرجُل القصير. ومنه قول الهُذلي([104]):

دَلَجِي إذا ما اللَّيلُ جَـ *** ـنَّ على المُقَرَّنَةِ [الحَباحبْ

فالمقرّنة: الجبالُ([105])] يدنو بعضُها من بعضٍ، كأنّها قُرِنت. والحَباحِب: الصِّغار، وهو جمع حَبْحاب. وأظنُّ أنَّ حَبَاب الماءِ من هذا. ويجوز أن يكون من الباب الأوّل كأنّها حَبَّاتٌ. وقد قالوا: حَباب الماء: مُعْظَمه في قوله:

يشقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها *** كما قَسَم التُّربَ المفاَيِلُ باليَدِ([106])

  والحُباحب: اسمُ رجلٍ، مشتقُّ من بعض ما تقدّم ذكره. ويقال إنّه كان لا يُنْتَفَع بناره، فنُسِبت إليه كلُّ نار لا يُنتَفع بها. قال النابغة:

تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضاعَفَ نَسجُه *** ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نَار الحُباحبِ([107])

  ومما شذّ عن الباب الحُباب، وهو الحيَّة. قالوا: وإنما قيل الحُباب اسمُ شيطان لأن الحية شيطان. وأنشد:

تُلاعبُ مَثْنَى حَضْرميٍّ* كأنّهُ *** تمعُّجُ شيطان بذي خِرْوَعٍ قَفْرِ([108])

  (حت) الحاء والتاء أصلٌ واحد، وهو تساقُطُ الشيء، كالورق ونحوِه ويُحمل عليه ما يقارِبُه. فالحتُّ حتُّ الوَرَقِ من الغصن. وتحاتَّت الشجرة. ويقال حَتّهُ مائةَ سوْطٍ، أي عجَّلَها، كأن ذلك من حَتِّ الورق، وهو قريبٌ. ويقال فَرَسٌ حَتٌّ، أي ذَريعٌ يَحُتُّ العَدْوَ حَتّاً، والجمع أحْتَاتٌ. قال:

على حتِّ البُرَايةِ زَمْخَرِيِّ الـ *** ـسَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طُِوالِ([109])

وحُتَاتُ: اسمُ رجلٍ من هذا.

(حث) الحاء والثاء أصلان: أحدهما الحضُّ على الشيء، والآخر يَبيسٌ من يبيس الشيء.

فالأوَّل قولهم: حَثَثْتُه على [الشيء] أَحُثّه. ومنه الحَثِيث؛ يقال ولَّى حَثِيثاً، أي مسرِعاً. قال سَلامة:

ولَّى حثيثاً وهذا الشيبُ يطلُبه *** لو كان يدركه ركضُ اليعاقِيبِ([110])

  ومنه الحَثْحثَة، وهو اضطرابُ البرق في السَّحاب.

وأمّا الآخر فالحُثُّ وهو الحطام اليَبيس، ويقال الحُثّ الرّمل اليابس الخَشِن. قال:

* حتى يُرى في يابِس الثّرْياء حُثّ ([111]) *

(حج) الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال:

وأشهَدَُ مِن عَوْفٍ حُلولا كثيرةً *** يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا([112])

  ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُْك. والحَجِيج: الحاجّ. قال:

ذكرتُكِ والحجيجُ لهم ضجيجٌ *** بمكّةَ والقلوبُ لها وجيب

  ويقال لهم الحُِجُّ أيضاً. قال:

* حُِجٌّ بأسفَلِ ذي المجاز نزولُ([113]) *

وفي أمثالهم: "لَجَّ فَحَجَّ". ومن أمثالهم: "الحاجَّ أسْمَعْتَ"، وذلك إذا أفشَى السرّ. أي إنَّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق.

ومن الباب المحَجَّة، وهي جَادَّة الطريق. قال:

ألا بَلِّغا عَنِّي حُرَيثاً رِسالةً *** فإنك عن قَصد المَحَجَّة أنكَبُ

  وممكن أن يكون الحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب. يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. والمصدر الحِجَاج.

ومن الباب حَجَجْت الشَّجَّة، وذلك إذا سَبَرْتَها بالمِيل، لأنك قصدت معرفةَ قَدْرِها. قال:

* يَحُجُّ مأمُومَةً في قعرها لَجَفٌ([114]) *

ويقال بل هو أن يصبّ على دَم الشَّجَّة السَّمن، فيظهرَ فيُؤخَذَ بقُطْنةٍ. قال أبو ذؤيب:

وصُبَّ عليها المِسْكُ حتى كأنَّها *** أسِيٌّ على أمِّ الدِّماغ حَجيجُ([115])

  والأصل الآخر: الحِجَّة وهي السّنَة. وقد يمكن أن يُجمع هذا إلى الأصل الأوّل؛ لأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، فكأنَّ العام سُمِّي بما فيه من الحَجّ حِجّة. قال:

يَرُضْن صِعابَ الدُّرِّ في كل حِجَّةٍ *** ولو لم تكن أعناقُهن عَواطلا([116])

  قال قوم: أراد السّنَة؛ وقال قوم: الحِجَّة ها هنا: شَحْمة الأذن. ويقال بل الحِجَّة الخَرزَة أو اللؤلؤة تعلَّق في الأذن. وفي القولين نظرٌ.

والأصل الثالث: الحِجَاجُ، وهو العظْم المستدير حَولَ العَين. يقال للعظيمِ الحِجَاجِ أحَجُّ، جمع الحِجَاج أحِجَّة.

وزعم أبو عمرو أنّه يقال للمكان المتكاهف([117]) ومن الصَّخرة حجاج.

والأصل الرابع: الحَجْحَجة النُّكوص. يقال: حَمَلوا علينا ثمَّ حَجْحَجُوا. والمُحَجْحِج: العاجز. قال:

* ضَرْباً طَِلَخْفاً ليس بالمحَجْحِج([118]) *

ويقال أنا لا أُحَجْحِجُ في كذا، أي لا أشكّ. يقولون: لا تذهَبنَّ بك حَجْحجةٌ ولا لَجْلجة. ورَجُلٌ حَجْحجٌ([119]): فَسْلٌ.

ــــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "من الشيئين".

([2]) ديوان الأعشى 51 واللسان (حدد، جون). والجونة، بالفتح: الخابية المطلية بالقار.

([3]) ديوان النابعة 21 واللسان (حدد). والرواية المشهورة كما فيهما: "إذ قال الإله له".

([4]) البيت وتاليه في اللسان (غدد) برواية: "من يكتمني". والصعاد، هنا: جمع صعدة وهي من النساء المستقيمة القامة، كأنها صعدة قناة.

([5]) السيب: العطاء. وفي الأصل: "سيبك"، صوابه في المجمل واللسان. والزرم، بتقديم الزاي: القليل. وفي الأصل: "رزما" وفي المجمل واللسان: "وتحا أو مجبنا ممصورا". والتمصير: تقليل العطاء.

([6]) في الجمهرة (1: 58): "أي ممتنع"، وفي اللسان بدون نسبة إلى ابن دريد: "وهذا أمر حدد أي منيع حرام لا يحل ارتكابه".

([7]) عجزه كما في الديوان 137 واللسان (حدد): * بفتيان صدق والنواقيس تضرب *

([8]) نسب البيت في اللسان (حذذ، نوط) إلى النابغة. وأنشده في (سكك) بدون نسبة. ونسب في الأغاني

(8: 142) مع أربعة أبيات إلى العباس بن يزيد بن الأسود. قال: "هكذا ذكر ابن الكلبى، وغيره يرويها لبعض بني مرة". والنوطة، بالفتح: الحوصلة.

([9]) البيت ليزيد بن الخذاق الشّنّيّ العبدي، من قصيدة في المفضليات (2: 79). والعداب: الحبل من الرمل. والغموس: الغامض.

([10]) شاهده ما أنشده في اللسان (حذذ):

تزيدها حذاء يعلم أنه *** هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا

([11]) يقال حذحاذٌ وحذاحذ، كعلابط. والقرب، بالتحريك: سير الليل لورد الغد.

([12]) زاد في اللسان: "أنه خطب الناس فقال في خطبته".

([13]) البيت للنابغة في ديوانه 36 واللسان والجمهرة (حرر).

([14]) البيت للطرماح في ديوانه 109 واللسان والمجمل (حرر). وهو في صفة صائد.

([15]) البيت في اللسان (5: 256). وأنشده في (5: 257) وذكر أن صواب الرواية: "في حمام ترنما". وبهذه الرواية الأخيرة ورد في المجمل.

([16]) البيت لذي الرمة في ديوانه 569 واللسان (حبل). و"معلقه" وردت في الأصل واللسان والديوان "معلقة" تحريف، إذ "القرط" مذكر. ومعلقه، أي موضع تعليقه. وفي الديوان واللسان: "تباعد الحبل منها". وفي شرح الديوان: "أي تباعد حبل العنق من القرط لأنها طويلة العنق". فالمعنى على رواية الديوان واللسان: تباعد حبلها؛ كما تقول قرت العين مني، أي عيني.

([17]) ديوان طرفة 63 واللسان (حرر).

([18]) هو دعاء، أي رماه الله بالعطش والبرد، أو بالعطش في يوم بارد.

([19]) البيت للفرزدق في ديوانه 217 واللسان (حرر). وقد سبق في مادة (جلد). وأنشده في اللسان (قرم) بدون نسبة وبرواية: "المقرمة الصفر".

([20]) كذا جاء وصف الحجارة بسوداء. وانظر تحقيقي لهذه المسألة في مجلة الثقافة 2151 ومجلة المقتطف عدد نوفمبر سنة 1944. وفي المجمل واللسان: "سود".

([21]) نهشل بن حَرِّيّ: شاعر مخضرم، أدرك معاوية، وكان مع علي في حروبه. الإصابة 8878 والخزانة  (1: 151).

([22]) في الأصل: "يا قوم" صوابه في المجمل واللسان. وضبط الفعل في القاموس: كمللت وفررت ومررت.

([23]) الكركرة: صدر كل ذي خف. وقد ضبطت العبارة في اللسان خطأ، وهي في القاموس على الصواب. وقد أضاف كل منهما كلمة "طرف" إلى "كركرته".

([24]) ديوان الشماخ 49 واللسان (حزز، حمز). ورواية الديوان: "من الوجد"، واللسان: "من الهم".

([25]) ويروى أيضاً: "حواز القلوب" أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها.

([26]) للبيد في معلقته. والبيت بتمامه:

بأحزة الثلبوت يربأُ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها

([27]) في الأصل: "أرى".

([28]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 5 والمفضليات (2 : 323) واللسان (حزز، رزن) وصدره:  * حتى إذا جزرت مياه رزونه *

([29]) في الأصل والمجمل: "القتل"، صوابه في اللسان.

([30]) صدره كما في ديوان الأفوه 4 واللسان (حسس): * نفسي لهم عند انكسار القنا *

([31]) يقال بفتح الحاء، وكسر السين المشددة مع التنوين وعدمه، ويقال حسا، بفتح الحاء مع النصب. وكذلك حس، بكسر الحاء وكسر السين المشددة المنونة.

([32]) للعجاج في اللسان (حسس، كرس) وليس في ديوانه. والكرس، بالكسر: الأصل. ويروى: "الكريم الكرس".

([33]) الرجز في اللسان (حسس)، ونوادر أبي زيد 175. والمواسي: جمع موسى الحلاق.

([34]) الرجز في اللسان (حشش، جرر). وانظر أيضاً (جرر، مرر) وقد سبق إنشاده في (جر).

([35]) في القاموس "والحشة بالضم: القبة العظيمة". قال الزبيدي: "هكذا في سائر النسخ القبة بالموحدة. والصواب القنة بالنون، كما ضبطه الصاغاني عن ابن عباد".

([36]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 11 واللسان (حسس).

([37]) لأبي دواد الإيادي، كما في اللسان (حشش). ورواه أبو عبيدة في كتاب الخيل 86 لعقبة بن سابق.

([38]) هو صخر الغي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 55 وشرح السكري للهذليين 13. والبيت في اللسان (حشش).

([39]) الذي حششت، ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من اللسان وديوان الهذليين.

([40]) يقال: حشت وأحشت، بالبناء للفاعل والمفعول في كل منهما.

([41]) كذا ورد هذا العجز ويصح بقطع همزة لفظ الجلالة "الله".

([42]) قصيدة أبي قيس الأقيس في المفضليات (2: 83-86). والبيت في اللسان (حصص) برواية: "فما أذوق نوماً".

([43]) البيت لأبي جندب الهذلي، كما في اللسان (دلا). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 87 ومخطوطة الشنقيطي 119.

([44]) لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.

([45]) لامرئ القيس في ديوانه 110. وصدره: * فلما أجن الشمس عني غيارها *

([46]) البيت للقطامي في ديوانه 7 واللسان (حطط، مغل).

([47]) شاهده قول النابغة في اللسان (حطط):

فما وخدت بمثلك ذات غرب *** حطوط في الزمام ولا لجون

([48]) هو المتنخل الهذلي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 48 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين. ورواية البيت في اللسان (حطط):

ووجه قد جلوت أميم صاف *** كقرن الشمس ليس بذي حطاط

([49]) هذا في جمع القلة، ويقال في الكثرة حظوظ وحظاظ كرجال.

([50]) البيت من معلقته المشهورة. والمضرحي: النسر.

([51]) في اللسان: "المعفي الذي يصحبك ولا يتعرض لمعروفك". وأنشد:

فإنك لا تبلو امرأ دون صحبة *** وحتى تعيشا معفيين وتجهدا

([52]) هو أبو كبير الهذلي كما في اللسان (حقق)، وقصيدة البيت في نسخة الشنقيطي 76 الوهل: الفزع. وفي اللسان: "هلا وقد" تحريف. وقبل البيت:

فاهتجن من فزع وطار جحاشها *** من بين قارمها وما لم يقرم

([53]) وقيل: ثوب محقق: عليه وشي كصورة الحقق.

([54]) كلمة "جلد" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.

([55]) البيت في ديوان الأعشى 143.

([56]) في الأصل: "يقال يباع زق منها حق".

([57]) هو أبو المثلم الهذلي. وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 94 والسكري 34.

([58]) السكري: "معتاق الوسيقة، وهي الطريدة، إذا طرد طريدة أنجاها من أن تدرك".

والبيت ملفق من بيتين. وفي ديوان الهذليين:

آبى الهضيمة ناب بالعظيمة متـ *** ـلاف الكريمة لا سقط ولا وان

حامي الحقيقة نال الوديقة معـ *** ـتاق الوسيقة جلد غير ثنيان

([59]) البيت يروى أيضاً لعدي بن خرشة الخطمي كما في اللسان (حقق، شأت).

([60]) سيأتي في (شأت). وهذه رواية أبي عبيد. ورواية الجمهرة (1: 63):

بأجرد من عتاق الخيل نهد *** جواد لا أحق ولا شئيت

([61]) في الأصل: "لأبيه" تحريف. وفي اللسان: "وتعبد عبد الله بن مطرف بن الشخير فلم يقتصد، فقال له أبوه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين" الخ. ومطرف بن الشخير، هو مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين، توفي سنة 95. انظر تهذيب التهذيب، وصفة الصفوة.

([62]) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان واللسان:

* سوى مساحيهن تقطيط الحقق *

أي إن الحجارة سوت حوافر الحمر من تقطيط الحقق وتسويتها.

([63]) قبله كما في ديوان الأعشى 149:

وإن امرأ أسرى إليك ودونه *** فياف تنوفات وبيداء خيفق

([64]) هذه قراءة الجمهور. وأما القراءة الأولى (عليّ) بتشديد الياء، فهي قراءة الحسن ونافع، وانظر إتحاف فضلاء البشر 227.

([65]) التكملة من الصحاح واللسان. وفي اللسان: "قال الجوهري: وقولهم لحق لا آتيك، هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام. وإذا أزالوا عنها اللام قالوا: حقاً لا آتيك. قال ابن بري: يريد لحق الله فنـزله منزلة لعمر الله. ولقد أوجب رفعه لدخول اللام كما وجب في قولك لعمر الله، إذا كان باللام".

([66]) التكملة من المجمل واللسان (حقق 333).

([67]) ضبعت الناقة ضبعاً، من باب فرح: اشتهت الفحل. وفي الأصل: "صنعت ولم تصنعا"، صوابه في اللسان (حقق 341) حيث ساق الخبر في تفصيل.

([68]) اللقح بالفتح والتحريك: اللقاح. ويقال أيضاً استحقت الناقة اللقاح.

([69]) رواية الديوان 16 واللسان (حقق): "حبست في اللجين".

([70]) أي المنحوت. وفي الأصل: "النجيب"، صوابه من المجمل واللسان.

([71]) لم يذكر في اللسان: وفي القاموس: "وحك شر وحكاكه، بكسرهما: يحاكه كثيرا".

([72]) في الأصل: "الأمر فيه".

([73]) البيت في المجمل واللسان (طلس، حلل). وأطلس الثوبين كناية عن أنه مرمي بالقبيح.

([74]) عجز بيت للفرزدق في ديوانه 717 واللسان (حلل). وصدره:

* فارفع بكفك إن أردت بناءنا *

وفي الديوان: "ثهلان ذا الهضبات" وقال ابن بري: "هذه من الرواية الصحيحة". وأقول: الرفع على الاستئناف صحيح أيضاً، جعله مثلا.

([75]) البيت في اللسان (حلل)، وقصيدته في الديوان 128.

([76]) البيت لزهير في معلقته. وفي الأصل: "ومن بالقنا في محل"، تحريف.

([77]) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (حلن) والحيوان (5: 499 / 6: 142). وفاعل "يهدي" في بيت بعده، وهو:

عيط عطابيل لئن الرى وابتذلت *** معاطفا سابريات وكتانا

([78]) في الأصل: "أحلها حلا"، والسياق يقتضي المشدد.

([79]) في الأصل "يحل القسم"، والسياق يأباه.

([80]) البيت بتمامه:

تخدى على يسرات وهي لاحقة *** بأربع مسهن الأرض تحليل

([81]) الديوان ص24 برواية: "جلالها". وأنشده في اللسان (حلل).

([82]) لطفيل بن عوف الغنوي. وصدره كما في ديوانه 38 واللسان (حلل، جعفل) وأمالي القالي  (1: 104): والمخصص (7: 147): * وراكضة ما تستجن بجنة *

([83]) النص والشاهد في كتاب سيبويه (1: 201- 202). وفي الأصل: "حلة القوم" صوابه من المجمل وسيبويه. وفي سيبويه: "بعد ما غار الثريا". قال الشنتمري: "شبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل".

([84]) ديوان طرفة 16 واللسان (حمم).

([85]) ديوان أبي ذؤيب 17 والمفضليات (2: 228) والمجمل واللسان (حمم). وفي الأصل: "استقضيت" صوابه من المجمل والديوان والمفضليات. وفي اللسان وإحدى روايتي الديوان: "إذا ما استكرهت".

([86]) التكملة من المجمل واللسان.

([87]) الأجم: الذي لا قرن له. وفي الأصل واللسان: "الأحما"، صوابه في المجمل.

([88]) في الديوان 16: "لربيع ديمة"، وفي اللسان: "من ربيع".

([89]) البيتان في اللسان (حمم، وثم).

([90]) البيت ملفق من بيتين في ديوان امرئ القيس 169- 170 وهما:

مجاورة بني شمجى بن جرم *** هوانا ما أتيح من الهوان

ويمنحها بنو شمجى بن جرم *** معيزهم حنانك ذا الحنان

وهذا البيت الأخير بهذه الرواية في اللسان (حنن 286).

([91]) ديوان طرفة 48 والمجمل واللسان (حنن). وأبو منذر كنية عمرو بن هند.

([92]) سيعيده في (زع). وهو عجز بيت للنابغة لم يرو في ديوانه. وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع). * غشيت لها منازل مقفرات *

([93]) كلمة "لي" ليست في الأصل؛ وإثباتها من اللسان، وقال: "أي في سوق مكة".

([94]) كذا ورد ضبطه في اللسان (20: 334) على أنه عجز بيت. ولم أجد تتمته. وفي الجمهرة  (1: 172): "وبنو حاء ممدود بطن من العرب، وهم بنو حاء بن جشم بن معد، وهم حلفاء لبني الحكم بن سعد العشيرة".

([95]) قد جرى في الكلام على أن يجعل هذا أول أبواب معاني المادة، مع أنه ذكره هنا ثانيها.

([96]) ديوان طرفة 65 والمجمل واللسان (حبب). ورضاب المسك: قطعه.

([97]) البيتان في اللسان (حبب) وأمالي القالي (2: 19).

([98]) قام، بدون همزة كما في الأصل والمجمل. ومعناه وقف كما سيأتي.

([99]) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (حبب). وانظر الجمهرة (1: 25) والأصمعيات 7.

([100]) هذا البيت والثلاثة بعده في اللسان (جبب). كأنها تستوهب أباها ما تزين به عنقها.

([101]) في اللسان: "فحسننها".

([102]) هذا البيت والبيت الذي قبله رويا أيضاً في اللسان (خبب) برواية: "مخبخبة"، وهي العظيمة الأجواف، أو هي مقلوبة من "المبخبخة" التي يقال لها بخ بخ، إعجاباً بها. وروى في اللسان (جبب): "مجبجبة" أي ضخمة الجنوب.

([103]) البيت في أمالي ثعلب 369 برواية: "ما يساوره". وهو لأبي الفضل الكناني كما في الأصمعيات 76 طبع دار المعارف. برواية: "من يثاور".

([104]) هو الأعلم الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 55 ومخطوطة الشنقيطي 59. والبيت في المجمل واللسان (حبحب).

([105]) هذه التكملة التي تبدأ من نهاية البيت السابق، من المجمل.

([106]) البيت من معلقة طرفة بن العبد.

([107]) ديوان النابغة 7 واللسان (حبحب).

([108]) نسبه في الحيوان (4: 133) إلى طرفة، وليس في ديوانه. وانظر الحيوان (1: 153/ 6: 192) والمخصص (8: 109) واللسان (3: 153/ 17: 105). والرواية في المراجع: "تعمج" بتقديم العين، وهما بمعنى.

([109]) البيت للأعلم الهذلي، وقد سبق الكلام عليه في مادة (برو/ي 1: 233).

([110]) في الأصل: "وهذا الشيء"، صوابه في ديوان سلامة بن جندل 7 والمفضليات (1: 117).

([111]) الثرياء: الثرى. والبيت في اللسان (حثث).

([112]) البيت للمخبل السعدي، كما في اللسان (حجج، سبب) ويرى ابن بري أن صواب إنشاده: "وأشهد" بالنصب، لأن قبله:

ألم تعلمي يا أم عمرة أنني *** تخاطأني ربب الزمان لأكبرا

 ([113]) لجرير في ديوانه 476 واللسان (حجج). وصدره:

* وكأن عافية النسور عليهم *

وحج بضم الحاء، مثل بازل وبزل. وحج، بكسرها: اسم جمع للحاج.

([114]) لعذار بن درة الطائي، كما في اللسان (حجج، لجف، غرد). وعجزه:

* فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *

([115]) ديوان أبي ذؤيب 58 واللسان (حجج، أسا)، وفي الأصل: "عليه المسك حتى كأنه" وإنما البيت في صفة امرأة.

([116]) البيت للبيد في ديوانه 22 طبع 1881 واللسان (حجج). وفي اللسان: "يرضن صعاب الدر، أي يثقبنه". في الأصل: "يرضعن" تحريف، صوابه من المراجع ومن  (عطل).

([117]) كذا. وفي اللسان والقاموس: تكهف صار فيه كهوف.

([118]) أنشده في اللسان (حجحج). وطلحفا، يقال بالحاء، بفتح الطاء واللام، وبكسر الطاء وفتح اللام. وفي الأصل: طلفخا"، تحريف.

([119]) في الأصل: "حجج"، صوابه من القاموس.

 

ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)

(حدر) الحاء والدال والراء أصلان: الهبوط، والامتلاء.

فالأوّل حَدَرْتُ الشّيءَ إذا أَنزَلْتَه([1]). والحُدُور فعل الحادر. والحَدُور، بفتح الحاء: [المكان([2])] تَنْحَدِر منه.

والأصل الثاني قولُهم للشَّيء الممتلئ حادر. يقال عَينٌ حَدْرَة بَدْرَة: ممتلِئة. وقد مضى شاهدُه([3]). وناقةٌ حادرةُ العينين، إذا امتلأتَا. وسُمِّيت حَدْراء لذلك. ويقال الحيدرة الأسد* ويمكن أن يكون اشتقاقُه من هذا. ومنه حَدَر جلْدُه تورّم يحدُر حُدورا([4]). وأحدرتُه، إذ ضربتَه حتَّى تؤثر فيه. والحَدْرة، بسكون الدال: قُرْحةٌ تخرج بباطن جَفْن العين. ويقال [حَيٌّ([5])] ذو حُدورة، أي ذُو اجتماعٍ وكَثْرة. قال:

وإنِّي لَمِنْ قومٍ تصيدُ رِماحُهمْ *** غَداةَ الصَّباحِ ذَا الحُدُورة والحَرْدِ([6])

  والحُدْرَة: الصِّرمة([7])؛ سُمِّيت بذلك لتجمُّعها.

ومما شذَّ عن الباب الحادُور: القُرْط. ويُنشد:

* بائِنةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها([8]) *

(حدس) الحاء والدال والسين أصلٌ واحدٌ يُشْبه الرّمْي والسُّرعة وما أشبه ذلك. فالحَدْس الظنّ. وقياسُهُ من الباب، لأنّا([9]) نقول: رَجَم بالظّنّ، كأنّه رَمَى به. والحَدْس: سُرعة السَّير. قال:

* كأنّها مِنْ بَعْدِ سَيرٍ حَدْسِ([10]) *

ويقال حَدَس به الأرضَ حَدْساً، إذا صَرَعَهُ. قال:

...............ترى به *** من القوم مَحدُوساً وآخَرَ حادساً([11])

  ومنه أيضاً حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير، إذا وجَأْتَ في لَبَّتِه. وحدَسْتُ الشَّيءَ برِجْلي: وطئتُه. وحَدَسْت النّاقَة، إذا أنَخْتَها. وحَدَسْتُ بسهمي: رمَيت.

(حدق) الحاء والدال والقاف أصلٌ واحدٌ، [وهو الشيء] يحيط بشيء. يقال حَدَقَ القومُ بالرّجُل وأحدقوا به. قال:

المطعِمون بَنُو حَربٍ وقَدْ حَدَقَتْ *** بي المنيّةُ واستبطأتُ أنصارِي([12])

  وحَدَقَة العين مِن هذا، وهي السَّواد، لأنها تحيط بالصَّبِيّ([13])؛ والجمع حِداق. قال:

فالعين بَعْدَهمُ كأنّ حِداقَها *** سُمِلَتْ بشَوْكٍ فَهْيَ عَورٌ تَدْمَعُ([14])

  والتّحديق: شِدّة النّظر. والحديقة: الأرضُ ذاتُ الشجَر. والحِنْدِيقة: الحَدَقَة([15]).

(حدل) الحاء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو المَيَل. يقال رجلٌ أحدَلُ، إذا كان في شِقِّه مَيَل، وهو الحَدَل. قال أبو عمرو: الأحدَل: الذي في مَنكِبَيه ورقَبَته انكبابٌ على صدره. ويقال قَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء، وذلك إذا تطامنَتْ سِيَتُها. والحَدْل: ضِدُّ العَدْل. قال أبو زيد: حَدَلَ عن الأمر يحدِل حَدْلاً. وإنه لَحدْلٌ غير عَدْل. ومما شذَّ عن الباب وما أدري أصحيحٌ هو أم لا، قولهم: الحَوْدل الذَّكر من القِرَدة([16]).

(حدم) الحاء والدال والميم أصلٌ واحد، هو اشتداد الحرّ. يقال احتدم النهار: اشتدّ حره. واحتدم الحرّ. واحْتَدَمَتِ النار. وللنار حَدَمةٌ، وهو شدّتها، ويقال صوت التهابِها. قال الخليل: أحْدَمَتِ الشمسُ [الشيءَ([17])] فاحتدم، واحتَدَم صدْرُه غيظاً. فأمّا احتِدام الدّم فقال قوم: اشتدت حُمْرَتُه حتى يسودَّ؛ والصحيح أن يشتدّ حرُّه([18]). قال الفرّاء: قِدْرٌ حُدَمَةٌ، إذا كانت سريعةَ الغَلْي؛ وهي ضدّ الصَّلُود.

(حدا) الحاء والدال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو السَّوق. يقال حَدَا بإبله: زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للحمار إذا قَدَم أُتُنَه هو يَحْدُوها. قال:

* حادِي ثلاثٍ من الحُقبِ السّماحيج([19]) *

ويقال للسهم إذا مرَّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه. ويقال حَدَوْتُه على كذا، أي سُقْتُه وبعثتُه عليه. ويقال للشَّمال حَدْواء، لأنها تحدُو السحابَ، أي تسُوقُه.

قال العجاج:

* حَدْواء جاءَتْ مِنْ أعالي الطّورِ([20]) *

وقولهم: [فلان([21])] يتحدَّى فلانا، إذا كانَ يُبارِيه ويُنازِعُه الغَلَبة. وهو من هذا الأصل؛ لأنه إذا فعل ذلك فكأنه يحدوه على الأمر. يقال أنا حُدَيَّاكَ لهذا الأمر، أي ابرُزْ لي فيه. قال عمرو بن كلثوم:

* حُدَيَّا النَّاسِ كلِّهمُ جميعاً([22]) *

(حدأ) الحاء والدال والهمزة أصلٌ واحد: طائرٌ أو مشبَّه به. فالحِدَأَة الطائر المعروف، والجمع الحِدَأ. قال:

* كما تَدَانَى الحِدَأ الأُوِيُّ([23]) *

ومما يشبَّه به وغُيِّرتْ بعضُ حركاته الحَدَأَةُ، شِبهُ فأسٍ تُنقر به الحجارة. قال:

* كالحَدَأ الوَقيعِ([24]) *

ومما شذَّ عن الباب حَدِِئ* بالمكان: لَزِق.

(حدب) الحاء والدال والباء أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. فالحَدَب ما ارتفع من الأرض. قال الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء 96]. والحَدَب في الظَّهر؛ يقال حَدِب واحدَوْدَب. وناقة حَدْباء، إذا بدت حراقفُها؛ وكذلك الحِدْبار([25]). يقال هُنّ حُدْبٌ حَدَابيرُ. فأمّا قولهم حَدِبَ عليه إذا عطَف وأشفق، فهو من هذا، لأنّه كأنّه جَنَأَ عليه من الإشفاق، وذلك شبيهٌ بالحَدَب.

(حدث) الحاء والدال والثاء أصلٌ واحد، وهو كونُ الشيء لم يكُنْ. يقال حدثَ أمرٌ بَعْد أن لم يكُن. والرجُل الحَدَثُ: الطريُّ السّن. والحديثُ مِنْ هذا؛ لأنّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشيءُ بعدَ الشيء. ورجلٌ حدثٌ([26]): حَسَن الحديث. ورجل حِدْثُ نساءٍ، إذا كانَ يتحدَّث إليهنّ. ويقال هذه حِدِّيثى حَسَنَة، كخِطِّيبَى، يراد به الحديثُ.

(حدج) الحاء والدال والجيم أصلٌ واحد يقرُب من حَدَق بالشيء إذا أحاط به. فالتَّحديج في النظر مثل التَّحديق. ومن الباب الحِدْج: مركبٌ من مَراكب النِّساء. يقال حَدَجْتُ البعيرَ، إذا شددْتَ عليه الحِدج. قال الأعشى:

ألا قُلْ لَميْثاءَ ما بالُهَا *** أبِالليل تُحْدَجُ أجْمالُها([27])

  ومن الباب الحَدَجُ، وهو الحنظل إذا اشتدَّ وصَلُب، وإنما قُلنا ذلك لأنّه مستدير.

ـــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "حدرت بالشيء إذا نزلته"، صوابه من المجمل.

([2]) هذه التكملة من المجمل واللسان.

([3]) مضى في الجزء الأول (مادة بدر).

([4]) ويقال أيضاً حدر يحدر حدراً، من باب ضرب.

([5]) التكملة من المجمل واللسان.

([6]) في الأصل والمجمل: "ذو الحدورة" تحريف. والحرد: الغضب. وفي الأصل: "الحدر" صوابه في المجمل.

([7]) في اللسان: "والحدرة من الإبل، بالضم: نحو الصرمة".

([8]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حدر).

([9]) في الأصل: "أنا".

([10]) الرجز في المجمل واللسان (حدس).

([11]) جزء بيت لمعد يكرب كما في اللسان (حدس). وقد استشهد بهذا الجزء في المجمل. وأنشده ياقوت في (الحبيا) بدون نسبة محرفاً. وهو بتمامه:

بمعترك شط الحبيا ترى به *** من القوم محدوساً وآخر حادسا

    ومعد يكرب هذا هو غلفاء بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي. انظر الأغاني (11: 60، 62).

([12]) للأخطل في ديوانه 119 واللسان (حدق) برواية "المنعمون" فيهما.

([13]) في اللسان "الصبي: ناظر العين. وعزاه كراع إلى العامة".

([14]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 3 واللسان (حدق).

([15]) في الجمهرة (2: 123): "الحندوقة والحنديقة: الحدقة. ولا أدري ما صحته".

([16]) في الأصل: "القردان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

([17]) التكملة من المجمل.

([18]) اقتصر في المجمل على القول الأول.

([19]) لذى الرمة في ديوانه 73 والمجمل واللسان (حدا). وصدره:

* كأنه حين يرمي خلفهن به *

([20]) ديوان العجاج والمجمل واللسان (حدا).

([21]) التكملة من المجمل.

([22]) من معلقته. وعجزه: * مقارعة بنيهم عن بنينا *

([23]) للعجاج في ديوانه 67 والمجمل واللسان (حدأ).

([24]) جزء من بيت للشماخ في ديوانه 56 واللسان (حدأ). وهو بتمامه:

يبادرن العضاه بمقنعات *** نواجذهن كالحدأ الوقيع

([25]) في الأصل: "الحدباء"، صوابه من المجمل وسياق القول.

([26]) يقال حدث، كفرح وندس، وحدث بالكسر.

([27]) ديوان الأعشى 116 والمجمل واللسان (حدج).

 

ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)

(حذر) الحاء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو من التحرُّز والتيقُّظ. يقال حَذِر يَحْذَر حَذَراً. ورَجُلٌ حَذِرٌ وحَذُورٌ وحِذْرِيانٌ: متيقِّظٌ متحرّز.‏

وحَذَارِ، بمعنى احذَرْ. قال:‏

* حَذَارِ من أرْماحِنا حَذَارِ(1) *‏

وقرئت: {وَإنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(2)} [الشعراء 56]، قالوا: متأهِّبون. و(حَذِرُونَ): خائفون. والمحْذُورة: الفزَع. فأمّا الحِذْرِيَةُ فالمكانُ الغليظ: ويمكن أنْ يكون سُمّي بذلك لأنه يُحذَر المشْيُ عليه(3).‏

(حذق) الحاء والذال والقاف أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال حَذَقَ السكِّين الشيءَ، إذا قطَعه. [قال]:‏

* فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِق(4) *‏

ومن هذا القياس الرّجُل الحاذِق في صناعته، وهو الماهر، وذلك أنّه يَحْذِق الأمرَ يَقْطَعُه لا يدع فيه مُتَعلَّقا. ومنه حِذْق القرآن. ومن قياسِه الحُذَاقيُّ، وهو الفَصيحُ اللِّسان؛ وذلك أنّه يَفْصِل الأمورَ يَقطعها. ولذلك يسمَّى اللِّسان مِفْصَلاً. والباب كلُّه واحد.‏

ومن الباب حَذَقَ فاهُ الخلُّ إذا حَمَزَه، وذلك كالتَّقطيع يقَعُ فيه.‏

ــــــــــــــــ

(1) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حذر). وأنشده ثعلب في أماليه 651.‏

(2) هذه قراءة ابن ذكوان، وهشام من طريق الداجواني، وعاصم، وحمزة، والكسائي وخلف. ووافقهم الأعمش. والباقون بحذف الألف. ومما يجدر ذكره أن كتابتهما في رسم المصحف (حذرون) بطرح الألف. انظر إتحاف فضلاء البشر 332.‏

(3) في الأصل: "بالمشي عليه".‏

(4) لأبي ذؤيب في ديوانه 151 واللسان (حذق). وصدره:‏

* يرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا *‏

 

ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)

(حرز) الحاء والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو من الحِفْظ والتَّحفظ يقال حَرَزْتُه([1]) واحترزَ هو، أي تحفَّظَ. وناسٌ يذهبون إلى أنّ هذه الزّاءَ مبدلةٌ مِن سين، وأنَّ الأصل الحَرْس وهو وجهٌ. وفي الكتاب الذي للخليل أنّ الحَرَزَ جَوْز محكوكٌ يُلعَب به، والجمع أحْراز. قلنا: وهذا شيءٌ لا يعرَّج عليه ولا مَعْنَى له.

(حرس) الحاء والراء والسين أصلان: أحدهما الحِفْظ والآخر زمانٌ.

فالأوّل حَرَسَه يَحْرُسُه حَرْساً. والحَرَس: الحُرَّاس. وأمَّا حُرِيسَة الجَبَل، التي جاءت في الحديث، فيقال هي الشاة يُدركها اللَّيل قَبْلَ أُوِيِّها إلى مأواها، فكأنها حُرِسَتْ هناك. وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل: يجعلها بعضهم السَّرِقَة نفسَها؛ يقال حَرَس يَحْرِسُ حَرْساً، إذا سَرَق. وهذا إنْ صحَّ فهو قريبٌ من الباب؛ لأنَّ السارق يرقُب الشيء كأنّه يحرُسه حتَّى يتمكَّن منه. والأوّلُ أصحّ. وذلك قول أهل اللغة إنّ الحريسَةَ هي المحروسة. فيقول: "[ليس] فيما يحرس بالجبل قَطْع" لأنّه ليس بموضع* حِرْز.

(حرش) الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب. وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر ومنه سمِّي الرجل حراشاً([2]). ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة. ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.

ومن هذا الباب حَرَشْتُ [الضبّ([3])]، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظن أنّها حيّة فيُخْرِج ذَنبَه فتأخذَه. وذلك المَسْح له أثَرٌ. فهو من القياس الذي ذكرناه. والحَرِيش: نوعٌ من الحيات أرقَطُ. وربَّما قالوا حيّة حَرْشاء، كما يقولون رَقْطاء قال:

بِحَرْشاءَ مِطْحَانٍ كأنّ فحيحَها *** إذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ على جمْرِ([4])

  والحَرْشاء: حَبَّة تنبُت شبيهةٌ بالخَرْدَلِ. قال أبو النجم:

* وانْحَتَّ مِن حَرشاءِ فَلْجٍ خَرْدَلهْ([5]) *

فأمّا قولُهم حَرَّشْت بينَهم، إذا أغرَيْتَ وألقيتَ العداوة، فهو من الباب؛ لأن ذلك كتحزيزٍ يقع في الصُّدور والقلوب.

ومن ذلك تسميتهم النُّقْبة، وهي أوَّل الجَرَب يَبْدُو، حَرْشاء. يقال نُقْبةٌ حَرْشاء، وهي الباِثرَة([6]) التي لم تُطْلَ. وأنشد:

وحَتَّى كأنِّي يتقي بي مُعَبَّدٌ *** به نُقْبة حَرْشاءُ لم تَلْقَ طاليا([7])

فأمّا قوله:

* كما تطايَرَ مَنْدُوفُ الحراشِين([8]) *

فيقال إنّه شيءٌ في القطن لا تدَيِّثُهُ المطارق([9])، ولا يكون ذلك إلاّ لخشونةٍ فيه.

(حرص) الحاء والراء والصاد أصلان: أحدهما الشّقّ، والآخر الجَشَع.

فالأول الحَرْصُ الشَّقُّ؛ يقال حَرَص القَصَّار الثوبَ إذا شقَّه. والحارِصَة من الشِّجاج: التي تشقُّ الجلد. ومنه الحرِيصة والحارِصَةُ، وهي السحابة التي تَقْشِر وجْهَ الأرض مِن شِدّة وَقْع مطرِها. قال:

* انهلالُ حريصَةٍ([10]) *

وأمّا الجَشَع والإفراط في الرَّغْبة فيقال حَرَصَ إذا جَشَع يَحْرُِص حِرْصا، فهو حريصٌ. قال الله تعالى: {إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل 37]. ويقال حُرِصَ المَرْعَى([11])، إذا لم يُتْرك منه شيء؛ وذلك من الباب، كأنّه قُشِر عن وجْه الأرض.

(حرض) الحاء والراء والضاد أصلان: أحدهما نبت، والآخَر دليلُ الذَّهاب والتّلَف والهلاك والضَّعف وشِبهِ ذلك.

أمَّا الأوّل فالحُرْض الأُشنان، ومُعالِجُه الحَرّاض. والإحْرِيض: العُصْفُر. قال:

* مُلْتَهِبٌ كلَهَبِ الإحْرِيضِ([12]) *

والأصل الثاني: الحَرَض، وهو المُشرِف على الهلاك. قال الله تعالى: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} [يوسف 85]. ويقال حَرَّضْتُ فلاناً على كذا. زعم ناسٌ أنّ هذا من الباب. قال أبو إسحاق البصريُّ([13]) الزَّجّاج: وذلك أنّه إذا خالف فقَدْ أفْسَد. وقوله تعالى: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ} [الأنفال 65]، لأنهم إذا خالَفُوه فقد أُهلِكوا. وسائر الباب مقاربٌ هذا؛ لأنَّهم يقولون هو حُرْضَة، وهو الذي يُنَاوَلُ قِدَاحَ الميسر ليضرب بها.

ويقال إنّه لا يأكل اللحمَ أبداً بثَمن، إنّما يأكل ما يُعْطَى، فيُسمَّى حُرْضَةً، لأنه لا خَيرَ عنده.

ومن الباب قولُهم للذي لا يُقاتِل ولا غَنَاء عِنْدَه ولا سِلاح معَه حَرَض. قال الطرِمّاح:

* حُمَاةً للعُزَّلِ الأحراضِ([14]) *

ويقال حَرَض الشّيءُ وأحرضَهُ  غيره، إذا فَسَد وأفسَدهُ غيرُه. وأحْرَضَ الرّجُل، إذا وُلِد له [ولَدُ] سَوء. وربما قالوا حَرَضَ الحالبان النّاقَة، إذا احتلبا لبنَها كلَّه.

(حرف) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول: حدُّ الشيء، والعُدول، وتقدير الشَّيء.

فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره. ومنه الحَرْف، وهو الوجْه. تقول: هو مِن أمرِه على حَرْفٍ واحد، أي طريقة واحدة. قال الله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهََ عَلَى حَرْفٍ} [الحج 11]. أي على وجه واحد. وذلك أنّ العبد يجبُ عليه طاعةُ ربِّه تعالى عند السرّاء والضرّاء، فإذا أطاعَه عند السّرّاء وعَصاه عند الضرّاء فقد عَبَدَه على حرفٍ. ألا تراه قال تعالى: {فَإِنْ أصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج 11]. ويقال للناقةِ حَرْفٌ. قال قوم: هي الضامر، شبِّهت بحرف السَّيف. وقال آخرون: بل هي الضَّخْمة، شبِّهت بحرف الجبل، وهو جانبُه. قال أوس:

حَرْفٌ أخُوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ *** وعَمُّها خالُها قوداءُ مِئشيرُ([15])

  وقال كعب بن زهير:

حرفٌ أخوها أبوها مِن مهجَّنةٍ *** وعَمُّها خالُها جرداءُ شِمْلِيلُ([16])

  والأصل الثاني: الانحراف عن الشَّيء. يقال انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه، أي عدَلتُ به عنه. ولذلك يقال مُحَارَفٌ، وذلك إذا حُورِف كَسْبُه فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته. قال الله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه([17])} [النساء 46، المائدة 13].

والأصل الثالث: المِحراف، حديدة يقدَّر بها الجِراحات عند العِلاج. قال:

إذا الطَّبيب بمِحْرافَيْهِ عالَجَها *** زادَتْ على النَّقْرِ أو تحرِيكِها ضَجَما([18])

  وزعم ناسٌ أنّ المُحارَفَ من هذا، كأنّه قُدِّر عليه رزقُه كما تقدَّر الجِراحةُ بالمحْراف.

ومن هذا الباب فلان يَحْرُف لِعياله، أي يكسِب. وأجْوَدُ مِن هذا أن يقال فيه إنّ الفاءَ مبدلةٌ من ثاء. وهو من حَرَثِ أي كَسَبَ وجَمَعَ. وربما قالوا أحْرَفَ فلانٌ إحرافاً، إذا نَما مالُه وَصَلُح. وفلان حَرِيفُ فلانٍ أي مُعامِلُه. وكل ذلك من حَرَفَ واحترف أي كسَب. والأصلُ ما ذكرناه.

(حرق) الحاء والراء والقاف أصلان: أحدهما حكُّ الشَّيء بالشيء مع حرارة والتهاب، وإليه يرجع فروعٌ كثيرة. والآخَر شيءٌ من البَدَن.

فالأول قولهم حَرَقْتُ الشيءَ إذا بردْتَ وحككْتَ بعضَهُ ببعض. والعرب تقول: "هو يَحْرُقُ عليك الأُرَّم غَيظاً"، وذلك إذا حكَّ أسنانَه بعضَها ببعض. والأُرَّم هي الأسنان. قال:

نُبِّئْتُ أحْماءَ سُليمَى إنَّما *** باتُوا غِضاباً يَحْرُقُون الأرَّمَا([19])

  وقرأ ناسٌ: {لَنَحْرُقَنَّهُ ثمَّ لِنَنْسِفَنَّه([20])} [طه 97]، قالوا: معناه لنبرُدنَّه بالمبارد. والحَرَق: النَّار. والحَرَقُ في الثَّوب([21]). والحَرُوقاء هذا الذي يقال لـه الحُرَّاق. وكلُّ ذلك قياسُه واحد.

ومن الباب قولهم للذي ينقطع شَعَْره وينسل حَرِقٌ. قال:

* حَرِقَ المَفَارِق كالبُراءِ الأعْفَرِ([22]) *

والحُرْقَانُ: المَذَح في الفخِذين، وهو من احتكاك إحداهما بالأخرى. ويقال فَرَسٌ حُرَاقٌ([23]) إذا كان يتحرَّق في عَدْوِه. وسَحابٌ حَرِقٌ، إذا كان شديدَ البَرْق. وأحْرَقَني النّاسُ بلَوْمهم: آذَوْني. ويقال إنّ المُحارقَةَ جِنسٌ من المباضعة. وماء حُرَاقٌ: مِلحٌ شديد المُلوحة.

وأمّا الأصل الآخر فالحارقة، وهي العَصب الذي يكون في الورِك. يقال رجلٌ محروقٌ، إذا انقطعت حارِقَتُه. قال:

* يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمحروقِ([24]) *

(حرك) الحاء والراء والكاف أًصلٌ واحد، فالحركة ضدُّ السكون. ومن الباب الحارِكانِ، وهما ملتقى الكتِفَين، لأنَّهما لا يزالان يتحرَّكان. وكذلك الحراكيك، وهي الحراقِفُ، واحدتها حَرْكَكَة.

(حرم) الحاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع والتشديد. فالحرام: ضِدُّ الحلال. قال الله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيةٍ أَهْلَكنْاَهَا} [الأنبياء 95]. وقرئت: {وحِرْمٌ([25])}. وسَوْطٌ مُحرَّم، إذا لم يُلَيَّن بعدُ. قال الأعشى:

* تُحاذِر كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّمَا([26]) *

والقطيع: السوط، والمحرَّم الذي لم يمرَّن ولم يليَّنْ بعدُ. والحريم: حريم البئرِ، وهو ما حَولَها، يحرَّم على غير صاحبها أن يحفِر فيه. والحَرَمَانِ: مكة والمدينة، سمِّيا بذلك لحرمتهما، وأنّه حُرِّم أن يُحدَث فيهما أو يُؤْوَى مُحْدِثٌ. وأحْرَم الرّجُل بالحجّ، لأنه يحرُم عليه ما كان حلالاً له من الصَّيد والنساءِ وغير ذلك. وأحرم الرّجُل: دخل في الشهر الحرام. قال:

قَتَلُوا ابنَ عفّانَ الخليفةَ مُحْرِماً *** فمضى ولم أَرَ مثلَه مقتولا([27])

  ويقال المُحْرِم الذي* له ذِمَّة. ويقال أحْرَمْتُ الرّجُلَ قَمرْتُه، كأنَّك حرمْتَه ما طمِعَ فيه منك. وكذلك حَرِم هو يَحْرَم حَرَماً، إذا لم يَقْمُر. والقياس واحدٌ، كأنه مُنِع ما طَمِع فيه. وحَرَمْتُ الرّجلَ العطية حِرماناً، وأحرمْتُه، وهي لغة رديّة. قال:

ونُبِّئْتُها أحْرَمْت قَومَها *** لتَنْكِحَ في مَعْشرٍ آخَرِينا([28])

  ومَحارِم اللَّيل: مخاوفه التي يحرُم على الجبان أن يسلُكَها. وأنشد ثعلب:

واللهِ لَلنَّومُ وبِيضٌ دُمَّجُ ***  أَهْوَنُ مِن لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ

مَحَارِمُ اللَّيلِ لَهُنّ بَهْرَجُ([29]) *** حِين يَنام الوَرَعُ المزَلَّجُ([30])

 ويقال من الإحرام بالحجِّ قوم حُرُمٌ وحَرَامٌ، ورجلٌ حَرَامٌ. ورجُلٌ حِرْمِيٌّ منسوب إلى الحَرَم. قال النابغة:

لِصَوْتِ حِرْمِيَّةٍ قالت وقد رحلوا *** هل في مُخِفِّيكُم من يَبتغي أَدَما([31])

  والحَرِيم: الذي حُرِّم مَسُّهُ فلا يُدْنَى منه.  وكانت العرب إذا حجُّوا ألقَوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبَسوها في الحرَم، ويسمَّى الثوبُ إذا حرّم لُبسه الحَريم. قال:

كَفى حَزَناً مَرِّي عليه كأنّهُ *** لَقىً بين أيدي الطائِفِين حريمُ([32])

  ويقال بين القوم حُرْمةٌ ومَحْرَُمة، وذلك مشتقٌّ من أنه حرامٌ إضاعتُه وترْكُ حِفظِه. ويقال إنّ الحَرِيمةَ اسمُ ما فات من كل همٍّ مطموعٍ فيه.

ومما شذَّ الحيْرَمَة: البقرة.

(حرن) الحاء والراء والنون أصلٌ واحد، وهو لزوم الشي للشيء لا يكادُ يفارقه. فالحِرَان في الدّابة معروف، يقال حَرَنَ وحَرُن. والمَحَارن من النَّحْل: اللواتي يلصَقْن بالشَُّهد فلا يبرحْن أو يُنْزَعْنَ. قال:

* صَوْتُ المحابِضِ يَنْزِعْن المَحَارِينا([33]) *

وكذلك قول الشماخ:

فما أرْوَى ولو كَرُمَتْ علينا *** بأدْنَى مِنْ موقَّفَةٍ حَرُونِ([34])

هي التي لا تبرح أعلَى الجبل. ويقال حَرَنَ في البيع فلا يزيد ولا ينقُص.

(حرو/ي) الحاء والراء وما بعدها معتل. أصول ثلاثة: فالأوّل جنس من الحرارة، والثاني القرب والقصد، والثالث الرُّجوع.

فالأوّل الحَرْوُ. من قولك وجَدْتُ في فمي حَرْوَة وحَرَاوةً، وهي حرارةٌ مِن شيءٍ يُؤْكل كالخردَل ونحوِه. ومن هذا القياس حَرَاةُ النار، وهو التهابها. ومنه الحَرَة الصَّوت والجَلَبةُ.

وأمّا القُرب والقَصْد فقولهم أنت حَرىً أنْ تفعل كذا. ولا يثنَّى على هذا اللفظ ولا يُجمَع. فإذا قلت حَرِيٌّ قلت حرِيّان وحريُّون وأحرياء للجماعة([35]). وتقول هذا الأمر مَحْراةٌ لكذا. ومنه قولهم: هو يتحرَّى الأمر، أي يقصِدُه.

ويقال إنَّ الحَرا مقصور: موضع البَيْض، وهو الأفحوص. ومنه تحرَّى بالمكان: تلبَّثَ. ومنه قولهم نزلتُ بِحَرَاهُ وَبِعَراه، أي بعَقْوتَه.

والثالث: قولهم حَرَى الشّيءُ يَحرِي حَرْياً، إذا رجع ونَقَص. وأحراه الزمانُ. ويقال للأفعى التي كَبِرت ونقص جسمُها حاريَةٌ. وفي الدعاء عليه يقولون: "رماهُ الله بأفعَى حاريةٍ"، لأنها تنقُص من مرور الزمان عليها وتَحْرِي، فذلك أخبثُ. وفي الحديث: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل جسمُ أبي بكر يَحْرِي حتى لَحق به".

(حرب) الحاء والراء والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها السّلْب، والآخر دويْبَّة، والثالث بعضُ المجالس.

فالأوَّل: الحَرْب، واشتقاقها من الحَرَب وهو السَّلْب. يقال حَرَبْتُه مالَه، وقد حُرِب مالَه، أي سُلِبَه، حَرَباً. والحريب: المحروب. ورجل مِحْرَابٌ: شجاعٌ قَؤُومٌ بأمر الحرب مباشرٌ لها. وحَريبة الرَّجُل: مالُه الذي يعيش به، فإذا سُلِبَه لم يَقُمْ بعده. ويقال أسَدٌ حَرِبٌ، أي من شدّة غضبِه كأنّه حُرِب شيئاً أي سُلِبه. وكذلك الرجل الحَرِب.

وأما الدويْبَّة [فـ] الحِرباء. يقال أرض مُحَرْبئة، إذا كثُر حِرباؤها. وبها شبِّه الحِرْباء، وهي مسامير الدُّروع. وكذلك حَرَابيّ المَتن، وهي لَحَماتُهُ.

والثالث: *المحراب، وهو صدر المجلس، والجمع محاريب. ويقولون: المحراب الغرفةُ في قوله تعالى: {فَخَرَجَ علَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْراب} [مريم 11]. وقال:

رَبَّةُ مِحرابٍ إذا جئتُها *** لم ألقَها أوْ أَرتَقِي سُلَّمَا([36])

  ومما شذَّ عن هذه الأصول الحُرْبة. ذكر ابنُ دريد أنها الغِرارَة السَّوداء. وأنشد:

وصَاحبٍ صاحبتُ غيرِ أَبْعَدا *** تراهُ بين الحُرْبَتَينِ مَسْنَدَا([37])

  (حرت) الحاء والراء والتاء أصلٌ واحد، وهو الدَّلْك، يقال حَرَته حَرْتاً، إذا دلكه دَلْكاً شديداً.

(حرث) الحاء والراء والثاء أصلانِ متفاوتان: أحدهما الجمع والكَسْب، والآخر أنْ يُهْزَل الشيء.

فالأوّل الحَرْث، وهو الكَسْب والجمع، وبه سمِّي الرجل حارثاً. وفي الحديث: "احْرُثْ لدُنْياكَ كأنَّك تعيش أبداً، واعمَلْ لآخرتِك كأنك تموت غداً".

ومن هذا الباب حرث الزَّرع. والمرأة حرث الزَّوج؛ فهذا تشبيه، وذلك أنه مُزدَرَع ولده. قال الله تعالى: {نساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة 223]. والأحرِثة: مَجارِي الأوتار في الأفواق([38])؛ لأنّها تجمعها.

وأمّا الأصل الآخر فيقال حَرَثَ ناقتَه: هَزَلها؛ أحرثها أيضاً. ومن ذلك قول الأنصار لمّا قال لهم معاوية: ما فعلَتْ نواضحُكم؟ قالوا: أحْرثْنَاها يَوْمَ بَدْرٍ.

(حرج) الحاء والراء والجيم أصلٌ واحد، وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه، وذلك تجمُّع الشيء وضِيقُه. فمنه الحَرَج جمع حَرَجة، وهي مجتمع شجرٍ. ويقال في الجمع حَرَجات. قال:

أَيا حَرَجاتِ الحيِّ حِينَ تحمَّلوا *** بذي سَلَمٍ لا جادكُنَّ ربيعُ([39])

 ويقال حِراجٌ أيضاً. قال:

* عايَنَ حيَّاً كالحراج نَعَمُهْ([40]) *

ومن ذلك الحرَجَ الإثم، والحَرَج الضِّيق. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [الأنعام 125]. ويقال حَرِجَتِ العينُ تَحرَج، أي تحارُ. وتقول: حَرِجَ عَلَيَّ ظُلمك، أي حرُم. ويقال أحْرَجَها بتطليقةٍ، أي حرّمَها. ويقولون: أكسَعَها بالمُحْرِجات، يريدون بثلاث تطليقات. والحَرَج: السَّرير الذي تُحمَل عليه الموتى. والمِحَفَّةُ حَرَجٌ. قال:

فإمّا تَرَيْنِي في رِحالةِ جابرٍ  *** على حَرَجٍ كالقَرّ تَخْفِق أكفاني([41])

  وناقة حَرَجٌ وحُرْجُوجٌ: ضامرة، وذلك تداخُلُ عظامِها ولحمِها. ومنه الحَرِجُ الرّجل الذي لا يكاد يبرحُ القتال.

ومما شذّ عن هذا الباب قولهم إنّ الْحِرْجَ الوَدَعة، والجمع أحراج. ويقال هو نَصيب الكلْب من لحم الصَّيْد. قال جحدر:

وتقدُّمي للَّيْثِ أرْسُفُ مُوثَقاً *** حتى أُكابِرَه على الأحْراجِ([42])

  ويقال الحِرْج الحِبالُ تُنْصَب. قال:

* كأنّها حرج حابلِ([43]) *

(حرد) الحاء والراء والدال أصولٌ ثلاثة: القصد، والغضَب، والتنحِّي.

فالأوَّل: القصد. يقال حَرَدَ حَرْدَهُ، أي قصد قصده، قال الله تعالى:

{وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم 25]. [و] قال:

أقبل سَيْلٌ جاءَ مِنْ عِنْدِ اللهْ  *** يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلّهْ([44])

  ومن هذا الباب الحُرُود: مبَاعر الإبل، واحدها حِرْد.

والثاني: الغضب؛ يقال حَرِدَ الرّجل غَضِبَ حَرْداً، بسكون الراء([45]). قال الطرمّاح:

* وابن سَلْمى على حَرْدِ([46]) *

ويقال أسَدٌ حارد. قال:

لعَلكِ يوما أن تَرَيْنِي كأنّما *** بَنِيَّ حوالَيَّ الليُوثُ الحوارِدُ([47])

  والثالث: التنحِّي والعُدول. يقال نَزلَ فلانٌ حريداً، أي منتحِّياً. وكوكب حَريد. قال جرير:

نَبْنِي على سَنَنِ العَدُوِّ بُيُوتَنَا *** لا نستجير ولا نحلُّ حَرِيدا([48])

  قال أبو زيد: الحريد ها هنا: المتحوِّل عن قومه. وقد حَرَدَ حُرُوداً. يقول إنَّا لا نَنْزِل في غير قومنا من ضعف وذِلّة؛ لقوّتنا وكثْرتنا. والمحرَّد من كل شيء: المعوَّج. وحارَدَتِ الناقة، إذ قلَّ لبنُها، وذلك أنّها عَدَلَتْ عمَّا كانت عليه من الدّرّ. وكذلك حارَدَت السنة إذا قَلّ مطرها. وحَبْلٌ مُحَرَّدٌ، إذا ضُفر فصارت لـه حِرفةٌ لاعوِجاجه.

(حرذ) الحاء والراء والذال ليس أصلاً، وليست فيه عربيةٌ صحيحة. وقد قالوا إنّ الحِرذَون دويْبَّة.

ـــــــــــــــــ

([1]) في القاموس: "وحرزه حفظه، أو هو إبدال والأصل حرسه".

([2]) في أسمائهم حراش، ككتاب، وحراش، كشداد.

([3]) التكملة في المجمل.

([4]) البيت في المجمل واللسان (حرش، طحن). والمطحان: المترحية المستديرة.

([5]) اللسان (حرش) والحيوان (4: 11) والجمهرة (2: 133).

([6]) في الأصل: "الناشرة"، صوابه في المجمل واللسان.

([7]) في الأصل: "حتى كأني شقي"، صوابه من المجمل واللسان.

([8]) أنشده في المجمل (حرش)، وذكر أن مفرده "حرشون". لكن ابن منظور أنشده في (حرشن).

([9]) ديثت المطارق الشيء: لينته. وفي الأصل: "لا تدشه المطارف". وفي المجمل: "لا يدبثه المطارق"، صوابهما ما أثبت من اللسان (ديث).

([10]) جزء من بيت للحادرة الذبياني في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي، والمفضليات (1: 24)، واللسان (حرص). وهو بتمامه:

ظلم البطاح لـه انهلال حريصة *** فصفا النطاف لـه بعيد المقلع

([11]) في الأصل: "المعنى"، صوابه من المجمل.

([12]) البيت من أبيات أربعة في نوادر أبي زيد 222 واللسان (حرض).

([13]) هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج، تلميذ المبرد، المتوفى سنة 311.

([14]) جزء من بيت له في ديوانه 86 واللسان (حرض). وهو بتمامه:

من يرم جمعهم يجدهم مراجيـ *** ـح حماة للعزل الأحراض

([15]) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في مادة (أشر).

([16]) سبق الكلام على هذا البيت في حواشي مادة (أشر)

([17]) من الآية 46 في النساء، والآية 13 في المائدة. وفي الآية 41 من المائدة: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه).

([18]) للقطامي في ديوانه 71 واللسان (حرف، ضجم). ويروى: "على النفر" بالفاء، وهو الورم أو خروج الدم. وفي الديوان: "حاولها" بدل: "عالجها".

([19]) الرجز في اللسان (حرق، أرم). وفي (أرم) توجيه كسر همزة "إنما" وفتحها.

([20]) هذه قراءة أبي جعفر من رواية ابن وردان، ووافقه الأعمش. وقرئ: (لنحرقنه) من الإحراق، وهي قراءة أبي جعفر من رواية ابن جماز، ووافقه الحسن. وباقي القراء: (لنحرقنه) من التحريق. انظر إتحاف فضلاء البشر 307.

([21]) في اللسان: "والحرق: أن يصيب الثوب احتراق من النار… ابن الأعرابي: الحرق: النقب في الثوب من دق القصار". وفي المجمل: "والحرق في الثوب من الدق".

([22]) لأبي كبير الهذلي، كما سبق في حواشي (برو/ي 234) من الجزء الأول، وصدره:

* ذهبت بشاشته فأصبح واضحا *

([23]) يقال: حراق، كزعاق، وحراق، كرمان.

([24]) لأبي محمد الحذلمي، كما في اللسان (فتق، صفق). وأنشده أيضاً في اللسان (حرق) بدون نسبة. وانظر أمالي ثعلب 232.

([25]) هي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وطلحة والأعمش وأبي عمرو. وانظر سائر القراءات في تفسير أبي حيان (6: 338).

([26]) في (قطع): "تراقب كفي". وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم):

* ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *

([27]) للراعي كما في خزانة الأدب (1: 503) واللسان (حرم) وجمهرة أشعار العرب 176. وهذا الإنشاد يوافق ما في المجمل. ورواية سائر المصادر: "ودعا فلم أر مثله".

([28]) البيت من أبيات لشقيق بن السليك، أو ابن أخي زر بن حبيش، في اللسان (حرم).

([29]) الأبيات في المجمل، والأول والثاني منهما في اللسان (دمج)، والأخيران فيه (حرم، زلج). البهرج: المباح. والورع بالفتح: الجبان. والمزلج: الدون الذي ليس بتام الحزم.

([30]) يروى أيضاً "مخارم الليل" أي أوائله. وهي رواية اللسان (خرم).

([31]) ديوان النابغة 67 والمجمل واللسان (حرم). المخف: الخفيف المتاع. والأدم: الجلد.

([32]) المجمل واللسان (حرم). وفي الأخير: "كرى عليه" وانظر السيرة 129.

([33]) لابن مقبل في اللسان (حبض، حرن). وصدره: * كأن أصواتها من حيث تسمعها *

([34]) ديوان الشماخ 91 واللسان (وقف، حرن).

([35]) وكذلك إذا قلت حر، كشج؛ ثنيته أو جمعته.

([36]) لوضاح اليمن في اللسان (حرب) والأغاني (6: 43) والجمهرة (1: 219).

([37]) البيتان في اللسان (حرب).

([38]) الأفواق: جمع فوق، بالضم؛ وهو من السهم موضع الوتر. وفي الأصل: "الأفراق" تحريف.

([39]) البيت للمجنون كما في الحيوان (5: 173) والأغاني (1: 17).

([40]) للحجاج في ديوانه 64 واللسان (حرج).

([41]) لامرئ القيس في ديوانه 126 واللسان (حرج، قرر)، وسيعيده في (قر).

([42]) البيت في اللسان (حرج).

([43]) جزء من بيت في اللسان (حرج) وهو بتمامه:

وشر الندامى من تبيت ثيابه *** مجففة كأنها حرج حابل

  وفي الأصل: "كأنها حرج نابل وحابل"، صوابه في المجمل واللسان.

([44]) الشطران في اللسان (حرد). ونسبهما التبريزي في التهذيب لحسان.

([45]) وبتحريكها أيضاً، والتسكين أكثر.

([46]) في المجمل:               * وابن أبي سلمى على حرد *

ولم أعثر على هذا الشعر في ديوان الطرماح.

([47]) للفرزدق في ديوانه 172 والحيوان (3: 97) وعيون الأخبار (4: 122) ومعاهد التنصيص (1: 102).

([48]) ديوان جرير 173 واللسان (حرد).

 

ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)

(حزق) الحاء والزاء والقاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. ومن ذلك [الحِزقُ]: الجماعات. قال عنترة:

* حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِمِ([1]) *

والحَزيقة من النَّخل: الجماعة. ومن ذلك الحُزُقَّة: الرجُل القصير، وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقه. والحَزْق: شدُّ القوس بالوَتَر. والرجل المتحزِّق: المتشدِّد على [ما] في يديه بُخْلا. ويقولون: الحازق الذي ضاق عليه خُفُّهُ. والقياس في الباب كله واحد.

(حزك) الحاء والزاء والكاف كلمةٌ واحدة أُراها من باب الإبدال وأنها ليست أصلاً. وهو الاحتزاك، وذلك الاحتزام بالثَّوب. فإمّا أن يكون الكاف بدلَ ميم، وإما أن يكون الزاء بدلاً من باء وأنه الاحتباك. وقد ذكر الاحتباك في بابه.

(حزل) الحاء والزاء واللام أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. يقال احْزَأَلَّ، إذا ارتفع. واحزألَّتِ الإبلُ على متن الأرض في السَّير: ارتفعت. واحزألَّ الجبلُ: ارتفع في السَّراب.

(حزم) الحاء والزاء والميم أصلٌ واحد، وهو شدُّ الشيءِ وجمعُه، قياسٌ مطرد. فالحزم: جَودة الرأي، وكذلك الحَزَامة، وذلك اجتماعُه وألاّ يكون مضطرِباً منتشِراً والحزام للسَّرج من هذا. والمتحزِّم: المُتلبّب. والحُزْمَة من الحطب وغيره معروفة([2]). والحَيزُوم والحَزِيم: الصّدر؛ لأنّه مجتَمَع عِظامه ومَشَدُّها.

يقول العرب: شددتُ لهذا الأمر([3]) حَزِيمي. قال أبو خِراش يصفُ عُقابا:

رَأت قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمّت *** إلى حيزومها ريشاً رطيبا([4])

  أي كاد الصَّيد يفوتها. والرطيب: الناعم. أي كسرت جناحَها حين رأت الصيد لتنقضَّ. وأمّا قول القائل:

* أعددْتُ حَُزْمَةَ وهي مُقْرَبَةٌ([5]) *

فهي فرسٌ، واسمُها مشتقٌ مما ذكرناه. والحَزَم كالغَصَص في الصّدر، يقال حَزِمَ يَحْزَم حَزَماً؛ ولا يكون ذلك إلا من تجمُّع شيء هناك. فأمّا الحَزْمُ من الأرض فقد يكون من هذا، ويكون من أن يقلب النون ميما والأصل حَزْن، وإنما قلبوها ميما لأنّ الحَزْم، فيما يقولون، أرفع من الحزن.

(حزن) الحاء والزاء والنون أصلٌ واحد، وهو خشونة الشيء وشِدّةٌ فيه. فمن ذلكَ الحَزْن، وهو ما غلُظ من الأرض. والحُزْن معروف، يقال حَزَنَنِي الشيءُ يحزُنُني؛ وقد قالوا أحزَنني. وحُزَانتك: أهلُك ومن تتحزَّن له.

(حزو/ي) الحاء والزاء والحرف المعتل أصلٌ قليل الكَلِم، وهو الارتفاع. يقال حَزَا السّرابُ الشيءَ يحزُوهُ، إذا رفعَه. ومنه حَزَوْتُ الشيءَ وحَزَيته إذا خَرَصْته([6]). وهو من الباب؛ لأنّك تفعل ذلك ثم ترفعُه ليُعلم كم هو.

وقد جعلوا في هذا من المهموز كلمةً فقالوا: حَزَأْتُ الإبلَ أحزَؤُها حَزءاً، إذا جمعتَها وسُقْتها؛ وذلك أيضاً رفْعٌ في السَّير. فأمّا الحَزاء فَنبْتٌ.

(حزب) الحاء والزاء والباء أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. فمن ذلك الحِزب الجماعة من النّاس. قال الله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 32]. والطائفة من كلِّ شيءٍ حِزْبٌ. يقال قرأَ حِزْبَهُ من القرآن. والحِزْباء: الأرض الغليظة([7]). والحَزَابِيَةُ: الحِمار المجموع الخَلْق.

ومن هذا الباب الحيزبُون: العجوز، وزادوا فيه الياء والواو والنون، كما يفعلونه في مثل هذا، ليكون أبلغ في الوصف الذي يريدونه.

(حزر) الحاء والزاء والراء أصلان: أحدهما اشتداد الشيء، والثاني جنسٌ من إعْمال الرّأْي.

فالأصل الأول: الحَزَاوِرُ، وهي الرّوابي، واحدتها حَزْوَرَة. ومنه الغلام الحَزْوَر([8]) وذلك إذا اشتدّ وقوِي، والجمع حزاورة. ومن* ذلك  حَزَرَ اللَّبنُ والنّبيذُ، إذا اشتدّت حُموضته. وهو حازر. قال:

* بَعْدَ الذي عَدَا القُروصَ فَحَزَرْ([9]) *

وأما الثالث فقولهم: حزَرتُ الشيء، إذا خرصْتَه، وأنا حازر. ويجوز أن يحمل على هذا قولُهم لخيار المال حَزَرَات. وفي الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَثَ مُصدِّقاً فقال: لا تأخُذْ مِن حَزَرات أموال الناس شيئاً. خُذِ الشّارِفَ والبَكْرَ وذا العيب". فالحَزرات: الخيار، كأنّ المصدِّق يَحزُِرُ فيُعمِل رأيَه فيأخذُ الخِيار([10]).

ـــــــــــــــ

([1]) صدره كما في المعلقات:  * تأوي له قلص النعام كما أوت *

([2]) في الأصل: "معرفة".

([3]) في الأصل: "هذا الأمر"، صوابه في المجمل.

([4]) البيت من قصيدة لـه في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 70 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57.

([5]) صدر بيت لحنظلة بن فاتك الأسدي، في اللسان (حزم). وعجزه:

* تقفي بقوت عيالنا وتصان *

وحزمة، بضم الحاء كما في الأصل والقاموس والمخصص (6: 198)، وضبطت في اللسان ونسب الخيل لابن الكلبي بفتحها.

([6]) الخرص: تقدير الشيء بالظن. وفي الأصل: "حرضته"، تحريف.

([7]) يقال حزباء في الجمع، والمفردة حزباءة.

([8]) يقال في وصف الغلام حزور كجعفر، وحزور كعملس.

([9]) أنشده أيضاً في المجمل. والقروص، مصدر لم يرد في المعاجم المتداولة.

([10]) في اللسان وجه آخر للاشتقاق، قال: "سميت حزرة لأن صاحبها لم يزل يحزرها في نفسه كلما رآها".

 

ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)

(حسف) الحاء والسين والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يتقشَّر عن شيء ويسقط. فمن ذلك الحُسَافة، وهو ما سَقَط من التمر والثَّمَر. ويقال انحسف الشّيءُ، إذا تفتَّت في يدك. وأمَا الحَسيفَة، وهي العداوة، فجائزٌ أن يكون من هذا الباب. والذي عندي أنها من باب الإبدال، وأنّ الأصل الحسيكة؛ فأُبدلت الكاف فاءً. وقد ذكرت الحسيكة وقياسُها بعد هذا الباب. ويقال الحَسَفُ الشَّوك، وهو من الباب.

(حسك) الحاء والسين والكاف من خشونة الشيء، لا يخرج مسائله عنه. فمن ذلك الحَسَكُ، وهو حَسَك السَّعدانِ([1])، وسمِّي بذلك لخشونته وما عليه مِن شَوك. ومن ذلك الحَسِيكة، وهي العداوة وما يُضَمّ في القلب من خشونة. ومن ذلك الحِسْكِك([2]). وهو القُنفُذ. والقياس في جميعه واحد.

(حسل) الحاء والسين واللام أصلٌ واحد قليلُ الكلِم، وهو ولد الضبّ، يقال له الحِسْلُ والجمع حُسُول. ويقولون في المثل: "لا آتِيك [سِنَّ الحِسْل"، أي لا آتيك([3])] أبداً. وذلك أنّ الضب لا يسقط له سِنٌّ. ويكنى الضّبُّ أبا الحِسل. والحسِيل: ولد البقر، لا واحِدَ له من لفظه. قال:

* وهنّ كأذنابِ الحَسِيلِ صوادرٌ([4]) *

(حسم) الحاء والسين والميم أصلٌ واحد، وهو قَطْع الشّيء عن آخره. فالحَسْم: القطع. وسُمِّي السيفُ حُساماً. ويقال حسامُه حَدّهُ، أيُّ ذلك كان فهو من القَطْع. فأما قوله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أيَّامٍ حُسُوماً} [الحاقة 7]، فيقال هي المتتابعة. ويقال الحسوم الشّؤم. ويقال سمِّيت حُسوماً لأنها حسمت الخيرَ عن أهلها. وهذا القول أقْيَس لما ذكرناه. ويقال للصبيّ السيِّئ الغذاء([5]) محسومٌ، كأنه قُطِع نماؤُه لَمَّا حُسِم غذاؤه. والحَسْم: أن تقطَعَ عِرقاً وتكويه بالنار كي لا تسيل دمُه. ولذلك يقال: احْسِم عنك هذا الأمر، أي اقطعه واكفِهِ نفسَك.

(حسن) الحاء والسين والنون أصلٌ واحد. فالحُسن ضِدُّ القبح. يقال رجلٌ حسن وامرَأة حسناءُ وحُسّانَةٌ. قال:

دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقولُ لها *** يا ظبيةً عُطُلاً حُسّانَة الجِيدِ([6])

  وليس في الباب إلاّ هذا. ويقولون: الحسَن: جَبَل، وحَبْلٌ من حبال الرمل. قال:

لأمِّ الأرضِ وَيْلٌ ما أجَنَّتْ *** غداةَ أضَرَّ بالحَسَنِ السبيلُ([7])

  والمحاسنُ من الإنسان وغيره: ضدُّ المساوي. والحسن من الذراع: النصف الذي يلي الكوع، وأحسَِبه سمّي بذلك مقابلةً بالنِّصف الآخر؛ لأنّهم يسمُّون النصف الذي يلي المِرفَق القبيح، وهو الذي يقال له كَِسْرُ قبيحٍ. قال:

لو كنتَ عيْراً كنتَ عَيْرَ مذَلَّةٍ *** ولو كنت كِسْراً كنت كَِسْرَ قبيحِ([8])

  (حسو/ي) الحاء والسين والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، ثم يشتقّ منه. وهو حَسْو الشيء المائع، كالماء واللبن وغيرهما؛ يقال منه حَسَوْت اللّبن وغيره حَسْواً. ويقال في المثل:

* لمثل ذا كنتُ أحَسِّيك الحُسى *

*والأصل الفارسُ يغذو فرسَه بالألبان يحسّيها إيّاه، ثمّ يحتاج إليه في طلبٍ أو هرب، فيقول: لهذا كنتُ أفعلُ بك ما أفعل. ثم يقال ذلك لكلِّ من رُشِّح لأمر. والعرب تقول في أمثالها: "هو يُسِرُّ حَسْواً في ارتغاء"، أي إنّه يُوهِم أنّه يتناول رغوةَ اللبن، وإنّما الذي يريده شُربُ اللّبنِ نَفْسِه. يضرب ذلك لمن يَمكُر، يُظهِر أمراً وهو يريد غيره. ويقولون: "نَومٌ كحَسْو الطائر" أي قليل. ويقولون: شَرِبْتُ حَسْوَاً وحَساءً. وكان يقال لابن جُدْعانَ حاسي الذَّهَب، لأنّه كان لـه إناءٌ من ذهب يحسُو منه. والحِسْيُ: مكانٌ إذا نُحِّيَ عنه رملُه نَبَع ماؤُه. قال:

تَجُمُّ جُمومَ الحِسْي جاشت غُرُوبُه *** وبَرَّدَهُ من تحتُ غِيلٌ وأبْطَحُ([9])

  فهذا أيضاً من الأول كأنَّ ماءَه يُحسَى.

ومما هو محمولٌ عليه احتسيت الخَبَر وتحسَّيت مثل تحسَّسْت، وحَسِيت بالشيء مثل حَسِسْتُ. وقال:

سوى أنّ العِتاقَ من المطايا *** حَسِينَ به فهنَّ إليه شُوسُ([10])

  وهذا ممكنٌ أن يكون أيضاً من الباب الذي يقلبونه عند التضعيف ياء، مثل قصَّيْتُ أظفاري، وتقضَّى البازي، وهو قريبٌ من الأمرين وحِسْيُ الغَميِم: مكانٌ.

(حسب) الحاء والسين والباء أصول أربعة:

فالأول: العدّ. تقول: حَسَبْتُ الشيءَ أحْسُبُه حَسْباً وحُسْباناً. قال الله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن 5]. ومن قياس الباب الحِسْبانُ الظنّ، وذلك أنَّه فرق بينه وبين العدّ بتغيير الحركة والتّصريف، والمعنى واحد، لأنّه إذا قال حسِبته كذا فكأنّه قال: هو في الذي أعُدُّه من الأمور الكائنة.

ومن الباب الحَسَبُ الذي يُعَدُّ من الإنسان. قال أهل اللغة: معناه أن يعد آباءً أشرافاً.

ومن هذا الباب قولهم: احتسب فلانٌ ابنَه، إذا مات كبيراً([11]). وذلك أنْ يَعُدّه في الأشياء المذخورة لـه عند الله تعالى. والحِسْبة: احتسابك الأجرَ. وفلان حَسَنُ الحِسْبة بالأمر، إذا كان حَسَن التدبير؛ وليس من احتساب الأجر. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنه إذا كان حسنَ التدبير للأمر كان عالماً بِعِدَادِ كل شيءٍ وموضِعِه من الرأْي والصّواب. والقياسُ كله واحد([12]).

والأصل الثاني: الكِفاية. تقول شيء حِسَابٌ، أي كافٍ([13]). ويقال: أحسَبْتُ فلاناً، إذا أعطيتَه ما يرضيه؛ وكذلك حَسَّبْته. قالت امرأة([14]):

ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إن كان جائعاً *** ونُحْسِبه إن كان ليسَ بجائِع

  والأصل الثالث: الحُسْبَانُ، وهي جمع حُسبانَةٍ، وهي الوِسادة الصغيرة. وقد حسَّبت الرّجلَ أُحَسِّبه، إذا أجلسته عليها ووسَّدْتَه إياها. ومنه قول القائل:

* غداة ثَوَى في الرّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ([15]) *

وقال آخر([16]):

يا عامِ لو قدَرَتْ عليكَ رِماحُنا *** والرّاقصاتِ إلى مِنَىً فالغَبْغَبِ

لَلَمسْتَ بالوكْعاء طعنةَ ثائرٍٍ *** حَرّانَ أو لثوَيْتَ غيرَ مُحسَّبِِ([17])

  ومن هذا الأصل الحُسبْان: سهامٌ صغار يُرْمى بها عن القسيِّ الفارسية، الواحدة حُسبانة. وإنما فرق بينهما لصِغَر هذه و[كبر] تلك.

ومنه قولهم أصاب الأرض حُسبان، أي جراد. وفُسِّرَ قوله تعالى: {وَ يُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاء} [الكهف 40]، بالبَرَد.

والأصل الرابع: الأحسب الذي ابيضَّت جِلدتُه من داءٍ ففسدت شَعرته، كأنَّه أبرص. قال:

يا هِنْدُ لا تَنْكحي بُوهَةً *** عليه عقيقتُه أحْسَبا([18])

  وقد يتّفق في أصول الأبواب هذا التفاوتُ الذي تراه في هذه الأصول الأربعة.

(حسد) الحاء والسين والدال أصلٌ واحد، وهو الحَسَد.

(حسر) الحاء والسين والراء أصلٌ واحد، وهو من كَشْف الشيء. [يقال حَسَرت عن الذراع([19])]، أي كشفته. والحاسر: الذي لا دِرْع عليه ولا *مِغْفَر. ويقال حَسَرْتُ البيتَ: كنستُه. ويقال: إن المِحْسَرَة المِكْنَسَة. وفلان كريم المَحْسَر، أي كريم المخبر، أي إذا كشفْتَ عن أخلاقه وجدتَ ثَمَّ كريماً. قال:

أرِقَتْ فما أدرِي أَسُقْمٌ طِبُّهَا *** أم من فراق أخٍ كريم المَحْسَر([20])

  ومن الباب الحسرةُ: التلهُّف على الشيء الفائت. ويقال حَسِرْتُ عليه حَسَراً وحَسْرَةً، وذلك انكشافُ أمرِه في جزعه وقلَّة صبره. ومنه ناقةٌ حَسْرَى إذا ظلَعَتْ. وحَسَر البصر إذا كَلَّ، وهو حسير، وذلك انكشافُ حاله في قلّة بَصَره وضَعْفه. والمُحَسَّرُ، المُحَقَّر، كأنّه حُسر، أي جُعِل ذا حَسْرَة. وقد فسّرناها.

ـــــــــــــــــــ

([1]) حسك السعدان، ثمره، وهو خشن يعلق بأصواف الغنم.

([2]) في الأصل: "الحيسك"، تحريف. ويقال للقنفذ حسكك كزبرج، وحسيكة كسفينة.

([3]) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.

([4]) للشنفرى في المفضليات (1: 109) واللسان (حسل). وعجزه:

* وقد نهلت من الدماء وعلت *.

([5]) في الأصل: "الانداء"، صوابه من المجمل واللسان.

([6]) للشماخ في ديوانه 21 واللسان (حسن).

([7]) لعبد الله بن عنمة الضبي في اللسان (حسن) ومعجم البلدان (الحسنان) والحماسة.

([8]) قال ابن بري: "البيت من الطويل، ودخله الخرم في أوله. و منهم من يرويه: أو كنت كسراً، والبيت على هذا من الكامل". انظر اللسان (قبح) والمقاييس (قبح).

([9]) للمرقش الأصغر، من قصيدة في المفضليات (2: 41). وكذا جاءت الرواية في المجمل. وفي المفضليات: "وجرده من تحت"، أي كشفه وعراه من الشجر.

([10]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (حسا، حسس)، وأمالي القالي (1: 176).

([11]) وإذا فقده صغيراً لم يبلغ الحلم قيل: افترطه افتراطا.

([12]) في الأصل: "كلمة واحدة".

([13]) وبه فسر قوله تعالى: (عطاء حسابا).

([14]) من بني قشير، كما في اللسان (حسب). وأنشده أيضاً في (قفا).

([15]) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (حسب).

([16]) هو نهيك الفزاري، يخاطب عامر بن الطفيل، كما في اللسان (حسب). وفي معجم البلدان (رسم الغبغب) أنه "نهيكة الفزاري".

([17]) الوكعاء: الوجعاء، وهي الدبر. وفي اللسان "بالوجعاء" وفي المعجم "بالرصعاء".

([18]) لامرئ القيس في ديوانه 154 واللسان (بوه، عقق، حسب). وقد سبق في (بوه).

([19]) التكملة من المجمل.

([20]) في الأصل: "الكريم"، صوابه في المجمل، حيث أنشد العجز. والطب، بالكسر الشأن والعادة.

 

ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)

(حشف) الحاء والشين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَخَاوة وضعف وخلوقة.

فأوّل ذلك الحَشَف، وهو أردأ التَّمر. ويقولون في أمثالهم: "أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة"، للرَّجُل يجمع أمرين ردِيَّين. قال امرؤ القيس:

كأنَّ قلوبَ الطيرِ رَطباً ويابساً *** لدى وَكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي([1])

  وإنما ذكر قلوبَها لأنها أطيبُ ما في الطير، وهي تأتي فراخها بها. ويقال حَشِفَ([2]) خِلْفُ الناقة، إذا ارتفع منه الّلبن. والحشيف: الثَّوب الخَلَق. وقد تَحَشَّف الرَّجلُ: لَبِسَ الحشيف. قال:

يُدنـي الحَشيفَ عليها كي يواريَها *** ونَفْسَها وهو للأطمار لَبَّاس([3])

  والحَشَفة: العجوز الكبيرة، والخميرة اليابسة([4])، والصخرة الرِّخْوَة حَوْلها السهلُ من الأرض.

(حشك) الحاء والشين والكاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. يقال حَشَكْت النَّاقةَ، إذا تركتَها لا تحلبُها فتجمَّع لبنُها، وهي محشوكة. قال:

* غَدَت وهي مَحْشوكَةٌ حافلٌ([5]) *

وَحَشَكَ القوم، إذا حَشَدُوا. وحَشَكَت([6]) السّحابة: كثُر ماؤُها. ومنه قولهم للنّخلة الكثيرة الحَمْل حاشك. وحَشَكت السّماء: أتَتْ بمطرها. وربَّما حملوا عليه فقالوا: قوسٌ حاشكة، وهي الطَّرُوحُ البعيدةُ المَرمى. وحَشّاك: نَهْر.

(حشم) الحاء والشين والميم أصلٌ مشترك، وهو الغَضَب أو قريبٌ منه.

قال أهل اللغة. الحِشْمَة: الانقباضُ والاستحياء. وقال قومٌ: هو الغضب. قال ابن قُتيبة: رُوِي عن بعض فصحاء العرب: إن ذلك مما يُحْشِمُ بني فلانٍ، أي يغضبهم. وذكر آخر أن العرب لا تعرِفُ الحشمةَ إلاَّ الغضب، وأنَّ قولهم لحشَمِ الرجل خدمه، إنما معناه أنّهم الذين يَغْضب لهم ويغْضَبون له.

قال أبو عبيدٍ: قال أبو زيد: حَشَمْتُ الرجل أحْشِمه وأحْشَمْتُه، وهو أن يجلس إليك فتُؤذيَهُ وتُسمعه ما يكره. وابن الأعرابي يقول: حَشَمْتُه فَحَشم، أي أخجلته. وأحشمته: أغضبته. وأنشد:

لَعَمْرُكَ إنْ قُرْصَ أبي خُبَيبٍ *** بطيءُ النُّضْجِ مَحشومُ الأكيل([7])

  (حشن) الحاء والشين والنون أصلٌ واحد، وهو تغيُّر الشيء بما يتعلّق به من درن. ثمّ يشتق منه:

فأمّا الأول فقولهم فيما رواه الخليل: حَشنَ السِّقاء، إذا حُقِنَ لبناً ولم يُتَعهَّدْ بغسلٍ فتغيَّرَ ظاهرُه وأنتَنَ. وأمَّا القياس فقال أبو عبيد: الحِشْنة، بتقديم الحاء على الشين: الحقد. وأنشد:

ألاَ لا أرَى ذا حِشْنَةٍ في فؤاده *** يُجَمجِمُها إلاّ سَيَبْدُو دفينُها([8])

  قال غيره: ومن ذلك قولهم: قال([9]) فلانٌ لفلان حتَّى حشَّن صدرَه.

(حشو/ي) الحاء والشين وما بعدها معتلٌ أصلٌ واحد، وربما هُمِزَ فيكون المعنيان متقاربين أيضاً. وهو أن يُودَع الشيءُ وعاءً باستقصاء. يقال حشوتُه أحشوه حَشْوا. وَحِشْوَة الإنسان والدابة: أمعاؤه. ويقال [فلانٌ] من حِشْوة بني فلانٍ، أي من رُذَالهم. وإنما قيل ذلك لأن الذي تحشى به الأشياءُ لا يكون من أفخر المَتاع بل أدْونِه.

والمِحْشى: ما تحتشي([10]) به المرأة، تعظِّم* به عَجِيزتها، والجمع المحاشِي. قال:

* جُمَّاً غَنيّاتٍ عن المَحاشِي([11]) *

والحشا: حشا الإنسان، والجمع أحشاء. والحشا: الناحية، وهو من قياس الباب، لأنّ لكلّ ناحيةٍ أهلاً فكأنّهم حشَوها. يقال: ما أدري بأيّ حشاً هو. قال:

* بأيِّ الحَشَا أمسى الخليطُ المبايِنُ([12]) *

ومن المهموز وهو من قياسِ الباب غيرُ بعيدٍ منه، قولهم: حشأتُه بالسَّهم أحشَؤُه، إذا أصبتَ به جَنْبَه. قال:

فَلأَحْشأَنّكَ مِشْقَصاً *** أوْساً أُوَيْسُ من الهَبَالهْ([13])

  ومنه حَشَأْتُ المرأةَ، كناية عن الجِماع.

والحَشَا، غير مهموز: الرَّبْو، يقال حَشِي يَحْشَى حشاً، فهو حَشٍ كما ترى. فأمّا قول النابغة:

جَمِّعْ مِحاشَكَ يا يزيدُ فإِنَّنِي *** أعددتُ يربوعاً لكم وتميما([14])

  فله وجهان: أحدهما أن يكون ميمُه أصليَّة، وقد ذكر في بابه. والوجه الآخر أن يكون الميم زائدةً ويكون مِفْعَلاً من الحَشو، كأنه أراد اللفيف والأُشابة، وكان ينبغي أن يكون مِحْشَىً، فَقَلب.

(حشب) الحاء والشين والباء قريبُ المعنى مما قبله. فيقال الحَوْشَب العظيم البطن. قال:

وتجرُّ مُجْرِيَةٌ لها *** لحمي إلى أجْرٍ حواشِبْ([15])

والحوشب: حَشْو الحافر، ويقال بل هو عظمٌ في باطن الحافر بين العصَب والوظيف. قال رؤبة:

* في رُسُغٍ لا يَتَشكَّى الحوشَبا([16]) *

(حشد) الحاء والشين والدال قريب المعنى من الذي قبلَه. يقال حَشَد القوم إذا اجتمعوا وخفُّوا في التعاوُن. وناقة حشُودٌ: يسرعُ اجتماعُ اللبَن في ضرعها. والحَشْدَ: المحتشدون. وهذا وإن كان في معنى ما قبلَه ففيه معنىً آخر، وهو التّعاوُن. ويقال عِذقٌ حاشِدٌ وحاشك: مجتمِعُ الحَمْل كثيرُهُ.

(حشر) الحاء والشين والراء قريبُ المعنى من الذي قبلِه، وفيه زيادةُ معنىً، وهو السّوق والبعثُ والانبعاث.

وأهل اللغة يقولون: الحشر الجمع مع سَوْقٍ، وكلُّ جمعٍ حَشْر. والعرب تقول: حَشرَتْ مالَ بني فلانٍ السنةُ كأنّها جمعته، ذهبت به وأتَتْ عليه. قال رؤبة:

وما نجا من حَشْرِها المحشوشِ *** وحْشٌ ولا طمشٌ من الطُّموشِ([17])

  ويقال أُذُنٌ حَشْرَةٌ، إذا كانت مجتمِعة الخَلْق. قال:

لها أذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ *** كإعْلِيط مَرْخٍ إذا ما صَفِرْ([18])

  ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الحاشر"، معناه أنّه يحشر النّاس على قدمَيه، كأنّه يقدُمُهم يوم القِيامة وهم خلْفه. ومحتملٌ أن يكون لَمَّا كان آخِرَ الأنبياء حُشِر النّاس في زمانه.

وحشرات الأرض: دوابُّها الصغار، كاليرابيع والضِّباب وما أشبهها، فسمِّيت بذلك لكثرتها وانسياقها وانبعاثها. والحَشْوَرُ من الرّجال: العظيم الخَلْق أو البطنِ.

وممّا شذّ عن الأصل قولهم للرجل الخفيف حَشْرٌ. والحَشْر من القُذَذ: ما لَطُف. وسِنانٌ حَشْرٌ، أي دقيق؛ وقد حَشَرْته.

ـــــــــــــــــــ

([1]) ديوان امرئ القيس 70.

([2]) وكذا ضبط بكسر الشين في المجمل، وفي اللسان بالفتح.

([3]) في المجمل: "ونفسه".

([4]) ذكر هذين المعنيين في المجمل، وذكرا في القاموس، وفاتا صاحب اللسان.

([5]) عجزه كما في اللسان (حشك): * فراح الذئار عليها صحيحا *

([6]) في الأصل: "حشدت"، تحريف.

([7]) البيت في المجمل واللسان (حشم).

([8]) البيت في المجمل واللسان (حشن).

([9]) كذا وردت هذه الكلمة.

([10]) في الأصل: " ما تحشى"، صوابه ما أثبت.

([11]) الجم: جمع جماء، وهي الكثيرة اللحم. وفي الأصل: "جمعا"، صوابه من المجمل.

([12]) للمعطل الهذلي من قصيدة في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 108. وأشده في اللسان: (حشا) وصدره: * يقول الذي أمسى إلى الحرز أهله *

([13]) البيت لأسماء بن خارجة كما في اللسان (حشا، أوس، هبل).

([14]) ديوان النابغة 70 واللسان (حشا).

([15]) لحبيب بن عبد الله، المعروف بالأعلم الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (1: 447).

([16]) ديوان العجاج 74 واللسان والمجمل (حشب).

([17]) ديوان رؤبة 78 واللسان (حشر، طمش) والمقاييس (طمش).

([18]) للنمر بن تولب كما في اللسان (حشر)، ونبه على صحة هذه النسبة في (علط) بعد أن ذكر نسبته إلى امرئ القيس، وسيعيده في المقاييس (علط).

 

 


ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)

(حصف) الحاء والصاد والفاء أصلٌ واحد، وهو تشدُّدٌ يكون في الشيءِ وصلابةٌ وقوَّة. فيقال لرَكانة العقْل حصافة، وللعَدْوِ الشديد إحصاف. يقال فرسٌ مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ. ويقال كتيبة محصوفةٌ، إذا تَجمَّع أصحابُها وقلّ الخَلَل فيهم. قال الأعشى:

تأوِي طوائِفُها إلى مَحْصُوفة *** مكروهةٍ يخشى الكماةُ نِزالَها([1])

  ويقال "مخصوفة"، وهذا له قياسٌ آخر وقد ذكر في بابه. ويقال استحصَفَ على بني فلانٍ الزّمانُ، إذا اشتدّ. وفرْجٌ مستحصِفٌ. وقال:

وإذا طعنتَ طعنتَ في مستَحْصِفٍ *** رابي المَجَسَّةِ بالعبير مُقَرْمَدِ([2])

  والحَصَف: بَثْر صِغارٌ يَستحصِف لها الجِلْد.

(حصل) الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ *الطائر؛ لأنّه يجمع فيها. ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا. وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛ ويقال لفاعله المحصِّل. قال:

ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً *** يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ([3])

  فإن كان كذا فهو القياسُ، والباب كلُّه محمول عليه.

والحَصَل: البلح قبل أن يشتدّ ويظهر ثَفارِيقُه، الواحدةُ حَصَلة. قال:

* ينحَتُّ منهُنّ السَّدَى والحَصْلُ([4]) *

السّدَى: البَلَح الذاوي، الواحدة سَداة. وهذا أيضاً من الباب، أعني الحصَل، لأنه حُصِّل من النخلة.

ومما شذّ عن الباب وما أدري ممّ اشتقاقه، قولهم: حَصِلَ الفرسُ، إذا اشتكى بَطْنَهُ عن أكل التُّراب.([5])

(حصم) الحاء والصاد والميم أصلٌ قليل الكَلِم، إلاّ أنه تكسُّر في الشيء، يقال: انحصم العود، إذا انكسر. قال ابن مُقْبل:

وبيَاضاً أحدثَتْه لِمَّتِي *** مثلَ عيدانِ الحَصاد المنحَصِمْ([6])

  ومما اشتقّ منه حُصام([7]) الدّابة، وهو رُدَامه. والقياس قريب.

(حصن) الحاء والصاد والنون أصلٌ واحد منقاس، وهو الحفظ والحِياطة والحِرز. فالحِصن معروف، والجمع حصون. والحاصِن والحَصَان: المرأة المتعفِّفة الحاصنةُ فرْجَها. قال:

فَمَا ولَدتْنِي حاصِنٌ رَبَعِيّةٌ *** لئن أنا مالأْتُ الهوى لاتِّباعِها([8])

  وقال حسّان في الحَصان:

حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ *** وتُصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافِل([9])

  والفعل من هذا حَصُن. قال أحمد بن يحيى ثعلب: كلّ امرأةٍ عفيفة فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكل امرأة متزوِّجةٍ فهي محصَنة لا غير. قال: ويقال لكلِّ ممنوعٍ مُحْصَن، وذكر ناسٌ أنّ القُفْل يسمَّى مُحْصَناً. ويقال أحْصَنَ الرّجُل فهو مُحْصَنٌ. وهذا أحدُ ما جاء على أفعل فهو مُفْعَل.

(حصو/ي) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول: الأول المنع، والثاني العَدُّ والإطاقة، والثالث شيءٌ من أجزاء الأرض.

فالأوَّل الحصو. قال الشيبانيّ: هو المنع؛ يقال حصوته أي منعته. قال:

ألا تخافُ الله إذْ حَصَوْتني *** حقِّي بلا ذنبٍ وإذْ عَنَّنْتَني([10])

  والأصل الثاني: أحصيت الشيءَ، إذا عَدَدْته وأطْقته. قال الله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل 20]. وقال تعالى: {أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة 6].

والأصل الثالث: الحصى، وهو معروف. يقال أرضٌ مَحْصاةٌ، إذا كانت ذاتَ حصَى. وقد قيل حَصِيتْ تَحْصَى.

ومما اشتقّ منه الحصاة؛ يقال ما له حصاةٌ، أي ما له عقل. وهو من هذا؛ لأن في الحصى قوةً وشدّة. والحصاة: العقل، لأنّ به تماسُكَ الرّجل وقوّة نفسه. قال:

وإنّ لسانَ المرءِ مالم تكن له *** حَصاةٌ على عَوْراته لدَلِيلُ([11])

  ويقال لكلِّ قطعةٍ من المسك حَصَاة؛ فهذا تشبيهٌ لا قياس.

وإذا هُمِز فأصْله تجمُّع الشيء؛ يقال أحصأتُ الرّجلَ، إذا أروَيته من الماء، وحَصِئَ هو. ويقال حَصأ الصبيُّ من اللبن، إذا ارتضَعَ حتى تمتلئَ مَعِدته، وكذلك الجَدْي.

(حصب) الحاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من أجزاء الأرض، ثم يشتقّ منه، وهو الحصباء، وذلك جنسٌ من الحَصَى. ويقال حَصَبْتُ الرّجلَ بالحَصبَاء. وريحٌ حاصب، إذا أتَتْ بالغُبار. فأمّا الحَصْبَةُ فَبثْرةٌ تخرج بالجَسدِ، وهو مشبَّه بالحَصْباء. فأمَّا المُحَصَّب بمِنىً فهو موضع الجِمار. قال ذو الرمة:

أرى ناقتي عند المحصَّب شاقَها *** رَواحُ اليَمانِي والهديلُ المُرجَّعُ([12])

  يريد نفر اليمانينَ حين ينْصرفون. والهديل هاهنا: أصوات الحمام. أراد أنّها ذَكَرت الطير في أهلها فحنّت إليها.

ومن الباب الإحصاب: أن يُثِير الإنسانُ الحصَى في عَدْوِه. ويقال أرض مَحْصَبَةٌ، ذاتُ حَصْباء. فأمّا قولُهم حَصَّب القوم عن صاحبهم *يُحَصِّبون، فذلك تَوَلِّيهِمْ عنه مسرِعين كالحاصب، وهي الريح الشديدة. فهذا محمولٌ على الباب.

ويقال إنّ الحصِبَ من الألبان الذي لا يُخرِج زُبدَه، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنه كأنه من بَرْده يشتدّ حتى يصير كالحصباء فلا يُخرج زُبْداً([13]).

(حصد) الحاء والصاد والدال أصلان: [أحدهما] قطْع الشيء، والآخر إحكامه. وهما متفاوتان.

فالأول حصدتُ الزّرعَ وغيرَه حَصْدا. وهذا زمَنُ الحَصاد والحِصاد. وفي الحديث: "وهَلْ يكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم". فإن الحصائد جمع حَصِيدة، وهو كلُّ شيءٍ قيل في الناس باللِّسان وقُطِع به عليهم. ويقال حَصَدْتُ واحتصَدْت، والرجل محتصِد. قال:

إنما نحنُ مِثلُ خامةِ زَرْعٍ *** فمتى يَأْنِ يَأْتِ محتصِدُهْ([14])

  والأصل الآخر قولهم حَبْلٌ مُحْصَدٌ، أي مُمَرٌّ مفتول.

ومن الباب شجرةٌ حَصْداء، أي كثيرة الورق؛ ودِرْع حصداء: مُحْكَمة؛ واستحصدَ القومُ، إذا اجتَمَعوا.

(حصر) الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو الجمع والحَبْس والمنع. قال أبو عمرو: الحَصِير الجَنْبُ. قال الأصمعيّ: الحصير ما بين العِرْق الذي يظهر في جنب البعير والفَرَس معترضاً، فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير. وأيَّ ذلك [كان] فهو من الذي ذكرناه من الجَمْع، لأنّه مجمع الأضلاع.

والحَِصر: العَيُّ، كأنَّ الكلام حُبِس عنه ومُنِع منه. والحَصَر: ضِيقُ الصَّدْر. ومن الباب([15]) الحُصْر، وهو اعتقال البَطْن؛ يقال منه حُصِر وأُحْصِر. والناقة الحَصُور، وهي الضيِّقة الإحليل؛ والقياس واحد. فأمَّا الإحصار فأن يُحْصَرَ الحاجُّ عن البيت بمرضٍ([16]) أو نحوه. وناسٌ يقولون: حَصَره المرض وأحصره العدُوّ.

وروى أبو عبيدٍ عن أبي عمرو: حَصَرَني الشيء وأحصرني، إذا حبَسني، وذكر قول ابنِ ميّادة:

وما هَجْرُ ليلَى أن تكون تباعدَتْ *** عَليكَ ولا أَنْ أَحْصَرتْكَ شُغُولُ([17])

  والكلام في حَصَره وأحصره، مشتبهٌ عندي غايةَ الاشتباه؛ لأنّ ناساً يجمعون بينهما وآخرون يَفْرِقون، وليس فَرْقُ مَنْ فَرَقَ بينَ ذلك ولا جَمْعُ مَن جمعَ ناقضاً القياسَ الذي ذكرناه، بل الأمرُ كلُّه دالٌّ على الحبْس.

ومن الباب الحَصُور الذي لا يأتي النِّساء؛ فقال قوم: هو فَعول بمعنى مفعول، كأنّه حَصِر أي حُبِس. وقال آخرون: هو الذي يأبَى النساء([18]) كأنّه أحجَمَ هو عنهنَّ، كما يقال رجل حَصُورٌ، إذا حَبَس رِفدَه ولم يُخْرِجْ ما يخرجه النّدامَى. قال الأخطل:

وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادَمَني *** لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّارِ([19])

  ومن الباب الحَصِر بالسِّرّ، وهو الكتوم له. قال جرير:

ولقد تَسقَّطَنِي الوُشاةُ فصادَفُوا *** حَصِراً بِسرِّكِ يا أمَيْمَ ضَنِينا([20])

  والحصير في قولـه عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء 8]، وهو المحْبِس. والحصير في قول لبيد:

* لَدَى بابِ الحَصيرِ قيامُ([21]) *

هو الملك. والحصَار: وِسادةٌ تحشَى وتجعل لقادمة الرَّحْل؛ يقال احتَصَرْت البعير احتصارا([22]).

 

ــــــــــــــــــــ

([1]) ديوان الأعشى 27 واللسان (حصف). وفي الديوان: "إلى مخضرة".

([2]) للنابغة الذبياني في ديوانه 32، والبيت ملفق من بيتين وهما:

وإذا طعنت في مستهدف *** رابى المجسة بالعبير مقرمد

وإذا نزعت نزعت من مستحصف *** نزع الحزور بالرشاء المحصد

([3]) البيت لعمرو بن قعاس المرادي، كما في الخزانة (1: 459) وكتاب سيبويه (1: 359). وأنشده في اللسان (حصل) بدون نسبة. وفي "رجل" أوجه الإعراب الثلاثة.

([4]) الثفاريق: جمع ثفروق، بضم الثاء المثلثة، وهو قمع البسرة والتمرة. وفي الأصل واللسان: "تغاريقه"، تحريف. وفي المخصص (11: 121): "إذا استبان البسر ونبت أقماعه وتدحرج قيل حصل النخل، وهو الحصل".

([5]) استشهد به في اللسان والمخصص على تسكين الصاد للضرورة، وأنشده كذلك في اللسان (سدا).

([6]) البيت في اللسان (حصم).

([7]) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة. والدابة، يذكر ويؤنث.

([8]) نسب في الحماسة بشرح المرزوقي 208 إلى إياس بن قبيصة الطائي.

([9]) ديوان حسان 324 واللسان (حصن، رزن). يقوله في شأن أم المؤمنين عائشة.

([10]) لبشير الفريري، كما في اللسان (حصى).

([11]) لكعب بن سعد الغنوي، كما في اللسان (حصى). ونبه الأزهري إلى طرفة، وهو في ديوانه ص52.

([12]) ديوان ذي الرمة 345 واللسان (هدل).

([13]) لم يذكر "الحصب" في اللسان. وفي القاموس: "وككتف: اللبن لا يخرج زبده من برده".

([14]) للطرماح في ديوانه 113 واللسان (خوم). وكلمة "مثل" ساقطة من الأصل. وإثباتها مما سيأتي في

(خام 237) واللسان. وفي الديوان:

إنما الناس مثل نابتة الزر *** ع متى يأن يأت محتصده

([15]) في الأصل: "وهو من الباب".

([16]) في الأصل: "عرض"، صوابه من المجمل.

([17]) البيت في المجمل واللسان (شغل).

([18]) في الأصل: "يأتي النساء".

([19]) ديوان الأخطل 116 واللسان (6: 2، 51).

([20]) ديوان جرير 578 واللسان (حصر)، وورد محرفا في اللسان.

([21]) البيت بتمامه كما في ديوان لبيد 29:

ومقامة غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى طرف الحصير قيام

([22]) وكذلك يقال حصره وأحصره.

 


ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)

(حضل) الحاء والضاد واللام كلمةٌ واحدة ليست أصلاً ولا يقاس عليها؛ يقال حَضِلَت النخلةُ، إذا فسد أصولُ سَعَفِها.

(حضن) الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته. فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني. فأمَّا قول الكميت:

ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها *** هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا

  فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها. وطائر [الليل]: الخفّاش. ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.

ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها. والمُحْتَضَن: [الحِضْن([1])]. قال:

عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ *** هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ([2])

  فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد. والعرب تقول: "أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً". ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان([3]). فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها. فإنْ كانت صحيحةً فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه. ومصدره الحَضْنُ والحَضانة. ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:

تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً *** وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ([4])

ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل. فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.

(حضي) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد، وهو هَيْج الشيء،   ويكون في النار خاصّة. يقال حَضَوْت النارَ، إذا أوقدتَها. والعود الذي تُحرّك به النار مِحضاءٌ ممدود. ويقال حضأتها أيضاً بالهمز، والعود مِحْضَأ على مِفْعَل، وربما مدُّوه؛ والأول أجود.

(حضب) الحاء والضاد والباء أصلان: الأول ما تُسْعَرُ به النار، والثاني جنسٌ من الصَّوْت.

فالأوَّل قولـه جلَّ ثناؤُه: {حَضَْبُ جَهنَّمَ([5])} [الأنبياء 98]، قالوا: هو الوَقُود بفتح الواو. ويقال لما تُسعر النار به مِحْضَب. وينشد بيت الأعشى:

فلا تَكُ في حَرْبِنا مِحْضباً *** لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا([6])

  والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ، والجمع أحضاب. فأما قولهم إنَّ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.

(حضج) الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشيء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار. يقول العرب: انحضج الرّجُل وغيره إذا وقع بجَنْبه، وحضَجْت أنا به الأرضَ. ويقال: هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ، أي إحدى سَقَطاتِه. وذلك في القول والفِعل([7]). والحِضْج: ما يَبقى في حياض الإبل من الماء، والجمع أحضاج. ويقال للدَّنِيِّ من الرجال حِضْج. وحَضَجْتُ الثَّوْبَ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه، وهي تلك الخشبة.

وأمّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب؛ لأنه يتساقط. فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها، فيجوز أن يكون من الباب، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.

(حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء، ووروده ومشاهدته. وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.

فالحَضَرُ خلاف البَدْو. وسكون الحَضَر الحِضارة([8]). قال:

فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ *** فأيَّ رجالِ باديةٍ ترانَا([9])

  قالها أبو زيدٍ بالكسر، وقال الأصمعي هي الحَضارة بالفتح. فأمّا الحُضْر الذي هو العَدْوُ فمن الباب أيضاً، لأن الفرسَ وغيرَه يُحْضِرَان ما عندهما من ذلك، يقال أَحْضَرَ الفرس، وهو فرس مِحْضِيرٌ سريع الحُضْرِ، ومِحْضار. ويقال حاضَرْتُ الرّجلَ، إذا عدوتَ معه. وقول العرب: "اللبنُ مَحضُور" فمعناه كثير الآفة، ويقولون إنَّ الجانَّ تحضُره. ويقولون: "الكُنُف محضورة". وتأوَّلَ ناسٌ قولـه تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون 97- 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء. والبابُ كله واحد، وذلك أنّهم يَحْضُرُونه بسوء. ويقال للحاضر وهي([10]) الحيّ العظيم. قال حسان:

لنا حاضِرٌ فَعْم وبادٍ كأنَّه *** قطينُ الإلهِ عزّةً وتكرُّما([11])

  ويروي ناسٌ:

.................... كأنَّه *** شماريخ رَضوى عِزَّةً وتكرُّما

  وأنكرت قريشٌ ذلك وقالوا: *أيُّ عزَّةٍ وتكرمٍ لشماريخ رَضْوَى. والحضيرة: الجماعة ليست بالكثيرة. قال:

يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونفيضةً *** وِرْدَ القطاةِ إذا اسمأَلّ التّبَُّعُ([12])

  ويقال المحاضَرة المغالبة، وحاضرتُ الرجل: جاثيتُه عند سلطان أو حاكم. ويقال ألقت الشاةُ حضِيرتَها، وهي ما تُلْقِيه بَعد الولَد من المَشيمة وغيرها. وهذا قياسٌ صحيح، وذلك أنّ تلك الأشياء تُسَمَّى الشُّهُود، وقد ذكرت في بابها.

وحَضْرَةُ الرّجُل: فِناؤه. والحَضيرة: ما اجتمع من المِدّة في الجُرح. ويقال: حَضَرت الصلاة، ولغة أهل المدينة حَضِرت. وكلهم يقول تحضُر. وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فَعِل يفعُل. وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمةٌ واحدة وقد ذكرت في بابها([13]). ويقال رجل حَضِرٌ إذا كان لا يصلُح للسّفَر. وهذا كقولهم رجلٌ نَهِرٌ، إذا كان يصلحُ لأعمال النّهار دونَ الليل. قال:

* لست بليليًّ ولكني نَهِرْ([14]) *

ويقولون: إنّ الحَضْرَ شحمةٌ في المَأْنة([15]) وفوقَها. وممّا شذّ عن الباب الحَضْر، وهو حصنٌ، في قول عديّ:

وأخُو الحَضْر إذ بَنَاهُ وإذ دِجْـ *** ـلةُ تُجبَى إليه والخابورُ([16])

  ومن الشاذّ، ويجوز أن يحمل على ما قبلَه حَضَارِ([17])، وهو كوكب. والعرب تقول: "حَضَارِ والوزنُ مُحْلِفان"؛ وذلك أنَّ الناس يحلفون عليهما أنهما سُهَيْل([18]) لأنهما يشبهانه. والمُحْلِف: الشيء الذي يُحْوِج إلى الحَلْفِ. قال:

كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ ولكن *** كلون الوَرْسِ عُلّ به الأديم([19])

  وحِضارُ الإبل: بِيضُها. قال الهذليّ:

* شُومُها وحِضارُها([20]) *

ـــــــــــــــ

([1]) هذه التكملة من المجمل واللسان.

([2]) للأعشى في ديوانه 15 واللسان (بوص، حضن). وقد سبق في (بوص).

([3]) الحضون من الإبل والغنم والنساء: ما كان أحد خلفيه أو ثدييه أكبر من الآخر.

([4]) البيت في اللسان (حضن)، وعجزه في المجمل.

([5]) قرأ الجمهور بالصاد المهملة، محركة وساكنة. وقرأ ابن عباس بالضاد المعجمة المفتوحة. وروي عنه إسكانها. انظر تفسير أبي حيان (6: 340).

([6]) ملحقات ديوان الأعشى 236 واللسان (حضب). وفي تفسير أبي حيان: "فتجعل".

([7]) في الأصل: "والفضل".

([8]) يقال سكن بالمكان يسكن سكنى وسكونا: أقام.

([9]) هو القطامي، كما سبق في حواشي (بدو).

([10]) كذا ورد في الأصل ولعله "ويقال الحاضر هو" .

([11]) ديوان حسان 370 واللسان (حضر).

([12]) للحادرة الذبياني من قصيدة في ديوانه والمفضليات (1: 41) ونسب في اللسان (حضر، نفض،سمأل، تبع) إلى سلمى الجهنية.

([13]) كذا. ولم يعين موضع ذكرها. وقد ذكر ابن خالويه خمسة أحرف جاءت على فعل يفعل وهي: دمت أدوم، ومت أموت، وفضل يفضل، ونعم ينعم، وقنط يقنط انظر (ليس في كلام العرب) ص 13.

([14]) أنشده في اللسان (نهر) وكتاب سيبويه (2: 91) والمخصص (9: 51).

([15]) المأنة: الطفطفة، وهي الخاصرة. وقيل المأنة السرة وما حولها، وقيل لحمة تحت السرة إلى العانة. وجاء في اللسان: "والحضر شحمة في العانة وفوقها".

([16]) معجم البلدان في رسم (الحضر).

([17]) في الأصل: "الحضار"؛ تحريف، صوابه في اللسان والمجمل.

([18]) في الأصل: "بهما سهيل"، صوابه في المجمل.

([19]) البيت للكلحبة العرني من قصيدة في المفضليات (1: 31) ولسلمة بن الخرشب فيها أيضاً (1: 38). وأنشده في اللسان (2: 386/ 4: 280/ 10: 401/ 11: 94).

([20]) قطعة من بيت لأبي ذؤيب، وهو بتمامه كما في الديوان 25 واللسان (حضر):

فلا تشتري إلا بربح، سباؤها *** بنات المخاض شومها وحضارها

 

ـ (باب الحاء والطاء وما يثلثهما)

(حطم) الحاء والطاء والميم أصلٌ واحد، وهو كَسْر الشيء. يقال حطمت الشيءَ حَطْماً كسرتُه. ويقال للمتكسَّر في نفسه حَطِم. ويقال للفرس إذا تهدَّم لطول عمره حَطِمٌ. ويقال بل الحَطَمُ داءٌ يصيب الدابّة في قوائمها أو ضَعْفٌ. وهو فرسٌ حَطِم. والحُطْمة: السنة الشديدة؛ لأنها تَحْطِم كلّ شيء. والحُطَم: السوَّاق يَعنف، يحطِم بعضَ الإبل ببعض. قال الراجز:

* قد لفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ *

وسمِّيت النارُ الحُطَمةَ لِحَطْمِها ما تَلْقَى. ويقال للعَكَرة من الإبل حُطَمَة لأنها تحطِم كلَّ شيءٍ تلقاه. وحُطْمة السَّيل: دُفَّاعُ مُعظَمِهِ. وهذا ليس أصلاً؛ لأنه مقلوب من الطُّحْمة. فأما الحطيم فممكنٌ أن يكون من هذا، وهو الحِجْر، لكثرة من ينْتابُه، كأنه يُحْطَم.

(حطأ) الحاء والطاء والهمزة أصلٌ منقاس، وهو تطامُن الشَّيءِ وسقوطُه. يقال حَطَأْتُ الرجل بالأرض: ضربته. والحُطيئة: الرجل القصير. قال ثعلب: سمِّي الحُطيئة لدَمامَته.

قال أبو زيد: الحطِيء من الرّجال مثال فَعيل: الرُّذَال. قال ابن عباس: "أَخَذَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقَفائي فحطأني حَطْأةً وقال: اذهبْ فادعُ لي فلاناً". يقول: دَفَعني دَفْعة. ويقال حَطَأَتِ القِدْرُ بزَبَدِها: رمَت. ويقال حطأ الرجُل المرأةَ: جامَعَها.

(حطب) الحاء والطاء والباء أصلٌ واحد، وهو الوَقود، ثمّ يحمل عليه ما يشبَّه به. فالحطب معروف. يقال حطبت أحْطِب حَطْبا. قال امرؤ القيس:

إذا ما ركبنا قال وِلْدانُ أهلنا *** تعالَوا إلى أن يأتي الصيدُ نَحْطِبِ

  ويقال للمخلِّط في كلامِهِ "حاطب لَيْل". ويقال حَطَبَنِي عَبْدي، إذا أتاك بالحَطَب. قال:

خَبٌّ جَرُوزٌ وإذا جاعَ بَكَى *** لا حَطَبَ القَوْمَ ولا القَوْمَ سَقَى([1])

  ويقال مكان حَطِيبٌ: كثير الحَطَب. ويقال ناقة مُحَاطِبَةٌ، تأكل الشَّوكَ اليابسَ. وقالوا في قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} [المسد 4]، هي كنايةٌ عن النميمة. يقال حَطَبَ فلانٌ بفلانٍ: سَعَى به. ويقال إنَّ الأحطبَ الشديدُ الهُزال وكذلك* الحَطِب، كأنَّه شُبِّه بالحطب اليابس. وقوله في النميمة يشهد لـه قولُ القائل:  

من البِيض لم تُصْطَد على حَبْلِِ لأمة *** ولم تَمْشِِ بين النَّاسِ بالحطب الرطْبِِ([2])

ــــــــــــــــــــــ

([1]) للجليح الراجز، انظر ديوان الشماخ 107. وقد نسب في اللسان (حطب) إلى الشماخ.

([2]) في اللسان "على ظهر لأمة". وأنشد عجزه في (حظر) برواية: "بالحظر الرطب".

 

ـ (باب الحاء والظاء وما يثلثهما)

(حظو/ي) الحاء والظاء وما بعده [من] حرف معتلّ أصلان: أحدهما القرب من الشيء والمنزلة، والثاني جنس من السلاح.

فالأوَّل قولهم رَجُلٌ حَظِيٌّ إذا كان له منزلةٌ وحُظوةٌ. وامرأةٌ حَظِيَّةٌ. والعرب تقول: "إلا حَظِيَّةً فلا أَلِيّةً". يقول: إن لم يكنْ لكِ حُظْوَةٌ فلا تُقَصِّرِي أن تتقرَّبي. يقال ما ألوت، أي ما قصَّرْت.

وأما الأصل الآخر فالحِظاء: جمع حَِظْوةٍ، وهو سهمٌ صغير لا نَصْلَ له يُرمَى به. قال بعضُ أهلِ اللغة: يقال لكلِّ قضيبٍ نابتٍ في أصلِ شجرةٍ([1]) حَظْوَة، والجمع حَظَوات. قال أوس:

تَعَلَّمَهَا في غِيلِها وهي حَظْوَةٌ *** بوادٍ به نَبْعٌ طُِوَالٌ وحِثْيَلُ([2])

  وإذا عُيِّر الرّجلُ بالضّعف قيل له: "إنما نَبْلُك حِظاءٌ". ويقال لِسهام الصّبيان حِظاءٌ. ومنه المثل: "إحدى حُظَيَّاتِ لُقْمان"، قال أبو عبيد: الحُظَيّات المرامي، وهي السّهام التي لا نِصال لها.

(حظر) الحاء والظاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المنْع. يقال حظرت الشيء أحْظُرُه حَظْراً، فأنا حاظِرٌ والشيء محظور. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء 20]. والحِظَارُ: ما حُظِر على غنمٍ أو غيرها بأغصانٍ أو شيءٍ من رَطْبٍ شجر أو يابس، ولا يكاد يفعل ذلك إلاّ بالرَّطْب منه ثم يَيْبس. وفاعل ذلك المحتَظِرُ. قال الله تعالى: {فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِر} [القمر 31]، أي الذي يعمل الحظيرةَ للغنم ثم ييبَس ذلك فيتهشَّم. ويقال جاء فلان بالحَظِر الرَّطْب، إذا جاء بالكَذِبِ المستشنَع. ويقال هو يوقد في الحَظر، إذا كان يَنُِمّ وقد مضى شاهده([3]).

(حظل) الحاء والظاء واللام أصلٌ واحد، وهو قريب من الذي قبله. فالحَظْل: الغَيْرة ومَنْع المرأة من التصرّف والحركة. [قال([4])]:

* فيحظُِل أو يَغارُ([5]) *

قال أبو عبيد: حظلت عليه مثل حَظَرْتُ. ويقال في قوله "فيحظُِل أو يَغَار" إنه التّقتير. وأحْرِ أن يكون هذا أصحّ، لأنّه قال "أو يغار". والتقتير يرجع إلى الذي ذكرناه من المنْع. والدّليل على ذلك قولهم حَظَلان وحظْلان. قال:

تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أمُّ مُغلِّسٍ *** فقلت لها لم تَقذفيني بِدائيا([6])

ـــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "في أصل أو شجرة"، صوابه في المجمل واللسان.

([2]) ديوان أوس بن حجر 19 واللسان (حثل).

([3]) يشير إلى الشاهد الذي ورد في نهاية مادة (حطب).

([4]) هذه التكملة من المجمل.

([5]) من بيت للبختري الجعدي يصف رجلا غيوراً. وهو بتمامه في اللسان (حظل):

فما يخطئك لا يخطئك منه *** طبانية فيحظل أو يغار

([6]) لمنظور الدبيري، كما في اللسان (حظل) من أبيات رواها القالي أيضاً في الأمالي (2: 212). وفي الأمالي: "أم محلم".

 

 

ـ (باب الحاء والفاء وما يثلثهما)

(حفل) الحاء والفاء واللام أًصلٌ واحد، وهو الجمع. يقال حَفَل النّاسُ واحتفَلوا، إذا اجتمعوا في مجلسهم. والمجلِس مَحْفِل. والمحفَّلة: الشاة قد حُفِّلت؛ أي جُمع اللّبنُ في ضَرعها. ونُهِي عن التَّصريةِ والتَّحفيل. ويقال لا تَحْفِل به، أي لا تُبالِهِ؛ وهو من الأصل، أي لا تتجمَّع. وذلك أنّ من عَراه أمرٌ تجمَّع له.

فأمَّا قولهم لحُطام التِّبن حُفالة فليس من الباب، إنّما هو من باب الإبدال؛ لأنّ الأصلَ حُثالة، فأبدلت الثاء فاءً.

ومن الباب رجلٌ ذو حَفْلَةٍ، إذا كان مبالِغاً فيما أخذ فيه، وذلك أنّه يتجمّع له رأياً وفِعلاً. وقد احتَفَل لهم، إذا أحسن القيام بأمرهم. ويقال احتَفَل الوادِي بالسّيل. فأمّا قولهم تحفّل، إذا تزيّنَ، فهو من ذلك أيضاً لأنه يجمعُ لنفسه المحاسِن.

فأمّا قولهم حَفَلْتُ الشيءَ، إذا جلوتَه، فمن الباب، والقياسُ صحيح؛ وذلك أنّه يجمع ضَوءَه ونُورَه بما يَنفيه من صَدئه. قال بشر:

رَأَى دُرَّةً بيضاء يَحْفِل لَوْنَها *** سُخامٌ كغِربان البريرِ مُقَصَّبُ([1])

   والمُقَصَّب* المجعَّد. وأراد بالدّرّة امرأةً. يحفل لونَها [سخام([2])]، يعني الشعر يزيدها بسوادِه بياضاً، وهذا كأنّه جلاها، وهو من الكلام الحسن جدّاً.

(حفن) الحاء والفاء والنون كلمةٌ واحدة، منقاسٌ، وهو جمعُ الشيء في كفٍّ أو غير ذلك. فالحَفْنَة: مِلءُ كفَّيك من الطَّعام. يقال حَفَنْتُ الشيءَ حَفْنَاً بيديَّ. ومنه حديث أبي بكر: "إنّما نحن حَفْنَةٌ من حَفنات الله تعالى"، معناه أنَّ الله تعالى إذا شاء أدخل خلْقه الجنّةَ، وأنَّ ذلك يسيرٌ عنده كالحَفْنَةِ. ويقال احتَفنْتُ الشيءَ لنفسي، إذا أخذتَه. ويقال الحُفْنة إنّها الحُفْرة؛ فإن صحَّ فمحتملٌ الوجهين: أحدهما أن يكون من باب الإبدال، فتجعل النون بدلَ الراء. ويجوز أن يكون من الباب الذي ذكرناه، لأنّها تَجمَع الشيءَ([3]) من ماءٍ أو غيرِه. والحَفّانُ ليس من هذا الباب، وقد مضى ذِكره([4]) لأنَّ النون فيه زائدة.

(حفي) الحاء والفاء وما بعدهما معتلٌّ ثلاثةُ أصول: المنع، واستقصاء السُّؤال، والحَفَاء خِلافُ الانتِعال.

فالأوّل: قولُهم حفَوت الرّجُلَ من كل شيءٍ، إذا منعتَه.

وأمّا الأصل الثاني: فقولهم حَفِيتُ إليه في الوصيّة بالغْت. وتحفّيت به: بالغت في إكرامه، وأحفَيْت. والحفيّ: المستقصِي في السّؤال. قال الأعشى:

فإنْ تسألي عنِّي فيا رُبَّ سائلٍ *** حَفِي عن الأعشى به حيث أصْعَدا([5])

  وقال قوم، وهو من الباب حَفِيتُ بفلان وتحفَّيت، إذا عُنِيتَ به. والحَفيّ: العالم بالشيء.

والأصل الثالث: الحفا مقصور، مصدر الحافي. ويقال حَفِي الفرسُ: انسحجَ حافرُه. وأحْفَى الرَّجُل: حفِيَتْ دابّتُه. قال الكسائيّ: حَافٍ بيِّن الحِفْية والحِفَاية. وقد حَفِي يحفَى، وهو الذي لا خُفّ في رجليه ولا نَعل.

فأَمّا الذي حَفِيَ مِن كثرة المشي فإنّه حَفٍ بيِّن الحَفاء، مقصور.

فأمّا المهموز فالحفأ مقصور، وهو أصل البَرديّ الأبيض الرّطب؛ وهو يؤكل. وفُسِّر على ذلك قوُله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما لم تحتفِئُوا بها فشأنكم بها([6])". ويقال احتفأته، إذا اقتلعتَه.

(حفت) الحاء والفاء والتاء ليس أصلاً، والكلام فيه يقِلُّ. فالحَفَيْتَأ: الرجل القصير.

(حفث) الحاء والفاء والثاء شيءٌ يدلُّ على رخاوةٍ ولين. يقال حَفِثُ الكرِشِ لِفَحِثِها([7]). والحُفَّاث: حية لا تضرّ ولا تُخَاف. قال:

أيُفايِشُونَ وقد رأوا حُفّاثَهم *** قد عَضَّهُ فَقَضى عليه الأشجعُ([8])

  ويقال للرجُل إذا غضب: "قد احرنْفَش حُفَّاثُه".

(حفد) الحاء والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على الخِفَّة في العمل، والتجمُّع. فالحفَدة: الأعوان؛ لأنّه يجتمع فيهم التجمّع والتخفُّف، واحدُهم حافد. والسُّرْعة إلى الطاعة حَفْدٌ، ولذلك يقال في دعاء القنوت: "إليك نسعى ونَحْفِدُ". قال:

* يا ابنَ التي على قَعُودٍ حَفَّادْ([9]) *

ويقال في قولـه تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل 72]، إنّهم الأعوان-وهو الصحيح- ويقال الأَختَانُ، ويقال الحَفدةُ ولدُ الوَلدَ. والمِحْفَد: مكيالٌ يكال به. ويقال في باب السرعة والخفّة سيفٌ محتفِد، أي سريع القطع. والحفَدانُ: تدارُك السَّير.

(حفر) الحاء والفاء والراء أصلان: أحدهُما حَفْر الشّيء، وهو قلعه سُفْلا؛ والآخَر أوَّل الأمر.

فالأوَّل حفَرتُ الأرض حَفْرا. وحافِر الفَرسِ من ذلك، كأنّه يحفر به الأرض. ومن الباب الحَفْرَ في الفَم، وهو تآكل الأسنان. يقال حفَر فُوه يَحْفر حَفْراً([10]). والحَفَر: التُراب المستخرَج من الحُفْرَة، كالهَدَم؛ ويقال هو اسمُ المكان الذي حُفِر. قال:

* قالوا انتَهْينا وهذا الخندَقُ الحَفَرُ([11]) *

ويقال أحفَرَ المُهْرُ للإثْناء والإرباع، إذا سقَطَ بعضُ أسنانه لنَباتِ ما بَعدَه. ويقال: ما مِن حاملٍ إلاّ والحمل يَحْفِرها، إلاّ *الناقة فإنَّها تسمَن عليه. فمعنى يحفِرها يُهْزِلها.

والأصل الثاني الحافرة، في قوله تعالى: {أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ في الحَافِرَةِ} [النازعات 10]، يقال: إنه الأمر الأوَّل، أي أنحْيا بعدما نموت. ويقال الحافرةُ من قولهم: رجع فلانٌ على حافرته، إذا رجع على الطريق الذي أخَذَ فيه، ورجع الشَّيْخُ([12]) على حافرته إذا هَرِم وخَرِف. وقولهم: "النَّقْد عند الحافِرِ" أي لا يزُول حافرُ الفرس حتَّى تَنْقُدني ثمنَه. وكانت لكرامتها عندَهم لا تُباع نَسَاءً. ثم كثُر ذلك حتَّى قيل في غير الخيل أيضاً.

(حفز) الحاء والفاء والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلّ على الحثّ وما قرب منه. فالحفْزُ: حثُّك الشيء مِن خلفه. [والرّجُلُ([13])] يحتفز في جلوسه إذا أراد القيام، كأنَّ حاثّاً حَثّهُ ودافعاً دفعهُ. يقال: الليل يسوقُ النهارَ ويحفِزه. ويقال حَفَزْت الرجُلَ بالرُّمح. وسُمِّي الحَوفزانُ من ذلك بقلة([14]). قال:

ونحنُ حَفَزْنا الحوفزانَ بطعنةٍ *** سقتْه نَجيعاً من دمِ الجوف أَشْكلا([15])

  (حفس) الحاء والفاء والسين ليس أصلاً. يقال للرجل القصير حيفس([16]).

(حفش) الحاء والفاء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على الجمع. يقال هم يَحْفِشون عليك، أي يُجْلِبون. وحَفَشَ السَّيلُ الماء من كلِّ جانب إلى مستنقع واحد. قال:

عشِيَّةَ رُحْنا وراحُوا لَنَا *** كما مَلأَ الحافشاتُ المَسِيلا([17])

  ويقال جاء الفرس يَحفِشُ، أي يأتي بجريٍ بعد جري. والحفش([18]): بيت صغير: وسمِّي بذلك لاجتماعِ جوانبه؛ ويقال لأنه يُجمع فيه الشيء. وتحفّشت المرأةُ للرَّجُل، إذا أظهرت له وُدَّاً؛ وذلك أنها تتحفَّل له، أي تتجمَّع.

(حفص) الحاء والفاء والصاد ليس أصلاً، ولا فيه لغة تنقاس. يقال للزَّبِيل من جُلودٍ حَفْص. ويقال للدَّجاجة أمَّ حَفْصة. ويقال إنَّ ولدَ الأسد حَفْصٌ. وفي كلِّ ذلك نظرٌ.

(حفض) الحاء والفاء والضاد أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على سقوط الشيء وخُفُوفِه([19]). فالحَفَض مَتاع البيت؛ ولذلك سمِّي البعير الذي يحمله حَفَضاً. والقياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ الأحفاض تسمَّى الأسقاط. ويقال حفَضْت العُود، إذا حنيتَه. قال الراجز:

* إمَّا تَرَىَ دَهْراً حَنانِي حَفْضا([20]) *

قال الأصمعيُّ: حفضتُ [الشيء([21])] وحَفَّضْتُه، بالتخفيف والتشديد، إذا ألقيتَه. وأنشد:

* إمَّا تَرَىْ دَهْراً حناني حَفْضا *

فمعناه ألْقاني. والأحفاض في قول عمرو بن كلثوم:

ونحن إذا عِمَادُ الحيِّ خَرَّت *** على الأحفاضِ تمنَعُ مَنْ يَلِينا([22])

  هي الإبل أوَّلَ ما تُركَب. ويقال بل الأحفاض عُمُد الأخبية.

(حفظ) الحاء والفاء والظاء أصلٌ واحد يدلُّ على مراعاةِ الشيء. يقال حَفِظْتُ الشيءَ حِفْظاً. والغَضَبُ: الحفيظة؛ وذلك أنّ تلك الحالَ تدعو إلى مراعاة الشيء. يقال للغَضَب الإحفاظ؛ يقال أحفَظَنِي أي أغضَبَني. والتحفظ: قلّة الغَفلة. والحِفاظ: المحافَظة على الأمور.

ــــــــــــــــــــ

([1]) سبق البيت والكلام عليه في (مادة بر).

([2]) التكملة في المجمل.

([3]) في الأصل: "تجمع بالشيء".

([4]) سهو منه أو سقط من النسخة، فإنه لم يذكر "الحفان" في مادة (حف).

([5]) ديوان الأعشى 102 واللسان (حفا).

([6]) الذي في المجمل: "ما لم تحتفئوا بها بقلا".

([7]) الفحث: القبة ذات الأطباق من الكرش.

([8]) البيت لجرير في ديوانه 244 واللسان (حفث، فيش). وسيعيده (فيش).

([9]) البيت في المجمل (حفد).

([10]) حفر، من باب ضرب، ويقال أيضاً من باب تعب، وهو أردأ اللغتين.

([11]) أنشد هذا العجز في المجمل (حفر).

([12]) في الأصل: "الشي"، صوابه في المجمل.

([13]) التكملة من المجمل.

([14]) كذا. ولعل في الكلام نقصاً. وفي المجمل. "لأن بساط بن قيس حفزه بالرمح".

([15]) البيت لسوار بن حبان المنقري، كما في اللسان. ويخطئ من ينسبه لجرير.

([16]) يقال بوزن صيقل وهزبر.

([17]) البيت في المجمل واللسان برواية: "فراحوا إلينا".

([18]) يقال بالكسر والفتح والتحريك، وجمعه أحفاش وحفاش.

([19]) في الأصل: "وخفوضه". والحفوف: القلة. وفي اللسان: "وإنه لحفض علم" أي قليله رثه، شبه علمه في قلته بالحفض".

([20]) لرؤبة في ديوانه 80 واللسان (حفض). وسيأتي في (عرش).

([21]) التكملة من المجمل.

([22]) البيت من معلقته المشهورة.

 

 

 


ـ (باب الحاء والقاف وما يثلثهما)

(حقل) الحاء والقاف واللام أصلٌ واحد، وهو الأرض وما قاربه. فالحَقْل: القَرَاح الطيِّب. ويقال: "لا يُنبت البَقْلةَ إلا الحَقْلة". وحَقِيلٌ: موضع. قال:

* مِن ذِي الأبارق إذْ رعَيْنَ حَقِيلا([1]) *

والمُحاقلة التي نُهِي عنها([2]): بيعُ الزّرعِ في سنبُله بحنطةٍ أو شعير.

ومن الباب قولهم: حَقِل الفرسُ، في قول بعضهم، إذا أصابَه وجَعٌ في بطْنه من أكل التراب. والأصل الأرض.

ويقال حَوْقَل الشَّيْخ، إذا اعتمد بيديه على خَصره إذا مشى؛ وهي الحوقلة. وكأنَّ ذلك مأخوذٌ من قُربِهِ من الأرض. وأمّا قولهم للقارورة حَوقَلَة، فالأصل الحَوْجَلَة. ولعل الجيم أبدِلت قافا.

(حقم) الحاء والقاف والميم لا أصلٌ ولا فرع. يقولون: الحَقْم طائر([3]).

(حقن) الحاء والقاف *والنون أصلٌ واحد، وهو جَمْع الشيء. يقال لكلّ شيءٍ [جُمِعَ([4])] وشُدَّ حقين. ولذلك سُمِّي حابسُ اللبن حاقنا. ويقال اللبن الحَقِين الذي صُبَّ حليبُه على رائِبه. والحواقن: ما سفَل عن البطن. وقال قوم: الحاقنتان ما تحت الترقوَتَين.

(حقو) الحاء والقاف والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو بعضُ أعضاء البدن. فالحَِقْو الخَصْر ومَشَدّ الإزار. ولذلك سمِّي ما استدقّ من السهم مما يلي الرّيشَ حَقواً. فأمّا الحديث "أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى النساء اللواتي غَسَّلْنَ ابنَتَه حَقْوَةً" فجاء في التفسير أنّه الإزار، وجمعه حِقِيّ، فهذا إنما سمِّي حِقواً لأنه يشدّ به الحَِقْو. وأما الحَقْوة فوجعٌ يصيب الإنسانَ في بطنه؛ يقال منه حُقِيَ الرّجلُ فهو مَحْقوٌّ.

(حقب) الحاء والقاف والباء أصلٌ واحد، وهو يدلّ على الحبْس. يقال حَقِب العام، إذا احتبس مطرُه. وحَقِب البعيرُ، إذا احتبسَ بولُه.

ومن الباب الحَقَبُ: حبلٌ يُشَدّ به الرحْلُ إلى بطْن البعير، كي لا يجتذبه التَّصدير. فأمّا الأحقبُ، وهو حِمار الوحش، فاختُلِف في معناه، فقال قوم: سمِّي بذلك لبياض حَِقْويه. وقال آخرون: لدقّة حِقوَيه. والأنثى حَقْباء. فإنْ كان هذا من الباب فلأنه مكانٌ يشد بحِقاب، وهو حبلٌ. ويقال للأنثى حَقباء. قال:

* كأنّها حَقْباء بلقاءُ الزّلَقْ([5]) *

ومن الباب الحقيبة، وهي معروفة. ومنه احتقب فلانٌ الإثم، كأنه جمعَه في حقيبةٍ. واحتقَبَه من خَلفه: ارتدفَه. والمُحْقَِب: المُرْدَفِ. فأمّا الزمان فهو حِقْبة والجمع حِقَب. والحُقْبُ ثمانون عاماً، والجمع أحقاب، وذلك لما يجتمع فيه من السّنين والشّهورِ. ويقال إنَّ الحِقابَ جبلٌ. ويقال للقارَةِ الطويلة في السماء حقباء. قال:

* قد ضَمَّها والبَدَن الحِقابُ([6]) *

(حقد) الحاء والقاف والدال أصلان: أحدهما الضِّغن، والآخر ألاَّ يُوجد ما يطلب.

فالأوّل الحِقْد، ويجمع على الأحقاد. والآخَر قولُهم أحقَدَ القومُ، إذ طلبوا الذَّهَبةَ في المعدِن فلم يجدُوها.

(حقر) الحاء والقاف والراء أصلٌ واحد، استصغارُ الشيء. يقال شيءٌ حقير، أي صغير. وأنا أحتقرهُ: أي أستصغره. فأمّا قولهم لاسم السماء "حاقورة([7])" فما أراه صحيحاً. وإن كان فلعلّه اسم مأخوذٌ كذا من غير اشتقاق.

(حقط) الحاء والقاف والطاء ليس أصلاً، ولا أحسب الحَيْقُطانَ، وهو ذكر الدُّرَّاج، صحيحاً.

(حقف) الحاء والقاف والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على مَيَل الشيء وعِوَجه: يقال احقوقَف الشيءُ، إذا مال، فهو مُحْقَوْقِفٌ وحَاقِفٌ. ومن ذلك الحديث: "أنه مرَّ بظبيٍ حاقِفٍ في ظلِّ شجرة" فهو الذي قد انحنى وتثنَّى في نَوْمِه. ولهذا قيل للرَّمل المنحني حِقْف، والجمع أحقاف. قال:

فلما أجزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتحى *** بنا بَطْنُ خبتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ([8])

  ويروى: "ذي قِفاف". وقال آخر:

* سَمَاوةَ الهِلالِ حَتى احقوقَفا([9]) *

ــــــــــــــــــــ

([1]) سبق الكلام على البيت في (برق). وصدره: * وأفضن بعد كظومهن بحرة *

([2]) في الأصل: "عن".

([3]) في اللسان: "ضرب من الطير يشبه الحمام. وقيل هو الحمام. يمانية".

([4]) التكملة من المجمل.

([5]) البيت لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (حقب، زلق).

([6]) من رجز في اللسان (حقب)، وصواب روايته: "وضمها"؛ لأن قبله:

* قد قلت لما جدت العقاب *

وجاء إنشاده على الصواب في المجمل.

([7]) لم تذكر في اللسان. وفي القاموس أنها  السماء الرابعة.

([8]) لامرئ القيس، في معلقته.

([9]) للعجاج ديوانه 84 والمجمل واللسان (حقف).

 

 

ـ (باب الحاء والكاف وما يثلثهما)

(حكل) الحاء والكاف واللام أصلٌ صحيح منقاس، وهو الشيءُ لا يُبينُ. يقال إنّ الحُكْل الشيءُ الذي لا نُطْقَ لـه من الحيوان، كالنمل وغيره. قال:

لو كنتُ قد أوتِيتُ عِلْمَ الحُكْل *** علمَ سليمانٍ كلامَ النّملِ([1])

  ويقال في لسانه حُكْلَةٌ، أي عُجمة. ويقال أحْكَلَ عليَّ الأمرُ، إذا امتنَعَ وأشْكَل.

وممّا شذّ عن الباب قولهم للرجل القصير حَنْكَل([2]).

(حكم) الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع. وأوّل ذلك الحُكْم، وهو المَنْع من الظُّلْم. وسمِّيَتْ حَكَمة الدابّة لأنها تمنعُها يقال حَكَمْت الدابةَ وأحْكَمتها. ويقال: حكَمت السَّفيهَ وأحكمتُه، إذا أخذتَ على يديه. قال جرير:

*أبَنِي حَنيفة أحْكِمُوا سُفهاءَكم *** إنّي أخاف عليكم أن أغْضَبَا([3])

  والحِكمة هذا قياسُها، لأنها تمنع من الجهل. وتقول: حكَّمت فلاناً تحكيماً منعتُه عمّا يريد. وحُكِّم فلانٌ في كذا، إذا جُعل أمرُه إليه. والمحكَّم: المجرِّب المنسوب إلى الحكمة. قال طرفة:

ليت المحكَّمَ والموعوظَ صَوْتَكُما *** تحتَ التُّرَاب إذا ما الباطلُ انكشَفَا([4])

  أراد بالمحكَّم الشيخَ المنسوبَ إلى الحكمة. وفي الحديث: "إنّ الجنة للمحكَّمين"([5]) وهم قومٌ حُكِّمُوا مخيَّرين بين القَتل والثّبات على الإسلام وبين الكفر، فاختارُوا الثّباتَ على الإسلام مع القتل، فسُمُّوا المحكمين.

(حكي) الحاء والكاف وما بعدها معتلٌّ أصلٌ واحد، وفيه جنس من المهموز يقاربُ معنى المعتلّ والمهموز منه، هو إحكام الشيء بعَقْدٍ أو تقرير.

يقال حَكَيْتُ الشيءَ أحْكيه، وذلك أن تفعلَ مثلَ فعل الأوّل. يقال في المهموز: أحْكَأْت العُقدة، إذا أحكمتَها. ويقال: أحكأتُ ظَهْرِي بإزاري، إذا شددتَه. قال عديّ:

أجْلَ أنّ الله قد فضّلكم *** فوق مَن أحكأ صُلْباً بإزارِ([6])

وقال آخر:

وأحْكَأَ في كَفَّيَّ حَبْلي بِحبْلِهِ *** وأَحْكَأَ في نعلي لرجلٍ قِبَالَها([7])

  (حكر) الحاء والكاف والراء أصلٌ واحد، وهو الحَبْس. والحُكْرة: حَبْسُ الطعام مَنتظراً لغَلائه، وهو الحُكْر، وأصله في كلام العرب الحَكَر، وهو الماء المجتمع، كأنّه احْتُكِر لقلَّته.

(حكد) الحاء والكاف والدال حرفٌ من باب الإبدال. يقال للمَحْتِد المَحْكِد. وقد فسِّر في بابه.

ــــــــــــــــ

([1]) لرؤبة في ديوانه 128. ونسب في اللسان (حكل) للعجاج. وانظر الحيوان (4: 8).

([2]) في اللسان والمجمل:" الحوكل"، وهما صحيحان.

([3]) لجرير في ديوانه 50 واللسان (حكم).

([4]) ليس البيت في ديوان طرفة، وهو في المجمل واللسان (حكم). وذكروا أن المحكم؛ بكسر الكاف الذي حكم الحوادث وجربها، وبفتحها الذي حكمته وجربته: والمعنى واحد. وصوتكما، نصب لأنه أراد عاذلي كفا صوتكما.

([5]) ويروى أيضاً بكسر الكاف، أي الذين أنصفوا من أنفسهم.

([6]) يصف جارية، كما في اللسان (1: 51/2: 18/5: 74-75/ 13: 12/ 18: 208). وانظر أمالي ثعلب 240.

([7]) عجزه في المجمل.

 

 

ـ (باب الحاء واللام وما يثلثهما)

(حلم) الحاء واللام والميم، أصولٌ ثلاثة: الأول ترك العَجَلة، والثاني تثقُّب الشيء، والثالث رُؤية الشيء في المنام. وهي متباينةٌ جدَّاً، تدلُّ على أنَّ بعضَ اللغةِ ليس قياساً، وإن كان أكثرُه منقاساً.

فالأوّل: الحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ.

والأصل الثاني: قولهم حَلِمَ الأَديمُ إذا تثَقَّبَ وفسَدَ؛ وذلك أنْ يقع فيه دوابُّ تفسدُه. قال:

فإنَّكَ والكتابَ إلى عَلِيّ *** كدابِغَةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ([1])

  والثالث قد حَلَمَ في نومه حُلْماً وحُلُماً. والحَلَم: صغار القِرْدَان. والحَلَمَةُ: دويْبَّة.

والمحمول على هذا حَلَمَتا الثَّدْي. فأما قولهم تحلم إذا سَمِن، فإنّما هو امتلأ، كأنَّه قرادٌ ممتلئ. قال:

* إلى سَنَةٍ قِرْدَانُها لم تَحَلَّمِ([2]) *

ويقال بعيرٌ حليم، أي سمين. قال:

* من النَّيِّ في أصلابِ كلِّ حليمِ([3]) *

والحالُوم: شيء شبيه بالأَقِط. وما أُراه عربياً صحيحاً.

(حلن) الحاء واللام والنون إن جعلتَ النُّون زائدة فقد ذكرناه فيما مضى، وإن جعلت النونَ أصلية فهو فُعَّال، وهو الْجَدْي([4])، وليست الكلمة أصلاً يُقاس. وقد مضى في بابه.

(حلو) الحاء واللام وما بعدها معتلٌّ، ثلاثة أصول: فالأوّل طِيب الشيء في مَيْل من النّفس إليه، والثاني تحسين الشيء، والثالث-وهو مهموز- تَنْحِيَة الشيء.

فالأوّل الحُلْو، وهو خلاف المرّ. يقال استحليت الشيءَ، وقد حلا في فمي يحلو، والحَلْوَاء الذي يؤكل يمدّ ويقصر. ويقال حَلِيَ بعيني يَحْلَى. وتحالت المرأة إذا أظهرت حلاوةً، كما يقال تباكى وتعالى، وهو إبداؤه للشَّيء لا يخفَى مثلُه. قال أبو ذؤيب:

فشأنَكَها إنِّي أمينٌ وإنَّني *** إذا ما تَحَالَى مِثْلُها لا أَطُورُها([5])

  ومن الباب حَلَوْتُ الرجلَ حُلْوَاناً، إذا أعطيتَه ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حُلوان الكاهن، وما يُجعل له على كِهانته. قال أوس:

كَأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يومَ مدحتُه *** صَفَا صخْرةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها([6])

  والحُلوان أيضاً *أن يأخذ الرجلُ من مَهر ابنتِه لنفْسه. وذلك عارٌ عند العرب. قالت امرأةٌ تمدح زوجها:

* لا يأخذُ الحُلوانَ من بناتِيا([7]) *

والأصل الثاني: الحُلِيّ حُلِيُّ المرأة، وهو جمع حَلْيٍ، كما يقال ثَدْيٌ وَثُدِيٌّ، وظَبْيٌ وظُبِيٌّ. وحلَّيت المرأة. وهذه حِلية الشيءِ أي صفتُه. ويقال حِلْية السيف، ولا يقال حُلِيّ السيف.

والأصل الثالث: وهو تنحية الشيء، يقال حَلأّتُ الإبل عن الماء؛ إذا طردتَها عنه. قال:

* مُحَلأٍ عَنْ سَبيل الماءِ مَطرودِ([8]) *

ويقال لما قُشِر عن الجلد الحُلاءة مثل فُعالة؛ يقال منه حَلأتُ الأديم قشرتُه. والحَلُوء على فَعول: أن تَحُكّ حجراً [على حجرٍ([9])] يَكتحِل بحُكاكتهما الأرْمد([10]). ويقال منه أحلأْت الرّجُل. ويقال حلأت الأرض، إذا ضربتَها.

ومما شذ عن الباب حَلأَه مائةَ دِرهم، إذ نَقَده إيّاها؛ وحلأَه مائةَ سَوط.

(حلب) الحاء واللام والباء أصلٌ واحد، وهو استمداد الشيء.

يقال الحلَب حَلَب الشَّاءِ وهو اسمٌ ومصدر، والمِحْلب: الإناء يُحْلَب فيه. والإحلابة: أن تحلُب لأهلك وأنت في المرعى، تبعثُ به إليهم. تقول أَحلبهُم إحْلاباً. وناقة حَلوبٌ: ذات لبن؛ فإذا جعلتَ ذلك اسماً قلت هذه الحلوبةُ لفلان. وناقةٌ حَلْبَانة مثل الحَلوب. ويقال أحلبْتُك: أعنتك على حَلب الناقة. وأحلب الرجلُ، إذا نُتِجَت إبلُه إناثاً، وأَجْلَبَ إذا نُتجت ذُكوراً؛ لأنها تُجْلَب أولادُها فتباع.

ومن الباب وهو محمولٌ عليه المُحْلِب، وهو الناصر. قال:

أشارَ بِهمْ لمعَ الأصمِّ فأقبلوا *** عرانين لا يأتيه للنصر مُحْلِبُ([11])

  وذلك أنْ يجيئَك ناصراً من غير قومك؛ وهو من الباب لأنِّي قد ذكرت أنه من الإمداد والاستمداد.

والحَلْبة: خيلٌ تجمع للسِّباق من كل أوب، كما يقال للقوم إذا جاؤوا من كل أوب للنُّصرة: قد أَحْلَبُوا.

(حلت) الحاء واللام والتاء ليس عندي بأصلٍ صحيح. وقد جاءت فيه كليمات؛ فالحلتيت صمغ. يقال حَلَتَ دَيْنَه: قضاه؛ وحَلتَ فلاناً، إذا أعطاه، وحَلَتَ الصوفَ: مَرَقَهُ.

(حلج) الحاء واللام والجيم ليس عندي أصلاً. يقال حَلَجَ القطنَ. وحَلَجَ الخبزةَ: دَوَّرَها. وحَلَجَ القوم يَحْلجون ليلتهم، إذا سارُوها. وكلُّ هذا مما يُنظر فيه.

(حلز) الحاء واللام والزاء أصلٌ صحيح. يقال للرَّجُل القصير حِلِّزٌ، ويقال هو السيئ الخُلُق. ويقال الحَلْز؛ القَشْر؛ حلزت الأديمَ قشرتهُ. قال ابن الأعرابيّ: ومنه الحارث بن حِلِّزة.

(حلس) الحاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الشيء يلزمُ الشيءَ. فالحِلْس حِلْس البعير، وهو ما يكون تحت البِرْذَعة. أحْلَسْتُ فلاناً يَميناً، وذلك إذا أمررتَها عليه؛ ويقال بل ألزمتُه إيّاها. واستَحْلَسَ النَّبت إذا غَطَّى الأرض، وذلك أن يكون لها كالحِلْس. وقد فسّرناه. وبنُو فلانٍ أحلاسُ الخيل، وهم الذين يَقْتنونها ويلزَمون ظهورَها. ولذلك يقول الناس: لَسْتَ مِنْ أحلاسها. قال عبد الله بن مسلم([12]): أصله من الحِلس. قال: والحلْس أيضاً: بساطٌ يبسط في البيت. ويقولون: كن حِلْسَ بيتك، أي الزمْه لُزوم البساط. والحَلس: الرجل الشجاع [والحريص([13])]، وذلك أنّه من رغابته يلزم ما يؤكل.

(حلط) الحاء واللام والطاء أصلٌ واحد: وهو الاجتهاد في الشيء بحلفٍ أو ضجَر([14]). ويقال أحلط، إذا اجتَهد وحَلَف. قال ابنُ أحمر:

فكُنَّا وهم كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقا *** سِوىً ثم كانا مُنْجِداً وتَهامِيَا

فألقى التِّهامِي منهما بلَطَاتِهِ *** وأحلَطَ هذا لا أَريمُ مَكانيا

 و"لا أعود ورائيا([15])".

ومن الباب قولهم: "أوّل العِيّ الاختلاط، وأسوأ القول الإفراط([16])". فالاختلاط: *الغضَب.

 

(حلف) الحاء واللام والفاء أصلٌ واحد، وهو الملازمة. يقال حالف فلانٌ فلانا، إذا لازَمَه. ومن الباب الحَلِفُ؛ يقال حَلَف يحلِفُ حَلِفاً؛ وذلك أنّ الإنسان يلزمه الثّبات عليها. ومصدره الحَلِف والمحلُوف أيضاً. ويقال هذا شيء مُحْلِفٌ إذا كان يُشَكُّ فيه فيُتَحالف عليه. قال:

كميتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكن *** كلون الصِّرف عُلَّ به الأديمُ([17])

  ومما شذّ عن الباب قولهم: هو حليف اللِّسان، إذا كانَ حَديدَهُ. ومن الشاذّ الحلفاء، نبت، الواحدة حَلفْاءَة.

(حلق) الحاء واللام والقاف أصول ثلاثة: فالأوّل تنحية الشعَْر عن الرأس، ثم يحمل عليه غيره. والثاني يدلُّ على شيءٍ من الآلات مستديرة. والثالث يدلُّ على العلوّ.

فالأوّل حَلقْتُ رأسِي أحلِقُه حَلْقا. ويقال للأكسية الخَشِنَة التي تحلِق الشّعر من خُشونتها مَحَالق. قال:

* نَفْصَكَ بالمَحَاشِئِِ المَحَالِقِ([18]) *

ويقولون: احتلقَت السنةُ المال، إذا ذهبَتْ به.

ومن المحمول عليه حَلِق قضيبُ الحمار، إذا احمرّ وتقشّر. و[قيل] إنما قيل حَلِق لتقشُّره لا لاحمراره.

والأصل الثاني الحَلْقة حلْقة الحديد. فأمّا السِّلاحُ كلُّه فإنّما يسمى الحَلَقة([19]).

والحِلْق([20]): خاتَم المُلْك، وهو لأنّه مستدير. وإبلٌ مُحَلَّقَة: وسْمُها([21]) الحَلَقُ. قال:

* وذو حَلَقٍ تَقْضِي العواذيرُ بينَهُ([22]) *

العواذير: السِّمات.

والأصل الثالث حالِقٌ: مكانٌ مُشْرِف. يقال حَلَّق، إذا صار في حالق. قال الهذلي:

فلو أنّ أمِّي لم تلدْني لحلّقتْ *** بِيَ المُغْرِبُ العنقاءُ عند أخِي كلْبِ

  كانت أمّه كلبيّة، وأسَرَه رجلٌ من كلب وأراد قتلَه، فلما انتسب له حيّ سبيلَه. يقول: لولا أنّ أمي كانت كلبيةً لهلكْتُ. يقال حلّقَت به المُغْرب([23])، كما يقال شالَت نعامتُه. وقال النابغة:

إذا ما غزَا بالجَيْش حَلّق فوقَه *** عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ([24])

  وذلك أنّ النُّسور والعِقبانَ والرّخَم تتْبع العساكر تنتظر القتلى لتقع عليهم. ثم قال:

جوانحُ قد أيقنَّ أنّ قبيلَه *** إذا ما التقى الجمعانِ أوّلُ غالِبِ

  (حلك) الحاء واللام والكاف حرفٌ يدلّ على السّواد. يقال "هو أشدُّ سواداً من حَلَك الغراب" يقال: هو سواده ويقال هو أسودُ حُلْكُوك.

ـــــــــــــــــــ

([1]) للوليد بن عقبة، يحض معاوية على قتال علي. اللسان (حلم).

([2]) صدره كما في ديوان أوس بن حجر 28 واللسان (حلم):

* لحينهم لحيَ العصا فطردنهم *

([3]) النَّي، بالفتح: الشحم، أراد به شحم العظام ونقيها. وكذا ورد في المجمل. وفي اللسان:

فإن قضاء المحل أهون ضيعة *** من المخ في أنقاء كل حليم

([4]) في الأصل: "الجري"، تحريف.

([5]) البيت من قصيدة في ديوان أبي ذؤيب 154. وأنشده في اللسان (حلا) بلفظ "فشأنكما" تحريف، صوابه هنا وفي الديوان. وفي الأصل: "إني لعين"، صوابه من اللسان والديوان. وقبل البيت:  خَليلي الذي دلى لغيّ خليلتي *** فكلا أراه قد أصاب عرورها

([6]) في الأصل: "يبسا بلالها"، صوابه من ديوان أوس 24 واللسان.

([7]) في اللسان: "من بناتنا".

([8]) لإسحاق بن إبراهيم الموصلي. وصدره كما في اللسان (حلأ):

* لحائم حام حتى لا حوام به *

([9]) التكملة من المجمل.

([10]) في الأصل: "يتحكك بحكاكتها الأرمد"، تحريف.

([11]) لبشر بن أبي خازم في اللسان (حلب).

([12]) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. وكثيراً ما يذكره باسم "القتبي".

([13]) التكملة من القاموس، وهو ما يقتضيه التعليل التالي.

([14]) في الأصل: "بعلق أو صخر".

([15]) وبهذه الرواية ورد في المجمل واللسان (حلط).

([16]) هذا من كلام علقمة بن علاثة، كما في اللسان.

([17]) للكحلبة اليربوعي، من أبيات في المفضليات (1: 31).

([18]) لعمارة بن طارق يصف إبلاً، كما في اللسان. وقبله: * ينفضن بالمشافر الهدالق *

([19]) في المجمل: "والسلاح كله يسمى الحلقة بفتح اللام".

([20]) هذا بكسر الحاء. وأنشد في المجمل واللسان:

وأعطى منا الحلق أبيض ماجد *** رديف ملوك ما تغب نوافله

([21]) في الأصل: "واسمها"، تحريف.

([22]) صدر بيت لأبي وجزة السعدي في اللسان (عذر، حلق). وهذه الرواية تطابق رواية اللسان (عذر). وفي المجمل واللسان (حلق): "تقضي العواذير بينها". فالتذكير على ظاهر اللفظ. والتأنيث على تأويل ذي الحلق بالإبل. وعجز البيت: * يلوح بأخطار عظام اللقائح *

([23]) في الأصل: "بي المغرب".

([24]) في ديوان النابغة 4: * إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم *

 

 

ـ (باب الحاء والميم وما يثلثهما)

(حمد) الحاء والميم والدال كلمةٌ واحدة وأصلٌ واحد يدلّ على خلاف الذمّ. يقال حَمِدْتُ فلاناً أحْمَدُه. ورجل محمود ومحمّد، إذا كثُرت خصاله المحمودة غيرُ المذمومة. قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر، ويقال إنه فضّله بكلمته هذه على سائر مَن مدحه يومئذ:

إليك أبيتَ اللّعنَ كانَ كَلاَلُها *** إلى الماجد الفَرْعِ الجَوادِ المُحَمَّدِ([1])

  ولهذا [الذي] ذكرناه سمِّي نبينا مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم. ويقول العرب: حُمَاداك أن تفعلَ كذا، أي غايتُك وفعلُك المحمودُ منك غيرُ المذموم. ويقال أحمَدْتُ فلاناً، إذا وجدتَه محموداً، كما يقال أبخلْتُه إذا وجدتَه بخيلا، وأعجزته [إذا وجدتَه] عاجزاً. وهذا قياسٌ مطّردٌ في سائر الصفات. وأهْيَجْت المكانَ، إذا وجدتَه هائجاً قد يبِس نباتُه. قال:

* وأهْيَج الخَلْصاءَ من ذات البُرَقْ([2]) *

فإنْ سأل سائلٌ عن قولهم في صوت التهاب النار الحَمدَة؛ قيل له: هذا ليس من الباب؛ لأنه من المقلوب وأصله حَدَمة. وقد ذكرت في موضعها.

(حمر) الحاء والميم والراء أصلٌ واحدٌ عندي، وهو من الذي يعرف بالحُمْرة. وقد يجوز أن يُجعَل أصلين: أحدهما هذا، والآخر جنسٌ من الدوابّ.

فالأوّل الحُمْرة في الألوان، وهي معروفة. والعرب *تقول: "الحسن أحمر" يقال ذلك لأنّ النفوسَ كلَّها لا تكاد تكره الحمرة. وتقول رجل أحمر، وأحامر([3]) فإن أردت اللونَ قلت حُمر. وحجّة الأحامرة قول الأعشى:

إنّ الأحامرةَ الثلاثة أهلكَتْ *** مالي وكنت بهنّ قِدْما مُولَعا([4])

  ذهب بالأحامرة مذهب الأسماء، ولم يَذهب بها مذهبَ الصفات. ولو ذهب بها مذهب الصفات لقال حُمْرٌ. والحمراء: العَجَم، سُمُّوا بذلك لأنّ الشّقْرة أغلبُ الألوان عليهم. ومن ذلك قولهم لعليّ رضي الله عنه: "غلبَتْنا عليك هذه الحمراء". ويقال موتٌ أحمرُ، وذلك إذا وُصِف بالشدّة. وقال عليّ: "كُنّا إذا احمرّ البأسُ اتقّينا بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أَحَدٌ منا أقربَ إلى العَدُوّ منه".

ومن الباب قولهم: وَطْأةٌ حمراء؛ وذلك إذا كانتْ جديدة؛ ووَطْأة دهماء، إذا كانت قديمةً دارسة. ويقال سنةٌ حمراء شديدة، ولذلك يقال لشدة القيْظ حَمَارَّة. وإنَّما قيل هذا لأنّ أعجبَ الألوان إليهم الحمرة. إذا كان كذا وبالغُوا([5]) في وصفِ شيءٍ ذكروه بالحُمْرة، أو بلفظةٍ تشبه الحمرة.

فأمّا قولُهم للذي لا سلاحَ معه أحمر، فممكن [أن يكون] ذلك تشبيهاً لـه بالعجم، وليست فيهم شجاعة مذكورة كشجاعة العرب. وقال:

* وتَشْقَى الرّماحُ بالضَّياطرةِ الحُمْرِ([6]) *

الضياطرة: جمع ضَيْطار، وهو الجبان العظيم الخَلْق الذي لا يُحسن حملَ السِّلاح. قال:

تعرَّضَ ضَيطارُو فُعالةَ دونَنا *** وما خَيْرُ ضَيطارٍ يقلِّب مِسطَحا([7])

  وقولهم غيث حِمِرٌّ، إذا كان شديداً يقشِر الأرض. وهو من هذا الذي ذكرناه من باب المبالغة.

وأمّا الأصل الثاني فالحِمار معروف، يقال حمار وحَمير وحُمُر وحُمُرات، كما يقال صعيد وصُعُد وصُعُدات. قال:

إذا غَرّد المُكَّاء في غير روضةٍ *** فويلٌ لأهل الشَّاء والحُمُراتِ([8])

  يقول: إذا أجدبَ الزّمانُ ولم تكن روضة فغرَّد([9]) في غير روضةٍ، فويلٌ لأهل الشاء والحمرات.

وممّا يحمل على هذا الباب قولُهم لدويْبّة: حِمارُ قَبَّانٍَ. قال:

يا عجبَا لقد رأيتُ عجَبَا *** حمارَ قَبَّانٍَ يسوقُ أرنبا([10])

ومنه الحِمار، وهو شيءٌ يُجعَل حول الحوض لئلا يسيل ماؤُه، والجمع حمائر. قال الشاعر:

ومُبْلِد بين مَوْمَاةٍ بمَهْلُِكَةٍ *** جاوزتُه بِعَلاةِ الخَلْق عِلْيَانِ([11])

كأنَّما الشَّحْطُ في أعلى حمائرِه *** سَبائبُ الرَّيْط مِن قزٍّ وكَتَّانِ([12])

  وأما قولهم للفرَس الهجينِ مِحْمَرٌ فهو من الباب. [ومن الباب] الحِماران، وهما حجَران يجفَّف عليهما الأقِط، يسمَّيان مع الذي فوقهما العلاة([13]). قال:

لا تنفع الشاوِيّ فيهما شاتُه *** ولا حِمارَاه ولا عَلاَتُه([14])

  والحمارة: حجارة تنصب حولَ البيت، والجمع حمائِر. قال:

* بَيْتَ حُتوفٍ أُرْدِحَتْ حمائرُه([15]) *

وأما قولهم: "أخلَى من حوفِ حمارٍ" فقد ذُكر حديثه في كتاب حرف العين.

(حمز) الحاء والميم والزاء أصلٌ واحد، وهو حدَّة في الشيء كالحَرافة وما أشبهها. فالحَمْزَة حَرافَة في الشيء. يقال شرابٌ يحمِزُ اللسانَ. ومنه الحَمْزة، وهي بقلةٌ تَحْمِز اللسان، وقال أنس بن مالك: "كنّاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببقلةٍ كنت اجتنيتُها"؛ وكان يكنّى با حمزة. وقال الشماخ يصف رجلاً باع [قوساً] وأسِفَ عليها:

فلما شَرَاها فاضَتِ العَين عَبْرَةً *** وفي القلب حَُزَّازٌ من اللّوم حامِزُ([16])

  فأما قولهم للذكّي القلبِ اللوذعيِّ حَمِيز، وهو حَميز الفؤاد، فهو من الباب؛ لأن ذلك من الذكاء والحدّة، والقياس فيه واحد.

(حمس) الحاء والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على الشدَّة. فالأحمس: الشّجاع. والحَمَس والحماسة: الشجاعة والشِّدَّة. ورجلٌ حَمِسٌ. قال:

* ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّئيسِ([17]) *

ويقال: "بالحَمِس البئيس". ويقال تحمَّس الرجُل: تعاصَى. والحُمْس قريش؛ لأنهم كانوا يتحمَّسون في دينهم، أي يتشدَّدون. وقال بعضهم: الحُمْسة الحُرْمة، وإنما سُموا حُمْساً لنزولهم بالحرَم. ويقال عام أحْمَسُ، إذا كان شديداً. وأَرَضُونَ أحامسُ: شديدةٌ. وزعم ناسٌ أنّ الحَميس التَّنُّور. وقال آخرون: هو بالشين معجمة. وأيَّ ذلك كانَ فهو صحيحٌ؛ لأنه إن كان من السين فهو من الذي ذكرناه ويكون من شدة التهاب نارِه؛ وإن كان بالشين فهو من أحمشتُ النارَ والحربَ.

(حمش) الحاء والميم والشين أصلان: أحدهما التهاب الشيء وهَيْجه، والثاني الدِّقّة.

فالأول قولهم: أحمشتُ الرَّجُل: أغضبتُه. واستحمش الرجلُ، إذا اتّقَدَ غضباً([18]). قال:

* إني إذا حَمَّشَني تحميشي([19]) *

ومن الباب حَمَشْت الشيء: جمعتُه.

والأصل الثاني قولهم للدقيق القوائم حَمْش، وقد حَمَُشَتْ قوائمُه. ومن الباب قولهم: لِثَةٌ حَمْشةٌ: قليلة اللّحم.

(حمص) الحاء والميم والصاد ليس أصلاً يقاس عليه، وما فيه قياسٌ ويجوز أن يكون مِن جفافٍ في الشيء. ويقولون: انْحَمَصَ الوَرَم، إذا سَكَنَ. هذا أصحَّ ما فيه. والحَمَصِيصُ: بقلةٌ.

(حمض) الحاء والميم والضاد أصل واحدٌ صحيح، وهو شيءٌ من الطعوم. يقال شيءٌ حامض وفيه حُموضة. والحَمْض من النَّبْت ما كانت فيه ملوحة. والْخُلّة ما سوى ذلك. والعرب تقول:  الْخُلّة خبز الإبل والحَمْض فاكهتُها. وإنما تَحَوَّلُ إلى الحَمْض إذا مَلّت الخُلّة. وكلُّ هذا من النّبت. وليس شيءٌ من الشجر العظام بحَمْضٍ ولا خُلّة.

(حمط) الحاء والميم والطاء ليس أصلاً ولا فرعاً، ولا فيه لغةً صحيحة، إلا شيءٌ من النبت أو الشجر. يقال لجنسٍ من الحيَّات شيطان الحَمَاطِ. من المحمول عليه قولُهم: أصبْتُ حَماطةَ قلبِه، أي سواد قلبه، كما يقولون حبَّة قلبه، والحماطة، فيما يقال: وجَعٌ في الحلْق. وليس بذلك الصحيح. فإنْ صحَّ فهو محمولٌ على نبتٍ لعلَّ له طعماً حامزاً.

فأما قولهم الحَمَطيط والحِمْطاط، فالأوَّل نبت، والثاني دودٌ يكون في العُشب منقوشٌ بألوان، فمما لا معنى لذكرِه.

(حمق) الحاء والميم والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على كَساد الشيء. والضّعفِ والنُّقصان. فالحُمْق: نقصان العقل. والعرب تقول: انحمق الثوبُ. إذا بَلِي. وانحمقت السُّوق: كسدت.

(حمل) الحاء والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إقلال الشيء. يقال حَملْتُ الشيء أحمِلُه حَمْلاً. والحَمْل: ما كان في بطنٍ أو على رأس شجرٍ. يقال امرأةٌ حامل وحاملة. فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث. ومن قال حاملة بناه على حَمَلَتْ فهي حاملة. قال:

تَمَخَّضَتِ المَنونُ لـه بيومٍ *** أنَى ولكلِّ حامِلةٍ تِمامُ([20])

  والحِمْل: ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ. والحَمَالة: أن يحمل الرجلُ ديةً ثم يسعى عليها، والضَّمانُ حَمَالة، والمعنى واحد، وهو قياسُ الباب.

ومما هو مضافٌ إلى هذا المعنى المرأة المُحْمِل، وهي التي تنزِل لبنَها من غير حَبَل. يقال أحْمَلَت تُحْمِل إحْمالا. ويقال ذلك للناقة أيضاً. والحُمُول: الهوادج، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وتحامَلْتُ، إذا تكلَّفْتَ الشيءَ على مشقّةٍ. وقال ابن السكيت في قول الأعشى:

لا أعرفنّك إنْ جدَّت عداوتُنا *** والتُمِس النصرُ منكم عِوض تُحتَمَلُ([21])

  إنَّ الاحتمال الغضب. قال: ويقال احْتُمِل، إذا غَضِب. وهذا قياسٌ صحيح، لأنهم يقولون: احتملَه الغضب، وأقلّه الغضب، وذلك* إذا أزعجه. والحِمالة والمِحْمل عِلاقة السَّيف. ومنه قول امرئ القيس:

* حتى بلّ دمعِيَ مِحْملي([22]) *

والحَمُولة: الإبل تُحمَل عليها الأثقال، كان عليها ثِقْل أو لم يكن. والحَمولة: الإبل بأثقالها، والأثقالُ أنفُسها حَمُولة. ويقال أحمَلْتُ فلاناً، إذا أعنْتَه على الحمل. وحَمِيل السَّيل: ما يَحمله من غُثائه. وفي الحديث: "يخرج من النار قومٌ فيَنْبتون كما تنبت الحِبَّة في حميل السّيل([23])". فالحَميل: ما حمله السّيلُ من غُثاء. ولذلك يقال للدّعِيّ حَميل. قال الكميت يعاتب قُضاعة في تحوُّلهم إلى اليمين:

عَلامَ نَزلتمُ من غير فَقرٍ *** ولا ضَرَّاءَ منزلة الحَميلِ([24])

  فأمّا قولهم الأحمال- وهم من بني يَربوع، وهم ثعلبة وعمرو والحارث أبو سَلِيط وصُبَيْر- فيقال إنّ أمَّهم حملتهم على ظهرٍ في بعض أيّام الفَزَع، فسُمُّوا الأحمال. وإيّاهم أرادَ جريرٌ بقوله:

أبَنِي قُفَيرةَ مَن يُوَرِّع وِرْدَنا *** أم مَن يقومُ لِشدّةِ الأحمالِ([25])

  ويقال أدَلّ عليَّ فحمَلتُ إدلاله واحتَملتُ إدلالَه، بمعنىً. وقال:

أدلّتْ فلم أحمِلْ وقالت فلم أُجِبْ *** لعَمْرُ أبيها إنّني لظَلُومُ([26])

والقياس مطّردٌ في جميع ما ذكرناه. فأمّا البَرَقُ فيقال له حَمَلٌ، وهو مشتقٌّ من الحَمْل، كأنّه يقال حَمَلَتِ الشاةُ حَمْلاً، والمحمول حَمْل وحَمَلٌ كما يقال نفَضتُ الشيء نَفْضاً والمنفوض نَفَض، وحسَبت الشيء حَسْباً. والمحسُوبُ حَسَبٌ، وهو باب مستقيم. ثم يشبه بهذا فيقال لبُرج من بروج السماء حَمَل. قال الهذليّ([27]):

كالسُّحُل البِيض جلا لونَها *** سَحُّ نِجاءِ الحَمَلَ الأَسْوَل

ــــــــــــــــــ

([1]) ديوان الأعشى 132 واللسان (حمد).

([2]) البيت لرؤبة في ديوانه 105.

([3]) أي في جمع أحمر بهذا المعنى.

([4]) ملحقات ديوان الأعشى 247، واللسان (حمر).

([5]) كذا. ولعل وجه الكلام: "وكان العرب إذا بالغوا". وفي اللسان: "والعرب إذا ذكرت شيئاً بالمشقة والشدة. وصفته بالحمرة".

([6]) لخداش بن زهير، كما في اللسان (ضطر). وصدره: * وتركب خيلاً لا هوادة بينها *

([7]) البيت لمالك بن عوف النصري، كما في اللسان (ضطر). وفعالة: كناية عن خزاعة.

([8]) البيت في اللسان (مكا) وأمالي القالي (2: 32)، وسيعيده في (مكو).

([9]) في الأصل: "يغرد فعرد".

([10]) الرجز في اللسان (حمر، قبب، قبن).

([11]) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في (بلد).

([12]) في اللسان (حمر): * سبائب القز من ريط وكتان *

([13]) في المجمل: "والعلاة فوقهما"، وفي اللسان: "حجران ينصبان يطرح عليهما حجر رقيق يسمى العلاوة".

([14]) الرجز لمبشر بن هذيل بن فزارة الشمخي، كما في اللسان.

([15]) من رجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (حمر). وأنشد هذا البيت أيضاً في اللسان (ردح).وقبله:  * أعد للبيت الذي يسامره *

([16]) سبق البيت والكلام عليه في (حزز).

([17]) في اللسان (ربس، وقي): "الربيس" بالياء. صدره: * ولا أتقي الغيور إذا رآني *

([18]) في الأصل: "إذا اتقدوا واتقد".

([19]) لرؤبة في ديوانه 77. وأنشده في اللسان (حمش) بدون نسبة.

([20]) البيت لعمرو بن حسان، كما في اللسان (منن، حمل).

([21]) ديوان الأعشى 46 ومعلقات التبريزي 285.

([22]) جزء من بيت لامرئ القيس في معلقته. وهو بتمامه:

ففاضت دموع العين مني صبابة *** على النحر حتى بل دمعي محملي

([23]) سبق الحديث والكلام عليه في (حب).

([24]) البيت في اللسان (حمل).

([25]) ديوان جرير 468 واللسان والمجمل (حمل).

([26]) كلمة "إنني" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.

([27]) هو المتنخل الهذلي، كما في ديوان الهذليين ص45 من مخطوطة الشنقيطي واللسان (حمل).

 

 


ـ (باب الحاء والنون وما يثلثهما)

(حنو) الحاء والنون والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلّ على تعطّف وتعوُّج. يقال حنَوْتُ الشيءَ حَنْواً وحَنَيْتُه، إذا عطفتَه حَنْياً. وحِنْوُ السرج سمِّي بذلك أيضاً، وجمعه أحناء. ومنه حنَتِ المرأة على ولدها تحنُو، وذلك إذا لم تتزوَّجْ مِن بعد أبيهم، وهو من تعطُّفها عليهم. وناقةٌ حنْواء: في ظهرها احديدابٌ. وانحنَى الشيءُ ينحني انحناءً. والمَحْنِية: منعرَج الوادي. وأمّا الْحَنوَة والحِنّاء(1) فَنْبتَان معروفان، ويجوز أن يكون ذلك شاذّاً عن الأصل.‏

(حنب) الحاء والنون والباء أصلٌ واحدٌ يدلّ على الذي دلّ عليه ما قبله، وهو الاعوجاج في الشيء. فالمُحَنَّبُ: الفرسُ البعيدُ ما بين الرّجلين من غير فَحَجٍ؛ وذلك مدحٌ. ويقال إنّ الحنَب اعوجاجٌ في السّاقين. قال الخليل في تحنيب الخيل إنه إنما يوصف بالشدّة، وليس في ذلك اعوجاجٌ. وهذا خلافُ ما قاله أهلُ اللغة.‏

(حنث) الحاءُ والنون والثاء أصلٌ واحد، وهو الإثْم والحَرَج. يقال حَنِثَ فلانٌ في كذا، أي أثِمَ. ومن ذلك قولهم: بلغ الغلام الحِنْثَ، أي بلغ مبلغاً جَرى عليه القلمُ بالطّاعة والمعصية، وأُثبتت عليه ذنوبُه. ومن ذلك الحِنْث في اليمين، وهو الخُلْف فيه. فهذا وجه الإثم. وأمّا قولهم فلان يتحنّث من كذا، فمعناه يتأثّم. والفرق بين أَثِمَ وتَأَثّم، أن التأثُّم التنحِّي عن الإثم، كما يقال حَرج وتحرّج؛ فحَرِجَ وقع في الحَرَج، وتَحَرَّج تنحّى عن الحَرج. وهذا في كلماتٍ معلومةٍ قياسُها واحد.‏

ومن ذلك التحنّث وهو التعبُّد. ومنه الحديث: "أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتِي غار حراء فيتحنَّث فيه الليالي ذوَاتِ العدد".‏

(حنج) الحاء والنون والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الميل والاعوجاج. يقال حنَجْت الحبلَ، إذا فتلْتَه؛ وهو محنوجٌ. وحنَجت الرجلَ عن الشيء: أملتُه عنه. وأَحْنَجَ فلانٌ عن الشيء: عدَل. *فأمّا قولهم للأصل حِنْجٌ فلعلّه من باب الإبدال. وإن كان صحيحاً فقياسُه قياسٌ واحد؛ لأن كلَّ فرعٍ يميل إلى أصله ويرجع إليه.‏

(حنذ) الحاء والنون والذال أصلٌ واحد، وهو إنضاج الشيء. يقال شِواءٌ حَنِيذٌ، أي مُنْضَج، وذلك أن تحمى الحجارة وتُوضَعَ عليه حتى ينضَج. ويقال حنَذت الفرسَ، إذا استحضرتَه شَوطاً أو شوطين(2)، ثم ظاهَرْتَ عليه الْجِلالَ حتى يعرَق. وهذا فرسٌ محنوذٌ وحنيذ. وأما قولهم حَنَذٌ، فهو بلد. قال:‏

تأبَّرِي يا خَيْرَةَ النخيل  *** تأبَّري من حَنَذٍ فَشُولي(3)‏

ويقولون: "إذا سقيتَ فاحْنِذْ(4)" أي أقِلَّ الماءَ وأكثِرِ النبيذَ. وهو من الباب أيضاً؛ لأنَّها تبقى بحرارتها إذا لم تُكْسَر بالماء.‏

(حنر) الحاء والنون والراء كلمةٌ واحدة، لولا أنها جاءت في الحديث لما كان لِذِكرها وجه. وذلك أنَّ النون في كلام العرب لا تكاد تجيء بعدها راء. والذي جاء في الحديث: "لَوْ صلَّيتُم حتى تَصيروا كالحنائر(5)" فيقال إنَّها القسي، الواحدة حَنِيرة. وممكن أن يكون الراء كالملصقة بالكلمة، ويرجع إلى ما ذكرناه من حنيت الشيءَ وحنوْته.‏

(حنش) الحاء والنون والشين أصلٌ واحد صحيحٌ وهو من باب الصَّيد إذا صدتَه. وقال أبو عمرو: الحَنَش كلُّ شيءٍ يُصاد من الطير والهوام وقال آخرون: الحنَش الحيّة وهو ذلك القياس. فأمّا قولهم حَنَشْت الشيء، إذا عطفْتَه، فإن كان صحيحاً فهو من باب الإبدال. ولعله من عَنشْت أو عنَجْت.‏

(حنط) الحاء والنون والطاء ليس بذلك الأصل الذي يقاس منه أو عليه، وفيه أنَّه حَبٌّ أو شبيهٌ به. فالحنطة معروفة. ويقال للرَّمْث إذا ابيضَّ وأدرَكَ قد حَنِط. وذكر بعضُهم أنه يقال أحمر حانط، كما يقال أسود حالكٌ. وهذا محمولٌ على أن الحنطة يقال [لها] الحمراء. وقد ذُكِر.‏

(حنف) الحاء والنون والفاء أصلٌ مستقيم، وهو المَيَل. يقال للذي يمشي على ظُهور قدمَيه أحْنَفُ. وقال قومٌ- وأراه الأصحَّ- إنّ الحَنَفَ اعوجاجٌ في الرجل إلى داخل. ورجل أحنف، أي مائل الرِّجْلين، وذلك يكون بأن تتدانى صدورُ قدمَيه ويتباعد عقِباه. والحنيف: المائل إلى الدين المستقيم. قال الله تعالى:‏

{وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} [آل عمران 67]، والأصل هذا، تم يُتَّسع في تفسيره فيقال الحنيف النّاسك، ويقال هو المختون، ويقال هو المستقيم الطريقة. ويقال هو يتحنَّف، أي يتحرَّى أقومَ الطرِيق(6).‏

(حنق) الحاء والنون والقاف أصلٌ واحد، وهو تضايُق الشيء. يقال الضُّمَّر مَحانيق. وإلى هذا يرجع الحَنَق في الغيظ، لأنه تضايقٌ في الخُلُق من غير نَُدحة ولا انبساط. قال الشاعر في قولهم مُحْنَق:‏

ما كان ضَرَّك لو مَننْتَ وربما ***  مَنَّ الفتى وهو المغيظ المُحْنَق(7)‏

(حنك) الحاء والنون والكاف أصل واحد، وهو عضوٌ من الأعضاء ثم يحمل عليه ما يقاربُه من طريقة الاشتقاق. فأصل الحَنَك حَنَكُ الإنسان، أقصى فمه. يقال حَنَّكْت الصّبيّ، إذا مضَغت التمر ثم دلكتَه بحنكه، فهو مُحَنّك؛ وحَنَكْته فهو محنوك. ويقال: "هو أشدُّ سواداً من حَنَك الغراب" وهو منقاره، وأمّا حَلَكه فهو سواده. ويقال احتنك الجرادُ الأرضَ، إذا أتى على نبْتها؛ وذلك قياس صحيح، لأنه يأكل فيبلغ حنكَه.‏

ومن المحمول عليه استئصال الشيء، وهو احتناكه، ومنه في كتاب الله تعالى: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاَّ قَلِيلاً(8)} [الإسراء 62]. أي أُغوِيهم كلَّهم، كما يُستأْصَل الشيءُ، إلا قليلا.‏

فإن قال قائل: فنحن نقول: حنّكته التّجارُب، واحتَنَكتْه السِّنُّ *احتناكاً، ورجلٌ محتَنَك، فمن أي قياسٍ هو؟ قيل لـه: هو من الباب؛ لأنّه التناهِي في الأمر والبلوغُ إلى غايته، كما قلنا: احتنَكَ الجرادُ النّبت، إذا استأصله، وذلك بلوغُ نهايته. فأما القِدُّ الذي يجمعُ عَرَاصِيف الرّمْل؛ فهو حُنْكة. وهذا على التشبه بالحنك، لأنه منضمٌّ متجمع. ويقال حَنَكْتُ الشيءَ إذا فهمتَه. وهو من الباب، لأنك إذا فهِمتَه فقد بلغتَ أقصاه. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــ

(1) حق الحناء أن تكون في مادة (حنن). ويقال فيها "حنان" أيضاً.‏

(2) استحضر الفرس: أعداه. واحتضر الفرس، إذا عدا.‏

(3) الرجز في المجمل واللسان (حنذ). وهو لأحيحة بن الجلاح، كما في معجم البلدان.‏

(4) يقال بوصل الألف وقطعها.‏

(5) تمامه في اللسان: "ما نفعكم ذلك حتى تحبوا آل رسول الله". وهو من حديث أبي ذر.‏

(6) في المجمل: "أقوم الطرق".‏

(7) البيت من مرثية لقتيلة بنت الحارث بن كلدة، ترثي بها أخاها النضر بن الحارث. انظر حماسة أبي تمام‏  (1: 400) والسيرة 539 جوتنجن. قال السهيلي في الروض الأُنُف (2: 119): "والصحيح أنها بنت النضر لا أخته". وبهذه النسبة وردت في حماسة البحتري 443 واللسان (حنق) والإصابة 884 من قسم النساء. وجعل الجاحظ في البيان (3: 236) هذا الشعر لليلى بنت النضر بن الحارث.‏

(8) من الآية 62 في سورة الإسراء. وفي الأصل: "إلا قليلاً منهم"، تحريف.‏

 

 

ـ (باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)

(حوي) الحاء والواو وما بعده معتلٌّ أصل واحد، وهو الجمع يقال حوَيْتُ الشيءَ أحويه حَيَّاً([1])، إذا جمعتَه. والحَوِيَّة: الواحدةُ من الحوايا، وهي الأمعاء، وهي من الجمع. ويقولون للواحدة حاوياء. قال:

كأنّ نقيضَ الحَبِّ في حاويائِه *** فحيحُ الأفاعي أو نقيضُ العقارِبِ([2])

  والحَوِيَّةُ: كساءٌ يحوَّى حولَ سَنام البعير ثم يُركَب. والحيُّ من أحياء العرب. والحِواء: البيت الواحد، وكلُّه من قياس الباب.

(حوب) الحاء والواو والباء أصلٌ واحد يتشعّب إلى إثم، أو حاجة أو مَسكَنة، وكلها متقاربة. فالحُوبُ والحَوْب: الإثم. قال الله تعالى: {إنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً} [النساء 2]، و{حَوْباً كَبيراً([3])}. والحَوْبة: ما يَأثم الإنسانُ في عقوقه، كالأمِّ ونحوها. وفلان يتحوّب من كذا، أي يتأثم. وفي الحديث: "ربِّ تقبّلْ توبَتي، واغفِرْ حَوبتي". ويقال التحوُّب التَّوجُّع. قال طُفيل:

فذُوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ *** من الغيظ في أكبادنا والتحوُّبِ([4])

  ويقال: أَلْحَقَ [الله([5])] به الحَوْبة، وهي الحاجةُ والمَسْكنة.

فإنْ قيل: فما قياس الحَوْباء، وهي النَّفس؟ قيل لـه: هي الأصلُ بعينه؛ لأنّ إشْفَاق([6]) الإنسان على نفسه أغلبُ وأكثر.

فأما قولهم في زجر الإبل. حُوْبُِ، فقد قُلْنا إنّ هذه الأصوات والحكاياتِ ليست مأخوذةً من أصلٍ. وكلُّ ذي لسانٍ عربيٍّ فقد يمكنه اختراعُ مثل ذلك، ثم يكثُرُ على ألسنة الناس.

فأمّا الحَوأب فهو مذكور في بابه([7]).

(حوت) الحاء والواو والتاء أصلٌ صحيح منقاس، وهو من الاضطراب والرَّوَغان، فالحُوت العظيم من السّمَك، وهو مضطربٌ أبداً غير مستقرّ. والعرب تقول: حاوَتَنِي فلانٌ، إذا راوغَني. ويُنشَد هذا البيت:

ظَلّت تُحاوِتُني رَمْدَاءُ داهِيَةٌ *** يوم الثويَّةِ عن أهلي وعن مالي([8])

  (حوث) الحاء والواو والثاء قِيلٌ غيرُ مطَّردٍ ولا متفرّع. يقولون: إنّ الحَوْثَاءَ الكبدُ وما يليها. وينشدون:

* الكِرْشَ والحَوْثاء والمَرِيّا([9]) *

وجاريةٌ حَوْثاء: سمينة. قال:

* وهْيَ بِكْرٌ غريرةٌ حَوْثاءُ *

وتركهم حَوْثاً بَوْثاً. إذا فرَّقَهم. وكل هذا متقاربٌ في الضّعف والقِلّة، ويقولون اسْتَبَثْتُ الشيءَ واستَحثْتُه، إذا ضاع في ترابٍ فطلبتَه.

(حوج) الحاء والواو والجيم أصلٌ واحد، وهو الاضطرار إلى الشيء، فالحاجة واحدة الحاجات. والحَوْجاء: الحاجة. ويقال أحْوَجَ الرّجُلُ: احتاجَ. ويقال أيضاً: حاجَ يَحُوج([10])، بمعنى احتاجَ. قال:

غَنِيتُ فلَم أرْدُدْكمُ عند بُِغْيَةٍ *** وحُجْتُ فلم أكدُدْكمُ بالأصابعِ([11])

  فأمَا الحاجُ فضربٌ من الشَّوك، وهو شاذٌّ عن الأصل.

(حوذ) الحاء والواو والذال أصلٌ واحد، وهو من الخفّة والسُّرعة وانكماشٍ([12]) في الأمر. فالإحْواذ السَّير السريع. ويقال حاذَ الحمارُ أُتُنَه يحُوذها، إذا ساقَها بعُنْف. قال العجاج:

* يحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ([13]) *

والأحوذيُّ: الخفيف في الأمور، الذي حَذِقَ الأشياءَ وأتْقَنَها. وقالت عائشة في عمر: "كان واللهِ أحوَذِيَّاً نسيجَ وَحْدِه". والأحوذِيّان: جناحا القطاة. قال:

* على أحوذِيَّينِ استقلّت([14]) *

ومن الباب استحوَذَ عليه الشيطان، وذلك إذا غَلَبَه وساقَه إلى ما يريد من غَيِّه.

ومن الشاذّ عن الباب أيضاً أنهم يقولون: هو خفيفُ الحاذِ. ويُنشِدون:

خفيف الحاذِ نَسّال القيافي *** وعَبْدٌ للصَّحَابة غيرَ عَبْدِ([15])

  ومن الشاذّ عن الباب: الحاذُ، وهو شجرٌ.

(حور) الحاء والواو والراء ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخَر الرُّجوع، والثالث أن يدور الشيء دَوْراً.

فأما الأول فالحَوَر: شدّةُ بياض العينِ في شدّةِ سوادِها. قال أبو عمرو: الحَوَر أن تسودَّ العين كُلُّها مثلََُ الظباء والبقر. وليس في بني آدمَ حَوَرٌ. قال وإنما قيل للنساء حُورُ العُيون، لأنهن شُبِّهن بالظِّباء والبقر قال الأصمعيّ: ما أدري ما الحَوَر في العين. ويقال حوّرت الثيابَ، أي بيّضْتُها، ويقال لأصحاب عيسى عليه السلامُ الحواريُّون؛ لأنهم كانوا يحوِّرون الثِّياب، أي يبيّضونها. هذا هو الأصل، ثم قيل لكلِّ ناصر حَوَاريٌّ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الزُّبير ابنُ عمَّتي وحَوارِيَّ من أمّتي". والحَوَاريّات: النِّساء البيض. قال:

فقُلْ للحَوَاريّاتِ يبكين غيرَنا *** ولا يَبْكِنا إلا الكلابُ النوابحُ([16])

  والحُوَّارَى من الطَّعام: ما حُوِّر، أي بُيِّض. واحورَّ الشيءُ: ابيضّ، احوراراً. قال:

يا وَرْدَُ إني سأموتُ مَرَّهْ *** فمَنْ حَليفُ الْجَفْنَةِ المُحوَرَّهْ([17])

  أي المبيَّضَة بالسَّنَام. وبعضُ العرب يسمِّي النَّجم الذي يقال لـه المشترِي "الأحورَ".

ويمكن أن يحمل على هذا الأصل الحَوَرُ، وهو ما دُبِغ من الجلود بغير القَرَظ ويكون ليِّنا، ولعل ثَمَّ أيضاً لوناً. قال العجّاج:

بِحجِنَاتٍ يتثقَّبْنَ البُهَرْ *** كأنما يَمْزِقْنَ باللحم الحَوَرْ([18])

  يقول: هذا البازي يمزّق أوساطَ الطير، كأنه يَمْزِق بها حَوَراً، أي يُسرع في تمزيقها.

وأمّا الرجوع، فيقال حارَ، إذا رجَع. قال الله تعالى: {إنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلَى} [الانشقاق 14- 15]. والعرب تقول: "الباطلُ في حُورٍ" أيْ رَجْعٍ ونَقْصٍ، وكلُّ نقص ورجوع حُورٌ. قال:

* والذّمُّ يبقَى وزادُ القَومِ في حُورِ([19]) *

والحَوْر: مصدر حار حَوْراً رَجَع. ويقال: " [نعوذ بالله([20])] من الحَوْر بعد الكَوْر". وهو النُّقصان بعد الزيادة.

ويقال: "حارَ بعد ما كارَ([21])". وتقول: كلَّمتُه فما رجَعَ إليّ حَوَاراً وحِوَاراً ومَحُورَةً وحَوِيراً.

والأصل الثالث المِحْور: الخشبةُ التي تدور فيها المَحَالة. ويقال حَوّرْتُ الخُبْزَةَ تحويراً، إذا هيّأتها وأدَرْتَها لتضعَها في المَلَّة.

ومما شذَّ عن الباب حُِوار الناقة، وهو ولدُها.

(حوز) الحاء والواو والزاء أصلٌ واحد، وهو الجمع والتجمّع، يقال لكلِّ مَجْمَعٍ وناحيةٍ حَوْزٌ وحَوْزَة. وحَمَى فلانٌ الحَوْزَة، أي المَجْمع والناحية. وجعلته للمرأةُ مثلاً لما ينبغي أن تحمِيَه وتمنعَه، فقالت:

فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ في وجهه *** عنِّي وأحمِي حَوْزةَ الغائِبِ([22])

  ويقال تَحوّزَت الحيةُ، إذا تلوّتْ. قال القُطامي:

تَحَيَّزُ مِنِّي خشيةً أن أَضِيفَها *** كما انحازت الأفعى مخافةَ ضاربِ([23])

  وكلُّ مَن ضمَّ شيئاً إلى نفسه فقد حازَهُ حَوْزاً. ويقال لطبيعة الرجُل حَوْزٌ. والحُوزِيُّ من الناس: الذي يَنْحازُ عنهم ويعتزلهم. ويروى بيت العجّاج:

* يحوزُهنّ ولَهُ حُوزيّ([24]) *

وهو الحِمار يجمع أتُنَهُ ويسوقُها. والأحْوَزِيُّ من الرجال مثل الأحوذيّ والقياس واحد.

(حوس) الحاء والواو والسين أصلٌ واحد: مخالطة الشيء ووطؤُه. يقال حُسْتُ الشيءَ حَوْساً. والتحوُّس، كالتردّد في الشيء، وهو أنْ يُقِيم مع إرادة السفَر، وذلك إذا عارضَه ما يشغلُه. قال:

* سِرْ قَدْ أَنَى لك أيُّها المُتحوِّسُ([25]) *

ويقال الأحْوسُ الدائم الركْض([26])، والجريءُ الذي* لا يهوله شيء. قال:

* أحْوَسُ في الظلماء بالرُّمْحِ الخَطِلْ([27]) *

وهو حوّاس بالليل.

(حوش) الحاء والواو والشين كلمة واحدةٌ. الحُوش الوَحْش. يقال للوحشيِّ حُوشِيٌّ. وقال عمرُ في زهيرٍ: "كان لا يعاظِل بين القوافي، ولا يتبع حُوشِيَّ الكلام، ولا يمدَحُ الرّجلَ إلا بما فيه". قال القتبيّ: الإبل الحُوشيّة منسوبةٌ إلى الحُوش، وإنها فُحولُ نَعَم الجِنِّ، ضَرَبتْ في بعض الإبل فنُسِبتْ إليها. قال رؤبة:

*جَرَّت رحانا مِن بلاد الحُوشِ([28]) *

وأظنُّ أنَّ هذا من المقلوب، مثل جَذَبَ وجَبَذَ. وأصل الكلمة إن صَحّت فمن التجمُّع والجَمْع، يقال حُشْتُ الصّيدَ وأَحَشْتُه، إذا أخذْتَه من حَوَالِه([29]) وجمعتَه لتَصْرفه إلى الحِبالة. واحتَوَشَ القومُ فلاناً: جعَلُوه وَسْطهم. ويقال تَحَوَّشَ عنِّي القوم: تنحَّوا. وما ينحاش فلانٌ مِن شيءٍ، إذا لم يتجمَّعْ له؛ لقلّة اكتراثِه به. قال:

وبَيْضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأمُّها *** إذا ما رأتْنَا زِيل مِنّا زَوِيلُها([30])

  ويقال إنّ الحُوَاشَةَ الأمْرُ يكون فيه الإثمُ؛ وهو من الباب، لأن الإنسان يتجمَّع منه ويَنْحاش. وأنشد:

أردْتَ حُواشةً وجهِلْتَ حَقّاً *** وآثَرْتَ الدُّعابَةَ غير راضِ([31])

  ويقال الحُواشَة الاستحياء؛ وهو من الأصل، لأن المستحيي يتجمَّع من الشيء. والحَوْشُ: أن يأكل الإنسانُ من جوانب الطعام حتى يَنْهَكه([32]). والحائِش: جماعة النَّخْل، ولا واحدَ له.

(حوص) الحاء والواو والصاد كلمة واحدةٌ تدلُّ على ضِيق الشيء. فالحَوْص الخِياطة؛ حُصْت الثّوبَ حَوْصاً، وذَلك أن يُجمَع بين طرَفَيْ ما يُخاط. والحَوَصُ: ضِيقُ مُؤْخِر العينين في غَوْرها. ورجلٌ أحوص. ويقال بل الأحوص الضيِّق إحدى العَينَيْن.

(حوض) الحاء والواو والضاد كلمةٌ واحدةٌ، وهو الهَزْم في الأرض. فالحَوْض حَوْض الماء. واستَحْوَضَ الماءَ: اتَّخَذ لنفسه حَوْضاً. والمُحَوَّض، كالحوض يُجعل للنخلة تشربُ منه. ويقال فلانٌ يُحوِّض حَوَاليْ فُلانة، إذا كان يهواها. ويقال للرّجل المهزوم الصَّدْرِ: حوض الحِمار؛ وهو سَبٌّ.

(حوط) الحاء والواو والطاء كلمةٌ واحدة، وهو الشيء يُطِيفُ بالشيء. فالحَوْط مِن حاطَه حَوْطاً. والحِمار يَحُوط عانَتَه: يجمعُها. وحَوَّطت حائطاً. ويقال إنَّ الحُوَاطَةَ([33]) حَظِيرةٌ تتَّخذ للطعام. والحَوْطُ: شيءٌ مستدير تعلقهُ([34]) المرأةُ على جَبِينها، مِن فِضَّة.

(حوق) الحاء والواو والقاف أصلٌ واحد يقْرُب من الذي قبلَه. فالحََُوق: ما استدارَ بالكَمَرة. والحَوْق: كَنْس البَيت. والمِحْوَقة: المِكْنَسة. والحُواقَة: الكُنَاسَة.

(حوك) الحاء والواو والكاف، ضمُّ الشيء إلى الشيء. ومن ذلك حَوْك الثَّوْبِ والشّعر.

(حول) الحاء والواو واللام أصلٌ واحد، وهو تحرُّكٌ في دَوْرٍ. فالحَوْل العام، وذلك أنه يَحُول، أي يدور. ويقال حالتِ الدّارُ وأحالَتْ وأحْوَلتْ: أتى عليها الحول. وأحْوَلْتُ أنا بالمكان وأحَلْتُ، أي أقمتُ به حَوْلاً. يقال حال الرجل في متنِ فرسه يَحُول حَوْلاً وحُؤُولاً، إذا وثَبَ عليه، وأحال أيضاً. وحال الشخصُ يَحُول، إذا تحرَّك، وكذلك كلُّ متحوِّلٍ عن حالة. ومنه قولهم استَحَلْتُ الشخصَ، أي نظرتُ هَلْ يتحرَّك. والحِيلَة والحَويلُ والمُحاوَلَة مِنْ طَريقٍ واحد، وهو القياسُ الذي ذكرناه؛ لأنه يدور حوالَيِ الشيء ليُدْرِكَه. قال الكميت:

وذاتِ اسْمَين والألوانُ شَتَّى *** تُحَمَّق وهي بَيِّنَةُ الحَوِيلِ([35])

  ذات اسمَين: رَخمة؛ لأنها رخَمَةٌ وأَنُوق. تحمَّق وهي ذاتُ حِيلةٍ؛ لأنها تكون بأعالي الجبال، وتَقْطَع في أول القواطِع وترجعُ في أوَّلِ الرَّواجع وتحبُّ ولدها وتَحضُن بيضَها، ولا تمكِّن إلا زوجَها([36]). والحُوَلاء: ما يخرج من الولد؛ وهو مُطيفٌ.

(حوم) الحاء والواو والميم* كلمةٌ واحدة تقرُب من الذي قبلها، وهو الدَّوْر بالشيء يقال حام الطائرُ حَوْلَ الشيءِ يحوم. والحَوْمَةُ: مُعظَم القتال، وذلك أنهم يُطِيف بَعضُهم بِبَعض. والحَوْم: القطيع الضَّخم من الإبل. والحَوْمانة: الأرض المستديرة، ويقال يُطيفُ بها رمل.

ـــــــــــــــ

([1]) يقال حواه حيا، وحواية كسحابة.

([2]) لجرير في ديوانه 83 واللسان (حوى). وانظر ما سيأتي في (فح).

([3]) قرأ الجمهور بضم الحاء، والحسن بفتحها.

([4]) ديوان طفيل 14 والمجمل واللسان (حوب).

([5]) التكملة من المجمل واللسان.

([6]) في الأصل: "اشتقاق" تحريف.

([7]) سيذكره في باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف.

([8]) أنشده في المجمل واللسان (حوت). والثوية، بفتح فكسر، ويقال أيضاً بالتصغير: موضع قريب من الكوفة.

([9]) قبله كما في اللسان (حوث): * إنا وجدنا لحمها طريا *

([10]) يقال حاج يحوج ويحيج.

([11]) للكميت بن معروف الأسدي، كما في اللسان. ويروى: "وحجت" بالكسر.

([12]) في الأصل: "والكماش".

([13]) ديوان العجاج 71. وأنشده في اللسان (حوذ) بدون نسبة.

([14]) البيت بتمامه كما في اللسان:

على أحوذيين استقلت عليهما *** فما هي إلا لمحة فتغيب

([15]) هو كما قيل: "سيد القوم خادمهم". والبيت في اللسان (حوذ).

([16]) لأبي جلدة اليشكري، كما في اللسان والمؤتلف والمختلف للآمدي 79. وهو في الأخير برواية: "فقل لنساء المصر".

([17]) الرجز لأبي مهوش الأسدي، كما في اللسان. وترجمة أبي المهوش في الخزانة (3: 86). وورد: ترخيم وردة، وهي امرأته.

([18]) ديوان العجاج 17 واللسان (مزق، حور).

([19]) لسبيع بن الخطيم. وصدره كما في اللسان:

* واستعجلوا عن خفيف المضغ فازدردوا *

([20]) التكملة من المجمل واللسان.

([21]) في الأصل: "كان" تحريف، وإنما هي كار، بمعنى زاد.

([22]) البيت في اللسان (حوز، أيا).

([23]) يصف عجوزاً استضافها فجعلت تروغ عنه. ضفت الرجل: نزلت به ضيفا. والبيت في الديوان 52 واللسان (حوز، ضيف). ورواية الديوان:

فردت سلاماً كارها ثم أعرضت *** كما انحاشت الأفعى مخافة ضارب

([24]) ديوان العجاج 71 واللسان (حوز). وقد سبق في مادة (حوذ).

([25]) صدر بيت للمتلمس (حوس). وعجزه: * فالدار قد كادت لعهدك تدرس *

([26]) في الأصل: "الدائم الركض والجري الركض". والكلمتان الأخيرتان مقحمتان.

([27]) البيت في المجمل واللسان (حوس).

([28]) ديوان رؤبة 78 والحيوان (1: 155/ 6: 218) واللسان (حوش).

([29]) يقال من حواله وحواليه، وحوله وحوليه.

([30]) لذي الرمة في ديوانه 454 واللسان (8: 180/ 13: 337/ 20: 165) والحيوان (5: 574).

([31]) روايته في اللسان (حوش):

غشيت حواشة وجهلت حقاً *** وآثرت الغواية غير راض

([32]) في الأصل: "حتى ينكهه"، صوابه من المجمل.

([33]) في الأصل: "الحوصة"، صوابه من المجمل واللسان.

([34]) في الأصل: "تعلقها".

([35]) في الحيوان (7: 18) واللسان (حول): "كيسة الحويل".

([36]) انظر الحيوان (7: 19).

 

 

ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)

(حي) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خِلاف المَوْت، والآخر الاستحياء الذي [هو] ضِدُّ الوقاحة.

فأمّا الأوّل فالحياة والحَيَوان، وهو ضِدُّ الموت والمَوَتَان. ويسمَّى المطرُ حياً لأن به حياةَ الأرض. ويقال ناقةٌ مُحْي ومُحْيِيَةٌ: لا يكادُ يموت لها ولد. وتقول: أتيتُ الأرضَ فأحييْتُها، إذا وجَدْتَها حَيَّةَ النّباتِ غَضَّة.

والأصل الآخَر: قولهم استحييت منه استِحياءً. وقال أبو زيد: حَيِيتُ مِنه أَحيا، إذا استحيَيْتَ. فأمَّا حَياء النّاقة، وهو فَرْجُها، فيمكن أن يكون من هذا، كأنَّه محمولٌ على أنَّه لو كان ممن يستحيي([1]) لكان يستحيي من ظهوره وتكشُّفه.

(حيث) الحاء والياء والثاء ليست أصلاً؛ لأنَّها كلمةٌ موضوعة لكلِّ مكانٍ، وهي مبهمة، تقول اقعد حيثُ شئت، وتكون مضمومة. وحكى الكسائي فيها الفتحَ أيضاً.

(حيد) الحاء والياء والدال أصلٌ واحد، وهو المَيْل والعُدول عن طريق الاستواء. يقال حادَ عن الشيء يَحِيدُ حَيْدَةً وحُيوداً. والحَيُودُ: الذي يَحِيد كثيراً، ومثله الحَيَدى على فَعَلى. قال الهذلي([2]):

أو أصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ *** حَزَابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ

  الحَيْد: النادر من الجَبَل، والجمع حُيُودٌ وأحياد. والحُيُود: حيود قَرْن الظَّبي، وهي العُقَد فيه، وكلُّ ذلك راجعٌ إلى أصل واحد.

(حير) الحاء والياء والراء أصلٌ واحد، وهو التردُّد في الشيء. من ذلك الحَيْرة، وقد حار في الأمر يَحِير، وتحيَّر يتحير. والحَيْرُ والحائِر: الموضع يتحيّر فيه الماء. قال قيس([3]):

تَخْطُو على بَرْدِيّتين غذاهُما *** غَدِق بساحَةِ حَائر يَعْبوبِ

  ويقال لكلِّ ممتلئٍ مستَحِيرٌ، وهو قياسٌ صحيح، لأنه إذا امتلأ تردّد بعضُه على بعض، كالحائر الذي يتردّد فيه [الماء] إذا امتلأ. قال أبو ذؤيب:

* واستحارَ شَبابُها([4]) *

(حيز) الحاء والياء والزاء ليس أصلا؛ لأن ياءه في الحقيقة واوٌ. من ذلك الحيِّز الناحية. وانحاز القوم، وقد ذكر في بابه.

(حيس) الحاء والياء والسين أصلٌ واحد، وهو الخليط. قال أبو بكر: حِسْتُ الحبْلَ إذا فتَلْتَه، أحِيسُه حَيْسا. وهذا أصلٌ لما ذكرناه، لأنه إذا فتلَه تداخلَت قواه وتخالَطت. والحَيْس معروفٌ، وهو من الباب، لأنه أشياء تُخْلَط. قال أبو عُبيدٍ فيما رواه، للذي أحدَقَتْ به الإماء من كل وجهٍ، محيوس. قال: شُبِّه بالحَيْس.

(حيص) الحاء والياء والصاد أصلٌ واحد، وهو المَيْل في جَوْرٍ وتلدُّد. يقال حَاصَ عن الحقِّ يَحِيص حَيْصاً، إذا جارَ. قال:

* وإنْ حاصَتْ عن المَوْتِ عامرُ([5]) *

ويَرْوُون:

* بميزانِ صِدْقٍ ما يَحِيص شعيرةً([6]) *

ومن الباب قولهم: وقَعُوا في حَيْص بَيْص، أي شدّة. قال الهُذلي:

قد كُنْتُ خَرّاجاً ولوجاً صَيْرفاً *** لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ([7])

  (حيض) الحاء والياء والضاد كلمة واحدة. يقال حاضَتْ السَّمُرَةُ إذا خرج منها ماءٌ أحمر. ولذلك سمِّيت النُّفَساء حائضاً، تشبيهاً لدمها بذلك الماء.

(حيط) الحاء والياء والطاء ليس أصلاً، وذلك أن أصله في الحِياطة والحِيطة والحائطِ كلَّه الواوُ. وقد ذُكر في بابه.

(حيف) الحاء والياء والفاء أصلٌ *واحد، وهو المَيْل. يقال [حاف] عليه يَحِيفُ، إذا مالَ. ومنه تحيفْتُ الشيءَ، إذا أَخذْتَه من جوانبه، وهو قياسُ الباب لأنه مال عَنْ عُرْضِه إلى جوانبه.

(حيق) الحاء والياء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو نُزولُ الشيء بالشيء، يقال حاق به السُّوءُ يَحِيق. قال الله تعالى: {وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّـيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر 43].

(حيك) الحاء والياء والكاف أصلٌ واحد، وهو جِنسٌ من المَشْي، يقال حاك هو يَحِيك في مَشْيه حَيَكاناً، إذا حرّك مَنْكِبَيه وجسدَه. ومنه الحَيْك،

وهو أخذُ القول في القَلْب. يقال ما يَحِيك كلامُك في فلانٍ. وإنما قلت إنه منه، لأنَّ المشْيَ أخْذٌ في الطريق الذي يُمشَى فيه.

ومن هذا الباب: ضرَبَه فما أحاك فيه السَّيف، إذا لم يأخُذْ فيه.

(حين) الحاء والياء والنون أصلٌ واحد، ثم يحمل عليه، والأصل الزمان. فالحِينُ الزَّمان قليلُه وكثيرُه. ويقال عامَلْتُ فلاناً [مُحَايَنَةً([8])]، من الحِين. وأحيَنْتُ بالمكان([9]): أقمتُ به حيناً. وحاز حِينُ كذا، أي قرُب. قال:

وإنَّ سُلُوِّي عن جميلٍ لَساعةٌ *** من الدّهر ما حانت ولا حان حِينُها([10])

  ويقال حَيَّنْتُ الشاة، إذا حَلَبْتَها مرة بعد مرة. ويقال حَيَّنْتُها جعلت لها حيناً. والتأفين: أن لا تجعل لها وقتاً تحلبُها فيه. قال المُخَبّل:

إذا أُفِنَتْ أرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها *** وإن حُيِّنَت أربَى على الوَطْبِ حِينُها([11])

  وقال الفراء: الحِين حِينانِ، حينٌ لا يُوقَف على حَدِّه، وهو الأكثر، وحينٌ ذكره الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم 25]. وهذا محدودٌ لأنه ستّة أشهر.

وأما المحمول على هذا فقولهم للهلاك حَيْنٍ، وهو من القياس، لأنه إذا أَتَى. فلا بد له من حين، فكأنه مسمَّى باسم المصدر.

ـــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "يستحق".

([2]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما في اللسان ( صحم، جرمز، حزب، حيد). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.

([3]) يعني قيس بن الخطيم. والبيت في ديوانه 6. وعجزه في اللسان والتاج (عبب).

([4]) قطعة من بيت له في ديوانه 71 واللسان (حير). وتمامه:

ثلاثة أعوام فلما تجرمت *** تقضى شبابي واستحار شبابها

([5]) الشطر في المجمل (حيص).

([6]) صدر بيت لأبي طالب بن عبد المطلب. وقد أنشد هذا الصدر في اللسان (حصص): "ما يحص شعيرة". وفي السيرة 175: "لا يخيس". وفي الروض الأنف (1: 177): "لا يخس". وتمامه في الأخيرين:  * له شاهد من نفسه غير عائل *

([7]) سبق إنشاد عجزه في (بيص). والبيت لأمية بن أبي عائد الهذلي. انظر ما مضى في حواشي (بيص). وسيأتي في (لحص).

([8]) التكملة من المجمل.

([9]) في الأصل: "وأحنت المكان"، صوابه من المجمل واللسان.

([10]) البيت لبثينة صاحبة جميل. اللسان (حين). قال ابن بري: "لم يحفظ لبثينة غير هذا البيت".

([11]) البيت في اللسان (16: 158، 292)، وقد سبق بدون نسبة في (أفن).

 

 

ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)

اعلم أنّ الألِف في هذا الباب لا يخلو أن يكون من واوٍ أو ياء. والكلمات التي تتفرع في هذا الباب فهي مكتوبةٌ في أبوابها، وأكثرها في الواو، فلذلك تركنا ذِكرَها في هذا الموضع. والله تعالى أعلم.‏

 

 

ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)

(حبج) الحاء والباء والجيم ليس عندي أصلاً يعوّل عليه ولا يُفَرّع منه، وما أدري ما صحّة قولهم: حَبَجَ العَلَمُ بَدَا، وحَبَجَت النارُ: بدَتْ بَغْتَةً. وحَبِجَت الإبل، إذا أكلت العَرفَج فاشتكت بطونَها، كلُّ ذلك قريبٌ في الضَّعف بعضُه مِن بعض. وأما حَبَجَ بها، فالجيم مبدلةٌ من قاف.

(حبر) الحاء والباء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الأَثرُ في حُسْنٍ وبَهاء. فالحَبَار: الأثَر. قال الشاعر([1]) يصف فرساً:

ولم يقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ *** ولا لِحَبْليه بها حَبَارُ

 ثم يتشعَّب هذا فيُقال للذي يُكتَب به حِبرٌ، وللذي يَكتُب بالحبر حِبرٌ وحَبرٌ، وهو العالِم، وجمعه أحبار. والحَِبْر: الجمال والبهاء. ويقال ذو حَِبْرٍ وسَِبْرٍ. وفي الحديث: "يخرج من النار رجلٌ قد ذَهب حَِبْرُه وسَِبْرُه". وقال ابن أحمر:

لبِسْنا حِبْرَهْ حتى اقتُضِينا *** لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا([2])

  والمُحَبَّر: الشيء المزَيَّن. وكان يقال لطُفيلٍ الغنويِّ محبِّر؛ لأنه كان يحبّر الشعر ويزيِّنه.

وقد يجيء في غير الحُسْنِ أيضاً قياساً. فيقولون حَبِر الرجلُ، إذا كان بجلده قروحٌ فبرِئتْ وبقيت لها آثار. والحَِبْر([3]): صُفرة تعلُو الأسنان. وثوبٌ حَبِيرٌ من الباب الأول: جديدٌ حَسَن. والحَبْرَةُ: الفرح. قال الله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم 15]، ويقال قِدْحٌ مُحبَّر، أجيد بَرْيُه. وأرضٌ مِحبارٌ: سريعة النبات. والحَبِير من السحاب: الكثير الماء.

ومما شذَّ عن الباب قولهم: ما فيه حَبَرْبَرٌ، أي شيءٌ. والحُبَارَى: طائر ويقولون: "مات فلانٌ كَمَدَ الحُبَارَى" وذلك أنها تُلقِي ريشَها مع إلقاء سائر* الطيرِ ريشَه، ويُبطئ نباتُ ريشها. فإذا طار الطير ولم تَقْدِر هي على الطَّيران ماتت كَمَداً. قال:

وزَيدٌ ميِّتٌ كَمَد الحُبارَى *** إذا ظعنت هُنَيْدةُ أو مُلِمُّ([4])

  أي مقاربٌ. وقال الراعي في الحُبارى:

حلفتُ لهم لا يحسبون شَتِيمَتِي *** بعَيْنَيْ حُبارَى في حِبالةِ مُعْزِبِ([5])

رأتْ رجلاً يسعى إليها فحملقَتْ *** إليه بمَأْقي عينها المتقلِّبِ

تنوشُ برجليها وقد بَلّ ريشَها *** رَشاشٌ كغِسْلِ الوفرة([6])…

  المُعْزِب([7]): الصائد؛ لأنه لا يأوي إلى أهله. وحَمْلقَتْ: قَلَبت حملاقَ عينِها. والمعنى أن شتمكم إيّاي لا يذهب باطلاً، فأكون بمنزلةِ الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحِبالة إلا تقليبُ عينها. وهي من أذَلّ الطير. وتنوشُ برجليها: تضربُ بهما. والغِِسْل: الخِطمى. يريد سلحَتْ على ريشها. ومثلُه قول الكُميت:

وَعِيدَ الحُبارَى من بعيدٍ تنفَّشت *** لأزرقَ مَعْلولِ الأظافير بالخَضْبِ([8])

  (حبس) الحاء والباء والسين. يقال حَبَسْتُه حَبْساً. والحَبْس: ما وُقِف. يقال أَحْبَسْتُ فرساً في سبيل الله ([9]). والحِبْسُ: مَصنعةٌ للماء، والجمع أحباس.

(حبش) الحاء والباء والشين كلمةٌ واحدة تدلُّ على التجمُّع. فالأحابيشُ: جماعات يتجمَّعون من قبائلَ شتَّى. قال ابن رَوَاحةَ:

وجئنا إلى موجٍ من البحر زاخرٍ *** أحابِيشَ منهم حاسرٌ ومُقَنَّعُ([10])

  (حبص) الحاء والباء والصاد ليس أصلاً. ويزعمون أنّ فيه كلمةً واحدة.

ذكر ابن دريد([11]): حَبَصَ الفَرَسُ، إذا عدا عدْواً شديداً.

(حبض) الحاء والباء والضاد أصلان: أحدهما التحرّك، والآخَرَ النقص.

فالحَبَضُ: التحرُّك، ومنه الحابض، وهو السَّهم الذي يقع بين يدي رامِيهِ، وذلك نقصانه على الغرض([12]). ويقال حَبَضَ ماءُ الرّكِيَّة: نَقَص.

ويقال من الثاني: أحْبَض فلانٌ بِحقِّي إحباضاً، أي أبطله. وأمَّا المحابض، وهي المَشاوِر: عيدانٌ تُشْتار بها العَسَل([13])، فممكن أن يكون من الأول. قال ابن مُقبِل:

كأنَّ أصواتَها من حيثُ تسمعُها *** صَوْتُ المحابض ينْزعِن المَحارينا([14])

  (حبط) الحاء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بطلانٍ أو ألَمٍ. يقال: أحبط اللهُ عملَ الكافر، أي أبطله.

وأمّا الألَم فالحَبَط: أن تأكل الدَّابةُ حَتَّى تُنْفَخ لذلك بطنُها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ مما يُنبِت الرَّبيعُ ما يقتُل حَبَطاً أو يُلِمّ".

وسُمِّي الحارثُ الحَبَِطَ([15]) لأنّه كان في سفرٍ؛ فأصابه مثلُ هذا. وهم هؤلاء الذين يُسَمَّوْن الحَبِطَاتِ من تميم.

ومما يقرب من هذا الباب حَبِطَ الجِلدُ، إذا كانت به جراحٌ فَبَرَأت وبقيتْ بها آثارٌ.

(حبق) الحاء والباء والقاف ليس عندي بأصلٍ يُؤخَذُ به ولا معنى له. لكنهم يقولون حبَّق متاعَه، إذا جمعه. ولا أدري كيف صحَّتُه.

(حبك) الحاء والباء والكاف أصل منقاسٌ مطّرِد؛ وهو إحكام الشَّيء في امتدادٍ واطِّراد. يقال بعيرٌ مَحْبُوكُ القَرَى، أي قويُّه. ومن الاحتباك الاحتباء، وهو شد الإزار؛ وهو قياس الباب.

وحُبُك السماء في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات 7]، فقال قومٌ: ذاتِ الخَلْق الحَسن المُحْكَم. وقال آخرون: الحُبُك الطرائق، الواحدة حَبِيكة. ويراد بالطّرائِق طرائِق النُّجوم.

ويقال كساءٌ مُحَبَّكٌ، أي مخطَّط.

(حبل) الحاء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد الشيء. ثمّ يحمل عليه، ومَرْجِع الفروع مرجعٌ واحد. فالحبل الرَّسَن، معروف، والجمع حِبال. والحبل: حبل العاتق. والحَبل: القطعة من الرّمل يستطيل.

والمحمول عليه الحَبْل، وهو العهد. قال الأعشى:

وإذا تُجَوِّزها حبالُ قبيلةٍ *** *أخذت من الأخرى إليك حبالَها([16])

  ويريد الأمانَ وعُهودَ الخََُِفارة. يريد أنّه يُخفَر من قبيلةٍ حتّى يصل إلى قبيلةٍ أخرى، فتخفر هذه حتّى تبلغ. والحِبالة: حِبالة الصائد. ويقال احتَبَلَ الصّيدَ، إذا صادَهُ بالحبالة. قال الكميت:

ولا تجعلوني في رجائِيَ وُدَّكُمْ *** كَراجٍ على بيض الأنوق احتبالَها([17])

  لا تجعلوني كَمنْ رجا مَن لا يكون؛ لأنّ الرخَمَة لا يُوصَل إليها، فمَنْ رجا أن يَصِيدَها على بيضها فقد رجا ما لا يكون.

وأمّا قول لبيد:

ولقد أغْدُو وما يُعْدِمُني *** صاحبٌ غَيْرُ طويلِ المحْتَبَلْ([18])

  فإنّه يريد بمحتَبَلِهِ أرساغَه، لأنّ الحبلَ يكون فيها إذا شُكِلَ.

ويقال للواقف مكانَه لا يفرّ. "حَبِيلُ بَرَاحٍ"، كأنّه محبولٌ، أي قد شُدّ بالحِبال. وزعم ناسٌ أنّ الأسدَ يقال له حَبِيلُ بَرَاحٍ.

ومن المشتق من هذا الأصلِ الحِبْل، بكسر الحاء، وهي الداهية. قال:

فلا تَعْجَلِي يا عَزَّ أنْ تتفهَّمِي *** بنُصْحٍ أتَى الواشونَ أم بِحُبولِ([19])

  ووجْهُهُ عندي أنّ الإنسان إذا دُهِي فكأنّه قد حُبِل، أي وقع في الحِبالة، كالصَّيد الذي يُحبَل. وليس هذا ببعيدٍ.

ومن الباب الحَبَل، وهو الحَمْل، وذلك أن الأيّام تَمْتَدُّ به. وأمّا الكَرْم فيقال له حَبْلة وحَبَلَة، وهو من الباب، لأنه في نباتِهِ كالأرشية. وأما الحُبْلَة فثمر العِضاه. وقال سعد بن أبي وقّاص: "كنا نَغزُو مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وما لنا طعامٌ إلاّ الحُبْلَة وورق السَّمُر". وفيما أحسب أنّ الحُبْلَة، وهي حَلْي يُجعَل في القلائد، من هذا، ولعلَّه مشبَّه بثمرِهِ. قال:

ويَزِينها في النَّحر حَلْيٌ واضِحٌ *** وقلائدٌ من حُبْلَةٍ وسُلوسِ([20])

  (حبن) الحاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ، فيه كلمتان محمولةٌ إحداهما على الأخرى. فالحِبْن كالدُّمَّل في الجَسد، ويقال بل الرّجُل الأحْبَن الذي به السِّقْي([21]). والكلمة الأُخْرى أمُّ حُبَيْن، وهي دابّة قدرُ كفِّ الإنسان.

(حبو) الحاء والباء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو القُرْب والدنُوّ؛ وكل دانٍ حابٍ. وبه سُمِّي حَبِيُّ السَّحاب، لدنُوِّه من الأفق. ومن الباب حبَوْتُ الرّجلَ، إذا أعطيتَه حُبْوة وحِبْوة، والاسم الحِباء. وهذا لا يكون إلا للتألُّف والتقريب. ومنه احتَبَى الرّجُل، إذا جَمَع ظَهْرَه وساقَيه بثوبٍ، وهي الحِبوة والحُبْوة أيضاً، لغتانِ. والحابي: السهم الذي يزحَفُ إلى الهَدَف. والعرب تقول: حبَوْت للخَمْسِينَ، إذا دنوتَ لها. وذكر الأصمعيُّ كلمةً لعلها تبعُد في الظاهر من هذا الأصل قليلاً، وليست في التحقيق بعيدة قال: فلان يَحْبُو ما حَوْلَه، أي يحميه ويَمنعُه. قال ابنُ أحمر:

وراحَتِ الشَّوْلُ ولم يَحْبُها *** فَحْلٌ ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِرّْ([22])

  ويقال، وهو القياس المطَّرِد، إنّ الحِبَى مقصور مكسور الحاء: خاصّةُ المَلِك، وجمعه أحْبَاء. وقال بعضهم: بل الواحد حَبَأٌ مهموز مقصور. وسمي بذلك لقُربه ودُنُوِّه. فلم يُخْلِفْ من الباب شيءٌ. والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) الأولى أن يقول "الراجز"، وهو حميد الأرقط، كما في اللسان (حبر). وانظر ما سيأتي في "قلب".

([2]) البيت في المجمل واللسان (حبر).

([3]) يقال بالفتح والكسر وبكسرتين.

([4]) لأبي الأسود الديلي كما في الحيوان (5: 445). وانظر الأغاني (11: 117) واللسان

(5: 232).

([5]) في الأصل: "المغرب"، والسباق يقتضي ما أثبت.

([6]) كذا ورد البيت منقوصاً.

([7]) في الأصل: "المغرب"، تحريف.

([8]) البيت في الحيوان (5: 452).

([9]) يقال حبسه وأحبسه وحبسه بالتشديد، اللسان والقاموس.

([10]) البيت في المجمل (حبش).

([11]) الجمهرة (1: 223).

([12]) كذا. ولها وجه.

([13]) في اللسان: "والعرب تذكر العسل وتؤنثه. وتذكيره لغة معروفة والتأنيث أكثر".

([14]) البيت في اللسان (حبض، حرن)، وسبق عجزه في (حرن).

([15]) هو الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. انظر اللسان (9: 141) حيث تجد مع هذا قولاً آخر في الحبطات.

([16]) ديوان الأعشى 24 والمجمل واللسان (جعل).

([17]) في الأصل: "ولا تحبكوني"، صوابه في الحيوان (7: 20) ونهاية الأرب (10: 208).

([18]) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (حبل). وأعدمني الشيء: لم أجده.

([19]) البيت لكثير، كما في المجمل واللسان (حبل).

([20]) البيت لعبد الله بن سليم الغامدي، كما في اللسان (سلس، حبل)، وانظر المفضليات (1: 114). وفي الأصل: "ويزينه"، صوابه من المجمل واللسان. وعجزه في (سلس).

([21]) السقي، بالفتح والكسر: ماء أصفر يقع في البطن.

([22]) لم يعتس فيها مدر: أي لم يطف فيها حالب يحلبها. وفي الأصل: "ولم يغلس"، صوابه في المجمل واللسان (حبا).

 

 

ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما([1]))

(حتر) الحاء والتاء والراء أصلانِ: أحدهما إطافةُ الشيء بالشيء واستدارةٌ مِنه حَوْلَه، والثاني تقليلُ شيءٍ وتزهيدُه.

فالأوّل الحَتَارُ: ما استدار بالعَين من باطن الجَفْن، وجمعه حُتُرٌ. وحَتَار الظُّفْر: ما أحاط به. ومن الباب الحَتَار، وهو هُدْب الشِّقّة وكِفَّتها، والجمع حُتُر. قال أبو زيدٍ الكلابيُّ: الحُتُر ما يُوصَل بأسفل الخِباء إذا ارتفع عن الأرض وقَلَصَ ليكونَ سِتْرا. ويقال حَتَرْتُ البيتَ. وقال بعض أهل اللغة: الحتر تحديق العين عند النظر إلى الشَّيء([2]). وقال حَتِرَ يحتِرِ حَتْراً؛ وهو قياس الباب. ومن الباب أحْتَرْتُ العُقْدةَ، إذا أحكمتَ عقْدَها *وهو من الأوّل؛ لأنّ العَقْد لا يكون إلاّ وقد دار شيءٌ على شيء.

والأصل الثاني: أحترتُ القَومَ ولِلقومِ، إذا فَوَّتَّ عليهم طعامَهم. قال الشنفرى:

وأُمَُِّ عِيالٍ قد شهدْتُ تقُوتُهم *** إذا أطعَمَتْهم أحْتَرَتْ وأقلّتِ([3])

  ويقال الحُتْرَة الوَكِيرة([4]). يقال حَتِّرْ لنا. وليس ببعيد؛ لأنَّ الوَكيرة أقلُّ الولائم والدّعوات. ويقولون: إنّ الحَتْرَة رضْعَة([5]). ويقولون: ما حَتَرْتُ اليومَ شيئاً أي ما ذُقْت. قال الشاعر:

أنتمُ السّادة الغُيوث إذا البا *** زِلُ لم يُمْسِ سَقْبُها محتُورا([6])

  يقول: لم يكن لها لبنٌ كثير، ولا لها لبنٌ قليل ترضعُه سَقْبَها.

(حتأ) الحاء والتاء والهمزة كلمةٌ واحدة ليست أصلاً، وأظنُّها من باب الإبدال وأنها مبدلة من كافٍ. يقولون أَحْتَأْتُ الثَّوبَ إحتاءً، إذا فَتَلْتَه([7]). ظناً أنه من الإبدال([8]) فمن أحكَأْت العُقدة. وقد مضى تفسير ذلك. ويقول…

(حتم) الحاء والتاء والميم، ليس عندي أصلاً، وأكثر ظنِّي أنه أيضاً من باب إبدال التاء من الكاف، إلاّ أنّ الذي فيه من إحكام الشيء. يقال: حتم عليه، وأصله على ما ذكرناه حَكَم، وقد مضى تفسيره.

والحاتم: الذي يقضي الشَّيء. فأمّا تسميتُهم الغُرَابَ حاتِماً فمن هذا، لأنهم يزعمون أنه يَحتِم بالفراق. وهو كالحُكْم منه. قال:

ولقد غَدَوْتُ وكنتُ لا *** أغْدُو على وَاقٍ وحاتِمْ([9])

  وفي الباب كلمةٌ أخرى ويقرب أيضاً من باب الإبدال. ويقولون الحُتَامة: ما بقي من الطَّعام على المائدة - وهذا عندي من باب الطاء لأنّه شيءٌ لا يتحَتَّم([10]) أي يتفتَّت ويتكسَّر. وقد مرَّ تفسيرُه.

(حتد) الحاء والتاء والدال أصلٌ واحد، وهو استِقرار الشَّيءِ وثباتُهُ. فالحَتْد: المُقَام بالمَكَان. حَتَد يَحْتِد. ومنه المَحْتِدُ، وهو الأصل؛ يقال: هو في مَحتِدِ صِدق. والحُتُد: العين لا ينقطع ماؤُها، وهو قياس الباب.

(حتن) الحاء والتاء والنون أصل واحد يدلُّ على تساوي الأشياء. فالحَتِن: القِرْن؛ يقال هما حَِتْنان أي سِيَّان. وتَحَاتَنُوا، إذا تساوَوْا. ويقال وقعت النَّبْلُ في الهدَف حَتَْنَى. على فَعَْلََى، إذا تقاربَتْ مواقِعُها. وكل شيء لا يخالف بعضُه بعضاً فهو محتَتِنٌ.

(حتف) الحاء والتاء والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها؛ وذلك أنّه إلا يُبنى منها فِعل، وهو الحَتْف، وجمعه حُتوف، وهو الهلاك.

(حتل) الحاء والتاء واللام ليس هو عندي أصلاً، وما أحُقُّ أيضاً ما حكَوْه فيه، وهو يدلُّ على القِلَّة والصِّغر. يقولون: الحَوْتَل الغلام حين يُرَاهِق([11]). ويقولون: لِفراخ القطا حَوْتَل. وهذا عندي تصحيفٌ، إنما هو حَوْتك بالكاف، وقد ذُكِر. ويقال حَتَلَ له: أعطاه. وليس بشيء.

(حتك) الحاء والتاء والكاف يدلُّ على مقاربةٍ وصِغَر. فالحَتْك: أن يقارب الخَطْو ويُسرِع رَفْع الرِّجل ووضْعَها. وهو صحيح من الكلام معروفٌ. ويُبْنَى منه الحَتَكان، وهو غير الحَيَكان. والحواتِك: صغار النَّعام. والحوتك: القصير.

(حتو) الحاء والتاء والحرف المعتل بعده أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شدَّةٍ. فالحَتْو: العَدْوُ الشديد، يقال حتا يحتو حَتْواً. والحَتْو: كفُّكَ هُدْبَ الكِساء، تقول حَتَوْتُه. فأمّا الحَتِيُّ فيقال: إنّه سَويق المُقْلِ، وهو شاذ. وقد يجوز أن يُقْتَاسَ([12]) لـه بابٌ فيه بعض الخُشونة. قال الهذلي([13]):

لا دَرَّ درِّيَ إنْ أطعمْتُ نازلَكُم *** قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البرُّ مكنُوزُ

ـــــــــــــــــــ

([1]) وردت مواد هذا الباب غير منسوقة على النسق الذي جرى عليه.

([2]) لم يرد هذا المعنى في المعاجم المتداولة، إلا في الجمهرة (2: 3). وذكر في فعله يحتِر ويحتُر بكسر التاء وضمها.

([3]) البيت في اللسان (حتر)، وذكره بدون نسبة في المجمل. وقصيدة الشنفرى في المفضليات

(1: 106-110).

([4]) هي طعام يصنع عند بناء البيت.

([5]) في اللسان: "الرضعة الواحدة". وفي المجمل: "ويقال إن الحترة رضعة كافية".

([6]) البيت في المجمل (حتر).

([7]) في المجمل: "إذا فتلته فتل الأكسية".

([8]) كذا وردت هذه العبارة.

([9]) البيت للمرقش. وانظر تحقيق نسبته في حواشي الحيوان (3: 436) واللسان (حتم).

([10]) في الأصل: "عظيم"، والوجه ما أثبت. انظر اللسان (حتم 4).

([11]) لم يذكر في اللسان. وذكر في القاموس.

([12]) في الأصل: "يقتلس".

([13]) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 87 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 46. وانظر باقي الكلام على نسبته في حواشي الحيوان (5: 285).

 

 

ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)

(حثر) الحاء والثاء والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على تَحَبُّبٍ في الشيءِ وغِلَظ. ويقال حَثِرَتْ عَيْنُ الرجل حَثَراً، إذا غَلُظَتْ أجفانُها مِن بكاءٍ([1]) أو رَمد. وحَثِرَ العَسَل، إذا تحبَّبَ. والحَوْثَرَة: بعضُ أعضاءِ *الرَّجُل([2]). وليس من قياس الباب. والحواثر: قومٌ من عبد القيس. وحُثارة التّبْنِ: حُطامه.

([حثو/ي]) الحاء والثاء والحرف المعتل يدل على ذَرْو الشَّيءِ الخَفيف السبيح([3]). من ذلك الحَثَا، وهو دُقاق التِّبْن. قال:

وأغبَرَ مَسْحولِ التُّرَابِ تَرَى له *** حَثاً طردَتْه الرِّيح من كل مَطْرَد

  وقال الراجز:

* كأنّه غِرارَةٌ مَلأَى حَثَا([4]) *

ويقال حَثَا التُّرابَ يَحْثُوه. قال:

الحُصْنُ أدْنَى لو تريدِينَه *** من حَثْوِكِ التُّربَ على الراكبِ([5])

  ويقال حَثَى يَحْثِي حَثْياً. وهو أفصح. قال:

* أَحْثِي على دَيْسَمَ مِن جَعْدِ الثَّرى([6]) *

ويقال أرضٌ حَثْواء: حثيرة التّراب.

(حثل) الحاء والثاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على سُوء وحَقَارة. فحُثالة البُرِّ: ردِيُّه. وحُثالة الدُّهن وما أشبهه: ثُفْلُهُ. والمُحْثَل: السيِّئ الغِذاء. قال متمم:

وأرْمَلَةٍ تمشِي بأشْعَثَ مُحْثَلٍ *** كفَرخ الحُبارَى رأسُه قد تَصَوَّعا([7])

  شبَّهه بفرخ الحُبارَى لأنه قبيحُ المنظر منَتَّفُ الرِّيش.

(حثم) الحاء والثاء والميم يدلُّ على شدّةٍ. فالحَثْمَة: الأكَمَة، وبها سمِّيت حجر

المرأة "حَثْمة". وقال بعضُ أهل اللُّغة: حثَمتُ الشَّيءَ حثْماً: دلكتُه([8]).

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "من كل بكاء".

([2]) هي الحشفة، رأس الذكر.

([3]) كذا ورد في الأصل.

([4]) البيت من أبيات أربعة في اللسان (حثا) بدون نسبة. ونسب في ديوان الشماخ 107 إلى الجليج ابن شميذ.

([5]) المعروف في روايته، كما في المجمل واللسان (حثا، حصن): "لو تآييته". تآييته: قصدته.

([6]) أنشده في المجمل. وكذا أنشده ابن دريد في الجمهرة (2: 265)، ونقله عنها في اللسان محرفاً. وديسم: اسم من الأسماء، ترك صرفه للشعر.

([7]) البيت في اللسان (حثل) والمفضليات (2: 66).

([8]) قاله ابن دريد في الجمهرة (2: 35)، وقال: "وليس بثبت".

 

 

ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)

(حجر) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطَّرد، وهو المنْع والإحاطة على الشيء. فالحَجْر حَجْر الإنسان، وقد تكسر حاؤه. ويقال حَجَر الحاكمُ على السَّفيه حَجْراً؛ وذلك منْعُه إيَّاه من التصرُّف في ماله. والعَقْل يسمَّى حِجْراً لأنّه يمنع من إتيانِ ما لا ينبغي، كما سُمِّي عَقْلاً تشبيهاً بالعِقال. قال الله تعالى: {هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر 5]. وحَجْرٌ: قصبَة اليمامة.

والحَجَر معروف، وأحسَِب أنَّ البابَ كلَّه محمولٌ عليه ومأخوذ منه، لشدَّته وصلابته. وقياسُ الجمْع في أدنى العدد أحجار، والحجارة أيضاً له قياس، كما يقال: جمل وجِمالة، وهو قليل. والحِجْر: الفرس الأنثى؛ وهي تصانُ ويُضَنُّ بها. والحاجرُ: ما يُمْسك الماءَ من مكانٍ منْهَبِط، وجمعه حُجْرانٌ([1]). وحَجْرة القوم: ناحية دارهم وهي حِماهُم. والحُجْرة من الأبنية معروفة. وحجَّر القَمَرُ، إذا صارت حولَه دارةٌ.

ومما يشتقُّ من هذا قولهم: حَجَّرْتُ عينَ البعير، إذا وسمْتَ حولَها بميسمٍ مستدير. ومَحْجِر العَين: ما يدور بها، وهو الذي يظهر من النِّقاب. والحِجْر: حطِيم مَكَّة، هو المُدَار بالبيت. والحِجْر: القرابة. والقياس فيها قياس الباب؛ لأنها ذِمامٌ وذِمارٌ يُحمَى ويُحفَظ. قال:

يُرِيدُونَ أن يُقْصُوهُ عَنِّي وإنّه *** لَذُو حَسَبٍ دانٍ إليّ وذو حِجْرِ([2])

  والحِجْر: الحرام. وكان الرجل يَلقَى الرجلَ يخافُه في الأشهُر الحُرُم، فيقول: حِجْراً؛ أي حراما؛ ومعناه حرامٌ عليك أن تنالَني بمكروه، فإذا كان يومُ القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون: {حِجْراً مَحْجُوراً} [الفرقان 22]، فظنُّوا أنّ ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهُم في الدُّنيا. ومن ذلك قول القائل:

حَتى دَعَوْنا بأَرحامٍ لهم سَلَفَتْ *** وقال قائلُهم إنِّي بحاجُورِ([3])

  والمحاجر: الحدائق: واحدها مَحْجِر. قال لبيد:

* تُرْوِي المَحَاجِرَ بازلٌ عُلْكومُ([4]) *

(حجز) الحاء والجيم والزاء أصلٌ واحدٌ مطَّرد القياس، وهو الحَوْلُ بين الشيئين. وذلك قولهم: حَجَزْتُ بين الرجلين وذلك أن يُمنَع كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبه. والعرب تقول "حَجَازَيْك" على وزن حَنانَيْك، أي احْجُِزْ بينَ القوم وإنما سمِّيت الحجازُ حجازاً لأنها حَجَزَت بين نجدٍ والسَّراة. وحُجْزَة الإزار: مَعْقِده. وحُجْزة السراويل: موضع التِّكَّة. وهذا على التَّشبيه والتمثيل، كأنه حجز بين الأعلى والأسفل. ويقال: "كانت بينَ القوم رِمِّيَّا* ثم صارت إلى حِجِّيزَى"، أي ترامَوْا  ثم تحاجَزُوا. فأما قول القائل:

رِقاقُ النِّعال طيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْ *** يُحَيَّوْنَ بالرِّيحانِ يومَ السباسبِ([5])

  وهي جمع حُجْزة، كنايةٌ عن الفُروج، أي إنهم أَعِفّاء.

(حجف) الحاء والجيم والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس، وهي الحَجَفَة، وهي الترس الصَّغير يُطارَق بين جِلْدين وتُجعَل منهما حَجَفة. والجَمْع حَجَفٌ. قال:

أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفرات *** وفينا السُّيوفُ وفينا الحَجَفْ([6])

  (حجل) الحاء والجيم واللام ليس يتقارَبُ الكلامُ فيه إلا من جهةٍ واحدة فيها ضعف، يقال على طريقة الاحتمال والإمكان إنه شيءٌ يطيف بشيء. فالحِجْل الخَلْخال، وهو مُطِيفٌ بالسَّاق. والحَجَلة: حَجَلة العَرُوس. ومرّ فلانٌ يَحْجُِلُ في مِشْيته، أي يَتبختر. وهو قياسُ ما ذكرناه، كأنه يُدور على نفْسه. وتحجيل الفَرَس: بياضٌ يُطيف بأرساغه. والحَوْجلَة: القارورة. قال الراجِز([7]):

كأنَّ عينَيْهِ من الغُؤُورِ ***

قَلْتَانِ في صَفْحِ صَفاً منْقُورِ

أذاكَ أم حَوْجَلَتَا قَارُورِ

 وقال علقمة:

* كأَنَّ أعيُنَها فيها الحواجيلُ([8]) *

ومما شذّ عن الباب الحَجَلُ، هذا الطائر. ومن الباب قول الأصمعيّ: حجَّلت العينُ: غارت.

(حجم) الحاء والجيم والميم أصلٌ واحد، وهو ضربٌ من المنْع والصَّدْف([9]). يقال أحجَمْتُ عن الشيء، إذا نكَصْتَ عنه. وحُجِمَ البعيرُ، إذا شُدَّ فمُه بأدَمٍ ولِيف.

ومما شذَّ عن الباب الحَوْجَمَة: الوردة الحمراء، والجمع حَوْجَم. والحَجْم: فِعل الحاجم.

(حجن) الحاء والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبة وغيرها. والمِحْجَن: خشبةٌ أو عصا معَقّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشيءَ: أخَذْتُه. ويقال للمخاليب المعقّفة حَجِنات. قال العجّاج:

* بحَجِناتٍ يتثَقَّبْن البُهَرْ([10]) *

وهي الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام: خرجت خُوصَتُه؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشيءَ لنفسي، وذلك إمالتُك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون: احتجن عليه حَجْنة، كما يقال حَجَرَ عليه.

ومن الباب قولهم غَزْوةٌ حَجُونٌ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثم مِلْتَ إليها([11]). ويقال غزاهم غَزْواً حَجُوناً.

(حجا) الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان، أحدهما إطافةُ الشيءِ بالشيء وملازمتُه، والآخر القصد والتعمُّد.

فأما الأول فالحَجْوَةُ وهي الحَدَقة، لأنها مِن أَحْدَقَ بالشيء. ويقال لنواحي البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها أَحْجاءٌ قال ابنُ مُقْبِل:

لا يحْرِز المرءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا *** يُبنَى له في السَّمواتِ السّلاليمُ([12])

  ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة، وهي النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر، لأنها مستديرة.

والأصل الثاني قولهم: تحجَّيت الشيءَ، إذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرمة:

* فجاءَتْ بأغْباشٍ تَحَجَّى شَرِيعةً([13]) *

ويقولون حَجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال:

* حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ([14]) *

والحَجْوُ بالشيء: الضَّنُّ به؛ يقال حَجِئتُ به أي ضَنِنْت. وبه سمِّي الرجل حَجْوة. وحَجَأت به: فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.

فأمّا الأُحجِيَّة والحُجَيَّا، وهي الأُغلُوطة يتعاطاها الناس بينهم، يقول أحدهم: أُحاجيك ما كذا؛ فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن هذين الأصلين، ويمكن أن يُحمَل عليهما، فيقال أحاجيك، أي اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك عنه.ومنه أنتَ حَجٍ أن تفعل كذا، كما تقول حرِيٌّ.

(حجب) الحاء والجيم والباء أصل واحد، وهو المنع. يقال حجبته عن كذا، أي منَعتُه. وحِجابُ الجَوْف: ما يَحْجُبُ بين الفُؤاد وسائر الجَوْف. والحاجبان العظمان فوق العينين بالشّعَْر واللّحم. *وهذا على التشبيه، كأنهما تحجبان شيئاً يصل إلى العينين. وكذلك حاجبُ  الشّمس، إنما هو مشبَّهٌ بحاجب الإنسان. وكذلك الحَجَبة: رأس الوَرِك، تشبيهٌ أيضاً لإشرافِهِ.

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "حجرات".

([2]) البيت لذي الرمة في ديوانه 260 واللسان والمجمل (حجر). لكن رواية الديوان: "فأخفيت شوقي من رفيقي". وفي الديوان واللسان: "لذو نسب".

([3]).البيت في المجمل واللسان (حجر).

([4]) سيعيده في ص362. وصدره كما في ديوانه 94 واللسان (حجر).

* بكرت به جرشية مقطورة *

وفي الأصل: "بلوى المحاجر"، صوابه في المجمل واللسان والديوان.

([5]) للنابغة في ديوانه 9 واللسان (حجز، سبسب). والسباسب: يوم عيد عند النصارى. وفي الأصل: "السبائب"، تحريف.

([6]) البيت من أبيات رواها نصر بن مزاحم في وقعة صفين 184.

([7]) هو العجاج. ديوانه 27 واللسان (حجل).

([8]) لم يرد في ديوان علقمة. وأنشده في اللسان (حجل) بدون نسبة.

([9]) يقال صدف عن الشيء يصدف صدفاً وصدوفاً.

([10]) ديوان العجاج 17.

([11]) في اللسان: "الغزوة الحجون: التي تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع وتقصد إليها".

([12]) البيت في المجمل واللسان (حجا).

([13]) في الديوان: 536: "تحرى شريعة". وعجزه كما في الديوان واللسان (حجا):

* تلادا عليها رميها واحتبالها *

([14]) الفالق: اسم موضع. والبيت لعمارة بن أيمن الربائي، كما في اللسان (حجا 181). وقد أنشده في نهاية مادة (فلق) بدون نسبة.

 

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)

وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أنّ الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، [و] موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت.

فمن المنحوت من هذا الباب (الحُرْقُوف): الدابة المهزول، فهذا من حرف وحقف. أمّا الحَرْف فالضَّامر مِن كلِّ شيء، وقد مرَّ تفسيره. وأما حقف فمنه المُحْقَوْقِف، وهو المنحنِي، وذلك أنَّه إذا هُزِلَ احدَوْدَب، كما يقال في الناقة إذا كانت تلك حالها حَدْباءُ حِدْبار.

ومنه (الحُلْقُوم) وليس ذلك منحوتاً ولكنّه مما زيدت فيه الميم، والأصْل الحلْق، وقد مرَّ. والحَلْقَمة: قطع الحُلْقُوم.

ومنه (المُحَلْقِنُ) من البُسْر، وذلك أنْ يبلُغ الإرطاب ثلُثَيْه. وهذا ممّا زِيدت فيه النون، وإنما هو من الحَلْق، كأنّ الإرْطاب إذا بلغ ذلك الموضعَ منه فقد بَلَغَ إلى حَلْقِه. ويقال له الحُلْقَان، الواحدة حُلْقَانة.

ومنه (حَرْزَقْتُ)([1]) الرّجلَ: حبستُه، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ، من قولهم أحرزت الشيء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد، كما يقال حَزَقْتُ الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشى:

* بِسَاباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ([2]) *

ومنه (الحبجر([3]))، وهو الوتر الغليظ، ويقال في غير الوتر أيضاً، والحاء فيه زائدة، وإنما الأصل الباء والجيم والراء. وكلُّ شديد عظيمٍ بَجْرٌ وبُجْر. وقد مَرَّ.

ومنه (الحِسْكل): الصِّغار مِن كلِّ شيء. وهذا ممّا زِيدت فيه الكاف، وإنما الأصل الحِسْل. يقال لولد الضبِّ حسْل.

ومنه (الحَقَلَّد([4]))، وهو البخيل الشديد، واللام فيه زائدة. وهو من أحقد القومُ، إذا لم يصِيبوا من المَعْدِن شيئاً. ويقال الحَقَلّدُ الآثِم([5]). فإن كان كذا فاللام أيضاً زائدة، وفيه قياسٌ من الحِقْد، والله أعلم.

ومنه (الحَذْلَقة)، وأظنُّها ليست عربيةً أصلية، وإنما هي مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنما أصله الحِذْق. والحَذْلقة: ادّعاء الإنسان أكثَرَ مما عنده، يريد إظهار حِذْق بالشيء.

ومن ذلك (احرَنْجَمَت) الإبل، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم، وإنما الأصل الحَرَجُ، وهو الشجر المجتمع الملتف، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.

ومن ذلك رجل (مُحَصْرَمٌ): قليلُ الخَيْر. والأصل أنّ الميم زائدة، وإنما هو من الحَصُور والحَصِر.

ومن هذا الباب (الحِصْرِم). ومنه (الحِثْرِمَة) وهي الدائرة التي تحت الأنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا. وهذه منحوتةٌ من حَثَم وثرم. فحثم من الجمع؛ وثَرَم من أن ينثرم الشيء.

ومن ذلك (الحِنْزَقْرَة)، وهو القَصير. وهذا من الحزق والحَقْر، مع زيادة النون. فالحَقْر من الحَقارة والصِّغر، والحزق كأن خَلْقَه حُزِق بعضُه إلى بعض.

ومن ذلك (الحَلْبَس)، وهو الشُّجاع. وهذا منحوتٌ من حَلَسَ وحَبَسَ. فالحِلْس: اللازم للشيء لا يفارقه، والحَبْس معروف، فكأنه حَبَس نَفْسه على قِرْنه وحَلِسَ به لا يفارقُه. ومثله: (الحُلابِس). قال الكميت:

فلما دنَتْ للكاذَتَيْنِ وأحْرَجَت *** به حَلْبَساً عند اللِّقاء حُلابِسا([6])

  ومن ذلك (تَحَتْرَشَ) القومُ: حَشَدُوا، والتاء فيه زائدة، وإنما الأصل الحرش والتحريش، وقد مرَّ. وفيه أيضاً أن يكون من حَتَر، وأصله حَتَار الخَيمة وما أطاف بها من أذيالها، فكذلك *هؤلاء تجمَّعُوا وأطافَ بعضُهم ببعض، فقد صارت الكلمة إذاً من باب النحت.

ومن ذلك (الحَوْأَبُ): الوادي الواسع العَُرض، والحاء فيه زائدة، وإنّما

الأصل الوأْب، والوأْبُ الواسع المقعَّر من كلِّ شيء.

ومن ذلك (الحُمَارِس)، وهو الرّجُل الشّديد. وهذه منحوتةٌ من كلمتين، من حَمَس ومَرَس. فالمَرِسُ المتمرِّس بالشيء، والحمَِسُ الشديد. وقد مضى شرْحُه.

ومن ذلك (المُحدْرَج)، وهو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه في بعض فَيَمْلاَسَّ وهي منحوتةٌ من كلمتين، من حدر ودرج. فحدر فَتَل، ودَرَج من أدرجت.

ومن ذلك (حَضْرَمَ) في كلامه حَضْرَمَةً، فقد قيل كذا بالضّاد. فإنْ كانت صحيحةً فالميم زائدة، كأنه تَشَبَّهَ بالحاضرة الذين لا يُقيمونَ إعرابَ الكلام. والحَضْرَمة: مخالفة الإعراب واللَّحنُ.

ومن ذلك (المُحَمْلَج)، وهو الحَبْلُ الشَّديد الفَتْل. وهذا عندِي من حمج، فاللام زائدة. فحمج جنسٌ من التّشديد، نحو حَمّج الرّجلُ عينَيه إذا حَدَّق وأحَدَّ([7]) النّظَر. وقد مضى ذكره. وعلى هذا يحمل (الحِمْلاج)، وهو مِنْفاخُ الصَّائغ. والحملاج: قَرْنُ الثَّور. قال رؤبة في المحَمْلَج:

* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدراجَ الطَّلَقْ([8]) *

وهذا ما أمكَنَ استخراجُ قياسِه من هذا الباب. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون لـه قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه. والله أعلم بذلك.

فمن ذلك (الحَِنْدِيرَة، والحُنْدُورة): الحَدَقة، والحَِنْدِيرة أجود؛ كذا قال أبو عبيد.

والحَرْقَفَةُ: عَظْم الْحَجَبَة، وهو رأس الورِك.

ومنه (الحِمْلاق) وهو ما غطّتْه الجفونُ من بياض المُقْلة. ويقال حَمْلَق، إذَا فَتَح عينَه ونَظَر نَظَراً شديداً.

و(الحُرْقُوص) دويْبَّة. و(الحَبَلَّقُ): جماعة الغنَم. و(الحَبَرْكَى): الطويل الظَّهر القصير الرِّجْلين. و(الحُرْجُل): الطويل. و(الحَرْجَفُ): الرِّيح الباردة. و(الحَشْرَجَة): تردُّد صوت النَّفَس. و(الحَشْرَجَة): حُفَيْرة تُحفَر كالحِسْيِ. و(الحَشْرَجُ): كوزٌ صغير. و(حَرْشَفُ) السِّلاحِ: ما زُيِّن به.

و ( الحَفَلَّج): الرَّجُل الأفْحَج. و(الحيفس([9])): القصير. وكذلك (الحَفَيْسَأ).

و(الحَزَوَّر): الغلام اليافع. و(الحَزْوَرَةُ): تلٌّ صغير.

(والحَنَاتِم): سحائب سُودٌ. وكلُّ أسودَ حَنْتمٌ. وكذلك الخُضْرُ عِند العرب سُودٌ، ومنها سمّيت الجِرَار حَناتِمَ، وكانت الجِرارُ في الجاهليَّة خُضْراً، فسمَّتْها العربُ حَنَاتم.

(وحَبَوْكَر([10])): الدَّاهية.

ويقال (احْبَنْطَى)، إذا انتفَخَ كالمُتَغضِّب. وهذه الكلمة قد مرَّ قياسُها في الحَبَط.

ويقال مالِي من هذا الأمر (حُنْتَالٌ([11]))، أي بُدٌّ.

و(الحُنْظَب): الذَّكر من الجَرَاد. و(الحُرْبُث([12])): نبتٌ. و(حَضاجِرُ): الضَّبع. (والْحَزَنْبَلُ) و(الحَبْرَكَل): القصير.

والأصل في هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ [ما] رواه الأكابر الثقات. والله أعلم.

(تم كتاب الحاء)

ـــــــــــــ

([1]) يقال حرزق، بتقديم الراء، وحزرق بتقديم الزاي، وهما بمعنى.

([2]) ديوان الأعشى 147 واللسان (حزرق)، وقد نص فيه على رواية "محرزق". وصدره:

* فذاك وما أنجى من الموت ربه *

([3]) يقال على وزان قمطر ودرهم.

([4]) الحقلد، كعملس. وفي الأصل: "الحلقد" وليس مراداً، إذ الحلقد كزبرج: السيئ الخلق الثقيل الروح، ومثله الحقلد بوزن زبرج.

([5]) في الأصل: "الحلقد"، وانظر التنبيه السابق. وفي قول زهير:

تقيّ نقيّ لم يكثر غنيمة *** بنكهة ذي قربى ولا بحقلد

([6]) البيت في اللسان (كوز، حلبس). والكاذتان: ما نتأ من اللحم أعالي الفخذ. وأحرجت بالحاء المهملة، وفي الأصل: "أخرجت"، تحريف.

([7]) في الأصل: "وأشد".

([8]) ديوان رؤبة 104 واللسان (حملج).

([9]) في الأصل: "الحفيس". وصوابه الحيفس، بفتح الحاء والفاء، وكهزبر.

([10]) يقال للداهية حبوكر، وأم حبوكر، وحبوكرى، وأم حبوكرى، وأم حبوكران، والحبوكرى.

([11]) يقال حنتأل وحنتال، بالهمز وبدونه.

([12]) في الأصل: "الحرتب"، وفي المجمل: "الحربت"، والوجه ما أثبت.

 

 


كتاب الخاء:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف والمطابق والأصم([1]))

(خد) الخاء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو تأسُّلُ الشَّيءِ وامتدادُه إلى السُّفل. فمن ذلك الْخَدّ خدّ الإنسان، وبه سُمِّيت المِخَدّة. والخَدُّ: الشَّقّ. والأخاديد: الشُّقوق في الأرض. والتخدُّد: تخدُّد اللَّحم من الهُزال. وامرأة متخدِّدة: مهزولة. والخِدَادُ: مِيسمٌ من المياسِم، ولعلَّه يكون في الخدّ؛ يقال منه بعيرٌ مخدود.

(خر) الخاء والراء أصلٌ واحدٌ، وهو اضطرابٌ وسُقوطٌ مع صوتٍ. فالخَريرُ: صوتُ الماء. وعينٌ خَرّارة. وقد خَرَّتْ تخُِرّ. ويقال للرّجُل إذا اضطرَبَ بطنُه قد تخَرْخَر. وخَرَّ، إذا سقَطَ. قال أبو خراش، يصفُ سيفا:

بِهِ أدَعُ الكَمِيَّ على يدَيْهِ *** يخُِرُّ تخالُه نَسْراً قَشِيبا([2])

  قشيبٌ: قد خلِطَ له السّمُّ بِطُعْم؛ يقال قَشَب له، إذا خَلَطَ له السّمّ. وإنَّما يُفْعَل ذلك ليُصادَ به، ومثله لطفيل:

كساهَا رَطيبَ الرِّيشِ مِن كلِّ ناهضٍ *** إلى وَكْرِه وكلِّ جَوْنٍ مُقَشَّبِ([3])

  المقَشَّب: نَسْرٌ قد جُعِل له القَِشْبُ في الجِيَف ليُصادَ. ناهِضٌ: حديثُ السّنّ. والنَّسر إذا كَبِرَ اسوَدّ. وتقول: خرّ الماءُ الأرضَ: شَقّها. والأخِرَّةُ، واحدها، خَرير، وهي أماكنُ مطمئنَّةٌ بين الرَّبْوَين تنقاد. وقال الأحمر:

سمِعت [بعض] العرب ينشد بيتَ لبيدٍ:

* بأخِرَّة الثَّلَبُوتِ([4]) *

والخُرُّ من الرَّحى: الموضع الذي تُلقَى فيه الحنطة. وهو قياس الباب؛ لأنَّ الحبَّ يَخُِرّ فيه. وخُرُّ الأذُن: ثَقْبُها: مشبَّهٌ بذلك.

(خز) الخاء والزاء أصلان: أحدهما أنْ يُرَزَّ شيءٌ في آخر، والآخر جنسٌ من الحيوان.

فالأوّل الخزُّ خَزُّ الحائط، وهو أن يشوَّك. ويقال خَزَّهُ بسهمٍ، إذا رماه به وأثبَتَه فيه. وطعَنَهُ بالرُّمح فاختَزَّهُ([5]). قال ابن أحمر:

* حتَّى اختْزَزْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ([6]) *

فأمّا قولُهم بعيرٌ خُزَخِزٌ، أي شديد، فهو من الباب؛ لأنَّ أعضاءهَ كأنّها خُزَّت خَزَّاً، أي أُثبِتَتْ إثباتاً.

والأصل الثاني: الخُزَز: الذّكَر من الأرانب، والجمع خِزّانٌ. قال:

وبنو نُويجِيَةَ اللَّذُونَ كأنهم *** مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ من الخِزَّانِ([7])

  (خس) الخاء والسين أصلان: أحدهما حقارة الشيء، والآخر تداوُلُ الشيء.

فالأوّل: الخسيس: الحقير؛ يقال خَسَّ الرجُل نفسُه وأخَسَّ، إذا أتَى بفعلٍ خسيس. ومن هذا الباب جاوَزَتِ النّاقةُ خَسِيسَتَها، إذا جاوَزَتْ سِنّ الحِقّة والجَذَعةِ والثَّنِيَّةِ ولحِقَت بالبُزُول. وهو القياس؛ لأنّ كلَّ هذه الأسنانِ دونَ البُزُول.

والأصل الثاني قول العرب: تَخَاسَّ القَوْمُ الأمرَ، إذا تداوَلُوه وتسابَقُوه، أيُّهم يأخذُه([8]). ويقال: هذه الأمورُ خِساس بينهم، أي دُوَل. قال ابن الزّبعرى:

والعطيّات خِساسٌ بينهم *** وبناتُ الدّهرِ يلعَبْنَ بكُلّ([9])

  (خش) الخاء والشين أصلٌ واحد، وهو الوُلوج والدُّخول. يقال: خَشَّ الرّجُلُ في الشّرّ: دخل. ورجل [مِخَشٌّ: ماضٍ([10])] جَريءٌ على اللَّيل. والخَشَّاء: موضِعُ الدَّبْرِ؛ لأنّه ينخشُّ فيه. قال ذو الإصبع:

إمَّا تَرَى نَبْلَهُ فخَشْرَمُ خَشَّـ *** ـاءَ إذا مُسّ دَبْرُه لَكعَا([11])

  ومن الباب الخَشْخاش: الجماعة؛ لأنَّهم قومٌ يجتمعون ويتداخَلون. قال الكميت:

* وهَيْضَلُها الخشخاشُ إذْ نزلوا([12]) *

والخشُّ: أن تجعل الخِشاش في أنْف البعير. يقال خَشَشْتُه فهو مخشوشٌ، ويكون مِن خَشَب. وخَشاش الأرض([13]): دوابُّها. فأمّا الرجُل الخَِشاشُ الصغيرُ الرأسِ فيقال بالفتح والكسر. وهو القياس، لأنّه ينْخَشُّ في الأمر بحقه. قال طرفة:

أنا الرَّجُلُ الضّربُ الذي تعرفونني *** خَِشاش كرأسِ الحَيّة المُتَوَقّدِ([14])

  ومن الباب، وهو في الظاهر يبعُد من القياس، الخُشَشَاوانِ: عظمان ناتيان خلْفَ الأذُنين. ويقال للواحد خُشَّاء([15]) أيضاً. ولم يجيء في كلام العرب فُعْلاء مضمومة الفاء ساكنة العين إلاّ هذه وقُوباء، والأصل فيها التحريك.

(خص) الخاء والصاد أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على الفُرْجة والثُّلمة. فالخَصَاص الفُرَج بين الأثافيّ. ويقال للقمر: بدا من خَصَاصة السّحاب. قال ذو الرُّمّة:

أصَابَ خَصَاصَهُ فبَدَا كليلاً *** كَلاَ وانغلَّ سائِرُه انغِلالا([16])

  والخَصَاصة: الإملاق. والثُّلْمة في الحال.

ومن الباب خَصَصْت فلاناً بشيءٍ خَصُوصِيَّةً، بفتح الخاء([17])، وهو القياس لأنّه *إذا أُفرِد واحدٌ فقد أوقَع فُرْجَةً بينه وبين غيره، والعموم بخلاف ذلك. والخِصِّيصى: الخَصوصية.

(خض) الخاء والضاد أصلان: أحدهما قِلَّة الشيء وسَخافته، والآخر الاضطراب في الشَّيءِ مع رطوبةٍ.

فالأول الخَضَض: [الخرز([18])] الأبيض يَلْبَسُه الإماء. والرّجُل الأحمق خَضَاض. ويقال للسَّقَط من الكلام خَضَضٌ. ويقال: ما على الجارية خَضَاضٌ، أي ليس عليها شيءٌ من حَلْيٍ. والمعنى أنّه ليس عليها شيءٌ حَتَّى الخَضَض الذي بدأْنا بذكره. قال الشاعر:

ولو بَرَزَتْ من كُفَّةِ السّتْرِ عاطلاً *** لُقلتَ غَزَالٌ ما عليه خَضَاضُ([19])

  وأمّا الأصل الآخَر فتَخَضْخض الماء. والخَضْخاض: ضربٌ من القَطِران. ويقال نبت خُضَخِضٌ، أي كثير الماء. تقول: كأنّه يتخضخضُ من رِيِّه.

وقد شّذ عن الباب حرفٌ واحدٌ إن كان صحيحاً، قالوا: خاضَضْتُ فلاناً إذا بايعتَه مُعارَضة([20]). وهو بعيدٌ من القياس الذي ذكرناه.

(خط) الخاء والطاء أصلٌ واحد؛ وهو أثَرٌ يمتدُّ امتداداً. فمن ذلك الخطُّ الذي يخطُّه الكاتب. ومنه الخطّ الذي يخطُّه الزَّاجر. قال الله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف 4]، قالوا: هو الخَطُّ. ويُروَى: "إنّ نبيّاً من الأنبياء كان يَخُطّ فمن خَطَّ مِثلَ خَطِّه عَلِمَ مثلَ عِلْمه". ومن الباب الخِطَّة الأرض يختطُّها المرءُ لنفسه؛ لأنّه يكون هناك أثرٌ ممدود. ومنه خَطُّ اليمامة، وإليه تُنسَب الرِّماحُ الخَطِّيّة. ومن الباب الخُطَّة، وهي الحال؛ ويقال هو بخُطَّةٍ سَوْء، وذلك أنه أمرٌ قد خُطَّ له وعليه. فأمّا الأرضُ الخطيطة، وهي التي لم تُمْطَر بينَ أرضينِ ممطورَتَين، فليس من الباب، والطاء الثانية زائدة، لأنَّها من أخطأ، كأنَّ المطر أخْطَأَها. والدليل على ذلك قولُ ابن عبّاس: "خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها"، أي إذا مُطِر غيرُها أخْطَأَ هذه المطرُ فلا يُصيبُها.

وأمّا قولهم: "في رأس فلانٍ خُطْيةٌ([21])" فقال قوم: إنَّما هو خُطَّة. فإن كان كذا فكأنّه أمرٌ يُخَطّ ويؤَثَّر، على ما ذكرناه.

(خف) الخاء والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يخالف الثِّقَل والرَّزانة. يقال خَفَّ الشّيءُ يَخِفُّ خِفَّةً، وهو خفيف وخُفَافٌ. ويقال أَخَفَّ الرّجُل، إذا خَفّت حالُه. وأخَفَّ، إذا كانت دابّتُه خفيفةً. وخَفَّ القومُ: ارتحلوا. فأمّا الخُفُّ فمن الباب لأنّ الماشيَ يَخِفُّ وهو لابِسُه. وخُفُّ البَعير منه أيضاً. وأمّا الخُفُّ في الأرض وهو أطول من النَّعل([22]) فإنّه تشبيهٌ. [وَ] الخِفُّ: الخَفِيف. قال:

يزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِهِ *** ويُلْوِي بأثواب العَنيفِ المُثقَّلِ([23])

  فأمّا أصوات الكلاب([24]) فيقال لها الخَفْخفة، فهو قريبٌ من الباب.

(خق) الخاء والقاف أصلٌ واحد، وهو الهَزْم في الشَّيء والخَرْق. فمن ذلك الأُخْقُوق، ويقال الإخْقِيق، وهو هَزْم في الأرض، والجمع الأخاقيق. وجاء في الحديث: "في أخاقِيقِ جُِرْذانٍ". والإخْقاق: اتَّساع خَرْق البَكَرة. ومن هذا قولُهم: أتانٌ خَقُوقٌ، إذا صوَّت حياؤُها. ويقال للغَديرِ إذا نَضَبَ وجَفَّ ماؤُه وتَقَلفَعَ([25]): خَُقٌّ([26]). قال:

* كأَنَّما يَمْشِين في خَُقّ يَبَسْ([27]) *

(خل)  الخاء واللام أصلٌ واحد يتقارب فروعُه، ومرجعُ ذلك إمَّا إلى دِقَّةٍ أو فُرْجة. والبابُ في جميعِها متقاربٌ. فالخِلال واحد الأخِلَّة. ويقال فلانٌ يأكل خِلَلَه وخُلالته، أي ما يُخْرِجُه الخِلالُ من أسنانه. والخَلُّ خَلُّكَ الكِساءَ على نفسك بالخِلال. فأمّا الخليلُ الذي يُخَالُّك، فمِن هذا أيضاً، كأنَّكما قد تخالَلتُما، كالكِساء الذي يُخَلُّ.

ومن الباب الرجل الخَلُّ، وهو النَّحيف* الجِسم. قال:

* إمّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ([28]) *

وقال الآخر:

فاسقِنيها يا سوادَ بن عمروٍ *** إنَّ جِسمي بَعْدَ خالي لَخَلُّ([29])

  ويقال لابن المَخَاض خَلٌّ، لأنه دقيق الجسم. والخَلُّ: الطَّريق في الرَّمل لأنّه يكون مُستَدِقّاً. ومنه الخَلاَل، وهو البَلَح.

فأمَّا الفُرجة فالخَلَل بينَ الشَّيئين. ويقال خَلَّل الشيءَ، إذا لم يَعُمّ. ومنه الخَلَّة الفَقْر؛ لأنه فُرْجة في حالِه. والخليل: الفقير، في قوله:

وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ *** يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرَِمُ([30])

  والخِلَّة: جَفْن السَّيف، والجمعُ خِلَلٌ. فأما الخِلَل وهي السُّيور التي تُلْبَسُ ظُهورَ السِّيَتَيْنِ([31]) فذلك لدِقَّتها، كأنَّ كلّ واحدةٍ منها خِلّة([32]). والخَلّ: عِرْقٌ في العُنُق مُتَّصلٌ بالرأس. والخَلْخَال من الباب أيضاً، لدقّتِه.

(خم) الخاء والميم أصلان: أحدهما تغيُّر رائحةٍ، والآخر تنقية شيء. فالأول: قولُهم خَمَّ اللّحمُ، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه. والثاني: قولُهم خُمّ البيتُ إذا كُنِسَ. وخُمَامة البئرِ: ما يُخَمُّ من تُرابها إذا نُقِّيت. وبيتٌ مخمومٌ: مكنوس. ويقال هو مخموم القلبِ، إذا كان نقيَّ القَلْب من كل غِشٍّ ودَخَْل.

(خن) الخاء والنون أصلٌ واحد، وهو حكايةُ شيءٍ من الأصوات بضعف. وأصله خَنَّ، إذا بكى، خنيناً. والخَنْخَنَةُ: أن لا يُبِين الكلامَ. ويقال الخُنان في الإبل كالزُّكام في الناس. والْخُنّة كالغُنّة. ويقال الخنين: الضَّحِك الخفيّ. ويقولون إنّ المَخَنّة الأنف. فإنْ كان كذا فلأنه موضع الخُنّة، وهي الغُنّة. ويقال وطئ مَِخَنَّتَه، أي أذلَّه([33])، كأنه وضع رجلَيه على أنفه.

(خأ) الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلاً ينقاس، بل ذُكِر فيه حرفٌ واحد لا يُعرَف صحته. قالوا: خاءِبك علينا، أي اعجَل. وأنشدُوا للكميت:

* بِخاءِبك الحَقْ يَهْتِفُون وحَيَّ هَلْ([34]) *

(خب) الخاء والباء أصلان: الأول [أن] يمتدّ [الشيء] طولاً، والثاني جنسٌ من الخِداع.

فالأول الخَبيبة والْخُبَّةُ: الطريقة تمتدُّ في الرَّمل. ثم يشبّه بها الخِرْقَة التي تُخْرَقُ طُولاً. ويُحمَل على ذلك الخَبِيبة من اللَّحم، وهي الشَّرِيحة منه.

وأما الآخَر فالخِبُّ الخِداع، والخَِبُّ الخَدَّاع. وهذا مشتقٌّ من خَبَّ البَحْرُ اضطَرَبَ. وقد أصابهم الخِبُّ.

ومن هذا الخَبَبُ: ضربٌ من العَدْو. ويقال جاء مُخِبَّاً. ومنه خَبَّ النّبتُ، إذا يَبِس وتقلَّع([35])، كأنه يَخُبّ، توهَّم أنه يمشي. قال رؤبة:

* وخَبَّ أطرافُ السَّفَا على القِيَقْ([36]) *

والخَبخَبة: رخاوةُ الشيءِ واضطرابُه. وكل ذلك راجعٌ إلى ما ذكرناه؛ لأنَّ الخَدَّاع مضطربٌ غيرُ ثابت العَقْدِ على شيء صحيح. فأما ما حكاه الفرّاء: [لي([37])] من فلانٍ خَوَابُّ، وهي القَرابات، واحدها خابٌّ، فهو عندي من الباب الأول؛ لأنّه سَبَبٌ يمتدُّ ويتّصل. فأما قولهم "خبْخِبوا عنكم من الظهيرة"، أي أَبرِدُوا فليس من هذا، وهو من المقلوب، وقد مرَّ.

(خت) الخاء والتاء ليس أصلاً؛ لأنّ تاءه مبدلةٌ من سين. يقال خَتِيتٌ: أي خسيس. وأَخَتَّ الله حَظَّه، أي أخَسَّه. وهذا في لغة مَنْ يقول:

مررت بالنَّات، يريد بالناس. وذكروا أنَّهم يقولون: أخَتَّ فلانٌ: استَحْيا. فإن كان صحيحاً فمعناه أنه أتَى بشيء ختيتٍ يَستحيي منه. وأنشدوا:

فمَنْ يكُ مِنْ أوائِلِه مُخِتّاً *** فإنَّكَ يا وليدُ بهم فخورُ([38])

  أي لا تأتي أنت من أوائلِك بخَتيت.

(خث) الخاء والثاء ليس أصلاً ولا فرعاً صحيحاً يُعَرَّج عليه، ولكنّا نذكُر ما يذكرونه. يقولون: الخُثّ ما أُوخِفَ من أخْثاء البقر وطلِي به شيء، وليس هذا بشيء، ويقال الخُثُّ: غُثَاء السَّيل إذا تركَه السيلُ فيبِس واسوَدَّ.

(خج) الخاء والجيم أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وخفّةٍ في غير استواء. فيقال ريحٌ *خَجُوجٌ، وهي التي تلتَوِي في هُبوبها. وكان الأصمعيُّ يقول: الخَجُوج الشديدة المَرِّ. ويقال إنّ الخجخجة الانقِباض  والاستحياء. وقالوا: خَجْخَجَ الرّجُل، إذا لم يُبدِ ما في نفسه. ويقال اختَجَّ الجملُ في سَيره، إذا لم يستقِمْ. ورجل خَجَّاجَة ([39]): أحمق. والبابُ كلُّه واحد.

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "والمطابق أولاً". وانظر ما سبق في كتاب الثاء.

([2]) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 57، ونسخة الشنقيطي 70. والبيت في اللسان (قشب). ويروى: "به ندع".

([3]) ديوان طفيل 13 برواية: "كُسِيْنَ ظهار الريش".

([4]) من بيت في معلقة لبيد ويروى: "بأحزة". والبيت بتمامه:

بأخرة الثلبوت يربأ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها

 ([5]) في الأصل: "فاختز"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) في المجمل واللسان: "لما اختززت". وصدره في الاشتقاق 318:

* نبذ الجوار وضل هدية روقه *

([7]) المخدمة: التي في ساقها عند موضع الرسغ بياض. والبيت في المجمل.

([8]) في الأصل: "إياهم يأخذوه". والكلمة ذكرت في القاموس ولم ترد في اللسان.

([9]) الحق أن البيت ملفق من بيتين، وهما كما في السيرة 616 جوتنجن:

والعطيات خساس بينهم *** وسواء قبر مثر ومقل

 كل عيش ونعيم زائل *** وبنات الدهر يلعبن بكل

([10]) التكملة من اللسان.

([11]) البيت في المجمل واللسان (خشش، لكع)، وسيعيده في (لكع).

([12]) قطعة من بيت في اللسان (خشش، فلق). وهو بتمامه:

في حومة الفيلق الجأواء إذ ركبت *** قيس وهيضلها الخشخاش إذ نزلوا

 وقد استشهد بهذه القطعة بدون نسبة في اللسان (هضل).

([13]) ظاهر قوله أنه يعني ضبط الخشاش، بالفتح. وفي المجمل: "وخشاش الأرض بالفتح: دوابها".

([14]) البيت في معلقة طرفة.

([15]) يقال خشاء. وخششاء.

([16]) ديوان ذي الرمة 434. كلا، أي كسرعة قولك: "لا".

([17]) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان والقاموس.

([18]) التكملة من المجمل واللسان.

([19]) أنشده أيضاً في المجمل. وجاء في اللسان برواية: "ولو أشرفت".

([20]) وكذا في تصحيحات القاموس. وفي بعض نسخه: "معاوضة". واللفظ وتفسيره لم يرد في اللسان.

([21]) روي في اللسان (خطط): "خطية" بالياء، ثم قال: "والعامة تقول: في رأسه خطية. وكلام العرب هو الأول".

([22]) في اللسان: "والخف في الأرض أغلظ من النعل".

([23]) لامرئ القيس في معلقته المشهورة.

([24]) في المجمل: "وخفخفة الكلاب أصواتها عند الأكل".

([25]) ذكروا أن "القلفع"، كزبرج ودرهم: ما يتفلق من الطين ويتشقق. ولم يذكر هذا الفعل في اللسان والقاموس في مادة (قلفع) وذكر في اللسان في مادة (خقق) عند تفسيره "الخق".

([26]) ضبط في اللسان والقاموس بالفتح. وضبط في الأصل والمجمل بالضم. وزاد في المجمل: "ويقال خق أيضاً"، يعني بفتح الخاء.

([27]) البيت في المجمل واللسان (خقق).

([28]) البيت في اللسان (رهن). والراهن، بالراء: المهزول.

([29]) البيت ينسب إلى تأبط شراً، أو ابن أخته الشنفرى، أو خلف الأحمر. انظر حماسة أبي تمام  (1: 342) واللسان (خلل).

([30]) البيت لزهير في ديوانه (153) واللسان (خلل، حرم).

([31]) السيتان: مثنى سية، وهي ما عطف من طرف القوس. وفي الأصل: "الستين".

([32]) في الأصل: "خلالة".

([33]) في اللسان: "ووطئ مِخَنتهم ومَخَنتهم، أي حريمهم".

([34]) صدره كما في اللسان (20: 334): * إذا ما شحطن الحاديين سمعتهم *

وانظر أمالي ثعلب 554.

([35]) في المجمل واللسان والقاموس: خب النبت، ، إذا طال وارتفع.

([36]) ديوان رؤبة 105 والمجمل. وفي الديوان: "واستن أعراف السفا".

([37]) التكملة من المجمل واللسان.

([38]) البيت للأخطل في ديوانه 206 واللسان (ختت).

([39]) يقال للأحمق خجاجة وخجخاجة أيضاً.

 

 

ـ (باب الخاء والدال وما يثلثهما)

(خدر) الخاء والدال والراء أصلان: الظُّلْمة والسَّتر، والبطء والإقامة.

فالأولُ الخُدَارِيّ الليلُ المُظلِم. والخُدَاريَّة: العُقابُ، لِلونها. قال:

خُدَارِيَّةٍ فَتْخاءَ ألْثَقَ ريشَها *** سَحابةُ يومٍ ذي أهاضيبَ مَاطِرِ([1])

  ويقال اليومُ خَدِرٌ. والليلة الخَدِرة: المظلِمة الماطرة وقد أَخْدَرْنا، إذا أظَلَّنا المطر. قال:

فيهِنَّ بَهْكَنَةٌ كأنّ جَبِينَها *** شَمْسُ النَّهار ألاحَها الإخْدارُ([2])

  وقال:

* ويَسْتُرُونَ النَّار من غير خَدَرْ([3]) *

ومثله أو قريبٌ منه قول طرفة:

* كالمَخَاض الجُرْبِ في اليَومِ الخَدِرْ([4]) *

ومن الباب الخِدْرُ خِدر المرأة. وأسَدٌ خادر، لأنَّ الأجمةَ له خِدْرٌ.

والأصل الثاني: أخْدَرَ فلانٌ في أهلِه: أقام فيهم. قال:

كأنَّ تحتِي بازِياً رَكَّاضا *** أَخْدَرَ خَمْساً لم يَذُقْ عَضَاضا([5])

  ومن الباب خَدَرَ الظَّبْيُ: تخلَّف عن السِّرب([6]). ويقال الخادر المتحيِّر.

ومن الباب خَدِرت رِجْلُه. وخَدِر الرّجُل، وذلك مِن امْذِلالٍ يعتريه([7]).

قال طرفة:

جازَتِ اللَّيلَ إلى أرحُلِنا *** آخِرَ اللَّيل بيَعْفُورٍ خَدِرْ([8])

  يقول: كأنَّه ناعِسٌ. ويقال للحُمُر بَنَاتُ أخدَرَ، وهي منسوبةٌ إليه، ولهذا تسمَّى الأخدريَّة.

(خدش) الخاء والدال والشين أصلٌ واحد، وهو خَدْشُ الشيءِ للشيء. يقال خَدَشْتُ الشيءَ خدشاً؛ وجمع الخَدْش خُدُوش. ويقال لأطراف السَّفَا الخادشَة؛ لأنّها تَخْدِش. ويقال لكاهل البعير [مِخْدَش([9])]؛ لقلّة لحمِه، وتخديشِه فَمَ مُتَعرِّقِه.

(خدع) الخاء والدال والعين أصلٌ واحد، ذكر الخليلُ قياسَه. قال الخليل. الإخداع إخفاءُ الشَّيء. قال: وبذلك سُمِّيت الخِزانة المُِخْدع. وعلى هذا الذي ذكر الخليلُ يجري البابُ. فمنه خَدَعْتُ الرَّجُلَ خَتَلْتُه. ومنه: "الحرب خُدَعَةٌ" و"خُدْعَةٌ"([10]). ويقال خَدَع الرِّيقُ في الفم، وذلك أنَّه يَخْفَى في الحَلْق وَيغِيب. قال:

* طيِّبَ الرِّيق إذا الرِّيقُ خَدَعْ([11]) *

ويقال: "ما خَدَعَتْ بِعَيْنَيْ نَعْسَةٌ"، أي لم يدخل المنامُ في عيني. قال:

أرِقْتُ فلم تَخْدَع بعينَيَّ نعْسةٌ *** ومن يَلْق ما لاقيتُ لابدَّ يأرَقِ([12])

  والأخدع: عِرْقٌ في سالفة العُنُق. وهو خفيّ. ورجل مخدوعٌ: قُطع أخدَعُه. ولفلان خُلُقٌ خادِعٌ، إذا تخلَّق بغير خُلُقه. وهو من الباب؛ لأنه يُخفِي خلاف ما يُظهره. ويقال: إنَّ الخُدَعَة الدّهرُ، في قوله:

* يا قوم مَنْ عاذِرِي مِن الخُدعَهْ([13]) *

وهذا على معنى التَّمثيل، كأنّه يغَرّ ويَخدَع. ويقال: غُولٌ خَيْدَعٌ، كأنها تَغتال وتَخدع. وزعم ناسٌ أنّهم يقولون: دينارٌ خادع، أي ناقص الوزْن. فإنه كان كذا فكأنَّه أرَى التَّمامَ وأخفى النُّقصانَ حتَّى أظهره الوزنُ. ومن الباب الخَيْدَعُ، وهو السَّراب([14])، والقياس واحد.

(خدف) الخاء والدال والفاء أصلٌ واحد. قال ابن دريد([15]): "الخَدْف السُّرْعة في المشْي، ومنه اشتقاق خِنْدِفَ".

(خدل) الخاء والدال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدِّقَّة واللِّين. يقال امرأة خَدْلَةٌ، أي دقيقةُ العِظام وفي لحمها امتلاء، وهي بَيِّنَة الخَدَل والْخَدَالة. وذُكر عن السِّجستاني عِنَبَة خَدْلةٌ، أي ضَئِيلة([16]).

(خدم) الخاء والدال والميم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو إطافة الشَّيء بالشيء. فالخَدَم *الخلاخيل، الواحد خَدَمة. قال:

* يَبْحَثْنَ بَحْثَاً كمُضِلاَّتِ الخَدَمْ([17]) *

والخَدْماء: الشَّاةُ تبيضُّ أوظِفَتُها. والمُخَدَّم: موضع الْخِدام من السَّاق. وفرسٌ مخدَّم، إذا كان تحجيلُه مستديراً فوق أَشاعِرِهِ. قال الخليل: الخَدَمةُ سيْرٌ محْكَم مثل الحَلقْة، تُشَدُّ في رُسْغ البعير ثم تشدُّ إليه سَرِيحة النّعْل. قال: وسمِّي الخلخال خَدَمَةً بذلك. والوَعِل الأرَحُّ المُخَدَّم: الواسع الأظلاف الذي أحاط البياضُ بأوظِفته. قال:

* تُعيي الأرَحَّ المخدَّما([18]) *

ومن هذا الباب الخِدْمة. ومنه اشتقاق [الخادم]؛ لأنَّ الخادمَ يُطيف بمخدومه.

(خدن) الخاء والدال والنون أصلٌ واحد، وهو المصاحَبَة. فالخِدْن: الصّاحب. يقال: خادنْتُ الرّجُلَ مخادنَةً. وخِدْنُ الجارية محدِّثُها.

قال أبو زيد: خادنت الرّجلَ صادقته. ورجل خُدَنةٌ: كثير الأخْدان.

(خدب) الخاء والدال والباء أصلان: أحدهما اضطرابٌ في الشيء ولِينٌ، والآخَر شقٌّ في الشيء.

فالأوّل الخَدَب وهو الهَوَج، وفي أخبار العرب: "كان بنَعامَةَ خَدَب([19])" أي هَوَج؛ ولعلَّ ذلك في حروبه، ويدلُّ على ما ذكرناه. ومنه بَعِيرٌ خِدَبٌّ، يكون ذلك في كثرةِ لَحمٍ وإذا كثُر اللَّحْمُ لان واضطرَبَ.

ويقال من الأوّل رجلٌ أخْدَبُ وامرأةٌ خَدْباء. وقال الأصمعيّ: دِرْعٌ خَدْباء: ليِّنة. قال:

* خَدْباءُ يحْفِزُها نِجَادُ مُهنَّدٍ([20]) *

ويقال خَدَبَ، إذا كَذَب؛ وذلك أنَّ في الكذِبِ اضطراباً، إذْ كان غيرَ مستقيم. وشيخ خِدَبٌّ، وُصِفَ بما وُصِفَ به البعير. قال بعضُهم: إنَّ في لسانه خَدَباً، أي طولا.

وأمّا الأصل الآخر فالخَدْبُ بالنّاب: شقُّ الجِلْد مع اللحم. ويقال ضربة خَدْباء، إذا هَجَمَت على الجوف. والخَدْب: الحَلْب الشَّديد، كأنَّه يريد شقَّ الضَّرع بشدّة حَلْبه.

ومما شذّ عن هذا الباب قولهم: "أَقْبِلْ على خَيْدَبتِك" أي طريقك الأوّل. قال الشيبانيّ: الخَيدب الطَّريق الواضح. وإن صحّ هذا فقد عاد إلى القياس؛ لأنّ الطريق يشق الأرض.

(خدج) الخاء والدال والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النقصان. يقال خَدَجَت الناقة، إذا ألقَتْ ولدَها قبل النِّتاج. فإنْ ألقَتْه ناقصَ الخَلْق ولِتمام الحَمْل فقد أخْدَجَت. قال ابنُ الأعرابيّ: أخْدَجَت الصَّيْفَةُ: قَلَّ مطرُها. وفي الحديث: "كلُّ صلاة لم يُقْرَأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِدَاجٌ".

ــــــــــــــــــ

([1]) البيت لسلمة بن الخرشب الأنماري، من قصيدة في المفضليات (1: 34-36).

([2]) البيت لعمارة، كما في اللسان (خدر 314). وفيه "أكلها الإخدار"، أي أبرزها. وقد روي عجزه في اللسان (خدر 313) برواية "ألاحها الإخدار" كما هنا.

([3]) في الأصل: "ويشترون"، صوابه في المجمل واللسان (خدر).

([4]) البيت في ديوانه 66 واللسان (خدر، عضض).

([5]) الرجز في المجمل واللسان (خدر).

([6]) في الأصل: "الترب".

([7]) الامذلال: الفترة والخدر.

([8]) ديوان طرفة 63 واللسان (خدر). وسيعيده في ص 372.

([9]) التكملة من اللسان.

([10]) ويقال أيضاً "خدعة" بالفتح.

([11]) لسويد بن أبي كاهل في المفضليات (1: 189) واللسان (خدع). وصدره:

* أبيض اللون لذيذاً طعمه *

([12]) هو أول قصيدة للممزق العبدي في الأصمعيات 47، وهو في اللسان (خدع).

([13]) صدر بيت للأضبط بن قريع، في المعمرين 8. وعجزه فيه:

* والمسى والصبح لا فلاح معه *

وجعله في الخزانة ( 4: 579) نقلاً عن أمالي القالي ( 1: 108)، وكذا أمالي ثعلب 480 واللسان (خدع)، عجزاً لبيت للأضبط . وصدره في هذه المصادر:

* أذود عن حوضه ويدفعني *

([14]) في الأصل: "التراب" تحريف.

([15]) في الجمهرة (2: 201).

([16]) ذكر في القاموس ولم يرد في اللسان.

([17]) أضللن الخدم أي فقدنها. وقد سبق إنشاد البيت في ( بحث).

([18]) قطعة من بيت للأعشى في ديوانه 203 واللسان (خدم). وهو بتمامه:

ولو أن عز الناس في رأس صخرة *** ململمة تعيي الأرح المخدما

([19]) نعامة: لقب بيهس الفزاري، أحد محمقي الحرب. انظر الحيوان (4: 413) والأغاني (21: 122) والخزانة (3: 272) والميداني في: "ثكل أرأمها ولدا".

([20]) لكعب بن مالك الأنصاري. وعجزه كما في اللسان (خدب):

* صافي الحديدة صارم ذي رونق *

 

 

ـ (باب الخاء والذال وما يثلثهما)

(خذع) الخاء والذال والعين يدلُّ على قَطْع الشيء؛ يقال خَذَّعَهُ بالسَّيف، إذا ضربَه. ورُوِي بيتُ أبي ذؤيب:

* وكِلاهُما بَطَلُ الِّلقاءِ مُخَذَّعُ([1]) *

أي كأنه قد ضُرِب بالسَّيف مِراراً. ويقال نباتٌ مخذَّعٌ، إذا أُكِل أعلاه. وصَحَّفهُ ناس فقالوا مُجدَّع. وليس بشيءٍ.

(خذف)  الخاء والذال والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرمْي. يقال خَذَفْت بالحصاة، إذا رميتَها من بين سَبَّابَتَيْك. قال:

كأنَّ الحَصَى مِن خَلْفِها وأَمامِها *** إذا نجَلَتْهُ رجلُها خَذْفُ أَعْسَرَا([2])

  والمِخْذَفة، هي التي يُقال لها المِقْلاع. ويقال أتانٌ خَذُوفٌ، أي سمينة. قال أبو حاتم: قال الأصمعيّ: يُراد بذلك أنّها لو خُذِفَتْ بحَصاة لدخَلَتْ في بطنها من كثرة الشَّحم. وهذا الذي يحكيه عن هؤلاء الأئمّة وإن قلّ فهو يدلُّ على صحّة ما نَذهب إليه من هذه المقايَسات، كالذي ذكرناه آنفاً عن الخليل في باب الإخدَاع، وكما قاله الأصمعيُّ في الأتانِ الخَذوف.

والخَذَفَانُ: ضربٌ من [سير] الإبل([3]) وهو بِتَرَامٍ قليل.

(خذق)  الخاء والذال والقاف ليس أصلاً، وإنّما فيه كلمةٌ من باب الإبدال. يقال خَذَق الطّائر، إذا ذَرَقَ. وأراه *خَزَق، فأُبدِلت الزاءُ ذالاً.

(خذل)  الخاء والذال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تَرْك الشَّيء والقُعود عنه. فالخِذْلان: تَرك المَعُونة. ويقال خَذَلَتِ الوحْشيَّةُ: أقامَتْ على وَلَدِها؛  وهي خَذُول. قال:

خَذُولٌ تُراعِي رَبْرَباً بخَميلةٍ *** تَنَاوَلُ أَطرافَ البَريرِ وترتَدِي([4])

  ومن الباب تخاذَلَتْ رِجلاه: ضَعُفَتَا. من قوله:

* وخَذُولِ الرِّجْل من غير كَسَحْ([5]) *

وقال آخر([6]):

* صَرْعى نوؤُها متخاذِلُ *

ورجلٌ خُذَلة، للَّذي لا يزال يَخْذُلُ.

(خذم)  الخاء والذال والميم يدلُّ على القَطْع. يقال خَذَمْتُ الشَّيء: قطعتُه. [و] سيفٌ مِخْذَمٌ. والخَذْماء: العنْز تنشقُّ أذُنُها عَرْضاً من غير بيْنُونة. والخَذَم: السُّرْعة في السَّير؛ وهو من الباب.

(خذا)  الخاء والذال والحرف المعتل والمهموز يدلُّ على الضَّعف واللِّين. يقال خَذَا الشيءُ يَخْذُو خذْواً: استرخى. وخذِي يخْذَى. وينَمَةٌ خَذْواءُ: ليِّنة، وهي بَقْلة. وأُذُنٌ خَذْواءُ: مسترخيَة. ويُكْرَهُ من الفَرَس الخَذَا في الأذُن.

ومن الباب خَذِئْت وخَذَأْت أخْذَأ، إذا خضَعْت له خُذُوءاً وخَذْأً. ويقال استخذَيْت واستخذَأْت، لغتان، وهم إلى ترك الهمز فيها أمْيَل. وقد قال كثيّر:

فما زِلْتُمُ بالناس حتَّى كأنَّهم *** مِنْ الخَوف طَيْرٌ أخْذَأَتْها الأجادلُ

  فهمز. يقال أخذَيْتُ فلاناً، أي أذلَلتْهُ.

ــــــــــــــــــ

([1]) ديوان أبي ذؤيب 18 والمفضليات (2: 228). وصدره فيهما وفي اللسان:

* فتناديا وتوافقت خيلاهما * وقد سبق إنشاد هذا العجز في (1: 330).

([2]) لامرئ القيس في ديوانه 98 واللسان (خذف، نجل).

([3]) في المجمل: "والخذفان: ضرب من السير".

([4]) لطرفة في معلقته.

([5]) للأعشى في ديوانه 163 واللسان (خذل). وصدره: * كل وضاح كريم جده *

([6]) هو جعفر بن علبة. انظر الحماسية رقم 4 وما سيأتي في (نوي).

 

 

ـ (باب الخاء والراء وما يثلثهما)

(خرز)  الخاء والراء والزاء يدلُّ على جَمْع الشَّيء إلى الشيء وضَمِّه إليه. فمنه خَرْزُ الجِلْدِ. ومنه الخَرَزُ، وهو معروف، لأنه يُنْظم ويُنْضَدُ بعضُه إلى بعض.

وفَقَار الظَّهر خَرَزٌ لانتظامه، وخَرَزاتُ الملك، كان الملك منهم كلمَّا مَلَكَ عاماً زِيدت في تاجه خَرَزة؛ ليُعلَم بذلك عددُ سِنِي مُلْكِه. قال:

رَعَى خَرَزاتِ المُلْكِ عِشرين حِجَّة *** وعشرين حَتى فادَ والشيب شاملُ([1])

  (خرس)  الخاء والراء والسين أصولٌ ثلاثة: الأول جِنْسٌ من الآنية، والثاني عدم النُّطق، والثالث نوعٌ من الطعام.

فالأوّل: الخَِرْسُ بسكون الراء، وهو الدَّنُّ، ويقال لصانِعِه الخَرّاس.

والثاني: الخَرَسُ في اللِّسَان، وهو ذَهاب النُّطق. ويُحمَل على ذلك فيقال كتيبة خَرْساء، إذا صَمَتَتْ من كثرة الدُّروع، فليس لها قعْقعةُ سِلاح. ويقال لبنٌ أخْرَسٌ: خاثِرٌ لا صوتَ له في الإناء عند الحَلْب. وسحابةٌ خَرْساءُ: ليس فيها رعد.

والثالث: الخُرْس والخُرْسة، وهو طعامٌ يتَّخَذ للوالِدِ من النِّساء([2])، وتلكَ خُرسَتُها. قال:

إذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها *** طَعاماً ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها([3])

  وزعم ناسٌ أنَّ البِكْرَ تُدْعى في أوَّل حَمْلها خَرُوساً. وأنشدوا:

شرُّكمْ حَاضرٌ ودَرُّكُمُ دَ *** رُّ خَرُوسٍ من الأرانب بِكْرِ([4])

  ويقال الخَروس القليلةُ الدَّرِّ.

(خرش)  الخاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ، يدل على انتفاخٍ في الشيء وخُرُوق.

الأصلُ الخِرشاءُ، وهو سَلْخُ الحيّة، ثم يشبَّه به كلُّ شيءٍ يكون فيه تلك الصِّفة، فيقال للرُِّغوة: الخِرشاء. قال مزرِّد:

إذا مَسَّ خِرشَاءَ الثُّمَالةِ أنفُه *** ثَنَى مِشْفَريه للصَّريح فأقْنَعَا([5])

  ويقال طلعت الشَّمسُ في خِرْشَاءَ، أي في غَبَرَة. وألَقى الرّجُل خَراشِيَّ صدرِه، أي بُصاقاً خاثراً. فهذا هو الأَصل.

فأمّا قولهم كلبُ خِرَاشٍ، فهو عندنا من باب الإبدال، قال الراجز:

كأنّ طُبْيَيْهَا إذا ما دَرَّا ***

كَلْبَا خِرَاشٍ خُورِشا فَهَرَّا

  ويجوز أن يكون من خَرَشْتُ الشيءَ، إذا خدشْتَه؛ وهو من الأوّل كأنّه إذا خُرِش نَفَر ورَبَا وتخرّق*. فأمّا قولهم اخترشت الشيءَ، إذا كسَبْته، فهو عندنا أيضاً من باب الإبدال، إنّما هو اقترش. وقد ذُكِر في بابه. وكان ابنُ الأعرابيّ يقول: اختَرَش كَسَبَ. وكان يروي كلاماً تلك([6]): "رُبَّ ثَدْيٍ افترش، ونهب اخْتَرَش، وضبٍّ احتَرَش". وغيره يَروِي: "ونهبٍ اقترش". والخِراش: سِمَةٌ خفيفة. والخَرَشة: ضربٌ من الذُّباب، ولعلّه مِن بعض ما مضى ذكرُه.

(خرص)  الخاء والراء والصاد أصولٌ متباينة جدَّاً.

فالأوّل الخَرْص، وهو حَزْرُ الشَّيء، يقال خَرَصْتُ النَّخْلَ، إذا حَزَرْتَ ثمرَه. والخرَّاصُ: الكذاب، وهو من هذا، لأنّه يقول ما لا يعلم ولا يَحُقُّ.

وأصلٌ آخر، يقال للحَلْقة من الذَّهب خُرْصٌ.

وأصلٌ آخر، وهو كل ذي شُعْبَةٍ من الشَّيء ذي الشُّعَب. فالخَريص من البحر: الخليجُ منه. والخُِرْص: كل قضيبٍ من شجرة، وجمعُه خِرصان. قال:

ترَى قِصَد المُرَّانِ تُلْقَى كأنّه *** تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشَّواطِبِ([7])

  ومن هذا الأصل تسميتُهم الرُّمحَ الخُِرْص. قال:

*عَضَّ الثِّقافِ الخُرُصَ الخطيَّا([8]) *

ومنه الأخراصُ، وهي عيدانٌ تكون مع مُشْتار العَسَل.

وأصلٌ آخر، وهو الخَرَصُ، وهو صفة الجائع المقرور، يقال خَرِصَ خَرصاً.

(خرض)  الخاء والراء والضاد. زعم ناسٌ أنّ الخريضَ الجاريةُ الحديثة السنِّ الحسنة. وهذا ممّا لا يعوَّل على مثله، ولا قياسَ له.

(خرط)  الخاء والراء والطاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطَّرد، وهو مُضيُّ الشَّيء، وانسلاله. وإليه يرجعُ فروع الباب، فيقال اخترطْتُ السيفَ مِن غِمْده، وخَرَطت عن الشَّجرةِ ورقَها، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك فكأنَّ الشجرةَ قد انسلَّت منه. وقال قومٌ: الخَرْط قشْر العُود؛ وهو من ذلك. والخَرُوط من الدوابّ: الذي يَجْتَذِبُ رَسَنَه من يد مُمْسِكه ويمضي. ويقال اخروَّط بهم السَّير، إذا امتدَّ. والمخروط: الرجل الطَّويل الوجْه([9]). واستخْرَط الرجل [في([10])] البكاء، وذلك إذا ألحَّ ولجَّ فيه مستمرَّا. والخَرَط: داءٌ يصيب ضَرْع الشاة فيخرُج لبنُها متعقِّداً كأنه قِطَع الأوتار. وهي شاةٌ مُخْرِطٌ([11])، فإنْ كان ذلك عادتَها فهي مِخْراط. ويقال المخَاريط الحيّاتُ إذا انسلخَتْ جلودُها. قال:

إنّي كسانِي أبو قابُوسَ مُرْفَلَةً *** كأنّها سَلْخُ أبْكارِ المخاريطِ([12])

  [و] رجلٌ خَرُوطٌ: مُتَهَوِّرٌ يركبُ رأسَه، وهو القياس. ويقال انخرَط علينا، إذا انْدرَأ بالقول السَّيِّئ، وانخرَط جسمُ فلانٍ، إذا دَقَّ، وذلك كأنّه انسلَّ من لحمه انسلالاً. ويقال خرَطْتُ الفحل في الشَّول، إذا أرسلتَه فيها.

(خرع)  الخاء والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو يدل على الرَّخاوة، ثم يُحْمل عليه. فالْخِرْوَع نباتٌ ليِّنٌ؛ ومنه اشتقاق المرأة الخَرِيع، وهي الليِّنة. وكان الأصمعي يُنكِر أن يكون الخَريعُ الفاجرةَ، وكان يقول: هي التي تَثَنَّى من اللِّين. ويقال لمِشْفَر البعير إذا تدلَّى خَريع. قال:

خَريعَ النَّعو مضطربَ النَّواحِي *** كأخلاق الغَرِيفة ذا غُضُونِ([13])

  وأخذه من عتيبة بن مرداس في قوله:

تكفُّ شَبَا الأنْيابِ عنها بمشفرٍ *** خَريعٍ كسِبْت الأحوَرِيِّ المُخَصَّرِ([14])

  والخَرَع: لينٌ في المفاصل. ويقال الخُرَاع جُنون النّاقة؛ وهو من الباب. وممَّا حمل على الخَرْع الشَّقُّ، تقول خَرعته فانخَرَع. واختَرَع الرجُل كَذِباً، أي اشتقّه. وانخرَعَتْ أعضاءُ البعير، إذا زَالتْ مِن مواضعها. ويقال المُخَرَّع المختلف الأخلاق. وفيه نظرٌ، فإنْ صحَّ فهو من خُرَاعِ النُّوق([15]). ويقال خَرِعَتِ النّخلةُ، إذا ذَهَبَ كَرَبُها، تَخْرَعُ.

(خرف)  الخاء والراء والفاء أصلان: أحدهما أن يُجْتَنَى الشيءُ، والآخَرُ الطَّريق.

فالأوّل قولهم اخترفْتُ الثَّمرة، إذا اجتَنَيْتَها. والخريف: الزَّمان الذي يُخْتَرَف* فيه الثِّمار. وأرضٌ مخروفة: أصابها مطرُ الخَريف. والمِخْرَف: الذي يُجْتَنَى فيه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "عائِد المريض على مَخارف الجنّة حتى يرجع([16])". والعرب تقول: اخْرُفْ لنا، أي اجْنِ. والمَخْرَف بفتح الميم: الجماعة من النَّخْل. وقال بعضُ أهلِ اللغة: إن الخَروفَ يسمَّى خَروفاً لأنّه يَخْرُف مِن هاهنا وهاهنا.

والأصل الآخر: المَخْرَفَة: الطريق. وفي الحديث: "تُرِكتُم على مثل مَخْرَفَةِ النَّعَمِ"، أي على الطَّريق الواضح المستقيم. وقال:

فضربْتَهُ بأفَلَّ تحسَِبُ إثْرَهُ *** نَهْجاً إبان بِذي فَرِيغٍ مَخْرَفِ([17])

  ومن هذا الباب الإخْرَافُ، وهو أنْ تُنْتَج الناقةُ في مثل الوقت الذي حَمَلتْ فيه. وهو القياس: لأنّها كأنّها لزمت ذلك القَصْدَ فلم تعوّج عنه.

وبقيت في الباب كلمةٌ هي عندنا شاذّة من الأصل، وهو الْخَرَف، والخَرَف: فسادُ العَقْل من الكبر.

(خرق) الخاء والراء والقاف أصلٌ واحد، وهو مَزق الشَّيء وجَوْبُه، إلى ذلك يرجع فروعه. فيقال: خَرَقْتُ الأرضَ، أي جُبْتُها. واخترَقَتِ الرِّيح الأرضَ، إذا جابَتْها. والمخْتَرَق: الموضع الذي يَخترقه الرِّياح. قال رؤبة:

* وقاتِمِ الأعماق خاوِي المخْتَرَقْ([18]) *

والخَرْق: المَفَازة، لأنّ الرّياح تخترقُها. والخِرْق: الرجُل السخِيّ، كأنَّه يتخرَّق بالمعروف. والخرْق: نقيض الرِّفق، كأنَّ الذي يفعلُه مُتَخًَرِّق. والتَّخَرُّق: خَلْقُ الكذب. وريحٌ خرقاءُ: لا تدوم في الهبوب على جهةٍ. والخَرْقاء: المرأة لا تُحسِن عملاً. قال:

خَرْقاءُ بالخَير لا تَهْدِي لِوجْهَتِهِ *** وهْي صَناعُ الأذى في الأهل والجارِ

  والخَرقاء من الشَّاءِ وغيرها: المثقوبة الأذُن. وبعيرٌ أخرق: يقع مَنْسِمُه بالأرض قبلَ خُفِّه. والخِرْقة معروفةٌ، والجمع خِرَق. وذو الخِرَقِ الطُّهويُّ سمِّي بذلك لقوله:

* عليها الرِّيش والخِرَقُ([19]) *

والخِرْقة من الجراد: القطعة. قال:

قد نَزَلَتْ بساحةِ ابنِ واصلِ *** خِرْقةُ رِجْلٍ من جرادٍ نازلِ([20])

  قال الفرَّاء: يقال: "مررتُ بِخَرِيقٍ من الأرض بين مَسْحَاوين"، وهي التي اتَّسعت واتَّسع نباتها. والجمع خُرُق. قال:

* في خُرقٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرَامِها([21]) *

ومن الباب الخَرَق، وهو التحيُّر والدَّهَش. ويقال خَرِق الغزالُ، إذا طافَ به الصَّائد فدَهِش ولَصِق بالأرض. ويقال مثل ذلك تشبيهاً: خَرِق الرَّجُل في بيته؛ إذا لم يَبرَح. والخُرَّقُ: طائرٌ يلصَق بالأرض. ثم يُتَّسعُ في ذلك فيقال الخَرَقُ الحَياء. وحُكِي عن بعض العرب: "ليس بها طُولٌ يَذِيمُها، ولا قِصرٌ يُخرقُها"، أي لا تستحْيِي منه فتَخْرَق. والمخاريق: [ما تلعب به الصِّبيان من الخِرق المفتولة([22])]. قال:

* مخاريقٌ بأيدِي لاعبينا([23]) *

(خرم) الخاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو ضرب من الاقتطاع. يقال خَرَمْتُ الشَّيءَ. واختَرمَهُم الدَّهر. وخُرِم الرجُل، إذا قُطِعَتْ وتَرَةُ أنفِه، لا يبلُغ الجدْعَ. والنَّعت أخرمُ. وكلُّ مُنْقَطَعِ طَرَفِ شيءٍ مَخْرِم. يقال لمنقطَعِ أنف الجبل مَخْرِم.

والخوْرَمة: أرنبة الإنسان؛ لأنَّها منقطَع الأنف وآخره. وأَخْرَمُ الكتف: طرف عَيْرِه([24]). ويمينٌ ذاتُ مخارِمَ، أي ذاتُ مخارج، واحدها مَخْرِم؛ وذلك أنّ اليمين التي لا يمكن تأوُّلها بوجهٍ ولا كفّارةٍ فلا مخرج لعينها، ولا انقطاع لحكمها، فإذا كانت بخلاف ذلك فقط صارت لها مخارِم، أي مخارجُ ومنافذ، فصارت كالشَّيء فيه خروق. قال:

لا خير في مالٍ عليه ألِيَّةٌ *** ولا في يمينٍ غيرِ ذاتِ مَخارِمِ

  يريد التي لا كَفَّارة لها، فهي محْرجة مضيّقة. والخَوْرم: صخرةٌ فيها خُروق. ومما يجري كالمثل والتشبيه، قولهم: "تَخرَّم زَنْد فلان"، إذا سكنَ غضبُه.

(خرب)  الخاء والراء والباء أصلٌ يدل على التثلُّم والتثقُّب. فالخُرْبةُ: الثُّقْبة. والعبد الأخرَب: المثقوب الأذن*. والخُرْبُ: ثَقْب الورِك. والخُرْبة: عُروة المزادة.

ومن الباب، وهو الأصل، الخَراب: ضدّ العمارة. والخُرْب: منقَطَع الجُمْهور من الرَّمل. فأمَّا الخارب فسارقُ الإبل خاصَّةً؛ وهو القياس، لأن السَّرِق. إيقاع ثُلْمةٍ في المال.

ومما شذَّ عن الباب الخَرَب، وهو ذكر الحُبارى، والجمع خِرْبان. وأَخْرُب: موضعٌ. [قال]:

خَرجنا نُغالي الوحش بينَ ثُعَالةٍ *** وبين رُحَيَّاتٍ إلى فَجِّ أَخْرُبِ([25])

  (خرت)  الخاء والراء والتاء أصلٌ يدلُّ على تثقُّبٍ وشِبْهه. فالخُرْت: ثَقْب الإبرة والأخرات: الحَلَقَ في رؤوس النُّسُوع. والخِرِّيتُ: الرجلُ الدّليلُ الماهر بالدَّلالة. وسُمِّي بذلك لشقِّه المَفازةَ، كأنّه يدخُل في أخْرَاتِها([26]). ويقال خَرَتْنا الأرض، إذا عَرَفْناها فلم تَخْفَ علينا طرقُها.

(خرث)  الخاء والراء والثاء كلمةٌ واحدة، وهو أَسقاط الشَّيء. يقال لأسقاط أثاث البيت خُرْثِيٌّ. قال:

* وعَادَ كلُّ أثاثِ البيت خُرْثِيّا *

(خرج)  الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمعُ بينهما، إلاّ أنّا سلكْنا الطّريقَ الواضح. فالأول: النّفاذُ عن الشَّيء. والثاني: اختلافُ لونَين.

فأمّا الأول فقولنا خَرَج يخرُج خُروجاً. والخُرَاج بالجسد. والخَراج والخَرْج: الإتاوة؛ لأنّه مالٌ يخرجه المعطِي. والخَارجيُّ: الرَّجل المسوَّد بنفْسه، من غير أن يكون له قديم، كأنّه خَرَجَ بنفسه، وهو كالذي يقال:

* نفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصاما([27]) *

والخُروج: خُروج السحابة؛ يقال ما أحسن خُروجَها. وفلان خِرِّيجُ فلانٍ، إذا كان يتعلَّم منه، كأنّه هو الذي أخرجَه من حدِّ الجهل. ويقال ناقة مُخْتَرِجَةٌ، إذا خرجت على خِلْقة الجَمل. والخَرُوج: الناقةُ تخرُج من الإبل، تبرُك ناحية؛ وهو من الخُروج. والخَرِيج فيما يقال: لُعبةٌ لِفتيان العرب، يقال فيها: خَرَاجِ خَرَاجِ. قال الهذلي([28]):

أرِقْتُ لـه ذاتَ العِشاءِ كأنّه *** مخاريقُ يُدعَى بينهن خَرِيجُ

  وبنو الخارجِيَّة: قبيلة، والنِّسبة إليه خارجيٌّ.

وأمّا الأصل الآخر: فالخَرَجُ لونانِ بين سوادٍ وبياض؛ يقال نعامةٌ خَرْجاءُ وظليمٌ أخرج. ويقال إِنّ الخَرْجاء الشّاة تبيضّ رِجْلاها إلى خاصرتها.

ومن الباب أرض مخَرَّجَة، إذا كان نَبْتُها في مكانٍ دونَ مكان.

وخَرّجت الراعيةُ المَرْتَعَ، إذا أكلَتْ بعضاً وتركَتْ بعضاً. وذلك ما ذكرناه من اختلاف اللّونين.

(خرد)  الخاء والراء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو صَوْن الشَّيْء عن المَسِيس. فالجارية الخَريدة هي التي لم تُمَسَّ قطُّ. وحكى ابنُ الأعرابيّ: لؤلؤةٌ خريدة: لم تُثْقَب. قال وكلُّ عذْراءَ فهي خريدة. وجاريةٌ خَرُودٌ: خَفِرَةٌ؛ وهي من الباب. قال ابن الأعرابيِّ: أخردَ الرّجُلُ: إذَا أقلَّ كلامَه. يقال: مالك مُخْرِداً. وهو قياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ في ذلك صَوْنَ الكلام واللسان.

ـــــــــــــــــــــ

([1]) للبيد يذكر الحارث بن أبي شمر الغساني. انظر ديوانه 32 طبع 1881 واللسان (خرز). والكلمتان الأوليان من عجز البيت ساقطتان من الأصل.

([2]) يقال للمرأة والدة على الفعل، ووالد على النسب، كما يقال لابن وتامر. وفي الأصل: "للولد من النساء".

([3]) البيت للأعلم الهذلي كما في اللسان (خرس، حتر). والرواية فيه: "غلاماً" بدل "طعاماً".

([4]) البيت لعمرو بن قمينة، كما في الحيوان (5: 73). وأنشده في اللسان (خرس) بدون نسبة.

([5]) البيت في المجمل واللسان (خرش).

([6]) كذا وردت هذه الكلمة. وفي المجمل: "وفي كلام بعضهم: رب ثدي افترشته، ونهب اخترشته، وضب احترشته".

([7]) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 12 والمجمل واللسان (خرص).

([8]) لحميد بن ثور. وقبله كما في اللسان (خرص). * يعض منها الظلف الدئيا *

([9]) في الأصل: "الواحد"، صوابه من المجمل واللسان.

([10]) التكملة من اللسان والقاموس، وهي ساقطة من الأصل والمجمل أيضاً.

([11]) في الأصل: "مخرطة"، صوابه من المجمل واللسان.

([12]) البيت في اللسان (رفل)، وعجزه في المجمل.

([13]) البيت للطرماح في ديوانه 179 واللسان (خرع، غرف، نعا). وقبله:

تمر على الوراك إذا المطايا *** تقايست النجاد من الوجين

([14]) أنشده في اللسان (خرع، حور).

([15]) في الأصل: "وهو من الذي من خراع النوق".

([16]) ليس شاهداً للمخرف الذي يجتنى فيه، بل هو شاهد لما سيأتي أن المخرف جماعة النخل.

([17]) لأبي كبير الهذلي من قصيدة في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61. وأنشده في اللسان (خرف، فرغ). وسيعيده في (فرغ) برواية: "فأجزته".

([18]) ديوان رؤبة 104.

([19]) البيت بتمامه كما في اللسان:

لما رأت إبلي هزلى حمولتها *** جاءت عجافا عليها الريش والخرق

([20]) الرجز في اللسان (خرق) والمخصص (8: 174) والجمهرة (2: 213). وكلمة "خرقة" ساقطة من الأصل.

([21]) من رجز لأبي محمد الفقعسي. اللسان (خرق 364).

([22]) هذه التكملة من اللسان.

([23]) عجز بيت لعمرو بن كلثوم في معلقته. وصدره: * كأن سيوفنا منا ومنهم *

([24]) العير بالفتح: العظم الناتئ. وفي الأصل: "غيره"، تحريف.

([25]) البيت لامرئ القيس، كما في معجم البلدان (أخرب).

([26]) الأخرات: جمع خرت، بضم الخاء وفتحها، وفي الأصل: "أخرتها"، تحريف.

([27]) عصام هذا، هو عصام بن شهر الجرمي، حاجب النعمان بن المنذر. انظر اللسان (عصم) والاشتقاق 317. وبعده في اللسان:

وعلمته الكرَّ والإقداما *** وصيرته ملكا هماما

([28]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 53.

 

 

ـ (باب الخاء والزاء وما يثلثهما)

(خزع)  الخاء والزاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْع والانقِطاع. يقال تَخَزَّعَ فلانٌ عن أصحابه، إذا تخلّف عنهم في السَّير؛ ولذلك سمِّيت خُزاعةُ؛ لأنهم تخزَّعوا عن أصحابهم وأقاموا بمكَّة([1]). وهو قول القائل:

فلما هبَطْنا بطْنَ مَرٍّ تخزّعت *** خُزاعَةُ عَنَّا بالحلول الكَراكِر([2])

  ويقال تخزّعْنا الشَيءَ بيننا، أي اقتسمناه قِطَعا. والخَوْزعة: رَمْلة تنقطع من مُعْظم الرِّمال.

(خزف)  الخاء والزاء والفاء ليس بشيءٍ. فالخَزَفُ هذا المعروفُ، ولسنا ندري أعربيٌّ هو أمْ لا. قال ابنُ دريد([3]): الخَزْف الخَطْر باليَد عند المشْي. وهذا من أعاجيب أبي بَكر.

(خزق)  الخاء والزاء والقاف أصلٌ، وهو يدلُّ على نَفاذِ الشَّيء المرمِيّ به أو ارتزازِه. فالخازِق من السِّهام المُقَرْطِس، وهو الذي يرتَزّ في قِرطاسه. وخَزَق الطّائر: ذَرَق. والخَزْق: الطَّعْن. والقياس واحد.

(خزل)  الخاء والزاء واللام* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانقطاع والضَّعف. يقال خَزَلْتُ الشيءَ: قطعتُه. وانخَزَل فُلانٌ: ضعُف.

(خزم)  الخاء والزاء والميم أصلٌ يدلُّ على انثقاب الشَّيء. فكلُّ مثقوبٍ مخزومٌ. والطَّير كلُّها مخزُومة؛ لأنَّ وَتَرَاتِ أنفها مخزُومة. ولذلك يقال نَعام مُخَزَّمٌ. قال:

* وأرفَعُ صوتي للنَّعام المُخَزّمِ([4]) *

وخَزَمْت الجَرادَ في العُود: نَظَمْته. وخَزمْتُ البعيرَ، إذا جعلْتَ في وَتَرَةِ أنْفه خِزَامةً من شَعْر. وعلى هذا القياسِ يسمَّى شجرةٌ من الشَّجر خَزَمة؛ وذلك أنّ لها لِحاءً يُفتَل منه الحِبال، والحبال خِزامات.

وقد شذَّ عن الباب الخَزُومة: البقرة([5]). وَكلمةٌ أخرى، يقال خازَمْتُ الرّجُلَ الطّريقَ، وهو أن يأخُذَ في طريقٍ ويأخُذَ([6]) هو في غيرِه حتَّى يلتقِيا في مكانٍ واحد. وأخْزَمُ: رجلٌ. فأمَّا قولهم إنّ الأخْزَم الحيَّة الذكرُ، فكلامٌ فيه نظَر.

(خزن)  الخاء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على صيانة الشَّيءِ. يقال خزَنْتُ الدِّرهَم وغيرَه خَزْناً؛ وخزَنتُ السِّرَّ. قال:

إذا المرءُ لم يخْزُنْ عليه لِسَانََُهُ *** فليس على شَيءٍ سِواهُ بخَزَّانِ([7])

  فأمّا خَزِنَ اللّحمُ: تغيَّرَتْ رائحتُه، فليس من هذا، إنما هذا من المقلوب والأصل خنِزَ. وقد ذُكِر في موضعه. قال طرَفة في خزِن:

ثم لا يَخْزَنُ فينا لحمُها *** إنَّما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِرْ([8])

  (خزو)  الخاء والزاء والحرف المعتل أصلان: أحدهما السياسة، والآخر الإبعاد.

فأمَّا الأول فقولهم خَزَوتُهُ، إذا سُسْتَه. قال لبيد:

* واخْزُهَا بالبِرِّ لله الأجَلّ([9]) *

وقال ذو الأصبع:

لاهِِ ابنُ عَمِّكَ لا أفْضَلْتَ في حسبٍ *** عَنِّي ولا أنتَ دَيّانِي فتخزونِي([10])

  وأمَّا الآخَر فقولُهم: أخزَاهُ الله، أي أبعَدَه ومَقَتَه. والاسم الخِزْي. ومن هذا الباب قولهم خَزِي الرّجل: استحيا مِن قُبْحِ فعله خَزَايةً، فهو خَزيان؛ وذلك أنّه إذا فعل ذلك واستحيا تباعَدَ ونأى. قال جرير:

وإنّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فُرْتَنَى *** وغيرُ ابنِ ذِي الكِيرَيْنِ خَزْيانُ ضائعُ([11])

  (خزب)  الخاء والزاء والباء يدلُّ على وَرَم ونتُوّ في اللّحم. يقال خَزِبَت الناقةُ خَزَباً، وذلك إذا وَرِم ضَرْعُها. والأصل قولهم لحمٌ خزِبٌ: رَخْصٌ. وكلُّ لحمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبَة.

(خزر)  الخاء والزاء والراء أصلان. أحدهما جِنْسٌ [من] الطَّبيخ([12])، والآخر ضِيقٌ في الشَّيء.

فالأوّل الخَزِيرُ، وهو دقيقٌ يُلْبَكُ بشَحْم. وكانت العربُ تعَيِّر آكِلَه([13]).

والثاني الخَزَر، وهو ضيق العَيْنِ وصِغَرُها. يقال رجلٌ أخْزَرُ وامرأةٌ خَزْراءُ. وتخازَرَ الرّجُل، إذا قبَض جفنَيه ليحدِّد النّظَر. قال:

* إذا تخازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ([14]) *

ــــــــــــــــــ

([1]) في السيرة 59 جوتنجن ومعجم البلدان (مر) أنهم أقاموا بمر الظهران. وهو موضع على مرحلة من مكة.

([2]) البيت لعوف بن أيوب الأنصاري، كما في السيرة ومعجم البلدان (مر). وقد نسب في اللسان (خزع) إلى حسان بن ثابت. وانظر ديوان حسان 208.

([3]) الجمهرة (2: 216).

([4]) البيت لأوس بن حجر، كما في الحيوان (4: 395) وليس في ديوانه. وصدره:

* وينهى ذوي الأحلام عن حلومهم *

([5]) هي بلغة هذيل. ومنه قول أبي ذرة الهذلي:

إن ينتسب ينسب إلى عرق ورب *** أهل خزومات وشحاج صخب

([6]) في الأصل: "واحد".

([7]) البيت لامرئ القيس في ديوانه 125. وفي اللسان بدون نسبة: "فليس على شيء سواه بخازن".

([8]) ديوان طرفة 69 واللسان (خزن).

([9]) ديوان لبيد 12 طبع 1881 والمجمل واللسان (خزا). وصدره:

* غير أن لا تكذبنها في التقى *

([10]) المفضليات (1: 158، 160) والمجمل واللسان (خزا). وسيأتي في (لاه).

([11]) ديوان جرير 370 والمجمل واللسان (خزا).

([12]) في الأصل: "البطيخ"، تحريف.

([13]) منه قول جرير:

وضع الخزير فقيل أين مجاشع *** فشحا جحافله جراف هبلع

([14]) الرجز لعمرو بن العاص، في وقعة صفين 421 وكذا في اللسان (مرر) قال: "وهو المشهور. ويقال إنه لأرطاة بن سهية تمثل به عمرو". وانظر اللسان (خزر) والمخصص (14: 180) وأمالي القالي (1: 96).

 

 

ـ (باب الخاء والسين وما يثلثهما)

(خسف)  الخاء والسين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غموض وغُؤور، وإليه يرجعُ فُروع الباب. فالخَسْف والخَسَف([1]). غموضُ ظاهرِ الأرض. قال الله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص 81].

ومن الباب خُسوفُ القَمَر. وكان بعضُ أهل اللُّغة يقول: الخُسوف للقمر، والكُسوف للشمس. ويقال بئرٌ خَسِيفٌ([2])، إذا كُسِرَ جِيلُها([3]) فانهارَ ولم يُنتَزَحْ ماؤُها. قال:

* قَليذَمٌ من العَياليم الخُسُفْ([4]) *

وانخسفَت العينُ: عمِيَتْ. والمهزول يسمَّى خاسفاً؛ كأنّ لحمَه غارَ ودخَل. ومنه: بات على الخَسْفِ، إذا باتَ جائعاً، كأنّه غاب عنه ما أرادَه مِن طعام. وَرضِيَ بالخَسْفِ، أي الدنِيّة. ويقال: وقَع النّاسُ في أخاسِيفَ من الأرض، وهي اللّينة تكاد تَغْمُِضُ لِلينها.

وممّا حُمِل على الباب قولُهم للسحاب الذي [يأتي([5])] بالماء الكثير خَسِيفٌ، كأنَّه شُبِّه بالبئر التي ذكرناها. وكذلك قولهم ناقة خَسِيفة([6])، أي غزيرة. فأمّا قولهم إنّ الخَسْفَ الجَوزُ المأكول* فما أدري ما هُو.

(خسق)  الخاء والسين والقاف ليس أصلاً؛ لأنَّ السِّين فيه مُبدلةٌ من الزاء، وإنّما يُغَيَّر اللّفظُ ليغيَّر بعضُ المعنى. فالخازق من السِّهام: الذي يرتزُّ إذا أصابَ الهدف. والخاسق: الذي يتعلَّق ولا يرتَزُّ. ويقولون-والله أعلم بصحته- إنّ الناقة الخَسُوقَ السيِّئةُ الخُلُق.

(خسل)  الخاء والسين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ضَعْفٍ وقِلَّةِ خَطَر. فالمَخْسُول: المرذول. ورجالٌ خُسَّلٌ مثل سُخَّل، وهم الضُّعَفاء. والكواكب المخسولة: المجهولة التي لا أسماء لها. قال:

ونحنُ الثُّرَيّا وجوزاؤُها *** ونحنُ السّماكانِ والمِرْزَمُ

وأنتُم كواكبُ مَخْسُولةٌ *** تُرَى في السّماء ولا تُعْلَمُ([7])

  (خسأ)  الخاء والسين والهمزة يدلُّ على الإبعاد. يقال خَسَأْتُ الكلبَ. وفي القرآن: {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون 108]، كما يقال ابعُدوا.

(خسر)  الخاء والسين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّقْص. فمن ذلك الخُسْر والخُسْران، كالكُفْر والكُفْران، والفُرْق والفُرْقان. ويقال خَسَرْتُ المِيزانَ وأخْسَرْتُه، إذا نقَصْتَه. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) كذا في الأصل مع الضبط. والذي في المعاجم المتداولة: الخسف والخسوف.

([2]) في الأصل: "هو خسيف"، صوابه من المجمل واللسان.

([3]) جيل البئر، بالكسر، وكذا جالها وجولها: جدارها وجانبها. وفي الأصل والمجمل والجمهرة واللسان: "جبلها" تحريف، صوابه ما أثبت.

([4]) لأبي نواس في مرثية خلف الأحمر. انظر ديوانه 132 والحيوان (3: 493) ومحاضرات الراغب (1: 49/ 2: 236).

([5]) التكملة من المجمل.

([6]) وكذا في المجمل. لكن في اللسان والقاموس "خسيف" بطرح الهاء.

([7]) البيتان في المجمل واللسان (خسل، سخل)، إذ يروى فيه "مسخولة". وأنشد البيت الثاني في الأزمنة والأمكنة (2: 373).

 

 

ـ (باب الخاء والشين وما يثلثهما)

(خشع)  الخاء والشين والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على التَّطامُن. يقال خَشَع، إذا تطامَنَ وطأْطأَ رأسَه، يخشَع خُشوعاً. وهو قريبُ المعنى من الخضوع، إلاّ أنّ الخُضوع في البدَن والإقرارُ بالاستخذاء، والخشوعَ في الصَّوتِ والبصر. قال الله تعالى: {خَاشِعَةً أبْصَارُهُمْ} [القلم 43، المعارج 44]. قال ابنُ دريد: الخاشِع المستكينُ والرَّاكع. يقال اختشعَ فلانٌ، ولا يقال اختَشَع بَصرُه. ويقال: خَشَع خَراشِيَّ صدْرِه، إذا ألْقى بُزاقاً لزِجاً. والخُشْعَة: قِطعةٌ من الأرض قُفٌّ قد غلبَتْ عليه السُّهولة. يقال قُفٌّ خاشع: لاطِئٌ بالأرض. قال ابنُ الأعرابيّ: بلدةٌ خاشعة: مُغْبَرَّة. قال جريرٌ:

لَمّا أتى خبرُ الزُّبَيْرِ تواضعت *** سُورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ([1])

  قال الخليل. خَشَعَ سَنامُ البَعير، إذا ذهَبَ إلاّ أقله.

(خشف)  الخاء والشين والفاء يدلُّ على الغُموض والسَّتْر وما قارب ذلك. فالخُشَّاف: طائرُ الليل، معروف([2]). والمِخْشَف: الرّجل الجَريء على الليّل. ويقال خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً، إذا ذهَبَ في الأرض وهو قياس الباب. والأخْشَف: البعير الذي غطَّى جلدَه الجربُ؛ لأنّه إذا غطَّاه فقد سَتَره. وسيف خَشِيفٌ: ماضٍ، في ضريبَتِه غُموضٌ([3]). والخشْفَة: الصَّوت ليس بالشديد.

ومما شذَّ عن الأصل الخَُِشْف: وهُوَ الغَزَال. وهو صحيح. ويقولون-والله أعلم- إنَّ الخشيف الثَّلج ويبيس الزَّعفَران([4]). وخشَفْت رأسَه بالحجر، إذا فضخْته. فإنْ كان هؤلاء الكلماتُ الثّلاثُ صحيحةً فقياسُها قياسٌ آخر، وهو من الهشْمِ والكَسْر.

(خشل)  الخاء والشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَقارة وصِغَر. قالوا: الخَشْل الرديُّ مِن كلِّ شيء. قالوا: وأصلُه الصِّغار من المُقْل، وهو الخَشْل. الواحدة [خَشلْة]. قال الشَمّاخ يصف عُقَاباً ووكْرَه:

تَرَى قِطَعاً من الأحناش فيه *** جماجِمُهنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ([5])

  يقول: إنّ في وكره رؤوسَ الحيّات. ويقال لِرُؤوس الحَلي، من الخلاخيل والأسورة خَشْل. وهذا على معنى التشبيه، أو لأنَّ ذلك أصغرُ ما في الحَلْي. وكان الأصمعيُّ يفسِّر بيت الشماخ على هذا.

قال: وشبّه رؤوس [الأحناش] بذلك، وهو أشْبَه. ويقال إنّ الخَشْل البَيْض إذا أخرج ما في جَوْفه. فإن كان هذا صحيحاً فلا شيءَ أحقَرُ من ذلك. وهو قياس الباب.

(خشم)  الخاء والشين والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاعٍ. فالخَيْشوم: الأنف. والخَشَم: داءٌ يعتَرِيه. والرجل الغليظُ الأنْفِ خُشَام. والمُخَشَّم: الذي ثار([6]) الشَّرابُ في خَيشومه فسَكِر. وخياشيم الجِبال: أنوفُها.

وشذَّت عن الباب كلمةٌ إن كانت صحيحة. قالوا: خَشِم اللّحمُ تغيّر.

(خشن)  الخاء والشين و*النون أصلٌ واحد، وهو خلافُ اللِّين. يقال شيءٌ  خَشِنٌ. ولا يكادُون يقولون في الحجَر إلاَّ الأخْشَن. قال:

* [و] الحجرُ الأخْشَنُ والثِّنَايَهْ([7]) *

واخشَوْشَنَ الرَّجُل، إذا تماتَنَ وترك التُّرْفَةَ. وكتيبة خشناءُ، أي كثيرة السِّلاح.

(خشي)  الخاء والشين والحرف المعتل يدلُّ على خَوف وذُعْر، ثمّ يحمل عليه المجاز. فالخَشيَة الخَوْف. ورجلٌ خَشْيَانُ. وخاشانِي فلانٌ فخشَيْتُه، أي كنتُ أشّد خَشْيةً منه.

والمجاز قولهم خَشِيت بمعنى عَلِمت. قال:

ولقد خَشِيت بأنَّ مَن تَبِعَ الهُدى *** سكَنَ الجِنَانَ مع النبيِّ محمدِ([8])

أي علِمتُ. ويقال هذا المكانُ أخْشَى من ذلك، أي أشدُّ خوفاً.

ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن الجمعُ بينهما على بُعدٍ، الخَشْوُ: التمر الحَشَف. وقد خَشَتِ النَّخلةُ تَخْشُو خَشْواً. والخَشِيُّ من اللّحم([9]): اليابسُ.

(خشب)  الخاء والشين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خشونةٍ وغِلَظ. فالأخْشَب: الجبَلُ الغليظ. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، في مكّة: "لا تَزُول حَتَّى يَزُولَ أخْشَبَاها". يريد جبلَيْها. وقول القائل يصف بعيراً:

* تَحْسَب فَوقَ الشَّوْلِ مِنْه أخْشَبَا([10]) *

فإنّه شبَّهَ ارتفاعَه فوق النُّوق بالجبَل. والخَشِيب السيف الذي بُدِئَ طَبعُه؛ ولا يكون في هذه الحال إلاّ خَشِناً. وسهمٌ مخْشوبٌ وخشيبٌ، وهو حين يُنْحَتُ. وجَمَلٌ خشيب: غليظ. وكلُّ هذا عندي مشتقٌّ من الخشَب. وتخشَّبت الإبل، إذا أكَلَتِ اليبيسَ من المرعَى. ويقال جَبْهةٌ خَشْبَاءُ: كريهة يابسة ليست بمستوية. وظَليمٌ خشيبٌ: غليظ. قال أبو عُبيد: الخشيبُ السَّيفُ الذي بُدِئَ طبعُه؛ ثمّ كثُر حتَّى صار عندهم الخشيبُ الصقيلَ.

(خشر)  الخاء والشين والراء يدلُّ على رداءةٍ ودُونٍ. فالخُشَارة: ما بقي [على] المائدةِ، ممّا لا خيرَ فيه. يقال خَشَرْتُ أَخْشِر خَشْراً، إذا بَقّيت الرَّدِيّ([11]). ويقال الخُشَارة من الشَّعير: ما لا لُبَّ لـه، فهو كالنُّخَالة. وإنّ فُلاناً لَمِنْ خُشارة النّاس، أي رُذَالِهم.

ـــــــــــــــــ

([1]) انظر خزانة الأدب (2: 166).

([2]) وهو الذي يقال له الخفاش.

([3]) في الأصل: "في ضريبته غموض فيها".

([4]) ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.

([5]) ديوان الشماخ 61 واللسان (خشل).

([6]) في الأصل والمجمل: "سار"، صوابه في اللسان.

([7]) انظر ما سبق في مادة ثني (1: 391)، وكذا اللسان (خشن).

([8]) البيت في المجمل واللسان (خشى).

([9]) في اللسان والمجمل: "من الشجر".

([10]) وكذا في اللسان والمخصص (10: 77)، فالضمير في "منه" للبعير، لكن في المجمل "منها"، وضمير هذه للنوق.

([11]) في المجمل: "خشرت ذاك إذا أبقيته"، والمعنيان مذكوران في اللسان.

 

 

ـ (باب الخاء والصاد وما يثلثهما)

(خصف)  الخاء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اجتماعِ شيءٍ إلى شيء. وهو مطّرِدٌ مستقيم. فالخَصْف خَصْفُ النَّعْل، وهو أن يُطَبَّق عليها مثلُها. والمِخْصَف: الإشْفَى والمِخْرزُ. قال الهذلي([1]):

حَتَّى انتهَيْتُ إلى فِراشِ عَزِيزةٍ *** سَوداءَ رَوْثَةُ أَنفِها كالمِخْصَفِ([2])

  يعني بِفراشِ العَزيزة عُشَّ العُقَاب.

ومن الباب الاختصاف، وهو أن يأخذ العُرْيانُ على عَوْرته ورقاً عريضاً أو شيئاً نحْوَ ذلك يَسْتَتِرُ به. والخَصِيفة: اللَّبنُ الرائبُ يُصَبُّ عليه الحليب.

ومن الباب، وإن كانا يخْتلفانِ في أنّ الأوّل جَمْعُ شيءٍ إلى شيء مطابقةً، والثاني جَمْعه إليه من غير مطابقة، قولُهم حَبْلٌ خَصِيفٌ: فيه سوادٌ وبياض. قال بعضُ أهلِ اللُّغة: كل ذي لونينِ مجتمعين فهو خَصِيفٌ. قال: وأكثر ذلك السَّوادُ والبياضُ . وفرس أَخْصَفُ، إذا ارتفَعَ البلَق من بطنه إلى جنْبَيه.

ومن الباب الخَصَفةُ، وهي الجُلَّةُ من التَّمْرِ؛ وتكون مخصوفةً. قال:

* تَبِيعُ بَنِيهَا بالخِصافِ وبالتَّمْرِ([3]) *

ومن الذي شذَّ عن هذه الجملة قولُهم للنّاقة إذا وضعت حَمْلَها بعد تسعة أشهر: خَصَفَتْ تخْصِف خِصافاً؛ وهي خَصُوفٌ.

(خصل)  الخاء والصاد واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْعِ والقِطعةِ من الشَّيء، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً ومجازاً. فالخَصْل القَطْع. وسيف مِخْصَل: قطَّاع([4]). والخُصْلة من الشَّعَْر معروفة. والخَصِيلة: كلُّ لحمةٍ فيها عَصَبٌ. هذا هو الأصل.

وممّا حُمِل عليه الخُصَل* أطراف الشّجرِ المتدلّيةُ. ومن هذا الباب الخَصْل في الرِّهان، وذلك أن تُحْرِزَه. والذي يحرزُه طائفةٌ من الشيء. ثمَّ قيل: في فلانٍ خَصْلةٌ حَسَنةٌ وسيِّئة. والأصل ما ذكرناه.

(خصم)  الخاء والصاد والميم أصلان: أحدهما المنازعة، والثاني جانبُ وِعاءٍ.

فالأوّل الخَصْمُ الذي يُخاصِم. والذّكرُ والأنثى فيه سواءٌ. والخِصام: مصدرُ خاصمتُه مُخاصَمةً وخِصاماً. وقد يجمع الجمعُ على خُصومٍ. قال:

* وقد جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي([5]) *

والأصل الثاني: الخُصْم جانب العِدْل الذي فيه العُرْوة. ويقال إنّ جانب كلِّ شيءٍ خُصْمٌ. وأخْصامُ العين: ما ضُمَّتْ عليه الأشفار. ويمكن أنْ يُجمَع بين الأصلين فيردَّ إلى معنىً واحد. وذلك أنّ جانِبَ العِدل مائلٌ إلى أحد الشقيْنِ، والخَصْم المنازِعُ في جانبٍ؛ فالأصل واحدٌ.

(خصن)  الخاء والصاد والنون ليس أصلاً. وفيه كلمةٌ واحدة إن صَحَّت. قالوا: الخَصِين: الفأس الصَّغيرة.

(خصي)  الخاء والصاد والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها إلاّ مجازاً، وهي قولُهم خَصَيتُ الفَحْل خَصْياً. و"برِئْتُ إليك من الخِصاء". ومعنى خَصَيْت فعلٌ مشتقٌّ من الخُصْي؛ وهو إيقاعٌ به، كما يقال ظَهَرْتُه وبطنته، إذا ضربتَ ظهْرَه وبطنَه. فكذلك خَصَيْته: نزعت خُصْيَيْه.

(خصب)  الخاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو ضدُّ الجَدْب. مكانٌ مُخْصِبٌ: خَصِيبٌ. ومن الباب الخِصَاب: نَخْل الدَّقَل([6]).

(خصر)  الخاء والصاد والراء أصلان: أحدهما البَرْد، والآخر وسَط الشَّيء.

فالأوّل قولُهم خَصِر الإنسانُ يَخْصَر خَصَراً، إذا آلَمهُ البَرد في أطرافه. وخَصِر يومنا خَصراً، أي اشتدَّ برْدُه. ويومٌ خَصِرٌ. قال حسان:

رُبَّ خالٍ لِيَ لو أبْصَرْتِهِ *** سَبِطِ المِشيْةِ في اليومِ الخَصِرْ([7])

  وأمَّا الآخَر فالخَصْر خَصْرِ الإنسانِ وغيره، وهو وَسَطُه المستدِقُّ فوق الورِكين. والمُخَصَّر: الدقيق الخَصْر. ومنه النَّعلُ المُخَصَّرَة. وأما المِخْصَرَةُ فقضيبٌ أو عصا يكون مع الخاطب إذا تكلَّم؛ والجمعُ مَخاصر. قال:

* إذا وصَلُوا أيمانَهُمْ بالمخاصرِ([8]) *

وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّها تُوازِي خَصْر الإنسان. والمخَاصَرة: أن يأخذ الرجل [بيَدِ آخرَ([9])] ويتماشَيانِ ويَدُ كلِّ واحدٍ منهما عندَ خَصْرِ صاحبِه. قال:

ثُمَّ خاصَرْتُها إلى القبَّة الخَضْـ *** ـرَاءِ تمشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ([10])

  وخَصْر الرّمْل: وسَطَه. قال:

أَخَذْنَ خُصُورَ الرّمْلِ ثمَّ جَزَعْنَه *** على كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشيبٍ وَمُفْأَمِ([11])

  والاختصار في الكلام: تَرْكُ فُضولِه واستيجاز معانيه. وكان بعضُ أهل اللغة يقول الاختصار أخْذُ أوساط الكلامِ وتَرْكُ شُعَبِه. ويقال إنّ المخاصرةَ في الطَّريق كالمخَازَمَة([12]). وقد ذُكِر. والله أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) هو أبو كبير الهذلي، من قصيدة لـه في ديوان الهذليين 64 نسخة الشنقيطي. والبيت منسوب إليه في اللسان (روث، عزز، خصف).

([2]) الروثة: المنقار. وفي الأصل: "لوثة"، صوابه من المصادر المتقدمة.

([3]) عجز بيت للأخطل في ديوانه 131 واللسان (خصف). وصدره:

* فطاروا شقاف الأنثيين فعامر *

([4]) في اللسان أنه لغة في "المقصل". فهو من باب الإبدال.

([5]) قطعة من بيت للبيد  في اللسان (جنف). وهو بتمامه:

إني امرؤ منعت أرومة عامر *** ضيمي وقد جنفت عليّ خصومي

([6]) الخصاب: جمع خصبة، بالفتح. والدقل؛ بالتحريك: ضرب من التمر رديء.

([7]) ديوان حسان 205 واللسان (خصر). وقبله:

سألت حسان من أخواله *** إنما يسأل بالشيء الغمر

قلت أخوالي بنو كعب إذا *** أسلم الأبطال عورات الدبر

([8]) صدره كما في اللسان (حصر):

* يكاد يزيل الأرض وقع خطابهم *

وجاء في شعر صفوان الأنصاري في البيان والتبيين (1: 38):

ولا الناطق النخار والشيخ دغفل *** إذا وصلوا أيمانهم بالمخاصر

([9]) التكملة من المجمل واللسان.

([10]) لأبي دهبل الجمحى، كما في اللسان (خصر) والأغاني (6: 157). ويروى لعبد الرحمن بن حسان.

([11]) أنشد صدره في المجمل واللسان. ولعله رواية في بيت معلقة زهير:

ظهرن من السوبان ثم جزعنه *** على كل قيني قشيب ومفأم

([12]) المخازمة، بالخاء المعجمة والزاي. وفي الأصل: "كالمخارمة"، وفي المجمل: " كالمخادمة"، صوابهما في اللسان (خزم).

 

 

ـ (باب الخاء والضاد وما يثلثهما)

(خضع)  الخاء والضاد والعين أصلان: أحدُهما تطامُنٌ في الشَّيء، والآخرُ جنسٌ من الصَّوت.

فالأوّل الخُضُوع. قال الخَليل. خضع خُضوعاً، وهو الذلُّ والاستخذاء. واختَضَع فلانٌ، أي تذلَّل وتقاصر. ورجلٌ أخْضَعُ وامرأةٌ خَضْعاءُ، وهما الرّاضِيانِ بالذُّلِّ. قال العجاج:

وصرتُ عبداً للبَعوضِ أخْضَعَا *** يَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعا([1])

  وقال غيره: خَضَعَ الرّجلُ، وأخْضَعَهُ الفقرُ. ورجلٌ خُضَعةٌ: يَخْضَعُ لكلِّ أحَد. قال الشَّيبانيّ: الخَضَع انكبابٌ في العُنُق إلى الصَّدْر؛ يقال رجُلٌ أخْضَع وعُنُقٌ خَضْعاء. قال زهير:

وَرْكاءُ مُدْبِرةً كَبْدَاءُ مُقْبِلَةً *** قوْداءُ فيها إذا استعرضْتَها خَضَعُ([2])

  قال بعض الأعراب: الخَضَعُ في الظِّلمانِ: انثناءٌ في أعناقها. قال أبو عمرو: *المُختضِع من اللواحم المتطامِنُ رأسُه إلى أسفلِ خُرطومِه. قال النابغة([3]):

أهْوَى لها أمْغَرُ السَّاقين مختضِعٌ *** خُرطومُه من دِماء الصَّيدِ مختضبُ

  قال ابنُ الأعرابيّ: الأخضع المتطامِن. ومنه حديث الزبير: "أَنّه كان أخْضَعَ أشعَر". قال أبو حاتم: الخُِضْعانُ([4]) أنْ تخضَع الإبلُ بأعناقِها في السَّير، وهو أشدُّ الوَضْع. قال: ويقال أَخْضَعَه الشَّيبُ وخَضَعَه. قال: ويقال اختضَع الفحلُ النّاقةَ، وهو أنْ يُسَانَّها([5]) ثم يَخْتَضِعها إلى الأرض بكلكَلِه. ويقال خضَع النَّجمُ، إذا مالَ للمغيب. قال امرؤ القيس:

بَعَثْتُ إليها والنجومُ خواضعٌ *** بِلَيْلٍ حِذاراً أنْ تَهُبَّ وتُسْمَعَا

  قال ابن دريد: خَضَع الرّجلُ وأخْضَع، إذا لانَ كلامُه. وفي الحديث: "نهى أنْ يُخضِع الرّجلُ لغير امرأته" أي يليِّن كلامه.

وأمّا الآخر فقال الخليل: الخَيْضعَةُ: التفافُ الصَّوت في الحربِ وغيرِها. ويقال هو غُبَار المعركة.

وهذا الذي قِيل في الغُبار فليس بشيء؛ لأنه لا قِياسَ له، إلا أن يكون على سبيلِ مجاوَرَةٍ. قال لبيدٌ في الخَيْضعة:

* الضاربُونَ الهامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ([6]) *

قال قومٌ: الخْيضعة مَعركةُ القِتال؛ لأنّ الأقران يَخضعُ فيها بعضٌ لبعضٍ. وقد عادت الكلمةُ على هذا القول إلى الباب الأول.

قال ابنُ الأعرابيّ: وقع القومُ في خَيْضَعةٍ، أي صَخَب واختلاطٍ. قال ابنُ الأعرابيّ: والخَضِيعة الصَّوتُ الذي يُسمَع مِن بطن الدابّة إذا عدَتْ، ولا يُدرَى ما هُوَ، ولا فِعْلَ من الخضيعة. قال الخليل الخَضِيعة ارتفاعُ الصَّوت في الحرب وغيرِها، ثمَّ قِيل لما يُسمَع من بطن الفرس خَضِيعة. وأنشد:

كأنّ خَضِيعةَ بطنِ الجوَا *** دِوعْوَعةُ الذِّئبِ في فَدْفَدِ([7])

  قال أبو عمرو: ويقال خَضَع بطنُه خَضِيعةً، أيْ صوّتَ.

قال بعضهم: الخَضُوع من النساء: التي تَسمَع لخواصرهَا صلصلةً كصوتِ خَضِيعة الفرَس. قال جندل([8]):

ليست بسَوداءَ خَضُوعِ الأعْفاجْ *** سِرْداحةٍ ذاتِ إهابٍ مَوَّاجْ

  قال أبو عبيدة: الخَضِيعتانِ لحمتانِ مجوَّفتان في خاصِرَتي الفرس، يدخلُ فيهما الرّيح فيسمعُ لهما صوتٌ إذا تَزَيَّد في مَشْيِه. قال الأصمعيّ: يقال: "للسِّياط خَضْعَةٌ، وللسُّيوف بَضْعة". فالخَضْعة: صوتُ وقْعِها، والبَضْعَةُ: قَطْعُها اللَّحم.

(خضف)  الخاء والضاد والفاء ليس أصلاً ولا شغل به([9]). ويقولون خَضِف إذا خَضَم([10]). والخَضَفُ: البِطِّيخ، فيما يقولون.

(خضل)  الخاء والضاد واللام أصلٌ واحد يدلُّ على نَعْمةٍ ونَدى. يقال أخْضَلَ المطرُ [الأرضَ] فهو مُخْضِلٌ، والأرض مُخْضَلَةٌ. واخضلَّ الشَّيءُ: ابتلّ. والخَضِلُ: النَّبات الناعم. ويقال إنّ الخضيلةَ الرَّوضة. ويقال لامرأة الرّجُل خُضُلَّتُه([11])، وهو من هذا وذلك، كما سُمِّيَت طَلَّةً، لأنّها كالطّلِّ في عَينِه. وكل نِعمة خُضُلّة. قال:

إذا قلتُ إنّ اليومَ يومُ خَضُلّةٍ *** ولا شرْزَ لاقيتُ الأمورَ البَجَارِيا([12])

  (خضم)  الخاء والضاد والميم أصلان: جنسٌ من الأكل، والآخَر يدلُّ على كثرةٍ وامتلاء.

فالأوّل الخَضْم، وهو المضغ بأقصى الأضراس. وفي الحديث: "تَخْضِمون ونَقْضَمُ، والموعد الله".

والأصل الآخَر: الخِضَمُّ: الرجُل الكثير العطيَّة. والخِضَمُّ: الجَمْع الكثير. قال:

* فاجتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ([13]) *

وأما المِسَنّ([14]) فيقال له الخِضَمُّ تشبيهاً، وإنّما ذاك من قياس الباب؛ لأنّه يُسقى ماءً كثيراً. وحُجَّتُه قول أبي وجْزة:

* على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ([15]) *

ومن الباب الخُضُمَّة، وهي عَظْمة الذّراع، وهو مُسْتَغْلَظُها. ويقال إنّ *مُعظم كلِّ شيء خُضُمَّةٌ.

(خضن)  الخاء والضاد والنون أصلٌ واحد صحيح. فالمُخَاضَنة: المُغازلة. قال الطرمّاح:

وألقتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ *** تُخَاضِنُ أوْ ترنُو لِقولِ المُخَاضِنِ([16])

   (خضب)  الخاء والضاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو خَضْبُ الشَّيء. يقال خضبت اليدَ وغيرَها أخْضِبُ. ويقال للظليم خاضِبٌ، وذلك إذا أكَلَ الرَّبيعَ فاحمرَّ ظُنْبوباه أو اصفَرَّا. قال أبو دُوَاد:

له ساقا ظليم خا *** ضبٍ فُوجِئَ بالرُّعْبِ([17])

  ولا يقال إلاّ للظَّليم، دُونَ النعامة. يقال: امرأةٌ خُضَبَةٌ: كثيرة الاختضاب. ويقال [خَضَبَ] النّخلُ، إذا اخضرَّ طَلْعُه. وقال بعضهم: خضب الشجر يَخْضب([18]) إذا اخْضَرَّ؛ واخضَوْضَب. والكَفُّ الخَضيبُ: نجم؛ وهذا على التَّشبيه. وأَمّا الإجَّانة وتسميتُهم إيّاها المِخْضَب فهو في هذا؛ لأنّ الذي يُخْضَب به يكون فيها([19]).

(خضد)  الخاء والضاد والدال أصلٌ واحدٌ مطّرِدٌ، وهو يدلُّ على تَثَّنٍّ في شيءٍ ليِّن. يقال انخضد العُود انخِضاداً، إذا تَثَنَّى من غير كَسْر. وخَضَدتُه: ثَنَيْتُه. وربَّما زادُوا في المعنى فقالوا: خَضَدْتُ الشجرةَ، إذا كَسَرت شوكتَها. ونباتٌ خَضيدٌ. والأصلُ هو الأوَّل؛ لأنّ الخضيد هو الرّيَّان الناعم الذي يتثنَّى لِلِينه. فأما قولُ النَّابغة:

يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لجِبٍ *** فيه رُكامٌ من اليَنْبُوتِ والخَضَدِ([20])

فإنّه يقال: الخَضَد ما قُطِع من كلِّ عُودٍ رَطْب. ويقال خَضَدَ البعيرُ عُنقَ البعير، إذا تقاتَلا فَثَنى أحدُهما عُنُقَ الآخَر.

(خضر)  الخاء والضاد والراء أصلٌ واحد مستقيم، ومحمولٌ عليه. فالخُضرة من الألوان معروفة. والخَضْراء: السَّماء، لِلَونها، كما سُمِّيت الأرضُ الغَبراء. وكتيبةٌ خضراءُ، إذا كانت عِلْيَتُها([21]) سواد الحديد، وذلك  أنّ كلَّ ما خالَفَ البياضَ فهو في حَيِّز السَّواد؛ فلذلك تداخلت هذه الصفاتُ، فيسمى الأسودُ أخضَر. قال الله تعالى في صفة الجنَّتين: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن 64] أي سَوداوان. وهذا من الخضرة؛ وذلك أن النّبات الناعم الريَّانَ يُرَى لشدّة خُضرته من بُعدٍ أسود. ولذلك سُمِّي سَوادُ العِراق لكثرة شجرِه. والخُضْر: قومٌ سُمُّوا بذلك لسواد ألوانهم. والخُضرة في شِيات الخَيل: الغُبرة تخالطها دُهْمة. فأَمّا قوله:

وأنا الأخضرُ مَن يعرفني *** أخْضَرُ الجلدة في بيتِ العربْ([22])

  فإنه يقول: أنا خالصٌ؛ لأنّ ألوان العرب سُمْرَةٌ([23]). فأمّا الحديثُ: "إيّاكم وخَضْرَاءَ الدِّمَن" فإنّ تلك المرأة الحسناء في منبِت سَوْءٍ، كأنّها شجرةٌ ناضرة في دِمْنة بَعر. والمخاضَرة: بيع الثِّمار قبل بدُوِّ صلاحِها؛ وهو منهيٌّ عنه. وأمّا قولهم: "خُضْر المَزَاد" فيقال إنّها التي بقيت فيها بقايا ماءٍ فاخضرّت من القِدم، ويقال بل خُضْرُ المزاد الكُروش.

ويقال إن الخَضَارَ البقلُ الأوّل.

فأما قوله: "ذهب دمُه خِضْراً"، إذا طُلّ. فأَحسَِبه من الباب. يقول: ذهب دمُه طرِيَّاً كالنَّبات الأخضر، الذي إذا قُطِع لم يُنتفَع به بعدَ ذلك وبَطَل وذَبُل.

فأمّا قولهم إنَّ الخَضار اللَّبنُ الذي أُكثِر ماؤُه، فصحيحٌ، وهو من الباب؛ لأنّه إذا كان كذا غَلَبَ الماءُ، والماء يسمَّى الأسمر. وقد قلنا إنّهم يسمُّون الأسْوَدَ أخضرَ، ولذلك يسمَّى البحرُ خُضارة.

ــــــــــــــــــ

([1]) ديوان العجاج 82 واللسان (خضع).

([2]) قبله في ديوان زهير 237:

لقد لحقت بأولى القوم تحملني *** لما تذاءب للمشبوبة الفزع

([3]) ليس في ديوانه.

([4]) بالضم، كالغفران والكفران، وبالكسر، كالوجدان.

([5]) يقال سان البعير الناقة يسانها مسانة وسنانا: عرضها للتنوخ ليسفدها.

([6]) البيت من أرجوزة للبيد في ديوانه 7-8 وأمالي ثعلب 449 والخزانة (4: 117).

وانظرها مع قصتها في الخزانة وأمالي المرتضى (1: 134- 147) والحيوان (5: 173) والأغاني  (14: 91-92) والعمدة (1: 27).

([7]) نسب في اللسان (خضع) لامرئ القيس.

([8]) هو جندل بن المثنى الطهوي، أحد رجازهم.

([9]) كذا في الأصل.

([10]) خضم، بالخاء والضاد المعجمتين، أي ضرط. ومثله "حصم" بالمهملتين. وفي الأصل: "خصم"، تحريف. وفي المجمل "حبق".

([11]) قال بعض سجعة فتيان العرب: "تمنيت خضلة، ونعلين وحلة".

([12]) لمرداس الدبيري، كما في اللسان (خضل، شرز). وفي الأصل: "ولا شر"، صوابه في المجمل واللسان. والشرر: الشديدة من شدائد الدهر.

([13]) للعجاج في ديوانه 63 واللسان (خضم). وبعده: * فخطموا أمرهم وزموا *

([14]) المسن: الذي يسن عليه الحديد ونحوه. وأخطأ بعض اللغويين فجعله المسن من الإبل.

([15]) صدره كما في اللسان (خضم): * حرى موقعة ماج البنان بها *

([16]) ديوان الطرماح 164 واللسان (خضن). وفي صلب الديوان:

وألقت إليّ القول عنهن زولة *** تلاحن أو ترنو لقول الملاحن

    وهذه الرواية أيضاً في اللسان (لحن).

([17]) البيت يروى من قصيدة لعقبة بن سابق في كتاب الخيل لأبي عبيدة 157-160 ونسب إلى أبي دؤاد في اللسان (خضب) وكلمة "خاضب" ساقطة من الأصل.

([18]) يقال، من بابي ضرب وتعب، وكذا خضب، بالبناء للمفعول.

([19]) في الأصل: "فيكون فيها".

([20]) ديوان النابغة 26 واللسان (خضد، نبت).

([21]) في المجمل: "إذا غلب عليها لبس الحديد".

([22]) البيت للمفضل بن العباس اللهبي كما في رسائل الجاحظ 71 والكامل 143 ليبسك ومعجم المرزباني 309 وكنايات الجرجاني 51 والأضداد 335. ونسب في اللسان (خضر) إلى عتبة بن أبي لهب، وفي رسائل الجاحظ أيضاً إلى عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.

([23]) في المجمل: "السمرة".

 

 

ـ (باب الخاء والطاء وما يثلثهما)

(خطف)  الخاء والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرِد منقاس، وهو استلابٌ في خفّة. فالخَطْف الاستلاب. تقول. خَطِفْتُه أخْطَفُه، وخَطَفْتُه أخطِفُه. وبَرْقٌ خاطفٌ لنور الأبْصار. قال الله تعالى: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَِفُ أَبْصَارَهُم([1])} [البقرة 20]، والشيطان يخطَِف السَّمع، إذا استرق. قال الله تعالى: {إلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَة} [الصافات 10]. ويقال للشيطان: "الخَطّاف"، وقد* جاء هذا  الاسم في الحديث:([2]). وجمل خَيْطَفٌ: سريع المَرّ. وتلك السُّرعة الخَيْطَفى. قال:

* وعَنَقاً باقِي الرَّسيم خَيْطفا([3]) *

وبه سُمِّي الخَطَفى، والأصل فيه واحد؛ لأنّ المسرعَ يقلُّ لُبْث قوائمه على الأرض، فكأنّه قد خَطَِف الشَّيء. ويقال هو مُخْطَفُ الحَشَا، إذا كان منطوِيَ الحشا. وذلك صحيحٌ؛ لأنّه كأنّ لحمَه خُطِف منه فرقَّ ودَقَّ. فأما قولهم: رمَى الرمِيَّة فأَخطَفَها؛ إذا أخطأها، فمْمكنٌ أن يكون من الباب، [وممكنٌ أن يكون] الفاءُ بدلاً من الهمزة. قال:

* إذا أصابَ صَيْدَهُ أو أخْطَفَا([4]) *

والخُطّاف: طائر، والقياس صحيح، لأنّه يخطَف الشيءَ بمِخلبه. يقال لمخاليب السِّباع خطاطيفها. قال:

إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ *** رأى الموتَ بالعينَين أسودَ أحْمَرا([5])

  والخطّاف: حديدةٌ حَجْناء؛ لأنه يُخْتَطف بها الشيء، والجمع خطاطيف. قال النابغة:

خطاطيفُ حُجْنٌ في حبالٍ مَتينةٍ *** تُمَدُّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ([6])

  (خطل)  الخاء والطاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استرخاءٍ واضطراب، قياسٌ مطرد. فالخَطَل: استرخاءُ الأذُن. يقال أذُنٌ خَطْلاء، وثَلَّةٌ خُطْلٌ، وهي الغنم المسترخِيةُ الآذان. قال:

إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأسَه *** وأعجبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ([7])

  ورُمْحٌ خَطِلٌ: مضطرِب. ويقال للأحمق خَطِلٌ. والخَطَل: المنطقُ الفاسد.

وزعم ناسٌ أنّ الجوادَ يسمَّى خَطِلاً، وذلك لسُرعته إلى العطاء. ويقال امرأةٌ خَطَّالةٌ: ذاتُ رِيبة، وذلك لخَطَلها. والأصل واحدٌ.

(خطم)  الخاء والطاء والميم يدلُّ على تقدُّمِ شيءٍ في نُتُوٍّ يكون فيه. فالمَخَاطم الأنوف، واحدها مَخْطِم. ورجلٌ أخطمُ: طويلُ الأنف. والخِطَام للبعير سُمِّي بذلك لأنّه يقع على خَطْمه. ويقال إنّ الخُطْمة([8]) رَعْنُ الجَبَل. فهذا هو الباب.

وقد شذت كلمةٌ واحدة، قالوا: بُسْرٌ مُخَطَّمٌ، إذا صارت فيه خُطوط.

(خطو/أ)  الخاء والطاء والحرف المعتلّ والمهموز، يدلُّ على تعدّي الشيء، والذَّهاب عنه. يقال خَطوتُ أخطو خَُطوة. والخُطْوة: ما بين الرِّجْلين. والخَطْوة: المرَّة الواحدة.

والخَطَاءُ من هذا؛ لأنّه مجاوزة حدِّ الصواب. يقال أخطأ إذا تعدّى الصَّواب. وخَطِئ يخطأُ، إذا أذْنب، وهو قياسُ الباب؛ لأنه يترك الوجه الخَيْرَ.

(خطب)  الخاء والطاء والباء أصلان: أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطِبه خِطاباً، والخُطْبة من ذلك. وفي النِّكاح الطّلَب أن يزوّج، قال الله تعالى:{لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساء} [البقرة 235]. والخُطْبة: الكلام المخطوب به. ويقال اختطب القومُ فلاناً، إذا دعَوْه إلى تزوج صاحبتهم. والخطب: الأمرُ يقع؛ وإنما سُمِّي بذلك لِمَا يقع فيه من التَّخاطب والمراجعة.

وأمّا الأصل الآخرَ فاختلافُ لونَين. قال الفرَّاء: الخَطْبَاء: الأتان التي لها خَطٌّ أسودُ على مَتْنِها. والحمار الذكر أخْطَبُ. والأخطَب: طائر؛ ولعله يختلِف عليه لونان. قال:

* إذا الأخْطَبُ الدَّاعِي على الدَّوْح صَرْصَرا([9]) *

والخُطْبان: الحنْظَلُ إذا اختلف ألوانُه. والأخطَبُ: الحمار تعُلوه خُضْرة. وكلُّ لونٍ يشبه ذلك فهو أخْطَبُ.

(خطر)  الخاء والطاء والراء أصلان: أحدهما القَدْر والمكانة، والثاني اضطرابٌ وحركة.

فالأوّل قولهم لنظير الشيء خَطِيرُهُ([10]). ولِفلانٍ خَطَرٌ، أي منزلةٌ ومكانة تناظرُه وتصلُح لمِثْله.

والأصل الآخر قولهم: خَطر البعير بذنبه خَطَراناً. وخَطَرَ ببالي كذا خَطْراً، وذلك أن يمرَّ بقلبه بسرعةٍ لا لُبْثَ فيها ولا بُطْء. ويقال خَطَر في مِشْيَته. ورجلٌ خَطَّارٌ بالرُّمح، أي مَشَّاءٌ بِهِ([11]) طعّان. قال:

* مَصاليتُ خَطّارون بالرُّمح في الوغَى([12]) *

ورمح خَطّارٌ: ذُو اهتِزازٍ. *وخَطَر الدّهر خَطرَانَهُ، كما يقال ضَرَب ضَرَبانَه. والخَطْرة: الذِّكرة. قال:

بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالقا *** عِ سِراعاً والعِيسُ تهوِي هُوِيَّا([13])

خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القلب مِن ذِكـ *** ـراكِ وَهْناً فما استطعتُ مُضِيّا

ــــــــــــــــــ

([1]) قراءة فتح الطاء أعلى، ونسب في اللسان قراءة الكسر إلى يونس. وانظر تفسير أبي حيان  (1: 89-90).

([2]) هو حديث علي: "نفقتك رياء وسمعة للخطاف".

([3]) البيت لعوف، جد جرير بن عطية بن عوف، وبهذا لقب "الخطفى".

([4]) للعماني الراجز، كما في اللسان (خطف) وقبله: * فانقض قد فات العيون الطرفا *

([5]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خطف).

([6]) ديوان النابغة 55 واللسان (خطف).

([7]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، صفا). وسيعيده في (ضفو) ويروى: "المعزاب" بالباء بدل اللام، وهما بمعنى.

([8]) لم ترد هذه الكلمة في اللسان والقاموس. ووردت في الأصل والمجمل بهذا الضبط.

([9]) صدره كما اللسان (خطب، مرر): * ولا أنثني من طيرة عن مريرة *

([10]) يقال هو خطير له وخطر أيضاً.

([11]) كتب في الأصل"مشابه".

([12]) ورد هذا الصدر في المجمل واللسان.

([13]) نسب في الحماسة (2: 73) واللسان (بلكث) إلى بعض القرشيين. وفي حواشي اللسان: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. ونسبه ياقوت في معجم البلدان إلى كثير.

 

 

ـ (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)

(خظي) الخاء والظاء والياء ليس في الباب غيره، وهو يدلُّ على اكتنازِ الشَّيء. ولا يكادُ يقال هذا إلاّ في اللَّحم؛ يقال خَظِي لحمُه، إذا اكتَنَز(1). ولحمه خَظَا بَظَا. ورجلٌ خَظَوَانٌ: ركِب لحمُه بعضُه بعضاً.‏

ــــــــــــــــ

(1) في اللسان: "قال ابن فارس: خظي وخظى بالفتح أكثر".‏

 

 

ـ (باب الخاء والعين وما يثلثهما)

اعلم أنّ الخاء لا يكاد يأتلف مع العين إلاّ بدخيل، وليس ذلك في شيءٍ أصلاً. فالخَيْعَل: قميصٌ لا كُمَّىْ له(1). قال:‏

* عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ(2) *‏

والخَيْعل: الذِّئب، والغُول. ويقال الخَيْعامَة نَعْتُ سَوْءٍ للرَّجُل. ولا مُعوَّل على شيءٍ من هذا الجِنْسِ، لا ينقاس.‏

ـــــــــــــــــــ

(1) في الأصل: "لا كم له"، والوجه ما أثبت من اللسان. وفي المجمل: "لا كمين له". والمألوف في عبارة اللغويين التعبير الذي تحذف فيه النون، ينظر فيه إلى أن اللام كالمقحمة، لا يعتد بها في هذا الموضع. وانظر ما سيأتي في ص253 س8.‏

(2) لتأبط، كما في اللسان (هدمل). وصدره:‏  * نهضت إليها من جثوم كأنها *‏

 

 

ـ (باب الخاء والفاء وما يثلثهما)

(خفق)  الخاء والفاء والقاف أصلٌ واحد يرجع إليه فروعُه، وهو الاضطراب في الشَّيء. يقال خفَق العلم يَخْفُِق. وخفق النّجم، وخفق القلبُ يخفُِق خفقاناً. قال:

كأنّ قطاةً عُلِّقت بجنَاحِها *** على كبِدي مِن شِدّةِ الخفقانِ([1])

  ويقال أخْفَقَ الرّجلُ بثوبه، إذا لَمَعَ به. ومن هذا الباب الخَفْق، وهو كلُّ ضربٍ بشيءٍ عريض. يقال خَفَقَ الأرضَ بنَعله. ورجل خَفّاق القَدَمِ، إذا كان صدرُ قدمِه عريضاً. والمِخْفَقُ: السَّيف العريض. ويقال إنّ الخَفْقَة المفازةُ([2])، وسمِّيت بذلك لأنّ الرياح تختفِق فيها.

ومن الباب ناقة خفيقٌ: سريعة([3]). وخَفَقَ السّرابُ؛ اضطربَ. وخفَق الرّجُل خَفْقةً، إذا نَعَس. والخافقانِ: جانِبا الجَوِّ. وامرأةٌ خَفّاقة الحشا، أي خمِيصة البَطْن، كأنَّ ذلك يضطرب. وأمّا قولهم أَخفق الرجل، إذا غَزَا ولم يُصِب شيئاً، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الباب، ويمكن أن يقال: إذا لم يُصِبْ فهو مضطربُ الحال؛ وهو بعيد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأخفقَتْ كان لها أجرُها مَرَّتَين". وقال عنترة:

فيُخفِق مَرَّةً ويُفِيد أُخْرى *** ويَفجَع ذا الضغائن بالأرِيبِ([4])

  (خفي)  الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان. فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار.

فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه، ويقولون: بَرِحَ الخَفَاء، أي وَضَحَ السِّرُّ وبدا ويقال لما دُونَ رِيشات الطائر العشر، اللواتي في مقدم جناحه: الخوافي. والخوافي: سَعَفاتٌ يَلِين قَلْب النَّخلة والخافي: الجنّ. ويقال للرّجُل المستترِ مستخْفٍ.

والأصل الآخر خفا البرقُ خَفْواً، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف. ويقال خَفَيْتُ [الشَّيءَ] بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه. وخَفَا المطَرُ الفَأر من جِحَرَتهنّ: أخْرجَهن. قال امرؤ القيس:

خَفاهُنّ من أَنْفَاقِهنّ كأنَّما  *** خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحابٍ مُركبِ([5])

  ويقرأ على هذا التأويل: {إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها([6])} [طه 15] أي أُظهِرُها.

(خفت)  الخاء والفاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو إسرارٌ وكتمان. فالخَفْتُ: إسرار النُّطْق. وتخافَتَ الرّجُلانِ. قال الله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ} [طه 103]. ثم قال الشاعر:

أُخاطِبُ جَهْراً إذْ لهنّ تَخافُتٌ *** وشَتَّانَ بينَ الجَهْرِ وَالمَنْطِق الخَفْتِ([7])

  (خفج)  الخاء والفاء والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الاستقامة. فالأخفج: الأعوج الرِّجْل؛ والمصدر الخَفَج، ويقال إنَّ الخَفَج* الرِّعدة. وهو ذاك القياس.

(خفد)  الخاء والفاء والدال أصلٌ واحد، وهو من الإسراع. يقال خَفَدَ الظليم: أسرع في مَرِّه. ولذلك سُمِّي خَفيْدَداً.

(خفر)  الخاء والفاءُ والراءُ أصلان: أحدهما الحياء، والآخَر المحافظة أو ضِدُّها.

فالأوّل الخَفَرُ. يقال خَفِرَت المرأةُ: استحيت، تَخفَر خَفراً، وهي خَفِرَةٌ. قال:

* زَانَهنّ الدَّلُّ والخَفَرُ *

وأمّا الأصل الآخر فيقال خفَرْتُ الرّجُل خُفْرةً، إذا أَجَرْتَه وكنتَ له خَفيراً. وتَخَفَّرْتُ بفلانٍ، إذا استَجَرْتَ به. ويقال أخفَرْتُه، إذا بَعَثْتَ معه خفيراً.

وأمّا خِلافُ ذلك فأخفَرتُ الرّجُلَ، وذلك إذا نقضْتَ عَهده. وهذا كالباب الذي ذكرناه في خفَيت وأخفيت.

(خفع)  الخاء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التزاق شيءٍ بشيء لِضُرٍّ يكون. يقال انخَفَعَ الرَّجل على فراشه، إذا لَزِق به مِن مرض. ويقال خَفعَ الرَّجُل، إذا التزق بطنُه بظهْره. ومنه قول جرير:

* رَغداً وضَيْفُ بني عِقالٍ يُخْفَعُ([8]) *

وذكر ناسٌ: انخفَعت كَبِدُه من الجوع، إذا انقطعت. وأنشدوا هذا البيتَ؛ وهو قريبٌ من الأوّل. وقال بعضهم: الأخفع الرجل الذي كأنَّ به ظَلْعاً إذا مشَى. ويقال: الخَوْفَع الواجم المكتئِب. ويقال خفَعتُه بالسَّيف، إذا ضربتَه به. والقياس واحد.

ـــــــــــــــــ

([1]) البيت لعروة بن حزام من قصيدة في ديوانه نسخة الشنقيطي بدار الكتب المصرية، ورواها القالي في النوادر 158-162. وعدتها تسعة أبيات ومائة.

([2]) شاهده قول العجاج: * وخفقة ليس بها طوئي *

([3]) في الأصل: "ناقة خفيق سريع"، محرف.

([4]) البيت في اللسان (خفق) برواية: "ويصيد أخرى".

([5]) ديوان امرئ القيس 86 واللسان (خفى) ونوادر أبي زيد 9 والقالي (1: 211) والمخصص  (10: 46).

([6]) هذه قراءة أبي الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد، ورويت عن ابن كثير وعاصم وسائر القراء بضم الهمزة. تفسير أبي حيان (6: 232).

([7]) البيت في اللسان (خفت)، وقد سبق في (جهر 1: 487). وفي الأصل: "اخافت" تحريف.

([8]) ديوان جرير 449 واللسان (خفع). وصدره: * يمشون قد نفخ الخزير بطونهم *

 

 

ـ (باب الخاء واللام وما يثلثهما)

(خلم)  الخاء واللام والميم أصلٌ واحد يدل على الإلْفِ والمُلازَمة. فالخِلْم: كِناس الظّبى، ثمَّ اشتقَّ منه الخِلْم، وهو الخِدْن. والأصل واحد.

(خلو)  الخاء واللام والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على تعرِّي الشَّيء من الشيء. يقال هو خِلْوٌ من كذا، إذا كان عِرْواً منه. وخَلَتِ الدار وغيرُها تخلُو. والخَلِيّ: الخالي من الغَمّ. وامرأةٌ خَلِيَّة: كنايةٌ عن الطَّلاق، لأنّها إذا طُلّقت فقد خَلَتْ عن بعلها. ويقال خلا لِيَ الشّيءُ وأخلى. قال:

أعاذلَََُ هل يأتِي القَبَائلَ حظُّها *** مِن الموتِ أم أخْلَى لنا الموتُ وَحْدَنا([1])

  والخَلِيّة: الناقة تُعطَف على غير ولدِها، لأنّها كأنّها خَلَتْ من ولدها الأول. والقرون الخالية: الموَاضِي. والمكان الخَلاء: الذي لا شيءَ به. ويقال ما في الدار أحدٌ خلا زَيْدٍ وزيداً، أي دَع ذِكرَ زيدٍ، اخْلُ من ذكر زيد. ويقال: افعَلْ ذاكَ وخَلاَك ذَمٌّ، أي عَدَاك وخلَوْت منه وخلا منك.

ومما شذَّ عن الباب الخَلِيَّة: السفينة، وبيت النَّحل. والخَلا: الحشيش. وربَّما عبَّرُوا عن الشيء الذي يخلُو من حافِظِه بالخَلاة، فيقولون: هو خَلاَةٌ لكذا([2])، أي هو مِمَّن  يُطْمَع فيه ولا حافِظَ له. وهو من الباب الأوّل.

وقال قوم: الخَلْيُ القَطْع، والسيف يَخْتَلِي، أي يقتَطع. فكأنَّ الخلا سُمِّي بذلك لأنّه يُخْتَلى، أي يُقْطَع.

ومن الشاذّ عن الباب: خلا به، إذا سَخِر به.

(خلب)  الخاء واللام والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها إمالة الشيء إلى نفسك، والآخر شيءٌ يشمل شيئاً، والثالث فسادٌ في الشيء.

فالأوّل: مِخْلب الطائر؛ لأنه يَخْتلِب به الشيءَ إلى نَفْسه. والمِخْلب: المِنْجل لا أسنانَ لـه. ومن الباب الخِلاَبَة: الخِداع، يقال خَلَبَه بمنطقِه. ثمَّ يحمل على هذا ويُشتقُّ منه البَرْق الخُلَّب: الذي لا ماءَ معه، وكأنّه يَخْدَع، كما يقال للسَّراب خادعٌ.

وأما الثاني: فالخُلْبُ اللِّيف، لأنه يشمل الشّجرة. والخِلْب، بكسر الخاءِ: حِجاب القَلْب، ومنه قيل للرجل: "هو خِلْبُ نِساءٍ"، أي يحبُّه النساء.

والثالث: الخُلْب، وهو الطِّين والحمْأَة، وذلك ترابٌ يفسده. ثم يشتقّ منه امرأةٌ خَلْبَنٌ، وهي *الحَمْقَاء. وليست من الخِلابة. ويقال للمهزولة خَلْبَنٌ أيضاً.

فأمَّا الثوب المخلَّب فيقولون: إنّه الكثيرُ الألوان، وليس كذلك، إنَّما المُخَلَّبُ الذي نُقِش نقوشاً على صورِ مَخَالِيبَ، كما يقال مُرَجَّلٌ للذي عليه صُوَرُ الرِّجال([3]).

(خلج)  الخاء واللام والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لَيٍّ وفَتْلٍ وقِلّةِ استقامة. فمن ذلك الخليجُ، وهو ماء يَمِيل مَيْلَةً عن مُعْظَم الماءِ فيستقرُّ. وخليجا النَّهر أو البحر: جناحاه([4]). وفلان يتخلَّج في مِشيته، إذا كان يتمايَلُ. ومن ذلك قولهم: خَلَجنِي عن الأمر، أي شَغَلني، لأنَّه إذا شغله عنه فقد مال به عنه. والمخلوجة: الطَّعنة التي ليست بمستوِية، في قول امرئ القيس:

نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومخلوجةً *** كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِل([5])

  فالسُّلْكَى: المستوية. والمخلوجة: المنحرفة المائلة.

ومنه قولهم: خَلَجْتُ الشّيءَ من يده، أي نزعتُه. وخالَجْت فُلاناً: نازعتُه. وفي الحديثِ في قراءة القرآن: "لَعَلَّ بَعضَكُم خالجنِيها([6])". والخليج: الرَّسَن، سُمِّي بذلك لأنّه يُلوَى لَيّاً ويُفْتَل فَتْلاً. قال:

وباتَ يُغَنِّي في الخليجِ كأنَّه *** كُمَيْتٌ مُدَمَّىً ناصعُ اللَّونِ أَقْرَحُ([7])

  ويقال خلجَتْه الخوالجُ، كما يقال عَدَتْه العَوادِي. وأما قولُ الحطيئة:

* بمخلُوجةٍ فيها عن العَجْزِ مَصْرَِفُ([8]) *

فإنّه يصِفُ الرَّأي، وشبَّهَه بالحبل المحكَم المفتول. فهذا إذاً تشبيهٌ. ويجوز أن يكون لمَّا قيل: فيها عن العَجز مصرفٌ، جعلَها مخلوجة، لأنّه قد عُدِل بها عن العَجز.

فأمّا قولهم: خُلِجَتِ النَّاقةُ، وذلك إذا فطَمتْ ولدها فقَلَّ لبنُها، فهو من الباب، لأنّه عُدِلَ بها عن ولدها وعدَل ولَدُها عنها. ويقال سحابٌ مخلوجٌ: متفرِّق. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنّ قِطعةً منه تميل عن الأُخرى. والخَلَجُ: فسادٌ وداءٌ([9]). وهو من الباب.

(خلد)  الخاء واللام والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثبات والملازمَة، فيقال: خَلَدَ: أقام، وأخلَدَ أيضاً. ومنه جَنَّةُ الخُلْدِ. قال ابن أحمر:

خَلَدَ الحبيبُ وبادَ حاضِرُهُ *** إلاَّ مَنازِلَ كلُّها قَفْرُ

  ويقولون رجلٌ مُخْلَدٌ ومُخْلِد([10])، إذا أبطأ عنه المشِيب. وهو من الباب، لأنَّ الشَّباب قد لازمَه ولازَمَ هو الشباب. ويقال أخْلَدَ إلى الأرض إذا لَصِق بها. قال الله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أخْلَدَ إلَى الأَرْضِ} [الأعراف 176]. فأما قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُونَ} [الإنسان 19]، [فهو] من الخُلْد، وهو البقاء، أي لا يموتون. وقال آخرون: من الخِلَد، والخِلَدُ: جمع خِلَدة وهي القُرْط. فقوله: {مُخَلّدُونَ} أي مقرَّطون مشنَّفون. قال:

ومخَلّدَاتٌٍ باللُّجَينِ كأنَّما *** أعجازُهُنَّ أَقاوِزُ الكُثْبَان([11])

  وهذا قياسٌ صحيح، لأنّ الخِلَدةَ ملازمةٌ للأُذُن.

والخَلَد: البال، وسمِّي بذلك لأنّه مستقرٌّ [في] القلب ثابتٌ.

(خلس)  الخاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الاختطاف والالتماع. يقال اختلَسْتُ الشَّيءَ. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الخُلْسَة". وقولهم: أَخْلَسَ رأسُه، إذا خالَطَ سوادَه البياضُ، كأنَّ السوادَ اخْتُلِس منه فصارَ لُمَعاً. وكذلك أخْلَسَ النّبتُ، إذا اختلط يابسُه برطْبِه.

(خلص)  الخاء واللام والصاد أصل واحد مطَّرِد، وهو تنقيةُ الشَّيء وتهذيبُه. يقولون: خلَّصتُه من كذا وخَلَصَ هو. وخُلاصة السَّمْنِ: ما أُلقِيَ فيه من تَمْرٍ أو سَويق ليخلُصَ به.

(خلط)  الخاء واللام والطاء أصلٌ واحد مخالفٌ للباب الذي قَبلَه، بل هو مُضَادٌّ لـه. تقول: خلَطْت الشَّيءَ بغيره فاختلط. ورجل مِخْلَطٌ، أي حَسَن المداخَلة للأمورِ. وخِلافُه المِزْيل. قال أوس:

وإن قالَ لي ماذا تَرَى يستشيرُني *** يَجدُني ابنُ عَمِّي مِخْلَطَ الأمر مِزْيَلاَ([12])

  والخليط: المجاوِر. ويقال: الخِلْط السّهمُ ينبُتُ عودُه على عِوَجٍ، فلا يزالُ يتعوّجُ وإن قُوِّم. وهذا من الباب؛ لأنّه ليس يُخَالَط في الاستقامة. ويقال استَخْلَط *البعيرُ، وذلك أن يَعْيا بالقَعْو على النّاقة([13]) ولا يَهتدِي لذلك، فيُخْلَطَ له ويُلْطَف له.

(خلع)  الخاء واللام والعين أصلٌ واحد مطرّد، وهو مُزايَلة الشَّيء الذي كان يُشتَمَل به أو عليه. تقول: خلعتُ الثّوبَ أخْلَعُهُ خَلْعاً، وخُلِع الوالي يُخْلَعُ خَلْعاً. وهذا لا يكادُ يقال إلاّ في الدُّون يُنْزِل مَن هو أعلى منه، وإلاّ فليس يُقال خَلَع الأميرُ واليَه على بلدِ كذا. ألاَ ترى أنّه إنما يقال عزَله. ويقال طلَّقَ الرَّجُل امرأته. فإن كان ذلك من قبَل المرأة يقال خالعَتْه وقد اختَلَعَتْ([14])؛ لأنّها تَفتدِي نفسَها منه بشيءٍ تبذلُه لـه. وفي الحديث: "المختلِعات هنَّ المنافقات" يعني([15]) اللواتي يخالِعْن أزواجهنَّ من غير أنْ يضارَّهُنّ الأزواج. والخالِع: البُسر النَّضِيج([16])، لأنَّه يَخْلَع قِشرَهُ من رُطوبته. كما يقال فَسَقَتِ الرُّطَبَة، إذا خرجَتْ مِن قشرها.

ومن الباب خَلَعَ السُّنْبُلُ، إذا صار له سَفاً، كأنَّه خلعَه فأخرجَه. والخليع: الذي خَلَعه أهلُه، فإِن جَنَى لم يُطْلَبُوا بجِنايته، وإنْ جُنِيَ عليه لم يَطْلُبوا به. وهو قوله:

ووادٍ كجوف العَيْرِ قفرٍ قطعتُه *** به الذّئبُ يعوِي كالخليع المُعيَّلِ([17])

  والخليع: الذِّئبُ، وقد خُلِع أيّ خَلْعٍ! ويقال الخليع الصائد. ويقال: فلانٌ يتخلَّعُ في مِشيتِه، أي يهتزُّ، كأنَّ أعضاءَه تريد أن تتخلَّع([18]). والخالع: داءٌ يُصِيب البعير. يقال به خالعٌ، وهو الذي إذا بَرَك لم يقدِرْ على أن يثُور. وذلك أنَّه كأنَّه تخلَّعت أعضاؤُه حتَّى سقطت بالأرض. والخَوْلَع. فَزَعٌ يعترِي الفُؤادَ كالمسِّ؛ وهو قياسُ الباب، كأنَّ الفؤادَ قد خُلِع. ويقال قد تخالَعَ القومُ، إذا نَقَضُوا ما كان بَينهم من حِلْف.

(خلف)  الخاء واللام والفاء أصولٌ ثلاثة: أحدُها أن يجيءَ شيءٌ بعدَ شيءٍ يقومُ مقامَه، والثاني خِلاف قُدَّام، والثالث التغيُّر.

فالأوّل الخَلَف. والخَلَف: ما جاء بعدُ. ويقولون: هو خَلَفُ صِدْقٍ من أبيه. وخَلَف سَوْءٍ من أبيه. فإذا لم يذكُروا صِدقاً ولا سَوْءاً قالوا للجيِّد خَلَف وللرديِّ خَلْف. قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف 169، مريم 59]. والخِلِّيفَى: الخِلافة، وإنَّما سُميِّت خلافةً لأنَّ الثَّاني يَجيءُ بَعد الأوّلِ قائماً مقامَه. وتقول: قعدتُ خِلافَ فُلانٍ، أي بَعْده. والخوالفُ في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ} [التوبة 87، 93] هنَّ النِّساء، لأنَّ الرِّجال يغِيبُون في حُروبهم ومغاوراتِهِمْ وتجاراتِهم وهنّ يخلُفْنهم في البيوت والمنازل. ولذلك يقال: الحيُّ خُلُوفٌ، إذا كان الرِّجال غُيَّباً والنِّساء مُقيماتٍ. ويقولون في الدعاء: "خَلَف اللهُ عليك" أي كانَ الله تعالى الخليفة عليك لمن فَقَدْتَ مِن أبٍ أو حميم. و"أَخْلَف الله لك" أي عوَّضك من الشيء الذاهب ما يكُونُ يقومُ بَعده ويخلُفه. والخِلْفة: نبتٌ ينبت بعد الهشيم. وخِلْفَةُ الشجرِ: ثمرٌ يخرُج بَعد الثَّمر. قال:

ولها بِالماطِرُونَ إذا *** أكَلَ النّملُ الذي جَمَعَا([19])

خِلْفَةٌ حتَّى إذا ارتَبَعَتْ *** سَكَنَتْ من جِلَّق بِيَعَا([20])

  وقال زهيرٌ فيما يصحّح([21]) جميعَ ما ذكرناه:

بها العِينُ والآرامُ يَمشِينَ خِلْفَةً *** وأطلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَم([22])

يقول: إذا مرَّتْ هذه خَلفَتْها هذه.

ومن الباب الخَلْف([23])، وهو الاستِقاء، لأنَّ المستقِيَينِ يتخالفانِ، هذا بَعْدَ ذا، وذاك بعد([24]) هذا. قال في الخَلْف:

لِزُغْبٍ كأولاد القَطا راثَ خَلْفُها *** على عاجِزَاتِ النَّهضِ حُمْرٍ حواصلُه([25])

  يقال: أخْلَفَ، إذا استَقَى.

والأصل الآخر خَلْفٌ([26])، وهو غير قَدّام. يقال: هذا خلفي، وهذا قدّامي. وهذا مشهورٌ. وقال لبيد:

فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَِبُ أنّه *** مَولَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها

ومن الباب الخِلْف، الواحد من أخلاف الضَّرع. وسمِّي بذلك لأنّه يكون خَلْفَ ما بعده.

وأمّا الثالث *فقولهم خَلَف فُوه، إذا تغيَّرَ، وأخْلَفَ. وهو قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "لَخُلُوفُ فم الصائم أطيَبُ عند الله من ريح المِسْك". ومنه قول ابن أحمر:

بانَ الشَّبابُ وأخْلفَ العُمْرُ *** وتنكَّرَ الإخوانُ والدَّهرُ

  ومنه الخِلاف في الوَعْد. وخَلَفَ الرَّجُلُ عن خُلق أبيه: تغيَّر. ويقال الخليف: الثَّوب يَبلَى وسطُه فيُخرَج البالي منه ثم يُلْفَق، فيقال خَلَفْتُ الثَّوبَ أخْلُفُه. وهذا قياسٌ في هذا وفي البابِ الأوّل.

ويقال وعَدَني فأخلفْتُه، أي وجدته قد أخلفَني. قال الأعشى:

أَثْوَى وقَصَّرَ لَيْلَهُ ليُزَوّدا *** فَمَضَى وأخلَفَ من قُتَيْلَةَ موعِدا([27])

  فأمّا قولُه:

* دَلْوايَ خِلْفانِ وساقياهما([28]) *

فمن أنَّ هذِي تخلُف هَذِي. وأمّا قولهم: اختلفَ النَّاسُ في كذا، والناس خلْفَةٌ أي مختلِفون، فمن الباب الأوّل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يُنَحِّي قولَ صاحبه، ويُقيم نفسَه مُقام الذي نَحّاه. وأمّا قولهم للناقة الحامل خَلِفَةٌ فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل، ويجوز أن يُلْطَف له فيقالَ إنّها تأتي بولدٍ، والولدُ خَلَفٌ. وهو بعيد. وجمع الخَلِفة  المخَاض، وهُنَّ الحوامل.

ومن الشاذِّ عن الأصول الثلاثة: الخَلِيفُ، وهو الطّريقُ بين الجبلَين. فأمّا الخالفة من عَُمَُد البيت، فلعلَّه أن يكون في مؤخّر البيت، فهو من باب الخَلْف والقُدّام. ولذلك يقولون: فلانٌ خالِفَةُ أهلِ بيته، إذا كان غير مقدَّمٍ فيهم.

ومن باب التغيُّر والفسادِ البَعيرُ الأخلَفُ، وهو الذي يمشِي في شِقٍّ، من داءٍ يعتريه.

(خلق)  الخاء واللام والقاف أصلان: أحدهما تقدير الشيء، والآخر مَلاسَة الشيء.

فأمّا الأوّل فقولهم: خَلَقْت الأديم للسِّقاء، إذا قَدَّرْتَه. قال:

لم يَحْشِمِ الخالقاتِ فَرْيَتُها *** ولم يَغِضْ من نِطافِها السَّرَبُ([29])

  وقال زهير:

ولأَنْت تَفْرِي ما خلَقْت وبَعـ *** ـضُ القَوم يخلُق ثمَّ لا يَفْرِي

  ومن ذلك الخُلُق، وهي السجيَّة، لأنّ صاحبَه قد قُدِّر عليه. وفلانٌ خَليق بكذا، وأَخْلِقْ به، أي ما أخْلَقَهُ، أي هو ممَّن يقدَّر فيه ذلك. والخَلاقُ: النَّصيب؛ لأنّه قد قُدِّرَ لكلِّ أحدٍ نصيبُه.

ومن الباب رجلٌ مُخْتَلَقٌ: تامُّ الخَلْق. والخَلْق: خَلْق الكذِب، وهو اختلاقُه واختراعُه وتقديرُه في النَّفس. قال الله تعالى: {وتَخْلُقُونَ إفْكاً} [العنكبوت 17].

وأمّا الأصل الثاني فصخرة خَلْقَاء، أي مَلْساء. وقال:

قد يَتْرُكُ الدَّهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ *** وَهْياً ويُنزِل منها الأعْصَمَ الصَّدعا([30])

ويقال اخلَوْلَقَ السَّحابُ: استَوَى. ورسمٌ مخْلَولِقٌ، إذا استوى بالأرض. والمُخلَّق: السّهم المُصْلَح.

ومن هذا الباب أخْلَقَ الشَّيءُ وخَلُِق، إذا بَلِيَ. وأخلقْتُهُ أنا: أبليتُه. وذلك أنَّه إذا أخْلَقَ امْلاسَّ وذهب زِئْبِرُه. ويقال المُخْتَلَق من كلِّ شيء: ما اعتدَلَ. قال رُؤبة:

* في غِيل قَصْبَاءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ([31]) *

والخَلُوق معروفٌ، وهو الخِلاَق أيضاً. وذلك أنّ الشيء إذا خُلِّق مَلُسَ. ويقال ثوبٌ خَلَقٌ ومِلحَفَةٌ خَلَق، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث. وإنما قيل للسَّهم المُصلَح مُخَلَّقٌ لأنّه يصير أملس. وأمّا الخُلَيْقاءُ في الفَرَس كالعِرنين من الإنسان.

ـــــــــــــــ

([1]) لمعن بن أوس المزني، كما في اللسان (خلا).

([2]) لم يرد هذا التعبير في المعاجم المتداولة صريحاً. وأصل الخلاة الطائفة من الخلا. وفي اللسان: "وقول الأعشى:

وحولي بكر وأشياعها *** ولست خلاة لمن أوعدن

    أي لست بمنزلة الخلاة يأخذها الآخذ كيف يشاء، بل أنا في عز ومنعة".

([3]) ويقال أيضاً "ممرجل" للذي عليه صور المراجل. و"مرحل" بالحاء المهملة، للذي عليه صور الرحال.

([4]) في المجمل: "وجناحا النهر: خليجاه".

([5]) من قصيدة في ديوانه 148-150.

([6]) في الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة جهر فيها بالقراءة، وقرأ قارئ خلفه فجهر، فلما سلم قال: لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها"، أي نازعني القراءة. اللسان.

([7]) لتميم بن مقبل كما في اللسان (خلج). وأنشده في المجمل.

([8]) صدره كما في الديوان 110 واللسان (خلج): * وكنت إذا دارت رحى الأمر رعته *

([9]) الخلج: فساد في ناحية البيت. والخلج أيضاً أن يشتكي الرجل لحمه وعظامه من عمل يعمله أو طول مشي وتعب. اللسان.

([10]) لم تذكر المعاجم الضبط الأول. وتعليله فيما بعد دليل على صحتها عنده.

([11]) البيت في اللسان (خلد، قوز). وقد ضبط "مخلدات" في الأصل بكسرتين وضمتين.

([12]) في ديوان أوس 20: "يجدني ابن عم"، والرواية هنا مستقيمة. وقبله:

ألا أعتب ابن العم إن كان ظالما *** وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا

([13]) في الأصل: "بالقفو على الناقة" صوابه بالعين، وهو أن يرسل نفسه عليها.

([14]) في الأصل: "اختلعها". والذي في المعاجم المتداولة "خلعها" و"اختلعت هي".

([15]) في الأصل: "فمن"، وأثبت ما في اللسان.

([16]) في الأصل: "النصح".

([17]) لامرئ القيس في معلقته.

([18]) في الأصل: "كأنه أعضاءه يريد أن يتخلع".

([19]) البيت لأبي دهبل الجمحي، كما في الحيوان (4: 10) والخزانة (3: 279). وبعضهم ينسبه إلى الأحوص، كما في الكامل 218. وفي حواشيه "أبو الحسن: الصحيح أنه ليزيد يصف جارية". وهذه النسبة الأخيرة هي التي ذكرها ياقوت في رسم "الماطرون".

([20]) في جميع المصادر المتقدمة: "خرفة" بالراء، وهو اسم لكل ما يجتنى. ولم يرد البيت في اللسان (خلف، خرف، ربع، جلق). ورواية "خلفة" وردت في المخصص (11: 9).

([21]) في الأصل: "يصح".

([22]) البيت من معلقته المشهورة.

([23]) الخلف، بالفتح، ومثله "الخلفة" بالكسر.

([24]) في الأصل :" بعدها"

([25]) للحطيئة في ديوانه 39 واللسان (خلف 435). راث: أبطأ. وفي الأصل: "القطارات" تحريف. وفي الديوان: "راث خلقها" بالقاف، وفسره السكري بقوله: "أي أبطأ شبابها" ثم نبه على رواية الفاء، ونسبها إلى أبي عمرو.

([26]) في اللسان: "وهي تكون اسماً وظرفاً. فإذا كانت اسماً جرت بوجوه الإعراب، وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها".

([27]) ديوان الأعشى 150 واللسان (ثوى، خلف)، وقد سبق في ثوي (1: 393).

([28]) البيت في نوادر أبي زيد 95.

([29]) البيت للكميت كما في المجمل، وليس في قصيدته التي على هذا الوزن من الهاشميات.

([30]) للأعشى في ديوانه 73 واللسان (خلق).

([31]) ديوان رؤبة 106. وأنشده في المخصص (11: 56).

 

 

ـ (باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)

(خمج)  الخاء والميم والجيم يدلُّ على فتورٍ وتغيُّر. فالخَمَج في الإنسان: الفتور. يقال أصبَحَ فلانٌ خَمِجاً، أي فاتِراً. وهو في شعر الهُذَليّ([1]):

* أخْشَى دُونَه الخَمَجَا([2]) *

ويقولون خَمِجَ اللّحمُ، إذا تغيَّر وأرْوَحَ.

(خمد)  الخاء والميم والدال أصلٌ واحد، يدلُّ على سكونِ الحركة والسُّقوط. خَمَدَتِ النارُ خُموداً، إذا سكَنَ لَهبُها. وخَمَدَت الحُمَّى إذا سكَنَ وهَجُها. ويقال للمُغْمَى عليه: خَمَدَ([3]).

(خمر)  الخاء والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على التغطية، والمخالطةِ في سَتْر. فالخَمْرُ: الشَّراب المعروف. قال *الخليل: الخمر معروفةٌ؛ واختمارُها: إدراكُها وغَليانُها. ومخمِّرها: متَّخِذها. وخُمْرتها: ما غَشِيَ المخمورَ من الخُمار والسُّكْر في قَلْبه. قال:

لَذٌّ أصابَتْ حُمَيَّاها مَقَاتِلَهُ *** فلم تكَدْ تَنْجَلِي عن قَلْبِه الخُمَرُ([4])

  ويقال به خُمارٌ شَديد. ويقولون: دَخَلَ في خَُمار الناسِ وخَمَرِهم، أي زحْمتهم. و"فلانٌ يَدِبُّ لفُلانٍ الخَمَر"، وذلك كناية عن الاغتيال. وأصلُه ما وارَى الإنسان من شجرٍ. قال أبو ذؤيب:

فليتَهُمُ حَذِرُوا جَيشَهُم *** عَشِيَّةَ همْ مثلُ طَيْرِ الخَمَرْ([5])

  أَي يُختلون ويُستَتَر لهم. والخِمار: خِمار المرأة. وامرأةٌ حسنَة الخِمْرَة، أي لُبْس الخِمار. وفي المثل: "العَوَانُ لا تُعَلَّم الخِمْرة". والتخمير: التغطية. ويقال في القوم إذا توارَوْا في خَمَرِ الشَّجر: قد أخْمَرُوا. فأمّا قولهم: "ما عِندَ فُلانٍ خَلٌّ ولا خَمْرٌ" فهو يجري مَجرى المثل، كأنّهم أرادوا: ليس عِنده خيرٌ ولا شَرّ. قال أبو زيد: خامَرَ الرّجُل المكانَ، إذا لزِمه فلم يَبْرح. فأمَّا المخمّرة من الشاءِ فهي التي يبيضُّ رأسها مِن بين جسدِها. وهو قياسُ الباب؛ لأنَّ ذلك البياضَ الذي برأسها مشبّهٌ بخِمار المرأة. ويقال خمَّرتُ العجينَ، وهو أنْ تتركَه فلا تستعملَه حتَّى يَجُود. ويقال خَامَرَهُ الدّاء، إذا خالط جوفَه. وقال كثيِّرٌ:

هَنيئاً مَريئاً غَيْرَ داءٍ مُخَامِرٍ *** لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحَلَّتِ([6])

  قال الخليل: والمستَخْمَر([7]) بلغة حِمْيَر: الشَّرِيك. ويقال دخَلَ في الخَمَر، وهي وَهْدَةٌ يختفي فيها الذِّئبُ ونحوهُ. قال:

ألا يا زَيدُ والضَّحاكَُ سَيْراً *** فقد جاوزْتُما خَمَرَ الطَريقِ([8])

  ويقال اختَمَرَ الطِّيبُ، واخْتَمَرَ العَجين([9]). ووجدت منه خُمْرَةً طيِّبة وخَمَرَةً، وهو الرّائحة. والمخامَرة: المقارَبة([10]). وفي المثل: "خامِرِي أُمَّ عامِرِ"، وهي الضَّبع. وقال الشَّنْفَرى:

فلا تدفِنُوني إنَّ دفْنِي مُحَرَّمٌ *** عليكُمْ ولكن خَامِرِي أمَّ عامرِ([11])

  أي اترُكُوني لِلَّتِي([12]) يقال لها: "خامِرِي أُمَّ عامر". والخُمْرة: شيءٌ من الطِّيب تَطَّلِي به([13]) المرأةُ على وجهها ليحسُن به لونُها. والخُمْرة: السّجَّادة الصَّغيرة. وفي الحديث: "أنه كان يسجدُ على الخُمْرة".

ومما شذَّ عن هذا الأصل الاستخمار، وهو الاستعباد؛ يقال استخمرت فلاناً، إذا استعبدتَه. وهو في حديث مُعاذ: "من استَخْمَر قوماً"، أي استعبَدَهم.

(خمس)  الخاء والميم والسين أصلٌ واحد، وهو في العدد. فالخمسة معروفة. والخمس([14]): واحدٌ من خَمْسَةٍ. يقال خَمَسْتُ القومَ: أخذْتُ خمس أموالِهم، أخْمُسُهم. وخَمَسْتُهم: كنتُ لهم خامساً، أخْمِسُهُم. والخِمْس: ظِمْءٌ من أظماء الإبل. قال الخليل: هو شُرْب الإِبلِ اليومَ الرابعَ من يَومَ صَدَرَتْ؛ لأنهم يَحسُبون يومَ الصَّدَر. والخميس: اليوم الخامسُ من الأسبوع، وجمعُه أَخمِساءُ وأخمِسَةٌ، كقولك نصيبٌ وأنصِباءُ [وأنصِبة([15])]. والخُماسِيُّ والخُماسيّة: الوَصيف والوصيفةُ طولُه خمسةُ أشبار. ولا يقال سُدَاسِيٌّ ولا سُباعيٌّ إذا بلغ ستّةَ أشبارٍ أو سبعةً. وفي غير ذلك الخُماسيُّ ما بلغ خَمسةً، وكذلك السداسيُّ والعُشاريّ. والخَميس والمخمُوس من الثِّياب: الذي طولُه خَمسُ أذرُع. وقال عَبِيد:

هاتيك تحمِلُني وأبْيضَ صارماً *** ومُذَرَّباً في مارِنٍ مَخْموسِ([16])

  يريد رُمْحاً طولُه خمسُ أذرع.

وقال مُعاذٌ لأهل اليمن: "ايتوني بخَميسٍ أو لَبِيسٍ آخُذُه منكم في الصَّدَقة([17])". وقد قيل إنّ الثوبَ الخميسَ سمِّي بذلك لأنّ أوّلَ من عمِله مَلِكٌ باليمن كان يقال له الخِمْس. قال الأعشى:

يَوْماً تَراها كمثل أردية الـ *** ـخِمْسِ ويَوْماً أديمَها نَغِلا([18])

  ومما شذَّ عن الباب الخَمِيس، وهو الجَيْش الكثير. ومن ذلك الحديثُ: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما أشْرَفَ على خَيْبر قالوا: محمدٌ والخَمِيس"، يريدون الْجَيْش.

(خمش)  الخاء والميم والشين أصلٌ *واحد، وهو الخَدْشُ وما قارَبَه.

يقال خَمَشْتُ خَمْشاً. والخُمُوش: جمع خَمْشٍ. قال:

هاشمٌ جَدُّنا فإِن كُنْتِ غَضْبى *** فامْلَئِي وجهَكِ الجميلَ خُمُوشا([19])

  وَالخموش: البعوض. قال:

كأنَّ وَغَى الخَمُوش بجانبيهِ *** وَغَى رَكْبٍ أُمَيْمَُ ذَوِي زِياطِ([20])

  والخُمَاشَة من الجِراحة والجمع خُماشاتٌ: ما كان منها ليس له أرْشٌ معلوم.   وهو قياس الباب، كأنَّ ذلك يكونُ كالخَدْشِ.

(خمص)  الخاء والميم والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على الضُّمْر والتّطامُن. فالخميص: الضّامر البَطْن؛ والمصدر الخَمَْص. وامرأةٌ خُمْصانةٌ: دقيقة الخَصْرِ. ويقال لباطن القَدَم الأخْمَص. وهو قياسُ الباب، لأنّه قد تداخَل. ومن الباب المَخْمَصة، وهي المجاعة؛ لأنَّ الجائِع ضامرُ البطْن. ويقال للجائع الخميص، وامرأةٌ خميصة قال الأعشى:

تَبِيتون في المَشْتَى مِلاءً بطونُكُمْ *** وجاراتُكم غَرْثى يَبِتْن خمائصا([21])

  فأمّا الخَمِيصة فالكِساء الأسودُ. وبها شَبَّه الأعشى شَعْرَ المرأة:

إذا جُرِّدَتْ يوماً حَسِبْتَ خَميصةً *** عليها وجرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامِصا([22])

  فإنْ قيل: فأينَ قِياسُ هذا من الباب؟ فالجواب أنّا نقول على حَدِّ الإمكان والاحتمال: إنّه يجوز أن يسمَّى خميصةً لأنّ الإنسانَ يشتمِل بها فيكون عند أخْمَصِهِ، يريد به وسطَه. فإن كان ذلك صحيحاً وإلاَّ عُدَّ فيما شذَّ عن الأصل.

(خمط)  الخاء والميم والطاء أصلان: أحدهما الانجراد والمَلاسَة، والآخَر التسلُّط والصِّيَال.

فأمّا الأوّل فقولهم: خَمَطْتُ الشّاةَ، وذلك [إذا] نزعْتَ جلدَها وشويتَها. فإن نُزِع الشّعر فذلك السَّمْط. وأصل ذلك من الخَمْط، وهو كلُّ شيءٍ لا شَوكَ له.

والأصل الثاني: قولُهم تخمَّطَ الفَحلُ، إذا هاج وهَدَرَ. وأصلُه مِن تخمّط البحرُ، وذلك خِبُّه والتطامُ أمواجِه.

(خمع)  الخاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على قلّة الاستقامة، [و] على الاعوجاج. فمن ذلك خَمَعَ الأعرجُ. ويقال للضِّباع الخوامع؛ لأنّهنّ عُرْجٌ. والخِمعْ: اللِّص. والخِمع: الذِّئب. والقياسُ واحدٌ.

(خمل)  الخاء والميم واللام أصلٌ واحد يدل على انخفاضٍ واسترسالٍ وسُقوطٍ. يقال خَمَلَ ذكرُه يخمُل خُمولا. والخامل: الخفيّ؛ يُقال: هو خامِل الذِّكر؛ والأمرُ الذي لا يعرَف ولا يُذكَر. والقول الخامل: الخَفِيض. وفي حديثٍ: "اذكُروا الله ذِكراً خاملا". والخَميلة: مَفْرَجٌ من الرَّمْل في هَبْطةٍ، مَكْرَمَةٌ للنَّبات. قال زُهير:

* شَقائِقَ رمْلٍ بينهنَّ خَمائلُ([23]) *

وقال لبيد:

باتَتْ وأسْبَلَ واكِفٌ من دِيمَةٍ *** يُروي الخَمائِلَ دائماً تَسجامُها([24])

  والخَمْل، مجزوم: خَمْل القطيفة والطِّنْفِسة. ويقال لريش النَّعام خَمْل. وذلك قياسُ الباب؛ لأنّه يكون مسترسِلا ساقطاً في لينٍ.

فأمّا الخُمال فقال قوم: هو ظَلْعٌ يكون في قوائم البعير. فإن كان كذا فقياسُه قياسُ الباب؛ لأنّه لعَلَّه عن استرخاء. وقال الأعشى في الخُمال:

لم تُعَطَّفْ على حُِوارٍ ولم يَقْـ *** ـطَعْ عُبيدٌ عروقَها مِن خُمالِ([25])

ـــــــــــــــــــ

([1]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. انظر نسخة الشنقيطي من الهذليين 87 والجزء الثاني من مجموع أشعار الهذليين 37 ليبسك، واللسان (خمج).

([2]) البيت بتمامه: ولا أقيم بدار الهون إن ولا *** آتي إلى الخدرِ أخشى دونه الخمجا

([3]) في المجمل: "وخمد الرجل: مات أو أغمي عليه".

([4]) البيت في اللسان (خمر 340).

([5]) ديوان أبي ذؤيب 150.

([6]) قصيدة البيت في أمالي القالي (2: 107-110)، والأغاني (8: 37-38)، وتزيين الأسواق 41، 42.

([7]) الذي في اللسان والقاموس أن المستخمر: المستعبد. وذكر في اللسان أنها لغة أهل اليمن. وانظر آخر هذه المادة.

([8]) كذا ضبطت "سيرا" في الأصل. ويصح أن يقرأ "سيرا" بأمر الاثنين.

([9]) في الأصل: "والخمير العجين"، محرف. وفي اللسان: "قد اختمر الطيب والعجين".

([10]) في الأصل: "المقابرة"، صوابه من المجمل واللسان.

([11]) للشعر قصة في الأغاني (21: 89) ومقدمة الشعر والشعراء لابن قتيبة. وانظر حماسة أبي تمام  (1: 188) والحيوان (6: 450) والمخصص (13: 258) والأزمنة والأمكنة (1: 293).

([12]) في الأصل: "للمتى"، تحريف.

([13]) في الأصل: "تطليه".

([14]) الخمس، بالضم، وبضمتين، وبالكسر أيضاً.

([15]) التكملة من المجمل.

([16]) ديوان عبيد بن الأبرص 43 واللسان (خمس 371). وفي الديوان: "ومحربا في مارن".

([17]) في اللسان: "الخميس الثوب الذي طوله خمس أذرع، كأنه يعني الصغير من الثياب".

([18]) ديوان الأعشى 155 واللسان (خمس، نغل). ويروى: "كأردية العصب".

([19]) للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، يخاطب امرأته. واللسان (خدش) والعمدة (1: 111).

([20]) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 93 واللسان (8: 188/ 20: 277). وانظر شرح الحيوان (5: 403).

([21]) في ديوان الأعشى 109: "وجاراتكم جوعى".

([22]) ديوان الأعشى 108 واللسان (خمص). وفي الديوان: "وجريالاً يضيء دلامصا".

([23]) صدره كما في ديوانه 295: * نشزن من الدهناء يقطعن وسطها *

([24]) البيت من معلقة لبيد.

([25]) ديوان الأعشى 9 واللسان (حمل).

 

 

ـ (باب الخاء والنون وما يثلثهما)

(خنب)  الخاء والنون والباء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على لِينٍ ورَخاوةٍ. ويقال جاريةٌ خَنِبةٌ: رخِيمَةٌ غَنِجة. ورجل خِنّاب، أي ضَخْمٌ في عَبَالَةٍ. وحكى بعضُهم عن الخليل أنّه قال: هو خِنَّأْبٌ مكسور الخاء شديدةُ النّون مهموزة. وهذا إنْ صح عن الخليل فالخليلُ ثقةٌ، وإلا فهو على ما ذكرناه من غير همز. ويقال الخِنَّاب من الرجال: الأحمق المتصرِّف، يختلج هكذا مرَّةً وهكذا مَرَّةً. وقال الخليل: الخنَّاب الضَّخم المَنْخَر. والخِنَّابَة: الأرنبةُ الضخمة. وقال:

أَكوِي ذَوِي* الأضغانِ كَيّاً مُنْضِجا *** منهمْ وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا([1])

  ومما لم يذكره الخليلُ، وهو قياسٌ صحيح، قولهم خَنَبَتْ رِجْلُه، أي وَهَنَتْ، وأَخْنَبْتُها أنا أوهنْتُها. قال:

أبِي الذي أخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ *** إذْ صارت الخيلُ كعِلْبَاءِ العُنُقْ([2])

  (خنا)  الخاء والنون وما بعدها معتلٌّ، يدلُّ على فَسادٍ وهَلاك. يقال لآفات الدهر خَنىً. قال لبيد:

* وقَدَرْنا إنْ خَنَى الدَّهْرِ غَفَلْ([3]) *

وأخنَى عليه الدّهر: أهلكَه. قال:

* أخنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ([4]) *

والخَنَا من الكلام: أفحشُه. يقال خنا يخنو خَناً، مقصور. ويقال أخْنَى فلانٌ في كلامِه.

(خنث)  الخاء والنون والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على تكسُّرٍ وتثَنٍّ. فالخَنِث: المسترخِي المتكسِّر. ويقال خَنَثْتُ السِّقاءَ، إذا كسَرْتَ فمه إلى خارج فشرِبْتَ منه. فإن كسَرْتها إلى داخل فقد قَبَعْتَه. وامرأةٌ خُنُثٌ: مُتَثَنِّيةٌ.

(خنز)  الخاء والنون والزاء كلمةٌ واحدةٌ من باب المقلوب، ليست أصلاً. يقال خَنِزَ اللحم خَنَزاً، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه وخَزِن. وقد مَضَى.

(خنس)  الخاء والنون والسين أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وتستُّر. قالوا: الخَنْس الذهاب في خِفْية. يقال خَنسْتُ عنه. وأخْنَسْتُ عنه حقَّه. والخُنَّس: النُّجوم تَخْنِس في المَغيب. وقال قوم: سُمِّيت بذلك لأنّها تَخفَى نهاراً وتطلُع ليلاً. والخنّاس في صِفة الشَّيطان؛ لأنّه يَخْنِسُ إذا ذُكر الله تعالى. ومن هذا الباب الخَنَسُ في الأنف. انحِطاط القصَبة. والبقرُ كلُّها خُنْسٌ.

(خنط)  الخاء والنون والطاء كلمةٌ ليست أصلاً، وهي من باب الإبدال. يقال خَنَطَهُ: إذا كَرَبَه، مثلُ غَنَطه، وليس بشيء.

(خنع)  الخاء والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ذُلٍّ وخضوع وضَعَةٍ، فيقال: خضع لـه وخَنَع. وفي الحديث: "إنّ أخْنَعَ الأسماء([5])" أي أذَلَّها. ويقال أخنَعْتني إليه الحاجة، إذا ألجأتْه إليه وأذلّتْه لـه. ومن الباب الخانع: الفاجر. يقال: اطَّلَعْتُ منه على خَنْعَةٍ، أي فَجْرة. وهو قوله:

* ولا يُرَوْنَ إلى جاراتِهمْ خُنُعا([6]) *

ومنه قول الآخر:

لَعَلَّكَ يوماً أن تُلاقَى بِخَنْعةٍ *** فَتَنْعَبَ مِن وادٍ عليك أشائمُه([7])

  وخُنَاعة: قبيلة.

(خنف)  الخاء والنون والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على مَيَلٍ ولِين. فالخَنُوفُ: النّاقةُ الليِّنة اليدينِ في السَّير. والمصدر الخِناف. قال الأعشى:

وأذْرَتْ برِجْلَيْها النَّفِيَّ وراجَعَتْ *** يداها خِنافاً ليِّناً غيرَ أجرَدَا([8])

  قالوا: والخِناف أيضاً في العُنق: أن تُمِيلَه إذا مُدّ بزِمامها. والخَنيف: جنسٌ من الكَتّان أردأ ما يكونُ منه. وفي الحديث: "تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف، وأحرَقَ بطونَنا التَّمر". وقال:

عَلى كالخَنِيفِ السَّحْقِ يَدعُو به الصَّدَى *** له قُلُبٌ عُفَّى الحِياضِ أُجُونُ([9])

  (خنق)  الخاء والنون والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضيقٍ. فالخانق: الشِّعْب الضَّيِّق. وقال بعضُ أهل العلم: إنَّ أهل اليَمن يسمُّون الزُّقاق خانقاً. والخَنِق مصدر خَنَقَه يخنِقُه خَنِقاً([10]). قال بعض أهل العلم: لا يقال خَنْقاً. والمِخْنَقَةُ: القِلادة.

ــــــــــــــــــ

([1]) البيتان في اللسان (خنب، عفج).

([2]) الرجز لتميم بن العمود بن عامر بن عبد شمس، وكان العمود طعن يزيد بن الصعق فأعرجه. قال ابن بري: وقد وجدته أيضاً في شعر ابن أحمر الباهلي. اللسان (خنب).

([3]) صدره كما في ديوانه 13 طبع 1881 واللسان (خنا):

* قال هجدنا فقال طال السرى *

([4]) البيت للنابغة في ديوانه 17 واللسان (خنا). وصدره:

* أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا *

([5]) في اللسان "إن أخنع الأسماء إلى الله تبارك وتعالى من تسمى باسم ملك الأملاك".

([6]) صدره كما في ديوان الأعشى 85 واللسان (خنع):

* هم الخضارم إن غابوا وإن شهدوا *

([7]) أنشده في المجمل.

([8]) ديوان الأعشى 102 واللسان (خنف) برواية "أجدت برجليها نجاء" في الديوان، و"النجاء" في اللسان.

([9]) عفى: جمع عاف، كغاز وغزى. والأجون، بالضم: جمع أجين. وفي اللسان (خنف): "له قلب عادية وصحون".

([10]) كذا ضبط في الأصل بكسر النون من "الخنق" و"خنقا" على اللغة الصحيحة، وهي التي ذكرها صاحب القاموس، قال "خنقه خنقاً ككتف". وأما صاحب اللسان فذكر اللغتين، قال: "الخنق، بكسر النون مصدر قولك: خنقه يخنقه خَنْقاً وخَنِقاً".

 


 ـ (باب الخاء والواو وما يثلثهما)

(خوي)  الخاء والواو والياء أصلٌ واحد يدلُّ على الخُلوِّ والسُّقوط. يقال خَوَتِ الدّارُ تخوي. وخَوَى النّجم، إذا سقَط ولم يكنْ عند سقوطه مَطر؛ وأخْوَى أيضاً. قال:

وأَخْوَتْ نَجُومُ الأخْذِ إلاّ أنِضَّةً *** أنِضَّةَ محْلٍ ليس قاطِرُها يُثْرِي([1])

  وخَوَّتِ النّجومُ تخوِيةً، إذا مالت للمَغِيب. وخَوَّتِ  الإبلُ تخويةً، إذا خُمِصَتْ بُطونُها. وخَويت المرأةُ خَوَىً، إذا لم *تأكلْ عند الولادة. ويقال خَوَّى الرّجلُ، إذا تجافى في سجوده، وكذا البعيرُ إذا تجافى في بُروكه. وهو قياس الباب؛ لأنّه إذا خوَّى في سجودِه فقد أخلَى ما بين عضُده وجَنْبِه. وخَوَّتِ المرأةُ عند جلوسها على المِجْمر. وخوَّى الطائر، إذا أرسل جناحَيه. فأمَّا الخَوَاةُ فالصَّوت. وقد قلنا إنّ أكثر ذلك لا ينقاس، وليس بأصلٍ.

(خوب)  الخاء والواو والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على خُلوٍّ وشِبهه. يُقال أصابتهم خَوْبةٌ، إذا ذهب ما عندهم ولم يبق شيءٌ. والخَوْبَةُ: الأرض لا تُمطَرُ بين أرضَينِ قد مُطرَتَا؛ وهي كالخَطِيطة.

(خوت)  الخاء والواو والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على نفاذٍ ومرور بإِقدامٍ. يقال رجُلٌ خَوّاتٌ، إذا كان لا يبالِي ما رَكِبَ من الأمور. قال:

لا يَهْتَدِي فيه إلا كلُّ منصلِتٍ *** من الرِّجال زَمِيعِ الرَّأْي خَوّاتِ([2])

  هذا هو الأصل. ثمّ يقال خاتَت العُقَاب، إذا انقضَّت؛ وهي خائتة. قال أبو ذؤيب:

فألقَى غِمْدَهُ وهَوَى إليهم *** كما تَنْقَضُّ خائتةٌ طَلُوبُ([3])

  ويقال: مازالَ الذِّئبُ يَخْتاتُ الشّاةَ بعد الشّاة، أي يَخْتِلُها ويَعُدو عليها. فأمَّا ما حكاه ابن الأعرابيّ من قولهم خاتَ يَخُوتُ إذا نَقَض عهدَه، فيجوز أن يكون من الباب، كأنّه نَقَض ومرَّ في نَهْجِ غَدْرِه. ويجوز أن يكون التّاء مبدلةً من سين، كأنَّه خاس، فلما قُلبت السين تاءً غُيِّر البناء([4]) من يَخِيس إلى يَخُوت.

ومن ذلك خاتَ الرّجلُ وأنْفَضَ، إذا ذَهَبَتْ مِيرتُه. وهو من السين. وكذلك خات الرّجُل إذا أسنَّ. فأمّا قولهم إنّ التَّخوُّتَ التنقُّص فهو عندنا، من باب الإبدال، إمَّا أن يكون من التخوُّن أو التخوّف([5])، وقد ذُكِرا في بابهما. ويقال فلانٌ يتخوَّتُ حديثَ القومِ ويختاتُ، إذا أَخَذَ منه وتَحَفَّظَ.

ومن الباب الأول هم يَخْتَاتونَ اللَّيل، أي يسِيرون ويَقطَعون.

(خوث)  الخاء والواو والثاء أُصَيلٌ ليس بمطّرد ولا يقاسُ عليه. يقولون خَوِثتِ المرأةُ، إذا عظُم بَطْنُها. ويقال بل الخَوْثاء النَّاعمة. قال:

عَلِقَ القَلْبَ حبُّها وهَواها *** وهي بِكْرٌ غَرِيرةٌ خَوْثاءُ([6])

  (خوخ)  الخاء والواو والخاء ليس بشيء. وفيه الخَوْخُ، وما أُراه عربيّاً.

(خود)  الخاء والواو والدال أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة. يقال خَوَّدُوا في السَّير. وأصله قولهم خَوَّدْتُ الفحلَ تخويداً، إذا أرسلتَه في الإناث. وأنشد:

وخُوِّدَ فَحْلُها من غَيرِ شَلٍّ *** بِدارِ الرِّيف تخويدَ الظَّليمِ([7])

  كذا أنشده الخليل. ورواه غيرُه: "وخَوَّد فَحْلُها".

(خوذ)  الخاء والواو والذال ليس أصلاً يطّرد، ولا يُقاس عليه، وإنّما فيه كلمة واحدة مُختلَفٌ في تأويلها. قالوا: خاوَذْتُه، إذا خالفْتَه. وقال بعضهم: خاوذتُه وافَقْتُه. ويقولون: إنّ خِواذَ الحُمَّى أن تأتِيَ في وقتٍ غير معلوم.

(خور)  الخاء والواو والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على صوت، والآخَر على ضَعْف.

فالأوّل قولُهم خار الثَّور يخور، وذلك صوتُه. قال الله تعالى:{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ} [طه 88].

وأمّا الآخر فالخَوَّار: الضعيفُ مِن كلِّ شيء. يقال رُمْحٌ خوّارٌ، وأرضٌ خَوّارةٌ، وجمعه خُورٌ. قال الطِّرِمّاح:

أنا ابنُ حماةِ المَجْد من آلِ مالك *** إذا جعلَتْ خُور الرِّجال تَهِيعُ([8])

  وأما قولهم للناقة العزِيزة خَوّارةٌ والجمع خُورٌ، فهو من الباب؛ لأنّها إذا لم تكن عَزُوزاً- والعَزُوز: الضيِّقة الإحليل، مشتقّة من الأرض العَزَاز- فهي حينئذ خَوّارةٌ، إذْ كانت الشّدَّة قد زايلَتْها.

(خوس)  الخاء والواو والسين أصلٌ واحد يدلُّ على فسادٍ. يقال خاسَت الجِيفَةُ في أوّلِ ما تُرْوِحُ؛ فكأنَّ ذلك كَسَدَ حتَّى فَسَد. ثمّ حُمِل على هذا فقيل: خاسَ بعَهْده، إذا أخْلَف وخان. قالوا: و*الخَوْسُ الخِيانة.  وكلُّ ذلك قريبٌ بعضُه من بعض. وهذه كلمةٌ يشترك فيها الواو والياء، وهما متقاربان، وحَظّ الياء فيها أكثر، وقد ذكرت في الياء أيضاً.

(خوش)  الخاء والواو والشين أصلٌ يدلُّ على ضمْر وشِبهه. فالمتخوِّش: الضامر، ولذلك تسمَّى الخاصِرتان الخَوْشَينِ.

(خوص)  الخاء والواو والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةٍ ودِقّة وضِيق. من ذلك الخَوَصُ في العين، وهو ضِيقُها وغُؤورها. والخُوص: خُوص النَّخلةِ دقيقٌ ضامر. ومن المشتقّ من ذلك التخوُّص، وهو أخْذُ ما أعطيتَه الإنْسانَ وإن قَلّ. يقال: تخوَّصْ منه ما أعطاك وإنْ قَلَّ. قال:

يا صَاحِبَيَّ خَوِّصَا بسَلِّ *** مِنْ كُلِّ ذاتِ لَبَنٍ رِفَلِّ([9])

  يقول: قرِّبا إبلَكُما شيئاً بَعد شَيء، ولا تَدَعَاهَا تَدَاكُّ على الحَوْض([10]). قال:

يا ذائِدَيْها خَوِّصا بإرسالْ *** ولا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلاَّلْ([11])

  وقال آخَر([12]):

أقُول للذَّائِدِ خوِّصْ برَسَلْ *** إنِّي أخاف النائِباتِ بالأُوَلْ

  وأمّا قولُهم: أخْوَصَ العَرْفَج، فهو مشتق مِن أخْوَصَ النَّخْل، لأنّ العَرْفَج إذا تَفَطَّرَ صار له خُوصٌ.

(خوض)  الخاء والواو والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على توسُّطِ شيء ودُخولٍ. يقال خُضْتُ الماءَ وغيرَه. وتخاوَضوا في الحديثِ والأمرِ، أي تفاوَضُوا وتداخَل كلامُهم.

(خوط)  الخاء والواو والطاء أُصَيلٌ يدلُّ على تَشعُّبِ أغصان. فالخُوط الغُصْن، وجمعه خِيطان. قال:

* على قِلاصٍ مِثْلِ خِيطانِ السَّلَمْ([13]) *

(خوع)  الخاء والواو والعين أصلٌ يدلُّ على نَقْص ومَيَل. يقال خوَّع الشَّيءَ، إذا نَقَصَه. قال طرَفة:

وجاملٍ خَوَّعَ من نِيبِه *** زَجْرُ المعلَّى أُصُلاً والسَّفِيحْ([14])

  خَوَّع: نَقَص. يعني بذلك ما يُنْحَر منها في المَيْسِر.

والخَوْع: مُنْعَرج الوادِي. والخُوَاع: النَّخِير. وهذا أقْيَس من قولهم إنّ الخَوْع: جبلٌ أبْيَض.

(خوف)  الخاء والواو والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على الذُّعْرِ والفزَع. يقال خِفْتُ الشّيءَ خوفاً وخِيفةً. والياء مبدَلةٌ من واو لمكان الكسرة. ويقال خاوَفَني فلانٌ فخُفْتُه، أي كنتُ أشدَّ خوفاً منه. فأمّا قولهم تخوَّفْتُ الشَّيءَ، أي تنقّصتُه، فهو الصحيح الفصيح، إلا أنّه من الإبدال، والأصلُ النّون من التنقُّص، وقد ذُكِر في موضعه.

(خوق)  الخاء والواو والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على خُلوِّ الشّيء. يقال مفازةٌ خَوْقاء، إذا كانت خاليةً لا ماءَ بها ولا شيء. والخَوْق: الحَلْقة من الذَّهب، وهو القياسُ؛ لأنَّ وسَطه خالٍ.

(خول)  الخاء والواو واللام أصلٌ واحد يدلُّ على تعهُّد الشَّيء. مِن ذلك: "إنَّه كان يتخوَّلُهم بالموعظة([15])"، أي كان يتعَّدُهم بها. وفلان خَوْلِيُّ مالٍ، إذا كان يُصلِحه. ومنه: خَوَّلك اللهُ مالاً، أي أعطاكَه؛ لأنّ المال يُتَخوَّل، أي يُتَعَهَّد. ومنه خَوَلُ الرّجُل، وهم حَشَمُه. أصله أنَّ الواحدَ خائل، وهو الرَّاعي. يقال فُلانٌ يَخُول على أهله، أي يَرعَى عليهم. ومن فصيح كلامهم: تخوَّلت الرِّيح الأرضَ، إذا تصرَّفَتْ فيها مرّةً بعد مرّة.

(خون)  الخاء والواو والنون أصلٌ واحد، وهو التنقص. يقال خانَه يخُونه خَوْناً. وذلك نُقصانُ الوَفاء. ويقال تخوَّنَني فلانٌ حَقِّي، أي تنقَّصَني. قال ذو الرُّمَّة:

لا بَلْ هُو الشَّوقُ من دارٍ تَخَوَّنَها *** مَرَّاً سحابٌ ومَرَّاً بارِحٌ تَرِبُ([16])

  ويقال الخَوَّانُ: الأسَد. والقياسُ واحد. فأمّا الذي يقال إنهم كانوا يسمُّون في العربيّة الأولى الرّبيع الأوَّل [خَوَّاناً([17])]، فلا معنى له ولا وجهَ للشُّغْل به. وأما قول ذي الرُّمَّة:

لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إلاَّ ما تَخَوَّنَهُ *** داعٍ يُنادِيهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ([18])

  فإنْ كان أراد بالتخوُّن التعهُّدَ كما قاله بعضُ *أهل العلم، فهو من باب الإبدال، والأصل اللام: تخوَّلَه، وقد مضى ذِكرُه. ومِنْ أهل العلم من يقول: يريد إلاّ ما تَنَقَّصَ نومَه دُعاءُ أمِّه له.

وأمَّا الذي يؤكل عليه، فقال قومٌ: هو أعجميٌّ. وسمعت عليَّ بنَ إبراهيمَ القَطَّان يقول: سُئِل ثعلبٌ وأنا أسمَعُ، فقِيل يجُوز أنْ يُقال إن الخُِوان يسمَّى خُِوانا لأنّه يُتخوَّن ما عليه، أي يُنْتَقَص. فقال: ما يَبْعُد ذلك. والله تعالى أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (خوى، أخذ، نضض) والأزمنة والأمكنة (1: 185). وقد سبق إنشاده في (أخذ 1: 70).

([2]) البيت في المجمل واللسان (خوت).

([3]) ديوان أبي ذؤيب 95.

([4]) في الأصل: "النساء".

([5]) في الأصل: "والتخوف".

([6]) لأمية بن حرثان بن الأسكر، كما في اللسان (خوث). وأنشده في المجمل.

([7]) البيت للبيد في ديوانه 8 طبع 1880 واللسان (خور). وفي الديوان واللسان: "بدار الريح"، أي مبادرة ومسابقة للريح الباردة.

([8]) ديوان الطرماح 154 واللسان (خور، هيع). وفي الأصل: "من آل هاشم" تحريف، صوابه من المراجع وما سيأتي في (هيع). والطرماح طائي، ومالك من أجداده، وهو مالك بن أبان ابن عمرو بن ربيعة ابن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ.

([9]) الرجز في اللسان (خوص) برواية: "من كل ذات ذنب".

([10]) تداك على الحوض: تزدحم عليه.

([11]) الرجز لأبي النجم، كما في اللسان (خوص).

([12]) هو زياد العنبري، كما في اللسان (خوص).

([13]) من رجز لجرير في ديوانه 52. وفي الأصل: "على قلائص"، والمجمل: "على فلان" تحريف.

([14]) في الأصل: "وحامل خوع من بنته"، صوابه في اللسان (خوع). ورواية الديوان: "من نبته" أي نسله. وقد أشار إلى هذه في اللسان.

([15]) في اللسان: "وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. أي يتعهدنا بها مخافة السأم علينا".

([16]) ديوان ذي الرمة 2 واللسان (خون).

([17]) هذه التكملة من المجمل. وفي الجمهرة (4: 489): "وشهر ربيع الأول وهو خوان، وقالوا خوان"، الأخير بوزن رمان. وفي الجمهرة (3: 244): "وخوان: اسم من أسماء الأيام في الجاهلية". وانظر الأزمنة والأمكنة (1: 280).

([18]) ديوان ذي الرمة  واللسان (نعش، خون، بغم).

 

 

ـ (باب الخاء والياء وما يثلثهما)

(خيب)  الخاء والياء والباء أصلٌ واحد يدلُّ على عدم فائدةٍ وحِرمانٍ. والأصل قولهم للقِدْحِ الذي لا يُورِي: هو خَيّاب. ثمّ قالوا: سَعَى في أمرٍ فخابَ، وذلك إذا حُرِم([1]) فلم يُفِدْ خيْراً.

(خير)  الخاء والياء والراء أصله العَطْف والميْل، ثمَّ يحمل عليه. فالخَير: خِلافُ الشّرّ؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يَمِيلُ إِليه ويَعطِف على صاحبه. والخِيرَةُ: الخِيار. والخِيرُ: الكَرمُ. والاستخارة: أن تَسْألَ خيرَ الأمرين لك. وكل هذا من الاستخارة، وهي الاستعطاف. ويقال استخرتُه. قالوا: وهو من استِخارة الضّبُع، وهو أن تَجْعلَ خشبةً في ثُقْبَةِ بيتها حتى تَخرُج من مكانٍ إلى آخَر. وقال الهذليّ([2]):

لعَلَّكَ إِمَّا أُمُّ عمروٍ تبدَّلَتْ *** سواكَ خليلاً شاتِمِي تَستخِيرُها

  ثم يُصَرّف الكلامُ فيقال رجلٌ خَيِّرٌ وامرأةٌ خَيِّرة: فاضلة. وقومٌ خِيارٌ وأخيار… في صلاحها([3])، وامرأةٌ خَيْرةٌ في جَمالها وميسَمِها. وفي القرآن: {فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسَانٌ} [الرحمن 70ٍ]. ويقال خايَرْتُ فلاناً فَخِرْتُه. وتقول: اخْتَرْ بَني فُلاَنٍ رَجُلا. قال الله تعالى: {واختارَ مُوسَى قومَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} [الأعراف 154]. تقول هو الخِيرَة خَفيفة، مصدر اختار خِيرَةً، مثل ارتاب رِيبَة.

(خيس)  الخاء والياء والسين أُصَيلٌ يدلُّ على تذليلٍ وتليين. يقال خيَّستُه، إذا لَيَّنْتَهُ وذلَّلته. والمُخيَّس: السِّجن. قال:

تجَلّلْتُ العَصَا وعلمتُ أنِّي *** رَهِينُ مُخَيَّسٍ إِن يَثْقَفُونِي

  وأمّا قولُهم خاسَ بالعهد فقد ذكرناه في الواو. والكلمة مشتركة. ومن الغريب في هذا الباب، قولُهم: قَلَّ خَيْسُه، أي غَمُّه. والخِيسُ: الشجر الملتَفُّ.

(خيص)  الخاء والياء والصاد كلمةٌ مشترَكة أيضاً؛ لأنّ للواوِ فيها حَظّاً([4])، وقد ذكرت في الخوص. فأمّا الياء فالخَيْصُ: النَّوالُ القَليل. قال الأعشى:

لَعَمرِي لئن أمْسى من الحيِّ شاخِصا *** لقد نالَ خيْصاً من عُفَيرَةَ خائصا([5])

  والباب كُّله في الواو والياء واحدٌ.

ومن الشاذّ -والله أعلم بصحّته- قولُهم وَعِلٌ أخْيَصُ، إذا انتصَبَ أحدُ قَرنَيه وأقْبلَ الآخَر على وجهه.

(خيط)  الخاء والياء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على امتدادِ الشَّيء في دِقّةٍ، ثم يحمل عليه فيقال في بعض ما يكون منتصِباً. فالخَيْط معروفٌ. والخَيط الأبيض: بياضُ النهار. والخيط الأسود: سوادُ الليل. قال الله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ} [البقرة آية 187]. ويقال لما يَسِيلُ من لُعاب الشَّمس: خَيْطُ باطلٍ. قال:

غَدَرتُم بعَمروٍ يا بَنِي خَيْطِ باطِلٍ *** ومثلُكُمُ بَنى البُيوتَ على غَدْرِ

  فأمّا قولُهم للّذي بَدا الشَّيبُ في رأسه خُيِّطَ، فهو من الباب، كأنَّ البادِيَ من ذلك مشبَّهٌ بالخُيُوط. قال الهذلي([6]):

* حَتَّى تخَيَّطَ بالبَيَاضِ قُرُونِي([7]) *

ويقال نعامة خَيْطاءُ؛ وخَيَطُها طُول عُنُقِها. والْخِياطة معروفةٌ، فأمَّا الْخِيط بالكسر، فالجماعةُ من النَّعام؛ وهو قياس الباب؛ لأنّ المجتمِع يكون كالذي خِيطَ بعضُه إلى بعض. وأمَّا قولُ الهذليّ([8]):

تَدَلّى عليها بين سِبٍّ وَخَيْطَةٍ *** *بِجَرْدَاء مثلِ الوَكْفَ يَكبُو غُرابُها

  فقد قيل إنّ الخَيْطة الحَبْل. فإن كان كذا فهو القياس المطَّرِد. وقد قيل الخَيْطة الوتد. وقد ذكرنا أنّ هذا ممَّا حمل على الباب؛ لأنّ فيه امتداداً في انتصاب.

(خيف)  الخاء والياء والفاء أصلٌ واحد يدل على اختلافٍ. فالخَيَف: أن تكون إحدى العينَين من الفَرَس زرقاءَ والأُخْرى كَحْلاء. ويقال: النَّاس أخْيافٌ، أي مختلِفون. والخَيْفَان: جرادٌ تصير فيه خطوطٌ مختلِفة. والْخَيْف: ما ارتَفَع عن مَسِيل الوادي ولم يبلُغْ أن يكون جبلاً، فقد خالَفَ السّهلَ والجبَل. ومن هذا الْخَيْف: جِلْدُ الضَّرع، مشبّهٌ بخَيْف الأرض. وناقَةٌ خَيْفَاءُ: واسعةُ جِلْد الضَّرع. وبعيرٌ أخيَفُ: واسع جلد الثِّيل. فأمّا الخِيفُ فجمع خِيفَةٍ، وليس من هذا الباب، وقد ذكر في باب الواو بعد الخاء، وإنّما صارت الواو ياءً لكسرةِ ما قبلها. وقال:

فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ *** وتُضْمِرَ في القَلْبِ وجْداً وخِيفا([9])

  (خيل)  الخاء والياء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ في تلوُّن. فمن ذلك الخَيَال، وهو الشَّخص. وأصله ما يتخيَّلُه الإنسان في مَنامه؛ لأنّه يتشبّه ويتلوّن. ويقال خَيَّلْتُ للنّاقة، إذا وضَعْتَ لولدِها خيالاً يفزَّع منه الذِّئب فلا يقرُبه. والخَيْل معروفة. وسمِعت مَن يَحْكِي عن بِشر الأسديّ عن الأصمعي قال: كنتُ عند أبي عمرو بن العَلاء، وعنده غلامٌ أعرابيٌّ فسُئل أبو عمرو: لم سمِّيت الخيلُ خيلاً؟ فقال: لا أدرِي. فقال الأعرابيُّ: لاخْتيالِها. فقال أبو عمرو: اكتُبوا. وهذا صحيحٌ؛ لأنّ المختالَ في مِشيتِه يتلوَّن في حركته ألواناً. والأخْيَلُ: طائرٌ، وأظنُّه ذا ألوانٍ، يقال هو الشِّقِرَّاق. والعرب تتشاءم به. يقال بعير مَخْيُولٌ([10])، إذا وقع الأخيلُ على عجُزِه فقَطَّعه. وقال الفرزدق:

إذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ *** فَلاقَيتِ مِن طَير الأشائم أخْيَلا([11])

  يقول: إذا بلّغْتِني هذا الممدوحَ لم أُبَلْ بهلَكتك؛ كما قال ذو الرُّمّة:

إذا ابنَ أبي مُوسى بِلالاً بَلغْتِهِ *** فقامَ بفأسٍ بين وُِصْلَيْكِ جازِرُ([12])

  وقال الشمّاخ:

إذا بلّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلي *** عَرَابَةَ فاشرَقِي بدَمِ الوَتينِ([13])

  ويقال تخيَّلت السَّماء، إذا تهيّأَتْ للمطَر، ولابدّ أنْ يكون عند ذلك تغيُّرُ لونٍ. والمَخيلة: السَّحابة([14]). والمخيلة([15]): التي تَعِد بمَطَرٍ. فأمّا قولهم خَيَّلْتُ على الرّجُل تَخييلاً، إذا وجَّهتَ التّهمَة إليه، فهو من ذلك؛ لأنّه يقال: يشبه أن يكون كذا يُخَيَّلُ([16]) إليّ أنّه كذا، ومنه تخيَّلْت عليه تخيُّلاً، إذا تفَرَّسْتَ فيه([17]).

(خيم)  الخاء والياء والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الإقامة والثَّبات. فالخَيْمة معروفة؛ والخَيْم: عيدانٌ تُبنَى عليها الخَيْمة. قال:

* فلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ مُنَضَّدٍ([18]) *

ويقال خَيَّم بالمكان: أقامَ به. ولذلك سمِّيت الخَيْمة. والخِيم: السجِيَّة، بكسر الخاء، لأنّ الإنسانَ يُبنَى عليها ويكون مرجعُه أبداً إليها.

ومن الباب قولُهم للجبان خائم، لأنَّه من جُبنِه لا حَرَاك به. ويقال قد خَامَ يَخِيم. فأمّا قولُه:

رَأَوْا فَتْرَةً بالسَّاقِ مِنِّي فحاوَلُوا *** جُبُورِيَ لما أنْ رأَوْنِي أَخِيمُها([19])

  فإنّه أرادَ رَفْعها، فكأنّه شبّهها بالخَيْم، وهي عِيدانُ الخَيْمة.

فأمّا الألف التي تجيء بعد الخاء في هذا الباب، فإنّها لا تخلو من أن تكون من ذوات الواو [أو] من [ذوات] الياء. فالخال الذي بالوجه هو من التلوُّن الذي ذكرناه. يقال منه رجل مَخِيلٌ ومخُول. وتصغير الخال خُيَيْلٌ فيمن قال مَخِيل، وخُوَيْلٌ فيمن قال مَخُول. وأما خالُ الرَّجُل أخو أُمِّه فهو من قولك خائل مالٍ، إذا كان يتعهَّدُه. وخالُ الجيش: لواؤُه، وهو إمّا من تغيُّرِ* الألوان، وإمّا أن الجيشَ يُراعونَه وينظُرون إليه كالذي يتعهَّد الشيء. والخال: الجبل الأسود فيما يقال، فهو من باب الإبدال.

(خام)  وأما الخاء والألف والميم فمن المنقلب عن الياء. الخامَةُ: الرّطْبة من النّبات والزّرْع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمِنِ مَثَلُ الخامَة من الزّرع"([20]). وقال الطرمّاح:

إنّما نحن مثل خامةَ زَرْعٍ *** فَمتى يَأنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهْ([21])

  فهذا من الخائم، وهو الجبان الذي لا حَرَاك به.

وأمّا الخاء والألف والفاء فحرف واحدٌ، وهو الخافَةُ، وهي الخَريطة من الأدَم يُشتار فيها العسَل. فهذه محمولةٌ على خَيْف الضَّرع، وهي جِلدتُه. والقياس واحد.

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "جرم" بالجيم.

([2]) هو خالد بن زهير الهذلي. انظر ديوان الهذليين (1: 157) واللسان (خير).

([3]) في الكلام نقص، يدل عليه ما في اللسان: "قال الليث: رجل خير وامرأة خيرة: فاضلة في صلاحها. وامرأة خيرة في جمالها وميسمها".

([4]) في الأصل: "لأن الواو فيها خطأ"، تحريف.

([5]) ديوان الأعشى 108 واللسان (خيص)، وهو مطلع قصيدة له.

([6]) هو بدر بن عامر الهذلي. انظر شرح السكري للهذليين 128 ونسخة الشنقيطي 98 واللسان (خيط 170).

([7]) صدره كما في المراجع المتقدمة:  * تالله لا أنسى منيحة واحد *

([8]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 79 واللسان (خيط، سبب، وكف).

([9]) البيت لصخر الغي الهذلي. ديوان الهذليين 2: 74 واللسان (خوف 448، زخخ 498). وسيأتي في زخ.

([10]) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة.

([11]) ديوان الفرزدق 701 واللسان (خيل).

([12]) ديوان ذي الرمة 253 وخزانة الأدب (1: 455).

([13]) ديوان الشماخ 92.

([14]) في الأصل: "السحاب". وفي اللسان: "المخيلة بفتح الميم: السحابة، وجمعها مخايل".

([15]) المخيلة هذه بضم الميم وكسر الخاء، وبضمها وفتح الخاء وكسر الياء المشددة.

([16]) في الأصل: "الخيل".

([17]) في المجمل: "إذا تفرست فيه الخير". وانظر للكلام على بقية هذه المادة، نهاية المادة التي تليها.

([18]) صدر بيت للنابغة، في اللسان (خيم، عثلب). وعجزه:*وسفع على آس ونؤي معثلب*

([19]) في اللسان (خيم): "رأوا وقرة".

([20]) تمامه كما في اللسان: "تميلها الريح مرة هكذا ومرة هكذا".

([21]) ديوان الطرماح 113 واللسان (خوم). وقد سبق في (حصد) ص 71 من هذا الجزء.

 

 

ـ (باب الخاء والباء وما يثلثهما)

(خبت) الخاء والباء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على خُشوع: يقال أَخْبَتَ يخبِتُ إخباتاً، إذا خشَع. وأخْبَتَ لله تعالى. قال عزّ ذكره: {وَبَشِّرِ المُخْبِتِين} [الحج 34]، وأصلُه من الخَبْت، وهو المفازة لا نباتَ فيها.

ومن ذلك الحديث: "ولو بِخَبْتِ الجَمِيش([1])". ألا تراه سمَّاها جَميشاً، كأنّ النَّباتَ قد جُمِشَ منها، أي حُلِق.

(خبث)  الخاء والباء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف الطّيّب. يقال خبيثٌ، أي ليس بطيِّب. وأخْبَثَ، إذا كانَ أصحابُه خُبثاء. ومن ذلك التعوُّذ مِن الخبيث المُخْبِث. فالخبيث في نفسه، والمُخْبِث الذي أصحابُه وأعوانُه خُبَثاء.

(خبج)  الخاء والباء والجيم ليس أصلاً يُقاس عليه، وما أحسَِب فيه كلاماً صحيحاً. يقال خَبَجَ، إذا حَصَمَ([2]). وربما قالوا: خَبَجَه بالعصا، أي ضربه. ويقولون إنّ الخَبَاجاءَ من الفُحول: الكثير الضِّرَاب، وهذا كما ذكرناه، إلاّ أنْ يصحّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا أُقيمت الصلاة ولّى الشيطان وله خَبَجٌ كَخَبَج الحِمار". فإن صحّ هذا فالصحيح ما قاله عليه الصلاة والسلام، بآبائنا وأُمَّهاتنا هُو!

(خبر)  الخاء والباء والراء أصلان: فالأول العِلم، والثاني يدل على لينٍ ورَخاوة وغُزْرٍ.

فالأول الخُبْر: العِلْم بالشَّيءِ. تقول: لي بفلان خِبْرَةٌ وخُبْرٌ. والله تعالى الخَبير، أي العالِم بكلِّ شيء. وقال اللهُ تعالى: {وَلاَ يُنَبِّئكَ مِثْلُ خبِيرٍ} [فاطر 14].

والأصل الثاني: الخَبْراء، وهي الأرض الليِّنة. قال عَبيدٌ يصف فرساً:

* سَدِكاً بِالطَّعْنِ ثَبْتاً في الخَبارِ *

والخَبِير: الأكّار، وهو مِن هذا، لأنّه يُصْلِح الأرضَ ويُدَمِّثُها ويلَيِّنها. وعلى هذا يجري هذا البابُ كلُّه؛ فإنهم يقولون: الخبير الأكّار، لأنه يخابر الأرض، أي يؤاكِرُها. فأمّا المخابرة التي نُهِيَ عنها فهي المزارعة بالنِّصف لها [أو] الثّلث أو الأقلِّ([3]) من ذلك أو الأكثر. ويقال له: "الخِبْرُ، أيضاً. وقال قوم: المخابَرة مشتقٌّ من اسم خَيْبر.

ومن الذي ذكرناه من الغُزْر قولُهم للناقة الغزيرة: خَبْرٌ. وكذلك المَزَادة العظيمة خَبْرٌ؛ والجمع خُبور.

و[من] الذي ذكرناه من اللِّين تسميتُهم الزَّبَدَ([4]) خبِيراً. والخَبير: النَّبات الليِّن. وفي الحديث: "ونَسْتَخْلِبُ الخَبير([5])".

والخَبير: الوَبَر. قال الراجز:

*حتَّى إذا ما طار من خَبِيرِها([6]) *

ويقال مكانٌ خَبِرٌ، إذا كان دفيئاً كثيرَ الشَّجَر والماء([7]). وقد خَبِرَت الأرضُ. وهو قياسُ الباب.

ومما شذَّ عن الأصل الخُبْرَةُ، وهي الشّاة يَشتريها القومُ يذبحونها ويقتسِمون لحمها. قال:

إذا ما جعلْتَ الشّاةَ للقوم خُبْرةً *** فشَأْنَكَ إنِّي ذاهبٌ لشُؤُوني

  (خبز)  الخاء والباء والزاء أصلٌ واحد يدلُّ على خَبْط الشيء باليد.تخبَّزَت الإِبلُ السَّعْدَانَ، إذا خَبطَتْه بأيديها. ومن ذلك خَبَزَ الخَبَّازُ الخُبْز. قال:

لا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسّاً *** ولا تُطِيلا بِمُناخٍ حَبْسا([8])

  ويقال: الخَبْزُ ضَرْب البعير بيديه الأرضَ.

(خبس)  الخاء* والباء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على أخْذ الشيء قهراً وغَلَبة. يقال تَخَبَّسْتُ الشَّيءَ: أخذْتُه. وذلك الشيءُ خُبَاسَة. والخُباسة: المَغْنَم؛ يقال اختبَس الشَّيءَ: أخذَه مُغالَبة. وأسدٌ خَبُوس. قال:

ولكِنِّي ضُبارِمَةٌ جَموحٌ *** على الأقرانِ مُجْتَرِئٌ خَبُوسُ([9])

  (خبش)  الخاء والباء والشين ليس أصلاً. وربَّما قالوا: خَبَش الشّيءَ: جَمَعه. وليس هذا بشيء.

(خبص)  الخاء والباء والصاد قريبٌ من الذي قبله. يقولون خَبَص الشَّيءَ: خَلَطه.

(خبط)  الخاء والباء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على وطْءٍ وضَرب. يقال خَبَط البعير الأرضَ بيده: ضربَها. ويقال خَبَطَ الورَقَ من الشَّجَر، وذلك إذا ضربَه ليسقُط. وقد يُحمَل على ذلك، فيقال لداءٍ يُشبه الجنونَ: الخُبَاط، كأنَّ الإنسان يتخبَّط. قال الله تعالى: {إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسّ} [البقرة 275]. ويقال لما بَقِيَ مِن طعامٍ أو غيرِه: خِبْطة. والخِبْطة: الماء القليل؛ لأنّه يتخبَّط فلا يمتنع. فأمَّا قولهم اختبط فلانٌ [فلاناً] إذا أتاهُ طالباً عُرْفهُ، فالأصل فيه أنَّ الساريَ إليه أو السائر لابدّ من أن يختبط الأرضَ، ثم اختُصِر الكلامُ فقيل للآتي طالباً جَدْوَى: مُخْتَبِط. ويقال إنّ الخِبْطة: المَطْرةُ الواسعةُ في الأرض. وسمِّيت عندنا بذلك لأنّها تَخْبِط الأرضَ تَضرِبُها. وقد روى ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ الخابط النائم، وأنشدوا عنه:

* يَشْدَخْنَ باللّيل الشُّجاع الخابِطا([10]) *

فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ النائم يخبِط الأرضَ بجِسمه، كأنَّه يضربُها به.ويجوز أن يكون الشُّجاع الخابطُ إنَّما سُمِّي به لأنَّه يُخْبَط، تَخبِطه المارّةُ، كما قال القائل:

تُقطِّعُ أعناقَ التُّنَوِّطِ بالضُّحى *** وتَفْرِسُ بالظَّلْمَاءِ أَفعى الأجارِعِ([11])

  فأمَّا الخِباط فسِمَةٌ في الفَخِذ([12])، وسمِّي بذلك لأنَّ الفخذ تُخبَطُ به.

(خبع)  الخاء والباء والعين ليس أصلاً؛ وذلك أنَّ العين فيه مبدلة من همزة. يقال خَبَأْتُ الشيءَ وخبَعْتُه. ويقال خَبَع الرَّجُل بالمكان: أقام به. وربَّما قالوا: خبَعَ الصبيُّ خُبوعاً، وذلك إذا فُحِم من البُكاء. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، كأن بكاءه خُبِئَ.

(خبق)  الخاء والباء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الترفُّع. فالخِبِقَّى: جنْسٌ من مرفوع السَّير. قال:

* يَعْدُو الخِبِقّى والدِّفِقَّى مِنْعَبُ([13]) *

ومن الباب الخِبَقُّ والخِبِقُّ: الرجل الطَّويل، وكذلك الفَرَس.

(خبل)  الخاء والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على فساد الأعضاء. فالخَبَل: الجُنون. يقال اختبله الجنّ. والجّنيُّ خابل، والجمع خُبَّل. والخَبَل: فساد الأعضاء. ويقال خُبِلت يده، إذا قُطِعت وأُفسِدَت. قال أوس:

أبَنِي لُبَيْنَى لستمُ بيدٍ *** إلا يداً مَخبولةَ العَضُدِ([14])

  أي مُفْسَدة العضُد. ويقال فُلانٌ خَبَالٌ على أهله، أي عَنَاء عليهم لا يُغْنِي عنهم شيئاً. وطِينة الخَبَال الذي جاء في الحديث([15])، يقال إنّه صَدِيد أهل النّار.

ومما شذّ عن الباب الإخبال، ويقال هو أن يجعل الرّجُل إبلَه نِصفين، يُنتِج كلَّ عام نصفاً، كما يُفعل بالأرض في الزّراعة. ويقال الإخبال أن يُخْبِل الرّجلَ، وذلك أن يُعِيرَه ناقةً يركبُها، أو فرساً يغزُو عليه. ويُنشد في ذلك قولُ زهير:

هُنالك إن يُستَخْبَلُوا المالَ يُخْبِلُوا *** وإن يُسألوا يُعْطُوا وإن يَيْسِرُوا يُغْلُوا([16])

(خبن)  الخاء والباء والنون أُصَيْلٌ واحد يدلُّ على قَبْض ونقص. يقال خَبَنْت الشَّيءَ، إذا قبَضْته. وخَبَنْت الثوبَ، إذا رفعتَ ذَلاذِلَه حتّى يتقلَّص بعد أن تَخِيطه وتكُفَّه. والخُبْنَةُ: ثِبَان الرّجُل([17])؛ وسمِّي بذلك لأنَّه يُخبَن فيه الشّيء. تقول: رفَعَه في خُبْنَتِه. وفي الحديث: "فليأكُلْ منها ولا يَتَّخِذْ* خُبْنَةً([18])". ويقال إنّ الخُبْنَ من المَزَادة ما كان دون المِسْمَع. فأمّا قولهم خَبَنْت الرّجل، مثلُ غبَنْته، فيجوز أن يكون من الإبدال، ويجوز أن يكون من أنّه إذا غَبنَه فقد اختبَنَ عنه من حَقِّه.

(خبأ)  الخاء والباء والحرف المعتل والهمزة يدلُّ على سَتْرِ الشّيء. فمن ذلك خبأْت الشيء أخبَؤه خَبْأً. والخُبَأَةُ: الجارية تُخْبَأُ. ومن الباب الخِباء؛ تقول أخبَيْتُ إخباءً، وخَبَّيْتُ، وتخبَّيْت، كلُّ ذلك إذا اتخذْتَ خِباءً.

ــــــــــــــــ

([1]) الحديث بتمامه كما في الإصابة 5978 "عن عمرو بن يثربي قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، وكان فيما خطب به أن قال: لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه. فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو لقيت غنم ابن عمي فاجتزرت منها شاة هل علي في ذلك شيء؟ قال: إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً فلا تهجها". ويبدو أنه سقط من نسخة الإصابة ما ورد في اللسان، وهو "إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً بخبت الجميش فلا تهجها".

([2]) حصم، بالمهملتين، أي ضرط.

([3]) في الأصل: "أو أقل".

([4]) الزبد، هنا، بالتحريك. بعضهم يخص الخبير بزبد أفواه الإبل.

([5]) نستخلب، بالخاء المعجمة، أي نقطع، كما في اللسان (خلب، خبر). وفي الأصل: "نستحلب". بالحاء المهملة، تحريف. قال في اللسان (خبر): "شبه بخبير الإبل، وهو وبرها؛ لأنه ينبت كما ينبت الوبر".

([6]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (خبر، غرر).

([7]) هذا التفسير لم يرد في غير المجمل من المعاجم المتداولة. وفي اللسان بعد ذكر "الخبراء": "يقال خبر الموضع بالكسر فهو خبر".

([8]) الرجز للهفوان العقيلي. انظر شرح الحيوان (4: 490).

([9]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خبس). والضبارمة: الجريء، وفي الأصل: "ضبارة" محرف، صوابه من اللسان والمجمل.

([10]) البيت لأباق الدبيري كما في اللسان (خبط). وقد صحف "أباق" في اللسان "بدباق"، بصوابه ما أثبت من اللسان (مرط). وفي القاموس (أبق): "وكشداد: شاعر دبيري".

([11]) البيت في اللسان (نوط).

([12]) زاد في اللسان: طويلة عرضا، وهي لبني سعد، أي من سمات إبلهم.

([13]) البيت في اللسان (خبق).

([14]) في الأصل: "أبني أبينا"، صوابه من المجمل وديوان أوس بن حجر واللسان (خبل). على أن رواية عجز البيت في الأصل والمجمل واللسان غير مستقيمة، والبيت من قصيدة مضمومة الروي، وهو في الديوان:

أبني لبينى لستم بيد *** إلا يد ليست لها عضد

([15]) هو حديث: "من أكل الربا أطعمه الله من طينة الخبال يوم القيامة".

([16]) ديوان زهير 112 والمجمل واللسان (خبل).

([17]) الثبان، ككتاب: الموضع الذي يحمل فيه من الثوب. نحو أن يعطف ذيل قميصه فيجعل فيه شيئاً. وفي الأصل: "ثبات"، وفي المجمل: "التبان"، وفي اللسان: "ثياب الرجل"، صواب كل أولئك ما أثبت.

([18]) سبق في مادة (ثبن) برواية: "ولا يتخذ ثبانا".

 

 

ـ (باب الخاء والتاء وما يثلثهما)

(ختر)  الخاء والتاء والراء أصلٌ يدلُّ على تَوانٍ وفُتُورٍ. يقال تَخَتَّرَ الرجلُ في مِشيته، وذلك أن يَمشي مِشْية الكَسْلان. ومن الباب الخَتْر، وهو الغَدْر، وذلك أنّه إذا خَتَر فقد قعَد عن الوفاء. والخَتَّار: الغَدَّار. قال الله تعالى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان 32].

(ختع)  الخاء والتاء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على الهجوم والدّخولِ فيما يَغِيب الداخلُ فيه. فيقول خَتَع الرجل خُتُوعاً، إذا ركب الظُّلْمة.

ومن الباب الخَيْتَعَة: قطعةٌ مِن أدمٍ يلُفُّها الرَّامِي على يده عند الرَّمي.

ويُحمَل على ذلك، فيقال للنَّمِرة الأنثى الخَتْعَة؛ وذلك لجُرأتها وإقدامها. وقال العجّاجُ([1]) في الدليل الذي ذكرناه:

* أَعْيَتْ أَدِلاَّءَ الفلاة الخُتَّعَا([2]) *

(ختل)  الخاء والتاء واللام أُصَيل فيه كلمةٌ واحدة، وهي الخَتْل، قال قومٌ: هو الخَدْع. وكان الخليل يقول: تخاتَلَ عن غَفْلةٍ.

(ختن)  الخاء والتاء والنون كلمتان: إحداهما خَتْن الغُلام الذي يُعْذَر. والخِتان: موضع القَطْع من الذَّكَر([3]).

والكلمة الأُخرى الخَتَن، وهو الصِّهر، وهو الذي يتزوَّج في القوم.

(ختم)  الخاء والتاء والميم أصلٌ واحد، وهو بُلوغ آخِرِ الشّيء. يقال خَتَمْتُ العَمَل، وخَتم القارئ السُّورة. فأمَّا الخَتْم، وهو الطَّبع على الشَّيء، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنّ الطَّبْع على الشيءِ لا يكون إلاّ بعد بلوغ آخِرِه، في الأحراز. والخاتَم مشتقٌّ منه؛ لأنّ به يُختَم. ويقال الخاتِمُ، والخاتام، والخَيْتام. قال:

* أخذْتِ خاتامِي بغيرِ حَقِّ([4]) *

والنبي صلى الله عليه وسلم خاتَِمُ الأنبياء؛ لأنّه آخِرُهم. وخِتام كلِّ مشروبٍ: آخِرُه. قال الله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين 26]، أي إنّ آخرَ ما يجِدونه منه عند شُربهم إياه رائِحَةُ المسك.

(ختا)  الخاء والتاء والحرف المعتل والمهموز ليس أصلاً، وربّما قالوا: اختَتَأْتُ له اختِتاءً، إذا ختلْتَه([5]).

ــــــــــــــــــــ

([1]) كذا. والصواب أنه "رؤبة". وقصيدة البيت في ديوانه 87-93.

([2]) ديوان رؤبة 89 واللسان (ختع) حيث نسب البيت إلى رؤبة.

([3]) هذا مذهب من يخصص الختان للذكور، والخفض للإناث. ومن جعل الختان لهما زاد: "وموضع القطع من نواة الجارية".

([4]) ويروى: "خيتامي" كما في اللسان. وقبله: * يا هند ذات الجورب المنشق *

([5]) في الأصل: "إذا أختلت"، صوابه من المجمل واللسان.

 

 

ـ (باب الخاء والثاء وما يثلثهما)

(خثر) الخاء والثاء والراء أصلٌ يدلُّ على غِلَظٍ في الشّيءِ مع استِرخاء. يقال خَثُِر اللّبنُ، وهو خاثر. وحكى بعضهم: خَثِر فلانٌ في الحيِّ، إذا أَقام فلم يكَدْ يبرح. وليس هذا بشيء.‏

(خثل) الخاء والثاء واللام كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. قال الكِسائيّ: خَثَلة البَطْن: ما بين السُّرّة والعانة؛ ويقال خَثْلَة، والتخفيف أكثر(1).‏

(خثم) الخاء والثاء والميم ليس أصلاً. وربَّما قالوا لِغلَظ الأنف الخَثَم، والرّجلُ أخثَم.‏

(خثا) الخاء والثاء والحرف المعتل ليس أصلاً. وربّما قالوا امرأةٌ خَثْوَاءُ: مستَرخِية البطن. وواحدُ الأخثاء خِثْيٌ. وليس بشيء. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــــ

(1) في المجمل: "ويقال حثله بالتخفيف، وهو أكثر". يراد بالتخفيف سكون الثاء.‏

 

 

ـ (باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)

(خجل) الخاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتردُّد. حكَى بعضُهم: عليه ثوبٌ خَجِلٌ، إذا لم يكن [تقطيعُه] تقطيعاً* مستوِياً، بل كان مضطرباً عليه عند لُبْسه. ومنه الخَجَل الذي يعتري الإنسانَ، وهو أن يَبقى باهتاً لا يتحدَّث. يقال منه: خَجِل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنِّساءِ: "إنّكُنّ إذا جُعْتُنّ دَقِعْتُنّ، وإذا شَبِعْتُنّ خَجِلْتُنّ" . قال الكميت:‏

ولَمْ يَدْقَعُوا عندما نابَهُم *** لِوَقْعِ الحروب ولم يَخْجَلُوا(1)‏

يقال في خَجِلتُنّ: بَطِرْتُنّ وأَشِرْتُنّ؛ وهو قياس الباب. ويقال منه خَجِلَ الوادِي، إذا كثُر صوتُ ذُبابه. ويقال أخْجَلَ الحَمْضُ: طالَ؛ وهو القياس؛ لأنّه إذا طالَ اضطرب.‏

(خجا) الخاء والجيم والحرف المعتل أو المهموز ليس أصلاً. يقولون رجل خُجَأَةٌ، أي أحمق. وخَجَأَ الفحلُ أُنْثَاه، إذا جامَعَها. وفحلٌ خُجَأَةٌ: كثير الضِّراب.‏

ـــــــــــــــــــــ

(1) البيت في اللسان (خجل). وسيأتي في (دقع).‏

 

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)

من ذلك (الخَلْجَم)، وهو الطَّويل، والميم زائدة، أصله خلج. وذلك أنّ الطويل يتمايَلُ، والتخلُّج: الاضطراب والتّمايُل، كما يقال تخلَّج المجنون.

ومنه (الخُشَارِم)، وهي الأصوات، والميم والراء زائدتان، وإنَّما هو من خَشَّ([1]).

وكذلك (الخَشْرَم): الجماعة من النَّحْل، إنَّما سمِّي بذلك لحكاية أصواتِه.

ومن ذلك (الخِضْرِم)، وهو الرجُل الكثير العطيَّة. وكلُّ كثيرٍ خِضْرِمٌ. والراء فيه زائدة، والأصل الخاء [والضاد] والميم. ومنه الرجل الخِضَمّ، وقد فسرناه.

ومن ذلك (الخُبَعْثِنَة)، وهو الأسد الشديد، وبه شُبِّه الرجُل، والعين والنون فيه زائدتان، وأصله الخاء والباء والثاء.

ومنه (الخَدَلَجَّة)، وهي الممتلئة الساقَين والذراعين، والجيم زائدة، وإنَّما هو من الخَدَالة. وقد مضى ذِكره.

ومنه (الخِرْنِق) وهو ولد الأرنب. والنون [زائدة]، وإنَّما سمِّي بذلك لضَعفه ولُزوقِهِ بالأرض([2]). من الخَرَق، وقد مَرَّ. ويقال أرضٌ مُخَرْنِقةٌ. وعلى هذا قولهم: خَرنَقَتِ النَّاقةُ، إذا كثُر في جانِبيْ سَنامها الشّحم حتَّى تراه كالخَرانِقِ.

ومنه رجل (خَلَبُوتٌ([3])) أي خَدَّاع. والواو والتاء زائدتان، إنما هو من خَلَب.

ومنه (الخَنْثَر([4])): الشَّيء الخسيس يبقَى من متاعِ القوم في الدار إذا تحمَّلوا.

وهذا منحوتٌ من خَنَثَ وخثر. وقد مرَّ تفسيرهما.

ومنه (المُخْرَنْطِم): الغضبان. وهذه منحوتةٌ من خطم وخرط؛ لأنّ الغَضُوب خَرُوطٌ راكبٌ رأسَه. والخَطْم: الأنف؛ وهو شَمَخ بأنفِه. قال الراجز في المخْرنْطِم:

يا هَيْءَ مالي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي([5])

وصار أمثالَ الفَغَا ضرائرِي([6])

مُخْرَنْطِماتٍ عُسُراً عَوَاسِرِي

 

  قوله قلقت محاوِري، يقول: اضطربَتْ حالي ومصايِر أمري. والفَغَا: البُسر الأخضر الأغبر. يقول: انتفخن من غضبهن. ومخرنْطِمات: متغضِّبات. وعواسِرِي: يطالبْنَني بالشيء عند العُسْر. و(المخرَنْشِم) مثل المخرنطم، ويكون الشين بدلاً من الطاء.

ومن ذلك (خَرْدَلْتُ) اللحم: قَطّعته وفرّقته. والذي عندي في هذا أنّه مشبَّه بالحبّ الذي يسمَّى الخَرْدَل، وهو اسمٌ وقع فيه الاتّفاق بين العرب والعجَم، وهو موضوعٌ من غير اشتقاق. ومن قال (خَرْذَل) جعل الذال بدلاً من الدال.

و(الخُثَارِمُ): الذي يتطيَّر، والميم زائدةٌ لأنّه إذا تطيّر خَثِرَ وأقام. قال:

ولستُ بهيَّابٍ إذا شَدَّ رحلَه *** يقول عَدانِي اليومَ واقٍ وحاتمُ

ولكنني أَمضِي على ذاك مُقْدِماً *** إذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ([7])

  ومنه (الخُلابِس): الحديثُ الرّقيق. ويقال خَلْبَسَ قلبَه: فَتَنَه. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: خلَب وخلَس، وقد مضى.

ومن ذلك (الخنْثَعْبَة([8])) الناقة الغزيرة. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَنَثَ وثَعَبَ، فكأنّها ليّنة الخِلْف* يَثْعَبُ باللبن ثَعْباً.

ومنه (الخُضَارِع([9])) قالوا: هو البخيل([10]). فإن كان صحيحاً فهو من خضع وضرع، والبخيل كذا وصفُه.

ومنه (الخَيْتَعُور)، ويقال هي الدُّنيا. وكلُّ شيءٍ يتلوَّنُ ولا يدوم على حالٍ خيتعورٌ. والخَيتعور: المرأة السيِّئة الخُلُق. والخَيتعور: الشّيطان. والأصل في ذلك أنَّها منحوتةٌ من كلمتين: من خَتَرَ وخَتَعَ، وقد مضى تفسيرهما.

ومنه (الخَرْعَبَة) و(الخُرْعُوبة)، وهي الشابّة الرَّخْصَة الحَسنة القَوام. وهي منحوتةٌ من كلمتين: من الخَرَع وهو اللِّين، ومن الرُّعْبوبة([11])، وهي الناعمة. وقد فُسّر في موضعه. ثم يُحمَل على هذا فيقال جَمَلٌ خُرْعُوبٌ: طويلٌ في حُسْن خَلْق. وغُصْنٌ خُرْعُوبٌ: مُتَثَنٍّ. [قال]:

* كخُرْعُوبَة البانَةِ المُنْفَطِرْ([12]) *

ومنه (خَرْبَقَ) عملَه: أفسدَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَرَب وخَرِق. وذلك أنّ الأخرقَ: الذي لا يُحسِن عمله. وخَرَبَه: إذا ثَقَبه. وقد مضى.

وأمَّا قولهم لذكَر العَناكب (خَدَرْنَق) فهذا من الكلام الذي لا يُعوَّل على مثله، ولا وجه للشُّغْل به.

و[أمّا] قولهم للقُرْطِ (خَربَصِيص) فالباء زائدة، لأنّ الخُِرص الحَلْقة. وقد مرَّ. قال في الخَربصيص:

جَعَلَتْ في أخْراتِها خَرْبصيصاً *** مِنْ جُمَانٍ قد زان وجهاً جميلاً([13])

  ويقولون (خَلْبَصَ) الرّجُلُ، إذا فرّ. والباء فيه زائدة، وهو من خَلَصَ. وقال:

لمّا رآنِي بالبَرَاز حصْحَصا *** في الأرض منِّي هرَباً وخَلْبَصَا([14])

  ويقولون (الخَنْبَصَة): اختلاط الأمر. فإن كان صحيحاً فالنون زائدة، وإنّما هو من خبص، وبه سُمِّي الخَبيص.

و(الخُرطُوم) معروف، والراء زائدة، والأصل فيه الخطم، وقد مرّ. فأمّا الخمر فقد تُسمَّى بذلك. ويقولون: هو أوّلُ ما يَسِيل عند العَصْر. فإن كان كذا فهو قياسُ الباب؛ لأنّ الأوّلَ متقدِّم.

ومن ذلك اشتقاقُ الخَطْم والخِطام. ومن الباب تسميتُهم سادةَ القوم الخراطيمَ.

ومن ذلك (الخُنْطُولة): الطائِفة من الإبل والدّوابّ وغيرِها. والجمع حناطيل. قال ذو الرُّمَّة:

دَعَتْ مَيّةَ الأعْدَادُ واستبدَلَتْ بها *** خَناطِيلَ آجالٍ من العِينِ خُذَّلِ([15])

  والنون في ذلك زائدة؛ لأنّ في الجماعات إذا اجتمعتْ الاضطرابَ وتردُّدَ بعضٍ على بعض.

ومن ذلك (تَخَطْرَفَ) الشَّيءَ، إذا جاوزَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين: خطر وخطف؛ لأنّه يَثِبُ كأنّه يختطِف شيئاً. قال الهُذَليّ([16]):

فماذا تَخَطْرَف من حالقٍ *** ومن حَدَبٍ وحِجابٍ وَجالِ([17])

  ومن ذلك (الخُذْروف)، وهو السَّريع في جَرْيِه، والرّاء فيه زائدة، وإنَّما هو من خَذَف، كأنّه في جريه يتخاذف، كما يقال يتقاذَفُ إذا ترامَى. والخُدْروف: عُوَيْدٌ أو قصبةٌ يُفْرض في وسطه([18]) ويشدُّ بخيطٍ إذا مُدّ دارَ([19]) وسمعتَ له حفيفا. ومن ذلك تركت اللّحمَ خَذَاريفَ، إذا قطّعته، كأنَّك شبَّهتَ كلَّ قطعةٍ منه بحصاةِ خَذْف.

وأمَّا (الخَنْدَريس) وهي الخمر، فيقال إنّها بالرومية، ولذلك لم نَعْرِض لاشتقاقها. ويقولون: هي القديمة؛ ومنه حنطةٌ خندريسٌ: قديمة.

و(المُخْرَنْبِق): الساكت، والنون والباء زائدتان، وإنما هو من الخَرَق وهو خَرَق الغزال [ولُزوقُه([20])] بالأرض خوفاً. فكأنَّ الساكت خَرِقٌ خائفٌ.

ويقولون: ناقةٌ بها (خَزْعال([21]))، أي ظَلْع. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من خَزَل أي قطع، وخَزعَ أي قطع. وقد مرّا.

ومما وُضِع وضعاً وقد يجوز أن يكون عند غيرنا مشتقاً. رجلٌ (مُخَضْرَمُ) الحسبِ، وهو الدعِيُّ. ولحمٌ مخضْرَم: لا يُدرَى أمن ذكرٍ هو أو من أنثى.

ومنه المرأة (الخَبَنْداةُ([22]))، وهي التامَّة القَصَب.

و(الخَيْعل): قميصٌ لا كُمَّىْ له. قال تَأَبّط([23]):

* عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ([24]) *

و(الخناذيذ)* الشَّماريخ من الجِبال الطِّوال. والخنذيذ: الفَحْل. والخنذيذ: الخَصِيُّ.

و(الخَنْشَلِيل): الماضي.

و(الخَنْفَقِيق): الداهية. و(الخُوَيْخِيَة): الداهية. قال:

وكلُّ أُناسٍ سوف تَدخُل بينَهم *** خُوَيْخِيَةٌ تصفرُّ منها الأناملُ([25])

  (والخُنْزُوانة): الكِبْر. و(الخَيزُرانة): سُكّانُ السّفينة.

و(الخازِبازِ): الذُّبابُ، أو صوتُه. والخَازِبازِ: نَبْتٌ. والخازباز: وجعٌ يأخُذ الحلق. قال:

* يا خَازِبازِ أَرْسِلِ اللَّهازِمَا([26]) *

و(الخَبَرْنَجُ): الحَسَن الغِذاء.

ومما اشتُقَّ اشتقاقاً قولُهم للثَّقيل([27]) الوخِم القبيح الفَحَج (خَفَنْجَلٌ). وهذا إنَّما هو من الخفج وقد مضى، لأنّهم [إذا] أرادوا تشنيعاً وتقبيحاً زادوا في الاسم.

وممّا وضِع وضْعاً (الخَرْفَجَة): حُسْنُ الغِذاء. وسَرَاويلُ مُخَرْفَجَةٌ، أي واسعة.

وأمّا (الخَيْسَفُوجة): سُكَّان السَّفينة، فمن الكلام الذي لا يُعَرَّج على مِثْله.

وأمّا قولُهم للقديم (خُنَابِسٌ) فموضوعٌ([28]) أيضاً لا يُعرف اشتقاقُه. قال:

* أبَى اللهُ أنْ أَخْزَى وعِزٌّ خُنابِسُ([29]) *

والله أعلمُ بالصَّواب.

( تم كتاب الخاء )

ــــــــــــــــــ

([1]) الخشخشة: صوت السلاح. وقد أهمل ابن فارس هذا الأصل في مادة (خش) وجعله هنا أصلاً.

([2]) في الأصل: "ولزوم بالأرض". وانظر مادة (خرق).

([3]) ويقال أيضاً "خلبوب" بالباء الموحدة في آخره.

([4]) فيه خمس لغات، يقال بفتح الخاء والنون مع كسر الثاء وفتحها، وكجعفر، وزبرج، وقنفذ.

([5]) ياهيء مالي: كلمة أسف وتلهف. قال الجميح:

يا هيء مالي من يعمر يفنه *** مر الزمان عليه والتقليب

([6]) هذا البيت في اللسان (فغا).

([7]) الشعر لخثيم بن عدي، المعروف بالرقاص الكلبي. انظر الحيوان وحواشيه (3: 437).

([8]) الخنثعبة، بتثليث الخاء مع سكون النون والعين وفتح الثاء. وفي الأصل: "الخثعبة" تحريف.

([9]) في الأصل: "الخثارع"، صوابه بالضاد المعجمة، كما في الجمهرة (3: 394) واللسان والقاموس.

([10]) الأدق في تفسيره ما ورد في اللسان: "البخيل المتسمح وتأبى شيمته السماحة". وفي الجمهرة والقاموس: البخيل المتسمح". وأنشد في الجمهرة واللسان:

خضارع رد إلى أخلاقه *** لما نهته النفس عن إنفاقه

([11]) في الأصل: "الرعوبة"، تحريف.

([12]) لامرئ القيس في ديوانه 8 واللسان (خرعب، بره). وصدره:

* برهرهة رودة رخصة *

([13]) الأخرات: جمع خرت، بالضم والفتح، وهو الثقب في الأذن. وفي الأصل: "أخراسها" محرف.

([14]) الرجز لعبيد المري، كما في اللسان (خلبص).

([15]) ديوان ذي الرمة 503 واللسان (خنطل، عدد). دعتها الأعداد، أي ارتحلت إلى حيث الأعداد، وهي المياه التي لا تنقطع، واحدها عد. استبدلت بها، أي استبدلت الدار بمية تلك الوحوش. وسيعيد إنشاده في (دعو).

([16]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 180 ونسخة الشنقيطي 97.

([17]) الحدب، بالمهملة: المكان المشرف. والحجاب: ما حجبك وارتفع. وفي الأصل: "جدب وحجال"، صوابه من أشعار الهذليين.

([18]) يفرض، أي يحز. وفي الأصل: "يعرض" صوابه بالفاء كما في المجمل واللسان.

([19]) وكذا في المجمل واللسان في موضع. وفي موضع آخر: "فإذا أمر دار".

([20]) التكملة مما سبق في (خرق) وكذا (الخرنق) ص248.

([21]) هو أحد ما جاء على فعلال مفتوح الفاء من غير ذوات التضعيف. والآخر "الفهقار" حكاه ثعلب. انظر اللسان (خزعل) والمزهر (2: 52).

([22]) يقال خبنداة وبخنداة أيضاً بمعناه.

([23]) يريد تأبط شرا. انظر ما سبق في حواشي ص 200 من هذا الجزء.

([24]) صدره كما سبق في الحواشي * نهضت إليها من جثوم كأنها *

([25]) للبيد في ديوانه 28 طبع 1881 واللسان (خوخ).

([26]) البيت في اللسان (خوز).

([27]) في الأصل: "الثقل".

([28]) في الأصل: "فموضع"، تحريف.

([29]) للقطامي في ديوانه 28 واللسان (خنبس). وصدره: * وقالو عليك ابن الزبير فلذ به *

 

 

كتاب الدال:

ـ (باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)

(در)  الدال والراء في المضاعف يدلُّ على أصلين: أحدهما تولُّد شيء عن شيء، والثاني اضطرابٌ في شيء.

فالأوّل الدَّرُّ دَرُّ اللَّبَن. والدَِّرَّة دَِرّة السّحاب: صَبُّه. ويقال سَحابٌ مِدْرارٌ. ومن ذلك قولهم: "لله دَرُّه"، أي عمله، وكأنّه شُبِّه بالدَّر الذي يكونُ من ذوات الدّرّ. ويقولون في الشَّتْم: "لا دَرّ دَرُّه" أي لا كَثُر خَيره. ومن الباب: دَرّت حَلُوبةُ المسلمين، أي فَيْئُهم وخَراجهم. ولهذه السُّوق دِرَّة، أي نَفَاق، كأنّها قد دَرَّت. وهو خلاف الغِرار. قال:

ألا يا لَقومي لا نَوَارُ نَوارُ

ولِلسُّوق منها دِرَّةٌ وغِرارُ

  ومن هذا قولهم: استدرَّتِ المِعْزَى استدراراً، إذا أرادت الفحلَ، كأَنّها أرادت أنْ يَدِرَّ لها ماءُ فَحْلِها.

وأمَّا الأصل الآخرُ فالدّرِيرُ من الدوابّ: الشديدُ العَدْو السريعُهُ. قال:

دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَلِيد أَدَرَّهُ *** تَتَابُعُ كَفَّيْه بخَيطٍ مُوَصَّلِ([1])

  والدُّرْدُرُ: مَنابت أسنانِ الصبِيّ. وهو من تَدَرْدَرَتِ اللحمةُ تَدَرْدُراً، إذا اضطربَتْ، ودَرْدَر الصبيُّ الشَّيءَ، إذا لاكَهُ، يُدَرْدِرُه.

وَدَرَرُ الرِّيح: مَهَبُّها. ودَرَرُ الطَّريق: قَصْدُهُ؛ لأنّه لا يخلو مِن جاءٍ وذاهب. والدُّرُّ: كبار اللُّؤلؤ، سمِّي بذلك لاضطرابٍ يُرَى فيه لصفائه، كأنّه ماءٌ يضطرب. ولذلك قال الهذليّ([2]):

فجاء بها ما شِئْتَ مِن لَطَمِيَّةٍ *** يَدُوم الفُراتُ فوقَها ويموجُ([3])

  يقول: كأنَّ فيها ماءً يموج فيها، لصفائها وحسنها.

والكوكب الدُّرّيّ: الثاقب المُضِيء. شُبِّه بالدُّر ونُسب إليه لبياضه.

(دس)  الدال والسين في المضاعف والمطابق أصلٌ واحد يدلُّ على دُخول الشيءِ تحت خفاءٍ وسِرّ. يقال دَسَسْتُ الشَّيءَ في التُّراب أدُسُّه دَسّاً. قال الله تعالى: {أَيُمْسِكُه عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ في التُّرابِ} [النحل 59]. والدّسَّاسة: حيَّة صَمَّاء تكون تحت التراب.

فأمّا قولهم دُسَّ البَعيرُ ففيه قولان، كلُّ واحدٍ منهما من قياس الباب.

فأحدُهما أن يكون به قليل من جَرَب. فإن كان كذا فلأنّ ذلك الجربَ كالشَّيء الخفيف المُنْدَسّ. والقول الآخَر، هو أن يُجعل الهِنَاءُ على مَسَاعِرِ البعير. ومن الباب* الدَّسيس([4]). وقولهم: "العِرْق دَسَّاس"؛ لأنَّه يَنْزِع في خَفَاءٍ ولُطف.

(دظ)  الدّال والظاء ليس أصلاً يعوَّل عليه ولا يَنْقَاس منه. ذكروا عن الخليل أنَّ الدَّظَّ الشَّلُّ([5])؛ يقال دظَظْناهم، إذا شَلَلْناهم. وليس ذا بشيءٍ.

  (دع)  الدال والعين أصلٌ واحد مُنقاسٌ مطّرد، وهو يدلُّ على حركة ودَفْع واضطراب. فالدَّعُّ: الدفع؛ يقال دَعَعْتُه أَدُعُّه دَعَّاً. قال الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جهَنَّمَ دعّاً} [الطور 13]. والدَّعْدَعَةُ: تحريك المِكيال ليستوعب الشَّيءَ. والدَّعْدَعةُ: عَدْوٌ في التِواء. ويقال جَفْنةٌ مدَعدَعة. وأصلُه ذاك، أي أنَّها دُعدِعَتْ حتّى امتلأَتْ.

فأمّا قولُهم الدَّعْدَعَةُ زَجْر الغنم، والدَّعدعةُ قولُك للعاثر: دَعْ دَعْ، كما يقال لَعاً، فقد قلنا: إنَّ الأصواتَ وحكاياتِها لا تكاد تنقاس، وليست هي على ذلك أصولاً.

وأمّا قولهم للرجل القصير دَعْدَاعٌ، فإن صحّ فهو من الإبدال من حاءٍ([6]): دَحْدَاح.

(دف)  الدال والفاء أصلان: أحدهما [يدُلّ] على عِرَضٍ في الشَّيء، والآخَر على سُرعة.

فالأوَّل الدَّفُّ، وهو الجَنْب. ودَفَّا البعيرِ: جنباه. قال:

له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلَتْ به *** ودَفّانِ يَشْتَفَّانِ كلَّ ظِعانِ([7])

   ويقال سَنَامٌ مُدَفِّفٌ، إذا سقَط على دفّيِ البعير. والدَّفّ والدُّفّ: ما يُتلهَّى به. والثاني دَفّ الطّائرُ دفيفاً، وذلك أن يَدُفَّ على وجه الأرض، يحرِّك جناحَيْه ورجلاه في الأرض. ومنه دفَّتْ علينا من بَنِي فلان دَافَّةٌ، تدِفّ دفيفا. ودَفِيفُهم: سَيْرهم([8]). وتقول: داففْتُ الرّجُلَ، إذا أجْهزْتَ عليه دِفَافاً ومُدَافَّة. ومن ذلك حديثُ خالدِ بن الوليد: "من كان معه أسيرٌ فليُدَافَِّه"، أي  ليُجْهِزْ عليه. وهو من الباب؛ لأنَّه يعجِل الموتَ عليه.

(دق)  الدال والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على صِغَر وحَقارة. فالدَّقيق: خِلافُ الجَليل. يقال: ما أدَقَّنِي فُلانٌ ولا أَجَلَّني، أي ما أعطاني دقيقةٌ ولا جَليلة. وأدقَّ فُلانٌ وأجلّ، إذا جاء بالقليل والكثير. قال:

سَحوحٍ إذا سَحَّتْ هُمُوع إذا هَمَتْ *** بكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكَا وأجَلَّتِ([9])

  والدّقيق: الرجل القليل الخَير. والدَّقيق: الأمر الغامض. والدقيق: الطَّحين. وتقول: دققتُ الشَّيْءَ أدُقُّه دَقاًّ.

وأمّا الدَّقْدَقة فأصواتُ حوافر الدوابّ في تردُّدها. كذا يقولون. والأصل عندنا هو الأصل، لأنَّها تدقّ الأرضَ بحوافرها دَقّاً.

(دك)  الدال والكاف أصلان: أحدهما يدلُّ على تطامُن وانسطاحٍ. من ذلك الدكّان، وهو معروف. قال العَبْدِيّ([10]):

* كدُكّان الدَّرابِنَة المَطِينِ([11]) *

ومنه الأرضُ الدَّكَّاءُ: وهي الأرض العريضة المستوية. قال الله تعالى:{جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف 98]. ومنه النَّاقة الدّكّاء، وهي التي لا سَنامَ لها.

قال الكسائيّ: الدُّكُّ من الجبال: العِراضُ، واحدها أدَكُّ. وفرس أدَكُّ الظّهر، أي عريضُهُ.

والأصل الآخر يقرب من باب الإبدال، فكأنَّ الكاف فيه قائمةٌ مَقام القاف. يقال دكَكْت الشيء، مثل دقَقته، وكذلك دكَّكته. ومنه دُكَّ الرَّجُل فهو مدكوكٌ، إذا مَرِض. ويجوز أن يكون هذا من الأوَّل، كأنَّ المرض مَدَّه وبَسَطَه؛ فهو محتملٌ للأمرين جميعاً.

 

والدَّكْدَاك من الرّمل كأنه قد دُكَّ دَكّاً، أي دُق دَقّاً. قال أهلُ اللغة: الدَّكداك من الرَّمل: ما التَبَد بالأرض فلم يرتفِع. ومن ذلك حديثُ جرير بن عبد الله حين سأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن منزلِهِ بِبيشة، فقال: "سَهْلٌ * ودَكْداكٌ، وسَلَمٌ وأرَاكٌ".

ومن هذا الباب: دَكَكت التُّرابَ على الميّت أدُكّه دَكَّاً، إذا هِلْتَهُ عليه. وكذلك الرّكِيَّة تدفِنها. وقيل ذلك لأنَّ الترابَ كالمدقوق.

ومما شذّ عن هذين الأصلين قولهم، إن كان صحيحاً: أَمَةٌ مِدَكَّةٌ: قويّةٌ على العمل. ومن الشاذّ قولهم: أقمت عنده حولاً دكيكا، أي تامّاً.

(دل)  الدال واللام أصلان: أحدهما إبانة الشيء بأمارةٍ تتعلّمها، والآخَر اضطرابٌ في الشيء.

فالأوَّل قولهم: دلَلْتُ فلاناً على الطريق. والدليل: الأمارة في الشيء. وهو بيِّن الدَّلالة والدِّلالة.

والأصل الآخَر قولهم: تَدَلْدَل الشَّيءُ، إذا اضطرَبَ. قال أوس:

أمْ مَن لحَيٍّ أضاعوا بعضَ أمرِهِمُ *** بَيْنَ القُسوط وبين الدِّينِ دَلْدَالِ([12])

  والقُسوط: الجَوْر. والدِّين: الطّاعة.

ومن الباب دَلال المرأة، وهو جُرْأتها في تغَنُّجٍ وشِكْلٍ، كأنَّها مخالِفَةٌ وليس بها خِلاف. وذلك لا يكون إلاّ بتمايُلٍ واضطراب. ومن هذه الكلمة: فلانٌ يُدِلُّ على أقرانِهِ([13]) في الحرب، كالبازي يُدِلُّ على صيده.

ومن الباب الأوّل قولُ الفرّاء عن العرب: أدَلّ يُدِلّ، إذا ضَرَبَ بقَرابَةٍ([14]).

(دم)  الدال والميم أصلٌ واحد يدلُّ على غِشْيان الشَّيء، مِن ناحيةِ أنْ يُطْلَى به. تقول دَممْتُ([15]) الثَّوبَ، إذا طليتَه أيَّ صِبْغ، وكلُّ شيءٍ طُلِي على شيءٍ فهو دِمام([16]). فأمّا الدّمدمة فالإهلاك. قال الله تعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهمْ} [الشمس 14]. وذلك لِمَا غَشّاهم به من العذاب والإهلاك. وقِدْرٌ دميمٌ: مطلِيَّة بالطِّحال. والدَّامَّاء: جُحْر اليربوع، لأنّه يدُمُّه دمّاً، أي يُسَوِّيه تسويةً.

فأمَّا قولهم رجلٌ دميمُ الوجه فهو من الباب، كأنّ وجهَه قد طلِيَ بسوادٍ أو قُبْحٍ. يقال دَمَّ وجههُ يَدُِمّ دَمامةً، فهو دميم.

وأمَّا الدَّيْمُومَة، وهي المَفَازة لا ماءَ بها، فمن الباب؛ لأنّها كأنَّها في استوائها قد دُمَّت، أي سُوِّيت تسويةً، كالشَّيء الذي يُطلى بالشيء. والدَّمادِم من الأرض: رَوَابٍ سَهْلَةٌ.

(دن)  الدال والنون أصلٌ واحد يدلّ على تطامُنٍ وانخفاض. فالأدَنُّ: الرجل المنحنِي الظَّهر. يقال منه قد دَنِنْتَ دَنَناً. ويقال بيتٌ أدنّ، أي متطامِنٌ. وفرسٌ أدَنّ، أي قصير اليدين. وإذا كان كذلك كان منْسجُهُ منْخفضاً([17]). ومن ذلك الدَّنْدَنَة، وهو أنْ تُسمَع من الرَّجل نَغْيَةٌ لا تُفْهَم، وذلك لأنّه يخفِض صوتَه بما يقوله ويُخفيه. ومنه الحديث: "فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودندنةُ مُعاذٍ فلا نُحْسِنُهُمَا([18])".

ومما يقارب هذا القياسَ وليس هو بعينه قولهم للسيف الكَليل: دَدَانٌ([19]). ومما شذَّ عن الباب الدَّيْدَن، وهي العادة.

ومما يقاس على الأصل الأول الدِّنْدِنُ، وهو ما اسودَّ من النّبات لِقدَمه.

(ده)  الدال والهاء ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يُفرَّع منه، وإنّما يجيء في قولهم تَدَهْدَهَ الشيءُ، إذا تدحرَج؛ فكأنَّ الدَّهْدَهَةُ الصَّوتُ التي يكون منه هناك. وقد قلنا إنَّ الأصواتَ لا يُقاس عليها.

ويقولون: ما أدرِي أيُّ الدَّهْدَاءِ([20]) هو، أيْ أيُّ الناس هو؟ والدَّهْدَاهُ: الصِّغار من الإبل. ويقال الدَّهْدَهانُ: الكثيرُ من الإِبل.

وممّا يدلُّ على ما قُلناه أنّ هذا ليس أصلاً، قول الخليل في كتابه: وأمّا قول رؤبة:

* وقُوَّلٌ إلاّ دَهٍ فَلاَ دَهِ([21]) *

فإنّه يقال إنّها فارسية، حَكَى قولَ دايَتِه([22]). والذي قاله الخليل فعلى ما تراه، بعد قولـه في أول الباب: دَهٍ كلمةٌ كانت العرب تتكلّم بها، إذا رأى أحدُهم ثَأرَه يقول له "يا فلانُ إلاّ دَهٍ فلا * دَهٍ"، أي إنّك إنْ لم تَثْأَرْ به الآن لم تثأَرْ به أبداً وفي نحو ذلك من الأمر. وهذا كله مما يدلُّ على ما قلناه.

(دو)  الدال والحرف المعتل بعدها أو المهموز، قريبٌ من الباب الذي قبله. فالدَّوُّ والدَّوِّيّة المفازة. وبعضهم يقول: إنَّما سمِّيت بذلك لأنّ الخالي فيها يسمع كالدّوِيّ، فقد عاد الأمرُ إلى ما قلناه من أنّ الأصواتَ لا تُقاس. قال الشاعر في الدَّوِّيّة:

وَدوِّيّةٍ قفرٍ تَمَشَّى نَعَامُها *** كَمَشْيِ النَّصارى في خِفاف اليَرَنْدَجِ ([23])

  ومن الباب الدّأْدَأَةُ: السَّير السريع. والدأدأة: صوتُ وَقْع الحجارة في المَسِيل. فأمّا الدآدئ فهي ثلاثُ ليالٍ في آخِر الشهر، قبل ليالي المُِحاق. فله قياسٌ صحيح؛ لأن كلّ إناءٍ قارَبَ أن يمتلئَ فقد تدأدأ. وكذلك هذه الليالي تكُونُ إذا قاربَ الشّهرُ أن يكمُل. فأمّا قولُ مَن قال سُمِّيت دآدِئَ لظَلْمتها، فليس بشيءٍ ولا قياسَ له.

وأمّا الدَّوادِي فهي أراجيح الصِّبيان، وليس بشيء.

(دب)  الدال والباء أصلٌ واحد صحيح مُنقاس، وهو حركةٌ على الأرض أخفُّ من المشْي. تقول: دَبَّ دبيباً. وكلُّ ما مَشى على الأرض فهو دابة. وفي الحديث: "لا يَدخُل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع". يُراد بالدَّيبوب النَّمام الذي يدِب بين النّاس بالنمائم. والقَلاَّع: الذي يَشِي بالإنسان إلى سُلطانه ليَقلَعه عن مرتبةٍ له عندَه. ويقال ناقة دَبُوبٌ، إذا كانت لا تَمْشي من كثرة اللّحم إلاّ دَبيباً. ويقال ما بالدار دِبِّيٌّ ودُبِّيٌّ، أي أحدٌ يدِبّ. ويقال طَعنةٌ دبُوب([24])، إذا كانت تَدِبُّ بالدّم. قال الهذَليّ([25]):

* بصَفْحتهِ دَبُوبٌ تَقْلِسُ([26]) *

ويقال ركب فلانٌ دُبَّة فُلانٍ، وأخَذَ بدُبّته، إذا فعل مِثل فِعلِه، كأنّه مَشى مِثل مشيه. والدُّبَّاء([27]): القَرْع. ويجوز أن يكون شاذّاً، ومحتملٌ أن يكون سمِّي بذلك لملاسَته، كأنّه يَخِفُّ إذا دُحْرِجَ. قال امرؤ القيس:

إذا أقْبلَتْ قلتَ دُبَّاءَةً *** من الخُضْرِ مَغْمُوسَةًٌ في الغُدُرْ([28])

  وأمَّا الدَّبَبُ في الشّعَْرِ فمن باب الإبدال؛ لأنَّ الدال فيه مبدلةٌ من زاءٍ. والأدْبَبُ من الإبل: الأزبُّ. وفي الحديث-إنْ صحّ-: "أيَّتُكُنَّ صاحبة الجَمَل الأدْبَب([29])". وأمَّا الدَّبُوب، فيقال إنّه الغار البعيد القَعْر([30]). وليس هذا بشيء.

(دث)  الدال والثاء كلمةٌ واحدة، وهو المَطَر الضَّعيف([31]).

(دج)  الدال والجيم أصلان: أحدهما كشِبه الدَّبيب، والثاني شيءٌ يُغَشِّي ويغطِّي.

فالأوَّل قولهم: دَجَّ دَجيجاً([32]) إذا دبّ وسَعَى. وكذلك الداجُّ الذين يسعَون مع الحاجِّ في تجاراتهم. وفي [الحديث([33])]: "هؤلاء الدّاجُّ ولَيسُوا بالحاجّ". فأمَّا حديث أنس: "ما تركت من حاجَةٍ ولا داجَة" فليس من هذا الباب، لأنَّ الدَّاجَة مخفّفة، وهي إِتْباعٌ للحاجَة. وأما الدَِّجاجَة فمعروفةٌ: لأنَّها تُدَجْدِجُ، أي تَجِيء وتذهَب. والدَّجاجة: كُبَّةُ المِغْزَل. فإن كان صحيحاً فهو على معنى التشبيه. وكذلك قولهم: لفلانٍ دَجاجة، أي عيالٌ. وهو قياسٌ؛ لأنَّهم إليه يدِجُّون.

وأمّا الآخَر فقولهم تَدَجْدَج الليل: إذا أظْلَم. وليلٌ دَجُوجيّ. ودَجَّجت السماء تدجيجاً: تغيَّمت. وتدَجْدَجَ الفارسُ بشِكَّته، كأنَّه تغطَّى بها. وهو مدجِّج ومدَجَّج. وقولهم للقُنْفذ مُدَجَِّج([34]) من هذا. قال:

ومُدَجَِّجٍ يَعدُو بشِكّته *** محمَرَّةٍ عيناهُ كالكَلْبِ([35])

  وأمّا قولهم للنّاقة المنبسطة على الأرض دَجَوْجَاةٌ، فهو من الباب، لأنّها كأنها تُغَشِّي الأرض.

(دح)  الدال والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على اتساع وتبسُّط. تقول العرب: دحَحْتُ البيت وغيرَه، إذا وسَّعته*. واندَحَّ بطنُه، إذا اتَّسع. قال أعرابيّ: "مُطِرْنا لليلتين بقيتا من الشّهر، فاندحَّتِ الأرضُ كَلأً". ويقال دَحَّ الصَّائدُ بيتَه، إذا جَعَلَه في الأرض. قال أبو النَّجم:

* بيْتاً خَفِيّاً في الثَّرَى مَدْحُوحَا([36]) *

ومن الباب الدَّحْدَاح: القصير، سمِّي لتطامُنِه وجُفُورِه([37]). وكذلك الدُّحَيْدِحَةُ. قال:

أغَرَّكِ أَنَّني رجلٌ دميم *** دُحَيْدِحَة وأنَّكِ عَيْطَمُوسُ([38])

  (دخ)  الدال والخاء ليس أصلاً يُفَرّع منه، لكنّهم يقولون: دخدَخْنا القومَ: أذْلَلْناهم، دَخدَخةً. وذكر الشَّيبانيّ أنَّ الدخدخة الإعياء. فأما الدَُّخُّ فقد ذُكِر في بابه، وهو الدُّخان. قال:

* عند سُعَارِ النّارِ يَغْشَى الدَُّخَّا([39]) *

(دد)  الدال والدال كلمةٌ واحدة. الدَّدُ: اللهو واللَّعِب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنَا مِن دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي([40])".

ويقال: دَدٌ، وَدَداً، ودَدَنٌ. قال:

أيُّها القلبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ *** إنَّ همِّي في سَمَاعٍ وَأَذَنْ([41])

  ودَد([42])-فيما يقال- اسمُ امرأةٍ. والله أعلم.

ــــــــــــــــــــ

([1]) لامرئ القيس في معلقته. والرواية المشهورة: "أمره" بدل: "أدره".

([2]) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه 50-62 (واللسان، دوم).

([3]) وكذا رواية الديوان 57. وفي اللسان: "تدور البحار فوقها وتموج".

([4]) لم يفسره. والدسيس: إخفاء المكر. والدسيس أيضاً: من تدسه ليأتيك بالأخبار كالمتجسس. والدسيس: الصنان الذي لا يقلعه الدواء، والدسيس: المشوي. والدسيس: المرائي بعمله، يدخل مع القراء وليس قارئاً.

([5]) جعله في اللسان لغة أهل اليمن.

([6]) كلمة "من" ليست في الأصل. وفي الأصل: "جاء".

([7]) البيت لكعب بن زهير كما في اللسان (شفف). وهو في اللسان (ظعن) بدون نسبة وسيعيده في (شف).

([8]) في الأصل: "سيرتهم"، تحريف. وفي المجمل: "ودفيفهم: سير في لين".

([9]) في الأصل: "هموع إذا حرات همت وادقت"، وأصلحته مستضيئاً بما سبق في مادة (جل) من الجزء الأول 418.

([10]) هو المثقب العبدي. وقصيدة البيت في المفضليات (2: 88-92).

([11]) صدره كما في المفضليات واللسان (دكك، دربن، طين):

* فأبقى باطلي والجد منها *

([12]) ديوان أوس بن حجر 23 واللسان (دلل). قال: "وقوم دلدال، إذا تدلدلوا بين أمرين فلم يستقيموا".

([13]) الأقران: جمع قرن، بالكسر. وفي الأصل: "على امرأته"، وهو من عجيب التحريف.

([14]) في الأصل: "بقراته"، صوابه من المجمل.

([15]) في الأصل: "دمدمت"، تحريف.

([16]) ويقال "دم" أيضاً بتشديد الميم، للطلاء.

([17]) منسج الفرس، كمنبر ومجلس: ما بين العرف وموضع اللبد.

([18]) هو كلام أعرابي، سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقول في التشهد؟" قال: "أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنهما".

([19]) الحق أن هذه الكلمة في مادة (ددن) لا (دن).

([20]) يقال أي الدهداء، وأي الدهدا، بالمد والقصر.

([21]) قبله كما في الديوان 166 واللسان (دهده): * فاليوم قد نهنهني تنهنهني*

([22]) الداية: الظئر، كلاهما عربي فصيح. وفي الأصل: "دابته" تحريف. وفي اللسان: "يقال إنها فارسية، حكى قول ظئره". والظئر: المرضعة لغير ولدها.

([23]) البيت للشماخ في ديوانه 11 برواية: "وداوية". وهي لغة ثالثة صحيحة. والبيت أيضاً في اللسان (دوا، ردج).

([24]) في الأصل: "ناقة ربوب"، صوابه في المجمل.

([25]) هو أبو قلابة الهذلي. وقصيدة البيت في بقية أشعار الهذليين 15 وديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 106.

([26]) البيت بتمامه كما في المرجعين السابقين:

واستجمعوا نفراً وزاد جنابهم *** رجل بصفحته دبوب تقلس

([27]) اختلف اللغويون في "الدباء" فجعله الزمخشري في (دبأ) وصاحب القاموس في (دبب) وصاحب اللسان في (دبي).

([28]) ديوان امرئ القيس 16 واللسان (دبي).

([29]) قيل أظهر التضعيف لموازنة الكلام. والحديث بتمامه أن رسول الله قال: "ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب".

([30]) ورد في المجمل والقاموس: "الدبوب: الغار القعير". وأغفله صاحب اللسان.

([31]) هذا تفسير للدث بالفتح.

([32]) في الأصل: "دجيجاً وكذلك"، والكلمة الأخيرة مقحمة.

([33]) التكملة من المجمل.

([34]) في المخصص (8: 95): "المدجج والمدجج: الدلدل من القنافذ". وأنشد البيت.

([35]) البيت لعامر بن الطفيل كما في الحيوان (1: 313). وأنشده المبرد في الكامل 609: "ومدججا".

([36]) البيت في المجمل واللسان (دحح).

([37]) الجفور: مصدر جفر، ولم يصرح اللغويون بهذا المصدر إلا في قولهم: جفر الفحل جفورا إذا عجز عن الضراب. وفي الأصل: "جفون". وأراه محرفاً عن "الجفور". والجفر: الصبي إذا انتفخ لحمه وأكل وصارت له كرش.

([38]) أنشده في اللسان (دحح) برواية:

أغرك أنني رجل جليد *** دحيدحة وأنك علطميس

    والعيطموس من النساء: التامة الخلق. والعلطميس: الضخمة الشديدة.

([39]) في الأصل: "يخشى الدخا" صوابه من اللسان والتاج (دخخ) وأمالي ثعلب 451 وأمالي الزجاجي 78 والخزانة (3: 104) وقد نقل البغدادي نسبة الرجز إلى العجاج، وليس في ديوانه المطبوع. وسيعيده ابن فارس في (درن).

([40]) في الأصل: "ولا دد مني"، صوابه من المجمل واللسان.

([41]) البيت لعدي بن زيد، كما في اللسان (أذن، ددن).

([42]) في كل ثنائي من أعلام الإناث لغتان: الصرف، وعدمه.

 

 

ـ (باب الدال والراء وما يثلثهما)

(درز)  الدال والراء والزاء ليس بشيء، ولا أحسب العربَ قالت فيه. إلاّ أنَّ ابنَ الأعرابيّ حُكِي أنه قال: يقول العرب للسِّفْلة: هم أولادُ دَرْزَة، كما تقول للُّصوص وأشباهِهم: بنو غَبْرَاء. وأنشد:

* أولادُ دَرْزَةَ أسلموكَ وطارُوا([1]) *

(درس)  الدال والراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء وخفضٍ وعَفَاءٍ. فالدَّرْس: الطَّريق الخفيّ. يقال دَرَسَ المنزلُ: عفا. ومن الباب الدَّرِيس: الثّوب الخَلَق. ومنه دَرَسَتِ المرأةُ: حاضَت. ويقال إنَّ فرجَها يكنّى أبا أَدْرَاس([2]) وهو من الحَيْض. ودَرَسْتُ الحَنْطَة وغيرَها في سُنْبُلها. إذا دُسْتَها. فهذا محمولُ على أنّها جُعِلت تحتَ الأقدام، كالطَّريق الذي يُدرْس ويُمشَى فيه. قال:

* سَمْرَاءَ مما دَرَسَ ابنُ مِخْرَاقْ([3]) *

والدَّرْس: الجَرَب القليل يكون بالبَعير.

ومن الباب دَرَسْتُ القُرآنَ وغيرَه. وذلك أنّ الدّارِسَ يتتبَّع ما كان قرأ، كالسَّالك للطريق يتَتبَّعُه.

ومما شذَّ عن الباب الدِّرْوَاس: الغليظ العُنق من النّاسِ والدّوابّ.

(درص)  الدار والراء والصاد ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يفرَّع منه، لكنّهم يقولون الدِّرص ولدُ الفأرة، وجمعهُ دِرَصَةٌ. ويقولون: وقع القوم في أُمِّ أدْرَاصٍ، إذا وقعوا في مَهْلَََُِكَة. وهو ذاك الأوّل؛ لأنّ الأرض الفارغَة يكون فيها أدراص. قال:

وما أمُّ أدراصٍ بأرضٍ مَضَلَّةٍ *** بأغْدَرَ مِن قيسٍ إذا اللَّيلُ أَظلما([4])

ويقولون للرّجُل إذا عَيَّ بأمرِه: "ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقَهُ".

(درع)  الدال والراء والعين أصلٌ واحد، وهو شيءٌ [من اللِّباس] ثم يُحمَل عليه تشبيهاً. فالدِّرع دِرْعُ الحديد مؤنثة، والجمع دُروع وأدراع. ودِرْع المرأة: قميصُها، مذكّر.

وهذا هو الأصل. ثمَّ يقال: شاةٌ دَرْعاء، وهي التي اسوَدَّ رأسُها وابيضَّ سائرُها. وهو القياس؛ لأنَّ بياضَ سائِر بدنِها كدرعٍ لها قد لبِسَتْهُ. ومنه الليالي الدُّرَْع، وهي ثلاثٌ تسودّ أوائلُها ويبيضُّ سائرُها، شُبِّهت بالشَّاة الدَّرْعاء. فهذا مشبَّهٌ بمشبَّهٍ بغيره.

ومما شذَّ عن الباب الاندراعُ: التقدُّمُ في السير. قال:

* أَمامَ الخَيْل تَنْدَرِعُ اندرَاعا([5]) *

(درق)  الدال والراء والقاف ليس هو عندي أصلاً يُقاس عليه. لكن الدَّرَقَة معروفة، والجمع دَرَق وأدْراق. قال رؤبة:

* لو صَفَّ أدْرَاقاً مَضَى من الدّرَقْ([6]) *

والدَّرْدَق: صِغار الإِبل، وأطفالُ الوِلْدان.

(درك)  الدال والراء والكاف أصلٌ واحد، وهو لُحوق الشَّيء بالشّيء ووُصوله إليه. يقال أدْرَكْتُ *الشّيءَ أُدْرِكُه إدراكاً. ويقال فرس دَرَكُ الطريدةِ، إذا كانت لا تَفوتُه طريدة. ويقال أدرك الغلامُ والجارية، إذا بلَغَا. وتدارَكَ القومُ: لَحِق آخرُهم أوّلَهم. وتدارَكَ الثَّرَيَانِ، إذا أدرك الثَّرَى الثاني المَطَرَ الأوّل. فأمَّا قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَة} [النمل 66]، فهو من هذا؛ لأنَّ عِلْمَهم أدركَهم في الآخرة حين لم ينفَعْهم.

والدَّرَك: القطعة من الحَبْل تُشَدُّ في طَرَف الرِّشاء إلى عَرْقُوَة الدَّلو؛ لئلاَّ يأكلَ الماءُ الرِّشاء. وهو وإن كان لهذا فبِهِ تُدرَك الدَّلْو([7]).

ومن ذلك الدَّرَك، وهي منازِل أهل النار. وذلك أن الجنّة [درجاتٌ، والنَّار([8])] دركات. قال الله تعالى: {إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء 145]، وهي منازلُهم التي يُدْرِكونها ويَلْحَقُون بها. نعوذُ بالله منها!

(درم)  الدار والراء والميم أصلٌ يدلُّ على مقاربةٍ ولِين. يقال دِرْعٌ درِمَةٌ، أي ليِّنة مُتَّسقة. والدَّرَمان: تقارُبُ الخَطْو. وبذلك سمِّي الرَّجُل دارماً.

ومن الباب الدَّرَم، وهو استواءٌ في الكَعْب تحت اللَّحم حتَّى لا يكونُ له حَجْم. يقال له كَعْبٌ أدْرَمُ. قال:

قامتْ تُرِيكَ خَشْيةً أن تَصْرِما *** سَاقاً بخَنْدَاةً وكَعْباً أدْرَما([9])

ويقال دَرِمَتْ أسنانُه؛ وذلك إذا انسحَجَتْ ولانت غُرُوبُها.

ومن هذا قولُهم أدْرَمَ الفَرَسُ، إذا سقَطَتْ سِنُّه فخرَجَ من الإثْناء إلى الإرباع. والدَّرَّامة: المرأة القصيرة. وهو عندنا مُقارَبَة الخطْو؛ لأنَّ القصيرة كذا تكون. قال:

مِن البِيض لا دَرَّامةٌ قَمَلِيَّةٌ *** تبُذُّ نِساءَ الحيِّ دَلاًّ وَمِيسَمَا([10])

ثم يشتقّ من هذا الذي ذكرناه ما بَعدَه. فبَنُو الأدرَم: قَبيلة. قال:

* إنَّ بَنِي الأَدْرَمِ لَيْسُوا مِنْ أحَدْ *

ودَرِمٌ: اسمُ رجلٍ في قول الأعشى:

* كما قِيل في الحيِّ أوْدَى دَرِمْ([11]) *

وهو رجلٌ من شيبان قُتِل ولم يُدرَكْ بثأرِه.

(درن)  الدال والراء والنون أصلٌ صحيح، وهو تقادُمٌ في الشَّيء مع تغيُّرِ

لَون. فالدَّرِين: اليَبِيسُ الحَوْليّ. ويقال للأرض المجْدبة: أمُّ دَرِينٍ. قال:

تَعَالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دعْدٍ ونَغْتَدِي *** سواءَيْنِ والمرعَى بأُمِّ دَرِينِ([12])

  يقول: تعالَيْ نلزَمْ حُبَّنَا وأرضَنا وعَيْشَنَا.

ومن الباب الدَّرَن، وهو الوسَخ. ومنه دُرَيْنَةُ، وهو نعتٌ للأحمق([13]). فأمّا قولُهم إنَّ الإدْرَوْنَ الأصلُ فكلامٌ قد قِيل، وما ندري ما هُو([14]).

(دره)  الدال والراء والهاء ليس أصلاً؛ لأن الهاء مبدلة من همزة. يقال: دَرَأ أي طلع، ثم يقلب هاءً؛ فيقال دَرَهَ. والمِدْرَه: لسان القوم والمتكلِّم عنهم.

(دري)  الدال والراء والحرف المعتلّ والمهموز. أمّا الذي ليس بمهموزٍ فأصلان: أحدهما قَصْد الشيء واعتمادُهُ طلَباً، والآخَر حِدَّةٌ تكون في الشَّيء. وأمّا المهموز فأصلٌ واحد، وهو دَفْع الشَّيء.

فالأول قولُهم: ادّرَى بنُو فلانٍ مكانَ كذا، أي اعتمدوه بغَزْوٍ أو غارة قال:

أتتنا عامرٌ من أرض رَامٍ *** مُعَلَّقةَ الكنائنِ تَدَّرِينا([15])

  والدّرِيَّة: الدّابّة التي يَستَتِرُ بها الذي يَرمِي الصَّيدَ ليصيده. يقال منه دَرَيت وادَّرَيْت. قال الأخطل:

وإنْ كُنْتِ قد أقصَدْتِنِي إذ رميِتِني *** بسَهمِكِ والرَّامي يَصِيدُ ولا يَدْرِي([16])

  قال ابنُ الأعرابيّ: تدرَّيت الصّيدَ، إذا نظرْتَ أين هُوَ ولم تَرَهُ بَعدُ([17]). ودريتُه: ختَلْتُه. فأمّا قوله تدرَّيت أي تعلَّمت لدريته([18]) أين هو، والقياسُ واحد. يقال دَرَيتُ الشَّيءَ، والله تعالى أدرانيهِ. قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس 16]، وفلانٌ حَسَنُ الدِّرْيَة، كقولك حسن الفِطْنة.

والأصل الآخَر قولهم للذي يُسَرَّحُ به الشَّعَْر ويُدْرَى: مِدْرىً؛ لأنّه محدَّد. ويقال شاةٌ مُدْرَاةٌ([19]): حديدة القَرْنَين. ويقال تَدَرَّت المرأةُ، إذا  سرَّحَتْ  شعرَها. ويقال إنّ المِدْرَيَيْنِ طُِبْيَا الشَّاةِ([20]). و*قد يُستعمل في أخلاف النّاقة. قال حُميدٌ:

* تجودُ بِمدْرَيَيْنِ([21]) *

وإنّما صارا مدْرَيَيْنِ لأنّهما إذا امتَلأَا تحدّدَ طَرَفاهما.

وأما المهموز قولهم دَرَأْتُ الشَّيءَ: دفعتُه. قال الله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ} [النور 8]. قال:

تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِِيني *** أهذا دينُهُ أبداً ودِيني([22])

  ومن الباب الدَّرِيئة: الحلقة التي يُتعلَّم عليها الطَّعْن. قال عمرو([23]):

ظلِلْتُ كَأنِّي للرِّماحِ دَرِيئَةٌ *** أُقاتِلُ عن أبناء جَرْمٍ وفَرَّتِ

  يقال: جاء السَّيل دَرْءًا، إذا جاءَ من بلدٍ بعيد. وفلان ذُو تُدْرَأٍ، أي قويٌّ على دفْع أعدائه عن نفْسه. قال:

وقد كنتُ في الحربِِ ذا تُدْرَأٍٍ *** فلم أُعْطَ شيئاً ولم أُمْنَعِِ([24])

  ودَرَأَ فلانٌ، إذا طَلَع مفاجَأةً، وهو من الباب، كأنّه اندرَأ بنفسه، أي اندفع([25]). ومنه دارأْتُ فلاناً، إذا دافَعْتَه. وإذا ليّنْت الهمزة كان بمعنى الخَتْل والخِداع، ويرجعُ إلى الأصل الأوَّل الذي ذكرناه في دَرَيت وادَّريت. قال:

فماذا يَدّرِي الشُّعَراءُ منِّي *** وقد جاوزتُ حَدَّ الأربعينِ([26])

  فأما الدّرْءُ، الذي هو الاعوجاج؛ فمن قياسِ الدّفْع؛ لأنّه إذا اعوجَّ اندفَعَ من حدّ الاستواء إلى الاعوجاج. وطريق ذو دَرْءٍ، أي كُسور وجِرَفَةٍ([27])، وهو من ذلك. ويقال: أقَمْت من دَرْئهِ، إذا قوَّمْتَه. قال:

وكنّا إِذا الجَبَّار صعَّرَ خدَّه *** أَقَمنا لـه مِن دَرْئِه فتقوَّما([28])

  ويقولون: دَرَأَ البَعيرُ، إذا وَرِم ظَهْره. فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنّه يندفعُ إذا وَرِم. ومن الباب: أدرأَتِ النّاقةُ فهي مُدْرِئٌ، وذلك إذا أرخَتْ ضَرْعَها عند النِّتاج.

(درب)  الدار والراء والباء الصّحيح منه أصلٌ واحد، وهو أن يُغْرَى بالشّيءِ ويلزمه. يقال دَرِبَ بالشّيء، إذا لزِمَه ولصق به. ومن هذا الباب تسميتُهم العادةَ والتّجرِبة دُرْبَة. ويقال طَيْرٌ دَوَارِبُ بالدِّماء، إذا أُغْرِيَت. قال الشاعر([29]):

يصاحِبْنَهم حتَّى يُغِرْنَ مُغارَهم *** مِن الضّاريات بالدّماءِ الدّوارِب

  وَدَرْبُ المدينة معروف، فإنْ كان صحيحاً عربيّاً فهو قياسُ الباب؛ لأنّ النّاسَ يَدْرَبُون به قصداً لـه. فأما تَدَرْبَى الشّيءُ، إذا تَدَهْدَى، فقد قيل([30]). والدّرْبانِيّة: جنسٌ من البقر. والدّردابُ: صوت الطَّبل. فكلُّ هذا كلامٌ ما يُدْرَى ما هو.

(درج)  الدار والراء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على مُضِيِّ الشّيءِ والمُضيِّ في الشّيء. من ذلك قولُهم دَرَجَ الشّيءُ، إذا مَضَى لسبيله. ورجَع فُلانٌ أدراجَه، إذا رَجع في الطّريق الذي جاء منه. ودَرَج الصَّبيُّ، إذا مَشَى مِشْيته. قال الأصمعيّ: دَرَجَ الرجُلُ، إذا مَضَى ولم يُخْلِفْ نَسْلاً. ومَدَارج الأكمَة: الطُّرق المعترِضة فيها. قال:

تَعَرّضي مَدَارِجاً وسُومِي *** تعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم([31])

  فأمّا الدُّرج لبعض الأصوِنة والآلات، فإن كان صحيحاً فهو أصلٌ آخَرُ يدلُّ على سَترٍ وتَغْطية. من ذلك أدْرَجْتُ الكتابَ، وأدْرَجْتُ الحَبْل. قال:

* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدْراجَ الطّلَقْ([32]) *

ومن هذا الباب الثاني الدُّرْجة، وهي خِرَقٌ تُجعَل في حياء النّاقة ثم تُسَلُّ، فإذا شمّتْها الناقةُ حسِبتْها ولدَها فعطفَتْ عليه. قال:

* ولم تُجعَلْ لها دُرَجُ الظِّئارِ([33]) *

(درد)  الدال والراء والدال أُصَيْلٌ فيه كلامٌ يسير. فالدَّرَدُ من الأسنان: لصوقُها بالأسناخ وتأكُلُ ما فَضَل منها. وقد دَرِدَتْ وهي دُرْدٌ. ورجلٌ أدْرَدُ وامرأةٌ درداء.

(درح)  الدال والراء والحاء أُصَيلٌ أيضاً. يقولون للرجل القصير: دِرْحايَة، ويكون مع ذلك ضَخْماً. قال:

* عَكَوَّكاً إذا مَشَى دِرحايَهْ([34]) *

والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــ

([1]) البيت لبعض الشراة، وهو حبيب بن خدرة الهلالي، يخاطب زيد بن علي، وكان خرج معه خياطون من أهل الكوفة فتركوه وانهزموا. انظر ثمار القلوب 215 والكامل 709-710. قال:

يابا حسين لو شراة عصابة *** صبحوك كان لوردهم إصدار

يابا حسين والجديد إلى بلى *** أولاد درزة أسلموك وطاروا

([2]) يقال أبو أدراس، وأبو دراس أيضاً، بالدال المكسورة.

([3]) الرجز لابن ميادة؛ كما في اللسان (درس). وقبل البيت:

* هلا اشتريت حنطة بالرستاق *

([4]) ينسب البيت إلى طفيل الغنوي، ولقيس بن زهير، ولشريح بن الأحوص. انظر اللسان (درص) وملحقات ديوان طفيل ص64.

([5]) للقطامي في ديوانه 42 برواية: "أمام الركب". وصدره: * قطعت بذات ألواح تراها *

([6]) ديوان رؤبة 108.

([7]) في الأصل: "فيه تدرك الدلو".

([8]) تكملة ضرورية. وفي المجمل: "والنار دركات والجنة درجات".

([9]) للعجاج في ديوانه 57 واللسان (درم، بخند) وفي الديوان: "رهبة أن تصرما".

([10]) في الأصل والمجمل: "ومبسما"، صوابه من اللسان (درم، قمل).

([11]) صدره كما في ديوان الأعشى 31 واللسان (درم): * ولم يود من كنت تسعى له *

([12]) البيت في اللسان (درن، سمط).

([13]) ذكر في اللسان أنه لغة أهل الكوفة.

([14]) أورد له صاحب اللسان قول القلاخ:

ومثل عتاب رددناه إلى *** إدرونه ولؤم أصه على

([15]) لسحيم بن وثيل الرياحي، كما في اللسان (دري). في الأصل: "يدرينا"، تحريف.

([16]) ديوان الأخطل 128 واللسان (دري). وقبله، وهو مطلع القصيدة:

ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر

وإن كان حيانا عدىً آخر الدهر

([17]) في الأصل: "ولم يره بعده".

([18]) كذا. ولعله: "دريت الشيء أي علمت بدريته".

([19]) هذا اللفظ ومعناه لم يرد في المعاجم المتداولة سوى المجمل.

([20]) وهذا اللفظ بمعناه لم يرد أيضاً في المعاجم المتداولة سوى المجمل.

([21]) لم أجد هذه القطعة في ديوان حميد بن ثور الذي أعده العلامة الميمني للنشر، وهو محفوظ بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ولعله من شعر حميد الأرقط.

([22]) البيت للمثقب العبدي، كما في اللسان (درأ، وضن)، وقصيدته في المفضليات (2: 87-92).

([23]) عمرو بن معد يكرب. وقصيدة البيت الآتي في الأصمعيات 17-18 منسوبة إلى دريد بن الصمة. ونسبتها إلى عمرو بن معد يكرب في الحماسة (1: 44-45). وانظر اللسان (درأ).

([24]) البيت للعباس بن مرداس كما في اللسان (درأ) والخزانة (1: 73) حيث أنشد في الأخيرة قصيدة البيت.

([25]) في الأصل: "إذا اندفع".

([26]) لسحيم بن وثيل الرياحي، من أبيات في الأصمعيات 73. والبيت في اللسان (دري).

([27]) الجرفة، كعنبة: جمع جرف، بالضم وبضمتين، وهو ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض. وفي الأصل: "حرفة"، تحريف.

([28]) البيت للمتلمس في ديوانه ص1 مخطوطة الشنقيطي واللسان (درأ).

([29]) هو النابغة الذبياني، والبيت التالي من القصيدة الأولى في ديوانه ص4.

([30]) لم يذكر في اللسان والجمهرة، وذكر في القاموس مع المهموز"تدربأ".

([31]) الرجز لعبد الله ذي البجادين، دليل النبي صلى الله عليه وسلم كما في اللسان (درج).

([32]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 104 واللسان (حملج)، وقد سبق في ص146.

([33]) لعمران بن حطان. وصدره: * جماد لا يراد الرسل منها *

([34]) الرجز لدلم أبي زعيب العبشمي، كما في اللسان (عكك). وقبله في اللسان (درج، دعك): * إما تريني رجلاً دعكايه *

 

 

ـ (باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)

(دسم)  الدال والسين والميم أصلان: أحدهما يدلُّ على سَدّ الشيء، والآخر يدلُّ على تلطخ الشّيء بالشيء.

فالأوّل الدِّسام، وهو سِدَادُ كلِّ شَيء. وقال قومٌ: دَسَم البابَ: أغلَقَه.

والثاني الدَّسَم معروف، وسمِّي بذلك لأنّه يلطَّخ بالشّيء. والدُّسْمة: الدّنيءُ، من الرِّجال الرديّ. وسمِّي بذلك لأنّه كالملطَّخ بالقبيح. ويقال للغادِرِ: هو دَسِم الثياب، كأنّه قد لُطِّخ بقبيح. قال:

يا ربِّ إنّ الحارثَ بن الجَهْمِ([1]) *** أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ

  ومن التّشبيه قولهم: دَسَمَ المطرُ الأرضَ، إذا قلَّ ولم يبلُغْ أن يُبلَّ الثَّرى. ومما شذّ عن الباب: الدّيْسَم، وهو ولد الذِّئب من الكلبة. والدّيسم أيضاً: النبات الذي يقال له: "بُستَانْ أفْرُوز([2])". ويقال إن الدّيسمة الذَّرّة([3]).

(دسو/ا)  الدال والسين والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاءٍ وسَتْر. يقال دَسَوْتُ الشّيءَ أدْسُوه، ودسَا يدسُو، وهو نقيض زَكَا. فأمّا قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس 10]، فإنّ أهل العلم قالوا: الأصل دَسَّسَهَا، كأنَّه أخفاها، وذلك أنَّ السَّمْحَ ذا الضِّيافةِ يَنزِل بكلِّ بَراز، وبكل يَفَاع؛ ليَنْتابَه الضِّيفَانُ، والبَخيلَ لا ينزِلُ إلاَّ في هَبْطَةٍ أو غامض، فيقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسّاهَا} [الشمس 9- 10]، أي أخفاها، أو أغْمَضها. وهذا هو المعوَّل عليه. غير أنّ بعضَ أهلِ العِلم قال: دَسّاها، أي أغواها وأغراها بالقَبيح. وأنشد:

وأنتَ الذي دَسّيْتَ عَمْراً فأصبحتْ *** حلائلُه منه أَرامِلَ ضُيَّعَا([4])

  (دست)  الدال والسين والتاء ليس أصلاً، لأنّ الدّسْت الصَّحراء وهو فارسيٌّ معرَّب([5]). قال الأعشى:

قد علمَتْ فَارِسٌ وحِمْيرُ والـْ *** أَعْرابُ بالدّسْتِ أيُّكُمْ نَزَلا([6])

  (دسر)  الدال والسين والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَسَرْتُ الشّيءَ دَسْرَا، إذا دَفَعتَه دَفْعاً شديداً. وفي الحديث([7]): "ليس في العَنْبَر زَكاةٌ، إنّما هو شيءٌ دسرَه البَحرُ"، أي رماهُ ودفع بِه. وفي حديث عُمَر [رضي الله عنه]: "إنّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم أن يُؤخَذ الرّجلُ([8]) فيُدْسَر كما تُدسَر الجَزور"، أي يُدفَع.

ومن الباب: دَسَره بالرُّمْح، ورُمْحٌ مِدْسَرٌ ([9]). قال:

عَنْ ذي قَدَامِيسَ لُهَامٍ لو دَسَرْ([10])

برُكْنِهِ أرْكَان دَمْخٍ لاَنْقَعَرْ([11])

  أي لو دَفَعَها. ويقال للجمل الضّخْم القويّ: دَوْسَريٌّ([12]). ودَوْسَر: كتيبةٌ([13])؛ لأنّها تدفع الأعداء.

ومما شذَّ عن الباب وهو صحيحٌ: الدِّسارُ: خَيْطٌ من ليفٍ تُشَدّ به ألواحُ السَّفينة، والجمع دُسُرٌ. قال الله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر 13].ويقال الدُّسُر: المَسامير.

(دسع)  الدال والسين والعين أصلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دسَعَ البعيرُ بجِرَّتِه، إذا دَفَع بها. والدَّسْع: خُروج الجِرَّة. والدَّسِيعة: كَرَمُ فِعْلِ الرّجل في أموره. وفلانٌ ضَخْم الدَّسيعة، يقال هي الجَفْنة، ويقال المائدة. وأيُّ ذلك كانَ فهو من الدَّفْع والإعطاء.

ومنه حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في كتابه بينَ قريشٍ والأنصار: "إنّ المؤمنين أيديهم على من بَغَى عليهم([14]) أو ابتغَى دَسيعةَ ظُلْم" فإنّه أراد الدّفْعَ أيضاً. يقول: ابتغى دفْعاً بظُلْم. وفي حديثٍ آخر: "يقول الله تعالى: يا ابنَ آدمَ ألَمْ أجعلْك تَرْبَعُ وَتَدْسَع". فقوله تَرْبَعُ، أي تأخذ المِرباع؛ وقوله تدسع، أي تدفع وتُعطِي العطاءَ الجزيل.

(دسق)  الدال والسين والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الامتلاء. يقال ملأت الحوضَ حَتَّى دَسِقَ، أي امتلأَ حتى ساح ماؤُه*. والدَّيْسق: الحوض الملآنُ. ويقال الدَّيْسَق: تَرَقْرُق السَّراب على الأرض.

 

ـــــــــــــــــــ

([1]) في اللسان (وذم، دسم): * لا هم إن عامر بن جهم *

([2]) بالفارسية. ويقال أيضاً "بستان أبروز" بالباء المفخمة. معجم استينجاس 185. ولم يذكر هذا الاسم في اللسان والقاموس، مع حرص الأخير على إيراد نظائره.

([3]) الذرة: واحدة الذر، وهو ضرب من صغار النمل. وقد ضبط في اللسان والقاموس بضم الذال وفتح الراء المخففة، وهو ضبط غير صحيح. انظر الحيوان (6: 380).

([4]) هو لرجل من طيء. وقد جعل في اللسان "عمرا" قبيلة من القبائل. وأنشده:

وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت *** نساؤهم منهم أرامل ضيع

([5]) لم يذكر صاحب اللسان "الدست" بالمهملة، وذكرها بالشين المعجمة فحسب، وكان أجدر به أن يذكر التي بالسين المهملة. أما صاحب القاموس فذكر المادتين. وأصلها الفارسية بالشين المعجمة. وانظر معجم استينجاس.

([6]) ديوان الأعشى 157 واللسان (دشت) والمعرب للجواليقي 138.

([7]) هو حديث ابن عباس وقد سئل عن زكاة العنبر.

([8]) في اللسان: "الرجل المسلم البريء عند الله".

([9]) لم يذكر في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "ورجل مدسر".

([10]) في المجمل واللسان (دسر): "كهام"، تحريف. وفي (قدمس): "بذي قداميس".

([11]) في اللسان (دمخ): "تركته"، تحريف. وفي معجم البلدان: "لا تقر"، محرف كذلك.

([12]) ويقال أيضاً دوسر، ودوسراني، ودواسري.

([13]) اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر. اللسان.

([14]) في الأصل: "اتقى عليهم"، صوابه من اللسان.

 

 


ـ (باب الدال والعين وما يثلثهما)

(دعو)  الدال والعين والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو أن تميل الشَّيءَ إليك بصوتٍ وكلامٍ يكون منك. تقول: دعوت أدعُو دعاءً. وَالدَّعوة إلى الطَّعام بالفتح، والدِّعوة في النَّسب بالكسر. قال أبو عبيدة: يقال في النَّسب دِعوة، وفي الطعام دَعوة. هذا أكثرُ كلام العرب إلاّ عَدِيَّ الرِّباب، فإنّهم ينصبون الدّالَ في النّسب ويكسرونها في الطَّعام. قال الخليل: الادِّعاء أن تدَّعِيَ حقّاً لك أو لغيرك. تقول ادَّعَى حقّاً أو باطلاً. قال امرؤ القيس:

لا وأبيكِ ابنةَ العامِرِ ***يِّ لا يدَّعِي القومُ أنِّي أَفِرّ([1])

والادِّعاء في الحرب: الاعتِزاء، وهو أنْ تقول: أنا ابنُ فُلاَنٍ قال:

* ونجِرُّ في الهَيْجَا الرّماحَ ونَدَّعِي([2]) *

وداعِية اللَّبن: ما يُترَك في الضَّرع ليدعُوَ ما بعدَه. وهذا تمثيلٌ وتشبيه. وفي الحديث أنّه قال للحالِب: "دَعْ داعِيَةَ اللَّبن". ثمّ يُحمل على الباب ما يُضاهِيه في القياس الذي ذكرناه، فيقولون: دَعَا الله فلاناً بما يَكرَهُ؛ أي أنزل به ذلك قال:

* دَعَاكِ الله من ضَبُعٍ بأفْعَى([3]) *

لأنَّه إذا فَعَل ذلك بها فقد أماله إليها.

وتداعَت الحِيطان، وذلك إذا سقط واحدٌ وآخَرُ بَعده، فكأنَّ الأوَّل دعا الثاني. وربَّما قالوا: داعَيْناهَا عليهم، إذا هدمْناها، واحداً بعد آخَر. ودَوَاعِي الدَّهر: صُروفه، كأنّها تُميل الحوادث. ولبني فُلانٍ أُدْعِيَّةٌ يتداعَوْن بها، وهي مثل الأغلوطة، كأنّه يدعو المسؤول إلى إخراج ما يعمِّيه عليه. وأنشد أبو عبيد عن الأصمعي:

أُداعِيك ما مُسْتَصْحَبَاتٌ مع السُّرَى *** حِسانٌ وما آثارُها بحِسانِ([4])

  ومن الباب: ما بالدَّار دُعْوِيٌّ، أي ما بها أَحَدٌ، كأنّه ليس بها صائحٌ يدعُو بصِياحه.

ويُحمَل على الباب مجازاً أنْ يقال: دعا فُلاناً مَكَانُ كذا، إذا قَصَد ذلك المكان، كأنَّ المكانَ دعاه. وهذا من فصيح كلامهم. قال ذو الرّمّة:

دَعَتْ مَيَّةَ الأعدادُ واستبدلَتْ بها *** خَناطيلَ آجالٍ من العِين خُذَّلِ([5])

  (دعق)  الدال والعين والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على التأثير في الشَّيءِ والإذلال له. يقال للمكان الذي تَطَؤُه الدوابُّ وتؤثِّر فيه بحوافرها: دَعَقٌ. قال رُؤبة:

* في رَسْمِ آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعَقْ([6]) *

ومن الباب: شَلَّ إبلَهُ شَلاًّ دعْقاً، إذا طرَدَهَا. وأغارَ غارةً دعقا. وخيلٌ مَدَاعِيقُ. قال:

* لا يَهُمُّون بإدْعاقِ الشَّلَلْ([7]) *

(دعك)  الدال والعين والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على تمريس الشيء. يقال دَعَكَ الجِلْد وغيرَه، إذا دَلَكَه. وتداعَكَ الرَّجُلانِ في الحرب، إذا تحرَّش كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. ويقولون: الدُّعَكُ، على فُعَلٍ: الرجلُ الضَّعيف. وأنشدوا لحسان([8]):

* وأنت إذا حارَبُوا دُعَكْ([9]) *

(دعم)  الدال والعين والميم أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يكون قياماً لشيءٍ ومِساكاً. تقول: دَعَمْتُ الشّيءَ أدعِمُهُ دَعْماً، وهو مدعومٌ. والدِّعامتانِ: خشبَتَا البَكَرة. ودِعامةُ القوم: سيِّدهم. ويقال لا دَعْم بِفلانٍ، أي لا قُوَّةَ له ولا سِمَن. قال الراجز:

لا دَعْمَ بي لكن بِلَيْلَى الدَّعْمُ *** جاريةٌ في وَرِكَيْها شَحْمُ([10])

  ودُعْمِيٌّ: اسمٌ مشتقٌّ مِن هذا.

(دعب)  الدال والعين والباء أَصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء وتَبَسُّط. فالدُّعْبُوب: الطريق السهل. وربَّما قالوا: فرسٌ دُعْبُوبٌ، إذا كان مديداً. وقياس الدُّعابة من هذا؛ لأنّ ثَمَّ تبسُّطاً وتندُّحاً.

(دعث)  الدال والعين والثاء كلمةٌ واحدة([11]) وهي الدِّعْثُ* وهو الحقد.

(دعج)  الدال والعين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ أسودَ. فمنه الأدعَج، وهو الأسْوَد. والدَّعَج في العين: شِدَّة سوادها في شدَّة البياض.

(دعد)  الدال والعين والدال ليس بشيء. وربَّما سَمَّوا المرأة "دَعْدَ".

(دعر)  الدال والعين والراء أَصلٌ واحد يدلُّ على كراهةٍ وأذىً، وأصله الدُّخَان؛ يقال عُودٌ دَعِرٌ، إذا كان كثيرَ الدُّخان. قال ابنُ مُقبِل:

باتَتْ حواطِبُ لَيلَى يلتمسْن لها *** جَزْل الجذَى غَيْرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ([12])

  ومن ذلك اشتقاق الدَّعارة في الخُلُق. والدَّعَر: الفَساد. والزَّنْد الأدْعَر: الذي قُدِح به مِراراً فاحترَقَ طَرَفُه فصار لا يُورِي. وداعِرٌ: فحلٌ تنسب إليه الداعِرِيّة.

(دعز)  الدال والعين والزاء ليس بشيءٍ، ولا مُعَوَّلَ على قولِ من يقول: إنّه الدَّفْعُ والنِّكاح.

(دعس)  الدال والعين والسين أُصَيلٌ. وهو يدلُّ على دفْع وتأثيرٍ. فالمداعَسَة: المطاعَنَة؛ لأنّ الطّاعن يدفَع المطعونَ. ورُمْحٌ مِدْعَسٌ ورِماحٌ مداعِسُ. والدَّعْس: النِّكاح؛ وهذا تشبيهٌ. والدَّعْس: الأثر، وهو ذاك؛ لأنَّ المؤثِّر يدفع ذلك الشيءَ حين يؤثَّر فيه.

(دعص)  الدال والعين والصاد أصلٌ يدلُّ على دِقّة ولين. فالدِّعْصُ: ما قلَّ ودقَّ من الرمل. والدَّعْصاء: الأرضُ السَّهْلة. ومن الباب: تَدَعَّصَ اللَّحمُ، إذا بالغ في النُّضْجِ. ويقولون أدْعَصَه الحَرُّ، إذا قتلَه، كأنَّه أنضجَه فقتلَه.

(دعض)  الدال والعين والضاد ليس بشيء([13]).

(دعظ)  الدال والعين والظاء ليس بشيء. ويقولون: الدَّعظ: النِّكاح([14]).

ـــــــــــــــــ

([1]) ديوان امرئ القيس 4. وفيه: "فلا وأبيك" بدون الخرم.

([2]) للحادرة الذبياني. انظر المفضليات (1: 43). وصدره كما فيها:

* ونقي بآمن مالنا أحسابنا *

وقد سبق في (جر 1: 214). وأنشده في اللسان (جرر).

([3]) نظيره في اللسان (قيس، دعا):

دعاك الله من قيس بأفعى *** إذا نام العيون سرت عليكا

والقيس: الذكر. وأنشد الجاحظ في الحيوان (1: 176/ 4: 258):

رماك من الله أير بأفعى *** ولا عافاك من جهد البلاء

([4]) في المجمل واللسان (دعا): "ما مستحقبات".

([5]) سبق البيت ص252.

([6]) ديوان رؤبة 106 واللسان (دعق، دعس).

([7]) البيت للبيد، وليس في ديوانه، وسيعيده في (شل، عور). وهو في اللسان (دعق). وفي البيت كلام. وصدره: * في جميع حفاظي عوراتهم *

([8]) البيت التالي ليس في ديوان حسان. ونسبه في اللسان (دعك) إلى عبد الرحمن بن حسان يقوله في ولد لعمرو بن الأهتم كان مليح الصورة وفيه تأنيث.

([9]) جزء من بيت. وهو وسابقه:

قل للذي كاد لولا خط لحيته *** يكون أنثى عليه الدر والمسك

هل أنت إلا فتاة الحي إن أمنوا *** يوماً وأنت إذا ما حاربوا دعك

([10]) البيتان في اللسان (دعم).

([11]) الحق أن في المادة كلمات ومعاني كثيرة. منها الوطء الشديد، وأول المرض. وهذان بالفتح. والدعث، بالكسر: بقية الماء في الحوض.

([12]) البيت في اللسان (دعر، جذا).

([13]) هي مادة أهملت، ولم ترد في المعاجم المتداولة، ومثلها كثير، ولست أدري لم رسم لها، مخالفاً بذلك عادته.

([14]) في الأصل: "ويقولون لولد النكاح عظ"، وهذا تحريف ناشئ من اضطراب عين الناسخ حيث زاد الواو، وأخر "عظ" عن موضعها بعد الدال.

 

 

ـ (باب الدال والغين وما يثلثهما)

(دغل)  الدال والغين واللام أصلٌ يدلُّ على التباسٍ والتواءٍ من شيئين يتدَاخلان. من ذلك الدَّغَلُ، وهو الشَّجَر الملتفّ. ومنه الدَّغَل في الشَّيء، وهو الفساد. ويقولون أَدْغَلَ في الأمر، إذا أدْخَلَ فيه ما يخالِفُه.

(دغم)  الدال والغين والميم أصلان: أحدُهما من باب الألوان، والآخر دخولُ شيءٍ في مَدْخَلٍ ما.

فالأوَّل الدُّغمة في الخيل: أن يخالِف لونُ الوجه لونَ سائر الجسَد. ولا يكون إلا سَواداً. ومن أمثال العرب: "الذِّئْبُ أدْغَمُ". تفسير ذلك أنَّه أدغَمُ ولَغَ أو لم يَلَغْ. فالدُّغْمة لازمةٌ له، فربَّما قيل قد وَلَغَ وهو جائع. يضرب هذا مثلاً لَمنْ يُغْبَط بما لم ينَلْه. ومن هذا الباب دَغمَهم الحرُّ، إذا غشِيَهم؛ لأنّه يغيِّر الألوان.

والأصل الآخر: قولُهم أدغَمْتُ اللِّجام في فم الفرس، إذا أدخَلْتَه فيه. ومنه الإدغام في الحُروف. والدَّغْم: كَسْرُ الأنف [إلى([1])] باطنِه هَشْماً.

(دغر)  الدال والغين والراء أصلٌ واحد، وهو الدَّفْع والتَّقَحُّمُ في الشَّيء، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنِّساء: "لا تُعذِّبْنَ أولادَكُنَّ بالدَّغْرِ". فالدَّغْر: غَمْزُ الحَلْق من العُذْرة([2])، والعُذْرة: داءٌ يَهِيج في الحَلْق من الدَّم، ويقال هُوَ مَعْذُور. قال جرير:

غَمَزَ ابنُ مُرَّة يا فَرزْدَقُ كَيْنَها *** غَمَزَ الطّبيبِ نغَانِغَ المَعذُورِ([3])

  ودَغَرْت القومَ، إذا دخَلْتَ عليهم. وكلامٌ لهم، يقولون: "دَغْراً لاَصَفَّاً([4])"،  يقول: ادْغُروا عليهم، لا تُصَافُّوهُم. والدَّغرة: الخَلْسَة؛ لأنَّ المختلِس يدفع نفْسَه على الشيء. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الدَّغْرة".

(دغص)  الدال والغين والصاد، كلمةٌ تقال للَّحْمة التي تموج فوقَ رُكبة البَعير: الدّاغصة.

(دغش)  الدال والغين والشين ليس بشيء. وهم يَحْكُون: دَغَشَ عليهم([5]).

(دغف)  الدال والغين والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّ ابنَ دُريد([6]) زعم أنّ الدَّغْف الإكثارُ من أخْذ الشّيء.

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل واللسان.

([2]) فسر الحديث في اللسان بهذا التفسير وبتفسير آخر فانظره.

([3]) ديوان جرير 194 واللسان (عذر، كين)، وسيعيده في (عذر، كين، نغ).

([4]) يقال أيضاً "دغرى لاصفى"، كلاهما بوزن دعوى.

([5]) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية. وقد خالف ابن فارس نهجه في إيراد هذه المادة بعد سابقتها وقد جرى على هذه المخالفة في المجمل أيضاً.

([6]) في الجمهرة (2: 286).

 

 

ـ (باب* الدال والفاء وما يثلثهما)

(دفق)  الدال والفاء والقاف أصلٌ واحد مطَّردٌ قياسُه، وهو دفْع الشَّيء قُدُما. من ذلك: دَفَقَ الماءُ، وهو ماءٌ دافق. وهذه دُفْقَةٌ مِن ماء.

ويُحمَل قولُهم: جاؤوا دُفْقَةً واحدة، أي مرَّةً واحدة. وبعيرٌ أدفَقُ، إذا بانَ مِرْفَقاه عن جَنبَيه. وذلك أنَّهما إذا بانا عنه فقد اندفعا عنه واندفَقا. والدِّفَقُّ، على فِعَلٍّ، من الإبل: السريع. ومشى فلان الدّفِقَّى، وذلك إذا أسرَعَ. قال أبو عبيدة: الدِّفِقَّى أقْصَى العَنَق. ومنه حديث الزّبرقان: "تمشي الدّفِقَّى، وتجلسُ الهَبَنْقَعَة". ويقال سيلٌ دُفَاقٌ: يملأ الوَادِي. ودَفَقَ الله رُوحَه، إذا دُعِي عليه بالموت.

(دفل)  الدال والفاء واللام ليس أصلاً، وإن كان قد جاء فيه الدِّفْلَى، وهو شَجَرٌ.

(دفن)  الدال والفاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وغموض([1]). يقال دُفنَ الميّتُ، وهذه بئرٌ دَفْنٌ: ادَّفَنَتْ. فأما الادِّفانُ فاستِخفاء العَبْد لا يريد الإباق الباتَّ. وقال قومٌ: الادّفان: إبَاقُ العَبد وذَهابه على وَجهِه. والأوَّل أجْوَد؛ لما ذكرناه من الحديث. والداء الدَّفين: الغامض الذي لا يُهْتدَى لوَجهِه. والدَّفُون: الناقة تَبرُكُ مع الإبل فتكونُ وَسْطَهنّ. والدَّفَنِيُّ: ضَربٌ من الثِّياب. وسمعتُ بعضَ أهلِ العلم يقولون: إنَّه صِبغ يُدْفن في صِبغٍ يكون أشبَعَ منه.

(دفأ)  الدال والفاء والهمزة أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف البَرْد. فالدِّفء: خِلاف البرد. يقال دَفُؤَ يومنا، وهو دفيءٌ. قال الكلابيّ: دَفِئٌ. والأوَّل أعرف في الأوقات، فأمّا الإنسان فيقال دَفِئَ فهو دَفَآنُ وامرأةٌ دَفْأَى. وثوبٌ ذو دِفْءٍ ودَفاء. وما عَلَى فلان دِفْءٌ ، أي ما يدفئه. وقد أدفأني كذا، واقعُد في دِفءِ هذا الحائط، أي كِنِّه.

ومن الباب الدَّفَئِيُّ من الأمطار، وهو الذي يجيء صيفاً. والإبل المُدْفَأَة: الكثيرة؛ لأنَّ بعضَها تُدفئ بعضاً بأنفاسها. قال الأمويّ: الدِّفء عند العرب: نِتاج الإبل وألبانُها والانتفاعُ بها. وهو قوله جلَّ ثناؤه: {لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ومَنَافِعُ} [النحل 5]. ومن ذلك حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لنا مِن دِفئهم [وصِرَامِهِمْ([2])] ما سلّموا بالميثاق". ومن الباب الدَّفَأُ: الانحناء. وفي صفة الدّجّال: "أنّ فيه دَفَأً" أي انحناء. فإنْ كان هذا صحيحاً فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ ما أدفَأَ شيئاً فلا بدّ من أن يَغْشاه ويجْنَأَ عليه([3]).

(دفا)  الدال والفاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على طولٍ في انحناءٍ قليل فالدَّفَا: طُول جناح الطّائر. يقال طائرٌ أَدْفَى. وهو من الوُعول: ما طال قَرْناه. ويقال للنَّجيبة الطَّويلة العُنق: دَفْواء. والدَّفواء: الشَّجَرة العظيمة الطَويلة. ومنه الحديث: "أنّه أبصَرَ شجرةً دَفْواءَ تُسمَّى ذاتَ أنْواط". ويقال للعُقَاب دَفْواء، وذلك لِطُول مِنقارها وعَوَجه. ويقال تَدَافَى البعيرُ تَدَافِياً، إذا سار سيراً متجافِيا.

(دفر)  الدال والفاء والراء أصلٌ واحد، وهو تغيُّر رائحةٍ. والدَّفَر: النَّتْن. يقولون للأَمَة: يَا دَفَارِ. والدُّنيا تسمَّى أمَّ دَفْرٍ. وكتيبةٌ دَفْرَاءُ، يُراد بذلك روائحُ حديدِها.

وقد شذت عن الباب كلمةٌ واحدة إن كانت صحيحة، يقولون: دَفَرْتُ الرّجلَ عنِّي، إذا دفعْتَه([4]).

(دفع)  الدال والفاء والعين أصلٌ واحد مشهور، يدلُّ على تنحيَة الشيء. يقال دَفَعْتُ الشّيءَ أدفعُه دفْعا. ودافع الله عنه السُّوءَ دِفاعا. والمدفَّع: الفقير؛ لأن هذا يدافِعُه عند سؤالِهِ([5]) إلى ذلك. وهو قوله:

والنّاس أعداءٌ لكُلِّ مدفَّعٍ *** صِفْرِ اليدَينِ وإخوةٌ للمُكْثِرِ

  وإيّاه أراد الشَّاعرُ بقوله:

ومَضروب يئنُّ بغير ضربٍ *** يُطاوِحُه الطرافُ* إلى الطِّرافِ([6])

  والدُّفْعة من المطر والدّم وغيرِه. وأما الدُّفَّاع فالسَّيل العظيم. وكل ذلك مشتقٌّ من أنَّ بعضَه يدفَعُ بعضاً. والمدفَّع: البعير الكريم، وهو الذي كلما جِيءَ به ليُحمَل عليه أُخِّر وجِيء بغيره إكراماً له. وهو في قول حُميد:

* وقرّبن للتَّرْحالِ كُلَّ مُدَفَّعٍ([7]) *

ـــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "استحقاق غموض"، تحريف.

([2]) التكملة من المجمل واللسان.

([3]) جنأ عليه يجنأ وفي الأصل: "يحنأ عليه".

([4]) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية.

([5]) في الأصل: "عنه سواله".

([6]) في الأصل: "تطاوحه إلى الطراب الطراب"، وفيه تحريف وتشويه. والطراف: بيت من أدم.

([7]) في الأصل: "للرجال"، ولا يستقيم به الوزن. وفي اللسان: "وقربن للأظعان" مع نسبة هذا الجزء إلى ذي الرمة. ووجدت في ديوان ذي الرمة 457:

وقربن للأحداج كل ابن تسعة *** تضيق بأعلاه الحوية والرحل

 

 

 

ـ (باب الدال والقاف وما يثلثهما)

(دقل) الدال والقاف واللام ليس بأصلٍ يُقاس عليه، ولا له فروعٌ. وإنَّما يقال دَقَلُ السَّفينة. والدَّقَل: أردأ التَّمْر. وذُكِر عن الخليل، ولا أَدري أصحيحٌ عنْهُ ذلك أمْ لا: دَوْقَلَ الرَّجُل لنَفْسه، إذا اختَصَّها بشيءٍ من المأكول.‏

(دقس) الدال والقاف والسين قريب(1)، إلا أنَّهم يقولون: الدُّقْسَة: دُوَيْبَّة. ويقولون: دَنْقَسَ الرجُلُ دَنقْسةً، وربَّما قالوا بالشين، إذا نظرَ بمُؤْخِرِ عينَيه، وليس هذا من أصيلِ كلام العرب. وكذلك الدال والقاف والشين. وذكروا أن أبا الدُّقَيش(2) سُئِل عن معنى كُنْيته فقال: لا أدري، هي أسماءٌ نسمعها فنتسمَّى بها. وما أقرَبَ هذا الكلامَ من الصِّدْق. وذكر السِّجِستانيّ أنَّ الدُّقْشَة دُوَيْبَّة رَقْطاء، وأنَّ الدَّقْش النَّقْش. وكل ذلك تعلُّلٌ، وليس بشيء.‏

(دقم) الدال والقاف والميم أُصَيل فيه كلمة. يقال: "دَقَم أسنانَه: كَسرها.‏

(دقي) الدال والقاف والياء كلمةٌ واحدة. دَقِيَ الفَصيل دَقىً، إذا بَشِمَ عن اللَّبن. والذّكرُ دَقٍ والأنثى دَقِيَةٌ.‏

(دقر) الدال والقاف والراء أصل يدل على ضعفٍ ونقصان. فالدَّقارير: الأباطيل. والدواقير- فيما يقال- جمع دَوْقَرَةٍ، وهي غائطٌ من الأرض لا يُنْبِت. والدِّقْرَارة: الرجُل النَّمَّام. والدِّقرار: التُّبَّان. وقياسُه قياسُ الباب، لنُقْصانه.‏

(دقع) الدال والقاف والعين أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الذّلّ. وأصله الدَّقْعاء، وهو التراب. يقال دَقَِعَ الرَّجل: لَصِِقَ بالتراب ذُلاًّ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للنِّساء: "إنَّكُنَّ إذا جُعتُنّ دَقَِعْتُنّ، وإذا شبِعتن خجِلْتُنَّ" فالدّقَع هذا. قال الكميت:‏

ولَم يَدْقَعُوا عند ما نابهُمْ *** لوَقْعِ الحُروبِ ولم يَخْجَلُوا(3)‏

والمَدَاقيعِ مِن الإبل: التي تأكل النَّبْتَ حتى تلصِقَهُ بالأرض، من الدَّقعاء(4). والداقعُ من الرّجال: الذي يطلُب مَدَاقَّ الكَسْب. وفي بعض اللغات: "رماهُ اللهُ بالدَّوْقَعَة"، وهي فوعلة من الدَّقَع.‏

ـــــــــــــــــــ

(1) كذا في الأصل.‏

(2) أبو الدقيش: أحد الأعراب الفصحاء الذين أخذت عنهم اللغة. انظر فهرست ابن النديم 70. قال: "أبو الدقيش القناني الغنوي". وفي الأصل: "أبو الدهس"، تحريف. انظر اللسان (دقش).‏

(3) سبق البيت في مادة (خجل) ص247. والخجل في البيت والحديث بمعنى الأشر والبطر.‏

(4) في الأصل: "حتى تلصق الدقعاء"، صوابه من المجمل. وفي اللسان: "حتى تلصقه بالدقعاء، لقلته".‏

 

 

ـ (باب الدال والكاف وما يثلثهما)

(دكل([1]))  الدال والكاف واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تعظُّم. يقال تدكَّل الرّجل، إذا تعظّم في نفسه، ومنه الدَّكَلة: القوم لا يُجِيبون السُّلطان مِن عِزِّهم.

(دكن)  الدال والكاف والنون أصَيلٌ يدلُّ على تنضِيد شيءٍ إلى شيء. يقال دَكَنْتُ المَتَاع، إذا نَضَّدْتَ بعضَه فوق بعض. ومنه اشتقاق الدُّكَّان، وهو عربيٌّ. قال العبديّ([2]):

فأبْقَى باطِلِي والجِدُّ منها *** كدُكّانِ الدَّرابِِنَةِ المَطِينِ([3])

  (دكع)  الدال والكاف والعين كلمةٌ واحدة، وهي قولُهم لداءٍ يأخُذُ الخيلَ والإبلَ في صُدورها: دُكَاعٌ. قال القطاميّ:

ترى مِنهُ صُدورَ الخَيلِ زُوراً *** كأنَّ بها نُحازاً أو دُكاعَا([4])

ويقولون: هو السُّعال.

(دكأ)  الدال والكاف والهمزة كلمةٌ [واحدة] تَدَاكَأَ القومُ، إذا ازْدَحَمُوا.

(دكس)  الدال والكاف والسين أُصَيلٌ يدلُّ على غِشْيان الشّيء بالشيء. قال ابنُ الأعرابيّ. الدُّكاس: ما يَغْشى الإنسانَ من النُّعاس. قال:

كأنَّه من الكَرَى الدُّكَاسِ *** باتَ بِكأسَيْ قَهوةٍ يُحاسِي([5])

  ويقال: الدَّوْكس: العدد الكثير. وقال: الدَّكَس: تراكُبُ الشيءِ بعضه على بعض. وذُكر عن الخليل أنّ الدَّوْكس الأسد، فإِنْ كان صحيحاً فهو من الباب؛ لجرأته وغِشْيانِهِ* الأهوال.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "دكم"، والكلام في مادة "دكل" كما ترى. وإليك مادة (دكم) من المجمل: "الدكم: كسر الشيء بعضه على بعض".

([2]) هو المثقب العبدي، وقصيدة البيت في المفضليات (2: 87-92) ومنتهى الطلب (1: 299-301).

([3]) انظر المرجعين السابقين واللسان (دكك، دربن، طين). وقد سبق إنشاده في (دك). وبين اللغويين خلاف في أصل مادة (الدكان).

([4]) ديوان القطامي ص38 والمجمل واللسان (دكع).

([5]) الرجز في المجمل واللسان (دكس).

 

 

ـ (باب الدال واللام وما يثلثهما)

(دلم)  الدال واللام أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتَهدُّل في سواد. فالأدلم من الرِّجال: الطويل الأسود؛ وكذلك هو من الجِمال والجِبال. وزعم ناسٌ أن الدَّيلم: سوادُ اللّيل وظُلْمته. فأمَّا قول عنترة:

* زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ([1]) *

فيقال إنّهم الأعداء. فإن كان كذا فالأعداء يُوصَفون بهذا. قال الأعشى:

* هم الأعداء فالأكبادُ سُودُ([2]) *

وقال قومٌ: الديلم مكانٌ أو قبيلٌ. ويقال: جاء بالدَّيْلَم، أي بالدَّاهية. وهذا تشبيهٌ. والدَّلَمُ: الهَدَلُ في الشَّفَة.

(دله)  الدال واللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على ذَهاب الشّيء. يقال ذهب دَمُ فُلانٍ دَلْهاً، أي بُطْلاً. وَدَلَّهَ عقلَه الحُبُّ وغيرُه، أي أذهب.

(دلي)  الدال واللام والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على مقارَبة الشَّيء ومداناتِه بسُهولةٍ ورِفْق. يقال: أدلَيْتُ الدّلوَ، إذا أرسلْتَها في البئر، فإذا نَزَعْتَ فقد دَلَوْت. والدَّلْو: ضَربٌ من السَّير سهلٌ. قال:

* لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وادلُوَاها([3]) *

والدَّلاَة: الدَّلوُ أيضاً، ويُجْمع على الدِّلاء. فأمَّا قولـه:

آليت لا أُعطي غلاماً أبداً *** دَلاتَه إنِّي أُحِبُّ الأسودا([4])

  فإنّه أراد بِدَلاتِه سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدّ. والأسودُ ابْنهُ.

ويقال أدلى فلانٌ بحجَّته، إذا أتى بها. وأدلى بمالِهِ إلى الحاكم: إذا دَفعَه إليه. قال جلَّ ثناؤه: {وَتُدْلُوا بِهَا إلى الحُكَّامِ} [البقرة 188].

ويقال دلَوْتُ إليه بفلانٍ: استشفعت به إليه. ومن ذلك حديث عمر في استسقائه بالعباس: "اللهمَّ إنّا نتقرَّبُ إليك بعَمِّ نبيِّك، وقَفِيَّةِ آبائه، وكُبْرِ رِجاله. ودلَوْنا به إليك مستَشْفِعِين".

ويحمل على هذا قولهم: جاء فلانٌ بالدَّلْو، أي الدَّاهية. وأنشد:

يحمِلْن عَنْقَاءَ وعَنقَفِيرا([5])

والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفيرا([6])

  ويقال: دَالَيتُ الرّجلَ، إذا داريتَه([7]). ويقال هو دَلاَّءُ مالٍ، إذا كان سائِس مالٍ وخائِلَه.

(دلب)  الدال واللام والباء ليس بشيء. والدُّلْبُ فيما يقال: شَجَرٌ([8]).

(دلث)  الدال واللام والثاء أصلٌ يدلُّ على الاندفاع. يقال لمدَافع السيل المدالث؛ الواحد مَدْلَثٌ. والناقة الدِّلاث: السريعة. يقال اندلَثَتِ النّاقةُ

تندَلِثُ اندلاثاً. وحكى بعضُهم: دلَثَ الشَّيخُ، مثل دَلَف. ويقال اندلَثَ فُلانٌ على فُلانٍ، إذا اندرَأَ عليه وانصبَّ.

(دلج)  الدال اللام والجيم أصلٌ يدلُّ على سَيرٍ ومَجيءٍ وذَهاب. ولعلَّ ذلك أكثرَ ما كان في خُِفْيَةٍ. فالدَّلَج: سَيْر اللَّيل. ويقال أَدْلَجَ القومُ، إذا قطعوا الليلَ كلَّه سيراً؛ فإِنْ خرَجُوا مِن آخِر الليل فقد ادَّلجوا، بتشديد الدال. ويقال إنَّ أبا المُدْلِج([9]) القُنْفذ، ويزعُمون أنَّ أكثرَ حركتِه باللَّيل. والدَّوْلج: السَّرب. والدَّوْلَج: كِناس الوحشيّ. وهو قياسُ الباب؛ لأنّهما يُستخفَى فيهما.

ثم يُحمَل على الباب، فيقال للذي يأخذ الدَّلو من رأس البئر إلى الحوض: الدَّالج، وذلك المكان المَدْلَج. والفِعل دَلَج يَدْلُجُ دُلُوجا([10]). قال:

كأنَّ رِماحَهُم أَشْطَانُ بِئْرٍ *** لها في كلِّ مَدْلَجةٍ خُدودُ([11])

  وأمَّا قولُ الشَّمَّاخ:

وتشكو بعَينٍ ما أكلَّ ركابَها *** وقيلَ المنَادِي أصبَحَ القومُ أدْلِجِي([12])

  فإنّه حكَى صوتَ المنادِي، أنّه كان مرّةً ينادي: أصبَحَ القَومُ، ومرة ينادي: أدلجي([13])، يَأمُرُ بذلك.

(دلح)  الدال واللام والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَشْي وثِقَل المحمول. يقول العرب: دَلَحَ البعيرُ بحِمْلِهِ، إذا مشى به بثقَل. وسَحابةٌ دَلوحٌ: كأنَّها تجرِي بمائها، ومن ذلك حديث سَلْمان: "أنّه اشترى هو وأبو الدَّرداءِ لحماً، فتدالَحَاهُ بينهما علىعُودٍ"، أي حَمَلاه ونَهَضَا به. ويقال سحابةٌ دَلوحٌ، وسَحائب دُلَّح. قال:

بينما نَحْنُ مُرْتِعُون بفَلْجٍ *** قالت الدُّلَّحُ الرِّواءُ إنيهِِ([14])

  (دلس)  الدال واللام والسين أصلٌ *يدلُّ([15]) على سَتْرٍ وظُلْمة. فالدَّلَس: دَلَسُ الظَّلام. ومنه قولهم: لا يُدالِسُ، أي لا يُخادع. ومنه التَّدْليس في البيع، وهو أن يبِيعَه من غير إبانةٍ عن عيبه، فكأنّه خادَعَه وأتاهُ به في ظلامٍ.

وأصلٌ آخَرُ يدل على القِلّة. يقول العرب: تدلَّسْتُ الطَّعامَ، إذا أخذْتَ منه قليلاً قليلاً. وأصل ذلك من الأَدْلاس، وهي من النبات رِبَبٌ([16]) تُورِقُ في آخِر الصيف. يقولون: تَدَلَّسَ المالُ، إذا وقع بالأَدلاس([17]).

(دلص)  الدال واللام والصاد تدلُّ على لِينٍ ونَعْمة. فالدِّلاص: الدِّرع الليِّنة. ويقولون: دَلَصت السُّيول الصّخرةَ، كأنها ليَّنَتْها. قال:

* صَفاً دَلَصَتْهُ طَحْمَةُ السَّيلِ أخْلَقُ([18]) *

والدَّليص: البَرَّاق. ويقال اندَلَصَ الشَّيءُ مِن يَدي، إذا سَقَط. وكأنَّ هذا مشتقٌّ، أو تكونُ الدّالُ بدلاً من الميم، وهو من انْمَلَصَ وأَمْلصت المرأة، إذا أَسْقَطَت.

(دلظ)  الدال واللام والظاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَلَظْته. دَلْظاً، إذا دفَعْتَه. وَحكى بعضُهم: أقبل الجيش يَتَدَلْظَى([19])، إذا دَفَعَ بعضُه بعضاً.

(دلع)  الدال واللام والعين أُصَيلٌ يدلُّ على خُروجٍ. تقول: دَلَعَ لسانُه:  خرجَ. ودَلَعَهُ هو، إِذا أخرجَه. والدَّلِيع: الطريق السَّهل. ويقال اندلَعَ بطنُه، إذا أخرج أمامَه.

(دلف)  الدال واللام والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على تقدُّمٍ في رِفق فالدَّليف: المشْيُ الرُّوَيد. يقال دَلَفَ دَلِيفاً؛ وهو فَوْقَ الدَّبِيب. ودلَفَت الكتيبة في الحرب. قال أبو عُبيد: الدَّلْف: التقدُّم؛ دَلَفْناهم، أي تقدَّمناهم([20]). والدَّالف: السَّهم الذي يقَع دون الغَرَض ثم ينبُو عن موضِعِه.

(دلق)  الدال واللام والقاف أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خروج الشيء وتقدُّمه. فالنّاقة الدَّلوق هي التي تَكَسَّرَ أسنانُها فالماء يخرُج من فمها. ويقال اندلَقَ السَّيفُ مِنْ غِمده، إذا خرج من غير أن يُسَلّ. واندلقت أقتابُ بَطْنه، إذا خرجَتْ أمعاؤُه. واندلَقَ السَّيلُ على القَوم، واندلَقَ الجيش. قال طرفة:

دُلُقٌ في غارَةٍ مَسْفُوحَةٍ *** كرِعَال الطَّيرِ أسراباً تَمُرّْ([21])

  وناقة دُلُقٌ: شديدة الدُّفعة. والاندلاق: التقدُّم. وكان يقال لعُمارةَ بن زيادٍ العبسيّ أخِي الرَّبيع: "دالق"([22]).

(دلك)  الدال واللام والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على زَوالِ شيءٍ عن شيء، ولا يكون إلاَّ برِفْق. يقال دَلَكَت الشّمسُ: زالت. ويقال دَلَكَتْ غابت. والدَّلَكُ: وقتُ دُلوك الشَّمس. ومن الباب دَلَكْتُ الشَّيء، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك لم تكَدْ يدُك تستقرُّ على مكانٍ دُونَ مكان. والدَّلُوك: ما يتدلَّكُ به الإنسان مِن طِيبٍ وغَيره. والدَّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخَذ من زُبدٍ وتَمْرٍ شبه الثّرِيد، والمدلوك: البعير الذي قد دلَكَتْه الأسفار وكَدَّتْه. ويقال بل هو الذي في رُكْبتيه([23]) دَلَكٌ، أي رخاوة؛ وذلك أخَفُّ من الطَّرَق. وفرسٌ مَدلُوك الحَجَبَةِ، أي ليس بحَجَبَتِه إشرافٌ. وأرضٌ مدلوكة، أي مأكولة؛ وذلك إذا كانت كأنّها دُلِكَتْ دَلْكاً. ويقال الدُّلاكة آخِرُ ما يكون في الضَّرع من اللّبن، كأنّه سُمِّي بذلك لأنَّ اليد تَدْلُك الضَّرع.

قال أحمد بن فارس: إنّ لله تعالى في كلِّ شيءٍ سِرّاً ولطيفةً. وقد تأمّلْتَ في هذا الباب من أوّله إلى آخره فلا تَرَى الدّالَ مؤتلفةً مع اللام بحرفٍ ثالث إلا وهي تدلُّ على حركةٍ ومجيءٍ، وذَهابٍ وزَوَالٍ من مكانٍ إلى مكان، والله أعلم([24]).

ــــــــــــــــــ

([1]) من معلقة عنترة. وصدره: * شربت بماء الدحرضين فأصبحت *

([2]) ديوان الأعشى 215 واللسان (سود). وصدره: * فما أجشمت من إتيان قوم *

([3]) الرجز في اللسان (دلا).

([4]) الرجز في اللسان (دلا).

([5]) في الأصل: "والزقرا"، صوابه من المواضع السابقة.

([6]) في الأصل: "وعقنقيرا"، صوابه في اللسان (عنق، خشب، دلا، دلم، زفر)، وأمالي ثعلب 589.

([7]) في الأصل: "دارأته"، صوابه من اللسان.

([8]) في الأصل: "الشجر"، صوابه من المجمل.

([9]) يقال للقنفذ "مدلج" و"أبو مدلج" ذكرهما في القاموس، ولم يذكر في المجمل واللسان إلا الأول.

([10]) ويقال أيضاً دلج يدلج، بكسر اللام في المضارع، دلجا، بالفتح.

([11]) ديوان عنترة 63 واللسان (دلج).

([12]) لم يرد البيت في ديوان الشماخ. وكذا ورد ضبطه في اللسان (دلج، صبح).

([13]) في الأصل هنا وفي متن البيت: "ادلج"، صوابه من اللسان.

([14]) البيت في المجمل. و"إنيه" بكسر الهمزة والنون: كلمة تقال عند الإنكار. انظر اللسان (أنى 53).

([15]) في الأصل: "يقال".

([16]) الربب: جمع ربة بكسر الراء وتشديد الباء، وهي نبتة صيفية.

([17]) الأدلاس: جمع دلس، بالتحريك. وفي الأصل: "بالأدلال" محرف.

([18]) لذي الرمة في ديوانه 396 واللسان (دلص). وصدره: *إلى صهوة تحدو محالا كأنه*

([19]) في الأصل: "شد لظى"، صوابه من المجمل. والذي في اللسان والقاموس: "ادلنظى".

([20]) في الأصل: "التقديم، ولغناهم، أي تقدمنا" صوابه من المجمل واللسان.

([21]) ديوان طرفة 72 واللسان والمجمل (دلق).

([22]) في القاموس وشرحه أنه سمي بذلك لكثرة غاراته.

([23]) في الأصل: "بكيت"، تحريف.

([24]) بنهاية هذه المادة ينتهي الجزء المطبوع من المجمل. وسأستمر في مقابلته بعد ذلك بالنسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 382 لغة.

 

 

ـ (باب الدال والميم وما يثلثهما)

(دمن)  الدال والميم والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ ولزوم. فالدِّمْنُ: ما تَلبَّد من السِّرجين والبَعْر في مَبَاءات النَّعَم؛ وموضع ذلك الدِّمْنةُ، والجمع دِمَن. ويقال دَمَنْتُ الأرض بذلك، مثلُ دَمَلْتُها. والدِّمنة: ما اندفَن من الحِقْد في الصدر*. وذلك تشبيه بما تدمَّن من الأبعار في الدِّمَن. ويقال: دمَّن فلانٌ فِناءَ فُلانٍ، إذا غَشِيَه ولَزِمه. وفلانٌ دِمْنُ مالٍ، مثل قولهم إزاءُ مالٍ. وإنما سُمِّي بذلك لأنّه يلازم المال. ودَمُّونُ: مكانٌ. وكل هذا قياسٌ واحد.

وأمّا الدّمَانُ، فهو عَفَنٌ يُصِيب النَّخْل، فإن كان صحيحاً فهو مشتقٌّ ممّا ذكرْناه من الدِّمْن؛ لأنّ ذلك يَعْفَنُ لا محالة.

(دمث)  الدل والميم والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وسُهولة. فالدَّمَث: اللِّين؛ يقال دَمِث المكانُ يَدْمَثُ دَمَثاً؛ وهو دَمْثٌ وَدَمِثٌ. ويكون ذا رَمْلٍ، ومن ذلك الحديث: "أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم مال إلى دَمَثٍ، وقال: إذا بال أحَدُكُم فليرتَدْ لبَوْله([1])". والدّماثة: سُهولة الخُلُق. ويقال دَمِّثْ لي الحديثَ، أي سهِّلْه ووَطِّئْه.

(دمج)  الدال والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الانطواء والسَّتر. يقال أدمَجْت الحَبلَ، إذا أدرَجْتَه وأحكَمْتَ فَتْلَه. وقال الأصمعيّ في قول أوس:

بَكَيْتمْ على الصُّلح الدُِّماجِ ومِنْكُمُ *** بذِي الرِّمْثِ من وادي هُبَالَة مِقْنَبُ([2])

  قال: هو من دامَجَه دِمَاجاً، إذا وافَقَه على الصُّلح. يقال تدامَجُوا. ويقال فلان على دَمَجِ فُلانٍ، أي على طريقتِه. وكلّ هذا الذي قاله فليس يَبْعُد عمّا ذكَرْناه من الخَفاء والسَّتْر.

(دمخ)  الدال والميم والخاء ليس أصلاً. إنما هو دَمْخٌ: جبلٌ، في قول القائل:

كَفَى حَزَناً أنِّي تطالَلْتُ كَيْ أَرَى *** ذُرَى عَلَمَيْ دَمْخ فما يُريَانِ([3])

  (دمر)  الدال والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدُّخول في البيت وغيرِه. يقال دَمَرَ الرّجُل بيتَه، إذا دَخَلَه. وفرَقَ ناسٌ بين أن يكون دخولُه بإذْنٍ أو غير إذْن، فقال أبو عُبيد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "مَن اطَّلَعَ في بيتِ قومٍ بغير إذْنٍ فقد دمر"، أي دخل. قال أبو عبيد: هذا إذا كان بغير إذْن، فإن كان بإذنٍ فليس بدُمُور. وهذا تفسيرٌ شرعيّ، وأمّا قِياس الكلمة فما ذكرناه أوَّلاً. ومنه قول أوس:

فلاقَى عليه من صُبَاحَ مُدَمِّراً *** لناموسه من الصَّفيحِ سَقائفُ([4])

قال الشّيبانيُّ والأصمعيُّ: المدمِّر الداخل في القُتْرة. ويقال دَمَر القُنفذُ إذا دخَلَ جُحْره. وقال ناسٌ: المدَمّر الصّائد يدخِّن بأوبار الإبلِ وغيرِها حتّى لا يَجد الصَّيدُ رِيحَه. والذي عندنا أنّ المدمّر هو الدّاخِلُ قُتْرتَه، فإِذا دخَلَها دَخّن. وليس المدمِّر من نعت المُدَخِّن، والقياس لا يقتضيه. وقال الله تعالى([5]): {دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد 10]. والدَّمار: الهلاك. ويقال إن التّدْمُرِيَّ: ضَربٌ من اليَرابيع. فإِن كان صحيحاً فهو القياس، لأنه يدمِّر في جِحَرَتِه.

(دمس)  الدال والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء الشّيء. ومن ذلك قولُهم: دَمَّسْتُ الشيء، إِذا أخفَيْتَه. وأتانا بأُمورٍ دُمْس مثل دُبْس، وهي الأمور التي لا يُهْتَدَى لوَجْهها. ويقولون: دَمَس الظّلامُ: اشتدَّ. ومنه الدِّيماس، يقال إنّه السَّرَب. وهو ذلك التماس([6]). وفي حديث عيسى عليه السلام: "كأنّمَا خَرَج مِن دِيماسٍ".

(دمص)  الدال والميم والصاد ليس عندي أصلاً. وقد ذُكِرَتْ على ذاك فيه كلماتٌ إنْ صحَّتْ فهي تتقارَبُ في القياس. يقولون الدَّوْمَصُ: بَيضة الحديد، فهذا يدلُّ على مَلاسَةٍ في الشّيء. ثم يقولون لمَنْ رَقَّ حاجبُه أدْمَصُ، وهو قريبٌ من ذلك. ويقال إنّ كل عِرْق من حائطٍ دِمْصٌ. وفي كلِّ ذلك نَظَرٌ.

(دمع)  الدال والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ماءٍ أو عَبْرةٍ([7]). فمن ذلك الدَّمْع ماءُ العَين، والقَطرةُ دَمْعةٌ. والفِعْل دَمَعَتِ العينُ دَمْعاً ودَمِعَتْ دَمَعاً* ودَمَعَتْ دُمُوعاً أيضاً. وعينٌ دامعةٌ. وجمعُ الدَّمْع دُموع. قال الخليل: المَدْمَع مجتَمَع الدَّمع في نَوَاحي العَيْن، والجميع المَدامع. ويقال امرأة دَمِعَةٌ: سريعةُ البكاء كثيرةُ الدَّمْع. ويقال شَجَّةٌ دامعةٌ: تسيل دَماً. كذا هو في كتاب الخليل. والأصحُّ مِن هذا أنّ التي تسيلُ دماً هي الدَّامِية، فأمّا الدّامعة، فأمْرُها دون ذلك، لأنّها التي كأنّها يَخْرُج منها ماءٌ أحمرُ رقيق، وذكر اليزيديُّ أنّ الدُّمَاع أَثَرُ الدَّمْع على الخَدّ. وأنشد:

يا مَنْ لِعَينٍ لا تَنِي تَهْماعَا *** قد تَرَك الدّمْعُ بها دِمَاعا([8])

  ويقال دُماعاً. والدُّماع مخفَّف ومثقّل: ما يَسِيل من الكَرْم أيَّامَ الرَّبيع.

(دمغ)  الدال والميم والغين كلمةٌ واحدة لا تتفرّع ولا يقاس عليها. فالدِّماغ معروف. ودَمَغْتُه: ضربْتُه على رأسِه حتّى وصلْتُ إلى الدماغ. وهي الدّامِغة([9]).

(دمق)  الدال والميم والقاف ليس أصلاً، وإن كانوا قد قالوا دَمَقَ في البيت واندمَقَ، إذا دخَل، وإنَّما القاف فيما يُرَى مبدلةٌ مِن جيم، والأصل دَمَج، وقد مضى ذِكْرُه.

(دمك)  الدال والميم والكاف يدلُّ على معنيين: أحدهما الشِّدَّة، والآخر السُّرعة؛ وربَّما اجتمع المعنيانِ.

فأمَّا الشِّدّة فالدَّمَكْمَكُ: الشديد. والدّامِكَة: الدّاهية والأمرُ العظيم. والمِدْماك: الخشبة تكون تحت قدمَي السّاقي.

وأمّا الآخر فيقال إنّهم يقولون دَمَكَتِ الأرنب، إذا أسرعَتْ في عَدْوِها. والدَّموك: البَكَرْة العظيمة. فقد اجتمع فيها المعنيانِ: الشدّة، والسُّرعة. والدَّموك: الرَّحَى. وهي في المعنى والبَكَرة سواءٌ.

(دمل)  الدال والميم واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّع شيءٍ في لِينٍ وسُهولة. من ذلك اندمَلَ الجُرْح؛ وذاكَ اجتماعُه في بُرْءٍ وصَلاح. ودُمِلت الأرض بالدَّمَال، وهو السِّرجين. ودامَلْتُ الرَّجُل، إذا داجَيْته. وهو ذلك القياسُ؛ لأنّه مقارَبةٌ في سهولةٍ، والدُّمّل عربيٌّ، وهو قياسُ ما ذكرناه من التجمُّع في لِينٍ. ألا ترى أنّ أبا النجم يقول:

* وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ([10]) *

والله أعلم.

ــــــــــــــــــــ

([1]) في اللسان: "وإنما فعل لئلا يرتد إليه رشاش البول".

([2]) الدماج ككتاب وغراب. والبيت في ديوان أوس بن حجر ص2. ويوم هبالة من أيامهم. وفي الديوان: "ولم يكن* بذي الرمث من وادي تبالة".

([3]) البيت لطهمان بن عمرو الكلابي، كما في اللسان (دمخ)، وقصيدته في معجم البلدان (دمخ).

([4]) صباح بالضم: اسم لعدة قبائل. عليه، أي على "المنهل" في بيت قبله، وهو:

فأوردها التقريب والشد منهلا *** قطاه معيد كرة الورد عاطف

انظر الديوان 16. وفي اللسان: "عليها" تحريف، كما أن "صباح" ضبطت فيه بفتح الصاد خطأ.

([5]) بدلها في الأصل: "ويقال" فقط.

([6]) كذا في الأصل.

([7]) في الأصل: "أو غيره"، وهو كلام لا يصح.

([8]) البيتان في اللسان (دمع). واقتصر في اللسان على ضبط هذه الكلمة بالضم. وضبط متن البيت وتذييله هو من الأصل. ولم ترد الكلمة في القاموس.

([9]) أي الضربة. وفي الأصل: "وهي الدماغ"، صوابه من اللسان.

([10]) البيت في اللسان (مهد، دمل). وسيعيده في (مهد) وكذا في (3: 159).

 

 

ـ (باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)

(دنـي) الدال والنون والحرف المعتل أصلٌ واحد يُقاس بعضُه على بعض، وهو المقارَبَة. ومن ذلك الدّنِيُّ، وهو القَريب، مِن دنا يدنُو. وسُمِّيت الدُّنيا لدنوّها، والنِّسبة إليها دُنْياوِيّ. والدَّنِيُّ من الرجال: الضعيف الدُّونُ، وهو مِن ذاكَ لأنّه قريب المأخذ والمنزلة. ودانَيْت بين الأمرَين: قاربْتُ بينهما. وهو ابن عَمِّهِ دُِنْيا(1) ودِنْيَةً. والدّنِيُّ: الدُّون، مهموز. يقال رجلٌ دنيءٌ، وقد دَنُؤَ يَدْنُؤُ دَناءةً(2). وهو من الباب أيضاً، لأنّه قريبُ المنزِلة. والأدْنَأُ من الرّجال: الذي فيه انكبابٌ على صدرِهِ. وهو من الباب، لأنّ أعلاه دانٍ من وَسطه. وأدْنَتِ الفَرَسُ وغيرُها، إذا دنا نِتاجُها. والدَّنِيّة: النقيصة. وجاء في الحديث: "إذا أكْلتُم فَدَنُّوا" أي كلُوا ممّا يلِيكُم مما يدنُو منكم. ويقال لقيتُه أدنَى دَنِيٍّ، أي أوّل كلِّ شيء.‏

(دنب) الدال والنون والباء لا أصل له. على أنّهم قد قالوا: رجلٌ دِنَّبَةُ ودِنَّابَةٌ، وهو القَصير. وهذا إن صحّ فهو من الإبدال لأن الأصل الميم دِنَّمَةٌ.‏

(دنخ) الدال والنون والخاء ليس أصلاً يُعوَّل عليه. وقد قالوا دنَّخ الرجل، إذا ذَلّ ونكَّسَ رأسه. وأنشدوا:‏

* إذا رآنِي الشُّعراءُ دنَّخُوا(3) *‏

ويقولون: إِنّ التّدنيخ في البِطّيخة أن تنْهزِمَ إلى داخِلِها. ويقولون: التَّدنيخ: ضَعْف البَصَر. ويقال* دَنَّخَ في بيته، إذا أقامَ ولم يبرَحْ. فإِن كان ما ذُكر من هذا صحيحاً فكله قياسٌ يدلُّ على الضَّعف والانكسار.‏

(دنس) الدال والنون والسين كلمةٌ واحدة، وهي الدَّنَس، وهو اللَّطْخ بقبيحٍ.‏

(دنع) الدال والنون والعين أصلٌ يدلُّ على ضَعْف وقِلَّةٍ ودناءة. فالرجل الدَّنِع: الفَسْل الذي لا خَيرَ فيه. والدَّنَعُ: الذلّ. ويزعمون أنّ الدَّنَعَ ما يطرَحُه الجازرُ من البعير إذا جُزِر.‏

(دنف) الدال والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على مشارَفَةِ ذَهاب الشيء. يقال دَنِفَ الأمرُ، إذا أشرَفَ على الذَّهاب والفَراغ منه. والدَّنَف: المرضُ الملازم؛ والمريض دَنَفٌ، كأنّه قد قارب الذَّهاب؛ لا يثنَّى ولا يجمع. فإنْ قلتَ دَنِفٌ ثَنَّيتَ وَجمعت. فأمّا قولُ العجّاج:‏

* والشّمسُ قد كادَت تكونُ دَنَفا(4) *‏

فهو من الباب؛ لأنّه يريد اصفرارَهَا ودنُوِّها للمَغيب. وقد يقال منه أَدْنَفَتْ.‏

(دنق) الدال والنون والقاف قريبٌ مِن الذي قبْلَه. يقال دَنَّقَ وجْهُ الرجُل، إذا اصفرَّ من المرض. ودنَّقَت الشّمس، إذا دانَت الغُروبَ.‏

(دنم) الدال والنون والميم أصلٌ يدلُّ على ضعْفٍ وقِلَة. فالتَّدنيم: الإسفاف للأمور الدنيّة(5). والدِّنَّامة: الرجلُ القصير؛ ذكره الفَرّاء. ويقولون: الدِّنَّامة: النَّملة الصَّغيرة(6).‏

(دنر) الدال والنون والراء كلمةٌ واحدة، وهي الدِّينار. ويقولون: دَنَّرَ وَجْهُ فُلانٍ، إذا تلأْلأَ وأشْرَق. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــ

(1) بكسر الدال وسكون النون منون وغير منون، وكذلك دنيا، بالضم مقصور.‏

(2) ويقال أيضاً من بان "منع".‏

(3) للعجاج في ديوانه 14 واللسان (دنخ). وفي اللسان: "وإن رآني".‏

(4) ديوان العجاج 82 واللسان (دنف).‏

(5) في الأصل: "والتنديم الإسعاف للأمور" تحريف. والكلمة لم ترد في اللسان. وفي القاموس "والتدنيم: النذالة". وأثبت ما في المجمل.‏

(6) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.‏

 

 

ـ (باب الدال والهاء وما يثلثهما)

(دهي)  الدال والهاء والحرف المعتلّ يدلُّ على إصابة الشّيء بالشيء بما لا يَسُرُّ. يقال ما دَهَاه: أيْ ما أصابه. لا يقال ذلك إلاّ فيما يسوء. ودواهِي الدَّهر: ما أصابَ الإِنسانَ من عظائم نُوَبِه. والدَّهْي: النُّكْر وجَودةُ الرّأي؛ وهو من الباب؛ لأنَّه يُصِيب برأيه ما يريدُه.

(دهر)  الدال والهاء والراء أصلٌ واحد، وهو الغَلَبة والقَهْر. وسُمِّي الدّهرُ دَهْراً لأنَّه يأتي على كلِّ شيءٍ ويَغلِبُه. فأمّا قولُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تسبُّوا الدَّهْرَ فإنَّ اللهَ هُوَ الدّهر"، فقال أبو عبيد: معناه أنّ العربَ كانوا إذا أصابتْهم المصائبُ قالوا: أبادَنَا الدّهرُ، وأتَى علينا الدّهر. وقد ذكروا ذلك في أشعارهم. قال عمرو الضُّبَعِيّ([1]):

رَمَتْنِي بناتُ الدَّهرِ من حيثُ لا أَرَى *** فكيفَ بمن يُرمَى وليس بِرَامِ

فلو أنَّنِي أُرمَى بنَبْلٍ تَقَيْتُها *** ولكنَّني أُرمَى بغير سهامِ

  وقال آخر([2]):

فاستأثَرَ الدّهرُ الغَدَاةَ بهمْ *** والدّهرُ يرمِينِي وما أَرْمِي

يا دهرُ قد أكثَرْتَ فَجْعَتَنا *** بسَرَاتنا ووقَرْتَ في العَظْمِ([3])

وسلَبْتَنَا ما لستَ تُعِْقبُنا *** يا دَهرُ ما أنصفْتَ في الحُكْمِ

  فأعلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن الذي يفعل ذلك بهم هو الله جلّ ثناؤُه، وأنّ الدّهرَ لا فِعلَ له، وأنّ مَن سَبَّ فاعِلَ ذلك فكأنّه قد سَبَّ ربّه، تبارك وتعالى عمّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً.

وقد يحتمل قياساً أن يكون الدَّهرُ اسماً مأخوذاً من الفِعْل، وهو الغَلَبة، كما يقال رجل صَوْمٌ وفِطرٌ، فمعنى لا تسبُّوا الدَّهْرَ، أي الغالبَ الذي يقهركم ويغلِبُكم على أموركم.

ويقال دَهْرٌ دَهِيرٌ، كما يقال أبدٌ أبِيدٌ. وفي كتاب العين: دَهَرَهُم أمْرٌ، أي نزَل بهم. ويقولون ما دَهْرِي كذا، أي ما همّتِي([4]). وهذا توسُّعٌ في التفسير، ومعناه ما أشغَلُ دهرِي به. فأمَّا الهمَّة فما تُسمَّى دهراً. والدَّهْوَرَة: جَمْع الشيء وقَذْفُه في مَهواةٍ؛ وهو قياس الباب.

(دهس)  الدال والهاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على لِين في مكان. فالدَّهْسُ: المكان الليِّن؛ وكذلك الدَّهَاس. والدُّهْسَة: لونٌ كلون الرَّمْل.

(دهش)  الدال والهاء* والشين كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها. يقال دُهِشَ، إذا بُهِت، ودَهِشَ دَهَشاً.

(دهق)  الدال والهاء والقاف يدلُّ على امتلاءٍ في مجيءٍ وذَهاب واضطراب. يقال أدْهَقْتُ الكأسَ: ملأتُها. قال الله تعالى: {وَكَأْساً دِهَاقاً} [النبأ 34]. والدَّهْدَقَةُ: دَوَرَان البَضْعة الكبيرة في القِدْر، تعلو مَرَّةً وتسفُل أخْرى.

(دهك)  الدال والهاء والكاف ليس بشيءٍ. وذكر ابن دُريد دَهَكْتُ الشّيءَ أدْهَكُه، إذا سحقتَه([5]).

(دهل)  الدال والهاء واللام ليس بشيءٍ. ويقولون: مَرَّ دَهْلٌ من اللَّيل، أي طائفة. ويقولون لا دَهْلَ، أي لا بأس. وهذه نَبَطِيَّةٌ لا معنَى لها([6]).

(دهم)  الدال والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على غِشيانِ الشّيء في ظلامٍ ثم يتفرّع فيستوي الظَّلامُ وغيرُه يقال مَرَّ دَهمٌ من اللَّيل، أي طائفةٌ. والدُّهمة: السَّواد. والدُّهَيْماءُ: تصغير الدَّهماء، وهي الدَّاهية، سُمِّيت بذلك لإظلامها.

ومن الباب الدَّهْم: العدد الكثير. وادْهامَّ الزّرعُ، إذا عَلاه السَّوادُ رِيّاً. قال الله جلّ ثناؤُه في صِفة الجنَّتين: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن 64]، أي سَوداوانِ في رأي العَين، وذلك للرّيّ والخُضْرة. ودَهمَتْهم الخيلُ تدهَمُهم، إذا غَشِيَتْهُم. والدَّهماء: القِدْر.

(دهن)  الدال والهاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على لِينٍ وسُهولةٍ وقِلَّة. من ذلك الدُّهْن. ويقال دَهَنْتُه أَدْهُنُه دَهْنا. والدِّهان: ما يُدْهَن به. قال الله عزّ وجلّ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدِّهَانِ} [الرحمن 37]. قالوا: هو دُرْدِيُّ الزَّيت. ويقال دَهَنَه بالعصا دَهْناً، إذا ضربَه بها ضرْباً خفيفاً.

ومن الباب الإدهان، من المُداهَنَة، وهي المصانَعة. داهَنْتُ الرجُلَ، إذا واربْتَه وأظهرْت له خلاف ما تُضْمِرُ له([7])، وهو من الباب، كأنّه إذا فعل ذلك فهو يدهُنُه ويسكِّن منه. وأدْهَنْتُ إدهاناً: غَشَشْتُ، ومنه قولُه جلَّ ثناؤُه: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم 9]. والمُدْهُنُ: ما يُجْعَل فيه الدُّهن، وهو أحد ما جاء على مُفْعُلٍ مما يُعْتَمَلُ وأَوَّلُه ميم. ومن التشبيه به المُدْهُن: نُقْرَةٌ في الجَبل يَستَنْقِعُ فيها الماء، ومن ذلك حديث النَّهديّ([8]): "نَشِفَ المُدْهُنُ، ويَبِسَ الجِعْثِنُ". والدَّهِينُ: الناقة القليلةُ الدَّرّ. ودهَنَ المطرُ الأرضَ: بَلَّها بَلاًّ يَسيراً. وبنو دُهْنٍ: حيٌّ من العرب، وإِليهم ينسب عَمَّارٌ الدُّهْنيّ. والدَّهْناء: موضعٌ، وهو رملٌ ليِّن، والنسبة إليها دَهناوِيٌّ. والله أعلم.

ــــــــــــــــــــتت

([1]) في الأصل: "الضابع"، وإنما هو عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك بن ضبيعة. انظر المعمرين 62، 89 ومعجم المرزباني 200 والخزانة (1: 338) حيث أنشد الشعر له.

([2]) هو الأعشى. انظر ملحقات ديوانه 258 واللسان (وقر).

([3]) في الأصل: "وقد قرت"، تحريف.

([4]) في المجمل وغيره: "ما همي"، ولكن هكذا ورد هنا وفيما يتلوه من التعقيب.

([5]) الجمهرة (2: 298).

([6]) كذا. وفي المجمل: "ولا دهل بالنبطية، أي لا تخف".

([7]) في الأصل: "خلاف ما يضمرونه".

([8]) هو طهفة بن أبي زهير النهدي. انظر النهاية لابن الأثير، وما سيأتي في مادة (رسل).

 

 

ـ (باب الدال والواو وما يثلثهما)

(دوي)  الدال والواو والحرف المعتل. هذا بابٌ يتقارب أصولُه، ولا يكاد شيءٌ [منه] ينقاس، فلذلك كتبْنا كلماتِه على وُجوهها. فالدَّوِيُّ دَوِيُّ النَّحل، وهو ما يُسمع منه إذا تجمَّع. والدَّواء معروف، تقول داوَيتُه أُداوِيه مُداواة ودِواءً. والدَّواة: التي يُكتَب منها، يقال في الجمع دُويٌّ ودِوِيٌّ([1]). قال الهذَليّ([2]):

عَرَفْتَُ الدّيارَ كرَقْم الدُِّوِ *** يِّ حَبَّرَهُ الكاتبُ الحِميريُّ([3])

  والدَّاء من المرض، يقال دَوِيَ يَدْوَى، ورجلٌ دَوٍ وامرأةٌ دوِيةٌ. يقال داءت الأرضُ، وأداءَتْ، ودوِيَت دَوىً، من الدّاء. ويقال: تركتُ فلاناً دَوىً ما أرى به حياةً. ويشبَّه الرّجُل الضَّعيفُ الأحمق به، فيقال دوىً. قال:

وقد أقُودُ بالدَّوَى المُزَمَّلِ *** أخْرَسَ في الرّكب بَقَاقَ المنْزِلِ([4])

  ودَوَّى الطّائرُ، إذا دار في الهواء ولم يحرِّك جَناحَيه. والدُِّواية: الجُلَيْدَة التي تعلو اللّبَنَ الرائب. يقال ادَّوَى يَدَّوِي ادِّوَاءً. قال الشاعر:

بدا مِنْكَ غِشٌّ طالَمَا قد كَتْمْتَه *** كما كتمَتْ داءَ ابنِها أمُّ مُدَّوِي([5])

  (دوح)  الدال والواو والحاء كلمة واحدة، وهي الدَّوْحة: [الشجرة([6])] العظيمة، والجمع الدَّوْحُ. *قال:

* يكُبُّ عَلَى الأذقانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ([7]) *

(دوخ)  الدال والواو والخاء أصل واحد يدلُّ على التَّذْليل. يقال دوّخناهم؛ أي أذللناهم وقَهرناهم. وداخُوا، أي ذَلُّوا.

(دود)  الدال والواو والدال ليس أصلاً يفرَّع منه. فالدُّود معروف. يقال دَادَ الشيءُ يَدَادُ، وأَدادَ يَدِيدُ. والدَّوَادِي: آثار أراجِيح الصِّبيان، واحدتُها دَوْدَاةٌ.

(دور)  الدال والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على إحداق الشيء بالشيء من حوالَيه. يقال دارَ يدُور دَوَراناً. والدّوَّارِيُّ: الدَّهر؛ لأنَّه يَدُور بالنَّاس أحوالاً. قال:

* والدَّهْرُ بالإنْسان دَوَّارِيُّ([8]) *

والدُّوَار، مثقَّل ومخفّف: حَجَرٌ كان يُؤخذ من الحرم إلى ناحيةٍ ويُطافُ به،ويقولون: هو من جِوار الكعبة التي يُطافُ بها. وهو قوله:

* كما دَارَ النِّساء على الدُّوَارِ *

وقال:

تركتُ بني الهُجَيمِ لهم دُوَارٌ *** إذا تمضي جماعتُهمْ تَدُورُ

  والدُّوَار في الرأس هو من الباب، يقال دِير به وأُدِير به، فهو مَدُورٌ به ومُدَار به. والدَّائرة في حَلْق الفرس: شُعَيرات تدور؛ وهي معروفة. ويقال دارت بهم الدوائر، أي الحالات المكروهة أحدقت بهم. والدار أصلها الواو. والدار: القبيلة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألاَ أُنَبِّئكم بخَيْر دُورِ الأنصار؟". أراد بذلك القبائلَ. ومن ذلك الحديث الآخَر: "فلم تَبْقَ دارٌ إلاّ بُنِي فيها مَسجد". أي لم تَبق قبيلةٌ. والدّارِيُّ: العطّار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ كَمثل الدّارِيّ إِنْ لم يُحْذِك مِن عِطره عَلِقَكَ مِن ريحه".أراد العَطَّار. وقال الشاعر:

إذا التّاجرُ الداريُّ جاءَ بفارةٍ *** مِن المِسك راحَتْ في مفارقها تَجْرِي([9])

  وإنَّما سُمِّي داريّاً من الدّار، أي هو يسكن الدّار([10]). والدّارِيّ: الرجُل المقيم في داره لا يَكاد يَبْرَح. قال:

لَبِّثْ قليلاً يلْحَقِ الدَّارِيُّونْ *** ذَوُو الجيادِ البُدَّنِ المَكْفِيُّونْ([11])

  والدَّارة: أرضٌ سَهلٌة تدور بها جِبال، وفي بِلاد العرب منها داراتٌ كثيرة. وأصل الدار دَارةٌ. قال:

له داعٍ بمكّةَ مُشْمَعِِلٌّ *** وآخَرُ فوقَ دارته ينادِي([12])

إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ *** لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهاد

  وقال في جمع دارةٍ دارتٍ:

تربَّصْ فإِن تُقْوِ المَرَوْرَاةُ منهمُ *** وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نَخْلُ([13])

  ودارات العرب المشهورة([14]): دارة جُلْجُل، ودارة السَّلَم، ودارة وَُشْحَى([15])، ودارة صُلْصُل، ودارة مَأْسَلٍ، ودارة خَِنْزَرٍ([16])، ودارة الدُّور، ودارة الجَأْب، ودارة يَمْعُون([17])، ودارة مَكْمَِنٍ([18])، ودارة رَهْبَى([19])، ودارة جَوْدَاتٍ([20])، ودارة الأرْآم، ودارة الرُّهَا، ودارة تَِيل([21])، ودارة الصَّفائح، ودارة هَضْبِ القَليب، ودارة صارة، ودارة دَمُّون، ودارة رُمْح، ودارة المَلِكَة([22])، ودارة مَلْحُوب، ودارة مِحْصَرٍ([23])، ودارة أَهْوَى، ودارة الجُمُْد،  ودارة رِمْرِم ، ودارة قُرْح، ودارة اليَعْضيد([24])، ودارة الخَرْج، ودارة رَدْم([25])، ودارة جُدَّى([26])، ودارة النِّصَاب.

(دوس)  الدال والواو والسين أُصَيْلٌ، وهو دَوْس الشَّيء. تقول دُسْتُه؛ والذي يُداسُ به مِدْوَسٌ. وحُمِل عليه قولُهم لما يَسُنُّ به الصَّيْقَلُ السّيفَ مِدوَسٌ، كأنَّه عند اتِّكائه عليه كالذي يَدُوس الشَّيء. قال:

وأبيضَ كالغَدير ثَوَى عليه *** فُلانٌ بالمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرٍ([27])

  (دوش)  الدال والواو والشين كلمةٌ واحدةٌ لا يفرَّع منها. يقال دَوِشَتْ عينه تَدْوَش دَوَشاً، إذا فَسَدَت مِن داءٍ. ورجل أَدْوَشُ بَيِّنُ الدَّوَش.

(دوف)  الدال والواو والفاء كلمةٌ واحدة. يقال دُفْتُ الدّواءَ دَوْفاً.

(دوق)  الدال والواو والقاف ليس أصلاً ولا فيه ما يُعَدُّ لغةً، لكنهم يقولون: مائِقٌ *دائق.

(دوك)  الدال والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضَغْطٍ وتزاحُم. فيقولون: دُكْتُ الشيءَ دَوْكاً. والمَدَاك: صَلايَة الطِّيب، يَدُوك عليها الإنسان الطِّيبَ دَوْكاً. قال:

* مَدَاكَ عَرُوسٍِ أو صَلاَيَةَ حَنْظَلِ([28]) *

ويقال باتَ القوم يَدُوكُون دَوْكاً، إذا باتُوا في اختلاطٍ. ومن ذلك الحديث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال] في خيبر: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غداً رجُلاً يحبُّ الله ورسولَه يَفْتَحُ اللهُ على يَدِه"، فباتَ النَّاسُ يَدُوكون([29]). ويقال تداوَكَ القومُ، إذا تضايَقُوا في حَرْبٍ أو شَرّ.

(دول)  الدال والواو واللام أصلان: أحدُهما يدلُّ على تحوُّل شيءٍ من مكان إلى مكان، والآخر يدلُّ على ضَعْفٍ واستِرخاء.

أمَّا الأوَّل فقال أهل اللغة: انْدَالَ القومُ، إذا تحوَّلوا من مكان إلى مكان. ومن هذا الباب تداوَلَ القومُ الشّيءَ بينَهم: إذا صار من بعضهم إلى بعض، والدَّولة والدُّولة لغتان. ويقال بل الدُّولة في المال والدَّولة في الحرب، وإِنَّما سُمِّيا بذلك من قياس الباب؛ لأنّه أمرٌ يتداوَلُونه، فيتحوَّل من هذا إلى ذاك، ومن ذاك إلى هذا.

وأمَّا الأصل الآخَر فالدَّوِيلُ من النَّبْت: ما يَبِس لعامِهِ. قال أبو زيد: دال الثَّوبُ يَدوُل، إذا بَلِيَ. وقد جعل [وُدُّهُ([30])] يَدُول، أي يبلى. ومن هذا الباب انْدَالَ بَطْنُه، أي استَرخَى.

(دوم)  الدال والواو والميم أصلٌ واحد يدلُّ على السُّكون واللُّزوم. يقال دامَ الشّيءُ يَدُومُ، إذا سكَنَ. والماء الدّائم: السَّاكن. ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبَالَ في الماء الدائم ثم يُتَوَضَّأَ منه. والدليل على صحّة هذا التأويل أنّه روي بلَفْظَةٍ أُخرى، وهو أنّه نَهَى أن يُبَالَ في الماء القائم. ويقال أَدمْتُ القِدْرَ إدامةً، إذا سكَّنْتَ غليانَها بالماء. قال الجعديُّ:

تفورُ علينا قِدْرُهم فَنُدِيمُها *** ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذَا حَمْيُها غَلا([31])

  ومن المحمول على هذا وقياسُه قياسُه، تدويم الطّائِر في الهواء؛ وذلك إذا حلَّق وكانت له عندها كالوقفة. ومن ذلك قولهم: دَوّمت الشَّمْسُ في كبد السماء، وذلك إذا بلغت ذلك الموضع. ويقول أهلُ العلم بها: إنْ لها ثَمَّ كالوَقْفة، ثم تَدْلُك. قال ذو الرُّمَّة:

* والشمسُ حَيْرَى لها في الجَوِّ تَدْوِيمُ([32]) *

أي كأنَّها لا تمضِي. وأما قولُه يصف الكلاب:

حتَّى إذا دوَّمَت في الأرض راجَعَهُ *** كِبْرٌ ولو شاءَ نَجَّى نَفْسَه الهَرَبُ([33])

  فيقال إنّه أخطأ، وإنَّما أراد دَوَّتْ فقال دَوَّمَتْ، وقد ذُكر هذا في بابه. ويقال: دَوَّمْتُ الزّعفرانَ: دُفْتُه؛ وهو القياسُ لأنّه يسكُن فيما يُداف فِيه. واستَدَمْتُ الأمْرَ، إذا رفَقْتَ به([34]). وكذا يقولون. والمعنى أنّه إذا رَفَقَ به ولم يعْنُف ولم يَعْجَل دامَ له. قال:

فلا تَعْجَلْ بأمْرِكَ واستدِمْهُ *** فما صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيم([35])

  وأما قولُه:

* وقد يُدَوِّمُ رِيقَ الطَّامِعِ الأمَلُ([36]) *

فيقولون: يُدوِّم يَبُلُّ، وليس هذا بشيء، إنَّما يدوِّم يُبْقِي؛ وذلك أنّ اليائِسَ يجفُّ ريقُه. والدِّيمة: مطرٌ يدُومُ يوماً وليلةً أو أكثر.

ومن الباب أنّ عائشة [رضي الله عنها] سُئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: "كان عملُهُ دِيمَة" أي دائماً. والمعنى أنّه كان يَدُوم عليه، سواء قلَّلَ أو كثَّر، ولكنه كان لا يُخِلّ. تعني بذلك في عبادته صلى الله عليه وسلم. فأمّا قولهم دوَّمَتْه الخمر، فهو من ذاك؛ لأنها تُخَثّره حتَّى تسكُن حركاته. والدَّأْمَاءُ: البَحْر، ولعلّه أن يكون من الباب؛ لأنّه ماءٌ مقيمٌ لا يُنْزَح ولا يَبْرَح. قال:

واللَّيْلُ كالدَّأماءِ مستشعِرٌ *** مِن دُونِهِ لوناً كلَوْن السَُّدُوسْ([37])

  (دون)  الدال والواو والنون أصل* واحِد يدلُّ على المداناةِ والمقاربة. يقال هذا دُونَ ذاك، أي هو أقرَبُ منه. وإِذا أردْتَ تحقيرَه قلتَ دُوَيْنَ. ولا يُشتقُّ منه فِعْلٌ. ويقال في الإِغراء: دُونَكَهُ! أي خُذْه، أقرُبْ منه وقرِّبْه منك. ويقولون أمرٌ دُونٌ، وثوب دُونٌ، أي قريبُ القِيمَة. قال القتيبـيّ: دانَ يَدُونُ دَوْناً، إذا ضَعُف، وأُدِين إدانةً. وأنشدوا:

* وعَلا الرَّبْرَبَ أَزْمٌ لم يُدَنْ([38]) *

أي لم يُضْعَف. وهو عنده من الشَّيء الدُّون، أي الهيِّن. فإِن كان صحيحاً فقياسُه ما ذكرناه.

(دوه)  الدال والواو والهاء ليس بشَيء. يقولون: الدَّوْه: التحيُّر.

ـــــــــــــــــــ

([1]) ويقال أيضاً دوى، كصفاة وصفا.

([2]) هو أبو ذؤيب الهذلي. والبيت مطلع قصيدة له في ديوانه 64.

([3]) في الديوان: "كرقم الدواة يزبرها" فالضمير فيه للرقم بتأويله بمعنى الصحيفة. وفي اللسان (دوا): "كخط الدوى حبره".

([4]) البيتان نسبا إلى أبي النجم العجلي في الجمهرة (1: 36). وأنشدهما في اللسان (بقق، دوا). وقد سبقا في (بق 1: 186).

([5]) البيت ليزيد بن الحكم الثقفي، من قصيدة لـه في أمالي القالي (1: 68) وأمالي ابن الشجري  (1: 176) والأغاني (11: 96) والخزانة (1: 496). وأنشده في اللسان (دوا) وعقب عليه بقولـه: "وذلك أن خاطبة من الأعراب خطبت على ابنها جارية، فجاءت أمها إلى أم الغلام تنظر إليه، فدخل الغلام فقال: أأدوي يا أمي؟ فقالت: اللجام معلق بعمود البيت! أرادت بذلك كتمان زلة الابن وسوء عادته".

([6]) التكملة من المجمل واللسان.

([7]) لامرئ القيس في معلقته. وصدره: * فأضحى يسح الماء حول كتيفة *

([8]) للعجاج في ديوانه 66 واللسان (دور).

([9]) البيت في اللسان (دور).

([10]) الحق أنه منسوب إلى "دارين" وهي فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك.

([11]) الرجز في اللسان (دور).

([12]) من قصيدة لأمية بن أبي الصلت يمدح بها عبد الله بن جدعان. ديوانه 27 واللسان (دور، شمعل، رجح، ردح، شير، لبك، شهد). وانظر ما سيأتي في (شهد، لبك).

([13]) البيت لزهير في ديوانه 100.

([14]) ذكر ياقوت من دارات العرب سبعين دارة، وأورد صاحب اللسان عشرين دارة في مادة (دور). وقد بلغ صاحب القاموس الغاية في جمعها؛ إذ ساق منها مائة دارة وعشرا مرتبة على الحروف.

([15]) بضم الواو وقد تفتح. وهو بالحاء المهملة في آخره كما في اللسان (وشح، دور). وفي معجم البلدان. "وشجى" تحريف. وفي اللسان "وشحاء" أيضاً بالمد، عن كراع.

([16]) بفتح الخاء وكسرها، كما في معجم البلدان.

([17]) في معجم البلدان: "دارة يمعون، بالنون وقد يروى بالزاي وهو جيد، قال:

*بدارة يمعون إلى جنب خشرم*"

([18]) ضبطت في الأصل ومعجم البلدان، بكسر الميم الأخيرة، ضبط قلم. وفي القاموس واللسان بفتحها.

([19]) في الأصل: "وهبى" صوابه بالراء، كما في اللسان والقاموس والمعجم.

([20]) ذكرت في القاموس والمعجم. وأنشد للجميح:

إذا حللت بجودات ودارتها *** وحال دوني من حواء عرنين

([21]) في الأصل: "تين" تحريف، صوابه من القاموس ومعجم البلدان في رسم (دارة) وفي (تيل). والتاء فيه تفتح وتكسر.

([22]) لم أجد لها ذكراً في اللسان ومعجم البلدان، وذكرها في القاموس (دور).

([23]) ذكرها في المعجم، قال: "ويقال محصن"، وبهذا الرسم الأخير وردت في اللسان والقاموس، وضبطت في اللسان فقط بضم الميم وفتح الصاد.

([24]) في الأصل:" اليعضد" مع ضبط الضاد بالضم، تحريف، صوابه من القاموس ومعجم البلدان. وأنشد ياقوت:

أو ما ترى أظعانهم مجرورة *** بين الدخول فدرة اليعضيد

([25])في المعجم والقاموس: " الردم".

([26]) في الأصل: "حدبى"، صوابه في المعجم والقاموس. وأنشد ياقوت:

بدارات جدى أو بصارات جنبل *** إلى حيث حلت من كثيب وعزهل

([27]) وكذا ورد إنشاده في المجمل مع ضبط "فلان". وجاء في اللسان (فلن) أنه اسم رجل، واسم قبيلة يقال لهم بنو فلان. وفي اللسان (دوس): "ثوى عليه قيون".

([28]) لامرئ القيس في معلقته. وصدره: * كأن على المتنين منه إذا انتحى *

([29]) في اللسان: "يدوكون تلك الليلة فيمن يدفعها إليه".

([30]) التكملة من المجمل واللسان.

([31]) البيت في اللسان (فثأ) مع نسبته للجعدي، وفي (دوم) بدون نسبة. وسيعيده في (فور).

([32]) صدره كما في ديوانه 78 واللسان (دوم): *معرورياً رمض الرضراض يركضه*

([33]) ديوان ذي الرمة 24 واللسان (دوم).

([34]) في المجمل واللسان: "إذا تأنيت فيه".

([35]) لقيس بن زهير في اللسان (دوم، صلا). وأنشد صدره في المجمل. وفي اللسان: "وتصلية العصا: إدارتها على النار لتستقيم. واستدامتها: التأني فيها. أي ما أحكم أمرها كالتأني".

([36]) البيت لابن أحمر كما في الحيوان (1: 231/ 3: 47) والبيان (1: 133) واللسان (دوم). وصدره: * هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه *

([37]) للأفواه الأودي في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي واللسان (دأم، سدس). وحق كلمة "الدأماء" أن يفرد لها مادة (دأم).

([38]) لعدي بن زيد، كما في المجمل واللسان (دون). وصدره: *أنسل الذرعان غرب جذم*

ويروى: "لم يدن" بتشديد النون على ما لم يسم فاعله، من دني يدنى، أي ضعف. أشير إليها في المجمل واللسان.

 

 

ـ (باب الدال والياء وما يثلثهما)

(ديث)  الدال والياء والثاء يدل على التَّذليل، يقال ديَّثْتُه، إذا أذلَلتَه، من قولهم طريقٌ مديَّثٌ: مُذَلَّل.

(ديص)  الدال والياء والصاد أصلٌ واحد يدلّ على رَوَغانٍ وتفَلّت. يقال داصَ يديص دَيْصاً([1])، إذا راغَ. والاندياص: انسلال الشَّيء من اليَد. ويقال انداصَ علينا فلانٌ بشرِّه، وذلك إذا تفلّتَ علينا؛ وإنّه لمُنْدَاصٌ بالشّرّ. ويقال الدَّيَّاص: السَّمين؛ والدَّيَّاصة: السمينة. فإن كان صحيحاً فلأنه إذا قُبِضَ عليه اندلَصَ من اليد؛ لكثرة لحمه.

(دير)  الدال والياء والراء أظُنه منقلباً عن الواو، من الدَّار والدوْر. ومن الباب الدَّيْر. وما بها دَيُّورٌ ودَيَّارٌ، أي أحدٌ. ومن الباب الذي ذكرْناه قال ابنُ الأعرابيّ: يقال للرجل إذا كان رأسَ أصحابه: هو رأس الدَّيْر.

(ديف)  الدال والياء والفاء ليس بشيء. يقولون: الدِّيَافِيُّ منسوبٌ إلى أرضٍ بالجزيرة. قال:

* إذا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيَافِيُّ جَرْجَرَا([2]) *

(ديل)  الدال والياء واللام ليس ينقاس. يقولون: الدِّيلُ قبيلةٌ، والنسبة دِيلي. فأمّا الدُّئِل، على فُعِلٍ، فهي دُويْبَّة. ويضعُف الأمرُ فيها من جهة الوزْن، فأمّا الاشتقاق فليس ببعيد، وقد ذكرناه في الدال والهمزة مع الذي يَجيء بعدهما.

(ديك)  الدال والياء والكاف ليس أصلاً يتفرّع منه، إنَّما هو الدِّيك. ويقولون: هو عُظَيمٌ ناتئٌ في جَبْهة الفرس([3]). وليس هذا بشيء.

(دين)  الدال والياء والنون أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها. وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دان لـه يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون. قال الشاعر:

* وكانَ النّاس إلاّ نحنُ دِينا([4]) *

والمَدِينة كأنّها مَفْعلة، سمّيت بذلك لأنّها تقام فيها طاعةُ ذَوِي الأمر. والمدينة: الأَمَة. والعَبْدُ مَدِينٌ، كأنّهما أذلّهما العمل. وقال:

رَبَتْ وَرَبَا في حِجْرِها ابنُ مدينةٍ *** يظل على مِسحاتِهِ يَترَكَّلُ([5])

  فأمَّا قول القائل:

* يا دِينَ قَلْبُكَ مِن سَلْمَى وقد دِينَا([6]) *

فمعناه: يا هذا دِينَ قلبُك، أي أُذِلَّ. فأمّا قولهم إِنّ العادة يقال لها دينٌ، فإن كان صحيحاً فلأنَّ النفسَ إذا اعتادت شيئاً مرَّتْ معه وانقادت له. وينشدون في هذا:

كدِينِكَ مِن أمِّ الحُويرثِ قَبْلَهَا *** وجارتِها أُمِّ الرَّباب بمَأْسَلِ([7])

  والرواية "كَدَأبك"، والمعنى قريبٌ.

فأمَّا قوله جلّ ثناؤُه: {ما كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ} [يوسف 76]، فيقال: في طاعته، ويقال في حكمه. ومنه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة 4]، أي يوم الحكم. وقال قومٌ: الحساب والجزاء. وأيُّ ذلك كان فهو أمرٌ يُنقاد له. وقال أبو زَيد: دِينَ الرّجُل يُدان، إذا حُمِل عليه ما يَكره.

ومن هذا الباب الدَّيْن. يقال دايَنْتُ فلاناً، إذا عاملتَه دَيْناً، إِمّا أخْذاً وإمّا إعطاء*. قال:

دايَنت أَرْوَى والدُّيُونُ تُقْضى *** فمطَلَتْ بعضاً وأدَّتْ بعضَا([8])

  ويقال: دِنْتُ وادَّنْتُ، إذا أَخَذْتَ بدَينٍ. وأدَنْتُ أقْرَضْت وأعطيت دَيْناً. قال:

أدَانَ وَأنْبَأَهُ الأوَّلُون *** بأنَّ المُدانَ مَلِيٌّ وَفِيُّ([9])

  والدَّيْن من قياس الباب المطّرد، لأنّ فيه كلَّ الذُّلّ والذِّل([10]). ولذلك يقولون "الدَّين ذُلٌّ بالنّهار، وغَمٌّ بالليل". فأمّا قول القائل:

يا دارَ سَلْمَى خَلاءً لا أُكَلِّفُهَا *** إلاّ المَرَانة حَتَّى تعرِفَ الدِّينَا([11])

  فإنّ الأصمعيّ قال: المَرَانة اسمُ ناقَتِه، وكانت تَعرِفُ ذلك الطريقَ، فلذلك قال: لا أكلِّفُها إلاّ المَرانة. حَتَّى تعرف الدِّين: أي الحالَ والأمر الذي تَعهده. فأراد لا أكلف بلوغَ هذه الدار إِلاّ ناقتي.

والله أعلم.

ـــــــــــــ

([1]) ويقال "ديصانا" أيضاً، وقد اقتصر على الأخيرة في المجمل.

([2]) لامرئ القيس في ديوانه 101 واللسان (سوف). وصدره:

* على لاحب لا يهتدى بمناره *

([3]) الذي في المعاجم المتداولة أنه العظم الشاخص خلف أذنه. وفي المجمل نص غريب، وهو أنه العظم الناتئ في طرف لسان الفرس.

([4]) أنشد هذا الجزء في اللسان (دين 78 س4).

([5]) البيت للأخطل في ديوانه 5 واللسان (دين، مدن، ركل).  وسبق إنشاده في (1: 334).

([6]) أنشد هذا الصدر في اللسان (دين 28، 29).

([7]) لامرئ القيس في معلقته.

([8]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 79 واللسان (دين). وهو مطلع أرجوزة له.

([9]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 65 واللسان (دين).

([10]) كذا وردت الكلمتان في الأصل بهذا الضبط. والذل، بالكسر: ضد الصعوبة.

([11]) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (مرن). وأنشد له ياقوت في رسم (مرانة) برواية: "يا دار ليلى". وانظر ما سيأتي في (مرن).

 

 


ـ (باب الدال والألف وما يثلثهما)

وقد يقع فيه المهموز والألف المنقلبة. وقد ذكرنا المهموزَ لأنَّ سائرَ ذلك من المعتلّ مذكورٌ في أبوابه.‏

(دأب) الدال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ملازَمةٍ ودوام. فالدأبُ: العادةُ والشّأن. قال الفرّاء: الدأْب، أصله من دَأبْتُ، إلاّ أنّ العربَ حوّلت معناه إلى الشّأن. ودأَبَ الرّجُل في عمله، إذا جَدَّ. وأدْأبْتهُ أنا إدآباً. والدائِبان: اللّيلُ والنَّهار.‏

(دأث) الدال والهمزة والثاء ليس أصلاً؛ لأن الدَّأْثاءَ-وهي الأَمَةُ- مقلوبةٌ من الثأْداء. على أنَّهم يقولون: دَأَثْتُ الطّعام: أكلتُه.‏

(دأل) الدال والهمزة واللام يدل على خِفّة ونَشْطَةٍ(1). فالدَّأَلاَنُ: المشْيُ بنَشاط. يقال منه دَألْتُ أدْأَل. والدَّأْل: الخَتْل. ويقولون: الدُّؤْلُول الدَّاهية؛ وهو قريب من الباب. والدؤَل قَبِيلةٌ.‏

(دأم) الدال والهمزة والميم يدل على تَوَالٍ وتَنَضّدٍ. قال الخليل: دَأَمْتُ الحائطَ، أي رفَعْتُه، ويكون هذا ممّا ذكرناه؛ لأنّه شيءٌ فوق شيء. ويقال تداءَمَتْ عليه الرِّياح، إذا توالت؛ وتَدَأَّمَت الأمواجُ(2). وقال:‏

* تحت ظِلال المَوْج إذْ تَدَأَّمَا (3)*‏

والبحر نَفسُه الدَّأْماء. ولعل هذا القياسَ أولى به، وتَدَاءمْتُ الرّجلَ، إذا وثبتَ عليه. وتداءمَ الفحلُ النّاقَة، إذا تجلّلَها. وتداءمَت السّماءُ: توالت أمطارُها(4).‏

(دأظ) الدال والهمزة والظاء كلمةٌ واحدةٌ. يقولون الدّأْظ: المَلْء(5). ويقال دأظتُ المَتاعَ في الوِعاء. قال:‏

* والدّأظُ حَتَّى لا يَكونَ غَرْضُ(6) *‏

الدأْظ: الامتلاء. والغَرْض: أن يبقى موضعٌ لا يبلُغه الماء(7).‏

(دأي) الدال والهمزة والياء أصلان: أحدهما يدل على خَتْلٍ، والآخر عَظْمٌ متَّصل بمِثْله، ويشبّه به غيره، ويكون من خَشَب.‏

فالأوَّل الدّأْي، وهو الختْل؛ يقال دَأيْتُ أدأَى دَأْياً؛ وهو الخَتْل. والذِّئب يَدأَى، إِذا خَتَل.‏

وأمَّا الآخَر فالدّأْيات: الفَقَار، الواحدةُ دَأْية؛ وابنُ دأيَةَ: الغُرابُ؛ لأنَّه يقع على دأْية البعير الدّبِر فينقُرها؛ والدّأية من البعير: الموضعُ تقع عليه ظَلِفَة(8) الرَّحْل فتعقِرُه.‏

ــــــــــــــــــ

(1) المعروف في ضد الكسل النشاط. وأما هذه فلعلها مرة من نشطت الإبل: مضت.‏

(2) في اللسان: "وتداءمت عليه الأمور والأهوال والهموم والأمواج، بوزن تفاعلت، وتدأمته، الأخيرة معداة بغير حرف: تراكمت عليه وتزاحمت وتكسر بعضها على بعض"، ثم قال: "الأصمعي تداءمه الأمر مثل تداعمه، إذا تراكم عليه".‏

(3) في الأصل : " تداءما". وهو تحريف؛ فإن البيت من أرجوزة للعجاج في ملحقات ديوانه 184. وقبله:‏  * كما هوى فرعون إذ تغمغما *‏

وليس في الأرجوزة تأسيس. وهو على الصواب في اللسان ( دأم).‏

(4) في المجمل: "وتداءلت السماء هطلت".‏

(5) في الأصل: "الملاء".‏

(6) قبله كما في اللسان (دأض، دأظ، غرض):‏  * لقد فدى أعناقهن المحض *‏

يقول: فدت ألبانها أعناقها من أن تنحر. وفي اللسان: "حتى ما لهن".‏

(7) عبر عنه في اللسان بقوله: "النقصان عن الملء".‏

(8) في الأصل: "خلفة"، صوابه في المجمل.‏

 

 

ـ (باب الدال والباء وما يثلثهما)

(دبج)  الدال والباء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على شيءٍ ذي صفحةٍ حَسَنَةٍ. الدّيباجُ معروفٌ. والدِّيباجَتانِ: الخَدّان. وقال ابن مقبل:

* يَجرِي بديباجَتَيهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ([1]) *

ويقال هما اللِّيتان([2]). وأمّا قولهم: "ما بالدّار دِبِّيجٌ" فيقال هو بالحاء، وقد ذُكر في بابه، وإن كان بالجيم كما قيل فليس من هذا، ولعله أنْ يكون من دِبِّيٍّ، من الدَّبيب، ثم حُوِّلت ياء النِّسبة جيماً على لغة من يفعل([3]).

(دبح)  الدال والباء والحاء أُصَيلٌ، وهو الإقبال على الشَّيء بالجِسْم حتَّى تَحْنُوَ عليه كل الحُنوّ. يقال دبَّحَ الرجُل رأسَه، وذلك إذا نكسَه وطأطأه. و*نُهِيَ أن يُدَبِّحَ الرّجُل في الصَّلاة كما يدبِّح الحِمار. والذي يقولون ما بالدَّار مِنْ دِبِّيحٍ، فهو من هذا، أي مقيمٍ في الدَّار مقبلٍ عليها، والحاء في هذه الكلمة أقيس من الجيم، لما ذكرناه.

(دبر)  الدال والباء والراء. أصل هذا الباب أنَّ جُلّه في قياسٍ واحد، وهو آخِر الشَّيء وخَلْفُه خلافُ قُبُلِه. وتشذّ عنه كلماتٌ يسيرة نذكرُها.

فمعظم الباب أنَّ الدُّبُرَ خلافُ القُبُل. والدَّبِير: ما أدْبَرَتْ به المرأةُ من غزْلِها حين تفتِلُه. قال ابن السكِّيت: القَبِيل من الفَتْل: ما أقبَلْتَ به إلى صدرك، والدَّبير: ما أدبَرْتَ به عن صدرك. ودابرةُ الطّائر: الإِصبع التي في مُؤخَّر رِجْله. وتقول: جعلتُ قولَه دَبْرَ أُذُني، أي أغضَيْت عنه وَتصامَمْت، ودَبَر النَّهارُ وأدبَرَ([4])، وذلك إذا جاء آخِرُه، وهو دُبُره. ودبَّرْتُ الحديثَ عن فُلانٍ، إذا حدَّثتَ به عنه، وهو من الباب؛ لأنَّ الآخِر المحدِّثَ يَدْبُر الأوّلَ يجيءُ خَلْفَه. ودابرة الحافر: ما حاذَى مؤخَّر الرُّسْغ. وقطَعَ اللهُ دابِرَهم، أي آخِرَ مَن بَقِي منهم. والدَّابر من السِّهام: الذي يخرُج من الهَدَف، كأنَّه وَلّى الرّاميَ دُبُرَه، وقد دَبَرَ يَدْبُرُ دُبُوراً، والدَّبَرانُ: نجمٌ، سمِّي بذلك لأنَّه يَدْبُر الثّريّا. ودابَرْتُ فُلاناً: عاديتُه. وفي الحديث: "لا تَدَابَرُوا"، وهو من الباب، وذلك أنْ يترُكَ كلُّ واحدٍ منهما الإقبالَ على صاحبه بوجْهه. والتدبير: أنْ يُدبِّر الإنسانُ أمرَه، وذلك أنَّه يَنظُر إلى ما تصير عاقبتُه وآخرُه، وهو دُبُره. والتَّدبير عِتْق الرّجُل عبدَه أو أمَتَه عن دُبُر، وهو أن يَعْتِقَ بعد موت صاحبِه، كأنَّه يقول: هو حُرٌّ بعدَ موتي.

ورجل مقابَلٌ مُدابَرٌ، إذا كان كريمَ النَّسَب من قِبَل أبوَيه؛ ومعنى هذا أنَّ من أقبَلَ منهم فهو كريمٌ، ومن أدبَرَ منهم فكذلك. والمُدَابَرَة: الشاة تُشَقُّ أُذُنُها من قِبَل قَفاها. والدّابر [من([5])] القِداح: الذي لم يَخْرُج؛ وهو خلاف الفائز، وهو من الباب؛ لأنَّه ولّى صاحبَه دُبُرَه. والدَّابر: التابع؛ يقال: دَبَرَ دُبُوراً. وعلى ذلك يفسَّر قوله جلَّ ثناؤُه:{واللّيلِ إِذا دَبَرَ([6])} [المدثر 33]، يقول: تَبِع النَّهارَ. وَدَبَرَ بالقِمار، إذا ذَهَب به. ويقال: ليس لهذا الأمرِ قبْلةٌ ولا دِبْرَةٌ، أي ليس لـه ما يُقبِل به فيُعْرَفَ ولا يُدْبِر به فيُعرَف. ورجلٌ أُدابرٌ: يقطَع رَحِمَه؛ وذلك أنَّهُ يُدبِرُ عنها ولا يُقْبِل عليها. والدَّبُور: ريحٌ تُقبِل مِن دُبُر الكعبة. والدَّابرة: ضربٌ مِن أُخَذِ الصَّرْع([7]). قال أبو زيد: يقال "هو لا يُصَلِّي([8]) الصّلاةَ إلاّ دَبَرِيّاً"، والمُحدِّثونَ يقولون: دُبُريّاً. وذلك إذا صلاَّها في آخرِ وقتها، يريد وقد أدبَرَ الوقتُ.

وأما الكلمات الأُخَرُ فأُراها شاذّةً عن الأصل الذي ذكرناه، وبعضُها صحيح. فأمَّا المشكوك فيه فقولهم: إنَّ دُبَاراً اسمُ يوم الأربعاء، وإنَّ الجاهليَّة كذا كانوا يسمُّونه. وفي مثل هذا نَظَرٌ. وأمَّا الصَّحيح فالدِّبار، وهي المَشَارات من الزَّرْع. قال بِشرٌ:

* عَلَى جِرْبَةٍ تَعلُو الدِّبارَ غُروبُها([9]) *

ومن ذلك الدَّبْر، وهو المال الكثير؛ يقال مالٌ دَبْرٌ، ومالان دَبرٌ، وأموالٌ دَبْرٌ.

(دبس)  الدال والباء والسين أصلٌ يدلٌ على عُصارةٍ في لونٍ ليس بناصع. من ذلك الدِّبس، وهو الصَّقْر. والدُّبْسيُّ: طائرٌ؛ لأنّه بذلك اللّون. وجِئتَ بأُمورٍ دُبْسٍ، إذا جاء بها غيرَ واضحة. قال بعضُ أهل العلم: أَدْبَسَتِ الأرضُ فهي مُدْبِسَةٌ، إذا رُئِيَ([10]) فيها أوّلُ سواد النَّبت. فأمّا الكثْرة فهي الدَِّبْسُ، وهو استعارةٌ، كما يقال لها الدَّهْماء والسَّواد، فقد عاد إلى ذلك القياس. ويقولون الدَِّباساء، على فَِعالاء، للإناث من الجراد.

(دبش)  الدال والباء والشين ليس بشيء. على أنَّهم يقولون أرضٌ مَدبُوشَة*: أَكَلَ الجراد نَبْتَها. قال:

* في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَا مَدْبُوشِ([11]) *

(دبغ)  الدال والباء والغين كلمةٌ. دَبغْتُ الأديمَ أدْبَغُه وأدبُغه([12]) دَبغا.

(دبق)  الدال والباء والقاف ليس بشيء. يقولون لِذِي البَطْن الدَّبُوقاء.

(دبل)  الدال والباء واللام أصلٌ يدلُّ على جَمْعٍ وتجمُّعٍ وإصلاح لَمرَمَّةٍ([13]). تقول دَبَلْتُ الشيءَ جَمعتُه، كَدَبْلك اللُّقمةَ بأصابعك. والدُّبُول: الجداول. وسمِّيت بذلك لأنها تُدْبَل، أي تُنَقَّى وتُصلَح. قال الكِسائيّ: أرضٌ مدبولة، إذا أُصلِحَتْ بسِرْجينٍ وغيره. قال: وكلُّ شيءٍ أصلحتَه  فقد دبلْتَه ودملْتَه. ويقال الدَّوْبَل: الحِمار الصَّغير. وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقِه. ويقال دَبِلَ البعيرُ وغيرُه يَدْبَلُ، إذا امتلأَ لحماً.

ومما شذّ عن هذا الأصل الدِّبْل: الدّاهية. ودبَلَهم الأمرُ من الشّرّ: نزلَ بهم. يقال دِبْلاً دَبيلا، كما يقولون: ثُكْلاً ثاكلا. قال الشاعر([14]):

طِعانَ الكُماةِ ورَكْضَ الجِيادِ *** وقَوْلَ الحَواضِنِ دِبلاً دَبيلا([15])

  (دبي)  الدال والباء والياء ليس أصلاً، وإنَّما [هو] كلمةٌ واحدة، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً. فالدّبا: الجراد إذا تحرَّك([16]). والتشبيهُ قولهم: أدْبَى الرِّمْثُ، أوَّلَ ما يتفَطَّر؛ وذلك لأنّه يشبَّه بالدَّبا. وذكر بعضُهم: جاء فلانٌ بدَبَادَبَا([17])، إذا جاء بمالٍ كالدّبا([18]). ويقال أرضٌ مَدْبَاةٌ: كثيرة الدبا. ومَدْبِيَّةٌ: أَكَلَ الدّبَا نباتَها.

ــــــــــــــــ

([1]) لابن مقبل كما في ديوانه 170 واللسان (دبج، رشح، ردع)، وقد أنشد هذا العجز في المجمل. وصدره:

*يخدي بها بازل فتل مرافقه*  ويروى: "يسعى بها". ويروى:*يخدي بها كل موار مناكبه*

([2]) الليتان، بالكسر: صفحتا العنق، وفي الأصل: "اللتان" صوابه في المجمل.

([3]) أي يفعل ذلك، وهم ناس من بني سعد، نص عليه سيبويه في كتابه (2: 288). وانظر شرح الشافية  (3: 229).

([4]) وفي بعض القراءات: {والليل إذا دبر}، في قوله تعالى {والليل إذ أدبر} وكذا {والليل إذا أدبر} [المدثر 33]. انظر تفسير أبي حيان (8: 378).

([5]) هذه التكملة في المجمل.

([6]) هي قراءة ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وابن يعمر وأبي جعفر وشيبة وأبي الزناد وقتادة والحسن وطلحة والنحويين والابنين وأبي بكر. انظر الحاشية التي قبل السابقة.

([7]) في المجمل: "أخذة من أخذ المتصارعين". وفي اللسان: "ضرب من الشغزبية في الصراع". والأخذ بضم ففتح: جمع أخذة بالضم، أي طريقة أخذ.

([8]) في الأصل: "لولا نصلي"، وفي اللسان، "فلان لا يصلي"، وفي المجمل "أبو زيد: لا يصلي".

([9]) قصيدة بشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 129-133) وقد سبق إنشاد هذا العجز في (جرب 1: 450). وصدره كما في المفضليات واللسان (جرب، دبر):

* تحدر ماء البئر عن جرشية *

([10]) في الأصل والمجمل: "رعن"، صوابه من اللسان. وفي القاموس: "أظهرت النبات".

([11]) لرؤبة في ديوانه 78 واللسان (دبش، هأن). ورواية الديوان واللسان: "من" بدل "في". ويروى "مهوئن"، وهما لغتان، يقال بفتح الهمزة وكسرها. وقبل البيت:

* جاؤوا بأخراهم على خنشوش *

([12]) كذا ضبط الفعلان في المجمل. ويقال أيضاً أدبغه، بكسر الباء.

([13]) المرمة: متاع البيت.

([14]) هو بشامة بن الغدير. وقصيدته في المفضليات (1: 53-58).

([15]) البيت لم يروه المفضل، لكن ذكر في اللسان أنه من قصيدة بشامة. وفي المجمل واللسان: "وضرب الجياد". وفي الأصل أيضاً: "الحواضن" صوابه في المجمل واللسان.

([16]) زاد في المجمل: "قبل أن تنبت أجنحته".

([17]) في الأصل: "بدبى" صوابه من المجمل واللسان. ويقال أيضاً "بدَبَادُبَيٍّ" و"دَبَادُبيَّيْنِ". والدبا يكتب بالألف وبالياء.

([18]) في الأصل: "بمالكالدبا"، وهو تحريف رسم.

 

 

ـ (باب الدال والثاء وما يثلثهما)

(دثر) الدال والثاء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد. وهو تضاعُفُ شيءٍ وتناضُدُه بعضِه على بعض. فالدَّثْر(1): المال الكثير. والدِّثار: ما تدثَّر به الإنسانُ، وهو فوق الشِّعار. فأمّا قول القائل:‏

* والعَكَرِ الدَّثِرْ(2) *‏

فإنَّه أراد الدَّثْر فحرك الثاء، وهو الكثير.‏

ومن الباب تَدَثَّر الفَحْلُ الناقَة، إذا تَسَنَّمَها، كأنَّه صار دِثاراً لها. وتدثَّر الرجُلُ فرسَه، إذا وثب عليه فركِبَه. والدَّثُور: الرّجل النَّؤُوم(3).وسمِّي لأنَّه يتدثَّر وينام. فأمّا قولهم رسْمٌ داثِرٌ، فهو من هذا، وذلك أنَّه يكون ظاهراً حتى تهبّ عليه الرِّياحُ وتأتِيَه الرَّوامسُ، فتصيرَ له كالدِّثار فتغطِّيه.‏

(دثأ) الدال والثاء والهمزة ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال. يقولون مطر دَثَئِيٌّ، وهو الذي بين الحَمِيم والصَّيف(4). وإنَّما الأصل دَفَئِيٌّ، وهو من الدِّفء.‏

(دثن) الدال والثاء والنون كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. فأما أنْ يكون له قياسٌ فلا. يقولون: دثَّن الطَّائرُ: أٍرع في طَيَرانه. ودثَّن اتَّخَذَ عُشَّه. والكلمتان متشابهتان، والأمر فيهما ضعيف.‏

ــــــــــــــــ

(1) هو امرؤ القيس، كما في اللسان (دثر). وقصيدته في ديوانه 135-139.‏

(2) أنشد هذا الجزء في المجمل. والبيت بتمامه كما في الديوان واللسان:‏

لعمري لقوم قد ترى في ديارهم *** مرابط للأمهار والعكر الدثر‏

(3) في المجمل: "الرجل الخامل النؤوم".‏

(4) الحميم: القيظ.‏

 

 

ـ (باب الدال والجيم وما يثلثهما)

(دجر) الدال والجيم والراء أصلٌ يدلُّ على لُبْسٍ. فالدَّيجور: الظَّلام؛ والجمع دَياجِر ودياجِير. والدَّجَرُ: شِبْهُ الحَيْرة، وهو ذلك القياس، يقال رجلٌ دَجْرانُ ودَجَارَى، كما يقال حَيرانُ وحَيارَى.‏

وها هنا كلمةٌ إنْ صحّت فهي شاذة عن الأصل الذي ذكرناه. يقولون إن الدَُّجْر: الخشبة التي يُشدّ عليها حديدةُ الفَدَّان. وما أرَى هذا من كلام العرب.‏

(دجل) الدال والجيم واللام أصلٌ واحد منقاسٌ، يدلُّ على التغطية والسَّتْر. قال أهلُ اللغة: الدَّجْل: تموِيهُ الشَّيء، وسُمّي الكذّابُ دجّالاً. وسمِعت عليَّ بن إبراهيمَ القَطَّان يقول: سمِعت ثعلباً يقول: الدَّجّال المموِّه. يقال سيفٌ مُدَجّل، إذا كان قد طُلِيَ بذهبٍ. قال: فقِيل لـه: فيجوز أن يكون الذّهب يسمَّى دَجَّالاً؟ فقال: لا أعرِفُه(1). ومن الباب الدّجّالة: الجماعة العظيمة تحمل المتاع للتجارة. ويقال دَجَّلْتُ البعير، إذا طلَيته بالقَطِران؛ والبعير مدجَّلٌ.‏

قال ابنُ دريد: كلُّ شيءٍ غطّيته فقد دجَّلتَه. وسُمِّيت دِجلةُ لأنَّها تغطِّي الأرض* بالجمع الكثير(2). ويقال رُِفْقَةٌ دَجَّالة، إِذا غَطَّت الأرض بزَحْمَتها. قال:‏

* دَجّالة من أعظَم الرِّفاقِ(3) *‏

وفي كتاب الخليل: الدّجال: الكذَّاب، وإنَّما دَجَلُه كِذْبه؛ لأنَّه يدجِّل الحقَّ بالباطل.‏

(دجم) الدال والجيم والميم كلمةٌ واحدة. يقال دَُجِمَ، إذا حَزنَ. ويقولون: ما سمعتُ لفُلانٍ دَُجْمَةً، أي كلمة. وهذه كأنها من باب الإبدال، والأصل زَُجْمَة(4).‏

(دجن) الدال والجيم والنون قياسُه قياسُ الدال والجيم واللام. فالدَّجْن: ظلُّ الغيم في اليوم المَطِر(5). وأدْجَنَ المطرُ: دامَ أيّاماً. والمُداجَنةُ: حُسن المخالَطة. والدُّجُنَّة: الظلماء. وفي كتاب الخليل قال: لو خففَّه الشاعر لجازَ له. قال حُمَيدٌ(6):‏

* حتَّى إِذا انجلَتْ دُجَى الدُّجُونِ *‏

ومن الباب دَجَن دُجُوناً: أقام. والشَّاةُ الدّاجِن: التي تَأْلف البيوت. والله أعلم.‏

ــــــــــــــــــ

(1) في اللسان: "والدَّجَّال الذهب، وقيل ماء الذهب؛ حكاه كراع".‏

(2) كذا. وفي المجمل: "لأنها تغطي الأرض بمائها".‏

(3) البيت في اللسان (دجل) والجمهرة (2: 68).‏

(4) في الأصل: "رحمة" تحريف. والزجمة، بفتح الزاي وضمها.‏

(5) في المجمل: "المطير"، وهما سيان.‏

(6) في المجمل: "كقول حميد الأرقط". والبيت التالي في اللسان (دجن) بدون نسبة.‏

 

 

ـ (باب الدال والحاء وما يثلثهما)

(دحر)  الدال والحاء والراء أصلٌ واحد، وهو الطَّرد والإبعاد. قال الله تعالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَدْحُورا([1])}[الأعراف 18].

(دحز)  الدال والحاء والزاء ليس بشيء. وقال ابن دريد: الدَّحْز: الجِماع([2]). وقد يُولَع هذا الرجُل بباب الجماع والدَّفْع، وباب القَمْش والجمع.

(دحس)  الدال والحاء والسين أصلٌ مطَّرِد مُنْقاس، وهو تخلُّل الشَّيءِ بالشَّيءِ في خَفاءٍ ورِفق. فالدَّحْس: طلَب الشَّيءِ في خفاء. ومن ذلك دَحَسْتُ بينَ القوم، إذا أفسدْتَ؛ ولا يكون هذا إلاّ برفْق ووَسواس لطيفٍ خفيّ. ويقال الدّحْسُ: إدخالك يَدَك بين جِلْدة الشَّاة وصِفَاقها تسلخُها. والدَّحَّاس: دويْبَّة تغيب في التراب، والجمع دَحاحيس. وداحِسٌ: اسم فرسٍ؛ وسمِّي بذلك لأنَّ حَوْطاً([3]) سطا على أُمِّه- أُمّ داحسٍ([4])- بماءٍ وطِينٍ، يريد أن يخرج ماءَ فرسه من الرَّحِم. وله حديث([5]).

(دحص)  الدال والحاء والصاد كلمةٌ واحدة. يقال دَحَصَ المذبوحُ برجْله يدحَصُ دَحْصاً، إذا ارتكَضَ. قال علقمة:

رغا فوقَهم سَقْبُ السَّماءِ فداحِصٌ *** بشِكَّتِهِ لم يُسْتَلَبْ وسليبُ([6])

  (دحض)  الدال والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على زوالٍ وزَلَق. يقال دَحَضَتْ رجلُه: زَلِقَتْ. ومنه دحَضَت الشّمس: زالت. ودَحَضَتْ حُجّةُ فلانٍ، إذا لم تَثْبُت. قال الله جلّ ثناؤه: {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الشورى 16].

(دحق)  الدال والحاء والقاف قياسٌ يقرُب من الذي قبْلَه. يقال دَحَقَ الشَّيءُ: زَالَ ولم يثبُتْ. والدَّحيق: البعيد. ويقال فعلَ فلانٌ كذا فدحَقْتُ عنه يدَه، أي قبضتُها. ويقال أدْحَقَه الله، أي أبْعَدَه. ودَحَقت الرّحِمُ: رمَتْ بالماء فلم تقبلْه. والدِّحاق: أن تخرُجَ رحِمُ الأنثَى بعد الولادة، فلا تنجُو حتى تموت. وهي دَحُوقٌ. قال:

وأُمُّكُمْ خَيْرَةُ النِّساء عَلَى *** ما خانَ منها الدِّحاقُ والأَتَمُ

  (دحل)  الدال والحاء واللام يدلُّ على تلجُّفٍ في الشَّيء وتطامُن.فالدَّحْل: المطمئِنُّ من الأرض، والجمع الدُّحُول. ويقال بئرٌ دَحُولٌ: ذاتُ تلجُّف([7])، وذلك إذا أكمَلَ الماءُ جِرابَها. فأمَّا الدَّحِلُ في خَلْق الإنسان، فيقال هو العظيم البَطْن؛ وهو قياسُ الباب، لأنَّه يدلُّ على سَعةٍ وتلجُّف.

(دحم)  الدال والحاء والميم ليس بشيءٍ. على أنّهم يقولون: دَحَمَه، إذا دَفَعَه دفعاً شديداً. وبه سُمِّي الرَّجُل دَحْمانَ ودُحَيْماً.

(دحن)  الدال والحاء والنون ليس بأصلٍ، لأنّه من باب الإبدال. يقال رجل دَحِنٌ، وهو مثل الدَّحِلِ([8]). وقد فسَّرناه.

(دحو)  الدال والحاء والواو أصلٌ واحد يدلُّ على بَسْطٍ وتمهيد.

يقال دحا الله الأرضَ يدحُوها دَحْواً، إذا بَسَطَها. ويقال دحا المطرُ الحَصَى عن وجْه* الأرض. وهذا لأنّه إذا كان كذا فقد مهّد الأرض. ويقال للفرَس إذا رمَى بيديه رمْياً، لا يرفع سُنْبُكَه عن الأرض كثيراً: مرّ يدحُو دَحْواً. ومن الباب أُدْحِيُّ النَّعام: الموضع الذي يُفَرِّخ فيه، أُفْعولٌ مِن دحوت؛ لأنّه يَدْحُوه برِجْله ثم يبيض فيه. وليس للنّعامة عُشٌّ.

ـــــــــــــــــ

([1]) من الآية 18 سورة الأعراف. وفي الأصل: "مذموماً" تحريف. وفي الآية 19 من الإسراء: {يصلاها مذموماً مدحوراً}. وهذا وجه اللبس.

([2]) لم أجده في الجمهرة ولا في فهارسها. انظر الجمهرة (1: 121) حيث مظن الكلمة. فلعلها مما سقط من الجمهرة.

([3]) هو حوط بن أبي جابر بن أوس بن حميرى، صاحب "ذي العقال" والد "داحس". انظر الأغاني  (16: 23).

([4]) اسمها "جلوى"، وكانت لقرواش بن عوف بن عاصم.

([5]) انظر حرب داحس والغبراء في الأغاني والعقد (3: 313) وكامل ابن الأثير (1: 343) وأمثال الميداني (1: 359/2: 51).

([6]) قصيدة البيت في ديوانه 131 والمفضليات (2: 190-196). وأنشده في المجمل واللسان (دحص).

([7]) التلجف، بالجيم: التحفر. وفي الأصل والمجمل بالحاء المهملة، تحريف.

([8]) في الأصل: "الدخل"، صوابه ما أثبت.

 

 

ـ (باب الدال والخاء وما يثلثهما)

(دخر) الدال والخاء والراء أصلٌ يدلُّ على الذُّل. يقال دَخَرَ الرّجُلُ، وهو داخِر، إذا ذَلَّ. وأَدْخَرَه غيرُه: أَذَلَّه. فأما الدَّخْدَار فالثَّوب الكريمُ يُصانُ. قال:‏

* ويَجْلُو صَفْحَ دَخْدارٍ قَشِيبِ(1) *‏

وليس هذا من الكلمة الأولى في شيءٍ؛ لأنَّ هذه مُعرّبة، قالوا: أصلها تَخْت دار، أي مَصُونٌ في تَخْت(2).‏

(دخس) الدال والخاء والسين أصلٌ واحد، يدلُّ على اكتنازٍ واندساسٍ في ترابٍ أو غيره. فالدَّخْسُ أن يندسَّ الشَّيءُ في التراب. ولذلك سَمَّى الرّاجزُ(3) الأثافيَّ دُخَّساً. فهذا هو الأصل، ثم سُمِّي كلُّ شيءٍ تجمَّعَ إلى شيءٍ وداخَلَه، بذلك. والدَّخيس: الحَوْشَب، وهو ما بين الوَظيف والعصَب. والدَّخِيس من الناس: العددُ الجَمُّ. والدَّخَس(4): داءٌ في قوائم الدّابة. والدَّخِيس: اللحم المكَتَنِز. وكلُّ ذي سِمَنٍ دَخيسٌ. ويقال الدَّخيس: لحمُ باطن الكفّ. والدَّخيس من أَنْقَاء الرّملِ: الكثير. وكَلأٌ دَيْخَسٌ(5)، أي كثير. وأنشد:‏

* يَرْعَى حَلِيّاً ونَصِيّاً دَيْخَسَا(6) *‏

(دخش) الدال والخاء والشين ليس بشيءٍ. وزعم ابنُ دريد(7) أنّ الدَّخش فِعْلٌ مُماتٌ، يقال دَخِشَ دَخَشاً، إذا امتلأ لحماً. ومنه اشتقاق دَخْشَم.‏

(دخص) الدال والخاء والصاد كالذي قبله. وذكر ابن دُريد(8) أنّ الدَّخُوص: الجاريةُ السَّمينة.‏

(دخل) الدال والخاء واللام أصلٌ مطرد منقاس، وهو الوُلوج. يقال دخل يدخُل دخولاً. والدُِّخْلَةُ: باطنُ أمرِ الرّجُل. تقول: أنا عالمٌ بدخْلَته. والدَّخَل: العَيب في الحَسب، وكأنَّه قد دخل عليه شيءٌ عابَه. والدَّخَل كالدَّغَل، وهو من الباب؛ لأنَّ الدّغَل هذا قياسُه أيضاً. ويقال إِنَّ المدخُول: المهزُول؛ وهو الصَّحيح، لأنّ لحمهُ كأنّه قد دُخِلَ. ودَخِيلُك: الذي يُداخِلُك في أُمورك. والدِّخال في الوِرد: أنْ تشربَ الإبل ثم تردَّ إلى الحوض ليشرب منها ما عساه لم يكن شَرِبَ. قال الهُذَليّ(9):‏

* وتُوفِي الدُّفوفَ بشُربٍ دِخَالِ(10) *‏

ويقال إنّ كلَّ لحمةٍ مجتمعة دُخَّلةٌ، وبذلك سُمِّي هذا الطائر دُخَّلاً. ويقال دُخِل فلانٌ، وهو مدخولٌ، إذا كان في عقله دَخَلٌ. وبنو فلانٍ في بني فلان دَخِيلٌ(11)، إذا انتسبوا معهم. ونَخْلَة مدخولةٌ: عَفِنة الجوف. والدُّخْلَلُ: الذي يُداخِلُك في أمورك. والدُّخَّل من ريش الطائر: ما بين الظُّهْرَانِ والبُطْنان، وهو أجْوَدُ الرِّيش. وداخِلَة الإِزار: طَرَفه الذي يلي الجسَد. والدُّخَّل من الكلأ: ما دخَل منه في أُصول الشجر. قال:‏

* تَبَاشِير أَحْوَى دُخَّلٍ وجميمِ(12) *‏

(دخن) الدال والخاء والنون أصلٌ واحد، وهو الذي يكون عن الوَقُود، ثمَّ يشبَّه به كلُّ شيء يُشْبِههُ مِن عداوةٍ ونظيرها. فالدُّخَانُ معروفٌ، وجمعه دوَاخن على غير قياس. ويقال دَخَنَتِ النّار تدخُن، إذا ارتفع دُخانها، ودخِنَتْ تَدْخَنُ، إذا ألقيْتَ عليها حطباً فأفسَدْتَها حتى يهيجَ لذلك دُخانٌ وكذلك دَخِن الطَّعامُ يَدْخَن(13). ويقال: دَخَن الغُبار: ارتفَعَ. فأمّا الحديث: "هُدْنَةٌ على دَخَنٍ"، فهو استقرارٌ على أمورٍ مكروهة. والدُّخْنَةُ من الألوان: كُدرةٌ في سوادٍ. شاةٌ دَخْناءُ، وكبشٌ أدْخَنُ، وليلةٌ دَخْنانةٌ. ورجلٌ دَخِنُ الخُلُق. وأبناء دُخانٍ: غنيٌّ وباهلة. والدُّخْنَة: بَخُورٌ يدخَّن به البيت.‏

ــــــــــــــــــ

(1) نسب في المجمل إلى أبي دواد، والصواب نسبته إلى عدي بن زيد، من قصيدة له في الأغاني (2: 23-34). وصدره كما في الأغاني والمعرب للجواليقي 141:‏

* تلوح المشرفية في ذراه *‏

(2) في المجمل: "أي ثوب مصون في تخت". والأدق ما في المعرب واللسان: "أي يمسكه التخت".‏

(3) هو العجاج. وفي ديوانه 31:‏  * فأطرقت إلا ثلاثاً دخسا *‏

(4) في الأصل: "الدخساء"، صوابه في المجمل واللسان.‏

(5) في الأصل: "دخيس" صوابه في المجمل واللسان.‏

(6) أنشده في اللسان (دخس). وفي المجمل: "ترعى".‏

(7) الجمهرة (2: 200).‏

(8) ليس في الجمهرة في مظنه، وليس في فهارسها.‏

(9) هو أمية بن أبي عائد الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 180 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 89.‏

(10) صدره كما في المراجع المتقدمة واللسان (دخل):‏  * وتلقى البلاعيم في برده *‏

(11) في الأصل: "دخل"، تحريف.‏

(12) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (دخل).‏

(13) في الأصل: "حتى يدخن"، صوابه من المجمل.‏

 

 

ـ (باب الدال والدال وما يثلثهما)

(ددن) الدال والدال والنون كلمتان: إحداهما اللَّهو واللَّعب، يقال دَدَنٌ ودَدٌ(1). قال:‏

أيُّها القلب تعلَّلْ بدَدَنْ *** إنّ هَمِّي في سَماعٍ وأَذَنْ(2)‏

ومن هذا اشتُقَّ السَّيف الدَّدَانُ؛ لأنّه ضعيفٌ، كأنه ليس بِحادٍّ في مَضائه. والكلمة الأخرى: الدَّيْدَنُ: العادَة.‏

والله أعلم.‏

ــــــــــــــ

(1) ودداً أيضاً كما سبق مادة (دد) ص 226.‏

(2) البيت لعدي بن زيد، كما سبق في حواشي (دد) ص266.‏

 

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال)

وسبيلُ هذا سبيلُ ما مضى ذِكره، فبعضُه مشتقٌّ ظاهر الاشتقاق، وبعضُه منحوت بادي النَّحْت، وبعضه موضوعٌ وضعاً على عادة العربِ في مِثْله.

فمن المشتق المنحوت (الدُّلَمِصُ) و(الدُّمَلِصُ([1])): البَرّاق. فالميم زائدة، وهو من الشَّيء الدَّلِيص، وهو البرّاق، وقد مضَى.

ومن ذلك (الدِّفْنسُ([2]))، وهو الرجل الدنيُّ الأحمق، وكذلك المرأة الدّفِنس، والفاء فيه زائدة، وإنَّما الأصل الدال والنون والسين.

ومن ذلك (الدَّرْقَعة)، وهو الفِرار. فالزائِدة فيه القاف، وإنَّما هو من الدال والراء والعين.

ومنه (الاندِراعُ) في السَّيْر، وقد ذكرناه.

ومن هذا الباب (ادْرَعَفَّتِ) الإبلُ، إذا مضَتْ على وُجوهها. ويقال (اذرعَفَّتْ) بالذال. والكلمتان صحيحتان؛ فأمّا الدال فمن الاندراع، وأمّا الذال فمن الذريع. والفاء فيهما جميعاً زائدة.

ومن ذلك (الدَّهْكَم)، وهو الشّيخ الفاني، والهاء فيه زائدة، وهو من دَكَمْتُ الشيء وتدكَّم، إذا كسرتَه وتكسَّر بعضُه فوقَ بعض. وقال قوم: (التَّدَهْكم): الانقحام في الشيء، وهو ذاك القياسُ الذي ذكرناه.

ومن ذلك (الدَّلَهْمَسُ([3]))، وهو الأسَد. قال أبو عُبيد: سمِّي بذاك لقوَّته وجُرْأته. وهي عندنا منحوتٌ من كلمتين: من دَالَسَ وهَمَسَ. فدالَس([4]): أتى في الظَّلام، وقد ذكرناه، وهمس كأنّه غمس نَفْسَه فيه وفي كلِّ ما يريد. يقال: أسدٌ هموس. قال:

فباتُوا يُدْلِجون وبات يَسْرِي *** بَصِيرٌ بالدّجَى هادٍ هَمُوسُ([5])

  ومن ذلك (دَغْمَرْتُ) الحديثَ، إذا خلَطْتَه. قال الأصمعيّ في قوله:

* ولم يكُنْ مُؤْتَشَبَاً دِغْمَارا([6]) *

قال: المُدَغْمَر: الخفيّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: دغم، يقال أدغمت الحرف في الحرف إذا أخفيته فيه، وقد فسَّرناه، ومن دَغَر، إذا دخَلَ على الشّيء. وقد مضى.

ومن ذلك (دَرْبَخَ([7])) إذا تذلَّل. والدال فيه زائدة، وهو من دبخ، يقال: مشى حَتَّى تدبَّخَ، أي استرخَى.

ومن ذلك (دَمْشَقَ) عملَه، إذا أٍسرَعَ فيه. والدال فيه زائدة، وإنَّمَا هو مَشَق، وهو الطَّعْن السّريع، وقد فُسِّر في كتاب الميم.

ومن ذلك (الدُّمَّرِغُ) وهو الأحمق، والدال فيه زائدة، وهو من المَرْغ وهو ما يسيل من اللعاب، كأنّه لا يُمْسِك مَرْغَه.

ومن ذلك (الدِّعْبِل)، وهو الجملُ العظيم([8]). وهو منحوتٌ من كلمتين مِن دَبَلْتُ الشَّيءَ، إِذا جمَعْتَه، وقد مضى، وهذا شيءٌ عَبْلٌ. ويجيء تفسيره.

ومن ذلك (الدُّمُْلَج) و(الدَّمْلَجة)، واللام فيه زائدة. وهو من أدمجت، وقد فسرناه. والدُّمُْلَج: المِعْضَد من الحَلْي([9]).

ومن ذلك (الدَّعْلَجةُ)، وهو الذّهاب والرُّجوع والتردُّد، وبه يسمُّون الفَرَس "دَعْلَجاً([10])"، والعين فيه زائدةٌ، وإنما هو الدَّلَج والإدلاج.

ومن ذلك (دَخْرَصَ) فلانٌ الأمرَ، إِذا بيَّنَه. وإِنه لَـ (دِخْرِصٌ)، أي عالمٌ([11]). والوجه أن يكون الدال فيه زائدة، وهو من خَرَصَ الشيءَ، إذا قدَّره بفِطْنته وذكائه.

ومن ذلك (الدَّخْمَسَةَ)، وهو كالخِبّ والخِدَاع، وهي منحوتةٌ من كلمتين: من دَخس ودَمَس، وقد ذكرناهما.

ومن ذلك (الدَّنْخَس([12])) وهو الشديد* اللحم الجَسيم. والنون فيه زائدة، وهو من اللّحم الدَّخيس، وقد مضَى.

ومن ذلك (تَدَرْبَسَ) الرّجُل، إذا تقدَّم. وأنشد:

إذا القوم قالُوا مَنْ فَتىً لِمُهمَّةٍ *** تَدَرْبَسَ باقِي الرِّيقِ فَخْمُ المناكبِ([13])

والدال زائدة، وإنَّما هو من الراء والباء والسين. يقال اربَسَّ اربِساساً، إذا ذَهَب في الأرض.

ومن ذلك (الدلمسُ([14]))، وهي الدَّاهية، وهي منحوتة من كلمتين. من دَلَس الظلمة، ومن دَمَسَ، إذا أتَى في الظَّلام.

ومن ذلك (الدَّغاوِل([15])) وهي الغَوائل، والواو فيها زائدة، وهو من دغل.

ومن ذلك (الادْرِنْفَاقُ)، وهو السَّير السَّريع. وهذا ممّا زِيدت فيه الراء والنون؛ وإنَّما هو من دَفَقَ، وأصله الاندفاع. والدُّفْقَة من الماء: الدُّفعة. وقد مضى.

ومن ذلك (الدُّعْثُور)، وهو الحوض الذي لم يُتَنَوَّقْ في صنعته. قال: العَدَبَّسُ: "الدُّعْثُور: [الحوض([16])] المتَثَلِّم"، وهذا ممّا زِيدت فيه العين. وهو من دَثَرَ. ويجوز أن يكون من دَعَثَ، وقد مضى.

ويقال (ادْرَمَّجَ)، إذا دخل في الشَّيء واستَتَر. والراء فيه زائدة، وإنَّما هو من دَمَج.

ومن ذلك (الدُّمْلوك) والحجر (المُدَمْلَك)، والميم زائدة، وإنَّما هو من دلكت.

ومن ذلك (دَغْفَقْت) الماء: صبَبْتُه، والغين زائدة، وإنَّما هو من دفقت.

ومن ذلك (الدُّحْمُسَانُ([17])): الأسود، والحاء زائدة، وهو من الدَّسَم، وهو عندنا موضوعٌ وضعاً. وقد يكون عند سِوانا مشتقّاً. والله أعلم.

(دَنْقَشَ) الرَّجُلَ دَنْقَشَةً، إذا نَظَر وكسر عينَه.

و(الدَّهْثَمُ) من الرجال: السَّهل الليِّن.

و(الدِّرَفْسُ) و(الدِّرْفاس): الضخم من الرِّجال.

و(الدَّرْمَك): الدَّقيق الحُوَّارَى.

و(الدُّرْنُوك): ضَرْبٌ من الثِّياب ذو خَمْلٍ، وبه تُشبَّه فَروةُ البعير. قال:

* عَن ذِي دَرانِيكَ وهُلْبٍ أَهْدَبا([18]) *

و(الادْعِنْكارُ): إِقبال السَّيل. ومحتملٌ أن يكون هذه من باب دَعَكَ.

و(دمْخَقَ([19]))  الرّجُل في مِشْيته: تثاقَلَ.

و(الدَّغْفَل): ولَدُ الفيل. و(الدَّغْفَليُّ): الزّمان الخِصْب. قال العجّاج:

* وإذْ زَمانُ النّاسِ دَغْفَليُّ([20]) *

ومحتملٌ أن تكون هذه من الذي زيد فيه الدال، كأنّه من غفل؛ وهم يصِفُون الزّمانَ الطيّبَ النّاعمَ بالغَفْلة. قال:

قُدَيْدِيمَةَ التَّجريبِ والحِلمِ إِنَّني *** لَدَى غَفَلاتِ العَيش قبلَ التَّجاربِ([21])

  و(الدِّمَقْس): القَزَّ. و(الدَّرْدَبِيس): الدّاهِيَة، والشيخ الهِمّ.

و(دنْقَسْتُ) بين القوم: أفسدت. و(الدَّهاريس): الدّواهي.

و(الدِّلْقِم): النّاقة التي أَكِلَتْ أسنانُها من الكِبَر. ومحتمل أن تكون هذه منحوتةٌ من دَقَمْتُ فاه، إذا كسرْتَه، ومن دَلَق إذا خرج، كأنّ لسانَها يندلِق.

و(الدَّلْعَكُ) و(الدَّلْعَس): الضَّخمة. و(دَرْبَحَ): عَدَا([22]). و(الدَّرْبَلَةُ): ضربٌ من المشي. و(الدِّرَقْل): ضربٌ من النِّياب. و(الدُّرْدَاقِسُ): عظمٌ يفصِلُ بين الرّأس والعُنق. وما أبعد هذه من الصحّة.

ويقال إنَّ (الدُّلَمِزُ): القويُّ الماضي. وكذلك (الدُّلامِزُ)، والجمع دَلامِزُ. قال الشاعر:

* يَغْبَى عَلَى الدَّلاَمِز البَرَارِتِ([23]) *

والله أعْلَمُ بالصَّواب.

(تم كتاب الدال)

ــــــــــــــــــ

([1]) ويقال أيضاً "دلامص" و"دمالص". وفي المجمل: "الدملص والدمالص".

([2]) ويقال أيضاً "دفناس" وهو ما ورد في المجمل.

([3]) في الأصل: "الدلهس"، صوابه من المجمل واللسان.

([4]) في الأصل: "دلس" في هذا الموضع وسابقه، تحريف. انظر اللسان (دلس).

([5]) أنشد عجزه في اللسان (همس 138)، ونسبه إلى أبي زبيد الطائي.

([6]) لم ترد كلمة "دغمار" في المعاجم المتداولة، ولم أعثر على هذا الشاهد في مرجع آخر.

([7]) وردت هذه الكلمة وما بعدها بالحاء المهملة، في المجمل. وتستقيم اللغة والكلام بكل منهما.

([8]) الذي في المعاجم المتداولة أن الدعبل الناقة القوية أو الشارف، كما أنها فسرت في المجمل بأنها "الناقة الشارف".

([9]) وأما الدملجة، بفتح الدال واللام، فهي تسوية صنعة الشيء.

([10]) ومنه "دعلج" فرس عامر بن الطفيل. والدعلج يقال أيضاً للذئب والحمار والناقة التي لا تنساق إذا سيقت، كما في القاموس.

([11]) هذا المعنى والذي سبقه مما فات صاحب اللسان، أما صاحب القاموس فقد ذكرهما.

([12]) ويقال أيضاً "دخنس" بتقديم الخاء.

([13]) البيت في المجمل واللسان (دربس).

([14]) الدلمس، كعلبط وكزبرج. والكلمة وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.

([15]) في الأصل: "الدعلول"، صوابه في المجمل واللسان.

([16]) التكملة من المجمل.

([17]) ويقال أيضاً "الدحسمان".

([18]) أنشده في اللسان (هدب) برواية: "ولبد أهدبا"، وفي (درنك): "ولبداً".

([19]) في الأصل والمجمل: "دمحق" بالحاء المهملة، صوابه بالخاء المعجمة.

([20]) ديوان العجاج 67 واللسان (دغفل).

([21]) ديوان القطامي 50. وفي الديوان واللسان: "أرى غفلات".

([22]) هذا المعنى لم يذكر في اللسان. وفي القاموس: "عدا من فزع".

([23]) البرارت: جمع بريت، وهو الدليل الحاذق. وروى في اللسان (خرت، دلمز): "الخرارت" جمع خريت. وكلاهما بمعنى واحد.

 

 

كتاب الذّال:

ـ (باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق)

(ذر)  الذال والراء المشددة أصلٌ واحد يدلُّ على لطافة وانتشار. ومن ذلك الذَّرُّ: صِغار النَّمل، الواحدة ذَرّةٌ. وذَرَرْتُ المِلْحَ والدّواءَ. والذرِيرة معروفة، وكلُّ ذلك قياسٌ واحد.

ومن الباب: ذرّت الشّمْسُ ذُروراً، إذا طَلَعَتْ، وهو ضوءٌ لطيفٌ منتشر. وذلك قولُهم: "لا أفعله ما ذَرَّ شارقٌ"، وما ذَرّ قرنُ الشّمْس. *وحكي عن أبي زيد: ذَرّ البَقْلُ، إذا طلَعَ من الأرض. وهو من الباب؛ لأنّه يكون حينئذٍ صُغَاراً([1]) منتشراً. فأمَّا قولُهم: ذَارَّتِ النّاقةُ. وهي مُذَارٌّ، إذا ساء خُلُقها، فقد قيل إنَّه كذا مثقّل. فإن كان صحيحاً فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصَّلناه. إلا أن الحطيئة قال:

* ذَارَتْ بأَنْفِها([2]) *

مخفّفاً. وأراه الصحيح، ويكون حينئذٍ من ذئِرت، إذا تغضَّبت، فيكون على تخفيف الهمزة. [إلاّ] أنّ أبا زيدٍ قال: في نفسِ فُلانٍ ذِرارٌ، أي إعراضٌ غَضَباً، كذِرار النّاقة. وهذا يدلُّ على القول الأول. والله أعلم.

(ذع)  الذال والعين في المطابق أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء. يقال ذعْذعت الرِّيحُ [الشيءَ] إذا فرّقَتْه، فتذعْذع، أي تفرّق. قال النابغة:

* تُذَعْذِعُها مُذَّعْذِعَةٌ حَنُونُ([3]) *

ويقال إنّ الَذُّعَاع الفُرْجة بين النَّخْلة والنَّخلةِ، في شعر طَرَفَة، على اختلافٍ فيه؛ فقد قال بعضُهم إنّه بالدّال، وقد مضى ذِكْرُه([4]).

وحكى ابنُ دريدٍ([5]): ذَعْذَع السِّرَّ: أذاعَه. والذَّعاع: الفِرَقُ من الناس، الواحدةُ ذَعاعة.

(ذف)  الذال والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على خِفَّةٍ وسُرعة. فالذَّفِيف إتباعٌ للخفيف. ويقال الذَّفيف السَّريع. ومنه يقال ذفَّفْتُ على الجريح، إذا أسرعتَ قَتْلَه. واشتقاق "ذُفافَة" منه. ويقال للماء القليل ذُفافٌ، ومياهٌ أذِفَّةٌ.

وحُكي عن الأعرابيّ: الذَّفُّ: القتل. واستَذَفَّ الأمر: استقامَ وتهيَّأَ. ويقال الذَِّفَاف: الشَّيء اليسير من كلِّ شيء. يقولون ما ذُقْتُ ذَِفافاً، أي أدْنَى ما يؤكل. قال أبو ذُؤيب:

يقولون لما جُشَّت البِئْرُ أَوْرِدُوا *** وليسَ بها أدنَى ذَِفافٍ لواردِ([6])

  يقول: ليس بها شيءٌ.

(ذل)  الذال واللام في التضعيف والمطابقة أصلٌ واحد يدلُّ على الخُضوع، والاستكانة، واللِّين. فالذُّل: ضِدّ العِزّ. وهذه مقابلةٌ في التضادِّ صحيحة، تدلُّ على الحكمة التي خُصَّتْ بها العرب دون سائر الأمم؛ لأنّ العزّ من العَزَازِ، وهي الأرض الصُّلْبة الشديدة. والذِّلُّ خلاف الصُّعوبة. وحُكي عن بعضهم([7]) أنَّه قال: "بعضُ الذِّلِّ-بكسر الذال- أبْقَى للأهْلِ والمال". يقال من هذا: دابّةٌ ذلولٌ، بيِّن الذُّلِّ.

ومن الأوّل: رجلٌ ذليل بين الذُّلّ والمَذَلّة والذِّلّةِ. ويقال لما وُطِئَ من الطَّريق ذِلٌّ. وذُلِّل القِطْفُ تذليلاً، إذا لانَ وتَدَلّى. ويقال: أجْرِ الأمورَ على أذلالها، أي استقامتها، أي على الأمر الذي تَطُوع فيه وتَنْقاد.

ومن الباب ذَلاذِل القميص، وهو ما يلي الأرض من أسافِلِه، الواحدة ذُِلْذُِلٌ. ويقولون: اذْلَوْلَى الرّجُل اذلِيلاَءً، إذا أسرَعَ. وهو من الباب.

(ذم)  الذال والميم في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ كلُّه على خلافِ الحمد. يقال ذَمَمْتُ فلاناً أذُمُّه، فهو ذميمٌ ومذموم، إذا كان غير حميد. ومن هذا الباب الذَّمَّة، وهي البئر القليلةُ الماء. وفي الحديث: "أنّه أتى على بئرٍ ذَمَّةٍ". وجمع الذَّمَّة ذِمام. قال ذو الرُّمّة:

على حِميَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها *** ذِمامُ الرَّكايَا أنكَزَتْها المواتِحُ([8])

  أنكزَتْها: أذهبَتْ ماءَها. والمواتِح: المستَقِيَة.

فأمّا العَهْد فإنَّه يسمَّى ذِماماً لأن الإنسان يُذَمُّ على إضاعته منه. وهذه طريقة للعرب مستعملةٌ، وذلك كقولهم: فلانٌ حامي الذِّمار، أي يَحْمي الشَّيءَ الذي يُغضِب. وحامي الحقيقة، أي يَحْمِي ما يحقّ عليه أن يمنَعَه.

وأهل الذِّمّة: أهلُ العَقْد. قال أبو عُبيد: الذمَّة الأمان، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ويَسعَى بذمَّتهم". ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم. ويقال في الذِّمام* مَذَمَّة وَمَذِمَّة،  بالفتح والكسر، وفي الذَّمِّ مَذَمَّة بالفتح. وجاء في الحديث:" أنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما يُذْهِب عني مَِذَمَّة الرَِّضاع؟ فقال: غُرَّةٌ: عبدٌ أو أمَةٌ". يعني بمذَِمَّة الرَِّضاع ذِمامَ المُرضِعة. وكان النّخَعيّ([9]) يقول في تفسير هذا الحديث: إِنّهم كانوا يستحبُّون أن يَرْضَخوا عند فِصال الصبيّ للظّئْر بشيءٍ سِوى الأَجْر. فكأنّه سأله: ما يُسقط عنِّي حقَّ التي أرضَعتْني حتّى أكونَ قد أدّيْتُ حقَّها كاملاً([10]). حدّثنا بذلك القطَّان عن المفسِّر عن القُتَيبيّ. والعرب تقول: أذْهِبْ مَذَمَّتَهم بشيءٍ؛ أي أعطِهِم شيئاً؛ فإِنّ لهم عليك ذماماً. ويقال افْعَلْ كذا وخَلاَك ذَمٌّ، أي ولا ذمَّ عليك. ويقال أذَمَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا تهاوَنَ به. وأذَمَّ به بعيرُه، إذا أَخَّرَ([11]) وانقطَعَ عن سائر الإبل. وشيءٌ مُذِمٌّ، أي مَعيب. ورجلٌ مُذِمٌّ: لا حَرَاك به. وحكى ابنُ الأعرابيِّ. بئرٌ ذميمٌ، وهي مِثْلُ الذَّمَّة. أنشدَنا أبو الحسن القَطَّان عن ثَعْلبٍ عن ابن الأعرابيّ([12]).

مُواشِكَةٌ تستعجِلُ الرَّكْضَ تبتَغِي *** نَضَائِض طَرْقٍ ماؤُهنَّ ذميمُ

  يصف قطاةً. يقول([13]).

وبقي في الباب ما يقربُ من قياسه إن كان صحيحاً. إنَّ الذَّميم بَثْرٌ يخرُج على الأنف.

وحكى ابنُ قتيبة أنَّ الذَّميم البَولُ الذي يَذِمُّ ويَذِنُّ من قضيب التيس. قال أبو زُبيْدٍ([14]):

تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً *** مثلَ الذَّميمِ على قُزْمِ اليَعَاميرِ

  النَّسَلُ من اللَّبن: ما يخرُج منه. والقُزْم: الصِّغار. قال الشَّيبانيّ: لا أعرِف اليعامير. وسألتُ فلم أجِدْ عند أحدٍ بها علماً، ويقال هي صِغار الضّأن.

(ذن)  الذال والنون في المضاعف أصلٌ يدلُّ على سَيَلان. فالذَّنين ما يَسِيل من المنخرَيْنِ. وقد ذَنّ ذَنّاً([15])، وهو أذَنُّ. قال الشمّاخ:

توائِلُ من مِصَكٍّ أنْصَبَتْهُ *** حوالِبُ أسْهَرَتْه بالذَّنينِ([16])

  ويقال له الذُّنَان أيضاً. ويقال إنّ المرأةَ الذّنّاءُ التي يسيل حَيضُها ولا ينقطع ويقال الذُّنانة بَقيّةُ الشّيء الهالكِ الضعيف.

ومما يشذّ عن الباب- وقد قلتُ إنّ أكثر أمْرِ النَّبات على غير قياس، الذُّؤْنُون: نبتٌ. يقال خرَجَ النّاسُ يَتذأْنَنُون، إذا أخَذُوا الذُّؤْنُون.

(ذب)  الذال والباء في المضاعف أصولٌ ثلاثة: أحدها طُوَيئرٌ، ثم يُحمَل عليه  ويشبَّه به غيرُه، والآخَر الحَدُّ والحِدّة، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.

فالأوّل الذُّباب، معروف، وواحدته ذُبابة، وجمع الجمع أذِبّة. وممّا يشبّه به ويُحمَل عليه ذُباب العَين: إنسانُها. ويقال ذَبَبْتُ عنه، إذا دفَعْتَ عنه، كأنّك طردت عنه الذُّباب التي يتأذّى به. وقول النابغة:

* ضَرَّابَةٍ بالمِشْفَر الأّذِبَّهْ([17]) *

فهو جمع ذُبابٍ. والمذبوبُ من الإبل: الذي يدخل الذباب منخره. والمذبوب: الأحمق، كأنّه شُبِّه بالجمل المذبوب.

وأمّا الحَدُّ فذُبَاب أسنانِ البعير: حَدُّها. قال الشاعر([18]):

وتَسْمَعُ للذُّباب إذا تَغَنَّى *** كتَغريد الحمامِ على الغُصُونِ([19])

  وذُباب السَّيف: حَدُّه.

والأصل الثالث: الذَّبذَبة: نَوْس الشَّيءِ المعلَّق في الهواء. والرجل المذَبْذَب: المتردِّد بين أمرين. والذُّبْذَبُ: الذَّكَر؛ لأنه يتذَبْذَب أي يتردَّد. والذَّباذِبُ: أشياءُ تُعلَّق في هَودَجٍ([20])أو رأس بعيرٍ. والذَّبُّ: الثَّور الوحشيّ، ويسمَّى ذَبّ الرِّياد. قال ابنُ مقبل:

يُمشِّي بها ذَبُّ الرِّيادِ كأنَّه *** فَتىً فارسيٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامحُ([21])

  وقالوا: سُمِّيَ ذبَّ الرِّياد لأنَّه يجيء ويذهب، لا يثبُت في موضعٍ واحد.

ومن هذا الأصل الثالث قولُهم ذَبَّت شفَتُه، إذا ذَبَُلَتْ من العطَش. وأنشد:

هُمُ سَقَوْنِي عَلَلاً بَعْدَ نَهَلْ *** مِنْ بَعْدِ ما ذَبَّ* اللِّسانُ وذَبَُلْ([22])

  ويقال ذَبَّ النَّبْت، إذا ذَوَى. وذَبّ جِسمُه، أي هَزُل.

ومن الاضطراب والحركة قولهم: ذبَّبْنا ليلتَنا، أي أتعبْنا في السَّير. ولا ينالون الماء إلاَّ بقَرَبٍ مذبِّبٍ، أي مُسْرِع. قال:

مُذَبِّبَةً أَضَرَّ بها بُكُورِي *** وتَهْجيرِي إذا اليَعفورُ قالا([23])

  وقال:

يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إثْرِه *** وأَمْكَنَه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ([24])

  والله أعلم بالصّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) الصغار، بالضم: الصغير، كقولك طوال بالضم، بمعنى طويل، وأراه أقوى في القراءة هنا. والصغار، بالكسر: جمع صغير .([2]) قطعة من بيت في ديوان الحطيئة 10 واللسان (درر). وهو بتمامه:

وكنت كذات البعل ذارت بأنفها *** فمن ذاك تبغي غيره أو تهاجره

([3]) عجز بيت له لم يرو في ديوانه، وقد سبق في (حن ص 25). وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع):

* غشيت لها منازل مقفرات *

([4]) لم يسبق في مادة (دع) ذكر للدعاع، ولم يستشهد بشعر طرفة. الذي يعنيه من شعر طرفة هو قوله: وعذاريكم مقلصة *** في دعاع النخل تصطرمه

([5]) الجمهرة (1: 143).

([6]) ديوان أبي ذؤيب 123، واللسان (جشش، ذفف)، وقد سبق إنشاده في (1: 415). والكلمة الأولى من البيت ساقطة من الأصل.

([7]) هو حديث ابن الزبير، كما في اللسان (ذلل).

([8]) ديوان ذي الرمة 103 والمجمل واللسان (ذمم).

([9]) هو إبراهيم بن يزيد النخعي، كما صرح به ابن فارس في المجمل. وهو فقيه كوفي، توفي سنة 196. انظر تهذيب التهذيب.

([10]) في المجمل: "قد أديته كاملاً".

([11]) يقال أخر يؤخر تأخراً، وأخرته أنا، لازم متعد.

([12]) زاد في المجمل: "للمرار" والبيت التالي للمرار، كما في اللسان (ذمم).

([13]) كذا وردت هذه الكلمة. وقد تكون مقحمة.

([14]) في الأصل: "أبو دبر"، صوابه في المجمل واللسان (ذمم).

([15]) يقال ذن، كفرح ذننا، وكذلك ذن يذن بكسر الذال، ذنينا.

([16]) ديوان الشماخ 93. ورواية "أسهرته" هذه رواية أبي عبيد، كما نص في اللسان. ويروى: "أسهريه". والأسهران: عرقان يندران من الذكر عند الإنعاظ. وأنكر الأصمعي الأسهرين، وقال: "وإنما الرواية أسهرته، أي لم تدعه ينام". انظر اللسان (سهر).

([17]) من رجز يقوله النابغة للنعمان بن المنذر، كما في الأغاني (9: 169). وقبله:

أصم أم يسمع رب القبه *** يا أوهب الناس لعنس صلبه

([18]) هو المثقب العبدي. وقصيدته في المفضليات (2: 88-92).

([19]) أنشده في المجمل واللسان (ذبب).

([20])  في الأصل: "من هودج".

([21]) أنشد صدره في المجمل. والبيت في اللسان (رمح، رود، سرل) والخزانة (1: 111) برواية: "في سراويل رامح". وصدره في اللسان (سرل) والخزانة:

* أتى دونها ذب الرباد كأنه *

([22]) البيتان في المجمل واللسان (ذبب).

([23]) لذي الرمة في ديوانه 438 واللسان (ذبب).

([24]) البيت لعنترة في ديوانه 21 واللسان (ذبب)، يقوله في ورد بن حابس الأسدي.

 

 

ـ (باب الذال والراء وما يثلثهما)

(ذرع) الذال والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ وتحرُّك إلى قُدُم، ثم ترجع الفروعُ إلى هذا الأصل. فالذِّراع ذِراع الإنسان، معروفة. والذَّرع: مصدر ذَرَعْتُ الثَّوبَ والحائطَ وغيرَه. ثمّ يقال: ضاق بهذا الأمر ذَرْعاً، إذا تكلَّفَ أكثَرَ ممّا يطيق فَعَجَز. ويقال ذَرَعَهُ القَيء: سبقَه. ومَذَارِعُ الدَّابة: قوائمها، والواحد مِذْراع. وتَذَرّعَتِ الإِبلُ الماءَ: خاضت بأذْرُعها([1]). ومَذَارع الأرض: نواحيها، كأنَّ كلَّ ناحيةٍ منها كالذِّراع. ويقال ذَرَعْتُ البعير: وَطئْتُ على ذِراعه ليركَبَ صاحبي. وتذَرَّعَتِ المرأةُ الخُوصَ، إذا تنقَّتْه، وذلك أنّها تُمِرّه مع ذراعها. قال:

* تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدِي الشَّواطبِ([2]) *

والذَّريعة: ناقةٌ يتَسَتَّر بها الرّامِي يرمي الصَّيد. وذلك أنَّه يتذرّع معها ماشياً.

ومن الباب: تذرَّعَ الرّجُل في كلامه. والإِذْراع: كثرةُ الكلام. وفرس ذَريعٌ: واسع الخَطْو بَيِّن الذَّرَاعَة. وقوائِمُ ذَرِعاتٌ: خفيفات. والذِّراعان: نجمان، يقال هما ذِراعا الأسد. ويقال للمرأة الخفيفة اليدِ بالغَزْل: ذَِرَاع. قاله الكِسائيّ. ويقال ثورٌ مذرَّع، إذا كان في أذرُعِهِ لُمَعٌ سُودٌ. ومطرٌ مذرِّع، وهو الذي إذا حُفِرَ عنه بلغ من الأرض قدر ذِراع. والمذرَّع من الرّجال: الذي يكون أمُّه عربيّة وأبوه خسيساً غيرَ عربيّ. وإنَّما سُمِّي مذرَّعاً بالرَّقْمَتينِ في ذِراع البغل، لأنّهما أتَتَا من قِبَل الحِمار. ويقال للرجل تَعِدُهُ أمراً حاضراً: هو لَكَ مِنِّي على حَبْل الذِّراع. ويقال لصَدْر القناة: ذِراع العامل. والذِّراعان: [هَضَبَتَانِ([3])]. قال:

* إلى مَشْرَبٍ بينَ الذِّراعَين بارِدِ([4]) *

والمَذَارع: ما قرُب من الأمصار، مثل القادسيّة من الكوفة والمَذارع من النَّخل: القريبة من البيوت. وزقٌّ مِذْرَاعٌ([5])، أي طويل ضَخْم. ويقال ذَرَّعَ لي فلانٌ شيئاً من خَبَرٍ، أي خَبَّرَني. ويقال ذرّع الرجل في سَعْيِهِ، إذا عدا فاستعانَ بيديه وحرَّكهما. ويقال للبَشير إذا أومَأَ بيده: قد ذَرّع البَشيرُ. وهو علامةُ البُِشارة.

(ذرف)  الذال والراء والفاء ثلاثُ كلماتٍ، لا ينقاس. فالأولى ذَرَفَت العينُ دمْعَها. وذَرَفَ الدّمعُ يَذْرِف ذَرْفاً. وَمَذَارف العَينِ: مدامعها. والثانية ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرَفانا، وذلك إذا مشَى مَشْياً ضعيفاً. والثالثة ذرّف على المائة، أي زادَ عليها.

(ذرق)  الذال والراء والقاف ليس بشيء. أما الذي لِلطائر فأصله الزاء، وقد ذكر في بابه. والذَّرَق: نبْت؛ يقال أذرقَت الأرضُ، إذا أنبَتَتْهُ.

(ذرو)  الذال والراء والحرف المعتل أصلان: أحدهما الشَّيءُ يُشرِف على الشَّيء ويُظِلّه، والآخر الشَّيء يتساقط متفرّقاً.

فالذُِّروة: أعْلَى السَّنامِ وغيره، والجمع ذُرىً. والذَّرَا: كلُّ شيءٍ استترْتَ به. تقول: أنا في ظِلِّ فُلانٍ، أي ذَرَاه. والمِذْرَوَانِ: أطراف الأَلْيَتَينِ؛ لأنّهما يُشرفان على [ما] بينَهما.

وأما الآخر فيقول: ذَرَا نابُ الجَمَل، إذا انكسَرَ حدُّه. قال أوسٌ:

إذا مْقَرَمٌ منَّا ذَرا حَدُّ نابِهِ *** تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ([6])

  ومن الباب ذَرَت الرِّيحُ الشَّيءَ تَذْرُوه. والذَّرَا: اسمٌ لما ذَرَتْهُ الرِّيح.ويقال* أذْرَت العينُ دمْعَها تُذْريه. وأَذْرَيْتُ الرّجُلَ عن فرَسه: رميتُه. ويقال إنَّ الذَّرَى اسمٌ لما صُبّ من الدّمع.

ومن الباب قولُهم: بلَغنِي عنه ذَرْوٌ مِن قولٍ، وذلك ما يُساقِطُه من أطراف كلامه غيرَ متكامِل.

(ذرأ)  الذال والراء والهمزة أصلان: أحدهما لونٌ إلى البياض، والآخر كالشَّي يُبذَرُ ويُزْرَع.

فالأوّل الذُّرْأة، وهو البياضُ من شَيبٍ وغيرِه. ومنه ملح ذَرَآنِيٌّ وذَرْآنيّ. والذُّرْأة: البياض. ورجل أذرَأُ: أشيب، والمرأة ذَرْآء. وقال الشيبانيّ: شَعْرَةٌ ذَرْآءُ، على وزن ذرعاء، أي بيضاء. والفِعل منه ذَرِئَ يَذْرَأُ. ويقال إِنَّ الذَّرْآءَ من الغنم: البَيضاء الأذُن.

والأصل الآخر: قولهم ذَرَأْنا الأرضَ، أي بذَرْناها. وزرعٌ ذرِيءٌ، [على] فعيل. وأنشد:

شقَقْتِ القلبَ ثم ذرَأْتِ فِيهِ *** هَواكِ فليمَ فالتَامَ الفُطُورُ([7])

 ومن هذا الباب: ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم. قال الله تعالى: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى 11].

وممّا شذّ عن الباب قولهم أذْرَأْتُ فلاناً بكذا: أوْلَعْتُه به. وحُكِيَ عن ابن الأعرابيّ: ما بيني وبينه ذَرْءٌ، أي حائلٌ.

(ذرب)  الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح في تصرُّفه، مِن إقدامٍ وجرأةٍ على ما لا ينبغي. فالذَّرَبُ: فَسادُ المَعدة. قال أبو زيد: في لِسانِ فلان ذَرَبٌ([8])، وهو الفُحْش. وأنشد:

أرِحْني واستَرِحْ مِنِّي فإنِّي *** ثَقِيلٌ مَحْمَلِي ذَرِبٌ لِسانِي([9])

  وحكى ابنُ الأعرابيّ: الذّرَبُ: الصدأ الذي يكون في السَّيف. ويقال ذَرِبَ الجُرح، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبل دواء. قال:

أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إذا *** خِيِفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ

  وبقيت في الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه؛ لأنَّها لا تدلُّ على صلاحٍ، وهي الذَّرَبَيَّا، وهي الدَّاهية. يقال: رماه بالذَّرَبَيَّا. قال الكميت:  

رمانِيَ بالآفات من كلِّ جانبٍ *** وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وشِيبُها([10])

  (ذرح)  الذال والراء والحاء معظَمُ بابِهِ أصلٌ واحدٌ، وهو تفريق الشَّيء على الشيء يكسُوه صِبْغاً([11]). يقال ذَرَّحْتُ الزّعفرانَ في الماء، إذا جعلت فيه شيئاً منه يسيراً. ثم يقال أحْمَرُ ذَرِيحِيٌّ، كأنَّ الحُمْرَة ذُرِّحتْ عليه. والذَّرِيح: فحل ينسب إليه الإبل. وممكنٌ أن يكون ذلك للونه، كما يقال أحمر([12]). قال:

* من الذَّرِيحيّاتِ ضَخْماً آرِكا([13]) *

والذرائح: الهِضاب، واحدتها ذَريحة. وقد يمكن أن تُسمّى بذلك للَوْنها. قال الله عز وجلَّ { وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بيضٌ وحُمْرٌ}[فاطر 27].

ومن الباب أيضاً: الذَّرَارِيح، واحدتها ذُرُّوحَةٌ وذُرَّاحَةٌ وذُرَحْرَحة([14]). يقال ذَرّحَ طعامَه، إذا جعل فيه ذلك. وحكى ناسٌ عَسَلٌ مُذَرَّحٌ، أُكْثِر عليه الماء.

والله أعلم بالصّواب.

ـــــــــــــــــــ

([1]) في المجمل: "خاضته بأذرعها".

([2]) صدر بيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 12 واللسان (ذرع، خرص، شطب). وصدره:

* ترى قصد المران تهوى كأنها *

([3]) التكملة من المجمل ومعجم البلدان (4: 192) واللسان (ذرع 453).

([4]) أنشد هذا الشطر في اللسان (ذرع).

([5]) بدله في اللسان "مذرع" على مفعل. ويقال أيضاً "ذراع" وهو ما جاء في المجمل.

([6]) ديوان أوس 27 واللسان (قرم، ذرا، خمط). وصدره في المجمل.

([7]) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في اللسان (ذرأ) وأمالي ثعلب 284.

([8]) في الأصل: "في إيمان فلان ذرب" تحريف. وفي المجمل: "في لسانه ذرب".

([9]) أنشده في اللسان (ذرب).

([10]) البيت في المجمل واللسان (ذرب)، وقصيدته في الهاشميات 85.

([11]) في الأصل " صنيعا".

([12]) في الأصل: " حمر". وفي اللسان: " وبعير أحمر لونه مثل لون الزعفران إذا أجسد به الثوب".

([13]) لمبشر بن هذيل بن زافر الفزاري أحد بني شمخ، كما في أمالي ثعلب 452. وأنشده في اللسان (ذرح، لكك) بدون نسبة.

([14]) فيه اثنتا عشرة لغة ذكرها صاحب القاموس. وهي دويبة حمراء منقطة بسواد، تطير، أو هي من السموم.

 

 

ـ (باب الذال والعين وما يثلثهما)

(ذعف)  الذال والعين والفاء كلمةٌ واحدةٌ: الذُّعَاف: السمُّ القاتل. طعام مذعوف. وذُعِفْ الرَّجُل: سُقِيَ ذلك.

(ذعق) الذال والعين والقاف، ليس أصلاً ولا فيه لغة، لكنّ الخليلَ زعم أنَّ الذُّعاف لغة في الذُّعاق، ثم قال: ما أدْرِي ألغة هي([1]) أم لُثْغَةٌ. وكان ابنُ دريدٍ يقول : الذُّعاق كالزُّعاق، وهو الصِّياح. يقال ذَعَقَ وزَعَق، إذا صاحَ، بمعنىً.

(ذعر)  الذال والعين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فَزَع، وهو الذُّعْر. يقال ذُعِرَ الرَّجُل فهو مذعور. والذَّعور من الإِبل: التي إذا مُسَّت غارَّتْ([2]). وامرأةٌ ذَعُورٌ: تُذْعَر من الرِّيبَة. قال:

تَنُولُ بمعروف الحَديث وإِنْ تُرِدْ *** سِوى ذَاكَ تُذْعَرْ منك وهْي ذَعورُ([3])

(ذعن)  الذال والعين* والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الإصحاب والانقياد. يقال أَذْعَنَ الرَّجُل، إذا انقاد، يُذْعِنُ إِذْعاناً، وبناؤه ذَعَنَ، إلاَّ أنَّ استعماله أَذْعَنَ. ويقال ناقةٌ مِذْعانٌ: سَلِسَة الرأسِ منقادة.

(ذعط)  الذال والعين والطاء كلمةٌ واحدة. يقال ذعطه، إذا ذَبَحه. وذَعطَتْه المنِيّة: قتلَتْه. قال الشاعر([4]):

إذا بلغُوا مِصْرهم عُوجِلوا *** من الموت بالهِمْيَعِ الذَّاعطِ

  وقريب من هذا الذال والعين والتّاء؛ فإنّهم يقولون ذَعَتَه يذعَتُه، إذا خنقَه.

 

ـ (باب الذال والفاء وما يثلثهما)

(ذفر)  الذال والفاء والراء كلمةٌ تدلُّ على رائحةٍ. يقولون: الذفَر: حِدَّة الرائحة الطيبة. ويقولون مِسْكٌ أذْفَرُ. ويقولون: روضةٌ ذَفِرةٌ: لها رائحةٌ طيِّبة. والذَّفْراءُ: بقلة. فأمّا الذِّفْرَى فهو الموضع الذي يَعرقُ من قَفَا البعير. ولابدّ أن تكون لذلك المكانِ رائحةٌ. والذِّفِرُّ: البعير القويّ ذلك الموضعُ منه، ثمَّ استُعِير ذلك فقيل له في الإنسان أيضاً ذِفْرى. قال:

والقُرط في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ *** تباعَدَ الحبْلُ عنه فهو مضطربُ([5])

  (ذفل)  الذال والفاء واللام ليس أصلاً. على أنهم يقولون إن الذَِّفْل: القَطِرانُ. ويُنشِدون لابن مقبل:

تَمَشَّى به الظِّلْمانُ كالدُّهم قارَفَتْ *** بزَيْت الرُّهاءِ الجوْنِ والذِّفْلِ طاليَا([6])

  والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "بين".

([2]) في المجمل: "إذا مس ضرعها غارت"، وبتشديد راء "غارت"، وهو أن يذهب لبنها لحدث أو علة.

([3]) تنول: تعطي نوالاً. وفي الأصل: "تنور"، صوابه إنشاده من اللسان (نول، ذعر).

([4]) هو أسامة بن حبيب الهذلي، كما في اللسان (همع، ذعط). وقصيدة البيت في الجزء الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 103 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 84.

([5]) البيت لذي الرمة كما سبق في حواشي (حر). وفي الأصل: "معلقة". وانظر تحقيق ذلك فيما مضى.

([6]) الرهاء: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام. وقد أنشد في المجمل الكلمتين الأخيرتين من البيت فقط.

 

 

ـ (باب الذال والقاف وما يثلثهما)

(ذقن) الذال والقاف والنون كلمةٌ واحدة إليها يرجع سائرُ ما يشتقّ من الباب. فالذَّقَنُ ذَقَن الإنسان وغيرِه(1): مَجمَع لَحْيَيه. ويقال ناقةٌ ذَقُونٌ: تحرِّك رأسَها إذا سارت. والذّاقنة: طرَف الحلقومِ الناتئُ. وهو في حديث عائشة: "تُوفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سَحْرِي ونَحْري وحاقِنَتِي وذاقِنَتِي". وتقول: ذَقَنْتُ الرّجل أَذْقُنُه، إذا دَفعْتَ بجُمْع كفِّك في لِهْزِمَتِه. ودَلْوٌ ذَقونٌ، إذا لم تكُنْ مستويةً، بل تكون ضخمةً مائلة.‏

ــــــــــــــــ

(1) الذقن، بالتحريك، ويقال ذقن أيضاً بالكسر.‏

 

 

ـ (باب الذال والكاف وما يثلثهما)

(ذكا)  الذال والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ واحد مطّردٌ منقاس يدلُّ على حِدَّةٍ [في] الشَّيء ونفاذٍ. يقال للشَّمس "ذُكاءُ" لأنَّها تذكو كما تذكو النّار. والصُّبح: ابنُ ذُكاءَ، لأنّه من ضوئها.

ومن الباب ذكَّيتُ الذَبيحة أُذكّيها، وذكّيت النّار أذكّيها، وذَكَوْتُهَا أذْكُوها. والفَرَس المُذكِّي: الذي يأتي عليه بعد القُروح سنة؛ يقال ذكّى يُذَكِّي. والعرب تقول: "جَرْيُ المذَكِّيِاتِ غِلابٌ"، وغِلاءٌ أيضاً. والذّكاء: ذكاء القلب([1]). قال الشاعر([2]):

يفضّله إذا اجْتَهَدَا عَلَيْهِ *** تمامُ السِّنِّ منه والذّكاءُ([3])

  والذّكاء: سُرعة الفِطنة، والفعل منه ذَكِيَ يَذْكَى([4]). ويقال في الحرب والنّار: أَذكَيت أيضاً. والشَّيء الذي تُذْكَى به ذُكْوةٌ.

(ذكر)  الذال والكاف والراء أصلان، عنهما يتفرَّع كَلِمُ الباب. فالمُذْكِر: التي وَلَدَتْ ذكراً. والمِذْكار: التي تَلِد الذُّكْرانَ عادةً. قال عديّ:

ولَقد عَدَّيْتُ دَوسَرَةً *** كعَلاَةِ القَين مِذْكارَا([5])

  والمِذْكار: الأرض تُنْبِت ذُكور العُشْب. والمذَكَّرَة من النُّوق: التي خَلْقها وخُلُقها كخَلْق البعير أو خُلُقه. قال الفرّاء: يقال كَمِ الذِّكَرَةُ مِن ولدك؟ أي الذُّكور. وسيف مذكَّر: ذو ماءٍ. وذُو ذُكْرٍ([6])، أي صارم.

وذُكور البَقْل: ما غلُظ منه، كالخُزامَى والأُقْحُوانِ. وأحرار البُقول([7]): ما رَقَّ وكرُم. وكان الشَّيبانيّ يقول: الذُّكور إلى المرارَةِ ما هِيَ.

والأصل الآخر: ذَكَرْتُ الشيء، خلافُ نسِيتُه. ثم حمل عليه الذِّكْر باللِّسان. ويقولون: اجعلْه منك على ذُكْرٍ، بضم الذال، أي لا تَنْسَه. والذِّكر:

العَلاء والشَّرَف. وهو قياس الأصل. ويقال رجلٌ ذَكُِرٌ وذكيرٌ([8])، أي جيِّد الذِّكْر شَهْمٌ.

ــــــــــــــــــ

([1]) في المجمل: "والذكاء حدة القلب".

([2]) هو زهير بن أبي سلمى، كما في اللسان (ذكا). وانظر ديوانه 69 بتفسير ثعلب و 70 بتفسير الشنتمري.

([3]) أي يفضل هذا الحمار على الأتان إذا اجتهد هو والأتان. والضمير في "عليه" عائد إلى "الوعث" في قوله من قبل:

وإن مالا لوعث خاذمته *** بألواح مفاصلها ظماء

    وفي اللسان: "إذا اجتهدوا" تحريف. ويروى: "إذا اجتهدت" بعود الضمير إلى الأتان.

([4]) ويقال أيضاً ذكا يذكو ذكاء، وذكو يذكو.

([5]) أنشده في المجمل (ذكر) وفي اللسان (دسر).

([6]) كذا في الأصل والمجمل مع هذا الضبط. وفي اللسان والقاموس: "ذكرة" بالتاء في آخره.

([7]) بدله في المجمل: "والعرارة" تحريف.

([8]) كفطن، وندس، وكريم، وسكير، أربع لغات بمعنى.

 

 

 

ـ (باب الذال واللام وما يثلثهما)

(ذلف) الذال واللام والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها، وهي الذَّلَف: استواءٌ في طرف الأنف ليس بِحَدٍّ غليظٍ، وهو أحسن الأُنوف.‏

(ذلق) الذال واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حِدّة. فالذَّلْق: طرَف اللِّسان. والذَّلاقة: حِدَّة اللِّسان، وكلُّ محدَّدٍ مذلَّق. وقرن الثور مذلَّق. ويُشتقُّ من ذلك أَذلَقْتُ الضَّبَّ، إذا صَببتَ الماء في جُحره ليخرج. والإذْلاق: سرعة الرَّمْي.‏

 

 

ـ (باب الذال والميم وما يثلثهما)

(ذمي) الذال والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ. فالذَّماء: الحركة؛ يقال ذَمى يَذْمِي، إذا تحرَّك. والذَّمَيان: الإسراع. ويقال لبَقِيّة النَّفْس الذَّماء، وذلك أنّها بقيَّة حركتِه. ومن الباب: خُذْ ما ذَمَى لك، أي ما ارتفع، وهو من الباب لأنه يَسْنَح. ويقال ذَمَتْني رِيحُ كذا، أي آذَتْني.‏

(ذمر) الذال والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّةٍ في خَلْق وخُلُق، من غَضَب وما أشبهه. فالذِّمْرُ(1): الرّجُل الشجاع. وكذلك الذَّمْر الحَضُّ. وإذا قيل فلانٌ يتذمَّر، فكأنَّه يلوم نفسه(2) ويتغضَّب. والذِّمار: كلُّ شيءٍ لَزِمَك حِفْظُه والغضبُ له.‏

وأمّا الذي قُلْناه في شِدَّة الخَلْق فالمُذَمَّر، هو الكاهل والعُنُق وما حولَه إلى الذِّفْرَى، وهو أصل العُنق. يقولون: ذَمّرْتُ السّليلَ، إذا مَسَِسْتَ قفاه لتنظر أذكرٌ أم أنثى. قال أحيحة(3):‏

وما تَدرِي إذا ذَمّرْتَ سَقْبَا *** لِغَيْرِكَ أو [يكون] لك الفصيلُ(4)‏

ويقولون: إذا اشتدّ الأمر: بلغ المُذَمَّر. ويقولون رجلٌ ذَمِيرٌ وذَمِرٌ: مُنْكَر. وتذامَرَ القومُ، إذا حَثََّ بعضُهم بعضاً. ومن الباب: ذَمَرَ الأسد: إذا زأر، يذْمَُر ذَمِرَة(5).‏

(ذمل) الذال والميم واللام كلمةٌ واحدةٌ في ضربٍ من السَّير. وذلك الذَّميلُ، كالعَدْوِ من الإِبل؛ يقال ذَمَّلْتُ الجملَ، إذا حمَلْتَه على الذَّميل.‏

(ذمه) الذال والميم والهاء ليس أصلاً، ولا منه ما يصحّ(6)؛ إلا أنهم يقولون ذَمِهَ، إذا تحيَّرَ؛ ويقال ذَمَهتْه الشَّمس: آلمت دِماغَه.‏

والله أعلم.‏

ــــــــــــــــ

(1) يقال أيضاً ذمر، بفتح فكسر وذمر بكسرتين مع تشديد الراء، وذمير ككريم.‏

(2)في المجمل: "يلوم نفسه على فائت".‏

(3) في المجمل: "وأنشدني لأحيحة بن الجلاح".‏

(4) التكملة من المجمل. وفيه "أم يكون لك". وانظر بعض أقران هذا البيت في حماسة البحتري 186-362.‏

(5) في القاموس: "والذمرة، كزنخة: الصوت".‏

(6) في الأصل: "والأميهة ما يصح".‏

 

 

ـ (باب الذال والنون وما يثلثهما)

(ذنب) الذال والنون والباء أصول ثلاثة: أحدها الجُرم، والآخر مؤخَّر الشيء، والثالث كالحظِّ والنّصيب.‏

فالأوّل الذّنب والجُرم. يقال أَذْنَبَ يُذْنِبُ. والاسم الذّنْب، وهو مُذْنِبٌ. والأصل الآخر الذّنَب، وهو مؤخر الدوابّ(1)، ولذلك سُمِّي الأتباعُ الذُّنَابَى. والمَذَانب: مَذانب التِّلاع، وهي مَسَايل الماء فيها. والمذنِّب من الرُّطَب: ما أرْطَبَ بَعضُه. ويقال للفرس الطويل الذّنب: ذَنُوب. والذِّناب: عَقِبُ كلِّ شيء. والذّانب: التابع؛ وكذلك المستَذْنِبُ: الذي يكون عند أذناب الإبل. قال الشاعر(2):‏

* مثل الأَجيرِ استَذْنَبَ الرّواحلاَ(3) *‏

فأمّا الذّنائب فمكانٌ، وفيه يقول القائل(4):‏

فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طالَ ليلِي *** فقد أَبْكِي من اللّيل القصيرِ(5)‏

والله أعلم.‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "وهو من الدواب".‏

(2) هو رؤبة، انظر ديوانه 126. وانشده في اللسان (ذنب 375).‏

(3) وكذا ورد في المجمل. وفي حواشي اللسان عن تكملة الصاغاني، أن هذه الرواية تصحيف وصوابها: "شل الأجير" ويروى: "شد". والذي في الديوان: "شل".‏

(4) هو مهلهل، كما في اللسان (ذنب).‏

(5) رواه في اللسان: "على الليل" وفسره بقوله: "يريد فقد أبكي على ليالي السرور لأنها قصيرة".‏

 

 

ـ (باب الذال والهاء وما يثلثهما)

(ذهب)  الذال والهاء والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على حُسْنٍ ونَضارة. من ذلك الذَّهبُ معروف، وقد يؤنَّث فيقال* ذَهَبة، ويجمع على الأذْهَاب([1]). والمَذَاهب: سُيورٌ تُموَّهُ بالذّهَب، أو خِلَلٌ من سُيوف. وكلُّ شيءٍ مموَّهٍ بذَهَبٍ فهو مُذْهَبٌ. قال قيس:

أتعرِف رسماً كاطّرادِ المَذَاهِبِ *** لعَمْرَةَ وَحْشاً غيرَ مَوْقِف راكبِ([2])

  ويقال رجلٌ ذَهِبٌ، إذا رأى مَعْدِنَ الذّهب فَدَُهِش. وكميتٌ مُذْهَبٌ، إذا علتْهُ([3]) حُمْرةٌ إلى اصفرار. فأمّا الذِّهْبة فمطرٌ جَوْدٌ. وهي قياس الباب؛ لأنَّ بها تَنْضُر الأرضُ والنّبات. والجمع ذِهابٌ. قال ذو الرُّمّة:

* فيها الذِّهابُ وحَفَّتْها البَراعيمُ([4]) *

فهذا معظمُ الباب. وبقي أصلٌ آخر، وهو ذَهاب الشيء: مُضِيُّه. يقال ذَهَب يَذْهَب ذَهاباً وذُهوباً. وقد ذَهَبَ مَذْهباً حَسنا.

(ذهر)  الذال والهاء والراء ليس بأصلٍ. وربَّما قالوا ذَهِرَ فُوهُ، إذا اسودّت أسنانُه.

(ذهل)  الذال والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على شغْلٍ عن شيءٍ بذُعْرٍ أو غيره. ذَهَِلْتُ عن الشّيء أَذْهَل، إذا نسيتَه أو شُغِلْت. وأذْهَلَنِي عنه كذا. هذا هو الأصل. وحُكي عن اللِّحياني: [جاء بَعْدَ([5])] ذُهْلٍ من الليل وذَهْل، كما تقول: مرَّ هُدْءٌ من اللّيل. ويجوز أن يكون ذلك لإظلامه وأنّه يُذْهَل فيه عن الأشياء.

ومما شذّ عن الباب قولهم للفرَس الجواد ذُهْلُولٌ.

(ذهن)  الذال والهاء والنون أصلٌ يدلُّ على قُوّة. يقال ما به ذِهنٌ، أي قوّة. قال أوس:

أنُوء برجلٍ بها ذِهْنُها *** وأعيَتْ بها أُختُها الغَابِرهْ([6])

  والذِّهن: الفِطنة([7]) للشَّيء والحِفْظ له. وكذلك الذَّهَنُ.

والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــ

([1]) وكذلك ذهوب، بالضم، وذهبان، بضم الذال وكسرها.

([2]) ديوان قيس بن الخطيم 10 واللسان (ذهب 380).

([3]) في الأصل: "علت".

([4]) صدره كما في الديوان 53 واللسان (ذهب 381): * حواء قرحاء أشراطية وكفت *

([5]) التكملة من المجمل.

([6]) ديوان أوس بن حجر 10 والمجمل واللسان (ذهن). قال في اللسان: "والغابرة هنا الباقية". لكن رواية الديون:

أنوء برجل بها وهيها *** وأعيت بها أختها العاثره

([7]) في الأصل: "الفطرة"، صوابه في المجمل واللسان.

 

 

ـ (باب الذال والواو وما يثلثهما)

(ذوي)  الذال والواو والياء كلمةٌ واحدة تدلُّ على يُبْسٍ وجُفوف. تقول ذَوَى العُود يَذْوِي، إذا جَفّ، وهو ذاوٍ([1])، وربَّما قالوا ذأَى يَذأَى، والأوّل الأجود.

(ذوب)  الذال والواو والباء أصلٌ واحد، وهو الذَّوْب، ثمَّ يحمل عليه ما قاربه في المعنى مجازاً. يقال ذَابَ الشيءُ يذُوب ذَوْباً، وهو ذائب. ثم يقولون مجازاً: ذاب لي عليه من المال كذا، أي وجَب؛ كأنّه لمّا وجب فقد ذاب عليه، كما يذوب الشَّيء على الشيء. والإذوابة: الزُّبْد حين يُوضَع في البُرْمة ليُذاب. والذَّوْب: العَسَل الخالص. ثمَّ يقولون للشَّمس إذا اشتدّ حرُّها: ذابت؛ كأنّها لما بلغت إلى الأجساد بحَرِّها فقد ذابت عليهم. قال:

إذا ذابَتِ الشَّمسُ اتَّقَى صَقَرَاتِها *** بأفنانِ مَربُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ([2])

  ويقولون: أذاب فلانٌ أمرَه، أي أصلَحَه. وهو من الباب؛ لأنّه كأنّه فَعلَ به ما يفعله مُذِيب السَّمْن وغيرِه حتَّى يخلُص ويصلُح. ومنه قول بِشر:

وكنتم كَذاتِ القِدْر لَم تَدْرِ إِذْ غَلت *** أتُنْزِلُها مذمومةً او تذيبُها([3])

  وقال قومٌ: تُذِيبها تُنْهِبُها؛ والإذابة: النُّهبْة؛ أذَبْتُه أنْهَبتُه. وهو الباب، كأنّه أذابَهُ عليهم.

(ذوق)  الذال والواو والقاف أصلٌ واحد، وهو اختبار الشيء من جِهَةِ تَطَعُّمٍ، ثم يشتق منه مجازاً فيقال: ذُقْت المأكولَ أذُوقه ذَوْقاً. وذُقْت ما عند فلانٍ: اختبرتُه. وفي كتاب الخليل: كلُّ ما نزَلَ بإِنسانٍ مِن مكروه فقد ذَاقَه([4]). ويقال ذاقَ القوسَ، إذا نظَرَ ما مقدارُ إعطائها وكيف قُوّتُها. قال:

فذَاق فأعطَتْهُ من اللِّينِ جانباً *** كَفَى، ولَهَا أن يُغْرِق السَّهْمُ حاجزُ([5])

  (ذود)  الذال والواو والدال أصلان: أحدهما تنْحِية الشّيء عن الشيء، والآخَر جماعةُ الإبل. ومحتملٌ أن يكون البابان راجعَينِ إلى أصل واحد.

فالأوّل قولهم: ذُدْت فلاناً عن الشيء أَذُودُه ذَوْداً، وذُدْت إبِلي أذودُها ذَوداً وذِيادا. ويقال أذَدْتُ فلاناً: أعنتُه على ذِياد إبلِه.

والأصل* الآخر الذَّوْد من النَّعَم. قال أبو زيد: الذَّود من الثلاثة إلى العشرة.

ـــــــــــــــــ

([1]) مصدره ذَي وذُويّ. ويقال أيضاً ذوي يذوى ذوى، من باب تعب، وهي لغة رديئة.

([2]) لذي الرمة في ديوانه 504 واللسان (ذوب، صقر، ربع، عبل).

([3])ا البيت في اللسان (ذوب) وهو في قصيدته من المفضليات (2: 130-133).

([4]) في الأصل: "أذاقه"، صوابه في المجمل.

([5]) للشماخ في ديوانه 48 واللسان (ذوق).

 

 

ـ (باب الذال والياء وما يثلثهما)

(ذيخ) الذال والياء والخاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها. قولهم للذّكر من الضباع ذِيخٌ، والجمع ذِيَخَة. وربَّما قالوا: ذيّخْت الرّجلَ تذييخاً، إذا أذلَلْتَه.‏

(ذير) الذال والياء والراء ليس أصلاً. إنّما يقولون: ذَيَّرْتُ أطْباءَ النّاقةِ، إذا طليتَها بسِرْجِينٍ لئلا يرتضِع الفَصيل. وهو الذِّيار.‏

(ذيع) الذال والياء والعين أصلٌ يدلُّ على إظهار الشَّيء وظُهوره وانتشارِه. يقال ذاعَ الخبرُ وغيرُه يَذِيع ذُيوعاً. ورجلٌ مِذياعٌ: لا يكتُم سِرّاً؛ والجمع المذاييع. وفي حديث عليٍّ عليه السلام : "ليسوا بالمَسَايِيح ولا المَذايِيع البُذُر". وهاهنا كلمةٌ من هذا في المعنى من طريقة الانتشار، يقولون: أذاع النّاس [ما(1)] في الحَوض، إذا شربوه كُلَّه.‏

(ذيف) الذال والياء والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها، وهي الذَِّيفان(2) وهو السمُّ القاتل.‏

(ذيل) الذال والياء واللام أصَيلٌ واحد مطّرد منقاس، وهو شيءٌ يسفُل في إطافة. من ذلك الذَّيل ذَيل القميص وغيرِه. وذَيل الرِّيح: ما انسحَبَ منها على الأرض. وفرسٌ ذيّالٌ: طويل الذّنَب. قال النابغة:‏

بكلِّ مجرَّبٍ كاللّيث يسمُو *** إلى أوصالِ ذيّالٍ رِفَنِّ(3)‏

وإن كان الفرسُ قصيراً وذنَبُه طويلاً فهو ذائلٌ. وقولهم للشَّيء المُهان مُذالٌ، من هذا، كأنّه لم يُجعَل في الأعالي. ويقولون: جاء أذيالٌ من الناس، أي أواخِرُ منهم قليلٌ. والذَّائلة من الدُّروع: الطَّويلة الذَّيل. وكذلك الذّائلُ. قال:‏

* ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلُِّ قَضَّاءَ ذائِلِ(4) *‏

وذالت المرأةُ: جَرَّتْ أذيالها. وهو في شعر طَرَفة(5). فأمّا قولُ الأغلب:‏

* يسعى بيدٍ وذَيْلْ(6) *‏

فإنَّما أراد الرِّجْل، فجعل الذّيلَ مكانَه للقافية؛ فإنّه يقول:‏

* فالويلُ لو يُنْجِيه قولُ الوَيْلْ *‏

ويقولون: "من يَطُلْ ذيلُه ينتطِقْ به(7)". يراد أنّ مَن كان في سعةٍ أنفق مالَه حيث شاء.‏

(ذيم) الذال والياء والميم كلمةٌ واحدة، لا يُقاس ولا يتفرّع. يقال ذِمْتُه أذِيمُه ذيما.‏

(ذيأ) الذال والياء والهمزة كلمة واحدة. تذيّأَ اللّحمُ، وذيّأْتُه، إذا فصلتَه عن العَظْم.‏

ــــــــــــــــــ

(1) التكملة من المجمل واللسان.‏

(2)بالفتح وبالكسر، وبالتحريك.‏

(3)ديوان النابغة الذبياني 79. وقد نسب في اللسان (رفن) إلى النابغة الجعدي.‏

(4) للنابغة الذبياني في ديوانه 64 واللسان (قضض، ذيل). وصدره:‏

* وكل صموت نثلة تبعية *‏

(5) يشير إلى قوله في معلقته:‏

فذالت كما ذالت وليدة مجلس *** ترى ربها أذيال سحل ممدد‏

(6) في الأصل: "وذحيل"، صوابه من المجمل.‏

(7) المثل المشهور: "من يطل أير أبيه ينتطق به".‏

 

 

ـ (باب الذال والهمزة وما يثلثهما)

(ذأر)  الذال والهمزة والراء أصلٌ واحد يدلُّ على تجنُّب وتَقَالٍ([1]). يقولون ذَئِرْتُ الشّيءَ، أي كرهتُه وانصرفتُ عنه. وفي الحديث. "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [لمَّا([2])] نَهَى عن ضَرْب النساء ذَئِر النِّساءُ على أَزْواجِهنّ"، يعني نَفَرْن ونَشَزْنَ واجتَرَأْنَ. وقال الشّاعر([3]):

ولقد أتانَا عن تميم أنَّهمُ *** ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامرٍ وتغَضَّبُوا

  ويقال ناقةٌ مُذائِرٌ، وهي التي ترْأم بأنْفِها ولا يصدُق حُبُّها. ويقال بل هي التي تَنفِر عن الولد ساعَةَ تضعُه. وقوله: "ذئروا لقَتْلَى" يعني نفروا وأنكروا([4])، ويقال أنِفُوا.

(ذأب([5]))  الذال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةِ استقرارٍ، وألاّ يكونَ للشَّيء في حركته جهةٌ واحدة. من ذلك الذِّئب، سمِّي بذلك لتذَؤُّبِه من غير جهةٍ واحدة. ويقال ذُئِبَ الرّجُل إذا وقَع في غنَمه [الذئب]. ويقال تذأَّبت الرِّيح: أتت من كل جانب. وأرض مَذْأَبَةٌ: كثيرة الذئاب. وذَؤُب الرّجُل إذا صار ذئباً خبيثاً. وجمع الذِّئب أذؤبٌ وذِئاب وذُؤبَانٌ([6]). ويقال تذاءبْتُ النّاقَة تذاؤُباً، على تفاعلْتُ، إذا ظأرتَها على ولدها فَتَشَبَّهْتَ لها بالذئب، ليكون أرْأَمَ لها عليه. وقال [قومٌ([7])]: الإِذْآب: الفِرار. وأُنشِد:

إنِّي إذا ما ليثُ قومٍ أذْأبا *** وسقَطَتْ نَخْوتُهُ وهَرَبا([8])

  هذا أصل الباب، ثمّ* يشبَّه الشَّيءُ بالذِّئب. فالذِّئبة من القَتَب: ما تحت مُلْتَقى الحِنْوَين، وهو يقع على المِنْسَج.

(ذأم)  الذال والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على كراهَةٍ وعَيب. يقال أذْأمْتَني على كذا، أي أكرَهْتَني عليه. ويقولون ذأمْتُه، أي حَقَرْتُه. والذّأْم العَيب، وهو مذؤومٌ. فأما الذَّانُ بالنون، فليس أصلاً، لأنَّ النونَ فيه مبدلة من ميم. قال:

ردَدْنا الكتيبةَ مَلمومةً *** بها أَفْنُها وبها ذانُها([9])

  (ذأل)  الذال والهمزة واللام أصلٌ يقِلُّ كَلِمُهُ، ولكنّه منقاسٌ يدلُّ على سُرعةٍ. يقال ذَأَلَ يذْأَلُ، إذا مَشَى بسُرعةٍ ومَيْسٍ. فإنْ كان في انخزالٍ قيل يَذؤل. ومن ذلك سمِّي الذِّئْب ذُؤالة.

(ذأي)  الذال والهمزة والحرف المعتل يدلُّ على ضربٍ من السَّير. يقال ذأى يذْأَى ذأْياً. ويقال الذَّأْوُ. السَّوق الشَّديد.

................ ([10])

 

ـ (باب الذال والباء وما يثلثهما)

(ذبح)  الذال والباء والحاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الشّقّ. فالذَّبح: مصدر ذبَحْت الشّاةَ ذبحاً. والذِّبح: المذبوح. والذُّبَّاح: شُقوقٌ في أصول الأصابع. ويقال ذُبِحَ الدَّنُّ، إذا بُزِلَ. والمذابح: سيولٌ صغار تشقُّ الأرض شقّاً. وسعدٌ الذّابحُ: أحد السُّعود([11]). والذِّبَح: نبتٌ، ولعله أن يكون شاذَّا من الأصل.

(ذبل)  الذال والباء واللام أصلٌ واحد يدل على ضُمْرٍ في الشيء.

ــــــــــــــــــ

([1]) التقالي: التباغض. وفي الأصل "ويقال" تحريف.

([2]) التكملة من اللسان.

([3]) هو عبيد بن الأبرص. انظر ديوانه 16 واللسان (ذأر).

([4]) في الأصل: "يعني يقروا ما نكروا"، صوابه في المجمل.

([5])كذا ورد ترتيب هذه المادة في نسخة الأصل، وصواب وضعها في آخر الباب بعد مادة (ذأي) كما ورد في المجمل، ولكني آثرت بقاء ترتيبها حفاظاً على أرقام صفحات الأصل أن يحدث فيها اضطراب.

([6])في الأصل: "ذئبان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس والجمهرة.

([7]) التكملة من المجمل.

([8])نسب الرجز في اللسان إلى الدبيري.

([9]) رواية ديوان قيس بن الخطيم 9 واللسان (ذين): "مفلولة". لكن رواية الأصل توافق رواية المجمل. والمعنى أنهم هزموهم مجتمعين.

([10]) هنا الموضع الحقيقي لمادة (ذأب) التي مضت في ص368.

([11]) السعود: كواكب: كثيرة، سعد البارع، وسعد بلع، وسعد البهام، وسعد الذابح، وسعد السعود، وسعد مطر، وسعد الملك، وسعد ناشرة. انظر الأزمنة والأمكنة (1: 195، 313- 314/ 2: 382-383).

 

 

ـ (باب الذال والحاء وما يثلثهما)

(ذحق) الذال والحاء والقاف ليس أصلاً. وربَّما قالوا: ذَحقَ اللسان، إذا انقشر من داءٍ يُصِيبُه.‏

(ذحل) الذال والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلةٍ بمثل الجِناية، يقال طَلَبَ بذَحْلِه.‏

والله أعلم.‏

 

 

ـ (باب الذال والخاء وما يثلثهما)

(ذخر)  الذال والخاء والراء يدلُّ على إحرازِ شيءٍ يحفظُه. يقال ذخَرْتُ الشّيءَ أَذْخَرُه ذَخْراً. فإذا قلت افتعلت من ذلك قلت ادّخرتُ. ومن الباب المذاخِر، وهو اسمٌ يجمع جَوفَ الإنسان وعُروقَه. قال منظور([1]):

فلمَّا سقيناها العَكِيس تملَّأَتْ *** مَذاخِرُها وازداد رَشْحاً وريدُها([2])

  ويقولون: ملأ البَعيرُ مَذاخِرَه، أي جوفَه. والإذْخِرُ، ليس من الباب: نبتٌ.

ــــــــــــــــــــ

([1]) منظور بن مرثد بن فروة الأسدي، وهو المعروف بمنظور بن حبة، نسبة إلى أمه. انظر المؤتلف 104 والمرزباني 374. وفي اللسان (عكس): "أبو منصور الأسدي"، تحريف، ونسب البيت في اللسان (مذح، ذخر) إلى الراعي.

([2]) وكذا في (عكس). ورواية المجمل واللسان: "تمذحت مذاخرها".

 

 


ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال([1]))

فأمّا ما زاد على ثلاثة أحرُفٍ فكلماتٌ يسيرةٌ تدل على انطلاقٍ وذَهاب، وأمرها في الاشتقاقِ خفيٌّ جداً، فلذلك لم نعرِضْ لذِكْره. فالذَِّعْلِبَة: النّاقةُ السريعة. يقال تذَعْلَبَتْ تذعلُباً، واذلَولَت([2]) اذْلِيلاءً، وهو انطلاقٌ في استِخفاء. ويقال إنّ الذّعْلِبَة النّعامة، وبها شبِّهت النّاقة. والذَّعالب: قِطَع الخِرق، وهي قولُه:

* مُنْسَرِحاً إلاَّ ذَعالِيبَ الخِرَقْ([3]) *

واذْلَعَبَّ الجَملُ في سيره اذْلِعْباباً، وهو قريبٌ من الذي قبلَه.

والله أعلم بالصَّواب.

(تم كتاب الذال)

ــــــــــــــــــ

([1]) هذا العنوان ساقط من الأصل.

([2]) في الأصل: "واذلوليت".

([3]) ديوان رؤبة 105 واللسان (ذعلب).

 

 

كتاب الرّاء:

ـ (باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق)

(رز)  الراء والزاء أصلان: أحدهما جنسٌ من الاضطراب، والآخَر إثباتُ شيءٍ. فالأوّل الإرْزِيزُ، وهي الرِّعْدة. قال الشاعر:

قَطعْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وصُحَبَتِي *** سُعارٌ وإرزيزٌ وَوجْرٌ وَأَفْكَلُ([1])

  ويقال الإرْزيز البَرْد، وهو قياسُ ما ذكرناه. والرِّزُّ: صَوتٌ. وفي الحديث: "مَن وَجَدَ في جوفه رِزّاًّ فلينصَرِفْ وليتوضّأْ".

وأمّا الآخَر فيقال رَزَّ* الجرادُ، إذا غرزَ بذنَبه في الأرض ليَبِيض. ومن الباب الإرزِيزُ، وهو الطّعْن؛ وقياسه ذاك. والرَّزُّ: الطَّعن أيضاً. يقال رزَّهُ، أي طَعنَه. ورزَزْتُ السَهْمَ في الحائط والقرطاس، إذا ثبَّتَّه فيه. ومن القياس ارتَزَّ البخِيل عند المسألة، إذا بقي [وبخل([2])]؛ وذلك أنّه يقلُّ اهتزازُه. والكلمات كلُّها من القياس الذي ذكرناه.

(رس)  الراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ. يقال رَسَّ الشَّيءُ: ثبَتَ. والرَّسيس: الثابت. ومن الباب رَسْرَسَ البعيرُ، إذا نضنَضَ برُكبته في الأرض يريد أنْ ينهض. ومن الباب فلانٌ يرُسُّ الحديثَ في نَفْسه. وسمِعتُ رَسّاً من خَبَر، وهو ابتداؤه؛ لأنّه يثبت في الأسْماع([3]). ويقال رُسَّ الميّت: قُبِر. فهذا معظم الباب. والرَّسُّ: وادٍ معروفٌ في شعر زهير:

* فهُنَّ ووادِي الرَّسِّ كاليدِ في الفَمِ([4]) *

والرُّسيس: وَادٍ معروف. قال زُهير:

لَمِنْ طَلَلٌ كالوحْيِ عافٍ منازلُه *** عَفَا الرَّسُّ منه فالرُّسَيسُ فعاقِلُهْ([5])

  فأمّا الرَّسُّ فيقال إنّه من الإضداد، وهو الإصلاح بين الناس والإِفْسَادُ بينهم. وأيُّ ذلك [كان] فإنّه إثباتُ عداوةٍ أو مودّة، وهو قياس الباب.

(رش)  الراء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء ذي النْدَى. وقد يستعار في غير الندى، فتقول: رششت الماءَ والدّمْع والدّمَ. وطَعْنَةٌ مُرِشَّةٌ. ورَشاشُها: دمُها. قال:

فطعَنْتُ في حَمَّائِهِ بِمُرِشَّةٍ *** تنفِي التُّرَابَ من الطَّريق المَهْيَعِ

  ويقال شِواءٌ رَشراشٌ: ينْصَبُّ ماؤُه. ويقال رَشَّت السّماءُ وأرَشَّت. ويقال أرشَّ فلانٌ فرسَه إرشاشاً، أي عرَّقه بالرَّكْض، وهو في شعر أبي دُوَاد([6]).

ومن الباب عظمٌ رَشْرَشٌ، أي رخْو.

(رص)  الراء والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على انضمامِ الشَّيء إلى الشيء بقوَّةٍ وتداخُل. تقول: رصَصْتُ البُنيانَ بعضَه إلَى بَعْضٍ. قال الله تعالى: {كَأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف 4]. وهذا كأنّه مشتقٌّ من الرَّصاصِ، والرَّصاص أصل الباب. ويقال تراصَّ القومُ في الصّفّ. وحُكي عن الخليل: الرَّصراص: الحجارةُ تكون مرصوصةً حول عَين الماء. ومن الباب التَّرصِيص: أن تنتقب المرأةُ فلا يُرَى إلاَّ عَيناها. وهو التَّوصِيص أيضاً. ويقولون: الرَّصراصة: الأرض الصُّلبة. والبابُ كلُّه منقاسٌ مطَّرد.

(رض)  الراء والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على دَقِّ شَيءٍ. يقال رضَضْتُ الشّيءَ أرُضُّه رضّاً. والرَّضْرَاضُ: حِِجارةٌ تُرَضْرَض على وجه الأرض. والمرأة الرَّضْرَاضةُ: الكثيرة اللَّحْم، كأنَّها رَضَّتِ اللّحمَ رَضّاً؛ وكذلك الرّجُل الرَّضراض. قال الشاعر([7]):

فعرَفْنا هِزَّةً تأخُذُهُ *** فقَرَنَّاهُ برَضْراضٍ رِفَلّ

  والرَّضُّ: التَّمر الذي يُدَقُّ وينقع في المَخْض. وهذا معظمُ الباب. ومن الذي يقرب من الباب الإرضاض: شِدَّة العَدْو. وقيل ذلك لأنه يَرُضّ ما تحت قدَمِه. ويقال إبلٌ رَضارِضُ: راتعَة، كأنّها ترُضّ العُشْب رضّاً. وأمَّأ المُرِضَّةُ وهي الرَّثيئة الخاثرة، فقريبٌ قياسُها ممّا ذكرناه، كأنَّ زُبْدَها قد رُضَّ فيها رضّاً. [قال]:

إذا شَرِب المُرِضَّةَ قال أَوْكِي *** على ما في سِقائِكِ قد رَوِينا([8])

  (رط)  الراء والطاء ليس هو بأصلٍ عندنا. يقولون: الرَّطيط: الجَلَبة والصِّياح. وأَرَطَّ، إذا جَلَّب([9]). ويقال الرَّطيط: الأحمق. ويقال الإرْطاط: اللُّزوم([10]). وفي كلِّ ذلك نَظرٌ.

(رع)  الراء والعين أصلٌ مطّرِدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب. يقال تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ: تحرّك. وهذا شابٌّ([11]) رَُعْرَُعٌ ورَعْراع، والجمع رَعارعُ. قال:

* ألاَ إنّ أخْدانَ الشَّبابِ الرّعارِعُ([12]) *

وقصبٌ رعرعٌ: طويلٌ. وإذا* كان كذا فهو مضطربٌ. ومن الباب  الرَّعَاع، وهم سِفْلة النّاس. ويقولون: الرَّعْرَعة: تَرَقْرُقُ الماءِ على وجْه الأرض. فإن كان صحيحاً فهو القياس.

(رغ)  الراء والغين أصلٌ يدلُّ على رَفاهة ورفاغَةٍ ونَعْمة. قال ابن الأعرابيِّ: الرِّغْرغة من رَفاغة العَيش. وأصلُ ذلك الرَّغْرَغة، وهو أنْ تَرِدَ الإبلُ على الماء في اليوم مراراً. ومن الباب الرَّغيغة: طعامٌ يُتَّخَذُ للنُّفَساء. يقال هو لبَنٌ يُغْلَى ويُذَرُّ عليه دقيق.

(رف)  الراء والفاء أصلان: أحدهما المَصُّ وما أشبهه، والثاني الحركة والرِّيق.

فالأوّل الرَّفّ وهو المَصّ. يقال رفّ يرُفّ: إذا تَرَشَّف. وفي حديث أبي هريرة: "إنِّي لأَرُفُّ شَفَتَيْهَا".

وأمّا الثاني فقولُهم: رفَّ الشّيءُ يَرِفُّ، إذا بَرَق.

وأمَّا ما كان من جهة الاضطراب فالرّفرَفَة، وهي تحريك الطّائرِ جناحَيه. ويقال إنّ الرَّفْرافَ: الظَّليمُ يرفرِف بجناحَيه ثم يعدو.

ومن الباب الرَّفيف: رفيف الشجرة، إذا تندَّتْ. ومنه الرَّفْرَف([13]) وهو كِسْر الخباءِ ونحوِه. وسمِّي بذلك لما ذكرناه؛ لأنه يتحرَّك عند هُبوب الرِّيح. ويقال ثوبٌ رفيفٌ بيِّنُ الرَّفَف، وذلك رقّته واضطرابُه. فأمّا قوله تعالى في الرّفْرَف([14])، فيقال هي الرِّياض، ويقال هي البُسُط، ويقال الرَّفرف ثِيابٌ خُضْر.

ومما شذَّ عن مُعظَم الباب الرَّفّ. قال اللِّحيانيّ: هوالقطيع من البقر، ويقال هو الشّاء الكثير. وأما قولهم "يحُفّ ويرُفّ" فقال قوم: هو إتباعٌ، وقال آخرون: يرُفّ: يُطعِم.

(رق)  الراء والقاف أصلان: أحدهما صفةٌ تكون مخالفةً للجفاء، والثاني اضطرابُ شيءٍ مائع.

فالأوّل الرّقّة؛ يقال رقّ يرِقّ رِقَّة فهو رقيق. ومنه الرَّقَاقُ، وهي الأرض الليِّنة. وهي أيضاً الرَّق والرِّق. والرَّقَق: ضعفٌ في العِظام. قال:

* لم تلق في عظمها وَهْناً ولا رَقَقا([15]) *

قال الفرّاء: في ماله رَقَق، أي قِلَّة. والرِّقَّة: الموضع ينضُب عنه الماء. والرِّقّ: الذي يُكتب فيه، معروف. والرُّقاق: الخبز الرقيق.

والأصل الثاني: قولهم ترقْرَقَ الشَّيءُ، إذا لَمَعَ. وترقرق الدمعُ: دار في الحمْلاق. وترقرق السَّراب، وترقرقت الشَّمس، إذا رأيتَها كأنها تدور. والرَّقْراقة: المرأة التي كأنَّ الماء يجري في وجهها. ومنه رقرقْتُ الثَّوبَ بالطيب، ورَقْرقت الثَّريدة بالدَّسَم. قال الأعشى:

وتبرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَرُو *** س بالصَّيف رَقْرَقَت فيه العبيرَا([16])

  ومما شذَّ عن البابين [الرَّقّ]: ذكَر السَّلاحف، إن كان صحيحاً.

(رك)  الراء والكاف أصلان: أحدهما وهو معظم البابِ رِقّةُ الشّيء وضعفُه، والثاني تراكُمُ بعضِ الشَّيء على بعض.

فالأوَّل الرَِّكُّ، وهو المطر الضعيف. يقال أرَكَّتِ السّماءُ إركاكاً، إذا أتَتْ بِرَِكٍّ. وقد أركّت الأرض([17]). ورَكَّ الشَّيءُ، إذا رَقّ. ومن ذلك قول النَّاس: "اقطَعْها مِن حيث ركَّت" بالكاف. فحدّثَني القطّانُ عن المفسِّر عن القتيبي قال تقول العرب: "اقطَعْهُ من حيث رَكّ" أي من حيث ضعُف، والعامة تقول: من حيث رقّ. فأمّا الحديث: "أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَعَنَ الرُّكاكَة"، فيقال إنّه من الرِّجال الذي لا يغَار. قال: وهو من الرَّكاكة، وهو الضَّعْف. وقد قلناه. والرَّكيك: الضَّعيف الرأْي.

والأصل الثاني قولهم: رَكّ الشَّيءَ بعضَه على بعضٍ، إذا طَرَحَه، يرُكُّه ركّاً. قال:

* فنَجِّنا مِنْ حَبْس حاجاتٍ ورَكّْ([18]) *

ومن الباب قولهم: رَكَكْتُ الشَّيءَ في عُنقه، ألزَمْتُه إيّاه. وسَكرانُ مُرْتكٌّ أي مختلِطٌ لا يُبين كلامه. وسقاءٌ مرْكُوكٌ، إذا عُولِج([19]) بالرُّبِّ وأُصلِحَ به. ومن الباب الرّكْراكة من النِّساء: العظيمة العجُز والفَخِذين. ومنه شَحْمَةُ الرُّكَّى. قال أهلُ اللغة: هي الشَّحْمة تركَب اللَّحم، وهي التي لا تُعَنِّي، إنّما تذُوب. يقال* "وقَعَ على شَحْمة الرُّكَّى"، إذا وقع على ما لا يعنِّيه.

(رم)  الراء والميم أربعة أصول، أصلان متضادّان: أحدهما [لَمُّ] الشّيء وإصْلاحه([20])، والآخر بَلاؤُه. وأصلان متضادّان: أحدهما السكوت، والآخر خِلافُه.

فأمّا الأوّل من الأصلين الأوَّلَين، فالرَّمُّ: إصلاح الشّيء. تقول: رمَمْتُه أرُمُّه. ومن الباب: أرَمَّ البعيرُ وغيرُه، إذا سَمِنَ، يُرِمُّ إرماماً. وهو قوله:

هَجَاهُنَّ لما أنْ أرَمَّتْ عِظامُه *** ولو عاشَ في الأعرابِ ماتَ هُزالا([21])

  وكان أبو زيد يقول: المُرِمُّ: النَّاقة التي بها شيءٌ من نِقْيٍ، وهو الرِّم. ومن الباب الرِّمُّ، وهو الثَّرى؛ وذلك أنّ بعضَه ينضمُّ إلى بعض، يقولون: "له الطّمُّ والرِّمّ". فالطِّمُّ البحر، والرِّمُّ: الثَّرى.

والأصل الآخر من الأصلين الأوّلَين قولُهم: رمَّ الشَّيءُ، إذا بَلِيَ. والرَّميم: العِظام الباليَة. قال الله تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس 78]. وكذا الرِّمَّة. ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستنجاء بالرَّوث والرِّمّة.

والرُّمّة: الحَبْلُ البالِي. قال ذو الرُّمّة:

* أشْعَثَ باقِي رُمَّةِ التَّقلِيدِ([22]) *

ومن ذلك قولهم: ادفَعْهُ إليه برُمّته. ويقال أصلُه أنَّ رجلاً باعَ آخرَ بعيراً بحبلٍ في عنُقه، فقيل لـه: ادفَعْه إليه برُمّته. وكثُر ذلك في الكلام فقيل لكلِّ من دفع إلى آخَرَ شيئاً بكمَالِه: دفَعَه إليه برُمّته، أي كُلّه. قالوا: وهذا المعنى أراد الأعشى بقوله للخَمَّار:

فقلتُ لـه هَذِهِ هَاتِهَا *** بِأَدْماءَ في حَبْل مُقْتادِها([23])

  يقول: بعْني هذه الخمرَ بناقةٍ برُمَّتها. ومن الباب قولهم: الشاةُ ترُمُّ الحشيش من الأرضِ بِمَرَمّتها. وفي الحديث ذكر البقر "أنّها ترُمُّ من كلِّ شَجَر".

وأمّا الأصلان الآخَرانِ فالأول منهما من الإرمام، وهو السُّكوت، يقال: أرَمَّ إِرماماً. والآخَر قولهم: ما تَرَمْرَمَ، أي ما حَرَّك فاه بالكلام. وهو قولُ أوسٍ:

ومُستعجبٍ مِمَّا يَرَى من أَناتِنا *** ولو زَبَنَتْهُ الحربُ لم يَتَرَمْرَمِ([24])

  فأمَّا قولُهم: "ما عَنْ ذلك الأمرِ حُمٌّ ولا رُمٌّ" فإنَّ معناه: ليس يحول دونَه شيءٌ وليس الرُّمُّ أصلاً في هذا، لأنه كالإتباع. ويقولون-إن كان صحيحاً- نعجة رَمَّاءُ، أي بيضاء؛ وهو شاذٌّ عن الأصول التي ذكرناها.

(رن)  الراء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ. فالإرنان: الصوت والرَّنَّة والرَّنِين: صَيحةُ ذِي الحُزْن. ويقال أرنَّت القَوسُ عند إنباض الرَّامي عنها. قال:

* تُرِنُّ إرناناً إذا ما أَنْضَبَا([25]) *

أي أَنْبَضَ. والمِرْنانُ: القوس؛ لأنَّ لها رَنيناً. ويقال إنَّ الرَّنَنَ دويْبّةٌ تكون في الماء تصيح أيّامَ الصيف. قال:

* ولا اليَمَامُ ولم يَصْدَح له الرَّنَنُ([26]) *

فهذا مُعظم الباب، وهو قياسٌ مطّرد. وحُكِيت كلمةٌ ما أدري ما هي، وهي شاذّةٌ إن صحَّت، ولم أسمَعْها سماعاً. قالوا: كان يقال لجمادى الأولى رُنَّى، بوزن حُبلى. وهذا مما لا ينبغي أن يعوَّل عليه.

(ره)  الراء والهاء إن كان صحيحاً في الكلام فهو يدلُّ على بصيص. يقال ترَهْرَه الشّيءُ، إذا وَبَصَ. فأمّا الحديثُ: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا شُقَّ عن قَلْبه جِيء بطَسْتٍ رَهْرَهَةٍ"، فحدّثَنا القطان عن المفسّر عن القُتَيـبيّ عن أبي حاتم قال: سألتُ الأصمعيَّ عنه فلم يعرفْه. قال: ولستُ أعرفُه أنا أيضاً، وقد التمستُ له مَخرجاً فلم أجِدْه إِلاّ من موضعٍ واحد، وهو أن تكونَ الهاء فيه مبدلةً من الحاء، كأنه أراد: جِيءَ بطَسْتٍ رَحْرحةٍ، وهي الواسعة. يقال إناءٌ رَحْرَحٌ ورَحْرَاحٌ. قال:

* إلى إزاءٍ كالمِجَنِّ الرَّحْرَحِ *

والذي عندي في ذلك أنّ الحديثَ إنْ صحَّ فهو من الكلمة الأولى، وذلك أنَّ لِلطَّسْت بصيصاً.

ومما شذَّ عن الباب الرَّهْرهتان([27]): عَظْمانِ شاخصانِ في بواطن الكَعْبَيْن: يقبل أحدُهُما على الآخر.

(رأ)  الراء والهمزة أصلٌ يدلُّ على اضطراب*، يقال رأْرَأَت العينُ: إذا تحرَّكتْ من ضَعْفها. ورأْرأَت المرأةُ بعينها، إِذا بَرَّقَت. ورأْرأَ السّرابُ: جاء وذَهَب ولمح. وقالوا: رأْرَأْتُ بالغَنَم، إذا دَعَوْتَها. فأمّا الرّاءة فشجرَة، والجمع راءٌ.

(رب)  الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ. فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه([28]). فالرّبُّ: المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب. والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها. وهذا سقاء مربُوبٌ بالرُّبِّ. والرُّبّ للعِنَب وغيرِه؛ لأنّه يُرَبُّ به الشيء. وفَرَسٌ مربوب. قال سلامة([29]):

ليسَ بأسْفَى ولا أقْنَى ولا سَغِلٍ *** يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ

  والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. والله جلّ ثناؤُه الرَّبٌّ؛ لأنه مصلحُ أحوالِ خَلْقه. والرِّبِّيُّ: العارف بالرَّبّ. وربَبْتُ الصَّبيَّ أرُبُّه، وربَّبْتُه أربِّبُه. والرَّبيبة الحاضِنة. ورَبيبُ الرَّجُل: ابنُ امرأَتِه. والرَّابُّ: الذي يقوم على أمر الرَّبيب. وفي الحديث: "يكرهُ أنْ يتزوَّج الرّجلُ امرأةَ رابِّهِ".

والأصل الآخرُ لُزوم الشيءِ والإقامةُ عليه، وهو مناسبٌ للأصل الأوّل. يقال أربَّت السّحابةُ بهذه البلدةِ، إذا دامَتْ. وأرْضٌ مَرَبٌّ: لا يزال بها مَطَرٌ؛ ولذلك سُمِّي السَّحاب رَباباً. ويقال الرَّباب السحاب المتعلِّق دون السَّحاب. يكون أبيضَ ويكون أسود، الواحدة رَبابةٌ.

ومن الباب الشّاةُ الرُّبَّى: التي تُحتَبسَ في البيت لِلَّبَنِ، فقد أربَّتْ، إذا لازمت البيتَ. ويقال هي التي وَضَعَتْ حديثاً. فإن كان كذا فهي التي تربِّي ولدها. وهو من الباب الأوّل. ويقال الإرباب: الدّنُوّ من الشَّيء. ويقال أربَّت الناقة، إذا لزِمت الفحلَ وأحبّتْه، وهي مُرِبٌّ.

والأصل الثالث: ضمُّ الشيء للشَّيء، وهو أيضاً مناسبٌ لما قبله، ومتى أُنْعِمَ النَّظرُ كان الباب كلُّه قياساً واحداً. يقال للخِرْقة التي يُجعل فيها القِدَاحُ رِبابَةٌ. قال الهذليّ([30]):

وكأنّهُنَّ رِبَابةٌ وكأنه *** يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ

  ومن هذا الباب الرِّبابة([31])، وهو العَهْد. يقال: للمعاهَدِين أَرِبَّةٌ. قال:

كانت أرِبَّتَهُم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ *** عَقْدُ الجِوارِ وكانوا معشراً غُدُرَا([32])

  وسُمِّي العهدُ رِبابةً لأنَّه يَجْمَعُ ويؤلِّف. فأمَّا قولُ علقمة:

وكنتَُ أمرأً أفْضَتْ إليكَ رِبابَتِي *** وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فضِعتُ رُبُوبُ([33])

  فإنَّ الرِّبابة، العهد الذي ذكرناه. وأمَّا الرُّبُوب فجمع رَبّ، وهو الباب الأول.

وحدَّثنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم([34]) عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد قال: الرِّباب: العُشور. قال أبو ذُؤيب:

تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلفُ الـ  *** ـجِوارَ وتُغْشِيها الأمانَ رِبابُها([35])

  وممكنٌ أن يكون هذا إنّما سُمِّي رِباباً لأنّه إذا أُخِذ فهو يصير كالعَهْد.

ومما يشذّ عن هذه الأصول: الرّبْرَب: القطيع من بقر الوحْش. وقد يجوز أن يضمَّ إلى الباب الثالث فيقال إنَّما سُمِّي ربرباً لتجمُّعه، كما قلنا في اشتقاق الرِّبابة.

ومن الباب الثالث الرَّبَب، وهو الماء الكثير، سمِّي بذلك لاجتماعه. قال:

* والبُرَّة السَّمْرَاء والماء الرَّبَبْ *

فأمّا رُبَّ فكلمة تستعمَل في الكلام لتقليل الشّيء، تقول: رُبَّ رجلٍ جاءني. ولا يُعْرف لها اشتقاق.

(رت)  الراء والتاء ليس أصلاً، لكنَّهم يقولون: الرُّتَّة: العَجَلة في الكلام. ويقال هي الحُكْلَة فيه. ويقولون: الرُّتُوت: الخنازير. وقال ابنُ الأعرابيّ: الرَّتُّ: الرئيس؛ والجمع رُتوتٌ. وكل هذا فممَّا ينبغي أن يُنظَر فيه.

(رث)  الراء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على إخلاقٍ وسقوط. فالرَّثُّ: الخَلَق البالي. يقال حَبْلٌ([36]) رثٌّ، وثوبٌ رثٌّ، ورجلٌ رثّ الهَيئة. وقد رَثّ يَرِثُّ رَثاثَةً ورُثوثةً. والرِّثَّة: أسقاط البيت* من الخُلْقانِ، والجمع رِثَثٌ. وأمَّا قولهم ارتُثَّ في المعركة، فهو من هذا، وذلك أنَّ الجريح يسقُط كما تسقط الرِّثَّة ثم يُحمَل وهو رثِيثٌ.

ومن الباب [الرِّثَّةُ([37])]، وهم الضعفاء من الناس. ويقال الرِّثَّة: المرأةُ الحمقاء. فإِن صحّ ذلك فهو من الباب.

(رج)  الراء والجيم أصلٌ يدلُّ على الاضطراب، وهو مطَّردٌ منْقاس ويقال كتيبةٌ رَجْراجة: تَمَخَّضُ لا تكاد تسير. وجاريةٌ رَجراجة: يَتَرجْرج كَفَلُها. والرِّجرِجَة: بقيّة الماء في الحوض. ويقال للضُّعَفاء من الرجال الرَّجَاج([38]).

قال:

أقبَلْنَ من نِيرٍ ومن سُواجِ([39]) ***

بالقوم قد ملُّوا من الإدْلاجِ

فَهُمْ رَجَاجٌ وعَلَى رَجَاجِ([40])

  والرَّجُّ: تحريك الشيء؛ تقول: رجَجْتُ الحائطَ رَجّاً، وارْتَجَّ البحر. والرّجْرَج نعتٌ للشيءِ الذي يترجْرَج. قال:

* وكَسَتْ المِرْطَ قَطاةً رَجْرَجا([41])*

وارتجَّ الكلامُ: التَبَسَ؛ وإنما قيل له ذلك لأنّه إذا تَعَكَّرَ كان كالبحر المرتَجّ. والرِّجرِجَة([42]): الثَّرِيدة الليِّنة. ويقال: الرَّجَاجة النّعجة المهزولة؛ فإنْ كان صحيحاً فالمهزول مضطربٌ. وناقةٌ رَجَّاءُ: عظيمة السَّنام؛ وذلك أنّه إذا عظُمَ ارتجَّ واضطرب. فأمّا قولُه:

* ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْهَا خَنَاطِيلُ([43]) *

فيقال هو اللُّعاب([44]).

(رح)  الراء والحاء أصلٌ يدلُّ على السّعَة والانبساط. فالرَّحَحُ: انبساطُ الحافرِ وصَدْرِ القَدَم. ويقال للوَعل المنبسط الأظلاف أرحُّ. قال:

ولو أنَّ عِزَّ النّاسِ في رأسِ صَخرةٍ *** مُلَمْلَمَةٍ تُعيِي الأرَحّ المخدَّما([45])

  ويقال تَرحْرَحَت الفرسُ: فَحَّجَتْ قوائمَها لتبُول. ويقال هم في عيشٍ رَحْرَاحٍ، أي واسع. ورَحْرَحَانُ: مكانٌ.

(رخ)  الراء والخاء قليلٌ، إلاّ أنّه يدلُّ على لِينٍ. يقال إنّ الرَّخَاخَ لِينُ العَيْش. وأرضٌ رَخَّاءُ: رِخوة. ويقال-وهو ممّا يُنظَر فيه- إنّ الرَّخَّ مَزْجُ الشَّرابِ([46]).

(رد)  الراء والدال أصلٌ واحدٌ مطّردٌ منقاس، وهو رَجْع الشَّيء. تقول: ردَدْتُ الشَّيءَ أرُدُّه ردّاً. وسمِّي المرتدُّ لأنّه ردّ نفسَه إلى كُفْره. والرِّدُّ: عِماد الشَّيء الذي يردُّه، أي يَرْجِعُه عن السُّقوط والضَّعْف. والمردودة: المرأة المطلَّقة. ومنه الحديث: أنَّه قال لسُراقةَ بنِ مالكٍ([47]): "ألاَ أدُلك على أفضَل الصّدَقة، ابنَتُكَ مردُودةً عليك، ليس لها كاسبٌ غيرُكَ". ويقال شاة مُرِدٌّ وناقةٌ مُرِدّةٌ، وذلك إذا أضْرَعَتْ، كأنَّها لم تكن ذاتَ لبن فرُدَّ عليها، أو رَدَّت هي لبنَها. قال:

* تَمْشِي من الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ([48]) *

ويقال هذا أمرٌ لا رادَّةَ له، أي لا مرجُوع له ولا فائدةَ فيه. والرَّدَّة: تقاعُسٌ في الذَّقَن، كأنه رُدّ إلى ما وراءه. والرَّدَّة: قبحٌ في الوجه مع شيءٍ من جَمال، يقال في وجهها رَدّةٌ، أي إنَّ ثَمَّ ما يرُدُّ الطَّرْف، أي يَرْجِعُه عنها. والمتَرَدِّد: الإنسان المجتمع الخَلْق، كأنَّ بعضَه رُدَّ على بعض. ويقال-وفيه نظر- إن المردُودة المُوسَى، وذلك أنّها تُرَدُّ في نِصَابِها. ويقال نهرٌ مُرِدٌّ: كثير الماء. وهذا مشتقٌّ من رِدَّة الشَّاةِ والنّاقة. ومن الباب رجُلٌ مُرِدٌّ، إذا طالت عُزْبَتُه؛ وهو من الذي ذكرناه من رِدّة الشَّاة، كأنَّ ماءَه قد اجتمع في فَِقْرته، كما قال:

رأت غلاماً قد صَرَى في فَِقْرَتِه *** ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوَانُ شِرَّتِهْ([49])

  (رذ)  الراء والذال كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على مطرٍ ضعيف. فالرَّذَاذ: المطر الضعيف. يقال يومٌ مُرِذٌّ، أي ذو رَذَاذٍ. ويقال أرضٌ مُرَذٌّ عليها. قال الأصمعيّ: لا يقال مُرَذٌّ ولا مَرذُوذة، ولكن يقال مُرَذٌّ عليها. وكان الكسائيُّ يقول: هي أرض مُرَذَّةٌ والله أعلم.

ــــــــــــــــ

([1]) البيت للشنفرى الأزدي من قصيدته المعروفة بلامية العرب. انظرها ص60 طبع الجوائب 1300.

([2]) التكملة من المجمل واللسان.

([3]) في الأصل: "الاستماع".

([4]) تطابق رواية التبريزي في المعلقات. ويروى: "فهن لوادي الرس كاليد للفم". وصدره:

* بكرن بكورا واستحرن بسحرة *

([5]) ديوان زهير 126 والمجمل واللسان (رسس).

([6]) هو قوله: طواه القنيص وتعداؤه *** وإرشاش عطفيه حتى شسب

([7])هو النابغة الجعدي، كما في اللسان (رضض).

([8]) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (رضض).

([9]) في الأصل: "وأرطاني جلب".

([10]) في المجمل: "اللزوم للمكان".

([11]) في الأصل: "ثبات"، صوابه من المجمل واللسان.

([12]) للبيد في ديوانه 25 طبع 1880. وفي اللسان: "وقيل هو للبعيث". وصدره:

* تبكي على إثر الشباب الذي مضى *

([13]) في الأصل: "الرفراف"، صوابه في المجمل واللسان.

([14]) قوله تعالى في سورة الرحمن: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} [الرحمن 76].

([15]) صدره كما في اللسان (رقق): * خطارة بعد غب الجهد ناجية *

([16]) ديوان الأعشى 69 واللسان (رقق).

([17]) يقال بالبناء للفاعل وللمفعول، في الفعل والوصف منه.

([18]) الشطر لرؤبة في ديوانه 118 واللسان (ركك).

([19]) في الأصل: "عولى"، صوابه من المجمل واللسان.

([20]) في الأصل: "وصلاحه".

([21]) في اللسان: "ولو كان".

([22]) ديوان ذي الرمة 155 واللسان (رمم).

([23]) ديوان الأعشى 51 برواية: "فقلنا"، واللسان (رمم).

([24]) ديوان أوس بن حجر 27 واللسان (رمم)، وسيأتي في (عجب).

([25]) للعجاج في اللسان (نضب، رنن). وبعده: * إرنان محزون إذا تحوبا *

([26]) روي في المجمل واللسان بدون كلمة "ولا اليمام".

([27]) لم ترد هذه الكلمة في المعاجم المتداولة.

([28]) بعده في الأصل: "والمصلح الرب والرب"، وهو إقحام وتكرار لما سيأتي.

([29]) هو سلامة بن جندل. والبيت التالي من قصيدة في ديوانه 7-12 والمفضليات (1: 117-122). وفي الأصل: "الأعشى"، صوابه في المجمل واللسان.

([30]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه ص6 والمجمل واللسان (ربب). وسيأتي في (فيض).

([31]) والرباب أيضاً بطرح التاء.

([32]) لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة في ديوانه 44. والبيت في اللسان (ربب).

([33]) ديوان علقمة 132 والمفضليات (2: 194) واللسان (ربب). والرواية في الأخيرين: "وأنت امرؤ".

([34]) هو القطان، كما في المجمل.

([35]) وكذا في الديوان 73. وفي اللسان (ربب): "ويعطيها الأمان".

([36]) في الأصل: "رجل"، صوابه في المجمل واللسان.

([37]) التكملة من المجمل.

([38]) في الأصل: "الرجراج"، تحريف.

([39]) في الأصل: "بئر"، صوابه في اللسان (نير، رجج، سوج) ومعجم البلدان (سواج). وانظر الحيوان (2: 301).

([40]) الكلمتان الأخيرتان ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من المراجع السابقة.

([41]) البيت في اللسان (رجج).

([42]) في اللسان: "وثريدة رجراجة". ثم قال: "والرجرج ما ارتج من شيء".

([43]) لابن مقبل، كما في اللسان (لعع، سحط، رجج، خنطل). وصدره:

* كاد اللعاع من الحوذان يسحطها *

([44]) زاد في المجمل: "ويقال نبت".

([45]) البيت للأعشى، كما في ديوانه 293 واللسان (رحح، خدم)، وقد سبق في (خدم).

([46]) لم يرد في اللسان، وورد في القاموس.

([47])هو سراقة بن مالك بن جعشم، الذي حاول إدراك النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة، وقد أسلم عام الفتح. مات في خلافة عثمان سنة 24. انظر الإصابة 3109. وفي اللسان: "سراقة بن جعشم" نسبه إلى جده.

([48]) لأبي النجم العجلي كما في اللسان (ردد). وانظر المخصص (7: 14).

([49]) للأغلب العجلي، كما في اللسان (صري). وفيه (صري، عنف، سنب): "عنفوان سنبته". وما سيأتي في (صري) مطابق لما هنا.

 

 

ـ (باب الراء والزاء وما يثلثهما)

(رزغ)  الراء والزاء والغين أُصَيْلٌ يدلُّ على لَثَقٍ وطينٍ. يقال أرزَغَ المطرُ، إذا بلَّ الأرض، فهو مُرْزِغٌ. وكان* الخليل يقول: الرَّزَغَة أشدُّ من الرَّدَغة. وقال قومٌ بخلاف ذلك. ويقال أرزَغَت الرِّيح: أتَتْ بالنَّدَى. قال طَرَفة:

وأنتَ على الأدنى صَباً غيرُ قَرَّةٍ *** تَذَاءَبَ منها مُرْذِغٌ ومُسِيلُ([1])

  وقولهم: أرزَغَ فلانٌ فلاناً، إِذا عابَه، فهو من هذا؛ لأنَّه إذا عابَه فقد لَطَخه. ويقال للمُرْتَطِمِ: رَزِغٌ. ويقال احتَفَر القومُ حتى أَرزَغُوا، أي بَلَغُوا الرَّزَغَ، وهو الطين([2]).

(رزف)  الراء والزاء والفاء كلمتان تدلُّ إحداهُما على الإسراع، والأخرى على الهُزَال.

فأمّا الأولى فالإرزاف الإسراع، كذا حدَّثنا به عليُّ بن إِبراهيم، عن ابن عبد العزيز، عن أبي عُبيدٍ عن الشَّيبانيّ. وحدَّثَنا به عن الخليل بالإسناد الذي ذكرناه: أرْزَفَ القومُ:أسرَعُوا، بتقديم الرّاء على الزّاء، والله أعلم. قال الأصمعيّ: رَزَفَت النَّاقةُ: أسرعَت؛ وأرزفْتُها أنا، إِذا أخْبَبْتُها([3]) في السَّير.

والكلمة الأخرى الرَّزَفُ: الهُزَال، وذكر فيه شعرٌ ما أدري كيف صِحّتُه:

يا أبا النَّضْر تَحَمَّلْ عَجَفِي *** إِنْ لم تَحَمَّلْهُ فقد جَا رَزِفي

  (رزق)  الراء والزاء والقاف أُصَيْلٌ واحدٌ يدلُّ على عَطاءٍ لوَقت، ثم يُحمَل عليه غير الموقوت. فالرِّزْق: عَطاء الله جلَّ ثناؤُه. ويقال رَزَقه الله رَزْقاً، والاسم الرِّزْق. [والرِّزْق] بلغة أزْدِشُنوءَة: الشُّكر، من قوله جلّ ثناؤه: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة 82]. وفعلتُ ذلك لمَّا رزَقْتَني، أي لمَّا شكَرْتَني.

(رزم)  الراء والزاء والميم أصلانِ متقاربان: أحدهما جَمْعُ الشيءِ وضمُّ بعضِه إِلى بعضٍ تِباعاً، والآخر صوتٌ يُتَابَع؛ فلذلك قلنا إنهما متقاربانِ.

يقول العرب: رزَمْتُ الشيءَ: جمعتُه. ومن ذلك اشتقاق رِزْمَة الثِّياب. والمرازمة في الطَّعام: المُوالاةُ بين حَمْدِ الله عزّ وجلّ عند الأكل. ومنه الحديث "إذا أكَلْتمْ فرَازِمُوا" ورازمت الشيءَ، إذا لازَمْتَه. ويقال رازمَتِ الإبل المرعى، إذا خلَطَتْ بينَ مرعَيَيْنِ. ورازمَ فلانٌ بين الجَراد والتَّمر، إِذا خلَطَهما. ويقال رجلٌ رُزَمٌ، إِذا برَكَ على قِرْنِه. وهو في شعر الهُذَلِيّ([4]):

*مثل الخَادِرِ الرُّزَمِ([5]) *

ورزَمت النَّاقةُ، إِذا قامت من الإِعياء، وبها رُزَامٌ. وذلك القياس؛ لأنها تتجمَّع من الإعياء ولا تنبعِث.

والأصل الآخر: الإرزام: صوتُ الرَّعْد، وحَنِينُ النَّاقةِ في رُغائها. ولا يكون ذلك إلا بمتابعةٍ، فلذلك قُلْنا إنَّ البابَين متقاربان. ويقولون: "لا أفْعَلُ ذلك ما أرزَمَتْ أمُّ حائل". والحائل: الأنثى من ولد النَّاقة. ورَزَمة السِّباع: أصواتُها . والرَّزِيم: زئير الأُسْد. قال:

* لأُِسُودِهِنَّ على الطَّرِيقِ رَزِيمُ([6]) *

فأما قولهم "لا خَيْرَ في رَزَمةٍ لاَ دِرَّةَ معها" فإِنهم يريدون حنينَ الناقة. يُضرَب مثلاً لمن يَعِد ولا يَفِي. والرَّزَمة: صوتُ الضُّبُعِ أيضاً. وممّا شَذَّ عن الباب المِرْزَمان: نَجْمان. قال ابنُ الأعرابيّ: أمُّ مِرْزَمٍ: الشَّمال الباردة. قال:

إِذا هُوَ أَمْسَى بالحِلاَءَةِ شاتِياً *** تُقَشِّرُ أعْلى أنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ([7])

  (رزن)  الراء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ وثَبات. يقولون رَزُنَ الشيءُ: ثَقُل. ورجلٌ رزينٌ وامرأةٌ رَزانٌ. والرِّزْنُ: نُقْرةٌ في صخرةٍ يجتمع فيها الماء. قال:

* أحْقَبَ مِيفَاءٍ على الرُّزُونِ([8]) *

ويقال الرَِّزْنُ: الأَكمَة، والجمع رزُونٌ.

(رزأ)  الراء والزاء [والهمزة] أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إِصابة الشيء والذَّهاب به. ما رزَأتُه شيئاً، أي لم أُصِبْ منه خيراً. والرُّزْء: المصيبة، والجمع الأرزاء. قال:

وأرى أرْبَدَ قد فارَقنِي *** ومِنَ الأرزاءِ رُزْءٌ ذُو جَلَلْ([9])

  وكريمٌ مُرَزَّا([10]): تصيب الناسُ مِن خَيْره.

(رزب)  الراء والزاء والباء، إن كان صحيحاً فهو يدلُّ على قِصَر وضِخَمٍ. فالإرْزَبُّ: الرّجُل القَصِير الضَّخْم. والمِرْزَبَةُ معروفةٌ. *ورَكَبٌ إرْزَبٌّ: عظيم. قال:

* إنّ لَهَا لرَكَباً إرْزَبَّا([11]) *

(رزح)  الراء والزاء والحاء أصلٌ يدلُّ على ضعْفٍ وفُتور. فيقولون رَزَح، إذا أعيا؛ وهي إِبلٌ مَرازيحُ، ورَزْحَى، ورَزَاحَى([12]). ويقولون إن أصله المِرْزَح، وهو ما تواضَعَ من الأرض واطمأَنَّ.

وذُكر في الباب كلامٌ آخرُ ليس من القياس المذكور، قال الشَّيبانيّ:

المِرْزِيح: الصّوت. قال:

ذَرْ ذا ولكن تبصَّرْ هَلْ تَرى ظُعُناً *** تُحْدَى، لِسَاقَتِها بالدَّوِّ مِرْزيحُ[13])

ــــــــــــــــ

([1]) كذا. والذي في شعر طرفة 52 واللسان (رزغ):

وأنت على الأدنى شمال عرية *** شآمية تزوي الوجوه بليل

وأنت على الأقصى صبا غير قرة *** تذاءب منها مرزغ ومسيل

 ([2]) في الأصل: "وهو الطين الرزع". والكلمة الأخيرة مقحمة.

([3]) أخبها: جعلها تسير الخبب. وفي الأصل: "خببتها"، تحريف. وفي اللسان: "أحثثتها" وفي مادة (زرف) من اللسان: "أخببتها" كما أثبت.

([4]) هو ساعدة بن جؤية، كما في اللسان (نبخ، رزم). وانظر ديوان الهذليين (1: 202).

([5]) البيت بتمامه كما في المراجع السابقة:

يخشى عليها من الأملاك نابخة *** من النوابخ مثل الخادر الرزم

    والخادر: الأسد في خدره. ويروى "الحادر"، أراد به الفيل الغليظ.

([6]) هذه القطعة في اللسان (رزم).

([7]) البيت لصخر الغي الهذلي، يعير أبا المثلم. انظر شرح السكري للهذليين 21 ونسخة الشنقيطي 91 ومعجم البلدان (الحلاءة) واللسان (رزم 132). وقد سبق في (أم 23).

([8]) لحميد الأرقط، كما في اللسان (رزن).

([9]) البيت للبيد في ديوانه 17 طبع 1881.

([10]) في الأصل: "مبرز"، تحريف.

([11]) البيت في اللسان (رزب). وبعده: * كأنه جبهة ذرى حبا *

([12])ويقال أيضاً رزح، كركع، وروازح.

([13]) البيت لزياد الملقطي، كما في اللسان (رزح).

 

 

ـ (باب الراء والسين وما يثلثهما)

(رسع) الراء والسين والعين أصلٌ يدلُّ على فَسادٍ. يقولون الرَّسَعُ: فَساد‏

العين. يقال رسَّعَ الرّجلُ فهو مُرَسِّع. ويقال رسَّعَتْ أعضاؤه، إذا فَسَدَتْ.‏

(رسغ) الراء والسين والغين كلمةٌ واحدة، [الرُّسْغُ]: وهو مَوْصِل الكَفِّ في الذِّراع، والقدم في الساق. والرِّساغ: حبلٌ يُشَدُّ في رسغ الحمار ثم يشدُّ إلى وتد. ويقال أصاب المطر الأرضَ فرسَّغ، وذلك إذا بلغ الماء الرسغ.‏

(رسف) الراء والسين والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على مقارَبَة المَشْي، فالرَّسْفُ: مَشْي المقيَّد، ولا يكون ذلك إلاّ بمقارَبَةٍ. رَسَفَ يَرْسُف ويَرْسِف رَسْفاً ورَسِيفاً ورَسَفاناً. قال أبو زيد: أرسفْتُ الإِبلَ، إذا طردْتَها بأَقْيَادِها.‏

(رسل) الراء والسين واللام أصلٌ واحدٌ مطّردٌ مُنْقاس، يدلُّ على الانبعاث والامتداد. فالرَّسْل: السَّير السَّهل. وناقةٌ رَسْلَةٌ: لا تكلِّفك سِياقاً. وناقة رَسْلَهٌ أيضاً: ليِّنة المفاصل. وشَعْرٌ رَسْلٌ، إذا كان مُسترسِلا.‏

والرَّسَل: ما أُرسِل من الغَنَم إلى الرَّعي. والرِّسْل: اللَّبَن؛ وقياسُه ما ذكرناه، لأنَّه يترسَّل من الضَّرْع. ومن ذلك حديث طَهْفَةَ بن أبي زُهيرٍ النَّهدِيّ(1) حين قال: "ولنا وَقِيرٌ كثير الرَّسَلِ، قليل الرِّسْل". يريد بالوَقير الغَنَم، يقول: إنها كثيرة العدد، قليلة اللَّبَن. والرَّسَل: القَطيع هاهنا.‏

ويقال أَرسَلَ القومُ، إذا كان لهم رِسْلٌ، وهو اللَّبَن. ورَسِيلُ الرّجُل: الذي يقف معه في نِضالٍ أو غيرِه، كأنَّه سُمِّي بذلك لأنّ إرساله سهمَه يكون مع إرسال الآخرِ. وتقول جاءَ القومُ أَرْسالاً: يتبَعُ بعضُهم بعضاً؛ مأخوذٌ من هذا؛ الواحدُ رَسَل. والرَّسول معروفٌ. وإبلٌ مَراسِيلُ، أي سِرَاعٌ. والمرأة المُرَاسِل التي مات بعلُها فالخُطَّاب يُراسِلُونها. وتقول: على رِسْلِك، أي على هِينَتِك؛ وهو من الباب لأنَّه يَمْضي مُرْسَلاً من غير تجشُّم. وأمّا: "إلاّ مَن أعطى في نَجْدَتِها ورِسْلِها" فإِنَّ النَّجْدة الشّدّة. يقال فيه نَجْدةٌ، أي شِدَّةٌ. قال طَرَفة:‏

تَحْسَِبُ الطّرْفَ عليها نَجْدةً *** يا لقَومِي للشَّبَاب المُسْبَكِرّْ(2)‏

والرِّسْل: الرَّخاء. يقول: يُنِيلُ منها في رَخائه وشِدّته. واسترسلتُ إلى الشَّيء، إِذا انبعَثَتْ نفْسُك إليه وأَنِسْتَ. والمرَسلات: الرِّياح. والراسِلان(3): عِرْقانِ.‏

(رسم) الراء والسين والميم أصلان: أحدهما الأثَر، والآخر ضربٌ من السير.‏

فالأوّل الرّسْم: أثَرُ الشَّيء. ويقال ترسَّمْتُ الدّار، أي نظرتُ إلى رسومها. قال غيلان:‏

أأَنْ ترسَّمْتَ مِن خَرقاءَ منزِلَةً  *** ماءُ الصَّبابةِ من عينَيْكَ مسجومُ(4)‏

وناقةٌ رَسومٌ: تؤثِّر في الأرض من شِدّة الوطْء. والثَّوب المرسَّم: المخطَّط. ويقال إنَّ الترسُّم: أنْ تنظُرَ أين تحفِر، وهو كالتفرُّس. قال:‏

* ترسُّم الشَّيخ وضَرْبَ المِنْقارْ(5) *‏

ويقال إنَّ الرَّوْسَم: شيءٌ تُجْلَى به الدَّنانير. قال:‏

*دنانِيرُ شِيفَتْ من هِرَقْلَ برَوْسَمِ(6) *‏

والرَّوْسم: خشَبةٌ يُختَم بها الطَّعام. وكلُّ ذلك بابُه واحدٌ: وهو من الأثَر. ويقال إِنَّ الرَّواسيمَ كتبٌ كانت في الجاهليّة. وعلى ذلك فُسِّرَ قولُه:‏

* كأنَّها بالهِدَمْلاَتِ الرَّوَاسِيمُ(7) *‏

وقيل الراسم: الماء الجارِي.* فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه إِذا جَرَى أثَّر وأبْقَى الرَّسْمَ.‏

وأمّا الأصل الآخَر فالرَّسِيم: ضَربٌ مِن سَير الإِبل. يقال رسَم يرْسِمُ. فأمّا أرْسَم فلا يقال(8). وقول ابن ثَوْر:‏

* غُلاَميَّ الرَّسيمَ فأَرْسما(9) *‏

فإنَّه يريد: فأرسم الغلامانِ بَعيريْهِما، إِذا حَمَلاهما على الرَّسيم؛ ولا يريد أنَّ البعير أرسَمَ.‏

(رسن) الراء والسين والنون أصلٌ واحدٌ اشترك فيه العرب والعجم، وهو الرَّسَنُ، والجمع أرسانٌ. والمَرْسِنُ: الذي يقع عليه الرَّسَن من أنف الناقة، ثم كثُر حتَّى قيل مَرسِنُ الإنسان. ورسَنْت الرَّجُلَ(10) وأرسنْتُه: شددتُه بالرَّسَن.‏

(رسي) الراء والسين والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على ثباتٍ. تقول رَسَا الشَّيءُ يرسُو، إذا ثَبَتَ. والله جلّ ثناؤُه أَرسَى الجِبالَ، أي أثْبَتَها. وجبلٌ راسٍ: ثابتٌ. ورَسَتْ أَقدامُهم في الحرب. ويقال ألْقَت السّحابةُ مَرَاسِيَها، إذا دامَتْ. والفحل إِذا تفرّقَتْ عنه شَوْلُه فصاح بها استقرَّت، فيُقال عند ذلك رسا بها(11). ومن الباب رَسَوْت بين القوم رَسْواً، إذا أصلَحْتَ. وبقيتْ في الباب كلمةٌ إنْ صحّتْ فقياسُها صحيحٌ. يقال رَسَوْتُ عنه حديثاً أَرْسُوه، إذا حدَّثْتَ به عنه. وفي ذلك إثباتُ شيءٍ أيضاً.‏

(رسب) الراء والسين والباء أصلٌ واحد، هو ذهابُ الشيء سُفْلاً مِن ثَِقَلٍ. تقول: رسَبَ الحجَر في الماء يرسُب. وحكى بعضهم رسَبَتْ عيناه: غارَتَا. فإن كان صحيحاً فهو محمولٌ على ما ذكرناهُ، مشبَّهٌ به. والسَّيف الرَّسوب: الذي يمضي في الضَّريبة(12)، فكأنّه قد رَسَب فيها. وراسِبٌ: حَيٌّ من العَرب.‏

(رسح) الراء والسين والحاء أُصيلٌ فيه كلمةٌ واحدة. الرَّسْحاء: المرأة اللاصقة العَجُز، الصغيرةُ الأَلْيَتَين. ورجلٌ أرسحُ، والذِّئب أرْسَح.‏

(رسخ) الراء والسين والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثَّبات. ويقال رسَخَ: ثَبَتَ، وكلُّ راسخٍ ثابتٌ.‏

ــــــــــــــــــ

(1) طهفة هذا، بفتح الطاء: صحابي جليل، وفد على الرسول في وفد بنى نهد، وتكلم كلاماً فيه غريب كثير. انظر الإصابة 4292.‏

(2) ديوان طرفة 64 واللسان (نجد).‏

(3) في اللسان: "والراسلان: الكتفان، وقيل عرقان فيهما".‏

(4) ديوان ذي الرمة 567 واللسان (رسم).‏

(5) البيت في اللسان (رسم).‏

(6) لكثير عزة. وصدره كما في اللسان (رسم):‏  *من النفر البيض الذين وجوههم*‏

(7) البيت لذي الرمة في ديوانه 578 واللسان (رسم).‏

(8)في الأصل: "ولا يقال".‏

(9)بيت حميد بن ثور بتمامه، كما في اللسان (رسم):‏

أجدت برجليها النجاء وكلفت *** بعيري غلامي الرسيم فأرسما‏

(10) كذا في الأصل والمجمل، ولم أجده في غيرهما.‏

(11)في الأصل: "ترسا بها"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.‏

(12)في الأصل: "ضرب".‏

 

 

ـ (باب الراء والشين وما يثلثهما)

(رشف)  الراء والشين والفاء أصلٌ واحد، وهو تَقَصِّي شُرب الشّيء. والرَّشْف: استِقْصاء الشُّرب حتَّى لا يَدَع في الإِناء شيئاً. رشف يرشُف ويَرْشِف. وفي كتاب الخليل: الرَّشَْف: بقيّة الماء في الحَوض. والرَّشْف: أخْذُ الماء بالشَّفَتَين، وهو فوقَ المَصّ. والرَّشُوف: المرأة الطيِّبة الفَم. ومعنى هذا أنَّ رِيقَتَها مِن طِيبها تُتَرَشَّف.

(رشق)  الراء والشين والقاف أصلٌ واحد، وهو رمْي الشَّيء بسهم وما أشبَهَه في خِفَّة. فالرَّشْق مصدر رشَقَه بسهمٍ رَشْقاً. والرِّشْق: الوَجْه من الرَّمْي، إذا رمَى القومُ جَميعُهم قالوا: رمينا رِشْقاً. قال أبو زُبَيد:

كلَّ يومٍ ترمِيهِ منها برِشْقٍ *** فمُصِيبٌ أو صَافَ غيرَ بَعِيدِ([1])

  ومن الباب قولهم: أرشَقْتُ، إذا حدّدتَ النَّظَر. قال القُطَاميّ:

* وتَرُوعُنِي مُقَل الصُِّوار المُرْشِقِ([2]) *

ويقال رَشَقه بالكَلام. ومن الباب الرَّشيق: الخفيفُ الجِسْم، كأنّه شُبِّه بالسَّهم الذي يُرشَق به. ومنه أرشَقَتِ الظَّبيةُ: مدَّت عُنُقها لتنظُر.

(رشم)  الراء والشين والميم كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها، وليس في الباب غيرها. وذلك الأرشَم: الذي يتشمّم الطّعامَ ويَحرِص عليه. قال:

لَقىً حملَتْهُ أُمُّه وهي ضَيْفَةٌ *** فجاءَتْ بنَزٍّ لِلنِّزَالَةِ أرشَما([3])

  (رشن)  الراء والشين والنون ليس أصلاً ولا فيه ما يُؤْخَذُ به. لكنَّهم يقولون. رشَنَ الكلبُ في الإناء: أدخَلَ رأسَه. والرَّاشن: الذي يتحيَّن وقْتَ الطعام فيأتِي ولم يُدْعَ. وفي كلِّ ذلك نَظر.

(رشي)  الراء والشين والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على سَببٍ أو تسبُّبٍ لشيءٍ بِرفْق وملايَنَة. فالرِّشاء: الحبل الممدود، والجمع* أرشِيَة. ويقال للحنْظَل  إذا امتدَّت أغصانُه: قد أَرْشَى. يُعْنَى أنّه صار كالأرشية، وهي الحبال. ومن الباب: رشَاه يَرشُوهُ رَشْواً. والرَُِّّشْوة الاسمُ. وتقول ترشَّيْت الرّجلَ: لايَنْتُه. ومنه قول امرئ القيس:

* تُرَاشِي الفؤادَ([4]) *

ومن الباب استرشَى الفصيلُ، إذا طلب الرَّضاع، وقد أرشَيْتُه إرشاء. وراشَيْتُ الرّجُل، إذا عاونتَه فظاهَرْتَه. والأصل في ذلك كلِّه واحد.

(رشأ)  الراء والشين والهمزة كلمةٌ واحدة وهي الرّشأ، مهموز، وهو ولد الظَّبْية.

(رشح)  الراء والشين والحاء أصلٌ واحد؛ وهو النّدَى يبدو من الشّيء. فالرَّشْح: العَرَق. يقال رشَح بدَنُه بعَرَقِه. فأمّا قولهم يُرشَّح لكذا، فهو من هذا، وأصله الوحشيّةُ إذا بَلَغ ولدها أن يمشيَ معَها مشَتْ به حتَّى يَرشَحَ عرَقاً فيقوى؛ ثم استُعير ذلك لكلِّ من رُبِّي، فقيل يُرشّح للخِلافة؛ كأنَّه يُرَبَّى لها. والرّاشِح: الجَبَلُ يندَى أصلُه. ورَشَّحَ النَّدى النَّبْتَ، إذا ربّاه. وأرشَحَت النّاقةُ، إذا دنا فِطامُ ولَدِها، وذلك هو عندما تفعل([5]). وقال:

كأنَّ فيه عِشاراً جِلّةً شُرُفاً *** مِن آخِرِ الصَّيف قد همَّتْ بإرشاحِ([6])

  (رشد)  الراء والشين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استقامةِ الطريق. فالمرَاشِد: مقاصد الطُّرُقِ. والرُّشْد والرَّشَد: خِلافُ الغَيّ. وأصاب فلان من أمره رُشدْاً ورَشَداً ورِشْدة. وهو لِرَِشْدةٍ خلاف لِغَِيّة.

ــــــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (صيف، رشق)، وسيعيده في (صيف، ضيف).

([2]) ديوان القطامي 34 واللسان (رشق). وصدره: * ولقد يروق قلوبهن تكلمي *

([3]) البيت للبعيث يهجو جريراً. انظر اللسان (لقا، ضيف، نزز،نزل، رشم، يتن).

([4]) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان 95:

نزيف إذا قامت لوجه تمايلت *** تراشي الفؤاد الرخص ألا تخترا

([5]) كذا في الأصل.

([6]) لأوس بن حجر في ديوانه 4. وقصيدة البيت تروى أيضاً لعبيد بن الأبرص في مختارات ابن الشجري 100.

 

 


ـ (باب الراء والصاد وما يثلثهما)

(رصع) الراء والصاد والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على عَقْد شيءٍ بشيءٍ كالتَّزْيِين له به. يقال لِحلْية السَّيف رَصِيعةٌ، والجمع رصائع، وذلك ما كان منها مستديراً. وكل حَلْقَةِ حِلْيَةٍ مستديرةٍ : رصيعةٌ. قال الهذليّ(1):‏

ضربنَاهُمُ حتى إذا ارْبَثَّ جمعُهُمْ *** وعادَ الرَّصيعُ نُهْبَةً للحمائلِ(2)‏

ومن الباب المراصِعُ، وهي التمائِم، سمِّيت بذلك لأنها تعلَّق. ويقال رُصِعَ الشيء، إذا عُقِد. ويقال رَصَع به، إذا عَبِقَ.‏

ويجوز أن يكون الباقي من الكَلِم في هذا أصلاً آخرَ يدلُّ على خِفَّةٍ وصِغَر حجْم، فيقال لفراخ النَّخْل الرَّصَع، الواحدة رصَعَةٌ. ويقال للمرأة الرَّسْحاء رَصْعاء. والرَّصْع: الضَّرب باليد ضرباً خفيفاً. والترصّع: النَّشاط والخِفّة.‏

(رصغ) الراء والصاد والغين ليس أصلاً. لكنّ الخليل قال: الرُّصْغ لغةٌ في الرُّسغ.‏

(رصف) الراء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطّرد، وهو ضمُّ الشيءِ بعضِه إلى بعض. فالرَّصْف: ضَمُّ الحِجارة بعضِها إلى بعض. والحجارة نَفْسُها رَصَفٌ. ومن ذلك رَصْف الصّخْر في البِناء. والرِّصَاف: العَقَبُ يُشَدُّ على فُوقِ السَّهم. وحكى الخليل الرُّصَافة والرَّصَفَةَ أيضاً. والرَّصوف: المرأة الصَّغيرة الفَرْج؛ وكأنّ ذلك من تَراصُفِ الشيء ويقال هذا أمرٌ لا يَرْصُفُ بك، أي لا يَليق. وعملٌ رصِيفٌ: مُحْكَم. وفلانٌ رصيفُ فلانٍ، أي يعارِضُه في عمَله.‏

(رصن) الراء والصاد والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثَبَاتٍ وكمال وإحكام. تقول: شيءٌ رصينٌ، أي شديد ثابت. وقد رَصُن رَصانةً، وأرصنتُه أنا. وحكى ناسٌ: فلانٌ رصينٌ بحاجَتِك، أي حَفِيٌّ. ويقال رَصَنْتُ الشيءَ(3): أكملتُه. وقال أبو زيد: رصَنْت الشيءَ معرفةً(4). والرَّصِينانِ في رُكْبة الفرس: أطرافُ القَصَب المركَّب في رَضَْفَة الفَرَس.‏

ومما شذَّ عن الباب قولهم: هو رصينُ الجَوف، أي مُوجَع الجوف. قال:‏

* تقول إنِّي رَصِينُ الجَوْفِ فاسقُونِي(5) *‏

ويقولون: رصَنَه بلسانه رصْناً، أي شَتَمه. وفيه نظرٌ.‏

(رصد) الراء والصاد والدال أصلٌ واحد، وهو التهيُّؤُ لِرِقْبةِ شيءٍ على مَسْلكِه، ثم يُحمَل عليه ما يشاكلُه. يقال أرصدتُ لـه كذا، أي هيّأْتُه* له، كأنّك جعلتَه على مَرصَده. وفي الحديث: "إلاّ أنْ أُرْصِدَه لدَيْنٍ عَلَيّ" وقال الكسائيّ: رصدتُه أرصُدُه، أي ترقَّبتُه؛ وأرصَدْت لـه، أي أعدَدْت. والمَرْصَد: موقع الرَّصْد. والرَّصَد: القوم يَرصُدون. والرَّصْد الفِعل. والرَّصود من الإبل: التي ترصُد شُربَ الإبل ثم تَشرَب هي. ويقال إنَّ الرُّصْدة(6) الزُّبْية، كأنها للسبُع ليقَعَ فيها. ويقال الرَّصيد: السبُع الذي يَرْصُد ليَثِب.‏

وشذّتْ عن الباب كلمةٌ واحدة، يقال الرَّصَْد: أوّل المطر. والله أعلمُ بالصواب.‏

ــــــــــــــــ

(1) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه 85 واللسان (رسع، رصع، نهي) ومعجم البلدان (الرسيع).‏

(2)في الأصل:" اربت"، تحريف، صوابه بالثاء المثلثة كما في المجمل والديوان.‏

(3) في الأصل: "أرصنت"، صوابه في المجمل وسائر المعاجم المتداولة.‏

(4) زاد في اللسان: "أي علمته". وفي المجمل: "أي غلبته"، محرفة.‏

(5) في اللسان: "يقول إني".‏

(6) ذكرت في القاموس. ولم تذكر في اللسان.‏

 

 

ـ (باب الراء والضاد وما يثلثهما)

(رضع)  الراء والضاد والعين أصلٌ واحد، وهو شُرْب اللَّبَن من الضّرْع أو الثّدي. تقول رَضِع المولودُ يرضَع. [ويقال: لئيمٌ راضعٌ؛ وكأنّه من لؤمه يرضع إبلَه لِئلاَّ([1])] يُسْمَع صوتُ حلْبه. ويقال امرأةٌ مُرضِع، إذا كان لها ولدٌ ترضِعُه. فإنْ وصفْتَها بإرضاعها الولدَ قلت مُرْضعةٌ. قال الله جل ثناؤه: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج 2]. والرَّاضعتان: الثَّنيَّتانِ اللّتان يُشْرَب عليهما([2]). وذكر بعضُهم أنّ أهلَ نَجْدٍ يقولون: رَضَع يَرْضِع على وزن فعَل يَفْعِل. وأنشد:

وذَمُّوا لنا الدُّنيا وهم يَرْضِعُونَها *** أفاوِيقَ حتَّى ما يُدِرُّ لها الثُّعْلُ([3])

  وهو أخُوه من الرَّضاعة، بفتح الراء. والرِّضاع: مصدرُ راضعتُه. وهو رَضِيعي؛ كالرَّسِيل، والأكيل، والرَّضُوعة: الشّاة التي تُرضِعُ.

(رضف)  الراء والضاد والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على إِطباق شيءٍ على شيء. فالرَّضْفَة: عظمٌ منطبقٌ على الرُّكبة. فأمّا الرَّضْف فحجارةٌ تُحمَى، يُوغَر بها اللَّبنُ، ولا يكون ذلك بحجرٍ واحد. وفي الحديث: "كان يُعجِّل القيامَ كأنَّه على الرَّضْف"([4]). والرَّضيف: اللَّبن يُحلب على الرَّضْف يؤكل. ويقال شِواءٌ مرضوف: يُشوَى على الرَّضْف. فأما قولُ الكميت:

ومَرْضُوفةٍ لَمْ تُؤْنِ في الطَّبْخ طاهياً *** عجِلْتُ عَلَى مُحْوَرِّها حِين غَرْغَرَا([5])

  فإِنَّه يريد القِدْر التي أنضِجَت بالرَّضْف، وهي الحجارة التي مضى ذِكرها. ذكر ابنُ دريدٍ([6]): رضَفْتُ الوِسادةَ: ثنيتُها؛ في لغة اليمن.

(رضم)  الراء والضاد والميم قريبٌ من الباب الذي [قبله]، كأنّه رميُ الحجارة بعضِها على بعض. فالرَّضِيم: البِناء بالصَّخر. والرِّضام: الصخور، واحدتُها رَضْمَةٌ. ورضَمَ فلانٌ بيتَه بالحِجارة. وبِرذَونٌ مَرضُوم العَصَب، إذا تشنَّجَ عصَبُه فصار بعضُه على بعض. ورَضَم البعيرُ بنَفْسِه إذا رمَى بنفسه.

(رضن)  الراء والضاد والنون تشبه الباب([7]) الذي قبلها. فالمرضون من الحجارة: المَنْضود.

(رضي)  الراء والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف السُّخْط. تقول رضِي يرضَى رِضىً. وهو راضٍ، ومفعوله مرضِيٌّ عنه. ويقال إِنّ أصله الواو؛ لأنّه يقال منه رِضوَان. قال أبو عبيد: راضانِي فلانٌ فرَضَوْتُه. ورَضْوَى: جبلٌ، وإذا نُسِب إليه رَضَوِيّ.

(رضب)  الراء والضاد والباء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على ندىً قليل. فالرَّاضب من المطر: سَحٌّ منه. قال:

خُنَاعَةُ ضَبْعٌ دَمَّجَتْ في مَغارةٍ *** وأدركها فيها قِطارٌ ورَاضِبُ([8])

  ومنه الرُّضَاب، وهو ما يرضُبه الإنسان مِن ريقه، كأنَّه يمتصُّه.

(رضح) الراء والضاد والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على كَسْر الشيء. والرَّضْح: كَسْر الشّيء، كدَقِّ النَّوَى وما أشبَهَه. وذلك الشّيء رَضِيحٌ. قال الأعشى:

بناها السَّوادِيُّ الرَّضِيحُ مع الخَلا *** وسَقْيي وإطْعامِي الشَّعيرَ بمحفَِدِ([9])

  (رضخ)  الراء والضادِ والخاء كلمةٌ تدلُّ على كَسْرٍ. ويكون يسيراً ثم يشتقّ منه. فالرضْخ: الكسر؛ و* هو الأصل، ثم يقال رَضَخَ له، إذا أعطاه شيئاً ليس بالكثير، كأنّه كسَرَ له من ماله كِسْرةً. ومنه حديث مالك بن أوس، حين قال لـه عمر: "إنّه قد دَفَّتْ علينا دَافَّةٌ من قومِك، وإنِّي أمرت لهم بِرَضْخ([10])".

ويقال تراضَخَ القَومُ: ترامَوْا، كأنّ كلَّ واحدٍ منهم يريد رَضْخ صاحبِه. والرَّضْخ من الخَبَر: الذي تسمعه ولا تستيقِنُ منه([11]). ويقال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً، إذا شابَ كلامُه بشيءٍ من كلام العجَمِ يسيرٍ.

ــــــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل.

([2]) في اللسان: "يشرب عليهما اللبن".

([3]) البيت لعبد الله بن همام السلولي، يهجو به العلماء، كما في اللسان (9: 484/ 12: 193/ 13: 88). وانظر أمالي ثعلب 515. والرواية في جميعها: "ثعل"، وفي الأصل هنا: "الثقل"، تحريف.

([4]) في اللسان: "كان في التشهد الأول كأنه على الرضف".

([5]) البيت في اللسان  (رضف، أني، حور، غرر).

([6]) الجمهرة (2: 364).

([7]) في الأصل: "الباء".

([8]) البيت لحذيفة بن أنس، كما في اللسان (رضب) وشرح السكري للهذليين 225. وروي في المخصص (9: 116): "رواضب" على أنها صفة للقطار. والقطار: جمع قطر وهو المطر. وأنشد صدره في اللسان (دمح) محرفاً.

([9]) ديوان الأعشى 131 واللسان(حفد).

([10]) في الأصل: "إن ضخ"، صوابه من المجمل.

([11]) في الأصل: "عنه".

 

 

ـ (باب الراء والطاء وما يثلثهما)

(رطع) الراء والطاء والعين ليس بشيءٍ، إلاّ أنّ ابنَ دُريدٍ(1) ذكر أنَّهم يقولون: رَطَعها، إذا نكحها. وليس ذلك بشيءٍ.‏

(رطل) الراء والطاء واللام كالذي قبله، إلاّ أنَّهم يقولون للشيء يُكال به رِطْلٌ. ويقولون: غُلامٌ رِطلٌ: شابٌّ. ورطَّلَ شَعَْرَه: كَسَّره وثَنَّاه. وليس [هذا] وما أَشبهه من مَحْض اللغة.‏

(رطم) الراء والطاء والميم كلمةٌ تدلُّ على ارتباكٍ واحتباسٍ. يقولون: ارتطَمَ على الرّجُل أمْرُه، إذا سُدَّتْ عليه مذاهبهُ. ويقولون: ارتطَمَ في الوحل. ومن الباب تسميتُهم اللازِمَ للشّيءِ راطماً. والرَّطُوم: الأحمق؛ وسمِّي بذلك لأنّه يرتَطِم في أمورِه. ومن الباب الرُّطام، وهو احتباس نَجْو البعير. ويقولون رَطَمها، إذا نَكَحها. وقد قُلْنا إنّ هذا وشِبْهَه ممّا لا يكونُ من مَحْض اللُّغة.‏

(رطن) الراء والطاء والنون بناءٌ ليس بالمُحْكَم ولا لـه قياسٌ في كلامهم، إلاّ أنَّهم يقولون: تراطَنُوا، إذا أتَوْا بكلامٍ لا يُفهَم؛ ويُخَصُّ بذلك العَجم. قال:‏

فأثارَ فارِطُهُمْ غَطَاطاً جُثَّماً *** أصواتُهُ كَتَراطُنِ الفُرِس(2)‏

ويقال الرّطَّانة: الإبل معها أهلُها. قال:‏

* رَطَّانة مَنْ يَلْقَها يُخَيَّبِ(3) *‏

(رطو) الراء والطاء والواو ليس بشيء. وربما قالوا: رطَاها ورطأها، إذا جامَعَها. وممّا يقرب [من] هذا في الضّعف قولُهم للأحمق: رطِيٌّ.‏

(رطب) الراء والطاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف اليُبْس. من ذلك الرَّطْب والرَّطِيب. والرُّطْب: المرعى، بضم الراء. والرُّطَب معروف. ويقال أرْطَبَ النّخْل إرطاباً. ورطَّبْتُ القومَ تَرطيباً، إذا أطعمتَهم رُطَباً. والرِّطاب(4) من النَّبت. تقول: رطَبْتُ الفرسَ أرطُبه رطْباً ورُطوباً. والرَّطْبَة: اسمٌ للقَضْب خاصّةً مادام رَطْباً. ورِيشٌ رَطِيبٌ، أي ناعم. وحكى ناسٌ عن أبي زيد: رَطِبَ الرجُل بما عنده يَرْطَبُ(5)، إذا تكلَّم بما كان عنده مِن خطأٍ أو صواب. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــــ

(1) الجمهرة (2: 368).‏

(2) البيت لطرفة في اللسان (رطن، غطط)، وليس في ديوانه، وسيعيده في (غط).‏

(3) إثبات الكلمة الأخيرة من اللسان. وبدلها في المجمل: "يجنب".‏

(4) الرطاب: جمع رطبة بالفتح، وهي القضب.‏

(5) ذكرت في القاموس، وجعلها من باب فرح، ولم ترد في اللسان.‏

 

 


ـ (باب الراء والعين وما يثلثهما)

(رعف)  الراء والعين والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على سَبْق وتقدُّم. يقال فَرَسٌ راعفٌ: سابقٌ متقدِّم. ورَعَف فلانٌ بفرسِهِ الخيلَ، إِذا تقدَّمها. قال الأعشى:

به تَرْعُفُ الألْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ *** غَداةَ الصّباح إذا النَّقْعُ ثارا([1])

  ومن الباب رَعَفْت ورَعُفت([2]). والرُّعاف فيما يقال: الدّمُ بعينه. والأصل أنّ الرُّعاف ما يُصيب الإنسانَ من ذلك، على فُعال، كما يقال في الأدواء. ويقولون للرِّماح رواعفُ، قِيل ذلك من أجل أنها تقدَّم للطَّعْنِ. ويقال بل سُمِّيت لِمَا يقطُر منها الدّمُ. والأصل فيه كلِّه واحدٌ([3]). وراعُوفَةُ البِئر: حجرٌ يتقدم من طَيِّها([4]) نادراً، يقوم عليه السَّاقي. وأَرْعَفَ فلانٌ فلاناً، إذا أعجَلَه. وجاء في الرَّاعوفة "أنّه سُحِرَ وجُعِل سِحرُه في جُفِّ طَلْعةٍ ودُفِنَ تحت راعُوفة البِئر([5])". والرَّاعف: أَنْف الجبَل، ويجمع رواعِفَ. وطرَفُ الأرنبة راعفٌ. ويقال أرعَفَ فلانٌ قرْبتَه إرعافاً، إذا ملأَها حتى تَرْعُف. قال:

* يَرْعُفُ أعلاها مِنِ امتلائها([6]) *

(رعق)  الراء والعين والقاف ليس أصلاً، بل هو صوتٌ من الأصوات.  فالرُّعَاق: صوتٌ يخرج من قُنْب الدّابّة الذكرِ، كما يُسمَع الرَّعيق من ثفْر الأُنثى. تقول: رَعَق رَعْقاً ورُعاقا.

(رعك([7]))  الراء والعين والكاف كلمةٌ واحدة. يقولون: الرّاعك من الرجال: الأحمَق.

(رعل)  الراء والعين واللام معظمُ بابِه أصلان: أحدهما جماعةٌ، والآخَر شيءٌ يَنُوس ويضطرب. فالأول الرَّعْلَة: القِطعة من الخيل. والرَّعِيل مثل الرَّعلة. وقال طرَفةُ في الرِّعال وجعَلَها للطّير:

ذُلُقٌ في غارةٍ مسفوحةٍ *** كرِعال الطَّيرِ أسراباً تمُرّْ([8])

  وأراعيل الرِّياح: أوائلها. وحكى ابنُ الأعرابيّ: تركت عيالاً رَعْلَةً، أي كثيرة. فأما قولُه:

أبَأْنا بِقَتْلانا وسُقْنا بسَبْيِنا *** نساءً وجِئْنا بالهِجان المرعَّلِ([9])

  فالمعنى المجمَّع، من القياس الذي ذكرناه. ويقال المرعَّل: السمين المختار([10])؛ وليس ببعيدٍ، إلاّ أنَّ القولَ الأولَ أقْيَس.

والأصل الثاني الرَّعْلة: ما يُقطَع من أذُن الشاة ويُترك معلَّقا ينوسُ، كأنه زَنَمة. وناقةٌ رَعلاءُ، إذا فُعِل بها ذلك. قال الفِنْد الزِّمَّانيّ:

رأيت الفِتْيَةَ الأعْزا *** لَ مِثْلَ الأينُق الرُّعْلِ([11])

  قال ابن الأعرابي: مَرّ فلان يَجُرّ رَعْلَه، وأراعيلَه، أي ثيابه([12]). وشاةٌ رَعْلاءُ: طويلة الأذُن. ويقال للذي تَهَدَّلَ أطرافُه من الثِّياب: أرْعَلُ.

وممّا شذ عن البابين- وقد يمكن من أحدهما- الرَّعْلَةُ، وهي النَّعامة([13]). ويقال إنّ الرّاعل فُحَّالٌ بالمدينة.

(رعم)  الراء والعين والميم كلمتان متباينتانِ، بعيدٌ ما بينهما. فالأولى الرُّعام: شيءٌ يَسيل من أنْفِ الشاةِ لداءٍ يصيبها؛ يقال منه: شاةٌ رَعُومٌ.

والكلمة الثانية شيءٌ ذكره الخليل. قال: رَعَمَ الشمسَ يَرْعَمُها، إذا رَقَب غيبوبَتَها. وذكر أنه في شعر الطرِمّاح([14]).

(رعن)  الراء والعين والنون أصلان: أحدهما يدلُّ على تقدُّم في شيءٍ، والآخر يدلُّ على هَوَج واضطراب. فالأول الرَّعْن: الأنْف النادر من الجبَل. قال ابنُ دُريد: وسمِّيت البَصرة رعناءَ لأنَّها تشبّه برَعْن الجبل. وهو قولُ الفرزدق:

لولا ابنُ عُتبةَ عمروٌ والرّجاءُ لـه *** ما كانت البَصرة الرَّعناءُ لي وطَنا([15])

  ويقال جَيْشٌ أرْعَنُ، إذا كانت له فُضولٌ كرُعُون الجِبال.

والأصل الآخَر قولهم أرعَنُ: مستَرْخٍ. قالوا: هو من رَعَنَتْه الشمسُ، إذا آلَمتْ دِماغه. يقال مِن ذلك: رجلٌ مَرعُون. ويقال: رَعُنَ الرَّجُل يَرْعُن رعَناً، فهو أرْعَن، أي أهْوَج، والمرأة الرّعناءُ. فأمّا قولُه جل ثناؤه {لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة 104]، فهي كلمةٌ كانت اليهود تَتَسابُّ بها، وهو من الأَرْعَن. ومن قرأها {رَاعِناً}، منونة فتأويلُها لا تقولوا حُمْقاً من القَول. وهو من الأوَّل؛ لأنّه يكونُ كلاماً أرْعَنَ، أي مضطرباً أهوج. ويقال: رحَلُوا رِحْلَةً رَعنْاءَ، أي مضطرِبة. قال:

* ورحلوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ([16]) *

وذلك إذا لم تكن على الاستقامة.

(رعي)  الراء والعين والحرف المعتل أصلان: أحدهما المراقَبة والحِفظ، والآخَر الرجوع.

فالأوَّل رعَيْتُ الشَّيءَ، رقَبتُه؛ ورَعَيْته، إذا لاحَظْتَه. والراعِي: الوالي. قال أبو قيس:

ليس قطاً مِثْلَ قُطّيٍّ ولا الـْ *** مَرْعِيُّ في الأقوام كالرّاعِي([17])

  والجميع الرِّعاء، وهو جمعٌ على فِعالٍ نادرٌ، ورُعاةٌ أيضاً. وراعيت [الأمر([18])]: نظرت إلامَ يصيرُ. ورعَيْتُ النُّجُومَ: رقَبْتُها. قالت الخنساء:

أرعَى النُّجومَ وما كُلِّفْتُ رِعْيَتَها *** وتارةَ أتغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي([19])

  والإِرعاء: الإبقاء، وهو من ذاك الأصلِ؛ لأنّه يحَافِظُ على ما يحافَظُ عليه. قال ذو الإصبع:

عَذِيرَ الحَيِّ مِنْ عَدْوَا *** نَ كانوا حَيَّةَ الأرض([20])

بغَى بعضٌ على بعضٍ *** فلَمْ يُرْعُوا على بَعْضِ

  ورجلِ تَُِرْعِية([21])* وتِرْعايةٌ: حسن الرِّعيْة بالإبل. ومن الباب أرعَيْتُه سَمْعي: أصغَيْتُ إليه. وأَرْعِنِي سَمْعَك، بكسر العين، أي ليرقُبْ سمعُك ما أقولُه.

والأصل الآخَر: ارْعَوى عن القبيح، إذا رجَع. وحكى بعضهم: فلانٌ حسنُ الرَّعْو والرِّعو([22]) والرَُّعْوَى.

ومن الشَّاذّ عن الأصلين: الرَّعاوَى والرُّعَاوَى، وهي الإِبل التي يُعتمَل عليها. قالت امرأةٌ تخاطِب بَعلَها:

تَمَشَّشْتَنِي حتَّى إذا ما تركْتَنِي *** كنِضْوِ الرُّعاوَى قلتَ إِنيَ ذَاهبُ([23])

  وممكنٌ أن يكون هذا من الأصل، لأنّها تَهْرَم فتُرَدُّ إلى حالٍ سيِّئة، كما قال جلَّ ثناؤه: { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل 70، الحج 5].

(رعب)  الراء والعين والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها الخوف، والثاني المَلْء، والآخر القَطْع.

فالأول الرَّعْب وهو الخَوف، رَعَبْتُه رَعْباً، والاسم الرُّعْب. ويقال إنّ الرَّعْبَ رُقْيةٌ، يزعمون أنهم يرْعَبون ذا السِّحْر بكلامٍ([24])، أي يُفْزِعونه. وفاعله راعبٌ ورَعَّاب.

والأصل الآخر قولهم: سيلٌ راعبٌ، إذا مَلأَ الواديَ. ورعَبْتُ الحوضَ إذا ملأتَه.

والثالث قولهم للشَّيء المقَطَّع: مُرَعَّب. ويقال للقِطعة من السَّنام رُعْبوبة. وتسمَّى الشَّطْبَة من النِّساء رُعبوبةً؛ تشبيهاً لها بقِطعة السنام. ويقال سَنامٌ مرعوبٌ إذا كان يقطُر دسَما.

(رعث)  الراء والعَين والثاء أصلٌ واحد، وهو تزيُّنُ شيءٍ بشيء. فالرَّعَث: العِهْن من الصُّوف، وهو يزيَّن به([25]). والرِّعاث: القِرَطة، واحدتها رعثة([26]). وفي كتاب الخليل: الرِّعاث: ضَرْبٌ من الخرَز والحَلْي. قال:

* وما حُلِّيَتْ إلاَّ الرِّعاثَ المُعَقَّدا *

ومما شُبِّه بهذا وحُمل عليه: رَعْثة الدِّيك، وهي عُثْنُونُه، كأنّها شُبِّهت برَعَث العهن. قال:

* مِنْ صَوتِ ذِي رَُعَُثَاثٍ ساكنِ الدَّارِ([27]) *

(رعج)  الراء والعين والجيم أَصلٌ يدلُّ على نَضارة وحُسْن وخِصْب وامتلاء. ويقال أرضٌ مِرْعاجٌ ورَعِجَة([28])؛ إذا كانت خِصْبةً. ومن النَّضارة والحُسن: إرعاج البَرْق([29])، وهو تلألؤُه.

  (رعد)  الراء والعين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطرابٍ. وكلُّ شيءٍ اضطربَ فقد ارتعدَ. ومنه الرِّعديدَة([30]) والرِّعْديد: الجبان. وأرْعِدَتْ فرائصُ الرَّجُل عند الفَزَع. والرِّعديدة: المرأة الرَّخْصَة، والجمع رَعاديد. ومن الباب الرَّعْد، وهو مَصْع مَلَكٍ يسوقُ السَّحَاب. والمَصْع: الحركة والذَّهاب والمَجِيء. ويقال مَصَعَت [الدَّابَّة] بذنَبها، إذا حرّكَتْه. ثم يُتصرَّف في الرَّعْد، فيقال رَعَدَت السماء وبَرَقَتْ. ورَعَدَ الرَّجُل وبَرَق، إذا أَوْعَدَ وتَهَدَّد. وأجازُوا: أرعَدَ وأَبرَقَ. وأنشد:

أرعِدْ وأبْرِقْ يا يزيـ *** ـدُ فما وَعيدُك لي بضائرْ([31])

  وفي أمثالهم: "صَلَفٌ تَحْتَ الرَّاعِدة([32])"، للذي يُكْثِرُ الكلام ولا خيرَ عنده. والصَّلَف: قِلَّةُ النَّزَل. ويقال أرْعَدْنا وأبرقْنا، إذا سمِعْنا الرَّعدَ ورأينا البرق. ومن أمثالهم: "جاءَ بِذاتِ الرَّعْد والصَّليل" إذا جاءَ بشَرٍّ وغَزْو([33]). ويقال إنّ ذاتَ الرَّعدِ والصّليلِ الحربُ. وذاتُ الرَّواعِد: الدّاهية.

(رعز)  الراء والعين والزاء ليس بشيء. على أنّهم يقولون: المُرَاعِزُ: المُعاتِبُ([34]).

(رعس)  الراء والعين والسين أُصَيْلٌ يدلُّ على ضَعف. قال الفرّاء: رَعَسْتُ في المشْي، إذا مشَيْتَ مشياً ضعيفاً، من إِعياءٍ أو غيرِه. وقال بعضُهم: الارتعاس كالارتعاش والانتفاض. قال:

يَبْرِي بإِرْعاسٍ يَمِينِ المُؤْتَلِي *** خُضُمَّةَ الذِّرَاعِ هَذَّ المُخْتَلِي([35])

  (رعش)  الراء والعين والشين في معنى الباب قبله من الاضطراب والارتعاد. ورجلٌ جبانٌ رَعِشٌ. وجَملٌ رَعْشَنٌ، وذلك اهتزازُه في سَيره والنون زائدة. والرَّعْشاءُ من النَّعام: السريعة.

(رعص)  الراء والعين والصاد* في معنى البابِ الذي قبلَه. فالرَّعْص الاضطراب. ويقال ارتعصت الحيّةُ: تلوَّت. قال:

أَنّيَ لا أسعَى إلى داعِيَّهْ *** إلاّ ارتعاصاً كارتعاصِ الحيَّهْ([36])

  ويقال ارتعص الجَدْيُ، إذا ظَفَرَ من النَّشاط.

(رعظ)  الراء والعين والظاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس ولا يَتفرَّع. فالرُّعْظُ: مَدْخَل النَّصْل في السَّهم. وحكى الخليل: "إنّ فلاناً لَيَكسِر عليك أرعاظَ النَّبْل"، إذا كان يتغضّب. ويقال سهمٌ رَعِظٌ، إذا غاب في رُعْظِه.

ـــــــــــــــــــ

([1]) ديوان الأعشى 40 واللسان (رعف). ويروى: "ترعف" بالبناء للمفعول أيضاً.

([2]) كذا ضبطا في الأصل. ولغاته في القاموس: كنصر ومنع وكرم وعنى وسمع.

([3]) في الأصل: "كلمة واحدة".

([4]) في الأصل: "طينها"، صوابه في المجمل واللسان.

([5]) ويروى: "راعوثة" بالثاء. وهو من حديث عائشة. اللسان (رعث، رعف).

([6]) لعمر بن لجأ، في اللسان (رعف). وأنشده في المجمل.

([7]) لم أجد لهذه المادة ذكراً في المعاجم المتداولة. وانظر ما سبق في مادة (دعك).

([8]) ديوان طرفة 70 واللسان (ذلق).

([9]) البيت في المجمل واللسان (رعل).

([10]) في المجمل: "المختار".

([11]) في المجمل واللسان (رعل). ويروى: "الأغرال". وانظر المخصص (7: 156).

([12]) في الأصل: "شابه"، صوابه في المجمل واللسان.

([13]) في اللسان: "سميت بذلك لأنها تقدم فلا تكاد ترى إلا سابقة للظليم".

([14]) هو قوله، في الديوان 108 واللسان (رعم):

ومشيح متأق عدوه *** يرعم الإيجاب قبل الظلام

 ([15])رواية ياقوت (البصرة) واللسان (رعن):

* لولا أبو مالك المرجو نائله *

والبيت لم يرو في ديوان الفرزدق.

([16]) البيت من رجز يروى لخطام المجاشعي، وللأغلب العجلي. اللسان (رعن).

([17]) البيت في اللسان (رعي، قطا). وقصيدته في المفضليات (2: 84-86).

([18]) التكملة من المجمل.

([19]) ديوان الخنساء 55 واللسان (رعي).

([20]) البيتان من أبيات في الأصمعيات 37. وانظر اللسان (رعي).

([21]) ترعية، بتثليث التاء وتشديد الياء، وقد تخفف.

([22]) والرعو أيضاً بالضم. ويقال "الرعوة" كذلك بالتثليث.

([23]) البيت في اللسان (رعي).

([24]) في الأصل: "أنه يرعبون السحر بكلام".

([25]) يزين به الهودج ونحوه.

([26]) رعثة بالضم، ورعثة بالتحريك.

([27]) للأخطل في اللسان (رعث، حمض) والحيوان (2: 346). وصدره:

* ماذا يؤرقني والنوم يعجبني *

([28]) هاتان الصفتان لم تردا في المعاجم المتداولة.

([29]) ويقال رعج ورعج، بالفتح والتحريك، ويقال ارتعج ارتعاجاً أيضاً.

([30]) في الأصل: "الرعددة" تحريف. وأنشد في اللسان لأبي العيال:

ولا زميلة رعديـ *** ـدة رعشٍ إذا ركبوا

([31]) البيت للكميت كما سبق في حواشي (برق 222).

([32]) كذا ورد نصه مضبوطاً في الأصل والمجمل. والمعروف: "رب صلف"، كما في اللسان.

([33]) في الأصل: "وعز".

([34]) زاد في القاموس: "وراعز: القبض". والكلمتان لم تردا في اللسان.

([35]) الرجز للعجاج في ديوانه 52-53 واللسان (رعس). وفي اللسان: "الدارع"، أي لابس الدرع.

([36]) للعجاج في ديوانه 72 واللسان (رعص، دعو) والمخصص (8: 112).

 

 


ـ (باب الراء والغين وما يثلثهما)

(رغف)  الراء والغين والفاء كلمةٌ واحدة. فالرَّغيف معروف، ويجمع على الرُّغْفان والأرغِفة والرُّغُف. قال:

* إنّ الشِّواء والنَّشِيلَ والرُّغُفْ([1]) *

وهاهنا كلمةٌ أخرى إن صحَّت. زعموا أنّ الإرغاف: تحديد النَّظَر.

(رغل)  الراء والغين واللام أصلٌ واحد، وهو اغتفال شيءٍ وأخذه. ثم يشتقّ منه ويُحمل. فالرَّغْل: اختلاسٌ في غَفْلة. والرَّغْلَة: رَضاعةٌ في غَفْلة. قال أبو زيد: يقال رَمٌّ رَغُول، إذا اغتنَمَ كلَّ شيءٍ وأكله. قال أبو وجزة:

رَمٌّ رَغُولٌ إِذا اغبَرَّتْ مَواردُهُ *** ولا يَنامُ له جارٌ إِذا اختَرَفا([2])

  يقول: إذا أجدب لم يَحقِرْ شيئاً وشَرِهَ إليه، وإن اختَرَفَ وأخْصَبَ لم ينَمْ جارُه؛ خوفاً من غائِلته. والرَّغُول: الشَّاة تَرضَع الغَنَم([3]). فأما الأرْغَل، وهو الأقْلَف، فليس من الباب؛ لأنه مقلوبٌ من الأغْرل، وقد ذُكِر في بابه. ويقال عَيشٌ أرْغَلُ، أي واسعٌ رافِهٌ. وهذا لعلّه مِن أرغَلَت الأرضُ، إِذا أنبتَت الرُّغْل، وهو من أحرار البقول.

(رغم)  الراء والغين والميم أصلان: أحدهما التُّراب، والآخر المَذْهَب. فالأول الرَّغام، وهو التُّراب. ومنه "أرغَمَ الله أنفَه" أي ألصقه بالرَّغام. ومنه حديثُ عائشة في الخِضاب: "أسْلِِتِيهِ ثمَّ أرغِمِيه" تقول: ألقيه في الرَّغام. هذا هو الأصل، ثم حُمل عليه فقال الخليل: الرَّغْم أنْ يفعل ما يكرهُ الإنسانُ. ورَغَمَ فلانٌ، إذا لم يقدر على الانتصاف. قال: والرَّغَام: اسم رملةٍ بعينها([4]). ويقال راغم فلانٌ قومَه: نابَذَهم وخرجَ عنهم.

والأصل الآخَر المُراغَمُ، وهو المذهَبُ والمَهْرَب، في قوله جلَّ ثناؤه: {يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وسَعَةً}[النساء 100]. وقال الجعديّ:

* عَزيزِ المُرَاغَمِ والمَهْرَبِ([5]) *

ويقال: مالِي عن ذاك الأمرِ مُراغَمٌ، أي مهرَب.

ومما شذَّ عن الأصلين الرُّغامَى، قال قومٌ: هي الأنْف؛ وقال آخرون: زيادة الكبِد. قال الشمّاخ:

* لها بالرُّغامَى والخياشيمِ جارِزُ([6]) *

(رغن)  الراء والغين والنون فيه كلامٌ إن صحّ. يقولون الإِرغانُ: الإصغاء إلى الإنسان والقَبولُ لـه والرِّضا به. والرَّغْن كذلك أيضاً. وحكَوْا عن الفراء:

"لا تُرْغِنَنَّ لـه في ذلك" أي لا تُطِعْه([7]) فيه. ورَغَن إِلى الصُّلح مثل رَكَن. والله أعلم، كيف هذا([8]).

(رغو)  الراء والغين والحرف المعتلّ أصلان: أحدهما شيءٌ يعلو الشيء، والآخر صوتٌ.

فالأول الرَّغْوة والرُّغْوَة([9]) [لِلَّبَن([10])]: زَبَدُه؛ والجمع رُغَىً. وارتغى الرَّجُل: شَرِبَ الرّغوة. يقولون: "يُسرُّ حَسْواً في ارتغاء". يُضْرَب مثلاً لمن يُظهِر أمراً ويريد خلافَه. ورغَّى([11]) اللّبنُ من الرّغْوة. والمِرْغاةُ: الشَّيءُ من الخُبْز أو التَّمْر يُؤْكل به الرّغْوة([12]). وكلامٌ مُرغٍّ: لم يفسَّرْ، كأنّ عليه رغْوة.

والأصل الآخَر الرُّغاء: رُغاء النّاقةِ والضَّبُع([13])، وهو صوتُهما. ويقال: "ما له ثاغِيةٌ ولا راغِيَة"، أي شاةٌ ولا ناقة. وأتيتُ فلاناً فما أثغَى ولا أرْغَى، أي لم يُعطِني شاةً ولا ناقةً.

(رغب)  الراء والغين والباء أصلان: أحدهما طلبٌ لشيء([14]) والآخر سَعَةٌ في شيء.

فالأوَّل الرَّغْبة في الشيء: *الإرادةُ لـه. رغِبْتُ في الشيء. فإِذا لم تُرِدْه قلتَ  رغِبتُ عنه. ويقال من الرّغبة: رَغِب يرغَبُ رَغْباً ورُغبا ورَغْبَةً ورَغْبَى مثل شكوى.

والآخر الشَّيْءُ الرَّغيب: الواسع الجَوف. يقال حوضٌ رغيب، وسقاءٌ رغيب. ويقال فرسٌ رغيب الشَّحْوة([15]). والرَّغِيبة: العَطاء الكثير، والجمع رغائب. قال:

* وإِلى الذي يُعْطِي الرّغائبَ فارْغَبِ([16]) *

والرَّغاب([17]): الأرضُ الواسعة. وقد رغُبَتْ رُغْباً.

(رغث)  الراء والغين والثاء أصلٌ يدل على الرَّضاع. يقال رَغَثَ الجديُ أمَّه: رَضِعَهَا. فأمّا قولُهم: بِرْذَوْنَةٌ رَغُوث، فقد اختُلِف فيه. فكان الخليل يقول: الرَّغُوث: كلُّ مرضِعة؛ وذكر قولَ طرفة:

ليت لنا مَكانَ المَلْكِ عَمْروٍ *** رَغُوثاً حولَ قُبّتِنا تخُورُ([18])

  وكان ابنُ دريدٍ يقول: فعيل في معنى مفعولة، لأنّها مرغُوثة. يريد أنه يرتضع لبنَها. ولعلَّ هذا أصح القولَين. وقال الأحمر: يقال للرَّجُل إذا كَثُرَ عليه السُّؤَّالُ حتى ينفَدَ ما عنده: مَرغوثٌ. والرُّغَثَاءُ: أصْلُ الضَّرْع، وهو القياس؛ لأنّ المرتضِع يَعْمِدُ له. ثم شبَّه بذلك غيرُه، قيل لمُضَيْغَتَيْنِ بين الثَّنْدُوَة والمَنْكِب بجانبَي الصَّدر: رُغَثَاوَانِ.

(رغد)  الراء والغين والدال أصلان: أحدهما أطْيَب العيش، والآخر خِلافُه.

فالأوَّل عيشٌ رَغَِْد ورغِيد. أي طيِّبٌ واسع. وقد أَرغَدَ القومُ، إذا أخصَبُوا. ويقال إنَّ الرَّغيدةَ في بعض اللغات الزُّبدة([19]). وأرغَدَ الرّجلُ ماشِيتَه، إذا تركَها وسَوْمَها.

والأصل الآخر المُرْغَادُّ: الذي تَغَيَّرَ حالُه في جِسمه ضعفاً. ومن ذلك المُرْغَادُّ: الشّاكُّ في رأيه لا يَدرِي كيف يُصْدِرُه.

(رغس)  الراء والغين والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بَرَكةٍ ونَماء.

يقولون: الرغْس النَّماء والبَرَكة والخَير. قال العجاج([20]):

* حَتَّى رأيْنَا وَجْهَكَ الَمرْغُوسا *

ويقال الرَّغْس: النّعمة، في قوله:

* تراه منصوراً عليه الأرْغُسُ([21]) *

وفي الحديث: "أنَّ رجلاً أرغَسَه اللهُ مالا"، أي خوّلَه إيّاه وبارَكَ له فيه.

ــــــــــــــــــ

([1]) الرجز للقيط بن زرارة، كما في اللسان (رغف، نشل). وانظر المخصص (5: 6/ 17: 85).

([2]) البيت في المجمل واللسان (رغل).

([3])ذكر هذا المعنى في القاموس ولم يذكر في اللسان.

([4]) زاد ياقوت: "من نواحي اليمامة بالوشم". وأنشد للفرزدق:

تبكي المراغة بالرغام على ابنها *** والناهقات يصحن بالإعوال

([5]) صدره كما في اللسان (رغم): * كطود يلاذ بأركانه *

([6]) صدره كما في ديوانه 51 واللسان (رغم، جرز):

* يحشرجها طورا وطورا كأنها *

وفي الأصل: "له بالرعامى" صوابها من هذه المراجع ومما سبق في (جرز 441).

([7]) في الأصل والمجمل: "لا تطعمه"، صوابه في اللسان.

([8]) قد تكون هذه من زيادة النساخ.

([9]) ويقال: رغوة، بالكسر. هو مثلث الراء.

([10]) التكملة من المجمل.

([11]) يقال أيضاً رغا وأرغى.

([12]) فسرت في اللسان والقاموس بأنها "شيء يؤخذ به الرغوة". ولا تناقض بينهما.

([13]) والرغاء للنعامة أيضاً.

([14])في الأصل: "طلب لشيء فيه".

([15]) الشحوة: الخطوة. وفي الأصل: "الشجوة"، صوابه في المجمل واللسان.

([16]) للنمر بن تولب. وصدره كما في اللسان (رغب):

* ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى *

([17]) يقال رغاب، كسحاب، ورغب بضمتين أيضاً.

([18]) في ديوانه 6 واللسان (رغث): "فليت". وفي اللسان (خور): "ليت" بالخرم كما هنا.

([19])هذا يطابق قول ابن دريد في الجمهرة (2: 251). والذي في اللسان والقاموس أن الرغيدة لبن يغلى ثم يذر عليه الدقيق حتى يختلط فيساط فيلعق لعقاً. أقول: إن هذه الكلمة سائرة في استعمال بعض المصريين بهذا المعنى.

([20])الصواب أنه رؤبة كما في اللسان (رغس) من قصيدة في ديوانه 68 يمدح بها إياد بن الوليد.

([21])ديوان رؤبة 68 والتاج (رغس) برواية "الأرغاس". وفي القاموس أن جمع الرغس أرغاس. فهذا جمع آخر.

 

ـ (باب الراء والفاء وما يثلثهما)

(رفق)  الراء والفاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على موافقةٍ ومقاربةٍ بلا عُنْف. فالرِّفق: خلاف العُنْف؛ يقال رفَقْتُ أْرْفُق. وفي الحديث: "إنّ الله جلّ ثناؤه يحبُّ الرِّفْق في الأمر كله".

هذا هو الأصل ثم يشتقّ منه كلُّ شيءٍ يدعو إلى راحةٍ وموافَقة. والمرفق([1]) مَِرفق الإنسان؛ لأنه يستريح في الاتِّكاء عليه. يقال ارتَفَق الرّجلُ: إذا اتَّكأ على مَِرفقه في جلوسه. ومن ذلك الحديثُ لمّا سأل الأعرابيُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: "هو ذاكَ الأمغَرُ المرتَفِقُ"، أي المتَّكئ على مَِرفقه.ويقال فيه مَرْفِق ومِرْفَق، حكاهما ثعلب. والرُِّفْقَة: الجماعة ترافِقُهم في سفرك؛ واشتقاقه من الباب، للموافَقة، ولأنَّهم إذا تَمَاشَوْا تحاذَوْا بمرافقِهم. قال الخليل: الرُِّفْقة في السفر: الجماعة الذين يرافِقونك، فإذا تفرَّقْتم ذهب اسمُ الرُِّفقة. قال: والرّفيق: الذي يرافقك، وهو أن يجمعَك وإياه رفْقة؛ وليس يذهب اسمُه إذا تفرَّقْتُما. والمُرْفِق: الأمر الرَّافِقُ بك. والرِّفاقُ: حبلٌ يشدُّ به مَِرفق البعير إلى وَظيفِهِ. وهو قوله:

* كذاتِ الضِّغْنِ تَمْشِي في الرِّفاقِ([2]) *

والمِرْفق: المِرْحاض، والجمع مَرَافِق. ويقال ارتفَقَ الرّجلُ ساهراً، إذا بات على مَِرفقِهِ لا ينام. وشاةٌ مُرَفَّقَةٌ([3]): يداها بَيْضاوانِ إلى المرفقين. والرَّفَق: انفتالٌ عن الجنب؛ ناقةٌ رَفْقاءُ، وجملٌ أرفَقُ. ويقال ماءٌ رَفَقٌ ومَرتعٌ رفَقٌ، أي سهلُ المطْلَب.

(رفل)  الراء والفاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَعةٍ ووُفُورٍ. من ذلك رَفَل في ثيابه يَرْفُل، وذلك إذا طالَتْ عليه فجَرَّها. والرِّفَلُّ: الفَرَس الطويل الذّنَب.

(رفن)  [الراء والفاء والنون ليس أصلاً([4])]، وإنّما النُّون [في رِفَنٍّ] مبدلةٌ من لام؛ لأنّه في الأصل رِفَلٌّ. فأما قولهم ارفأَنَّ، إِذا سكَنَ، فإنّ النون فيه زائدة.

(رفه)  الراء والفاء والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَعمةٍ وسَعة مَطْلَبٍ. من ذلك الرِّفْهُ، وهو أن تَرِدَ الإِبلُ كلَّ يومٍ متى شاءت. قال الشاعر([5]):

يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادرةٍ *** وكلُّها كارعٌ في الماء مُغْتَمِرُ

  ومن ذلك الرَّفاهَةُ في العَيش والرّفاهِية. ويقال: بينَنَا وبين فلانٍ ليلةٌ رافهة، أي ليِّنة السّيرِ لا تُعيِي. ومن ذلك الإرفاه: كثرة [التدَهُّن([6])]، وهو من الرِّفْه الذي ذكرناه. ورُفِّه عنه: إذا نُفِّس عنه الكَربُ.

(رفو/أ)  الراء والفاء والحرف المعتل أو الهمزة أصلٌ واحد يدلُّ على موافقةٍ وسكون وملاءَمة. من ذلك رفَوْتُ الثَّوْبَ أرفُوه، ورفَأته أرفَؤه. ورفَوْت الرّجلَ، إذا سكَّنْته من رُعْب. قال:

رَفَوْنِي وقالُوا يا خُوَيلِد لا تُرَعْ *** فقلتُ وأنكرتُ الوجوهَ هُمُ هُمُ([7])

  والمرافاة([8]): الاتِّفاق. قال:

ولمَّا أنْ رأيتُ أبَا رُوَيمٍ *** يُرَافِينِي ويَكرَهُ أن يُلاما([9])

  والرِّفاء: الاتِّفاق والالتحام. ومن ذلك الحديث "أنّه نَهَى أن يقال بالرِّفاء والبنين". يقال ذلك لِلْمُمْلِك. ومن الباب أرفَأْتُ إليه، إِذا لَجَأْتَ إِليه. وأرفأْتُ فلاناً في البيع، إذا زِدْتَه محاباة. ومنه أرفأْتُ السّفينةَ، إذا قرّبْتَها للشَّطّ. وذلك المكان مَرْفَأٌ.

ومما شذَّ عن الباب: اليَرْفَئِيُّ، قال قوم: هو راعي الغَنَم؛ وقال قومٌ: هو الظليم. ويقال: بلْ كل نافرٍ يَرْفَئِيٌّ.

(رفت)  الراء والفاء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على فَتٍّ ولَيٍّ. يقال رفَتُّ الشّيءَ بيدي، إِذا فتَتَّه حتّى صارَ رُفاتا. وارْفَتَّ الحَبْلُ، إذا انقطع. واشتُقّ منه رفَتَ عُنقَه، إِذا دقَّها وَلَفَتَها [و] لوَاها.

(رفث)  الراء والفاء والثاء أصلٌ واحدٌ، وهو كلُّ كلام يُستَحْيا من إظهاره. وأصلُه الرَّفَثُ، وهو النِّكاح. قال الله جلّ ثناؤُه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْْ [البقرة 187]. والرّفَث: [الفُحْش] في الكلام. يقال أَرْفَثَ وَرَفَثَ.

(رفد)  الراء والفاء والدال أصلٌ واحدٌ مطّرد منقاس، وهو المعاوَنة والمظاهَرة بالعَطاء وغيره. فالرَّفْد مصدر رفَدَهُ يَرْفِدُه، إذا أعطاه. والاسم الرِّفْد. وجاء في الحديث: "ويكون الفَيْء رِفْداً"، أي يكون صِلاتٍ لا يوضَع مواضِعَه. ويقال ارتفَدْتَ من فلانٍ: أصبْتُ من كَسبه. وأُرفِدت المال: اكتسبته. والرافد: المُعين، والمُرْفِدُ أيضاً. ورفَدَ بنو فلانٍ فلاناً، إذا سَوَّدُوه عليهم وعظَّموه، وهو مرفَّد. والرّافِدانِ: دِجْلةُ والفرات. قال الفرزدق:

بَعثْتَ على العِراق ورافديْهِ *** فَزَارِيّاً أحَذَّ يَدِ القَميصِ([10])

  وترافدوا، إذا تعاوَنُوا عليه، والرِّفادة: شيءٌ كانت قريش تُرَافِدُ به في الجاهلية، يُخرِج كلُّ إنسانٍ شيئاً، ثم يشترون به للحاجِّ طعاماً وزَبيباً وشراباً. والرَّوافِد: خشب السَّقف؛ وهو من الباب؛ لأنه يُرفدَ بها السَّقْف. قال:

روافِدُه أكرمُ الرّافداتِ *** بَخٍ لك بَخٍّ لبَحْرٍ خِضَمّْ([11])

  والمرفد: العُظَّامَة التي تعظِّم بها الرّسْحاء عَجِيزتَها. ومن الباب الرِّفْد، وهو القَدَح الضَّخم؛ وهو الرَّفْد والمِرْفَد أيضاً.

ويقال المِرْفَد: الإناء الذي يُقْرَى فيه. والرَّفُود: الناقة تملأ الرِّفْد، وهو القدح الضخم، في حَلْبةٍ واحدة. والرُّفَيْدات: قومٌ من العرَب.

(رفز)  الراء والفاء والزاء ليس هو عندنا أصلاً، لكنَّهم قالوا: إنّ الرّفْز الضَّرْب؛ يقال ما يَرْفِزُ منه عِرْقٌ: أي ما يضرِب. قال:

وبلدةٍ للداء فيها غامِزُ *** مَيْتٍ بها العِرقُ الصَّحيح الرَّافِزُ([12])

  (رفس)  الراء والفاء والسين قريبٌ من الباب الذي قبله، إلا أنّ في كتاب الخليل: الرَّفْس: الصَّدْمة في الصَّدر بالرِّجْل.

(رفش)  الراء والفاء والشين ليس* شيئاً. ويقولون: الرَّفْش الأكل.

(رفص)  الراء والفاء والصاد فيه كلمة واحدة. يقولون: ارتَفَص السِّعْر: غَلاَ. فأما الرُّفْصَة فالماءُ يكون بين القوم نَوْبةً. ويقال إنه مقلوب من الفُرْصة. يقال: هم يتفارصُون الماءَ بينهم ويترافصون، إذا تناوبوا. وقد كتب البابُ في موضعه.

(رفض)  الراء والفاء والضاد أصلٌ واحد، وهو التَّرك، ثم يشتقّ منه. يقال رَفَضْتُ الشيءَ: تركته. هذا هو الأصل، ثم يشتقّ منه ارفَضَّ الدّمْعُ من العين: سال، كأنه تَرَكَ موضِعَه. وكلُّ متفرّقٍ مرفَضّ. ويقال للطَّريق المتفرِّقة أخادِيده: رِفَاض. قال:

* كالعِيسِ فَوقَ الشَّرَكِ الرِّفاضِ([13]) *

والرَّفَض: الفِرَق، في قول ذي الرُّمّة:

* بها رَفَضٌ مِنْ كلِّ خَرْجَاء صَعْلةٍ([14]) *

أي فِرَق. وفي القِربة رفَضٌ من ماءٍ: مثلُ الجُرْعة، كأنها رُفِضَت فيه. يقال فيه رفَّضْتُ. ورُفُوض الأرض: مواضعُ لا تُمْلَك، كأنها رُفِضت. والرَّاوفض: جنودٌ تَركوا أميرَهم وانصَرفوا. ويقال: رجلٌ رُفَضَةٌ، للذي يُمسِك الشيءَ ثم لا يلبثُ أن يدَعَه، ويقال رَفَضَ النّخلُ، وذلك إِذا انتشر عِذْقه وسقط قِيقاؤُه. ويقال في أرضِ بني فلانٍ رُفوض من كلأ، إذا كان متفرِّقاً بعيداً بعضُه من بعض، وقال بعضهم: مَرافِضُ الوادي: مَفاجرُه، وذلك حيث يرفضُّ إليه السَّيل. قال ابن السّكيت: راعٍ رُفضَةٌ قُبَضَة، للذي يقبض الإبلَ ويجمعها، فإذا صار إلى الموضع الذي [تحبُّه و] تهواه [رفَضَها([15])] فتركها ترعَى حيث شاءت تذهب وتجيء.

(رفع)  الراء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على خلاف الوضع. تقول: رفعتُ الشيءَ رفعاً؛ وهو خلاف الخَفْض. ومَرفُوع الناقةِ في سيرها: خلاف المَوْضوع. قال طرَفة:

مَوضُوعُها زَوْلٌ ومرفوعها *** كمَرِّ صَوْبٍ لِجبٍ وَسْطَ ريحْ([16])

  يقال رَفَع البعيرُ ورَفَّعته أنا.

ومن الباب الرَّفع: تقريب الشيء. قال الله جلّ ثناؤُه: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة 34]، أي مقرَّبة لهم. ومن ذلك قوله رَفَعْتُه للسُّلطان، ومصدر ذلك الرُِّفْعانُ ويقال للناقة إذا رفَعت اللِّبَأ في ضَرعها: هي رافعٌ. والرفع: إذاعة الشيء وإظهارُه. ومنه الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كلُّ  رافِعَة رفعَتْ علينا من البَلاغ([17]) فقد حرَّمتُها"، أي كلُّ جماعةٍ مبلِّغة تبلّغ عنا فلتبلّغ أنِّي حرَّمْتُ المدينَةَ. وذلك كقولهم رَفَع فلانٌ على العامل، وذلك إذا أذاعَ خَبرَه ورَفْع الزَّرعِ: أن يُحمل بعد الحَصاد إلى البَيْدر؛ يقال هذه أيّام الرَِّفاع.

(رفغ)  الراء والفاء والغين كلمةٌ تدل على ضَعةٍ ودناءة. فالرَّفْغ ألأَمُ الوادِي وشرُّه تُراباً. والرُّفْغ: أصل الفخِذ، وكلُّ موضع اجتمع فيه الوَسَخ. وفي الحديث: "كيف لا أُوهِمُ ورُفْغُ أحدِكم بين ظُفْره وأنملته([18])". والأَرفاغ من الناس: السِّفْلة. فأما قولهم عيشٌ رافغ ورفيغ: طيّب واسع، فهذا له وجهان: إمّا أن يكونَ الغَينُ منقلبةً عن الهاء فيكون من الرَّفْه، وإمَّا أن يكون شُبِّه مالُه في كثرته برَفْغ التُّراب، يراد به الكثرة.

ــــــــــــــــــ

([1]) المرفق كمنبر ومجلس.

([2]) البيت لبشر بن أبي خازم، كما في اللسان (رفق) والمخصص (7: 153/ 13: 129).

([3]) ذكرت هذه الكلمة في القاموس، ولم ترد في اللسان.

([4]) أثبت هذه التكملة مطاوعة لطريقة ابن فارس، وللحاجة إليها.

([5]) هو لبيد. ديوانه 52 طبع 1880 واللسان (رفه، غمر). وفي الموضع الأول من اللسان "غير صادية"، وقد أشير إليها في شرح الديوان. وفي جميع المواضع: "فكلها كارع".

([6]) التكملة من المجمل واللسان. وفي الحديث "أنه نهى عن الإرفاء".

([7]) البيت لأبي خراش الهذلي، كما في اللسان (رفأ، رفا)، وهو مطلع قصيدة له في شرح السكري 71 والقسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 62. و انظر الخزانة (1: 211).

([8]) في الأصل: "والرافات"، صوابه في المجمل.

([9]) البيت في المجمل واللسان (رفا) والخزانة (1: 211). وفي الأصل: "أبا ذريم" صوابه من المراجع السابقة.

([10]) ديوان الفرزدق 487 واللسان (رفد، حذذ) والكامل 479 ليبسك والمعارف 179 والشعراء (ترجمة الفرزدق) وزهر الآداب (1: 21) والأغاني (19: 17) وكنايات الجرجاني 74 والحيوان (5: 197/6: 510). وفي المجمل: "أأطعمت".

([11]) البيت في اللسان (بخخ، رفد) وقد سبق في (بخ).

([12]) البيتان في اللسان (رفز، رقز) حيث أنشد في الموضع الأخير رواية "الراقز"، وكلاهما بمعنى. وفي الأصل: "رافز"، صوابه "الرافز"، أي إن العرق الصحيح يموت بها من الفزع.

([13]) البيت لرؤبة في ديوانه 82 واللسان (رفض). ورواية ابن فارس تطابق رواية الجوهري.  قال ابن بري: "صوابه: بالعيس، لأن قبله:

* يقطع أجواز الفلا انقضاضي *".

([14]) عجزه كما في الديوان 516 واللسان (رفض): *وأخرج يمشي مثل مشي المخبل*

([15]) هذه التكملة والتي قبلها من المجمل.

([16]) في ديوان طرفة 13: "مرفوعها زول وموضوعها"، وبهذه الرواية صحح ابن بري رواية البيت. انظر اللسان. وسيعيده في (وضع).

([17]) ويروى أيضاً "من البلاغ" بضم الباء وتشديد اللام، أي المبلغين.

([18]) الأنملة: رأس الإصبع، وفيها تسع لغات تثليث الهمزة مع تثليث الميم.

 

 

ـ (باب الراء والقاف وما يثلثهما)

(رقل)  الراء والقاف واللام أصلان: أحدهما طولٌ في شيءٍ، والآخر ضرب من المشي.

فأمّا الأوَّل فالرَّقْلُ: النَّخْل الطُِّوال، واحدتها رَقْلة؛ وتجمع في القِلّة رَقلات. والرَّاقُول: حَبْلٌ تُصعَد به النّخلة.

والأصل الثاني: أرْقَلَت النَّاقةُ، وهو ضربٌ من المشْي، وهي مُرْقِلٌ، ولا يكون إلاَّ بسرعة. وهاشم بن عُتْبة المِرْقالُ([1])، لإرقاله كان في الحروب. قال الرَّاجز، في أرْقَلَت النَّاقة:

* والمُرْقِلاَتِ كُلَّ سَهْبٍ سَمْلقٍ([2]) *

(رقم)  الراء والقاف والميم* أصلٌ واحد يدلُّ على خَطٍّ وكتابةٍ وما أشبَهَ ذلك . فالرَّقْم: الخَطّ. والرَّقيم: الكتاب. ويقال للحاذق في صِناعته: هو يرقُم في الماء. قال:

سَأرْقُم في الماءِ القَراحِ إليكُم *** على نَأْيِكُمْ إن كان في الماءِ راقمُ([3])

وكلُّ ثوبٍ وُشِيَ فهو رَقْمٌ. والأرقَم من الحيات: ما على ظهره كالنَّقْش. قال الخليل بن أحمد: الرَّقْم تعجيم الكتاب. يقال كتابٌ مرقوم، إِذا بُيِّنَت حروفُه بعلاماتها من التّنقيط. ورَقْمَتا الفَرَسِ والحِمار: الأثران بباطن أعضادهما. ويقال للرَّوْضَة رَقْمَة، وإِنَّمَا سُمِّيت بذلك لأنَّها كالرَّقْم على الأرض. ويقال لأرض بها نباتٌ قليل: مرقُومة.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم للدّاهية: الرَّقِم. وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب؛ لأنَّها إذا نزلت أثَّرَتْ.

(رقن)  الراء والقاف والنون بابٌ يقرب من الباب الذي قبله. يقال رَقّنْت الكتاب: قاربتُ بينَ سُطوره. وترقَّنت المرأةُ: تلطَّخت بالزَّعفران. والرَّقون والرِّقان: الزَّعفران. والمرقون: المنقوش. ويقال للمرأة الحسنة اللَّون الناعمة: راقنة.

(رقي)  الراء والقاف والحرف المعتلّ أصولٌ ثلاثة متباينة: أحدهما الصُّعود، والآخر عُوذَةٌ يُتعوَّذ بها، والثالث بقعةٌ من الأرض.

فالأول: قولك رَقِيتُ في السُّلّم أَرْقَى رُقِيّاً. قال الله جلّ ثناؤه:{أَوْ تَرْقَى فِي السَّماءِِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} [الإسراء 93]. والعرب تقول: "ارْقَ على ظَلْعِك" أي اصعَدْ بقدر ما تُطيق.

والثاني: رقَيْت الإنسانَ، من الرُّقية.

والثالث: الرَّقْوَةُ: فُوَيْقَ الدِّعص من الرمل. [و] يقال رَقْوٌ بِلا هاء. وأكثرُ ما يكونُ إلى جانب وادٍ.

(رقأ)  الراء والقاف والهمزة كلمة واحدة. يقال: رقأ الدّمُ والدّمعُ، إذا انقَطَعا. وفي كلامهم([4]): "لا تسُبُّوا الإِبلَ فإنَّ فيها رَقُوءَ الدَّم" أي إنّها تُدفَع في الدّية فيَرْقَأ دمُ مَن يُراد منه القَوَد.

(رقب)  الراء والقاف والباء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلّ على انتصابٍ لمراعاةِ شيءٍ. من ذلك الرَّقِيب، وهو الحافِظ. يقال منه رَقَبْتُ أرْقَُب رِقْبة ورِقْباناً. والمَرْقَب: المكان العالي يقِفُ عليه النَّاظِر. والرَّقِيب: الموكَّل في الميْسِر بالضَّريب. ومن ذلك اشتقاق الرَّقَبةِ، لأنَّها منتَصِبة، ولأنّ النّاظرَ لابد ينتصبُ عند نظره. والمرقَّب: الجلد يُسلَخ من قِبَل رأسِه ورَقَبَتِه. ورقَّابة الرَّحْل: الوغدُ الذي يرقُب للقوم رَحْلَهم إذا غابوا. ويقال للمرأة التي ترقُب موتَ زوجها لِتَرِثَه: الرَّقوب. [والرَّقوب([5])]: الناقة الخبيثة النَّفْس، التي لا تكاد تَشرب مع سائر الإِبل، ترقُب متى تنْصرف الإبل عن الماء([6]). ويقال أرقَبْتُ فلاناً هذه الدّارَ، وذلك أن تُعطيَه إيَّاها يسكنُها كالعُمْرَى، ثمَّ يقول له إنْ مُِتّ قبلي رجعَتْ إليَّ، وإن متُّ قبلك فهي لك. وهي من المراقَبة، كَأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يرقُب موتَ صاحبه. ورِقابُ المَزَاوِد: لقبٌ للعجم، لأنَّهم حُمْرٌ. والرَّقيب: السهم الثالث من السَّبعة التي لها أنصباءُ، كأنَّه يُرقَب متى يَخرج. والرَّقوب: المرأة التي لا يعيش لها ولدٌ [كأنَّها تَرقبُه([7])] لعَلَّهُ يبقى لها.

(رقح)  الراء والقاف والحاء أصلٌ واحد، يدلُّ على الاكتساب والإصلاحِ للمال. ويقال رقَّحتُ المالَ: أصلحتُه وقُمت عليه، ترقيحاً. وفلان رَقاحِيُّ مالٍ. وهو يترقَّح لعياله، أي يتكسَّب. وكانوا يقولون في تلبيتِهمْ: "لم نَأت للرَّقاحَةِ([8])"، يريدون التِّجارة.

(رقد)  الراء والقاف والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّوم؛ ويُشتقّ منه. فالرُّقاد: النَّوم. يقال رقَد رُقوداً. ومن الذي اشتُقَّ منه: أَرْقَدَ الرَّجُل بالأرض، إذا أقام بها.

ومما شذَّ عن الأصل: *أرْقَدَ الظّليمُ وغيرُه، إِذا أسرع في مُضِيِّه.

(رقش)  الراء والقاف والشين أصلٌ يدلُّ على خُطوطٍ مختلفة. فالرَّقْش كالنَّقْش. يقال: حَيّةٌ رَقْشَاءُ: منقَّطة. ورَقَّشَ كلامَه: زَوَّرَه. والرَّقْشاء: شِقشِقة البَعير. و الرقْشاء: دويْبَّة. وقال:

الدَّار قَفْرٌ والرُّسومُ كما *** رَقَّش في ظَهْرِ الأديمِ قَلَمْ([9])

  ويقال للنّمَّام إذا نَمَّ: رقَّش. قال:

* عاذِلَُ قد أُولعتِ بالتَّرْقِيشِ([10]) *

(رقص)  الراء والقاف والصاد أصلٌ يدلُّ على النَّقَزَان([11]). يقال رقَصَ يرقُصُ رَقْصاً. ويقال أرقَصَ البعيرَ: حمَلَهُ على الخَبَب. قال جرير:

* بِزَرُودَ أرقصت البعيرَ([12]) *

ويقال رقَص السَّراب في لمعانه؛ ورَقَص الشَّرَاب: جاش([13]). والرّقَّاصة: لُعْبة([14]).

(رقط)  الراء والقاف والطاء يدل على اختلاطِ لونٍ بلون. فالرُّقْطة: سوادٌ يشوبه نُقَط بَياض. يقال دَجاجةٌ رَقْطاء. والأرقَط: النَّمِر. ويقال: ارقَاطّ العَرْفَجُ، إِذا خالط سوادَه نُقَطٌ.

(رقع)  الراء والقاف والعين أصلٌ يدلُّ على سَدِّ خَلَلٍ بشيء. يقال رقَعْتُ الثَّوبَ رَقْعاً. والخِرْقة رُقْعة. فأمّا قولُهم لواهي العقلِ: رقيعٌ، فكأنّه قد رُقِع؛ لأنه لا يُرْقَع إلاّ الواهي الخَلَق. ويقال رَقَعَه، إذا هجاه وقال فيه قبيحاً، كأنَّ ذلك صار كالرُّقْعَة في جَسَدِه. يقال لأرقعنَّه رَقْعاً رصيناً. وأَرى في فلان مُتَرَقَّعاً، أي موضعاً للشَّتْم. قال:

وما تَرَكَ الهاجُونَ لي في أَدِيمكُمُ *** مُصِحّاً ولكنِّي أرى مُتَرَقَّعَا([15])

  والرَّقيع: السَّماء. وفي الحديث أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لسَعْدٍ([16]) "لقد حكَمْتَ فيهم بحُكم الله مِن فوقِ سبعة أَرْقِعةٍ([17])". قال بعض أهل العلم إنما قيل لها أرقعة؛ لأنّ كلَّ واحدٍ كالرُّقعة للأُخْرى.

ومما شذ عن هذا الأصل قولهم: ما أرْتَقِعُ بهذا، أي ما أَكْتَرِثُ له. وجُوعٌ يَرقُوعٌ: شديد.

ــــــــــــــــــــ

([1]) هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، كان معه لواء علي في حرب صفين، وقتل في آخر أيامها. انظر الإصابة 8914 والاشتقاق 96.

([2]) قبله، كما في ديوان العجاج 40 واللسان (رقل): * يارب رب البيت والمشرق *

([3]) في اللسان (رقم): "على بعدكم".

([4]) في اللسان: "وفي الحديث: لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم ومهر الكريمة".

([5]) التكملة من المجمل.

([6]) في اللسان: "التي لا تدنو إلى الحوض من الزحام، وذلك لكرمها".

([7]) بمثلها يلتئم الكلام.

([8]) هي من تلبية أهل الجاهلية، كانوا يقولون: "جئناك للنصاحة، لم نأت للرقاحة".

([9]) البيت لمرقش الأكبر من قصيدة في المفضليات (2: 37-41). وبذلك البيت سمي"المرقش". انظر اللسان (رقش) والمزهر (2: 435).

([10]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 86 واللسان (رقش). وبعده: *إلى سرا فاطرقي وميشي*

([11]) النقزان، بالقاف وبالفاء أيضاً، هو الوثب، ومثلهما الوثبان.

([12]) جزء من بيت له في ديوانه 448 عثرت عليه بعد لأي، وهو بتمامه:

بزرود أرقصت القعود، فراشها *** رعثات عنبلها الغدفل الأرعل

([13]) بدلها في المجمل: "ورقص الشراب في غليانه".

([14]) لم تذكر في اللسان. وفي القاموس: "والرقاصة مشددة: لعبة لهم".

([15]) البيت في الحيوان (3: 138) واللسان (رقع).

([16]) هو سعد بن معاذ، حين حكم في بني قريظة. انظر الإصابة 3197 واللسان (رقع).

([17]) الرقيع مؤنثة، وجاء بها على التذكير كأنه ذهب إلى معنى السقف.

 

 

ـ (باب الراء والكاف وما يثلثهما)

(ركل)  الراء والكاف واللام أصلٌ يدلُّ على جنسٍ من الضرب بالرِّجْل. يقال رَكَلَه ورَفَسه برِجله. ومَرْكَلاَ الفَرَس مِن جنبيه، حيث يركُل الفارسُ برجليه. وتركَّل على الشيء برجله. وتركَّل الحافرُ بمِسْحَاتِه، إذا ضربَها برِجْله لتدخُل في الأرض. قال الأخطل:

رَبَت ورَبا في حَِجْرِها ابنُ مَدينةٍ *** يَظَلُّ على مِسحاتِه يتركَّل([1])

  والكديد: المُرَكَّل([2]).

(ركم)  الراء والكاف والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على [تجمُّع] الشيء. تقول ركَمت الشيء: ألقَيت بعضَه على بعض. وسحاب مُرْتكمٌ ورُكام. والرُّكمة: الطِّين المجمُوع. ومُرْتَكَم الطريق: سَنَنُه؛ لأنّ المارة تَرْتَكِمُ فيه.

(ركن)  الراء والكاف والنون أصلٌ واحد يدلُّ على قوَّة. فرُكن الشَّيء: جانبه الأقوى. وهو يأوي إلى رُكْنٍ شديد، أي عِزٍّ ومَنْعَة. ومن الباب رَكَنْتُ إليه أرْكَن. وهي كلمة نادرة على فَعَلْتُ أفْعَلُ من غير حَرفِ حلق. وفلانٌ ركينٌ، أي وقور ثابت. والمرْكن: الإِجَّانة. ويقال: جبلٌ رَكِينٌ([3])، أي له أركان عالية. وركَنْت إليه أي مِلْتُ؛ وهو من الباب، لأنه سكن إليه وثبت عنده. قال

الخليل: رَكَنَ يَرْكَنُ رَكْناً. ولغة سُفْلَى مضَر: ركِن يرْكَن. ويقال ركِنَ يَرْكُنُ، وفيه نظَر. وحكى أبو زيد: رَكِنَ يَرْكَنُ. وناقة مُرَكَّنَة الضَّرْع، أي مُنْتَفِخَتُه، أي كَأنَّه رُكْن.

(ركو)  الراء والكاف والحرف المعتل أصول ثلاثة: أحدُها حملُ الشيء على شيءٍ وضمُّه إليه، والآخَر إصلاحُ شيءٍ، والثالث وِعاء الشيء.

فالأوّلُ قولُهم: رَكَوْتُ على البعير الحِملَ: ضاعفْتُه. ومن الباب ركَوْتُ عليه الأمْرَ والذَّنب، أي حملتُه عليه. وقال بعضُهم: أنَا مُرْتَكٍ على كذا، أي معوِّلٌ عليه. ومالي مُرتكىً إلاّ عليك. وحكى الفرّاء: أرْكَيْتَ عليَّ ذنباً لم أُذْنِبْه.

ومن الباب أركَيتُ إلى فلانٍ: لجأتُ إليه. ومنه أرْكِنِي إلى كذا، أَي أخِّرْني، للدَّيْنِ يكون عليه*. وركَوتُ عنهم بقيّةَ يومي، أي أقمت.

أمّا إصلاحُ الشيء فالمركوُّ الحَوض المستطيل، ويقال المُصْلَح، قال:

* قامَ على المَرْكُوِّ ساقٍ يفْعَمُهْ *

وركَوْتُ الشيءَ، إذا سدَّدْتَه وأصلَحتَه. قال سُويد بن كُراع:

فدَعْ عنك قوماً قد كَفَوْكَ شُؤونَهم *** وشأنُك إلا تَرْكُهُ متفاقِمُ([4])

  أي إن لم تُصلِحْه. ويقال أركَيْتُ لفلانٍ شيئاً، إذا هيّأْتَه له.

وأما الأصل الآخَر فالرَُِّكْوة معروفة؛ ومنه الرَّكِيّ؛ لأنه كأنه وعاءُ

ما يكونُ فيه.

(ركب)  الراء والكاف والباء أصلٌ واحد مطّرد منقاس، وهو علُوُّ شيءٍ شيئاً. يقال رَكِب رُكوباً يَرْكَب. والرِّكاب: المَطِيّ، واحدتَها راحلة. وزَيْتٌ ركابيٌّ؛ لأنه يُحمَل من الشام على الرِّكاب. وما له رَكُوبة ولا حَمُولة، أي ما يركبه ويَحمِل عليه. والرَّكب: القَوم الرُّكْبان؛ وكذلك الأُركُوب. وناقةٌ رَكْبانةٌ: تصلُح للرُّكوب. وأرْكَبَ المُهْر: حان أن يُرْكَبَ. ورجل مُرَكَّبٌ: استعارَ فرساً يقاتِل عليه، ويكون له نِصفُ الغَنيمة ولصاحب الفرس النِّصف.

ومن الباب رَوَاكِبُ الشَّحم، وهي طرائقُ بعضُها فوقَ بعض في مُقدَّم السَّنام. فأمَّا التي في المؤخَّر فهي الرَّوادف، الواحدة راكبةٌ ورادفة. والرَّكَّابة: شِبه فسيلةٍ من أعلى النخلة عند قِمّتها، ربَّما حملَتْ مع أمِّها. وزعم الخليلُ أنَّ الرَّكْب والأُركوبَ راكبُو الدّوابّ، وأن الرُّكَّاب رُكَّاب السفينة. والمُرَكَّب: الأصل والمنْبِتُ. يقال هو كريم المركَّب.

  ومن الباب رُكْبة الإنسان، وهي عاليةٌ على ما هي فوقَه. والأركَبُ: العظيم الرُّكْبة. ويقال: رَكَبْتُ الرّجلَ أركُبُه، إِذا ضربْتَ رُكْبتَه أو ضربتَه برُكبتِك. والرَّكيب: ما بين نَهْرَيِ الكَرْم؛ وهو الظَّهر الذي بين النَّهْرين، ويكون عالياً على دونه. والرَّاكب: داءٌ يأخذ الغنمَ في ظهورها.

ومن الباب الرَّكَب ركَب المرأة. قال الخليل: ولا يقال للرّجل، إنَّما هو للمرأة خاصّة. وقال الفرّاء: الرَّكَب: العانةُ للرَّجُل والمرأة. قال:

لا ينْفعُ الجاريةَ الخِضابُ([5]) ***

ولا الوِشاحان ولا الجلبابُ

* مِن دُون أن تلتقِيَ الأركابُ *

  (ركح)  الراء والكاف والحاء أصلٌ واحد، وهو يدل على إنابةٍ إلى شيءٍ ورُجوعٍ إليه. قال الخليل: الرُّكوح: الإنابة إلى الأمر. وأنشد:

رَكَحْتُ إليها بعد ما كنتُ مُجْمِعاً *** على هَجْرِها وانسبْتُ باللَّيل ثائرا([6])

  فهذا هو الأصل. ثمَّ يقال لرُكْن الجبلِ المُنيفِ الصّعبِ رُكْح. والرُّكْح والرُّكْحة: سَاحة الدّار. والرُّكْحة البقيّة من الثَّريد تبقى في الجَفْنة، كأنّه شيءٌ أوى إلى أسفل الجَفْنة. ويقال جَفْنةٌ مرتكِحةٌ، إذا كانت مكتنِزةً بالثَّريد. ومن الباب: سَرْجٌ مِركاحٌ، إذا كان يتأخَّر عن ظَهْر الفَرس.

(ركد)  الراء والكاف والدال أصلٌ يدلُّ على سُكون. يقال ركَدَ الماءُ: سكَنَ. وركَدتِ الرِّيحُ. وركَد الميزان: استَوَى. وركد القومُ رُكوداً: سكنُوا وهدَؤوا. وجَفنَةٌ رَكود: مملوءة. فأمّا قولُهم تراكَدَ الجوارِي، إذا قعدَتْ إحداهُنّ على قدميها ثم نَزَتْ قاعدةً إِلى صاحبتها، فهذا إن صحَّ فهو شاذٌّ عن الأصل.

(ركز)  الراء والكاف والزاء أصلان: أحدهما إثبات شيءٍ في شيء يذهب سُفْلاً، والآخر صَوت.

فالأول: رَكَزْتُ الرُّمحَ رَكْزاً. ومَرْكَز الجند: الموضع الذي أُلزِمُوه. ويقال ارتكَزَ الرّجُل على قوسه، إذا وضَعَ سِيَتَها بالأرض ثمّ اعتمَدَ عليها. ومن الباب: الرِّكَاز، وهو المال المدفون في الجاهليّة، وهو من قياسِه؛ لأنّ صاحبَه رَكَزَه. وقال قوم: الرِّكاز المعْدِن. وأركَزَ الرّجُلُ: وجَدَ الرِّكاز. فإِن كان هذا صحيحاً فهو مُستعار. والمرتَكِز: يابس الحشيش الذي تكسَّرَ ورَقُه وتطايَرَ. ومعناه أنَّه ذَهَب منه ما ذهبَ وارتكز هذا، أي ثَبَت.

(ركس)  الراء والكاف والسين أصلٌ واحد، وهو قلْبُ الشّيء على رأسِه وردُّ أوّلِه على آخِره. قال الله جلّ ثناؤه: {وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء 88]، أي ردّهم إلى كفرهم. ويقال ارتكس فلانٌ في أمرٍ قد كان نجا منه. والرَّكوسيَّة: قومٌ لهم دينٌ بين النَّصارى والصابئين. وأُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين طَلب أحجاراً للاستنجاء، بِرَوْثَة، فرمَى بها وقال: "إنّها رِكْس". ومعنى ذلك أنَّها ارتكَسَت عن أن تكون طعاماً إلى غيره.

(ركض)  الراء والكاف والضاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ إلى قُدُمٍ أو تحريكٍ. يقال ركَض الرّجُل دابّتَه، وذلك ضَرْبُه إِيَّاها برجلَيْه لتتقدَّم. وكثُر حتَّى قيل ركَضَ الفرَسُ، وليس بالأصل. وارتكاض الصبيّ: اضطرابُه في بَطْن أمِّه. قال الخليل: وجُعِل الرَّكْض للطَّير في طيَرانها. ويقال أرْكَضَتِ الناقة، إذا تحرَّكَ ولدُها في بطن أمِّها. وفي بعض الحديث في ذكر دم الاستحاضة: "هو رَكْضَةٌ من الشَّيطان"، يريد الدَّفْعة.

(ركع)  الراء والكاف والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انحناءٍ في الإنسان وغيرِه. يقال ركَعَ الرّجلُ، إذا انحنى. وكلُّ منحنٍ راكع. قال لَبيد:

أُخبِّر أخبارَ القُرونِ التي مضَتْ *** أدِبُّ كأنِّي كلَّما قُُمتُ راكعُ([7])

  وفي الحديث ذِكْر المشايخ الرُّكَّع([8])، يريد به الذين انحنَوْا. والرُّكوع في الصلاة من هذا. ثمّ تصرّف الكلامُ فقيل للمصلِّي راكع، وقيل للسَّاجد شكراً: راكع. قال الله تعالى في شأن داودَ عليه السلام: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص 24]. وقال في موضع آخر: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ} [آل عمران 43]، قال قومٌ: تأويلها اسجدي، أي صلِّي؛ واركعي مع الراكعين، أي اشكري لِله جلّ ثناؤُه مع الشاكرين. قال ابن دُريد: الرُّكْعة([9]): الهُوَّة في الأرض؛ لغة يمانِيّة.

ـــــــــــــــ

([1]) سبق البيت في (1: 334/ 2: 319) مع تخريجه.

([2]) في اللسان: "والكديد: التراب الدقاق المكدود المركل بالقوائم. قال امرؤ القيس:

مسح إذا ما السابحات على الونى *** أثرن الغبار بالكديد المركل".

([3]) في الأصل: "ركن"، صوابه من اللسان والقاموس.

([4]) البيت في المجمل واللسان (ركا).

([5]) وكذا في البيان (3: 207). وفي اللسان: "لا يقنع".

([6]) البيت في اللسان (ركح) مبتور محرف.

([7]) ديوان لبيد 23 طبع 1880 واللسان (ركع).

([8]) هو حديث: "لولا مشايخ ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبا، ثم رص رصا".

([9]) الجمهرة (2: 385). وضبطت في اللسان بفتح الراء ضبط قلم، وقد نص في القاموس على أنها بالضم.

 

 

ـ (باب الراء والميم وما يثلثهما)

(رمن)  الراء والميم والنون كلمة واحدة، وهي الرُّمَّان. والرُّمَّانتان: هَضْبتان في بلادِ عَبْسٍ. قال:

* على الدّار بالرُّمَّانَتين تعوجُ *

(رمي)  الراء والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو نَبْذ الشَّيء. ثم يحمل عليه اشتقاقاً واستعارة. تقول رَمَيْتُ الشيء أرمِيه. وكانت بينهم رِمِّيَّا، على فِعِّيلَى. وأرمَيْتُ على المائة: زِدْتُ عليها. فإن قيلَ فهذه الكلمة ما وجهها؟ قيل لـه: إذا زاد على الشَّيء فقد ترامَى إلى الموضع الذي بلغَه. ورَمَيْت بمعنى أرْمَيْتُ والمِرْماة: نَصْلُ السهم المدوَّرُ؛ وسمِّي بذلك لأنه يُرمَى به. والمَِرْماة: ظِلف الشَّاة. وفي الحديث: "لو أنّ أحدَهم دُعِيَ إلى مَِرْماتَين". والرَّمِيَّةُ: الصَّيد الذي يُرمَى. والرَّمِيُّ: السحابة العظيمة القَطْر. ويقال سُمِّيت رَمِيّاً لأنها تنشأ ثم تُرْمَى بقطَعٍ من السحاب من هنا وهُنا حتَّى تجتمع.

وقال الخليل: رمى يرمي رِمايةً ورَمْياً ورِماءً. قال ابن السكّيت: خرجتُ أتَرَمَّى، إذا خرجتَ [ترمي] في الأغْراض([1]). ويقال أرْمَيْتُ الحَجَر من يدي إرْماءً. وقال أبو عُبيدة: يقال أرمَى اللهُ لك، أي نَصَرك وصنَع لَك. والرَّماء: الزِّيادة. وقد قلنا إنّ اشتقاق ذلك من الباب لأنه أمْرٌ يترامى إلى فَوق.

(رمأ)  [أمّا] الراء والميم والهمزة فأصلٌ برأسه غير الأول، وهو قليل. يقال رمَأَت الإبل تَرْمأُ رمُوءاً ورَمْأً: أقامت في الكلأ والعُشْب. ورمأ فلانٌ في بني فلانٍ: أقام. ويقال أرمأت الأخبارُ: أشكَلَتْ. ومُرَمَّآت الأخبار، أي أباطيلُها.

(رمث)  الراء والميم والثاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إصلاح شيءٍ وضمِّ بعضٍ إلى بعض. يقال رمَثْتُ الشَّيءَ: أصلحتُه. قال أبو دُواد:

وأَخٍ رَمَثْتُ دَرِيسَهُ *** ونصحتُه في الحرب نُصْحَا([2])

  والرَّمَث: خشبٌ يضمّ* بعضُه إلى بعض ويُركَب. وفي الحديث: "إنّا نركب أرماثاً لنا في البحر"، وهو جمع رَمَثٍ. قال:

تمنَّيْتُ مِن حُبِّي بُثَينةَ أننا *** على رمَثٍ في البحر ليس لنا وَفْرُ([3])

  والرِّمْث: مَرعىً من مراعي الإبل، وذلك لانضمام بعضِه إلى بعض. يقال إبلٌ رَمِثة ورَمَاثَى، إذا أكلت الرِّمْث فمرِضَتْ عنه. والرَّمَثُ أيضاً: بقيّة اللبن في الضَّرع، لأن ذلك متجمِّع.

(رمج)  الراء والميم والجيم ليس أصلاً، وفيه ما يُقبَل ويُعتَمد عليه([4])، لكنَّهم يقولون: رَمَّجَ الأثَر بالتُّراب([5])؛ ورمَّج السُّطور: أفسَدَها.

(رمح)  الراء والميم والحاء كلمةٌ واحدة، ثم يُصرَّف منها. فالكلمة الرُّمْح، وهو معروفٌ، والجمع رِماح وأرْماح. والسِّماك الرّامح: نَجمٌ، وسُمِّي بكوكبٍ يقْدُمه كأنَّه رُمْحه. فأمَّا قولهم: رَمَحَتْه الدَّابَّةُ، فمن هذا أيضاً لأنّ ضَرْبها إيّاهُ برِجلها كرمح الرَّامحِ برُمْحه. ومنه رَمَحَ الجُندبُ، إذا ضَرب الحصَى بيده. والرَّمَّاح: الذي يتَّخذ الرِّماح، وحِرفته الرِّماحة. والرَّامح: الطاعن بالرُّمْح. والرامح: الحامل له. ويقال للبُهْمَى إذا امتنَعتْ على الرّاعية: قد أخذَتْ رماحَها. كما قال:

أيَّامَ لم تأخُذْ إليَّ سِلاحَها ***إبِلي لِجلّتها ولا أبكارِها

  (رمخ)  الراء والميم والخاء ليس بشيء. ويقال: إنَّ الرِّمْخ شجر([6]).

(رمد)  الراء والميم والدال ثلاثة أصول: أحدُها مرضٌ من الأمراض، والآخَر لونٌ من الألوان، والثالث جنسٌ من السَّعْي.

فالأول: الرَّمَد رَمَدُ العين، يقال رَمِدَ يَرْمَدُ رَمَداً، وهو رَمِد وأَرْمَدُ. ومنه الرَّمْد، وهو الهلاك، بسكون الميم. كما قال:

* كأصْرَامِ عادٍ حينَ جَلَّلَها الرَّمْدُ([7]) *

ويقال رمَدْنا القومَ نرمُِدهم، إذا أتينا عليهم.

والثاني: الرَّماد، وهو معروف، فإذا كان أرقَّ ما يكون فهو رِمْدِدٌ. وهو يسمَّى للونه. يقال رَمَّدَتِ الناقةُ ترميداً، إذا تَركَتْ عند النِّتاج لبناً قليلاً. وإنّما يقال ذلك للونٍ يعتري ضرعَها. والأرمد: كلُّ شيءٍ أغْبَرَ فيه كُدْرَة، وهو من الرَّماد، ومنه قيل لضَربٍ من البعوض رُمْدٌ. وقال أبو وجزة وذكَرَ صائداً:

يبيت جارتُهُ الأفعى وسامِرُه *** رُمْدٌ به عاذرٌ منهن كالجَرَب([8])

  والأَرمِداء، على وزن أفعلاء: الرَّماد. والمرمَّد من الشواء: الذي يُمَلُّ في الجمر. وفي المثل: "شَوَى أخُوك حتَّى إذا أنضَجَ رَمَّد([9])". فأمَّا قولهم: عام الرَّمادةِ، فقال قومٌ: كان مَحْلاً نزَل بالنّاس له رَمْد، وهو الهلاك. وقال آخرون: سمِّي بذلك لأنَّ الأرضَ صارت من المَحْل كالرَّماد([10]). وقال أبو حاتم: ماءٌ رَمِدٌ، إذا كان آجناً متغيِّراً.

والأصل الثالث: الارْمِدَادُ: شِدّة العَدْو. ويقال ارْمَدَّ الظَّليمُ: أسرَعَ.

(رمز)  الراء والميم والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب. يقال كتيبة رَمَّازة: تموج من نواحِيها. ويقال ضربه فما ارمَأَزَّ، أي ما تحرَّك. وارتَمَز أيضاً: تحرَّك.

ويقولون: إِنّ الرَّاموز: البحر. وأراه في شعر هذَيل.

(رمس)  الراء والميم والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْر. فالرَّمْس: التراب.

والرِّياح الروامسُ: التي تُثير الترابَ فتدفِن الآثار. ويقال رَمَسْتُ على فلانٍ الخبرَ؛ إذا كتَمْتَه إِيَّاه. ورَمَست الرَّجُل وأرمستُه: دفنتُه.

(رمش)  الراء والميم والشين ليس من مَحض اللُّغة، ولا ممّا جاء في صحيح أشعارِهم. على أنَّهم يقولون: الرَّمَش تَفَتُّلٌ في الأشفار، وحُمْرةٌ في الجفون. وربّما قالوا رَمَشَهُ بالحجَر: رماه. وذُكر عن الشيباني: رَمَشَتِ الغنم تَرْمُِش، إذا رعَتْ يسيراً. ويقال: الرَّمَش: بياضٌ يكون في أظفار الأحداث. وحكى اللِّحياني: أرضٌ رَمْشاء: جدبة([11]).

(رمص)  الراء والميم والصاد أُصَيل يدلُّ* على إلقاءِ قَذَىً. يقولون رَمَصَتِ العين، إِذا أخرجت ما يخرُج منها عند الرّمَد. وقال ابن السِّكِّيت: يقال قبَحَ اللهُ أُمّاً رمَصَت به، أي ولدَتْه. وهذا إذا صحَّ فهو على ما ذكرناه من أنَّه مشبّه بقذىً يُرمَى به. ويقال رَمَصَتِ الدّجاجةُ: ذَرَقت.

وفي الباب كلامٌ آخَرُ يدلُّ على صلاحٍ وخير. يقولون: رَمَصْت بينهم، أي أصلَحْت. وربما قالوا: رَمَص الله مُصِيبتَه يَرْمُصها رَمْصاً، إذا جَبَرها.

(رمض)  الراء والميم والضاد أصلٌ مطَّرِدٌ يدلُّ على حِدّةٍ في شيء مِن حرٍّ وغيره. فالرَّمَض: حَرُّ الحجارةِ من شِدّة حَرّ الشمس. وأرضٌ رَمِضَةٌ: حارّة الحجارة. وذكر قومٌ أن رمَضانَ اشتقاقُه من شِدّة الحر؛ لأنَّهم لمَّا نقلوا اسمَ الشُّهور عن اللغة القديمة سَمَّوْها بالأزمنة، فوافق رمضانُ أيّامَ رَمَضِ الحرّ. ويجمع على رَمضانات وأرمِضاءَ. ومن الباب أرمضَهُ الأمرُ ورَمِضَ للأمْرِ.

ورَمِض أيضاً، إذا أحرقَتْه الرَّمْضاء. ويقال رَمَضْتُ اللّحمَ على الرَّضْفِ، إذا أنضجْتَه. ومن الباب سِكِّين رَمِيض. وكلُّ حادٍّ رَمِيضٌ. وقد رَمَضْتُه أنا. ورَمِضَتِ الغنمُ، إذا رعَتْ في شدّة الحَرّ فقرِحت أكبادُها. ويقال: فلانٌ يترمَّضُ الظِّباءَ، إذا تبعها وساقَها حَتَّى تَفَسَّخَ قوائمُها من الرَّمْضاء ثمَّ يأخُذُها. ويقال ارتمَضَ بَطْنُه: فسَدَ، كأنَّ ثَمَّ داءً يُحْرِقُه. فأمّا قولُ القائل: أتيتُ فلاناً فلم أُصِبْه([12]) فرمَّضْتُ ترميضاً، وذلك أن ينتظرَه. وممكنٌ أن يكون شاذّاً عن الأصل. ويمكن أن يكون الميم مبدلةً من باء، كأنّه ربّضت، من رَبَض.

(رمط)  الراء والميم والطاء ليس أصلاً، لكنَّهم يسمُّون ما اجتمع من العُرْفُطِ وغيرِه من شجر العِضاهِ رَمْطاً. وربّما قالوا رَمَطت الرّجلَ، إذا عِبْته رَمْطاً. وفيه نظر.

(رمع)  الراء والميم والعين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وحركةٍ. فالرَّمَّاعةُ من الإنسان: الذي يضطرب من الصبيِّ على يافُوخِه. والرَّمَعَانُ: الاضطِراب. ويقال رَمَعَ أَنْفُ الرّجُل يَرمَع رمَعاناً، إذا تحرَّك من غضبٍ. ومن الباب قَبَحَ الله أمّاً رَمَعَتْ به، أي ولدَتْه. ومن ذلك اليَرْمَع: حجارةٌ بِيضٌ رِقاقٌ تلمَع في الشمس. ومن الباب إن صحّ، الرامِع، وهو الذي يطأطِئُ رأسَه ثم يرفعه. ويقال الرُّماع تغيُّر الوَجْه([13]) والباب كلُّه واحد. ويقولون: المُرَمِّعَة المَهْلكة([14]).

(رمغ)  الراء والميم والغين لا أصلَ لـه، إلا بعض ما يأتي به ابنُ دريدٍ، من رَمَغْتُ الشيءَ، إذا عَركتَه بيدك، كالأديمِ وغيرِه.

(رمق)  الراء والميم والقاف أصلٌ يدلُّ على ضَعفٍ وقِلّة. ويقال ترمَّقَ الرَّجلُ الماءَ وغيرَه، إذا حَسَا حُسْوةً [بَعد أُخرى([15])]. وهو مُرَمَّق العَيش، أي ضيِّقه. وما عَيْشُه إلا رَِماقٌ، يُراد به ما يُمْسِك الرَّمَق. والرَّمَق: باقي النَّفْسِ أو النَّفَس. قال:

وما الناسُ إلا في رَِماقٍ وصالح *** وما العيشُ إلا خِلفَةٌ ودُرُورُ

  ويقولون: "أضرعَتِ المِعْزَى فرمِّقْ رمِّقْ"، أي اشربْ لبنَها قليلاً قليلاً؛ لأنّ المِعزَى تُنْزِلُ قبل نِتاجها بأيّام. والتَّرميق([16]): عملٌ يفعلُه الرجل لا يُحسِنُه. ويقال حبلٌ أرماقٌ، إذا كان ضعيفاً. وقد ارمَاقَّ ارمِيقاقاً.

(رمك)  الراء والميم والكاف أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والثاني لُبْثٌ بمكان. فالأول الرُّمْكة من ألوان الإبل، وهو أشدُّ كدْرةً من الوُرْقة. ويقال جملٌ أرمَكُ. ومنه اشتقاق الرَّامَِك. والرَّمَكة: الأُنثى من البراذين. والأصل الآخر: رَمَكَ بالمكان، وهو رامك.

(رمل)  الراء والميم واللام أصلٌ يدلُّ على رِقّةٍ في شيءٍ يتضامُّ بعضُه إلى بعض. يقال رَمَلت الحصير، وأرملتُ، *إذا سَخَّفْتَ نَسْجَه. قال:

* كأنَّ نَسْجَ العنكبوتِ المُرْمَلِ([17]) *

ثم يشبَّه بذلك، [فالرَّمَل]: القليل الضَّعيف من المطر، وجمعه أرمال. ومن الذي يقرب من هذا الباب الرَّمْل، وهو رَقيق. ومنه ترمَّل القَتيلُ بدمِهِ، إذا تلطخ؛ وهو قياسُ ما ذكَرْناه. ومن الباب الرَّمَل: الهَرْوَلة، وذلك أنه كالعَدْو أو المشْي الذي لا حصافةَ فيه. فأمّا المُرْمِلَ فهو الذي لا زادَ معه، سمِّي بذلك لأحدِ شيئين، إما رِقّةِ حاله، وإمّا للُصوقِه بالرّمل من فَقْره. والأرمَلُ مثلُ المُرمِل. قال جرير:

هَذِي الأراملُ قد قضَّيْتَ حاجتَها *** فمَنْ لحاجةِ هذا الأرمَلِ الذّكَرِ([18])

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "الأرض"، وتصحيح هذه الكلمة والتكملة التي قبلها من المجمل.

([2]) البيت في اللسان (رمث) بدون نسبة.

([3]) البيت لأبي صخر الهذلي، من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 93 وأمالي القالي (1: 148). وبعض أبياتها في اللسان (رمث).

([4]) في الأصل: "وبعمل عليه".

([5]) لم يرد هذا المعنى في اللسان والقاموس. ولم يأت شيء من المادة في الجمهرة.

([6]) الذي في اللسان والقاموس أن "الرمخ": الشجر المجتمع.

([7]) البيت لأبي وجزة السعدي، كما في اللسان (رمد 168). وصدره:

* صببت عليكم حاصبي فتركتكم *

([8]) انظر اللسان (رمد) والحيوان (4: 216/ 5: 405).

([9]) يضرب مثلاً للرجل يعود بالفساد على ما كان أصلحه.

([10]) وقيل سمي به لأنهم  لما أجدبوا صارت ألوانهم كلون الرماد.

([11]) في القاموس: "وأرض رمشاء: ربشاء، أو جدبة، كأنه ضد". وذلك لأن الربشاء بالباء: الكثيرة العشب. وقد اقتصر في اللسان على أنها الكثيرة العشب، قال: "وسنة ربشاء ورمشاء. وبرشاء: كثيرة العشب".

([12]) في الأصل: "فلم تصبه".

([13]) في اللسان: "والرماع: داء في البطن يصفر منه الوجه". وفي القاموس: "وجع يعترض في ظهر الساقي حتى يمنعه من السقي... واصفرار وتغير في وجه المرأة من داء يصيب بظرها".

([14]) المهلكة، بتثليث اللام: المفازة. والمرمعة، لم ترد في اللسان. وفي القاموس: "والمرمعة كمحدثة: المفازة".

([15]) التكملة من اللسان.

([16]) في الأصل: "والرميق"، صوابه من اللسان والقاموس.

([17]) البيت في اللسان (رمل، غزل). مع نسبته في (غزل) إلى العجاج. انظر ديوانه 47. وأنشده في المخصص (17: 17) وذكر أنه إنما جر "المرمل" على الجوار. وذلك لأن المرمل من صفة النسج، فكان حقه النصب، لكن كذا روي بفتح الميم.

([18]) ليس في ديوان جرير. وروايته في اللسان (رمل): "كل الأرامل".

 

 

ـ (باب الراء والنون وما يثلثهما)

(رني)  الراء والنون والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، يدلُّ على النّظَر: يقال رنا يرنُو، إذا نظَرَ، رُنُوّاً. والرَّنَا: الشيء الذي تَرْنُو إليه، مقصور. وظلَّ فلانٌ رانياً، إذا مدّ بصرَه إلى الشيء. ويقال أرْنانِي حُسْنُ ما رأيت، أي أعجَبَني. وفُسِّر قولُ ابنِ أحمرَ على هذا:

مَدَّت عليه المُلْكَُ أطنابَها *** كأس رَنَوْناةٌ وطِِرفٌ طِِِمِرّْ([1])

  ويقال إنه لم يسمعْ إلا منه، وكأنه الكأس التي يرنُو لها مَن رآها إعجاباً منه بها. ويقال فلان رَنُوُّ فلانةَ، إذا كان يُديم النظرَ إليها. واليَُرَنَّأ: الحِنّاء، يجوز أن يكون من الباب، ويجوز أن يقال هو شاذّ. ومما شذّ عن الباب الرُّنَاء: الصَّوت.

(رنب)  الراء والنون والباء كلمةٌ واحدةٌ لا يشتقّ منها ولا يقاس عليها، لكن يشبَّه بها. فالأرنب معروف، ثم شبهت به أرنَبَة الأنْف، وأرنبة الرَّمل، وهي حِقْفٌ منه منحنٍ. يقولون كِساءٌ مؤرنَب، للذي([2]) خُلِط غَزْله بوبَر الأرانب. وأرض مُؤَرنِبةٌ: كثيرة الأرانب. والأرنَب: ضربٌ من النَّبات.

(رنح)  الراء والنون والحاء أصلٌ يدلُّ على تمايلٍ. يقال ترنَّحَ، إذا تمايَل كما يترنَّحُ السكران. ويقال رُنِّحَ فلانٌ، إذا اعتراه وَهْن في عظامِه، فهو مرنَّح. قال الطرِمَّاح:

وناصِرُكَ الأدنَى عليه ظَعينةٌ *** تَميدُ إذا استعبَرْتَ مَيْدَ المرنَّحِ([3])

  (رنخ)  الراء والنون والخاء ليس أصلاً، إلا أَن يكون شيءٌ من باب الإبدال يُحمل على الباب الذي قَبْلَه، فيدلُّ على فتورٍ وضعف. يقولون: الرانخ: الفاتر الضَّعيف. يقال رَنَخَ، إذا ضَعُف. وربما قالوا رنَّخْتُ الرجلَ ترنيخاً، إذا ذَلَّلْتَه، فهو مرنَّخ.

(رند)  الراء والنون والدال أُصَيلٌ يدلُّ على جنسٍ من النَّبت. يقولون: الرَّنْد: شجرٌ طيِّب من شجر البادية.

وحدَّثَنا عليُّ بن إبراهيم، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيدٍ عن الأصمعيّ قال: ربما سمَّوْا عُود الطِّيب رَنْداً. يعني الذي يُتبخَّر به. قال: وأنْكَر أن يكون الرّنْد الآس. وقال الخليل: الرَّنْد ضرب من الشجر، يقال هو الآس. وأنشد:

* على فَنَنٍ غَضِّ النّباتِ من الرَّنْدِ([4]) *

فأما قول الجعديّ:

أَرِجَاتٍ يَقْضَمْنَ مِن قُضُبِ الرَّنْـ *** ـدِ بثَغْرٍ عَذْبٍ كشَوْك السَّيَالِ([5])

  فإنه يدلُّ على أنَّ الرَّنْد [ليس([6])] بالآسِ.

(رنف)  الراء والنون والفاء أُصَيلٌ واحدٌ يدلُّ على ناحيةٍ من شيءٍ. فالرَّانِفة: ناحية الألْية. وقال الخليل: الرَّانفة جُلَيدةُ طرَفِ الرَّوْثة. وهي أيضاً طرَفُ غُضروف الأُذن. والرانفة: ألْيَة اليَد([7]). وقال أبو حاتم: رانفة الكَبد: مارقَّ منها. وذُكر عن اللِّحياني أنّ روانفَ الآكام رُؤوسها. فأما الرَّنْفُ فيقال هو بَهرامَج البَرّ. وليس بشيء.

(رنق)  الراء والنون والقاف أَصلٌ واحدٌ يدلُّ على اضطرابِ شيءٍ متغيّر له صفْوُهُ* إن كان صافياً. من ذلك الرَِّنَْقُ، وهو الماء الكدِر؛ يقال رَنِقَ الماء يَرْنَقُ رَنَقاً. ورَنَّق النومُ في عينه، إذا خالطها. والتَُّرْنُوق([8]): الطِّين الباقي في مَسِيل الماء. والذي قلناه من الاضطراب فأصله قولهم رَنَّق الطائر: خفَق بجناحه ولم يطِرْ.

(رنع)  الراء والنون والعين كلمةٌ واحدة صحيحة، وهي المَرْنَعة لأَِصْواتٍ تكون لَعِباً ولَهواً. قاله الفرّاء. وقال أبو حاتم: رنَعَ الحَرْث، إذا احتبَس الماءُ عنه فضَمَُر. وفيه نظر.

(رنم)  الراء والنون والميم أُصَيلٌ صحيح في الأصوات. يقال ترنَّمَ، إذا رجَّع صوتَه. وترنمَ الطائر في هديره. وترنّمتِ القوسُ، شُبّه صوتُها عند الإنباض عنها بالترنُّم. قال الشماخ:

إذا أنْبَضَ الرَّامُونَ عنها ترنَّمَتْ *** ترنُّم ثَكْلَى أوجعَتْها الجنائزُ([9])

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "مدت عليك"، صوابه من اللسان (طمر، رنا). وفي اللسان تفصيل في إعرابه. ومن الأبيات التي قبله: إن امرأ القيس على عهده *** في إرث ما كان أبوه حجر

 ([2]) في الأصل: "يقول كساء مؤرنب الذي".

([3]) ديوان الطرماح 71 واللسان (رمح).

([4]) البيت لعبد الله بن الدمينة في ديوانه 29 والحماسة (2: 101). وصدره:

* أأن هتفت ورقاء في رونق الضحى *

([5]) السيال، كسحاب: شجر سبط الأغصان عليه شوك أبيض أصوله أمثال ثنايا العذارى.

([6]) التكملة من المجمل.

([7]) ألية اليد، هي اللحمة التي في أصل الإبهام.

([8]) الترنوق، بفتح التاء وتضم، وكذينك الترنوقاء بالضم.

([9]) البيت في ديوان الشماخ 49 واللسان (جنز).

 

 

ـ (باب الراءِ والهاءِ وما يثلثهما)

(رهو)  الراء والهاء والحرف المعتل أصلان، يدلُّ أحدُهما على دَعَةٍ وخَفْضٍ وسكون، والآخرُ على مكانٍ قد ينخفض ويرتفع.

فالأوّل الرَّهْو: البحر الساكن. ويقولون: عيشٌ راهٍ، أي ساكن. ويقولون: أَرْهِ على نفسك، أي ارفُقْ بها. قال ابن الأعرابيِّ: رَها في السَّير يرهُو، إذا رفَق. ومن الباب الفرس المِرْهاءُ([1]) في السَّير، وهو مِثل المِرْخاء. ويكون ذلك سرعةً في سكونٍ من غير قلق.

وأما المكان الذي ذكرناه فالرَّهْو: المنخفِض من الأرض، ويقال المرتفِع. واحتج قائل القول الثاني بهذا البيت:

* يظلُّ النِّساء المرضِعاتُ برهْوَةٍ([2]) *

قال: وذلك أنَّهنّ خوائفُ فيطلُبْن المواضعَ المرتفِعة. وبِقول الآخَر:

فجلّى كما جلَّى على رأْسِ رهوةٍ *** من الطَّير أقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أزرقُ([3])

  وحكى الخَليل: الرَّهْوة: مستنقَعْ الماء، فأمّا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين سُئل عن غَطَفان فقال: "رَهْوَةٌ تَنْبُِعُ ماءً"، فإنه أراد الجبلَ العالي. ضرب ذلك لهم مثلاً([4]). وقد جاءَ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أكَمَةٌ خَشْناء تنفِي النَّاسَ عنها". قال القُتَيبيّ: الرَّهوة تكون المرتفِعَ من الأرض، وتكون المنخفضَ. قال: وهو حرفٌ من الأضداد. فأمّا الرَّهاء فهي المَفازة المستوية قَلَّما تخلو من سَراب.

ومما شذّ عن البابين الرَّهْو: ضربٌ من الطّير. والرَّهو: نعت سَوءٍ للمرأة. وجاءت الخيل رهْواً، أي متتابعة.

(رهأ)  الراء والهاء والهمزة لا تكون إلاّ بدَخيل([5])، وهي الرَّهْيأَة، وذلك يدلُّ على قلَّة اعتدالٍ في الشيء. فالرَّهْيأة: أن يكون أحد عِدْلي الحِمل أثْقَل من الآخَر. رَهْيَأْتَ حِمْلك؛ ورهيَأْتَ أمرك، إذا لم تقوِّمْه. والرَّهيأة: العجْز والتّوانِي. ويقال ترهْيأَ في أمرِه، إذا همَّ به ثُمَّ أمسَكَ عنه. ومنه الرَّهيأة: أنْ تَغرورِقَ العينانِ. وتَرَهْيَأت السّحابةُ، إِذا تمخَّضَتْ للمطر.

(رهب)  الراء والهاء والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على خوفٍ، والآخَر على دِقّة وخِفَّة.

فالأوَّل الرَّهْبة: تقول رهِبْت الشيءَ رُهْباً ورَهَباً ورَهْبَة. والترهُّب: التعبُّد. ومن الباب الإِرهاب، وهو قَدْع الإِبل من الحوض وذِيادُها.

والأصل الآخر: الرَّهْب: الناقة المهزولة. والرِّهاب: الرِّقاق من النِّصال؛ واحدها رَهْبٌ. والرَّهاب: عظمٌ في الصَّدر مشرفٌ على البَطن مثلُ اللِّسان.

(رهج)  الراء والهاء والجيم أُصَيلٌ يدلُّ على إِثارة غبارٍ وشبهِه. فالرَّهَج: الغُبار.

(رهد)  الراء والهاء والدال أُصَيلٌ يدل على نَعْمةٍ، وهي الرَّهادة. ويقال هي رَهيدة([6])، أي رَخْصة. فأمَّا ابن دريد فقد ذكر ما يقارب هذا القياس، قال: يقال* رَهَدْتُ الشّيءَ رَهْداً، إذا سحَقْتَه سَحْقاً شديداً([7]). قال: والرَّهيدة: بُرٌّ يُدقُّ ويصَبُّ عليه اللَّبَن.

(رهز)  الراء والهاء والزاء كلمة تدلُّ على الرّهْز، وهو التحرُّك.

(رهس)  الراء والهاء والسين أصلان: أحدهما الامتلاء والكثرة، والآخَر الوطء.

فالأول قولهم: ارتهَسَ الوادي: امتلأ. وارتهَسَ الجرادُ: ركِب بعضُه بعضاً.

والأصل الآخر: الرَّهْس: الوطء. ومنه الرجُل الرَّهْوَس([8]): الأكول.

(رهش)  الراء والهاء والشين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتحرُّك. فالارتهاش: أن تصطدم يدُ الدابة في مَشْيِه فتعقِر رواهِشَه، وهي عصَب باطن الذِّراع. قال الخليل: والارتهاش ضربٌ من الطَّعْن في عَرْض. قال:

أبا خالدٍ لولا انتظارِيَ نصرَكُمْ *** أخذْتُ سِناني فارتهشْتُ به عَرْضا([9])

 قال: وارتهاشُه: تحريك يدَيه. ومن الباب رجل رُهْشُوشٌ: حَيٌّ([10]) كريم كأَنه يهتزّ ويرتاح للكرم والخير. ومن الباب المرتَهِشة، وهي القوس التي إذا رُمِيَ عنها اهتزَّتْ فضرب وترُها أبْهَرَها. والرَّهيس: التي يُصيب وترُها طائفَها. ومن الباب ناقةٌ رُهشوشٌ: غزيرة.

(رهص)  الراء والهاء والصاد أصلٌ يدلُّ على ضَغْط وعصر وثَباتٍ. فالرَّهْص، فيما رواه الخليل: شِدّة العَصْر. والرَّهَص: أن يُصيب حجرٌ حافراً أو مَنْسِماً فيدوَى باطِنُه. يقال رَهَصه الحجر يرهَصُه، من الرَّهصَة. ودابَّةٌ رهيص: مرهوصة. والرَّواهص من الحجارة: التي ترهَصُ الدوابَّ إذا وطِئَتْها، واحدتها راهصة. قال الأعشى:

فعَضَّ حَديد الأرْضِ إن كنتَ ساخطاً *** بفيك وأحجارَ الكُلابِ الرَّوَاهصا([11])

  وكان "الأسد الرَّهيص" من فُرْسان العرب([12]). والمَرْهَص: موضع الرَّهْصة. وقال:

* على جبالٍ ترهَص المَرَاهصا([13]) *

والرِّهْص: أَسفلُ عِرْقٍ في الحائط. ويَرْهَصُ([14]) الحائط بما يقيمه.

والمَرَاهص: المراتب، يقال مَرهَصةٌ ومراهص، كقولك مرتَبة ومراتب.

  ويقال: كيف مرهَصَةُ فلانٍ عند الملك، أي منزلتُه. قال:

رمى بِكَ في أُخراهُم تَركُكَ العُلَى *** وفُضِّلَ أقوامٌ عليك مَرَاهِصا([15])

  (رهط)  الراء والهاء والطاء أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في النّاسِ وغيرِهم. فالرَّهط: العِصابة من ثلاثةٍ إلى عَشرة. قال الخليل: ما دون السَّبعة إلى الثلاثةِ نفرٌ. وتخفيف الرَّهط أحسن من تثقيله([16]). قال والترهيط: دَهْوَرةُ اللُّقْمَةِ وجَمْعُها([17]). قال:

* يا أيُّها الآكلُ ذو التَّرهِيط([18]) *

والرَّاهطاء: جُحْرٌ من جِحْرة اليَربوع بين النّافقاء والقاصعاء، يَخْبَأُ فيه أولادَه. وقال: والرِّهاط: أديمٌ يُقطَع كقَدْر ما بين الحُجْزة إلى الرُّكْبة، ثم يُشقَّق كأمثال الشُّرُك، تلبَسه الجارية. قال:

بِضربٍ تَسْقُطُ الهاماتُ منه *** وطعنٍ مثلِ تعْطيط الرِّهاطِ([19])

  والواحد رَهْطٌ([20]). وَقال:

متى ما أَشَأْ غَيْرَ زَهْوِ المُلُو *** كِ أجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ([21])

  قال الخليل: والرِّهاط واحدٌ، والجمع أرهطة. قال: ويجوز في العشيرة أن تقول هؤلاء رَهْطك وأرْهُطُك، كلُّ ذلك جميعٌ، وهم رجال عشيرتك. وقال:

يا بُؤْسَ للحربِ التي *** وضعَتْ أراهِط فاستراحُوا([22])

أي أراحتْهم من الدُّنيا بالقَتْل. ويقال لِراهِطاء اليَربوع رُهَطَةٌ أيضاً.

(رهق)  الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان: فأحدهما غِشيان الشّيءِ الشيءَ، والآخر العَجلة والتأخير([23]).

فأمَّا الأوّل فقولُهم: رَهِقَه الأمرُ: غَشِيَه. والرَّهُوق من النُّوق: الجوادُ الوَسَاعُ التي تَرْهَقُك إِذا مددتَها، أي تغشاك لسَعَة خَطْوها. قال الله جلّ ثناؤه: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} [يونس 26]. والمرَاهِق: الغلام الذي دَانَى الحُلُم. ورجلٌ مُرَهَّق: تنزل به* الضِّيفَانُ. وأرهق القومُ الصّلاةَ: أخَّروها حتى يدنُوَ وقتُ الصّلاةِ الأُخرى. والرَّهَق: العَجَلة والظُّلم. قال الله تعالى: {فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً([24])}[الجن 13]. والرَّهَق: عجلةٌ في كذب وعَيب. قال:

* سليم جنب الرّهَقا([25]) *

(رهك)  الراء والهاء والكاف أصل يدل على استرخاء. فالرَّهْوَك([26]): السَّمين من الجِداء والظِّباء([27]). والتَّرَهْوُك: التحرُّك في رَخاوة. ويقولون: رهَكْت الشَّيءَ، إذا سَحَقْتَه.

(رهل)  الراء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على استرخاء. فالرَّهَل: الاسترخاء من سِمَن. يقال فرسٌ رهِلُ الصَّدْر.

أنشدنا أبو الحسن القَطَّان، قال أنشدنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيدٍ، عن الفرّاء:

فتىً قُدَّ قَدَّ السّيفِ لا متآزِفٌ *** ولا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدِلُه([28])

  (رهم)  الراء والهاء والميم يدلُّ على خِصْبٍ ونَدىً. فالرِّهْمَة: المَطْرة الصَّغيرةُ القَطْر؛ والجمعُ رِهَمٌ ورِهام. وروضة مَرْهُومَةٌ. وأَرْهَمَتِ السّماء: أتت بالرِّهام. ونزلنا بفلانٍ فكُنّا في أرهَمِ جانِبَيه، أي أخصبهما.

(رهن)  الراء والهاء والنون أصلٌ يدل على ثباتِ شيءٍ يُمسَك بحقٍّ أو غيره. من ذلك الرَّهْن: الشيءُ يُرْهَن. تقول رهَنْت الشيءَ رهْناً؛ ولا يقال أرهَنْتُ. والشيء الرَّاهن: الثابت الدائم. ورَهَن لك الشيءُ: أقام. وأرهنْتُه لك: أقمتُه. وقال أبو زيد: أرْهَنْتُ في السِّلعة إرهاناً: غالَيْتُ فيها. وَهو من الغَلاء خاصَّة. قال:

* عِيدِيَّةً أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانيرُ([29]) *

وعبارة أبي عُبيدٍ في هذا عبارة شاذّة. لكنّ ابن السكّيت وغيره قالوا: أُرْهِنَتْ أُسْلِفَتْ. وهذا هو الصَّحيح. قالوا كلُّهُم: أرهَنْتُ ولَدي إرهاناً: أخْطَرْتُهُمْ([30]). فأمّا تسميتهم المهزُولَ من الناس [و] الإبلِ راهناً، فهو من الباب؛ لأنَّهم جعلوه كأنّه من هُزاله يثبُت مكانَه لا يتحرَّك. قال:

إمَّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ *** هَزْلاً وما مجدُ الرِّجال في السِّمَنْ([31])

  يقال منه رَهَنَ رُهوناً.

ــــــــــــــــــ

([1]) بدلها في القاموس: "المرهاة". واقتصر في اللسان على "مره" من أرهى.

([2]) البيت في اللسان (رهو) بدون نسبة. وهو لبشر بن أبي خازم، من قصيدة في المفضليات.

2: 129-133). وعجزه: * تفزع من خوف الجبان قلوبها *

([3]) البيت لذي الرمة في ديوانه 400 واللسان (رها، قنا). ورواية الديوان واللسان: "نظرت كما جلى".

([4]) وفسر "رهوة" في الحديث أيضاً بأنه جبل معين.

([5]) كذا. ولعل في الكلام بعده سقطا.

([6]) في الأصل: "رهدة"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

([7]) بعده في الجمهرة (2: 259): "زعموا مثل الرهك سواء".

([8]) الرهوس، كجرول. ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.

([9]) البيت في المخصص (6: 67) واللسان (رهش).

([10]) في الأصل: "حتى"، صوابه في اللسان

([11]) ديوان الأعشى 110 واللسان (رهص).

([12]) اسمه جبار بن عمرو بن عميرة، شاعر جاهلي. انظر الاشتقاق 231.

([13]) في الأصل: "الرواهصا".

([14]) في المجمل واللسان: "ورهصت".

([15]) البيت للأعشى في ديوانه 109 واللسان (رهص).

([16]) أي من أن يقال "رهط" بفتح الهاء.

([17]) الدهورة: التكبير. وفي الأصل: "هورة اللقمة"، صوابه من اللسان.

([18]) البيت في اللسان (رهط).

([19]) أنشده في اللسان (رهط، عطط). ونسبه في الموضع الأخير إلى المتنخل الهذلي. وقصيدة المتنخل في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين ص 89 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 48. وروايته فيهما: * بضرب في الجماجم ذي فروغ *

([20]) في الأصل: "رهطة"، صوابه من اللسان والقاموس.

([21]) البيت لأبي المثلم الهذلي، كما في اللسان (رهط). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 51.

([22]) البيت أول أبيات لسعد بن مالك بن ضبيعة. انظر الحماسة (1: 192).

([23]) في الأصل: "في التأخير".

([24]) من الآية 13 في سورة الجن.

([25]) لم أهتد إلى مرجع لتحقيق هذا.

([26]) ذكرت في القاموس ولم تذكر في اللسان.

([27]) بعد هذا الكلمة في الأصل: "والترهوك السمين"، وهي عبارة مقحمة أخذت مما بعدها وما قبلها.

([28]) البيت للعجير السلولي، أو زينب أخت يزيد بن الطثرية، كما في اللسان (أزف، بأدل، رهل).

([29]) صدره كما في اللسان (رهن): * يطوي ابن سلمى بها من راكب بعدا *

أو: *ظلت تجوب بها البلدان ناجية *

([30]) أي جعلت لهم خطراً يستبقون إليه.

([31]) البيتان في اللسان (رهن)، وقد سبق أولهما في (خل 156) من هذا الجزء.

 

 


ـ (باب الراء والواو وما يثلثهما)

(روي)  الراء والواو والياء أصلٌ واحد، ثمّ يشتق منه. فالأصل ما كان خِلافَ العَطَش، ثم يصرَّف في الكلام لحامِلِ ما يُرْوَى منه.

فالأصل رَوِيتُ من الماء رِيّاً. وقال الأصمعي: رَوَيْت على أهلي أَرْوِي رَيّاً. وهو راوٍ من قومٍ رُواةٍ، وهم الذين يأتونهم بالماء.

فالأصل هذا، ثمّ شبِّه به الذي يأتي القومَ بِعْلمٍ أو خَبَرٍ فيرويه، كأنَّه أتاهم برِيِّهم من ذلك.

([روب])  . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .([1])

أعِرْني رُؤبة فرسِك. ويقال: فلانٌ لا يقوم برُوبة أهله، أي بما أسنَدُوه إليه من حاجاتهم، كأنه شبِّه ذلك باللَّبن. وقال ابنُ الأعرابيّ: رُوبَة الرجل: عَقْله. قال بعضهم وهو يحدِّثني: وأنا إذْ ذاكَ غلامٌ ليست لي رُوبة. فأمّا الهمزة التي في رُؤْبة فهي تجيء في بابِه.

(روث)  الراء والواو والثاء كلمتان متباينتان جِداً. فالرَّوْثة: طرف الأرنَبة. والواحدة من رَوْث الدّوَابّ.

(روج)  الراء والواو والجيم ليس أصلاً. على أنّ الخليل ذكر: روَّجْتُ الدّراهِمَ، وفلانٌ مُروِّج. ورَاجَ الشيءُ يروجُ، إذا عُجِّل به. وكلٌّ قد قيل، والله أعلَمُ بصحّته، إلاّ أني أراه كلَّه دخيلا.

(روح)  الراء والواو والحاء أصلٌ كبير مطّرد، يدلُّ على سَعَةٍ وفُسْحَةٍ واطّراد. وأصل [ذلك] كلِّه الرِّيح. وأصل الياء في الريح الواو، وإنّما قلبت ياءً لكسرة ما قبلها. فالرُّوح رُوح الإِنسان، وإنّما هو مشتق من الرِّيح، وكذلك الباب كلّه. والرَّوْح: نسيم الرِّيح. ويقال أراحَ الإنسانُ، إذا تنفَّسَ. وهو في شعر امرئ القيس([2]). ويقال أرْوَحَ الماءُ وغيرُه: تغيَّرتْ* رائحته.

والرُّوح: جَبْرَئِيل([3]) عليه السلام. قال الله جلَّ ثناؤُه: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ اْلأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء 193- 194]. والرَّواح: العشِيُّ؛ وسمِّي بذلك لرَوحِ الرِّيح، فإنَّها في الأغلب تَهُبّ بعد الزّوال. وراحوا في ذلك الوقتِ، وذلك من لَدُنْ زوالِ الشّمس إلى الليل. وأرحْنَا إبلَنا: ردَدْناها ذلك الوقتَ. فأما قولُ الأعشى:

ما تَعِيفُ اليَوْمَ في الطّيرِ الرَّوَحْ *** مِن غُراب البينِ أو تيسٍ بَرَحْ([4])

  فقال قومٌ: هي المتفرِّقة. وقال آخرون: هي الرّائحةُ إلى أوكارها. والمُرَاوَحَةُ في العمَلَيْن: أنَ يعْمل هذا مرةً و[هذا] مَرَّة. والأرْوَح: الذي في صُدور قدميه انْبساط. يقال رَوِحَ يَرْوَحُ رَوحاً. وقَصْعةٌ رَوْحاء: قريبة القَعر. ويقال الأرْوَح من النّاس: الذي يتباعد صُدورُ قدمَيه ويتدانى عَقِباه؛ وهو بَيِّن الرَّوَح. ويقال: فلانٌ يَرَاحُ للمعروف، إذا أخذَتْه لـه أرْيَحِيّة. وقد رِيحَ الغَدير: أصابته الرِّيح. وأرَاحَ القومُ: دخلوا في الرِّيح. ويقال للميِّت إذا قَضى: قد أراحَ. ويقال أرَاحَ الرّجُل، إذا رجعت إليه نَفْسُه بعد الإعياء. وَأَرْوَحَ الصَّيدُ، إذا وجَدَ رِيحَ الإنسيّ. ويقال: أتانا وما في وجهه رائِحةُ دمٍ([5]). ويقال أَرَحْتُ على الرّجُل حَقَّهُ، إذا ردَدْتَه إليه. وأفعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ، أي في سهولة. والمَرَاح: حيث تأوِي الماشيةُ باللَّيل. والدُّهْن المروَّح: المطيَّب. وقد تَروَّحَ الشّجر، ورَاح يَرَاح، معناهما أن يَتَفَطَّر بالورق([6]). قال:

* رَاحَ العِضاهُ بهمْ والعِرقُ مَدخُول([7]) *

أبو زيد: أروَحَنِي الصَّيدُ إرواحاً، إذا وجَدَ رِيحك. وأرْوَحْتُ من فلانٍ طِيباً. وكان الكسائيّ يقول: "لم يُرِحْ رائحةَ الجنّة" من أَرَحْت. ويجوز أن يقال "لم يَرَح" من رَاحَ يَرَاحُ، إذا وجَدَ الرِّيح([8]). ويقال خرجُوا برِيَاح من العشي وبرَوَاحٍ وإرْواح([9]). قال أبو زيد: راحَت الإِبل تَرَاح، وارحْتُها أنا، مِن قوله جلُّ جلالُه: {حِينَ تُرِيحُونَ} [النحل 6]. ورَاحَ الفَرَسُ يَرَاحُ راحةً، إِذا تحصَّنَ. والمَرْوَحة: الموضع تخترق فيه الرِّيح. قيل: إنّه لعمر بن الخطاب وقيل بل تمثّلَ به([10]):

كأَنَّ راكبَها غُصْنٌ بِمَرْوَحَةٍ *** إذا تَدَلَّتْ به أو شاربٌ ثَمِلُ([11])

  والرَّيِّح: ذو الرَّوْحِ؛ يقال يومٌ رَيِّح: طيّب. ويوم رَاحٌ: ذو رِيح شَديدة. قالوا: بُنِيَ على قولهم كَبْشٌ صافٌ كثير الصُّوف. وأمَّا قولُ أبي كبيرٍ([12]):

وماءٍ وردتُ على زَُوْرةٍ *** كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا([13])

  فذلك وِجْدانُه الرَّوْح. وسُمِّيت الترويحة في شهر [رمضان] لاستراحة القومِ بعد كلِّ أربع ركَعات. والرَّاحُ: جماعةُ راحة الكفّ. قال عبيد:

دانٍ مسِفٍّ فُويقَ الأرضِ هَيْدَبُه *** يكادُ يدفَعُه مَن قام بالرَّاحِ([14])

  الرَّاح: الخمر. قال الأعشى:

وقد أشْرَبُ الرَّاح قد تعلميـ *** ـنَ يومَ المُقَام ويوم الظَّعَنْ([15])

  وتقول: نَزَلَتْ بفُلانٍ بَلِيَّةٌ فارتاح الله، جلَّ وعزّ، له برحمةٍ فأنقَذَه منها. قال العجّاج:

فارتاحَ ربِّي وأرادَ رحمتي *** ونِعمَتِي أتَمَّها فَتَمَّتِ([16])

  قال: وتفسير ارتاح: نَظَر إليَّ ورَحِمَنِي. وقال الأعشى في الأريحيّ:

أريحِيُّ صَلْتٌ يظَلُّ لـه القَوْ *** مُ رُكوداً قِيامَهُمْ للهِلالِ([17])

  قال الخليل: يقال لكلِّ شيءٍ واسعٍ أََرْيَحُ، ومَحْمِلٌ أَرْيَح. وقال بعضُهم: مَحْمِلٌ أَرْوَحُ. ولو كان كذلك لكان ذمَّهُ؛ لأنَّ الرَّوَح الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِل. قال الخليل: الأريحيُّ مأخوذٌ مِن رَاحَ يَرَاح، كَما يقال للصَّلْت أَصْلَتِيٌّ.

(رود)  الراء والواو والدال معظمُ بابِه [يدلُّ] على مجيءٍ وذَهابٍ من انطلاقٍ في جهة واحدة. تقول: راودْتُه على أن يَفعل كذا، إِذا أردْتَه على فعله. والرَّوْد: فِعلُ الرَّائد. يقال بعثْنا رائداً يرُودُ الكلأَ، أي ينظُر* ويَطْلُب.والرِّياد: اختلافُ الإبل في المرعَى مُقْبلةً ومدبرة. رادَتْ تَرُودُ رِياداً. والمَرَاد: الموضعُ الذي ترُودُ فيه الرَّاعية. ورادَت المرأةُ تَرودُ، إذا اختلفَتْ إلى بيوت جاراتها. والرَّادَة: السَّهلة من الرِّياح، لأنها تَرُودُ لا تَهُبُّ بِشدّة. ورائِدُ العَين: عُوَّارها الذي يَرُود فيها. وقال بعضهم: الإرادة أصلها الواو، وحجته أنَّك تقول راوَدْته على كذا. والرَّائد: العُود الذي تُدار به الرَّحَى. فأمّا قول القائل في صفة فرسٍ:

* جَوَادَ المَحَثَّة والمُرْوَدِ([18]) *

فهو من أَروَدْت في السَّير إرواداً ومُرْوَداً. ويقال مَرْوَداً أيضاً. وذلك من الرِّفْق في السَّير. ويقال "رَادَ وِسادُه"، إذا لم يستقرَّ، كأنّه يجيء ويَذهب([19]). ومن الباب الإرواد في الفعل: أن يكون رُوَيداً. وراودتُه على أنْ يفعل كذا، إذا أردْتَه على فعلِه. ومن الباب جاريةٌ رُودٌ([20]): شابّة. وتكبير رويدٍ رُودٌ. قال:

* كأنَّها مِثْلُ مَنْ يَمشِي على رُودِ([21]) *

والمِرْود: المِيل.

(روز)  الراء والواو والزاء كلمةٌ واحدة، وهي تدلُّ على اختبار وتجريب. يقال رُزْت الشّيءَ أَرُوزُه، إذا جرَّبْتَه.

(روض)  الراء والواو والضاد أصلانِ متقاربانِ في القياس، أحدهما يدلُّ على اتّساعٍ، والآخَرُ على تلْيِينٍ وتسهيل.

فالأولُ قولهم استراض المكانُ: اتّسَعَ. قال: ومنه قولهم: "افعل كذا ما دامَ النَّفَسُ مستَرِيضاً"، أي متَّسعاً. قال:

أَرَجَزاً تُرِيدُ أم قَرِيضَا *** كلاهُما أُجِيدُ مُستَرِيضا([22])

ومن الباب الرَّوضة. ويقال أرَاضَ الوادِي واستراضَ، إذا استَنْقَعَ فيه الماء. وكذلك أراضَ الحوضُ. ويقال للماء المستنقِع المنبسِط رَوْضَة. قال:

* ورَوْضَةٍ سَقَيْتُ منها نِضْوِي([23]) *

ومن الباب أتانا بإناءٍ يُرِيضُ كذا [وكذا([24])]. وقد أراضَهم، إذا أرواهم. وأما الأصل الآخَر: فقولهم رُضْتُ النّاقَة أرُوضُها رياضةً.

(روع)  الراء والواو والعين أصلٌ واحد يدلُّ على فزَع أو مُستَقَرِّ فزَع. من ذلك الرَّوْع. يقال رَوَّعت فُلاناً ورُعْتُه: أفزَعْتُه. والأرْوَع من الرجال: ذو الجِسم والجَهَارَة، كأنَّه مِن ذلك يَرُوع مَن يراه. والرَّوْعاء([25]) من الإبل: الحديدة الفؤاد، كأنَّها ترتاعُ من الشيءِ. وهي من النِّساء التي تَرُوع الناسَ، كالرّجُل الأرْوَع.

وأمَّا المعنى الذي أومَأْنا إليه في مستَقَرِّ الروع فهو الرُّوع. يقال وقَعَ ذلك في رُوعِي. وفي الحديث: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي: إنّ نفساً لن تَموتَ حتَّى تستكمِلَ رِزْقها. فاتَّقُوا الله وأَجْمِلوا في الطّلَب".

(روغ)  الراء والواو والغين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيْل وقلّة استقرار. يقال راغَ الثّعلبُ وغيرُه يَرُوغُ. وطريقٌ رائغٌ: مائل. وراغَ فلانٌ إلى كذا. إذا مالَ سِرّاً إليه. وتقول: هو يُدِيرُني عن أمري وأَنا أُريغه. قال:

يُدِيرُونَنِي عن سالِمٍ وأُرِيغُهُ *** وجلدةُ بَيْنِ العَينِ والأنْفِ سالمُ([26])

  ويقال رَوَّغْت اللُّقْمةَ بالسَّمن أروِّغُها ترويغاً، إذا دَسَمْتَها. وهو إذا فعل ذلك أَدارَها في السَّمْن إِدارة.

ومن البابَ: راوغ فلانٌ فلاناً، إذا صارعه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُرِيغ الآخَر، أي يُديرُه. ويقال: هذه رِواغة بني فلان ورِياغتهم: حيث يصْطَرِعُون.

(روق)  الراء والواو والقاف أصلان، يدلُّ أحدُهما على تقدُّمِ شيءٍ، والآخَرُ على حُسْنٍ وجمال.

فالأوَّل الرَّوْق والرُِّواق: مُقدَّم البَيت. هذا هو الأصل. ثمّ يحمل عليه كلُّ شيءٍ فيه أدنى تقدُّم. والرَّوْق: قَرن الثَّور. ومَضَى رَوْقٌ من اللَّيل، أي طائفة منه، وهي المتقدِّمة. ومنه رَوْق الإنسان شبابُه؛ لأنه متقدِّمُ عُمره. ثم يستعار الرَّوْق للجِسم فيقال*: "أَلقَى عليه أوراقَه". والقياس في ذلك واحدٌ. فأمّا قولُ  الأعشَى:

ذاتِ غَرْبٍ تَرمِي المقدَّمَ بالرِّدْ *** فِ إذا ما تتابع الأرواقُ([27])

  ففيه ثلاثةُ أقوال:

الأوّل أنّه أراد أرواقَ اللَّيل، لا يمضي رَوْقٌ من الليل إلا يَتبَعُه رَوْق .

والقول الثاني: أنَّ الأَرْواق الأجساد إِذا تدافعَتْ في السَّير.

والثالث: أنَّ الأرواق القُرون، إنَّما أراد تزاحُمَ البقَرِ والظِّباء من الحَرِّ في الكِناس. [فمن قال هذا القولَ جعَلَ تمامَ المعنَى في البيت الذي بعده، وهو قوله([28])]:

[في مَقيلِ الكِناس([29])] إذْ وَقَدَ الحَرُّ إذا الظِّلُّ أحرزَتْه السّاقُ كأنّه قال: تتابَعَ الأرواقُ في مَقِيلها في الكِناس.

ومن الباب الرَّوَق، وهي أن تَطُول الثّنايا العُليا السُّفلَى.

ومنه فيما يُشْبه المثَل: "أكَلَ فلانٌ رَوْقه"، إذا طال عُمره حتى تحاتَّتْ أسنانُه. ويقال في الجسم: ألقى أرْواقَه على الشَّيء، إذا حَرَصَ عليه. ويقال رَوَّقَ اللَّيلُ، إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته. ويقال ألْقَى أرْوِقَتَه.

ومن الباب: ألقى فلانٌ أرواقه، إذا اشتدَّ عَدْوُه؛ لأنّه يتدافَع ويتقدَّم بجسمه. قال:

* أَلْقَيْتُ ليلَةَ خَبْتِ الرَّهْط أرْوَاقِي([30]) *

ويقال: ألْقَت السَّحابة أرواقَها، وذلك إذا ألحَّتْ بمطرها وثبتت. والرُِّوَاقُ: بيتٌ كالفُسطاط، يُحمَل على سِطاعٍ واحدٍ في وسَطِه، والجميع أرْوِقَة. وَرُِواق البيت: ما بين يدَيْه.

والأصل الآخرُ: قولهم: راقَني الشَّيءُ يرُوقني، إذا أعجبَنِي. وهؤلاء شبابٌ رُوقَة([31]). ومن الباب: روَّقت الشّرابَ: صفّيْتُه، وذلك حُسْنُه. والرَّاوُوق: المِصْفاة.

(رول)  الراء والواو واللام أصلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء. يقالَ روَّلْتُ الخُبْزَ بالسَّمن، مثل روَّغْت. والرُّوَال: بُزَاق الدّابَّة. يقال رَوَّلَ [في] مِخْلاَتِه([32]). وقريبٌ من هذا الباب رَوَّلَ الفَرسُ: أدْلَى.

(روم)  الراء والواو والميم أصلٌ يدلُّ على طلبِ الشيء. ويقال رُمْتُ الشّيءَ أَرُومُه رَوْماً. والمَرَام: المَطْلب. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال رَوَّمتُ فلاناً وبفُلانٍ، إِذا جعلته يَرومُ [الشّيءَ([33])] ويطلبه.

(روه([34]))  الراء والواو والهاء ليس بشيء، على أن بعضهم يقول الرَّوه مصدر رَاه يروه روْهاً. قال: هي لغة يمانية. يقولون: راهَ الماءُ على وجه الأرض: اضطرب. وفي ذلك نظرٌ.

(رون)  الراء والواو والنون يدلُّ على شِدّة حَرٍّ أو صوتٍ. يقولون: يوم أرْوَنانٌ وليلةٌ أرْوَنانة، أي شديدة الحَرِّ والغَمّ. قال القُتَيبيّ: والأرْوَنانُ: الصّوت الشديد. قال الكميت:

بها حاضرٌ من غير جِنٍّ يَرُوعُه *** ولا أنسٍ ذُو أرْوَنَانٍ وذُو زَجَلْ([35])

ـــــــــــــــــ

([1]) جاءت هذه المادة مختلطة بما قبلها، مبتورة الأول. وإليك أول المادة من المجمل إلى أن تتصل بأول هذا الكلام: "راب اللبن يروب وهو رائب. وقوم روبى: خثراء الأنفس. وقد رابت نفسه تروب. والرؤبة بالهمز: خشبة يرأب بها القعب أي يشد. والروبة غير مهموزة: خميرة تلقى في اللبن ليروب. وروبة الليل: طائفة منه. أبو زيد: روبة الفرس: ماؤه في جمامه يقال....".

([2]) يعني قوله، في ديوانه 15 واللسان (3: 288):

لها منخر كوجار السباع *** فمنه تريح إذا تنبهر

([3]) فيه أربع عشرة لغة، ذكرها صاحب القاموس.

([4]) ديوان الأعشى 159 واللسان (3: 291) والحيوان (3: 442).

([5]) في اللسان: "وما في وجهه رائحة دم، من الفرق. وما في وجهه رائحة دم، أي شيء".

([6]) التفطر: التشقق والتصدع. في الأصل: "ينفطر الورق"، تحريف.

([7]) للراعي كما في اللسان (3: 294). وصدره: * وخالف المجد أقوام لهم ورق *

([8]) وفيه لغة ثالثة "لم يرح" بكسر الراء، من راح يريح.

([9]) كتب في اللسان والقاموس بهمزة فوق الألف. وفي المجمل بكسرة تحت الألف كما أثبت.

([10]) كذا، ولعل موضع هذا البيت التالي. وفي المجمل: "ويقال إن عمر رحمه الله ركب ناقة فمشت به مشياً عنيفاً فقال".

([11]) البيت في اللسان (3: 282).

([12]) الصواب أنه لصخر الغي. انظر شرح السكري للهذليين 47 ومخطوطة الشنقيطي 58.

([13]) البيت في اللسان (روح) بدون نسبة، وفي (زور) بنسبته إلى صخر الغي، وكذا عجزه مع هذه النسبة في (شفف).

([14]) من قصيدة لعبيد بن الأبرص في مختارات ابن الشجري 100-101. ولعبيد في ديوانه قصيدة حائية على هذا الوزن والروي ليس منها هذا البيت. لكنه منسوب أيضاً إليه في اللسان (هدب، شفف). والحق أنه لأوس بن حجر من قصيدة في ديوانه 4. وقبل البيت:

يا من لبرق أبيت الليل أرقبه *** في عارض كبياض الصبح لماح

([15]) ديوان الأعشى 14.

([16]) ديوان العجاج 6، ونسب في اللسان (3: 287) إلى رؤبة.

([17]) البيت من أول قصيدة للأعشى في ديوانه ص10.

([18]) نسب في اللسان (رود 71) إلى امرئ القيس. وصدره:

* وأعددت للحرب وثابة *

([19]) من شواهده قول عبد الله بن عنمة الضبي في المفضليات (2: 181):

تقول له لما رأت خمع رجله *** أهذا رئيس القوم راد وسادها

([20]) أصلها الهمز "رؤد". ويقال أيضاً "رؤدة" بالهاء، ورأد ورأدة، كلها بمعنى.

([21]) البيت للجموح الظفري، وكذا جاءت الرواية في الأصل والمجمل. والمعروف في روايته:

تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها *** كأنها ثمل يمشي على رود

([22]) لحميد الأرقط كما في اللسان (روض) والمخصص (10: 132). وفي الأصل والمجمل والمخصص: "أجد"، والوجه ما أثبت من اللسان وأمالي ثعلب وأما "كلاهما" فقد جاء في المخصص فقط "كليهما" على اللغة المشهورة؛ إذ أنها مفعول مضاف إلى ضمير. وفي سائر المصادر "كلاهما" وهي لغة لبعضهم. وفي همع الهوامع (1: 41) عند الكلام على كلا وكلتا: "وبعضهم يجريهما معهما –أي مع الظاهر والضمير- بالألف مطلقاً".

([23]) البيت في المخصص (9: 135). ورواه في اللسان (9: 24): "وروضة سقيت منها نضوتي". والنضوة مؤنثة "النضو" بالكسر، وهو البعير المهزول.

([24]) هذه من المجمل.

([25]) في الأصل: "والرعاء"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

([26]) البيت في اللسان (روغ)، والأمالي (1: 15) بدون نسبة. وهو لعبد الله بن عمر بن الخطاب وكان يحب ولده سالم بن عبد الله، وكان الناس يلومونه في ذلك فيقول هذا البيت. المعارف لابن قتيبة 80 واللسان (15: 191).

([27]) ديوان الأعشى 142.

([28]) التكملة من المجمل.

([29]) التكملة من المجمل وديوان الأعشى.

([30]) لنأبط شرا، من القصيدة الأولى من المفضليات، وصدره في المفضليات واللسان:

* نجوت منها نجائي من بجيلة إذ *

([31]) روقة يقال للمذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجموع.

([32]) في المجمل: "ترول في مخلاته".

([33]) التكملة من المجمل واللسان.

([34]) كذا ورد ترتيب هذه المادة، وموضعها بعد تاليها.

([35]) البيت في اللسان (رون) والحيوان (5: 404).

 

 

ـ (باب الراء والياء وما يثلثهما)

(ريب)  الراء والياء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على شكٍّ، أو شكٍّ وخوف، فالرَّيْب: الشّكّ. قال الله جلّ ثناؤه: {الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة 1- 2]، أَي لا شَكَّ. ثم قال الشاعر:

فقالوا تَرَكْنَا القومَ قد حَصَِرُوا بهِ *** فلا ريْبَ أن قد كان ثَمَّ لَحِيمُ([1])

  والرَّيب: ما رابَكَ مِن أمرٍ. تقول: رابَنِي هذا الأمرُ، إذا أدخَلَ عليك شَكّاً وخَوفا. وأرابَ الرّجلُ: صارَ ذا رِيبةٍ. وقد رابَنِي أمْرُه. ورَيْب الدّهر: صُروفه؛ والقياس واحد. قال:

أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ *** والدّهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَن يجزعُ([2])

فأمّا قولُ القائل:

قضَيْنَا مِن تِهامةَ كلَّ ريبٍ *** ومَكَّةَ ثُمّ أَجْمَمْنَا السُّيوفا([3])

  فيقال: إنّ الرَّيب الحاجة. وهذا ليس ببعيدٍ؛ لأنَّ طالبَ الحاجة شاكٌّ، على ما به من خوف الفَوْت.

(ريث)  الراء والياء والثاء أصلٌ واحد، يدلُّ على البُطء، وهو الرَّيثُ: خِلاف العَجَل. قال لبيد:

إنَّ تَقْوَى ربِّنا خيرُ نَفَلْ *** وبإِذْنِ اللهِ رَيْثِي وعَجَلْ([4])

  تقول منه راثَ يَرِيث. واستَرَثْتُ فلاناً* استبطأتُه. وربّما قالوا:  استَرْيَث، وليس بالمستعمَل. ويقال رجلٌ رَيِّثٌ، أي بطيء.

(ريح)  الراء والياء والحاء. قد مضى مُعظَم الكلام فيها في الراء والواو والحاء، لأنَّ الأصل ذاك، والأصل فيما نذكر آنفاً الواو أيضاً، غير أنَّا نكتب كلماتٍ لِلَّفْظ. فالرِّيح معروفة، وقد مرَّ اشتقاقها. والرَّيحان معروف. والرَّيْحان: الرِّزْق. وفي الحديث: "إِنَّ الولدَ مِنْ رَيْحان الله". والرِّيح: الغَلَبة والقُوّة، في قوله تعالى: {فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال 46]. وقال الشّاعر:

أتَنْظُرَانِ قليلاً ريْثَ غفلَتِهمْ *** أم تعْدُوان فإنَّ الرِّيح لِلْعادِي([5])

  وأصل ذلك كلِّه الواو، وقد مَضَى.

(ريخ)  الراء والياء والخاء كلمةٌ واحدةٌ فيها نظر. يقال رَاخَ يَريخ ريْخاً، إذا ذلَّ وانكسَر. والترييخ: وَهْيُ الشيء. وضربوا فلاناً حتى ريَّخوه. وراخَ الرجلُ يَريخ رَيخا، إذا حَار. وراخَ البعيرُ، إذا أَعْيا.

(ريد)  الراء والياء والدال كلمتان: الريْد: أنْف الجبَل. والرِّيد: التِّرب.

(رير)  الراء والياء والراء كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها ولا يفرّع منها. فالرِّير: المُخّ الفاسد، وهو الرّيْرُ والرَّار. وأرَارَ اللهُ مُخَّ هذه النّاقةِ، أي تركه رِيراً.

وحدّثَني عليُّ بن إبراهيمَ قال: سألتُ ثعلباً عن قول القائل:

* أرَارَ الله مُخَّك في السُّلامَى *

فقلت: أكذا هو، أم: أراني الله مُخَّك في السُّلامى؟ وأيُّهما أجود وأحبُّ إليك؟ فقال: كلاهما واحد. ومعنى أرَارَ أرَقَّ. والسُّلامَى: عظام الرِّجْل.

(ريس)  الراء والياء والسين كلمتانِ متفاوتٌ ما بينَهما. فالرِّياس: قائم السَّيف([6]). [قال]:

إلى بَطَلَينِ يعثران كِلاهما *** يُدِير رياس السَّيفِ والسيفُ نادرُ

  وقال آخر:

* ومِرْفَقٍ كرِيَاسِ السَّيْفِ إذ شَسَفَا([7]) *

والكلمة الأخرى: الرَّيْسُ والرَّيَسَان: التَّبختُر. قال:

* أتاهُمْ بينَ أرحُلِهمْ يَرِيسُ([8]) *

(ريش)  الراء والياء والشين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حُسْن الحال، وما يكتسب([9]) الإنسانُ من خَيْر. فالرِّيش: الخير. والرِّياش: المال. ورِشْت فلاناً أَرِيشُه رَيشاً، إذا قُمْتَ بمصلحةِ حالِه. وهو قوله:

فرِشْني بخيرٍ طالَمَا قد بَريْتنِي *** وخَيْرُ المَوْالي مَن يَرِيش ولا يَبْرِي([10])

  وكان بعضُهم يذهب إلى أنّ الرائش الذي في الحديث في "الرّاشِي والمرتَشِي والرّائش([11])"، أنّه الذي يسعى بين الرَّاشي والمرتَشِي. وإنما سُمِّي رائشاً للذي ذكَرْناه. يقال رِشْتُ فلاناً: أنلتُه خيراً. وهذا أصحُّ القولين بقوله:

* فرِشْني بخيرٍ طالَمَا قد بريتَنِي *

وقال آخر:

فرِيشِي منكمُ وهوايَ فيكمْ *** وإن كانت زيارتُكُمْ لِماما

  وقال أيضاً:

سأشكُرُ إن ردَدْتَ إليَّ رِيشي *** وأثْبَتَّ القوادمَ في جَناحِي

  ومن الباب رِيشُ الطائر. ويقال منه رِشْت السهمَ أَرِيشَه رَيْشاً. وارتاش فلانٌ، إذا حسُنَتْ حالُه. وذكَرُوا أَنَّ الأرْيَشَ الكثيرُ شَعْر الأذُنين خاصّةً.

فهذا أصل الباب. ثم اشتُقّ منه، فقيل للرُّمح الخَوّار: رَاشٌ. وإنما سمِّيَ بذلك لأنه شُبِّه في ضَعْفِه بالرِّيش. ومنه ناقةٌ راشةُ الظَّهر، أي ضعيفة.

(ريط)  الراء والياء والطاء كلمةٌ واحدة، وهي الرَّيطة، وهي كلُّ مُلاءةٍ لم تَكُ لِفْقين؛ والجمع رَيْط ورِياط.

وحدثني أبي عن أبي نصْرٍ ابن أخْت اللَّيث بن إدريس، عن ابن السكّيت قال: يقال لكلِّ ثوبٍ رقيقٍ ليِّنٍ: رَيْطة.

(ريع)  الراء والياء والعين أصلان: أحدهما الارتفاع والعلُوّ، والآخَر الرُّجوع.

فالأوَّل الرِّيع، وهو الارتفاع من الأرض. ويقال بل الرِّيع جمعٌ، والواحدة رِيعة، والجمع رياعٌ. قال ذو الرمة:

* طراقُ الخوافِي مُشْرِفاً فوقَ رِيعةٍ([12]) *

ومن الباب الرِّيع: الطريق. قال الله تعالى: {أَتَبْنُونَ بكلِّ رِيعٍ آيةً تَعْبَثُونَ}* [الشعراء 128]. فقالوا: أراد الطريق. وقالوا: المرتفع من الأرض.

ومن الباب الرَّيْع، وهو النَّماء والزيادة. ويقال إنّ رَيْع الدُّروع: فضول أكمامها وأَراعَت الإبلُ: نمَتْ وكثُر أولادُها ورَاعت الحِنطةُ: زَكَت. ويقولون إنّ ريع البِئر ما ارتفع من حَواليها. ورَيْعانُ كلِّ شيء: أفضلُه وأوّلُه.

وأما الأصل الآخر فالرَّيع: الرُّجوع إلى الشيء. وفي الحديث: "أن رجلاً سأل الحسنَ عن القَيء للصائم، فقال: هل راعَ مِنه شيءٌ" أراد: رجع. وقال:

طَمِعْتَ بليلَى أن تَريعَ وإنما *** تُقطِّع أعناقَ الرِّجال المطامعُ([13])

  (ريف)  الراء والياء والفاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خِصْب. يقال أرَافَتِ الأرضُ. وأرْيَفْنا، إذا صِرْنا إلى الرِّيف. ويقال أرضٌ رَيِّفَةٌ، من الرِّيف. ورافت الماشيةُ: رعت الرِّيف.

(ريق)  الراء والياء والقاف، وقد يدخل فيه ما كان من ذوات الواو أيضاً، وهو أصلٌ واحد يدلُّ على تردُّد شيءٍ مائعٍ، كالماء وغيرِه، ثم يشتقّ من ذلك. فالتريُّق: تردُّد الماءِ على وجه الأرض. ويقال: راقَ السّرابُ فوقَ الأرض رَيْقا.

ومن الباب رِيق الإنسانِ وغيرِه. والاستعارة من هذه الكلمة، يقولون رَيِّقُ كلِّ شيءٍ: أوّله وأفضلُه. وهذا ريِّق الشراب، وريِّق المطر: أوّله. ومنه قول طرفة:

* وأَعْجَلَ ثَيِّبَهُ رَيِّقِي([14]) *

وقد يخفّف ذلك فيقال رَيْق. وينشد بيتُ البعيث كذا:

مدَحْنا لها رَيْقَ الشّباب فعارضَتْ *** جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَمَا([15])

  وحكى ابنُ دريد([16]): أكلت خبزاً رَيْقاً: بغير أُدْم. وهو من الكلمة، أي إنه هو الذي خالط ريقي الأوّل. والماء الرائِق: أن يشرب على الرِّيق غداةً بلا ثُفْل. قال: ولا يقال ذلك إلاّ للماء. ومن الباب الرائق: الفارغ؛ وهو منه، كأنَّه على الرِّيق بَعْدُ. وحكى اللِّحيانيّ: هو يَرِيق بنفسه رُيوقاً، أي يَجُود بها، وهذا من الكلمة الأولى؛ لأنَّ نَفَسه عند ذلك يتردَّد في صدره.

(ريم)  الراء والياء والميم كلماتٌ متفاوتة الأصول، حتى لا يكاد يجتمع منها ثِنتانِ واشتقاقٌ واحد. فالرَّيْم: الدَّرَج([17]). يقال اسْمُكْ في الرَّيْم، أي اصْعَد الدَّرَج([18]): والرَّيْم: العظم الذي يَبقَى بعد قِسمة الجَزُور. والرَّيْم: القَبْر. والرَّيْم: السّاعة من النّهار. ويقال رِيمَ بالرّجُل، إذا قُطِع به. قال:

* ورِيمَ بالسَّاقي الذي كان مَعِي([19]) *

قال ابن السكّيت: رَيَّمَ بالمكان: أقام به. ورَيَّمَتِ السَّحابة وأغْضَنَت، إذا دامت فلم تُقْلِع. ولا أرِيمُ أفعل كذا، أي لا أبرَح. والرَّيْم: الزِّيادة؛ يقال: لي عليك رَيْمُ كذا، أي زيادة.

(رين)  الراء والياء والنون أصلٌ يدلُّ على غِطاء وسَتْر. فالرَّيْن: الغِطاء على الشيء. وقد رِينَ عليه، كأنّه غُشِي عليه. ومن هذا حديث عمر: "أَلاَ إِن الأُسَيفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَة، رضِيَ مِن دِينه بأن يقال سَبَقَ الحاجّ، [فادّانَ مُعْرِضاً([20])]، فأصبَحَ قد رِينَ به" يريد أنّه مات. وران النُّعاسُ يَرِين. ورانَت الخْمرُ عَلَى قلبه: غَلَبَتْ. ومن الباب: رانَتْ نفسي تَرِين، أي غَثَتْ. ومنه أرَانَ القومُ فهم مُرِينُونَ، إذا هَلَكت مواشِيهم. وهو من القياس؛ لأنَّ مواشيهم، إذا هلكت فقد رِينَ بها.

(ريه)  الراء والياء والهاء كلمةٌ من باب الإبدال. يقال تَرَيَّه السَّحابُ، إذا تَرَيَّع. وإنّما الأصل بالواو: تروَّهَ وقد مضى.

ــــــــــــــــ

([1]) لساعدة بن جؤية في ديوانه 232 واللسان (حصر، لحم). حصروا به، بفتح الصاد: أحاطوا به. وروى السكري: "حصروا به" بكسر الصاد، أي ضاقوا به.

([2]) لأبي ذؤيب الهذلي، وهو مطلع أول قصيدة له في ديوانه. المفضليات (2: 221).

([3]) لكعب بن مالك الأنصاري، في اللسان (ريب)، وقصيدته في السيرة 870 جوتنجن.

([4]) مفتح قصيدة له في ديوانه 11 طبع 1881.

([5]) يروى لتأبط شراً، وللسليك بن السلكة، ولأعشى فهم. انظر اللسان (3: 283).

([6]) هو مسهل المهموز "رئاس"، وهو في سائر المعاجم في مادة (رأس). وفي اللسان (7: 397) نص ابن سيده على الشك في الكلمة، أهي يائية الأصل، أم مخففة من المهموز.

([7]) لابن مقبل في اللسان (رأس، شسف). وصدره: * ثم اضطغنت سلاحي عند مغرضها *

([8]) لأبي زبيد الطائي، في اللسان (ريس). وصدره فيه:

* فلما أن رآهم قد تدانوا *     وصدره في الجمهرة (2: 340):

* قصاقصة أبو شبلين ورد *

([9]) في الأصل: "يكتسي".

([10]) نسب في اللسان (ريش) إلى عمير بن حباب، وفي تاج العروس إلى سويد الأنصاري؛ وهو الصواب كما في البيان 4: 66. وفي الأصل: "وشر الموالي"، تحريف.

([11]) أول الحديث: "لعن الله...".

([12]) عجزه كما في ديوانه 400 واللسان (ربع 499). * ندى ليله في ريشه يترقرق *

([13]) البيت للبعيث كما في اللسان (ريع 498). وأنشده في المجمل.

([14]) ثيبه: ما يثوب عنه ويرجع. وفي الأصل: "ثنية"، صوابه في الديوان 16، وصدره:

* فساورته فاستلبت الخشيب *

([15]) ورد البيت بنسبته إلى البعيث في (ورق 425) وجاء في (ريق 429) منسوباً إلى لبيد خطأ، وليس في ديوانه.

([16]) في الجمهرة (2: 411).

([17]) في اللسان والقاموس: "الدرجة". قال ابن منظور: "والريم: الدرجة والدكان. يمانية".

([18]) في اللسان (سمك): "ويقال اسمك في الريم، أي اصعد في الدرجة".

([19]) البيت في المجمل واللسان (ريم).

([20]) أي استدان معرضاً عن الأداء. وهذه التكملة من اللسان.

 

 

ـ (باب الراء والهمزة وما يثلثهما)

(رأد)  الراء والهمزة والدال أُصَيلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وحركة. يقال امرأة رَأْدةٌ* ورُؤْد، وهي السَّريعة الشَّباب لا تَبْقَى قَمِيئَة. وهو الذي ذكرناه في الحركة. والرَّأْد والرُّؤْد: أصل اللّحْي. ورأْد الضُّحى: ارتفاعه. يقال تَرَأَّدَ([1]) الضُّحى وتراءَدَ. وترأّدت الحيّة: اهتَزّت في انسيابها. وكان الخليل يقول: الرِّئْد: مهموز: التِّرْب.

(رأس)  الراء والهمزة والسين أصلٌ يدل على تجمُّعٍ وارتفاع.

فالرَّأْس رأسُ الإنسانِ وغيرِه. والرأس: الجماعة الضخمة في قول ابن كُلثوم:

بِرأسٍ من بني جُشَمِ بنِ بكرٍ *** نَدُقُّ به السُّهولَةَ والحُزُونا([2])

  والأَرْأَسُ: الرّجُل العظيم الرأْس. ويقال بعيرٌ رَؤُوسٌ([3])، إِذا لم يَبْقَ لـه طِرْقٌ إلاّ في رأسه. وشاة رأْساءُ، إذا اسودَّ رأسُها. والرَّئيس: الذي قد ضُرِب [رأسُه]. ويقال سحابةٌ رائِسة، وهي التي تَقْدُم السَّحابَ. ويقال أنت على رئاس أمرك. والعامّة تقول: على رَأْس أمرك.

(رأف)  الراء والهمزة والفاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على رِقّة ورحمة، وهي الرّأفة. يقال رَؤُفَ يَرْؤُف رأْفةً ورآفة، على فَعْلةٍ وفَعَالة. قال الله جلّ وعلا:{وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ} [النور 2]، وقرئت: {رَآفَةٌ([4])}، ورجل رؤوف على فَعُول، ورَؤُف [على] فَعُل. قال في رؤوف:

* هو الرَّحمنُ كان بنا رؤُوفا *([5])

وقال في الرؤف:

يرى لِلمسلمينَ عليه حقّاً *** كفِعل الوالدِ الرَّؤُفِ الرّحيمِ([6])

  (رأل)  الراء والهمزة واللام كلمةٌ واحدة تدلُّ على فِراخ النعام، وهي الرَّأْل، والجمع رئَال، والأنثى رألَةٌ. واسْتَرْأل النّبات، إذا طال وصار كأعناق الرِّئال. وذات الرِّئال: روضة. والرِّئال: كواكب([7]).

(رأم)  الراء والهمزة والميم أصلٌ يدل على مُضامَّةٍ وقُرْب وعَطْفٍ. يقال لكل مَن أحبَّ شيئاً وأَلِفَه: قد رَئِمَه. وأصلُه مِن قولهم: رَأَم الجُرْحُ رئْماناً([8])، إذا انضمّ فُوه للبُرْء. وقال الشَّيباني: رأَمْت شَعْبَ القَدَح، إذا أصلحتَه. وأنشد:

وقتْلي بحقْفٍ من أُوارةَ جُدِّعتْ *** صَدَعْنَ قُلوباً لم تُرأَّمْ شُعوبُها([9])

  والرُّؤمة: الغِراء الذي يُلزَق به الشَّيء. والرَّأْم: بَوٌّ أو ولدٌ تعطف عليه غير أمِّه. وقد رئِمت النّاقةُ رِئْمَاناً. وأرأمْناها، عطفْناها على رَأْمٍ. والناقة رؤومٌ ورائمة([10]).

(رأي)  الراء والهمزة والياء أصلٌ يدلُّ على نظرٍ وإبصارٍ بعينٍ أو بصيرة. فالرَّأي: ما يراه الإنسانُ في الأمر، وجمعه الآراء. رأَى فلانٌ الشيءَ وراءهُ، وهو مقلوبٌ. والرِّئْيُ: ما رأت العينُ مِن حالٍ حسنة. والعرب تقول: رَيْتُهُ في معنى رأيْته وتراءَى القوم، إذا رأى بعضهم بعضاً. وراءى فلانٌ يُرائي. وفَعَل ذلك رِئاءَ النّاس، وهو أن يَفعلَ شيئاً ليراه النّاس. والرُّوَاء: حُسن المنْظَر. والمِرآة معروفة. والتَّرْئيَة وإن شئتَ ليَّنتَ الهمزة فقلت التَّرِيّة: ما تراه الحائضُ من صُفْرةٍ بعد دمِ حيضٍ، أو أن ترى شيئاً من أمارات الحيض قبلُ. والرُّؤْيا معروفة، والجمع رُؤىً.

(رأب)  الراء والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ضمٍّ وجَمع. تقول: رأبت الأمورَ المتفرِّقة؛ إذا أنت جمعتَها برِفْقِك، كما يرأبَ الشَّعَّابُ صَدْعَ الجَفْنة. وتلك  الخشبةُ التي يُشعَب بها رُؤْبة.

ـــــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "رداء، وفي المجمل: "راد"، صوابهما ما أثبت.

([2]) البيت من معلقة عمرو بن كلثوم.

([3]) على وزن صبور، كما في القاموس. ويقال أيضاً في معناه: مرأس ومرآس، كمعظم ومصباح.

([4]) هي قراءة ابن جريج، ورويت عن عاصم وابن كثير. تفسير أبي حيان (6: 429).

([5]) لكعب بن مالك الأنصاري، في اللسان (رأف). وصدره: * نطيع نبينا ونطيع ربا *

([6]) لجرير في ديوانه 507 واللسان (رأف). وكلمة "عليه" ساقطة من الأصل. وهكذا جاءت الرواية في اللسان. وصوابه بالخطاب:

ترى للمسلمين عليك حقا *** كفعل الوالد الرؤف الرحيم

 ([7]) انظر الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 383).

([8]) في الأصل: "رئما"، صوابه من المجمل واللسان، ويقال "رأما" أيضاً.

([9]) البيت في اللسان (رأم) وأمالي ثعلب 575.

([10]) ورائم أيضاً يطرح التاء.

 

 


ـ (باب الراء والباء وما يثلثهما)

(ربت)  الراء والباء والتاء ليس أصلاً، لكنَّه من باب الإبدال يقال ربَّتَه تَرْبيتاً، إذا ربَّبَه. قال:

والقَبْرُ صِهْرٌ صالحٌ زِمِّيتُ *** ليس لمن ضُمِّنَه تَرْبيتُ([1])

  (ربث)  الراء والباء والثاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على اختلاطٍ واحتباسٍ. تقول ربّثْْتُ فلاناً أرَبِّثُه عن الأمر، إذا حبَستَه عنه. والرَّبِيثة: الأمر يَحبِسك. وفي الحديث: "إذا كان يوم الجمعة بعثَ إبليسُ جنودَهُ إلى النَّاس فأخَذُوا عليهم بالرّبائث". يريد ذكَّروهم الحاجاتِ* التي تربِّثهم. ويقال اربَثَّ القومُ، إذا اختلطوا. قال:

* رَمَيناهمُ حتَّى إذا اربَثَّ جَمعُهمْ([2]) *

(ربج)  الراء والباء والجيم كلمةٌ واحدة، إن صحَّتْ؛ تدلُّ على التحيُّر. قال الخليل: التَّربُّج: التَّحيُّر. قال:

* أتيْتُ أَبَا لَيْلَى وَلَمْ أَتَرَبَّجِ([3]) *

ويقال، وهو قريبٌ من ذلك، إن الرَّباجَة الفَدَامة.

(ربح)  الراء والباء والحاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شَِفٍّ في مبايعة([4]). من ذلك رَبِح فلانٌ في بَيعِه يَرْبَح، إذا استشَفَّ. وتجارةٌ رابحة: يُربَح فيها. يقال رِبْح ورَبَح، كما يقال مِثْلٌ ومَثَل. فأمَّا قول الأعشى:

* مِثْلَ ما مُدَّ نِصاحاتُ الربَحْ([5]) *

فقال قوم النِّصاحات الخَيوط، وهي الأَرْوِيَةُ([6]). والرَّبَح: الخَيل والإِبلُ تُجلَب للبيع والتربُّح. فأمَّا قولُه:

* قَرَوْا أضْيافَهُمْ رَبَحاً بِبُحٍّ([7]) *

فقال ابنُ دريد: ومما شذّ عن الباب الرُّبَّاح، يقال إنّه القِرْد([8]).

(ربخ)  الراء والباء والخاء أُصَيْلٌ يدلُّ على فترةٍ واسترخاء. قالوا: مَشَى حَتَّى تربّخ، أي استرخَى. ويقولون للكثير اللَّحم: الرَّبِيخ. ويقال إن الرَّبُوخ: المرأةُ يُغْشَى عليها عند البِضاع.

(ربد)  الراء والباء والدال أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر الإقامة.

فالأوَّل الرُّبْدة، وهو لونٌ يخالط سوادَه كُدرةٌ غير حَسَنة. والنّعامةُ رَبْداء. ويقال للرَّجُل إذا غَضِب حتى يتغيَّرَ لونُه ويَكْلَفَ: قد تَرَبَّد.وشاةٌ رَبْداء، وهي سوداء ُ منقطَّةٌ بحمرةٍ وبياض. والأَرْبَد: ضربٌ من الحيات خبيثٌ، له رُبْدَةٌ في لونه. وربَّدَتِ الشَّاةُ، وذلك إذا أضرعَتْ، فترى في ضَرْعها لُمَعَ سوادٍ وبياض. ومن الباب قولُهم: السّماء متربِّدة، أي متغيِّمة. فأما رُبَْد السَّيف فهو فِرِنْدُ دِيباجتِه، وهي هُذَليَّة. قال:

وصَارِمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ *** أبْيَضُ مَهْوٌ في متنهِ رُبَدُ([9])

  ويمكن ردُّه إلى الأصل الذي ذكرناه. فيقال([10]):

وأمَّا الأصلُ الآخَر فالمِرْبَد: موقِف الإبل؛ واشتقاقه مِن رَبَدَ، أي أقام. قال ابنُ الأعرابي: رَبَدَه، إذا حبسه. والمِرْبَد: البَيْدَر أيضاً. وناسٌ يقولون: إنَّ المِرْبَد الخشبة أو العصا تُوضَع في باب الحَظيرة تعترض صُدورَ الإِبل فتمنعها من  الخروج. كذا رُوِيَتْ عن أبي زيد. وأحسِبُ هذا غلطاً، وإِنما المِرْبَد مَحبِس النَّعَم. والخشبة هي عصا المِرْبَد. ألا ترى أنَّ الشَّاعرَ أضافَها إلى المِرْبَد، فقال سُوَيد بن كُراع:

عَوَاصِيَ إِلاّ ما جعَلْتُ وراءَها *** عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشَى نُحُوراً وأذرُعا([11])

  (ربذ)  الراء والباء والذال أصلٌ يدلُّ على خِفّةٍ في شيءٍ. من ذلك الرَّبَذُ، وهو خِفَّة القَوائم. والخفيفُ القوائِمِ رَبِذٌ. ومن الباب الرِّبْذَة، وهي صوفةٌ يُهْنَأ بها البعير. ويقال إِنّ خِرقة الحائض تسمَّى رِبْذَة. وقال بعضُهم: الرِّبْذة الخِرقة التي يَجلُو بها الصائغ الحَلْي. فأمَّا الرَّبذُ فالعُهون التي تعلَّق في أعناق الإبل، الواحدة رَبَذَة. والقياس في كُلّه واحد. وهو يرجع إلى ما ذكرناه من الخِفَّة.

ومما يقرُب من هذا قولُهم: إنّ فلاناً لَذُو رَبِذَاتٍ، أي هو كثير السَّقَط في الكلام. ولا يكونُ ذلك إلا مِن خفَّةٍ وقلَّة تثبُّت.

(ربس)  الراء والباء والسين أصلٌ واحد ذكره ابن دريد؛ قال([12]): أصل الرَّبْس الضَّرْب باليدين. يقال أصل الرَّبْس الضَّرب؛ يقال ربَسَه بيديه. قال: ويقولون: داهيةٌ رَبْساء. أي شديدة. وهي على الأصل الذي ذكرناه وكأنها تَخْبِط الناسَ بيديها.

وذكر غيرُه، وهو قريبٌ من الذي أصَّلَه، أنّ الارتباسَ الاكتنازَ في اللحم وغيرِه؛ يقال كبشٌ ربيسٌ* أي مكتنز.

ومما شذَّ عن ذلك قولُهم: اربسَّ اربِساساً، إذا ذهب في الأرض.

(ربص)  الراء والباء والصاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانتظار. من ذلك التربُّص. يقال تربَّصْت به. وحكى السجِستانيّ: لي بالبصرة رُبْصة، ولي في متاعي رُبْصة، أي لي فيه تربُّص.

(ربض)  الراء والباء والضاد أصلٌ يدلُّ على سكونٍ واستقرار.

من ذلك رَبَضَتِ الشاة وغيرها تَرْبِض رَبْضا. والرَّبيض: الجماعةُ من الغَنم الرَّابضة ورَبَض البطنِ: ما ولِيَ الأرضَ من البعيرِ وغيره حين يَرْبِضُ. والرَّبَض: ما حَولَ المدينة؛ ومسكن كلِّ قومٍ رَبَض. والرِّبْضة: مَقتل كلِّ قومٍ قُتلوا في بُقْعَةٍ واحدة.

فأمّا قولُهم قِرْبَةٌ([13]) رَبوضٌ، للواسعة، فمن الباب، كأنّها تُمْلأُ فتَرْبِضُ، أو تُروِي فتُرْبِض. فأما الرَّبوض فهي الدَّوْحة والشجرةُ العظيمة، وسميت بذلك لأنه يُؤوَى إليها ويُرْبَض تحتها. قال ذو الرمة:

* تَجَوَّفَ كُلَّ أرطاةٍ ربوضٍ([14]) *

والأرباض: حِبال الرَّحْل؛ لأنّها يشد بها فيسكن. ومأوى الغنم: رَبَضها؛ لأنّها تربض [فيه]. وقال قوم: أرْبَضَتِ الشمس، إذا اشتدَّ حَرُّها، حتى تُرْبِض الشاةَ والظبي. ورَبْضُ الرّجُل ورُبْضُه([15]): امرأته؛ والقياس مطّرد، لأنها سَكَنُه. والدّليل على صحة هذا القياس أنَّهم يُسَمُّون المسكن كله رَبضاً. وقال الشاعر:

جاء الشِّتاءُ ولَمَّا أتَّخِذْ رَبَضاً *** يا ويحَ كَفِّيَ من حَفْرِ القَرامِيصِ([16])

  فأما الرُّوَيْبِضَة، الذي جاء في الحديث: "وتنطِق الرُّوَيْبِضَة" فهو الرجُل التافِه الحقير. وسمِّي بذلك لأنه يَربِض بالأرض؛ لقلّته وحقارته، لا يُؤبه له.

(ربط)  الراء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شدٍّ وثَبات. من ذلك رَبَطت الشيء أربِطه ربْطاً؛ والذي يشدُّ به رِباط.

ومن الباب الرِّباط: ملازمة ثَغْرِ العدوّ، كأنهم قد رُبِطوا هناك فثَبَتوا به ولازَموه. ورجل رابطُ الجأش، أي شديد القَلْب والنَّفْس. قال لبيد:

رابطُ الجأشِ عَلَى فَرْجِهِمُِ *** أعطِفُ الجَوْن بمَرْبُوع مِتلّ([17])

وقال ابن أحمر:

أربَط جأشاً عن ذرى قومِهِ *** إِذا قَلَّصَتْ عما تُوَارِي الأُزُرْ

  ويقال ارتبطتُ الفَرسَ للرِّباط. ويقال إنّ الرِّباط من الخَيل الخَمْس من الدوابِّ فما فوقَها. ولآلِ فُلانٍ رِباطٌ من الخيل، كما يقال تِلاد([18])، وهو أصل ما يكون عندَه من خَيل. قالت ليلى الأخيليّة:

قومٌ رِباطُ الخَيْلِ وَسْطَ بُيوتِهمْ *** وأسِنّةٌ زُرْقٌ يُخَلْنَ نُجومَا

  ويقال: قطع الظَّبْيُ رِباطَه، أي حِبالَتَه. وذكر عن الشَّيبانيّ: ماءٌ مترابِط، أي دائمٌ لا يَبرح. قالوا: والرَّبيط: لقب الغَوْث بن مُرّ([19]). فأمّا قولُهم للتّمر رَبِيطٌ، فيقال إنه الذي يَيْبَس فيصبُّ عليه الماء. ولعل هذا من الدَّخيل، وقيل إنه بالدال، الرَّبيد، وليس هو بأصل.

(ربع)  الراء والباء والعين أصولٌ ثلاثة، أحدها جزءٌ من أربعة أشياء، والآخر الإقامة، والثالث الإشالة والرَّفْع.

فمَّا الأوَّل فالرُّبْع من الشيء. يقال رَبَعْتُ القومَ أرْبَِعهم، إذا أخَذْتَ رُبْعَ أموالِهم ورَبَعتُهْم أربَُِعهم([20])، إذا كنت لهم رابعاً. والمِرْباع من هذا، وهو شيءٌ كان يأخذه الرئيس، وهو رُبع المَغْنَم. قال عبد الله([21]) بن عَنمة الضّبّي:

لك المِرْباع منها والصفايا *** وحُكمك والنَّشيطة والفضولُ([22])

  وفي الحديث: "لَمْ أجْعَلْك تَرْبَُِع"، أي تأخذ المِرْباع. فأما قول لبيد:

* أعطِفُ الجَوْنَ بمربُوعٍ مِتَلّ([23]) *

قولان: أحدهما أنه أراد الرُّمح وهو الذي ليس بطويل ولا قصير، كما يقال رجل رَبْعَة من الرِّجال. ومَن قال هذا القولَ ذهب إلى أنّ الباء بمعنى مع، كأنه قال: أعطف الجونَ - وهو فرسه- ومعي مربوعٌ مِتَلٌّ. وقياس الرَّبْعَة* من الباب الثاني. والقولُ الثاني أنّه أراد عِناناً على أربع قُوىً. وهذا أظهرُ الوجهين. ومن الباب رَبَاعِيَاتُ الأسنان ما دون الثَّنايا. والرِّبع في الحمَّى والوِرْدِ ما يكون في اليوم الرابع، وهو أن تَرِد يوماً وتَرعى يومَين ثم تردَ اليومَ الرابع. ويقال: رَبَعت عليه الحُمّى وأرْبَعت. والأربِعاء على أفعِلاء؛ من الأيّام. وقد ذُكر الأرْبَعاء بفتح الباء([24]). ومن الباب الرَّبيع، وهو زمانٌ من أربعة أزمنة والمَرْبَعُ: مَنزِل القَوم في ذلك الزمان. والرُّبَع: الفصيل يُنتَج في الربيع. وناقةٌ مُرْبِع، إذا نُتِجت في الربيع؛ فإن كان ذلك عادتَها فهي مِرباع. ومن الباب أرْبَعَ الرّجُل، إذا وُلد له في الشباب، وولده رِبْعيُّون.

والأصل الآخر: الإقامة، يقال رَبَعَ يَرْبَع. والرَّبْع: مَحَلَّة القوم. ومن الباب: القومُ على رَبِعَاتهم، أي على أمورهم الأُوَل، كأنه الأمرُ الذي أقامُوا عليه قديماً إلى الأبد. ويقولون: "ارْبَع على ظَلْعك" أي تمكَّثْ وانتظِرْ. ويقال: غَيْثٌ مُرْبِعٌ مُرْتِع. فالمُرْبِع: الذي يَحبِس مَن أصابَه في مَرْبَعِه عن الارتيادِ والنُّجْعة. والمُرْتِع: الذي يُنْبِتُ ما تَرتَعُ فيه الإبل.

والأصل الثالث: رَبَعْتُ الحجر، إِذا أشَلْتَه([25]). ومنه الحديث: "أنَّه مَرّ بقوم يَربَعُون حَجَراً"، و"يرتبعون". والحجر نفسه رَبِيعةٌ. والمِرْبَعة: العصا التي تُحمَل بها الأحمال حتَّى تُوضَعَ على ظُهور الدوابّ. وأنشد:

أيْنَ الشِّظاظانِ وأيْنَ المِرْبَعة *** وأيْنَ وَسْقُ النّاقةِ المطَبَّعَهْ([26])

  الشِّظاظان: العودان اللذان يُجعَلان في عُرَى الجُوالِق. والمطبَّعة: المُثْقَلة.

والوَسْق: الحِمْل. ويقال الرَّبيعة: البَيضة من السِّلاح. ويقال رابَعَنِي فلانٌ، إذا حمل معك الحِمْل بالمِرْبَعة.

ومما شذّ عن الأصول الرَّبْعَة، وهي المسافة بين أثافِي القِدر.

(ربغ)  الراء والباء والغين كلمة واحدة إِنْ صحّت. يقولون ربيعٌ رابغ، أي خَصيب؛ حُكِيَتْ عن أبي زيد. وحُكي عن ابن دُريد([27]): الرَّبْغ التراب المُدَقَّق([28]).

(ربق)  الراء والباء والقاف أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يدور بشيء. كالقِلادة في العنق، ثم يتفرَّع. فالرِّبْقة: الخيط في العنُق. وفي كلامهم: "ربَّدَتِ([29]) الضَّأن فربِّق رَبّق": إِذا أضرَعَ الشاءُ فهيِّئ الرِّبَق لأولادها، فإنها تُنزِل لبنَها عند الوِلادة([30]). والرَّبيقة: البَهيمة المربوقة في الرِّبْقة. وجاء في الحديث: "لكمُ الوفاءُ بالعَهد مالم تأكلوا الرِّباق"، وهو جمع رِبق، وهو الحَبْل، وأراد العهد. شبّه ما لزِم الأعناقَ بالرِّبْق الذي يجعل في أعناق البَهْم. ويقال: رَبَقْتُ فلاناً في هذا

الأمر، إِذا أوقعتَه فيه([31]) حتّى ارتَبَق. وأمُّ الرُّبَيْق: الداهية، كأنّها تدور بالناس حتّى يرتبِقوا فيها.

(ربك)  الراء والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على خَلْطٍ واختلاط. فالرَّبْك: إصلاح الثريد وخلطه. ويقال له حين يُفعل به ذلك الرَّبيكة. ويقال ارتبك في الأمر، إذا لم يكد يتخلص منه.

(ربل)  الراء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تجمُّع وكثرةٍ في انضمام. يقال رَبَل القومُ يَرْبُلون. والرّبيلة: السِّمَن. قال الشاعر([32]):

ولم يَكُ مثلوجَ الفؤادِ مُهبَّجاً *** أضاعَ الشَّبابَ في الرَّبيلةِ والخَفْضِ

  ومن الباب الرَّبَْلَة: باطن الفخذ، والجمع الرَّبَلات. وامرأةٌ مُتَرَبِّلة([33]): كثيرة اللحم؛ وقد تربَّلتْ. والاسم الرَّبَالة.

وممّا يقارب هذا البابَ الرَّبْل، وهو ضروبٌ من الشجر، إذا بَرَدَ الزّمانُ عليها وأدبَرَ الصيف، تفَطَّرَتْ بورقٍ أخضرَ مِن غير مطر. يقال تربَّلت الأرض. ومِن الذي يقارب هذا: الرِّئبال، وهو الأسد؛ سمِّي بذلك لتجمُّع خلقه.

(ربن)  الراء والباء والنون إن* جُعِلت النونُ فيه أصليّةً فكلمةٌ واحدة، وهي الرُّبَّان. يقال أخَذْتُ الشّيء برُبَّانِهِ، أي بجميعه. وقال آخَرون: رُبّان كُلِّ شيءٍ: حِدْثانُه. وقال ابنُ أحمر:

وإنّما العَيْش برُبّانِهِ *** وأنتَ من أفْنَانِه مُعْتَصِرْ([34])

  يريد برُبّانِه: بجِدَّتِه وطَراءَته.

(ربي/أ)  الراء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الزِّيادة والنَّماء والعُلُوّ. تقول مِن ذلك: ربا الشّيءُ يربُو، إذا زاد. وربَا الرّابيةَ يَربُوها، إذا علاها. ورَبَا: أصابه الرَّبْو؛ والرَّبْو: علُوُّ النفَسِ. قال:

حَتَّى عَلاَ رأسَ يَفاعٍ فَرَبَا([35]) *** رفَّهَ عن أنفاسِها وما ربَا

  أي رَبَاها وما أصابه الرَّبو.

والرَّبوة والرُّبْوة ([36]): المكانُ المرتفع. ويقال أرْبَت الحنطة: زَكَتْ، وهي تُرْبِي. والرِّبْوة بمعنى الرَّبْوة أيضاً. ويقال ربَّيْتُهُ وتربَّيْتُه، إذا غذَوْته. وهذا مِمّا([37]) يكون على معنيين: أحدهما مِن الذي ذكرناه، لأنّه إذا رُبِّي نَما وزكا وزاد. والمعنى الآخر مِن ربّيْته من التَّربيب. ويجوز [أن يكون أصل] إحدى الباءات ياءً. والوجهان جيِّدان.

والرِّبا في المال والمعاملة معروف، وتثنيته رِبَوَان ورِبَيَان([38]). والأُرْبِيَّة من هذا الباب، يقال هو في أُرْبِيَّة قَومِه، إذا كان في عالي نسبِه من أهل بيته. ولا تكون الأُرْبِيّة في غيرهم. وأنشد:

وإني وَسْطَ ثعلبَةَ بنِ غَنْمٍ *** إلى أُرْبِيَّةٍ نبتَتْ فُروعا([39])

  والأُرْبِيَّتَانِ: لَحمتان عند أصول الفخذِ من باطن. وسُمِّيتا بذلك لعُلُوّهما على ما دونهما.

وأما المهموز فالمربَأ والمَرْبَأة من الأرض، وهو المكان العالي يقف عليه عَينُ القَوم. ومَربأة البازِي: المكانُ يقف عليه. قال امرؤ القيس:

وقد أغتدِي ومعي القَانِصانِ *** وكلٌّ بمَرْبَأةٍ مُقْتَفِرْ([40])

  وأنا أربأ بك عن هذا الأمر، أي أرتفِع([41]) بك عنه. وذكر ابن دريد: لفُلانٍ على فُلانٍ رَبَاء، ممدود، أي طَوْلٌ([42]). قال أبو زيد: رَابَأْتُ الأمرَ مُرابأةً، أي حَذِرْتُه واتَّقَيْتُه. وهو من الباب، كأنّه يرقُبه. قال ابن السِّكِّيت: ما ربأتُ رَبْأََ فُلانٍ، أي ما علِمتُ به. كأنّه يقول: ما رقَبته. ومنه: فعل فِعلاً ما ربأتُ به، أي ما ظننتُه.

والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــــــ

([1]) أنشدهما في اللسان (ربت، رمت)، وقبله في (زمت):

* سميتها إذ ولدت "تموت" *

([2]) البيت لأبي ذؤيب في ديوانه 85 والمجمل واللسان ربث، رصع، نهي). وعجزه:

* وصار الرصيع نهية للحمائل *

([3]) أنشد في اللسان (ربج) لأبي الأسود العجلي:

وقلت لجاري من حنيفة سر بنا *** نبادر أبا ليلى ولم أتربج

    والبيت بدون نسبة في المخصص (12: 128)، وعجزه في المجمل كما هنا.

([4]) الشف، بالكسر قد يفتح: الفضل والربح والزيادة.

([5]) صدره كما في ديوان الأعشى 163 واللسان (نصح، ربح):

* فترى الشرب نشاوى كلهم *

لكن في اللسان: "فترى القوم" وهي رواية المخصص (4: 101).

([6]) الأروية: جمع رواء، ككساء، وهو حبل يشد به المتاع على البعير.

([7]) لخفاف بن ندبة كما سبق في حواشي (بح1: 174). وعجزه:

* يعيش بفضلهن الحي سمر *

([8]) الذي في الجمهرة (1: 220): "والرباح ولد القرد والجمع ربابيح".

([9]) لصخر الغي الهذلي كما في اللسان (مها، ربد). وسيعيده في (مها). وقصيدته في شرح السكري للهذليين (12) ومخطوطة الشنقيطي 55. وقبل البيت:

إني سينهى عني وعيدهم *** ببض رهاب ومجنأ أجد

([10]) كذا وردت هذه الكلمة. والظن أنها مقحمة.

([11]) البيت بدون نسبة في اللسان (ربد). وورد في أبيات منسوبة إلى سويد بن كراع. البيان (2: 12) برواية: "جعلت أمامها".

([12]) الجمهرة (1: 255).

([13]) قربة، بالباء، كما في الأصل والمجمل والتفسير بعدها يؤيدها. وفي اللسان (9: 11): "وقرية ربوض" عظيمة مجتمعة. وفي الحديث أن قوماً من بني إسرائيل باتوا بقرية ربوض... وقربة ربوض واسعة". فجعل الوصف للقرية والقربة.

([14]) ديوان ذي الرمة 432 واللسان (ربض). وتمامه:

* من الدهنا تفرغت الحبالا *     وقبله:

وفي الأظعان مثل مها رماح *** علته الشمس فادرع الضلالا

([15]) يقال بالفتح والتحريك، وبضم وبضمتين.

([16]) البيت في اللسان (ربض، قرمص)

([17]) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (تلل). وقد سبق في (تل 339).

([18]) التلاد: القديم. وفي الأصل: "بلاد"، صوابه من المجمل واللسان.

([19]) في القاموس (ربط): "لقب الغوث بن مر بن طابخة؛ لأن أمه كانت لا يعيش لها ولد فنذرت لئن عاش لتربطن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة".

([20]) يقال فيها بضم ياء المضارع، وفتحها وكسرها.

([21]) في الأصل: "عبيد الله"، تحريف. انظر المفضليات (2: 178).

([22]) البيت من أبيات ثمانية رواها أبو تمام في الحماسة (1: 420).

([23]) صدره كما سبق في (ربط):  * رابط الجأش على فرجهم *

([24]) وبضمها أيضاً؛ فهن ثلاث لغات.

([25]) يقال أشلت الحجر، وشلت به، وشاولته.

([26]) رواية اللسان (شظظ، ربع، جلفع): "الناقة الجلفعة". وفي مادة (طبع): "المطبعة" كما هنا.

([27]) الجمهرة (1: 267).

([28]) وكذا في الجمهرة. وفي المجمل: "الدقيق".

([29]) يقال أيضاً "رمدت" بالميم، كما في اللسان (رمد، ربق).

([30]) في المجمل "يقول: إذا أضرعت فهيئ الربق لأولادها؛ فإنها تلد عن قريب".

([31]) في الأصل: "أوقفه فيه"، صوابه من المجمل واللسان.

([32]) هو أبو خراش الهذلي، كما في اللسان (ربل). وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 75، وحماسة أبي تمام (1: 326).

([33]) في الأصل: "مربلة"، والسياق يأباها، وصوابها من المجمل واللسان.

([34]) في اللسان (ربب): "مفتقر" وقال. "ويروى معتصر". وقد ورد بهذه الرواية في اللسان (عصر). ولم ينشده في (ربن). وسيعيده ابن فارس في (عصر).

([35]) كلمة "حتى" ليست في الأصل، وإثباتها من المجمل.

([36]) اقتصر في المجمل على لغة الفتح، وهنا ضبط في النسخة في هذا الموضع بالفتح ثم الضم. ويقال أيضاً "ربوة" بالكسر، كما سيأتي، فالكلمة مثلثة.

([37]) في الأصل: "ما".

([38]) في اللسان: "وأصله من الواو، وإنما ثني بالياء للإمالة السائغة فيه من أجل الكسرة".

([39]) البيت في المجمل واللسان (ربا).

([40]) ديوان امرئ القيس 10. والمقتفر: المتتبع الآثار.

([41]) في الأصل: "أرفع".

([42]) في الجمهرة (3: 203): "أي طول وعلو". والطول، بالفتح، كما ضبط بالأصل: الفضل. وضبط في المجمل بالضم، وليس بشيء. وزاد في المجمل بعده: "وهو مردود".

 

 

ـ (باب الراء والتاء وما يثلثهما)

(رتج)  الراء والتاء والجيم أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على إغلاقٍ وضِيق. من ذلك أُرْتِجَ على فُلان في منطقه، وذلك إذا انغلق عليه الكلامُ. وهو من أرتَجْتُ البابَ، أي أغلقتُه. يقال رَتِجَ الرّجل في منقطه رَتَجاً. والرِّتاج: البابُ الغُلُق([1])، كذا قال الخليل. وروي في الحديث: "مَن جَعَل مالَهُ في رِتَاج الكعبة"، قالوا: هو البابُ، ولم يُرِد البابَ بعينه، لكنّه أراد أنّه جعل مالَه هَدْياً للكعبة، يريد النَّذْر. [قال([2])]:

إذا أحْلَفُوني في عُليّةَ أُجْنِحَتْ *** يَميني إلى شَطْر الرِّتاجِ المضبَّبِ([3])

  قال الأصمعيّ: أرْتَجَتِ النّاقة، إذا أَغلقت رحمَها على الماء. وأرْتَجَت الدّجاجة، إذا امتلأ بطنُها بيضاً. ويقال إنّ المَرَاتج الطُّرقُ الضيِّقة. والرَّتائج: الصخور المتراصِفة([4]).

(رتخ)  الراء والتاء والخاء ليس بشيء. على أنَّهم يقولون: رَتخَ العجينُ رَتْخاً، إذا رَقَّ. وكذلك الطِّين.

(رتع)  الراء والتاء والعين كلمةٌ واحدة؛ وهي تدلُّ على الاتِّساع في المأكل. تقول: رَتَعَ يَرْتَع، إذا أكل ما شاء، ولا يكون ذلك إلاّ في الخِصب. والمراتِع: مواضع الرَّتْعَة، وهذه المنزلة يستقرُّ فيها الإنسان([5]).

(رتب)  ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ([6]).

ومن هذا الباب قولهم: أَمْر تُرْتَبٌ؛ كأنه تُفْعَل، من رَتَبَ إذا دامَ. والرَّتَب: الشدّة والنَّصَب. قال ذو الرُّمَّة:

* ما في عيشه رَتَبُ([7]) *

والرَّتَب: ما أشْرَف من الأرض كالدَّرَج. تقول: رَتَبَةٌ ورَتَبٌ، كقولك دَرَجة ودَرَج. فأمّا قولهم في الرَّتَب، إنّه ما بين السَّبَّابة والوسطى، فمسموع، إلاّ أنّه وما أشبهه ليس من مَحْض اللغة.

ــــــــــــــــــ

([1]) الغلق بضمتين، كما في اللسان: والقاموس: "المغلق، وباللفظ الأخير وردت في المجمل. وضبطت في الأصل بفتحتين خطأ. قال في اللسان: "وباب غلق: مغلق، وهو فعل بمعنى مفعول، مثل قارورة وباب فتح، أي واسع ضخم؛ وجذع قطل".

([2]) هذه من المجمل.

([3]) أجنحت: أمليت. وفي الأصل: "أحجنت" صوابه في المجمل واللسان (رتج).

([4]) زاد في المجمل: "الواحدة رتاجة". وقد أورد في اللسان "الرتاجة" وفسرها بأنها "كل شعب ضيق كأنما أغلق من ضيقه". وفي القاموس: "والرتائج: الصخور، جمع رتاجة".

([5]) كذا وردت هذه المادة. وفي الكلام بعدها سقط بلا ريب. وقد أورد في المجمل مواد كثيرة بين هذه المادة وتاليتها، هي (رتق، رتك، رتل، رتم، رتو/أ).

([6]) أول هذه المادة ساقط من الأصل. وأولها في المجمل: "رتب إذا استقر ودام. وأمر ترتب: دائم ثابت".

([7]) البيت بتمامه كما في الديوان 17 واللسان (رتب):

تقيظ الرمل حتى هر خلفته *** تروح البرد ما في عيشه رتب

 

ـ (باب الراء والثاء وما يثلثهما)

(رثد) الراء والثاء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَضْدٍ وجَمع. يقال منه رَثَدْتُ المتاعَ، إذا نَضَدْتَ بعضَه على بعض. والمتاعُ المنضود رَثَد. وبذلك سُمِّي الرجل مَرْثداً. ومتاع رثِيدٌ ومرثود. وهو قوله:‏

فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما *** ألقتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ(1)‏

وحكَى الكسائيُّ: أرثَدَ الرّجُل بالأرض كذا، أي أقامَ، ويقال: إنَّ المَرْثَدَ الكريمُ من الرِّجال(2). فأمّا قولُ القائل: إنَّ الرّثَد ضَعَفة الناس فذلك بمعنى التَّشبيه، كأنَّهم شُبِّهوا بالمتاع الذي يُنضَد بعضُه فوق بعض. يقولون: تركْنا على الماء رَثَداً ما يُطِيقون تَحَمُّلاً(3). والرَّثَد(4) أيضاً: ما يتلبّد من الثَّرى. يقال: احتفر القومُ حتَّى أرثَدُوا، أي بلغوا ذلك.‏

(رثع) الراء والثاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَشَعٍ وطَمَع. كذا قال الخليل: إنّ الرّثَع الطَّمَع والحِرْص. قال الكسائيّ: رجلٌ راثِع، وهو الذي يرضَى من العطيّة بالطَّفيف ويُخادِنُ أخدانَ السَّوء. يقال رثِع رثَعاً.‏

(رثم) الراء والثاء والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء. يقال: رثَمَت المرأة أنْفَها بالطِّيب: طَلَتْه. قال:‏

* شَمّاءَ مارِنُها بالمِسك مَرثُومُ(5) *‏

ومن هذا الباب: رُثِم أنفُه، وذلك إذا ضُرِب حتَّى يسيل دمُه. ومن الباب الرَّثَم: بياضٌ في جَحْفلة الفَرَس العُلْيا. وهي الرُّثْمَة. وهو القياس؛ كأن الجحفلة قد رُثِمَت ببياض.‏

(رثن) الراء والثاء والنون ليس بشيءٍ. وربما قالوا: أرضٌ مرثونةٌ. الرَّثَان، وهو ممّا زَعَموا: شِبْه الرَّذَاذ.‏

(رثي) الراء والثاء والحرف المعتل أُصَيْلٌ على رِقّة وإشفاق. يقال رثَيْتُ لفُلان: رقَقْتُ. ومن الباب قولُهم رَثَى الميِّت بشعرٍ. ومن العرب من يقول: رَثَأْت. وليس بالأصل, ومن الباب الرَّثْيَة: وجعٌ في المَفاصل.‏

فأمّا المهموز فهو أيضاً أُصَيْلٌ يدلُّ على اختلاطٍ. يقال أَرْثَأَ اللَّبَن: خَثُر. والاسم الرّثيئة. قالوا في أمثالهم: "إِنَّ الرَّثِيئة مما يُطفِئُ الغَضَبَ". قال أبو زيد: يقال ارْتَثَأَ عليهم أمْرُهُم: اختَلطَ. ومنه الرثيئة. ويقال: ارتَثَأَ في رأيه، أي خَلَط. وهم يَرْثَؤُون رَثْأً. ويقال الرَّثِيئة أن يخلط اللبن الحامض بالحُلْو(6).‏

والله أعلم بالصواب.‏

ــــــــــــــ

(1) البيت لثعلبة بن صعير المازني، من قصيدة في المفضليات (1: 126- 129). وأنشده في اللسان (رثد) بهذه الرواية أيضاً. وفي المفضليات: "فتذكرت".‏

(2) في القاموس: "وكمسكن: الرجل الكريم". ولم تذكر في اللسان.‏

(3) وكذا في اللسان. لكن في المجمل: "لا يطيقون محملاً".‏

(4) في الأصل: "وارثد". ولم أجد هذه الكلمة بهذا المعنى في غير المقاييس.‏

(5) البيت لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (رثم). وصدره:‏

* تثني النقاب على عرنين أرنبة *‏

(6) في الأصل: "الخلة"، صوابه من المجمل.‏

 

 

ـ (باب الراء والجيم وما يثلثهما)

(رجح)  الراء والجيم والحاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على رَزَانةٍ وزِيادة. يقال: رَجحَ الشيء، وهو راجِح، إذا رَزَن، وهو من الرُّجْحان، فأمّا الأُرْجُوحة فقد ذُكِرَتْ في مكانها([1]). ويقال أرجَحْتُ، إذا أَعْطَيتَ راجحاً. وفي الحديث: "زنْ وَأرجح". وتقول: ناوَأْنَا قَوْماً فرجَحْناهم، أي كُنَّا أرزَنَ منهم. وقومٌ مَراجيحُ في الحِلْم؛ الواحد مِرجاحٌ. ويقال: إنّ الأراجِيح الإبلُ؛ لاهتزازها في رَتَكانِها إذا مَشَتْ. وهو من الباب؛ لأنها تترجّح وتترجّح أحمالُها. وذكر بعضُهم أنّ الرَّجَاحَ المرأةُ العظيمة العَجُز. وأنشد:

* ومِن هَوَايَ الرُّجُح الأثَائثُ([2]) *

(رجز)  الراء والجيم والزاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ. من ذلك الرَّجَزُ: داءٌ يصيبُ الإبلَ في أعجازِها، فإذا ثارت النّاقةُ ارتعشَتْ فَخِذاها.

ومن هذا اشتقاق الرَّجَزِ من الشِّعر؛ لأنه مقطوع مضطرب([3]). والرِّجازة: كِساءٌ يُجْعَل فيه أحجارٌ [تعلّق([4])] بأحد جانِبَي الهَودج إذا مالَ؛ وهو يَضطَرِبُ. والرِّجَازة أيضاً: صوفٌ يعلّق على الهَودج يُزَيَّن به. فأما الرِّجْز الذي هو العذاب، والذي هو الصَّنَم، في قوله جلّ ثناؤه: {والرِّجْزَ فاهْجُرْ} [المدثر 5]، فذاك من باب الإبدال؛ لأن أصلَه السّينُ؛ وقد ذُكِر.

(رجس)  الراء والجيم والسين أصلٌ يدلُّ* على اختلاطٍ. يقال هُمْ في مَرْجُوسَةٍ مِن أمرِهم، أي اختِلاط. والرَّجْس: صوت الرَّعد، وذلك أنه يتردَّد. وكذلك هَدِيرُ البعيرِ رَجْسٌ. وسَحابٌ رَجّاسٌ، وبعيرٌ رَجّاس. وحكى ابنُ الأعرابيِّ: هذا رَاجِسٌ حَسَنٌ، أي راعِدٌ حَسن. ومن الباب الرِّجْس: القَذَر؛ لأنّه لَطْخٌ وخَلْط.

(رجع)  الراء والجيم والعين أصلٌ كبيرٌ مطّرد مُنْقاس، يدلُّ على رَدّ وتَكرار. تقول: رَجَع يرجع رُجوعاً، إذا عادَ. ورَاجَعَ الرّجُل امرأتَه، وهي الرَّجْعَة والرِّجْعَةُ. والرُّجْعَى: الرجوع. والرَّاجعة: الناقة تُباع ويُشتَرى بثمنها مِثلُها، والثانية هي الراجعة. وقد ارتُجِعَتْ. وفي الحديثُ: "أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في إبلِ الصَّدقةِ ناقةً كَوْماءَ، فسَأل عنها فقال المُصَدِّق: إنِّي ارتَجعتُها بإِبلٍ". والاسمُ مِن ذلك الرِّجْعة. قال:

جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفَات على الـْ *** أوْرَقِ لا رِجْعَةٌ ولا جَلَبُ([5])

  وتقول: أعطيتُه كذا ثمَّ ارتجعتُه أيضاً صحيح بمعناه. قال الشاعر([6]):

نُفِضَتْ بك الأحلاسُ نَفْضَ إقامةٍ *** واستَرْجَعَتْ نُزّاعَها الأمصارُ

  وامرأةٌ راجع: ماتَ زوجُها فرجَعت إلى أهلها. والترجيع في الصوت: تردِيدُه. والرَّجْع: رَجْع الدّابةِ يدَيْها في السَّير. والمرجوع: ما يُرجَع إِليه من الشيء. والمرجوع، جواب الرِّسالة. قال حُمَيد:

ولو أنَّ رَبْعاً رَدَّ رَجْعاً لسائلٍ *** أشار إِليَّ الرَّبْعُ أو لَتَكَلما([7])

  وأرْجَعَ الرَّجلُ يده في كِنانته، ليأخُذ سهماً. وهو قولُ الهُذَليّ([8]):

* فَعَيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ([9]) *

والرّجاع: رُجوع الطَّير بعد قِطاعِها. والرَّجيع: الجِرَّة؛ لأنه يُرَدَّد مضْغُها. قال الأعشى:

وفلاةٍ كأنّها ظَهرُ تُرْسٍ  *** ليس إلا الرَّجِيعَ فيها عَلاَقُ([10])

  والرَّجِيع من الدوابّ: ما رجَعْتَه من سفرٍ إلى سَفَر. وأَرجَعَتِ الإبلُ، إذا كانت مَهَازِيلَ فسَمِنَتْ وحَسُنَتْ حالُها، وذلك رُجوعُها إلى حالِها الأولَى. فأمّا الرَّجْع [فـ] الغيثُ، وهو المطرُ في قوله جلّ وعزّ: {وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق 11]، وذلك أنها تَغِيث وتصُبّ ثم تَرجِع فتَغِيث. وقال:

وجاءت سِلْتمٌ لا رَجْعَ فيها *** ولا صَدْعٌ فتَحْتلِبَ الرِّعاءُ([11])

  (رجف)  الراء والجيم والفاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ. يقال رجَفَتِ الأرْضُ والقَلبُ. والبَحْرُ رَجّافٌ لاضطرابه. وأَرْجَفَ الناسُ في الشيءِ، إذا خاضوا فيه واضطَرَبُوا.

(رجل)  الراء والجيم واللام مُعظم بابِه يدلُّ على العُضو الذي هو رِجْلُ كلِّ ذي رِجْل. ويكون بعد ذاك كلماتٌ تشِذُّ عنه. فمعظم الباب الرِّجل: رِجْلُ الإِنسانِ وغيره. والرَّجْل: الرَّجّالة. وإنما سُمُّوا رَجْلاً لأنهم يمشون على أرجُلِهم، والرُّجَّال والرَُّجَالَى: الرِّجَال. والرَّجْلانُ: الراجِل، والجماعة رَجْلى. قال:

عَليَّ إذا لاقَيْتُ لَيْلَى بخَلْوَةٍ *** زِيارَةُ بيتِ الله رَجْلاَنَ حافيا([12])

  رَجَلْتُ الشَّاةَ: عَلَّقْتُها برجلها. ويقال: كان ذاك على رِجْلِ فُلانٍ، أي في زمانِه. والأرجَل من الدوابِّ: الذي ابيضَّ أحَدُ رِجْليه مع سوادِ سائرِ قوائمه؛ وهو يُكْرَه([13]). والأرجَلُ: العظيم الرِّجْل. ورجلٌ رَجِيلٌ وذُو رُجْلَةٍ، أي قويٌّ على المَشْي. ورَجِلْتُ أَرْجَل رَجَلاً. وترَجَّلْتُ في البئر([14])، إِذا نزَلْتَ فيها من غير أن تُدَلَّى. وارتَجَلَ الفَرَسُ ارتجالاً، إِذا خَلَط العَنَق بالهَمْلَجةِ([15]). وأرْجَلْتُ الفصيلَ: تركْتُه يمشِي مع أمِّه، يرضَع متى شاء. ويقال راجِلٌ بَيِّن الرُّجْلَة.

وارتَجَلْتُ الرَّجلَ: أَخذْت برِجْله. قال الخليل: رِجْل القَوس: سِيَتُها العُليا ورِجْلُ الطائر: ضربٌ من المِيسم. ورِجْلُ الغُرابِ: ضَربٌ من صَرِّ أخْلاف النُّوق. وحَرَّةٌ رَجْلاء: يصعُب المشْيُ فيها. وهذا كلُّه يرجِع إلى الباب الذي ذكرناه.

ومما شذّ عن ذاك([16]) الرّجُل: الواحد من الرِّجال، وربما قالوا للمرأة الرَّجُلَة([17]). ومما شذّ * عن الأصل أيضاً الرِّجْلة، هي التي يقال لها البَقْلة الحَمْقاء. قالوا: وإنما سُمِّيت الحمقاءَ لأنها لا تنبُت إِلا في مَسيلِ ماء. وقال قومٌ: بل الرِّجَل([18]) مَسايِلُ الماء، واحدتها رِجْلَة.

فأما قولهم: تَرجّل النهار، إذا ارتفع، فهو من الباب الأوَّل، كأنه استعارة، أي إنه قام على رِجْله. وكذلك رَجَّلْت الشَّعْرَ، هو من هذا، كأنه قُوِّي. والمِرْجَلُ مشتقٌّ من هذا أيضاً؛ لأنه إِذا نُصِب فكأنه أقيم على رِجْلٍ.

ومما شذ عن هذه الأصول ما رواه الأُمَويّ، قال: إذا ولدتِ الغَنَم بعضُها بعد بعض قالوا: ولَّدْتُها الرُّجَيْلاَء([19]).

(رجم)  الراء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يرجِع إلى وجهٍ واحد، وهي [الرَّمْي بـ] الحجارة، ثم يستعار ذلك. من ذلك الرِّجام، وهي الحجارة. يقال رُجم فلانٌ، إذا ضُرِب بالحجارة. وقال أبو عُبيدة وغيرُه: الرِّجام: حجَرٌ يشَدُّ في طرف الحَبْل، ثم يدَلَّّى في البئر، فَتُخَضْخَضُ الحمأةُ حتى تَثُور ثم يُسْتَقى ذلك الماء فتُسْتَنْقَى البِئر([20]). والرُّجْمَة: القبر، ويقال هي الحجارة التي تجمع على القَبر ليُسَنم. وفي الحديث: "لا تُرَجِّمُوا قَبْري"، أي لا تجعلوا عليه الحجارةَ، دَعُوه مستوِياً. وقال بعضُهم: الرّجام حجرٌ يشَدُّ بطَرَف عَرْقُوَةِ الدّلو، ليكون أسرَعَ لانحدارها.

والذي يستعار من هذا قولُهم: رَجَمْتُ فلاناً بالكلام ، إذا شَتَمْتَه. وذُكِر في تفسير ما حكاه عزّ وجلّ في قصة إبراهيم عليه السلام: { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ} [مريم 46] أي لأشتُمنَّك؛ وكأنه إذا شتَمه فقد رجَمَه بالكلام، أي ضرَبَه به، كما يُرجَم الإنسان بالحجارة. وقال قوم: لأرجُمَنَّك: لأقتُلنّك . والمعنى قريبٌ من الأول.

(رجن)  الراء والجيم والنون أصلان: أحدهما المُقَام، والآخر الاختلاط.

فالأول قولهم: رَجَنَ بالمكان رُجُوناً: أقام. والرَّاجِن: الآلِف من الطَّير وغيره.

والثاني قولهم ارْتَجَنَ أمْرُهم: اختلَط. وهو من قولهم ارْتَجَنَتِ الزّبدة، إذا فسَدتْ في المَخْض.

  (رجي)  الراء والجيم والحرف المعتلّ أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على الأمَل، والآخَر على ناحية الشيء.

فالأول الرَّجاءُ، وهو الأمل. يقال رجَوت الأمْرَ أرجُوه رجاءً. ثم يُتَّسع في ذلك، فربما عُبِّر عن الخوف بالرَّجاء. قال الله تعالى: {مَالَكُمْ لاَ تَرْجُونَ ِللهِ وَقَاراً} [نوح 13]، أي لا تخافون لـه عَظَمَةً. وناسٌ يقولون: ما أرجو، أي ما أبالي. وفسَّروا الآية على هذا، وذكروا قول القائل:

إذا لَسَعَته النحلُ لم يَرْجُ لَسْعَها *** وخالَفَها في بيت نُوبٍ عَوَامِلِ([21])

  قالوا: معناه لم يكترِثْ. ويقال للفرَس إذا دنا نِتاجها: قد أرْجَتْ تُرْجِي إرجاءً.

وأمَّا الآخَر فالرَّجَا، مقصور: النَّاحية من البئر؛ وكل ناحيةٍ رَجاً. قال الله جلّ جلاله: {وَالمَلَكُ عَلى أَرْجَائِهَا} [الحاقة 17]. والتثنيةُ الرَّجَوَانِ. قال:

فلا يُرْمَى بيَ الرَّجَوَانِ إنِّي *** أقَلُّ الناس مَن يُغني غَنائِي([22])

  وأما المهموز فإِنّه يدلُّ على التأخير. يقال أرجأْتُ الشيءَ: أخّرته. قال الله جلّ ثناؤُه: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب 51]؛ ومنه سمِّيت المُرْجئة.

قال الشيبانيّ: أَرْجَأَتْ([23]).

(رجب)  الراء والجيم والباء أصلٌ يدلُّ على دَعْم شيءٍ بشيءٍ وتقويتِه. من ذلك الترجِيب، وهو أن تُدْعَم الشجرةُ إذا كثُر حملُها، لئلا تنكسِر أغصانُها. ومن ذلك حديثُ الأنصاريّ([24]): "أنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيْقُها المرجَّب([25])" يريد أن يُعوَّل على رأيه كما تعوِّلُ النَّخلةُ على الرُّجْبة التي عُمِدَتْ بها.

ومن هذا الباب: رجَّبْتُ الشيء، أي عظّمته. كأنك جعلته عُمدةً تعمِده لأمرك، يقال إنّه لمُرَجَّب. والذي حكاه الشيبانيُّ يقرُب من هذا؛ قال: الرَّجْبُ: الهَيْبَة. يقال رَجَبْتُ الأمر، إذا هِبْتَه. وأصل هذا ما ذكرناه من التعظيم، والتّعظيم يرجع* إلى ما ذكرناه من السّيد المعظّم، كأنه المعتمد والمعوَّل. والكلام يتفرَّع بعضُه من بعضٍ كما قد شرحناه. ومن الباب رَجَبٌ، لأنَّهم كانوا يعظِّمونه؛ وقد عظَّمَتْه الشّريعة أيضاً. فإذا ضمُّوا إليه شعبانَ قالوا رجَبانِ.

ومن الذي شذَّ عن الباب الأرْجاب: الأمْعاء. ويقال: إنّه لا واحدَ لها من لفظها. فأما الرّواجب فمفاصل الأصابع، ويقال: بل الراجبة ما بين البُرْجُمتين من السُّلامَى بين المَفْصِلَين.

(رجد)  الراء والجيم والدال ذكرت فيه كلمةٌ. قالوا: الإرجاد: الإرعاد.

ــــــــــــــــــــ

([1]) كذا في الأصل. ولعل كلمة "ذكرت" محرفة.

([2]) البيت لرؤبة. ديوانه 29 واللسان (أثث، وعث، رجح). وقد سبق إنشاده في (أث).

([3]) في المجمل: "وذكر ناس أن الخليل كان ينكر أن يكون شعراً". وانظر تحقيق هذا الرأي في اللسان (رجز).

([4]) التكملة من المجمل.

([5]) البيت للكميت يصف الأثافي. انظر الهاشميات 56 واللسان (رجع 476).

([6]) هو مسلم بن الوليد . ديوانه 238 والبيان (3: 141، 260).

([7]) في الأصل: "لت كلما" تحريف. وفي ديوانه المخطوط بتحقيق العلامة الميمني: "أو لتفهما".

([8]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 9 والمفضليات (2: 225) واللسان (رجع 487).

([9]) انظر (عيث). والبيت بتمامه كما في المراجع المتقدمة:

فبدا لـه أقراب هذا رائغا *** عجلا فعيث في الكنانة يرجع

([10]) ديوان الأعشى 141 واللسان (رجع، علق). وسيعيده في (علق).

([11]) السلتم، كزبرج: الداهية والسنة الصعبة. وفي الأصل: "سليم" صواب إنشاده من اللسان (رجع، سلتم). وفي الأصل أيضاً: "فينجر الرعاء"، وأثبت ما في اللسان.

([12]) أنشده في اللسان (رجل 284) بدون نسبة أيضاً برواية: "أن ازدار بيت الله".

([13]) في اللسان: "ويكره إلا أن يكون به وضح غيره".

([14]) يقال أيضاً: "ترجل البئر". انظر القاموس واللسان (رجل 288).

([15]) في الأصل: "بالهمجلة" تحريف. والهملجة: السير في سرعة وبخترة.

([16]) في الأصل: "وبعد ذاك".

([17]) من شواهده قوله:  خرقوا جيب فتاتهم *** لم يبالوا حرمة الرجله

([18]) الرجل، كعنب، كما نص في القاموس. وقيدت بأنها مسايل الماء من الحرة إلى السهل.

([19]) انظر اللسان (رجل 287).

([20]) في الأصل: "فتستقي البئر"، صوابه في المجمل واللسان.

([21]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 143 واللسان (عسل). وصواب روايته: "عواسل" كما في اللسان والديوان. وأنشد في المجمل صدره فقط. ويروى: "وحالفها" بالحاء المهملة.

([22]) في اللسان (رجا 24): "من يغني مكاني".

([23]) كذا وردت هذه العبارة، وحقها أن توضع بعد قوله "ترجي إرجاء" س3 من هذه الصفحة. وفي المجمل: "ويقال للناقة أو الفرس إذا دنا نتاجها قد أرجت إرجاء. قال الشيباني: "هو أرجأت".

([24]) هو الحباب بن المنذر، انظر اللسان والإصابة 1547.

([25]) في الأصل: "المجرب"، تحريف.

 

 


ـ (باب الراء والحاء وما يثلثهما)

(رحض)  الراء والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على غَسْل الشيء. يقال رحَضْتُ الثَّوبَ، إذا غسَلْتَه. قال:

مَهَامِهُ أَشْباهٌ كأنَّ سَرابَها *** مُلاءٌ بأيدي الغاسِلات رحيضُ([1])

  ويقال للمغْتَسَل([2]) المِرحاض. فأما عَرَقُ الحمَّى فإِنَّه يسمّى الرُّحَضاء؛ وهو ذاك القياس، كأنّها رحضَتِ الجسمَ، أي غَسَلْتَه.

(رحق)  الراء والحاء والقاف كلمةٌ واحدة. وهي الرَّحيق: اسمٌ من أسماء الخمر، ويقال هي أفضَلُها.

(رحل)  الراء والحاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُضيٍّ في سفَر. يقال: رَحَل يَرْحَل رِحْلَة. وجملٌ رحِيل: ذو رُِحْلة([3])، إذا كان قويّاً على الرِّحلة، والرِّحلة: الارتحال. فأمّا الرَّحْل في قولك: هذا رَحْلُ الرّجلِ، لِمَنزِلهِ ومأواهُ، فهو من هذا، لأنّ ذلك إنّما يقال في السَّفَر لأسبابه التي  إذا سافر كانت معه، يرتحل بها وإليها عند النزول. هذا هو الأصل، ثمَّ قيل لمأوَى الرّجل في حَضَرِه هو رحْلُه. فأمّا قولهم لِما ابيَضَّ ظَهْرُه من الدوابّ: أرحَلُ، فهو من هذا أيضاً؛ لأنّه يُشبَّه بالدابة التي على ظهرها رِحالة. والرِّحالة: السَّرج. ويقال في الاستعارة إن فلاناً يَرْحَلُ فُلاناً بما يكره([4]). والمُرَحَّل. ضَربٌ من برود اليمن؛ وتكون عليه صُوَرُ الرِّحال. ويقال أرْحَلَت الإبلُ: سَمِنَت بعد هُزالٍ فأطاقَت الرِّحْلة. والرِّحال: الطّنَافس الحِيرِيّة. قال:

* نَشَرَتْ عليه بُرودَها ورِحالَها([5]) *

والرَّاحلة: المَرْكَب من الإبل، ذكراً كان أو أنثى. ويقال رَاحَلَ فلانٌ فلاناً إذا عاوَنَه على رِحْلته. ورَحَّله، إذا أظْعَنَه مِن مكانه. وأرْحَلَه: أعطاه راحِلة. ورجل مُرْحِل: كثير الرّواحِل. ويقولون في القَذْف: "يا ابنَ مُلْقَى أرحُلِ الرُّكْبان"، يشيرون به إلى أمْرٍ قبيح.

(رحم)  الراء والحاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرّقّة والعطف والرأفة. يقال من ذلك رَحِمَه يَرْحَمُه، إذا رَقَّ لـه وتعطَّفَ عليه. والرُّحُْم والمَرْحَمَة والرَّحَْمة بمعنىً. والرَّحِم: عَلاقة القرابة، ثم سمِّيت رَحِمُ الأنثى رَحِماً من هذا، لأنّ منها ما يكون ما يُرْحَمُ وَيُرَقّ لـه مِن ولد. ويقال شاةٌ رَحُومٌ([6])، إذا اشتكَتْ رحِمَها بعد النِّتاج؛ وقد رَحُمَتْ رَحَامَة، ورُحِمَت رَحْما([7]). وقال الأصمعيّ: كان أبو عمرو بن العلاء يُنشد بيتَ زُهير:

ومَن ضرِيبته التّقوَى ويَعصِمُه *** مِن سيِّئ العَثَرات اللهُ والرُّحُمُ([8])

  قال: ولم أسمَعْ هذا الحرفَ إلاّ في هذا البيت. وكان يقرأ: {وَأَقْرَبَ رُحُماً([9])} [الكهف 81]، وكأن أبا عمروٍ ذهب إلى أنّ الرُّحُمَ الرَّحْمة. ويقال إنّ مكّة كانت تسمَّى أمَّ رُِحْم([10]).

(رحي)  الراء والحاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحد، وهي الرَّحَى الدائرة. ثم يتفرّع منها ما يقاربُها في المعنى. من ذلك رَحَى الحرب، وهي حَوْمَتُها. والرَّحى: رَحَى السَّحاب، وهو مُسْتَدَارُهُ. ورَحَى القوم: سيِّدهم. وسمي بذلك لأنَّ مَدارَهم عليه. والرَّحَى: سَعْدانة البعير([11])؛ لأنّها مستديرة. قال:

* رَحَى حَيزُومِها كرَحَى الطَّحينِ([12]) *

قال الخليل: الرَّحَى والرَّحيانِ. و*ثلاثُ أَرْحٍ([13]). والأرحاء، الكثيرة. والأَرْحِيَة كأنه جمع الجمع. والأرحاء: الأضراس. وهذا على التشبيه، أي كأنها تطحَن الطّعام. ويقال على التشبيه أيضاً للقِطعة من الأرض الناشِزَة على ما حولَها مثل النَّجَفة رَحىً([14]). وناسٌ من أهل اللُّغة يقولون: رحىً ورحَوَان قالوا: والعرب تقول رحَتِ الحيَّة تَرْحُو، إِذا استدارت.

(رحب)  الراء والحاء والباء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على السَّعَة. من ذلك الرُّحْب. ومكانٌ رَحْبٌ. وقولهم في الدعاء: مَرْحَباً: أَتيتَ سَعةً. والرُّحْبَى: أعرض الأضلاع في الصَّدر. والرَّحِيب: الأكُول؛ وذلك [لسَعةِ] جوفِه. ويقال رَحُبَت الدّارُ، وأَرْحَبَت. وفي كتاب الخليل: قال نصر بنُ سيَّار: "أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرمانيّ([15])"، أي أَوَسِعَكُمْ؟ قال: وهي كلمةٌ شاذّة على فَعُل مجاوِزاً([16]). والرَّحْبة: الأرضُ المِحلالُ المِئْناث([17]). ويقال للخيل: "أَرْحِبِي" أي توسَّعي.

ـــــــــــــــــ

([1]) البيت للعديل بن الفرخ العجلي من أبيات ثلاثة في حماسة ابن الشجري 199، والأغاني (20: 18)، والكامل 287، والشعراء لابن قتيبة. وقبله:

أخوف بالحجاج حتى كأنما *** يحرك عظم في الفؤاد مهيض

ودون يد الحجاح من أن تنالني *** بساط لأيدي الناعجات عريض

    وفي الأصل: "بأيدي الغانيات"، صوابه من المصادر المتقدمة.

([2]) في الأصل: "للمفتل"، صوابه في المجمل.

([3]) الرحلة بالضم والكسر: القوة على السير.

([4]) زاد في المجمل: "إذا آذاه". وفي اللسان: "أي يركبه".

([5]) البيت للأعشى في ديوانه 23 واللسان (رحل 295). وصدره: *ومصاب غادية كأن تجارها*

([6]) ويقال كذلك للمرأة والناقة والعنز.

([7]) وكذينك: رحمت رحما، كتعبت تعبا.

([8]) ديوان زهير 162 واللسان (رحم 123).

([9]) انظر اللسان (رحم 132).

([10]) نص في اللسان والقاموس ومعجم البلدان أنها بضم الراء. لكن في المجمل: "أم رحم وأم رحم" بكسر الراء أولاً وضمها ثانياً.

([11]) سعدانة البعير: كركرته.

([12]) للشماخ. وصدره كما في ديوانه 92 واللسان (رحا): *فنعم المعترى ركدت إليه*

([13]) الرحى مؤنثة. وفي الأصل والمجمل: "وثلاثة أرح"، صوابه ما أثبت.

([14]) النجفة، بالتحريك: أرض مستديرة مشرفة.

([15]) تكلم صاحب اللسان في تعدية هذا الفعل مع كونه على (فعل) وهو وزن من أوزان اللزوم، ثم ذكر أن الأزهري قال إن نصراً ليس بحجة.

([16]) مجاوزاً، أي متعدياً. وعبارته هنا مطابقة لعبارة المجمل.

([17]) في الأصل: "المناث"، صوابه في المجمل واللسان. وفي اللسان: "وأرض مئناث وأنيثة: سهلة منبتة خليقة بالنبات ليست بغليظة".

 

 


ـ (باب الراء والخاء وما يثلثهما)

(رخص)  الراء والخاء والصاد أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وخلافِ شِدّة. من ذلك اللّحْمُ الرَّخْص، هو الناعم. ومن ذلك الرُّخْص: خِلاف الغَلاء. والرُّخْصَة في الأمر: خَلاف التَّشْديد. وفي الحديث: "إنَّ الله جلّ ثناؤه يحبُّ أن يؤخذ برُخَصِهِ كما يحبُّ أن تُؤتَى عزائِمهُ".

(رخف)  الراء والخاء والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على رَخاوةٍ ولِين. فيقال: إن الرَّخْفَة: الزُّبدة الرَّقيقة. ويقال أرْخَفْتُ العَجين، إذا كثَّرْتَ ماءَه حتَّى يَستَرخِيَ. ويقال منه رَخَف يَرْخُف. ويقولون صار الماءُ رُخْفةً، أي طينا رقيقاً. والرَّخْفة: حجارةٌ خِفافٌ جُوفٌ.

(رخل)  الراء والخاء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الرّخل([1]): الأنثى من أولاد الضَّأنِ، والذّكرُ حَمَلٌ، ويجمع الرخل رخالا.

(رخم)  الراء والخاء والميم أصلٌ يدلُّ على رقّةٍ وإشْفاق. يقال ألقى فلانٌ على فلانٍ رَخْمَتَه، وذلك إذا أظهَرَ إِشفاقاً عليه ورقَّة له. ومن ذلك الكلام الرَّخيم، هو الرقيق. قال امرؤ القيس:

رَخِيمُ الكلامِ قَطِيع القِيا *** مِ تفتَرُّ عن ذي غُروبٍ خَصِر([2])

  والرَّخَمة: الطائر الذي يقال لـه الأنوق، يقال سمِّي بذلك لرَخْمتِه على بَيضَتِه، يقال إنّه لم يُرَ له بيضٌ قطّ. وهو الذي أراده الكميت بقوله:

وذات اسمَيْنِ والألوانُ شَتَّى *** تُحمَّقُ وهي بَيِّنة الحَويلِ([3])

ومن هذا الباب قول أهل العربية: "الترخيم"، وذلك إسقاط شيءٍ من آخر الاسم في النِّداء، كقولهم: يا مالك، يا مالِ؛ ويا حارث، ويا حارِ. كأنّ الاسمَ لما ألقي منه ذلك رَقّ. قال زُهير:

يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بداهيةٍ *** لم يَلْقَهَا سُوقَةٌ قبلي ولا مَلِكُ([4])

ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم: شاةٌ رَخْماء، وهي التي ابيضَّ رأسها.

(رخو)  الراء والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وسخافةِ عقل. من ذلك شيءٌ رِخْوٌ بكسر الراء. قال الخليل: رَُخْوٌ أيضاً([5])، لغتانِ.

يقال منه رَخِيَ يَرْخَى، ورَخُوَ، إذا صار رَُِخْواً. ويقال: أرخَتِ الناقة، إذا استَرخَى صَلاَها. وفرسٌ رِخْو، إذا كانت سهلة مسترسلة، في قول أبي ذؤيب:

* فهي رِخْوٌ تمزَعُ([6]) *

ويقال استرخى به الأمرُ واسترخت به حالُه، إذا وقع في حالٍ حسنةٍ غير شديدة. وتراخَى عن الأمر، إذا قعد عنه وأبطأ. ومن الباب الرُّخاء، وهي الريح الليِّنة. قال الله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص 36]. والإرخاء مِن رَكْضِ الخيل* ليس بالحُضْر المُلْهَب([7]). يقال فرسٌ مِرْخاءٌ من خَيل مَرَاخٍ، وهو عَدْوٌ فوق التَّقْرِيب([8]). قال أبو عبيدٍ: الإِرخاء أن يخلّى الفرسُ وشَهوتَه في العَدْوِ، غير متعبٍ لـه. وهذه أُرْخِيّة، لِما أرْخَيْتَ مِن شيءٍ.

(رخد)  الراء والخاء والدال كلمة واحدة ليس لها قياس. ويقال: الرِّخْوَدّ: الليِّن العِظام.

ـــــــــــــ

([1]) الرخل، بالكسر وككتف.

([2]) كلمة "ذي" ليست في الأصل، وإثباتها من الديوان 58 وفيه: * فتور القيام قطيع الكلام *

([3]) في الحيوان (7: 18، 22) واللسان (حول): "وهي كيسة الحيل". وقد سبقت روايته في (حول) برواية: "بينة الحويل".

([4]) ديوان زهير 180. وهو يعني الحارث بن ورقاء الصيداوي، وكان قد استاق إبل زهير وراعيه يساراً.

([5]) الضبط بضم الراء عن المجمل. على أن الكلمة مثلثة، تقال أيضاً بفتح الراء.

([6]) البيت بتمامه كما في ديوانه 16 والمفضليات (2: 227) واللسان (رخا):

تغدو به خوصاء تقطع جريها *** حلق الرحالة فهي رخو تمزع

([7]) في الأصل: "المهلب"، صوابه في المجمل.

([8]) في الأصل: "القريب". والتقريب: ضرب من العدو.

 

 


ـ (باب الراء والدال وما يثلثهما)

(ردس)  الراء والدال والسين أُصَيلٌ يدلُّ على ضربِ شيءٍ بشيء. يقال ردَسْتُ الأرض بالصّخرةِ وغيرها، إذا ضربْتَها بها. والمِرْدَاس: صَخْرة عظيمة، مِفْعال من رَدَسْت. قال الأصمعيُّ: ما أدرِي أين رَدَس؟ أي ذَهب. والقياسُ واحدٌ، لأنَّ الذاهبَ يقال له: ذَهَب في الأرض، وضَرَب في الأرض.

(ردك)  الراء والدال والكاف ليس أصلاً، لكنهم يقولون: خَلْقٌ مُرَوْدَكٌ؛ أي سمين. قال:

* قامت تُرِيك خَلْقَهَا المُرَوْدَكا *

(ردع)  الراء والدال والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَنْع وصَرْع. يقال ردَعْتُه عن هذا الأمرِ فارتدَع. ويقال للصَّريع: الرَّدِيع. حكاه ابنُ الأعرابيّ([1]).

والمرتدع من السِّهام: الذي [إذا] أصاب الهدف انفضَخَ عُودُه. والمُرْتدع: المتَلَطِّخ بالشيء. قال ابنُ مقبِل:

* يَجْرِي بديباجَتَيْه الرَّشْحُ مُرتَدِعُ([2]) *

فالمرتدِع المتلطِّخ؛ ويقال إنّه من الرَّدْع، والرَّدْع: الدم. قال بعضُ أهل اللُّغة. ومنه يقال للقتيل: "رَكِبَ رَدْعَه". والأصل في هذا كلِّه ما ذكرناه أن الرَّدْع الصَّرْع، وإذا صُرِع ارتَدَع بدمِه إن كان هناك دَم. قال ابن الأعرابيّ: ركِبَ رَدْعَه، إذا خَرَّ لِوَجهِهِ. ومن الباب الرُّدَاع وهو وجع الجسم أجْمَع، وهذا صحيحٌ لأن السقيم صريع. قال:

فواحَزَنِي وعاوَدَني ردَاعِي *** وكان فِراقُ لُبْنَى كالخِدَاع([3])

  (ردغ)  الراء والدال والغين أُصَيلٌ يدلُّ على استرخاء واضطراب. من ذلك الرَّدَْغُ: الماء والطين. ومنه الرَّديغ، وهو الأحمق، والأحمق مضطرِب الرأي.

ومما شذّ عن ذلك المَرَادِغ: ما بَين الْعنق والتَّرقُوة.

(ردف)  الراء والدال والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على اتبِّاع الشيء. فالتَّرادف: التتابع. والرَّدِيف: الذي يُرادِفُك. وسُمِّيت العجيزَةُ رِدْفاً من ذلك. ويقال: نَزَلَ بهم أمرٌ فرَدِفَ لهم أعظَمُ منه، أي تبِع الأوَّلَ ما كان أعظَمَ منه. والرِّدَاف: مَوضع مَرْكَب الرِّدف. وهذا بِرذَونٌ لا يُرادِفُ، أي لا يَحمِل رَدِيفا. وأردافُ النُّجوم: تَوَالِيها. ويقال أتينا فلاناً فارتدفْناهُ ارْتِدافاً، أي أخذناه أَخْذاً. والرَّدِيف: النجم الذي يَنُوء مِن المشرق  إذا انغمَسَ رقِيبُه في المغرب: وأرداف الملوك في الجاهلية: الذين كانوا يَخْلُفُون الملوك. والرِّدْفانِ: الليل والنهار. وفي شعر لبيدٍ "الرِّدْف([4])"، وهو مَلاّح السَّفينة. وهذا أمرٌ ليس له رِدْف، أي ليست له تَبِعة. قال الأصمعيّ: تعاونوا عليه وترادَفُوا وتَرَافَدوا، بمعنىً. ويقال رَادَف الجرادُ؛ والمُرادفة: ركوب الذكرِ الأُنثى. قال أبو حاتم: الرّديف: الذي يجيء بقِدْحه بعد أن فاز مِن الأيسار واحد أو اثنانِ، ويسألُهم أن يدخلوا قِدْحَه في قِدَاحِهم. قال الأصمعيّ: الرُّدَافَى، هم الحُداة، لأنَّهم إِذا أعيا أحدُهم خَلَفَه الآخر. قال الرَّاعي:

وَخُودٌ مِن اللائي يُسَمَّعْنَ بالضُّحى *** قريضَ الرُّدَافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ([5])

  والرَّوَافد: رواكِيب النَّخل.

(ردم)  الراء والدال والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَدّ ثُلْمة. يقال رَدَمْت البابَ والثُّلْمة. والرَّدْم: مصدرٌ، والرَّدْم اسم([6]). والثوب المُرَدَّم هو الخَلَق المُرَقَّع. فأما قوله:

*هل غادَرَ الشُّعراءُ مِن مُتَرَدَّمِ *** أم هل عَرَفْتَ الدارَ بعد توهُّمِ([7])

على رواية من رواه كذا، فإِنّه فيما يقال الكلام يُلْصَق بعضُه ببعض.

ومن الباب: أردَمَتْ عليه الحُمَّى: دامت وأَطبَقَتْ، يقال وِرْدٌ مُرْدِمٌ، وسَحاب مُرْدِم.

(ردن)  الراء والدال والنون هذا بابٌ متفاوتُ الكَلِم لا تكاد تلتقي منه كلمتانِ في قياسٍ واحد، فكتبناه على ما به، ولم نَعْرِضْ لاشتقاق أصلِه ولا قياسِه. فالرُّدْن: مقدَّم الكُمّ. يقال أرْدَنْتُ القَميصَ جعلْتُ له رُدْناً.، والجمع أَرْدَان. قال:

وعَمْرةُ مِن سَرَوَاتِ النِّسا *** ءِ ينفَحُ بالمسك أردانُها([8])

ويقولون إن الرَّدَن الخزُّ، في قول الأعشى:

فأفنيتُها وتعَلَّلْتُها *** على صَحصَحٍ ككِساءِ الرَّدَن([9])

  والرُّمْح الرُّدينيّ، منسوبٌ إلى امرأة كانت تسمَّى رُدَيْنَةَ. ويقال للبعير إذا خالطَتْ حمرتَه صُفرةٌ: هو أحمرُ رادِنيٌّ، والناقة رادِنِيَّة. ويقولون إنَّ المِرْدَن المِغزل الذي يُغزَل به الرَّدَن، وليس هذا ببعيدٍ، ويقال إن الرَّادِن الزَّعفران. وينشد:

* وأخذَتْ من رادِنٍ وكُرْكُمِ([10]) *

وحُكي عن الفرّاء: رَدِن جِلدُه رَدَنا، أي تقبَّض. والأردُنّ: النُّعاس الشديد. قال:

* قَدْ أَخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ([11]) *

ولم يسمع من أُرْدُنّ فِعْل. قال قطرب: الرَّدَن: الغِرس الذي يخرج مع الولد من بطن أمِّه، وتقول العرب: هذا مِدْرَع الرَّدَن. قال: الرَّدْن: النَّضْد. تقول: رَدَنْتُ المتاع. قال: والرَّدْن: صوتُ وَقْعِ السلاحِ بعضِه على بعض.

(رده)  الراء والدال والهاء أُصَيلٌ يدل على هَزْمٍ في صَخرةٍ أو غيرها. قالوا: الرَّدْهَة: قَلْتٌ في الصَّفا يجتمع فيه ماء السماء؛ والجمع رِدَاه. فأما الذي حُكِي عن الخليل فمخالفٌ لما ذكَرْناه؛ قال: الرَّدَه([12]): شِبهُ آكامٍ خشنةٍ كثيرة الحجارة، الواحدة رَدْهَةٌ. قال وهي تِلال القِفاف. قال رُؤبة:

* مِن بَعْد أَنْضاد التلال الرُّدَّهِ([13]) *

(ردي)  الراء والدال والياء([14]) أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَمْيٍ أو تَرَامٍ وما أشبه ذلك. يقال ردَيْتُه بالحجارة أَردِيه: رميتُه. والحجر مِرْداةٌ. والرَّدْي ثلاثة مواضع ترجع إلى قياس [ما] قد ذكرناه. فالأول رَدَى الحجرَ. والثاني رَدَى الفرسُ: أسرع. وَرَدَتِ الجارية، إذا رفعَتْ إحدى رجلَيها وقفزت بواحدة، وهو الثالث. وكلُّ ذلك يرجِع إلى الترامِي. والرَّدَيَان: عدْوُ الحمار بين آرِيِّه ومُتمعَّكِه. ومن الباب الرَّدَى، وهو الهَلاك؛ يقال رَدِيَ يَرْدَى، إذا هلَك. وأرْدَاه الله: أهلَكَه. والتَّردِّي: التَّهَوُّر في المَهْوَى. يقال رَدِيَ في البئر كما يقال تَرَدَّى. قالها أبو زيد. ويقال: ما أدري أين رَدَى، أي أين ذَهَب. وهو من الباب، معناه ما أدرِي أين رَمَى بنفسِه. ومن الباب الرَّدَاةُ: الصخرة، وجمعها الرَّدَى. قال:

* فَحْل مَخَاضٍ كالرِّدَى المنقَضِّ([15]) *

وإذا قالوا للناقة مِرْداةٌ، فإنما شبّهوها بالصَّخرة. ويقال رادَيتُ عن القوم، إذا رَامَيْتَ عنهم. فأما قول طُفَيل:

يُرَادَى على فَأْسِ اللِّجام كأنما *** يُرادَى على مِرْقَاةِ جِذْعٍ مشذَّبِ([16])

  فليس هذا من الباب؛ لأنَّ هذا مقلوبٌ. ومعناه يُراوَد. وقد ذكر في موضعه. ومما شذّ عن الباب الرِّداء الذي يُلبَس، ما أدري مِمّ اشتقاقُه، وفي أيِّ شيءٍ قياسُه. يقال فلانٌ حسَنُ الرِّدْية، من لُبْس الرداء. ومما شذّ أيضاً قولُهم: أردَى على الخمسين، إذا زاد عليها.

فأما المهموز فكلمتانِ متباينتان جِدّاً. يقال أَردأْتُ: أَفسدْتُ. ورَدُؤَ الشيءُ فهو ردِيءٌ. والكلمة الأخرى أردأت، إذا أَعَنْتَ. وفلان رِدْءُ فلانٍ، أي مُعِينه. قال الله جلّ جلالُه* في قصة موسى: {فَأَرْسِلْهُ معِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُني} [القصص 34].

(ردج)  الراء والدال والجيم ليس بشيء. على أنَّهم يقولون إنّ الرَّدَج ما يُلقيه [المُهْر([17])] من بطنه ساعةَ يُولَد. وينشدون:

لها رَدَجٌ في بيتها تستعدُّه *** إذا جاءها يوماً من الدّهر خاطبُ([18])

  (ردح)  الراء والدال والحاء أصَّل فيه ابنُ دُريدٍ أصلاً. قال: أصله تراكُمُ الشيءِ بعضِه على بعض. ثم قال: كتيبة رَدَاحٌ: كثيرة الفُرسان. وقال أيضاً: يقال أصل الرَّدَاحِ الشجرة العظيمة الواسعة. ومن الباب فلانٌ رَدَاحٌ أي مخصِب. ومن الباب الرَّدَاحُ: المرأة الثَّقيلة الأوراك. ومنه ردَحْتُ البيت وأَرْدَحْتُه، من الرُّدْحة، وهو قطعةٌ تُدخَل فيه، أو زيادةٌ تزاد في عَُمَُده. وأنشد الأصمعي:

* بَيْتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُه([19])*

قال ابن دريد([20]): رَدَحْت البيتَ، إذا ألقيتَ عليه الطِّين.

(ردخ)  الراء والدال والخاء ليس بشيء. على أنَّهم حكَوْا عن الخليل أن الرَّدْخ: الشَّدْخ.

(ردب([21]))  الراء والدال والباء ليس بشيءٍ. ويقولون للقِرْمِيدة الإِردَبة. والإردَبُّ: مكيالٌ لأهل مِصرَ ضخمٌ.

ـــــــــــــــــ

([1]) زاد في المجمل: "ويقال هو بالغين".

([2]) سبق إنشاده في (دبج). وصدره كما في اللسان (دبج، رشح، ردع):

* يخدي بها بازل فتل مرافقه *

([3]) لقيس بن ذريح، كما في اللسان (ردع).

([4]) يعني قول لبيد في ديوان 66 طبع 1880 واللسان (ردف 16):

فالتام طائقها القديم فأصبحت *** ما إن يقوم درأها ردفان

([5]) البيت في صفة ناقة. انظر اللسان (وخد، ردف، هود).

([6]) الاسم والمصدر سواء، كما في اللسان والقاموس.

([7]) البيت مطلع معلقة عنترة.

([8]) لقيس بن الخطيم الأنصاري في ديوانه 8 واللسان (ردن).

([9]) ديوان الأعشى 16. ويروى: " تعاللتها" و:" كرداء الردن".

([10]) للأغلب العجلي، كما في اللسان (ردن).

([11]) لأباق الدبيري، كما في اللسان (ردن).

([12]) في اللسان: "بفتح الراء والدال. هذا قول أهل اللغة. قال ابن سيده: والصحيح أنه اسم للجمع".

([13]) ديوان رؤبة 167 واللسان (رده). والذي في الديوان:

تعدل أنضاد القفاف الرده *** عنها وأثباج الرمال الوره

 وقد أشير في حواشي اللسان إلى رواية التكملة: "يعدل أَنضاد القفاف".

([14]) في الأصل: "رود، الراء والواو والدال"، تحريف.

([15]) البيت في اللسان (ردي 33).

([16]) ديوان طفيل 11 واللسان (ردي 34).

([17]) التكملة من المجمل.

([18]) البيت لجرير كما في اللسان (ردج).

([19]) من رجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (حمر). وقد سبق إنشاده في (حمر). وأنشده في اللسان (ردح) أيضاً. وقبله: * أعد للبيت الذي يسامره *

([20]) الجمهرة (2: 121). ونصها: "والردح من قولهم ردحت البيت بالطين أردحه ردحاً وأردحته إرداحاً، لغتان فصيحتان، إذا كاثفت عليه الطين".

([21]) الترتيب الصحيح لهذه المادة أَن تكون بعد مادة (ردي)، لكن هكذا وضعت في المجمل والمقاييس. ويبدو أنه قد انساق مع ترتيب المجمل.

 

 

ـ (باب الراء والذال وما يثلثهما)

(رذم)  الراء والذال والميم أُصَيلٌ يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ. يقال حَفْنَة رَذُمٌ، إذا سالَتْ دَسَماً. وعَظْمٌ رَذُوم، كأنّه من سِمَنه يسيل دَسَماً. قال:‏

* وفي كفِّها كِسْرٌ أَبحّ رَذُومُ([1]) *‏

(رذا)  الراء والذال والحرف المعتل يدلُّ على ضعفٍ وهزال. فالرّذِية: الناقة المهزولة من السَّير، والجمع رَذَايا. قال أبو دُواد:‏

رَذَايا كالبَلاَيا أو *** كعِيدانٍ من القَضْبِ([2])‏

يقال منه: أرذَيْتُها.‏

(رذل)  الراء والذال واللام قريبٌ من الذي قبله. فالرَّذْل: الدُّون مِن كلِّ شيء، وكذلك الرُّذَال.‏

انقضى الثُّلاثي من الراء.‏

ـــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: " وفي يدها"، صوابه مما سبق في مادة (بح) حيث الكلام على البيت.‏

([2]) القضب، بالفتح: شجر تتخذ منه القسي، ويقال إنه جنس من النبع. وقد أنشد البيت في السان (قضب) وفسره.‏

 

 

ـ (باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف)

وهذا شيء يقِلُّ في كتاب الراء، والذي جاء منه فمنحوتٌ أو مزيدٌ فيه. من ذلك (رَعْبَلْتُ) اللّحمَ رعْبَلةً؛ إذا قطَّعتَه، قال:

* ترى الملوكَ حولَه مُرَعْبَلَهْ([1]) *

فهذا ممَّا زِيدت فيه الباء، وأصله من رَعَل، وقد مضى. يقال لما يُقْطَع من أُذُن الشَّاة ويترك معلَّقاً ينوسُ كأنه زَنمَةٌ [رَعْلَة]. فالرَّعْبَلَة من هذا.

ومن ذلك (الرَّهْبَلة): مَشْيٌ بِثِقَلٍ. وهذا منحوتٌ من رَهَل ورَبَل، وهو التجمُّع والاسترخاء، فكأنها مِشْيَةٌ بتثاقُل.

ومن ذلك (المرجَحِنُّ)، وهو المائل، فالنون فيه زائدة، لأنّه من رَجَح. وليس أكثَر من هذا في الباب. والله أعلم بالصواب.

تم الجزء الثاني من مقاييس اللغة بتقسيم محققه ويليه الجزء الثالث وأوله "كتاب الزاء"

ـــــــــــــــــــــ

([1]) ويروى أيضاً "مغربله" كما في اللسان (رعبل، غربل) والمخصص (6: 114). وفي اللسان (غربل) والأغاني (13: 140-141).

أحيا أباه هاشم بن حرمله

يوم الهباءات ويوم اليعمله

ترى الملوك حولـه مغربله

ورمحه للوالدات مثكله

يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب لـه ***

مراجع التحقيق والضبط

يضاف إلى المراجع المثبتة في نهاية الجزء الأول:‏

أمالي الزجاجي. طبع السعادة 1324 القاهرة.‏

أمالي ابن الشجري. طبع 1349 حيدر أباد.‏

البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون. طبع لجنة التأليف 1369.‏

ديوان تميم بن مقبل. مديرية إحياء التراث بدمشق 1381.‏

ديوان الحادرة. نسخة الشنقيطي رقم 34 أدب ش بدار الكتب المصرية.‏

ديوان حميد بن ثور. مخطوط بتحقيق العلامة الميمني معد للطبع بدار الكتب المصرية.‏

ديوان زهير بشرح الشنتمري. طبع النعساني 1347 القاهرة.‏

ديوان طفيل بن عوف. طبع 1927م لندن.‏

ديوان عبد الله بن الدمينة. طبع المنار 1337 القاهرة.‏

ديوان عروة بن حزام. مخطوط برقم 70 ش بدار الكتب المصرية.‏

رسائل الجاحظ. طبع الساسي 1324 القاهرة.‏

شرح الشافية للرضي. طبع مطبعة حجازي 1358 القاهرة.‏

الشعر والشعراء لابن قتيبة. طبع دار إحياء الكتب العربية 1366.‏

الفهرست لابن النديم. طبع الرحمانية بالقاهرة.‏

لامية العرب للشنفرى. طبع الجوائب 1300 تركيا.‏

المجمل لابن فارس. مخطوط برقم 382 لغة بدار الكتب المصرية.‏

محاضرات الأدباء للراغب. طبع الشرقية 1326 القاهرة.‏

مختارات ابن الشجري. طبع المطبعة العامرة 1306 القاهرة.‏

معاهد التنصيص للعباسي. طبع البهية 1316 القاهرة.‏

منتهى الطلب لابن ميمون. مخطوط برقم 53 ش بدار الكتب المصرية.‏

المؤتلف والمختلف للآمدي. طبع القدسي 1354 القاهرة.‏

نهاية الأرب للنويري. طبع دار الكتب المصرية 1342.‏

همع الهوامع للسيوطي. طبع السعادة 1327 القاهرة.‏

وقعة صفين لنصر بن مزاحم. طبع دار إحياء الكتب العربية 1365.‏

ج3.معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا

( -395)

الجُزْءُ الثالث

بتحقيق وضبط:

عبد السَّلام محمد هَارُون

كتاب الزّاي:

ـ (باب ماجاء من كلام العرب أوله زاءٌ في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الزاء العين وما يثلّهما)‏

ـ (باب الزاء والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاءِ والنون والحرف المعتل)‏

ـ (باب الزاءِ والهاءِ والحرف المعتل)‏

ـ (باب الزاء والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاي والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاءِ والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاءِ والحاءِ وما يثلثهما في الثلاثي)‏

ـ (باب الزاء والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الزاء والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)‏

كتاب السّين:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب وأوله سين في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب السين والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والكاف وما يثلثهما) ‏

ـ (باب السين واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والخاء وما يثلثهما )‏

ـ (باب السين والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب السين والراء وما يثلثهما) ‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)‏

كتاب الشين:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله شين في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الشين والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الشين والسين وما يثلثهما )‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)‏

كتاب الصَّاد:

ـ (باب الصاد وما معها في الذي يقال في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الصاد والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والغين وما يثلثهما )‏

ـ (باب الصاد والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والميم وما يثلثهما )‏

ـ (باب الصاد والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الصاد* والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)‏

كتاب الضاد:

ـ (باب الضاد في المضاعف [والمطابق])‏

ـ (باب الضاد والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضّاد والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضّاد والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والباء وما يثلثهما )‏

ـ (باب الضاد والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الضاد والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)‏

كتاب الطاء:

ـ (باب الطاء في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الطاء والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الطاء والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)‏

كتاب الظاء:

ـ (باب الظاء وما معها في المضاعف والمطابق( ))‏

ـ (باب الظاء والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الظاء والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ظاء)‏

مراجع التحقيق والضبط

 

 

كتاب الزّاي:

ـ (باب ماجاء من كلام العرب أوله زاءٌ في المضاعف والمطابق)

(زط) الزاء والطاء ليس بشيء. وزُطّ ([1]): كلمةٌ مولَّدة.

(زع) الزاء والعين أصلٌ يدلُّ على اهتزازٍ وحركة. يقال: زَعْزَعْتُ الشيءَ وتَزعْزَعَ هو، إذا اهتزّ واضطرب. وسيرٌ زعزعٌ: شديد تهتز له الرِّكاب.

قال الهُذََليّ([2]):

وتَرْمَدُّ هَمْلَجَةً زَعْزَعاً *** كما انخَرَطَ الحَبْلُ فوق المَحَالِ

(زغ) الزاء والغين ليس بشيء. ويقولون: الزغزغة: السُّخْرِيَة.

(زف)  الزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على خِفَّةٍ في كل شيء. يقال زَفَّ الظَّليم زفيفاً، إذا أسرع. ومنه زُفَّتِ العَروسُ إلى زوجها. وزفَّ القومُ في سَيرهم: أَسْرَعُوا. قال جلّ ثناؤه: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} [الصافات 94]. والزَّفْزافة: الرِّيح الشديدة لها زفزفةٌ، أي خِفَّة. وكذلك الزَّفزَف([3]). ويقولون لمن طاشَ حِلْمُهُ: قد زَفَّ رَأْلُه. وزِفُّ الطائر: صِغَار ريشه؛ *لأنه خفيف.

(زق) الزاء والقاف أصلٌ يدل على تضايُقٍ. من ذلك الزُّقاق، سمِّي بذلك لضيقهِ عن الشوارع.

ومن ذلك : زَقَّ الطائرُ فرخَهُ. ومنه الزِّقّ. والتزقيق في الجلد: أن يسلخ مِنْ قِبَلِ [العُنُق([4])].

(زل) الزاء واللام أصل مطّرد منقاسٌ في المضاعَف، وكذلك في كل زاءٍ بعدها لامٌ في الثلاثي. وهذا من عجيب هذا الأصل. تقول: زلَّ عن مكانه زَليلاً وزَلاًّ. والماء الزُّلال: العَذْب؛ لأنه يَزِلّ عن ظَهْرِ اللِّسانِ لِرقَّته. والزَّلَّة: الخطأ؛ لأن المخطئ زلَّ عن نَهْج الصَّواب، وتزلزَلت الأرضُ: اضطرَبت، وزُلْزِلَتْ زِلْزَالاً. والمِزَلَّة([5]): المكان الدَّحْضُ. فأما الذِّئْبُ الأَزَلُّ، وهو الأَرْسَح، فقال ابنُ الأعرابيّ : سمِّي بذلك مِنْ قولهم زَلَّ إذا عدا. وهو القياس الصَّحيح ثم شُبِّهَتْ به المرأةُ الرَّصْعاء فقيل زَلاَّء. وإن كان الأَرْسَح كما قيل فهو قياسُ ما ذكرناهُ أيضاً، لأن اللّحم قد زلَّ عن مؤخَّره، وكذلك عن مؤخَّر المرأة الرَّسْحاء.

ومن الباب الزُّلْزُل([6]) كالقَلِق؛ لأنَّه لا يستقرُّ في مكانه.

ومما شذّ عن الباب الزَّلَزِلُ: الأثاث والمتاع،  على فَعَلِلٍ.

(زم) الزاء والميم أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على تقدُّم في استقامةٍ وقَصْد، من ذلك الزِّمام لأنه يتقدَّم إذا مُدَّ به، قاصداً في استقامة. تقول زَمَمْتُ البعير أزُمُّه. ويقال أمْرُ بني فلانٍ زَمَمٌ، كما يقال أَمَمٌ، أي قصدٌ. ويحلفون فيقولون: "لا والذي وجْهِي زَمَمَ بَيْتِه([7])"، يريدون تلقاءَه وقَصْدَه. والزَّمُّ: التقدُّم في السَّير.

ومما شذّ عن هذا الأصل الزِّمْزِمة: الجماعة من الناس. وقال الشيباني: الزِّمزيم: الجِلَّة من الإبل([8]).

(زن) الزاء والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يُتفرّع ولا يُقاس عليها. يقال أَزنَنْتُ فلاناً بكذا، إذا اتَّهمتَهُ به. وهويُزَنُّ به. قال:

إن كنتَ أزنَنْتَنِي بها كَذِبَاً *** جَزْءُ فلاقَيْتَ مِثلَها عَجِلاَ([9])

(زب) الزاء والباء أصلان: أحدهما يدل على وُفُورٍ في شَعَرٍ، ثم يحمل عليه. فالزَّبَب: طُول الشَّعَْر، وكثرتُهُ. ويقال بعيرٌ أزَبُّ. قال الشاعر:

أثَرْت الغَيَّ ثم نزَعْت عَنْهُ *** كما حادَ الأزبُّ عن الطِّعانِ

ومن ذلك عامٌ أَزَبُّ، أي خصيب.

والأصل الآخر:  الزَّبيب، وهو معروف، ثم يشبَّه به، فيقال للنُّكتَتَيْنِ السّوداوينِ فوقَ عينَي الحيّة زبيبتان؛ وهو أخبثُ ما يكون من الحيّات: وفي الحديث: "يجيء كَنْزُ أحدِهِم يومَ القيامة شجاعاً أقرعَ له زَبيبتان". وربّما سمَّوا الزَّبَدَتَيْنِ زَبيبتين، يقال أنشَدَ فلانٌ حتَّى زَبَّبَ شِدْقاه، أي أزبدا.

قال الشاعر:

إنِّي إذا ما زَبَّبَ الأشداقُ ***

وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ

ثَبْتُ الْجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ([10])

ومما شذَّ عن الباب الزَّبَاب: الفارُ، الواحدُ زبابة. وقد يحتمل، وهو بعيدٌ، أن يكون من الزَّبيب، وقد ذكرناه.

ومما هو شاذٌّ لا قياس له: زَبَّتِ الشمس وأزَبّت: دنت للغروب.

(زت) الزاء والتاء كلمةٌ لا قياس لها. يقال زَتَتُّ العروسَ، إِذا زيَّنتَها. قال:

بَنِي تَميمٍ زَهنِعُوا فتاتَكُمْ *** إنَّ فتاةَ الحيِّ بالتَّزَتُّتِ([11])

وقد تزتَّتَتْ، أي تزيَّنت.

(زج) الزاء والجيم أصلٌ يدلُّ على رِقَّةٍ في شيء، من ذلك زُجُّ الرُّمْح والسّهمِ، وجمعه زِجاج بكسر الزاء. يقال زَجَّجْتُه: جعلت له زُجّاً فإذا نزَعْت زُجَّهُ قلت: أزجَجْتُه([12]).والزَّجَج: دِقَّةُ الحاجبينِ وحُسْنُهما. ويقال أنَّ الأزَجَّ من النعام: الذي فوق عينه ريشٌ أبيض.

(زح) الزاء والحاء يدلّ على البعد. يقال زُحْزِحَ عن كذا، أي بُوعِدَ. قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ}[آل عمران 185]. أي بُوعِد.

(زخ) الزاء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع والمبايَنَة. يقال زَخَخْتُ الشيءَ، إذا دفعتَهُ. وفي الحديث: "مَنْ نَبذَ القُرآنَ وراء ظَهرِهِ زُخَّ في قَفاه".  وزَخَّها: جامَعَها. و*المِزَخَّة: المرأة. ومن الباب الزَّخَّة: الحِقد والغَيظ. قال:

فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ *** وتُضْمِرَ في القلبِ وَجْداً وَخِيفَا([13])

(زر) الزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على شِدَّة. وشذَّ مِنْ ذلك الزِّرّ: زِرُّ القميص. ثم يشتقّ منه الزِّرُّ، يقال إنّه عظمٌ تحت القَلْب. قال ابن السكّيت: يقال للرّجلِ الحسن الرِّعْية للإبل: إنّه لَزِرٌّ من أزرارها. ومن الباب: زَرَّتْ عينهُ، إذا توقَّدَت. يقال عَيْناه تَزِرَّانِ في رأسهِ، إذا تَوقَّدَتا. ومن الباب الزَّرُّ: الشَّلُّ والطَّرد. يقال هو يزُرُّ الكتائبَ بسيفهِ زَرَّا. ومنه الزَّرُّ وهو العضُّ. يقال: حِمارٌ مِزَرٌّ. ويقال الزَّرّة الحَرْبَة([14]). ومن الباب الزَّرِير، وهو الحَصيف السَّديد الرأي. والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــــ

([1]) الزط، بالضم: جيل من الهند، معرب "جت" بالفتح. قال صاحب القاموس: "والقياس يقتضي فتح معربه". وقال الخوارزمي الكلام على طبقات الهند: "الزط هم حفاظ الطرق، وهم جنس من السند يقال لهم: جتان". انظر مفاتيح العلوم ص 74. وفي معجم استينجاس 356 أن "جت" اسم لجنس هندي حقير.

([2]) هو أميّة بن أبي عائذ الهذلي. اللسان (زعع). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.

([3]) ويقال أيضاً ريح زفزفة وزفزاف.

([4]) التكملة من المجمل.

([5]) بكسر الزاي وفتحها.

([6]) الزلزل بضم الزاءين : الغلام الخفيف. وفي المجمل: "الزلز" وليس هذا بابه.

([7]) انظر هذا اليمين في أيمان العرب للنجيرمي 15، والأمالي (3: 51)، واللسان (زمم 165)، والمخصص (13: 118)، والمزهر (2: 262).

([8]) شاهده قول نصيب:

يعل بنيها المحض من بكراتها *** ولم يحتلب زمزيمها المتجرثم

([9]) لحضرمي بن عامر، كما في اللسان (زنن).

([10]) الرجز في اللسان (زبب، لقق)، وقائله هو أبو الحجناء نصيب الأصغر. انظر البيان والتبيين (1: 125).

([11]) البيت من تام الرجز. أنشده في اللسان (زهنع، زتت)، والمخصص (4: 54).

([12]) ويقال زججه وأزجه بمعنى ، ولا يقال أزجه إذا نزع زجه.

([13]) البيت لصخر الغي الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (خيف: 235).

([14]) لم ترد الكلمة بهذا المعنى في المعاجم المتداولة.

 

ـ (باب الزاء العين وما يثلّهما)

(زعف) الزاء والعين والفاء أصيلٌ. يقال سُمٌّ زُعافٌ: قاتل. وموتٌ زُعافٌ: عاجل. ويشبه أنْ يكون هذا من الإبدال، وتكون الزاء مبدلةً من ذال. ويقال أزْعفته وزَعَفْتُهُ، إذا قتلتهُ. وحُكِيَ: زَعَفَ في حديثه. أي كذَب.

(زعق) الزاء والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على شِدّةٍ في صياحٍ أو مرارةٍ أو مُلوحة. يقال طعام مزعوقٌ، إذا كُثِّرَ مِلْحُه. والماء الزُّعاق: المِلْح. فهذا في باب الطُّعوم.

وأما الآخَر فيقال زَعَقْتُ به، أي صِحْتُ به. وانْزَعَقَ، إذا فَزِعَ. والزَّعِق: النشيط الذي يَفْزَع معَ نشاطهِ. وفلان يَزْعَق دابّتَه، إذا طردهُ طرداً شديداً. ورجلٌ زَاعِق. وأزْعقه الخوفُ حتَّى زعق. قال:

*من غائلاتِ اللَّيلِ والهَوْلِ والزَّعِقْ([1])*

ويقال الزُّعاق النِّفار. يقال منه وَعِل زَعّاق. ومُهْرٌ مزعوق: نشيط يفزَع مَعَ نشاطِهِ. قال([2]):

يارُبَّ مُهْرٍ مَزْعُوق ***

مُقَيَّلٍ أومَغبوقْ

من لَبَن الدُّهْمِ الرُّوقْ

حتَّى شتا كالذُّعْلُوقْ ***

أَسْرَعَ مِنْ طَرْفِ المُوقْ

وطائرٍ وذي فُوقْ([3])

وكلِّ شيءٍ مخلوقْ

(زعك) الزاء والعين والكاف أُصَيلٌ إن صحّ يدلُّ على تلبُّثٍ وحَقارةٍ ولُؤم. يقولون إنَّ الأَزْعَكِيَّ: الرَّجُلُ القصير اللئيم. وكذلك الزُّعْكُوك. قال الكِسائيّ: يقال للقوم زَعْكة، إِذا لَبِثُوا ساعةً([4]). والزَّعاكيك من الإبل: المتردِّدَة الَخَلْق([5])، الواحدة زُعْكُوك. قال:

* تستنُّ أولادٌ لها زَعاكِيكْ([6]) *

(زعل) الزاء والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على مَرَحٍ وقلّة استقرارٍ، لنشاطٍ يكون. فالزَّعَل: النّشاط. والزَّعِل: النشيط. ويقال أَزْعَلَهُ السِّمَنُ والرَّعْي. قال الهُذليّ([7]):

أَكَلَ الجميمَ وطاوعتْه سَمحجٌ مثلُ القَناةِ وأزعَلَتْهُ الأَمْرُعُ

وقال طرفة:

ومَكانٌ زَعِلٍ ظِلْمانُهُ *** كالمَخَاض الْجُرْبِ في اليَوْمِ الخَصرْ([8])

ورُبَّما حُمِلَ على هذا فسُمِّي المتضوِّر من الجُوعِ زَعِلاً.

(زعم) الزاء والعين والميم أصلان: أحدهما القولُ من غير صِحَّةٍ ولا يقين، والآخر التكفُّل بالشيء.

فالأوَّل الزَّعْم والزُّعْم([9]). وهذا القولُ على غير صحّة. قال الله جلَّ ثناؤُهُ:

{زَعَمَ الَّذِينَ كفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}  [التغابن 7]. وقال الشاعر:([10])

زَعمتْ غُدانَةُ أنَّ فيها سيِّدا *** ضَخْمَاً يُوَارِيهِ جَناحُ الجُنْدَُبِ

ومن الباب: زَعَم في غير مَزْعَم، أي طمِع في غيرمَطْمَع. قال:

* زَعْماً لَعَمْرُ أبيكِ ليس بِمَزْعَمِ([11]) *

ومن الباب الزَّعُوم، وهي الجَزُور التي يُشَكُّ في سِـمنها فتُغْبَطُ بالأيدي([12]). والتَّزَعُّم: الكذب.

والأصل الآخر: زَعَم بالشّيء، إذا كَفَلَ به. قال:

تُعاتِبُني في الرِّزْق عِرسي وإِنّما *** على الله أرزاقُ العبادِ كما زَعَمْ([13])

أي كما كَفل. ومن الباب الزَّعَامة، وهي السِّيادة؛ لأنّ السيِّد يَزْعُمُ بالأمورِ، أي يتكفل بها. وأصدَقُ مِنْ ذلك قولُ الله جلَّ ثناؤُهُ: { قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف 72]. ويقال  الزّعامة حَظّ السيِّد من المَغْنَم، ويقال بل هي أفضل المال. قال لبيد: 

تَطِيرُ عَدائِدُ الإشراكِ وَِتْراً *** وشَفْعَاً والزَّعامةُ للغُلامِ([14])

(زعب) الزاء والعين والباء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْعِ والتّدافع. يقال من ذلك الزَّعْب الدَّفْع. يقال زعَبْتُ له زَعْبَةً من المال. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "وأَزْعَبُ لك زَعْبَةً من المال". ويقال جاء سيلٌ يَرْعَبُ الوادِي ـ هذا غير معجم ـ إذا مَلأَه. وجاء سيلٌ يَزْعَبُ، بالزَّاء، إذا تدافَعَ. ويقال إنَّ الزَّاعب السَّيَّاح في الأرض. قال ابن هَرْمَة:

* يكادُ يَهْلِكُ فيها الزّاعبُ الهاِدي([15]) *

والزَّاعِبِيَّة: الرّماح. قال الخليل: هي منسوبة إلى زاعب. ولم يَظْهَرْ([16])عِلْمُ زاعبِ: أَرَجُلٌ أم بلد، إِلاّ أَنْ يولِّده مولّد. وقال غيره: الزَّاعِبيُّ هو الذي إذا هُزَّ تدافَعَ من أوّله إلى آخرِهِ، كأنَّ ذلك مَقِيسٌ  على تزاعُب الماء في الوادي، وهو تدافُعُه. وهذا هو الصحيح. ويقال زَعَب الرَّجُلُ المرأةَ، إذا جامعها. وهذا هو بالراء أحسَنُ. وقد مضى.

وبقي في الباب كلمةٌ واحدةٌ إنْ صحّتْ فهي من باب الإبدال. يقولون: الزُّعْبُوب القصِير من الرِّجال، ولعلَّهُ أن يكون الذُّعبوب.

(زعج) الزاء والعين والجيم أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على الإقلاق وقلّة الاستقرار. يقال أَزْعَجْتُه أزْعِجُه إزعاجاً. ويقال أَزْعَجْتُه فشَخَص. قال الخليل: لو قيل انْزَعَجَ لكان صواباً.

(زعر) الزاء والعين والراء أُصَيلٌ يدلُّ على سُوء خُلُق وقلَّةِ خَير. فالزّعارة([17]): شراسَة الخُلُق. وهو على وزن فَعالة. ومن الباب الأَزْعر: المكان القليل النَّبات. ويقال إنَّ الزعارة لا يُبنَى منها تصريفُ فعلٍ. ومن الباب الأزعر: القليل الشَّعر. والمرأة زَعْرَاء؛ وقد زَعِرَ يَزْعَر. واللهُ أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (زعق). وهو لرؤبة في ديوانه 105. وقبله:

*تحيدُ عن أظلالها منَ الفرق*

([2]) الرجز في اللسان: (زَعق، روقَ، ذَعْلَق)، والمخصص: (3: 115).

([3]) في الأصل: "وطائر ذي" صوابه من المجمل. وذو الفوق: السهم، والفوق: موضع الوتر منه. يقول: قد غدا ذلك المهر أسرع من كل هذه الأشياء.

([4]) في المجمل: "تلبثوا ساعة". وهذا المعنى لم يرد في اللسان. وفي القاموس: "ولهم زعكة لبثة".

([5]) المترددة: المجتمعة الخلق.

([6]) وكذا جاءت روايته في المجمل. لكن في اللسان: "زعاكك"؛ وعليه استشهاده.

([7]) هو أبو ذؤيب الهذلي من قصيدته العينية في أول ديوانه؛ وفي المفضليات. وأُنشد البيت في اللسان (زعل، سعل، مرع). والمخصص: ( 3 : 114/ 13: 298).

([8]) ديوان طرفة 66 واللسان (خدر).

([9]) والزعم أيضاً، بالكسر، هو مثلث الزاي.

([10]) هو الأبيرد الرياحي يهجو حارثة بن بدر الغداني. انظر الأغاني (12: 10) والحيوان (3: 398/ 6: 351)، وثمار القلوب: 325. وقيل هو زياد الأعجم. انظر الكنايات للجرجاني: 129.

([11]) لعنترة بن شداد في معلقته. وصدره:  * علقتها عرضاً وأقتل قومها *

([12]) غبط الشاة والناقة يغبطهما غبطاً، إذا جسهما لينظر سمنهما من هزالهما.

([13]) لعمرو بن شاس، كما في اللسان. (زعم)، ورواية صدره فيه:

* تقول هلكنا إن هلكت وإنما *

([14]) ديوان لبيد 129 طبع 1880 واللسان (عدد، شرك، زعم).

([15]) في الأصل: "يهلك فيه" صوابه من المجمل واللسان.

([16]) في المجمل: "ولا أدري".

([17]) يقال زعارة بتشديد الراء وتخفيفها.

 

ـ (باب الزاء والغين وما يثلثهما)

(زغف) الزاء والغين والفاء أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَعةٍ وفَضْل. من ذلك الزَّغْفة: الدرع؛ والجمع الزَّغْف، وهي الواسعة. وربما قالوا زَغَفة وزَغَف. قال:

أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفُراتِ *** وَفينا السُّيوفُ وفينا الزَّغَفْ([1])

ويقال رجل مِزْغَفٌ: نَهِمٌ رَغِيبٌ. قال الأصمعيّ: زَغَفَ في حديثه: زاد.

(زغل) الزاء والغين واللام أصلٌ يدلُّ على رَضاع وزَقٍّ وما أشبهه. يقال أَزْغَلَ الطّائِرُ فَرخَه، إذا زَقّه. قال ابن أحمر:

فأَزْغَلَتْ في حَلْقِهِ زُغْلَةً *** لم تُخْطِئ الجِيدَ ولم تَشْفَتِرّْ([2])

قال: وهو من قولهم: أَزْغِلي لـه زُغْلةً من سِقائِك، أي صُبِّي لـه شيئاً مِنْ لَبَن. ويقال أَزْغَلَت المرأةُ من عَزْلائِها، أي صَبَّت.

ومما شذّ عن الباب: الزُّغلول من الرِّجال: الخفيف.

(زغم) الزاء والغين والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على ترديد صوتٍ خفيّ. قالوا: تزغَّمَ الجملُ، إذا ردَّدَ رُغَاءَه في خَفاءٍ ليس شديدا. ومنه التزَغم، وهو التَّغَضُّب، كأنه في غَضَبِهِ يردِّدُ صوتاً في نفسه. وذكرَ ناسٌ: تَزغَّمَ الفصيلُ لأمِّه، إذا حنَّ حنيناً خفياً.

(زغب) الزاء والغين والباء أُصَيْلٌ صحيح، وهو الزّغَب، أوّلُ ما ينبتُ من الرِّيش. وقد يُزْغِبُ الكَرْمُ، بعد جَرْيِ الماءِ فيه.

(زغد) الزاء والغين والدال أُصَيْلٌ يدل على تعصُّر في صوتٍ.

من ذلك الزَّغْد، وهو الهدير يتعصَّر فيه الهادرُ. وأصلهُ زغد عُكَّتَه، إذا عَصَرَها ليُخرِجَ سَمْنَها.

(زغر) الزاء والغين والراء أُصَيْلٌ. يقال زَغَر الماءُ وزَخَر. وليس هذا عندي من جهةِ الإبدال؛ لأن قياسَ زَغَر قياسٌ صحيح، وسيجيء *في الرباعيّ ما يصحِّحه. وذكر ابن دُريد([3]) أنَّ الزّغر الاغتصاب؛ يقال زَغَرْت الشيء زَغْراً. قال: والزغْر فعلٌ مُماتٌ. وزُغَر: اسمُ امرأةٍ، يقال أن عين زُغَر إليها تُنْسَب([4]).

ـــــــــــــــــــ

([1]) سبق البيت برواية أخرى في مادة (حجف). وهو هنا ملفق من بيتين. وفي وقعة صفين 184:

أيمنعنا القوم ماء الفرات *** وفينا الرماح وفينا الحجف

وفينا الشوازب مثل الوشيج *** وفينا السيوف وفينا الزغف

([2]) الاشفترار: التفرق. وفي الأصل: "لم تشتفر"، صوابه من المجمل، واللسان (زغل، شفتر). وفي المجمل: "لم تظلم الجيد".

([3]) الجمهرة (2 : 322).

([4]) ذكر ابن دريد أن عين زعم: موضع بالشام. وقال ياقوت: "بمشارف الشام".

 

ـ (باب الزاء والفاء وما يثلثهما)

(زفن) الزاء والفاء والنون ليس عندي أصلاً، ولا فيه ما يُحتاج إليه. يقولون: الزَّفْن: الرَّقْص. ويقولون: الزّيفن(1): الشّديد. وليس هذا بشيء.‏

(زفي) الزاء والفاء والحرف المعتل يدلّ على خفّةٍ وسُرعة. من ذلك زَفَتِ الرِّيح التُّرابَ، إذا طردَتْهُ عن وجهِ الأرضِ. والزَّفيانُ: شِدَّة هُبوب الريح. ويقال ناقةٌ زَفَيانٌ: سريعة. وقوسٌ زَفيانٌ: سريعة الإرسال للسَّهم. ويقال زَفَى الظَّليمُ زَفْياً، إذا نشر جنَاحَه.‏

(زفر) الزاء والفاء والراء أصلان: أحدُهما يدلُّ على حِمْل، والآخر على صَوْتٍ من الأصوات.‏

فالأول الزِّفْر: الحِمْل، والجمع أزفار. وازْدَفَرَه(2)، إذا حمله، وبذلك سمِّي الرجل زُفَر،لأنه يزدَفِر(3) بالأموال مطيقاً لها(4)، ومن الباب الزَّافرة: عشيرةُ الرَّجُل؛ لأنهم قد يتحمَّلون بعضَ ما ينُوبُهُ. وزَُفْرَة الفَرس: وسطُه. والزَّفْرُ:(5) القِرْبة، ومنه قيل للإماء التي تحمل القِرَب زوافر. ويقولون : الزُّفَر: الرجل السيِّد. قال:‏

* يأبى الظُّلامةَ منه النَّوْفلُ الزُّفَر(6) *‏

والقياس فيه كلِّه واحد. وزِفْر المسافر: جِهازه. ويقال الزُّفَر: النَّهر الكبير، ويكون سمِّي بذلك لأنَّه كثير الحملِ للماءِ.‏

(زفل) الزاء والفاء واللام هي الأَزْفَلة، وهي الجماعة. يقال جاؤوا بأَزْفَلَتهم، أي جماعتهم.‏

(زفت) الزاء والفاء والتاء ليس بشيء، إلاَّ الزِّفْت، ولا أدري أعربيٌّ أم غيره. إلاَّ [أنَّهُ] قد جاء في الحديث: "المُزَفَّت"(7)، وهو المطليُّ بالزِّفت. والله أعلم بالصواب.‏

ـــــــــــــــــ

(1) زيفن، بكسر الزاء وفتح الفاء وتشديد النون، وبكسر الزاء وفتح الياء وسكون الفاء.‏

(2) في الأصل: "وازفره"، صوابه من المجمل.‏

(3) في الأصل "يزفر" صوابه من المجمل.‏

(4) في المجمل واللسان: "مطيقاً له" أي لذلك.‏

(5) في الأصل: " الزفرة"، وصوابه بطرح التاء، كما في المجمل واللسان والقاموس.‏

(6) البيت لأعشى باهلة، في اللسان (زفَر) من قصيدة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي. انظر الأصمعيات 89 طبع المعارف، وجمهرة أشعار العرب 135، ومختارات ابن الشجري 10 وأمالي المرتضى 3: 105-113 والخزانة: (1: 89-97). وسيعيده في (نفل). وصدره :‏

* أخو رغائب يعطيها ويسألها *.‏

(7) في اللسان: "في الحديث أنه نهى عن المزفت من الأوعية".‏

 

ـ (باب الزاء والقاف وما يثلثهما)

(زقم) الزاء والقاف والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على جِنْسٍ من الأَكْلِ. قال الخليل: الزَّقْمُ: الفِعْل، من أكل الزَّقُّومِ. والازْدِقَام: الابتلاع. وذكر ابن دريد(1) أنَّ بعض العرب يقول: تزقّم فلانٌ اللّبن، إذا أفرطَ في شُرْبِهِ.‏

(زقل) الزاء والقاف واللام ليس بشيء. على أنَّه حكِيَ عن بعض العرب: زَوْقَلَ فلانٌ عِمَامتَه، إذا أرخىطرَفَيْها من ناحيتَيْ رأسِه.‏

(زقو) الزاء والقاف والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. فالزَّقْو: مصدرُ زَقَا الدِّيك يَزْقُو، ويقال إن كلَّ صائحٍ زَاقٍ. وكانت العرب تقول: "هو أَثْقَلُ من الزّواقي"، وهي الدِّيَكة؛ لأنهم كانوا يَسْمُرون فإذا صاحت الدِّيكة تفرَّقُوا. والزُّقَاء: زُقَاء الدِّيك.‏

(زقب) الزاء القاف والباء كلمة. يقال طريقٌ زَقَبٌ(2). أي ضيِّق.‏

(زقن) الزاء والقاف والنون ليس بشيء، على أنَّهم ربَّما قالوا: زَقَنْتُ الحِمْلَ أزقُنُه، إذا حَمَلْتَه.وأزقَنْتُ فلاناً: أعنتُهُ على الحِمْل. والله أعلم بالصواب.‏

ــــــــــــــــ

(1) الجمهرة (3: 14).‏

(2) وقيل الزقب. الطرق الضيقة. واحدتها زقبة. وقيل الواحد والجمع سواء.‏

 

ـ (باب الزاء والكاف وما يثلثهما)

(زكل) الزاء والكاف واللام ليس بأصل، وقد جاءت فيه كلمة: الزَّوَنْكَل من الرجال: القصير.‏

(زكم) الزاء والكاف والميم ليس فيه إلا الزُّكمَة والزُّكَام(1)، ويستعيرون ذلك فيقولون: فُلان زُكْمَة أبويه، وهو آخر أولادهما.‏

(زكن) : الزاء والكاف والنون أصلٌ يُختلَف في معناه. يقولون هو الظّنُّ، ويقولون هو اليقين. وأهل التحقيق من اللغويِّين يقولون: زكِنْتُ منك كذا، أي علِمْته. قال:‏

ولن يُراِجعَ قلبي حبَّهم أبداً *** زَكِنْتُ منهم على مثل الذي زَكِنوا(2)‏

قالوا: ولا يقال أَزْكَنْت، على أن الخليل قد ذكر الإِزْكان. ويقال: إنَّ الزَّكَن الظَّنّ.‏

(زكي) الزاء والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدل على نَمَاءٍ وزيادة. ويقال الطَّهارة زكاة المال. قال *بعضهم: سُمِّيت بذلك لأنَّها مما يُرجَى به زَكاءُ المال، وهو زيادتهُ ونماؤه. وقال بعضُهم:سمِّيت زكاةً لأنّها طهارة. قالوا: وحُجّة ذلك قولُهُ جلَّ ثناؤُه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة 103]. والأصل في ذلك كلِّه راجع إلى هذين المعنيين، وهما النَّماء والطهارة. ومن النَّماء: زرْع زاكٍ، بيِّن الزكاء. ويقال هو أمْرٌ لا يَزْكُو بفلانٍ، أي لا يليق به. والزَّكا: الزَّوْج، وهو الشّفع.‏

فأمَّا المهموز فقريبٌ من الذي قبله. قال الفرّاء: رجلٌ زُكَأةٌ(3): حاضِر النَّقد كثيرُهُ. قال الأصمَعيّ: الزُّكَأَةُ: الموسِر.‏

وممّا شذَّ عن الباب جميعاً قولهم: زَكَأَتِ الناقة بولدها تَزْكَأُ به زَكْأً، إذا رمَتْ به عند رجليها.‏

(زكر) الزاء والكاف والراء أُصَيلٌ إن كان صحيحاً يدلُّ على وِعاء يسمى الزُّكْرة. ويقال زَكَّرَ الصبيُّ وتزكَّر:امتلأ بطنُهُ.‏

(زكت) الزاء والكاف والتاء أصلٌ إن صحَّ. يقال زَكَتُّ الإناء: ملأته. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــ

(1) الزكمة والزكام، هو ذاك الداء المعروف في الأنف، ويقال له الأرض.‏

(2) البيت لقعنب بن أم صاحب، اللسان (زكن)، عدي الفعل بعلى لتضمينه معنى اطلعت.‏

(3) ضبطه في القاموس كصرد، وهمزة، وزكاء ـ كغراب.‏

 

ـ (باب الزاء واللام وما يثلثهما)

(زلم) الزاء واللام والميم أصلٌ يدل على نَحَافةٍ ودِقّة في ملاسة. وقد يشذّ عنه الشيء.  فالأصل الزَّلَمْ والزُّلَم: قِدْح يُسْتَقْسَمُ به. وكانوا يفعلون ذلك في الجاهليّة، وحُرِّمَ ذلك في الإسلام، بقولـه جلّ ثناؤه: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بالأَزْلاَم} [المائدة 3]. فأمَّا قول لبيد:

* تَزِلُّ عن الثَّرَى أزلامُها ([1]) *

فيقال إنّه أراد أظلاف البقرة؛ وهذا على التشبيه.

ويقولون: رجلٌ مُزَلَّمٌ: نَحيف. والزَّلَمة: الهَنَة المتدلِّية من عُنُق الماعزة، ولها زَلمتان. والزَّلَمُ أيضاً: الزَّمَع التي تكون خَلْفَ الظِّلْف. ومن الباب المُزَلَّم: السيِّئ الغِذاء، وإِنَّما قيل لـه ذلك لأنه يَنْحَُف ويَدِقُّ. فأمَّا قولهم: "هو العبد زَُلْمَةً"([2])، فقال قومٌ: معناه خالصٌ في العُبودية، وكان الأصل أنَّه شُبِّه بِما خَلف الأظلاف من الزَّمَع . وأمَّا الأزْلَم الجَذَع، فيقال إنَّه الدَّهر، ويقال إنَّ الأسَد يسمَّى الأزلم الجَذَع.([3])

(زلج) الزاء واللام والجيم أُصَيْلٌ يدلُّ على الاندفاع والدَّفْع. من ذلك المُزَلَّج من العيش، وهو المُدَافعُ بالبُلْغَة. والمُزَلَّج: الذي يُدفَع عن كلِّ خيرٍ من كِفَايةٍ وغَناء. قال:

دعَوْتُ إلى ما نابني فَأَجابَني *** كريمٌ من الفِتْيانِ غيرُ مُزَلَّجِ

والزَّلْج: السُّرْعَة في المشْيِ وغيرِه، وكلُّ سريعٍ  زالجٌ. وسَهْمٌ([4]) زالجٌ: يتزَلّج من القَوس. والمُزَلَّج: المدفوع عن حَسَبه. فأمّا المِزْلاج فالمرأة الرَّسْحَاء، وكأنها شُبِّهت في دِقّتها بالسَّهم الزّالج.

(زلح) الزاء واللام والحاء ليس بأصل في اللغة منقاسٍ، وقد جاءت فيه كلماتٌ الله أعلَمُ بصحَّتها، يقولون: قَصعة زَلَحْلَحَةٌ، وهي التي لا قَعْرَ لها.

وقال ابن السِّكيت: الزَّلَحْلَحُ من الرِّجال: الخفيف([5]). وقالوا: الزَّلَحْلَحُ الوادي الذي ليس بعميقٍ: فإن كان هذا صحيحاً فالكلمةُ تدلُّ على تبسُّط الشَّيءِ من غير قعر يكون لـه.

(زلخ) الزاء واللام والخاء أصلٌ إنْ صحَ يدلُّ على تزلُّق الشَّيء. فالزَّلْخ: المَزَِلَّة. ويقال بئرٌ زَلُوخٌ، إذا كان أعلاها مَزَِلّة يُزْلِق مَنْ قام عليه. ويقال إنَّ الزَّلْخ: رفْعُك يدَك في رَمْي السهم إلى أقصى ما تقدِرُ عليه، تريد به الغَلْوة([6]). قال:

* مِنْ مائةٍ زَلْخ بِمِرِّيخٍ غالْ([7]) *

وقال بعضهم الزَّلْخُ: أقصى غايةِ المغَالي، ويقولون: إن الزُّلَّخَة عِلّة([8]). وهو كلامٌ يُنْظَرُ فيه.

(زلع) الزاء واللام والعين أصلٌ يدلُّ على تَفَطُّرٍ وزَوَالِ شيء عن مكانه. فالزَّلَع: تفطُّر الجِلد. تَزَلَّعَت يدُهُ: تشقَّقَت. ويقال: زَلِعَت جراحته: فسدَتْ. قال الخليل: الزَّلَع: شُقاقُ ظاهِرِ الكفّ. فإن كانَ في الباطن فهو كَلَع. والزَّلْع: استلابُ شيءٍ في خَتْل.

(زلف) الزاء واللام والفاء يدلُّ* على اندفاعٍ وتقدمٍ  في قرب إلى شيء. يقال من ذلك ازدَلَف الرجلُ: تقدَّم. وسمِّيَت مُزْدَلِفَة بمكة، لاقترابِ الناس إلى مِنَىً بعد الإفاضة من عَرَفات. ويقال لفُلانٍ عند فلانٍ زُلفَى، أي قرْبى. قال الله جلَّ وعزَّ: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى}  [ص 25 و 40]. والزَّلف والزُّلْفَة: الدَّرجة والمنْزلة. وأزْلَفت الرجلَ إلى كذا: أدنَيته. فأما قولُ القائل:

حتى إذا ماءُ الصَّهاريجِ نَشَفْ *** من بَعدِ ما كانت مِلاَءً كالزَّلَفْ([9])

فقال قومٌ: الزَّلَف: الأجاجِينُ الخُضْر. فإن كان كذا فإِنما سُمِّيَت بذلك لأن الماء لا يثبُت فيها عند امتلائِها، بل يندفع. وقال قومٌ: المزالف هي بلادٌ بين البرِّ والرِّيف. وإنّما سُمِّيت بذلك لقُرْبِها من الرِّيف. وأما الزُّلَف من الليل، فهي طوائفُ منه؛ لأنَّ كلَّ طائفةٍ منها تقربُ من الأخرى.

(زلق) الزاء واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تزلُّج الشيء عن مقامهِ. من ذلك الزَّلَق. ويقال أَزْلَقَتِ الحامل، إذا أَزْلَقَتِ ولدَها. ويقال ـ وهو الأصحُّ ـ إِذا ألقَتِ الماء ولم تقبَلْهُ رَحِمُها. والمَزْلَقَة والمَزْلَق: الموضع لا يُثْبَت عليه. فأمَّا قَولُه جلَّ ثناؤُه: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم 51]. فحقيقة معناه أنَّه مِنْ حِدّة نظرِهما حَسَدَاً، يكادون يُنحُّونَك عن مكانِك. قال:

* نظراً يُزيل مواطئ الأقدامِ([10]) *

ويقال إنَّ الزَّلِق: الذي إذا دنا من المرأة رَمَى بِمائِهِ قبل أن يَغْشاها. قال:

* إنَّ الزُّبير زَلِقٌ وَزُمَّلِق([11])  *

وقال ابنُ الأعرابيّ: زَلَقَ الرَّجلُ رأسه: حَلَقه. فأما قولُ رُؤبة:

* كَأَنّها حَقْبَاءُ بَلْقَاءُ الزَّلَقْ([12]) *

فيقال إنّ الزَّلَق العَجُز منها ومِنْ كلِّ دابة. وسُمِّيت بذلك لأنَّ اليدَ تَزْلَقُ عنها، وكذلك ما يصيبُها من مَطَرٍ وندى. والله أعلم.

ـــــــــــــــــ

([1]) قطعة من بيت لـه في معلقته. وهو بتمامه:

حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت *** بكرت تزل عن الثرى أزلامها

([2]) هو كغرفة وتمرة وشجرة ولمزة.

([3])  كذا في الأصل: ولم أجده لغيره.

([4]) في الأصل: "ومنهم" صوابه في المجمل واللسان.

([5]) ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.

([6]) الغلوة: قدر رمية  بسهم. وفي اللسان والتاج: "تريد به بعد الغلوة". لكن ورد هكذا في الأصل والمجمل.

([7]) البيت في المجمل واللسان (مرخ، غلا).

([8]) قال ابن سيده: وهو داء يأخذ في الظهر والجنب، وأنشد:

كأن ظهري أخذته زلخه *** لما تمطى بالفرى المفضخه

([9]) الرجز للعماني ، كمافي اللسان (زلف).

([10]) البيت في البيان والتبيين: (1: 11)، من مكتبة الجاحظ. وأنشده في اللسان (قرض، زلق)، وصدره:  * يتقارضون إذا التقوا في موطن *.

([11]) هو للقلاخ بن حزن المنقري. وكذا أنشده في اللسان (زملق)، والمخصص (5: 115): "إن الحصين". على أنه ذكر أن صواب روايته: "إن الجليد" وهو الجليد الكلابي. وذلك لأن في الرجز: *يدعى الجليد وهو فينا الزملق*.

([12]) سبق إنشاد البيت في (حقب)، وسيعيده في (غني). وهو في ديوانه 104 واللسان (حقب، زلق)، والمخصص (6: 143).

 

ـ (باب الزاء والميم وما يثلثهما)

(زمن) الزاء والميم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على وَقتٍ من الوقت. من ذلك الزَّمان، وهو الحِين، قليلُهُ وكثيرُهُ. يقال زَمانٌ وزَمَن، والجمع أَزمانٌ وأزمنَة. قال الشَّاعر في الزّمن:

وكنتُ امرأً زَمَناً بالعرَاقِ *** عَفيف المُناخِ طويلَ التَّغَنّْ([1])

وقال في الأزمان:

*أزمانَ لَيْلَى عامَ لَيْلَى وَحَمي([2])*

ويقولون: "لقيتُهُ ذات الزُّمَيْن" يُراد بذلك تراخِي المُدّة. فأما الزّمانة التي تصِيب الإنسانَ فتُقْعِده، فالأصلُ فيها الضّاد، وهي الضَّمَانة. وقد كُتِبَتْ بقياسها في الضّاد.

(زمت) الزاء والميم والتاء ليس أصلاً؛ لأنَّ فيه كلمةً وهي من باب الإبدال. يقولون رجلٌ زَمِيت وزِمِّيت، أي سِكّيت. والزاء في هذا مبدلة من صاد، والأصل الصَّمْت.

(زمج) الزاء والميم والجيم ليس بشيء. ويقولون: الزُّمَّج: الطائر([3]). والزِّمِجَّى: أصل ذَنَب الطّائر. والأصل في هذا الكاف: زِمِكَّى. ويقال زَمَجْتُ السِّقاء: ملأتُهُ. وهذا مقلوبٌ، إنما هو جَزَمْتُهُ. وقد مضى ذِكرُه.

(زمح)([4]) الزاء والميم والحاء كلمةٌ واحدة. يقولون للرّجُل القَصير: زُمَّح.

(زمخ) الزاء والميم والخاء ليس بأصل. قال الخليل: الزامخ الشّامخ بأنفه. والأُنُوف الزُّمّخ: الطوال. وهذا إن كان صحيحاً فالأصل فيه الشين "شمخ".

(زمر) الزاء والميم والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على قِلّة الشيء، والآخر جنسٌ من الأصوات.

فالأوّل الزَّمَر: قلّة الشِّعَْر. والزَّمِر: قليل الشَّعرْ. ويقال رجلٌ زَمِرُ المروءة، أي قليلها.

الأصل الآخر الزَّمْر والزِّمار: صوت النعامة. يقال زَمَرت تَزْمُر وتَزْمِر زِماراً.

وأما الزَّمَّارة التي جاءت في الحديث: "أنَّه نَهَى عن كسْب الزَّمَّارة" فقالوا: هي الزَّانية. فإنْ صحَّ هذا فلعل نَغْمتها شُبّهت بالزَّمْر. على أنهم قد قالوا إنما هي الرّمّازة: التي ترمِز بحاجبيها للرجال. وهذا أقرب.

(زمع) الزاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلّ على الدُّون والقِلّة والذِّلّة.

من ذلك الزَّمَع، وهي التي تكون خَلف أظلاف الشّاء. وشبه بذلك رُذَال الناس. فأمّا قول الشمَّاخ:

* عكرِشَةٍ زَمُوعِ([5]) *

فالعِكرشة الأُنثى من الأرانب. والزَّمُوع: ذات الزَّمَعات. فهذا هذا الباب.

وأمّا قولهم في الزَّماع، وأزْمَع كذا، فهذا لـه وجهان: أحدهما أن يكون مقلوباً من عزم، والوجه الآخَر أن تكون الزاء [مبدلةً] من الجيم، كأنّهُ مِن إجماع القوم وإجماع الرأي.

ومن الباب قولهم للسّريع([6]) : زميع. وينشدون:

* داعٍ بعاجلةِ الفِراقِ زَميعُ([7]) *

قالوا: والزّميع الشجاع الذي يُزْمِع ثم لا ينثني، والجميع الزُّمَعاء. والمصدر الزَّمَاع. قال الكسائيّ: رجلٌ زَمِيع الرّأي، أي جيِّده. والأصلُ فيه ما ذكرتُهُ من القلب أو الإبدال.

وأمَّا الزَّمَع الذي يأخذُ الإنسانَ كالرِّعدة، فهو كلامٌ مسموع، ولا أدري ما صحَّتُهُ، ولعلَّهُ أن يكون من الشاذّ عن الأصل الذي أصَّلتُهُ.

(زمق) الزاء والميم والقاف ليس بشيء، وإن كانوا يقولون: زَمَقَ شَعَره، إذا نَتَفه. فإنْ صَحَّ فالأصل زَبقَ. وقد ذكر.

(زمك) الزاء والميم والكاف. ذكر ابنُ دريد وغيره أنَّ الزاء والميم والكاف تدلُّ على تداخُل الشيء بعضه في بعض. قال: ومنه اشتقاق الزِّمِكَّى، وهي مَنْبِت ذنَب الطائر.

(زمل) الزاء والميم واللام أصلان: أحدهما يدلُّ علىحَملِ ثِقْل من الأثقال، والآخر صوتٌ.

فالأول الزَّامِلة، وهو بعيرٌ يستظهِرُ به الرَّجل، يحملُ عليه متاعَه. يقال ازدَمَلْت([8]) الشّيءَ، إذا حملتَه. ويقال عِيالاتٌ أَزْمَلَةٌ، أي كثيرة. وهذا من الباب، كأنَّهُمْ كَلُّ أحمالٍ، لا يضطلعون ولا يطيقون أنفسَهم.

ومن الباب الزُّمَّيل، وهو الرجل الضعيف، الذي إِذا حَزَبهُ أمرٌ تَزَمَّلَ، أي ضاعَفَ عليه الثِّياب حتَّى يصير كأنّه حِمْل. قال أُحيحة:

لا وأبيك ما يُغنِي غَنائِي *** من الفِتيانِ زُمَّيل كَسُولُ([9])

والمُزَامَلة: المعادلة([10]) على البعير.

فأمّا الأصل الآخَر فالأزْمَلُ، وهو الصّوتُ في قول الشاعر:

* لها بعد قِرَّاتِ العَشيّاتِ أَزْمَلُ *

ومما شذّ عن هذين الأصلين الإِزْمِيل: الشَّفْرَة([11]). ومنه أخذت الشيءَ بأَزْمَلِه.

ــــــــــــــــــ

([1]) التغني: الاستغناء. والبيت للأعشى في ديوانه 22 واللسان (غنا) والمخصص ( 12: 276).

([2]) أنشده في اللسان (وحم). وقال: "والوحم: اسم الشيء المشتهى". وكذا أنشده في المخصص (1: 19)، قال: "يقول : ليلى هي التي تشتهيها نفسي". وهو للعجاج في ديوانه 58.

([3]) أي الطائر المعهود، وهو طائر دون العقاب يصاد به. وفي المجمل: "طائر".

([4]) وردت هذه المادة في الأصل بعد (زمت)، ورددتها إلى هذا الترتيب وفقاً لنظام ابن فارس ولما ورد في المجمل.

([5]) جزء من بيت له ديوانه 61 واللسان (زمع)، وهو:

فما تنفك بين عويرضات *** تجر برأس عكرشة زموع

([6]) في الأصل (للسرمع) صوابه من المجمل واللسان.

([7]) البيت بتمامه كما في اللسان (زمع):

ودعا ببينهم غداة تحملوا  *** داع بعاجلة الفراق زميع

([8]) في الأصل: "أزملت"، صوابه من اللسان (13-331).

([9]) أنشده في المجمل (زمل).

([10]) المعادلة: أن يكون عديلاً له. وفي الأصل: "المعاملة". صوابها من المجمل واللسان.

([11]) قيده في اللسان بشفرة الحذّاء. وأنشد لعبدة بن الطبيب:

عيرانة ينتحي في الأرض منسمها *** كما انتحى في أديم الصرف إزميل

 

 

ـ (باب الزاءِ والنون والحرف المعتل)

(زني) الزاء والنون والحرف المعتل لا تتضايف، ولا قياس فيها لواحدةٍ على أخرى. فالأوَّل الزِّنَى، معروف. ويقال إنّه يمدّ ويقصر. وينشد للفرزدق:

أبا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعرَف زنَاؤُهُ  *** ومن يَشْرَبِ الخمر لا بدّ يَسْكرُ([1])

ويقال  في النسبة إلى زِنَىً زِنَويّ، وهو لزِنْيَةٍ وزَنْيَةٍ، والفتح أفصح.

والكلمة الأخرى مهموز. يقال زَنَأت في الجبل أزنأ زُنُوءَاً وزَنْأً. والثالثة: الزَّنَاء، وهو القصير من كلِّ شيء. قال:

وتُولجُ في الظِّلِّ الزَّنَاء رؤوسَها *** وتحسَِبُها هِيماً وهنَّ صحائحُ([2])

وقال آخر([3]):

وإِذَا قُذِفْتُ إلى زَنَاءٍِ قعْرُها *** غبراءَ مُظْلِمةٍ منَ الأحْفارِ([4])

والرابعة: (الزَّنَاء)([5]): الحاقن بولَه. ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يصلي الرجل وهو زَنَاء.

(زنج) الزاء والنون والجيم ليس بشيء. على أَنهم يقولون الزَّنَج: العطش، ولا قياس لذلك.

(زنح) الزاء والنون والحاء كالذي قبله. وذكر بعضهم أن التزَنُّح التفتُّح في الكلام.

(زند) الزاء والنون* والدال أصلان: أحدهما عضو من الأعضاء، ثم يشبه به. والآخَر دليلُ ضيقٍ في شيء.

فالأوَّل الزَّند، وهو طَرَف عظم الساعد، وهما زَنْدان، ثم يشبه به الزند الذي يُقدَح به النار، وهو الأعلى، والأسفل الزَّنْدَة.

والأصل الآخر: المُزَنَّد؛ يقال ثوبٌ مُزَنَّد، إذا كان ضيّقاً؛ وحوضٌ مُزنّدٌ مثله. ورجلٌ مزنَّد: ضيِّق الخُلُقِ. قال ابن الأعرابي: يقال([6]) تزنَّد فلانٌ، إذا ضاقَ بالجوابِ وغضِب. قال عديّ:

* فقُلْ مثلَ ما قالوا ولا تتَزَنَّدِ *

ومن الباب المُزَنَّد، وهو الحمِيل،([7]) يقال زنَّدْتُ الناقة، إذا خَلَّلت أشاعرها بأخِلّة صغار، ثُمَّ شددتَها بشَعر، وذلك إذا انْدحفت رحِمُها بعد الولادة.

(زنر) الزاء والنون والراء ليس بأصلٍ؛ لأنّ النون لا يكون بعدها راء. على أنّ في الباب كلمة. يقولون: إن الزَّنانِير الحصى الصِّغار إذا هبَّت عليها الريحُ سمعتَ لها صَوتاً. [والزَّنَانِير: أرضٌ بقرب جُرَشَ].([8]) وقال ابن مقْبل:

*زَنَانِيرُ أَرواحَ المصيفِ لها ([9]) *

(زنق) الزاء والنون والقاف أصل يدلُّ على ضيقٍ أو تضْييق. يقولون: زَنَقْت الفَرسَ، إذا شَكَلْته في قوائمه الأربع. والزَّنقَة كالمدخل في السِّكّة([10]) وغيرها في ضيق وفيها مَيل. ويقال لضربٍ من الحُليّ زِنَاقٌ.

(زنك) الزاء والنون والكاف ليس أصلاً ولا قياسَ لـه. وقد حُكِيَ الزَّوَنَّك: القصير الدَّميم.

(زنم) الزاء والنون والميم أصلٌ يدلُّ على تعليق شيء بشيء. من ذلك الزَّنيم، وهو الدَّعِيُّ. وكذلك المُزَنَّمُ؛ وشُبّه بزنَمَتَي العنز، وهما اللتان تتعلَّقان من أذنها. والزَّنَمة: اللَّحمة المتدلّية في الحلْق. وقال الشاعر في الزَّنيم:

زَنيمٌ تَداعاهُ الرِّجالُ زيادةً *** كما زِيدَ  في عَرضِ الأديمِ الأكارعُ([11])

ــــــــــــــــ

([1]) كذا ورد إنشاده في الأصل محرفاً. والذي في الديوان 383 واللسان (زنا، سكر):

*ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا *.

وقبله:

أبا حاضر ما بال برديك أصبحا *** على ابنةِ فروج رداء ومئزرا

([2]) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (زنأ).

([3]) هو الأخطل. ديوانه 81 واللسان (زنأ).

([4]) الأحفار: جمع حفر بالتحريك، وهو المكان المحفور. وقبل البيت في ديوانه:

بأبي سليمان الذي لولا يد *** منه علقت بظهر أحدب عاري

([5]) الزّناء كسحاب، بتخفيف النون.

([6]) في الأصل: "مقابل".

([7]) الحميل: بالحاء المهملة، وهو الدعي في النسب. في الأصل: "الجميل" صوابه في المجمل.

([8]) التكملة من الجمل، ويقتضيها الاستشهاد بالبيت التالي.

([9]) قطعة من بيت له، وهو بتمامه كما في اللسان ومعجم البلدان (406) :

تهدى زنانير أرواح المصيف لها *** ومن ثنايا فروج الغور تهدينا

([10]) في الأصل: "التكة"، صوابه من المجمل واللسان.

([11]) للخطيم التميمي. وهو شاعر جاهلي، كما في اللسان (زنم).

 

ـ (باب الزاءِ والهاءِ  والحرف المعتل)

(زهو) الزاء والهاء والحرف المعتل أصلان: أحدها يدلُّ على كِبْر وفَخْر، والآخر على حُسْن.

فالأوَّل الزَّهْو، وهو الفخر. قال الشاعر([1]):

مَتى ما أشأ غير زَهْوِ الملوكِ *** أجعلْكَ رَهطا على حُيَّضِ

ومن الباب: زُهِيَ الرجل فهو مَزْهوٌّ، إذا تفخَّر وتعظّم.

ومن الباب: زَهَتِ الريح النباتَ، إذا هَزَّتْهُ، تَزْهاه. والقياس فيه أن المعْجَب([2]) ذَهَبَ بنفسه متمايلاً([3]).

والأصل الآخر: الزَّهو، وهو المنظر الحسَن. من ذلك الزَّهْو، وهو احمرار ثمر النخل واصفرارُهُ. وحكى بعضهم زَهَى وأَزْهَى. وكان الأصمعيُّ يقول: ليس إلاَّ زَهَا. فأمَّا قول ابن مُقْبِل:

ولا تقولَنَّ زَهْوَاً ما تُخَبِّرُني *** لم يترك الشيبُ لِي زَهْوَاً ولا الكِبرُ([4])

فقال قوم: الزَّهو: الباطل والكَذِب، والمعنى فيه أنَّه من الباب الأول، وهو من الفخر والخُيَلاء.

وأما الزُّهَاء فهو القَدْر في العَدَد، وهو ممّا شذ عن الأصلين جميعاً.

(زهد) الزاء والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على قِلّةِ الشيء. والزّهِيد: الشيء القليل. وهو مُزْهِدٌ: قليل المال.([5]) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضلُ النّاسِ مؤْمِنٌ مُزْهِدٌ" وهو المُقِلُّ، يقال منه: أَزْهَد إِزْهَاداً. قال الأعشى:

فلَنْ يَطْلبُوا سِرَّها للغِنَى *** ولن يسلِموها لإزهادها([6])

قال الخليل: الزَّهادة في الدُّنيا، والزُّهْد في الدِّين خاصة. قال اللِّحياني: يقال رجل زَهيدٌ: قليل المَطعَم، وهو ضيِّق الخُلُقِ أيضاً. وقال بعضهم الزَّهِيد: الوادي القليل الأخذ للماء. والزَّهَاد: الأرض التي تَسيلُ من أدنى مطر.

وممّا يقرُبُ من الباب قولهم: "خُذْ زَهْدَ ما يكفِيكَ"، أي قَدْرَ ما يكفِيك ويُحكى عن الشيبانِيّ ـ إن صح فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلناه  ـ قال: زَهَدْت النَّخْلَ، وذلك إذا خَرَصْتَه.

(زهر) الزاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حُسنٍ وضِياء وصفاء. من ذلك الزُّهَرة: النجم. ومنه الزَّهْر، وهو *نَور كلِّ نبات؛ يقال أزهر النّبات. وكان بعضهم([7]) يقول: النّور الأبيضُ، والزّهر الأصفر، وزَهْرَة الدُّنيا: حُسْنها. والأزهر: القمر. ويقال زَهَرَت النّارُ: أضاءت، ويقولون: زَهَرَتْ بك ناري.

ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم: ازدهرتُ بالشيء، إذا احتفظتَ به. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي قَتادة في الإناء الذي أعطاه: "ازْدَهِرْ بِهِ فإنَّ له شأناً"، يريد احتفظ به . وممكنٌ أن يُحمَل هذا على الأصل أيضاً؛ لأنه إذا احتفظ به فكأنّه من حيثُ استحسنه. وقال:

* كما ازْدَهَرَت ([8])*

ولعل المِزْهَر الذي هو العُود محمولٌ على ما ذكرنَاه من الأصل؛ لأنّه قريب منه.

(زهم) الزاء والهاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَمِن وشحمٍ وما أشبه ذلك. من ذلك الزَّهَم، وهو أن تَزْهَم اليدُ من اللّحم. وذكر ناسٌ أنَّ الزُّهْم شَحم الوحش، وأنَّه اسمٌ لذلك خاصَّة، ويقولون للسَّمين زَهِمٌ. فأمّا قولُهم في الحكاية عن أبي زيدٍ أن المزَاهَمة القُرب، ويقال زَاهَمَ فلانٌ الأربعينَ، أي داناها، فممكنٌ أن يُحمَل على الأصل الذي ذكرناه، لأنّه كأنّه أراد التلطُّخ بها ومُماسّتها. ويمكن أنْ يكون من الإبدال، وتكون الميم بدلاً من القاف، لأنَّ الزاهق عَيْنُ السّمين([9]). وقد ذكرناه.

(زهق) الزاء والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ  يدلُّ على تقدّم ومضيّ وتجاوز. من ذلك زَهَقَتْ نفسه. ومن ذلك: [زَهَقَ] الباطل، أي مضى. ويقال زَهَقَ الفرسُ أمامَ الخيل، وذلك إذا سَبَقَها وتقدَّمها. ويقال زَهَقَ السّهم، إذا جَاوَزَ الهَدَف. ويقال فرسٌ ذات أَزَاهيقَ، أي ذات جَرْيٍ وسَبْقٍ وتقدم.

ومن الباب الزَّهْق، وهو قَعْرُ الشيء؛ لأن الشيء يزهق فيه إذا سقط. قال رؤبة:

* كأنَّ أيديَهنَّ تَهْوِي بالزَّهَق([10]) *

فأمَّأ قولهم: أَزْهَقَ إِناءَه، إذا ملأَه، فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنه إذا امتلأ سَبَقَ وفاضَ ومَرَّ. ومن الباب الزَّاهق، وهو السَّمِين، لأنَّه جاوزَ حدّ الاقتصاد إلى أن اكتنَزَ من اللحم([11]). ويقولون: زَهَقَ مخُّه: اكتنَز. قال زُهير في الزَّاهق:

القائدُ الخيلَ منكوباً دوابِرُها *** منها الشَّنُونُ ومنها الزَّاهِقُ الزَّهِمُ([12])

ومِنَ الباب الزَّهُوق، وهو البئر البعيدة القعر.

فأما قولهم: النَّاسُ زُهاقُ مائة، فممكن إن كان صحيحاً أن يكون من الأصل الذي ذكرنا، كأنَّ عددَهم تقدَّمَ حتَّى بلغ ذلك. وممكن أن يكون من الإبدال، كأنَّ الهمزة أُبْدِلَتْ قافاً. ويمكن أن يكون شاذّاً.

(زهف) الزاء والهاء والفاء أصلٌ يدلُّ على ذهاب الشيء. يقال ازدهَفَ الشيءَ، وذلك إذا ذَهَبَ به. قالت امرأةٌ من العرب:

يا من أحسَّ بُنَيَّيَّ اللذين هما  *** سَمعِي ومُخّي فمُخّي اليوم مزدَهَفُ([13])

ويقال منه أَزْهَفَهُ الموتُ، ومن الباب ازدَهَفه، إذا استعجَلَه. قال:

قولك أقوالاً مع التَّحلافِ  *** فيه ازدهافٌ أيما ازدهافِ([14])

وقال قوم: الازدهاف التزيُّد في الكلام. فإن كان صحيحاً فلأنّه ذَهابٌ عن الحقّ ومجاوزةٌ له.

(زهل) الزاء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على ملاسةِ الشَّيء. يقال فرس زُهْلول، أي أملس.

(زهك) الزاء والهاء والكاف ليس فيه شيء إلا أن ابنَ دريد ذكر أنهم يقولون: زَهَكت الرِّيح التّرابَ، مثل سَهَكَتْ.

ـــــــــــــــ

([1]) هو أبو المثلم الهذلي، كما في اللسان (رهط، زهو)، وقد سبق البيت في (2: 450).

([2]) في الأصل "المعجب".

([3]) في الأصل: "زهت بنفسه متمائلا".

([4]) روايته في اللسان: "ولا العور". ورواية الصحاح تطابق رواية ابن فارس.

([5]) في الأصل: "الماء" صوابه من المجمل واللسان.

([6]) ديوان الأعشى 56 واللسان (زهد).  وفي شرح الديوان: "قرأت على أبي عبيدة لإزهادها، فلما قرأتُ عليهِ الغريب قال: لأزهادها، بالفتح".

([7]) هو ابن الأعرابي ، كما في اللسان (زهر).

([8]) قطعة من بيت في اللسان (زهر) وهو بتمامه:

كما ازدهرت قينة بالشراع *** لأسوارها عل منها اصطباحا

([9]) في الأصل: "عند السمين"، وانظر س 13 من هذه الصفحة.

([10]) ديوان رؤبة 106 واللسان (زهق).

([11]) في الأصل: "إلى أكثر من اللحم".

([12]) ديوان زهير 153 واللسان (زهق).

([13]) في اللسان (زهف):

بل من أحسَّ بريمي اللذين هما *** قلبي وعقلي فعقلي اليوم مزدهف.

([14]) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 100.

 

 

ـ (باب الزاء والواو وما يثلثهما)

(زوي) الزاء والواو والياء أصلٌ يدلُّ على انضمامٍ وتجمُّع. يقال زوَيت الشَّيءَ: جمعته. قال رسول الله *صلى الله عليه وآله: "زُوِيتِ الأرضُ فأُرِيتُ مَشارِقَها ومغارِبَها، وسيبلغُ مُلْكُ أمّتي ما زُوِيَ لي منها". يقول: جُمِعَت إِليّ الأرضُ. ويقال زَوَى الرجلُ ما بين عينيه، إِذا قبضَه. قال الأعشى:

يزيدُ يَغضُّ الطَّرْف دُوني كأنَّما *** زَوَى بين عينيه عليَّ المحاجمُ([1])

فلا ينبسِطْ مِن بين عينَيكَ ما انزَوَى  *** ولا تَلقَني إلاّ وأنفُكَ راغمُ

ويقال انْزَوتِ الجِلدةُ في النار، إذا تَقَبَّضت. وزَاوية البيت لاجتماع الحائِطَين([2]). ومن الباب الزِّيّ: حُسْن الهيئة. ويقال زوى الإِرثَ عن وارثِه يَزوِيه زَيّاً.

ومما شذَّ عن هذا الأصل ولا يُعلم لـه قياسٌ ولا اشتقاق: الزَّوْزَاة: حُسن الطرد([3])، يقال زَوْزَيْتُ به.

ويقال الزِّيزَاء: أطراف الرِّيش. والزِّيزاةُ: الأكَمة، والجمع الزِّيزاء، والزَّيازِي، في شعر الهذليّ([4]):

* ويوفِي زَيازِيَ حُدْبَ التّلالِ *

ومن هذا قدرٌ زُوَزِيَةٌ، أي ضخمة([5]).

وممَّا لا اشتقاقَ له الزَّوْء، وهي المَنِيّة([6]).

(زوج) الزاء والواو والجيم أصلٌ يدلُّ على مقارنَة شيءٍ لشيء. من ذلك [الزّوج زوج المرأة. والمرأةُ([7])] زوج بعلِها، وهو الفصيح. قال الله جل ثناؤه: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة 35، الأعراف 19]. ويقال لفلانٍ زوجانِ من الحمام، يعني ذكراً وأنثى. فأمّا قولُه جلّ وعزّ في ذِكْر النبات: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج 5، ق7]، فيقال أراد به اللَّون، كأنَّه قال: من كل لونٍ بهيج. وهذا لا يبعد أن يكون مِن الذي ذكرناه؛ لأنه يزوَّج غَيْرَه ممّا يقاربه. وكذلك قولهم للنَّمَط الذي يُطرَح على الهودج زَوج؛ لأنَّه زوجٌ لما يُلْقَى عليه. قال لبيد:

مِن كل محفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ *** زَوْجٌ عليه كِلّةٌ وقِرامُها([8])

(زوح) الزاء والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على تنَحٍّ وزوال . يقول زاح عن مكانه يزُوح، إذا تنحَّى، وأزحتُه أنا. وربَّما قالوا: أزاح يُزِيح.

(زود) الزاء والواو والدال أصلٌ يدل على انتقالٍ بخير، من عملٍ أو كسبٍ. هذا تحديدٌ حَدَّهُ الخليل. قال كلُّ مَن انتقل معه بخيرٍ مِنْ عملٍ أو كسب فقد تزوَّد. قال غيره: الزَّود: تأسيس الزّاد، وهو الطعام يُتَّخَذ للسَّفر. والمِزْوَد: الوعاء يُجْعَل للزاد. وتلقب العَجم برِقاب المَزاوِدِ.

(زور) الزاء والواو والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْل والعدول. من ذلك الزُّور: الكذب؛ لأنه مائلٌ عن طريقَةِ الحق. ويقال زوَّرَ فلانٌ الشَّيءَ تزويراً. حتَّى يقولون زوَّر الشيءَ في نفْسه: هيّأَهُ، لأنَّهُ يَعدِل به ِعن طريقةٍ تكون أقربَ إلى قَبولِ السامعِ. فأمَّا قولهم للصَّنم زُور فهو القياس الصحيح. قال:

* جاؤوا بزُورَيْهِمْ وجئنا بالأَصَمّْ([9]) *

والزَّوَر: الميل. يقال ازورَّ  عن كذا، أي مالَ عنه.

ومن الباب : الزائر، لأنّه إذا زارَك فقد عدَلَ عن غيرك.

ثم يُحمل على هذا فيقال لرئيس القوم وصاحِب أمرهم: الزُّوَيْر، وذلك أنهم يعدِلون عن كلِّ أحدٍ إليه. قال:

بأيدِي رجالٍ لا هَوادةَ بينهمْ *** يَسُوقون للموت الزُّوَيْر اليَلَنْدَدا([10])

ويقولون: هذا رجلٌ ليس له زَوْرٌ، أي ليس له صَيُّورٌ يرجِع إليه. والتزوير: كرامة الزَّائِر. والزَّوْرُ: القومُ الزُّوَّار؛ يقال ذلك في الواحد والاثنين والجماعة والنِّساء. قال الشاعر:

ومشيُهنَّ بالخُبَيْبِ المَوْرُ([11]) *** كما تَهَادى الفَتَياتُ الزَّوْرُ

فأمَّا قولهم إن الزِّوَرَّ القويّ الشديد، فإنما هو من الزَّوْر، وهو أعلى الصدر شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلْناه.

(زوع) الزاء والواو والعين كلمةٌ واحدة. يقال زَاعَ الناقة بزمامها زَوْعاً. إذا جذبها. قال ذو الرّمة:

* زُعْ بالزِّمام وجَوْزُ الليلِ مرْكومُ *([12])

(زوف) الزاء والواو والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّهم يقولون موتٌ *زُوَاف: وحِيٌّ.

(زوق) الزاء والواو والقاف ليس بشيء. وقولهم زَوَّفْتُ الشيءَ إذا زَيّنتهُ وموّهته، ليس بأصل، يقولون إنّهُ من الزَّاوُوق، وهو الزِّئبق. وكلُّ هذا كلام.

(زوك) الزاء والواو والكاف كلمةٌ إن صحت. يقولون إنَّ الزَّوْكَ مِشية الغُراب. وينشدون:

* في فُحْشِ زانيةٍ وزَوْكِ غُرَابِ([13]) *

ويقولون من هذا زَوْزَكَت المرأة، إذا أسرعت في المشي. وهذا باب قريبٌ من الذي قبلَه.

(زول) الزاء والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تنحّي الشيءِ عن مكانه. يقولون: زال الشيءُ زَوالاً، وزالت الشمس عن كبد السماء تزُول. ويقال أزَلْتُهُ عن المكان وزوّلته عنه. قال ذو الرمة:

وبيضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأُمُّها  *** إذا ما رأتْنا زِيل منا زَوِيلُها([14])

ويقال إنّ الزّائلة كلُّ شيء يتحرك. وأنشد:

وكنت امرأً أرمي الزّوائِلَ مَرَّةً *** فأصبحْتُ قد ودَّعْت رَمْيَ الزّوائِل([15])

ومما شذّ عن الباب قولُهم: شيءٌ زوْل، أي عَجَب. وامرأةٌ زَولة، أي خفيفة. وقال الطرِمّاح:

وألقَتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ *** تُخَاضِنُ أو ترنُو لقول المُخاضِنِ([16])

(زون) الزاء والواو والنون ليس هو عندي أصلاً. على أنّهم يقولون: الزَّون: الصّنَم. ومرّة يقولون: الزَّوْن بيت الأصنام. وربما قالوا([17]) زانَه يَزُونه بمعنى يَزِينه([18]).

ومن الباب الزِّوَنَّة: القصيرة من النِّساء. والرجل زِوَنّ. وربما قالوا: الزَّوَنْزَى: القصير. وكله كلام.

ــــــــــــــــــ

([1]) ديوان الأعشى 58 واللسان (زوى).

([2]) في المجمل: "وزاوية البيت سميت للاجتماع".

([3]) في المجمل واللسان: "شبه الطرد".

([4]) هو أسامة بن الحارث الهذلي من قصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي 79. وصدر البيت: * وظل يسوف أبوالها *

([5]) حق هذه الكلمة وما قبلها من أول هذه الفقرة أن يكون في مادة (زبز).

([6]) في الأصل: "المسنة"، تحريف.

([7]) التكملة من المجمل.

([8]) من معلقة لبيد.

([9]) الرجز للأغلب، أو ليحيى بن منصور. انظر اللسان (زور).

([10]) أنشده في اللسان (5: 427).

([11]) الخبيب: مصغر الخُب بالضم، وهو الغامض من الأرض، وفي اللسان: "ومشيهن بالكثيب مور".

([12]) صدره كما في ديوانه 579 واللسان (زوع):

*وخافق الرأس فوق الرحل قلت له*

لكن في اللسان: "مثل السيف قلت له".

([13]) البيت لحسان في ديوانه 59 والحيوان (3: 424)، وهو في اللسان (زوك) بدون نسبة.

([14]) البيت في ديوانه 554 واللسان (8: 180/ 13: 337/ 20: 165) والحيوان (5: 574). وقد سبق في (2: 119).

([15]) أنشده في اللسان (زول).

([16]) ديوان الطرماح 164 واللسان (خضن، لحن) والمقاييس (2: 193).

([17]) في الأصل: "قاله".

([18]) في اللسان: "محمد بن حبيب: قالت أعرابية لابن الأعرابي: إنك تزوننا إذا طلعت".

 

ـ (باب الزاي والياء وما يثلثهما)

(زيب) الزاي والياء والباء أصلٌ يدلُّ على خفّةٍ ونشاط وما يشبه ذلك. والأصلُ الخِفّة. يقولون: الأَزْيَبُ النشاط. ويقولون: مَرّ فلانٌ وله أزْيَبٌ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً. ومن ذلك قولهم للأمر المنكَر: أَزْيَبٌ. وهو القياس، وذلك أنّه يُستخفّ لمن رآه أو سمعه قال:

تُكلّفُ الجارةَ ذَنْبَ الغُيّبِ *** وهي تُبيتُ زوجَها في أزيَبِ([1])

ومن الباب قولهم للرجل الذّليل والدّعِيِّ أَزْيَب. ويقولون لمن قارَبَ خَطْوَه: أَزْيَب. وقد أعلمْتُكَ أنَّ مرجع البابِ كلِّه إلى الخِفّة وما قاربها.

وممّا يصلُح أن يقال إنّه شذّ عن الباب، قولهم للجَنُوب من الرِّياح: أَزْيَب.

(زيت) الزاء والياء والتاء كلمةٌ واحدة، وهي الزّيت، معروف. ويقال زِتُّه، إذا دهنْتَه بالزّيت. وهو مَزْيوت.

(زيح) الزاء والياء والحاء أصلٌ واحد، وهو زَوال الشيء وتنحِّيه. يقال زاح الشيءُ يَزيحُ، إذا ذهَب؛ وقد أزَحْتُ عِلَّته فزاحت، وهي تَزِيح.

(زيج) الزاء والياء والجيم ليس بشيء. على أنهم يسمُّون خيطَ البنَّاءِ زِيجاً([2]). فما أدري أعربيٌّ هو أم لا.

(زيد) الزاء والياء والدال أصلٌ يدلُّ على الفَضْلِ. يقولون زاد الشيء يزيد، فهو زائد. وهؤلاء قومٌ زَيْد على كذا، أي يزيدون. قال:

وأنتمُ مَعْشرٌ زَيدٌ على مائةٍ  *** فأجمِعُوا أمرَكُمْ كيداً فكيدوني([3])

ويقال شيءٌ كثير الزَّيايد، أي الزّيادات، وربما قالوا زوائد. ويقولون للأسد: ذو زوائد. قالوا: وهو الذي يتزيَّد في زَئِيرِهِ وصَولتهِ. والناقة تَتَزَيَّد في مِشيتها، إذا تكلفَتْ فوق طاقتها، ويروون:

* فقل [مثل] ما قالُوا ولا تَتزَيَّد([4]) *

بالياء، كأنّه أراد التّزيّد في الكلام.

(زير) الزاء والياء والراء ليس بأصلٍ. يقولون: رجلٌ زِيرٌ: يحبُّ مجالسَةَ النِّساء ومحادثتَهن. وهذا عندي أصلُهُ الواو، من زَارَ يزورُ، فقلبت الواو ياءً للكسرة التي قبلها، كما يقال هو حِدْثُ نِساء. قال في الزِّير:

مَنْ يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ* والإغْـ *** رامِ زيراً فإنني غيرُ زيرِ([5])

(زيغ) الزاء والياء والغين أصلٌ يدل على مَيَل الشيء. يقال زاغ يَزيغُ زَيْغاً. والتَّزَيُّغ: التَّمايُل([6])، وقوم زاغَةٌ، أي زائغون، وزاغَت الشمس، وذلك إذا مالت وفاء الفيء([7]). وقال الله جلَّ ثناؤه: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ } [الصف 5 ]، فأمَّا قولهم: تزيّغت المرأةُ، فهذا من باب الإبدال، وهي نونٌ أبدلت غيناً.

(زيم) الزاء والياء والميم أصلٌ يدلُّ على تجمّعٍ. يقال لحم زِيَمٌ، أي مُكتنِز. ويقال اجتمع الناسُ فصاروا زِيَما. قال الخليل:

* والخيل تعدُوا زِيَماً حولنا *

(زيل) الزاء والياء واللام ليس أصلاً، لكنّ الياء فيه مبدلةٌ من واو، وقد مضى ذِكره، وذُكِرَتْ هنالك كلماتُ اللَّفظِ. فالتَّزايل: التباين. يقال زَيَّلْتُ بينه، أي فرّقْت، قال الله تعالى: { فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ } [يونس 28] ويقال إن الزَّيَل تباعُدُ ما بين الفَخِذين، كالفَحَجِ. وذُكرَ عن الشيبانيّ إن كان صحيحاً تزايلَ  فلانٌ عن فلانٍ، إِذَا احتشَمَه. وهو ذاك القياسُ إن صحّ.

(زين) الزاء والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسن الشيء وتحسينه. فالزَّيْن نَقيضُ الشَّيْن. يقال زيَّنت الشيء تزييناً. وأزْيَنتِ الأرضُ وازّيَّنتْ وازدانت([8]) إذا حَسَّنَها عُشْبُها. ويقال إن كان صحيحاً ـ إنّ الزَّين: عُرْف الدِّيك. ويُنشدون:

وجئتَ على بغلٍ تَزُفُّكَ تِسعةٌ *** كأنّكَ دِيكٌ مائلُ الزَّين أعْوَر([9])

(زيف) الزاء والياء والفاء فيه كلام، وما أظنُّ شيئاً منه صحيحاً. يقولون درهم زائِف وزَيْف. ومن الباب زَافَ الجملُ في مَشيه يزيف، وذلك إذا أسرع. والمرأة تَزِيف في مَشيها، كأنها تستدير. والحمامة تَزِيف عند الحَمَام. فأمّا الذي يُروَى في قول عديّ:

تَرَكونِي لدَى قُصورٍ وأعرا *** ضِ قصورٍ لزَيْفهنّ مَرَاقِ([10])

فيقولون إِنّ الزَّيف الطُّنُف الذي يقي الحائط: ويقال "لزيْفهن([11])". وكلُّ هذا كلام. والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) البيت الأخير في المجمل.

([2]) ذكر في المعرب 169 أنه فارسي، عربيته "المطمر".

([3]) البيت لذي الإصبع العدواني من قصيدة له في المفضليات (1/158).

([4]) التكملة من المجمل واللسان. وصدره في اللسان:

* إذا أنْتَ فاكهت الرجال فلا تلع *.

([5]) أنشده في اللسان (سود). والسواد، بالكسر: المسارة.

([6]) في الأصل : "والتماثل"، صوابه من المجمل واللسان.

([7]) في الأصل: "وذلك إذا فاءت الفيء" صوابه من المجمل واللسان.

([8]) ويقال أيضاً: "ازبنت" كاحمرت، و "ازبأنت".

([9]) البيت للحكم بن عبدل، كما في الحيوان (2: 305) واللسان (زين).

([10]) الكلمتان الأخيرتان من البيت في المجمل. وأنشده في اللسان (زيف).

([11]) كذا في الأصل.

 


ـ (باب الزاء والهمزة وما يثلثهما)

(زأر) الزاء والهمزة والراء أصلٌ واحد. زأر الأسد زأراً وزئِيرا.

قال النابغة:

نُبِّئتُ أنّ أبا قابوسَ أوعَدَنِي *** ولا قَرَارَ على زأر من الأسَدِ([1])

ومنه قوله:

حَلّتْ بأرضِ الزَّائِرِينَ فأصْبَحتْ *** عَسِراً عليَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَم([2])

ومن الباب الزَّأرَة: الأَجَمة، وهو كالاستعارة؛ لأنّ الأُسْدَ تأوي إليها فتزأَر.

(زأب) الزاء والهمزة والباء كلمتان. يقال زَأَبَ الشيءَ، إذا حَمله. والازدئاب: الاحتمال. والكلمة الأخرى زَأَبَ، إذا شَرِب شُرباً شديداً. ولا قياسَ لهما.

(زأد) الزاء والهمزة والدال كلمة واحدة، تدلُّ على الفزع. يقال زُئِد الرّجُل، إذا فَزِع، زُؤداً. قال:

حَملَتْ به في ليلةٍ مَزؤُودةٍ *** كَرْها وعَقدُ نِطاقِها لم يُحْلَلِ([3])

(زأم) الزاء والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ وكلام. فالزَّأْمة: الصَّوت الشديد. ويقال زأمَ لي فلانٌ زأْمةً، إذا طَرَح لي كلمةً لا أدري أحقٌّ هي أم باطل.

ومما يُحمَل عليه الزَّأَم: الذُّعر. ويقال أزأَمْتُه على كذا، أي أكرهْتُه.

ومما شذّ عن الباب الزّأْم: شِدّة الأكل. والله أعلم.

ــــــــــــــ

([1]) ديوان النابغة 26.

([2]) البيت لعنترة بن شداد في معلقته المعروفة، واللسان (زأر).

([3]) البيت لأبي كبير الهذلي، من قصيدة له في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61. وهو في حماسة أبي تمام (1: 20).

 


ـ (باب الزاء والباء وما يثلثهما)

(زبد) الزاء والباء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تولُّد شيءٍ عن شيء. من ذلك زَبَدُ الماءِ وغيرِه. يقال أزْبَدَ إزْباداً. والزُّبد من ذلك أيضاً. يقال زَبَدْتُ الصبي أزبُده، إذا أطعمتَه الزُّبد.

وربَّما حملوا على هذا واشتقّوا منه. فحكى الفرّاءُ عن العرب: أَزْبَدَ السِّدرُ، إذا نَوَّر. ويقال زَبَدَتْ فلانةُ سِقاءَها، إِذا مَخَضَتْه حتَّى يُخرِج زُبْدَه.

ومن *الباب الزَّبْد، وهو العطيّة. يقال زَبَدْتُ الرّجلَ زَبْدا: أعطيتُهُ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّا لا نَقْبل زَبْد المُشركين" يريد هداياهم.

(زبر) الزاء والباء والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على إحكام الشيء وتوثيقه، والآخَر يدلُّ على قراءةٍ وكتابةٍ وما أشبه ذلك.

فالأوّل قولهم زَبَرْت البِئر، إِذا طويتَها بالحجارة. ومنه زُبْرة الحديدِ، وهي القطعة منه، والجمع زُبَر. ومن الباب الزُّبْرة: الصّدر. وسُمّي بذلك لأنه كالبئر المزبورة، أي المطويّة بالحجارة. ويقال إنَّ الزُّبْرة من الأسد مُجتمع وَبَرِه في مِرفقيْهِ وصدرهِ. وأسد مَزْبَرانيٌّ، أي ضخم الزُّبْرة.

ومن الباب الزَّبير، وهي الدَّاهية. ومن الباب: أخَذَ الشَيءَ بزَوْبَرِه، أي كُلِّه. ومنه قول ابن أحمر([1]) في قصيدته:

* عُدَّتْ عليَّ بِزَوْبَرَا([2]) *

فيقال إنَّ معناهُ نُسِِبتْ إليَّ بكمالها. ومن الباب: ما لِفلاَنٍ زَبْرٌ، أي ما لـه عقلٌ ولا تماسُك. ومنه ازبأَرَّ الشّعر، إذا انتفَش تقوى([3]).

والأصل الآخر: زَبَرْتُ الكتابَ، إذا كتبتَه. ومنه الزبور. وربَّما قالوا: زبَرتَه، إذا قرأتَهُ. ويقولون في الكلمة:"أنا أعرفُ تَزْبِرَتِي([4])". أي كتابتي.

(زبق) الزاء والباء والقاف ليس من الأصول التي يُعوّل على صحّتها، وما أدري ألِما قيل فيه حقيقةٌ أم لا؟ لكنّهم يقولون: زَبَقَ شَعره، إذا نَتَفَه. ويقولون: انْزَبَق في البيت: دخل. وزَبَقْت الرّجلَ:حبستُه.

(زبل) الزاء والباء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون: ما أصبت مِنْ فلان زُِبالاً([5])، قالوا: هو الذي تحمله النّملة بفيها. وليس لها اشتقاق. وذكر ناسٌ إن كان صحيحاً ـ : ما في الإناء زُبَالة، إذا لم يكن فيه شيء. وأما قولهم زَبَلْتَ الزّرعَ، إذا سَمَّدته بالزِّبل، فإن كان صحيحاً فهو من الباب أيضاً، لأن الزِّبْل  من الساقط الذي لا يُعْتَدّ به.

وحكى أنَّ الزَّأْبَل: الرجلُ القصير. وينشدون:

* حَزَنْبَلُ الْخُصْيَيْنِ فَدْمٌ زَأْبَل([6]) *

وهذا وشِبهه مما لا يُعرَّج عليه.

(زبن) الزاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدّفع. يقال ناقة زَبُون، إذا زَبَنَتْ حالبَها. والحرب تزبِنُ النّاسَ، إذا صَدَمتهم. وحربٌ زَبُون. ورجلٌ ذو زَبُّونةٍ، إذا كان مانعاً لجانبِه دَفُوعاً عن نفسه. قال:

بذَبِّي الذَّمَّ عن حَسبِي بمالِي *** وزَبُّوناتِ أشْوسَ تَيَّحانِ([7])

ويقال فيه زَبُّونَةٌ، أي كِبر، ولا يكونُ كذا إلاّ وهو دافعٌ عن نفسه. والزَّبانِيَةُ سُمُّوا بذلك، لأنّهم يدفعون أهلَ النار إلى النار. فأمَّا المُزابَنَة فبيع الثمر في رؤوس النّخل، وهو الذي جاء الحديث بالنَّهي عنه. وقال أهل العلم: إنّه مما يكون بعد ذلك من النِّزاع والمدافَعة. ويقولون إن الزَّبْن البُعْد. وأما زُبَانَى العقرب فيجوز أن يكون من هذا أيضاً، كأَنّها تدفَع عن نفسها به، ويجوز أن يكون شاذّاً.

(زبي) الزاء والباء والياء يدلُّ على شرٍّ لا خير. يقال: لقيت منه الأَزابِيَّ، إذا لقي منه شرّاً. ومن الباب: الزُّبْية: حفيرة يُزَبِّي فيها الرجلُ للصيد، وتحفر للذئب والأسد فيصادان فيها. ومن الباب: زَبَيْت أَزْبِي، إذا سقت إليه ما يكرهه. [قال]:

تلك استقِدْها وأَعطِ الحُكْم وَاليَها *** فإنّها بعضُ ما تَزْبي لك الرَّقِمُ([8])

(زبع) الزاء والباء والعين قريبٌ من الذي قبله، وهو يدلُّ على تغيُّظٍ وعزيمةِ شرّ. يقال تزبّع فلانٌ، إذا تهيَّأ للشر. وتزبّع: تغيَّر. وهو في شعر متمّم:

وإنْ تَلقَه في الشَّرْبِ لا تَلقَ فاحشاً *** من القوم ذا قاذُورة متزبِّعَا([9])

قال الشيبانيّ: الأزْبَع([10]) الدّاهية، والجمع الأزابع*. وأنشد:

وعَدْتَ ولم تُنْجِزْ وقِدْماً وعدتَني  *** فأخلفْتَني وتلك إحدى الأزابعِ

وهذا إنْ صح فهو من الإبدال، وهو من الباب قبله.

 

([1]) في الأصل: "ابن الحمر"، صوابه من المجمل واللسان.

([2]) البيت بتمامه كما في اللسان:

وإن قال عاو من معد قصيدة  *** بها جرب عدت عليّ بزوبرا

وفي الصحاح:"إذا قال غاو من تنوخ". وكلمة "زوبر" إحدى الكلمات التي لم تسمع إلا في شعر ابن أحمر، ومثلها "ماموسة" علم للنار، جاءت في قوله يصف بقرة:

تطايح الطل عن أعطافها صعدا *** كما تطايح عن ماموسة الشرر

وكذلك سمى حوار الناقة "بابوسها" ولم يسمع في شعر غيره. وهو قوله:

حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا *** فماذا حنينك أم ما أنت والذكر

وسمى ما يلف على الرأس "أرنة"، ولم توجد لغيره، وهو قوله:

وتلفع الحرباء أرنته *** متشاوساً لوريده  نعر

([3]) كذا وردت هذه الكلمة في الأصل، وليست في المجمل.

([4]) في اللسان: "إني لا أعرف تزبرتي".

([5]) الزبال، بالكسر والضم.

([6]) الرجز في المجمل واللسان (زبل).

([7]) لسوار بن المضرب، كما في اللسان (زبن). وروايته: "عن أحساب قومي".

([8]) في اللسان: "تلك استفدها" بالفاء.

([9]) أنشده في اللسان (زبع، قذر). وهو من قصيدة في المفضليات (2: 65-70) وجمهرة أشعار العرب 141- 143.

([10]) لم أجدها في المعاجم المتداولة. لكن في اللسان: "الزوابع: الدواهي".

 

ـ (باب الزاءِ والجيم وما يثلثهما)

(زجر) الزاء والجيم والراء كلمة تدل على الانتهار. يقال زَجَرت البعيرَ حتَّى مضَى، أزجُره. وزجَرْت فلاناً عن الشيء فانْزَجر. والزَّجور من الإبل: التي تعرف بعينها وتُنكر بأنْفها.‏

(زجل) الزاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على الرمْي بالشيء والدفعِ له. يقال قَبَحَ اللهُ أمّاً زَجَلَتْ به. والزَّجْل: إرسال الحمام الهادِي. والمِزْجل: المِزْرَاق. وزَجَلَ الفَحْل، إذا ألْقى ماءَه في الرَّحِم. ويقال أن الزَّاجَلُ(1): ماءُ الظليم؛ لأنه يزْجُل به. قال ابنُ أحمر:‏

وما بيضاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفٍّ *** سُقِينَ بِزَاجَلٍ حَتى رَوِينا(2)‏

ويقال بل الزَّاجَل مُخُّ البيض، والأول أقيس.‏

ومما شذّ عن الباب الزُّجلة: القطعة من كل شيء، وجمعها زُجَل.والزِّئجِيل(3): الرجل الضَّعيف.‏

ومن هذا، إن كان صحيحاً، الزَّاجَل: حَلقة تكون في طَرف حبل الثقَل(4).‏

(زجم(5)) الزاء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ ضعيف .يقال: ما تكلم بِزَجْمَةٍ، أي بِنَبْسة. والزَّجوم: القوس ليست بشديدة الإرنان. والله أعلم بالصواب.‏

(زجي) الزاء والجيم والحرف المعتلّ يدلُّ على الرّمي بالشيء وتسييره من غير حبس(6). يقال أزجتِ البقرةُ ولدَها، إذا ساقته. والرِّيح تُزْجِي السَّحابَ: تسوقهُ سَوْقاً رفِيقاً. فأمّا المُزْجَى فالشيء القليل، وهو من قياس الباب، أي يُدفع به الوقت. وهذه بضاعة مُزْجَاة، أي يسيرة الاندفاع.‏

ومن الباب زجا الخراجُ يزجُو، أي تيسَّرت جِبايته.‏

ــــــــــــــــــ

(1) الزاجل، بفتح الجيم، يهمز ولا يهمز.‏

(2) البيت في الحيوان (4: 328، 341)، واللسان (هجف، زجل)، والمخصص (8: 55). وفي الأصل: "بعجف"، بدل "هجف"، تحريف.‏

(3) والزنجيل أيضاً، يقال بالهمز وبالنون كما في اللسان.‏

(4) الثقل، بالتحريك. متاع المسافر. وفي المجمل: "في طرف الحبل حبل الثقل".‏

(5) وردت هذه المادة في الأصل مؤخرة عن (زجي) ورددتها إلى موضعها المطابق لموضعها من المجمل.‏

(6) حبس، أي إمساك. وفي الأصل: "جنس".‏

 

ـ (باب الزاءِ والحاءِ وما يثلثهما في الثلاثي)

(زحر) الزاء والحاء والراء تنفُّسٌ بشدّة ليس إلاّ هذا. يقال زَحَرَ يَزْحَرُ زحيراً، وهو صوتُ نَفَسِهِ إذا تنفّس بشدة. وزَحَرَت المرأة بولدها عند الولادة.‏

(زحل) الزاء والحاء واللام أصلٌ يدلُّ على التنحِّي. يقال زَحَل عن مكانه، إذا تنحّى. وزَحَلت النّاقةُ في سَيرها. والمَزْحَل: الموضع الذي تَزْحَل إليه.‏

(زحم) الزاء والحاء والميم أصلٌ يدلُّ على انضمامٍ في شدّة. يقال زَحمَه يَزْحَمُه، وازْدَحم الناس.‏

(زحن) الزاء والحاء والنون أصلٌ يدل على الإبطاء. تقول : زَحَنَ يَزْحَن زَحْناً، وكذلك التَّزحُّن. يقال تزَحَّن على الشيء، إذا تكارَهَ عليه وهو لا يشتهيه.‏

(زحف) الزاء والحاء والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الاندفاع والمضيّ قُدُماً. فالزَّحف: الجماعة يَزْحَفون إلى العدوّ. والصبيّ يزحَف على الأرض قبل المشي. والبعير إذا أعيا فجرَّ فِرْسِنَه فهو يزحَف. وهي إبلٌ زواحفُ، الواحدة زَاحفة. قال:‏

* على زَوَاحف نُزْجِيَهَا مَحَاسِيرِ(1) *‏

ويقال زَحَفَ الدَّبَا، إذا مضى قُدُماً. والزاحف: السهم الذي يقع دون الغَرَض ثم يزحَف. والله أعلم بالصواب.‏

ـــــــــــــ

(1) للفرزدق في ديوانه 263 واللسان (زحف) وصدره:‏

*على عمائمنا تلقى وأرحلنا *.‏

 

ـ (باب الزاء والخاء وما يثلثهما)

(زخر) الزاء والخاء والراء أصلٌ صحيح، يدلُّ على ارتفاع. يقال: زَخَرَ البحر، إذا طما؛ وهو زاخرٌ. وزخَر النّبات، إذا طال. ويقال أخذ المكان زُخَارِيَّه، وذلك إذا نَمَا النبات وأخرجَ زَهْره. قال ابن مقبل:‏

زُخارِيَّ النّبات كأنَّ فيهِ *** جيادَ العبقريّة والقُطوعِ(1)‏

ــــــــــــــــــــ

(1) قبله في اللسان (زخر):‏

ويرتعيان ليلهما قرارا *** سقته كل مدجنة هموع.‏

 

ـ (باب الزاء والدال وما يثلثهما)

هذا بابٌ لا تكاد تكون الزاء فيه أصليَّة؛ لأنهم يقولون: جاء فلانٌ يضرب أَزْدَرَيْه، إذا جاء فارغاً. وهذا إنما هو أَصْدَرَيْه. ويقولون: الزَّدْو في اللعب، وإنما هو السَّدْو. ويقولون : مِزْدَغَة*، وإنما هي مِصْدَغة. والله أعلم.‏

 

ـ (باب الزاء والراء وما يثلثهما)

(زرع) الزاء والراء والعين أصلٌ يدلُّ على تنمية الشيء. فالزّرع معروف، ومكانه المُزْدَرَع. وقال الخليل: أصل الزّرع التنمية. وكان بعضهم يقولُ: الزَّرع طرح البَذْر في الأرض. والزَّرْع اسمٌ لِمَا نبت. والأصل في ذلك كلّه واحد. وزارِع: كلبٌ.‏

(زرف) الزاء والراء والفاء أصلٌ يدلُّ على سعيٍ وحركة. فالزَّرُوف: النَّاقة الواسعة الخَطو الطويلةُ الرِّجْلين. ويقال: زَرَف، إذا قَفَزَ. ويقال زَرَفْت الرّجلَ عن نفسي إذا نحّيتَه. ومن الباب: الزَّرافات: الجماعات وهي لا تكون كذا إلا إذا تجمّعت لسعيٍ في أمر. ويقال زَرَافَّة، مثقّلة الفاء، وكان الحجّاج يقول: "إيّايَ وهذه الزّرَافات". يريد المتجمّعين المضطربين لفتنةٍ وما أشبهها. ومن الباب زَرِف الجُرح، إذا انتقض بعد البُرْء.‏

(زرم) الزاء والراء والميم أصلٌ يدلُّ على انقطاع وقلّة. يقال زَرِم الدمعُ، إذا انقطَع؛ وكذلك كلُّ شيء. ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين بال عليه الحسَنُ عليه السلام فقال: "لا تُزْرِمُوا ابني" يقول: لا تَقطَعوا بولَه. زَرِمَ البولُ نفسُه، إذا انقطع. قال:‏

أو كماء المثمودِ بعد جِمامٍ *** زَرِمَ الدّمعِ لا يؤوبُ نَزُورا(1)‏

ويقال إنَّ الزَّرِم البخيل. وهو من ذاك.[و] يقال زَرِمَ الكلب، إذا يبس جَعْرُهُ في دُبُرِه.‏

(زرب) الزاء والراء والباء أصلٌ يدلُّ على بعض المأْوَى. فالزَّرْب زَرب الغنم، وهي حظيرتها. ويقال الزَّرِيبة الزُّبْية. والزَّريبة: قُتْرَة الصائد.‏

(زرد) الزاء والراء والدال حرف واحد، وهو يدلُّ على الابتلاع، والزّاء فيه مبدلةٌ من سين. يقال ازدَرَدَ اللقمة يَزْدَرِدها(2). وممكنٌ أن يكون الزَّرَد من هذا، على أن أصله السين، ومعنى الزّرَّاد السَّرَّاد.‏

(زرح) الزاء والراء والحاء كلمة واحدة. فالزّراوِح: الرَّوابي الصِّغار(3).‏

(زري) الزاء والراء والحرف المعتل يدلُّ على احتقارِ الشيء والتّهاون به. يقال زَرَيْت عليه، إذا عِبْتَ عليه. وأَزْريْتَ به: قصَّرت به.‏

ــــــــــــــــــ

(1) البيت لعدي بن زبد كما في اللسان (زرم) وقد سبق في (ثمد، جم).‏

(2) بعدها في الأصل: "وزرد يزدردها" وهو كلام مقحم.‏

3)) واحدها "زروح" بفتح الزاي وسكون الراء.‏

 

ـ (باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)

وسبيلُ هذا البابِ سبيلُ ما مضى. فمنه المشتقُّ البيِّنُ الاشتقاق، ومنه ما وُضع وضْعاً.

فمن المشتق الظّاهرِ اشتقاقُه قولهم (الزُّرْقُم)، أجمع أهلُ اللغة أنَّ أصله من الزَّرَق، وأن الميم فيه زائدة.

ومن ذلك (الزُّمَّلِق) و(الزُّمَالِق)، وهو الذي إذا باشر أراق ماءَه قبل أن يجامِع. وهذا أيضاً مما زيدت فيه الميم؛ لأنه من الزَّلَق. وهو من باب أَزْلَقَتِ الأنثى، وذلك إذا لم تقبل رحمُها ماءَ الفحل ورَمت به.

ومن ذلك (الزَّهْمَقَة) وهي الزَّهَم، أو رائحة الزُّهُومة. فالقاف فيه زائدة.

ومن ذلك قولهم (ازْمَهَرَّت) الكواكبُ، إذا لَمَعَتْ. وهذا مما زيدت فيه الميم؛ لأنه من زَهَرَ الشيء، إذا أضاء.

فأما (الزَّرَجُون) ففارسية معرّبة([1])، واشتقاقه من لون الذَّهَب.

ومن ذلك سيل (مُزْلَعِبٌّ)، وهو المُتدافع الكثير القَمْش. وهذا ممّا زِيدت فيه اللام. وهو من السَّيل الزّاعب، وهو الذي يتدافع.

ومن ذلك (الزُّلقوم)، وهو الحلقوم فيما ذكره ابن دريد([2]). فإن كان صحيحاً فهو منحوت من زَلِقَ وزقم، كأنَّ اللقمة تزلَق فيه.

ومن ذلك (الزُّهلُوق([3])) وهو الخفيف، وهو منحوت من زلق وزهق([4])، وذلك إذا تهاوى سِفْلاه.

ومن ذلك (الزُّعْرور) السَّيِّئُ الخُلُق. وهذا ممّا اشتقاقُه ظاهر؛ لأنه من الزّعارَة، والراء *فيه مكرَّرة.

ومن ذلك (الزَّمْجَرة): الصَّوت. والميم فيه زائدة، وأصله من الزّجر.

ومن ذلك قول الخليل: (ازَلَغَبّ([5])) الشعر، وذلك إذا نَبَتَ بعد الحلْق. وازلغَبَّ الطائر. إذا شوَّك([6]). وهذا مما نُحِت من كلمتين، من زَغَب ولَغَب. والزَّغب معروف، واللَّغْب: أضعف الريش.

ومن ذلك (الزَّغْدَب)، وهو الهدير الشديد، حكاه الخليل. وأمرُ هذا ظاهر. لأن الباء فيه زائدة. والزَّغْد: أشدّ الهدير.

ومن ذلك (الزَّغْبَد)([7]).

ومن ذلك (الزَّرْدَمَة([8])): موضع الازدرام، وهو الابتلاع. فهذا مما زيدت فيه الميم. لأنّه من زَرِدت الشيء.

ومن ذلك (ازْرَأَمَّ) الرجلُ فهو (مزرئمّ)، إذا غضب. وهذا مما زيدت فيه الهمزة، وهو من زَرِم، إذا انقطع، كذلك إذا غضب تغيَّر خُلقه وانقطع عمّا عُهد منه.

ومن ذلك (الزَّغْرَب) وهو الماء الكثير. فهذا مما زِيدت فيه الزّاء، والأصل راجع إلى الغَرَب، وهو من باب كثرة الماء.

ومما وُضع فيه وضعا (الزَّنْتَرَة): ضِيق الشيء. و(الزَّعْفقة([9])): سوء الخُلق. و(الزِّعْنِف): الرجل اللئيم. و(زعانف) الأديم: أطرافه.

ومما وُضع وضعاً وبعضُه مشكوك في صحته (الزِّبرج)، و(الزَّعْبَج). فالزِّبرِج: الزينة. والزَّعْبَج: سحاب رقيق.

حدثنا عليّ بن إبراهيم، قال: حدثنا عليّ بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: قال الفراء: الزَّعبج السحاب الرقيق. قال أبو عبيد: وأنا أنكر أن يكون الزَّعبَج من كلام العرب، والفرّاء عندي ثِقة.

وأمّا (الزَّمْهَرير) فالبرد، ممكنٌ أن يكون وضع وضعاً، وممكنٌ أن يكون مما مضى ذكره، من قولهم: ازمهرَّت الكواكب؛ وذلك أنّه إذا اشتدَّ البرد زَهَرت إذاً [و] أضاءت.

ومن ذلك (الزَّرْنَب):  ضرب من الطِّيب([10]). و(الزَّبَنْتَر([11])) القصير. و(الزِّخْرِط): مُخاط النعجة. و(الزُّخْرُف): الزينة. ويقال الزُّخْرُف الذهب. وزخارف الماء: طرائقُ تكونُ فيه.

و(زمْخَرَ) الصوت: اشتد. والزَّمْخَرة: الزَّمَّارة. و(الزَّمْخَر([12])): القصب الأجوف الناعم من الرّيّ. والزَّمْخر: نُشَّاب العَجَم. والزَّمْخَر: الكثير الملتفّ من الشجر. وممكن أن يكون الميم فيه زائدة، ويكون من زَخَرَ النبات. وقد مضى ذكره. والله أعلم.

(تم كتاب الزاء)

ـــــــــــــــــ

([1]) هي بالفارسية "زركون". و"زر" بمعنى الذهب. و"كون" لون، فمعناه لون الذهب. انظر اللسان والمعرب 165، ومعجم استينجاس 615. والزرجون في العربية: الخمر، وقضبان الكرم في لغة أهل الطائف وأهل الغور. وقال ابن شميل: الزرجون شجر العنب،  كل شجرة زرجونة.

([2]) الجمهرة: (3: 379).

([3]) هذه الكلمة مما فات صاحب اللسان. وقد وردت في المجمل والقاموس والجمهرة (3: 381).

([4]) في الأصل: "زعق"، تحريف.

([5]) وردت في الأصل بالعين المهملة في هذا الموضع وتاليه. والصواب ما أثبت.

([6]) في اللسان: "ازلغب الطائر: شوك ريشه قبل أن يسود".

([7]) لم يفسره. وفي اللسان "الزغبد: الزبد"، وأنشد:

صبحونا بزغبد وحتى ***  بعد طرم وتامك وثمال

([8]) الزردمة: الغلصمة، وقيل هي فارسية.

([9]) الزعفقة: بالعين المهملة. ووردت في الأصل بالمعجمة محرفة.

([10]) هو الزعفران. وقيل الزرنب: ضرب من النبات طيب الرائحة.

([11]) في الأصل: "الزبتر" تحريف، صوابه من المجمل واللسان.

([12]) وردت هذه الكلمة والكلمتان قبلها بالجيم، صوابهما بالخاء المعجمة كما أثبت.

 

كتاب السّين:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب  وأوله سين في المضاعف والمطابق)

(سع) السين والعين في المضاعف والمطابق يدلُّ على أصل واحد، وهو ذَهاب الشيء. قال الخليل: يقال تَسَعْسَع الشَّهر، إذا ذهب أكثره، ويقال: تَسَعْسَع الرجل من الكِبَر، إذا اضطرب جسمه. قال:

* يا هندُ ما أسرعَ ما تَسَعسعا([1]) *

(سغ) السين والغين أصلٌ يدل على دَرْج الشيء في الشيء باضطرابٍ وحركة. من ذلك سَغْسَغْتُ رأسي بالدُّهْنِ، إذا روَّيته. قال الخليل وغيره: سغسغت الشَّيء في التراب، إذا دَحدحتَه فيه. وأما قولهم: تَسَغْسَغَت ثَنِيّته، فممكنٌ أن يكون من الإبدال، ومن الباب الذي قبل هذا.

(سف) السين والفاء أصلٌ واحد، وهو انضمام الشيء إلى الشيء ودنوُّه منه، ثم يُشتَقّ منه ما يقاربه.

من ذلك أسفَّ الطائرُ، إذا دنا من الأرض في طيرانه. وأسفَّ الرجل للأمر، إذا قارَبَهُ. ويُقال أسفَّت السحابةُ، إذا دَنَت من الأرض. قال أوسٌ يصف السّحاب:

دانٍ مِسفٌّ فويق الأرض هَيْدَبُه *** يكاد يدفعُهُ مَنْ قام بالرّاحِ([2])

ومن الباب: أَسَفَّ الرجل النَّظرَ، إذا أدامَه. ومنه السَّفْساف: الأمر الحقير. وسمِّي بذلك لأنَّه مِنْ أسَفَّ الرجل للأمر الدنيّ. ومن ذلك المُسَفْسِفَةُ، وهي الريح التي تجري فوَيقَ الأرض. والسِّفّ([3]): الحَيَّة التي تسمَّى الأرقم، وذلك أنّه يلصق بالأرض لُصوقاً في مَرِّهِ. فالقياس في هذا كلِّه واحد. وأمّا* سَففت الخوص والسَّفيف: بِطانٌ يشدُّ به الرَّحْل، فمن هذا؛ لأنَّه إذا نُسِجَ فقد أدْنِيَتْ كلُّ طاقةٍ منه إلى سائرها.

ومما يجوز أن يُحمَل على الباب ويجوزُ أن يكون شاذّاً، قولك: سفِفْتُ الدواء أسَفّه. ويقال أَسَفَّ وجهَه، إذا ذرَّ عليه الشيء([4]). قال ضابئ([5]) يذكر ثورا:

شديد بريقِ الحاجبَينِ كأنّما *** أُسِفَّ صَلَى نارٍ فأصبَحَ أكحلا

(سك ) السين والكاف أصلٌ مطّرد، يدلُّ على ضِيق وانضمام وصِغَر. من ذلك السَّكَك، وهو صِغَر الأُذُن. وهذه أذنٌ سَكَّاء. ويقال استكَّت مسامعه؛ إذا صَمَّت. قال النابغة:

وخُبِّرْتُ، خَيْرَ الناسِ، أنَّك لُمتَني *** وتلك التي تسْتَكّ مِنْها المسامِعُ([6])

والسّكّة: الطريقة المصطفّة من النخل. وسمّيت بذلك لتضايقها في استواء. ومن هذا اشتقاق سكّة الدراهم، وهي الحديدة؛ لتضايُق رَسم كتابتها. والسَّكّ: أن تَضُبَّ البابَ بالحديد. والسَّكّيّ: النّجّار([7]). ويقال إن السُّكَّ من الرّكايا المستوية الجِرَاب([8]). ويقال السُّكُّ: جُحر العقرب. ويقال للدِّرع الضّيقة أو الضيقة الحَلَق: سُكٌّ.  ويقال للنبت إذا انسدَّ خَصَاصُه([9]): قد استَكّ. والقياس مطّردٌ في جميع ما ذكرناه.

ومما حُمل عليه ماحكاه ابنُ دريد([10]): سَكَّه يَسُكُّه سَكّاً، إذا اصطلَمَ أذنَيه.

ومما شذّ عن الباب: السُّكاك: اللُّوح بين السّماء والأرض. والسُّكُّ: الذي يُتطيَّبُ به. ويقال إنَّه عربيٌّ صحيح.

(سل) السين واللام أصلٌ واحد، وهو مدُّ الشيء في رِفْق وخَفاء، ثم يُحمَل عليه. فمن ذلك سَلَلْتُ الشيء أسلُّه سَلاًّ. والسَّلَّة والإسلال: السَّرقة. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم حين كتب: "لا إِغْلاَلَ ولا إِسْلاَل"([11]). فالإغلال : الخيانة. والإسلال: السرقة.

ومن الباب: السَّليل: الولد؛ كأنَّه سُلَّ من أُمّه سَلاًّ. قالت امرأةٌ من العرب في ابنها:

سُلَّ مِنْ قلبي ومن كبدي *** قمراً مِن دونه القَمرُ

وممّا حُمل عليه السِّلْسِلَة، سمّيت بذلك لأنها ممتدة في اتّصال. ومن ذلك تَسَلْسَل الماء في الحلْق، إذا جرى. وماءٌ سَلْسَلٌ وسَلْسَالٌ وسُلاسِل. قال الأخطل:

إذا خاف مِنْ نجمٍ عليها ظَمَاءَةً *** أمَالَ إليها جدوَلاً يَتَسَلْسَلُ([12])

قال بعضُ أهل اللغة: السَّلْسَلَة اتّصال الشيء بالشيء، وبذلك سُمّيت سِلسلة الحديد، وسِلسِلة البرق المستطيلة في عَرض السحاب. والسَّالُّ: مَسِيل في مَضيق الوادي، وجمعه سُلاّنٌ، كأنَّ الماء ينسَلُّ منه أو فيه انْسِلالا. ويقال: فرسٌ شديد السَّلَّة، وهي دَفعته في سِباقه([13]). ويقال: خَرَجَت سَلَّته على جميع الخيل. والمِسلَّة معروفة؛ لأنّها تسلّ الخيط سَلاًّ. والسُّلاَّءَة من الشوك مِنْ هذا أيضاً، لأن فيها امتداداً. ومنه السُّلاَل من المرض، كأن لحمه قد سُلَّ سَلاًّ منه، أسَلّه الله.

(سن([14])) السين والنون أصلٌ واحد مطرد، وهو جريَان الشيء وإطرادُهُ في سهولة، والأصل قولهم سَنَنْتُ الماءَ على وجهي أَسُنُّهُ سَنَّاً، إذا أرسلتَه إرسالاً. ثمَّ اشتُقَّ منه رجل مسنون الوجه، كأنَّ اللحم قد سُنَّ على وجهه. والحَمَأُ المسنون من ذلك، كأنه قد صُبَّ صَـبّاً.

ومما اشتقَّ منه السُّنَّة، وهي السّيرة. وسُنَّة رسول الله عليه السلام: سِيرته. قال الهذلي([15]):

فلا تَجْزَعَنْ من سُنَّةٍ أنت سرْتَها *** فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً من يسيرُها

وإنّما سمِّيَت بذلك لأنها تجري جرياً. ومن ذلك قولهم: امضِ على سَنَنِك وسُنَنِك([16])، أي وجهك. وجاءت الريح سَنائِنَ، إذا جاءتْ على طريقة واحدة. *ثمَّ يحمل على هذا: سنَنْتُ الحديدة أسُنُّها سَنّاً. إذا أمْرَرْتَها على السِّنان. والسِّـنَان هو المِسَنّ. قال الشاعر:

* سِنَانٌ كحدِّ الصُّلَّبيِّ النَّحِيضِ([17]) *

والسِّنان للرُّمح من هذا؛ لأنّه مسنون، أي ممطول محدّد. وكذلك السَّناسِنُ، وهي أطراف فَقار الظهرِ، كأنَّها سُنّت سَنّاً.

ومن الباب: سِنُّ الإنسانِ وغيره مشبّه بسنان الرّمح. والسَّنون: ما يُسْتاك به؛ لأنَّه يُسَنُّ به الأسنان سَنّاً. فأمّا الثّور([18]). فأمّا قولهم: سَنَّ إبلَه، إذا رعاها، فإنّ معنى ذلك أنّه رعاها حَتى حسُنَت بَشَرتُها، فكأنّها قد صُقِلَتْ صَقْلاً، كما تُسنّ الحديدة. هذا معنى الكلام، ويَرجِعُ إلى الأصل الذي أصّلناه.

(سم([19])) السين والميم الأصل المطّرد فيه يدلُّ على مدخلٍ في الشيء، كالثَّقب وغيره، ثم يشتقّ منه. فمن ذلك السَّم والسُّم: الثّقب في الشّيء. قال الله عز ذكره: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاطِ} [الأعراف 40]، والسُّم القاتل، يقال فتحاً وضمّاً. وسمِّي بذلك لأنّه يرسُب في الجسم ويداخلُهُ، خِلافَ غيرهِ ممّا يذاق.

والسَّامّة: الخاصّة، وإنّما سُمّيت بذلك لأنّها تَدَاخَلُ بأُنْسٍ لا يكون لغيرها والعرب تقول: كيف السَّامّة والعامّة؟ فالسَّامَّة: الخاصّة.

والسَّموم: الريح الحارّة، لأنَّها أيضاً تُداخِل الأجسامَ مداخَلةً بقوة. والسّمّ: الإصلاح بين الناس، وذلك أنّهم يتباينون ولا يتداخلون، فإذا أُصلح بينهم تداخَلُوا.

وممّا شذَّ عن الباب: السَّمّ: شيءٌ كالوَدَعِ يخرج من البحر. والسَّمْسام: طائر. والسَّمْسَم: الثّعلب. والسُّمْسُمَانِيّ: الرجل الخفيف. والسَّماسم: النَّمل الحُمْر، الواحدة سِمْسِمَة. والسِّمْسِمُ: حبّ.

ويمكن أن يَحمِل هذا الذي ذكرناه في الشذوذ أصلاً آخر يدلُّ علىخفّة الشيء. ومما شذّ عن الأصلين جميعاً قولهم: "ما لَهُ سَُمٌّ  ولا حَُمٌّ غيرك"، أي ما لَه همٌّ سواك.

(سب) السين والباء حَدّهُ بعضُ أهل اللغة ـ وأظنّه ابنَ دريد([20]) ـ أنَّ أصل هذا الباب القَطع، ثم اشتقَّ منه الشَّتم. وهذا الذي قاله صحيح. وأكثر الباب موضوعٌ عليه. من ذلك السِّبّ: الخِمار، لأنّه مقطوع من مِنْسَجه.

فأمّا الأصل فالسَّبّ العَقْر؛ يقال سَبَبْت الناقة، إذا عقرتَها. قال الشاعر([21]):

فما كان ذنبُ بني مالكٍ *** بأنْ سُبّ منهم غلامٌ فَسبّْ

يريد معاقرة غالب بن صعصعة وسُحيم([22]). وقوله سُبَّ أي شُتِمَ. وقولـه سَبّ أي عَقَر. والسَّبّ: الشتم، ولا قطيعة أقطع من الشَّتِم. ويقال للذي يُسابّ سِبّ. قال الشاعر([23]):

لا تَسُبَّنَّنِي فلستَ بِسبّي *** إنَّ سَبِّي من الرجال الكريمُ([24])

ويقال: "لا تسبُّو الإِبلَ، فإنَّ فيها رَقوءَ الدّم([25])"، فهذا نهيٌّ عن سبّها، أي شتمها. وأما قولهم للإبل: مُسَبَّبَة فذلك لما يقال عند المدح: قاتلَها الله فما أكرمها مالاً! كما يقال عند التعجُّب من الإنسان: قاتله الله! وهذا دعاءٌ لا يراد به الوقوع. ويقال رجل سُبَبَة، إذا كانَ يسُبُّ الناسَ كثيراً. ورجل سُبَّة، إذا كان يُسَبُّ كثيراً. ويقال بين القوم أُسْبُوبة يتسابُّون بها. ويقال مضت سَبَّة من الدهر، يريد مضت قطعة منه.. ([26])

* وذكرك سَبَّاتٍ إليَّ عجيبُ([27]) *

وأما الحبل فالسّبب، فممكن أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، ويمكن أن يقال إنَّه أصلٌ آخَر يدلُّ على طول وامتداد.

ومن ذلك السَّبَب. ومن ذلك السِّبُّ، وهو الخِمار الذي ذكرناه. ويقال للعمامة أيضاً سِبّ. والسِّبّ: الحبل  أيضاً في قول الهذليّ([28]):

* تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطة([29]) *

ومن هذا الباب السِّبسب، وهي المفازة الواسعة، في قول أبي دُؤاد:

وخَرْقٍ سَبْسَبٍ يجري *** عليه مَوْرُهُ سَهْبِ([30])

فأمّا السَّباسِب فيومُ عيدٍ لهم. ولا أدري مِمَّ اشتقاقه. قال:

* يُحَيَّوْن بالرَّيحانِ يومَ السَّباسبِ([31]) *

(ست) السين والتاء ليس فيه إلا ستّة*  وأصل التاء دال. وقد ذكر في بابه.

(سج) السين والجيم  أصلٌ يدلُّ على اعتدالٍ في الشيء واستواء. فالسَّجْسج: الهواء المعتدل الذي لا حرَّ فيه ولا بردَ يُؤذي.

ومن ذلك الحديث: "إنَّ ظِلَّ الجنة سَجْسَجٌ". ويقال أرض سجسج، وهي السَّهلة التي ليست بالصُّلْبة. قال:

*والقوم قد قطعوا مِتَانَ السَّجْسَجِ*([32])

ويقال ـ وهو من الباب ـ سَجَّ الحائطَ بالطِّين، إذا طلاهُ به وسوَّاه. وتلك الخشبة المِسَجَّة. والسَّجَاج: اللّبَن الرقيق الصّافي.([33])

ومما يقرب  من هذا الباب الكبشُ السّاجِسِيُّ، وهو الكثير الصُّوف.

ومما شذّ عن الأصل قولُهم: لا أفعل ذلك سَجِيسَ الليالي، وسَجِيسَ الأوْجَسِ، أي أبداً. وماءٌ سَجَِس([34])، أي متغيّر. والسَّجَّة: صنمٌ كان يُعبَد في الجاهلية. وفي الحديث: "أخرِجوا صدقاتِكم؛ فإنَّ الله عزَّ ذكرُهُ قد أراحكم من الجَبْهَة والسَّجَّة والبَجَّة"([35]). وتفسيره في الحديث أنها أسماءُ آلهة كانوا يعبدونها في الجاهليَّة.

(سح) السين والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على الصَّبّ، يقال سححت [الماء] أسُحُّ سَحّاً. وسَحَابَةٌ سحوح، أي صَبَّابة. وشاةٌ ساحٌّ، أي سمينة، كأنّها تَسُحّ الودكَ سَحّاً. وفرس مِسَحٌّ، أي سريعةٌ يشبه عدوُها انصبابَ المطر. ويقال سَحسَح الشيء، إذا سال. ويقال إن السحسحة هي السَّاحة([36]).

(سخ) السين والخاء أصلٌ فيه كلمة واحدة. يقال إن السَّخَاخ. الأرض اللَّيِّنة الحُرَّة. وذكروا ـ إن كان صحيحاً ـ سَخَّت الجرادة، إذا غرزت بذنبها في الأرض.

(سد) السين والدال أصل واحد، وهو يدلُّ على ردم شيء ومُلاءَمَته من ذلك سدَدت الثُّلمة سدَّاً. وكلُّ حاجزٍ بين الشيئين سَدٌّ. ومن ذلك السَّديد، ذُو السَّداد، أي الاستقامة([37])؛ كأنّه لا ثُلْمة فيه. والصَّواب أيضاً سَداد. يقال قلتُ سَدَاداً.  وسَدَّدَهُ الله عزَّ وجلَّ. ويقال أسَدَّ الرجلُ، إذا قال السَّداد. ومن الباب: "فيه سِدادٌ من عَوَز" بالكسرة. وكذلك سِداد الثُّلمة والثَّغر. قال:

أضاعُوني وأيَّ فتىً أضاعُوا *** ليومِ كريهةٍ وسِدَادِ ثغرِ([38])

والسُّدَّة كالفِناء حول البيت. واستدَّ الشيء، إذا كان ذا سَداد. ويقال: السُّدَّة الباب. وقال الشاعر:

تَرَى الوفودَ قياماً عند سُدَّتِهِ *** يَغْشَوْنَ بابَ مَزُورٍ غيرِ زَوَّارِ([39])

والسُّدَاد: داءٌ يأخذ في الأنف يمنع النَّسيم. والسَّدّ والسُّدُّ: الجراد يملأ الأفق. وقولهم السُّدة: الباب، لأنَّه يُسَدّ، وفي الحديث في ذكر الصَّعاليك: "الشعث رؤوساً  الذين لا يُفْتَحُ لهم السُّدَد".

(سر) السين والراء يجمع فروعَه إخفاءُ الشيء. وما كان من خالصه ومستقرِّه. لا يخرج شيءٌ منه عن هذا. فالسِّرّ: خلاف الإعلان. يقال أسْرَرت الشيءَ إسراراً، خلاف أعلنته. ومن الباب السِّرّ، وهو النِّكاح، وسمِّي بذلك لأنَّه أمرٌ لا يُعْلَن به. ومن ذلك السِّرَار والسَّرَار، وهو ليلةَ يستسرّ الهلال، فربما كان ليلة، وربماكان ليلتين إذا تمّ الشهر. ومن ذلك الحديث: "أنّه سأل رجلاً هل صُمْتَ مِنْ سِرَارِ الشَّهر شيئاً؟"، قال: لا، فقال: "إذا أفطرتَ رمضانَ فصُمْ يومين". قال في السِّرار:

نحنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها ***

جُرداً تَعَادَى طَرَفي نهارِها

عَشِيَّةَ  الهِلال أو سَِرَارها([40])

وحدّثني محمد بن هارون الثّقفي، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة قال: أسررت الشيء: أخفيته. وأسررته: أعلنته. وقرأ:{وأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ}  [يونس 54]. قال: أظهروها. وأنشد قول امرئ القيس:

* لو يُسِرُّون مَقْتَلي([41]) *

أي لو يُظهرون. ثم حدّثني بعضُ أهل العلم، عن أبي الحسن عبد الله بن سفيان النحويّ قال: قال الفرَّاء: أخطأ أبو عبيدة التفسيرَ، وصحّف في الاستشهاد. أمَّا *التفسير فقال: أَسَرُّو النّدامة أي كتموها خوف الشَّماتة. وأمّا التصحيف فإنما قال امرؤ القيس:

* لو يُسِرُّون مَقتلي *

أي لو يظهرون. يقال أشْرَرت الشيءَ، إذا أبرزتَه، ومن ذلك قولهم أشْرَرت اللحمَ للشّمسِ. وقد ذُكِر هذا في بابه.

وأمّا الذي ذكرناه من مَحض الشيء وخالِصِهِ  ومستقرّهِ، فالسِّر: خالص الشيء. ومنه السُّرور؛ لأنه أمرٌ خالٍ من الحزْنِ. والسُّرَّة: سُرَّة الإنسان، وهو خالص جسمه وليّنه. ويقال قطع عن الصبي سَِرَرُه([42])، وهو [السُّرُّ]([43])، وجمعه أسِرَّة. قال أبو زيد: والسِّرَر: الخطّ من خطوط بطن الراحة. وسَرَارَة الوادي وسِرُّه: أجوده. وقال الشاعر:

هَلاَّ فوارسَ رحرحانَ هجوتَهم *** عُشَراً تناوَحَ في سَرارَةِ وادِ

يقول: لهم منظر وليس لهم مخبر. والسَّرَرُ: داءٌ يأخذ البعير في سُرَّتِهِ. يقال: بعيرٌ أَسَرّ. والسَّرُّ: مصدر سررت الزَّنْدَ، وذلك أن يبقى أَسَرَّ، أي أجوف، فيُصلَح. يقال سُرَّ زَنْدُكَ فإنّه أسرُّ. ويقال قَنَاة سَرَّاءُ، أي جوفاء. وكل هذا من السُّرَّة والسَّرَر، وقد ذكرناه.

فأمَّا الأسارير، وهي الكسور التي في الجبهة، فمحمولةٌ على أساريرَ السُّرَّة، وذلك تكسُّرها. وفي الحديث: "أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على عائشة تبرقُ أساريرُ وجهه". ومنه أيضاً مما هو محمولٌ على ما ذكرناه: الأسرار: خطوط باطن الراحة، واحدها سِرّ. والأصل في ذلك كلّه واحد، قال الأعشى:

فانظرْ إلى كفٍّ وأسرارِها *** هل أنتَ إن أوعدتَني ضائري([44])

فأمّا أطرافُ الرّيحان فيجوز أن تسمَّى سُروراً لأنّها أرطَبُ شيء فيه وأغضَّه. وذلك قوله([45]):

كَبَردِيَّة الغِِيل وَسْطَ الغَرِيفِ *** إذا خالطَ الماءُ منها السرورا([46])

وأمَّا الذي ذكرناه من الاستقرار، فالسَّرير، وجمعهُ سرُر وأَسِرَّة. والسرير: خفض العيش؛ لأنّ الإنسان يستقرّ عنده وعندَ دَعَتَه. وسرير الرأس: مستقَرُّهُ. قال:

* ضرباً يُزيل الهامَ عن سريرِه *([47])

وناسٌ يروُون بيت الأعشى:

* إذا خالطَ الماءُ منها السريرا *

بالياء([48])، فيكون حينئذٍ تأويله أصلَها الذي استقرّت عليه، وأنشدوا قول القائل:

وفارقَ منها عِيشةً  دَغْفَلِيّةً *** ولم تَخْشَ يوماً أن يزولَ سريرُها([49])

والسِّرر من الصبي والسَّرر: ما يقطع. والسُّرة: ما يبقى. ومن الباب السَّرير: ما على الأكمَة من الرَّمل.

ومن الباب الأول سِرّ النسب، وهو محضُهُ وأفضلُهُ. قال ذو الأصبع:

وهم مَنْ وَلَدُوا أَشبَوْا *** بسِرِّ النّسب المحضِ([50])

ويقال السُّرسُور: العالم الفطن، وأصله من السِّر، كأنّه اطّلع على أسرار الأمور. فأما السُّرِّيَّة فقال الخليل: هي فُعليّة. ويقال يتسرَّر، ويقال يتسرَّى. قال الخليل: ومن قال يتسرَّى فقد أخطأ. لم يزد الخليلُ على هذا. وقال الأصمعي السُرِّية من السِّرّ، وهو النّكاح؛ لأنَّ صاحبها اصطفاها للنكاح لا للتجارة فيها. وهذا الذي قاله الأصمعيّ، وذكر ابن السِّكيت في كتابه. فأمّا ضمّ السين في السُّرّية فكثيرٌ من الأبنية يغيَّر عند النسبة، فيقال في النسبة إلى الأرض السَّهلة سُهْليّ، وينسب إلى طول العمر وامتدادِ الدَّهر فيقال دُهريّ. ومثل ذلك كثير. والله أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) لرؤبة في ديوانه 88 واللسان (سعع) وقبله.

* قالت ولم تأل به أن يسمعا *

وبعده:                             * من بعد ما كان فتى سرعرعا *.

([2]) سبق البيت وتخريجه في (2: 457).

([3]) السف: بكسر السين وضمها.

([4]) في المجمل: "إذا ذر عليه شيء"، وفي اللسان: "وأسف وجهه النؤور، أي ذر عليه".

([5]) ضابئ بن الحارث البرجمي. وفي الأصل: "الصابي" صوابه من المجمل واللسان، حيث أنشد البيت.

([6]) ديوان النابغة 52، والمجمل واللسان (سكك)، برواية: "أتاني أبيت اللعن".

([7]) السكي، بالفتح والكسر، وقيل هو المسمار وقيل الدينار، وقيل البريد، وقيل الحداد، وقيل البواب، وقيل الملك.

([8]) في الأصل" الخراب"، صوابه من المجمل واللسان.

([9]) في الأصل: "للبيت إذا اشتد خصاصه"، صوابه من المجمل واللسان.

([10]) الجمهرة (1: 94).

([11]) من كتاب الحديبية حين وادع أهل مكة.

([12]) ديوان الأخطل. والمجمل (سلل).

([13]) في الأصل: "ساقته"، صوابه من المجمل واللسان.

([14]) كذا وردت  هذه المادة سابقة لتاليتها، وهي في المجمل على الترتيب المطرد.

([15]) هو خالد بن زهير الهذلي. انظر ديوان أبي ذؤيب 157، ونسخة الشنقيطي من الهذليين 30، وفي اللسان: "خالد بن عتبة الهذلي".

([16]) ويقال أيضاً بفتح فكسر، وبضمتين.

([17]) لامرئ القيس في ديوانه 110 واللسان (نحض، صلب). وصدره:

* يباري شباة الرمح خد مذلق *.

([18]) كذا في الأصل

([19]) كذا وردت هذه المادة، وحقها التقدّم على سابقتها، وآثرت إبقاءها في الترتيب كما هي محافظة على أرقام الأصل.

([20]) هو ابن دريد كما ظن، انظر الجمهرة: (1: 31).

([21]) هو ذو الخرق الطهوي، كما في اللسان (سبب).

([22]) سحيم بن وثيل الرياحي، انظر الخزانة (1: 129، 462).

([23]) هو عبد الرحمن بن حسان، يهجو مسكيناً الدارمي.

([24]) في الأصل: "الكرام"، صوابه من المجمل واللسان والمخصص (12: 175).

([25]) تمام الحديث في  اللسان (رقأ): "مهر الكريمة". أي إنها تعطى في الديات بدلاً من القود، فتحقن بها الدماء ويسكن بها الدم.

([26]) في الكلام سقط، تقديره: "والسبة: العار. وأنشد".

([27]) لحميد بن ثور في ديوانه 51. وانظر ما سبق في (تلع).

([28]) هو أبو ذؤيب الهذلي ديوانه 79 واللسان (سبب، خيط، وكف). وقد سبق في (1: 234).

([29]) عجزه:                                       * بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها *.

([30]) البيت مطلع قصيدة له في الأصمعيات 8 ليبسك.

([31]) للنابغة الذبياني كما سبق (1: 140). وصدره:

*رقاق النعال طيب حجزاتهم *

([32]) للحارث بن حلزة اليشكري، كما في اللسان (رجل، متن، سجج). وصدره:

* أنى اهتديت وكنت غير رجيلة *

والبيت من قصيدة له في المفضليات (2: 55).

([33]) وقيل الذي ثلثه لبن وثلثاه ماء. وأنشد:

يشربه محضاً ويسقي عياله *** سجاجا كأقراب الثعالب أورقا

([34]) بالتحريك، وبفتح فكسر، ويقال سجيس: أيضاً. على أن حق هذه الكلمات أن تكون في مادة (سجس)،  لكن هكذا وردت في الأصل والمجمل.

([35]) ورد في الحديث في مادة (بجج، سجج، جبه). وروي في الموضع الأول: "من الشجة والبجة"، وقد فسر بتفاسير أخر.

([36]) في الأصل: "سمى الساحة". وفي المجمل: "ويقال إن السحسحة الساحة".

([37]) في الأصل: "والسداد إلى الاستقامة".

([38]) للعرجي، كما في اللسان (سدد).

([39]) أنشد البيت في المجمل أيضاً.

([40]) الرجز في اللسان (سرر).

([41]) من معلقته والبيت بتمامه:

تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً *** علي حراصاً لو يسرون مقتلي

([42]) يقال بالتحريك، وبكسر ففتح.

([43]) التكملة من المجمل.

([44]) ديوان الأعشى 107 واللسان (سرر 24).

([45]) الأعشى، ديوانه 67، واللسان (سرر).

([46]) ويروى: "السريرا" أي شحمة البردي.

([47]) بعده في اللسان (سرر): * إزالة السنبل عن شعيره *.

([48]) ويروى أيضاً: "السرورا"، بالواو كما سبق.

([49]) في اللسان (6: 26): "ولم تخش يوماً".

([50]) وكذا في المجمل (سر)، وأشبوه: رفعوه. وفي اللسان (شبا): "إن ولدوا أشبوا"، يقال أشبى الرجل، إذا أنجب ولداً مثل شبا الحديد. وبعض هذه القصيدة في الأصمعيات 37 ليبسك.

 


ـ (باب السين والطاء وما يثلثهما)

(سطع) السين والطاء والعين أصلٌ يدلُّ على طول الشيء وارتفاعِهِ في الهواء. فمن ذلك السَّطع، وهو طول العنق. ويقال ظليم أسطَعُ، ونَعامة سَطْعاء. ومن الباب السِّطاع، وهو عمود من عُمُد البيت. قال القطاميّ:

أليسُوا بالأُولى قَسَطوا جميعاً  *** على النُّعمانِ وابتدروا السِّطاعا([1])

ويقال سَطَع الغبارُ* وسطعت الرائحة، إذا ارتفعت. والسَّطْع: ارتفاع صوت الشيء إذا ضربتَ عليه شيئاً. يقال سطعَه. ويقال: إنَّ السَّطيع الصبح. وهذا إنْ صحَّ فهو من قياس الباب؛ لأنه شيء يعلو ويرتفع. فأما السِّطاع في شعر هذيل فهو جَبَل بِعينه([2]).

(سطل) السين والطاء واللام ليس بشيء. على أنَّهم يسمُّون إناء من الآنية سَطلاً وسَيْطلا.

(سطم) السين والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على أصل شيء ومجتمَعِهِ. يقولون: الأسطمّ: مجتمع البحر. ويقال هذه أُسْطُمَّةُ الحَسَب، وهي واسطته. والناس في أُسطُمّة الأمر. ويقال إنَّ الأسطمّ والسِّطام: نَصل السيف. وفي الحديث: "سِطَام الناس" أي حَدُّهم.

(سطن) السين والطاء والنون، هو على مذهب الخليل أصلٌ، لأنه يجعل النون فيه أصلية. قال الخليل: أُسْطُوانة أُفْعُوَالة. تقول هذه أساطينُ مُسَطَّنة. قال: ويقال جملٌ أُسطوانٌ، إذا كان مرتفعاً. قال:

* جَرَّبْنَ منِّي أُسطواناً أَعْنَقَا([3]) *

(سطا) السين والطاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على القهر والعلوّ. يقال سطا عليه يسطو، وذلك إذا قهره ببطش. ويقال فرسٌ ساطٍ، إذا سطا على سائر الخيل. والفحلُ يسطو على طَرُوقته. ويقال سطا الرَّاعي على الشاة، إذا مات ولدُها في بطنها فسطا عليها فأخرجَه. ويقال سطا الماء، إذا كثُر. وقال بعض أهل اللغة في الفرس السَّاطي: هو الذي يرفع ذنبه في الحُضْر. قال الشيبانيّ:  السَّاطي: البعير إذا اغتلم خرج من إبلٍ إلى إبل. قال:

* هامته مثل الفَنيق السَّاطِي([4]) *

(سطح) السين والطاء والحاء أصلٌ يدلّ على بسط الشيء ومَدّه، من ذلك السَّطْح معروف. وسَطح كلِّ شيء: أعلاه الممتدُّ معه. ويقال انْسَطَح الرجلُ، إذا امتدَّ على قفاه فلم يتحرَّك، ولذلك سمِّي المنبسط على قفاه من الزَّمانة سَطيحاً. وسطيحٌ الكاهن سُمّي سطيحاً لأنه كذلك خُلِقَ بلا عَظْم. والمَسْطَح، بفتح الميم: الموضع الذي يبسط فيه التَّمر. والمِسطح، بكسر الميم: الخِباء، والجمع مساطح. قال الشاعر:

تَعَرَّضَ ضَيْطَارُو خُزاعةَ دوننا  *** وما خير ضَيْطارٍ يقلِّبُ مِسطَحا([5])

وإّنّما سمِّيَ بذلك لأنه تمدُّ الخيمةُ به مَدَّا. والسَّطيحة: المزادة، وإنّما سمِّيت بذلك لأنّه إذا سقط انسطح، أي امتَدَّ. والسُّطَّاح: نبت من نبات الأرض، وذلك أنّه ينبسط على الأرض.

(سطر) السين والطاء والراء أصلٌ مطّرد يدلُّ على اصطفافِ الشيء، كالكتاب والشجر، وكلِّ شيء اصطَفَّ. فأمَّا الأساطير فكأنها أشياءُ كُتبت من الباطل فصار ذلك اسماً لها، مخصوصاً بها. يقال سَطَّر فلانٌ علينا تسطيراً، إذا جاء بالأباطيل. وواحد الأساطير إسطار وأُسطورة.

ومما شذ عن الباب المُسَيطِر([6])، وهو المتعهّد للشيء المتسلّط عليه.

ــــــــــــــــــــ

([1]) ديوان القطامي 41 واللسان (سطع). وفي شرح الديوان: "أراد قتل عمرو بن كلثوم عمرو بن هند".

([2]) يعني في قول صخر الغي الهذلي. اللسان (سطع):

فذاك السطاع خلاف النجا *** ء تحسبه ذا طلاء نتيفا

وقصيدته في شرح السكري للهذليين 42 ونسخة الشنقيطي 57.

([3]) لرؤبة في اللسان  (سطن).

([4]) لزياد الطماحي، كما في اللسان (سطا).

([5]) البيت لمالك بن عوف النصري، كما في اللسان (سطح، ضطر). وقد سبق في (2: 102).

([6]) في الأصل: "المسطير"، صوابه من المجمل.

 

ـ (باب السين والعين وما يثلثهما)

(سعف) السين والعين والفاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على يُبْس شيء وتشعُّثه، والآخر على مواتاة الشيء.

فالأوَّل السّعف جمع سَعَفة، وهي أغصان النخلة إذا يبست. فأما الرَّطْب فالشَّطْب. وأما قول امرئ القيس في الفرس:

* كَسَا وجْهَهَا سَعَفٌ منتشر([1]) *

فإنّه إنّما شبّه ناصيتها به. ومن الباب: السَّعْفَة: قروح تخرج برأس الصبيّ. ومنه قول الكسائيّ: سَُعِفت يدُه، وذلك هو التشعّث حول الأظفار، والشُّقاق. *ويقال ناقةٌ سَعْفاء، وقدسُعِفَتْ سَعفا، وهو داءٌ يتمعّط منه خُرطومها. وذلك في  النُّوق خاصّة.

والأصل الثاني: أَسْعَفْت الرجل بحاجته، وذلك إذا قضيتَها لـه. ويقال أسعفته على أمره، إذا أعنْتَه.

(سعل) السين والعين واللام أصل يدل على صخب وعلوِّ صوت. يقال للمرأة الصّخّابة قد استسعَلَتْ، وذلك مشبّه بالسِّعلاة. والسَّعالى: أخبثُ الغِيلان. والسُّعال، مشتقّ من ذلك أيضاً؛ لأنه شيءٌ عالٍ. فأما قول الهذليّ([2]) في وصف الحمار:

* وأسعلته الأمرُعُ([3]) *

فإنه يريد نَشّطته الأمرُعُ حتى صار كالسِّعلاة، في حركته ونشاطه.

(سعم) السين والعين والميم كلمةٌ واحدة. فالسَّعْم: السَّير. يقال سَعَم البعيرُ، إذا سار.. وناقةٌ سَعُوم.

(سعن) السين والعين والنون كلمة واحدة. يقولون ماله سَعْنة ولا مَعْنَة، أي ما له قليلٌ ولا كثير. ويقال إن كان صحيحاً إنَّ السُّعْن شيء كالدَّلو.

(سعو) السين والعين والحرف المعتل وهو الواو، كلمتان إن صحّتا. فذكر عن الكسائي: مضى سَعْوٌ من الليل، أي قِطْع منه. وذكر ابن دريد([4]) أن السَّعْوَ الشَّمَع، وفيه نظر. [والمَسْعاة([5])] في الكرم والجُود. والسِّعاية في أخذ الصدقات. وسِعاية العَبد، إذا كُوتِبَ: أن يسعى فيما يفُكُّ رقبتَه.

ومن الباب ساعَى الرّجلُ الأمَةَ، إذا فَجَرَ بها، كأنَّه سعى في ذلك وسَعَتْ فيه. قالوا: لا تكون المساعاة إلاّ في الإماء خاصّة.

(سعد) السين والعين والدال أصلٌ يدل على خير وسرور، خلاف النَّحْس. فالسَّعْد: اليُمْن في الأمر. والسَّعْدان: نبات من أفضل المرعى. يقولون في أمثالهم: "مرعى ولا كالسَّعدان". وسعود النجم عشرة([6]): مثل سعد بُلَعَ، وسعد الذابح. وسمِّيت سُعوداً ليُمنها. هذا هو الأصل، ثم قالوا لساعد الإنسان ساعد، لأنَّه يتقوَّى به على أموره. ولهذا يقال ساعده على أمره، إذا عاونَه، كأنه ضم ساعده إلى ساعِده. وقال بعضهم: المساعدة المعاونة في كل شيء، والإسعاد لا يكون إلاَّ في البكاء. فأما السَّعْدانة، التي هي كِركِرة البعير، فإنما سمِّيت بذلك تشبيهاً لها في انبساطها على الأرض بالسَّعْدان الذي ينبسط على الأرض في منبِتِه([7]). والسَّعْدانة عقدة الشِّسْع([8]) التي تلي الأرض. و السَّعْدانات: العقَد التي تكون في كِفَّة الميزان. وسُعْد: موضع. قال جرير:

ألاَ حَيِّ  الدِّيار بسُعْد إنِّي *** أحبُّ لحبِّ فاطمةَ الدِّيارا([9])

ويقال إنَّ السَّعدانة: الحمامة الأنْثى، وهو مشتقٌّ من السَّعْد.

(سعر) السين والعين والراء أصل واحدٌ يدل على اشتعال [الشيء] واتّقاده وارتفاعه. من ذلك السعير سعير النار. واستعارها: توقُّدها. والمِسْعر: الخشب الذي يُسْعر به([10]). والسُّعار: حَرّ النار. ويقال سُعِر الرَّجُل، إذا ضربته السَّموم. ويقال إِنَّ السِّعْرارة هي التي تراها في الشّمس كالهباء. وسَعَرتُ النّارَ وأسْعَرْتُها، فهي مُسْعَرَة ومسعُورة. ويقال استَعَرَ اللُّصوص كأنهم اشتعلوا. واستعر الجَرَب في البعير. وسمِّي الأسعر الجُعفيّ([11]) لقوله:

فلا يَدْعُني الأقوامُ من آل مالكٍ *** لئن أنا لم أَسْعَر عليهم وأُثْقِبِ([12])

قال ابن السِّكيت: ويقال سَعَرهم شَرَّا، ولا يقال أَسْعَرَهُم.

ومن هذا الباب: السُّعْر([13])، وهو الجنون، وسمِّي بذلك لأنّه يَسْتَعِر في الإنسان. ويقولون نَاقة مسعورة. وذلك لِحِدّتها كأنّها مجنونة. فأمّا سِعْر الطعام فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّه يرتفع ويعلو. فأمَّا مساعِر البعير فإنَّها مشاعِرُهُ([14]). ويقال

 

هي آباطه وأرفاغه وأصل ذنبِهِ حيث رَقَّ وَبَرُهُ، وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّ الجرب يستَعِر فيها أولاً ويستعر فيها أشدّ. وأما قول عروة بن *الورد:

* فطاروا في بلاد اليَستَعور([15]) *

فقالوا: أراد  السعير. ويقال إنه مكان، ويقال إنَّه شجرٌ يقال له اليستعور يُستاك [به].

(سعط) السين والعين والطاء أصل، وهو أن يُوجَر الإنسانُ الدواء، ثم يحمل عليه. فمن ذلك أسعطته الدواءَ فاسْتَعطَه([16]). والمُسْعُط([17]): الذي يجعل فيه السَّعوط. والسَّعوط هو الدواء، وأصل بنائه سَعَطَ. ومما يحمل عليه قولهم طعنته فأسعَطْتُه([18]) الرُّمح، والله أعلم.

ـــــــــــــــــ

([1]) صدره كما في اللسان (سعف) والديوان 12:

* وأركب في الروع خيفانة *

([2]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه ص 4 والمفضليات (2: 223)، واللسان (سعل، مرع).

([3]) البيت بتمامه:

أكل الجحيم وطاوعته سمحج *** مثل القناة وأسعلته الأمرع

([4]) الجمهرة (3: 34).

([5]) التكملة من المجمل.

([6]) في اللسان: "وهي عشرة أنجم، كل واحد منها سعد. أربعة منها منازل ينْزل بها القمر، وهي سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد  السعود، وسعد الأخبية، وهي في برجي الجدي والدلو. وستة لا ينْزل بها القمر وهي سعد ناشرة، وسعد الملك، وسعد البهام، وسعد الهمام، وسعد البارع، وسعد مطر. وكل سعد منها كوكبان، بين كل كوكبين في رأي العين قدر ذراع".

([7]) في الأصل: "الذي يبسط على الأرض في تنبته"، تحريف.

([8]) الشسع، بالكسر: قبال النعل الذي يشد إلى زمامها. وفي الأصل: "السبع"، صوابه في المجمل واللسان.

([9]) ديوان جرير 280 ومعجم البلدان (سعد) وهو بضم السين.

([10]) في اللسان : "ويقال لما تحرك به النار من حديد أو خشب مسعر ومسعار".

([11]) اسمه مرثد بن أبي حمران بن معاوية. المؤتلف 47.

([12]) البيت في المجمل واللسان (سعر) والمؤتلف 47.

([13]) السعر، بضم وبضمتين. وفي الكتاب: {إنا إذاً لفي ضلال وسعر} [القمر 24].

([14]) في الأصل: "مشافره" تحريف. وفي المجمل: "ومساعر البعير مشاعره، وهي آباطه وأرفاغه وأصل ذنبه حيث رق وبره، ويقال بل تلك المشاعر لأن عليها شعراً وسائر جسده وبر".

([15]) البيت من أبيات تروى أيضاً للنمر بن تولب، كما في ديوان عروة 89، وصدره:

* أطعت الآمرين بصرم سلمى *         ورواية الديوان: "في عضاه اليستعور".

([16]) في الأصل: "فأسعطه".

([17]) كمنبر، وبضم الميم والعين.

([18]) في الأصل: "فأسعته"، صوابه في المجمل.

 

ـ (باب السين والغين وما يثلثهما)

(سغل) السين والغين واللام أصلٌ يدل على إساءة الغِذاء وسوء الحال فيه. من ذلك السَّغِل: الولد السيِّئ الغذاء. وكلُّ ما أسيء غذاؤه فهو سَغِل. قال سلامة بن جندل يصف فَرساً:‏

ليس بأسْفَى ولا أقْنى ولا سَغِلٍ *** يُسقى دواء قَفِيّ السَّكْنِ مربُوبِ(1)‏

ويقال: بل السَّغِل: الدقيق القوائم الصغير. وقال ابن دريد: السغِل: المتخدِّد لحمه، المهزول المضطرب الخَلْق.‏

(سغم) السين والغين والميم ليس بشيء. على أنّهم يقولون للسغِل سَغِم.‏

(سغب) السين والغين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الجوع. فالمَسْغَبَة: المجاعة، يقال سَغِبَ يَسْغَبُ سُغُوباً، وهو ساغب وسغبان. قال ابن دريد(2): قال بعض أهل اللغة: لا يكون السَّغَب إلا الجوعَ مع التعب. قال وربَّما سمي العطَش سَغَباً؛ وليس بمستعمل.‏

ـــــــــــــ

(1) كلمة "ولا أقنى" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان (سغل) وديوان سلامة 8 والمفضليات (1: 119).‏

(2) الجمهرة (1: 286).‏

 

ـ (باب السين والفاء وما يثلثهما)

(سفق) السين والفاء والقاف أصَيلٌ يدلُّ على خلاف السخافة. فالسَّفيق لغة في الصفيق، وهو خلاف السخيف. ومنه سَفَقْتُ الباب فانْسَفَقَ، إذا أغلقته. وهو يرجع إلى ذاك القياس. ومنه رجل سَفيق الوجه، إذا كان قليل الحياء. ومن الباب: سفَقْت وجهَه، لطمتَه.

(سفك) السين والفاء والكاف كلمة واحدة. يقال سَفَكَ دمَه يسفِكه سفْكاً ، إذا أساله، وكذلك الدّمع.

(سفل) السين والفاء واللام أصلٌ واحد، وهو ما كان خلافَ العلوّ. فالسُّفل([1]) سُِفل الدارِ وغيرها. والسُّفُول: ضدّ العُلُوّ. والسَّفِلة: الدُّون من الناس، يقال هو من سَفِلة الناس ولا يقال سَفِلة([2]). والسَّفَال:نقيض العَلاء. وإنّ أمرهم لفي سَفَال. ويقال قَعَدَ بسُفالة الرّيح وعُلاوتها. والعُلاوة من حيث تَهُبُّ، والسُّفالة ما كان بإزاء ذلك.

(سفن) السين والفاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على تنحية الشيء عن وجه الشيء، كالقَشْر، قال ابن دريد([3]): السفينة فعيلة بمعنى فاعلة، لأنَّها تسفِن الماء، كأنّها تقشِره. والسَّفّان: ملاّح السفينة. وأصل الباب السَّفْن، وهو القشر، يقال سَفَنْتُ العودَ أسفِنُه سَفْناً. قال امرؤ القيس:

فجاء خفِيَّاً يسفِنُ الأرضَ بطنُهُ *** تَرَى التُّربَ منه لاصقاً غير مَلْصَقِ([4])

والسَّفَن: الحديدة التي يُنحَت بها. قال الأعشى:

وفي كلِّ عامٍ لـه غزوةٌ *** تَحُكّ الدّوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ([5])

وسفنتِ الريح التراب عن وجه الأرض.

(سفه) السين والفاء والهاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على خفّة وسخافة. وهو قياس مطَّرد. فالسَّفَه: ضدّ الحِلْم. يقال ثوب سفيه، أي رديء النسج. ويقال تَسَفَّهَت الريحُ، إذا مالت. قال ذو الرمة:

مَشَيْن كما اهتَزَّت رياحٌ تسفَّهت *** أعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ الرواسِمِ([6])

وفي شعره أيضاً:

* سَفيهٍ جَديلُها([7]) *

يذكر الزّمام واضطرابه. ويقال تسفّهتُ فلاناً عن ماله، إذا خدعْتَه، كأنَّك مِلت به عنه واسْتَخْفَفْتَه. قال([8]):

تَسَفَّهْتَهُ عن ماله إِذْ رأيته *** غلاماً كغُصنِ البانةِ المتغايِدِ([9])

وذكر ناسٌ * أنَّ السَّفَه أن يُكثِر الإنسانُ من شُربِ الماءِ فلا يَروَى. وهذا إن صحَّ فهو قريبٌ من ذاك القياس.

وكان أبو زيد يقول: سافَهْتُ الوَطْبَ أو الدّنَّ، إذا قاعَدْتَه فشربتَ منه ساعةً بعد ساعة. وأنشد:

أبِنْ لي يا عُمَيْرُ أذُو كعوبٍ *** أصَمُّ، قناتُهُ فيها ذُبُولُ

أحَبُّ إليكَ أم وَطْبٌ مُدَوٍّ *** تُسافِهُهُ إذا جَنَح الأَصِيلُ([10])

(سفو) السين والفاء والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة في الشيء. فالسَّفْو: مصدر سَفَا يَسْفو سَفْواً([11])، إذا مشى بسُرعة، وكذلك الطائر إذا أَسْرَعَ في طيرانه. والسَّفَا: خِفّة النّاصية، وهو يُكرَه في الخيلِ ويُحمَد في البِغال، فيقال بغلةٌ سفواء. وسَفت الريحُ التّراب تَسفيه سَفْياً. والسَّفا: ما تَطَايَرُ به الرِّيحُ من التُّراب. والسَّفا: شوك البُهْمَى، وذلك [أنه] إذا يبس خَفّ وتطايرت به الرّيح. قال رؤبة:

* واسْتَنَّ أعراف السَّفَا على القِيَقْ *([12])

ومن الباب: السَّفا، وهو تُراب القَبر. قال:

وحالَ السّفا بيني وبينكِ والعِدَا *** ورَهْنُ السّفا غَمْرُ الطبيعة ماجدُ([13])

والسَّفاءُ، مهموز: السَّفَه والطَّيش. قال:

كم أزلّتْ أرماحُنا من سفيهٍ *** سافَهونا بغِرّة وسَفَاءِ

(سفح) السين والفاء والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إِراقة شيء. يقال سفح الدّمَ، إذا صبَّه. وسفح الدّم: هَرَاقه. والسِّفاح: صبُّ الماء بلا عَقد نكاح، فهو كالشيء يُسفَح ضَياعاً. والسَّفّاح: رجلٌ من رؤساء العرب([14])، سَفَح الماء في غزوةٍ غزاها فسُمّي سفَّاحاً. وأمَّا سَفْح الجبل فهو من باب الإبدال، والأصل فيه صَفح، وقد ذُكر في بابه. والسَّفيح: أحد السِّهام الثلاثة التي لا أنصباءَ لها، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه.

(سفد) السين والفاء والدال ليس أصلاً يتفرّع منه، وإنّما فيه كلمتان متباينتان في الظاهر، وقد يمكن الجمع بينهما من طريق الاشتقاق. من ذلك سِفاد الطَّائر، يقال سَفِد يَسْفَد، وكذلك التَّيس. والكلمة الأخرى السّفُّود، وهو معروف. قال النابغة:

كأنَّه خارجاً من جَنب صَفحته *** سَفُّود شَرْبٍ نَسُوه عند مفتأدِ([15])

(سفر) السين والفاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانكشاف والجَلاء. من ذلك السَّفَر، سمِّي بذلك لأنَّ الناس ينكشفون عن أماكنهم. والسَّفْر: المسافرون. قال ابن دريد([16]): رجلٌ سَفْرٌ وقوم سَفْرٌ.

ومن الباب، وهو الأصل: سَفَرتُ البَيت كنستُه. ومنه الحديث: "لو أمَرْتَ بهذا البيت فسُفِر([17])". ولذلك يسمَّى ما يسقُطُ من ورق الشّجر السَّفِير. قال:

وحائل مِنْ سَفير الحولِ جائلهُ *** حولَ الجراثيمِ في ألوانه شَهَبُ([18])

وإنّما سمّي سفيراً لأنَّ الرّيح تسفره. وأما قولهم: سَفَر بَيْن القوم سِفارة، إذا أصلح، فهو من الباب؛ لأنَّه أزال ما كان هناك من عَداوة وخِلاف. وسَفَرتِ المرأةُ عن وجهها، إذا كشفَتْهُ. وأسفر الصبح، وذلك انكشاف الظّلام، ووجه مُسفِر، إذا كان مُشرِقاً سروراً. ويقال استفَرَت الإبل: تصرفت وذهبَتْ في الأرض. ويقال للطعام الذي يُتّخذ للمسافر سُفْرة. وسمِّيت الجِلدة  سُفْرة([19]). ويقال بعير مِسفَر، أي قويٌ على السَّفر.

ومما شذّ عن الباب السِّفار: حديدةٌ تُجعَل في أنف الناقة. وهو قوله:

ما كان أجمالي وما القِطارُ *** وما السِّفار، قُبِحَ السِّفارُ

وفيه قول آخر؛ أنه خيطٌ يشدُّ طرَفُه على خطام البعير فيدارُ عليه، ويُجعَل بفيه زِماماً، والسَّفْر: الكتابة. والسفَرَة: الكَتبة، وسُمّي بذلك لأنَّ الكتابة تُسفِرُ عما يُحتاج إليه من الشيء المكتوب.

(سفط) السين والفاء والطاء ليس بشيء، وما في بابه ما يعوّل عليه، إلاّ أنّهم سمّوا هذا السَّفَط. ويقولون: السفيط السخيّ من *الرجال. وأنشدوا:

* ليس بذي حزم ولا سَفيطِ([20]) *

وهذا ليس بشيء.

(سفع) السين والفاء والعين أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر تناوُل شيءٍ باليد.

فالأوّل السُّفْعَة، وهي السَّوَاد، ولذلك قيل للأثافيّ سُفْعٌ. ومنه قولهم: أرى به سُفْعَةً من غضب، وذلك إذا تَمَعَّرَ لونُهُ. والسَّفْعاء: المرأة الشاحبة؛ وكلُّ صَقْرٍ أسْفَعُ. والسَّفْعَاء: الحمامة، وسُفعتُها في عنقِها، دُوَينَ الرّأس وفُوَيقَ الطّوق. والسُّفْعة: في آثار الدار: ما خالَفَ من رَمادها سائرَ لونِ الأرض. وكان الخليل يقول: لا تكون السُّفْعَةُ في اللَّوْن إلاّ سواداً مشْرَباً حُمْرَة.

وأمّا الأصل الآخر فقولهم: سَفَعْتُ الفرسَ، إذا أخذْتَ بمقدّم رأسه، وهي ناصيته، قال الله جلَّ ثناؤه: {لَنَسْفَعنْ بالنَّاصِيَةِ} [العلق 15]، وقال الشاعر:

* من بين مُلجِمِ مُهرِهِ أو سافِعِ([21]) *

ويقال سَفَعَ الطائرُ ضريبتَه، أي لَطَمَه. وسَفَعْتُ رأس فلان بالعصا، هذا محمولٌ على الأخْذ باليد. وفي كتاب الخليل: كان عُبيد الله بن الحسن قاضي البصرة مولعاً بأن يقول: "اسفَعا بيده فأقيماهُ"، أي خُذا بيده.

ــــــــــــــــ

([1]) يقال بالضم والكسر.

([2]) في اللسان: "يقال هو من السفلة ولا يقال هو سفلة، لأنها جمع".

([3]) الجمهرة (3: 39).

([4]) في الأصل: ("خفيفاً")، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "وإنما جاء متلبداً على الأرض لئلا يراه الصيد فينفر منه". ورواية اللسان في عجزه الذي لم ينشد في المجمل: "لاصقاً كل ملصق".

([5]) ديوان الأعشى 19 والمجمل واللسان (سفن).

([6]) وكذا رواية المجمل. وفي الديوان 616 واللسان : "الرياح النواسم".

([7]) البيت بتمامه كما في الديوان 553 واللسان (سفه):

وأبيض موشيّ القميص نصبته *** على ظهر مقلات سفيه جديلها

وفي شرح الديوان :"أبيض، يعني السيف. وقميصه، يعني جفنه. موشى: منقوش".

([8]) البيت من قصيدة لمزرد بن ضرار في المفضليات (1: 76).

([9]) المتغايد: المتثني، من قولهم رجل أغيد وامرأة غيداء، إذا كانت أعناقهما تتثنى للنعمة. وفي الأصل: "المتفائد"، تحريف.

([10]) دوى اللبن والمرق تدوية: صار عليه دواية، أي قشرة.

([11]) كذا ضبط في الأصل والجمهرة (3: 40)، لكن في المجمل واللسان (19: 111 س 24): "سفوا" بضم السين والفاء وتشديد الواو.

([12]) في الأصل "الفتق"، صوابه من الديوان 105 واللسان (قيق).

([13])  البيت لكثير عزة كما في اللسان (سفا). وأنشده في المجمل مقدم العجز على الصدر. وفي اللسان: "غمر النقيبة".

([14]) هو السفاح بن خالد، واسمه سلمة. وكان جراراً للجيوش، وإنما سمي السفاح لأنه سفح المزاد، أي صبها يوم كاظمة، وقال لأصحابه: قاتلوا، فإنّكم إن هزمتم متم عطشاً. ذكره ابن دريد في الاشتقاق 203، وأنشد:

وأخوهما السفاح ظمأَ خيله *** حتى وردت جبا الكلاب نهالا

([15]) ديوان النابغة 20 واللسان (فأد).

([16]) الجمهرة (2: 333).

([17]) في اللسان: "وفي الحديث أنَّ عمر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو أمرت بهذا البيت فسفر".

([18]) البيت لذي الرمة في ديوانه 19 واللسان (سفر). والشهب، بالتحريك، والشهبة بالضم: لون بياض يصدعه سواد في خلاله.

([19]) في اللسان: "السفرة طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير". وفي المجمل: "والسفرة طعام يتخذ للمسافر؛ وبه سميت الجلدة سفرة". في الأصل: "مسفرة"، تحريف.

([20]) لحميد الأرقط كما في اللسان (سفط). وأنشده في المجمل بدون نسبة. في الأصل: "ليس بيني" صوابه في المجمل واللسان.

([21]) البيت لعمرو بن معد يكرب، كما في تفسير أبي حيان (8: 491)، وصدره:  * قوم إذا كثر الصياح رأيتهم *

 

ـ (باب السين والقاف وما يثلثهما)

(سقل) السين والقاف واللام ليس بأصل، لأنَّ السين فيه مبدلة عن صاد.

(سقم) السين والقاف والميم أصلٌ واحد، وهو المرض: يقال سُقْمٌ وسَقَمٌ وسَقامٌ، ثلاثُ لغات.

(سقي) السين والقاف والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، وهو إشراب الشيء الماء وما أشبَهَه. تقول: سقيته بيدي أَسقيهِ سَقيا، وأَسْقيته، إذا جعلتَ لـه سِقياً. والسُّقْي: المصدر، وكم سِقيُ أرضك، أي حظُّها من الشرب. ويقال: أسقيتُك هذا الجِلدَ، أي وهبتُهُ لك تتّخذه سِقاء. وسَقَيْتُ على فلان، أي قلتَ: سقاه الله. حكاه الأخفش. والسِّقاية: الموضع الذي يُتَّخذ فيه الشراب في الموسم. والسِّقاية: الصُّواع، وفي قوله جلَّ وعزَّ: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}  [يوسف 70]، وهو الذي كان يَشرَب فيه الملك. وسَقَى بَطْنُ فلان، وذلك ماء أصفر يَقَع فيه. وسَقَى فلانٌ على فلانٍ بما يكره، إذا كرّره عليه. والسَّقِيُّ: البَرديّ في قول امرئ القيس:

* وساقٍ كأنبوبِ السَّقِيِّ المَذَلَّلِ([1]) *

والسَّقِيّ، على فعيل أيضاً: السَّحابة العظيمة القَطْر. والسِّقاء معروف، ويشتق من هذا أسقيت الرَّجل، إذا اغتبْتَه. قال ابن أحمر:

* ولا أيّ من عاديت أسقى سقائيا([2]) *

(سقب) السين والقاف والباء أصلان: أحدهما القرب، والآخر يدلُّ على شيء مُنْتَصِب. فالأوَّل السَّقَب، وهو القُرْب. ومنه الحديث: "الجار أحقُّ بسَقَبِه". يقال منه سقبتِ الدّارُ وأسْقبت. والساقب: القريب. وقال قوم: السّاقب القريب والبَعيد. فأمّا القريب فمشهور، وأما البعيد فاحتجُّوا فيه بقول القائل:

تَرَكْتَ أباكَ بأرضِ الحجاز *** ورُحتَ إلى بَلدٍ ساقبِ

وأما الأصل الآخر فالسقْب والصَّقْب، وهو عمود الخِباء، وشُبّه به السقب ولدُ الناقة. ويقال ناقة مِسقاب، إذا كان أكثر وضْعِها الذّكور، وهو قوله:

* غَرَّاءَ مِسقاباً لفحلٍ أَسْقَبا([3]) *

هذا فعلٌ لا نعت.

(سقر) السين والقاف والراء أصلٌ يدل على إحراق أو تلويح بنار. يقال سقَرتْه الشَّمسُ، إذا لوّحتْه. ولذلك سمِّيت سَقَر. وسَقَرات الشمس: حَرُورها. وقد يقال بالصَّاد، وقد ذكر في بابه.

(سقط) السين والقاف والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الوقوع، وهو مطّرد. من ذلك سَقط الشيءُ يسقُطُ سقوطاً. والسَّقَط: رديء المتاع. والسِّقاط والسَّقَط: الخطأ من القول والفعل. قال سويد:

*كيف يرجُونَ سِقاطي بعدما  *** جَلَّلَ الرأسَ مَشيبٌ وصَلَعْ([4])

قال بعضهم: السقاط في القول: جمع سَقْطة، يقال سِقاط كما يقال رَملة ورمال. والسّقط: الولد يسقُط قبل تمامه، وهو بالضم والفتح والكسر. وسَِـُـقْط النار: ما يسقط منها من الزَّند. والسَّقَّاط: السيف يسقُط من وراء الضريبة، يقطعها حتى يجوزَ إلى الأرض. والسّاقطة: الرجل اللئيم في حَسبه. والمرأة السَّقِيطة: الدَّنيئة. وحُدِّثنا عن الخليل بالإسناد الذي ذكرناه في أول الكتاب، قال: يقال سقطَ الولدُ من بطن أمه، ولا يقال وقَع. وسُقط الرمل وسِقطه وسَقطه: حيث ينتهي إليه طَرَفه، وهو مُنقَطَعه. وكذلك مَسقِط رأسِه، حيث وُلد. وهذا مَسقط السّوط حيث سقط. وأتانا في مَسقِط النَّجم، حيث سقط. وهذا الفعل مَسقَطة للرّجُل من عيون الناس. وهو أن يأتي ما لا ينبغي. والسِّقاط في الفَرَس: استرخاء العَدْو. ويقال أصبحت الأرض مُبْيضّة من السقيط، وهو الثّلج والجليد. ويقال إن سِقْط السحاب حيث يُرى طرَفُه كأنَّه ساقط على الأرض في ناحيةِ الأفقِ، وكذلك سِقْط الخِباء. وسِقْطا جناحَيِ الظليم: ما يُجَرُّ منهما على الأرض في قوله:

* سِقطانِ مِنْ كَنَفَيْ ظليمٍ نافِرِ([5]) *

قال بعض أهل العلم في قول القائل:

حتَّى إذا ما أضاءَ الصُّبح وانبعَثَتْ *** عنه نَعامةُ ذي سِقْطين مُعْتَكِرِ([6])

يقال إنَّ نعامة الليل سوادُهُ، وسِقْطاه: أوَّلُهُ وآخره. يعني أنّ الليل ذا السقطينِ مضَى وصَدَقَ الصُّبْحُ.

(سقع) السين والقاف والعين ليس بأصل؛ لأنّ السين فيه مبدلة من صاد. يقال صُقْع وسُقْع. وصَقَعْته وسَقَعته. وما أدري أين سَقَعَ أي ذهب.

(سقف) السين والقاف والفاء أصل يدلُّ على ارتفاعٍ في إطلال وانحناء. من ذلك السقف سقف البيت، لأنه عالٍ مُطلٌّ. والسقيفة: الصُّفّة. والسقيفة: كلُّ لوحٍ عريض في بناء إذا ظهر من حائط. والسَّماء سقفٌ، قال الله تعالى: {وجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} [الأنبياء 32]. ومن الباب الأسْقَفُ من الرِّجال، وهو الطويل المنحني؛ يقال أسقَفُ بيِّنُ السقَف. والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــ

([1]) صدره كما في معلقته:         * وكشح لطيف كالجديل مخصر *.

([2]) صدره كما في اللسان:         * ولا علم لي ما نوطة مستكنة *

([3]) البيت لرؤبة في ديوانه 170 واللسان (سقب). يمدح أبوي رجل ممدوح، وقبله: * وكانت العرس التي تنخبا *

([4]) البيت في اللسان (سقط) وهو من قصيدة طويلة له في المفضليات (1: 188 ـ 200).

([5]) البيت لثعلبة بن صعير المازني في المفضليات (1: 127). وصدره:

* وكأنَّ عيبتها وفضل فتانها *.

([6]) البيت للراعي كما في اللسان (9: 192).

 


ـ (باب السين والكاف وما يثلثهما)

(سكم) السين والكاف والميم ليس بشيء. على أنَّ بعضهم ذكر أن السكم مقَارَبة الخطو.

(سكن) السين والكاف والنون أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خلاف الاضطراب والحركة. يقال سَكَن الشّيءُ يسكُن سكوناً فهو ساكن.

والسَّكْن: الأهل الذين يسكُنون الدّار. وفي الحديث: "حتَّى إنَّ الرُّمّانَة لَتُشْبِعُ السَّكْن". والسَّكَن: النار، في قول القائل:

* قد قُوِّمَتْ بسَكَنٍ وأَدْهانْ([1]) *

وإنّما سمّيت سَكَنا للمعنى الأوّل، وهو أنَّ النّاظر إليها يَسْكُن ويَسْكُن إليها وإلى أهلها. ولذلك قالوا: "آنَسُ من نار". ويقولون: "هو أحسن من النّار في عين المقرور". والسَّكَن: كلُّ ما سكنتَ إليه من محبوب. والسِّكِّين معروف، قال بعضُ أهل اللغة: هو فِعِّيل لأنّه يسكّن حركةَ المذبوح به. ومن الباب السّكينة، وهو الوقار، وسُكان السفينة سمِّي لأنَّه يُسكّنها عن الاضطراب، وهو عربيٌّ.

(سكب) السين والكاف والباء أصلٌ يدلُّ على صبّ الشيء. تقول: سكب الماء يسكبه. وفرسٌ سَكْبٌ، أي ذرِيعٌ، كأنّه يسكُبُ عدْوَه سكبا، وذلك كتسميتهم إيّاه بحراً.

(سكت) السين والكاف والتاء يدلُّ على خِلاف الكلام. تقول: سكت يَسْكُت سكوتاً، ورجلٌ سِكِّيت. ورماه بُسكاتَة، أي بما أسكته. وسَكَت الغضبُ، بمعنى سكن. والسُّكْتَةُ: ما أسكتَّ به *الصبيّ. فأمّا السُّكيت([2]) فإنه من الخيل العاشر عند جريها في السّباق. ويمكن أن يكون سمِّي سُكَيتاً لأنَّ صاحبَه يسكت عن الافتخار، كما يقال أجَرَّه كذا، إذا منعه من الافتخار، وكأنَّه جَرَّ لسانَه.

(سكر) السين والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَيرة. من ذلك السُّكْر من الشراب. يقال سَكِر سُكْراً، ورجلٌ سِكِّير، أي كثير السُّكْر. والتَّسْكير: التَّحيير في قولـه عزَّ وجل: {لَقَالُوا إنَّما سُكِّرَتْ أَبْصَارُنا}  [الحجر 15]، وناس يقرؤونها {سُكِرَتْ} مخففة([3]). قالوا: ومعناه سُحِرت. والسِّكْر: ما يُسكَر فيه الماء من الأرض. والسَّكْر: حَبْس الماء، والماء إذا سُكِر تحيَّر. وأمّا قولهم ليلة ساكرة، فهي السَّاكنة التي [هي] طلقةٌ، التي ليس فيها ما يؤذِي. قال أوس:

تُزادُ ليالِيَّ في طُولِها *** فليست بطَلْقٍ ولا ساكِرهْ([4])

ويقال سَكَرت الرِّيح، أي سكَنت. والسَّكَر: الشَّراب. وحكى ناسٌ سكَره إذا خَنَقَه. فإنْ كان صحيحاً فهو من الباب. والبعير يُسَكِّر الآخر بذراعه حتى يكاد يقتلُه. قال:

* غَثَّ الرِّباعِ جَذَعاً يُسَكَّرُ *

(سكف) السين والكاف والفاء ليس أصلاً، وفيه كلمتان: أحدهما أُسْكُفَّة الباب: العَتَبة التي يُوطأ عليها. وأُسْكُفّ العين، مشبّه بأُسْكُفَّة الباب. وأمّا الإسكاف فيقال إن كلَّ صانعٍ إسكافٌ عند العرب. وينشد قول الشمّاخ:

* وشُعْبَتَا مَيْسٍ بَرَاها إسكافْ([5]) *

قالوا: أراد القَوَّاس.

ــــــــــــــ

([1]) البيت في وصف قناة ثقفها بالنار والدهن. اللسان (17: 75).

([2]) بضم السين وفتح الكاف مشددة ومخففة.

([3]) هي قراءة ابن كثير، انظر إتحاف فضلاء البشر 274.

([4]) ديوان أوس بن حجر 10 والمجمل واللسان (سكر).

([5]) ديوان الشَّماخ 103. وهو في اللسان (سكف 58) بدون نسبة.

 

ـ (باب السين واللام وما يثلثهما)

(سلم) السين واللام والميم معظم بابه من الصّحّة والعافية؛ ويكون فيه ما يشذُّ، والشاذُّ عنه قليل، فالسّلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذَى. قال أهلُ العلم: الله جلَّ ثناؤُه هو السلام؛ لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء. قال الله جلَّ جلاله: {واللهُ يَدْعُو إلى دَارِ  السَّلاَمِ} [يونس 25]، فالسلام الله جلَّ ثناؤه، ودارُهُ الجنَّة. ومن الباب أيضاً الإسلام، وهو الانقياد؛ لأنَّه يَسْلم من الإباء والامتناع. والسِّلام: المسالمة. وفِعالٌ تجيءُ في المفاعلة كثيراً نحو القتال والمقاتلة. ومن باب الإصحاب والانقياد: السَّلَم الذي يسمَّى السَّلف، كأنَّه مالٌ أسلم ولم يمتنع من إعطائه. وممكن أن تكون الحجارة سمِّيت سِلاماً لأنّها أبعدُ شيء  في الأرض من الفَناء والذَّهابِ؛ لشدّتها وصلابتها. فأمّا السَّليم وهو اللّديغ ففي تسميته قولان: أحدهما أنَّه أُسلم لما به. والقول الآخر أنّهم تفاءلوا بالسَّلامة. وقد يسمُّون الشيءَ بأسماء في التفاؤُل والتطيُّر. والسُّلَّم معروف، وهو من السلامة أيضاً؛ لأنَّ النازل عليه يُرْجَى لـه السَّلامة. والسَّلامة: شجر، وجمعها سَلاَم.

والذي شذَّ عن الباب السَّلْم: الدلو التي لها عروة واحدة. والسَّلَم: شجر، واحدته سَلَمة. والسَّلامانُ: شجرٌ([1]).

ومن الباب الأول السَِّلْم وهو الصُّلح، وقد يؤنَّث ويذكَّر. قال الله تعالى: {وإِنْ جَنَحُوا لِلْسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال 61]. والسَّلِمَة: الحجر، فيه يقول الشاعر:

ذاكَ خليلي وذو يعاتِبُني *** يَرمِي ورائيَ بالسهمِ والسَّلِمَهْ([2])

وبنو سلِمَة: بطنٌ من الأنصار ليس في العرب غيرهم. ومن الأسماء سَلْمَى: امرأةٌ. وسلمى: جبلٌ. وأبو سُلمى أبو زُهَير، بضم السين، ليس في العرب غيره.

(سلو/ي) السين واللام والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خفض وطيب عيش. ومن ذلك قولهم فلان في سَلْوَةٍ من العيشِ، أي في رَغدٍ يسلِّيهِ الهم. ويقول: سَلاَ المحب يَسْلوا سُلُوَّاً، وذلك إذا فارقه ما كان به من همٍّ وعشق. والسُّلْوانة: الخَرزة، وكانوا يقولون إنَّ من شرب عليها سَلاَ ممّا كان به، وعَمَّن كان يحبه. قال الشاعر:

شربت* على سُلْوانة ماءَ مُزنةٍ *** فلا وَجديدِ العيش يا مَيَّ ما أسلُو([3])

قال الأصمعيّ: يقول الرجل لصاحبه: سقيتَني منك سَلْوَةً وسُلواناً، أي طيَّبت نفسي وأذهلْتَها عنك. وسَلِيت بمعنى سلوت. قال الراجز:

* لو أشربُ السُّلوانَ ما سَليتُ([4]) *

ومن الباب السَّلا، الذي يكون فيه الولد، سمي بذلك لنَعمته ورقَّته ولينه. وأما السين واللام والهمزة فكلمة واحدة لا يقاس عليها. يقال سَلأَ السّمن يَسْلؤُه سلأ، إذا أذابه وصفّاه من اللَّبن، قال:

ونحن منعناكم تميماً وأنتم  *** موالِيَ إلاَّ تُحْسِنُوا السَّلْءَ تُضرَبوا

(سلب) السين واللام والباء أصلٌ واحدٌ، وهو أَخْذُ الشَيء بخفّة واختطاف. يقال سلبتُهُ ثوبَهُ سلْباً. والسَّلَب: المسلوب. وفي الحديث: "مَنْ قَتَل قتيلاً فله سَلَبُه". والسَّليب: المسلوب. والسَّلوب من النوق: التي يُسلَبُ ولدها والجمع سُلُب. وأسلبت الناقةُ، إذا كانت تلك حالَها. وأمّا السَّلَب وهو لِحاء الشجر فمن الباب أيضاً؛ لأنَّه تَقَشَّرَ عن الشَّجر، فكأنَّما قد سُلِبَته. وقول ابن مَحْكانَ:

فَنشنش الجلدَ عنها وهي باركةٌ *** كما تُنَشْنِشُ كَفَّا قاتِلٍ سَلَبا([5])

ففيه روايتان: رواه ابن الأعرابي "قاتل" بالقاف. ورواه الأصمعي بالفاء. وكان يقول: السَّلَب لحاء الشَّجَر، وبالمدينة سوقُ السَّلابين، فذهب إلى أنَّ الفاتل هو الذي يَفتِل السَّلَب. فسمعتُ عليّ بن إبراهيم القطان يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلباً يقول: أخطأ ابنُ الأعرابيّ، والصحيح ما قاله الأصمعيّ.

ومن الباب تسلّبَت المرأة، مثل أَحَدَّتْ. قال قوم: هذا من السُّلُب، وهي الثياب السُّود. والذي يقرب هذا من الباب الأوّل [أنَّ] ثيابَها مشبّهة بالسَّلَب، الذي هو لِحاء الشّجر. قال لبيد:

* في السُّلُب السُّود وفي الأمساحِ([6])*

وقال بعضهم : الفرق بين الإحداد والتَّسلُّب، أنَّ الإحداد على الزّوج والتَّسَلُّب قد يكون على غير الزّوج.

فأمّا قولهم فرس سَلِيبٌ، فيقال إنَّه الطويل القوائم. وقال آخرون: هو الخفيف نَقل القوائم؛ يقال رجلٌ سليب اليدين بالطَّعن، وثورٌ سليب القرن بالطَّعن. وهذا أجود القولَين وأَقيسُهما؛ لأنَّه كأنَّه يسلب الطّعنَ استلابا.

(سلت) السين واللام والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو جلْفُ الشيء عن الشيء وقَشره. يقال سلتت المرأةُ خضابَها عن يدها. ومنه سَلَتَ فلانٌ أنفَ فلانٍ بالسيف سَلْتاً، وذلك إذا أخذه كلَّه. والرَّجُل أسْلَتُ. ويقال إنَّ المرأة التي لا تتعهَّد الخضاب يقال لها السَّلْتاء. ومن الباب السُّلْت: ضربٌ من الشعير لا يكاد [يكون] له قشر، والعرب تسمّيه العُرْيان.

(سلج) السين واللام والجيم أصلٌ يدل على الابتلاع. يقال سلج الشيء يَسلَجُه، إذا ابتلعه سَلْجَاً وسَلَجَاناً. وفي كلامهم: "الأخْذُ سَلَجَانٌ والقَضَاءَ لَِيَّانٌ". ومن الباب: فلان يتسلَّج الشراب، أي يُلِحُّ في شُرْبه.

(سلح) السين واللام والحاء السلاح، وهو ما يُقَاتَل به، وكان أبو عبيدة يفرِقُ بين السّلاح والجُنة، فيقول: السلاح ما قُوتِلَ به، والجُنّة ما اتُّقي به، ويحتج بقوله:

حيثُ تَرى الخيلَ بالأبطال  عابسة *** يَنْهَضْنَ بالهندوانيّاتِ والجُنَنِ([7])

فجعل الجُنَن غَيْرَ السُّيوف([8]). والإسليح: شجرةٌ تغزُرُ عليها الإِبل. وقالت الأعرابية: "الإسليح([9])، رُغوَةٌ  وسَريح، وسَنامٌ وإطريح".

(سلخ) السين واللام والخاء أصلٌ واحد، وهو إخراج الشيء عن جلده. ثم يُحْمَل عليه. والأصل سلخْتُ جلدةَ الشاةِ سلخاً. والسِّلْخ: جلد الحية تنسلخ. ويقال أسود سالخ لأنَّه يسلخ جلده كلَّ عام فيما يقال. وحكى بعضُهم سلختِ المرأة دِرْعَها: نزعَتْهُ. ومن قياس الباب: سلخت الشَّهرَ، إذا صرتَ في آخر يومه. وهذا مجاز. وانسلخَ الشَّهرُ، وانسلخ النَّهارُ من الليل المقْبِل. ومن الباب نخلة مِسْلاخٌ، وهي التي تنثُر بُسرَها أخضر.

(سلس) السين واللام والسين يدلُّ على سهولة في الشيء. يقال هو سَهْلٌ سَلِسٌ. والسَّلْس: جنس من الخَرز، ولعلَّه سمِّي بذلك لسلاسته في نَظْمه. قال:

* وقلائدٌ مِنْ حُبْلَةٍ وسُلوسِ([10]) *

(سلط) السين واللام والطاء أصلٌ واحدٌ، وهو القوّة والقهر. من ذلك السَّلاطة، من  التسلط وهو القَهْر، ولذلك سمِّي السُّلْطان سلطاناً. والسلطان: الحُجَّة. والسَّليط من الرجال: الفصيح اللسان الذَّرِب. والسَّليطة: المرأة الصَّخَّابة.

ومما شذَّ عن الباب السَّلِيط: الزّيت بلغة أهل اليَمَن، وبلغة غيرهم دهن السِّمسِم.

(سلع) السين واللام والعين أصلٌ يدلُّ على انصداع الشيء وانفتاحه. من ذلك السَّلْع؛ وهو شقٌّ في الجبل كهيئة الصَّدْع، والجمع سُلوع. ويقال تَسَلّع عَقِبُه، إذا تشقّقَ وتَزَلَّع. ويقال سَلَعَ رأسه، إذا فَلَقَه. والسِّلعة: الشيء المبيع، وذلك أنَّها ليست بِقُِنْيَةٍ تُمْسك، فالأمر فيها واسعٌ. والسَّلَع: شجر.

(سلغ) السين واللام والغين ليس بأصلٍ، لكنه من باب الإبدال فسينُهُ مُبْدَلة من صاد. يقال سَلَغَت البقرةُ، إذا خرجَ نابُها، فهي سالغ. ويقولون لحمٌ أسلَغُ، إذا لم ينضج. ورجلٌ أسلَغُ: شديد الحمرة.

(سلف) السين واللام والفاء أصلٌ يدلُّ على تقدُّم وسبْق. من ذلك السَّلَف: الذين مضَوا. والقومُ السُّلاَّف: المتقدِّمون. والسُّلاَف: السائل من عصير العنب قبل أن يُعصَر. والسُّلْفَة: المعجَّل من الطَّعام قبل الغَدَاء. والسّلوف: الناقة تكون في أوائل الإبل إذا وَرَدَت. ومن الباب السَّلَف في البيع، وهو مالٌ يقدَّم لما يُشتَرى نَساءً([11]). وناس يسمُّون القَرضَ السَّلَف، وهو ذاك القياسُ لأنَّه شيءٌ يُقدَّم بعوض يتأخّر. ومن غير هذا القياس السِّلْف سِلْف الرِّجال، وهما اللذان يتزوّج هذا أُخْتاً وهذا أُخْتاً. وهذا قياس السَّالفتين، وهما صفحتا العنق، هذه بحذاء هذه.

ومما شذَّ عن البابين السَّلْف وهو الجراب. ويقال إنَّ القلفة تَسمَّى سَلْفاً([12]).

ومنه أسْلَفتُ الأرضَ للزَّرْع([13])، إذا سوَّيتها. وممكن أن يكون هذا من قياس الباب الأوّل: لأنه أمرٌ قد تقدّم في إصلاحه.

(سلق) السين واللام والقاف فيه كلماتٌ متباينة لا تكاد تُجمع منها كلمتانِ في قياسٍ واحد؛ وربُّك جلُّ ثناؤُهُ يفعل ما يشاء، ويُنْطِقُ خَلْقه كيف أراد.

فالسَّلَق: المطمئنّ من الأرض. والسِّلْقَة: الذِّئبة. وسَلَقَ: صاح. والسَّلِيقة: الطبيعة. والسَّليقة: أثر النِّسع في جنب البعير. وسَلُوق: بلدٌ. والتَّسلُّق على الحائط: التَّوَرُّد عليه إلى الدار. والسّلِيق: ما تَحَاتَّ من الشجر. قال الرَّاجز:

تَسْمَعُ منها في السَّليقِ الأشهبِ  *** مَعمعةً مثل الضِّرَام المُلْهَبِ([14])

والسُّلاَق: تقشُّر جِلد اللِّسان. وسَلَقْت المزَادةَ، إذا دهنْتَها. قال امرؤ القيس:

كأنّهما مزادتا متعجِّلٍ *** فَرِيّانِ لَمَّا يُسلَقَا بدِهانِ([15])

والسَّلْقُ:أن تُدخِل إحدى عُروتي الجُوالِق في الأخرى، ثم تثنيَها مرَّةً أخرى.

(سلك) السين واللام والكاف أصلٌ يدلُّ على نفوذ شيءٍ في شيء. يقال سلكت الطَّريقَ أَسلُكُه. وسَلكت الشيء في الشيء: أنفذْته. والطَّعْنَة السُّلْكَى، إذا طَعَنَه تِلقاءَ وجهِه. والمسلَكَة: طُرَّةٌ تُشَقُّ من ناحية الثوب([16]). وإنّما سمّيت بذلك لامتدادها. وهي كالسِّكَك.

ومما شذَّ عن الباب السُّلَكَة: الأنثى من ولد الحَجَل، والذكر سُلَك، *وجمعه سِلْكانٌ. والله أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "شجرة"، صوابه في المجمل واللسان. وواحده "سلامانة".

([2])  البيت لبجير بن عنمة الطّائي، كما في اللسان (15: 189) والمشهور في روايته: "بامسهم وامسلمة" على لغة حمير في إبدال لام "أل" ميماً.

([3]) البيت في اللسان (سلا) بدون نسبة .

([4]) ديوان رؤبة 25 واللسان (سلا).

([5]) ديوان الحماسة (2: 255). واللسان (سلب).

([6]) ديوان لبيد 50 طبع 1881، واللسان (سلب).

([7]) سبق البيت في (1: 422).

([8]) في الأصل "عن السيوف".

([9]) في اللسان: "قالت أعرابية، وقيل لها: ما شجرة أبيك؟ فقالت: شجرة أبي الإسليح".

([10]) سبق البيت وتخريجه في (2: 132). وصدره:

* ويزينها في النحر حَليٌ واضحٌ *

([11]) النساء، بالفتح: اسم من نسأت الشيء: أخرته.

([12]) القلفة، بالضم والتحريك: غرلة الصبي. والسلف، كذا وردت في الأصل والمجمل. وفي اللسان (11 : 61) أنها "السلفة" بالضم.

([13]) في الأصل: "للذراع"، صوابه في المجمل واللسان.

([14]) الرجز بدون نسبة في اللسان (سلق).

([15]) ديوان امرئ القيس 124 واللسان (سلق).

([16]) في المجمل: "من ناحيتي الثوب". ونص المقاييس يطابق نص القاموس. وهذه الكلمة "المسلكة" مما فات صاحب اللسان.

 


ـ (باب السين والميم وما يثلثهما)

(سمن) السين والميم والنون أصلٌ يدل على خلاف الضُّمْر والهزال. من ذلك السِّمَن، يقال هو سمين. والسَّمْن من هذا.

ومما شذَّ عن هذا الأصل كلامٌ يقال إن أهل اليمن يقولونه دونَ العرب، يقولونَ: سَمّنْتُ الشّيءَ، إِذا بَرّدْتَه. والتَّسْمِين: التَّبْريد. ويقال إنَّ الحجّاج قُدِّمت إليه سمكة فقال للذي عمِلها: "سَمِّنْها" يريد بَرِّدْها([1]).

(سمه) السين والميم والهاء أصلٌ يدلُّ على حَيْرة وباطل. يقال سَمَه إذا دُهِشَ، وهو سَامِهٌ وقومٌ سمّهٌ. ويقولون: سَمَه البعيرُ، إذا لم يعرف الإعياء([2]). وذهبت إبلُهم السُّمَّهَى، إذا تفرَّقَت. والسُّمَّهَى([3]): الباطل والكذب. فأما قولُ رؤبة:

* جَرْيَ السُّمَّه([4]) *

(سمو) السين والميم والواو أصلٌ يدل على العُلُوِّ. يقال سَمَوْت، إذا علوت. وسَمَا بصرُه: عَلا. وسَمَا لي شخصٌ: ارتفع حتّى استثبتُّه([5]). وسما الفحلُ: سطا على شَوله سَماوَةً. وسَمَاوَةُ الهلال وكلِّ شيءٍ: شخصُهُ، والجمع سَماوٌ([6]). والعرب تُسمِّي السّحاب سماءً، والمطرَ سماءً، فإذا أريدَ به المطرُ جُمع على سُمِيّ. والسَّماءة: الشَّخص. والسماء: سقف البيت. وكلُّ عالٍ مطلٍّ سماء، حتَّى يقال لظهر الفرس سَماء. ويتَّسِعون حتَّى يسمُّوا النَّبات سماء. قال:

إذا نَزَلَ السَّماءُ بأرضِ قومٍ *** رَعَيْناهُ وإن كانوا غِضابا([7])

ويقولون: "ما زِلْنا نطأُ السَّماءَ حتَّى أتيناكم"، يريدون الكلأ والمطر. ويقال إن أصل "اسمٍ" سِمْو، وهو من العلوّ، لأنَّه تنويهٌ ودَلالةٌ على المعنى.

(سمت) السين والميم والتاء أصلٌ يدل على نَهجٍ وقصدٍ وطريقة. يقال سَمَتَ، إذا أخذ النَّهْج. وكان بعضُهم يقول: السَّمْت: السّير بالظنّ والحَدْس. وهو قول القائل:

* ليس بها ربعٌ لِسَمْتِ السَّامِت *

ويقال إنَّ فلاناً لحَسنُ السَّمْتِ، إذا كان مستقيمَ الطريقةِ متحرِّياً لفعل الخَير. والفعل منه سَمَت. ويقال سَمَت سَمْتَه، إذا قصد قصده.

(سمج) السين والميم والجيم أصلٌ يدلُّ على خِلاف الحُسن. يقال هو سَمِجٌ وسَمْجٌ([8])، والجمع سِمَاجٌ وسَمَاجَى. ومن الباب السَّمْج من الألبان، وهو الخبيث الطَّعْم.

(سمح) السين والميم والحاء أصلٌ يدلُّ على سَلاسةٍ وسُهولة. يقال سَمَح له بالشيء. ورجلٌ سَمْحٌ، أي جواد، وقومٌ سُمَحاء ومَسامِيح. ويقال سَمَّح في سيره، إذا أسرع. قال:

* سَمَّحَ واجتابَ فلاةً قِيّا([9]) *

ومن الباب: المُسامَحة في الطِّعان والضَّرب، إذا كان على مُساهَلة. ويقال رُمْحٌ مسَمَّحٌ: قد ثُقِّفَ حتَّى لانَ.

(سمخ) السين والميم والخاء ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال. والسين فيه مبدلة من صاد. والسِّمَاخ في الأذن: مَدْخَله. ويقال سَمَخْت فلاناً: ضربت سِمَاخَه. وقد سَمَخني بشدة صوتِهِ.

(سمد) السين والميم والدال أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ قُدُماً من غير تعريج. يقال سمَدت الإبلُ في سيرها. إذا جَدّتْ([10]) ومَضَت على رؤوسها. وقال الرَّاجز:

* سَوَامِدُ الليلِ خفافُ الأزوادْ([11]) *

يقول: ليس في بطونها عَلَف. ومن الباب السُّمود الذي هو اللَّهو. والسَّامد هو اللاهي. ومنه قوله جلَّ وعلا: {وأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم 61]، أي لاهون. وهو قياس الباب؛ لأنَّ اللاهي يمضي في أمره غير معرِّج ولا مُتَمَكِّث. وينشدون:

قيل قُمْ فانظر إليهم *** ثمّ دَع عنكَ السُّمودا([12])

فأمَّا قولهم سَمَّد رأسه، إذا استأصل شَعره، فذلك من باب الإبدال؛ لأن أصله الباء، وقد ذكر.

(سمر) السين والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف البياض في اللون. من ذلك السُّمْرة من الألوان، وأصله قولهم: "لا آتيك السَّمَر والقَمَر"، فالقَمر: القمر. والسَّمَر: سواد الليل، ومن ذلك سمِّيت السُّمْرَة. فأمّا السَّامر فالقوم

*يَسْمُرُون. والسامر: المكان الذي يجتمعون فيه للسَّمَر. قال:

* وسامِرٍ طالَ لهم فيه السَّمَرْ([13]) *

والسَّمراء: الحِنطة، للَوْنها. والأسمر: الرُّمح. والأسمر: الماء. فأمَّا السَّمَار فاللّبن الرقيق، وسمِّي بذلك لأنَّه إذا كان [كذلك كان] متغيِّر اللون. والسَّمُر: ضربٌ من شجر الطَّلْحِ، واحدته سَمُرة، ويمكن أن يكون سمِّي بذلك للونه. والسَّمار: مكان في قوله:

لَئنْ وَردَ السَّمَارَ لنَقْتُلَنْه *** فلا وأبيكِ ما وَرَدَ السَّمَارا([14])

(سمط) السين والميم والطاء أصلٌ يدلُّ على ضمّ شيء إلى شيء وشدِّه به. فالسَّميط: الآجُرُّ القائم بعضُهُ فوقَ بعض. والسِّمْط: القِلادة، لأنَّها منظومةٌ مجموعٌ بعضُها إلى بعض. ويقال سَمَّط الشيء على مَعاليق السَّرْج. ويقال خُذْ حقَّك مُسَمَّطاً، أي خُذْهُ وعلِّقْه على مَعاليق رَحْلِكَ. فأما الشِّعْر المُسَمَّط، فالذي يكون في سطر البيت([15]) أبياتٌ مسموطةٌ تجمعها قافيةٌ مخالفةٌ مُسمَّطة ملازمة للقصيدة. وأما اللبن السَّامط، وهو الحامض، فليس من الباب؛ لأنَّه من باب الإبدال، والسين مبدلة من خاء.

(سمع) السين والميم والعين أصلٌ واحدٌ، وهو إيناسُ الشيء بالأُذُن، من النّاس وكلِّ ذي أُذُن. تقول: سَمِعْت الشيء سَمْعاً. والسَِّمع : الذِّكْر الجميل. يقال قد ذَهَب سَِمْعُهُ في الناس، أي صِيته. ويقال سَمَاعِ بمعنى استمِعْ. ويقال سَمَّعْتُ بالشيء، إذا  أشعتُهُ ليُتَكلَّم به. والمُسْمِعَة: المُغَنِّية. والمِسْمَع: كالأذن للغَرْبِ؛ وهي عُروةٌ تكون في وسط الغَرْبِ يُجْعَل فيها حبلٌ ليعدل الدّلو. قال الشاعر:

ونَعـدِل ذا المَيْل إن رامَنا  *** كما عُدِل الغَرْبُ بالمِسمعِ([16])

ومما شذّ عن الباب السِّمْع: ولد الذّئب من الضَّبُع.

(سمق) السين والميم والقاف فيه كلمة. ولعلَّ القاف أن تكون مبدلة من الكاف. سَمَق، إذا عَلاَ.

(سمك) السين والميم والكاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على العُلُوِّ. يقال سَمَك، إذا ارتفَعَ. والمسموكات: السماوات. ويقال سَمَكَ في الدَّرَج. واسمُكْ، أي اعْلُ. وسَنَامٌ سامك، أي عالٍ. والمِسْمَاك: ما سَمَكْتَ به البيتَ. قال ذو الرّمة:

كأنَّ رِجلَيْهِ مِسماكانِ مِنْ عشَرٍ  *** سَقْبَانِ لم يتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ([17])

والسِّماك نجم. ومما شذَّ عن الباب وباين الأصل: السَّمَك.

(سمل) السين والميم واللام أصلٌ يدلُّ على ضعفٍ وقلّة. من ذلك  السَّمَل، وهو الثَّوْب الخَلَق. ومنه السَّمَل: الماء القليل يَبقى في الحوض، وجمعه أسمال. وسَمَّلت([18]) البئر: نقَّيتها. وأما الإسمال، وهو الإصلاح بين النَّاس. فمن هذه الكلمة الأخيرة، كأنَّه نَقَّى ما بينهم من العَداوةِ. والله تعالى أعلم.

ـــــــــــــ

([1]) في اللسان: "والتسمين: التبريد، طائفية. وفي حديث الحجاج أنّه أتى بسمكة مشوية فقال للذي حملها: سمنها. فلم يدرِ ما يريد، فقال عَنْبَسة بن سعيد: إنه يقول لك: بردها قليلاً".

([2]) الإعياء: التعب، وفي الأصل: "الأحياء"، صوابه في المجمل واللسان.

([3]) في الأصل "السهمى" في هذا الموضع وسابقه، صوابها من المجمل، ويقال أيضاً "السميهى" كخليطى.

([4]) في الكلام نقص. والبيت بتمامه، كما في ديوانه 165 واللسان:

*ياليتنا والدهر جري السمه*

([5]) وكذا في اللسان. لكن في المجمل "استبنته".

([6]) في الأصل "سمو"، تحريف. وفي اللسان: "والجمع من كل ذلك سماء وسماو".

([7]) البيت لمعود الحكماء معاوية بن مالك، كما في اللسان.

([8]) وسميج أيضاً.

([9]) في اللسان (3: 320): "بلادا قيا".

([10]) في الأصل "أخذت"، صوابه من المجمل واللسان.

([11]) البيت في المجمل مضبوطاً بهذا الضبط.

([12]) البيت في اللسان بدون نسبة.

([13]) وكذا وردت روايته في المجمل. وفي اللسان (6: 43):

* وسامر طالَ فيه اللهو والسمر *

([14]) لعمرو بن أحمر الباهلي، كما في اللسان (6: 46).

([15]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "صدر البيت".

([16]) البيت لعبد الله بن أوفى، كما في اللسان (سمع).

([17]) ديوان ذي الرمة 28 واللسان  (سقب، سمك).

([18]) يقال بالتخفيف والتشديد.

 

ـ (باب السين والنون وما يثلثهما)

(سنه) السين والنون والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على زمانٍ. فالسَّنَة معروفة، وقد سقطت منها هاء. ألا ترى أنّك تَقول سُنيْهَة. ويقال سَنَهَتِ النخلةُ، إذا أتت عليها الأعوام([1]). وقوله جل ذكره: { فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة 259]، أي لم يصر كالشيء الذي تأتي عليه السنُون فتغيِّره. والنَّخْلة السَّنْهاء([2]).

(سني) السين والنون والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سقْي، وفيه ما يدل على العلوّ والارتفاع. يقال سَنَتِ النَّاقَةُ، إذا سقت الأرض، تسنُو وهي السَّانِيَة. والسَّحابةُ تسنُو الأرضَ، والقوم يَسْتَنُون([3]) لأنفسهم إذا اسْتَقَوا.

ومن الباب سانيت الرَّجُلَ، إذا راضَيتَه، أُسانيه؛ كأنَّ الوُدَّ قد كان ذَوِي ويَبِس، كما جاء في الحديث: "بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسَّلام".

وأمّا الذي يدلُّ على الرِّفعة فالسَّناء ممدود، وكذلك إذا قصرته دلَّ على الرفعة، إلاّ أنَّه لشيءٍ مخصوص، *وهو الضَّوْء. قال الله جلَّ ثناؤُه: { يَكَادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأَبْصَارِ}  [النور 43].

(سنب) السين والنون والباء كلمتان متباينتان فالسَّنْبَةُ: الطائفة من الدَّهْر. والكلمة الأخرى السَّنِب، وهو الفرس الواسع الجَري.

(سنت) السين والنون والتاء ليس أصلاً يتفرّع منه، لكنّهم يقولون السَّنُوت([4])، فقال قوم: هو العسل، وقال آخرون: هو الكَمُّون. قال الشاعر:

هم السَّمْن والسَّنُّوتُ لا أَلْسَ فيهمُ *** وهُمْ يمنَعون جارهُمْ أنْ يُقَرَّدا([5])

(سنج) السن والنون والجيم فيه كلمة. ويقولون: إن السِّناج أثرُ دُخَان السِّرَاج في الحائط.

(سنح) السين والنون والحاء أصلٌ واحدٌ يُحمَل على ظهور الشيء من  مكانٍ بعينهِ، وإن كان مختلَفَاً فيه. فالسّانح: ما أتاك عن يمينك من طائرٍ أو غيره، يقال سَنَحَ سُنُوحاً. والسانح والسَّنيح واحد. قال ذو الرمة:

ذكَرْتُكِ أنْ مَرت بنا أُمُّ شادنٍ *** أمام المطايا تشرئبُّ وَتسنَحُ([6])

ثم استُعير هذا فقيل: سنح لي رأيٌ في كذا، أي عَرَض.

(سنخ) السين والنون والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على أصل الشيء. فالسِّنْخ: الأصل. وأَسْنَاخُ([7]) الثنايا: أصولُها. ويقال سَنَخَ الرجل في العِلم سُنوخاً أي عَلِمَ أصولَه. فأمَّا قولهم سَنِخَ الدُّهْن، إذا تغيَّر، فليس بشيء.

(سند) السين والنون والداء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء. يقال سَنَدتُ إلى الشيء أَسْنُدُ سنوداً، واستندت استناداً. وأسندتُ غيري إسناداً. والسِّناد: النّاقة القويّة، كأنها أُسنِدت من ظهرها إلى شيءٍ قويّ. والمُسْنَدُ: الدهرُ؛ لأن بعضَه متضامّ. وفَلان سَنَدٌ، أي معتمَدٌ. والسَّنَد: ما أقبل عليك من الجبل، وذلك إذا علا عن السَّفْح. والإسناد في الحديث: أن يُسْنَد إلى قائله، وهو ذلك القياس. فأمَّا السِّناد الذي في الشعر فيقال إنَّهُ اختلافُ حركتي الرِّدفين. قال أبو عبيدة: وذلك كقوله:

* كأنَّ عيونَهن عيونُ عِينِِ([8]) *

ثم قال:

* وأصبح رأسُهُ  مثلَ اللُّجَيْنِ([9]) *

وهذا مشتق من قولهم: خرج القوم متسانِدين، إذا كانوا على راياتٍ شتى. وهذا من الباب؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ من الجماعة قد ساندت رايةً.

(سنط) السين والنون والطاء ليس بشيء إلاّ السِّناط، وهو الذي لا لِحْيَة له.

(سنع) السين والنون والعين إن كان صحيحاً فهو يدلُّ على جَمَالٍ وخيرٍ ورِفعةٍ. يقال شرفٌ أسنعُ، أي عالٍ مرتفع. وامرأة سنيعة: أي جميلة.

(سنف) السين والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على شدّ شيءٍ. أو تعليق شيء على شيء. فالسِّنَاف: خيط يُشدّ من حَِقْو البعير إلى تصديره ثم يشدُّ في عنقه. قال الخليل: السِّنَاف للبعير مثل اللَّبَبِ للدابّة. بعيرٌ مِسْناف، وذلك إذا أُخّر الرجل فجعل له سناف. يقال أسنفت [البعير([10])]، إذا شددتَه بالسِّناف. ويقال أسنَفُوا أمرَهم، أي أحكَموه. ويقال في المثل لمن يتحيّر في أمره: "قد عَيَّ بالأسناف". قال:

إذا مَا عَيَّ بالأسنافِ قومٌ *** من الأمر المشبَّه أن يكُونا([11])

وحكى بعضهم: سَنَفْتُ البعير، مثل أَسنفْت. وأبى الأصمعيُّ إلاّ أسنفت. وأما السِّنْف فهو وعاء ثَمَر المَرْخِ يشبه آذانَ الخيل. وهو من الباب؛ لأنَّهُ مُعلَّق على شجرة. وقال أبو عمرو: السِّنْف: الورقة. قال ابن مُقبل:

* تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ في جَعبةٍ صِفْرِ([12]) *

(سنق) السين والنون والقاف فيه كلمةٌ واحدة، وهي السَّنَق، وهو كالبَشَم. يقال شرِب الفَصيل حتى سَنِق. وكذلك الفرس، من العلَف. وهو كالتُّخَم في الناس.

(سنم) السين والنون والميم أصلٌ واحد، يدلُّ على العلوّ والارتفاع.فالسَّنَام معروف. وتسنَّمت: علَوت. وناقة سَنِمَةٌ: عظيمة السَّنام. وأسنمتُ النارَ : أعلَيْتُ لهبَها. وأَسْنُمَةُ: موضع.

ــــــــــــــــــ

([1]) وكذلك تسنهت.

([2]) لم يصرح بتفسيرها. والسنهاء: التي أصابتها السنة المجدبة.

([3]) في المجمل: "يسنون". وفي اللسان: "والقوم يسنون لأنفسهم، إذا استقوا. ويستنون، إذا سنوا لأنفسهم".

([4]) وفيه لغة أخرى: "سنوت" كسنور.

([5]) البيت للحصين بن القعقاع. كما في اللسان (سنت، قرد)، وروايته في (سنت، قرد، ألس): "هم السمن بالسنوت".

([6]) ديوان ذي الرمة 79 برواية : "إذ مرت".

([7]) في الأصل والمجمل: "سناخ"، صوابه من اللسان والجمهرة.

([8]) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 45 واللسان (سند). وصدره: * فقد ألج الخباء على جوار *

([9]) صواب إنشاد البيت بتمامه:

فإن يَكُ فاتني أسفاً شبابي *** وأضحى الرأس مني كاللجين

لكن كذا ورد إنشاده في المجمل والمقاييس والصحاح، ويروى: "كاللجين" بفتح اللام، وهو ورق الشجر يخبط، فهو لونان: رطب ويابس.

([10]) التكملة من المجمل.

([11]) لعمرو بن كلثوم في معلقته واللسان.

([12]) صدره كما في اللسان (سنف):  * تقلقل من ضغم اللجام لهاتها *.

 

ـ (باب السين والهاء وما يثلثهما)

(سهو) السين والهاء والواو معظم الباب [يدلّ] على الغفلة والسُّكون. فالسَّهْو: الغفلة، يقال سَهَوْتُ في الصلاة أسهو سَهْواً. ومن الباب المساهاة: حُسْن المُخَالَقَة، كأنَّ الإنسانَ يسهو عن زَلَّةٍ إن كانت من غيره. والسَّهْو: السُّكون. يقال جاء سَهْواً رَهْواً.

ومما شَذَّ عن هذا الباب [ السَّهْوَة([1])]، وهي كالصُّفَّة تكون أمامَ البيت.

وممّا يبعُد عن هذا وعن قياس الباب: قولهم حملت المرأةُ ولدَها سَهْواً، أي على حَيْضٍ. فأمًَّا السُّهَا فمحتمل أن يكون من الباب الأول: لأنَّه خفيٌّ جدّاً فيُسهَى عن رؤيته.

(سهب) السين والهاء والباء أصلٌ يدلُّ على الاتّساع في الشيء. والأصل السَّهْب، وهي الفَلاة الواسعة، ثم يسمَّى الفرس الواسعُ الجري سَهْباً.

ويقال بئر سَهْبَةٌ، أي بعيدة القعر. ويقال حفر القوم فأسهبوا، أي بلغوا الرَّمْل. وإذا كان كذا كان أكثر للماء وأوسَعَ لـه. ويقال للرّجُل الكثير الكلام مُسْهَب، بفتح الهاء. كذا جاء عن العرب أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، وهو نادر([2]).

(سهج) السين والهاء والجيم أصلٌ يدلُّ على دوامٍ في شيء. يقال سَهَجَ القوم لَيْلَتَهم، أي ساروا سيراً دائماً. ثمَّ يقال سَهَجَت الرِّيحُ، إذا دامت وهي سَيْهَجٌ، وسَيْهُوجٌ. ومَسْهَجُها: مَمرُّها.

(سهد) السين والهاء والدال كلمتانِ متباينتان تدلُّ إحداهما على خلاف النّوم، والأخرى على السكون.

فالأولى السُّهاد، وهو قِلَّة النوم. ورجل سُهُدٌ، إذا كان قليلَ النّوم. قال:

فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مبطَّناً *** سُهُداً إذا ما نام ليلُ الهَوْجَلِ([3])

وسَهَّدْتُ فلاناً، إذا أطرتَ نومَه.

والكلمة الأخرى  قولُهم شيءٌ سَهْدٌ مَهْد، أي ساكن([4]) لا يُعَنِّي. ويقال ما رأيت من فلان سَهْدَةً، أي أمراً أعتمد عليه من خبر أو كلام، أو أسكُن إليه.

(سهر) السين والهاء والراء معظم بابه الأرَق، وهو ذَهاب النوم. يقال سَهَرَ يَسْهَرُ سَهَراً. ويقال للأرض: السّاهرة، سمِّيت بذلك لأن عملها في النَّبت دائماً ليلاً ونهاراً. ولذلك يقال:"خَير المالِ عينٌ خَرّارة، في أرض خوَّارة، تَسْهَرُ إذا نِمتَ، وتشهَد إذا غِبْتَ". وقال أميّة بن أبي الصلت:

وفيها لَحْمُ ساهرةٍ وبحرٍ *** وما فاهُوا بِهِ لهمُ مقيم([5])

وقال آخر، وذكر حَميرَ وحْش:

يرتَدْنَ ساهرةً كأنَّ عميمَها *** وجَمِيمَها  أسدافُ ليلٍ مظلمِ([6])

ثم صارت السّاهرةُ اسماً لكلِّ أرض. قال الله جلَّ جلالُهُ: {فإنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ. فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات 13-14] والأسهران: عِرقان في الأنف من باطن، إذا اغتلم الحِمارُ سالا ماءً. قال الشَّمّاخ:

تُوائِلُ من مِصَكٍّ أنْصَبَتْهُ  *** حوالبُ أسهريهِ بالذَّنِينِ([7])

وكأنَّما سمِّيتا بذلك لأنّهما يسيلان ليلاً كما يسيلان نهاراً. ويروى "أسهرته". ويقال رجلٌ سُهَرَةٌ: قليل النّوم. وأمّا السَّاهور فقال قوم: هو غلاف القمر؛ ويقال هو القمر. وأيَّ ذلك كان فهو من الباب؛ لأنَّه يسبح في الفَلَك دائباً، ليلاً ونهاراً.

(سهف) السين والهاء والفاء تقلّ فروعه. ويقولون إنَّ السَّهَف([8]): تشحُّط القتيلِ في دمِهِ واضطرابُهُ. ويقال إن السُّهَاف: العطش.

(سهق) السين والهاء والقاف أصلٌ يدلُّ على طول وامتداد. وهو صحيح. فالسَّهْوَق: الرَّجُلُ الطويل. والسَّهْوق الكذَّابُ، وسُمِّيَ بذلك لأنَّه يغلو في الأمر ويزيدُ في الحديث. والسَّهْوقُ من الرياح: التي تَنْسِج العَجَاج. *والسَّهْوق: الرَّيَّان من سُوق الشَّجر؛ لأنّه إذا رَوِيَ طال.

(سهك) السين والهاء والكاف أصلان: أحدهما يدلُّ على قَشْر ودقٍّ، والآخر على الرَّائحة الكريهة.

فالأوّل قولُهم: سَهَكَت الرِّيحُ التّرابَ، وذلك إذا قَشَرتْه عن الأرض. والمَسْهَكَة: الذي يشتدّ مرُّ الرّيح عليه. ويقال سَهَكْتُ الشّيءَ، إذا قشرتَه، وهو دونَ السَّحْق. وسَهَكَت الدَّوابُّ، إذا جرت جرياً خفيفاً. وفَرَسٌ مِسْهَكٌ، أي سريع. وإنما قيلَ لأنَّه يسهَك الأرضَ بقوائمه.

والأصل الثاني السَّهَك، قال قوم: هو رائحة السمك من اليَد. ويقال بل السَّهَك: ريحٌ كريهة يجدُها الإنسان إذا عَرِقَ. ومن هذا الباب السَّهَك: صدأ الحديد. ومنه أيضاً قولهم: بِعينِه ساهكٌ، أي عائرٌ من الرَّمَد. قال الشاعر في السَّهَك:

سَهِكِينَ مِنْ صَدأ الحديدِ كأنّهم *** تحت السَّنَـوَّرِ جِنّةُ البَقَّارِ([9])

(سهل) السين والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وخلاف حُزونة. والسَّهْل: خلاف الحَزْن. ويقال النّسبةُ إلى الأرض السَّهلة سُهْليٌّ. ويقال أسْهَلَ القومُ، إذا ركبوا السَّهل. ونهرٌ سَهِلٌ: فيه سِهْلَةٌ، وهو رملٌ ليس بالدُّقَاق. وسُهَيْلٌ: نجم.

(سهم) السين والهاء والميم أصلان: أحدهما يدلُّ على تغيُّرٍ في لون، والآخرُ على حظٍّ ونصيبٍ وشيءٍ من أشياء.

فالسُّهْمَة: النَّصيب. ويقال أسَهم الرَّجُلانِ، إذا اقْترعا، وذلك من السُّهْمَة والنّصيبِ، أن يفُوز([10]) كلُّ واحد منهما بما يصيبه. قال الله تعالى: { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ}[الصافات 141]. ثمّ حمل على ذلك فسُمِّي السَّهمُ الواحد من السِّهَام، كأنّه نصيبٌ من أنصباء وحظٌّ من حظوظ. والسُّهْمَة: القرابة؛ وهو من ذاك؛ لأنّها حَظٌّ من اتّصال الرحم. وقولهم بُرْدٌ مسهَّم، أي مخطّط، وإنّما سمِّي بذلك لأنّ كلَّ خَطٍّ منه يشبّه بسهم.

وأمّا الأصلُ الآخَر فقولهم: سَهَُمَ وجْهُ الرّجلِ([11])، إذا تغيَّرَ  يَسْهَُم، وذلك مشتقٌّ  من السَُّهَام، وهو ما يصيب الإنسانَ من وَهَج الصّيف حتى يتغيَّرَ لونُه. يقال سهمَ الرَّجُل، إذا أصابَه السَُّهَام. والسَُّهَام أيضاً: داء يصيب الإبل، كالعُطَاش. ويقال إِبلٌ سَواهِمُ، إذا غيَّرها السّفَر([12]). والله أعلم.

 

ــــــــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل.

([2]) يقال أيضاً:"مسهب" بكسر الهاء. وقيل بفتحها للإكثار من الخطأ، وبكسرها للإكثار من الصواب.

([3]) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في اللسان (سهد)، وسيعيده في (هجل). وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين  61.

([4]) في الأصل: "ساكت"، تحريف. وفي المجمل واللسان: "أي حسن".

([5]) البيت في اللسان (سهر) بدون نسبة.

([6]) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في اللسان (سهر)، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 66.

([7]) ديوان الشماخ 93، وقد سبق في (2: 348).

([8]) ضبط في الأصل والمجمل بفتح الهاء، وفي اللسان والقاموس بسكونها.

([9]) البيت للنابغة في ديوانه 35 واللسان (سهك)، وسبق تخريجه في مادة (بقر).

([10]) في الأصل: "يقول".

([11]) يقال سَهم من بابي فتح وظرف، وسهم بهيئة المبني للمفعول.

([12]) في الأصل: "غمرها"، صوابه من المجمل.

 

ـ (باب السين والواو وما يثلثهما)

(سوي) السين والواو والياء أصلٌ يدلُّ على استقامةٍ واعتدالٍ بين شيئين. يقال هذا لا يساوي كذا، أي لا يعادله. وفلانٌ وفلانٌ على سَوِيّةٍ من هذا الأمر، أي سواءٍ. ومكان سُوىً، أي مَعْلَمٌ قد عَلِمَ القومُ الدّخولَ فيه والخروج منه. ويقال أسْوَى الرّجلُ، إذا كان خَلَفُهُ وولدُهُ سَوِيّاً.

وحدَّثنا علي بن إبراهيم القَطّان، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد، عن الكسائيّ قال: يقال كيف أمسيتم؟ فيقال: مَستوُون صالحون. يريدون أولادُنا ماشيتُنا سَوِيَّةٌ صالحة.

ومن الباب السِّيُّ: الفضاء من الأرض، في قول القائل([1]):

* كأنَّ نَعَامَ السِّيِّ باضَ عليهمُ([2]) *

والسِّيّ: المِثْل. وقولهم سِيّانِ، أي مِثلان.

ومن ذلك قولهم:  لا سيّما، أي لا مثلَ ما. هُوَ من السِّين والواو والياء، كما يقال ولا سَواء. والدَّليل على أن السّيَّ المِثل قولُ الحطيئة:

فإيّاكم وحَيّةَ بطنِ وادٍ *** هَمُوزَ النّابِ لكم بسِيِّ([3])

ومن الباب السَّواء: وسَط الدَّارِ وغَيرِها، وسمِّي بذلك لاستوائه. قال الله جلَّ ثناؤه: {فاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ}  [الصافات 55].

وأمَّا قولُهم: هذا سِوَى ذلك، أي غيرُهُ، فهو من الباب؛  لأنَّه إذا كان سِواه فهما كلُّ واحدٍ منهما في حَيِّزِه على سواء. والدّليل على ذلك مدُّهم السِّواء بمعنى سِوى. *قال الأعشى:

* وما عدلَتْ  من أهلِها لِسوائكا([4]) *

ويقال قصدتُ سِوَى فلانٍ: كما يقال قصدت قصده. وأنشد الفراء:

فَلأَصْرِفَنّ سِوَى حُذيفة مِدْحتي *** لِفَتى العَشيِّ وفارسِ الأجرافِ([5])

(سوء) فأمّا السين والواو والهمزة فليست من ذلك، إنّما هي من باب القُبح. تقول رجلٌ أسوَأُ، أي قبيحٌ، وامرأةٌ سَوآء، أي قبيحة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سوْآءُ([6]) وَلودٌ خيرٌ مِنْ حَسناءَ عقيم". ولذلك سمّيت السَّيِّئة سيّئة. وسمِّيت النار سُوأَى، لقُبْح منظرها. قال الله تعالى : {ثُمَّ كاَنَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤوا السُّوأَى} [الروم 10]. وقال أبو زُبَيْد:

لم يَهَبْ حُرْمَةَ النَّدِيم وحُقَّتْ  *** يا لَقَومِي للسَّوأةِ السَّوآءِ([7])

(سوح) السين والواو والحاء كلمةٌ واحدةٌ. يقالُ ساحة الدار، وجمعها ساحات وسُوح. 

(سوخ) السين والواو والخاء كلمةٌ واحدة. يقال ساخت قوائمه في الأرض تسوخ. ويقال مُطِرْنا حتى صارت الأرض سُوَّاخَى، على فُعَّالَى، وذلك إذا كثرت رِزاغُ المطر. وإذا كانت كذا ساخت قوائمُ المارّة فيها.

(سود) السين والواو والدال أصلٌ واحد، وهو خلاف البياضِ في اللّونِ، ثم يحمل عليه ويشتقّ منه. فالسَّواد في اللّون معروف. وعند قومٍ أن كلَّ شيءٍ خالف البياضَ، أيَّ لونٍ كان، فهو في حيّز السواد.  يقال: اسودّ الشيء واسوادَّ. وسوادُ كلِّ شيء: شخصه. والسِّواد: السِّرار؛ يقالُ ساوده مساودةً وسِواداً، إذا سارّه. قال أبو عبيد: وهو من إدناء سَوادِكَ من سَواده، وهو الشَّخص. قال:

مَنْ يكنْ في السِّواد والدَّدِ والإغْـ *** ـرامِ زِيراً فإنّني غيرُ زيرِ([8])

والأساود: جمع الأسود، وهي الحيّات. فأمّا قول أبي ذَرّ رحمة الله عليه: "وهذه الأساودُ حولي"، فإنّما أراد شخص آلاتٍ كانت عنده؛ [وما حولَه([9])] إلا مِطْهرةٌ وإِجّانةٌ وجَفْنة. والسَّواد: العدد الكثير، وسمِّي بذلك لأن الأرض تسوادُّ له.

فأمَّا السِّيادة فقال قوم: السيِّد: الحليم. وأنكر ناسٌ أن يكونَ هذا من الحِلم، وقالوا: إنّما سمِّي سيِّداً لأنَّ الناس يلتجِئون إلى سَواده. وهذا أقيس من الأوَّل وأصحّ. ويقال فلانٌ أسوَد من فلانٍ، أي أَعْلَى سِيادةً منه. والأسودان: التَّمر والماء. وقالوا: سَوَاد القَلب وسُوَيداؤُه، وهي حَبّته. ويقال سَاوَدَني فلانٌ فسُدْته، من سَوَاد اللونِ والسّؤدُد جميعا. والقياسُ في الباب كلِّه واحد.

(سور) السين والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. من ذلك  سَار يَسُور إذا غضب وثار. وإنَّ لغضبِهِ لَسَورةً. والسُّور: جمع سُورة، وهي كلُّ منْزلةٍ من البناء. قال:

ورُبَّ ذِي سُرادقٍ محجورِ  *** سُرْتُ إليه في أعالي السُّورِ([10])

فأمّا قول الآخر([11]):

وشاربٍ مُرْبحٍ في الكأسِ نادَمَني *** لا بالحَصُور ولا فيها بسَوَّارِ

فإنّه يريد أنّه ليس بمتغضّب. وكان بعضهم يقول: هو الذي يَسُور الشَّرابُ في رأسِهِ سريعاً. وأما سِوار المرأة، والإسوار([12]) من أساورة الفُرس وهم القادة، فأُراهما غيرَ عربيَّين. وسَورة الخمر: حِدّتُها وغلَيانها.

(سوط) السين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مخالطة الشَّيءِ الشيءَ. يقال سُطت الشّيءَ: خلطتُ بعضَهُ ببعض. وسَوَّط فلانٌ أمرَهُ تسويطاً، إذا خَلَطَه. قال الشَّاعر:

فَسُطْها ذَميمَ الرّأيِ غيرَ موفَّقٍ *** فلستَ على تسويطها بمُعان([13])

 

ومن الباب السَّوط، لأنّه يُخالِط الجِلدة؛ يقال سُطْتُهُ بالسَّوط: ضربتُهُ. وأمَّا قولهم في تسمية النَّصيب سَوطاً فهو من هذا. قال الله جلَّ ثناؤه: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}  [الفجر 13]، أي نَصيباً من العذاب.

(سوع) السين والواو والعين يدلُّ على استمرار الشّيء ومُضيِّه. من ذلك  السَّاعة *سمِّيت بذلك. يقال جاءنا بعد سَوْعٍ من الليل وسُوَاعٍ، أي بعد هَدْءٍ منه. وذلك أنَّه شيءٌ يمضي ويستمرّ. ومن ذلك قولهم عاملته مُساوعةً، كما يقال مياومَة، وذلك من السَّاعة. ويقال أَسَعْتُ الإبلَ إساعةً، وذلك إذا أهملتَها حتَّى تمرَّ على وجهها. وساعت فهي تَسُوع. ومنه يقال هو ضائع سائع. وناقة مِسياعٌ، وهي التي تذهب في المرعى. والسِّياع: الطِّين فيه التِّبن.

(سوغ) السين والواو والغين أصلٌ يدلُّ على سهولة الشيء واستمراره في الحلق خاصّة، ثم يحمل على ذلك. يقال ساغ  الشَّرابُ في الحَلْق سَوغاً. وأساغَ الله جلَّ جلالُهُ. ومن المشتقّ منه قولُهم: أصاب فلانٌ كذا فسوَّغْتُهُ إياه. وأمَّا قولُهُم هذا سَوْغُ هذا، أي مثله، فيجوز أن يكونَ من هذا، أي إنه يَجري مجراه ويستمرُّ استمراره. ويجوز أن يكون السّين مُبدَلة من صادٍ، كأنَّه صِيغَ صياغَته. وقد ذُكِرَ في بابه.

(سوف) السين والواو والفاء ثلاثة أصول: أحدها الشَّمُّ . يقال سُفْت الشَّيءَ أَسُوفُه سَوْفاً، وأَسَفْتُهُ. وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ قولهم: بيننا وبينهم مَسافةٌ، مِنْ هذا. قال: وكان الدَّليل يَسُوف التُّرَابَ ليعلمَ على قصدٍ هو أم  على جَور. وأنشدوا:

* إذا الدّليلُ استافَ أخلاقَ الطُّرُق([14]) *

أي شَمّها.

والأصل الثّاني: السُّوَاف: ذَهاب المال ومَرَضُه. يقال أساف الرّجُلُ، إذا وقع في مالِهِ السُّواف. قال حُميد بن ثور:

* أَسَافا من المال التِّلادِ وأَعْدَما([15]) *

وأمّا التأخير فالتسويف.  يقال سوَّفتُه، إذا أخّرتَه، إذا قلتَ سوف أفعلُ كذا.

(سوق) السين والواو والقاف أصل واحد، وهو حَدْوُ الشَّيء. يقال ساقه يسوقه سَوقاً. والسَّيِّقة: ما استيق من الدوابّ.  ويقال سقتُ إلى امرأتي صَدَاقها، وأَسَقْتُهُ. والسُّوق مشتقّةٌ من هذا، لما يُساق إليها من كلِّ شيء، والجمع أسواق. والساق للإنسان وغيره، والجمع سُوق، إنّما سمّيت بذلك لأنَّ الماشي ينْساق عليها. ويقال امرأة سَوْقاء، ورجلٌ أَسوَق، إذا كان عظيمَ السّاق. والمصدر السَّوَق. قال رؤبة:

* قُبٌّ من التَّعْداء حُقْبٌ في سَوَق([16]) *

وسُوق الحرب: حَومة القِتال، وهي مشتّقةٌ من الباب الأول.

(سوك) السين والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ واضطراب. يقال تساوَقَت الإبل: اضطرَبَتْ أعناقُها من الهُزال وسوء الحال. ويقال أيضاً: جاءت الإِبل ما تَسَاوَكُ هُزالاً، أي ما تحرِّك رؤوسَها. ومن هذا اشتق اسم السِّواك، وهو العُود نفسُه. والسِّواك استعماله أيضاً. قال ابن دريد:  سُكْتُ الشيءَ سَوكاً، إذا دَلكتَه. ومنه اشتقاق السِّواك، يقال ساك فاهُ، فإذا قلت استاك لم تذكر الفم.([17])

(سول) السين والواو واللام أصلٌ يدلُّ على استرخاءٍ في شيء يقال سَوِلَ يَسْوَل سَوَلا. قال الهذليّ([18]):

كالسُّحْلِ البيض جَلا لونَها  *** سَحُّ نِجَاءِ الحَمَل الأَسْوَلِ

فأَمّا قولهم سَوّلتُ له الشيءَ، إذا زيّنْتَه له، فممكن أن تكون أعطيته سُؤلَه، على أن تكون الهمزة مُليَّنَةً من السُّؤل.

(سوم) السين والواو والميم أصلٌ يدل على طلب الشيء. يقال سُمت الشيءَ، أَسُومُهُ سَوْمَاً. ومنه السَّوام في الشِّراء والبيع. ومن الباب سامت الرَّاعيةُ تسوم، وأَسَمْتُهَا أنا. قال الله تعالى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل 10]، أي تُرعُون. ويقال سّوَّمْت فلاناً في مالي تسويماً، إذا حكَّمتَه في مالك. وسَوَّمْتُ غُلامي: خَلّيته وما يُريد. والخيل المُسَوَّمَة: المرسلة وعليها رُكبانُها. وأصل ذلك كلِّه واحد.

ومما شذَّ عن الباب السُّومَةُ، وهي العلامةُ تُجْعَل في الشيء. والسِّيما مقصور من ذلك *قال الله سبحانه: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح 29]. فإذا مدُّوه قالوا السيماء.

(سوس) السين والواو والسين أصلان: أحدهما فسادٌ في شيء، والآخر جِبلّة وخليقة. فالأوّل ساس الطّعامُ يَساسُ، وأساس يُسِيسُ، إذا فَسَدَ بشيء يقال لـه سُوس. وساست الشّاة تَسَاس، إذا كثر قَمْلها. ويقال إنَّ السَّوَسَ داءٌ يصيب الخيل في أعجازها.

وأمّا الكلمةُ الأخرى  فالسُّوس وهو الطّبع. ويقال: هذا من سُوس فلان، أي طبعه.

وأمَّا قولهم سُسْته أسُوسُه فهو محتملٌ أن يكون من هذا، كأنه يدلُّه على الطبع الكريم ويَحمِله عليه.

والسِّيساء([19]):  مُنتَظَم فَقَار الظهر. وماء مَسُوسٌ وكلأٌ مَسُوسٌ([20])، إذا كان نافعاً في المال([21])، وهي الإبل والغنم. والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــ

([1]) هو زيد الخيل كما في الحيوان (4: 339)، والشعر والشعراء في أثناء ترجمة الأعشى، ونقد الشعر

39. وروي أيضاً من قصيدة لمعقر البارقي في الأغاني (10: 44).

([2]) عجزه: * فأحداقهم تحت الحديد  خوازر *.

([3]) ديوان الحطيئة 69 واللسان (سوا).

([4]) ديوان الأعشى 66. وقد سبق تخريجه في (جنف). وصدره:

* تجانف عن جل اليمامة ناقتي *

([5]) في اللسان (19: 143) : "فارس الأحزاب"، تحريف. والبيت من أبيات فائية في الأغاني (14:

127) منسوبة إلى رجل من بني الحارث بن الخزرج، أو إلى حسان بن ثابت. وانظر تنبيه البكري على الأمالي 67.

([6]) ويروى أيضاً: "سوداء".

([7]) البيت في اللسان (سوأ).

([8]) سبق البيت في مادة (زير).

([9]) التكملة من اللسان. وفي المجمل "من" بدل "إلا".

([10]) البيت في اللسان (6: 55).

([11]) هو الأخطل. ديوانه 116. وقد سبق في (2: 73).

([12]) ضبط في الأصل والمجمل بكسر الهمزة، ويقال أيضاً بضمها.

([13]) البيت في المجمل واللسان (سوط).

([14]) البيت لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (سوف).

([15]) صدره كما في اللسان (سوف):

* فيا لهما من مرسلين لحاجة *

([16]) ديوان رؤبة 106.

([17]) الجمهرة (3: 48).

([18]) هو المتنخل الهذلي، كما في اللسان (سول) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 81، ونسخة الشنقيطي 44.

([19]) حقه أن يكون في مادة (سيس).

([20]) وصواب هاتين أن يكونا في مادة (مسس).

([21]) النافع الذي يشفي غلة العطش. وفي الأصل : "ذفعا" تحريف.

 

ـ (باب السين والياء وما يثلثهما)

(سيب) السين والياء والباء أصلٌ يدلُّ على استمرارِ شيءٍ وذهابِهِ. من ذلك سَيْبُ الماء: مجراه. وانْسَابت الحَيَّة انسياباً. ويقال سيَّبت الدّابّة: تركته حيث شاء. والسائبة: العبد يُسَيَّب من غير وَلاءٍ، يَضَعُ مالَهُ حيث شاء.

ومن الباب [السَّيْب([1])]، وهو العَطاء، كأنَّه شيءٌ أُجْرِيَ لـه. والسُّيُوب: الرِّكاز، كأنَّه عطاءٌ أجراه الله تعالى لمن وَجَده.

وممّا شذّ عن هذا الأصل السَّيَابُ، وهو البلح، الواحدة سَيَابةٌ.

(سيح) السين والياء والحاء أصلٌ صحيح، وقياسه قياسُ ما قبلَه. يقال ساح في الأرض. قال  الله جلّ ثناؤه: { فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}  [التوبة 2]، والسَّيْح: الماء الجاري، والمساييح في حديث علي كرَّم الله وجهه في قولـه: "أولئك مصابيح الدُّجَى، ليسوا بالمَذَاييع ولا المساييح البُذُر([2])"، فإنَّ المذاييع جمع مِذْيَاع، وهو الذي يُذيع السرّ لا يكتُمهُ. والمساييح، هم الذين يَسِيحون في الأرض بالنَّميمة والشّرّ والإفساد بين الناس.

ومما يدلُّ على صحّة هذا القياس قولُهم ساح الظّلُّ، إذا فاء. والسَّيْح:  العَباءة المخطَّطة. وسمِّي بذلك تشبيهاً لخطوطها بالشَّيء الجاري.

(سيد) السين والياء والدال كلمةٌ واحدةٌ، وهي السِّيد. قال قومٌ: السِّيد الذئب. وقال آخرون: وقد يسمَّى الأسَد سِيداً. وينشدون:

* كالسِّيد ذي اللِّبْدة المستأسِدِ الضّاري([3]) *

(سير) السين والياء والراء أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ وجَرَيان، يقال سار يسير سيراً، وذلك يكونُ ليلاً ونهاراً. والسِّيرة: الطَّريقة في الشيء والسُّنّة، لأنَّها تسير وتجري. يقال سارت، وسِرْتُها أنا. قال:

فلا تجزَعَنْ مِنْ سُنّة أنْتَ سِرتَها *** فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يسيرُها([4])

والسَّيْر:الجِلْد، معروف، وهو من هذا سمِّي بذلك لامتداده؛ كأنَّه يجري. وسَيَّرتُ الجُلَّ عن الدَّابَّة، إذا ألقيتَهُ عنه. والمُسَيَّر مِنَ الثِّيَاب: الذي فيه خطوط كأنَّه سيور.

(سيع) السين والياء والعين أصلٌ يدلُّ على جريانِ الشيء. فالسَّيْع: الماء الجاري على وجْه الأرض، يقال ساع وانساع. وانساع الجَمَد: ذاب. والسَّيَاع: ما يُطيَّن به الحائط. ويقال إنَّ السَّياع الشحمة تُطلَى بها المزادة. وقد سَيَّعَت المرأةُ مَزادتَها.

(سيف) السين والياء والفاء أصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء وطول. من ذلك السَّيف، سمِّيَ بذلك لامتداده. ويقال منه امرأةٌ سَيفانةٌ، إذا كانت شَطْبة وكأنَّها نَصْلُ سَيف. قال الخليل بن أحمد: لا يُوصَف به الرَّجُل.

وحدَّثني عليُّ بن إبراهيم* عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن  الكسائيّ: رجلٌ سيفانٌ وامرأةٌ سيفانة.

ومما يدلُّ على صحَّة هذا الاشتقاق، قولُهم سِيف البحر، وهو ما امتدَّ معه من ساحله ومنه السِّيف، ما كان ملتصقاً بأصول السَّعَف من الليف، وهو أردؤُه. قال:

* والسِّيفُ واللِّيف على هُدَّابِها([5]) *

فأمَّا السَّائفة من الأرض فمن هذه أيضاً، لأنَّه الرَّمل الذي يميل في الجَلَد ويمتدُّ معها. قالوا: وهو الذي يقال لـه العَدَاب([6]). قال أبو زِياد: السَّائفة([7])من الرَّمل ألينُ ما يكون منه. والأوَّل أصحّ. وهو قول النّضر؛ لأنّه أقيس وأشْبَه بالأصل الذي ذكرناه. وكلُّ ما كان من اللُّغة أقيَسَ فهو أصحُّ. وجمع السائفة سوائف. قال ذو الرمة:

تَبَسَّمُ عن أَلْمَى اللِّثاتِ كأنَّه *** ذُرَى أُقْحُوانٍ من أقاحِي السوائفِ([8])

وقال أيضاً:

..................... كأنَّها *** بسائفةٍ قفرٍ ظهورُ الأراقمِ([9])

فأمَّا قولهم أَسَفْتُ الخَرْزَ، إذا خَرمْتَه، فقد يجوزُ أن يكون شاذاً عن هذا الأصل، ويجوز أن يكونَ من ذوات الواو وتكون من السُّواف، وقد مضى ذِكره. يقال هو مُسيفٌ، إذا خَرَمَ الخرْز. قال الرَّاعي:

مَزَائدُ خَرقاءِ اليدينِ مُسيفةٍ ***  أخَبَّ بهنَّ المَخْلِفان وأحفَدَا([10])

(سيل) السين والياء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على جريانٍ وامتدادٍ. يقال سال الماء وغيرُهُ يسيل سَيْلاً وسَيلاناً. ومَسيل الماء. إذا جعلت الميم زائدة فمن هذا، وإذا جعلت الميم أصليّةً فمن بابٍ آخر، وقد ذكر.

فأمَّا السِّيلان من السَّيف والسِّكِّين، فهي الحديدةُ التي تُدخَل في النصال.

وسمعت عليّ بن إبراهيم القطّان يقول: سمعت عليَّ بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عُبيدٍ يقول: السِّيلان قد سمعتُه، ولم أسمَعْهُ من عالم.

وأمّا سِيَةُ القَوس([11])، وهي طرفها، فيقال إنَّ النسبة إليها سِيَويٌّ. والله أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل.

([2]) البذر: جمع بذور، كصبر وصبور، وهو الذي يذيع الأسرار.

([3]) الشطر في المجمل واللسان (سيد).

([4]) هو خالد بن زهير، أو خالد بن أخت أبي ذؤيب. انظر قصة الشعر في اللسان  (سير).

([5]) البيت من أبيات في اللسان (سيف).

([6]) العداب، بالدال المهملة. وفي الأصل: "العذاب"، تحريف.

([7]) أوردها اللسان في مادة (سوف).

([8]) ديوان ذي الرمة 279 واللسان (سوف) برواية: "تبسم عن".

([9]) البيت بتمامه كما في ديوان ذي الرمة 613:

وهل يرجع التسليم ربع كأنه *** بسائفة قفر ظهور الأراقم.

([10]) البيت في اللسان (سوف 67).

([11]) لم يعقد لهذه الكلمة مادة، ومادتها (سيو). وعقد لها في المجمل مادة (سيه) وزاد على ما هنا:"وكان رؤبة ربما همزها".

 

ـ (باب السين والهمزة وما يثلثهما)

(سأب) السين والهمزة والباء ليس أصلاً يتفرّع، لكنّهم يقولون سأبَهُ سأْبا، إذاخَنَقَه. والسأب: السِّقاء، وكذلك المِسْأَبُ.

فأمَّا التاء([1]) فيقولون أيضاً سأتَهُ إذا خَنَقه. وفي جميع ذلك نظر.

(سأد) السين والهمزة والدال كلمتان لا ينقاسان. فالإسْآد: دأَب السَّير بالليل.

والكلمة الأخرى السَّأَد: انتقاض الجُرح. وأنشد:

فبتُّ مِن ذاك ساهراً أرِقاً *** ألقى لِقاءَ اللاقي من السَّأَدِ([2])

وربما قالوا: سأدتِ الإِبلُ الماءَ: عافَتْه.

(سأل) السين والهمزة واللام كلمةٌ واحدةٌ. يقال سأل يسأل سؤالاً ومَسْأَلةً. ورجل سُؤَلةٌ: كثير السؤال.

(سأو) السين والهمزة والواو كلمةٌ مختلَفٌ في معناها. قال قوم: السّأو: الوطن. وقال قوم: السَّأو: الهمّة. قال:

كأنّني من هَوَى خَرْقاءَ مُطَّرَفٌ *** دامِي الأَظَلِّ بعيدُ السَّأوِ مَهيُومُ([3])

والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــــ

([1])ولم يعقد لهذه الكلمة مادة، وهي (سأت).

([2]) البيت في المجمل واللسان (سأد).

([3]) المهيوم: الذي أصابه الهيام، وهو داء يصيب الإبل من ماء تشربه. وفي الأصل: "مهموم"، صوابه من ديوان ذي الرّمة 569 واللسان (سأى).

 

ـ (باب السين والباء وما يثلثهما)

(سبت) السين والباء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على راحةٍ وسكون. يقال للسَّير السهل اللّين. سَبْتٌ. قال:

ومطوِيّة الأقرابِ أمّا نَهارُها *** فسَبْتٌ وأما ليلُها فَذَمِيل([1])

ثمّ حُمل على ذلك السَّبْت: حلق الرّأس. ويُنشَد في ذلك ما يصحح هذا القياسَ، وهو قولُه:

* يُصبح سكرانَ ويُمسِي سَبْتَا([2]) *

لأنَّه يكون في آخر النهار مُخْثِراً([3]) قليلَ الحركة فلذلك يقال للمتحيِّر مَسْبُوت. وأمَّا السَّبْت بعد الجمعة، فيقال إنَّه سمِّيَ بذلك لأنَّ الخلْق فُرغ منه يومَ الجمعة وأكمل، فلم يكن اليومُ الذي بعد الجمعة يوماً خُلِق فيه شيء. والله أعلم بذلك. هذا بالفتح. فأمَّا السِّبْت فالجلود *المدبوغة بالقَرَظِ، وكأنَّ ذلك سمِّي سِبْتاً لأنّه قد تناهى إصلاحُه، كما يقال للرُّطَبَة إذا جرى الإرطابُ فيها: مُنْسَبِتة.

(سبج) السين والباء والجيم ليس بشيء ولا لـه في اللغة العربيَّة أصلٌ.  يقولون السُّبْجة: قميصٌ لـه جَيب. قالوا: وهو بالفارسية "شَبِي([4])". والسَّبج: أيضاً ليس بشيء. وكذلك قولهم إنَّ السَّبَج حجارةُ الفضّة. وفي كل ذلك نظر.

(سبح) السين والباء والحاء أصلان: أحدهما جنسٌ من العبادة، والآخر جنسٌ من السَّعي. فَالأوَّل السُّبْحة، وهي الصَّلاة، ويختصّ بذلك ما كان نفلاً غير فَرض. يقول الفقهاء: يجمع المسافرُ بينَ الصَّلاتين ولا يُسبِّح بينهما، أي لا يتنفَّل بينهما بصلاةٍ. ومن الباب التَّسبيح، وهو تنْزيهُ الله جلَّ ثناؤه من كلِّ سوء. والتَّنْزيه: التبعيد. والعرب تقول: سبحان مِن كذا، أي ما أبعدَه. قال الأعشى:

أقولُ لمّا جاءني فخرُهُ  *** سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر([5])

وقال قوم : تأويلُهُ عجباً لـه إِذَا  يَفْخَر. وهذا قريبٌ من ذاك لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر. وفي صفات الله جلَّ وعز: سُبَّوح. واشتقاقه من الذي ذكرناه أنّه تنَزَّه من كل شيء لا ينبغي لـه. والسُّبُحات الذي جاء في الحديث([6]): جلال اللّه جلَّ ثناؤه وعظمته.

والأصل الآخر السَّبْح والسِّباحة: العَوم في الماء. والسّابح من الخيل: الحَسَنُ مدِّ اليدين في الجَرْي. قال:

فولَّيْتَ عنه يرتَمِي بِكَ سابحٌ  *** وقد قابَلَتْ أذْنَيه  منك الأخادعُ([7])

يقول : إنّك كنتَ تلتفتُ تخافُ الطّعنَ، فصار أخْدَعُك بحذاء أذُن فرسِك.

(سبخ) السين والباء والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خفّة في الشَّيء. يقال للذي يسقط مِنْ ريش الطّائرِ السَّبِيخ. ومنه الحديث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمِع عائشة تدعو على سارقٍ سَرَقَها، فقال: "لا تُسبِّخي عنه بدعائك عليه"، أي لا تخفِّفي. ويقال في الدّعاء: "اللهمَّ سَبِّخْ عنه الحُمَّى"، أي سُلَّها وخَفِّفْها. ويقال لما يتطاير من القُطن عند النَّدْف: السَّبِيخ. قال الشاعر يصف كِلاباً:

فأرسلوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كما  *** يُذْرِي سَبائخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوتَارِ([8])

وقد رُوِيَ  عن بعضهم([9]) أنَّه قرأ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْخَاً طَوِيلاً} [المزمل 7]، قال: وهو معنى السَّبْخ، وهو الفَراغ؛ لأنَّ الفارغ خفيف الأمر.

(سبد) السين والباء والدال عُظْمُ بابِهِ  نبات شعرٍ أو ما أشبهه. وقد يشذُّ الشيء اليسير. فالأصلُ قولُهم: "ماله سَبَدٌ ولا لَبَدٌ". فالسَّبَد: الشعر. واللَّبَد: الصوف. ويقولون: سَبَّدَ الفَرْخُ، إذا بدا رِيشُهُ وشَوَّكَ. ويقال إنَّ السُّبدَة العانة. والسُّبَد: طائر، وسمِّيَ بذلك لكثرة ريشه. فأمَّا التَّسبيد فيقال إنَّه استئصال شَعر الرأس، وهو من الباب لأنَّه كأنّه جاء إلى سَبَدِهِ فحلَقَه واستأصَله. ويقال إنَّ التسبيد كثرةُ غَسْل الرأس والتدهُّن.

والذي شذَّ عن هذا قولُهم: هو سِبْدُ أسبادٍ، أي داهٍ مُنْكَر. وقال:

* يعارض سِبْدا في العِنانِ عَمَرَّدا([10]) *

(سبر) السين والباء والراء، فيه ثلاث كلماتٍ متباينةُ القياس، لا يشبهُ بعضُها بعضاً.

فالأوَّلُ السَّبْر،  وهو رَوْزُ الأمْرِ وتعرُّف قدْرهِ. يقال خَبَرْتُ ما عند فلان وسَبَرْتُهُ. ويقال للحديدة التي يُعرف بها قدرُ الجِراحة مِسْبار.

والكلمة الثانية: السِّبْر، وهو الجمال والبهاء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج من النار رجلٌ قد ذهَبَ حِبره وسِبْرُهُ"، أي ذهب جمالُهُ وبهاؤُه. وقال أبو عمرو: أتيتُ حيّاً من العرب فلمَّا تكلّمتُ قال بعضُ مَنْ حضر: "أما اللسانُ فبدويٌّ، وأما السِّبْر فحضريّ". وقال ابنُ أحمر:

لبِسنا حِبْرهُ حتى اقتُضِينا  *** لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا([11])

وأما الكلمة الثالثة فالسَّبْرَة، وهي الغَدَاة الباردة. وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَضْلَ إسباغ الوُضوء في السَّبَرَات([12]).

(سبط) السين والباء والطاء أصلٌ يدلُّ على امتداد شيء، وكأنه مقاربٌ لباب الباء والسين والطاء، يقال شعر سَبْط وسَبَِطٌ، إذا لم يكن جَعداً. ويقال أَسْبَطَ الرَّجلُ إِسباطاً، إذا امتدَّ وانبسط بعدما يُضرَب. والسُّباطة: الكُناسة، وسمِّيت بذلك لأنَّها لا يُحتَفَظُ بها ولا تحْتَجن. ومنه الحديث: "أتى سُبَاطَةَ قومٍ فبال قائماً؛ لوجعٍ كان بمأبِضه"([13]). والسَّبَط: نباتٌ في الرمل، ويقال إنَّه رَطب الحَلِيِّ؛ ولعلَّ فيه امتداداً.

(سبع) السين والباء والعين أصلان مطردان صحيحان: أحدهما في العَدَد، والآخر شيءٌ من الوحوش.

فالأوّل السَّبْعة. والسُّبْع: جزءٌ من سبعة. ويقال سَبَعْت القومَ أسْبَعُهم إذا أخذت سُبْع أموالهم  أو كنتَ لهم سابعاً. ومن ذلك قولهم: هو سُباعيُّ البدَن، إذا كان تامَّ البدن. والسِّبع: ظمءٌ من أظماء الإبل، وهو لعددٍ معلوم عندهم. وأما الآخر فالسَّبُع واحدٌ من السّباع. وأرض مَسْبَعَةٌ، إذا كثُر سِباعُها.

ومن الباب سَبعْتُهُ، إذا وقَعتَ فيه، كأنه شبّه نفسه بسبُع في ضرره وعَضّه. وأسبعته: أطعمته السَّبع. وسَبعتِ الذّئابُ الغنَم، إذا فرستْها وأكلَتْها.

فأمّا قول أبي ذؤيب:

صَخِبُ الشَّواربِ لا يزالُ كأنَّهُ  *** عبدٌ لآلِ أبي ربيعةَ مُسْبَعُ([14])

ففيه أقاويل: أحدهما المُتْرَف، كأنَّه عبد مترف، له ما يتمتَّعُ به، فهو دائم النَّشاط. ويقال إنَّه الرَّاعي، ويقال هو الذي تموت أمُّه فيتولى إرضاعَهُ غيرُها. ويقال المُسبَع مَنْ لم يكن لِرشْدة. ويقال هو الراعي الذي أغارت السباع على غنمه فهو يصيحُ بالكلاب والسِّباع. ويقال هو الذي هو عبدٌ إلى سبعة آباء. ويقال هو الذي وُلد لسبعة أشهر. ويقال المُسبَع: المُهمَل. وتقول العرب: لأفعلنَّ به فِعْل سَبْعة؛ يريدون به المبالغة في الشر. ويقال أراد بالسَّبعة اللَّبُؤة، أراد سَبعةٍ فَخَفّف.

(سبغ) السين والباء والغين أصلٌ واحد يدلُّ على تمامِ الشيء وكماله. يقال أَسْبَغْتُ الأمر، وأسْبَغَ فلان وضوءَه. ويقال أسبغ الله عليه نِعَمَه. ورجل مُسْبِغ، أي عليه درعٌ سابغة. وفحل سابغٌ: طويل الجُرْدَان([15])، وضدُّه الكَمْش. ويقال سَبَّغَت الناقةُ، إذا ألقت ولدَها وقد أَشْعَرَ.

(سبق) السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقديم. يقال سَبَقَ يَسْبِق سَبْقاً. فأما السَّبَق فهو الخَطَر الذي يأخذه السَّابق.

(سبك) السين والباء والكاف أُصَيلٍ يدل على التناهي في إمهاء الشيء([16]). من ذلك: سَبَكْتُ الفضة وغيرَها أَسْبِكُها سَبْكَاً. وهذا يستعار في غير الإذابة أيضاً. [والسُّنبُك: طرف الحافر([17])]. فأما السُّنْبُك من الأرض فاستعارةٌ، طَرفٌ غليظٌ قليل الخير.

(سبل) السين والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على إرسال شيءٍ من عُلو إلى سُفل، وعلى امتداد شيء.

فالأوّل من قِيلِكَ: أسبلتُ السِّتْرَ، وأسبلَتِ السَّحابةُ ماءَها وبمائِها. والسَّبَل: المطر الجَوْد. وسِبال الإنسان من هذا، لأنّه شعر منسدل. وقولهم لأعالي الدَّلو أسبْال، من هذا، كأنَّها شُبِّهَت بالذي ذكرناه من الإنسان. قال:

إِذْ أرسَلوني ماتحاً بدلائهمْ *** فملأْتُها عَلَقَاً إلى أسبالِها([18])

والممتدُّ طولاً: السّبيل، وهو الطَّريق، سمِّي بذلك لامتداده. والسَّابلة: المختلِفَةُ في السُّبُل جائيةً وذاهبة. وسمِّي السُّنْبُل سُنْبُلا لامتداده. يقال أَسبَلَ الزّرعُ، إذا خَرَج سُنبله. قال أبو عبيد: سَبَلُ الزَّرعِ وسُنْبُلُه سواء. وقد سَبَلَ([19]) وأَسْبَلَ.

(سبه) السين والباء والهاء كلمةٌ، وهي تدلُّ على ضعف العقل أو ذَهابه. فالسبَه: ذهاب العقل من هَرَم، يقال رجل مَسْبُوهٌ ومُسَبَّه، وهو قريب من  المسبوت، والقياس* فيهما واحد.

(سبي) السين والباء والياء أصلٌ واحد يدلُّ على أخذِ شي من بلد إلى بلد آخر كرْهَاً([20]). من ذلك السَّبْيُ، يقال سَبَى الجاريَةَ يَسبيها سبْياً فهو سابٍ، والمأخوذة سَبِيَّة. وكذلك الخمرُ  تُحمَل من أرضٍ إلى أرض. يَفْرِقُونَ بين سَبَاهَا وسَبَأها. فأما سِباؤها فاشتراؤُها. يقال سَبَأْتها، ولا يقال ذلك إلاَّ في الخمر. ويسمون الخَمَّار السَّبَّاء. والقياس في ذلك واحد.

ومما شذَّ عن هذا الأصل السَّابياء، وهي الجِلْدة التي يكون فيها الولد. والسَّابِيَاء: النِّتَاج([21]). يقال إنَّ بني فلان ترُوح عليهم من مالهم سَابِياء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تسعة أعشارِ الرِّزق في التجارة. والجزء الباقي في السَّابياء".

ومما يقرب من الباب الأوّل الأسابيّ، وهي الطرائق. ويقال أسابيُّ الدِّماء، وهي طرائقها، قال سلامة:

والعادِيَاتُ أسابيُّ الدِّماء بها *** كأنَّ أعناقَها أنصابُ ترجيبِ([22])

وإذا كان ما بعدَ الباء من هذه الكلمة مهموزاً خالف المعنى الأوَّل، وكان على أربعةِ معانٍ مختلفة: فالأول سبأت الجِلد، إذا محَشْته حتى أُحرِق شيئاً من أعاليه. والثّاني سبأت جلده: سلختُهُ. [والثالث سَبَأَ فلانٌ([23])]  على يمين كاذبةٍ، إذا مرَّ عليها غير مكترث.

ومما يشتق من هذا قولهم : انْسبَأ اللّبن، إذا خَرج من الضَّرع. والمَسبْأ: الطَّريق في الجبل.

والمعنى الرابع قولهم: ذهبوا أيادي سبأ، أي متفرِّقين. وهذا من تفرُّقِ أهل اليمن. وسبأ: رجل يجمع([24]) عامّة قبائل اليمن، ويسمَّى أيضاً بلدُهم بهذا الاسم. والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) كلمة "ليلها" ساقطة من الأصل، وإثباتها من اللسان (سبت)، حيث نسب البيت إلى حميد بن ثور.

([2]) في اللسان: "يصبح مخمورا".

([3]) المخثر: الذي يجد الشيء القليل من الوجع والفترة.

([4]) فسرت هذه الكلمة  في معجم استينجاس 732 بأنها قميص يلبس في المساء.

([5]) ديوان الأعشى 106 واللسان (سبح).

([6]) هو حديث : "إن لله دون العرش سبعين حجاباً لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجه ربنا".

([7]) أنشده في المجمل أيضاً.

([8]) البيت للأخطل في ديوانه 115 واللسان والتاج (سبخ).

([9]) هي قراءة يحيى بن يعمر، كما في اللسان.

([10]) للمعذل بن عبد الله. وصدره كما في اللسان (سبد):

* من السح جوالا كأن غلامه *

([11]) في الأصل: "وآل قضينا".

([12]) في الأصل: "فضل له سباغ الوضوء في السبرات"، تحريف. وفي اللسان: "وفي الحديث: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ فسكت. ثم وضع الرب تعالى يده بين كتفيه فألهمه. إلى أن قال: في المضي إلى الجمعات، وإسباغ الوضوء في السبرات".

([13]) المأبض: بكسر الباء: باطن الركبة والمرفق.

([14]) ديوان أبي ذؤيب: 4 واللسان (سبع).

([15]) الجرادن بضم الجيم وبعد الراء دال مهملة: قضيبه. في الأصل: "الجرذان"، تحريف.

([16]) الإمهاء: الإسالة. وفي الأصل: "إنهاء الشيء".

([17]) التكملة من المجمل.

([18]) البيت لباعث بن صريم اليشكري، كما في اللسان (سبل).

([19]) وكذا في المجمل، والمعروف بدلها "سنبل".

([20]) بعدها في الأصل: من "المأخوذة" مقحمتان.

([21]) في الأصل: "السباج"، صوابه ما أثبت من اللسان.

([22]) ديوان سلامة  8 واللسان (سبي).

([23]) تكملة استضأت بالمجمل في إثباتها.

([24]) في الأصل: "بجميع"، صوابه في المجمل.

 

ـ (باب السين والتاء وما يثلثهما)

(ستر) السين والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على الغِطاءِ. تقول: سترت الشيء ستراً. والسُّتْرَة: ما استترت به، كائناً ما كان. وكذلك السِّتَار([1]). فأمَّا الإستار، وقولهم إستار الكعبة، فالأغلبُ أنه من السِّتْر، وكأنَّه أراد به ما تُستَر به الكعبة من لباسٍ. إلاَّ أنَّ قوماً زعموا أنْ ليس ذلك من اللِّباس، وإنما هو من العَدَد. قالوا: والعرب تسمِّي الأربعة الإستار([2])، ويحتجُّون بقول الأخطل:

لعمرك إنَّني وابنَيْ جُعَيْلٍ *** وأُمَّهُمَا لَإِسْتَارٌ لئيمُ([3])

ويقول جرير:

قُرِنَ الفرزدقُ والبَعيثُ وأمُّه *** وأبُو الفرزدق قُبِّحَ الإستارُ([4])

قالوا: فأستار الكعبة: جُدرانها وجوانبها، وهي أربعة، وهذا شيءٌ قد قيل، والله أعلم بصحته.

(ستن) السين والتاء والنون ليس بأصل يتفرَّع، لأنَّه نبت، ويقال لـه الأسْتَنُ. وفيه يقول النابغة:

تَنِفرُ مِن أَسْتَنٍ سُودٍ أسافلُهُ *** مثل الإماءِ اللّواتي تَحمِل الحُزَما([5])

(سجح) السين والجيم والحاء أصل منقاس، يدلُّ على استقامةٍ وحسن. والسُّجُح: الشّيء المستقيم. ويقال: "مَلَكْتَ فأَسْجِحْ"، أي أَحْسِن العَفْو. ووجهٌ أَسْجَحُ، أي مستقيم الصُّورة. قال ذو الرمَّة:

* ووجهٌ كمرآةِ الغريبة أسجحُ([6]) *

وهذا كلُّه من قولهم: تنَحَّ عن سُجُْح الطَّريقِ([7])، أي عن جادّته ومستقيمه.

(سجد) السين والجيم والدال أصلٌ واحدٌ مطّرد يدلّ على تطامُن وذلّ. يقال سجد، إذا تطَامَنَ. وكلُّ ما ذلَّ فقد سجد. قال أبو عمرو: أسْجَدَ الرَّجُل، إذا طأطأَ رأسَهُ وانحنى. قال حُميد:

فُضُولَ أزِمّتِها أسْجَدَتْ *** سُجودَ النَّصارى لأربابِها([8])

وقال أبو عبيدة مثلَه، وقال: أنشدَني أعرابيٌّ أسديّ:

* وقُلنَ له أَسْجِدْ لليلَى فأسْجَدَا([9]) *

يعني البعيرَ إذا طأطأَ رأسه. وأما قولهم: أسجَدَ إِسجاداً، إذا أدام النَّظر، فهذا صحيحٌ، إلاَّ أن القياسَ يقتضي ذلك في خَفض، ولا يكون *النّظرَ الشّاخصَ ولا الشزْر. يدلُّ على ذلك قولُهُ:

أَغَرَّكِ مِنِّي أنَّ دَلَّكِ عندنا *** وإِسجادَ عينيكِ الصَّيُودَينِ رابحُ([10])

ودراهم الإسجاد: درَاهمُ كانت عليها صورٌ، فيها صورُ ملوكهم، وكانوا إذا رأوها سَجَدُوا لها. وهذا في الفُرس. وهو الذي يقول فيه الأسود:

مِنْ خَمرِ ذِي نُطَفٍ أغَنَّ مُنَطّقٍ *** وافَى بها لِدراهم الإِسجادِ([11])

(سجر) السين والجيم والراء أصولٌ ثلاثة: المَلء، والمخالطة، والإيقاد.

فأمّا الملء، فمنه البحر المسجور، أي المملوء. ويقال للموضع الذي يأتي عليه السّيلُ فيملؤه: ساجر. قال الشّمّاخ:

* كُلَّ حِسْيٍ وسَاجِرِ([12]) *

ومن هذا الباب، الشَّعر المنْسجِرُ، وهو الذي يَفِرُ([13])حتى يَسترسلَ من كثرته. قال:

* إذا ما انثَنَى شَعْرُها المنْسجِرْ([14]) *

وأمَّا المخالَطة فالسّجير: الصاحب والخليط، وهو خلاف الشَّجير. ومنه عينٌ سَجْراءُ، إذا خالط بياضَها حمرة.

وأمَّا الإيقاد فقولهم : سجرت التّنُّور، إذا أوقدتَه، والسَّجُور: ما يُسجَرُ به التّنُّور. قال:

ويوم كتَنُّور الإماءِ سَجَرْنَهُ *** وألَقْيَنَ فيه الجَزْلَ حَتَّى تأجَّمَا([15])

ويقال للسَّجُور السجار([16]).

ومما يقارب هذا استَجَرَت([17])الإِبل على نَجَائِها، إذا جدّت، كأنَّها تتَّقد في سيرها اتّقاداً. ومنه سَجَرَت النّاقةُ، إذا حَنَّتْ حنيناً شديداً.

(سجع) السين والجيم والعين أصلٌ يدلُّ على صوت متوازن. من ذلك السَّجع في الكلام، وهو أن يُؤتَى به وله فواصلُ كقوافِي الشِّعر، كقولهم: "مَنْ قَلَّ ذَلّ، ومن أَمِِرَ فَلّ"، وكقولهم: "لا ماءَكِ أَبقيْتِ، ولا دَرَنَكِ أنْقَيْت". ويقال سجَعت الحمامةُ، إذا هَدَرَتْ.

(سجف) السين والجيم والفاء أصلٌ واحد، وهو إسبال شيءٍ ساتر. يقال أسجفت السِّتر: أرسلتُهُ. والسَّجْف والسِّجف([18]): سِتر الحَجَلة. ويقال أسجَفَ اللّيلُ، مثل أسدَفَ.

(سجل) السين والجيم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انصبابِ شيءٍ بعد امتلائِهِ. من ذلك السَّجْل، وهو الدَّلو العظيمة. ويقال سَجَلت الماءَ فانسجَلَ، وذلك إذا صَبْبَته. ويقال للضَّرْع الممتلئ سَجْل([19]). والمساجلة: المفاخرة، والأصل في الدِّلاء، إذا تساجَلَ الرجلان، وذلك تنازعُهما، يريد كلُّ واحدٍ منهما غلبةَ صاحبه. ومن ذلك الشّيء المُسْجَل، وهو المبذول لكلِّ أحد، كأنَّه قد صُبَّ صبّاً.  قال محمّد بن علي في قوله تعالى: {هل جَزَاءُ الإحْسَانِ إلاَّ الإحْسَانُ}  [الرحمن 60]: هي مُسْجَلَة للبَرِّ والفاجر. وقال الشاعر في المُسْجَل:

* وأصَبَحَ معروفي لقومِيَ مُسْجَلا *

فأما السِّجِلّ فمن السَّجْل والمساجلة، وذلك أنَّه كتَابٌ يجمَع كتباً ومعانيَ. وفيه أيضاً كالمساجلة، لأنّه عن منازعةٍ ومُداعاة. ومن ذلك قولهم: الحرب سِجَالٌ، أي مباراةٌ مرَّة كذا ومرةً كذا. وفي كتاب الخليل: السَّجْل: ملء الدلو. وأما السِّجِّيل فمن السِّجِلّ، وقد يحتمل أن يكون مشتقاً من بعض ما ذكرناه. وقالوا: السِّجِّيل: الشديد.

(سجم) السين والجيم والميم أصلٌ واحدٌ، وهو صبُّ الشّيء من الماء والدَّمعِ. يقال سَجَمَت العينُ دَمعَها. وعينٌ سَجوم، ودمعٌ مسجوم. ويقال أرض مسجومة: ممطورة.

(سجن) السين والجيم والنون أصلٌ واحد، وهو الحَبْس. يقال سجنته سَجناً. والسِّجن: المكان يُسجَن فيه الإنسان. قال الله جلَّ ثناؤه في قصّة يوسف عليه السلام: {قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف 33]. فيقرأ فتحاً على المصدر، وكسراً على الموضع([20])، وأما قولُ ابنِ مُقْبل:

* ضرباً تَوَاصَى به الأبطالُ سِجِّينا([21]) *

فقيل إنَّهُ أراد سِجِّيلاً. أي شديداً. وقد مضى ذِكرُهُ. وإِنَّما أبدل اللام نوناً. والوجه في هذا أنَّهُ قياس الأوَّل من السَّجن، وهو الحبس؛ لأنَّه إذا كان ضرباً شديداً ثبت المضروب، كأنَّه قد حبسه.

(سجو) السين والجيم والواو أصلٌ يدلُّ على سكونٍ وإطباق. يقال* سَجَا اللّيلُ، إذا ادلهمَّ وسكَن. وقال:

يا حبَّذَا القَمراءُ واللَّيْلُ السَّاجْ *** وطُرقٌ مثلُ مُلاءِ النُّسَّاجْ([22])

وطرف ساجٍ، أي ساكن.

ــــــــــــــــ

([1]) والستارة ، بالهاء أيضاً.

([2]) ذكر في اللسان والمعرب 42 أنه معرب "جهار" الفارسية، بمعنى أربعة. على أن اللفظ "استار" في الفارسية يظن أنَّه مأخوذ من اليونانية. انظر استينجاس 49.

([3]) ديوان الأخطل 297 واللسان (ستر) . وابنا جعيل، هما كعب وعمير.

([4]) كذا وردت الرواية في الأصل والمجمل والديوان 208. ورواية اللسان:

إن الفرزدق والبعيث وأمه *** وأبا البعيث لشر ما إستار

([5]) ديوان النابغة 68 واللسان (ستن).

([6]) صدره كما في الديوان 88 واللسان (حشر): * لها أذنٌ حشرٌ وذِفْرَى أسيلة *

([7]) سجح الطريق، بالضم وبضمتين.

([8]) ذكر ابن بري أن صواب إنشاده: "لأحبارها". وقبله:

فلما لوين على معصم  *** وكف خضيب وأسوارها

([9]) الشطر في المجمل واللسان (سجد).

([10]) البيت لكثير عزة كما في اللسان (سجد).

([11]) البيت في اللسان (سجد). وقصيدة الأسود بن يعفر في المفضليات (2: 16-20).

([12]) البيت لم يرد في الديوان. وهو بتمامه كما في اللسان (سجر):

وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر *** ببطن المراض كل حسي وساجر

([13]) وفر يفر، كوعد يعد، ويقال أيضاً وفر يوفر من باب كرم، أي كثر.

([14]) وكذا روايته في المجمل. وفي اللسان (6: 9): "شعره المنسجر". لكن في اللسان (6: 10):  * إذا ثنى فرعها المسجر *.

بعد أن ذكر قبله:" المسجر: الشعر المسترسل". على أنه يقال المسجّر، بتشديد الجيم، والمنسجر، والمسوجر أيضاً.

([15]) البيت لعبيد بن أيوب العنبري، "كما في اللسان (أجم)". وتأجم، مثل تأجج، وزناً ومعنى. وبعده:

رميت بنفسي في أجيج سمومه *** وبالعنس حتى جاش منسمها دما

([16]) لم أجد هذه الكلمة في غير المقاييس. ولا أدري ضبطها.

([17]) في اللسان والمجمل: "انسجرت".

([18]) في الأصل: "السجيف"، محرف.

([19]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "السجيل"، و"الأسجل".

([20]) قرأ بالفتح عثمان ومولاه طارق، وزيد بن علي، والزهري، وابن أبي إسحاق، وابن هرمز، ويعقوب. تفسير ابن حيان (5: 306).

([21]) في اللسان "تواصت به". وصدره: *ورجلة يضربون الهام عن عرض*.

([22]) الرجز لأحد الحارثيين، كما في اللسان (سجا).

 

ـ (باب السين والحاء وما يثلثهما)

(سحر) السين والحاء والراء أصولٌ ثلاثة متباينة: أحدها عضْوٌ من الأعضاء، والآخر خَدْعٌ وشِبههُ، والثالث وقتٌ من الأوقات.

فالعُضْو السَّحْر، وهو ما لَصِقَ بالحُلقوم والمَرِيء من أعلى البطن. ويقال بل هي الرِّئة. ويقال منه للجبان: انتفَخَ سَحْرُه. ويقال له السُّحْر والسَّحْر والسَّحَر.

وأمّا الثّاني فالسِّحْر، قال قوم: هو إخراج الباطل في صورة الحقِّ، ويقال هو الخديعة. واحتجُّوا بقول القائل:

فإِنْ تسألِينا فيمَ نحنُ فإننا  *** عصافيرُ من هذا الأنام المسحَّرِ([1])

كأنَّه أراد المخدوع، الذي خدعَتْه الدُّنيا وغرَّتْه. ويقال المُسَحَّر الذي جُعِلَ لـه سَحْر، ومن كان ذا سَحْر لم يجد بُدَّاً  من مَطعَم ومشرب.

وأمَّا الوقت فالسَّحَر، والسُّحْرة، وهو قَبْل الصُّبْح([2]). وجمع السَّحَر أسحار. ويقولون: أتيتُك سَحَرَ، إذا كان ليومٍ بعينه. فإن أراد بكرةً وسَحَراً من الأسحار قال: أتيتك سَحَراً.

(سحط) السين والحاء والطاء كلمة. يقولون: السَّحط: الذَّبْح الوَحِيّ.([3])

(سحف) السين والحاء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو تنحِيَة الشّيء عن الشيء، وكشفُه. من ذلك سَحفْت الشَّعرَ عن الجلدِ، إذا كشطْتَه حتّى لا يبقى منه شيء. وهو في شعر زهير:

* وما سُحِفَتْ فيه المقاديمُ والقَمْلُ([4]) *

والسَّيْحَفُ: نصالٌ عِراض، في قول الشّنفَرَى:

لها وفْضَةٌ فيها ثلاثونَ سَيْحَفاً *** إِذا آنَسَتْ أُولَى العديِّ اقشعرَّتِ([5])

والسَّحيفة([6]): واحدة السحائف، وهي طرائق الشَّحم الملتزقة بالجلد، وناقةٌ سَحْوفٌ من ذلك. وسمِّيت بذلك لأنّها تُسحَفُ أي يمكن كشْطها. والسَّحِيفة: المَطْرة تجرُف ما مَرَّت به.

(سحق) السين والحاء والقاف أصلان: أحدهما البعد، والآخر إنهاك الشَيء حتى يُبلغ به إلى حال البِلَى.

فالأوّل السُّحْق، وهو البُعد، قال الله جلَّ ثناؤه: {فَسُحْقاً لأَصْحابِ

السَّعِيرِ}  [الملك 11]. والسَّحُوق: النَّخلة الطويلة، وسمِّيت بذلك لبعد أعلاها عن الأرض.

والأصل الثاني: سَحَقت الشيء أسحَقُهُ سَحقاً. والسَّحْق: الثوب البالي. ويقال سَحَقه البِلى فانسحق. ويستعار هذا حتَّى يقال إنَّ العين تسحق الدَّمع سحقاً. وأسحق الشَّيءُ، إذا انضمر وانضمّ. وأسحَقَ الضَّرعُ، إذا ذهب لبنُهُ وبَلِيَ.

(سحل) السين والحاء واللام ثلاثة أصول: أحدها كَشْط شيءٍ عن شيء، والآخَر من الصَّوت، والآخر تسهيلُ شيءٍ وتعجيلُه.

فالأوَّل قولهم: سَحَلت الرِّياحُ الأرضَ، إذا كشطت عنها أَدَمتَها. قال ابن دريدٍ وغيره: ساحل البحر مقلوب في اللفظ، وهو في المعنى مَسحُولٌ، لأنَّ الماءَ سَحله. وأصلُ ذلك قولهم سَحلت الحديدةَ أسحَلُها. وذلك إذا بَرَدْتَها. ويقال للبُرادة السُّحالة. والسحْل: الثّوب الأبيض، كأنّه قد سُحِل من وسَخِه ودَرَنِهِ سَحْلا. وجمعه السُّحُل. قال:

كالسُّحُلِ البِيضِ جَلا لونَها *** سَحُّ نِجَاءِ الحَمَل الأَسْوَلِ([7])

والأصل الثاني: السَّحيل: نُهاق الحمار، وكذلك السُّحال. ولذلك يسمَّى الحِمارُ مِسْحَلاً.

ومن الباب المِسحَل لِلسانِ الخطيب، والرَّجُلِ الخطيب.

والأصل الثالث: قولهم سَحَلَهُ مائةً، إذا عَجّل له نَقْدَها. ويستعار هذا فيقال سحله مائةً، إذا ضربه مائةً عاجلاً.([8])

ومن الباب السَّحِيل: الخيط الذي فُتِلَ  فَتْلاً رِخْوا. وخِلافُهُ المبرَمِ والبريم، وهو في شعر زهير:

* مِن سَحِيلٍ ومُبْرَمِ([9]) *

ومما شَذَّ عن هذه الأصول المِسْحلان، وهما حَلْقتان على طرفَيْ شَكِيمِ اللِّجام. والإِسْحِلُ: شجر.

(سحم) السين والحاء والميم* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سواد. فالأسحم: [ذو] السواد، وسوادُهُ السُّحْمَة. ويقال للَّيل أسحم. قال الشاعر:

رضيعَيْ لِبَانٍ ثَدْي أمٍّ تقاسما *** بأسحَمَ داجٍ عَوضُ لا نتفرّق([10])

والأَسحم: السحاب الأسود. قال النابغة:

* بأَسْحَمَ دانٍ مُزْنُهُ متصوّبُ([11]) *

والأَسحم: القرن الأسود، في قول زهير:

*وتَذْبيبُها عنها بأَسحَمَ مِذْوَدِ([12]) *

(سحن) السين والحاء والنون ثلاثة أصول: أحدها الكسر، والآخَر اللَّون والهيئة، والثالث المخالطة.

فالأوَّل قولهم: سَحَنْت الحجر، إذا كَسَرتَه. والمِسْحَنة، هي التي تُكسَر بها الحِجارة، والجمع مَساحن. قال الهذليّ([13]):

* كما صَرَفَتْ فوق الجُذَاذ المساحنُ([14]) *

والأصل الثاني: السَّحنة: لِينُ البَشَرة. والسَّحناء: الهيئة. وفرسٌ مُسْحَنَة([15]) أي حسنة المنظر. وناسٌ يقولون: السَّحَناء على فَعَلاء بفتح العين، كما يقولون في ثَأْداء ثَأَداء([16]). وهذا ليس بشيء، ولا له قياس، إنّما هو ثأْدَاء وسَحْناء على فعلاء. وأما الأصل الثالث فقولهم: ساحَنتُك مساحنةً، أي خالطتُكَ وفاوضتُك.

(سحو) السين والحاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على قشر شيء عن شيء، أو أخذِ شيءٍ يسير. من ذلك سَحَوت القِرطاسَ أسحوه. وتلك السِّحاءَة.([17]) وفي السماء سِحَاءَة من سحاب. فإذا شددته بالسِّحاءَة قلتَ سَحَيْتُه، ولو قلت سحوتُهُ ما كان به بأس. ويقال سَحَوت الطِّينَ عن وجه الأرض بالمسْحاة أسحوه سَحواً وسَحياً، وأسحاه أيضاً، وأَسحِيه: ثلاث لغات. ورجلٌ أُسْحُوانٌ: كثير الأكل كأنَّه يسحو الطّعامَ عن وجه المائدة أكلاً، حتَّى تبدُوَ المائدة. ومَطْرةٌ ساحية: تقشِر وجه الأرض.

(سحب) السين والحاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جرِّ شيء مبسوطٍ ومَدِّه. تقول: سحبتُ ذيِلي بالأرضِ سحبا. وسمِّي السَّحابُ سحاباً تشبيهاً له بذلك، كأنه ينسحب في الهواء انسحاباً. ويستعيرون هذا فيقولون: تسحّب فلانٌ على فلانٍ، إذا اجتَرَأَ عليه، كأنَّه امتدَّ عليه امتداداً. هذا هو القياس الصحيح. وناسٌ يقولون: السَّحْب: شدّة الأكل. وأظنُّهُ تصحيفاً؛ لأنّه لا قياس له، وإِنّما هو السَّحْت.

(سحت) السين والحاء والتاء أصلٌ صحيح منقاس. يقال سُحِت الشيء، إذا استُؤصل، وأُسْحِت. يقال سحت الله الكافر بعذابٍ، إذا استأصله. ومال مسحوتٌ ومُسْحَت في قول الفرزدق:

وعَضُّ زمانٍ يا بنَ مروانَ لم يَدَعْ *** من المال إلاّ مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ([18])

 

ومن الباب: رجلٌ مسحوت الجوف، إذا كان لا يشبَع، كأنَّ الذي يبلعه يُستأصل من جوفِه، فلا يبقى. المال السُّحْـت: كلُّ حرامٍ يلزمُ آكلَه العارُ؛ وسمِّي سُحتاً لأنّه لا بقاء لـه. ويقال أَسْحَت في تجارته، إذا كَسَبَ السُّحت. وأسْحَت مالَهُ: أفسده.

(سحج) السين والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على قشر الشيء. يقال انْسَحج القِشر عن الشيء. وحمار مُسَحَّج، أي مكدَّم، كأنه يكدّم حتى يُسحجَ جلدُه. ويقال بعيرٌ سَحَّاج، إذا كان يَسحَج الأرضَ بخفّه، كأنّه يريد قشر وجهها بخفّه، وإذا فعل ذلك لم يلبث أن يَحْفَى. وناقة مِسْحاجٌ، إذا كانت تفعل ذلك.

ـــــــــــــ

([1]) البيت للبيد بن ربيعة كما في ديوانه 81 طبع 1880 والبيان (1: 179 مكتبة الجاحظ)، والحيوان: (5: 229/ 7: 63) واللسان (سحر).

([2]) في المجمل: "والسحر قبيل الصبح".

([3]) الوحي: العاجل السريع.

([4]) في الأصل: "المقالم"، تحريف، صوابه من الديوان 99، واللسان (سحف)، وصدره:

* فأقسمت جهداً بالمنازل من منى *

([5]) البيت في اللسان (سحف). وقصيدته في المفضليات: (1: 106).

([6]) في الأصل: "والسحف"، صوابه من المجمل.

([7]) البيت للمتنخل الهذلي، وقد سبق إنشاده في (سول).

([8]) جعله في اللسان من القشر، قال: "سحله مائة سوط سحلا: ضربه فقشر جلده".

([9]) من بيت في معلقته. وهو بتمامه:

يميناً لنعم السيدان وجدتما *** على كل حال من سحيل ومبرم.

([10]) للأعشى في ديوانه 150 واللسان (سحم) وسيأتي منسوباً في (عوض).

([11]) ليس في ديوانه. وصدره كما في اللسان (سحم):

* عفا آيه صوب الجنوب مع الصبا *.

([12]) في الأصل: "وتذيبها"، صوابه في الديوان 229 واللسان (سحم). وصدره * نجاء مجد ليس فيه وتيرة *. عنها، أي عن نفسها. وفي اللسان: "عنه"، تحريف.

([13]) هو المعطل الهذلي. وقد سبق إنشاد البيت في (جذ).

([14]) صدره:                    * وفهم بن عمرو يعلكون ضريسهم *.

([15]) ضبطت بفتح الحاء في الأصل والمجمل. وفي اللسان بالكسر ضبط قلم، وقيد في القاموس "كمحسن". ثم قال: "وهي بهاء".

([16]) نسب القول إلى الفراء في اللسان، وقال: "قال أبو عبيد: ولم أسمع أحداً يقولهما بالتحريك غيره".

([17]) السحاءة والسحاية: ما انقشر من الشيء.

([18]) ديوان الفرزدق 556 واللسان (سحت، جلف)، والخزانة (2: 347) وقبله:

إليك أمير المؤمنين رمت بنا  *** هموم المنى والهوجل المتعسف

 

 

ـ (باب السين والخاء وما يثلثهما )

(سخد) السين والخاء والدال أصلٌ. فيه السَّخْد، وهو الماء الذي يخرج مع الولد. ولذلك يقال: أصبح فلان مُسْخَداً، إذا أصبح خاثِر النفس ثقيلاً. وربَّما قالوا للذي يخرج من بطن المولود قبل أن يأكل: السُّخْد. وهذا مُختلَف فيه، فمنهم من يقول سُخْد، ومنهم من يقول بالتاء سُخْت. وكذلك حُدِّثنا به عن ثَعْلب في آخر كتابه الذي أسماه الفصيح([1]). وقال بعض أهل اللُّغة: إنَّ السُّخْد الورَم، وهو ذلك القياس.

(سخر) السين* والخاء والراء أصلٌ مطّرد مستقيم يدلُّ على احتقار  واستذلال. من ذلك قولنا سَخَّر الله عزَّ وجَلَّ الشيء، وذلك إذا ذَلَّلَه لأمره وإرادته. قال الله جلّ ثناؤه: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجاثية 13]. ويقال رجل سُخْرةُ: يُسَخَّر في العمل، وسُخْرةٌ أيضاً، إذا كان يُسْخَر منه. فإن كان هو يفعل ذلك قلت سُخَرَة، بفتح الخاء والراء. ويقال سُفُنٌ سواخِرُ مَوَاخِرُ. فالسَّواخر: المُطِيعة الطيِّبة الرِّيح. والمواخر: التي تمخَر الماءَ تشُقّه. ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به. ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: {فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون}  [هود 38].

(سخف) السين والخاء والفاء أصلٌ مطَّرد يدلُّ على خفّة. قالوا: السُّخْفُ: الخفّة في كلِّ شيء، حتّى في السَّحاب. قال الخليل: السُّخْف في العقل خاصة، والسَّخافة عامّةٌ في كلِّ شيء. ويقال وجدت سَخْفَة من جوع، وهي خِفّـةٌ تعتري الإنسانَ إذا جاعَ.

(سخل) السين والخاء واللام أصلٌ مطرد صحيح ينقاس، يدلُّ على حَقَارة وضَعف. من ذلك السَّخْل من ولد الضّأن، وهو الصّغير الضَّعيف، والأنثى سَخلة. ومنه سَخّلتِ النَّخلة([2])، إذا كانت ذاتَ شِيص، وهو التَّمر الذي لا يشتدُّ نواه. والسُّخَّل: الرّجال الأراذل، لا واحد لـه من لفظه. ويقال كواكبُ مَسخُولة، إذا كانت مجهولة. وهو قول القائل:

ونحنُ الثُّرَيَّا وجَوزاؤُها *** ونحنُ الذّراعانِ والمِرْزمُ

وأنتم كواكبُ مسْخُولةٌ *** تُرَى في السماءِ ولا تعلمُ([3])

وذكر بعضُهم أنَّ هذيلاً تقول: سخَلْت الرجلَ، إذا عبتَه.

(سخم) السين والخاء والميم أصلٌ مطَّرد مستقيم، يدلُّ على اللِّين والسواد. يقال شَعرٌ سُخَاميّ: أسود لَيِّن. كذا حُدِّثنا به عن الخليل. وحدّثني عليّ بن إبراهيم القطَّان، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد، قال: قال الأصمعي: وأما الشَّعر السُّخام، فهو الليِّن الحَسن، وليس هو من السَّواد. ويقال للخمر سُخامِيَّة إذا كانت ليِّنة سَلِسَة. قال ابن السكِّيت: ثوب سُخَامٌ: ليِّن. وقطنٌ سُخامٌ([4]). قال:

* قطنٌ سُخامِيٌّ بأَيْدِي غُزَّلِ([5]) *

ومما شذَّ عن هذا الأصل السَّخيمة، وهي الموجدة في النَّفس. ويقال سَخَّم الله وجهه، وهو من السُّخام، وهو سواد القِدْر.

(سخن) السين والخاء والنون أصل صحيح مطَّرد منقاس، يدل على حرارةٍ في الشيء. من ذلك سخّنت الماء. وماءٌ سُخْن وسَخِينٌ. وتقول: يوم سُخْنٌ وساخن وسَُخْنانٌ، وليلة سُخْنة وسَُخْنَانة. وقد سَخُن يومُنا. وسخِنَتْ عينهُ بالكسر تَسخَن. وأسخن الله عينَه. ويقولون إنَّ دَمعة الغَمِّ تكون حارّة. واحتُجَّ بقولهم: أقرّ الله عينَه. وهذا كلامٌ لا بأس به. والمِسْخَنة: قُدَيرةٌ كأنَّهَا تَوْر. والسَّخينة: حَسَاءٌ يُتّخَذُ من دقيق. وقال: قريشٌ([6]) يعيَّرُون بأكل السَّخينة، ويُسَمَّون بذلك، وهو قولهم:

يا شَدَّةً ما شَدَدْنا  غيرَ كاذبةٍ  *** على سَخِينةَ لولا اللَّيْلُ والحَرَمُ([7])

والتَّساخين: الخِفَاف([8]). وممكنٌ أن تكون سمِّيَت  بذلك لأنها تُسَخِّن على لُبسها القَدَم. وليس ببعيد.

(سخي) السين والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، يدلُّ على اتّساعٍ في شيءٍ وانفراج. الأصل فيه قولهم: سَخَيْتُ القِدر وسَخَوتُها، إذا جعلتَ لِلنارِ تحتها مَذْهباً.

ومن الباب: سَخَاوِيُّ الأرض، قال قوم: السَّخاويّ: سعة المفازة. وقول بعضهم "سَخَاوَِى الفلا"([9])، قال ابن الأعرابيّ: واحدةُ السخاوَِى سَخْواةٌ. وقال أيضاً: السَّخْواءُ([10]) الأرض السَّهلة. قال أهل اللغة: ومن هذا القياس: السّخاء:  الجُود؛ يقال سخا يسخُو سَخَاوةً وسَخَاء، يمدّ ويقصر. * والسَّخِيّ: الجواد.

ومما شذَّ عن الباب: السَّخا، مقصورٌ: ظَلْع يكون من أن يثِبَ البعيرُ بالحِمْل فتعترض ريحٌ بين جِلْدِهِ وكَتِفه، فيقال بعيرٌ سَخٍ.

(سخب) السين والخاء والباء كلمةٌ لا يقاس عليها. يقولون: السِّخاب: قِلاَدَةٌ من قَرنفُلٍ أو غيره، وليس فيها من الجواهر شيء، والجمع سُخُب.

(سخت) السين والخاء والتاء ليس أصلاً، وما أحسَِب الكلام الذي فيه من محض اللغة. يقولون للشيء الصُّلب سَخْتٌ وسِخْتيتٌ. ثم يقولون أمرٌ مِسخاتٌ([11]) إذا ضعُف وذهب. وهذان مختلفانِ، ولذلك قُلْنا إنَّ البابَ في نفسه ليس بأصل. على أنَّهم حكوا عن أبي زيد: اسْخَاتّ الجُرح: ذهب ورَمُه. فأمّا السُّخْت الذي ذكرناه عن ثعلب في آخر كتابه، فقد قيل إنَّه السُّخْد([12]). وهو على ذلك من المشكوك فيه.

ـــــــــــــــــ

([1]) نص ثعلب في آخر كتاب الفصيح 98: "ويقال له من ذوات الخف السخت والسخد".

([2]) في  الأصل: "الناقة"، صوابه من المجمل واللسان.

([3]) في الأصل: "الراكب"، صوابه من المجمل واللسان وما يقتضيه السياق.

([4]) البيتان سبق إنشادهما في (2: 182) في مادة (خسل) على أنه يقال: "كواكب مخسولة".

([5]) كذا ورد إنشاده، وفي اللسان (سخم) مع نسبته إلى جندل بن المثنى الطهوي:

* قطن سخام بأيادي غزل *

([6])  في الأصل: "قوم".

([7]) البيت لخداش بن زهير العامري كما في العمدة : (1: 46)، وحماسة ابن الشجري 31. وهو أول من لقب قريشاً "سخينة".

([8]) ذكر في اللسان أن مفردها "التسخان" بالفتح، وأنه معرب من "تَشْكَنْ" الفارسية. وهو اسم غطاء من أغطية الرأس كان العلماء والموابذة  يأخذونه على رؤوسهم خاصة دون غيرهم، وأنَّ اللغويين من العرب أخطؤوا  في تفسيره بالخف.

([9]) في المجمل: "الفلاة".

([10]) في الأصل: "السخوة"، صوابه من المجمل.

([11]) هذه الكلمة لم أجدها في غير المقاييس.

([12]) السخت، بالضم، والسخد كذلك: الماء الذي يكون على رأس الولد.

 

ـ (باب السين والدال وما يثلثهما)

(سدر) السين والدال والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِبه الحَيْرة واضطراب الرأي. يقولون: السادر المتحيِّر. ويقولون سَدِرَ بصرُهُ يَسْدَر، وذلك إذا اسمدَّ وتحيَّرَ. ويقولون: السَّادر هو الذي لا يبالي ما صَنَعَ، ولا يهتمُّ بشيء. قال طرفة:

سادراً أحْسَِب غَيِّي رَشَداً *** فتناهَيتُ وقد صَابَتْ بقُرّْ([1])

فأمَّا قولهم: سَدَرت المرأة شعرها، فهو من باب الإبدال، مثل سدلتُ، وذلك إذا أرسلَتْه. وكذلك قولهم: "جاء يضربُ أسدرَيْه"، وهو من الإبدال، والأصل فيه الصاد، وقد ذُكر.

(سدع) السين والدال والعين ليس بأصلٍ يُعوَّل عليه ولا يقاس عليه، لكنَّ الخليل ذكر الرجل المِسْدَع، قال: وهو الماضي لوجهه. فإن كان كذا فهو من الإبْدال؛ لأنَّه من صَدَعت، كأَنَّه يصدع الفلاةَ صدعاً. وحكى أنَّ قائلاً قال: "سَلامَةً لك من كلِّ نكبة وسَدْعَةٍ([2])"، وقال: هي شبه النَّكبة. هذا شيء لا أصل [له].

(سدف) السين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إرسال شيءٍ على شيء غِطَاءً لـه. يقال أَسْدَفَت القناعَ: أرسلتْه. والسُّدْفَة: اختلاط الظَّلام. والسَّديف: شحمُ السَّنام، كأنَّه مُغَطٍّ لما تحته؛ وجمع السُّدْفة سُدَف. قال:

نحن بغَرس الوَدِيِّ  أعلمُنا  *** مِنَّا بركض الجيادِ في السُّدَفِ([3])

وحكى ناسٌ: أسْدَف الفجر: أضاء، في لغةِ هَوَازنَ، دونَ العرب. وهذا ليس بشيء، وهو مخالفٌ القياس.

(سدك) السين والدال والكاف كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها. تقول: سَدِك به، إِذَا لزِمَه.

(سدس) السين والدال والسين أصلٌ في العدد، وهو قولهم السُّـدُْس: جزءٌ من ستَّة أجزاء. وإزارٌ سَدِيس، أي سُداسيّ. والسِّدْس من الوِرد في أظماء الإِبل: أن تنقطع الإبل عن الوِرد خمسةَ أيام وتَرِدَ السّادس. وأسدَسَ البعير، إذا ألَقى السّنّ بعد الرُّباعِيَة، وذلك في السنة الثامنة. فأمّا الستة فمن هذا أيضاً غير أنَّها مُدْغمة، كأنَّها سِدْسَة.

ومما شذَّ عن هذا السُّدُوس: الطَّيلَسان. واسم الرّجل سَدُوس. قال ابن الكلبيّ: سَدوس في شيبان بالفتح، والذي في طيٍّ بالضمّ.

(سدل) السين والدال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نزول الشيء من عُلْوٍ  إلى سُفْلٍ ساتراً لـه. يقال منه([4]) أرخى اللَّيل سُدُولَه، وهي سُتُرُه. والسَّدْل: إرخاؤك الثّوب في الأرض. وشَعْر مُنْسَدلٌ على الظَّهْر. والسِـُّدْل: السِّتْر. والسِّدْل: السِّمط من الجواهر، والجمع سُدُول.  والقياس في ذلك كلِّه واحد.

(سدم) السين والدال والميم أصلٌ في شيءٍ لا يُهتدَى لوجهه. يقال رَكِيَّةٌ سُدُم، إذا ادَّفَنَتْ. ومن ذلك البعير الهائج يسمَّى سَدِماً، أنَّه إذا هاجَ لم يَدرِ من حاله * شيئاً، كالسَّكران الذي لا يَهتدي  لوجهٍ. ومن ذلك قول القائل:

يا أيُّها السّدِم المَلَوِّي رأسَه *** ليقودَ مِنْ أهل الحجازِ بَريمَا([5])

(سدن) السين والدال والنون أصلٌ واحد لشيء مخصوص. يقال إنَّ  الـِسَّدانة الحِجابة. وسَدَنة البيت: حَجبَتُه. ويقولون: السَّدَن([6]) السِّتر. فإنْ كان صحيحاً فهو من باب الإِبدال، والأصل السُِّدْل.

(سدو) السين والدال والواو أصلٌ واحد يدلُّ على إِهمال وذَهابٍ على وجه. من ذلك السَّدْو، وهو ركوبُ الرأس في السَّير. ومنه قولُهُ جلَّ ثناؤه:{أيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً} [القيامة 36]، أي مُهْمَلاً لا يؤمر ولا يُنْهَى. قال الخليل:  زَدْوُ الصِّبيان بالجوز إنَّما هو السَّدو. فإن كان هذا صحيحاً فهو من الباب؛ لأنَّه يخلّيه من يده. ومن الباب: أسْدَى النّخلُ، إذا استرخت ثَفاريقُه([7])، وذلك يكون كالشَّيء المخلَّى من اليَدِ، والواحدة من ذلك السَّـدِية. وكان أبو عمرو يقول: هو السَّداء ممدود، الواحدة سَداءة. قال أبو عبيد: لا أحفظ الممدود. والسَّدَى: النَّدَى؛ يقال سَدِيَتْ ليلتُنا، إذا كثُر نَداها. وهو من ذاك، لأن السحاب يُهمِله ويُهمَل به.

ومن الباب السَّدَى، وهو ما يُصطنع من عُرْف؛ يقال أسدى فلانٌ إلى فلان معروفاً. ومن الباب: تسدَّى فلانٌ أَمَتَه، إذا أخذها من فَوقها؛ كأنه رمى بنفسه عليها. قال:

فَلَمَّا دَنَوْتُ تسدَّيتُها *** فثوباً نسيتُ وثوباً أجُرّْ([8])

وقال آخر:([9])

تَسَدَّى مع النَّوم تِمثالُها  ***  دُنُوَّ الضَّبَابِ بطلٍّ زُلالِ([10])

(سدج) السين والدال والجيم، يقولون إنَّ المستعمَل منه حرفٌ واحد، وهو التسدُّج، يقال [رجلٌ] سدّاجٌ، إذا قال الأباطيل وألّفها.

(سدح) السين والدال والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بسطٍ على الأرض، وذلك كَسَدْح القِربة المملوءة، إذا طَرَحَها بالأرض. وبها يشبَّه القتيل. قال أبو النَّجم يصف قتيلاً:

* مُشَدّخَ الهامةِ أو مسدُوحا([11]) *

فأما رواية المفضَّل:

بينَ الأراكِ وبين النّخل تَشدخُهم *** زُرق الأسنّة في أطرافِها شَبَمُ([12])

فيقال إنَّه تصحيف، وإنَّما هو "تسدحُهم". والسَّدحُ: الصَّرْع بَطْحاً على الوجه وعلى الظهرِ، لا يقع قاعداً ولا متكوِّراً.

وأمَّا قولُهم فلانٌ سادحٌ، أي مُخصِب، فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّه إذا أخصب انسدحَ مستلقياً. وهو مَثَلٌ.

(سدخ) السين والدال والخاء لا أصلَ لـه في كلام العرب. ولا معنى لقول من قال: انسدخَ مثل انسدح، إذا استلقى عند الضرب أو انبطح. والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (سدر) بدون نسبة. وهو في ديوان طرفة 75.

([2]) في اللسان: "نقذاً لك من كل سدعة" أي سلامة لك من كل نكبة.

([3]) لسعد القرقرة، كما في اللسان (سدف)، وهو من شواهد النحو في الجمع بين إضافة أفعل وبين من. انظر العيني (4: 55).

([4]) في الأصل: "له".

([5]) البيت لليلى الأخيلية، كما سبق في (1: 232). وانظر التحقيق هناك.

([6]) ضبط في المجمل بسكون الدال، وفي اللسان والقاموس بفتحها.

([7]) الثفاريق: جمع ثفروق، كعصفور، وهو قمع البسرة. في الأصل: "تفاريقه"، صوابه بالثاء المثلثة.

([8]) البيت في اللسان (سدا) بدون نسبة أيضاً. وهو لامرئ القيس في ديوانه 9. ويروى: "فثوب نسيت وثوب". وللنحاة في الرواية الأخيرة كلام.

([9]) لم يرو في اللسان. وهو لأمية بن أبي عائذ الهذلي، من قصيدة لـه في شرح السكري للهذليين180 ونسخة الشنقيطي 79.

([10]) الزلال: البارد الصافي. والرواية في المصدرين السابقين: "مع الليل".

([11]) قبله، كما في اللسان (سدح):

* ثم يبيت عنده مذبوحا *.

([12]) البيت لخداش بن زهير، كما في اللسان (سدح).

 

ـ (باب السين والراء وما يثلثهما)

(سرط) السين والراء والطاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على غَيبة في مَرٍّ وذَهاب. من ذلك: سَرَطْتُ الطّعام، إذا بَـلعْته؛ لأنَّه إذا سُرِطَ غاب. وبعضُ أهل العلم يقول: السِّراط مشتقٌّ من ذلك، لأنَّ الذاهبَ فيه يغيب غيبةَ الطعام المُستَرَط. والسِّرِطْراط على فِعِلاّل([1]): الفالوذُ؛ لأنَّه يُستَرط. والسُّراطُ: السّيف القاطع الماضِي في الضَّريبة. قال الهذليّ([2]) يصف سيفاً:

كلون المِلح ضربتُه هَبِيرٌ *** يُتِرُّ اللَّحمَ سَقّاطٌ سُراطِي([3])

(سرع) السين والراء والعين أصل صحيح يدلُّ على خلاف البطء. فالسَّريع: خلاف البطيء. وسَرْعَان([4]) النَّاس:  أوائِلهم الذين يتقدمون سِراعاً. وتقول العرب: لَسَرْعان([5]) ما صنعتَ كذا، أي ما أسرع ما صَنَعتَه. وأما السَِّرْع من قُضبان الكرْم، [فهو]  أسرعُ ما يطلُعُ  منه. ومثله السَّرَعْرَع، ثم يشبَّه به الإنسان الرَّطِيب الناعم.

(سرف) السين والراء والفاء * أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تعدِّي الحدّ والإِغفالِ  أيضاً للشيء. تقول: في الأمر سرَفٌ، أي مجاوزَةُ القدر. وجاء في الحديث: "الثالثة في الوضوء شَرف، والرَّابعة سَرف". وأمّا الإِغفال فقول القائل: "مررتُ بكم فَسرِفتكم"، أي أغفلتكم. وقال جرير:

أعطَوْا هُنيدَةَ يحدُوها ثمانيةٌ *** ما في عطائِهم مَنٌّ ولا سَرَفُ([6])

ويقولون إنَّ السَّرَف: الجهل. والسَّرِف: الجاهل. ويحتجُّون بقول طرفة:

إنّ امرأً سرِف الفؤادِ يَرَى *** عسلاً بماء سحابةٍ شَتْمِي([7])

وهذا يرجع إلى بعض ما تقدَّم. والقياس واحد. ويقولون: إنَّ السَّرفَ أيضاً الضَّرَاوة. وفي الحديث: "إنَّ للحم سَرَفَاً كسَرف الخَمْر"، أي ضَرَاوة. وليس هذا بالبعيد من الكلمة الأولى.

ومما شذَّ عن الباب: السُّرْفة: دويْبَّة تأكل الخشَب. ويقال سَرَفت السُّرْفةُ الشَّجرَة سَرْفاً، إذا أكلَتْ ورقها، والشجرةُ مسروفة. يقال إنَّها تبني لنفسها بيتاً حسناً. ويقولون في المثل: "أصنَعُ من سُرْفة([8]) ".

(سرق) السين والراء والقاف أصلٌ يدلُّ على أخْذ شيء في خفاء وسِتر. يقال سَرَقَ يَسْرق سَرِقَةً. والمسروق سَرَقٌ. واستَرَقَ السَّمع، إذا تسمَّع مختفياً. ومما شذَّ عن هذا الباب السَّرَق: جمعَ سَرَقة،  وهي القطعة من الحرير.

(سرو) السين والراء والحرف المعتل بابٌ متفاوت جداً، لا تكاد كلمتان منه تجتمعان في قياسٍ واحد. فالسَّرو: سخاءٌ في مروءَة؛ يقال سَرِي وقد سَرُو. والسَّرْو: محلّة حمير. قال ابن مقبل:

بِسَرْوِ حِميرَ أبوالُ البِغَال به *** أنّى تسدّيتِ وهناً ذلك البِينَا([9])

والسَّرْو: كشْف الشّيءِ عن الشيء. سَرَوت عنّي الثوبَ أي كَشفتُهُ. وفي الحديث في الحَسَاء([10]): "يَسْرُو عن فؤاد السَّقِيم([11])" أي يكشف. وقال ابن هَرْمة:

سَرَى ثَوبَه عنك الصِّبا المتخايلُ  *** وقَرَّبَ للبَينِ  الحبيبُ المزايلُ([12])

ولذلك يقال سُرِّيَ عنه. والسِّروة: دويْبَّة([13])، يقال أرض مسرُوّة، من السِّروة إذا كثُرت بالأرض. والسَّاريَة: الأسطُوانة. والسُّرَى: سير اللَّيل، يقال سَرَيْت وأسريت. قال:

* أَسْرَتْ إِليكَ ولم تكن تَسْرِي([14]) *

والسَّراء: شجرٌ. وسَرَاة الشيء: ظَهْره. وَسَراة النَّهار: ارتفاعُهُ. وهذا الذي ذكرناه بعيدٌ بعضُهُ من بعض، فلذلك لم نحمله على القياس.

وإذا همز كان أبعد، يقال سرأت الجرادة: ألقَتْ بيضَها. فإذا حان ذلك منها قيل: أسرأتْ.

(سرب) السين والراء والباء أصلٌ مطرد، وهو يدلُّ على الاتّساع والذهاب في الأرض. من ذلك السِّرْب والسُّرْبة، وهي القطيع من الظِّباء والشاء. لأنَّه ينسرب في الأرض راعياً. ثمَّ حُمل عليه السِّرب من النِّساء. قالوا: والسرْب بفتح السين، أصله في الإبل. ومنه تقول العرب للمطلَّقة: "اذهبي فلا أنْدَهُ سَرْبَك"،  أي لا أردُّ إبلَك، لتذهب حيث شاءت. فالسِّرب  في هذا الموضع: المال الرّاعي. وقال أبو زيد: يقال خلِّ سرْبه، أي طريقه يذهب حيث شاء. وقالوا: يقال أيضاً سِرْب بكسر السين. ويُنشَد بيت ذي الرّمّة:

* خَلَّى لها سرْبَ أُولاَهَا([15]) *

وقال: يعني الطريق. ويقال انسرَبَ([16])  الوحشيُّ في سربه. ومن هذا الباب: السَّرَب والسَّرِب، وهو الماء السائل من المزادة، وقد سَرِبَ سَرَباً. قال ذو الرّمة:

ما بال عَينِكَ منها الماءُ ينسكبُ *** كأنّه من كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَبُ([17])

بفتح الراء وكسرها. ويقال : سَرَّبت القربةَ، إذا جعلتَ فيها ماءً حتى ينسدّ الخَرْز. والسَّرْب: الخَرْز؛ لأن الماء ينسرب منه، أي يخرج. والسارب: الذَّاهب في الأرض. وقد سَرَب سروباً. قال الله جلَّ ثناؤه:  {وَسَارِبٌ بِالنَّهار}[الرعد 10]. قال الشاعر: 

أنّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سروبِ *** و*تُقَرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ([18])

والمَسْرَبة: الشّعر النابت وسط الصدر،  وإنما سمِّي بذلك لأنَّه  كأنه سائل على الصدر جارٍ فيه. فأمّا قولهم:آمِنٌ في سِرْبِه، فهو بالكسر، قالوا: معناه آمنٌ في نفسه. وهذا صحيح ولكن في الكلام إضماراً، كأنه يقول: آمِنَة نفسه حيث سَرِب، أي سعى. وكذلك هو واسع السِّرب؛ أي الصدر. وهذا أيضاً بالكسر. قالوا: ويراد به أنّه بطيء الغضب. وهذا يرجع إلى الأصل الذي ذكرناه. يقولون: إنَّ الغضب لا يأخذ فيَقْلَق؛ وينسدّ عليه المذاهب.

(سرج) السين والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على الحسن والزّينة والجمال. من ذلك السِّراج، سمِّي لضيائه وحُسْنه. ومنه السرج للدّابّة. هو زينته. ويقال سَرَّج وجهَه، أي حَسَّنه، كأنه جعله له كالسِّراج. قال:

* وفاحِماً ومَِـرْسَِـنَاً مُسَرَّجا([19]) *

ومما يشذُّ عن هذا قولُهم للطَّريقة: سُرْجُوجَة.

(سرح) السين والراء والحاء أصلٌ مطّرد واحد، وهو يدلُّ على الانطلاق. يقال منه أمر سريح، إذا لم يكن فيه تعويق ولا مَطْل. ثمَّ يحمل على هذا السَّراح وهو الطَّلاق؛ يقال سَرَّحت المرأةَ. وفي كتاب الله تعالى: {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة 231]. والسُّرُح: النّاقة السريعة. ومن الباب المنْسرح، وهو العريانُ الخارج من ثيابه. والسَّرْح:  المال السَّائم. والسارح: الرَّاعي. ويقال السَّارح: الرجل الذي لـه السَّرْح. وأمَّا الشجرة العظيمة فهي السَّرْحة، ولعلَّه أن يكون شاذاً عن هذا الأصل. ويمكن أن تسمَّى سَرْحة لانسراح أغصانها وذَهابها في الجهات. قال عنترة:

بَطلٍ كأنّ ثيابَه في سرحَةٍ *** يُحذَى نِعالَ السِّبتِ ليس بتَوأَمِ([20])

ومن الباب السِّرحانُ: الذِّئب، سمِّي به لأنَّه ينسرح في مَطالبه. وكذلك الأسدُ إذا سُمِّي سِرحانا.

وأما السَّريحة فقطعةٌ من الثِّياب.

(سرد) السين والراء والدال أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على تَوالِي أشياء كثيرةٍ يتّصل بعضُها ببعض. من ذلك السَّرْد؛ اسمٌ جامعٌ للدروع وما أشبهها من عمل الحَِـلَق. قال الله جلَّ جلالُه، في شأن داود عليه السلام: {وَقَدِّرْ  فِي السَّرْدِ} [سبأ 11]، قالوا: معناه ليكنْ ذلك مقدَّراً، لا يكونُ الثَّقْب ضيّقاً والمِسمارُ غليظاً، ولا يكون المسمار دقيقاً والثقب واسعاً، بل يكون على تقدير. قالوا: والزّرَّاد إنّما هو السّرّاد. وقيل ذلك لقُرب الراء من السين. والمِسْرَد: المِخْرز: قياسُه صحيح.

ـــــــــــــــــ

([1]) كذا. وصواب وزنه "فعلعال".

([2]) وهو المتنخل الهذلي كما في اللسان (سرط). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 89 ونسخة الشنقيطي 47.

([3]) جاء "سراطي" على لفظ النسب وليس بنسب، يقال سيف سراط وسراطي، كما يقال أحمر وأحمري.

([4]) يقال بفتح السين، وبالتحريك أيضاً.

([5]) يقال هذا بالفتح وبفتح فضم، وبالكسر.

([6]) ديوان جرير 389 واللسان (سرف).

([7]) ديوان طرفة 61 واللسان (سرف).

([8]) انظر الحيوان (1: 220/ 2 : 147/ 6: 385/ 7: 10).

([9]) سبق البيت في مادة (بول، بين).

([10]) في الأصل: "الحياء"، صوابه من اللسان (19: 105).

([11]) في اللسان: "إنّه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو عن فؤاد السقيم".

([12]) البيت في اللسان (سرا). قرب، أي قرب الرواحل. اللسان: "ووَدَّعَ".

([13]) هي الجرادة أول ما تكون وهي دودة.

([14]) لحسان بن ثابت في ديوانه 168 واللسان (19: 103). وصدره: * حي النضيرة ربة الخدر *

([15]) البيت بتمامه كما في الديوان 586 واللسان (سرب، همم):

خلّى لها سرب أولاها وهيجها  *** من خلفها لاحق الآطال همهيم

([16]) في الأصل: "السرب" صوابه من المجمل واللسان.

([17]) ديوان ذي الرمة ص 1 ـ وهو أول بيت في ديوانه ـ واللسان (سرب). وفي الأصل: "عينيك".

([18]) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 5 واللسان (سرب).

([19]) للعجاج في ديوانه 8  واللسان (رسن، سرج). والمرسن، كمجلس ومنبر، أصله موضع الرسن من أنف الفرس، ثم كثر حتى قيل مرسن الإنسان، أي أنفه.

([20]) البيت من معلقته المشهورة.

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)

من ذلك (المُسْمَقِرُّ([1])):  اليوم الشديد الحرّ، فهذا من باب السَّقَرات سَقَراتِ الشَّمسِ، وقد مضى ذكره، فالميم الأخيرة فيه زائدة.

ومن ذلك (السَّحْبل): الوادي الواسع، وكذلك القِرْبة الواسعة: سَحْبلة. فهذا منحوت من سحل إذا صبَّ، ومن سَبَل، ومن سَحَبَ إذا جرى وامتدّ. وهي منحوتةٌ من ثلاث كلمات، تكون الحاء زائدة مرَّة، وتكون الباء زائدة، وتكون اللام زائدة.

ومن ذلك (السَّمادِيرُ): ضَعف البَصَر، وقد اسمدَرَّ. ويقال هو الشيء يتراءَى  للإنسان من ضَعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيره. وهذا ممّا زِيدت فيه الميم، وهو من السَّدَرِ وهو تحيُّر البَصر، وقد مضى ذِكْره بقياسه.

ومن ذلك فرسٌ (سُرْحُوب)، وهي الجَوادُ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: من سرح وسرب، وقد مضى ذكرُهما.

ومن ذلك ناقة (سِرْداحٌ): سريعة كريمة، فالدّال زائدة، وإنّما هي من سَرَحَت.

ومن ذلك (اسْلَنْطح) الشَّيء، إذا انبسط وعَرُض([2])، وإنما أصلُه سطح، وزيدت فيه * اللام والنون تعظيماً ومبالغَة.

ومن ذلك (اسمَهَدَّ) السَّنام، إذا حسُن وامتلأ. وهذا منحوتٌ من مهد، ومن مهدت الشَّيءَ إذا وثَّرْته([3])، قال أبو النَّجْم:

* وامتَهَدَ الغاربُ فِعْلَ الدُّمْلِ([4]) *

ومن قولهم هو سَهْد مَهْد. وقد فسَّرناه.

ومن ذلك (السَّمْهريَّة): الرِّماح الصِّلاب، والهاء فيه زائدة، وإنّما هي من السُّمْرَة([5]).

ومن ذلك (المُسْلَهِبُّ): الطويل، والهاء فيه زائدة، والأصل السَّلب، وقد مضى.

ومن ذلك قولهم (اسْلَهَمَّ)، إذا تغيَّرَ لونُه. فاللام فيه زائدة، وإنّما هو سَهُمَ وجهه يسْهُم، إذا تغيَّرَ. والأصل السُّهام.

ومن ذلك العجوز (السَّمْلَق): السَّيئة الخُلُق، والميم فيه زائدةٌ، وإنّما هي من السِّلْقَة.

ومن ذلك (السَِّرطَِم): الواسع الحَلْقِ، والميم فيه زائدة، وإنّما هو من سَرَِطَ، إذا بَلِع.

ومن ذلك (السَّرمَد): الدائم، والميم فيه زائدة، وهو من سَرَدَ، إذا وَصَل، فكأنَّه زمان متّصل بعضُه ببعض.

ومن ذلك (اسْبَغَلَّ) الشّيءُ اسْبِغلالاً، إذا ابتلَّ بالماء. واللام فيه زائدة، وإنما ذلك من السُّبوغ، وذلك أنَّ الماءَ كثُر عليه حتَّى ابتلَّ.

ومما وُضِع وضعاً وليس قياسُه ظاهراً: (السِّنَّوْرُ)، معروف. و(السَّنَوَّر): السِّلاح الذي يُلبس. و(السَّلْقَع) بالقاف([6]): المكان الحزْن. و(السَّلْفَع)  بالفاء([7]):  المرأة الصَّخَّابة. و(السَّلْفَع) من الرِّجال: الشجاع الجَسور. قال الشاعر:

بَينا يُعانِقُهُ  الكماةُ ورَوْغِهِ *** يوماً أُتِيحَ لـه جرِيءٌ سَلْفَعُ([8])

وقال في المرأة:

فما خَلَفٌ عن أُمِّ عِمران  سلفع *** من السُّود وَرهاء العِنان عَروبُ([9])

 (والسِّمْحاق) : جِلْدةٌ رقيقةٌ في الرأس، إذا انتهت الشّجَّة إليها سمِّيت سِمْحاقاً. وكذلك سَمَاحيق السَّلَى، وسماحيق السَّحاب: القطع الرّقاق منه.

ومن ذلك (اسْحَنكَك) الظّلام. و(اسحَنْفَرَ) الشّيء: طال وعَرُض. وسَنامٌ (مُسرْهَدٌ): مقطوع قِطعاً. و(اسمَهَرَّ) الشوك: يَبِس. ويقال للظلام إذا اشتدَّ: اسمَهَرَّ. و(السَّرْهَفَة). و(السَّرعَفَة): حسن الغِذاء.

و(السَّخْبَر([10])): شجر. و(السَّماليخ): أماسيخ النَّصِيّ([11])،  الواحدة سُملوخ. و(السَّمْسَق): الياسَمِين. و(السَّفَنَّجُ): الظّليم. و(السَّلْجَم): الطويل. و(السَّرَوْمط): الطويل. و(السِّلْتِم): الغُول. و(السِّلْتِم): السّنة الصّعبة.

قال الشاعر:

وجاءت سِلتمٌ لا رَجْعَ فيها *** ولا صَدْعٌ فينجر الرِّعَاءُ([12])

و(السِّلْتِم) الداهية. و(السَّبَنْتَى): النَّمِر، وكذلك (السَّبَنْداةُ). قال في السَّبَنْتَى: 

وما كنتُ أخشى أن تكون وفاتُهُ *** بكفَّيْ سَبَنْتَى أزرقِ العينِ مُطرِقِ([13])

و(السِّربال): القميص. و(اسْرَنْدَانِي) الشَّيءُ: غلَبني. و(السِّفْسِير): الفَيْج والتابع. و(السَّـُوْذَق) و(السَّوْذَنِيق([14])) و(السُّوذَانِق): الصّقر.

و(السَّبَاريت): الأرض القَفر. و(السُّبْروت): الرَّجل القصير. و(السَّرْبَخُ): الأرض الواسعة. و(السِّنْدَأْوة): الرَّجل الخفيف. و(السَّجَنْجَل): المرآة. وغلام (سَمَهْدَرٌ): كثير اللَّحم. و(المُسْمَهِرُّ): المعتدل. و(المُسْجَهِرُّ): الأبيض. و(المُسْمغِدّ): الوارم. و(المُسْلَحِبّ): المستقيم. و(السُّرادِق): الغبار. و(السَّمْحَج): الأتَانُ الطَّويلة الظهر. و(السِّجِلاَّط): نَمَط الهَوْدج، ويقال إنَّه ليس بعربيّ([15]). و(السَّمَهْدَر):  البعيد، في قول الراجز:

* ودُونَ ليلَى بَلدٌ سَمَهْدَرُ([16]) *

ويقال (سَرْدَجْته) فهو مُسردَج([17])، أي أهملتُهُ، فهو مُهمل. قال أبو النجم:

قد قَتَلَتْ هِنْدُ ولمَ تَحَرَّجِ *** وتركَتْكَ اليومَ كالمُسَرْدَجِ

و(اسبَكَرَّ) الشَّيء: امتدَّ. والله أعلم.

(تم كتاب السين)

ـــــــــــــــ

([1]) لم يعقد لـه صاحب اللسان مادة خاصة، بل ذكره في مادة (سقر). وأما صاحب القاموس فقد عقد له، والوجه ما صنع صاحب اللسان فإن الميم فيه زائدة.

([2]) عرض يعرض عرضاً، مثل صغر يصغر صغراً.

([3]) وثرت الشيء: وطأته وسهلته. وفي الأصل "وترته"،  تحريف.

([4]) سبق إنشاد البيت في (دمل) وسيأتي في (مهد).

([5]) تذكر المعاجم أن السمهرية من الرماح منسوبة إلى "سمهر": رجل كان يصنع الرماح بالخط، وامرأته "ردينة"  التي تنسب إليها الرماح الردينية.

([6]) في المجمل: "بنقطتين".

([7]) في المجمل: "بنقطة".

([8]) رواية الديوان 18 والمفضليات (2: 228) "بينا تعنقه"، مصدر تعنقه تعنقاً. وفي رواية المقاييس  عطف الاسم على الفعل، وهو مسموع. انظر همع الهوامع (2: 140).

([9]) في اللسان (سلفع): "وما بدل من أم عثمان".

([10]) في الأصل: "السنجر"، صوابه من المجمل واللسان.

([11]) في اللسان: "وسماليخ النصي: أماصيخه، وهو ما تنزعه منه مثل القضيب".  والأماسيح وردت بالسين في كل من المقاييس والمجمل، فلعلها مما جاء بالإبدال من الصاد.

([12]) سبق البيت في مادة (رجع)، ولست أحق كلمة "فينجر"، ورواية اللسان (فتحتلب)، ولعلها هنا "فيتجر الرعاء"، من الوجور.

([13]) البيت للشماخ من مقطوعة في الحماسة (1: 454). وأنشده في اللسان (سبت) والمخصص  (1: 124/ 16: 8). ولم يرو في ديوان الشماخ.

([14]) ويقال أيضاً "سيذنوق". واللفظ  معرب من الفارسية. انظر المعرب للجواليقي 186-187.  والسان (سذق)، وأدّي شير.

([15]) في اللسان أنه معرب عن الرومية: "سجلاطس".

([16]) البيت لأبي الزحف الكليبي الراجز، ابن عم جرير. انظر اللسان (سمهدر). وفي اللسان "الكليني" وهو تحريف أوقع  مصحح اللسان في خطأ.

([17])  لم تذكر مادة (سردج) بالجيم في اللسان، وذكرها صاحب القاموس.

 

كتاب الشين:

ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله شين في المضاعف والمطابق)

(شص) الشين والصاد أصلٌ واحدٌ مطّرد. يدلُّ على شدّة وَرَهق. من ذلك قولهم: شَصَّتْ مَعِيشتُهم * وإنَّهم لفي شَصَاصَاء، أي في شِدّة. وأصله من قولهم شَصَّ الإنسان، إذا عَضَّ بنواجذه على الشيء عَضّاً. ويقال في الدعاء: نَفَى الله عنك الشَّصائص، وهي الشّدائد.

ومن الباب الشَّصّ:  شيء لا يُصاد به السّمك. ويقال للِّصِّ الذي لا يَرَى شيئاً إلاَّ أتى عليه: شِصّ. قال الكسائيّ: يقال إنَّ فلاناً على شَصَاصاء، أي على عَجَلة. قال:

نحنُ نَتَجْنا ناقةَ الحَجّاجِ *** على شَصَاصاء من النِّتاجِ([1])

(شط) الشين والطاء أصلان صحيحان: أحدهما البُعد. والآخر يدلُّ على المَيل.

فأما البُعد فقولهم: شطّت الدارُ، إذا بعُدت تَشُطّ  شُطوطا. والشَّطَاط: البُعد. والشَِّطاط: الطُّول؛ وهو قياسُ البُعد؛ لأنَّ أعلاه يبعُد عن الأرض.

ويقال أَشَطَّ فلانٌ في السَّوْم، إذا أَبْعَدَ وأتَى الشَّطَط، وهو مجاوزة القَدْر. قال جلَّ ثناؤه: {وَلا تُشْطِطْ}  [ص 22]. ويقال أشطَّ القومُ في طلبِ فلانٍ، إذا أمعَنُوا و أَبعَدوا.

وأمَّا الميل فالميل في الحُكم. ويجوز أن يُنقل إلى هذا الباب الاحتجاجُ بقوله تعالى: {وَلاتُشْطِطْ} [ص 22]. أي لا تَمِلْ. يقال [شَطَّ، و([2])] أَشَطّ،  وهو الجور والميل في الحكم. وفي حديث تميمٍ الداريّ: "إنّك لشاطِّي حتَّى أحملَ قوّتَك على ضعفي"([3])، شاطِّي، أي جائر في الحكم عليَّ. والشَّطُّ: شَطّ السَّنام، وهو شِقُّه، ولكلِّ سَنامٍ شَطَّانِ. وإنّما سمِّيَ شطّاً لأنَّه مائل في أحد الجانبين. قال الشاعر([4]):

كأنَّ تحتَ دِرعِها المُنْعَطِّ ***  شطّاً رميتَ فوقَه بشَطِّ

وناقة شَطَوْطَى من هذا. وشَطُّ النَّهر يسمى شَطّاً لذلك، لأنَّه في الجانبين.

(شظ) الشين والظاء أصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء. من ذلك الشِّظَاظانِ: العُودان اللذان يُجعَلان في عُرَى الجُوالِق. قال:

أين الشِّظاظانِ وأين المِرْبَعهْ *** وأين وَسَقُ الناقةِ المُطَبَّعهْ([5])

 

ويقولون: أَشَظَّ الرجُل، إذا تحرَّك ما عنده. ويقولون: أشَظَّ البعيرُ، إذا مدَّ بذنَبه.

(شع) الشين والعين في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ على التفرُّق والانتشار. من ذلك الشعاع شُعاع الشّمس، سمِّي بذلك لانبثاثه([6]) وانتشاره، يقال أَشَعّت الشّمسُ تُشِعُّ، إذا طرحَتْ شُعَاعَها. والشَّعَاع بالفتح: الدّم المتفرِّق. قال قيس بن الخطيم:

طعنتُ ابنَ عبدِ القَيسِ  طعنةَ  ثائرٍ *** لها نَفَذٌ لولا الشُّعَاعُ  أضاءَها([7])

وشعاع([8]) السُّنْبُل: سَفَاه إذا يَبِس. قال أبو النَّجم: 

* لِمَّةَ فَقْرٍ كشعاع السُّنبلِ([9]) *

ويقال نَفْسٌ شَعاعٌ، إذا تَفرَّقَ هِمَمُها، قال:

فَقدتُكِ من نَفْسٍ شَعاعٍ ألم أكنْ *** نَهيتُكِ عن هذا وأنتِ جميعُ([10])

والشَّعُّ: رمي الناقة بولَها على فَخذِها. يقال شَعَّتْ تَشُعُّ شَعّاً. ويقال ظلٌّ شَعْشَعٌ، إذا لم يكن كثيفاً. وقال الراجز في التفرُّق:

* صَدْقُ اللِّقاءِ غيرُ شَعْشاع الغَدَرْ([11]) *

يقول: هو جميع الهِمَّة غيرُ متفرِّقِها.

ومن هذا الباب الشَّعشاع والشَّعشَعان من النّاس والدوابّ: الطويل. يقال بَعيرٌ شعشاعٌ وناقةٌ شَعْشَاعةٌ وشَعْشَعَانةٌ. قال ذو الرّمة:

هيهاتَ خَرقاءُ إلاَّ أنْ يقرِّبَها *** ذُو العرش والشّعشعاناتُ العَياهيمُ([12])

ومن الباب: شَعْشَعْتُ الشّرابَ، إذا مزجتَه؛ وذلك أن المِزاج ينبثُّ وينتشر فيه. قال:

مشعشعةً كأنَّ الحُصَّ فيها *** إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينَا([13])

(شغ) الشين والغاء أصلٌ يدل على القلّة. قال أهل اللُّغة: الشّغشغة في الشرب: التّصريد، وهو التقليل. قال رؤبة:

لو كنتُ أَسْطِيعُك لم يُشَغْشَغِ  *** شُرْبي وما المشغولُ مِثْلُ  الأَفْرغِ([14])

هذا هو الأصل. وفيه كلمةٌ طريقتُها طريق الحكاية، وذلك ربَّما حُمل على القياس وربما لا يُحمَل. يقولون إنَّ الشَغشغة صَوت الطَّعْن، في قول الهذليّ([15]):

فالطعن شَغْشغةٌ والضَّرب هَيْقعةٌ *** ضربَ المُعَوِّل تحت الدِّيمة* العَضَدا

والشغشغة: ضربٌ من هدير الإبل.

(شف) الشين والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على رقّة وقلّة، لا يشذ منه شيءٌ عن هذا الباب. من ذلك الشَِّفّ: السِّتْر الرّقيق. يقولون: سُمِّي بذلك لأنَّه يُستَشفُّ ما وراءه. والأصل أن السِّتر في نفسه يشفُّ([16]) لرقّته إِذْ كان كذا. وإن كان ما قاله القومُ صحيحاً فهو قياسٌ أيضاً؛ لأنَّ الذي يُرى من ورائه هو القليل المتفرِّق في رأي العين والبصر. ومن ذلك الشَِّفّ الزيادة؛ يقال لهذا على هذا شَِفٌّ، أي فضْل. ويقال: أَشففتَ بعضَ ولدك على بعضٍ، أي فضّلت. وإنما قيل ذلك لأنَّ تلك الزيادة لا تكاد تكثُر، فإنْ أَعطَى أحدَهما مائةً والآخرَ مائتين لم يُقَل أَشففتَ، لكن يقال أَفْضَلْتَ وأَضْعَفت وضعَّفت، وما أشبَهَ ذلك.

وقولُ مَنْ قال: الشَِّف: النُّقصان أيضاً محتمل، كأنَّه ينقُص الشيءَ حتى يصيِّرَه شُفافَة([17]). والشُّفُوف: نُحول الجِسم، يقال شفَّه المرضُ يشُفُّه شَفّاً. فأما الشَّفيف فلا يكون إلا بَرْدَ ريح في نُدُوّة قليلة، فسمِّي شفيفاً لتلك النُّدُوّة وإن قَلَّتْ. ويقال لذلك الشَّفَّانُ أيضاً، قال:

* ألجاهُ شَفَّانٌ لها شَفِيفُ([18]) *

والاستشفاف في الشَّراب: أن يستقصِيَ ما في الإِناء لا يُسْئِرُ([19]) فيه شيئاً، كأنَّ تلك البقيَّة شُفافة، فإذا شربَها الإنسان قيل اشتفَّها  وتَشَافَّها. وفي حديث أمّ زرع: "إنْ أكلَ لَفَّ، وإِنْ شرِبَ اشتَفَّ". وكلُّ شيءٍ استوعَبَ شيئاً فقد اشتفَّه. قال الشَّاعِر:([20])

له عنق تُلْوِي بما وُصِلَتْ به *** ودَفَّانِ  يشتَفّان كلَّ ظِعانِ

الظِّعَان: الحبل. يقول: جَنْباه عريضانِ، فما يأخُذان الظِّعانَ كلَّه. وأما قول الفرزدق:

* ويُخْلِفْن ما ظَنَّ الغَيورُ المشَفْشَفُ([21]) *

فيقال: الرَّجل الشديد الغَيرة. وهذا صحيح، إلاَّ أنّه الذي شفّتْه الغَيرة حتّى نَحَلَ جسمُه.

(شق) الشين والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على انصداعٍ في الشيء، ثم يحمل عليه ويشتقُّ منه على معنى الاستعارة. تقول شقَقت الشيء أَشُقه شقَّا، إذا صدعتَه. وبيده شُقوق، وبالدابّة شُقاق. والأصل واحد. والشِّقَّة: شَظِيَّةٌ تُشَظَّى من لوحٍ أو خشبة.

ومن الباب: الشِّقَاق، وهو الخِلاف، وذلك إذا انصدعت الجماعةُ وتفرَّقتْ يقال: شَقُّوا عصا المسلمين، وقد انشقّت عصا القومِ بعد التئامها، إذا تفرَّقَ أمرُهم. ويقال لنِصف الشيء الشِّقّ. ويقال أصابَ فلاناً شِقٌّ ومَشقّة، وذلك الأمر الشديد كَأنَّه من شدّته يشقُّ الإنسان شقّا.  قال الله جل ثناؤه { وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُس}  [النحل 7]. والشِّقّ أيضاً: الناحية من الجبل. وفي الحديث: "وَجَدني في أهل غُنَيْمَةٍ بِشَقّ". والشِّقّ: الشقيق، يقال هذا أخي وشقيقي وشِقُّ نفسي. والمعنى أنه مشبَّه بخشبةٍ جعلت شِقّيْنِ. ويقولون في الغضبان: احتدَّ فطارت منه شِقَّةٌ، كَأنه انشقّ من شدة الغضب. وكلُّ هذه أمثال.

والشُّقَّة: مسيرٌ بعيدٌ إلى أرض نطيَّة. تقول: هذه شُقّةٌ شاقّة. قال الله سبحانه: {ولَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّة}  [التوبة 42]. والشُّقة من الثياب، معروفة. ويقال اشتقَّ في الكلام في الخصومات يميناً وشِمالاً مع ترك القَصْد، كأنَّه يكون مرةً في هذا الشِّق، ومرَّة في هذا. وفرسٌ أَشَقُّ، إذا مالَ في أحد شِقَّيه عند عَدْوِهِ. والقياس في ذلك كلِّه واحد.

والشّقِيقة: فُرْجَةٌ بين الرمال تُنْبِتُ. قال أبوخَيْرَة: الشَّقيقة: لَيِّن من غلظ الأرض، يطول ما طال الحَبْل. وقال الأصمَعيّ: هي أرضٌ غليظةٌ بين حَبْلَينِ من الرَّمل. وقال أبو هشامٍ الأعرابيّ: هي ما بين *الأمِيلَين. والأمِيل والحَبْل سواء. وقال  لبيد:

خَنْسَاء ضيَّعتِ الفريرَ فلم يَرِمْ *** عُرْضَ الشقائقِ طَوْفُها وبُغَامُها([22])

وقال الأصمعيُّ: قِطعٌ غِلاظٌ بين كلّ حَبْلَيْ رمْل. وفي رواية النَّضْر: الشقيقة الأرض بين الجبلَين على طَوَارهما، تنقاد ما انقاد الأرض، صلبة يَسْتَنْقِعُ الماء فيها، سَعَتُها الغَلْوَةُ والغَلْوتان. قلنا: ولولا تطويلُ أهل اللُّغَةِ في ذكر هذه الشَّقائق، وسلوكُنا طريقَهم في ذلك، لكان الشّغل بغيره مما هو أنفع منه أولى، وأيُّ منفعةٍ في علم ما هي حتى تكون المنفعة في علم اختلاف الناس فيها. وكثيرٌ  مما ذكرناه في كتابنا هذا جارٍ هذا المجرى، ولاسيما فيما زاد على الثلاثيّ، ولكنَّه([23]) نَهج القوم وطريقَتُهم.

ومن الباب الشِّقْشِقَة: لَهَاة البعير، وهي تسمَّى بذلك لأنّها كأنَّها منشقَّة. ولذا قالوا للخطيب هو شقشقة، فإنما يشبّهونه بالفحل. قال الأعشى:

فاقْنَ فإني طَبِنٌ عالمٌ *** أقطعُ من شِقشقة الهادِرِ([24])

وفي الحديث: "إنَّ كثيراً من الخطب شقاشقُ الشَّيْطان"([25]).

ومما شذَّ عن هذا الباب: الشَّقيق، قالوا: هو الفَحْلُ إذا استَحْكَم وقوِيَ. قال الشاعر:

* أبوكَ شَقِيقٌ ذو صَياص مذَرَّبُ *

(شك) الشين والكاف أصل واحدٌ مشتقٌّ بعضُه من بعض، وهو يدلُّ على التَّداخُل. من ذلك قولهم شكَكْتُه بالرُّمح، وذلك إذا طَعنتُه فداخَل السِّنانُ جسمَه. قال:

فشككت بالرُّمح الأصَمِّ ثيابَه *** ليس الكريمُ على القنا بمحرَّمِ([26])

ويكون هذا من النَّظْم بين الشيئين إذا شُكّا.

ومن هذا الباب الشكُّ، الذي هو خلاف اليقين، إنما سمِّي بذلك لأنَّ الشَّاكَّ كأنه شُكَّ له الأمرانِ في مَشَكٍّ واحد، وهو لا يتيقن واحداً منهما، فمن ذلك اشتقاق الشك. تقول: شككت بين ورقتين، إذا أنت غَرَزْتَ العُود فيهما فجمعتَهما.

ومن الباب الشِّكَّةُ، وهو ما يلبسه الإنسان من السّلاح، يقال هو شاكٌّ في السّلاح. وإنما سمِّي السّلاحُ شِكَّة لأنه يُشَكُّ به، أوْ لأنه كأنه شُكَّ بعضُه في بعض. فأمّا قول ذي الرُّمَّة:

وَثْبَ المُسَحَّج مِن عاناتِ مَعْقُلةٍ  *** كأنّه مُستَبانُ الشَّكِّ أو جَنِبُ([27])

فالشك يقال إنّه ظلْع خفيف؛  يقال بعيرٌ شاكٌّ، وقد شَكّ شَكّاً. وهذا قياس صحيح؛ لأنّ ذلك وَجَع([28]) يداخِله. ويقال بل الشَّكّ: لُصوق العَضد بالجنْب. فإن صحَّ هذا فهو أظهر في القياس. والشكائك: الفِرَق من الناس، الواحدة شَكِيكة، وإنما سمِّيت بذلك لأنها إذا افترقت فكلُّ فِرقةٍ منها يداخل بعضُهم بعضاً.

(شل) الشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تباعُد، ثم يكون ذلك في المسافة، وفي نسج الثَّوب وخياطته وما قارب ذلك. فالشلُّ: الطرْد، يقال شَلَّهم شَلاًّ، إذا طَرَدهم. ويقال أصبح القوم شِلاَلاً، أي متفرِّقين. قال الشاعر:

أما والذي حَجَّت قريشٌ قَطينةً *** شِلالاً ومولَى كلِّ باقٍ وهالكِ([29])

والشَّلل: الذي قد شُلّ، أي طُرِد. ومنه قوله:

* لا يَهُمُّون: بإِدْعاق الشَّلَلْ ([30]) *

ويقال شَللت الثوب أشُلُّه، إذا خِطته خياطةً خفيفة متباعدة.

ومن الباب الشلل: فساد اليد، يقال: لا تشْلل ولا تَكْللْ، ورجلٌ أَشَلُّ وقد شَلَّ يَشَلّ. والشلل: لَطْخ يُصيب الثوبَ فيبقى فيه أثر. والشلشَلة: قَطَرَانُ([31]) الماء متقطعاً. والشُّلة([32]): النَوَى نوى الفِراق. وهو من الباب، وذلك حيثُ ينتوي القومُ. قال أبو ذؤيب:

وقلتُ تجنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عمٍّ  *** ومَطلبَ شُلَّةٍ وهي الطَّروحُ([33])

فأما الشَّليل فقال قوم: هو الحِلْس، وهو لا يكون محقق النَّسْج. وأمَّا الجُنَنُ([34]) ففيها الشَّليل، فقال قوم: هو ثوبٌ يُلبَس تحت الدِّرع *ولا يكون ضعيفاً، وقال آخرون: هي الدِّرع القصيرة، وتُجمع أشِلّة. قال أوس:

وجاؤُوا بها شَهباءَ ذاتَ أَشِلَّةٍ  *** لها عارضٌ  فيه المنيَّةُ تلمعُ([35])

وأيّ ذلك كان فإنما هو تشبيهٌ واستعارة.

(شم) الشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على المُقارَبة والمداناة. تقول شَمَمت الشيءَ فأنا أشمُّهُ([36]). والمشامَّة: المفاعلة من شاممته، إذا قاربتَهَ ودنوتَ منه. وأشمَمْتُ فلاناً الطيبَ. قال الخليل: تقول للوالي أشمِمني يدك، وهو أحسنُ من قولك: ناوِلْني يدَك. وأمّا الشمم فارتفاعٌ في الأنف، والنعت منه الأشمُّ؛ في الظاهر كأنه بعيدٌ من الأصل الذي أصَّلناه، وهو في المعنى قريبٌ، وذلك أنه إذا كان مرتفعَ قصبة الأنف كان أدنى إلى ما يريد شَمَّهُ. ألا تراهم يقولون: [آنفُهُمْ([37])] تنال الماء قبل شفاههم. وإذا كان هذا كذا كان منه أيضاً ما حُكي عن أبي عمرو: أشمَّ فلانٌ، إذا مرَّ رفعاً رأسه. وعرضت عليه كذا فإذا هو مُشِمٌّ([38]). وبينا هُمْ في وجهٍ أشَمُّوا، أي عدَلوا؛ لأنه إذا باعدَ شيئاً قاربَ غيره. وإذا أشمَّ عن شيءٍ قارَبَ غيره، فالقياسُ فيه غير بعيد.

(شن) الشين والنون أصلٌ واحد يدلُّ على إخلاقٍ ويُبْس. من ذلك الشَّنُّ، وهو الجِلد اليابس الخَلَق البالي، والجمع شِنانٌ. وفي الحديث في ذكر القرآن: "لا يَتفه ولا يتشَانُّ([39])"، أي لا يَقِلُّ ولا يُخْلِق. والشنين: قَطَرانُ الماء من الشَـنّة. قال الشاعر:

* يا مَن لِدمعٍ دائم الشَّـنينِ([40]) *

ومن الباب: الشِّنْشِنَة، وهي غريزة الرَّجُل. وفي أمثالهم: "شِنْشِنة أعرفُها من أخزم"، وهي مشتقة مما ذكرناه، أي هي طبيعتُه التي وُلِدَت معه وقَدُمَت، فهي كأنها شَنّة. والشَّنُون، مختلف فيه، فقال قوم: هو المهزول، واحتجُّوا بقول الطرِمَّاح في وصف الذئب الجائع:

* كالذّئب الشّنونِ([41]) *

وقال آخرون: هو السَّمين. ويقال إنّه الذي ليس بسمينٍ ولا مهزُول. وإذا اختلفت الأقاويل نُظِرَ إلى أقربها من قياس الباب فأُخِذَ به. وقد قال الخليل: إن الشَّنُون الذي ذهب بعضُ سِمَنه، [شُبّهَ([42])] بالشَّنّ. وقال: يقال للرّجُل إذا هُزِلَ: قد استَشَنّ. وأمّا إِشْنانُ([43]) الغارةِ فإنما هو مشتقٌّ من الشَّنين، وهو قَطَران الماء من الشَّنَّة، كأنهم تفرَّقوا عليهم فأتَوْهم من كلِّ وجه. ويقال شننت الماءَ، إذا صَبَبْته متفرِّقاً. وهو خلافُ سَنَنْت.

(شب) الشين والباء أصلٌ واحد يدلُّ على نَمَاء الشيء، وقوّته في حرارةٍ تعتريه. من ذلك شَبَبْتُ النّارَ أَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً. وهو مصدر شُبَّت. وكذلك شَبَبْتُ الحرب، إذا أوقدتَها. فالأصل هذا. ثم اشتقَّ منه الشَّباب، الذي هو خلاف الشَّيْب. يقال: شَبَّ الغلامُ شَبِيباً وشَباباً([44])، وأَشَبَّ الله قَرْنَهُ([45]) والشَّبَاب أيضاً: جمع شابّ، وذلك هو النَّماء والزيادةُ بقوّة جسمِه وحرارته. ثم يقال فَرقاً: شَبَّ الفرسُ شِباباً، بكسر الشين، وذلك إذا نَشط ورفَع يديه جميعاً. ويقولون: بَرِئْت إليكَ من شِبابه وعِضَاضِه([46]). والشَّبيبة: الشَّباب([47]). ومن الباب: الشَّبَبُ: الفتيُّ من بقر الوحش. قال ذو الرّمة:

* ناشِطٌ شَبَبُ([48]) *

ومن هذا القياس: أُشِبّ له الشيءُ، إذا قُدِّرَ وأُتيح؛ وكأنّه رُفع وأُسْمِيَ له([49]).

(شت) الشين والتاء أصلٌ يدلُّ على تفرُّق وتزيُّل، من ذلك تشتيت الشيء المتفرّق، تقول: شَتّ شَعْبُهم شَتَاتاً وشَتّاً، أي تفرَّقَ جَمْعُهم. قال الطرِمّاح:

شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامْ *** وشَجَاكَ الرّبعُ رَبعُ المُقامْ([50])

ويقال: جاء القوم أشتاتاً. وثَغْر شَتِيتٌ: مفلَّجٌ حَسَن. وهو من هذا، كأنَّه يقال إنَّ الأسنانَ ليست بمتراكِبة. وشتّانَ ما هما، يقولون إنّه الأفصح، وينشدون:

وشَتّانَ ما يومِي على كُورِها *** ويومُ حَيَّانَ أخِي جابرِ([51])

و* رّبما قالوا: شَتَّانَ ما بينهما، والأوّل أفصح.

(شث) الشين والثاء ليس بأصل، إنما هو الشّثُّ: شَجر.

(شج) الشين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على صَدْع الشيء. يقال شَجَجْتُ  رأسَهُ أَشُجُّه شَجّاً. وكان بين القوم شِجاجٌ ومشاجّة، إذا شجَّ بعضُهم بعضاً. والشَّجَجُ: أثر الشَّجّة في الجبينِ؛ والنّعت منه أَشَجّ. وشجَجت المفازةَ شَجّاً، إذا صَدَعْتَها بالسَّير. وشَجَجْتُ الشَّرابَ بالمِزَاج([52]). وشَجَّت السفينةُ  البحر. والشَّجِيج: المشجوج. والوَتِد شجيج.

(شح) الشين والحاء، الأصل فيه المنع، ثم يكون منعاً مَعَ حِرص. من ذلك الشُّحُّ، وهو البُخل مع حِرص. ويقال تَشَاحَّ الرّجلانِ على الأمر، إذا أراد كلُّ واحدٍ منهما الفوزَ به ومنْعَه من صاحبه. قال الله جلَّ ثناؤه: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}  [الحشر 9، التغابن 16]. والزّنْد الشَّحَاحُ: الذي لا يُورِي.

قال ابن هَرْمَة:

وإِنِّيَ وتركي نَدى الأكرمينَ  *** وَقَدْحِي بكفَّيَّ زَنْداً شَحَاحا([53])

هذا هو الأصل في المضاعف.

فأمَّا المطابَقُ فقريبٌ من هذا. يقولون للمواظِب على الشيء: شَحْشَحٌ. ولا يكون مواظبتُه عليه إلاَّ شُحّاً به. ويقولون للغَيور: شَحْشَح، وهو ذاك القياس؛ لأنّه إذا غار مَنَع. وكذلك الشُّجَاع، وهو المانع ما وراءَ ظهرِه. وأمَّا الماضي في خطبته فيقال له شَحشح؛ كأنّه محمولٌ على الشُّجاع مشبَّه به.

(شخ) الشين والخاء ليس بأصل، إنما يقولون شَخَّ الصبيُّ ببوله، إذا بال وكان له صوت. وشَخَّتْ رجلُه دماً، أي سالت.

(شد) الشين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قوةٍ في الشيءِ، وفُروعُه ترجِع إليه. من ذلك شَدَدْتُ العقد شَدّاً أشُدُّه. والشَّدّة: المرّة الواحدة. وهذا القياسُ في الحرْب أيضاً. يَشُدُّ شَدّاً. قال:

يا شَدَّةً ما شددنا غيرَ كاذبةٍ  *** على سَخِينَةَ لولا اللّيلُ والحرَمُ([54])

ومن الباب: الشّديد والمتشدّد: [البَخِيل([55])]. قال الله سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ}  [العاديات 8]. [و] قال طرَفة في المتشدّد:

أَرَى الموتَ يعتامُ الكِرامَ ويَصْطَفي *** عَقيلةَ مالِ البَاخِلِ المتشدِّدِ([56])

وحُكِي عن أبي زيد: أصابتني شُدَّى، أي شِدَّة. ويقال: أَشَدَّ القومُ، إذا كانت دوابُّهم شِداداً([57]). وشَدُّ النّهارِ: ارتفاعه([58]). والأَشُدُّ: العشرون، ويقال أربعون سنة. وبعضهم يقولون لا واحدَ لها، ويقال بل واحدها شَدٌّ.

(شذ) الشين والذال يدلُّ على الانفراد والمفارَقة. شَذّ الشيء يَشِذُّ شذوذاً. وشُذَّاذُ الناس:  الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم ولا مَنَازِلهم([59]). وَشُذَّانِ الحصى([60]): المتفرِّق منه. قال امرؤ القيس:

تُطَايِرُ شُذّانَ الحصى بمَنَاسمٍ *** صلابِ العُجى ملثومُها غَيرُ أَمْعَرا([61])

(شر) الشين والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الانتشار والتّطايُر. مِن ذلك الشرّ خلاف الخير. ورجلٌ شِرِّير، وهو الأصل؛ لانتشاره وكثرته. والشَّرُّ: بسْطُك الشيءَ في الشمس. والشّرارة، والجمع الشّرَارُ. والشّرَر: ما تطاير من النّار، الواحدة شَرَرَة. قال الله جلَّ وعلا: {إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقَصْرِ}  [المرسلات 32]. ويقال: شرشَرَ الشيءَ، إذا قطّعه. والإِشرارة: ما يُبْسَط عليه الشيء. والشِّواء الشّرْشار([62]): الذي يتقاطر دَسَمُه. والشَّرشرة: أن تنفُض الشَّيء من فيك بعد عضِّك إِيَّاه. وشراشر الأذناب: ذَباذِبُها. وأنشد:

فعوين يَستعجِلْنه ولَقِينَه *** يَضْرِبْنَه بِشراشر الأَذْنابِ([63])

فإن قال قائل: فعلى أيِّ قياسٍ من هذا البابُ يُحمل الشَّراشر، وهي النَّفْس، يقال ألقى عليه شراشِرَه، إذا ألقى عليه نفسه حرصاً ومحبّة. وهو قوله:

* ومِنْ غَيَّةٍ تُلقَى عليها الشَّراشرُ([64]) *

فالجوابُ أنَّ القياس في ذلك صحيح، وليس يُعنَى بالشّراشر الجسمُ والبدَن، إنّما يراد به النَّفْس. وذلك عبارةٌ عن الهِمم والمَطَالب * التي في النَّفْس. يقال ألقى عليه شراشِرَه، أي جَمَع ما انتشر من هِمَمه لهذا الشيء، وشَغَلَ همومَه كلَّها به. فهذا قياس.

ويقال أشررتُ فلاناً، إذا نسبتَه إلى الشرّ. قال طرفة:

وما زال شُربِي الرّاحَ حتّى أَشَرّنِي *** صديقي وحَتَّى ساءني بعضُ ذلِكِ([65])

ويقال أشررت الشّيءَ، إذا أبرزْتَه وأظهرتَه. قال:

* وَحَتَّى أُشِرّتْ بالأكفِّ المصاحفُ([66]) *

وقال:

إِذا قِيلَ أيُّ النّاسِ شرٌّ قبيلةً *** أَشَرَّت كليباً بالأكفّ الأصابع([67])

وقال امرؤ القيس:

تجاوزتُ أحراساً عليها ومَعْشَراً *** عليَّ حِراصاً لو يُشِرُّون مَقتَلي

(شز) الشين والزاء أصلٌ واحد ضعيف. يقولون: إنّ الشَّزازة: اليُبْس الشَّديد.

(شس) الشين والسين قريب من الذي قبله. فالشَّسُّ: الأرض الصُّلْبة، والجمع شِسَاس وشُسوس.

ـــــــــــــــــ

([1]) الرجز في اللسان (شصص).

([2]) التكملة يقتضيها الاستشهاد التالي، وكذا جاء في المجمل: "قال أبو عبيد: شططت فلان وأشططت، وهو الجور في الحكم". ثم استشهد بحديث تميم الداري.

([3]) في اللسان: "وفي حديث تميم الداري أن رجلاً كلمه في كثرة العبادة فقال: أرأيت إن كنت أناً مؤمناً ضعيفاً وأنت مؤمن قوي إنك لشاطّي حتى أحمل قوتك على ضعفي فلا أستطيع فأنبت". يقول: إذا كلفتني مثل عملك وأنت قوي وأنا ضعيف فهو جور منك.

([4]) هو الراجز أبو النجم العجلي. اللسان (شطط، عطط).

([5]) سبق البيتان في مادة (ربع).

([6]) في الأصل: "لابتشائه"، تحريف.

([7]) ديوان قيس بن الخطيم 3 واللسان (شعع).

([8]) شعاع السنبل بتثليث حركات الشين. في الأصل: "شعا"، تحريف.

([9]) البيت في أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمي العربي، السنة الثامنة ص 475. وقبله:

* تفرى له الريح ولما يقمل *.

([10]) البيت في المجمل، وهو لقيس بن ذريح، كما في اللسان (شمع).

([11]) البيت في المجمل واللسان (شعع).

([12]) ديوان ذي الرّمة 579 واللسان (شعع). وسيعيده في (عهم).

([13]) البيت لعمرو بن كلثوم في معلقته.

([14]) ديوان رؤبة 97 واللسان (شغغ).

([15]) هو عبد بن مناف بن ربع الهذلي، كما في اللسان (شغغ). وقصيدته في بقية أشعار الهذليين

3 ونسخة الشنقيطي 51، وانظر ما سيأتي في (عضد).

([16]) في الأصل: "شفّ".

([17]) الشفافة، بالضم: البقية من الشيء.

([18]) البيت في المجمل (شف).

([19]) في الأصل: "لا تسار"، صوابه من المجمل.

([20]) هو كعب بن زهير. والبيت سبق إنشاده في (دف).

([21])  أنشد هذا الصدر في اللسان (شفف). وصدره في الديوان 552:

* موانع للأسرار إلا لأهلها *.

([22]) البيت من معلقة لبيد.

([23]) في الأصل: "ولكن".

([24]) ديوان الأعشى: 107 واللسان (شقق). وفي الديوان: "واسمع فإنّي".

([25]) في اللسان: "من شقاشق الشيطان".

([26]) البيت من معلقة عنترة العبسي.

([27]) البيت في ديوان ذي الرمة 10 واللسان (جنب، شكك). وقد سبق في (جنب).

([28]) في الأصل: "رجع".

([29]) البيت لابن الدمينة في اللسان (شلل).

([30]) عجز بيت للبيد، سبق إنشاده في (دعق). وسيأتي في (عور) وصدره:

* في جميع حافظي عوراتهم *.

([31]) القطران، بفتح الطاء: مصدر قطر. وفي الأصل: "قطرات"، تحريف.

([32]) ويقال أيضاً "الشُّلَّى" بالقصر.

([33]) ديوان أبي ذؤيب 69 واللسان (شلل).

([34]) الجنن: جمع جنة، وهو ما استترت به من السلاح. وفي الأصل: "الحسن"، تحريف، صوابه من المجمل.

([35]) ديوان أوس بن حجر 11  واللسان (شلل).

([36]) يقال من بابي علم ونصر.

([37]) تكملة يفتقر إليها الكلام.

([38]) في الأصل: "متشم"، صوابه في المجمل واللسان.

([39]) سبق الاستشهاد بالحديث في (تفه) برواية أخرى حيث فسر التافه بالقليل.

([40]) البيت في اللسان (شنن 108).

([41]) وكذا ورد إنشاد هذه القطعة في المجمل. والبيت بتمامه في الديوان 178 واللسان (شنن):

يظل غرابها ضرما شذاه *** شج بخصومة الذئب الشنون

([42]) التكملة من المجمل.

([43]) في الأصل: "شنان"، تحريف، وإنما هو "إشنان" مصدر "أشن".

([44]) وشبوبا أيضاً.

([45]) في اللسان: "وأشبّه الله وأشبّ الله قرنه. والقرن زيادة في الكلام".

([46]) ويقال أيضاً: "من شبيبه وعضيضه".

([47]) في الأصل: "الشاب"، صوابه في المجمل واللسان.

([48]) البيت بتمامه كما في الديوان 17 واللسان (نمش، نشط)، وما سيأتي في (نشط):

أذاك أم نمش بالوشي أكرعُهُ *** مسفع الخد هاد ناشط شبب

([49]) أسماه له: رفعه. وفي الأصل: "سمى به له".

([50]) ديوان الطرماح 95 واللسان (شتت).

([51]) للأعشى في ديوانه 108 واللسان (شتت).

([52]) في الأصل: "بالمزج" مع ضبط الميم بالكسر، صوابه من المجمل.

([53]) اللسان (شحح) والحيوان (1: 199) ، والموشح: 237، وثمار القلوب 353.

([54]) لخداش بن زهير، كما سبق في حواشي مادة (سخن).

([55]) التكملة من المجمل واللسان.

([56]) البيت من معلقته المعروفة.

([57]) منه الحديث: "يرد مشدهم على مضعفهم".

([58]) منه قول عنترة في معلقته:

عهدي به شد النهار كأنما  *** خضب البنان ورأسه بالعظلم.

([59]) في الأصل: "مساولهم"، صوابه في المجمل واللسان.

([60]) شذان، بالضم: جمع شاذ، كشاب وشبان. وبالفتح: صفة على فعلان.

([61]) ديوان امرئ القيس 98 واللسان (شذذ).

([62]) وكذا في المجمل. وفي اللسان والقاموس: " الشرشر" .

([63]) في المجمل: "يعوين".

([64]) لذي الرمة. وصدره في ديوانه 251 واللسان (شرر): * وكائن ترى من رشدة في كريهة *.

([65]) ديوان طرفة 55 واللسان (شرر). وفي الأصل: "شرب الراح"، وصوابه في الديوان واللسان. وفي اللسان: "بعض ذلكا"، تحريف. ومطلع القصيدة:

ففي قبل وشك البين يا ابنة مالك *** وعوجي علينا من صدور جمالكِ

([66]) لكعب بن جعيل كما في وقعة صفين 336 واللسان (شرر). ونسب في وقعة صفين 411 إلى أبي جهمة الأسدي. وذكر في اللسان نسبته إلى الحصين بن الحمام المري.

([67]) للفرزدق في ديوانه 520 والخزانة (3: 669). ويروى: "أشارت كليب" بنَزع "إلى" وإبقاء عملها. و"أشارت كليباً " بالنصب بعد نزع الخافض.

 

ـ (باب الشين والصاد وما يثلثهما)

(شصب) الشين والصاد والباء أصلٌ يدلُّ على شِدَّة في عيشٍ وغيره. يقال: الشَّصائب: الشَّدائد. ويقال عيشٌ شاصبٌ، أي شديد. وقد شَصَب شُصوباً. ويقال أَشْصَب اللهُ عيشَهُ.‏

ومن هذا الباب، إن كان صحيحاً: شَصَبت النّاقةُ على الفَحل(1)، وذلك إذا أَكْثَرَ ضرابَها فلم تَلْقَحَ له.‏

وما بعد ذلك من قولهم أنَّ الشِّصْبَ(2): النَّصِيب، وأنَّ المَشْصوبَةَ(3) المسلُوخة، فكلُّ ذلك مشكوكٌ فيه، غيرُ معوَّل عليه.‏

(شصر) الشين والصاد والراء أصلٌ إن صحَّ يدلُّ على وصلِ شيء بشيء. من ذلك الشِّصَار: خشبة تشدُّ مِن مَنْخِرَي الناقة. تقول: شَصَّرتها أُشصِّرها تشصيراً. وقريبٌ من هذا: الشَّصْر: الخياطة ويكون فيها بعض التّباعُد. وأمّا قولهم شَصَرَ بصرُ فلان، فهو من باب الإِبدال، وإِنّما الصاد [مبدلة] من الطاء، وقد ذُكَر في بابه.‏

ومما شذّ عن ذلك: الشَّصَر، يقال إنَّه الظَّبْي الشّادن. وربما سمَّوه الشَّاصِر. وقد ذكره جرير(4).‏

ــــــــــــــــــ

(1) هذه الكلمة مما فات صاحب اللسان، وذكرت في المجمل والقاموس.‏

(2) وهذه أيضاً مما فات صاحب اللسان، وذكرت في القاموس، وقال: "كالشصيب".‏

(3) ذكرت في اللسان عن ثعلب. وقد ذكر في المجمل بدلها "الشصب" بضمتين. وفي القاموس: "وكعنق: الشاة المسلوخة".‏

(4) في المجمل: "وهو في شعر جرير". وقد عثرت على الشاهد الذي أشار إليه في ديوان جرير 306 وهو:‏

عرقت وجوه مجاشع وكأنها *** عقل تدلع دون مدرى الشاصر‏

 

ـ (باب الشين والطاء وما يثلثهما)

(شطن) الشين والطاء والنون أصلٌ مطّرد صحيح يدلُّ على البُعد. يقال شَطَنت الدار تَشْطُن شطوناً إذا غَرَبَت. ونوىً شَطونٌ، أي بعيدة. قال النابغة:

نَأَتْ بسعادَ عنك نوىً شَطونُ *** فبانتْ والفؤادُ بها رهينُ([1])

ويقال بئرٌ شَطون، أي بعيدة القَعر، والشَّطَن: الحَبْل. وهو القياس، لأنَّه بعيدُ ما بينَ الطَّرَفين. ووصَفَ أعرابيٌّ فرساً فقال: "كأنّه شيطانٌ في أشطان". قال الخليل: الشَّطَن: الحبل الطويل. ويقال للفرس إذا استعصى على صاحبه: إنه لَينْزُو([2]) بين شَطَنين. وذلك أنّه يشده موثقاً بين حَبْلَين([3]).

وَأمَّا الشَّيطان فقال قوم: هو من هذا الباب، والنون فيه أصليّة، فسُمِّي بذلك لبُعده عن الحقّ وتمرُّده. وذلك أنّ كلَّ عاتٍ متمرّدٍ من الجنّ والإنس والدوابّ شيطان. قال جرير:

أيَّامَ يَدْعُونَني الشّيطانَ مِنْ غَزَلي *** وهنّ يَهوَيْنَني إِذْ كُنتُ شيطانا([4])

وعلى ذلك فُسِّرَ قولُهُ تعالى: {طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِين}  [الصافات 65]. وقيل إنّه أرادَ الحيّات: وذلك أنَّ الحيَّة تسمَّى شيطاناً. قال:

تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَميٍّ كأنّه  *** تَعَمُّجُ شيطانٍ بذي خِرْوعٍ قَفْرِ([5])

ويشبه أن يكون مِنْ حُجّة من قال بهذا القول، وأنَّ النون في الشيطان أصليةٌ قولُ أميَّة:

أيُّما شاطنٍ عَصَاهُ عَكاهُ *** ورماهُ  في القَيد والأغلالِ([6])

أفلا تراه بناه على فاعلٍ وجعل النّونَ فيه أصلية؟! فيكون الشيطان على هذا القول بوزن فَيْعال. ويقال إنَّ النون *فيه زائدة، [على([7])] فعلان، وأنَّه من شاط، وقد ذكر في بابه.

(شطأ) الشين والطاء والهمزة فيه كلمتان: إحداهما الشَّطْء شَطءُ النَّبات، وهو ما خرج من حول الأصل، والجمع أشطاء. وقد شَطَأت الشَّجرة. قال الله  جلَّ ثناؤه: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ}  [الفتح 29]. والأصل شاطئ الوادي: جانبه. وشاطأتُ([8]) الرّجُل: مشيت على شاطئٍ ومشى هو على الشاطئِ الآخر. وهما متبايِنَتَان.

(شطب) الشين والطاء والباء أصلٌ مطَّرد واحد، يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ رَخص، ثم يقال في غير ذلك. فالشَّطْبة: سَعَفَة النَّخل الخضراء، والجمع شَطْبٌ([9]). وفي حديث أمِّ زرع: "كَمَسَلّ شَطْبة([10])". ويقال للجارية الغَضَّة شَطْبة. وفرسٌ أيضاً شَطْبة. وعلى ذلك الذي ذكرناه من سَعَف النّخْل يُحمَل الشّطبة من شُطب السّيف؛ والشّطبة([11]): طريقة في متنه، والجمع شُطُب. ويقال سيف مُشَطَّب. ويقال إنَّ الشُّطبة أو الشِّطبة القطعة من السَّنام تُقطَع طولاً، يقال شَطبت السَّنام. والشَّواطب من النساء: اللواتي يَقْدُدن الأديمَ طويلاً. والشواطب: اللاتي يشقّقن السَّعَف للحُصْر، في قوله:

* نَشْطَ الشَّواطِبِ بينهنَّ حَصيرَا([12]) *

وقال آخر:

تَرَى قِصَدَ المُرَّان تُلقَى كأنَّها *** تَذَْرُّع خرصانٍ بأيدي الشَّواطِب([13])

والواحدة شاطبة. ويقال للفرس السَّمين الذي انبتر مَتْناه وتباينَتْ غُرورُه([14]): هو مشطوب المَتْن والكَفَل، وذلك أنَّه يكون على ظهوره كالطَّرائق، فكلُّ طريقةٍ منها كأنَّها شَطْبة. ويقال أرضٌ مشطّبة، إِذا خَطّ فيها السّيلُ خَطّاً([15]).

(شطر) الشين والطاء والراء أصلان، يدلُّ أحدهما على نِصف الشيء، والآخر على البُعد والمواجهة.

فالأوَّل قولُهم شَطَر الشيء، لِنصفه، وشاطرت فلاناً الشيءَ، إذا أخذتَ منه نصفه وأخذ هو النِّصف. ويقال شاةٌ شَطور، وهي التي أَحَدُ طبييها أطولُ من الآخر.

ومن هذا الباب قولهم: شَطَر بصرُهُ شُطوراً وشَطْراً، وهو الذي ينظُر إليك وإلى آخَر. وإنّما جُعِلَ هذا من الباب لأنَّه إذا كان كذا فقد جَعل لكلِّ واحدٍ منهما شَطرَ نظرِه. وفي قول العرب: "حلَب فلانٌ الدّهرَ أشطُرَه"، فمعناه أنّه مرّت عليه ضروبٌ من خيرِهِ وشرِّه. وأصله في أخلاف الناقة: خِلْفان قادمان، وخِلفان آخِران، وكلُّ خِلفَين شَطر؛ لأنّه إذا كانت الأخلاف أربعة فالاثنان شطر الأربعة، وهو النصف. وإذا يبس أحدُ خِلفَي الشّاة فهي شَطور، وهي من الإبل التي يَبِس خِلْفان من أخلافها؛ وذلك أنّ لها أربعةَ أخلافٍ، على ما ذكرناه.

وأما الأصل الآخر: فالشَّطير: البعيد. ويقولون: شَطَرت الدّارُ، ويقول الرّاجز:

* لا تتركَنِّي فيهمُ شطيرا([16]) *

ومنه قولهم: شَطَرَ فلانٌ على أهله([17])، إذا تركهم مُراغما مخالِفا. والشَّاطر: الذي أعيا أهلَه خُبْثا. وهذا هو القياس؛ لأنَّه إذا فَعل ذلك بعُد عن جَماعَتِهم ومُعظَم أمرِهم.

ومن هذا الباب الشَّطْر الذي يقال في قَصْد الشّيءَ وجِهَتِهِ. قال الله تعالى في شأن القِبْلة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة 144 و150] أي قَصْدَه. قال الشّاعر:

أقولُ لأمِّ زِنباعٍ أقيمي  *** صُدورِ العِيسِ شَطْرَ بني تميم([18])

وقال آخر([19]):

وقد أظلَّكُم من شَطْرِ ثَغْرِكُم *** هَولٌ لـه ظُلَمٌ تغشاكُم قِطَعا

ولا يكون شطر ثغركم([20]) تلقاءه، إلاّ وهو بعيدٌ عنه، مباينٌ له، والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــ

([1]) البيت بهذه النسبة في اللسان (شطن)، وليس في ديوان النابغة.

([2]) ينْزو: يثب. وفي الأصل: "ينْز"، صوابه من اللسان (شطن : 103).

([3]) في اللسان: "يقال للفرس العزيز النفس: إنه لينْزو بين شطنين. يضرب مثلاً للإنسان الأشر القويّ".

([4]) ديوان جرير 597 واللسان (شطن).

([5]) لطرفة بن العبد، كما في الحيوان (4: 133). وأنشده في الحيوان (1: 153/ 6: 192)، بدون نسبة، وكذا في اللسان (3: 153 / 17: 105). وليس في ديوانه. وسيعيده في (عمج) بدون نسبة.

([6]) أنشده في اللسان (شطن، عكا)، وذكر أنه في صفة سليمان.

([7]) التكملة من المجمل.

([8]) في الأصل: "وشطأت"، صوابه في المجمل واللسان.

([9]) في الأصل: "أشطب"، صوابه في المجمل واللسان.

([10]) المسل: مصدر ميمي أريد به اسم المفعول، أي المسلول. وفي الأصل: "كمثل"، صوابه في المجمل واللسان. وانظر حديث أم زرع في المزهر (2: 532 ـ 536).

([11]) الشطبة، بالضم، وبالكسر وبضم ففتح. وجمعها شطب بضم ففتح وبضمتين.

([12]) في المجمل: "بسط الشواطب".

([13]) لقيس بن الخطيم كما سبق في حواشي (ذرع)، حيث أنشد عجز البيت. وفي الأصل: "كأنَّه"، تحريف.

([14]) الغرور: جمع غر، بالفتح، وهو الكسر في الجلد من السمن. وفي الأصل: "عروقه". صوابه من اللسان (شطب).

([15]) في المجمل: "خطاء ليس...." مع تآكل الكلمة الأخيرة. والكلمة وردت في القاموس وفسرها بقوله: "مشطبة كمعظمة: خط فيها السيل قليلاً". ولم تذكر في اللسان.

([16]) أنشده في اللسان (شطر) وذكره العيني في شرح شواهد شروح الألفية (3: 383). ولم يعرف نسبته.

([17]) وكذا في المجمل. وفي اللسان والقاموس: "عن أهله".

([18]) البيت لأبي زنباع الجذامي، كما في اللسان (شطر).

([19]) هو لقيط بن يعمر الإيادي، وقصيدة البيت هي أولى مختارات ابن الشجري.

([20]) في الأصل: "شطركم".

 

ـ (باب الشين والظاء وما يثلثهما)

(شظف) الشين والظاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على الشّدّة في العيشِ وغيره. والأصل من ذلك الشَّظيف * من الشَّجر: الذي لم يجِدْ رِيَّهُ  فيبِس وصلُب، فيقال من هذا: فلانٌ هو في شَظَف من العَيش، أي ضِيق وشِدّة. وجاء في الحديث: "لم يشبَعْ من خُبزٍ ولحم إلاَّ على شظف". وقال ابن الرِّقَاع:

ولقد أَصبتُ من المعيشةِ لَذَّةً *** ولقيتُ من شَظَفِ الأمور شدادَها([1])

ويقال في هذا الباب من الشدة: بعيرٌ شَظف الخِلاط، أي يُخالِط الإبلَ مخالَطة شديدة. وشَظِف السّهمُ، إذا دخل بين الجلد واللّحم.

(شظم) الشين والظاء والميم كلمة واحدة. يقال للفرس الطويل: شَيْظَم، ثم يستعار للرّجُل.

(شظي) الشين والظاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على تصدُّع الشيء من مواضع كثيرة، حتى يصيرَ صُدُوعاً متفرّقة، من ذلك الشَّظِيّة من الشيء: الفِلْقة. يقال تَشَظَّت العصا، إذا كانت فِلَقا([2]). قالت فَروةُ بنتُ [أبانَ بن([3])] عبدِ المَدَان.

يا مَنْ أحسَّ بُنَيَّيَّ اللّذِينَ هما *** كالدُّرَّتين تَشظّى عنهما الصَّدفُ([4])

ـــــــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (شظف).

([2]) كانت، هنا بمعنى صارت. وفي المجمل: "صارت".

([3]) التكملة من المجمل.

([4]) البيت في اللسان ( شظى) بدون نسبة.

 


ـ (باب الشين والعين وما يثلثهما)

(شعف) الشين والعين والفاء يدلُّ على أعالي الشيء ورأسه. فالشَّعَفة: رأس الجبل، والجمع شَعَفات وشَعَفٌ. وضُرب فلانٌ على شَعفات رأسه، أي أعالي رأسِه. وشَعَفةُ القلب: رأسُه عند مُعَلَّق النِّياط. ولذلك يقال شَعَفه الحُبَّ، كأنَّه غَشّى قلبَه من فَوقه. وقرأها ناس([1]): {قد شَعَفَهَا حُبَّاً}  [يوسف 30]، وهو من هذا. وجاء في الحديث: "خيرُ النّاسِ رجُلٌ في شَعَفَةٍ في غُنَيْمةٍ"، يريد: أعلى جَبَل.

(شعل) الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء  الواحد من جوانبه. يقال أشعلْتُ النّار في الحطب، واشتعلت النّارُ. واشتعل الشّيب. قال الله تباركَ وتعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْباً} [مريم 4].

والشَّعِيلة: النار المُشْعَلة في الذُّبَال. وأشعلْنا الخيلَ في الإِغارة: بَثَثْناها. والشُّعْلة من النّار، معروفة. والشَّعَل: بياضٌ في ناصيةِ الفَرَس وذَنبه؛ يقال فرس أشعل، والأنثى شَعْلاء.

ومن الباب: تفرَّقَ القومُ شعاليلَ، أي فِرَقاً كأنَّهم اشتعلوا. وشَعْل: لقب، ويقال اسم امرأة([2]).

ومما شذَّ عن الباب المِشْعَل، وهو شيءٌ من جلود، لـه أربعُ قوائم يُنْتَبذ فيه. قال ذو الرُّمَّة:

أَضَعْنَ مَوَاقِتَ الصَّلَواتِ عَمْداً *** وحالَفْنَ المشاعِلَ والجِرارا([3])

(شعي) الشين والعين والحرف المعتل، أصلٌ يَدُلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الذي قَبْلَه. يقال أَشْعَى القومُ الغارةَ إشعاء، إذا أَشْعَلُوها. وغارةٌ شَعْواء: فاشية. قال ابنُ قيس الرّقيَّات:

كيفَ نَومِي على الفِراشِ ولمَّا *** تَشْمَل الشّامَ غارةٌ شعواءُ([4])

(شعن) الشين والعين والنون كلمة. يقولون: هو مُشْعَانُّ الرأس، إذا كان ثائر الرأس.

(شعب) الشين والعين والباء أصلان مختلفان، أحدهما يدلُّ على الافتراق، والآخر على الاجتماع. ثمَّ اختلف أهلُ اللغة في ذلك، فقال قومٌ: هو من باب الأضداد. وقد نصَّ الخليلُ على ذلك. وقال آخرون: ليس ذلك من الأضداد، إنّما هي لغات. قال الخليل: من عجائب الكلام ووُسْع العربيَّة، أنَّ الشَّعْب يكون تفرُّقاً، ويكون اجتماعاً. وقال ابن دريد([5]):  الشَّعب: الافتراق، والشَّعْب: الاجتماع. وليس ذلك من الأضداد، وإنّما هي لغةٌ لقوم. فالذي ذكرناه من الافتراق. وقولهم للصَّدْعِ في الشيء شَعْب. ومنه الشَّعْب: ما تشعّبَ من قبائل العرب والعجم، والجمع شعوب. قال جل ثناؤه: {وَجَعلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ} [الحجرات 13]. ويقال الشَّعب: الحَيُّ([6]) العظيم. قالوا: ومَشعب الحقّ: طريقُه.

قال الكميت:

فما لِيَ إلاَّ * آلَ أحمدَ شيعةٌ *** وما لي إلاّ مَشعَب الحقِّ مَشْعَبُ([7])

ويقال: انشعبت بهم الطُّرق، إذا تفرَّقَتْ، وانشعبت أغصانُ الشجرة. فأمَّا شُعَب الفَرَس، فيقال إنَّه أقطارُهُ التي تعلُو منه، كالعنق والمَنْسِج، وما أشرف منه. قال:

* أشمُّ خِنذيذٌ منيفٌ شُعَبُهْ([8]) *

ويقال ظبيٌ أشعبُ، إذا تفرَّق قرناه فتبايَنَا ببينونةً شديدة. قال أبو دُؤاد:

وقُصْرَى شَنجِ الأنسا *** ءِ نَبّاحٍ من الشُّعْبِ([9])

والشِّعب: ما انفرَجَ بين الجبلَين. وشَعوبُ: المنِيّة؛ لأنَّها تَشعَب، أي تفرِّق. ويقال شَعبتْهم المنيّة فانشعبوا، أي فرّقتْهم فافترقوا. والشَّعِيب: السِّقاء البالي، وإنَّما سمِّي شَعِيباً لأنَّهُ يَشْعَب الماء الذي فيه، أي لا يحفظُهُ بل يُسيله. قال:

* ما بالُ عَيْنِي كالشَّعيب العَيَّن([10]) *

قال ابن دريد([11]): "وسمِّي شعبانُ لتشعُّبِهم فيه، وهو تفرُّقُهم في طلب المياه". وفي الحديث: "ما هذه الفُتْيا التي شعَّبت الناس؟". أي فرّقتهم.

وأما الباب الآخر فقولهم شَعَبَ الصَّدْعَ، إذا لاءمَه. وشَعَبَ العُسَّ وما أشبهه. ويقال للمِثْقَب المِشْعَب. وقد يجوز أن يكون الشَّعْب الذي في باب القبائل سمِّي للاجتماع والائتلاف. ويقولون: تفرَّق شَعْب بني فلان. وهذا يدلُّ على الاجتماع. قال الطّرِمَّاح:

* شَتَّ شعبُ الحَيِّ بعدَ التئامْ([12]) *

ومن هذا الباب وإن لم يكن مشتقاً شَعَبْعَـب، وهو موضعٌ. قال:

هل أَجْعلنَّ يدِي للخَدّ مِرْفَقةً *** على شَعَـبْعَب بين الحوض والعَطَنِ([13])

وُشعَبَى([14]): موضع أيضاً.

(شعث) الشين والعين والثاء أصل يدل على انتشارٍ في الشَّيء. يقولون: لمّ اللهُ شَعثَكم، وجَمَعَ شَعَثَكم. أي ما تفرَّق من أمركم. والشَّعَث شَعَثُ رأس السِّواكِ والوتِد. ويسمُّون الوتِدَ أشعثَ لذلك.

(شعذ) الشين والعين والذال ليس بشيء. قال الخليل: الشَّعْوَذة ليست من كلام أهل البادية، وهي خِفّة في اليدين، وأُخْذةٌ كالسِّحر.

(شعر) الشين والعين والراء أصلان معروفان، يدلُّ أحدهما على ثَباتٍ، والآخر على عِلْمٍ وعَلَم.

فالأوّل الشَّعَْر، معروف، والجمع أشعار، وهو جمع جمعٍ، والواحدة شَعَْرة. ورجلٌ أَشْعَرُ: طويل شَعَْر الرّأس والجسد. والشَّعار: الشَّجر، يقال أرض كثيرة الشَّعار. ويقال لِمَا استدار بالحافر من مُنتهى الجلد حيثُ ينبت الشَّعر حوالَيِ الحافر: أَشْعَرٌ، والجمع الأشاعر. والشَّعراء من الفاكهة: جنسٌ من الخَوْخِ، وسمي بذلك لشيءٍ يعلوها كالزَّغَب. والدليل على ذلك أنَّ ثَمَّ جنساً ليس عليه زَغَب يسمُّونه: القَرْعَاء. والشَّعْراء: ذبابةٌ كأنَّ على يديها زَغَبا.

ومن الباب: داهيةٌ شَعْراء، وداهيةٌ وَبْرَاء. قال ابن دريد: ومن كلامهم إذا تكلَّمَ الإنسانُ بما استُعْظِمَ([15]): "جئت بها شَعراءَ ذاتَ وبَر". وروضةٌ شَعْراء: كثيرة النَّبْت. ورملةٌ شَعْرَاء: تُنبِت النَّصِيَّ وما أشبهه. والشَّعراء: الشَّجَر الكثير.

ومما يقرب من هذا الشَّعير، وهو معروف، فأمَّا الشعيرة: الحديدة التي تُجعَل مِسَاكاً لنصل السّكِّين إذا رُكّب، فإنّما هو مشبَّه بحبّة الشَّعير. والشَّعارير: صِغار القِثَّاء. والشِّعار: ما وَلِيَ الجسدَ من الثِّياب؛ لأنّه يَمُسُّ الشَّعر الذي على البشَرة.

والباب الآخر: الشِّعار: الذي يتنادَى به القومُ في الحرب ليَعرِف بعضُهم بعضاً. والأصلُ قولُهم شَعَرتُ بالشّيء، إذا علمتَه وفطِنْتَ له. ولَيْتَ شِعْرِي، أي ليتني علِمْتُ. قال قومٌ: أصله من الشَّعْرة([16]) كالدُّرْبة والفِطنة، يقال شَعَرَت شَُِعْرة. قالوا: وسمِّي الشَّاعر لأنه يفطِن لما لا يفطن لـه غيرُهُ. قالوا: والدليل على ذلك قولُ عنترة:

هل غادَرَ الشُّعراءُ من مُتَرَدَّمِ  *** أم هل عَرَفْتَ الدَّارَ بَعد توهُّم([17])

يقول: إنَّ الشّعراء لم يغادِرُوا شيئاً إلاّ فطِنُوا لـه. ومَشَاعِرُ الحجّ: مواضِع المَناسك، سمِّيت بذلك لأنَّها مَعالم الحجّ. والشعِيرة: واحدة الشَّعائر، وهي أعلامُ الحجّ وأعمالُه. قال الله جل جلالُه: {إنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}  [البقرة 158]. ويقال الشعيرة أيضاً: البَدَنَة تُهدَى. ويقال إشعارها أنْ يُجَزَّ  أصل سَنامها حتَّى يسيلَ الدّمُ فيُعلَم أنّها هَدْي. ولذلك يقولون للخليفة إن قُتِلَ: قد أُشْعِر، يُختَصّ بهذا من دون كلِّ قتيل. والشِّعْرى: كوكبٌ، وهي مُشتهِرة. ويقال أَشْعَرَ فلانٌ فلاناً شرّاً، إذا غَشِيه به.

وأشعَرَه الحبُّ مَرَضاً، فهذا يصلُح أن يكون من هذا الباب إذا جعل ذلك عليه كالعَلَم، ويصلح أن يكون من الأوّل، كأنّه جُعِلَ له شِعاراً.

فأمّا قولهم: تفرّق القومُ شعاريرَ، فهو عندنا من باب الإبدال، والأصل شَعاليل، وقد مضى.

ــــــــــــــــ

([1]) هي قراءة الحسن وابن محيصن. إتحاف فضلاء البشر 264.

([2]) في المجمل: "وشعل رجل، وأم شعل: اسم امرأة".

([3]) ديوان ذي الرمة 200 واللسان ( شعل).

([4]) ديوان ابن قيس الرّقيات 183 واللسان (شعا).

([5]) الجمهرة (1: 291-292).

([6]) في الأصل: "الحق"، صوابه من المجمل.

([7]) الهاشميات 39 واللسان (شعب).

([8]) لدكين بن رجاء الراجز، كما في اللسان (شعب).

([9]) اللسان (شعب، قصر، شنج) والحيوان: (1: 349 / 5: 214).

([10]) العين، بفتح الياء المشددة. والرجز لرؤبة في ديوانه 160 واللسان (عين).

([11]) الجمهرة (1: 292).

([12]) ديوان الطرماح 95 واللسان (شعب). وقد سبق إنشاد البيت في (شت).

([13]) البيت للصمة بن عبد الله القشيري، كما في اللسان (شعب).

([14]) في الأصل: "شعباء". صوابه في المجمل.

([15]) في الجمهرة: (2: 342): "ومن كلامهم للرجل إذا تكلم بما ينكر عليه".

([16]) نص في القاموس على أنها مثلثة، بالكسر والفتح والضم.

([17]) مطلع معلقة  عنترة. وفي الأصل: "من مترنم"، تحريف.

 

ـ (باب الشين والغين وما يثلثهما)

(شغف) الشين والغين والفاء كلمةٌ واحدة، وهي الشَّغَاف، وهو غِلاف القلب. قال الله تعالى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبَّاً} [يوسف 30]، أي أوصَلَ الحبَّ إلى شَغاف قلبها.

(شغل) الشين والغين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الفَراغ. تقول: شَغَلْتُ فلاناً فأنا شاغِلُهُ، وهو مشغول. وشُغِلْت عنك بكذا، على لفظ ما لم يسمَّ فاعلُه. قالوا: ولا يقال أُشغِلْت. ويقال شُغْل شاغلٌ. وجمع الشُّغْل أشغال. وقد جاء عنهم: اشتُغِلَ فلانٌ بالشيء([1])، وهو مشتَغَل. وأنشد:

حَيَّتكَ ثُمَّت قالت إنّ نَفْرَتَنَا  *** اليومَ كلَّهم يا عُرْوَ مشتَغَلُ([2])

وحكى ناسٌ: أشْغَلَني بالألف.

(شغم) الشين والغين والميم أصلٌ قليلُ الفروع صحيح، يدلُّ على حُسن. يقال الشُّغْموم: الحَسن. والشُّغموم: المرأة الحَسناء. والشُّغموم من الإبل: الحسن المنظرِ التامُّ.

(شغن) الشين والغين والنون ليس بشيء، وليس لما ذكره ابنُ دريدٍ: أنَّ الشغْنة الكارَةُ([3])، أصلٌ ولا معنىً.

(شغو) الشين والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على عَيب في الخِلْقة لبعض الأعضاء. قالوا: الشُغوُّ، من قولك رجلٌ أشغى وامرأة شَغْواء، وذلك إذا كانت أسنانه العُليا تتقدم السُّفْلَى. وقال الخليل: الشَّغا: اختلاف الأسنان، ومنه يقال للعُقاب شَغْواء، وذلك لفَضْل منقارها الأعلى على الأسفل. وزعم ناسٌ أنّ الشَّغَا الزيادة على عدد الأسنان.

(شغب) الشين والغين والباء أصلٌ صحيح يدلّ على تهييج الشر، لا يكون في خير. قال الخليل: الشَّغَْب: تهييج الشرّ، يقال للأتان إذا وَحِمَتْ([4]) واستعصَتْ على الجَأْب: إِنَّها لذات شَغْب وضِغْن. قال أبو عبيد: يقال شَغَبْت على القوم وشَغْبتُهم وشَغبْتُ بهم.

(شغر) الشين والغين والراء أصلٌ واحد يدلُّ عَلى انتشارٍ وخلوٍّ من ضبط، ثم يُحمَل عليه ما يقاربُه. تقول العرب: اشتَغَرت([5]) الإِبلُ، إذا كثرت حتى لا تكاد تُضبَط. ويقولون: تفرَّقوا شَغَرَ بَغَر، إذا تفرَّقوا في كلِّ وجه. وكان أبو زيد يقول: لا يقال ذلك إلاّ في الإقبال.

ومن الباب: شَغَرَ الكلبُ، إذا رَفَعَ إحدى رجليه ليبول. وهذه بلدة شاغرةٌ برجلها، إذا لم تمتَنِعْ من أحدٍ أن يُغِيرَ عليها.

والشِّغَار الذي جاء في الحديث، المنهيُّ عنه: أنْ يقول الرجل للرجل زوِّجني أختَك على أن أزوِّجك أُختي، لا مهر بينهما إلا ذلك. وهذا من الباب لأنَّهُ أمرٌ لم يُضْبَط بمهرٍ ولا شرطٍ صحيح. وهو من شَغَر الكلبُ، إذا صار في ناحيةٍ من المَحَجَّة بعيداً عنها.

واشتغَرَ على فلانٍ حسابُه، إذا لم يهتدِ لـه. واشتغَرَ فلان في الفلاة، إذا دوّم فيها وأَبْعَد. وحكى الشيبانيّ: شَغَرْتُ بني فلانٍ من موضع كذا، أي أخرجتُهم. قال:

ونحن شَغَرْنَا ابني نزار كليهما *** وكلباً بوَقْعٍ مُرهبٍ متقاربِ([6])

والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "الشيء"، تحريف.

([2]) أنشده في المجمل. وفي المجمل: "يا زيد".

([3]) نص الجمهرة (3: 64) : "الشغنة: الحال، وهي التي تسميها العامة كارة. ويمكن أن تكون الكارة عربية من قولهم كورت الشيء، إذا لففته وجمعته، فكأن أصلها كورة". والحال: الشيء يحمله الرجل على ظهره، يقال: تحول كساءه: جعل فيه شيئاً ثم حمله على ظهره.

([4]) في الأصل "أوجمت"، صوابه في المجمل واللسان.

([5]) في الأصل "أشغرت"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) البيت في المجمل واللسان (شغر).

 

ـ (باب الشين والفاء وما يثلثهما)

(شفق) الشين والفاء والقاف أصلٌ واحد، يدلُّ على رِقَّةٍ في الشيء، ثم يشتقُّ منه. فمن ذلك قولهم: أشفقت من الأمر، إذا رَقَقْت وحاذَرت. وربَّما قالوا: شَفِقت: وقال أكثر أهل اللغة: لا يقال إلا أشفقت وأنا مُشْفِق. فأمَّا قول القائل:

* كما شَفِقَتْ على الزّادِ العِيالُ([1]) *

فمعناه بَخِلَت به.

ومن الباب الشَّفَق من الثياب، قال الخليل: الشَّفَق: الرديء من الأشياء. ومنه الشَّفَق: النُّدأة([2]): التي تُرَى في السَّماء عند غُيُوبِ الشَّمس، وهي الحمرة. وسمِّيت بذلك للونها ورقّتها.

وحدَّثنا عليُّ بن إبراهيمَ القَطَّان، عن المَعْداني، عن أبيه، عن أبي مُعاذ، عن اللَّيث عن الخليل قال: الشَّفَق: الحمرة التي بين غروب الشمس إلى وقت صلاةِ العشاء الآخرة.

وروى ابن نَجيح، عن مجاهدٍ قال: هو النَّهار في قوله جلَّ ثناؤه: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}  [الانشقاق 16]. وروى العَوّامُ بن حوشبٍ، عن مجاهد قال: هي الحمرة.

وفي تفسير مقاتل، قال: الشَّفَق: الحمرة. قال الزّجاج: الشَّفَق هي الحمرة التي تُرَى في المغرِبِ بعد سُقوطِ الشمس.

وأخبرنا عليُّ بن إبراهيم، عن محمَّد بن فَرَج قال: حَدَّنا سَلَمة، عن الفَرَّاء قال: الشَّفَق الحمرة.

قال: وحدثني ابن [أبي([3])] يحيى، عن حُسَين([4]) بن عبد الله بن ضُمَيرة عن أبيه عن جدهِ يرفعه، قال: الشَّفَق الحمْرة.

قال الفرّاء: وقد سمعت بعضَ العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنَّه الشفق، وكان أَحْمَر. قال: هذا شاهدٌ لمن قال إنَّه الحمرة.

(شفن) الشين والفاء والنون أصلٌ يدلُّ على مداومة النّظَر، والأصل فيه قولهم للغَيُور الذي لا يَفْتُرُ عن النَّظَرِ([5]): شَفُون. ومن الناس من يقول شَفَنَ يَشْفِنُ، إذا نظر بمُؤْخر عينه، وشَفِن أيضاً يشفَن شَفْناً، وهو شَفُونٌ وشافن. وأنشد الخليل:

* حِذَار مرتقبٍ شَفُونِ([6]) *

قال الأمويّ: الشَّفِن: الكيِّس العاقل. وكلُّ ذلك يقرُب بعضُهُ من بعض.

(شفي) الشين والفاء والحرف المعتل يدل على الإشراف على الشيء؛ يقال أشفى على الشيء إذا أشرفَ عليه. وسمِّي الشِّفاء شفاءً لغلَبته للمرض وإشفائه عليه. ويقال استشفَى فلانٌ، إذا طَلَبَ الشِّفاء. وشَفَى كلِّ شيء: حَرْفه. وهذا ممكنٌ أن يكون من هذا الباب، وممكنٌ أن يكون من الإبدال، وتكون الفاءُ مبدلةً من ياء.

ويقال أعطيتك الشّيءَ تستشفي به، ثم يقال أَشْفَيتُكَ الشيءَ، وهو الصحيح. ويقال أَشْفَى المريضُ على الموت، وما بَقيَ منه إلا شَفىً أي قليل. فأمَّا قول العجاج:

* أوْفَيْتُهُ قَبْلَ شَفىً أو بِشَفَى([7]) *

قالوا: يريد إذا أشفت الشّمس على الغروب.

وأما الشَّفَة فقد قيل فيها إن الناقص منها واوٌ، يقال ثلاث شَفَوات. ويقال رجلٌ أشْفَى، إذا كان لا ينضمّ شفتاه، كالأرْوَق. وقال قوم: الشَّفَة حذفت منها الهاء، وتصغيرها شُفَيْهة. والمشافهة بالكلام: مواجهةٌ من فيك إلى فيه. ورجل شُفاهِيٌّ: عظيم الشفتين. والقولان محتملان، إلاَّ أنَّ الأول أجود لمقاربة القياس الذي ذكرناه، لأنَّ الشفتين تُشفِيان على الفم.

ومما شذَّ عن الباب قولهم: شَفَهني فلانٌ عن كذا، أي شَغَلني.

(شفر) الشين والفاء والراء أصلٌ واحد يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرْفِهِ. من ذلك شَفْرَة السَّيف: حَدُّه. وشَفير البئر وشَفيرُ النَّهر: الحدّ. والشُّفْر: مَنْبِت الهُدْب من العين، والجمع أشفار. وشُفْر الفَرْج: حروفُ أشَاعرِهِ. ومِشْفَر البعير كالجَحْفَلة([8]) من الفَرَس. والشَّفْرَة معروفة([9]). هذا كلُّه قياس واحد. وأمّا قولُهم: ما بالدار* شُفْر([10])، وقولُ من قال: معناه ليس بها أحدٌ فليس الأمر كذلك، إنما يراد بالشُّفْر شُفر العين، والمعنى ما بها ذو شُفْر، كما يقال ما بها عينٌ تطرف، يراد ما بها ذُو عين. والذي حُكِيَ عن أبي زيد أنَّ شَفْرَة القوم أصغَرهم، مثل الخادم، فهذا تشبيهٌ، شُبِّهَ بالشَّفْرَة التي تُسْتَعمَل.

(شفع) الشين والفاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مقارنة الشيئين. من ذلك الشَّفْع خلاف الوَتْر. تقول: كان فرداَ فشفَعْتُه. قال الله جل ثناؤه:وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ[الفجر 3]، قال أهل التفسير: الوَتْر الله تعالى، والشَّفْع الخلق. والشُّفْعَة في الدار من هذا. قال ابن دريد([11]): سُمِّيَتْ شُفْعةً لأنَّه يَشفَع بها مالَه. والشاة الشَّافع: التي معها ولدُها. وشَفَعَ فلانٌ لفلانٍ إذا جاء ثانِيه ملتمساً مطلبه ومُعِيناً له.

ومن الباب ناقَةٌ شَفُوع، وهي التي تجمع بين مِحْلَبَيْن([12]) في حَلْبَةٍ واحدة.  وحُكِيَ: إنَّ فلاناً يشفع [لي([13])] بالعداوة، أي يعين عليَّ.  وهذا قياس الباب، كأنَّه يصيِّر مَنْ  يعاديه [شَفْعاً]. ومما شذَّ عن هذا الباب ولا نعلم كيف صحّتُه: امرأةٌ مشفوعة، وهي التي أصابتها شُفْعَة، وهي العَين. وهذا قد قيل، ولعلّهُ أنَّ يكون بالسِّين غير معجمة. والله أعلم.

وبنو شافع، من بني المطّلِب بن عبد مناف، منهم محمد بن إدريس الشّافعيّ والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) أنشده أيضاً في المجمل. وصدره في اللسان: *فإني ذو محافظة لقومي*.

([2]) الندأة، بضم النون وفتحها: الحمرة تكون في الغيم. وقد بيض لهذه الكلمة في اللسان (12: 47).

([3]) التكملة من المجمل، وهو محمد بن أبي يحيى، وابناه إبراهيم، وعبد الله.

([4]) كذا ورد مضبوطاً في المجمل. وفي الأصل: "حسن".

([5]) في الأصل: "الذي يغير عن النظر"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) قطعة من بيت للقطامي  في ديوانه واللسان (شفن)، وهو بتمامه:

يسارقن الكلام إليّ لما *** حسسن حذار مرتقب شفون

([7]) ديوان العجاج 83 واللسان (شفي).

([8]) في الأصل: "الجحفلة"، صوابه في المجمل.

([9]) الشفرة، بالفتح: السكين العريضة.

([10]) مقتضى تفسيره هنا أن يُضبط بالضم. وقد رواها ابن سيده بالضم والفتح، وقال الأزهري بفتح الشين. قال شمر: ولا يجوز شفر بضمها.

([11]) الجمهرة: (3: 60).

([12]) في الأصل: "مجلسين"، صوابه من المجمل واللسان.

([13]) التكملة من المجمل.

 

ـ (باب الشين والقاف وما يثلثهما)

(شقل) الشين والقاف واللام ليس بشيء، وقد حُكيَ فيه ما لا يعرَّج عليه.

(شقن) الشين والقاف والنون. يقولون إنَّ الشَِّقْن([1]): القليل من العطاء؛ تقول: شَقَنْتُ العَطِيَّة([2])، إذا قلّلتَها.

(شقو) الشين والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على المعاناة وخلاف السُّهولة والسّعادة.

والشِّقوة: خلاف السعادة. ورجلٌ شقيٌّ بين الشَّقاء والشِّقوة والشَّقاوة. ويقال إنَّ المشاقاة: المعاناة والممارسة. والأصل في ذلك أنَّه يتكلّف العَناء ويَشقَى به، فإذا هُمِزَ تَغيَّر المعنى. تقول: شقأ نابُ البعير يَشْقَأ، إذا بدا. قال: الشَّاقئ: النَّاب الذي لم يَعْصَل([3]).

(شقب) الشين والقاف والباء كلمةٌ تدل على الطُّول. منها الرَّجُل الشّوقب. ويقولون: إنَّ الشَِّـقْب كالغار في الجبَل.

(شقح) الشين والقاف والحاء أُصَيْل يدل على لونٍ غيرِ حسَن. يقال: شَقَّحَ النَّخْل، وذلك حين زُهُوِّه، ونُهِي عن بيعه قبل أَنْ يشقِّح. والشَّقيح إتباع القبيح، يقال قبيحٌ شقيح.

(شقذ) الشين والقاف والذال أُصَيل يدلُّ على قلَّة النَّوم. يقولون: إنَّ الشَّـقِْذ العينِ، هو الذي لا يكاد ينام. قالوا: وهو الذي يُصيب النَّاسَ بالعينِ. فأما قولهم: أَشْقَذْتُ فلاناً إذا طردتَه، واحتجاجُهم بقول القائل:

إِذَا غَضِبُوا عليَّ وأشقَذُوني *** فَصِرتُ كأنّني فَرَأٌ مُتارُ([4])

فإنّ هذا أيضاً وإن كان معناه صحيحاً فإنه يريد رَمَزوني بعيونهم بِغضَةً، كما ينظر العدوُّ إلى من لا يحبُّه.

ومن الباب الشَّقْذاء: العُقاب الشديدة الجُوع، سمّيت بذلك لأنَّها إذا كانت كذا [كان ذلك] أشدَّ لنظرها. وقد قال الشُّعراء في هذا المعنى ما هو مشهور. وذكر بعضهم: فلانٌ يشاقِذُ فلاناً، أي يُعادِيه. فأمَّا قولُهم: ما به شَقَذ ولا نَقَذٌ. فمعناه عندهم: ما به انطلاق. وهذا يبعد عن القياس الذي ذكرناه. فإنْ صحَّ فهو من الشاذّ.

(شقر) الشين والقاف والراء أصلٌ يدلُّ على لون. فالشقرة من الألوان في الناس: حُمرة تعلو البياض. والشُّقرة في الخَيل حُمرةٌ صافية يَحمَرُّ معها السَّبيب والناصية والمَعْرَفة. ويمكن أن يحمل على هذا الشَّقِر، وهو شقائق النُّعمان. قال طرفة:

* وعَلاَ الخَيْلَ دماءٌ كالشَّقِرْ([5]) *

ومما ينفرد  عن هذا الأصل كلماتٌ ثلاثٌ: قولهم: أخبرتُ فلاناً بشقُوري، أي بحالي *وأمري. قال رؤبة:

جارِيَ لا تَستنكري عَذيرِي ***

سَيرِي وإِشفاقي على بعيري

وكثرة الحديث عن شُقوري([6])

والكلمة الثانية: قولهم: جاء بالشُّقَر والبُقَر، إذا جاء بالكذب.

والثالثة: المِشْقَر، وهو رملٌ متصوِّبٌ في الأرض، وجمعه مَشَاقِر([7]).

(شقص) الشين والقاف والصاد ليس بأصلٍ يتفرّع منه أو يُقاس عليه. وفيه كلمات. فالشِّقْصُ طائفةٌ من شيء. والمِشْقَص: سهمٌ فيه نصلٌ عريض. ويقولون: إن كان صحيحاً إنَّ الشَّقِيص في نعت الفرس: الفارِهُ الجَواد.

(شقع) الشين والقاف والعين كلمةٌ واحدة. يقولون شَقَع الرَّجُل في الإناء، إِذا شرِب. وهو مثل كرَع.

ــــــــــــــ

([1]) يقال بالفتح، وبفتح فكسر، وشقين أيضاً.

([2]) زاد في المجمل: "وأشقنتها".

([3]) عصل يعصل عصلا: التوى. وبابه تعب. وفي الأصل: "يعضل" بالضاد المعجمة، صوابه في المجمل.

([4]) البيت لعامر بن كثير المحاربي، كما في اللسان (شقذ، تور).

([5]) رسمت "علا" في الأصل رسماً مزدوجاً يجمع بين الألف والياء بعد اللام، إشارة إلى الروايتين فيها. ورواية الديوان 67: "وعلى". أما اللسان (شقر) فقد أشار إلى الروايتين. وصدره:

* وتَساقى القوم كأساً مرة *.

([6]) الصواب نسبته إلى العجاج. انظر اللسان (شقر) حيث نسب إلى العجاج، وديوان العجاج 26.

([7]) لم يذكر واحده في القاموس، وذكر في اللسان وضبط بالقلم "مشقر"، بفتح الميم. وقد اعتمدت ضبط المجمل لها بكسر الميم.

 

ـ (باب الشين والكاف وما يثلثهما)

(شكل) الشين والكاف واللام مُعظمُ بابِهِ المُماثَلة. تقول: هذا شَِكل هذا، أي مِثله. ومن ذلك يقال أمرٌ مُشْكِل، كما يقال أمر مُشْتبِه، أي هذا شابَهَ هذا، وهذا دخل في شِكل هذا، ثم يُحمل على ذلك، فيقال: شَكَلتُ الدّابةَ بِشكالِهِ،  وذلك أنَّه يجمع بين إحدى قوائمهِ وشِكْلٍ لها.  وكذلك دابّة بها شِكال، إذا كان إحدى يديه وإحدى رجليه مُحَجَّلا.  وهو ذاك القياس؛ لأنَّ البياض أخذَ واحدةً وَشَِكْلَها.

ومن الباب: الشُّكلة، وهي حُمرةٌ يخالطها بياض. وعينٌ شَكْلاء، إذا كَانَ في بياضها حُمرة يسيرة. قال ابن دريد([1]): ويسمَّى الدَّمُ  أشكلَ، للحمرة والبياض المختلطين منه. وهذا صحيح، وهو من الباب الذي ذكرناه في إشكال هذا الأمر، وهو التباسه؛ لأنَّها حُمرةٌ لابَسَها بياض.

قال الكسائيّ: أشكلَ النَّخْل، إِذا طابَ رُطَبُه وأَدرَك. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنَّه قد شاكل التَّمر في حلاوَتِه ورُطوبَتهِ وحُمرته. فأمَّا قولُهم: شَكَلت الكتاب أشْكُله شكْلاً، إِذا قيَّدْتَه بعلامات الإعراب فلستُ أحْسِبه من كلام العرب العاربة، وإِنما هو شيءٌ ذكره أهلُ العربيَّة، وهو من الألقاب المولَّدة. ويجوز أن يكون قد قاسوه على ما ذكرناه؛ لأنَّ ذلك وإن لم يكن خطّاً مستوياً فهو مُشاكلٌ له([2]).

وممّا شذّ عن هذا الأصل: شاكِل الدَّابَّة وشاكلتُه، وهو ما عَلاَ الطِّفْطِفَةَ منه. وقال قُطرب: الشَّاكِل: ما بين العِذار والأُذن من البياض.

ومما شذّ أيضاً: الشَّكلاء، وهي الحاجة، وكذلك الأَشْكَلَة. وبنو شَكَل: بطنٌ من العرب.

ومن هذا الباب: الأَشْكَل، وهو السِّدْر الجبَليّ. قال الراجز:

* عُوجاً كما اعوَجَّت قِياسُ الأَشْكَلِ([3]) *

(شكم) الشين والكاف والميم أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على عطاء، والآخر يدلُّ على شِدَّةٍ في شيءٍ وقوّة.

فالأوّل: الشَّكْمُ وهو العطاء والثَّواب. يقال شَكَمني شَكْماً، والاسم الشُّكْم. وجاء في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [احتَجَمَ([4]) ثم قال: "اشْكُمُوه"]، أي أعطوه أَجْره. وقال الشاعر:

أم هل كبيرٌ بكَى لم يَقْضِ عَبْرته *** إِثْرَ الأَحِبَّة يومَ البينِ مشكومُ([5])

وقال آخر:

أبلِغْ قتادةَ غيرَ سائِلِهِ *** منه العطاءَ وعاجلَ الشُّكْمِ([6])

والأصل الآخر: الشّكيمة: أي شِدة النفس([7]). والشكيمة شكيمة اللِّجام، وهي الحديدة المعترضة التي فيها الفأس، والجمع شكائم. وحكى ناس: شكَمه، أي عضّه. والشَّكيم: العَضّ في قول جرير:

* أَصابَ ابن حمراءِ العِجانِ شكيمُها([8]) *

وشكيم القدر: عُراها.

(شكه) الشين والكاف والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مشابَهةٍ ومقارَبة. يقال: شاكَهَ الشيءُ [الشيءَ([9])] مشاكهةً وشِكاهاً، إِذا شابَهه وقاربَه. وفي المثل: "شاكِهْ، أبا يسارٍ([10])" أي قارِبْ. وحُكي عن أبي عمرو بن العلاء: أشْكَه الأمر، إذا اشْتَبه الأمر.

(شكو) الشين والكاف والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على توجُّع من شيء. فالشّكو المصدر؛ شكوته [شكْواً([11])، و] شَكاةً، وشِكايةً. وشكوتُ فلاناً فأشكاني، أي أعتبني من شَكواي([12]). وأشكاني، إذا فعل بك ما يُحوِجُك إلى شكايته. والشَّكاة والشِّكاية بمعنى. والشكِيّ: الذي يشتكي وجعاً. والشكِيُّ المشكوِّ أيضاً؛ شكَوتُه فهو شَكِيٌّ ومشكوٌّ.

(شكد) الشين والكاف والدال أصلٌ. يقولون: إنَّ الشُّكد: الشُّكر. وسمعت علي بن إبراهيم القطّان يقول: سمعت عليّ بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عبيد يقول: سمعت الأمويّ يقول: الشُّكد: العَطاء، والشُّكم: الجَزاء، والمصدر: الشَّكْد. وقال الكسائيّ: الشُّكم: العِوَض. والأصمعيُّ يقول الشُّكم والشُّكْد: العطاء.

(شكر) الشين والكاف والراء أصولٌ أربعةٌ متباينةٌ بعيدة القياس. فالأول: الشُّكر: الثَّناء على الإنسان بمعروف يُولِيكَهُ. ويقال إنَّ حقيقة الشُّكر الرِّضا باليسير. يقولون : فرسٌ شَكور، إذا كفاه لسِمَنِه العلفُ القليل. وينشدون قول الأعشى:

ولابُدَّ مِنْ غَزوةٍ  في المَصِيـ *** ـف رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورا([13])

ويقال في المثل: "أَشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَة"، وذلك أنَّها تخضرّ من الغيم من غير مطَر.

والأصل الثاني: الامتلاء والغُزْر في الشيء. يقال حَلُوبة([14]) شَكِرَةٌ إِذا أصابت حَظّاً من مرعىً فَغزُرت. ويقال: أشكر القومُ، وإنهم ليحتلبون شَكِرَةً، وقد شَكِرت الحَلُوبة. ومن هذا الباب: شَكِرَت الشّجرةُ، إذا كَثُر فيئُها.

والأصل الثالث: الشَّكير من النبات، وهو الذي ينبُت من ساق الشَّجرة، وهي قُضبان غضّة. ويكون ذلك في النَّبات أوّلَ ما ينبُت. قال:

* حَمَّم فرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *

والأصل الرابع: الشَّكْر، وهو النِّكاح. ويقال بل شَكْر المرأةِ: فَرْجها. وقال يحيى بن يعمر، لرجلٍ خاصمته امرأتُه: "إن سأَلَتْكَ ثَمن شَكْرِها وشَبْرِك أَنشأْتَ تطُلُّها وتَضْهَلها".

(شكع) الشين والكاف والعين أصلٌ يدل على غضَب وضجرٍ وما أشبه ذلك. يقال شَكِعَ الرَّجُل، إذا كثُر أنينُه. وكذلك الغضبان إذا اشتدَّ غضبُهُ، يَشْكَع شَكَعاً.

وقد حكَوْا كلمتين أخريين ما أدري ما صحتهما؟ قالوا: شَكَعَ رأسَ بعيرِهِ بزمامه، إذا رَفَعَه. ويقولون: شَكِعَ الزَّرعُ([15])، إِذا كَثُر حَبُّه.

ـــــــــــــــــــ

([1]) الجمهرة: (3: 68).

([2]) في الأصل: "مشكل له".

([3]) للعجاج في ديوانه 51 واللسان (شكل). والقياس: جمع قوس. ورواية الديوان:

* معج المرامي عن قياس الأشكل  *

([4]) التكملة من المجمل. وفي اللسان: "أن أبا طيبة حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اشكموه".

([5]) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل في ديوانه 129 من خمسة دواوين العرب، والمفضليات (2: 197).

([6]) البيت في المجمل واللسان (شكم) بدون نسبة، وروايتهما: "جزل العطاء".

([7]) في الأصل: "شديد النفس"، تحريف.

([8]) صدره في الديوان 450، واللسان (شكم):

* فأبقوا عليكم واتقوا ناب حية *.

([9]) التكملة من المجمل.

([10]) أبا يسار، نصب على النداء، انظر أمثال الميداني.

([11]) التكملة من المجمل.

([12]) الإعتاب: الإرضاء. وفي الأصل: "اعتنى"، صوابه في المجمل.

([13]) ديوان الأعشى 72 واللسان (شكر). برواية: "في الربيع حجون". وأنشده في (رهب) بروايتنا هذه بدون نسبة. وفي الأصل: "في الصيف"، تحريف.

([14]) في الأصل: "خلفة"، صوابها من اللسان. وفي المجمل: "ناقة".

([15]) هذه الكلمة والتي قبلها مما فات صاحب اللسان. وقد ذكرهما في القاموس.

 

ـ (باب الشين واللام وما يثلثهما)

(شلو) الشين واللام والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء، وقد يقال الجسدُ نفسه. فيقول أهلُ اللُّغة: إنَّ الشِّلو العُضو. وفي الحديث عن عليّ عليه السلام: "ايتِني بِشلوها الأيمن". ويقال إنَّ بني فلانٍ أشلاءٌ في بني فلان، أي بقايا فيهم. وكان ابن دريد يقول([1]): "الشِّلو شِلو الإنسان، وهوجَسَدُه بعد بِلاهُ". والذي ذكرناه من حديث عليّ "ايتني بشِلْوها الأيمن" يدلُّ على خلاف هذا القول. فأمَّا إشلاء الكلب، فيقولون: إشلاؤه: دعاؤه. وحُجّته قولُ القائل:‏

* أشليتُ عَنزِي ومسحتُ قَعْبِي([2]) *‏

وهذا قياسٌ صحيح، كأنّك لمّا دعوتَه أشليته كما يُشتَلى الشِّلو من القِدر، أي يرفع. وناسٌ يقولون: أشليتُه بالصَّيد: أغريتُهُ، ويحتجُّون بقول زيادٍ الأعجم:‏

أتينا أبا عمروٍ فأَشْلَى كلابَه *** علينا فكِدْنا بين بَيْتَيْهِ نُؤكَلُ([3])‏

وحدّثَنا عليُّ بن إبراهيمَ القطان، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ قال: يقال: أشليتُهُ، إذَا أغريْتَه.‏

(شلح) الشين واللام والحاء ليس بشيء. يقولون: إنَّ الشَّلْحاء: السَّيف([4]).‏

ــــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 71).‏

([2]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (قأب). وأنشده في (شلا) بدون نسبة. وبعده:‏  * ثم تهيأت لشرب قأب *.‏

([3]) كلمة : "علينا" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان. وأشار صاحب اللسان إلى رواية: "فأغرى كلابه".‏

([4]) زاد في اللسان: "بلغة أهل الشحر".‏

 

ـ (باب الشين والميم وما يثلثهما)

(شمت) الشين والميم والتاء أصلٌ صحيح، ويشذُّ عنه بعضُ ما فيه إشكالٌ وغموض. فالأصل فرَحُ عدوٍّ ببليّةٍ تصيبُ مَنْ يعاديهِ. يقال: شَمِتَ به يَشْمَت شَماتةً، وأشمَتَه الله عزّ وجلّ بعدوِّه. وفي كتاب الله تعالى: {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ}  [الأعراف 149]،. ويقال بات فلانٌ بليلةِ الشَّوامت، أي بليلة سَوء تُشمت به الشَّوامت. قال:

فارتاعَ مِن صوتِ كَلاَّبٍ فبات لـه *** طَوعَُ الشَّوامتِ مِنْ خوفٍ ومن صَرَدِ([1])

ويقال: رجع القوم شَمَاتَى أو شِمَاتاً من متوجَّههم، إِذا رَجَعُوا خائبين. قال ساعدة في شعره([2]).

والذي ذكرتُ أنَّ فيه غموضاً واشتباهاً فقولهم في تشميت العاطس، وهو أَنْ يقالَ عند عُطاسه: يرحُمُك الله. وفي الحديث: "أنَّ رجُلين عَطَسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشمَّتَ أحدَهما ولم يشمِّت الآخر، فقيل لـه في ذلك، فقال: إنَّ هذا حمِدَ الله عزَّ وجلَّ وإنَّ الآخرَ لم يَحمَد الله عزَّ وجلَّ". قال الخليل: تشميت العاطِس دعاءٌ لـه، وكلُّ داعٍ لأحدٍ بخير فهو مشمِّتٌ لـه. هذا أكثرُ ما بلَغَنَا في هذه الكلمة، وهو عِندي من الشّيء الذي خفيَ عِلْمُهُ، ولعلّه كانَ يُعلَم قديماً ثمَّ ذَهَبَ بذهاب أهله.

وكلمة أخرى، وهو تسْمِيَتهم قوائم الدّابّة: شوامت. قال الخليل: هو اسمٌ لها. قال أبو عمرو: يقال: لا ترك الله لـه شامِتة: أي قائمة. وهذا أيضاً من المشِكل؛ لأنَّه لا قياس يقتضي أن تسمَّى قائمةُ ذي القوائم شامتة. والله أعلم.

(شمج) الشين والميم والجيم أصلٌ يدل على الخلْط وقلّة ائتلافِ الشيء. يقال شَمَجه يَشْمُجُه شَمْجاً، إذا خلطه. وما ذاق شَمَاجاً، أي شيئاً من طعام. ويقولون: شَمَجوا، إذا اختبزوا خبزاً غِلاظاً، ويستعار هذا حتَّى يقال للخياطة المتباعدة شَمْج. يقال شمج الثوبَ شَمْجَاً يَشْمُج. وقياس ذلك كله واحد.

(شمخ) الشين والميم والخاء أصلٌ صحيح يدل على تعظُّم وارتفاع. يقال جَبَلٌ شامخٌ، أي عالٍ. وشَمَخَ فلانٌ بأنفه، وذلك إذا تَعَظَّمَ في نفسه. وشَمْخٌ: اسم رجل.

(شمر) الشين والميم والراء أصلان متضادّان، يدلُّ أحدُهما على تقلّص وارتفاع، ويدلُّ الآخر على سَحْبٍ وإِرسال.

فالأوّل قولهم: شمَّر للأمر أذياله. ورجل شَمّرِيٌّ: خفيف في أمره جادٌّ قد تشمَّرَ له. ويقال شاةٌ شامرٌ([3]): انضمَّ ضَرْعُها إلى بَطْنها. وناقة شِمِّير: مشمِّرة سريعة، في شعر حُميد([4]).

والأصل الآخر: يقال شَمَرَ يَشْمُر، إِذا مَشَى بخُيَلاء. ومَرَّ يَشْمُر. ويقال منه: شَمَّرَ الرَّجُل السَّهمَ، إِذا أَرسَلَه.

(شمس) الشين والميم والسين أصلٌ يدلُّ على تلوُّنٍ وقِلَّة استقرار. فالشَّمس معروفة، وسمِّيت بذلك لأنَّها غير مستقرّة، هي أبداً متحرّكة. وقُرئَ:{والشَّمْسُ تَجْرِي لاَ مُسْتَقَرَّ لَهَا([5])}  [يس 38]. ويقال شَمَسَ يومُنا، وأشمس، إذَا اشتدّت شمسُهُ. والشَّموس من الدوابّ: الذي لا يكاد يستقرّ. يقال شَمَسَ شِماساً. وامرأةٌ شَموسٌ، إِذا كانت تنفر من الرِّيبَة([6]) ولا تستقرُّ عندها؛ والجمع شُمُس. قال:

شمُسٌ مَوَانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ *** يُخْلِفْن ظنَّ الفاحش المِغيارِ([7])

ورجلٌ شموسٌ، إِذا كان لا يستقرُّ على خُلُق، وهو إلى العُسْر ما هو. ويقال شمِسَ لي فلانٌ، إِذا أبدَى لك عداوتَهُ. وهذا محمولٌ على ما ذكرناهُ من تغيُّر الأخلاق. فهذا قياسُ هذا الاسم، وأمَّا ما سمَّت العرب به فقال ابن دريد: "وقد سمَّت العرب عَبد شمسٍ". قال: "وقال ابنُ الكلبيّ: الشّمس صَنَمٌ قديم. ولم يذكرْه غيره". قال: "وقال قوم: شَمْسُ: عين *ماءٍ معروفة. وقد سمت العرب عَبْشَمس، وهم بنو تميم، وإليهم يُنسَب عبشمِيّ"([8]).

(شمص) الشين والميم والصاد كلمةٌ واحدة. يقال شَمَصْتُ الفَرس، إِذا نَزَّقْتَه([9]) ليتحرَّك. ويقال شمَّص إبلَه، إذا طردها طرداً عنيفاً.

(شمط) [وأما] الشين والميم والطاء فقياس صحيحٌ يدلُّ على الخُلْطَة. من ذلك الشَّمَط، وهو اختلاطُ الشَّيب بسَواد الشّباب.

ويقال لكل خليطين خلطتهما: قد شَمَطتُهما، وهما شَمِيط([10]). وقال : وبِهِ([11]) سُمّي الصّباح شَمِيطاً لاختلاطه بباقي ظُلمة اللَّيل. وقالوا: قال أبو عمرو: يقال أشمَطُوا حديثاً مرّة وشِعراً مَرّة.

ومن الباب: الشَّمَاطيط: الفِرق؛ يقال جاء([12]) الخَيل شَماطِيطَ. ويقولون: هذه القدر تَسَعُ شاةً بشَمْطِها وَبِشِمْطِها([13])، أي بما خُلِطَ معها من تَوابلها.

(شمع) الشين والميم والعين أصلٌ واحد وقياسٌ مطّرد في المِزاح وطِيب الحديث والفَكاهة وما قاربَ ذلك، وأصلُهُ قولهم: جاريةٌ شَموع، إِذا  كانت حسنةَ الحديثِ طَيِّبة النَّفْس مَزَّاحة. وفي الحديث: "مَنْ تَتَبَّع المَشمَعة يُشَمِّع الله به". وقال بعض أهل العلم: المَشْمَعَة: المِزاحُ والضّحك، ومعنى ذلك أنَّ من كانت هذه حالَه وشأنَه؛ لا أنَّه كرِهَ المِزاح والضَّحك جملةً إذا كانا في غير باطلٍ وتهزُّؤ. قال الهذليُّ وذكر ضَيْفَهُ:

سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشْمَعَةٍ وآتِي *** بِجُهْدِي مِنْ طعامٍ أو بِساطِ([14])

يريد أنَه يبدأ ضِيفَانَه عند نزولهم بالمزاح والمضاحكة؛ ليُؤنسَهم بذلك.

ومن الباب: أَشْمَعَ السِّرَاجُ، إِذا سَطَعَ نورُه. قال:

* كَلَمعِ بَرقٍ أو سِرَاجٍ أَشْمَعا([15]) *

وأمَّا الشَّمَْعُ فيقال بسكون الميم وفتحها، وهو معروف، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرته.

(شمق) الشين والميم والقاف يقولون إِنَّه أصلٌ صحيح، ويذكرون فيه الشَّمَق، وهو إما النَّشَاط، وإِمَّا الوَلوع بالشيء.

(شمل) الشين والميم واللام أصلان منقاسان مطّردان، كل واحدٍ منهما في معناه وبابه.

فالأوّل يدلُّ على دَوَران الشيء بالشيء وأخْذِهِ إيّاه من جوانبه. من ذلك قولهم: شَمَِلَهم الأمرُ([16])، إذا عمَّهم. وهذا أمرٌ شاملٌ. ومنه الشَّملَة، وهي كساءٌ يُؤتَزَرُ به ويُشْتَمَل. وجمع الله شَمْله، إِذا دَعَا له بتألُّف أموره، وإِذا تألَّفَتْ اشتمل كلُّ واحدٍ منهما بالآخر([17]).

ومن الباب: شملت الشاة، إِذا جعلتَ لها شِمالاً، وهو وعاء كالكيس يدُخَل فيه ضرعُها فيشتمل عليه. وكذلك شَمَلْتُ النَّخلَة، إِذا كانت تنفضُ حَمْلَها فشُدَّت أعذاقُها بقِطَع الأكسية.

ومن الباب: المِشْمل: سيفٌ صغير يَشْتَمِل الرَّجُل عليه بثوبه.

والأصل الثاني يدلُّ على الجانب الذي يخالف اليمين. من ذلك: اليد الشِّمال، ومنه الرِّيح الشِّمال لأنها تأتي عن شمال القِبلة إذا استند المستنِد إليها من ناحية قِبلة العراق. وفي الشمول، وهي الخمر، قولان: أحدهما أنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة الريح الشمال. والقول الثّاني: أنّها تَشمَل العقل. وجمع شِمال أَشْمُل. قال أبو النجم:

* يأتي لها من أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ([18]) *

ويقال غديرٌ مشمول: تضرِبُهُ ريحُ الشِّمال حتى يبرُد. ولذلك تسمَّى الخمر مشمولة، أي إِنَّها باردة الطَّعم. فأمَّا قول ذي الرُّمَّة:

وبالشَّمائل من جَِلاّنَ مُقتِنصٌ *** رَذْل الثِّياب خفيُّ الشَّخصِ مُنْزَرِبُ([19])

فيقال إنَّه أراد القُتَر([20])، واحدتها شمالة. فإن كان أراد هذا فكَأنَّه شَبَّه القُتْرَة بالشِّمالة([21]) التي تُجعَل للضَّرع. وقد ذكرناها. ويقال: إنَّه أراد بناحية الشِّمال.

وممّا شذَّ عن هذين البابين، الشَّمَلةَ: ما بقي في النَّخلة من رُطَبها. يقال: ما بقي فيها إلاَّ شماليل. ويقال: إنَّ الشَّماليل ما تشعَّبَ من الأغصان. و*الشَّمْلَلَة: السرعة، ومنه الناقة الشِّملال والشِّمْليل. قال:

حرفٌ أخُوها أبوها من مُهجَّنةٍ *** وعمُّها خَالُها قَوْداءُ شِمليلُ([22])

ـــــــــــــــــ

([1]) للنابغة، في ديوانه 19 واللسان (شمت).

([2]) في المجمل وصحاح الجوهري: "وهو في شعر ساعدة". قال ابن بري: ليس هو في شعر ساعدة كما ذكر الجوهري، وإنما هو في شعر المعطل الهذلي، وهو:

فأبنا لنا مجد العلاء وذكره *** وآبوا علينا فلها وشماتها

قلت: وقصيدته هذه في شرح السكري للهذليين 277 ونسخة الشنقيطي 109. لكن هذا البيت روي أيضاً منسوباً لساعدة بن جؤية في ملحق القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 45.

([3]) يقال شامر وشامرة أيضاً، كما في القاموس، واقتصر في اللسان على "شامرة".

([4]) زاد في المجمل: "والشماخ".

([5]) هي قراءة ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، وعطاء، وزين العابدين، والباقر، وابنه الصادق، وابن أبي عبلة. قرؤوا جميعاً بالنفي وبناء "مستقر" على الفتح، ما عدا ابن أبي عبلة فقرأها بالرفع على إعمال "لا" عمل ليس، كقوله:

تعز فلا شيء على الأرض باقيا *** ولا وزر مما قضى الله واقيا

انظر تفسير أبي حيان (7: 336).

([6]) في الأصل: "الزينة"، تحريف.

([7]) للنابغة في ديوانه 36، وقد سبق في (2: 6).

([8]) هذه النصوص الثلاثة من الجمهرة (3: 23).

([9]) وكذا في المجمل. وعبارة اللسان: "وشمص الفرس: نخسه أو نزقه ليتحرك"، مع ضبط "شمص" بالتشديد. والفعل يقال بالتخفيف وبالتشديد، كما في القاموس: ويقال نزق الفرس بالتشديد، وأنزقه أيضاً، إذا ضربه حتى ينْزو وينْزق.

([10]) في الأصل: "شمط" مع ضبط الميم بالكسر، صوابه في المجمل واللسان.

([11]) في الأصل: "رؤية" صوابه في المجمل.

([12]) في المجمل: "جاءت".

([13]) في اللسان: "الناس كلهم على فتح الشين من شمطها إلا العكلي فإنه يكسر الشين".

([14]) للمتنخل الهذلي، كما في اللسان (شمع). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 89 ونسخة الشنقيطي 47.

([15]) في اللسان: "كلمح برق". وفي المخصص (11: 39): "كمثل برق".

([16]) يقال من بابي نصر وفرح.

([17]) في الأصل: "إذا تألف اشتمل كل واحد منهما بالآخر"، تحريف.

([18]) البيت في اللسان (13: 387) وأمالي ابن الشجري (1: 306).

([19]) ديوان ذي الرمة 14 واللسان (زرب، شمل). و"جلان" ضبط في اللسان والقاموس بفتح الجيم، وفي الديوان والاشتقاق 196 والمجمل بالكسر.

([20]) القتر : جمع قترة، كغرف وغرفة، وهي حفرة يكمن فيها الصائد.

([21]) لم يذكر في المعاجم المتداولة إلا "الشمال" بدون هاء.

([22]) لكعب بن زهير كما سبق في (أشر، حرف).

 

ـ (باب الشين والنون وما يثلثهما)

(شنأ) الشين والنون والهمزة أصلٌ يدلُّ على البِغضة والتجنُّب للشيء. من ذلك الشَّنُوءَة، وهي التقزُّز؛ ومنه اشتقاق أَزْدِشَنوءة. ويقال: شَنِئَ فُلانٌ فلاناً إِذا أَبغَضَه. وهو الشَّنَآن، وربما خَفَّفوا فقالوا: الشَّنَان. وأنشدوا:

فما العيشُ إلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهي *** وإِنْ لاَمَ فيه ذو الشَّنَانِ وأَفْنَدَا([1])

والشنْءُ: الشَّنَآن أيضاً. ورجلٌ مِشناءٌ على مِفعال، إِذا كان يُبْغِضُه النَّاسُ([2]). وأمَّا قولهم شَنِئْت للأمر وبه، إِذا أَقرَرْت، وإِنشادُهم:

فلو كان هذا الأمرُ في جاهليَّةٍ *** شَنِئْتَ به أو غَصَّ بالماء شاربُه([3])

..................([4])

(شنب) الشين والنون والباء أصلٌ يدلُّ على بردٍ في شيء. يقولون: شَنِب يومُنا، فهو شَنِب وشانب، إِذا برد.

ومن ذلك الثّغر الأشنب، هو البارد العذب. قال:

* يا بِأبي أنتِ وفُوكِ الأَشْنَبُ([5]) *

(شنث) الشين والنون والثاء ليس بأصل، وفيه كلمة. يقولون: شَنِثَت مَشافِر البعير، إِذا غلظت من أكل الشَّوْك.

(شنج) الشين والنون والجيم كلمةٌ واحدةٌ، وهو الشَّنَجُ، وهو التقبُّض في جلدٍ وغيره.

(شنح) الشين والنون والحاء كلمة واحدة، وهي الشَّناحِيُّ، وهو الطويلُ، يقال هو شَنَاحٌ كما ترى.

(شنص) الشين والنون والصاد كلمة إن صحت. يقولون: فَرَس شَناصِيٌّ، أي طويل. قال:

* وشَنَاصيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرْ([6]) *

ويقال:  إنما هو نَشَاصيٌّ. وحكى : شَنَِصَ به، مثل سَدِك.

(شنع) الشين والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على رفْع الذِّكر بالقبيح. من ذلك الشَّناعة. يقال شَنُع الشيءُ فهو شنيع. وشَنَعتُهُ، إذا قهرتَه بما يكرهه. وذكر ناسٌ شَنَعَ فلانٌ فلاناً، إِذا سَبَّه. وأنشدوا لكُثَـيِّر:

وأسماءُ لا مَشنوعةٌ بمَلالةٍ  *** لَدَيْنا......................([7])

ويحملون على هذا فيقولون: تشنَّعت الإبل في السير، إذا جدَّت. وإنما يكون ذلك في أرفعِ السَّير، فيعود القياسُ إلى ما ذكرناهُ من الارتفاع وإن لم يكن في ذلك قبح.

(شنف) الشين والنون والفاء كلمتان متباينتان: أحدهما الشَّنْف، وهو من حَلْي الأذُن. والكلمة الأخرى: الشَّنَف: البُغض. يقال شَنِف له يَشْنَف شنَفاً.

(شنق) الشين والنون والقاف أصلٌ صحيح منقاس، وهو يدلُّ على امتدادٍ في تعلّقٍ بشيء، من ذلك الشِّناق، وهو الخيط الذي يُشَدُّ به فمُ القربة. وشَنَقَ الرَّجل بزمام ناقته، إذا فعل بها كما يفعل الفارسُ بفرسه، إذا كَبَحَه بلجامه. ويقال إنَّ الشَّنَق: طولُ الرأس، كأنما يمتدُّ صُعُداً. وفرسٌ مشنوق: طويل.

ومن الباب وهو قياسٌ صحيح: الشَّنَق نِزَاع القلب إلى الشيءِ، وذلك أنَّه لا يكون إلاّ عن عَلَقٍ، فقد يصحُّ القياس الذي ذكرناه.

فأمَّا الأشناق فواحدها شَنَق، وهو ما دون الدِّية الكاملة، وذلك أن يسوق ذُو الحمالة ديةً كاملةً، فإذا كانت معها دياتُ جراحاتٍ دون التمام فتلك الأشناق، وكأنّها متعلِّقة بالدِّية العُظمى. والذي أراده الشاعر هذا بقوله:

قَرْمٌ تُعَلَّقُ أشناقُ الدِّيات به *** إِذا المئُون أُمِرَّتْ  فَوقَه حَمَلاَ([8])

والشَّنَق، في الحديث: ما دون الفريضتين، وذلك في الإبل والغنم والبقر. وهو قولـه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا شِناق"، أي لا يُؤخذ في الشَّنَق فَريضة حتى تتمّ. 

ومن الباب اللحم المشَنَّق، وهو المشَرَّح المقطَّع طُولاً. قال الأمويّ: يقال للعجين الذي يُقطَّع ويعمل بالزيت * : مشَنّق. ولا يكون ذلك إلا وفيه طول.

ـــــــــــــــــ

([1])  البيت للأحوص، كما في اللسان (شنأ). وروايته: "وفندا". يقال فنده وأفنده: لامه وضعف رأيه.

([2]) في هذا التفسير كلام. انظر اللسان (1:  96).

([3]) البيت ملفق من بيتين للفرزدق في ديوانه 56. وهما:

فلو كان هذا الحكم في جاهلية  *** عرفت من المولى القليل حلائبه

ولو كان هذا الأمر في غير ملككم *** لأديته أو غص بالماء شاربه

ورواه في اللسان (شنأ):

ولو كان في دين سوى ذا شنئتم *** لنا حقنا أو غص بالماء شاربه

([4]) هنا سقط لم يبيض له. وتقديره: "فكلام فيه نظر".

([5]) البيت من شواهد ابن هشام في أوضح المسالك وقطر الندى، في (باب اسم الفعل)، ورواه: "وابأبي"، ونسب إلى راجز من بني تميم. وانظر العيني (4: 310).

([6]) للمرار بن منقذ في المفضليات (1: 82) واللسان (شنص). وفي المفضليات: "فإذا طؤطئ طيار طمر". وصدره:  * شندف أشدف ما روعته *.

([7]) وكذا ورد إنشاده منقوصاً في المجمل. وتمامه، كما في اللسان:

* لدينا ولا مقلية باعتلالها *

([8]) للأخطل في ديوانه 143 واللسان (شنق).

 

 

ـ (باب الشين والهاء وما يثلثهما)

(شهو) الشين والهاء والحرف المعتل كلمة واحدة، وهي الشّهوة. يقال: رجلٌ شَهْوانُ، وشيءٌ شَهِيّ.

(شهب) الشين والهاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بياض في شيءٍ من سواد، لا تكون الشُّهبةُ خالصةً بياضاً. ومن ذلك الشُّهبة في الفرَس، هو بياضٌ يخالطُهُ سَواد. ويقال كَتِيبةٌ شَهباء، إِذا كانت عِليتُها بياضَ الحديد، ويقال لليوم ذي البرد والصُّرَّاد([1]): أشهبُ، والليلة الشّهباءُ. ويقال: اشهابَّ الزَّرْع، إذا هاجَ وبَقي في خِلاله شيءٌ أخضر. ومن الباب: الشِّهاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعة. وإنَّ فُلاناً لَشِهابُ حربٍ، وذلك إذا كان معروفاً فيها مشهوراً كشُهرة الكواكب اللّوامع. ويقال إنَّ النّصل الأشهبَ الذي قد بُرِدَ بَرْداً خفيفاً حتى ذهب سوادُهُ. ويقال إنَّ الشّهاب اللّبَنَ الضَّيَاح، وإِنما سمِّيَ بذلك لأنَّ ماءَه ([2]) قد كثر فصار كالبياض الذي يخالطه لونٌ آخر.

(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام. يقال شَهد يشهد شهادةً. والمَشهد: محضر النّاس.

ومن الباب: الشُّهود: جمع الشاهد، وهو الماء الذي يخرج على رأس الصبيّ إِذا وُلد، ويقال بل هو الغِرْس([3]). قال الشاعر:

فجاءَت بمثل السّابرِي تَعجَّبُوا  *** لهُ والثَّرَى ما جفَّ عنه شُهودها([4])

وقال قوم: شهود النّاقة: آثار موضع مَنْتَجِها من دمٍ أو سَلَىً. والشَّهيد: القتيل في سبيل الله، قال قومٌ: سمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرحمة تشهده، أي تحضُره. وقال آخرون: سمِّي بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض تسمَّى الشاهدة. والشاهد: اللِّسان، والشَّاهد: المَلَك. وقد جمعهما الأعشى في بيت:

فلا تحسَِبَنّي كافراً لك نعمةً *** عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ([5])

فشاهده: اللسان: وشاهد الله جلَّ ثناؤه، هو المَلَك، فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ:

{شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُو}  [آل عمران 18]، فقال أهلُ العِلم: معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال: شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن الحقُّ وعلى مَنْ هو. وامرأةٌ مُشْهِد، إِذا حضر زوجها، كما يقال للغائب زوجُها: مُغِيب. فأمَّا قولهم أشْهَدَ الرّجُلُ، إِذا مَذَى، فكأنَّهُ  محمولٌ على الذي ذكرناه من الماء الذي يخرج على رأس المولود.

ومما شذّ عن هذا الأصل: الشُّهْد: العسلُ في شَمَعِها؛ ويجمع على الشِّهاد. قال:

إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ  *** لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ([6])

(شهر) الشين والهاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على وضوحٍ في الأمر وإِضاءة. من ذلك الشَّهر، وهو في كلام العرب الهِلال، ثمَّ سمِّي كلُّ ثلاثين يوماً باسم الهلال، فقيل شهر. قد اتَّفق فيه العربُ والعجم؛ فإنَّ العجم يسمُّون ثلاثين يوماً باسم الهلال في لغتهم. والدليل على هذا قولُ ذي الرّمّة:

فأَصْبَحَ أَجْلَى الطرفِ ما يستزيدُهُ *** يَرَى الشَّهرَ قبلَ الناسِ وهو نحيلُ([7])

والشُّهرة: وضوح الأمر. وشَهَرَ سيفَه، إِذا انتضاه. وقد شُهِر فلانٌ في الناس بكذا، فهو مشهور، وقد شَهَرُوه. ويقال: أَشْهَرْنا بالمكان، إِذا أَقَمنا به شهراً. وشَهْرانُ: قبيلة.

(شهق) الشين والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على علوّ. من ذلك جبلٌ شاهِق، أي عال. ثمَّ اشتُقَّ من ذلك الشَّهيق: ضدّ الزَّفير؛ لأنَّ الشَّهيق ردُّ النّفَس، والزّفير إخراج النَفَس. والأصل في ذلك ما ذكرناه. وقال بعضهم: فلان ذو شاهقٍ، إِذا اشتدَّ غضبُه. ولعلَّه أن *يكون مع ذلك صوت.

(شهل) الشين والهاء واللام أصلٌ في بعض الألوان، وهي الشُّهْلة في العين، وذلك أن يَشُوبَ سوادَها زُرْقة.

ومما ليس في هذا الباب: امرأةٌ شهلة، قالوا: هي النَّصَف العاقلة. قالوا: وذلك اسمٌ لها خاصّةً، لا يوصَف به الرجل. كذا قال أهل اللُّغة. فأمَّا العرب فقد سمَّت بشَهْل، وهو الفِند الزِّمَّانيّ، يقال إنّ اسمَه شَهْل بن شيبان.

ومما شذَّ أيضاً: المشاهَلة: المُشَارَّة، وأظنُّ الشين مبدلةً من جيم. وكذلك قولهم للحاجَةِ: شهلاء، وهو من باب الإبدال، والأصل الكاف: الشَّكْلاء.

(شهم) الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك: رجلٌ شَهْمٌ.  وربَّما قالوا للمذعور: مَشهوم، وهو قياسٌ صحيح لأنَّه إذا تَفَزَّعَ بَدَا ذكاءُ قلبِه([8]). ويقولون: إنَّ الشَّهامَ السِّعلاة. فإنْ صحَّ هذا فهو أيضاً من الذكاء. والشَّيهم: القنفذ؛ وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب. وفيه يقول الأعشى:

لَئِنْ جَدَّ أسبابُ العداوةِ بيننا  *** لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ([9])

والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) الصراد: ريح باردة مع ندى.

([2]) في الأصل: "لأنه ما"

([3]) في الأصل : "الفرس"، صوابه في المجمل واللسان. والغِرس، بكسر الغين: جلدة رقيقة تخرج مع الولد عند خُروجه.

([4]) لحميد بن ثور الهلالي، كما في اللسان (شهد).

([5]) ديوان الأعشى 133، واللسان (شهد).

([6]) لأمية بن أبي الصلت، وقد سبق إنشاده وتخريجه في (2: 312).

([7]) ديوان ذي الرمة 671، وأنشد عجزه في اللسان (شهر).

([8]) في الأصل: "إذا تفرع ذكاء قلبه".

([9]) ديوان الأعشى 95 واللسان (شهم).

ـ (باب الشين والواو وما يثلثهما)

(شوي) الشين والواو والياء يدلُّ على الأمر الهيِّن. من ذلك الشَّوى وهو رُذال المال. قال:

أَكَلْنا الشَّوَى حَتَّى [إِذا لم تَجِدْ شَوىً([1])] ***  أَشَرْنا إلى خيراتها بالأصابعِ

ومن ذلك الشَّوَى: جمع شَواة، وهي جِلْدة الرأس. والشَّوَى: الأطراف، وكلُّ ما ليس بمَقتل. وكلُّ أمرٍ هَيّنٍ شَوىً. ويقولون في الإتباع: عَيِيٌّ شَوِيٌّ. قال ابن دريد([2]): هو من الشَّوى، وهو الرُّذَال. ويقال رميتُ الصَّيدَ فأَشْوَيْتُهُ، إِذا أَصَبْتَ شَواهُ، وهي أطرافه. والشَّوايا: بقيَّة قومٍ هَلَكوا، الواحِد شَوِيَّة؛ وإِنَّما  سمِّيت بذلك لقلَّتها وهُونِها. قالوا: والشّواية([3]) الشيء الصغير من الكبير، كالقِطعة من الشّاة. ويقال: ما بَقِيَ من المال إِلا شَُِـوايَة، أي شيءٌ يسير. والذي لا نشكُّ فيه أنَّ الشِّواء مشتقٌّ من هذا؛ لأنّه إِذا شُوِيَ فكأنَّه قد أهين. فإن قال قائل: فينبغي أن يكون إِذا قُدِر وكبِّب([4]): شِواءٌ لأنَّه  قد أهين. قيل لـه: نحن نعلِّل ما يقوله العربُ حتَّى نردَّه إلى أصلٍ مطَّرد متّفَقٍ عليه، فأمَّا ما سوى ذلك فليس لنا ما نفعلَه. وتقول: شَوَيتُ اللَّحمَ شَيَّاً واشتويتُهُ، فأنا مشتوٍ. قال الشاعر:

* فاشتوَى ليلةَ ريحٍ واجْتَمَلْ([5]) *

ويقال انْشَوَى اللَّحم. قال:

قَد انشَوى شِواؤنا المرَعْبل([6]) *** فاقترِبوا إلى الغَداءِ فكلُوا

قال الخليل: الإشواء: الإبقاء أو في معناه([7])، حتى يقول بعضهم: تعشَّى فلانٌ فأَشْوَى من عَشَائِه، أي أبقى. قال:

فإنَّ من القول التي لا شَوى لها *** إِذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها([8])

أي لا بقيَّةَ لها. والأصلُ يَرجع إلى ما أصَّلناه.

(شوب) الشين والواو والباء أصلٌ واحدٌ، وهو الخَلْط. يقال: شُبْتُ الشيءَ أشوبُه شَوباً. قال أهلُ اللُّغة: وسمِّي العَسَل شَوباً، لأنَّه كان عندهم مِزاجاً لغيره من الأشربة. والشِّياب: اسمٌ لما يُمزَج به. ويقولون: ما عنده شوبٌ ولا رَوب. فالشَّوب: العَسَل. والرّوب: اللبن الرائب.

 

(شوذ) الشين والواو والذال ليس فيه إلاَّ المِشْوَذ، وهي العمامة. قال الوليد بن عقبة:

إِذا ما شددتُ الرأس مِنّي بِمشوذٍ *** فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ([9])

(شور) الشين والواو والراء أصلان مطَّردان، الأوَّل منهما إبداء شيء وإِظْهارُهُ وعَرْضه، والآخر أخْذ شيء.

فالأوَّل قولهم: شُرت [الدَّابّة([10]) ] شَوْراً، إِذا عَرضْتَها. والمكان الذي يُعْرض فيه الدَّوابّ هو المِشوار. يقولون: "إِيَّاكَ والخُطَبَ * فإنَّها مِشْوارٌ كثير

العِثار".

قال بعض أهل اللغة في قولهم شَوّرَ بِهِ، إذا أخجله: إِنما هو من الشُّوار، والشُّوار: فَرْج الرّجُل. ومن ذلك قولهم: أَبْدَى الله شُواره. قال: فكأنَّ قولَه شَوّر به، أراد أَبْدَى شواره حتَّى خَجِل.  قال: والشَّوار([11]): مَتاع البيت أيضاً. فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه مِن الذي يُصان كما يصُون الرّجلُ ما عنده.

والباب الآخر: قولهم: شُرْت العسلَ أَشُوره. وقد أجاز ناسٌ: أَشَرْت العسَل، واحتجُّوا بقوله:

وَسَمَاعٍ يأذَنُ الشّيخُ لـهُ  *** وحديثٍ مثلِ ماذِيّ مُشَارِ([12])

[وقال الأصمعيّ: إنما هو "ماذيِّ مَشارِ"]([13]) على الإضافة. قال: والمَشار: الخليَّة يُشتار منها العَسَل.

قال بعض أهلُ اللُّغة: من هذا الباب شاورتُ فلاناً في أمري. قال: وهو مشتقٌّ من شَوْر العسل([14])، فكأنَّ المستشير يأخذ الرأيَ من غيره.

قالوا: ومما اشتُقّ من هذا قولهم في البعير: هو مُستشِير، وهو البعير الذي يعرف الحائلَ من غير الحائل. وأنشد:

أَفزَّ عنها كلَّ مستشيرِ *** وكلَّ بَكْرٍ داعِرٍ مِئْشِيرِ([15])

ويقال : بل هو السَّمين.

(شوس) الشين والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَظَرٍ بتغيُّظ. من ذلك الشَّوَس: النَّظَرَ بأحد شِقَّي العين تغيُّظاً. ورجلٌ أشوسُ من قومٍ شُوس. ويقال هو [الذي ([16])] يصغِّر عينيه ويضمُّ أجفانه.

(شوص) الشين والواو والصاد أصلٌ يدلّ على زعزعةِ شيءٍ وَدَلْكِه. من ذلك الشَّوْص، وهو التسوُّك بالسِّواك. وفي الحديث: "أنَّه كان يَشُوص فاه بالسِّواك". وقال امرؤ القيس:

بأَسوَدَ ملتفِّ الغدائرِ واردٍ  *** وذي أُشُرٍ تَشُوصه وتمُوصُ([17])

والشّوْص: الدلْك، وقد يقال في الثَّوْب أيضاً. ويقال شاص الشيء، إِذا زَعزَعَه. وأما الشَّوْصة فداءٌ يقال إنَّه يتعقَّد في الأضلاع.

(شوط) الشين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ في غير تثبُّت ولا في حَقٍّ. من ذلك قولُهم جَرى شَوطاً أي طَلَقاً. ويقولون للضَّوءِ الذي يدخل البيوتَ من الكُوّة: شَوط باطلٍ. وكان بعض الفقهاء يكره أن يقال: طاف بالبيت أشواطاً، وكان يقول: الشَّوط باطل، والطّوافُ بالبيت من الباقيات الصالحات.

(شوظ) الشين والواو والظاء كلمة واحدة صحيحة، فالشوَاظ: شُواظُ اللّهب من النار لا دُخانَ معه. قال تعالى: شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ[الرحمن 35].

(شوع) الشين والواو والعين أصلٌ يدل على انتشارٍ وتفرُّق. من ذلك: الشَّوَع، وهو انتشار الشَّعْر وتفرُّقه. والشُّوع: شَجَر([18]) ولَعله متفرِّق النبت.

(شوف) الشين والواو والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على ظهور وبُروز. من ذلك قول العرب: تَشَوَّفَت الأوعالُ، إذا عَلَتْ مَعاقل الجبال. ثم حُمِل على ذلك واشتُقَّ منه: تشوَّفَ فُلانٌ للشَّيء، إذا طَمَح به، ثمَّ قِيلَ لجَلْو الشيء شَوف. تقول: شُفْتُه أشوفُهُ شَوفاً. والمَشُوف: المجلُوّ. والدِّينار المَشُوف من ذلك. وفيه يقول عنترة:

* رَكَدَ الهواجرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ([19]) *

وإِنَّما سمِّيَ ذلك شَوفاً لأنَّه يبرز به عن وجهِهِ ولونه. ويقال من ذلك: تشوَّفَت المرأةُ، إِذا تزيَّنَت. ويقال إنَّ الجَمل المَشُوف: الهائج. قال:

* مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَه بعَصِيمِ([20]) *

وقال قوم في البيت: إنَّما هو "المَسُوف" بالسين، وهو الفَحل الذي تَسوفُه الإِبل، أي تشمّه([21]). ويقال اشتافَ فلانٌ، إِذا تطاوَلَ ونظَر. وأشافَ على الشيء، إِذا أَوفَى عليه وأَشْرَفَ. ومن ذلك سُمِّي الطَّليعةُ الشَّيِّفَة.

(شوق) الشين والواو والقاف يدلُّ على تعلُّق الشّيء بالشيء، يقال شُقتُ الطُّنُب، أي الوتِد، واسم ذلك الخيط الشِّيَاق. والشَّوْق مثل النَّوْط، ثم اشتقَّ من ذلك الشَّوق، وهو نزاعُ النَّفْس إلى الشيء. ويقال شاقَنِي يَشُوقُني، وذلك لا يكون إلاَّ *عن عَلَق حُبّ.

(شوك) الشين والواو والكاف أصلٌ واحِدٌ يدلُّ على خشونةٍ وحدَّةِ طرَفٍ في الشّيء. من ذلك الشَّوك، وهو معروف. يقال شجرةٌ شَوِكَة وشائكة ومُشِيكة([22]). ويقال شاكَني الشّوكُ. وأَشَكْتُ فلاناً، إِذا آذَيتَه بالشَّوك. وشوَّكَ الفرخ، إِذا أَنْبَت([23]). ويشتقُّ من ذلك الشَّوْكة، وهي شدة البَأس. ويقال جاء بالشَّوك والشَّجر([24])، أي في العدد الجَمّ. ويقال بُرْدةٌ شَوكاء، وهي الخَشِنة المَسِّ من جِدّتها، وقيل هي الخشنة النَّسْج. ويقال: شَوَّكَ ثَديُ المرأةِ، إذا انتصب وتَحدَّد طَرَفه. ويقال شوَّك البعير، إِذا طالت أنيابُهُ.

(شول) الشين والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الارتفاع. من ذلك شالَ المِيزان، إِذا ارتفعت إحدى كِفّتَيه. وأَشَلْت الشّيءَ: رفعتُهُ، والشَّول من الإِبل: التي ارتفت ألبانُها، الواحدة شائلة. والشوَّل: اللواتي تَشُول بأذنابها عند اللِّقاح، الواحدة شائل. وزعم قومٌ أنّ شَوّالاً سمِّي بذلك لأنَّه وافق وقتَ أن تشولَ الإبل. والشَّوْلة: نجم، وهي شَوْلة العقرب، وهي ذَنَبها. وتسمَّى العقربُ شَوّالة([25]). ويقال تشاوَلَ  القَومُ بالسِّلاح عند القتال، وذلك أَنْ يُشيل كلٌّ السِّلاح لصاحِبه. فأمَّا الماء القليل فيسمى شَولاً، لأنَّه إِذاً قد خف وسَرُع ارتفاعه وذهابه. قال:

* وصَبَّ رُواتُها أشوالَها([26]) *

ويسمَّى الخادم الخفيف في الخِدمة: شَوِلاً؛ لسرعة ارتفاعه فيما ينهض فيه.

(شوه) الشين والواو والهاء أصلان: أحدهما يدلُّ على قُبح الخِلقة، والثاني نوعٌ من النَّظَر بالعين.

فالأوّل الشَّوَه: قُبح الخلقة؛ يقال شاهَت الوجوه أي قَبُحت. وشوَّهه الله فهو مشوَّه. وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رَمَى المشركين بالتُّراب وقال: "شاهت الوُجوه". وأمَّا الفرس الشَّوهاء فالتي في رأسها طُول.

وأمّا الأصل الآخر فقالوا: رجل شائِهُ البصر، إذا كان حديد البصَر. ويقال شاهِي البَصَر أيضاً، وكأنه من المقلوب. ويقال الأشْوَه الذي يُصيب النَّاسَ بالعين. ويقولون: لا تَشَوَّه عَلَيَّ([27])، إِذا قال ما أحَسَنَك، أي لا تُصِبْني بعينك.

ومما شذّ عن الباب: الشَّاة. قالوا: أصل بنائها من هذا، يقال تشوَّهْت شاةً، أي أخذتها.

ــــــــــــــــــ

([1]) التكملة من اللسان (شوا) والمخصص (14: 29/ 15: 166). والبيان (3: 342).

([2]) الجمهرة (3: 430).

([3])  الشواية، بتثليث حركات الشين.

([4]) قدر: طبخ في القدر. كبب عمل كباباً، وهو ضرب من اللحم المقلي يعرفُ بالطباهجة. وفي الأصل: "كتب"، تحريف.

([5]) البيت للبيد في ديوانه 12 طبع 1881 واللسان (شرا). وصدره: * أو نهته فأتاه رزقه *.

([6]) في الأصل: "فلما انشوى"، صوابه من المجمل واللسان.

([7]) في المجمل: "وفي معناها".

([8]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 163، وأنشده في اللسان (شوا) بدون نسبة. وفي الأصل: "الذي لا شوى"، صوابه من المجمل واللسان والديوان.

([9]) أنشده في اللسان (شوذ) قال: "وكان قد ولي صدقات تغلب". وعقب عليه بقوله: "يريد غياً لك ما أطوله مني". في الأصل: "غيك عني".

([10]) التكملة من المجمل.

([11]) الشوار هذا بتثليث الشين.

([12]) لعدي بن زيد، كما في اللسان (شور، أذن)، برواية: "في سماع".

([13]) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.

([14]) في الأصل: "شوار العسل"، تحريف.

([15]) الرجز في اللسان (شور).

([16]) التكملة من المجمل.

([17]) ماص الشيء يموصه: غسله.

([18]) في المجمل: "الشوع: شجر البان". وفي اللسان: "والشوع بالضم: شجر البان، وهو جبلي".

([19]) لعنترة في معلقته: وصدره: * ولقد شربت من المدامة بعدما  *

([20]) البيت للبيد في ديوانه 88 طبع 1880 واللسان (شوف). وصدره :

* بخطيرة توفي الجديل سريحة *.

([21]) في الأصل: "تسوقه الإبل أي تشبه"، تحريف.

([22]) وشاكة أيضاً.

([23]) وكذا في المجمل، وفي اللسان: "وشوك الفرخ تشويكا: خرجت رؤوس ريشه".

([24]) هذه العبارة بعينها في المجمل، ولم تذكر في اللسان والقاموس. وذكرها الزمخشري في أساس البلاغة.

([25]) في اللسان: "وشولة وشوالة: العقرب: اسم علم لها".

([26]) للأعشى في ديوانه 26 واللسان (شول). وهو بتمامه:

حتى إذا لمع الدليل بثوبه *** سقيت وصب رواتها أشوالها

([27]) تشوه أي تتشوه، بحذف إحدى التاءين، كذا ضبطت في الأصل والمجمل. ويقال أيضاً: لا تشوه، من التشويه. كما في اللسان.

 

ـ (باب الشين والياء وما يثلثهما)

(شيأ) الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. يقال شَيَّأ الله وجْهَه؛ إِذا دعا عليه بالقُبح. ووجهٌ مُشَيَّأٌ.وأنشد:

إِنَّ بَنِي فزارةَ بنِ ذُبيانْ ***

قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ

مُشَيَّأٍ أعجِبْ بِخَلْقِ الرَّحمن([1])

(شيب) الشين والياء والباء. هذا يقرب من باب الشين والواو والباء، وهما يتقاربان جميعاً في اختلاط الشّيء بالشيء. من ذلك الشَّيب: شَيب الرأس؛ يقال شاب يَشيب. قال الكسائيّ: شيّب الحُزنُ رأَسَه وبرأسه، وأشابَ الحُزْن رأسَه وبرأْسه. والرجل إِذا شابَ فهو أَشْيَب. والشِّيب: الجبال يسقُط عليها الثلج، وهو من الشَّيْب. وقال الشاعر:

شيوخٌ تَشِيب إِذا ما شتَت  *** وليسَ المشيبُ عليها معيبا

يريد الجبال إِذا ابيضَّت من الثلج. ووجدت في تفسير شعر عبيد في قوله:

* والشَّيبُ شَينٌ لمن يشِيبُ([2]) *

أنَّ الشَّيب والمَشِيب واحد. قال: وقال الأصمعيّ: الشَّيب: بياض الشَّعر، والمشيبُ: دخولُ الرَّجُل في حدِّ الشِّيبِ من الرِّجال ذوي الكِبَر والشَّيب. وقال أيضاً في هذا الموضع: قال ابن السّكّيت في قول عديٍّ:

* والرأسُ قد شابَهُ المَشِيبُ([3]) *

أراد بَيّضه المَشيب، وليس معناه خالَطَه، وأنشد:

قد رابَه ولِمِثْلِ ذلك رابَهُ  *** وَقَعَ المَشيبُ على المشيبِ فشابَهُ([4])

أي بَيَّضَ مسوَدَّه. وشِيبان ومِلْحان: شهرا *قِماح، وهما أشدُّ الشتاء برداً؛ سمِّيا بذلك لبياض الأرض بما عليها من الصَّقيع.

ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم: باتت فلانة بليلةِ شَيْباءَ، إِذا افْتُضَّت. وباتَتْ بليلةِ حُرّةٍ، إِذا لم تُفْتَضّ.

(شيح) الشين والياء والحاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدهما على جِدٍّ وحَذَرٍ، والآخر على إعراض.

فأمَّا الأوَّل فقول العرب: أشاحَ على الشيءِ، إِذا واظَبَ عليه وَجَدّ فيه قال الراجز:

* قُبَّاً أطاعَت راعياً مُشِيحاً([5]) *

وقال آخر:

* وشايَحْتَ قبل اليَومِ إِنَّكَ شِيحُ([6]) *

وأمَّا الشِّياح فالحِذَار. ورجل شائحٌ. وهو قوله:

* شايَحْن منه أَيَّما شِيَاحِ([7]) *

والمَشْيُوحاء: أَنْ  يكون القومُ في أمرٍ يَبْتَدِرونه؛  يقال هم في مَشْيُوحاءَ.

وأما الآخر فيقال: أشاحَ بوجهه، أي أعرض. ويقال إِنَّ اشتقاقَه من قولهم أشاحَ  الفرسُ بذنَبه، إذا أرخاه.

ومما شذَّ عن البابين جميعاً: الشِّيح، وهو نبتٌ.

(شيخ) الشين والياء والخاء كلمة واحدة، وهي الشَّيخ. تقول: هو شيخٌ، وهو معروف، بيِّن الشَّيخوخة([8]) والشَّيَخ والتّشييخ. وقد قالوا أيضاً كلمةً، قالوا: شَيَّخت عليه([9]).

(شيد) الشين والياء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رفعِ الشّيء. يقال شِدْت القَصر أَشِيدُهُ شَيْداً. وهو قصرٌ مَشِيدٌ، أي معمولٌ بالشِّيد. وسمِّي شِيداً  لأنَّ به يُرفَعُ البناء. يقال قَصرٌ مَشِيدٌ أي مُطَوّل. والإشادة: رفْع الصَّوت والتنويه.

(شيص) الشين والياء والصاد. يقال إنَّ الشِّيص أردأ التَّمْر.

(شيط) الشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشيء، إمّا احتراقاً وإما غَيْرَ ذلك. فالشَّيْط مِنْ شاط الشَّيءُ، إِذا احترق. يقال شيَّطت اللَّحم. ويقولون: شَيَّطه، إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجْه. والأوَّلُ أصحُّ وأقيَس.

ومن المشتقّ من هذا : استشاط الرَّجلُ، إذا احتدَّ غضَباً. ويقولون: ناقةٌ مِشياط، وهي التي يطير فيها السِّمَن.

ومن الباب الشَّيطان، يقارب الياء فيه الواو، يقال شَاط يَشِيط، إِذا بَطَل. وأشاطَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ، إِذا أبطَلَه. وقد مضى الكلامُ في اشتقاقِ اسم الشَّيطان.

(شيع) الشين والياء والعين أصلان، يدلُّ أحدُهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بَثٍّ وإشادة.

فالأوّل: قولُهم شَيَّعَ فلانٌ فلاناً عند شُخوصه. ويقال آتِيكَ غداً أو شَيْعَه، أي اليوم الذي بعده، كأنَّ الثاني مُشَيِّع للأوّل في المضيّ. وقال الشّاعر([10]):

قال الخليطُ غداً تَصَدُّعُنا  *** أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا

وقال للشجاع : المشيَّع؛ كأنَّه لقُوَّته قد قَوِي وشُيِّع بغيره، أو شُيِّع بقُوّة.

وزعم ناسٌ أنَّ الشَّيْعَ شِبل الأسد، ولم أسمْعه من عالمٍ سَماعاً. ويقول ناس: إنَّ  الشَّيْع المِقدار، في قولهم: أقام شهراً أو شَيْعَه. والصَّحيح ما قلته، في أنَّ المشيِّع هو الذي يُساعِد الآخَر ويقارنه. والشِّيعة: الأعوان والأنصار.

وأما الآخر [فقولهم] : شاع الحديث، إِذا ذاع وانتشر. ويقال شَيَّع الراعي إِبلَه، إِذا صاح فيها. والاسم الشِّيَاع: القصبة التي ينفُخُ فيها الراعي. قال:

* حنينَ النِّيبِ تَطربُ للشِّياع *

ومن الباب قولهم في ذلك: له سهم شائع، إذا كان غير مقسومٍ. وكأنَّ من لـه([11]) سهمٌ ونَصِيب انتشرَ في السَّهم حتَّى أخذه، كما يَشِيعُ الحديثُ في الناس فيأخذ سَمع كلِّ أحد.

ومن هذا الباب: شيَّعت النّارَ في الحطب، إِذا ألهَبْتَها.

(شيق) الشين والياء والقاف كلمة. يقال إنَّ الشِّيق الشّق الضّيق في رأس الجبل. قال:

* شغْواء تُوطنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ([12]) *

(شيم) الشين والياء والميم أصلان متباينان، وكأنَّهما من باب الأضداد إِذْ أحدُهما يدلُّ على الإظهار، والآخَر يدلُّ على خلافه.

فالأول قولهم: شِمْت السّيفَ، إذا سللَتَه. ويقال للتُّراب الذي يُحفَر فيستخرج من الأرض الشِّيمة، والجمع الشِّيَم.* ومن الباب: شِمْت البرقَ أشِيمُه شَيماً، إِذا رَقَبْتَه تنظر أينَ يَصُوب. وهذا محمول على الذي ذكرناه من شَيْم السَّيف. وقال الأعشى:

فقلتُ للشَّرْبِ في دَُرْنا وقد ثَمِلوا *** شيموا وكيف يَشيم الشَّارِبُ الثَّمِلُ([13])

كأنّه لما رَقَبَ السَّحاب شام بَرقَه كما يُشامُ السَّيف.

والأصل الآخَر: قولُهم شِمت السّيفَ، إِذا قَرَبْتَه([14]). ومن الباب الشِّيمة: خَلِيقة الإنسان، سمِّيت شيمةً لأنَّها كأنها مُنْشامة فيه داخلةٌ مستكِنّة. والانشيام: الدُّخول في الشيء؛ يقال: انشام في الأمر، إذا دخلَ فيه. والمَشِيمَة: غِشاءُ وَلَدِ الإنسان، وهو الذي يقال لـه مِنْ غيرِهِ السَّلَى. وسمِّيت بذلك كأن الولد قد انشام فيها.

فأمَّا الشَّامَة فيمكن أن يكون من الباب الأول؛ لأنَّها شيء بارزٌ، يقال منها رجلٌ أشيم، وهو الذي به شامة.

(شين): الشين والياء والنون كلمةٌ تدلُّ على خلاف الزينة. يقال شانَه خلافُ زانه. والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــــ

([1]) الرجز لسالم بن دارة، كما في الخزانة (1: 293).

([2]) ديوان عبيد بن الأبرص 6 والقصائد العشر 304 وصدره:

* إِما قتيل وإما هالك *

([3]) صدره في اللسان (شيب):  * تصبو وأنى لك التصابي*

على أنَّ الصواب نسبته إلى عبيد بن الأبرص. انظر المرجعين السابقين.

([4]) البيت في المجمل واللسان (شيب).

([5]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (شيح).

([6]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 116، واللسان (شيح) وصدره:

* بدرت إلى أولاهم فسبقتهم *

([7]) لأبي السوداء العجلي، كما في اللسان (شيح). وقبله :

* إذا سمعن الرز من رباح *.

([8]) في المجمل: "الشيخ معروف، وهو بين الشيخوخة".

([9]) في المجمل: "وذكر أبو عبيد: شيَّخت عليه، أي عبت وشنعت".

([10]) هو عمرو بن أبي ربيعة. ديوانه 106 واللسان (شيع).

([11]) في الأصل: "وكأنَّه من الأول".

([12]) أنشده في اللسان (شيق).

([13]) البيت من معلقته المشهورة.

([14]) قرب السيف: جعله في قرابه، وهو الغمد.

 

 


ـ (باب الشين والهمزة وما يثلثهما)

(شأت) الشين والهمزة والتاء. إنَّ الشئِيت من الأفراس: العَثُور.

* كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئِيتُ([1]) *

(شأز) الشين والهمزة والزاء أُصَيْلٌ يدل على قلق وتَعَادٍ([2]) في مكان. من ذلك المكان الشّأْز، وهو الخشِن المتعادِي. قال رؤبة:

* شأزٍ بمَنْ عَوَّه جدْبِ المنطَلَق([3]) *

ويقال أشْأَزهُ([4]) الشيءُ، إِذا أقْلَقَه.

(شأس) الشين والهمزة والسين، هو كالباب الذي قَبلَه، وليس يبعُد أن يكونَ من باب الإِبدال. فشأْسٌ: اسم رجل، والشَّأْس: المكان الغليظ.

(شأف) الشين والهمزة والفاء كلمةٌ تدل على البِغْضة. من ذلك الشّآفَة([5]) وهي البِغْضَة؛ يقال شأفْتُهُ شَأَفاً. قال: ومن الباب الشَّأْفة، وهي قَرْحة تخرج بالأسنان فتُكوَى وتذهب، يقولون: استأصَلَ الله شأفَته، يقال شُئِفَت رجلُه، فمعناه أَذْهَبَه الله كما أذهب ذاك. وإِنّما سمِّيت شأفةً لِمَا ذكرناه من الكراهة والبغضة.

(شأن) الشين والهمزة والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاءٍ وطلب. من ذلك قولُ العرب: شَأنْتُ شأنَهُ، أي قصدت قصده. وأنشدوا:

يا طالبَ الجُودِ  إنَّ الجُود مكرُمةٌ *** لا البخلُ منك ولا من شأنك الجُودَا([6])

قالوا: معناه ولا من طلبك الجودَ.

ومن ذلك قولُهم: ما هذا من شأني، أي ما هذا مِنْ مَطْلَبِي والذي أبتغيه([7]). وأمّا الشؤون فَمَا بينَ قبائل الرأس، الواحد شأن. وإِنَّما سمِّيتْ بذلك لأنَّها مَجارِي الدَّمع، كأنَّ الدَّمعَ يطلبُها ويجعلُها لنفسه مَسِيلاً.

(شأو) الشين والهمزة والواو كلمتان متباعدتان جدّاً.

فالأول السَّبْق، يقال شأوته أي سَبَقْتُه.

والكلمة الأخرى الشَّأْوُ: ما يخرجُ من البئر إذا نُظِّفَت. ويقال للزَّبيل الذي يُخرَج به ذلك المِشْآة([8]).

(شأي) الشين والهمزة والياء كلمةٌ من باب الإِبدال، على اختلافٍ فيها. قال قوم: شأيت مثل شأوت في السَّبْق؛ يقال منه شأى واشتأى. [قاله المفضّل]([9]) وأنشد:

فأيِّهْ بكِنْدِيرٍ حِمار ابنِ واقِع *** رآكَ بِكِيرٍ فاشْتأَى من عُتَائِدِ([10])

وقال قوم: اشتأى: أشرفَ. والذي قاله المفضَّل أصوب وأقيَس.

(شأم) الشين والهمزة والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الجانب اليَسار. من ذلك المشأمة، وهي خلاف الميمنة. والشَأم: أرضٌ عن مَشْأَمة القِبلة. يقال الشَّأمُ والشَّآم. ويقال رجل شآمٍ وامرأةٌ شآمِيَة. قال:

أُمِّي شآمِيَةً إِذْ لا عَرَاقَ لنا *** قوماً نودُّهُمُ إِذْ قومُنا شُوسُ([11])

ورجل مشؤوم من الشُّؤم.

ــــــــــــــــ

([1]) لرجل من الأنصار، أو عدي بن خرشة الخطمي. وقد سبق في (حق).

([2]) التعادي: التفاوت وعدم الاستواء. في الأصل: "ويقاد"، تحريف.

([3]) ديوان رؤبة 104. وأنشده في اللسان (شأز) بلفظ "شاز" بترك الهمز.

([4]) في الأصل: "الشأز"، تحريف وفي المجمل: "أشأزني".

([5]) شاهده قوله:

وما لشآفة في غير شيء *** إِذا ولى صديقك من طبيت

([6]) كتب تحت البيت في حاشية المجمل: "مفعول به، أعني الجودا".

([7]) ف ي الأصل: "والذي أبتغيه الجودا". وكلمة "الجود" مقحمة.

([8]) في الأصل: "الشاة"، صوابه من المجمل واللسان.

([9]) التكملة من المجمل. والكلام بعد يتطلبها.

([10]) كير: جبل في أرض غطفان. وعتائد: ماء بالحجاز.

([11]) البيت للمتلمس في ديوانه 5 مخطوطة الشنقيطي. أمي، أي اقصدي تلك الجهة الشآمية، يخاطب بذلك ناقته. وقد يكون فهم ابن فارس أن المتلمس عنى أن أمه شآمية، ولكني أجل قدره عن ذلك.

 


ـ (باب الشين والباء وما يثلثهما)

(شبث) الشين والباء والثاء أُصَيلٌ يدل على تعلق الشيءِ بالشيء. من ذلك قولُهم تشبّثْت، أي تعلّقت. ومن ذلك الشَّبَثُ، وهي دويْبَّة من أحْناش الأرضِ، كأنها تشبَّثت بما مرَّت. والجمع شِبْثَانٌ. قال:

* مدارجُ شِبْثانٍ لهنَّ هميمُ([1]) *

أي دبيب.

(شبح) الشين والباء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتداد الشيء في عِرَض. من ذلك الشَّبَح، وهو الشَّخْص، سمِّي بذلك لأنَّ فيه امتداداً وعِرَضاً. والمشبوح: الرجلُ العُظَام. قال أبوذُؤَيبٍ الهذليّ:

* وذلك مشبوحُ الذِّراعينِ خلجمٌ([2]) *

وشبَحْتُ الشيءَ: مددتُه. و[من] ذلك شَبْحُه ذراعَيه في الدُّعاء وغيرِهِ. ويقال للحرباء إِذا امتدَّ على العود: قد شَبَحَ.

(شبر) الشين والباء والراء أصلان: أحدهما بعض الأعضاء، والآخر  الفَضْل والعطاء.

فالأول: الشِّبر: شِبر الإنسان، وهو مذكر، يقال: شَبَرْتُ الثّوبَ شَبراً. والشِّبر: الذي يُشبَر به. ويقال للرّجُل القصير المتقارِب الخلْق: هو قصير الشَّبر. والمَشَابِر: أنهارٌ تنخفض فيتأدَّى إليها الماء. وكأنَّها إِنما سمِّيت مشابِرَ لأنَّ عَرْضَها قليل.والأصل الثاني الشّبَرُ: الخير والفضل والعطاء. قال عديّ:

* لم أخُنْهُ والذي أَعطَى الشَّبَرْ([3]) *

ويقال : أَشْبَرتُه بكذا، أي خَصَصْتُهُ. ورُويَ عن بعضهم أنَّه قال: الشَّبَر: شيء يعطيه النّصارى بعضُهم بعضاً على معنى القُربان([4]). وليس هذا بشيء. وقياس الشَّبَر ما ذكرناه.

ومن الباب قولُهم: أعطاها شَبْرَها، وذلك في حقِّ النِّكاح إِذا أعطاها حقَّها. وجاء في الحديث أنَّه نهى عن شَبْر الجَمَل، وذلك كِراؤه والذي يُؤخَذ على ضرابه، وذلك كعَسْب الفحل. ويقال من الباب شُبِّرَ، إِذا عُظِّم.

(شبص) الشين والباء والصاد ليس بشيء. وحكى ابنُ دريدٍ([5]): الشَّبَص الخُشونة. وليس هو بشيءٍ. قال: ويقال: تَشَبَّصَ الشجر: دخل بعضُهُ في بعضٍ([6]).

(شبع) الشين والباء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على امتلاءٍ في أكل وغيره. من ذلك شَبِعَ الرجل شِبَعاً وشِبْعاً، ورجلٌ شبعانُ. ثمَّ اشتُقَّ من ذلك أشبعت الثّوبَ صِبْغاً. ويقال امرأة شَبْعَى الخَلخال، أي ممتلئة، وذلك مِنْ كَثْرَة لحمِ ساقها. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "المتشبِّع بما ليس عنده كلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ"، يريد المتكَثِّر بما ليس عنده، وهذا مَثَلٌ، كأنَّه أرادَ: يُظهر شِبَعاً وهو جائع، وذلك كما تقول العرب: "تَجَشَّأَ لُقْمَانُ من غير شِبَع". ومن الباب قولُهم: [ثوبٌ([7])] شَبِيع الغَزْلِ، أي كثيرُهُ.

ومما يجري مَجرى التّشبيه من هذا الباب: قولهم: شبِعت من هذا الأمر ورَوِيت، وذلك [إِذا] كرهتَه.

(شبق) الشين والباء والقاف كلمةٌ واحدة: الشَّبَق، وهو شهوة النِّكاح.

(شبك) الشين والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخلُ الشيء. يقال شبَّكَ أصابعَهُ تشبيكاً. ويقال: بين القوم شُبْكَةُ نَسَبٍ، أي مُداخَلة. ومن ذلك الشَّبَكة.

(شبل) الشين والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عطفٍ ووُدٍّ. يقال لكل عاطفٍ على شيء وادّ له: مُشْبِل. ومنه اشتقاق الشِّبْل، وهو ولد الأَسَد. لعطف أَبَوَيْه عليه. ويقال لبؤةٌ مُشْبِلٌ، إِذا كان معها أولادُها. وأشبلتِ المرأةُ، إِذا صَبَرتْ على أولادها فلم تتزوَّجْ. وقال الكميت:

* المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ([8]) *

وحكي عن الكسائيّ: شَبَلْت في بني فلانٍ، إِذا نَشَأتَ فيهم. وقد شَبَل الغلامُ أحْسَنَ الشُّبول، إِذا أدْرَكَ. وهذا على السَّعة والمجاز، لأنَّه يُشبَل عليه أي يُعطَف.

(شبم) الشين والباء والميم كلمتان متباينتان جدّاً. إحداهما الشَّبَم: البَرْد، والشّبِم : البارد. والأخرى الشِّبَام: خشبة تُعَرَّضُ في *فم الجدْي لئَلا يرضع، ثمّ يشبَّه بذلك فيقال الشِّبامان: خيطانِ في البرقع، تشدُّهما المرأةُ في قفاها.

(شبه) الشين والباء والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تشابُه الشّيء وتشاكُلِهِ لوناً وَوَصْفاً. يقال شِبْه وشَبَه وشَبيه. والشّبَهُ([9]) من الجواهر: الذي يشبه الذّهَب. والمُشَبِّهَات([10]) من الأمور: المشكلات. واشتبه الأمرانِ، إذا أَشْكَلاَ.

ومما شذ عن ذلك الشّبَهَانُ([11]).

(شبو) الشين والباء والحرف المعتل أصلان، أحدهما يدل على حَدٍّ وحِدّة، والآخر يدل على نَمَاءٍ([12]) وفضلٍ وكرامة.

فالشّبَاةُ حَدُّ كلِّ شيء شَبَاتُهُ، والجمع الشّبَا والشَّبَوَات. والشَّبْوَةُ([13]): اسم للعقرب، وإِنّما سمِّيت بذلك لِشَبَاةِ إِبْرَتها. قال:

* قد جَعلَتْ شَبْوَةُ تزبَئِرُّ([14]) *

وذكر اللِّحياني أنَّ الجاريةَ الفحّاشة يقال لها شَبْوة. وإِنّما سمِّيت بذلك تشبيهاً لها بالعقرب.

والأصل الآخر الإشباء: الإكرام: يقال أتى فلانٌ فلاناً فأَشْبَاهُ، أي أكرمَه. ويقال أَشَبَيْتُ الرَّجُلَ، إِذا رفعتَه للمجد والشّرف. قال ذو الإصبع:

وهم مَنْ ولدوا أَشبَوْا *** بسِرِّ النّسبِ المَحضِ([15])

والمُشْبِي: الذي يُولَد لـه ولدٌ ذكيٌّ، وقد أَشْبَى. وأَشْبَت الشَّجرةُ: طالت. ويقال أَشبَى فلاناً ولدُهُ، إِذا أَشْبهوه. وأنشدوا:

أنا ابنُ الذي لم يُخْزِنِي في حياته  *** قديماً ومن أشَبى أباه فما ظَلَمْ([16])

والله أعلم.

ـــــــــــــ

([1]) لساعدة بن جؤية في اللسان (شبث) وديوانه 230، وسيأتي في (هم). وصدره:

* ترى أثره في صفحتيه كأنه *.

([2]) صدر بيت لأبي ذؤيب في ديوانه 30. وعجزه: * خشوف إذا ما الحرب طال مرارها *.

([3]) قبله في اللسان (شبر): * إذا أتاني نبأ من منعمر *.

([4]) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.

([5]) الجمهرة (1: 291).

([6]) زاد بعده في الجمهرة: "لغة يمانية"، وكذا في اللسان.

([7]) التكملة من المجمل واللسان.

([8]) جزء من بيت له في اللسان (لبب، شبل). وسيأتي في (لب). وهو بتمامه:

ومنا إذا حزبتك الأمور *** عليك المبلب والمشبل

([9]) ويقال أيضاً الشبه بالكسر. وتحقيقه أنه ضرب من النحاس يلقى عليه مادة أخرى فيصفر ويشبه الذهب.

([10]) وكذا في المجمل مع هذا الضبط. وفي اللسان "المشتبهات". وفي القاموس: "وأمور مشتبهة ومشبهة، كمعظمة: مشكلة". فهن ثلاث لغات.

([11]) الشبهان: ضرب من العضاه أو من الرياحين.

([12]) في الأصل: "ماء"، تحريف.

([13]) في اللسان: "والنحويون يقولون: شبوة العقرب، معرفة لا تـنصرف، ولا تدخلها الألف واللام".

([14]) بعده في اللسان (شبا):

* تكسو استها لحماً وتقشعر *

([15]) سبق الكلام على هذا البيت في مادة (سر) ص 70.

([16]) في الأصل: "فقد ظلم"، وليس يقولها العرب.

 

ـ (باب الشين والتاء وما يثلثهما)

(شتر) الشين والتاء والراء يدلُّ على خرقٍ في شيء. من ذلك الشتَر في العين: انقلابٌ في جفنها الأسفل مع خرقٍ يكون. ويشتقُّ من ذلك قولهم: شَتَّر به، إِذا انتقصَه وعابَه ومزّقه.‏

(شتم) الشين والتاء والميم يدلُّ على كراهةٍ وبِغضة. من ذلك الأسد الشتيم، وهو الكريه الوَجه. وكذلك الحِمار الشتيم. واشتقاقُ الشتم منه، لأنَّه كلامٌ كريه.‏

(شتو) الشين والتاء والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ لزمانٍ من الأزمنة، وهو الشِّتاء: خلافُ الصَّيف. وهي الشَّتْوة، بفتح الشين. والموضع المَشْتاة والمَشْتَى. قال طَرَفة:‏

نَحْنُ في المشتاةِ نَدعُو الجَفَلَى *** لا تَرَى الآدِبَ فينا ينتقِرْ‏

وقال الخليل: الشِّتاء معروف، والواحد الشَّتوة. وهذا قياسٌ جيِّد، وهو مثل شَكوة وشِكاء. ويقال أشتى القوم، إِذا دخَلوا في الشتاء؛ وشَتَوا؛ إذا أصابهم الشِّتاء.‏

 

ـ (باب الشين والثاء وما يثلثهما)

(شثن) الشين والثاء والنون. الشَّثْن: الغليظ الأصابع. وكلُّ ما غلُظ من عُضوٍ فهو شَثْن. وقد شَثُن وَشَثِن. والله أعلم.‏

 

ـ (باب الشين والجيم وما يثلثهما)

(شجذ) الشين والجيم والذال كلمةٌ واحدة. يقال أشْجَذَت السماء، إِذا سَكَنَ مطرُها، قال امرؤُ القيس:

تُظهِرُ الوَدَّ إِذا ما أَشْجَذَتْ  *** وتُواريهِ إذا ما تَشْتكِرْ([1])

قال ابن دريد([2]):  "الوَدّ: جبلٌ معروف. وتشتكر: يشتدُّ مطرُها، من قولهم اشتكر الضَّرعُ، إِذا امتلأَ لَبَناً". وأَمَّا نُسختي مِن كتاب العين للخليل، ففيها أنَّ الشّين والجيم والذال مهمل، فلا أدرِي أهي سَقَطٌ في السَّماع، أم خفيت الكلمةُ على مؤلِّف الكتاب([3]). والكلمة صحيحة([4]).

(شجر) الشين والجيم والراء أصلان متداخلان، يقرُب بعضُهما من بعض، ولا يخلو معناهما من تداخُل الشيء بعضِه في بعض، ومن عُلُوٍّ في شيءٍ وارتفاع. وقد جمعنا بين فروع هذين البابين، لما ذكرناه من تداخُلِهما.

فالشَّجَر مَعروفٌ، الواحدةُ شَجرة، وهي لا تخلو من ارتفاعٍ وتداخُلِ أغصان. ووادٍ شَجِر([5]): كثير الشجر. ويقال: هذه الأرضُ أَشجَرُ من غيرها، أي أكثر شَجَراً. والشَّجَر: كلُّ نبتٍ لـه ساقٌ. قال الله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ} [الرحمن 6]. وشَجَرَ بين القوم الأمرُ، إِذا اختلف أو اختَلَفوا وتشاجَرُوا فيه، وسمِّيت مشاجرةً([6]) لتداخُلِ كلامِهم بعضِه في بعض.  واشتَجَروا: تنازَعوا. قال الله سبحانه وتعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء 65].

وأمَّا شَجْرُ الإنسان، فقال قوم: هو مَفْرَج الفم. وكان الأصمعيّ يقول: الشَّجْر الذَّقَنُ بعينه. والقولان عندنا متقاربان؛ لأنَّ اللَّحيين إِذا اجتمعا، فقد اشتجرا، كما ذكرناهُ من قياس الكلمة. ويقال اشتَجَرَ الرَّجُل، إذا وضع يده على شَجْرِهِ([7]). قال:

إِنِّي أَرِقْتُ فَبِتُّ اللّيلَ مشتجِراً *** كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ([8])

ويقال: شجرتُ الشّيءَ، إِذا تدلّى فرفعتَه. والشَِّجار: خشب الهَوْدَج. والمعنيان جميعاً فيه موجودان، لأنّ ثمَّ ارتفاعاً وتداخُلاً. والمِشْجَر سمِّي مِشْجَراً لتداخُل بعضِهِ في بعض. وتشاجَرَ القومُ بالرِّماح: تطاعَنُوا بها. والأرض الشَّجْراء والشَّجِرةُ: الكثيرة الشجَر. قال ابنُ دريد: ولا يقال وادٍ شجراء.

(شجع) الشين والجيم والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جُرأةٍ وإقدام، وربَّما كان هناك ببعض الطُّول، وهو بابٌ واحدٌ. من ذلك الرَّجُلُ الشجاع، وهو المِقدام، وجمعه شجْعةٌ([9]) وشجَعاء. قال ابن دريد([10]): "ولا تلتفت إلى قولهم شُجْعانٌ، فإنّه خطأ. قال أبو زيد: سمعت الكِلابيِّين يقولون: رجلٌ شُجاع، ولا يوصف به المرأة. هذا قول أبي زيد".

وحُدِّثْنا عن الخليل بإسنادِ الكتاب: رجلٌ شجاعٌ وامرأةٌ شُجاعة ونسوةٌ شُجاعات. وقد ذَكر أيضاً الشجعانَ في جمع شجاع. والشجاع: الحيَّة. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يجيءُ كَنْزُ أحدهم يومَ القيامة شُجاعاً أَقْرَعَ". فأمَّا الشَّجَع في الإِبل فقال قوم: هو سرعةُ نَقْلِ القوائمِ، ثم يقال جمل شَجِع وناقةٌ شجِعة. ويقال هو الطُّول، وأنشد:

فَرَكِبْناها على مَجهولها *** بِصِلاب الأرضِ فيهنَّ شَجَع([11])

ويقال: إنَّ الشَّجَع الجُنون. وقال أهلُ اللغة: وهذا خطأ، ولو كانَ الشَّجع جُنوناً [ما([12])] وصفَ قوائمها. والشَّجِعة من النِّساء: الجريئة. واللّـبُؤة الشجْعاء هي الجريئة، وكذلك الأسد أَشْجَع. فيقال إنَّ الأَشْجَعَ من الرِّجال: الذي كأَنَّ به جنوناً. والأشجع: العصب الممدود في الرِّجل فوق السُّلاَمَى.

(شجن) الشين والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اتّصال الشيء والتفافِهِ. من ذلك الشِّجْنة، وهي الشجَر الملتفّ. ويقال بيني وبينه شِجْنةُ رَحمٍ، يريد اتّصالَها والتفافَها. ويقال للحاجة الشجَن، وإِنّما سمِّيت بذلك لالتباسها وتعلُّق القلبِ بها؛ والجمع شجون. قال:

* والنّفس شتَّى شجونُها([13]) *

والأشجان: جمع شجَن. قال:

لي شَجَنانِ شَجَنٌ بنجدِ *** وشجَنٌ لي ببلادِ الهِنْدِ([14])

والشواجن: أوديةٌ غامضة كثيرةُ الشجَر. وسمِّيت به لتشاجُنِ الشجَر. قال الطرمّاح:

كَظَهْرِ الّلأى لو تُبتَغَى  رَيَّةٌ بِها *** نَهاراً لعَيَّتْ في بطون الشَّواجِنِ([15])

(شجو/ي) الشين والجيم والحرف المعتل يدلُّ على شِدَّةٍ وصُعوبة، وأن يَنْشَب الشَّيءُ في ضيقٍ. من ذلك الشَّجْو: الحُزْن والهَمّ، يقال شجاه يشجوه. وشجاني الشيء، إِذا حَزَنَكَ([16]). والشَّجَى: ما نَشِبَ في الحَلْقِ من غُصَّةِ هَمٍّ. ومفازةٌ شَجْواء: ضيّقة المسلك.

(شجب) الشين والجيم والباء كلمتان، تدلُّ إحداهما على تداخلٍ، والأخرى تدلُّ على ذَهابٍ وبُطلان.

الأولى: قول العرب تشاجَبَ الأمر، إِذا اختلطَ ودخل بعضُهُ في بعض. قالوا: ومنه اشتقاق المِشجَب، وهي خشباتٌ متداخلة موثَّقة تُنصَب وتُنْشَر عليها الثِّياب. والشُّجُوب: أعمدةٌ من عَُمَُـد البيت. قال:

* وهُنَّ معاً قِيَامٌ كالشُّجُوبِ([17]) *

ويقال ـ * وهو ذلك المعنى ـ إن الشجاب السِّداد، يقال شجبه بشجابٍ، أي سدَّه.

وأمّا الأصل الآخر فالشجِب، وهو الهالك. يقال قد شَجِب. وقال:

فَمَنْ يَكُ في قتلِهِ يمترى  *** فإنَّ أبا نوفل قد شجِبْ([18])

وربَّما سمَّوُا المحزون شَجِباً. ويقولون شجَبَه، إِذا حَزَنه. وشجبه الله، أي أهلكه الله. قال ابن السِّكِّيت: شَجَبَهُ يَشْجُبُهُ شَجْبَاً، إِذا شغله، وأصل الشَّجْب ما ذكرناه، وكلُّ ما بعدَه فمحمولٌ عليه.

ـــــــــــــــ

([1]) ديوان امرئ القيس 143 واللسان (شجذ، شكر).

([2]) الجمهرة (2: 72).

([3]) في الأصل: "أعني سقط" الخ، والصواب ما أثبت. وفي المجمل: "فلا أدري أسقط من كتابي أم خفي على مؤلفه".

([4]) زاد في المجمل: "لا شك فيها".

([5]) المجمل: "شجير"،  وكلاهما صحيح. اللسان (شجر 62).

([6]) في الأصل: "مشاجرتهم".

([7]) في الأصل: "شجرة"، تحريف.

([8]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوانه 104 واللسان (شجر).

([9]) الشجعة، هذه بتثليث حركات الشين.

([10]) الجمهرة (2: 96).

([11]) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري، في المفضليات (1: 188)، واللسان (شجع).

([12]) التكملة من المجمل.

([13]) البيت بتمامه، كما في اللسان رواية عن ابن بري:

ذكرتك حيث استأمن الوحش والتقت *** رفاق به والنفس شتى شجونها

([14]) وكذا في اللسان (شجن). وفي الصحاح: "ببلاد السند".

([15]) ديوان الطرماح 165 واللسان (شجن) برواية: "رية به". وسيأتي في (لأي).

([16]) في الأصل: "حزنه".

([17]) البيت لأبي رعاس الهذلي، أو أسامة بن الحارث الهذلي. انظر اللسان (شجب، هدن)، وملحق القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 110. وصدره:

* فسامونا الهدانة من قريب *

([18]) نسب لعنترة في شرح الحماسة للمرزوقي 420.


ـ (باب الشين والحاء وما يثلثهما)

(شحذ) الشين والحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفَّة  وحِدّة. من ذلك شَحَذْتُ الحديدَ، إذا حَدَّدتَه. ويقال إنَّ المشاحيذ رؤوس الجبال، وإِنّما سمِّيت بذلك للحِدَّة التي ذكرنَاها. ومن الخِفّة قولهم للجائع: شَحْذان. ويقال إنَّ الشحْذان الخفيف في سَعيه.

(شحر) الشين والحاء والراء ليس بشيء، وهو لعلّه اسم بلد([1]).

(شحص) الشين والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، يقال إنَّ الشحَص الشاةُ لا لبَنَ لها، ويقال هي التي لم يُنْزَ عليها قط. وفي كتاب الخليل: الشّحْصاء.

(شحط) الشين والحاء والطاء أصلان: أحدهما البُعد، والآخر اختلاطٌ في شيءٍ واضطراب.

فالأوّل: قولهم شَحَطَتِ الدّار تَشْحَطُ شَحْطَاً وشحوطاً، وهي شاحطة.

وأمّا الأصل الآخر فالشَّحْط، وهو الاضْطرابُ في الدَّمِ. ويُقال للولدِ إِذا اضْطربَ في السَّلى: هو يتشحط في دمه. ومنه اللّبن المشحوط، وهو الذي يُصَبُّ عليه الماء. ومن الباب: الشَّحْطَة: داءٌ يأخذ الإِبلَ لا تكاد أن تنجوَ منه. ومن الباب المِشحط: عُوَيدٌ يُوضَع عند قضيب الكرم يَقِيهِ الأرضَ.([2]) وقال قوم: إنَّ الشَّحْطَ ذَرْقُ الطّير. وأنشدوا:

ومُلْبِدٍ بين مَوْماةٍ بِمَهْلَكَةٍ *** جاوزتُهُ بِعَلاةِ الخَلْقِ عِلْيانِ([3])

كأنَّما الشحْط في أعلى حَمائره  *** سبائِب الرَّيْط من قَزٍّ وَكَتّانِ

فإن صح هذا فهو أيضاً من الاختلاط.

(شحم) الشين والحاء والميم أصلٌ يدلُّ على جِنسٍ من اللّحم. من ذلك الشَّحْم، وهو معروف. وشَحْمة الأُذُنِ: مُعَلَّق القُرْطِ. ورجلٌ مُشْحِمٌ كثير الشَّحْم، وإن كان يحبُّه قيل شَحِم، وإن كان يطعمه أصحابَه قيل شاحم، فإن كان يبيعه قيل شَحَّام.

(شحن) الشين والحاء والنون أصلانِ متباينانِ، أحدُهما يدلُّ على المَلء، والآخر على البُعْدِ.

فالأوّل قولهم: شَحَنْتُ السّفينةَ، إِذا مَلأتَها. ومن الباب أشحن فلان للبكاء، إِذا تَهيّأ لَهُ كأنَّه اجتمع له([4]).

وأما الآخر فالشَّحْن الطَّرْد، يقال شَحَنَهم إِذا طَرَدَهم. ويقال للشّيءِ الشديد الحموضة: إِنَّهُ لَيَشْحَن الذِّبّانَ، أي يطردُها، ومن الباب الشَّحْناء، وهي العداوة. وعدُوٌّ مشاحِنٌ، أي مُباعِد. والعداوةُ تَبَاعُدٌ.

(شحو/ي) الشين والحاء والحرف المعتلّ يدلُّ على أصلٍ، وهو فَتْحُ الشَّيء. فالشَّحْوَة: ما بينَ الرِّجلين إِذَا خَطَا الإنسان. ويقال للفَرَسِ الواسع الخَطْو: وهو بعيدُ الشَّحْوة. وشَحَا الرَّجلُ فاه. وشَحا الفمُ نفسُه. ويصلح في مصدرهِ الشَّحْيُ والشَّحْو. ويقال شَحَى اللِّجامُ فمَ الفرسِ شَحْياً. ويقال جاءت الخيل شواحِيَ، أي فاتحاتٍ أفواهَها. قال:

* شاحِيَ لَحْيَيْ قَعْقُعانيِّ الصَّلَقْ([5]) *

(شحب) الشين والحاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تغيُّر اللَّون، والمصدر منه الشُّحوب. يقال شَحَبَ وَشَحُب يَشْحَُب. ولونٌ شاحب. قال:

تقول ابنتي لمَّا رأتنيَ شاحباً *** كأنّك فينا يا أَباتَ غَرِيبُ([6])

ويقال، حكاه الدريدي: شَحَبتُ الأرضَ: قشرتُها. فإِذا كانت الرواية صحيحةً فهو القياس.

(شحج) الشين والحاء والجيم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ. من ذلك شَحَجَ الغراب يَشْحَج، وكذلك البغل. [والبغال] بَناتُ شاحج([7]). ويقولون للحمار الوحشيّ مِشحج وشَحَّاج. والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــ

([1]) يعني (الشحر) بالكسر، وهو بلاد بين عدن وعمان.

([2]) في الأصل: "يقيد الأرض"، تحريف. وفي المجمل: "يقيه من الأرض".

([3]) البيتان في اللسان (بلد، علا، حمر)، وسبق إنشادهما في (بلد، حمر).

([4]) في الأصل: "أجمع له".

([5]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 106 واللسان (قعع).

([6]) البيت في اللسان (أبي 8، 10).

([7]) التكملة قبله من المجمل. وفي المجمل: "بنات شحاج". وفي القاموس أيضاً: "والبغال بنات شحاج ككتان"، ولم تذكر في اللسان (شحج)، وذكرت في (بني 14: 93)، قال: "وبنات شحاج: البغال". أما ابن سيده فقد ذكر في باب البنات من المخصص (13: 212) "ابن السكيت: بنات شحاج البغال، وبنات صهال الخيل". وكذا في المزهر: (1: 525).

 

ـ (باب الشين والخاء وما يثلثهما)

(شخر) الشين والخاء والراء. الأصل الصحيح يدلُّ على صوت. وقد حُكِيت فيه كلمةٌ أخرى إِنْ صحَّتْ.

فالأصل الشَّخير: تردُّدُ الصَّوت في الحَلْق. ويقال الشَّخير: رفْع الصوت بالنّخْر. وهذا  مشهورٌ.

والكلمة الأخرى قولهم إنَّ الشَّخير ما تحاتَّ من الجَبَل، إِذا وَطِئَتْه الأقدام. قال الشاعر:

بنُطفةِ بارقٍ في رأسِ نِيقٍ *** مُنيفٍ دونَها منه شَخير([1])

(شخز) الشين والخاء والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على عَنَاءٍ وأَذَىً. قالوا: الشَّخْز: المشقّة والعَناء. قال الراجز([2]):

* إذا الأمور أُولِعَتْ بالشَّخْزِ *

ويقال إنَّ الشّخْز الطّعْن.

(شخس) الشين والخاء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على اعوجاج وزوالٍ عن نهج الاستقامة. من ذلك الأسنان المتشاخسة، وذلك أن يَميل بعضُها ويسقُطَ بعضُها، ويكون ذلك من الهَرَمِ. قال الطرِمّاح:

* وَشَاخَسَ فاه الدّهرُ حتَّى كأنَّه([3]) *

ويقال ضربَه فتشاخَسَ، أي تمايل. وكلُّ متمايلٍ متشاخِس.

(شخص) الشين والخاء والصاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاع في شيء. من ذلك الشّخص، وهو سوادُ الإنسان إذا سما لكَ مِن بُعد. ثم يحمل على ذلك فيقال شَخَصَ من بلدٍ إلى بلد. وذلك قياسُهُ. ومنه أيضاً شُخُوص البَصَر. ويقال رجلٌ شَخِيصٌ وامرأةٌ شَخِيصة، أي جَسيمة. ومن الباب: أَشْخَصَ الرّامي، إذا جاز سَهْمُه الغرضَ من أعلاه، وهو سهمٌ شَاخِص. ويقال، إذا ورد عليه أمر أقلقه: شُخِص به([4])، وذلك أنَّه إِذا قَلِقَ نَبَا به مكانُهُ فارتفع.

(شخل) الشين والخاء واللام ليس بشيء، وحكيت فيه كلمةٌ ما أراها من كلام العرب، على أنّها في كلام الخليل، قال: الشَّخْل: الغلام يصادق الرّجُل.

(شخم) الشين والخاء والميم كلمةٌ تدلُّ عَلَى تغيّرٍ في شيء. من ذلك: أشخم اللّبن، إِذا تغيّرت رائحتُهُ. وشَخِـُمَ الطَّعامُ: فَسَد([5]).

(شخب) الشين والخاء والباء أصيلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ يجري ويسيل. من ذلك الشُّخْب، وهو ما امتدَّ من اللّبَن حين يُحلَب. وشخَبتْ أوداجُ القَتْلَى دماً.

(شخت) الشين والخاء والتاء كلمةٌ واحدة، وهو الشيء الشّخْت، وهو الدقيقُ من خشبٍ وغيره. وقال:

وهل تَسْتوِي المُرّانُ تَخْطِرُ في الوَغَى *** وسَبعةُ عِيدانٍ من العوسج الشَّخْتِ

ـــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (شخر).

([2]) هو رؤبة بن العجاج. ديوانه 64، واللسان (شخر).

([3]) عجزه في الديوان 370 واللسان (شخس، نمس، كرص):

* منمس ثيران الكريص الضوائن *

([4]) في الأصل: "أشخص به"، صوابه من المجمل واللسان والقاموس.

([5]) في الأصل : "فيه". صوابه من المجمل واللسان والقاموس.

 

ـ (باب الشين والدال وما يثلثهما)

(شدف) الشين والدال والفاء يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء. من ذلك الشَّدَف وهو الشَّخص، وقد قلنا إن الشَّخْصَ يدلُّ على سُمُوٍّ وارتفاع. وجمع الشَّدَف شُدوف. ومنه فرسٌ أشدفُ وشُنْدُفٌ. وناسٌ يقولون: الشَّدَف كالمَيل في أحد الشِّقَّيْن والصواب هو الأوّل، وهو أقْيَس. ويقال للقوس: الشَّدْفاءُ؛ لاعوجاجها.‏

(شدق) الشين والدال والقاف أصلٌ يدلُّ على انفراج في شيء. من ذلك الشِّدق للإنسان وغيره. والشَّدَق: سَعة الشِّدق. ورجلٌ أشدقُ، وخطيبٌ أشدَقُ. والأصل في ذلك شِدْقُ الوادي: عُرْضُه. ويقال نزلنا شِدْقَ العراق، أي ناحيتَه، وهو الشِّدْقُ(1).‏

(شدن) الشين والدال والنون أُصيل يدلُّ على صلاحٍ في جسم. يقال شَدَن الظبيُ يشدُن شدوناً، إذا صَلَحَ جسمه. ويقال للمُهْر أيضاً شَدَنَ. فإذا أفردْتَ الشادنَ فهو ولد الظّبْي. وظبيةٌ مُشْدِنٌ. فأمّا الشّدَنية فيقال إنّها المنسوبة إلى موضعٍ باليمن، قال عنترة:‏

هل تُبَلغَنِّي دارَها شَدَنِيَّةٌ *** لُعِنَتْ بمحروم الشَّرَابِ مُصَرَّمِ(2)‏

(شده) الشين والدال والهاء كلمة من الإبدال. يقال شُدِهَ الرجل مثل دَُهِش.‏

(شدو) الشين* والدال والحرف المعتلّ أصيلٌ يدلُّ على أخْذٍ بطَرَف من عِلم. من ذلك الشَّدْو، أنْ يحسِن الإِنسانُ من العلم أو غيره شيئاً. يقال يَشْدُو شيئاً من عِلْم. وقال بعضهم: كلُّ مَن عَلِم شيئاً واستدلَّ ببعضه على بعض فذلك الشَّدْو.‏

(شدح) الشين والدال والحاء ليس بشيء. وحُكي أنّ الشَّوْدَح: الطّوِيل من النُّوق. ويقال بل هي السَّريعة. وانشَدَحَ الرجل، إذا استلقَى على ظهره. وهذا ليس بشيءٍ، ولعلّه أن يكون انسدَح. وقد ذكرناه(3).‏

(شدخ) الشين والدال والخاء كلمةٌ تدلُّ على كسرِ شيءٍ أجوفَ. من ذلك شدخت الشيءَ شَدْخاً. والمُشَدَّخ: البسر يُغمَز حتى ينشدخ. ومن ذلك الغُرّة الشَّادِخة: التي تَغْشَى الوجهَ من أصل النّاصية إلى الأنف.‏

ـــــــــــــــــــ

(1) أي يقال بفتح الشين أيضاً. وذكر في القاموس لغة ثالثة، وهي "الشديق".‏

(2) البيت في معلقته المشهورة.‏

(3) انظر ما سبق في (سدح).‏

 


ـ (باب الشين والذال وما يثلثهما)

(شذر) الشين والذال والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على تفرُّقِ شيءٍ وتميُّزِه. والآخَر على الوعيد والتسرُّع. من ذلك قولُ العرب: تفرّق القومُ شَذَر مذَر، إذا تبدَّدُوا في البلاد. ومنه الشُّذْرة: قطعة من ذَهَب.‏

وأمّا الأصل الآخَر فالتشذُّر، وهو كالنَّشاط والتسرُّع للأمر. وتشذَّرَ القومُ في الحرب: تطاوَلوا. وتشَذّرت النّاقة: حَرّكَتْ رأسَها فَرَحا. والتشذُّر: الوعيد؛ ومنه حديث سليمان بن صُرَد، أنَّه بلغه عن عليّ عليه السلام قولٌ "تَشَذَّرَ فيه(1)".‏

فأما قولهم إنّ التشذُّر الاستثفار بالثَّوب، فذلك من قياس الباب الذي ذكرناه، وكأنَّه وُصِف بالجِدّ في أمره فقيل تشذَّر. ومنه: أتَى فلان فرسَه فتشذَّره، أي ركِبه من ورائه.‏

(شذم) الشين والذال والميم ليس بشيء، وذكروا فيه كلمةً يقال إنّها من المقلوب. قالوا: الشَّيذمان الذي في قول الطرماح:‏

* فَرَاها الشَّيذُمانُ عن الجَنِينِ(2) *‏

يقال إنّما هو الشَّيْمُذان.‏

(شذي) الشين والذال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الحَدّ والحِدّة. يقال إنّ فيه شَذَاةً، أي حِدّةً وجُرأة. وقال الخليل: يقال للجائع إذا اشتد جُوعه: ضَرِم شَذاهُ(3). والشَّذَى: الأذى والشّرّ. ويقال إنّ الشَّذَا ذُباب الكَلْب. والشَّذا: كِسَرُ العُود، وأحسَبُه سمِّي بذلك لحِدّة رائحته. قال الشّاعر:‏

إذا ما مشَت نَادَى بما في ثيابِها *** رياحُ الشَّذا والمَنْدَليُّ المَطَّيرُ(4)‏

فأمّا الذي من السُّفُن يُعرف بالشَّذَا فما أُراه عربيّاً.‏

(شذب) الشين والذال والباء أصلٌ يدلُّ على تجريدِ شيءٍ من قِشره، ثم يُحمَل عليه. فالشَّذْب: قَشْر اللَّحم. وكلُّ شيءٍ نحَّيتَه عن شيءٍ فقد شَذَبته. ومن الباب: التَّشذيب: التقطيع. فأَمَّا الشوْذَب فمن هذا الباب أيضاً، وهو الطَّوِيلُ من كلِّ شيء، كأنّه في طوله مشذّب، أي مجرَّد؛ وإذا جُرِّد الشّيءُ من قِشرِه كانَ أظهَرَ لطُوله. وفرسٌ مشذّب: طويل، بمنْزلة الجذْع المشذّب.‏

ــــــــــــــــــ

(1) في اللسان: "بلغني عن أمير المؤمنين ذرء من قول، تشذر لي فيه بشتم وإيعاد، فسرت إليه جواداً. أي مسرعاً".‏

(2) صدره في الديوان 179 واللسان (شذم):‏  * على حولاء يطفو السخد منها *‏

(3) في الأصل: "ضرم شذواه"، صوابه من اللسان.‏

(4) هو العجير السلولي، أو عمرو بن الإطنابة. اللسان (شذا، طير).‏

 

ـ (باب الشين والراء وما يثلثهما)

(شرز) الشين والراء والزّاء أصلٌ يدلُّ على خلافِ الخَير، في جميع فروعهِ: من هلاك، ومنازَعة وغير ذلك. ومن ذلك قول العرب للعدوّ: أَشْرزَه الله، أي أهلكَه. ورماه بِشَرْزةٍ، أي مَهلكة. ويقال إنَّ المشارَزة كالمصاحبة والمنازعة. والمشارِز: الرجل السيِّئ الخلُق، الشَّديد الخَلْق.

ومن الباب : أَشْرزت [الشيء([1])]، إِذا قطعتَه فلم تصلْه.

(شرس) الشين والراء والسين أصلٌ قريبٌ من الذي قبله. من ذلك الشَّرْس: شِدّة الدَّعْكِ للشّيء. يقال شرَسْتُهُ شَرساً. والشَّريس: الشَّكِس الكثير الخِلاف([2]). ويقال تَشَارَسَ القومُ، إِذا تَعَادَوا([3]). ويقال إنَّ الشِّرْس نبتٌ بَشِع الطّعم. والأشرس: الرَّجُل الجريء على القتال. ويقال إن الشِّراس الرِّباق([4]).

(شرص) الشين والراء والصاد ما أحسب فيه شيئاً * صحيحاً، لأنِّي لا أرى قياسَهَ مطّرِداً. على أنَّهم يقولون إن الشِّرْصَتَيْن([5]): ناحيتا النّاصية مما رقَّ فيه الشَّعَر. ويقال لكلِّ ضخمٍ رِخْو: شِرْواص([6]). ويقال إنَّ الشَّرَص الغَلْظَ من الأرض.

(شرط) الشين والراء والطاء أصلٌ يدلُّ على عَلَمٍ وعلامة، وما قارب ذلك من عَلَم. من ذلك الشَّرَط العَلاَمة. وأشراط الساعة: علاماتُها. ومن ذلك الحديث حين ذكر أشراط الساعة، وهي علاماتها. وسمِّي الشُّرَط لأنّهم جعلوا لأنفسهم عَلامةً يُعرَفون بها. ويقولون: أَشرَطَ فلاَنٌ نفسَه للهَلكة، إِذا جعلَها عَلَمَاً للهلاك. ويقال أَشْرَطَ من إِبله وغنمه، إِذا أعدَّ منها شيئاً للبيع. قال الشاعر:([7])

فأَشْرَطَ فيها نفسَه وهو مُعْصِمٌ *** وألقى بأسبابٍ لـه وتوكُّلا

ومن الباب شَرْط الحاجم، وهو معلومٌ، لأنَّ ذلك علامةٌ وأَثَر. ويقال إنَّ أشراطَ السّاعة أوائِلُها. ومن الباب الشّريط، وهو خَيط يُرْبَق به البَهْم. وإِنّما سمِّي بذلك لأنَّها إذا رُبِطَتْ به صار لذلك أَثَر. ومن الباب الشَّرَط، وهو المَسِيل الصَّغير يجيء من قدر عشر أذرع، وسمِّي بذلك لأنَّه أثّر في الأرض كَشَرْط الحاجم.

ومن الباب الشَّرَطانِ : نجمانِ يقال إنَّهما قرنا الحَمَل، وهما مَعْلَمانِ مُشْتَهِران. ويقال جملٌ شِرواطٌ، أي ضَخْم. وإِنّما سُمِّيَ شِرواطاً لأنَّه إِذا كان مع إِبل تبيَّن كأنَّه عَلَم. قال حسّانٌ:

في نَدَامَى بيضِ الوجوهِ كرامٍ  *** نُبِّهُوا بعد هَجْعَةِ الأَشراطِ([8])

ففيه أقوال: قال قوم: أراد به الشّرَطينِ والثالثَ بين يديهما، ويكون على هذا قول من سمّى الثلاثة أشراطاً([9]). قال العجاج:

* من باكِرِ الأشراطِ أشْرَاطِيُّ([10]) *

وقال قوم: أراد بالأشراط الحَرَس. ويقال: الأشراط سِفْلة القوم. قال الشاعر:

أشاريط من أَشْراطِ أشراطِ طَيِّئٍ *** وكانَ أبوهُم أَشْرَطاً وابنَ أَشْرَطا([11])

ومن ذلك شَرَط المِعْزَى، وهي رُذَالُها، في قول جرير:

ترى شَرَطَ المِعْزَى  مُهورَ نسائِهمْ *** وفي شَرَط المِعزَى لهُنَّ مُهورُ([12])

وقال قوم: اشتقاق الشُّرَط من هذا لأنَّهم رُذَال. وقال آخرون: إِنَّما سُمُّوا شرَطاً لأنَّهم جَعَلوا لأنفسهم علامةً يُعرَفون بها، فأمَّا الشَّرَط التي هي الرُّذَال فإنّ وجهَ القياس فيها أنَّها تُشْرَط، أي تقدّم أبداً للنّوائب قبل الجُبار، فهي كالذي قُلْنَاهُ في قوله: "فأشرط فيها نَفْسَه"، أي جعلها عَلَماً للهلاك.

(شرع) الشين والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو شيءٌ يُفتَح في امتدادٍ يكون فيه. من ذلك الشّريعة، وهي مورد الشَّارِبة الماء. واشتُقّ من ذلك الشِّرْعة في الدِّين، والشَّريعة. قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجَاً}  [المائدة 48]، وقال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ}  [الجاثية 18]. وقال الشَّاعر في شريعة الماء:

ولمَّا رأتْ أنَّ الشَّرِيعة همُّها *** وأنَّ البياضَ من فرائِصها دامِي([13])

ومن الباب: أشرعت الرُّمَح نحوه إشراعاً. ورَّبما قالوا في هذا شَرَعْت. والإبْل الشُّرُوع: التي شَرَعَت ورَوِيَت. ويُقال أشرعْتُ طريقاً، إِذا أنفذتَه وفتحتَه، وشرعت أيضاً. وحِيتانٌ شُرَّع: تَخفِض رؤوسَها تشرب([14]). وشَرَعْت الإِبلَ، إِذا أمكنتَها من الشّريعة. هذا هو الأصل ثم حُمِل عليه كلُّ شيءٍ يُمدُّ في رفعةٍ وغير رفعة. من ذلك الشِّرَع، وهي الأوتار، واحدتها شِرْعة، والشراع جمع الجمع. قال الشاعر:

* كما ازدهرت قَينةٌ بالشِّراع([15]) *

ومن ذلك شِرَاع السَّفينة، وهو ممدودٌ في علوٍّ،  وشُبّه بذلك عنقُ البعير فقيل شرَعَ البعيرُ عنقَه. وقد مَدَّ شِراعَه إذا رفَعَ عُنقَه. وقيل في التَّفسير في قولـه تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً} [الأعراف 163]: إِنّها الرافعةُ رؤوسَها، ومنه قولهم: رُمْحٌ شُرَاعيٌّ، أي طويل، في قول الهُذَليّ([16]). ومن الفتح الذي ذكرناه أوّلاً روايةُ ابنِ السِّكّيت: شرعت الإهاب، إِذا شقَقتَ ما بين رِجلَيه.

(شرف) الشين والراء والفاء أصلٌ يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. فالشَّرَف: *العُلُّوّ. والشريف([17]): الرجل العالي. ورجلٌ شريفٌ من قوم أشراف، يقال إِنَّه جمعٌ نادر، كحبيب وأحباب، ويتيم وأيتام. ويقال للذي غَلَبَهُ غيرُه بالشَّرَف مشروف. ويقال استشرفتُ الشّيءَ، إِذا رفعتَ بصرك تنظرُ إليه. ويقال للأنوف الأشراف، الواحدُ شرف. والمَشْرَف([18]): المكان تُشرِف عليه وتعلوه. ومشارف الأرض: أعاليها. والمشرفيّة: منسوبة إلى مَشَارف الشام. ويقال إنَّ الشُّرْفَة: خِيار المال، واشتقاقه من الشُّرْفة التي تُشَرَّفُ بها القصور، والجمع شُرَف. والمُستشرِف من الخيل: العظيم الطَّويل. قال الخليل: سهمٌ شارف: دقيق طويل، وأُذُنٌ شَرْفاءُ: طويلةُ القُوف([19]). ومَنْكِبٌ أشرفُ:عالٍ. فأَمَّا النّاقة الشَّارفُ فهي المُسِنَّة الهَرِمَة من الإِبل، وهذا ممكنٌ  أن يكون من العلوّ في السّنّ. وذُكِر عن الخليل أنَّ السَّهْم الشارف من هذا، وهو الذي طال [عهدُهُ] بالصِّيان([20]) فانتكث عَقَبُهُ وريشُهُ. قال أوس:

يُقلِّبُ سَهماً راشَهُ بمناكِبٍ  *** ظُهَارٍ لُؤامٍ فهو أعجفُ  شارفُ([21])

ويزعمون أن شُرَيْفَاً أطولُ جَبَلٍ في الأرض.

(شرق) الشين والراء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إضاءةٍ وفتحٍ. من ذلك شَرَقَت الشّمسُ، إذا طلعت. وأشرقت، إذا أضاءت. والشُّرُوق: طُلوعها. ويقولون: لا أفعل ذلك ما ذرَّ شارقٌ، أي طَلَعَ، يُرَاد بذلك طُلُوع الشمس. وأيّام التَّشْريق سمِّيت بذلك لأنَّ لحوم الأضاحِي تُشرَّق فيها للشَّمس. وناسٌ يقولون: سمِّيت بذلك لقولهم: "أشرِقْ ثَبِير، لكيما نُغير". والمَشْرِقَانِ: مَشْرِقَا الصَّيفِ والشِّتاء. والشَّرْق: المَشْرِق. وقال قوم: إنَّ اللحمَ الأحمرَ يُسمَّى شَرْقاً.  فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه من حُمرته كأنه مُشْرِق.

ومن قياس هذا الباب: الشّاةُ الشّرقاء: المشقوقة الأُذُن، وهو من الفَتح الذي وصفناه.

ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: شَرِقَ بالماء، إِذا غَصَّ به شَرَقَاً. قال عديّ:

لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ *** كنتُ كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي([22])

(شرك) الشين والراء والكاف أصلانِ، أحدُهما يدلُّ على مقارنَة وخِلاَفِ انفراد، والآخر يدلُّ على امتدادٍ واستقامة.

فالأول الشِّرْكة، وهو أن يكون الشيءُ بين اثنين لا ينفردُ به أحدهما. ويقال شاركتُ فلاناً في الشيء، إذا صِرْتَ شريكه. وأشركْتُ فلاناً، إذا جعلتَه شريكاً لك. قال الله جلَّ ثناؤهُ في قِصَّةِ موسى: {وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي} [طه 32]. ويقال في الدُّعاء: اللهم أشرِكْنا في دعاء المؤمنين، أي اجعلنا لهم شركاءَ في ذلك، وشَرِكتُ الرَّجُلَ في الأمرِ أشْرَكُه.

وأمّا الأصل الآخر فالشرَك: لَقَم الطّريق، وهو شِرَاكُه أيضاً. وشِرَاك النَّعْل مشبَّه بهذا. ومنه شَرَكُ الصّائِدِ، سمِّي بذلك لامتداده.

(شرم) الشين والراء والميم أصلٌ واحدٌ لا يُخْلف، وهو يدلُّ على خَرْقٍ في الشيء ومَزْق. من ذلك قولُهم: تشرّم الشيء، إذا تمزّق. ومنه الحديث: "أَنَّهُ أُتِيَ بِمُصْحَفٍ قد تَشَرَّمتْ حواشيه". ومن الباب الشّرِيم، وهي المرأة المُفْضاة. والشَّرْم: قَطْعٌ من الأرنبة، وقَطْعٌ من ثَفْر النَّاقة([23]). والشَّارم: السهم الذي يَشرِمُ جانبَ الغَرَض. ويقال شَرَم له من ماله، إِذا قَطَع له من ماله قطعةً قليلة. والشَّرْم يقال إِنّه لُجَّة في البحر. وسَمِعت مَن يقول إِن الشَّرْمَ كالخَرْق في جانب البحر، كالمدخَل إلى البحر. وهذا أقيَسُ من القول الأوّل. قال:

تَمنّيتُ مِنْ حُبِّي بُثينَة أنّنا  *** على رَمَثٍ في الشَّرْمِ ليس لنا وَفْرُ([24])

ويقال عُشْب شَرْمٌ، إِذا شُرِمَ أعلاه، أي أُكِل.

(شري) الشين والراء والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة: أحدها يدلُّ على تعارضٍ من الاثنين في أمرين أخذاً وإِعطاءً مُمَاثَلةً، والآخر نبتٌ، و*الثالث هَيْجٌ في الشيء وعلُوّ.

فالأوّل قولهم: شَرَيت الشيء واشتريتُه، إِذا أخذتَه من صاحبه بثَمنه. وربما قالوا: شَريتُ: إِذا بعتَ. قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف 20]. ومما يدلُّ على المماثلة قولهم: هذا شَرْوَى هذا، أي مِثْلُهُ. وفُلاَنٌ شَروَى فلانٍ. ومنه حديث شريح في قوسٍ كَسَرَها رجلٌ لرجُل فقال شُريح: "شَرواها" أي مثلُها. وأشراء الشيء: نواحيه، الواحد شَرىً، وسمِّي بذلك لأنَّه كالنّاحية الأخرى. والشِّرَى مقصور، يقال شَرَى الشيءَ شِرىً. وأمَّا النَّبْت فالشّرْيُ، يقال إِنّه الحنظل. ويقولون الشَّرْية: النَّخْلة التي تنبُت من النَّواة. قال رُؤبة:

* وشرية في قرية *

والشَّرَى : موضع كثير الدّغَل والأُسْدِ. قال:

أسودُ شَرَى لاقت أُسودَ خفِيَّةٍ *** تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ([25])

والشِّريان من شجر القِسِيّ.

والأصل الثالث: قولهم شَرِيَ الرّجلُ شَرَىً، إِذا استُطِيرَ غَضَبَاً، ويقال شَرِيَ البعيرُ في سيرهِ شَرىً، إِذا أسرع. وشَرِي البرقُ، إِذا استطار. قال الشاعر:

أصاحِ تَرَى البرقَ لم يغتمضْ *** يموتُ فُواقاً ويَشْرَى فُواقا([26])

ويقال استشرى الرجُل، إِذا لجَّ في الأمر. ويقال شَرِي زِمامُ النّاقة يَشْرى شَرىً، إِذا كثُر اضطرابُهُ. ويقولون: "كلُّ مُجْرٍ في الخَلاءِ يَشْرَى"([27]).

(شرب) الشين والراء والباء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الشُّرب المعروف، ثمّ يُحمل عليه ما يقاربُه مجازاً وتشبيهاً. تقول: شربت الماءَ أشرَبُهُ شَرْباً، وهو المصدر. والشُّرْب الاسم. والشَّرب: القوم الذين يَشْرَبون. والشِّرب: الحظُّ من الماء. قال الشاعر([28]) في الشَّرْب:

فقلتُ للشَّرب في درنا وقد ثَمِلُوا  *** شِيمُوا وكيف يَشِيم الشارب الثملُ

والشَّرَبَة: ماءٌ يجمع حول النَّخلة يكون منها شُربها، والجمع شَرَبٌ. والمَشْرَبة: الموضع الذي يَشْرب منه النّاس، وفي الحديث: "ملعونٌ من أَحاطَ على مَشْرَبةٍ". والمَشْرَب: الوجه الذي يُشرب منه، ويكون موضعاً ويكون مصدراً. والشَّريب: الذي يُشارِبُكَ. ويقال أَشْرَبتَنِي ما لم أَشْرَبْ، أي ادَّعيتَ عليَّ شُربَه، وهذا مَثَلٌ، وذلك إِذا ادَّعَى عليه ما لم يفعَلْه. وماء شَروبٌ وشَريبٌ، إذا صلَح أن يُشْرَبَ وفيه بعضُ الكراهة. والإشراب: لونٌ قد أُشْرِبَ من لَون، يقال: [فيه([29])] شُرْبَةُ حُمْرةٍ. ويقال أُشْرِبَ فلانٌ حبَّ فلانٍ، إِذا خالطَ قلبه. قال الله جلَّ ثناؤه: {وَأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ العِجْلَ}  [البقرة 93]، قال المفسرون حُبَّ العِجْل. قال الشيباني: الشَّرْب الفَهْم، يقال شَربَ يَشْرُب شَرْباً، إِذا فَهِم. ويقال اسْمَع ثم اشْرُبْ([30]). والشاربة: القوم يكونون على ضَفّةِ نهر، ولهم ماؤُه. وشارب الإنسان معروف، ويجمع على شواربَ. والشَّوارب أيضاً: عروقٌ مُحدقةٌ بالحُلْقوم. وحمارٌ صَخِب الشَّوارب من هذا، إِذا كان شديدَ النَّهيقِ. والشارب في السيف([31]).

وأمّا اشرأبَّ فليس ببعيدٍ أن يكون من هذا القياس كأنّه كالمتهيِّئ للشُّرب، فيمدُّ عنقَه لـه. ثم يقاس على ذلك فيقال اشرأبّ لينظر شُرَأْبِيبَةً. وإنمّا زيدت الهمزةُ فرقاً بين المعنيين. وشَرَبَّةُ: مكان.

(شرث) الشين والراء والثاء أصلٌ واحدٌ، وهو الشَّرَث، وهو غِلظ الأصابع والكَفّيْن.

(شرج) الشين والراء والجيم أصلٌ منقاس يدُلُّ على اختلاطٍ ومُداخَلة. من ذلك الشَّرَجُ وهي العُرَى، سُمِّيت بذلك لأنّها تتداخل. ويقال شَرَجْتُ اللَّبنَ ، إِذا نضَدْته. ويقال شَرَّجْتُ الشرابَ، إِذا مَزَجْتَه. ويقال: إنَّ الشَّريجة القوسُ يكون عودُها لونَين. ويقال تَشَرَّجَ اللّحمُ باللّحمِ، إِذا تداخَلاَ. هذا هو الأصل. قولهم: أصبَحَ الناسُ في هذا الأمر شَرْجَيْنِ، فيُظَنُّ  أنّهم أصبحوا فِرْقَين. وهذا كذا يقال، وهو يرجع إلى المعنى الذي ذكرناه؛  لأنهم إذا اختلفوا اختلَطَ * الرّأيُ  والكلامُ وصارت مراجعاتٌ، كما قال زُهير:

رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحيِّ فاحتملوا  *** إلى الظهيرة أمرٌ بينَهمْ لَبِكُ([32])

وأمّا شَرَج الوادي فمنفَسَحُه، والجمع أشراج.

(شرح) الشين والراء والحاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الفتح والبيان. من ذلك شرحت الكلام وغيرَهُ شَرْحاً، إِذا بيَّنتَه. واشتقاقهُ من تشريح اللحم.

(شرخ) الشين والراء والخاء أصلان: أحدهما رَيْعان الشيء، وذلك يكون في النّتاج في غالب الأمر. والآخَر يدلُّ على تساوٍ في شيئين متقابلين.

فالأوّل شَرخ الشّباب: أوّلُه ورَيْعانه. وشَرخُ كلِّ سنةٍ: نِتاجها من أولاد الأنعام. وقد شَرَخَ نابُ البعيرِ، إذا شقَّ البَضْعة وخرج. وقال الشاعر([33]):

إنَّ شَرخَ الشَّبابِ والشَّعَرَ الأسـ *** ـودَ ما لم يُعَاصَ كان جُنونا

والأصل الآخر: الشَّرْخانِ، يقال لآخِرةِ الرّحْل وواسطتِه شَرخانِ. وَشَرْخَتَا السَّهمِ: زَنَمَتَا فُوقِه([34])،  و[هو([35])] موضِعُ الوتر بينهما.

(شرد) الشين والراء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على تنفيرٍ وإِبعاد، وعلى نِفَارٍ وبُعدٍ، في انتشار. وقد يقال للواحد([36]). من ذلك شَرَد البعيرُ شُرودا. وشَرّدْتُ الإبلَ تشريداً أُشرِّدُهَا. ومنه قوله جلَّ ثناؤه:{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}  [الأنفال 57]، يريد نكِّل بهم وسَمِّع. وهو ذلك المعنى، أنَّ المُذْنِب إذا أَذْنَبَ وعُوقِبَ عليه، فقد شُرِّدَ بتلك العقوبة غيرُهُ، لأنَّه يحذرُ مثلَ ما وقع بالمذْنِبِ فَيَشْرُد عن الذَّنْبِ وَينْكُلُ. والله أعلم.

ــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل. وقبلها في الأصل: "شرزت"، صوابه من المجمل.

([2]) ويقال: "شرس" و"أشرس" أيضاً.

([3]) في الأصل:" تهادوا"، صوابه من المجمل واللسان.

([4]) كذا وردت الكلمة بضبطها في الأصل. فإن صحت كانت جمع ربق، بالكسر، وهو الحبل والحلقة  يشد بها الغنم الصغار.

([5]) في الأصل:" الصرشصتين"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.

([7]) هو أوس بن حجر. ديوانه 21 واللسان (شرط، عصم).

([8]) ديوان حسان 235 واللسان (شرط). وفي الديوان: "خفقة الأشراط".

([9]) في المجمل: "وعلى ذلك تأويل من يسمي تلك الثلاثة أشراطاً".

([10]) ديوان العجاج 69 واللسان (شرط).

([11]) أنشده في اللسان (شرط).

([12]) ديوان جرير 266 واللسان (شرط).

([13]) البيت لامرئ القيس، وليس في ديوانه، هو في معجم البلدان، في رسم (ضارج) مع قصة تتعلق به.

([14]) في المجمل: "والحيتان الشرع: الرافعة رؤوسها، ويقال بل الخافضة".

([15]) سبقت قطعة منه في (زهر)، وتمام إنشاده في الحواشي.

([16]) هو قول ساعدة بن جُؤَيَّة:

أنحى عليها شُرَاعيَّاً فغادرها  *** لدى المزاحِفِ تلَّى في نضوخ دمِ

([17]) في الأصل: "والشرف"، صوابه في المجمل.

([18]) ضبطت في اللسان بضم الميم، من أشرف. وضبطت في المجمل بفتحها.

([19]) قوف الأذن، بضم القاف، أعلاها، أو مستدار سمها. وفي الأصل: "الفوق"، تحريف. وفي المجمل: "طويلة" فقط.

([20]) الصيان والصيانة والصون والحفظ بمعنى. وفي الأصل: "بالصبيان"، صوابه في المجمل. وفي اللسان:

(11: 74): "بالصيانة". وكلمة "عهده" من المجمل.

([21]) ديوان أوس بن حجر 16 واللسان (شرف).

([22]) اللسان (عصر، شرق)، والحيوان ( 5: 138، 593)،  والأغاني (2: 24).

([23]) في الأصل: "من فقر الناقة"، تحريف. وفي المجمل: "قطع الأرنبة وثفر الناقة".

([24]) البيت لأبي صخر الهذلي من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 93، وأمالي القالي (1: 148). ويروى: "على رمث في البحر".

([25]) هو الأشهب بن رميلة، كما في البيان (2: 242)، والكامل 33، 348 والعقد (1: 53)، واللسان (حرد). وانظر الحيوان (4: 245).

([26]) البيت في اللسان (شرى).

([27]) المعروف: "كل مجر في الخلاء يسر". انظر الحيوان (1: 88/ 4: 207).

([28]) هو الأعشى، ديوانه 43، وشرح القصائد العشر للتبريزي 283، وقد سبق في (شيم).

([29])  التكملة من المجمل. وفي اللسان (1: 473): "وفيه شربة من حمرة، أي إشراب".

([30]) في اللسان: "ويقال للبليد: احلب ثم اشرب، أي ابرك ثم افهم. وحلب، إذا برك".

([31]) في اللسان: "الشاربان في السيف أسفل القائم، أنفان طويلان، أحدهما من هذا الجانب والآخر من هذا الجانب".

([32]) ديوان زهير  164 واللسان (لبك). واللبك: المختلط.

([33]) هو حسان بن ثابت. ديوانه 413 واللسان (شرخ)، والحيوان: (3: 108 / 6: 244).

([34]) في الأصل: "وشرختا السهم زينا فوقه". صوابه من المجمل، ونحوه في اللسان.

([35]) التكملة من المجمل.

([36]) كذا وردت هذه الجملة، وأراها مقحمة.

 


ـ (باب الشين والزاء وما يثلثهما)

(شزغ) الشين والزاء والغين ليس بشيء. ويقولون إنَّ الشِّزْغ الضِّفْدَع. وهذا ممّا لا معنَى له.‏

(شزن) الشين والزاء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء، من ذلك قولهم للأرض الغليظة شَزَنٌ(1). ويقولون: تَشَزَّنَ الشَّيء، إِذا امتدَّ. فأمَّا قولهم نَزَلَ شَُـزَُناً من الدار، أي ناحيةً، فهو قريبٌ من الذي ذكرناه. قال ابن أحمر:‏

* فلا يَرمين عَنْ شُزُنٍ حَزِينَا(2) *‏

ويقولون إن الشَّزَنَ الإِعياء من الحَفَا(3)، وذلك ممّا يشتدُّ على الإنسان.‏

(شزب) الشين والزاء والباء ليس بأصلٍ، لأنَّه من باب الإِبدال. ويقال للشيء إذا يَبِس: شَزَب، والزاء مبدلةٌ من السين، وقد ذُكِرَ في موضعه. وربّما قالوا: مكان شازِبٌ، أي جافٍ(4) صُلب.‏

(شزر) الشين والزاء والراء أصلٌ صحيحٌ مُنْقَاس، يدلُّ على انفتالٍ(5) في الشيء عن الطريقة المستقيمة. من ذلك قولُهم: نظر إليه شَزْرَاً، إِذا نظر بِمُؤْخِر عينهِ متبغِّضاً. والطَّعنُ الشَّزْر: الذي ليس بِسَحِيج الطّريقة. والحبل المَشْزُور: المفتول مما يلي اليَسار.‏

فأَمّا أبو عبيد فقال: طَحَنَ بالرَّحَى شَزْراً، إذا ذَهَبَ بيدِهِ عن يمينه، وَبَتّا(6)؛ إذا ذهب عن شِماله.‏

ــــــــــــــــــ

(1) في الأصل: "شُزْن وشَزْن"، بضم الشين في الأولى وفتحها في الثانية مع إسكان الزّاي فيهما. ولم أجد لذلك سنداً. وأثبت ما في المجمل واللسان والقاموس وسائر المعاجم المتداولة.‏

(2) صدره في اللسان (شزن) ومجالس ثعلب (262): *ألا ليت المنازل قد بلينا*‏

وفي الأصل: "من شزن"، صوابه في المجمل والمرجعين السالفين.‏

(3) في الأصل: "من الجفاء"، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "شزنت الإبل شزناً: عيت من الحفاء".‏

(4) كذا ورد ضبطه في الأصل. والجفوة من لوازم اليبس أيضاً. ويصح أن تقرأ من الجفوف.‏

(5) الانفتال: الانصراف. وفي الأصل: "القتال"، تحريف.‏

(6) في الأصل: "تبا"، صوابه بتقديم الباء كما في المجمل واللسان (بتت).‏

 

ـ (باب الشين والسين وما يثلثهما )

(شسع) الشين والسين والعين يدلُّ على أمرين: الأَوَّلَ قلّةٌ والآخرَ بُعد.‏

فالأوّلُ: قولُ العربِ: له شسْعٌ من المال، أي قليل. ولعل شِسْعَ النَّعل من ذلك، لقلَّته. يقال شَسَّعْتُ النَّعلَ.‏

والآخَر: الشاسع: البعيد. وَقَدْ شَسَعت الدّارُ. وذكر ابن دريد كلمةً إن صحَّتْ فهو من القياس. قال: يقال شَسِعَ [الفرس(1)]، إِذا كان بين ثناياه انفراج.‏

(شسف) الشين والسين والفاء يدلُّ على قَحَل ويُبْس. يقال للشيء القاحل شاسف، وقد شَسَفَ يَشْسِف. ولحم شسيفٌ: قد كادَ يَيْبَس.‏

(شسب) الشين والسين والباء هو من الذي قبله. يقال شَسِبَتِ القَوس، إذا قُطِعت حتَّى يذبُل قضيبها.‏

ـــــــــــــــــ

(1) التكملة من المجمل وجمهرة ابن دريد (3: 23).‏

 


ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)

فأوَّلُ ذلك: (الشَّرْجَب)، وهو الطّويل. فالراء فيه زائدةٌ، وقد قلنا إنَّ الشُّجوب أعمِدة البُيوت، فالطويل * مشبَّه بذلك العمودِ الطويل.‏

ومنه (الشَّوْقَب) والواو زائدة، وقد مضى ذكره.‏

ومن ذلك قولهم: (شَبْرَقْتُ) اللّحمَ، إِذا قَطّعته، فالقاف منه زائدة، كأنّك قَطّعتَه شِبراً شِبرا. وشَبْرَقْتُ الثّوبَ، إِذا مَزّقتَه.‏

ومن ذلك (الشَّفَلَّحُ): العظيم الشّفتين. وهذا ممّا يزيدون فيه للتقبيح والتّهويل. وإلاَّ فالأصل الشَّفَة، كما يقولون: الطِّرِمَّاح، وإِنّما هو من طرح، وقد ذكرنا مِثْله.‏

ومن ذلك (الشُّمْرُج): الرَّقيق من الثِّياب وغَيره في قول القائل(1):‏

* غَداةَ الشّمالِ الشُّمرُجُ المتنصَّحُ(2) *‏

فهذا مما زِيدت فيه الرّاء. وقد قلنا إِنّهم يقولون: شَمَجَ الثّوبَ، إِذا خاطَ خياطةً متباعدة. فهذا إذا رقَّ فكأنَّ سِلكَه يتباعد بعضُه عن بعض.‏

ومن ذلك (الشَّرَنْبث): الغليظ الكفَّين. والأصل الشَّرَثُ، وهو غِلظ الأصابعِ والكَفّينِ، وزيدت فيه الزِّيادات للتقبيح.‏

ومن ذلك (الشَّماريخ): رؤوس الجِبال، فالراء فيه زائدة، وإِنّما هو من شَمَخ، إِذا عَلا.‏

ومن ذلك (الشَّناعِيف)، الواحد شِنْعَاف، وهي رؤوسٌ تخرُج من الجبل. وهذا منحوتٌ من كلمتين، من شعَف ونعَف. فأمَّا الشَّعَفة فرأسُ الجبل، والنَّعْف: ما ينسدُّ بين الجبلين، وقد ذكر في النون.‏

ومن ذلك (الشُّرْسُوف)، والجمع الشَّراسِيف، وهي مَقَاطُّ الأضلاع حيث يكون الغُضْرُوف الدَّقيق. فالرَّاء في ذلك زائدة، وإِنّما هو شسف، وقد مرَّ.‏

ومن ذلك (الشِّرْذِمة)، وهي القليل من الناس، فالذّال زائدة، وإِنّما هي من شَرَمْتُ الشَّيء، إذا مَزَّقْتَه، فكأنَّها طائفةٌ انمزَقَت وانمارت عن الجماعة الكثيرة. ويقال ثوب (شَرَاذِمُ) أي قِطَعٌ.‏

ومن ذلك (الشَّمَيْذَر)، وهو الخفيف السَّريع. وهذا منحوتٌ من كلمتين من شمذ وشمر، وقد مر تفسيرهما.‏

ومن ذلك (الشِّنذارة): الرَّجل المتعرِّض لأعراض الناس بالوقيعة(3)، والنون فيه زائدة، والأصل التشذر الوَعيد، وقد مضى، ثمَّ أُبْدِلت الذَّالُ ظاءً فقيل (شِنْظِيرة)، وقد (شَنْظر شَنْظَرةً).‏

ومن ذلك (الشُّبْرُمُ) وهو القَصير من الرجال، والميم فيه زائدة كأنَّه في قدر الشِّبرْ.‏

ومن ذلك (الشَّمَرْدَل): وهو الرَّجل الخفيف في أمره، ويقال [الفتيُّ القويُّ من الإِبل(4)]. وأيَّ ذلك كانَ، فهو من شَمر.‏

فأمَّا ما يقال، أن (الشَّناتِر) الأصابعُ بلغة اليمانيِّين فلعل قياسهم غيرُ قياس سائر العرب، ولا معنى للشُّغْل بذلك.‏

ومما وُضعَ وضعاً (شَمَنصير)، وهو موضع، قال:‏

مستأرضاً بين بَطنِ اللَّيثِ أيمَنُهُ *** إلى شَمَنْصِيرَ غَيثاً مرسَلاً مَعِجا(5)‏

(تم كتاب الشين)‏

ــــــــــــــ

(1) هو ابن مقبل: كما في ديوانه 36 واللسان والصحاح (شمرج)، واللسان والتاج (نصح).‏

(2) صدره:‏  * ويرعد إرعاد الهجين أضاعه *.‏

(3) فسر في اللسان بأنه الغيور، ويقابله في المجمل: "الشنظير: الفاحش". وفي القاموس: "رجل شنذارة: غيور أو فاحش، كشنذيرة".‏

(4) التكملة من المجمل.‏

(5) البيت لساعدة بن جُؤَيَّة الهذلي. اللسان (معج، شمصر). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 37، وشرح السكري للهذليين 87. وسيأتي في (ليث).‏

 


كتاب الصَّاد:

ـ (باب الصاد وما معها في الذي يقال في المضاعف والمطابق)

(صع) الصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تفرُّق وحرَكة. يقال تصعصع القومُ، إذا تفرَّقوا. قال الخليل: يقال ذهبت الإبل صَعاصِعَ، أي فِرَقاً. ويقولون: صَعْصَعْتُ الشّيءَ فَتَصَعْصَع، وذلك إِذا حرّكتَه فتحرّك.

(صف) الصاد  والفاء  يدلُّ على أصلٍ واحدٍ، وهو استواءٌ في الشيء وتساوٍ بين شَيئين في المَقَرّ. من ذلك الصَّفُّ، يقال وقفَا صفَّاً، إِذا وَقَفَ كلُّ واحدٍ إلى جنْب صاحبه. واصطفَّ القومُ وتصافُّوا. والأصل في ذلك الصَّفْصَف، وهو المستوي من الأرض، فيقال للمَوقِف في الحرب إِذا اصطفَّ القومُ: مَصَفٌّ، والجمع المصافّ. والصَّفوف: النّاقة التي تَصُفُّ، أي تجمع بين مِحْلَبَين في حَلْبة. والصَّفُوفُ أيضاً: التي تصفُّ يدَيْها عند الحَلَب.

وممّا شذَّ عن الباب، وقد يمكن أن يُتطَلَّب لـه في القياس وجهٌ، غيرَ أنَّا نكره القياسَ المتمَحَّل المستَكْرَه، وهذا الذي ذكرناه، فهو الصفيف، قال * قومٌ: هو القَديد. وقال آخرون: هو اللَّحم يُحْمَل في الأسفار طبيخاً أو شِواءً فلا يُنْضَجُ. قال:

فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحمِ مِنْ بين مُنضجٍ *** صَفِيفَ شِواءٍ أو قديرٍ مُعَجَّلِ([1])

(صك) الصاد والكاف أصلٌ يدلُّ على تلاقِي شيئين بقوَّة وشِدَّة، حتَّى كأنَّ أحدَهما يضرِبُ الآخر. من ذلك قولهم: صَكَكْتُ الشيءَ صكَّا. والصَّكَك: أن تَصْطَكَّ رُكبتا [الرَّجُل([2])]. [وصَكَّ البابَ([3])]: أغْلقه بعنفٍ وشِدَّة. ويقال بعير مُصَكَّكٌ([4])، إذا كان اللَّحمُ قد صُكَّ فيه صَكّاً. ورجلٌ مِصكٌّ: شديد. ويقال ذلك في الخَيل والحُمُر وغيرها.

وأمَّا قولُهم: "جئتُهُ صَكَّةَ عُمَيٍّ([5])" فإِنَّما يُراد أنَّ الأعمى  يلقى مثلَهُ فيصطكّانِ، أي يصكُّ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه. وذلك كلامٌ وضَعوه في الهاجرة وعند اشتداد الحرِّ خاصَّة.

(صل) الصاد واللام أصلان: أحدهما يدلُّ على ندىً وماء قليل، والآخر على صوت.

فأمَّا الأول فالصَّلّة، وهي الأرضُ تسمَّى الثَّرَى لِنداها. على أنَّ من العرب من يسمِّي الصَّلّة التُّرابَ الندِيّ. ولذلك تُسمَّى بقيَّةُ الماء في الغدير صُلْصُلة.

ومن الباب: صِلال المَطَر: ما وقع منه شيءٌ بعد شيء. ويقال للعُشْب المتفرِّق صِلالٌ، لأنَّه يسمَّى باسم المطرِ المتفرِّق. قال:

* كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا([6]) *

ومن الباب صَلّ اللحمُ، إِذا تغيَّرَتْ رائحتُهُ وهو شواءٌ أو طبيخ. وإِنّما هو من الصَّلّة، كأنَّه دُفِنَ في الصّلّة فتغيَّر. ومصدر ذلك الصُّلول. قال:

ذاك فتىً يبذُلُ ذا قِدْرِهِ *** لا يُفْسِدُ اللَّحمَ لديه الصُّلولْ([7])

وأمَّا الصَّوت فيقال صَلَّ اللِّجام وغيرُهُ، إِذا صَوَّت. فإِذا كثُر ذلك منه، قيل صَلْصَلَ. وسمِّيَ الَخَزَفُ صَلصَالاً لذلك، لأنَّه يصوّت ويصلصِل.

وممّا شذّ من هذين البابين الصِّلّ: الدَّاهية؛ والجمع أصلال. ويقال صَلَّتْهم الصَّالَّة. إذا دَهَتْهم الدَّاهية.

(صم) الصاد والميم أصلٌ يدلُّ على تَضَامِّ الشِّيءِ وزوالِ الخرْق والسَّمّ. من ذلك الصَّمَم في الأُذن. يقال صَمِمْت، وأنت تَصَمُّ صَمَما. وربَّما قالوا صُمَّ بمعنى صَمّ. ويقال: أصممتُ الرَّجُلَ، إِذا وَجدته أصمَّ. قال ابنُ أحمر:

أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى  *** بآخِرِنا وتَنْسَى أوَّلينَا([8])

والصَّمّاء: الدَّاهية، كأنَّه من الصَّمَم. أي هو أمرٌ لا فُرجَةَ له فيه. ومن ذلك اشتمالُ الصَّمّاء: أنْ تلتحفَ بثوبك ثم تُلقيَ الجانبَ الأيسر على الأيمن. والعرب تقول في تعظيم الأمر: "صَمِّي صَمَامِ". والأصل في ذلك قولهم: "صَمّت حصاةٌ بِدَمٍ"، وذلك أنَّ الدِّماءَ تكثُر في الأرض عند الوغَى، حتَّى لو أُلْقِيَتْ حصاةٌ لم يُسْمَع لها وَقْع، وهو في قول امرئ القيس:

بُدِّلتُ مِنْ وائلٍ وكِندةَ عَدوا *** نَ وفهْمَاً صَمِّي ابنةَ الجبَلِ([9])

يريد تعظيمَ ما وقع فيه وأُدِّيَ إِليه. وصِمام القارورة سمِّيَ بذلك لأنّه يسُدُّ الفُرْجَة. وقولهم: صَمَّم في الأمر، إِذا مضى فيه راكباً رأسَه، فهو من القياس الذي ذكرناه، كأنَّه لما أراد ذلك لم يسمع عَذْلَ عاذلٍ ولا نَهْيَ ناهٍٍ، فكأَنّهُ أَصمُّ.

واشتُقَّ منه السَّيف الصَّمصام والصَّمصامة. ومنه صَمَّم، إِذا عَضَّ في الشيء فأثبت أسنانه فيه. والصَّمَّانُ: أرضٌ. وقال بعضهم: كلُّ أرضٍ إلى جنبِ رَمْلة فهي صَمَّانةٌ.  وهذا صحيح؛ لأنَّ الرّمل فيه خَلَل، والصَّمَّانةُ ليست كذلك.

ومن الباب: الصِّمْصِم([10]): الرَّجلُ الغليظ، وسمِّي بذلك لما ذكرناه، كأنَّه ليست في لحمه فُرجة ولا خَرْق. وكذلك الأسد صِمَّةٌ، كأنَّه لا وصول إليه من وجه.

ومن الباب الصِّمصِمة: الجماعة، سمِّيت بذلك، كأنَّها اجتمعت حتى لا خلل فيها ولا خَرْق.

(صن) الصاد والنون أصلان: أحدهما يدلُّ على إِباء وصَعَرٍ من كِبر. من ذلك الرّجلُ المُصِنُّ، قالوا: هو الرَّافعُ رأسَهُ لا يلتفت إلى أحدٍ. وقالوا: هو السَّاكت. وقالوا: هو الممتلئ غيظاً. قال الرَّاجز([11]):

* أَإِبلِي تأخذُها مُصِنَّا *

أي أتأخُذُ إبلي لا يمنعُكَ زَجْرُ زاجر ولا تلتفت إلى أحد.

والأصل الآخر يدلُّ على خُبْث رائحة. من ذلك الصِّنُّ، و* هو بول الوَبْرِ، في قول جرير:

تَطَلَّى وهي سيِّئةُ المعَرَّى *** بِصِنِّ الوَبْرِ تَحسَِبُهُ مَلاَبا([12])

ثم اشتق منه [الصُّنَان]: ذَفَر الإبط. فأمَّا قولُهم إنَّ أحدَ أيّام العَجُوز يقال لـه الصَّنُّ فهذا شيءٌ ما رأيتُ أحداً يَضبِطه ولا يعلم حقيقتَهُ، فلذلك لم أذكره.

(صه) الصاد والهاء كلمة تقال عند الإسكات، وهي صه([13])، ولا قياسَ لها.

(صي) الصاد والياء كلمة واحدة مُطَابَقة، وهي كلُّ شيءٍ  يُتَحَصَّنُ به. من ذلك تسميتُهم الحصونَ صَياصِيَ، ثمَّ شُبِّه بذلك ما يُحارِب ويتَحصَّن به الدِّيك [وسُمِّي] صيصِيَة، وكذلك قَرن الثور يسمَّى بذلك؛ لأنه يَتحصَّن ويُحارِب به.

(صأ) الصاد والهمزة كلمة واحدة. يقال صأصأ الجَرْوُ، إِذا حرَّك عينَيه ليفتحَهما. وفي حديث بعض التابعين([14]): "فقَّحْنا وصأصأتم". ويقال صأصأت النَّخْلة، إذا لم تقبل اللَّقاح.

(صب) الصاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو إراقة الشيء، وإليه ترجع فروعُ البابِ كلِّه.

من ذلك صَبَبت الماءَ أصبُّه صَبّاً. ويُحمَل على ذلك فيقال لِمَا انحدرَ من الأرض صَبَبٌ، وجمعه أصبابٌ، كأنَّه شيءٌ منصبٌّ في انحداره. وفي الحديث: "أنَّه كان صلى الله عليه وآله وسلم إِذا مشى فكأنَّما يمشي في صَبَب". وقال الراجز([15]):

* بل بَلَدٍ ذي صُعُدٍ وأصبابْ *

والصُّبَّة: القِطعةُ من الخيل، كأنَّها تنصبُّ في الإِغارَةِ انصباباً، والقِطعةُ من الغَنَم أيضاً صُبَّة، لذلك المعنى. ويقال للحيَّات الأساودِ: الصُّبُّ، وذلك أنها إِذا أرادت النكْزَ انصبَّتْ على الملدوغ انصباباً. فأما الصَّبيب فيقال إِنه ماءُ ورق السِّمسِم، ويقال بل هو عُصارة الحِنّاء. وقال الشَّاعر([16])، وهو يدلُّ على صحّة القول الأوّل:

فأوردتُها ماءً كأنَّ جِمَامه *** من الأَجْنِ حِنّاءٌ مَعَاً وصَبيبُ

وقال قومٌ: الصَّبيب: الدَّم الخالص، والعُصفُر المُخْلَص. والصُّبَابة: البقيَّة من الماء في الإناء. والصَّبَابة مِنْ صَبَّ إليه. ورجلٌ صَبٌّ، إِذا غَلبَه الهوى، وهو من انصباب القَلْب. ويقال تصبَّبَ الحرُّ: اشتدَّ، كأَنَّه شيء صُبَّ على الأرض صَبّا. وتصبصب([17]) الشَّيء: ذَهَبَ ومُحِقَ، كأنَّهُ صُبَّ صبّاً. ويقال تصابَبْتُ الإناء، إِذا شربتَ صُبَابَتَه. وكذلك تصابَبتُ الشّيء، إذا نِلتَه قليلاً. قال الشّمّاخ:

لَقَومٌ تَصَابَبْتُ المعيشة بعدَهم  *** أحبُّ إليَّ من عِفاءٍ تَغَيَّرَا([18])

(صت) الصاد والتاء أصلٌ يدلُّ على نِزاعٍ وخصومةٍ وافتراق، يقال للجَلَبَة الصَّتيت. وما زلتُ أُصَاتُّ فلاناً، أي أخاصِمُهُ. والصَّتُّ، فيما يقال: الصَّدْم. والصَّـتِيت: الفِرْقَة. ويقولون إِنَّ الصَّت الصَّدُّ.

(صح) الصاد والحاء أصل يدلُّ على البَراءَة من المرض والعَيب، وعلى الاستواءِ. من ذلك الصِّحَّة: ذَهاب السُّقْم، والبراءةُ من كلِّ عَيب. والصَّحِيح والصَّحَاح بمعنىً. والمُصِحُّ: الذي أهلُهُ وإبلُه صِحَاحٌ وأَصِحَّاء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يُورِدَنَّ ذو عاهةٍ على مُصِحّ"، أي الذي إبلُهُ صِحاحٌ. والصَّحْصح والصَّحصَحانُ والصَّحصَاحُ: المكان المستوِي.

(صخ) الصاد والخاء أصلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. من ذلك الصَّاخَّة يقال إِنَّها الصَّيحةُ تُصِمُّ الآذان. ويقال ضَرَبْتُ الصخرةَ بحجرٍ فسمعتُ لها صَخّا([19]). ويقال صَخَّ الغُرابُ بمنقارِهِ في دَبَرة البَعير، إِذا طَعَن.

(صد) الصاد والدال معظمُ بابِهِ يَؤولُ إلى إِعراضٍ وعُدول. ويجيء بعد ذلك كلماتٌ تَشِذّ. فالصَّدُّ: الإعراض. يقال صَدَّ يصُدُّ، وهو مَيلٌ إلى أحد الجانبين. ثم تقول: صَدَدْتُ فلاناً عن الأمر، إِذا عَدَلْتَه عنه. والصَُّدَّانِ: جانِبا الوادي، الواحد صَُدٌّ،  وهو القياس، لأنَّ الجانب مائلٌ لا محالة. ويقولون: إنّ الصَّدَدَ ما استَقْبَلَ([20]). يقال: هذه الدَّارُ على صَدَدِ هذه. ويقولون: الصَّدد: القُرب. والصُّدَّاد([21]): الطَّريق إلى الماء. والصَُّدُّ: الجبَل. وهذه الكلماتُ التي ذكرتُها فليست عندي أصلاً؛ لبُعدها عن القياس، وإنْ صحَّتْ فهي محمولةٌ *على الأصل.

ومما هو صحيحٌ وليس من هذا الباب، قولهم : صَدَّ يَصِدُّ، وذلك إِذا ضَجَّ. وقرأ قومٌ([22]): { إِذا قَوْمُكَ منه يَصِدُّون}  [الزخرف 57]، قالوا: يَضِجُّون. والصَّديد: الدَّم المختلِط بالقَيْح، يقال منه أَصَدَّ الجُرْح.

(صر) الصاد والراء أصولٌ: الأول قولهم صَرَّ الدَّرَاهمَ يصُرُّها صَرّاً. وتلك الخِرقة صُرَّة. والذي تعرفه العربُ الصِّرَار، وهي خِرقةٌ تُشدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فَصِيلُها.  يقال صَرَّها صَرَّا. ومن الباب: الإِصرار: العَزْم على الشيء. وإنما جعلْناه من قياسِه لأن العَزْم على الشيء والإجماعَ عليه واحد وكذلك الإصرار: الثَبَات على الشيء.

ومن الباب: هذه يمين صِرِّي([23]) أي جدّ، إنا ثابتٌ عليها مُجمِع.

ومن الباب :الصَّرَّة، يقال للجماعة صَرَّةٌ. قال امرؤُ القَيس:

فأَلحَقَنَا بالهادياتِ ودونه  *** جَوَاحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ([24])

ومن الباب: حافرٌ مصرورٌ، أي منقبضٌ. ومنه الصُّرْصُور، وهو القَطيع الضَّخْم من الإبل.

وأَمَّا الثاني، وهو من السُّمُو والارتفاع، فقولهم: صَرَّ الحمارُ أُذُنَه، إِذا أقامها. وأَصَرَّ إذا لم تذكر الأُذُن، وإن ذكرتَ الأُذُن قلتَ أَصَرَّ بأذنه. وأظنُّه نادراً. والأصل في هذا الصِّرَار، وهي أماكنُ مرتفعةٌ لا يكَادُ الماء يعلوها. فأما صِرَارٌ فهو اسمُ علَمٍ، وهو جَبَلٌ. قال:

إنَّ الفرزدقَ لن يُزايل لؤمَه *** حتى يَزُولَ عن الطريقِ صِرَارُ([25])

وأمَّا الثالث: فالبرد والحَرُّ، وهو الصِّرُّ. يقال أصاب النَّبتَ صِرٌّ، إذا أصابَه بردٌ يُضرُّ به. والصِّرُّ: صِرُّ الرّيح الباردة. وربما جعلوا في هذا الموضع الحَرَّ. قال قوم: الصَّارَّةُ شدة الحرِّ حرِّ الشمس. يقال قطع الحِمار صارَّتَه. إِذا شرِب شُرْباً كَسَرَ عطشَه. والصَّارَّة: العَطَش، وجمعها صَوَارُّ. والصَّرِيرة: العطش، والجمع صرائر. قال:

* وانصاعت الحُقْبُ لم يُقْصَعْ صَرائرُها([26]) *

وذكر أبو عبيدٍ: الصَّارّة العطش، والجمع صرائر. وهو غلط، والوجه ما ذكرنا.

وأما الرَّابع، فالصَّوت. من ذلك الصَّرَّة: شِدَّة الصِّياح. صَرَّ الجُنْدَب صرِيراً، وصَرْصَرَ الأَخْطَبُ صَرصرة. والصَّرَارِيُّ: الملاَّح، ويمكن أن يكون لرفعِه صوتَه.

ومما شذَّ عن هذه الأصول كلمتان، ولعلَّ لهما قياساً قد خَفِيَ علينا مكانُه فالأولى: الصّارَّة، وهي الحاجةُ. يقال لي قِبَلَ فلانٍ صَارَّةٌ، وجمعها صَوَارُّ، أي حاجة. والكلمةُ الأخرى  الصَّرورة، وهو الذي لم يحجُجْ، والذي لم يتزوَّج. ويقال الصَّرُورة: الذي يَدَعُ النكاح متبتِّلاً. وجاء في الحديث: "لا صَرْورة في الإسلام".

قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد([27]): "الأصل في الصَّرورة أنَّ الرجلَ  في الجاهلية كانَ إذا أحدَثَ حدَثاً فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لقِيَه وليُّ الدَّمِ بالحرَم قيل له: هو صرورة فلا تَهِجْه. فكثُر ذلك في كلامهم حتَّى جعلوا المتعبِّد الذي يجتنِب النِّساء وطِيبَ الطعام صَرورةً، وصروريَّاً. وذلك عَنَى النابغةُ بقوله:

لو أنَّها عَرَضَتْ لأشمَطَ راهبٍ *** عَبَدَ الإِلـه صرورةٍ متعبِّدِ([28])

أي مُنْقَبضٍ عن النِّساء والطِّيب([29]). فلما جاء الله تعالى بالإسلام وأوجَبَ إِقامةَ الحدود بمكَّة وغيرِها سُمِّي الذي لم يحجَّ صَرورةً وصَرُوريّاً، خلافاً لأمر الجاهلية. كأنَّهم جَعلُوا أنَّ تَرْكَه الحجَّ في الإِسلام، كترك المتأَلِّهِ إِتيانَ النِّساء والتّنعّمَ في الجاهليَّة".

وهذا الذي ذكرناه في معنى الصَّرورة يحتمل أنَّه من الصِّرار، وهو الخِرقة التي تُشَدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فصيلها. والله أعلم بالصَّواب.

ــــــــــــــ

([1]) لامرئ القيس في معلقته.

([2]) التكملة من المجمل.

([3]) التكملة من المجمل. وبين هاتين التكملتين في المجمل: "يقال منه صكك. والصكة: أشد الهاجرة".

([4]) في المجمل: "مِصَكّ"، وكلاهما صحيح، يقال : مصك ومصكوك ومصكك.

([5]) عُمَيّ، هنا: تصغير ترخيم للأعمى.

([6]) البيت للراعي، كما في معجم البلدان (لبن). وصدره في اللسان (صلل):

* سيكفيك الإله بمُسنَمات *

([7]) للحطيئة في ديوانه 84 واللسان (صلل).

([8]) البيت في اللسان (صمم؛ حجا).

([9]) البيت في اللسان (صمم)، وليس في ديوانه.

([10]) ويقال أيضاً "صمصم" كعلبط.

([11]) هو مدرك بن حصن. اللسان (صنن، شنن)، ونوادر أبي زيد 50 .

([12]) ديوان جرير 73، واللسان (صنن).

([13]) تقال بالسكون، وبالكسر مع التنوين.

([14]) هو عبيد الله بن جحش، كان أسلم  وهاجر إلى الحبشة، ثم ارتد وتنصر بالحبشة، فكان يمرُّ بالمهاجرين فيقول ذاك.  اللسان (صأصأ).

([15]) هو رؤبة. ديوانه 6، واللسان (صبب).

([16]) هو علقمة بن عبدة الفحل. ديوانه 132، والمفضليات (2: 193)، واللسان (صبب).

([17]) في الأصل: "تصبب"، صوابه في المجمل والقاموس واللسان. وأنشد للعجاج:

* حتى إذا ما يومها تصبصبا *.

([18]) ديوان الشمَّاخ 27 واللسان (صبب). وروي في اللسان أنه ينسب للأخطل.

([19]) في المجمل واللسان: "صخة"، وكلاهما صحيح؛ فإن "الصخ"، كذلك والصخيخ بمعنى الصوت.

([20]) في اللسان: "ما استقبلك".

([21]) ضبط في الأصل والمجمل بضم الصاد، وضبط في القاموس كرمان وكتاب.

([22]) قرأ بضم الصاد نافع وابن عامر والكسائي وأبو جعفر وخلف، وقرأ الباقون بكسرها. إتحاف فضلاء البشر 386 في سورة الزخرف.

([23]) في المجمل: "صِرِّي وأصِرِّي". ويقال أيضاً: "صِرَّى" و"أصِرَّى"، و"صُرِّي" و "صُرَّى".

([24]) البيت من معلقته المشهورة.

([25]) البيت لجرير في ديوانه 206 واللسان (صرر)

([26]) لذي الرمة في ديوانه 588 واللسان (صرر، قصع، نشح)، وسيأتي في (قصع). وعجزه:  * وقد نشحن فلا ري ولا هيم *

([27]) في الجمهرة: (3 :428).

([28]) ديوان النابغة 31 وشرح المعلقات  للزوزني 198. واللسان (صرر).

([29]) في نسخة الجمهرة: "والتنعم".

 

ـ (باب الصاد والعين وما يثلثهما)

(صعف) الصاد والعين والفاء ليس بشيء. على أنهم يقولون الصَّعَْف: شرابٌ([1]).

(صعق) الصاد والعين والقاف أصلٌ واحدٌ *يدلُّ على صَلْقَةٍ وشِدَّة صَوت. من ذلك الصَّعْق، وهو الصَّوت الشَّديد. يقال حِمارٌ صَعِقُ الصَّوتِ، إِذا كان شديدَه. ومنه الصَّاعقة، وهي الوقع الشّديدُ من الرَّعْدِ. ويقال إنَّ الصُّعاق الصَّوت الشديد. ومنه قولهم: صَعِق، إِذا ماتَ، كأنَّه أصابته صاعقةٌ. قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ} [الزمر 68].

(صعل) الصاد والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على صِغَرٍ وانجراد. من ذلك الصَّعْل، وهو الصَّغير الرَّأْس من الرِّجال والنَّعام. قال:

* صَعْلِ الرَّأْسِ قُلتُ له([2]) *

ويقال حمار صَعْل: ذاهب الوبر. ويقال رجلٌ أصعَلُ، وامرأةٌ صَعلاءُ. والصَّعْلة من النَّخْل: العَوجاء الجَرداءُ أصول السَّعَف.

(صعن) الصاد والعين والنون أُصَيلٌ يدلُّ على لُطْف في الشيء. يقال: فلانٌ صِعْوَنُّ الرأس: دقِيقُه. ويقال أُذُنٌ مُصْعَنَّة. قال:

* والأذْن مُصْعَنَّةٌ كالقَلَمْ([3]) *

(صعو) الصاد والعين والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ، وهي الصَّعْوَة، وهي عصفورة، والجمع صِعاء.

(صعب) الصاد والعين والباء أصلٌ صحيح مطَّرد، يَدَلُّ على خِلاف السهولة. من ذلك الأمر الصَّعْب، خلاف الذَّلول، يقال صعُبَ يصعُب صُعوبةً، ويقال أَصْعَبْتُ الأمر: ألفَيْتُهُ صعباً.

ومن الباب المُصْعَب، وهو الفَحل، وسمِّي بذلك لقُوَّته وشدَّته. ويقال أَصْعَبنا الجمل، إِذا تركناه فلم نركبْه، وذُكر أنَّهم يقولون: أَصْعَبتُ الناقة، إِذا تركتَها فلم تَحمِل عليها. وهذه استعارة. وفي الرَّمْل مَصَاعِبُ.

(صعد) الصاد والعين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ارتفاعٍ ومشقّة. من ذلك الصَّعُود خلاف الحَدُور، ويقال صَعِدَ يَصْعَد. الإِصعاد مقابلة الحَدُور من مكانٍ أرفع. والصَّعود: العقَبة الكَؤود، والمشقّة من الأمر، قال الله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودَاً}  [المدثر 17]. قال:

نَهَى التَّيْمِيَّ عُتْبةُ والمعلَّى *** وقالا: سوف يَنهرك الصَّعُودُ

وأما الصُّعُدات فهي الطُّرُق، الواحد صَعيد. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :"إِيّاكم والقعودَ بالصُّعُدات إِلاَّ من أدَّى حَقَّها". ويقال صعيد وصُعْد وصُعُدات، وهو جمع الجمع، كما يقال طريق وطُرُقٌ وطُرُقات. فأمَّا الصعيد فقال قَومٌ: وجه الأرض. وكان أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ يقول: هو وجه الأرض، والمكانُ عليه ترابٌ أو لم يكن. قال الزَّجّاج: ولا يختلف أهلُ اللَّغة أنَّ الصَّعيد ليس بالتراب. وهذا مذهبٌ يذهب إليه أصحابُ مالكِ بن أَنَس. وقولهم إنَّ الصَّعيد وجهُ الأرض سواءٌ كان ذا ترابٍ أو لم يكُنْ، هُو مذهبُنا، إلاَّ أنَّ الحقَّ أحقُّ أن يُتَّبع، والأمر بخلاف ما قاله الزّجّاج. وذلك أنَّ أبا عبيدٍ حَكى عن الأصمعيّ أنَّ الصّعيدَ التراب. وفي الكتاب المعروف بالخليل، قولهم تيمَّمْ بالصَّعيد، أي خُذْ من غُبارِهِ. فهذا خلافُ ما قاله الزَّجّاج.

ومن الباب الصُّعَداء، وهو تنفُّسٌ بتوجُّع، فهو نَفَسٌ يعلو، فهو من قياس الباب، وأما الصَّعود من النُّوق فهي التي يموت حُوارها فتُرْفَع إلى ولدها الأوَّل فتدرُّ عليه. وذلك فيما يقال أطيَبُ للبنها. ويقال: بل هي التي تُلقي ولدها. وهو تفسير قوله:

* لها لَبَنُ الخَلِيّةِ والصَّعودِ([4]) *

ويقال: تَصَعَّدَني الأمرُ، إِذا شقَّ عليكَ. قال عمر: "ما تصعَّدتْني خطبةُ النكاح([5])". وقال بعضهم: "الخطبةُ صُعُد، وهي على ذي اللُّبِّ أَرْبَى". ومما يُقارب هذا قولُ أبي عمروٍ: أَصْعَدَ  في البِلاد: ذهب أينما توجَّه. ومنه قولُ الأعشى:

فإنْ تسألي عنِّي فيا رُبَّ سائلٍ *** حَفِيٍّ عن الأعشى به حيث أَصْعَدَا([6])

ومما لا يبعد قياسه الصَّعْدة من النِّساء: المستقيمةُ القامةِ، فكأنها صَعْدَةٌ، وهي القناةُ المستوِيةُ تنبت كذلك، لا تحتاج إلى تثقيف.

(صعر) الصاد والعين والراء أصل مطرد يدلُّ على مَيَل في * الشيء. من ذلك الصَّعَر، وهو المَيَل في العُنُق. والتصعير: إمالة الخدِّ عن النّظَرِ عُجْبا. وربَّما كان الإنسان والظَّليمُ أَصْعَرَ خِلقة. قال الله تعالى: وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ[لقمان 18]، وهو من الصَّيعِريّة، وهو اعتراضُ البَعِير في سيره. والصَّيْعِريّةُ: سِمَةٌ من سِمات النوق في أعناقها، ولعلًَّ فيها اعتراضاً. قال المسيّب:

* بِنَاجٍ عليه الصَّيْعريَّةُ مُكْدَمِ([7]) *

فأما الحديث: "ليس فيهم إلاَّ أصعَرُ أو أبتر"، فمعناه ليس إلاّ معجبٌ ذاهب أو ذَليل. ويقال سَنامٌ صَيْعَرِيٌّ، أي عظيم. وإِنّما قيل له ذلك لأنَّه إذا عظم مالَ.

ومما شذَّ عن الباب قولهم: قَرَبٌ مُصْعَرٌّ، أي شديد. قال:

* وقد قَرَبْنَ قَرَباً مُصْعَرَّا([8]) *

والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــــ

([1]) في اللسان: "الصَّعْف والصَّعَف: شراب لأهل اليمن، وصناعته أن يشدخ العنب ثم يلقى في الأوعية حتى يغلي".

([2]) لم أجد تتمته. ولعله التبس عنده ببيت لذي الرُّمة:

وخافق الرأس فوق الرحل قلت لـه *** زع بالزمام وجوز الليل مركوم

([3])  لعدي بن زيد في اللسان (صعن). ويروى "مُصَعَّنة". والبيت بتمامه:

له عنق مثل جذع السحوق *** وأذن مصعنة كالقلم

([4]) لخالد بن جعفر الكلابي. وصدره كما في اللسان (صعد): * أمرت لها الرعاء ليكرموها *

([5]) القول بتمامه: "ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح".

([6]) ديوان الأعشى 102 واللسان (صعد).

([7]) صدره كما في اللسان (صعر):  * وقد أتناسى الهم عند احتضاره *

([8]) بعده في اللسان :  * إذا الهدان حار واسبكرا *

 

ـ (باب الصاد والغين وما يثلثهما )

(صغو/ي) الصاد والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على المَيْل، من ذلك قولُهم: صِغْو فلانٍ معك، أي ميلُه. وصَغتِ النجوم: مالت للغُيوب. وأصغى إليه، إِذا مال بسمعِهِ نحوَه. وأَصْغَيت الإِناءَ أَمَلْتُهُ. ومنه قولهم للذين يَميلون مع الرَّجُل من أصحابِهِ وذوي قُرْباه: صاغِيةٌ. وحُكي: صَغَوْتُ إليه أَصْغَى صَغْواً وصَغىً، مقصور.

(صغر) الصاد والغين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قِلَّةٍ وحقارة. من ذلك الصِّغَر: ضدّ الكِبَر. والصَّغير: خلاف الكبير. والصاغِر: الرَّاضي بالضَّيمِ صُغْراً وصَغاراً. ويقال أصغَرت النَّاقةُ وأكبَرَتْ. والإِصْغار: حنينُها [الخفيض. والإِكبار([1]):] العالي. قالت الخنساء:

* لها حنينان إِصْغارٌ وإِكبارُ([2]) *

(صغل) الصاد والغين واللام ليس بشيء، إِنَّما الصَّغِل السَّيِّئ الغِذاء. والأصل فيه السين: سَغِلٌ. والله أعلم بالصواب.

(صفق) الصاد والفاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاقاةِ شيءٍ ذي صَفْحةٍ لشيءٍ مثله بقُوَّة. من ذلك صَفَقْتُ الشَّيءَ بيدي، إِذا ضربتَه بباطن يدكِ بقُوّة. والصَّفْقَة: ضربُ اليدِ على اليدِ في البَيْعِ والبَيْعةِ، وتلك عادةٌ جاريةٌ للمتبايِعين. وإذا قيل أصفَق القومُ على الأمر، إِذا اجتمعوا عليه، فهو من ذلك، وإِنَّما شُبِّهوا بالمتصافِقين على البيع.

وممّا حُمِل على ذلك الصَّفَقُ، وهو الماء يُصَبُّ على الأديمِ الجديد فيخرُج مُصْفرَّا.

ومن الباب أيضاً: الشَّراب المصفَّق، وهو أن يُحوَّل من إِناءٍ إلى إِناءٍ، كأنَّه صَفَقَ الإِناءَ إذا لاقاه، وصُفِقَ به الإِناء. ومنه صَفَقَ الإِبلَ، إِذا حوَّلـها مِن مرعَىً إلى مرعَىً.

ثم حُمِل على ذلك فقيل لكلِّ منبسطٍ صَفقٌ وإن لم يُضربْ به على شيء. فيقال لجانِبَي العُنُق صفقانِ، ولكلِّ ناحيةٍ صَفْق وصُفْق([3]). ويقال للجِلدِ الذي يلي سوادَ البطنِ صُفْق.

ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن أن يُخرّج له وجه، قولهم: قَوسٌ صَفوقٌ، إِذا كانت ليّنة راجعة.

(صفن) الصاد والفاء والنون أصلانِ صحيحانِ، أحدهما جنسٌ من القيامِ، والآخر وِعاءٌ من الأوعية.

فالأوّل: الصُّفون، وهو أن يقومَ الفرسُ على ثلاثِ قوائمَ ويرفعَ الرَّابعة، إلاَّ أنَّه ينالُ بطرَف سُنْبُكِها الأرض. والصَّافن: الذي يصفُّ قدمَيه. وفي حديث البَرَاء: "قمنا خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صُفُوناً". ومنه تَصَافَنَ القومُ [الماء([4])]، وذلك إِذا اقتسموه بالصُّفْن، والصُّفْن: جلدةٌ يُسْتَقَى بها. قال:

فلما تصافَنَّا الإداوةَ أجهشَتْ *** إِلَيَّ  غُصونُ العنبريِّ الجُراضِمِ([5])

ويقال إنَّ ذلك إِنَّما يكون على المَقْلَة، يُسقى أحدُهم قَدْر ما يغمُرها.

ومما شذَّ عن الأصلين: الصَّافن، وهو عِرْقٌ([6]).

(صفو) الصاد والفاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلوصٍ من كل شَوب. من ذلك الصَّفاءُ، وهو ضدُّ الكَدَرِ؛ يقال صفا يصفو، إذا خَلص. يقال لكَ صَفْوُ هذا الأمرِ وصِفْوته. ومحمَّد صِفوة الله تعالى وخِيرَتُه من خَلْقِه، ومُصْطفاهُ صلَّى الله عليه * وآلهِ وسلّم. والصَّفِيُّ: ما اصطفاه الإمام من المَغْنم([7]) لنفسه، وقد يسمَّى بالهاء الصَّفِيَّة، والجمع الصَّفَايا. قال:

لك المِرْبَاعُ منها والصَّفَايا *** وحُكْمُكَ والنَّشيطةُ والفُضُولُ([8])

والصَّفِيَّة والصَّفِيّ، وهو بغير الهاء أشهر: النّاقةُ الكثيرة اللّبَن، والنَّخْلة الكثِيرةُ الحَمْل، والجمع الصَّفَايا. وإِنَّما سُمِّيت صفيّاً لأنَّ صاحِبَها يصطفيها.

ومن الباب قولهم: أَصْفت الدَّجاجةُ، إِذا انقطع بيضُها، إِصفاءً. وذلك كأنَّها صَفَتْ أي خَلَصت من البَيْضِ، ثم جُعِلَ ذلك على أَفْعَلتْ فرقاً بينها وبين سائرِ ما في بابها، وشبّه بذلك الشَّاعِرُ إذا انقطع شِعْرُهُ.

ومن الباب الصَّفَا، وهو الحجر الأَمْلَسُ، وهو الصَّفْوانُ، الواحدة صَفوانةٌ، وسمِّيت صفوانَةً لذلك، لأنَّها تَصْفُو من الطِّين والرَّمْل. قال الأصمعيُّ: الصَّفْوان والصَّفْواءُ والصَّفَا، كله واحد. وأنشد:

* كما زَلَّتِ الصَّفْواء بالمتنَزِّلِ([9]) *

ويقال يومٌ صفوانُ، إِذا كان صافِيَ الشَّمسِ شديدَ البَرْدِ.

(صفح) الصاد والفاء والحاء أصلٌ صحيحٌ مطَّرد يدلُّ على عَرْض وعِرَض. من ذلك صَُفْح الشَّيء: عُرْضُهُ. ويقال رأس مُصْفَحٌ: عريض. والصفيحة: كلُّ سيفٍ عريض. وصَفْحَتا السَّيف: وَجْهاه. وكلُّ حجرٍ عريضٍ صفيحةٌ، والجمع صَفائِح. والصُّفَّاح: كلُّ حجرٍ عريض. قال النّابغة:

تقدُّ السَّلوقيَّ المضاعفَ نسجُهُ *** ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نارَ الحُباحِبِ([10])

ومن الباب: المُصافحةُ باليد، كأنَّه ألصقَ يدَه بصَفحةِ يدِ ذاك. والصَّفْح: الجنْب. وصَفحا كلِّ شيء: جانباه. فأمَّا قولهم: صَفَح عنه، وذلك إِعْراضُهُ عن ذنْبِهِ، فهو من البابِ؛ لأنَّه إِذا أعرضَ عنه فكأنَّه قد ولاَّه صَفْحتَه وصُفحه، أي عُرضه وجانِبَه، وهو مَثَلٌ.

ومن الباب: صَفحت الرَّجلَ وأصفحتُهُ، إِذا سألك فمنعتَه([11]). وهو من أنّك أريتَه صَفْحَتَك مُعْرِضاً عنه. ويقال: صَفحتُ الإِبلَ على الحوض، إِذا أمررتَها عليه، وكأنَّكَ أَرَيْتَ الحوضَ صَفَحَاتِها، وهي جُنوبُها.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم: صفحت الرَّجل صفحاً، إِذا سَقيتَه أيَّ شرابٍ كان ومتى كان.

(صفد) الصاد والفاء والدال أصلان صحيحان: أحدُهما عَطاءٌ، والآخَر شَدٌّ بشيء.

فالأوَّل الصَّفَد؛ يقال أَصفدتُهُ، إِذا أعطيتَه. قال:

هذا الثناءُ فإِنْ تَسمعْ لقائِلِهِ *** فماعَرَضتُ أبيتَ اللَّعنَ بالصَّفَدِ([12])

وأمَّا الصَّفْد فالغُلّ، ويقال الصَّفْد التقييد([13]). والأصفاد: الأقْياد. والصِّفاد: القَيد أيضاً. قال:

هَلاَّ مننتَ على أَخيكَ مَعْبَدٍ *** والعامِريُّ يقودُه بِصِفادِ([14])

وفي الحديث:  "إذا دخل شهرُ رمضانَ صُفِّدت الشياطين".

(صفر) الصاد والفاء والراء ستّة أوجه:

فالأصل الأوَّل لونٌ من الألوان. والثاني الشَّيء الخالي. والثالث جوهرٌ من جواهر الأرضِ. والرَّابع صَوت. والخامس زَمان. والسادس نَبْت.

فالأوَّلُ: الصُّفْرة في الألوان. وبنو الأصفر: مُلوكُ الرُّومِ؛ لِصُفْرةٍ اعتَرَتْ أبَاهم. والأصفر: الأسود في قوله:

تلكَ خَيْلِي منه وتلك ركابي *** هنَّ صُفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ([15])

والأصل الثاني: الشيء الخالي، يقال هو صِفْر. ويقولون في الشتم: ما له صَفِر إِناؤه. أي هلكت ماشيتُهُ. ومن الباب قولُهم للذي به جنونٌ: إنه لفي صُفْرَةٍ وصِفْرة بالضم والكسر، إِذا كان في أيامٍ يزول فيها عقلُهُ. والقياس صحيح؛ لأنه كأنه خالٍ بين عقله.

والأصل الثالث: الصُّفْر من جواهر الأرض، يقال إنَّه النُّحاس. وقد يقال الصِّفْر. وقد أخبرني عليُّ بن إبراهيمَ القطانُ، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد قال: قال الأصمعي: النُّحاس الطَّبيعة والأصل، والنُّحاس هو الصُّفر الذي تعمل منه الآنية، فقال "الصُّفْر"، بضم الصاد. قال أبو عبيدٍ مثلَهُ، إلاَّ أنَّه قال الصِّفْر، بكسر الصاد.

وأمَّا الرَّابع فالصَّفير للطّائر. وقولهم: ما بها صافرٌ، من هذا، أي كأنَّه يصوِّت.

وأمَّا الزمان فصَفَر: اسم هذا الشهر. قال ابنُ دريد([16]): الصَفَرَانِ * شهرانِ في السَّنة، سمِّي أحدُهما في الإِسلام المحرَّم. والصَّفَريّ، نباتٌ يكون في أوّلِ الخريفِ. والصَّفَريّ في النَّتاج بعد اليقظيّ.

وأمَّا النَّبات فالصَّفَار، وهو نبتٌ، يقال إنَّه يبيس البُهْمَى. قال:

فبتنا عُرَاةً لدى مُهرِنا *** ننزِّعُ من شَفَتيهِ الصَّفَارا([17])

(صفع) الصاد والفاء والعين كلمةٌ واحدة معروفة.

ـــــــــــــــ

([1]) هذه التكملة من المجمل.

([2]) صدره كما في الديوان 42 واللسان (صغر):

* فما عجول على بوٍّ تطيفُ به *

([3]) وصفق أيضاً، بالتحريك، كما في المجمل.

([4]) التكملة من المجمل واللسان.

([5]) البيت للفرزدق في اللسان (صفن، جرضم).

([6]) في اللسان: "عرق في باطن الصلب طولاً، متصل به نياط القلب، ويسمى الأكحل".

([7]) في الأصل: " من الغنم"، وأثبت ما في المجمل.

([8]) البيت لعبد الله بن عنمة الضبي، كما سبق في (ربع)، وهو من أبيات ثمانية رواها أبو تمام في الحماسة: (1: 420). وأنشده في اللسان (ربع، صفا، نشط، فضل)، وسيأتي في (نشط).

([9]) لامرئ القيس في معلقته. وصدره: * كميت يزلُّ اللِّبد عن حال متنه *.

([10]) ديوان النابغة 7 برواية : "وتوقد".

([11]) فرق بينهما ابن الأثير فقال: "يقال صفحته، إذا أعطيته، وأصفحته إذا حرمته".

([12]) للنابغة في ديوانه 27 واللسان (صفد)، والرواية فيهما: "فلم أعرض".

([13]) كذا ضبطت العبارة في المجمل. وفي اللسان بفتح فاء الصفد. والظاهر أن التقييد بسكون الفاء، والغل بفتحها. يؤيده عبارة اللسان: "والاسم من العطية الصفد ـ أي بالتحريك ـ وكذلك من الوثاق".

([14]) البيت لعوف بن عطية التيمي، يعير لقيط من زرارة بموت أخيه معبد في الأسر. اللسان (بدد). وروايته في (بدد): "ألا كررت على ابن أمك معبد". وروايته في (صفد) كروايته هنا، مع تحريف في عجز البيت.

([15]) البيت للأعشى في ديوانه 219، واللسان (صفر).

([16]) الجمهرة (2: 355).

([17]) البيت لأبي دُوَاد الإِيادي، كما في حواشي الجمهرة. وسيأتي منسوباً في (عري).

 

ـ (باب الصاد والقاف وما يثلثهما)

(صقل) الصاد والقاف واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تمليسِ شيء، ثم يقاس على ذلك. يقال صَقَلْتُ السَّيْفَ أَصقُله، وصائغ ذلك الصَّيقل. والصَّقِيل: السَّيف. ويقال: الفرسُ في صِقاله، أي صِوَانِهِ، وذلك إِذا أُحسنَ القيامُ عليه، كأنَّهُ يُصقَل صَقلاً ويُصنَع.

ومن الباب الصُّقل من الإنسان والفرس، وهو الجنْب، والجنب أشدُّ الأعضاء ملاسةً، فلذلك سمِّي صُقلاً، كأنَّه قد صُقِل. ويقال منه فرس صَقِلٌ، أي طويل الصُّقْلين.

(صقب) الصاد والقاف والباء لا يكاد يكون أصلاً؛ لأنَّ الصَّاد يكون مرَّةً فيه السين، والبابان متداخلان، مرّةً يقال بالسين ومرَّةً بالصاد، إِلاَّ أنَّه يدلُّ على القرب ومع الامتداد مع الدّقَّة.

فأمَّا القُرب فالصَّقَب. وجاء في الحديث:"الجار أحقُّ بِصَقَبِه"، يراد في الشُّفْعة. والصَّاقب: القريب. والرَّجُلان يتصاقبان في المحلّة، إِذا تقارَبا.

وأما الآخر فالصَّقْب: العمودُ يُعمَد به البيت، وجمعه صقوب. قال ذو الرُّمَّة:

* صَقْبانِ لم يتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ([1]) *

وأما قولهم: صقبت الشيء، إِذا ضَربته فلا يكون إلاَّ على شيءٍ مُصْمَتٍ يابس. فممكنٌ أن يكونَ من الإِبدال، كأنه من صَقعته، فيكون الباء بدلاً من العين.

(صقر) الصاد والقاف والرَّاء أُصَيلٌ يدلُّ على وقع شيء بشدّة. من ذلك الصَّقْر. وهو ضربُكَ الصَّخرةَ بِمعولٍ، ويقال لِلمعْول الصَّاقُور. ويجوز أن يدخل فيه الهاء فيقال الصَّاقُورة.

والصَّقْر هذا الطائرُ، وسمِّي بذلك لأنه يَصقْـُر الصّيد صقراً بقُوّة. وصَقَرات الشَّمس: شدّة وقْعِها على الأرض. قال:

إِذا ذابت الشَّمسُ اتَّقى صَقَرانِها *** بأفنانِ مَربوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ([2])

وحكي عن العرب([3]): جاء فلان بالصُّقَر والبُقَر، إِذا جاء بالكذِب.

فهذا شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه. وكذلك الصَّاقورة في شعر أميّة بن أبي الصَّلت([4])  من الشاذّ. ويقال إِنَّها السَّماء الثالثة. وما أحسب ذلك من صحيح كلام العرب. وفي شعر أميَّةَ أشياءُ. فأما الدِّبْس وتسميتُهم إيّاهُ صَقْراً فهو من كلام أهل المدَر، وليس بذلك الخالِص من لغة العرب.

(صقع) الصاد والقاف والعين أصول ثلاثة: أَحدها وقْع شيءٍ على شيءٍ كالضَّرب ونحوه، والآخر صَوت، والثالث غِشْيانُ شيءٍ لشيء.

فالأوَّل: الصَّقْع وهو الضَّرْب بِبُسْط الكفِّ. يقال صَقعه صَقْعاً.

وأمَّا الصَّوت([5]) فقولهم صَقَع الدِّيك يصقَع. ومن الباب خطيب مِصْقعٌ، إِذا كان بليغاً، وكأنَّه سمِّي بذلك لجهارة صوته.

وأمَّا الأصل الثالث، في غِشيان الشَّيءِ الشيءَ، فالصِّقَاعِ، وهي الخرْقة التي تتغشَّاها المرأةُ في رأسها، تقي بها خِمارَها الدُّهنَ. والصَّقيع: البَرْد المحرِق للنَّبات فهذا يصلح في هذا، كأنَّه شيءٌ غَشَّى النَّبات فأحرَقه، ويصلح في باب الضَّرب.

ومن الباب العُقاب الصَّقْعاء: البيضاء الرّأس: كأنَّ البياضَ غشَّى رأسَها. ويقال الصِّقَاع البُرْقُع. والصِّقَاع: شيءٌ يشدُّ به أنفُ الناقة. قال القُطاميّ:

إِذا رأسٌ رأيتُ به طِماحاً *** شددتُ لـه الغمائمَ والصِّقاعا([6])

ومنه الصَّقَع، مثل الغَشْي يأخذ الإنسانَ من الحرِّ، في قول سويد:

* يأخُذ *السَّائرَ فيها كالصَّقَعْ([7]) *

ومن الباب الصَّاقِعة، فممكن أن تُسمَّى بذلك لأنَّها تَغْشى. وممكن أن يكون من الضَّرْب. أما قولُ أوس:

يا بَا دُلَيْجَةَ من لِحَيٍّ مفرَدٍ *** صقِع من الأعداءِ في شَوَّالِ([8])

فقال قومٌ: هذا الذي أصابه من الأعداء كالصَّاعقة. والصَّوقَعة: العِمامة؛ لأنَّها تُغَشِّي الرأس.

وما بقي من الباب فهو من الإِبدال؛ لأنَّ الصُّقْع النَّاحية. والأصل، فيما ذكر الخليل، السِّين كأنه في الأصل سقع. ويكون من هذا الباب قولهم: ما أدري أين صقَع، أي ذهب، والمعنى إلى أيِّ صقْعٍ ذهبَ. وقال في قول أوسٍ "صقع من الأعداء" هو المُتَنَحِّي الصُّقع.

ـــــــــــــــــ

([1]) صدره كما في ديوان ذي الرمة 28 والحيوان (4: 312): * كأن رجليه مسماكان من عشر *.

([2]) البيت لذي الرمة، وقد سبق بتخريجه في (ذوب).

([3]) بدله في المجمل: "قال ابن دريد". انظر الجمهرة (2: 357).

([4]) هي في قول أمية في ديوانه 24:

لمصفدين عليهم صاقورة  *** صماء ثالثة تماع وتجمد

([5]) في الأصل: "الصقع"، تحريف.

([6]) ديوان القطامي 45 واللسان (صقع).

([7]) صدره كما في المفضليات (1: 191). واللسان (صقع): * في حرور ينضج اللحم بها *.

([8]) في ديوان أوس بن حجر 23 واللسان (صقع): "أأبا دليجة". ورواية المقاييس هذه بحذف همزة الأب، كما جاء في قوله:

يا با المغيرة والدنيا مغيرة *** وإن من غرت الدنيا لمغرور


ـ (باب الصاد والكاف وما يثلثهما)

(صكم) الصاد والكاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على ضربِ الشَّيْء بشدة. فالصَّكْمة: الصَّدْمة الشديدة. والعرب تقول: صكمتهم صواكم الدَّهر. والفرس يصْكُم، إِذا عَضَّ على لجامه مادَّاً رأسه. وقال الفراء: صكمه، إِذا ضَرَبَه ودَفعه.‏

 

ـ (باب الصاد واللام وما يثلثهما)

(صلم) الصاد واللام والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قطع واستئصال. يقال صَلَمَ أُذُنَه، إذا استأصَلها. واصْطُلِمَت الأُذُن. أنشد الفرّاء:

مثل النَّعامةِ كانت وهي سالمةٌ *** أذْنَاءَ حتَّى زَهَاهَا الحَيْنُ والجُبُنُ([1])

جاءت لتشرِيَ قَرناً أو تعوِّضَه *** والدّهر فيه رَبَاحُ البيع والغَبَنُ

فقيل أُذْناكِ ظَلْمٌ ثُمّت اصطُلِمَتْ  *** إلى الصِّماخ فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ

والصَّيْلم: الدَّاهِية، والأمر العظيم، وكأنَّه سمِّي بذلك لأنَّه يَصْطَلِم. فأمَّا الصَّلامَة، ويقال بالكسر الصِّلاَمة، فهي الفِرقة من النّاس، وسمّيت بذلك لانقطاعِها عن الجماعة الكثيرة. قال:

لأمِّكم الويلاتُ أنّى أتيتُم *** وأنتم صَِـلاَماتٌ كثيرٌ عديدُها([2])

(صلي) الصاد واللام والحرف المعتل أصلان: أحدهما النار وما أشبهها من الحُمَّى، والآخر جنسٌ من العبادة.

فأمَّا الأوّل فقولهم: صَلَيْتُ العُودَ بالنار([3]). والصَّلَى صَلَى النّار. واصطّليتُ بالنَّار. والصِّلاَء: ما يُصْطَلَى بِهِ وما يُذكَى به النَّار ويُوقَد. وقال([4]):

تَجْعَلُ العودَ واليَلَنْجُوجَ والرَّنْـ *** ـدَ صِلاَءً لَها على الكَانونِ([5])

وأمَّا الثاني : فالصَّلاَةُ وهي الدُّعاء. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذا دُعِيَ أحدُكم إلى طَعامٍ فليُجِبْ، فإِنْ كان مفطراً فليأكلْ، وإِنْ كانَ صائماً فليصلّ"، أي فليَدْعُ لهم بالخير والبركة. قال الأعشى:

تقول بِنْتي وقد قرَّبتُ مُرْتَحَلاً *** ياربِّ جنِّبْ أبي الأوصابَ والوَجَعَا([6])

عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغتَمِضِي *** نوماً فإنَّ لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجَعا

وقال في صفة الخمر:

وقابَلَها الرِّيحُ في دَنِّها *** وصلَّى على دَنِّها وارتَسمْ([7])

والصلاة هي التي جاء بها الشَّرع من الركوع والسُّجود وسائرِ حدودِ الصلاة. فأمَّا الصَّلاة من الله تعالى فالرَّحمة، ومن ذلك الحديث: "اللهمَّ صلِّ على آل أبي أوْفى". يريد بذلك الرَّحمة.

ومما شذَّ عن الباب كلمةٌ جاءت في الحديث: "إنَّ للشّيطان فُخوخاً وَمَصَالِيَ"، قال: هي الأشراك، واحدتها مِصْلاَةٌ.

(صلب) الصاد واللام والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على الشدّة والقوّة، والآخر جنس من الوَدَك.

فالأوَّل الصُّلب، وهو الشيء الشَّديد. وكذلك سُمِّيَ الظَّهر صُلْباً لقوّته. ويقال إنَّ الصَّلَبَ الصُّلْبُ. ويُنشَد:

* في صَلَبٍ مثلِ العِنانِ المُؤْدَم([8]) *

ومن ذلك الصَّالب من الحُمَّى، وهيَ الشَّديدة. قال:

وماؤُكما العذب الذي لو شربتُهُ *** وبي صالبُ الحمَّى إِذاً لَشَفَاني([9])

وحكى الكسائيّ: صَلَبَتْ عليه الحمَّى، إذا دامت عليه واشتدَّت، فهو مصلوبٌ عليه.

ومن الباب الصُّلّبيَّة: حجارة المِسَنّ([10])، يقال سِنان مصَلَّبٌ، أي مسنون. ومنه التّصليب، وهو* بلوغ الرُّطَب اليُبس؛ يقال صَلَّبَ. ومن الباب الصَّليب، وهو العَلَم. قال النابغة:

ظلَّتْ أقاطيعُ أنعامٍ مؤبّلةٍ  *** لدى صَلِيبٍ على الزوراءِ منصوبِ([11])

وأما الأصل الآخر فالصَّليب، وهو وَدَك العَظْم. يقال اصطَلَبَ الرجُل، إِذا جَمَع العظامَ فاستخرج وَدَكها ليأْتدِم به. وأنشد:

* وباتَ شَيخ العِيال يَصطَلِبُ([12]) *

قالوا: وسمِّيَ المصلوبُ بذلك كأنَّ السِّمَن يجري على وجهه.([13])[والصليب: المصلوب]، ثمَّ سمِّي الشيء الذي يُصلَب عليه صَليباً على المجاورة. وثوب مُصَلَّبٌ، إذا كان عليه نقشُ صَليب. وفي الحديث في الثوب المصلَّب، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "كان إِذا رآه في ثوبٍ قَضَبه"، أي قَطَعَه. فأمَّا الذي يقال، إنَّ الصَّولَبَ البَذْر يُنْثَر على وجه الأرض ثم يُكرَبُ عليه، فمن الكلام المولّد الذي لا أصلَ له.

(صلت) الصاد واللام والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بروزِ الشيء ووضوحه. من ذلك الصُّلْت، وهو الجبين الواضح؛ يقال صَلْت الجبين، يُمدَح بذلك. قال كُثَيِّر:

صَلْت الجبين إِذا تبسَّم ضاحكاً *** غلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رقابُ المالِ

وهذا مأخوذٌ من السَّيف الصَّلْت والإِصليت، وهو الصَّقيل. يقال: أَصْلَتَ فلانٌ سيفَهُ، إِذا شامَهُ من قِرابِهِ.

ومن الباب الصُّلت([14]) وهو السّكّين، وجمعه أصلات. ويقال: ضَرَبَهُ بالسيف صَلْتاً وصُلْتاً. ومن الباب: الحمار الصَّلَتان، كأنَّه إذا عدا انصلت، أي تبرَّز وظَهَرَ. ومن الباب قولهم: جاء بمرَق يَصْلِت، إِذا كان قليلَ الدَّسَمِ كثيرَ الماءِ. وإِنَّما قيل ذلك  لبُروزِ مائِهِ وظُهورهِ، من قلّة الدَّسَمِ على وجهه.

(صلج) الصاد واللام والجيم ليس بشيءٍ، لقلّة ائتلافِ الصاد مع الجيم. وحكيت فيه كلماتٌ لا أصل لها في قديم كلام العرب. من ذلك الصَّولَج، وهي فيما زعموا الفضَّة الجيدة. يقال هذه فضَّةٌ صوْلج. ومنه الصَّولَجان. ويقال: الأصلج: الأملس الشَّديد. وكلُّ ذلك لا معنى له.

(صلح) الصاد واللام والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِلاف الفَساد. يقال صلُحَ الشَّيءُ يصلُحُ صلاحاً. ويقال صَلَح بفتح اللام. وحكى ابنُ السكِّيت صلَحَ وصلُح. ويقال صَلَح صُلوحاً. قال:

وكيف بأطْرافي  إِذا ما شتمتَني *** وما بعد شَتْم الوالِدَينِ صُلوحُ([15])

وقال بعض أهل العلم: إنَّ مكة تسمَّى صَلاحاً([16]).

(صلخ) الصاد واللام والخاء فيه كلمة واحدة. يقال إنَّ الأَصلَخَ الأصمّ. قال سَلَمَة: قَال الفرّاء: "كان الكميتُ أصمَّ أَصْلَخَ".

(صلد) الصاد واللام والدال أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على صلابةٍ ويُبْس. من ذلك الحجر الصَّلْد، وهو الصُّلْب. ثم يُحْمَل [عليه] قولُهم: صَلِدَ الزّندُ، إِذا صلع

لم يُخرِج نارَه. وأصْلَدته أنا. ومنه الرّأسُ الصَّلْد الذي لا يُنبِتُ شعراً، كالأرضِ التي لا تُنبِتُ شيئاً. قال رؤبة:

* برّاقَ أصلادِ الجبينِ الأجلهِ([17]) *

ويقال للبخيل أَصْلَد، فهو إمَّا من المكان الذي لا يُنبِت، أو الزَّنْد الذي لا يُورِي. ويقال ناقةٌ صلودٌ، أي بكِيئَةٌ قليلة اللّبَن غليظةُ جلدِ الضَّرع. ومنه الفَرسُ الصَّلُود، وهو الذي لا يَعرَق. فإِذا نُتِجَت النّاقةُ ولم يكن لها لبنٌ قيل ناقة مِصلادٌ.

(صلع) الصاد واللام والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاسةٍ. من ذلك الصَّلَع في الرّأْس، وأصله مأخوذٌ من الصُّلاَّع، وهو العريض من الصَّخر الأملس، الواحد صُلاَّعة. وجبلٌ [صليع([18])]: أملس لا ينبت شيئاً. قال عمرو بن معد يكرب:

[وزَحفُ كتيبةٍ للقاء أخرى  *** كأنَّ زهاءَها رأسٌ صليع]([19])

ويقال للعُرفُطةِ إِذا سقطت رؤوسُ أغصانِها: صَلْعَاء. وتسمَّى الداهية صلعاء، أي بارزة ظاهرة لا يَخْفَى أمرُها. والصَّلْعة([20]): موضع الصَّلَع من الرَّأْس. والصَّلْعاء من الرمال: ما لا يُنبِتُ شيئاً من نَجْم ولا شجر. ويقال * لجنسٍ من الحيات: الأُصَيْلِع، وهو مثل الذي جاء في الحديث: "يجيء كَنْزُ أحدهم يومَ القيامة شجاعاً أَقْرَع([21])". ويريد بذلك الذي انمارَ ([22]) شعَر رأسه، لكثرة سِمَنه. قال الشاعر:

قَرَى السُّمَّ حتَّى انمارَ فروةُ رأسِهِ *** عن العظم صِلٌّ فاتكُ اللَّسْعِ ماردُ([23])

(صلغ) الصاد واللام والغين ليس بأصلٍ؛ لأنّه من باب الإِبدال. يقال للذي تَمَّ سِنُّه من الضَّأنِ في السَّنةِ الخامسة: صالغ. وقد صَلَغ صُلُوغاً.

(صلف) الصاد واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ وكَزازة.  من ذلك الصَّلَف، وهو قِلّة نَزَلِ الطّعام([24]). ويقولون في الأمثال: "صَلَفٌ تحت الرّاعِدة"، يقال ذلك لمن يُكثِر كلامه ويَمدح نفسَه ولا خير عنده.

ومن الباب: قولهم: صَلِفَت المرأةُ عند زوجها، إِذا لم تَحْظَ عنده. وهي بيِّنة الصَّلَف. قال:

* وآبَ إِليها الحزْنُ والصَّلَفُ([25]) *

قال الشيبانيّ: يقال للمرأة : أَصلَفَ اللهُ رُفْغَها([26]). وذلك أن يبغّضَها إلى زوجها.

والأصل في هذا الباب قولهم للأرض الصُّلْبَة صَلْفاء، وللمكان الصُّلب أصلف. والصَّلِيفُ([27]): عُرْض العُنُق، وهو صلْبٌ. والصَّلِيفان: عُودانِ يعترضانِ على الغَبيطِ تَشَدُّ بهما المَحامِل. قال:

* أقبُّ كأنَّ هادِيَهُ الصَّليفُ([28]) *

فأمّا الرَّجل الصَّلِف فهو من هذا، وهو من الكَزازة وقِلّة الخير. وكان الخليل يقول: الصَّلف مجاوزة قدر الظَّرف، والادِّعاءُ فوق ذلك.

(صلق) الصاد واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صيحةٍ بقوّة وصَدْمةٍ وما أشبَهَ ذلك. فالصَّلْق: الصوت الشَّديد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس مِنَّا مَنْ صَلَقَ أو حَلَقَ". يريد شدّة الصِّياح عند المصيبةِ تَنْزِل. والصَّلاَّق والمِصلاق: الشديد الصوت. والصَّلْقة: الصَّدْمة والوقعة المُنكَرة. قال لبيد:

فصَلَقْنا  في مُرادٍ  صَلْقةً *** وصُداءٍ ألحَقَتْهم بالثَّلَلْ([29])

قال الكسائي: الصَّلْقة الصِّياح، وقد أصلَقُوا إصلاقاً. واحتجَّ بهذا البيت. وقال أبو زيد: صَلَقَه بالعصا: ضَرَبَه. والصَّلْق : صَدم الخَيل في الغارة. ويقال صَلَقَ بنو فلانٍ بني فلان، إِذا أوقعوا بهم فقتلوهم قتلاً ذَريعاً. ويقال تصلَّقت الحاملُ، إِذا أخذها الطَّلْق فألقت بنفسها [على] جَنْبَيْها([30]) مرَّةً كذا ومرَّة كذا. والفحل يُصْلِق بنابه إِصلاقاً، وذلك صَريفُهُ. والصَّلَقات: أنياب الإِبل التي تَصْلِق. قال:

لم تَبْكِ حولك نِيبُها وتقاذفَتْ *** صَلَقاتُها كَمَنابتِ الأشجارِ([31])

فأمَّا القاع المستدير فيقال لـه الصَّلَق، وليس هو من هذا، لأنَّه من باب الإبدال وفيه يقال السَّلَق، وقد مضى ذِكره. وينشد بيت أبي دؤاد بالسين والصاد:

تَرى فاه إذا أقبـ *** ـل مثل الصَّلَقِ الجَدْبِ([32])

ولا انكر أن يكون هذا البابُ كلُّه محمولاً على الإِبدال. فأمَّا الصَّلائق فيقال هو الخبز الرّقيق، الواحدة صليقة، فقد يقال بالراء الصريقة، ويقال بالسين السَّلائق. ولعلَّه من المولّد.

ـــــــــــــــــــ

([1]) كذا جاء على الصواب في الأصل واللسان (جنن). والجنن بضمتين: الجنون. وفي المجمل : "والجبن" تحريف. وفي أمثال الميداني عند قولهم: (كطالب القرن جدعت أذنه): "حتى زهاها الحين والحبن"، تحريف أيضاً.

([2]) في الأصل: "أي أتيتم صلامات"، وتصحيحه وإكماله من المجمل.

([3]) زاد في المجمل: "إذا لينته".

([4]) هو أبو دهبل الجمحي كما في شرح القصائد السبع لابن الأنباري في البيت السابع من القصيدة السادسة.

([5]) الرند: العود الذي يتبخر به. وفي الأصل: "الزند"، تحريف.

([6]) ديوان الأعشى 73.

([7]) ديوان الأعشى 29 واللسان (رسم). وروي في الديوان: "وارتشم".

([8]) البيت للعجاج كما في إصلاح المنطق 46، 98. وليس في ديوانه.

([9]) لطهمان بن عمرو الكلابي، كما في معجم البلدان (دمخ)، من أبيات سبق أحدها (دمخ).

([10]) شاهده قول امرئ القيس:

* كحد السنان الصلبي النحيض *    أراد بالسنان: المسن.

([11]) ديوان النابغة: 11.

([12]) للكميت الأسدي، في اللسان (صلب 16)، وإصلاح المنطق 46. وصدره:

* واحتل برك الشتاء منزله *.

([13]) في المجمل: "لأن ماء السمن يجري فيه".

([14]) يقال بفتح الصاد وضمها.

([15]) إصلاح المنطق 124. وقال: وأطرافه: أبواه وإخوته وأعمامه وكل قريب لـه محرم". وفي اللسان (صلح): "بإطراقي"، تحريف. وسيأتي في (طرف).

([16]) ويقال أيضاً: "صلاح" كقطام.

([17]) قبله في ديوانه 165 واللسان (جله):

* لما رأتني خلق المموه *.

([18]) التكملة من جمهرة ابن دريد (3: 77).

([19]) البيت ساقط من الأصل، وليس في المجمل. وإثباته من الجمهرة في الموضع السالف. وفي الأصمعيات 44: "وسوق كتيبة دلفت لأخرى".

([20]) تقال بالتحريك، وبالضم أيضاً.

([21]) سبق الحديث في مادة (شجع) ص 248.

([22]) في الأصل: "انماز" في هذا الموضع والبيت التالي، تحريف. وانمار الشعر: انتتف.

([23]) قرى السم: جمعه. وفي الأصل: "ترى"، تحريف.

([24]) النّزل، بالتحريك وبالضم: البركة. وفي الأصل: "ترك الطعام"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.

([25]) من بيت للأعشى، وهو بتمامه كما في الديوان 210 والجمهرة (3: 81):

إذا آب جارتها الحسناء قيمها  *** ركضا وآب إليها الحزن والصلف

ويروى : "الثكل والتلف".

([26]) الرفغ، بالضم: واحد الأرفاغ، وهي المغابن من الآباط وأصول الفخذين، وفي الأصل: "رفعها" تحريف. وفي المجمل واللسان:"رفغك".

([27]) بدلها في الأصل: "وهو"، وأثبت ما في المجمل واللسان.

([28]) صدره في تاج العروس:

* ويحمل بزه في كل هيجا *.

([29]) سبق  البيت وتخريجه في (1: 369).

([30]) في الأصل: "جبينها"، وتصحيحها والتكملة قبلها من المجمل واللسان.

([31]) في الأصل: "لمنابت الأشجار"، صوابه من اللسان (صلق).

([32]) البيت مع قرين له في اللسان (صلق).

 

 


ـ (باب الصاد والميم وما يثلثهما )

(صمي) الصاد والميم والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على السُّرعة في الشيء. يقال للرَّجُل المبادِر إلى القتال شَجاعةً: هو صَمَيانٌ. وهو من الصَّمَيان وهو الوثْب والتقلُّب. ويقال انصمى الطائر، إِذا انقضَّ. ويقال أصمى الفَرسُ، إِذا مضى على وجْهه عاضّاً على لجامه.

ومن الباب: رمى الرَّجُل الصّيدَ فأصمى، إذا قتله مكانه، وهو خلاف أنْمَى.

(صمت) الصاد والميم والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إبهام وإغلاق. من ذلك صَمَتَ الرّجُل، إذا سَكَتَ، وأَصْمَت أيضاً. ومنه قولهم: "لقيتُ فلاناً  ببلدة إِصْمِتَ"، وهي القَفر التي لا أحد بها، كأنها صامتةٌ ليس بها ناطق. ويقال "ماله صامتٌ ولا ناطق". فالصَّامت: الذّهب والفِضّة. والنَّاطق: الإِبل والغنم والخيل. والصَّمُوت: الدِّرْع * الليّنة التي إِذا صَبَّها([1]) الرَّجُل على نفسه لم يُسمَع لها صوت. قال:

وكلِّ صموتٍ نثرةٍ تُبّعيَّةٍ  *** ونسج سليمٍ كل قَضَّاءَ ذائِلِ([2])

وبابٌ مُصْمَت: قد أُبْهِمَ إغلاقه. والصامت من اللبن: الخاثر؛ وسمِّي بذلك لأنه إذا كان كذا فأفرغ في إناء لم يُسمع لـه صوت. ويقال: بِتُّ على صِمات ذاكَ، أي على قَصْدِهِ. فيمكن أن يكون شاذّاً، ويمكن أن يكون من الإِبدال، كأنّه مأخوذٌ من السَّمْت، وهي الطَّريقة. قال:

وحاجةٍ بتُّ على صِمَاتِها([3]) *** أتيتُها وَحْدِيَ مِنْ مَأْتاتها

ويقال : رمَاه بصِماتِهِ، أي بما أصمته. وأعطى الصَّبيَّ صُمْتَةً، أي ما يسكّنه.

(صمج) الصاد والميم والجيم ليس بشيء، على أنَّهم يقولون: الصَّمَج: القناديل، الواحدة صَمَجة. وينشدون:

* والنَّجم مثل الصَّمَج الرُّوميَّاتْ([4]) *

(صمح) الصاد والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على قوّةٍ في الشيء، أو طُول. يقال الصَّمَحْمَح: الطَّويل. ويقولون: إنَّ الصُّمَاح الكيّ. والصُّمَاح: النَّتن. والصِّمحاءَةُ: المكان الخَشن.

(صمخ) الصاد والميم والخاء أصلٌ واحد وكلمة واحدة، وهو الصِّماخ: خَرْق الأُذُن. يقال صَمَخْتُهُ، إِذا ضَربتَ صِماخَه.

(صمد) الصاد والميم والدال أَصلان: أحدهما القَصْد، والآخَر الصَّلابة في الشَّيء.

فالأوَّل: الصَّمْد: القصد. يقال صَمَدْتُه صَمْداً. وفلان مُصَمَّدٌ، إِذا كان سيِّداً يُقصَدُ إليه في الأمور. وصَمَدٌ أيضاً. والله جلَّ ثناؤه الصَّمَد؛ لأنه يَصْمِد إليه عبادُهُ بالدُّعاء والطَّلَب. قال في الصَّمَد([5]):

علوتُهُ بحُسامٍ ثم قلتُ لـه *** خذْها حُذَيفَُ فأنت السيِّد الصَّمَدُ([6])

وقال في المصَمَّد طَرَفَة:

وإِنْ يَلْتَقِي الحيُّ الجميعُ تُلاقِني *** إلى ذِروةِ البيت الرَّفيعِ المُصمَّدِ([7])

والأصل الآخر الصَّمْد، وهو كلُّ مكانٍ صُلْب. قال أبو النَّجم:

* يغادِرُ الصَّمْدَ كظَهْر الأَجزَلِ([8]) *

(صمر) الصاد والميم والراء، قال ابن دريد([9]): فعلٌ ممات، وهو أصل بناء الصَّمِير. يقال رجل صَمِير: يابس اللَّحم على العِظام.

ويقال الصَّمْر: النَّتْن. ويقال المتصمِّر: المتشمِّس. ويقولون: لقيتُه بالصُّمَير، أي وقتَ غُروب الشّمس. وفي كلِّ ذلك نظَر.

(صمع) الصاد والميم والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على لطافةٍ في الشّيء وتضامٍّ. قال الخليلُ وغيره: كلُّ منضمٍّ فهو متصمِّع. قال: ومن ذلك اشتقاق الصَّومعة. ومن ذلك الصَّمع في الأُذنَين. يقال هو أصمعُ، إِذا كان أَلصَق([10]) الأذنين. ويقال: قلبٌ أصمع، أي لطيف ذكيّ. ويقال للبُهْمَى إِذا ارتفعت ولم تتفَقأ: صَمْعاء. وذلك أنَّها [إِذا] كانت كذا كانت منْضَمَّةً لطيفة. وإِذا تلطَّخَ الشَّيء بالشيء فتجمَّعَ كريش السَّهم فهو متصمِّع. قال:

فرمَى فأنفَذَ من نَحُوصٍ عائطٍ *** سهماً فخرّ وريشُه مُتصمِّعُ([11])

أي متلطّخ بالدّم منْضمّ. والكلاب صُمْعُ الكعوب، أي صغارُها ولِطافُها قال النابغة:

* صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَردِ([12]) *

(صمغ) الصاد والميم والغين كلمةٌ واحدة، هي الصَّمغ([13]).

(صمك) الصاد والميم والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على قوةٍ وشِدة. من ذلك الصمكْمَك، وهو القويّ. وكذلك الصَّمْكُوك: الشَّيء الشديد. والصَّمكيك: كلُّ شيءٍ لزِج كاللُّبان ونحوِه. ويقال اصْمَاكَّ الرَّجلُ، إذا تغضّبَ([14]). وهو ذاك القياس. واصماكّ اللّبنُ، إِذا خثُر حتَّى يشتدّ فيصير كالجبْن.

(صمل) الصاد والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّة وصلابة. يقال صَمَلَ الشيء صُمُولاً، إِذا صلُب واشتدَّ. ورجل صُمُلٌّ: شديد البَضْعة . وكان الخليل يقول: لا يقال ذلك إلاّ للمجتمع السنّ. واصمألَّ النّباتُ، إِذا قوِيَ والتفّ. والصَّامل مِنْ كلِّ شيء: اليابس. وصَمَل الشّجر، إِذا لم يجد رِيّاً فَخشُن. ويقال صَمَله بالعصا، إِذا ضَربَهُ. والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــ

([1]) صبها، أي لبسها. وفي الأصل: "صلبها"، تحريف. وفي المجمل: "إذا صبت".

([2]) البيت للنابغة في ديوانه 64 واللسان (صمت). ورواية الديوان واللسان: "نثلة" وهما سيان.

([3]) البيت في اللسان (صمت 361).

([4]) البيت للشماخ، كما في اللسان (صمج). وفي ديوانه 103 أرجوزة  البيت وليس فيها البيت.

([5]) بدله في المجمل: "أنشدني أبي رحمه الله".

([6]) أنشده في اللسان (صمد) بدون نسبة.

([7]) البيت من معلقته المشهورة.

([8]) أنشده في اللسان (صمد، جزل). وقد سبق في (جزل) حيث نبهت على أن صواب روايته: "تغادر" بالتاء. ويؤيد هذا الصواب أيضاً أنها رويت بالتاء في "أم الرجز" المنشورة في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق في العدد 8 سنة 1347.

([9]) في الجمهرة: (2: 359).

([10]) كذا وردت هذه التكملة، وفي المجمل: "الأصمع: اللاصق الأذنين".

([11]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 8، والمفضليات (2: 225) واللسان (صمع).

([12]) صدره كما في الديوان 19 واللسان (صمع):

* فبثهن عليه واستمر به *.

([13]) الصمغ، بسكون الميم، وقد تفتح.

([14]) في الأصل، "تغضت"، صوابه في المجمل.

 

ـ (باب الصاد والنون وما يثلثهما)

(صنو) الصاد والنون والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تقارُب بين شيئين، قرابةً أو مسافةً. من ذلك الصِّنو: الشَّقيق. وعمُّ الرّجل صِنوُ أبيه. وقال الخليل، يقال فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، إذا كان أخاه وشقيقَه لأمِّه وأبيه. والأصل في ذلك النَّخلتانِ تخرجان([1]) من أصلٍ واحدٍ، فكلُّ واحدة منهما على حيالها صِنوٌ، والجمع صِنوانٌ. قال الله تعالى: {وَنَخِيل صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوانٍ.[الرعد 4]. قال أبو زيد رِكيَّتانِ صِنْوانِ، وهما المتقاربتان حتى لا يكونَ بينهما من تقارُبهما حَوْض.

ومما شذَّ عن هذا الأصل الصِّنو: مثل الرّدْهَة تُحفَر في الأرض، وتصغيره، صُنَيٌّ. قالت ليلى:

أنابِغَ لم تَنْبَغْ ولم تكُ أوَّلاً *** وكنْتَ صُنَيَّاً بين صُدَّيْن مَجْهَلا([2])

(صند) الصاد والنون والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على عظم قدْر وعظم جِسْم. من ذلك الصِّندِيد، وهو السَّيّد الشَّريف، والجمع صناديد. ويقال صناديد البَرَدِ: باباتٌ منه ضِخام. وغيثٌ صِنديدٌ: عظيم القَطْر.  ويقال للدَّواهِي الكبارِ صناديد. ويروى عن الحسن في دعائِة: "نعوذُ بك من صناديد القَدَر" أي دواهِيه.

(صنر) الصاد والنون والراء ليس بأصلٍ، ولا فيه ما يعوَّل عليه لقلَّة الرَّاء مع النون. على أنَّهم  يقولون الصِّنَارة بلغة اليمن: الأذُن. والصِّنَارة: حديدةٌ في المِغْزَل مُعَقَّفَة. وليس بشيء.

(صنع) الصاد والنون والعين أصلٌ صحيح واحد، وهو عملُ الشيء صُنْعَاً. وامرأة صَنَاعٌ ورجلٌ صَنَعٌ، إِذا كانا حاذقَين فيما يصنعانه. قال:

خَرقاء بالخيرِ لا تهْدِي لوِجْهَتِهِ *** وهي صَنَاعُ الأَذى في الأهلِ والجارِ

والصَّنِيعة: ما اصطنعتَه مِنْ خير. والتصنُّع: حُسن السَّمْت. وفرسٌ صَنِيعٌ: صَنَعَه أهلُه بحُسْن القِيام عليه. والمَصانع: ما يُصنَعُ من بئرٍ وغيْرِها للسَّقي.

ومن الباب: المُصانَعة، وهي كالرِّشْوة.

وممّا شذَّ عن هذا الأصل الصِّنْع، يقال إِنَّه السَّفُّود. وقال المَرّار([3]):

(صنف) الصاد والنون والفاء أَصلٌ صحيح مطّرد في معنيين، أحدهما الطّائفة من الشّيء، والآخر تمييز الأشياء بعضها عن بعض.

فالأوَّل الصِّنْف، قال الخليل: الصِّنْف طائفةٌ من كلِّ شيء. وهذا صِنفٌ  من الأصناف أيْ نوع. فأمّا صنفة الثَّوب([4]) فقال قوم: هي حاشيتُهُ. وقال آخرون: بل هي النّاحية ذات الهُدْب.

والأصل الآخَر، قال الخليل: التَّصنيف: تمييز الأشياءِ بعضها عن بعض.

ولعَّل تصنيف الكتاب من هذا. والغريب المصنَّف من هذا، كأنَّه مُيِّزَت أبوابُه فجُعِلَ لكلِّ بابٍ حَيِّزُه. فأمَّا أصله في لغة العرب فمن قولهم صَنّفَت الشَّجرةُ، إذا أخرجت ورقَها. قال ابن قيسِ الرُّقيّات:

سَقْياً لِحُلْوانَ ذي الكُرومِ وما  *** صَنَّفَ من تينه ومن عِنَبِه([5])

(صنق) الصاد والنون والقاف كلمة إن صحَّت. يقولون إنَّ الصَّنَق: الذَّفر. وحكى بعضُهم : أَصْنَقَ الرجلُ في ماله، إِذا أحسَنَ القيامَ عليه.

(صنم) الصاد والنون والميم كلمةٌ واحدةٌ لا فرعَ لها، وهي الصَّنَم. وكان شيئاً يُتَّخَذُ من خشبٍ  أو فضّة أو نُحاسٍ فيُعبَد.

(صنج) الصاد والنون والجيم ليس بشيء. والصَّنْج دَخِيل.

ـــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "تخرج".

([2]) أنشده في اللسان (صنا). تقوله للنابغة الجعدي.

([3]) كذا ورد الكلام مبتوراً. وفي المجمل: "والصنع في شعر المرار السفود". ولم أجد شاهداً إلا قول الشاعر في اللسان (صنع):

* صنع اليدين بحيث يكوى الأصيد *

([4]) يقال صنفة، بفتح  فكسر، وبكسر فسكون.

([5]) ديوان ابن قيس الرقيات 82 واللسان (صنف).

 

ـ (باب الصاد والهاء وما يثلثهما)

(صهو) الصاد والهاء والحرف المعتلّ أُصَيْلٌ يدلُّ على علوّ. من ذلك الصَّهْوَة، وهو مَقعد الفارس مِنْ ظَهْر الفَرَس. والصَّهَوات: أعالي الرَّوَابِي، ربما اتُّخِذَت فوقَها بُرُوج، الواحدة صَهْوَة. وقال الشيباني: الصِّهاء: مناقع الماء الواحد صهوة. وهذا وإن كان صحيحاً فإنّ القِياس أن يكون مناقِعَ في أماكنَ عالية.

ومن الباب أن يصيب الإنسان جُرْحٌ ثم يَنْدَى دائماً، فيقال صَهِيَ يَصْهَى، وهو ذلك القِياس؛ لأنَّه ندىً يعلو الجُرح.

(صهر) الصاد * والهاء والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على قُربَى، والآخر على إِذابة شيء.

فالأوّل الصِّهْر، وهو الخَتَن. قال الخليل: لا يقال لأهلِ بيت الرجل إلاَّ أَخْتَانٌ، ولا لأهل بيت المرأة إلاَّ أصهار. ومن العرب من يجعلهم أصهاراً كلَّهُم. قال ابن الأعرابيّ: الإصهار: التَّحَرُّم بجِوارٍ أو نَسَب أو تَزَوُّج. وفي كلِّ ذلك يُتأَوَّل قولُ القائل:

قَود الجياد وإِصهارُ الملوك وصَـبـ *** ـرٌ في مواطنَ لو كانوا بها سئموا([1])

والأصل الآخر: إِذابة الشَّيء. يقال صَهَرْتُ الشَّحمةَ. والصُّهارة: ما ذاب منها. واصطهرتُ الشَّحمة. قال:

وكنتَ إِذا الوِلدانُ حَانَ صَهيرُهم *** صَهَرْتَ فلم يَصْهَرْ كصهرِكَ صاهر([2])

يقال صَهَرْتَه الشَّمْسُ، كأنّها أذابته. يقال ذلك للحِرباء إِذا تلألأ ظَهْرُه من شدّة الحرّ. ويقال إِنّهم يقولون: لأَصْهَرنَّه بيمينٍ مُرَّة. كأنه قال: لأُذِيبَنَّه.

(صهد) الصاد والهاء والدال بناءٌ صحيح يدلُّ على ما يُقارب الباب الذي قبله. يقولون: صَهَدَته الشَّمس مثل صَهَرَتْه الشَّمْس. ثم يقال على الجِوار للسَّرابِ الجاري صَيْهَد. قال الهذلي([3])في صيهد الحَرِّ:

وذكَّرها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو *** عِ من صَيْهدِ الصَّيْفِ بَرْدَ الشَّمالِ([4])

(صهب) الصاد والهاء والباء بناءٌ صحيح، وهو لونٌ من الألوان من ذلك الصُّهْبَة: حُمرةٌ في الشَّعر، يقال رجلٌ أصهب. والصَّهْباء: الخمْر؛ لأنَّ لونَها شبيبهٌ بهذا، والمُصَهَّب من اللحم: ما اختلطت حُمرتُهُ ببياض الشَّحم وهو يابس. وأمَّا الصُّخور فيقال الصَّياهِب، فممكنٌ أن يكون ذلك اللّون، ويمكن أن يكون لشدتها، أو يكون من الصَّيْخَد ويصير من باب الإِبدال. ويقولون لليوم الشَّديد البرد: أصهب، وذلك لما يعلو الأرض من الألوان.

(صهل) الصاد والهاء واللام أصلٌ صحيحٌ، وفروعه قليلة، ولعلّه ليس فيه إلاّ صَهَل الفرس، وفرسٌ صَهَّال.

(صهم) الصاد والهاء والميم أصلٌ صحيح قليل الفروع، لكنَّهم يقولون: الصِّهْميم: السيِّئُ الخُلق من الإِبل، ويشبِّهون به الرَّجُلَ الذي لا يثبت على رأيٍ  واحد. والله أعلم.

ـــــــــــــ

([1]) البيت لزهير في ديوانه 161 واللسان (صهر). وقبله:

فضله فوق أقوام ومجده *** ما لن ينالوا وإن جادوا وإن كرموا

([2]) أنشده في المجمل أيضاً.

([3]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي 79.

([4]) في اللسان (صهر): "فأوردها فيج". وأنشده في (فرع) بروايتنا هذه وقال: "هي فروع الجوزاء بالعين، هو أشد ما يكون من الحر. فإذا جاءت الفروغ بالغين، وهي من نجوم الدلو، كان الزمان حينئذٍ بارداً ولا فيح يومئذٍ".

 

ـ (باب الصاد والواو وما يثلثهما)

(صوي) الصاد والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ وصَلابة ويُبْس. عن ابن دريد([1]): "صَوَى الشَّيء، إذا يَبِس، فهو صاوٍ. ويقال صوِيَ يَصوَى". والصَّوَّانُ: حجارةٌ فيها صلابة. وربَّما استُعِير من هذا وحُمِلَ عليه فقيل صَوَّيْت لإِبلي فَحْلاً، إذا اخترتَه لها. ولا يكون الاختيارُ وحدَه تصويَةً، لكن يُصنَع لذلك حتَّى يقوَى ويصلُب. قال:

* صَوَّى لها ذا كِـَدْنَةٍ جُلْذيَّا([2]) *

وهذا مشتقٌّ من التَّصوية في الشتاء، وذلك أن يُيَبَّس أخلافُ الشَّاة ليكون أسمَنَ لها. يقال صَوَّاها أصحابُها.

ومن الباب الصُّوَى، وهي الأعلام من الحجارة. وقول من قال إنّها مُخْتَلَف الرِّياح فالأعلام لا تكون إلاّ كذا. قال:

* وَهَبَّتْ له ريحٌ بمختلَفِ الصُّوى([3]) *

(صوب) الصاد والواو والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نزولِ شيءٍ واستقرارِهِ قَرَارَه. من ذلك الصَّوَابُ في القول والفعل، كأنَّه أمرٌ نازلٌ مستقِرٌّ قرارَه. وهو خلاف الخطأ. ومنه الصَّوْب، وهو نزول المطر. والنازل صَوبٌ أيضاً. والدّليلُ على صحّة هذا القياس تسميتُهم للصَّواب صَوْباً. قال الشاعر([4]):

ذَرِيني إِنَّما خطئي وصَوبِي *** عليَّ وإِنَّما أَنفقتُ مالِي([5])

ويقال الصَّيِّب السّحاب ذو الصَّوْب. قال الله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة 19]. والصَّوْب: النُّزول. قال:

فَلَسْتَ لأنسيٍّ ولكن لملأَكٍ *** تَنَزَّلَ من جوِّ السَّماءِ يَصوبُ([6])

ويقال للأمر إذا استقرَّ قرارَه على الكلام الجارِي مَجْرى الأمثال: "قد صابت بِقُرّ". قال طرَفة: 

سادراً * أحسَبُ غَيِّي رشَداً *** فتناهيتُ وقد صابَت بِقُرّْ([7])

والتَّصويب:  حَدَب في حَدور، لا يكون إلاَّ كذا. فأمَّا الصُّيَّابة فالخِيار من كلِّ شيء، كأنَّه من الصَّوب، وهو خالصُ ماءِ السَّحاب، فكأنَّها مُشْتقّةٌ من ذلك.

(صوت) الصاد والواو والتاء أصلٌ صحيح، وهو الصَّوت، وهو جنسٌ لكلِّ ما وَقَرَ في أُذنِ السَّامعِ. يقال هذا صوتُ زَيد. ورجل صيِّت، إِذا كان شديدَ الصَّوت؛ وصائتٌ إذا صاحَ. فأمَّا قولهم: [دُعيَ([8]) ] فانصات([9])، فهو من ذلك أيضاً، كأنه صُوِّتَ به فانفَعل من الصَّوت، وذلك إِذا أجاب. والصِّيت: الذِّكر الحسَن في النَّاس. يقال ذهب صِيتُهُ.

(صوح) الصاد والواو والحاء أُصَيْلٌ يدلُّ على انتشارٍ في شيء بعد يُبْس. من ذلك تصوَّحَ البقلُ، وذلك إِذا هاجَ وانتثرَ بعد هَيجه. وصوَّحتْه الرِّيح، إذا أيبسَتْه وشقَّقته ونثَرتْه. قال ذو الرمة:

وصَوّح البَقْلَ نَآّجٌ تجيءُ به *** هَيْفٌ يمانيةٌ في مرّها نَكبُ([10])

ومن الباب أنَّهم يسمُّون عَرَق الخيل الصُّوَاح. فإن كان صحيحاً فلا يكون إلاَّ إذا يَبِس، ويُسمُّونه اليبيس يبيس الماء. قال الشاعر في الصُّواح:

جَلَبْنا الخيل دامِيةً كُلاَها *** يُسَنُّ على سنابكها الصُّواحُ([11])

ثم يقال تصوَّح الشعَر، إذا تشقَّقَ وتناثر.

ومما يجوز أن يُحمَل على هذا القياس الصُّوح: حائط الوادي، وله صُوحانِ. وإِنّما سُمِّيَ صُوحاً لأنَّه طينٌ يتناثر حتّى يصير ذلك كالحائط.

(صور) الصاد والواو والراء كلماتٌ كثيرةٌ متباينة الأصول. وليس هذا الباب ببابِ قياسٍ ولا اشتقاق. وقد مضى فيما كتبناه مثله([12]).

ومما ينقاس منه قولُهم صوِرَ يَصْوَر، إذا مال. وصُرْت الشَّيءَ أُصُورُهُ، وأَصَرْتُه، إِذا أَمَلته إليك. ويجيء قياسُه تَصَوَّر، لِمَا ضُرِب، كأنًّه مال وسَقط. فهذا هو المنقاس، وسِوى ذلك فكلُّ كلمةٍ منفردةٌ بنفسها.

من ذلك الصُّورة صُورة كلِّ مخلوق، والجمع صُوَر، وهي هيئةُ خِلْقته. والله تعالى البارئ المُصَوِّر. ويقال: رجلٌ صَيِّرٌ إذا كان جميل الصورة. ومن ذلك الصَّور: جماعةُ النَّخْل، وهو الحائش. ولا واحدَ للصَّوْر من لفظه. ومن ذلك الصُِّوار، وهو القَطيع من البقر، والجمع صِيران. قال:

فَظَلَّ لصيران الصَّريم غَماغِمٌ *** يُدَاعِسُها بالسَّمْهرِيِّ المعلَّبِ([13])

ومن ذلك الصُِّوار، صُِوار المِسْك، وقال قوم: هو ريحُهُ، وقال قوم: هو وعاؤه. ويُنشِدون بيتاً وأخلِقْ به أن يكون مصنوعاً، والكلمتان صحيحتان:

إِذا لاح الصُِِّوار ذكرتُ ليلَى *** وأذكرُها إِذا نَفَحَ الصِّوارُ([14])

ومن ذلك قولهم: أَجِدُ في رأسي صَوْرة، أي حِكَّة. ومن ذلك شيءٌ حكاه الخليل، قال : عصفور صَوَّار، وهو الذي إِذا دُعِيَ أجابَ. وهذا لا أحسبه عربيَّاً، ويمكن إنْ صحّ أن يكون من الباب الذي ذكرناه أوّلاً؛ لأنه يميل إلى داعِيه. فأمَّا شَعَر النّاصية من الفَرَس فإنه يسمى صَوْراً. وهذا يمكن أن يكون على معنى التشبيه بصَوْر النَّخل، وقد ذُكِرَ. قال:

* كأنَّ عِرقاً مائلاً من صَوْرهِ([15]) *

ويقال: الصَّارَةُ: أرض ذات شَجَر.

(صوع) الصاد والواو والعين أصلٌ صحيح، وله بابان: أحدهما يدلُّ على تفرُّقٍ وتصدُّع، والآخر إناء.

فالأوَّل قولُهم: تصوَّعُوا، إِذا تفرَّقوا. قال ذو الرُّمَّة:

* تظَلُّ بها الآجالُ عَنِّي تَصَوَّعُ([16]) *

ويقال : تصوّع شَعَره، إذا تشقق. كذا قال الخليل. وقال أيضاً: تصوَّعَ النَّبْت: هاج. ويقال انصاع القوم سِراعاً: مَرُّوا.

فأمَّا الإناء فالصَّاع والصُّوَاع، وهو إناءٌ يشرب به. وقد يكون مكيالٌ من المكاييل صاعاً، وهو من ذات الواو، وسمِّيَ صاعاً لأنَّه يدور بالمَكِيل.

ويقال إنَّ الكَمِيَّ يَصُوع بأقرانه صَوْعاً، إِذا أتاهم من نَواحيهم. والرَّجلَ يَصُوع الإبل.

ومن الباب: الصَّاع، وهو بطنٌ من الأرض، في قوله:

* بكَفَّيْ ماقِطٍ في صاعِ([17]) *

ومنه صاعُ جؤجُؤِ* النَّعامة، وهو موضعُ صَدْرِها إِذا وضعَتْهُ بالأرض.

(صوغ) الصاد والواو والغين أصلٌ صحيح، وهو تهيئة على شيءٍ على مثالٍ مستقيم. من ذلك قولهم: صاغ الَحَلْيَ يصوغُهُ صَوغاً. وهما صَوْغان، إِذا كان كلُّ واحدٍ منهما على هيئة الآخَر. ويقال للكذَّابِ: صاغ الكذبَ صَوغاً، إِذا اختلقَه. وعلى هذا تفسير الحديث: "كِذْبة كذَبَتْها الصَّوَّاغُون"، أراد الذين يصُوغُون الأحاديثَ ويَختلقونها.

(صوف) الصاد والواو والفاء أصلٌ واحد صحيح، وهو الصُّوف المعروف. والباب كله يَرجِع إليه. يقال كبش أَصْوَفُ وصَوِفٌ وصائفٌ وصَافٌ، كلُّ هذا أن يكونَ كثيرَ الصُّوف. ويقولون: أخذ بصُوفَةِِ قَفاه، إذا أَخَذَ بالشَّعَر السائِل في نُقْرته. وصُوفةُ: قومٌ كانوا في الجاهليّة، كَانوا يَخْدُمون الكعبة، ويُجِيزون الحاجَّ. وحُكي عن أبي عُبيدةَ أنَّهم أفناء القبائل تجمَّعُوا فتشبَّكُوا كما يتشبَّك الصُّوف. قال:

وَلاَ يَرِيمُون في التَّعريفِ مَوقِفَهم ***  حتَّى يقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانا([18])

فأمَّا قولهم: صاف عن الشَّرِّ([19])، إذا عَدَل، فهو من باب الإبدال، يقال صَابَ([20]) إذا مال. وقد ذُكِر في بابه.

(صول) الصاد والواو واللام أصلٌ صحيحٌ، يدلُّ على قَهْرٍ وعُلُوّ. يقال: صال عليه يَصُول صَولةً، إذا استطال. وصال العَيْر، إِذا حَمَلَ على العانة يَصُول صَوْلاً وصِيالاً. وحُكِيَ عن أبي زيد شيءٌ إن صحَّ فهو شاذٌّ. قال: المِصْول: هو الذي يُنقَع فيه الحنظلُ لتَذهب مرارتُه.

(صوك) الصاد والواو والكاف كلمةٌ واحدةٌ. يقال لقيتُه أوَّل صَوْكٍ، أي أوّلَ وَهْلة.

(صوم) الصاد والواو والميم أصلٌ يدلُّ على إِمساكٍ وركودٍ في مكان. من ذلك صَوم الصَّائم، هو إمساكُهُ عن مَطعَمه ومَشربه وسائرِ ما مُنِعَهُ. ويكون الإمساك عن الكلام صوماً، قالوا في قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحمنِ صَوْماً} [مريم 26]، إنَّه الإمساكُ عن الكلامِ والصَّمتُ. وأمَّا الرُّكود فيقال للقائم صائم، قال النابغة:

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ *** تحتَ العَجَاجِ وخيلٌ تَعلُك اللُّجُما([21])

والصَّوم: رُكود الرِّيح. والصَّوم: استواء الشَّمس انتصافَ النَّهار، كأنَّها ركدت عند تدويمها([22]). وكذا يقال صامَ النَّهارُ. قال امرؤ القيس:

* إذا صامَ النَّهارُ وهَجَّرَا([23]) *

ومَصَامُ الفَرَسِ: موقِفه، وكذلك مَصَامَتُه. قال الشَّماخ:

* إذا ما استافَ منها مَصَامَةً([24]) *

(صون) الصاد والواو والنون أصلٌ واحدٌ، وهن كَنٌّ وحفْظ. من ذلك صُنتُ الشّيءَ أصونُه صوناً وصِيانة. والصُِّوان: صُِوان الثَّوب، وهو ما يُصان فيه. فأمَّا قولهم للفرس القائم صائن. فلَعلَّه أن يكون من الإِبدال، كأنّه أريد به الصَّائم، ثمّ أبدلت الميم نوناً. قال النابغة:

وما حاولتُما بِقِيادِ خيلِ *** يَصونُ الوَردُ فيها والكُميتُ([25])

وممّا شذَّ عن الباب الصَّوَّان، وهي ضربٌ من الحجارة، الواحدةُ صَوَّانة.

ــــــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 91).

([2]) الكدنة، بضم الكاف وكسرها. والبيت للفقعسي، كما في اللسان (صوي). وأنشده في (جلذ)، بدون  نسبة.

([3]) لامرئ القيس. وعجزه في الديوان 54 واللسان (صوي):

* صبا وشمال في منازل قفال  *.

([4]) هو أوس بن غلفاء، كما في اللسان (صوب).

([5]) كذا ورد إنشاده. وصوابه: "وإن ما أهلكت  مال"، بالقافية المرفوعة الروي. وقبله كما في اللسان:

ألا قالت أمامة  يوم غول *** تقطع بابن غلفاء الحبال

([6]) قال ابن بري: "البيت لرجل من عبد القيس يمدح النعمان. وقيل هو لأبي وجزة يمدح عبد الله بن الزبير، وقيل هو لعلقمة بن عبدة".

([7]) ديوان طرفة 75.

([8]) التكملة من المجمل.

([9]) في الأصل: "وانصاتا"، صوابه من المجمل.

([10]) ديوان ذي الرمة 11 واللسان (صوح).

([11]) أنشده في اللسان (صوح) بدون نسبة.

([12]) أي في تباين أصوله.

([13]) البيت لامرئ القيس في ديوانه 87 واللسان (علب) بدون نسبة.

([14]) وكذا أنشده في المجمل واللسان بدون نسبة.

([15]) في اللسان (صور):

كأن جذعاً خارجاً من صوره *** ما بين أذنيه إلى سنوره

([16]) صدره في الديوان 346:  *عسفت اعتساف الصدع كل مهيبة*

وفي اللسان (صوع): *عسفت اعتسافاً دونها كل مجهل *.

([17]) البيت للمسيب بن علس من قصيدة في المفضليات: (1: 60). وهو بتمامه:

مرحت يداها للنجاء كأنما  *** تكرو بكفي لاعب في صاع

([18]) البيت لأوس بن مغراء السعدي، كما في اللسان (صوف).

([19]) في الأصل: "الشعر"، وفي اللسان:"صاف عني شر فلان، وأصاف الله عني شره".

([20]) في الأصل: "صاف".

([21]) البيت في اللسان (صوم) وليس في قصيدته التي على هذا الروي في ديوانه 65 . وسيأتي في (علك).

([22]) في الأصل: "نديمها"، تحريف. وتدويمها: دورانها.

([23]) قطعة من بيت لامرئ القيس في ديوانه 97  واللسان (صوم). وهو بتمامه:

فدعها وسل الهم عنك بجسرة *** ذمول إذا صام النهار وهجرا

([24]) قطعة من بيت للشماخ في ديوانه 67. وهو بتمامه.

كروف إذا ما استاف منها مصامة  *** له من ثرى أبوالهن نشوق.

([25]) البيت في اللسان (صون)، وليس في ديوان النابغة.

 

 

ـ (باب الصاد والياء وما يثلثهما)

(صيأ) الصاد والياء والهمزة. يقال صيَّأت رأسي تصييئاً، إِذا بَلَلْتَه.

(صيح) الصاد والياء والحاء أصلٌ صحيح، وهو الصَّوت العالي. منه الصِّياح، والواحدة منه صَيْحة. يقال: لقيتُ فلاناً قبلَ كلِّ صَيْحٍ ونَفْر. فالصَّيْح: الصِّياح. والنَّفْر: التفرُّق. وممّا يُستعار من هذا قولهم: صاحت الشَّجرةُ، وصاحَ النَّبْت، إذا طال، كأنَّه لمَّا طالَ وارتفعَ جُعِلَ طولُهُ كالصِّياح الذي يدلُّ على الصَّائح. وأمَّا التصيُّح، وهو تشقُّق الخشَب، فالأصل فيه الواو، وهو التصوُّح، وقد مضى. ومنه انصاحَ البَرق انصياحاً، إذا تصدَّعَ وانشقَّ. قال:

* مِنْ بَينِ مُرتَتِقٍ منها ومُنصاحِ([1]) *

(صيخ) الصاد والياء والخاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال أصاخَ يُصيخ، إذا استمع. قال:

* إصاخةَ النَّاشد للمُنْشِد([2]) *

(صيد) الصاد والياء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على معنىً واحد، وهو ركوبُ الشَّيء رأسَه ومُضِيُّه غيرَ ملتفتٍ ولا مائل.  من ذلك الصَّيَدُ، وهو أن يكون الإنسانُ ناظراً أمامَه. قال أهلُ اللُّغة: الأَصْيَد: المَلِك، وجمعه الصِّيد. قالوا: وسمِّيَ بذلك لقلَّة التفاتِه. ومن الناس مَنْ يكونُ أصيَدَ خِلقةً. واشتقاق الصَّيْد من هذا، وذلك أنَّه يمرُّ مرَّاً لا يعرِّج، فإذا أُخِذَ قيل قد صِيد. فاشتُقَّ ذلك من اسمه. كما يقال رأَسْت الرّجُلَ، إِذا ضَربتَ رأسَه؛ وبطَنْتُهُ، إذا ضربتَ بطنَه. كذلك إذا وقَعْتَ بالصَّيد فأخذتَه قلتَ صِدتُه. وممّا يدلُّ على صِحّة هذا القياس قولُ ابن السّكّيت إن الصَّيْدانةَ من النِّساء: السيِّئة الخُلُق. وسمِّيت بذلك لقلّة التفاتِها. ومن الباب: الصَّيدانة: الغُول.

(صير) الصاد والياء والراء أصلٌ صحيح، وهو المآلُ والمرجِع. من ذلك صار يصير صَيْراً وصَيرورة. ويقال: أنا على صِيرِ أمرٍ، أي إشرافٍ من قضائه، وذلك هو الذي يُصار إليه. فأمَّا قولُ زهير:

وقد كنت من سَلْمَى سنينَ ثمانياً *** على صِيرِ أمرٍ ما يُمِرُّ وما يَحلُو([3])

فإنّ صِير الأمر مَصِيرُهُ وعاقبتُهُ. والصِّير([4]) كالحظائر يُتخذ للبقر، والواحدة صيرة، وسمِّيت بذلك لأنَّها تصير إليه. وصَيُّور الأمرِ: آخِره، وسمِّيَ بذلك لأنّه يُصار إليه. ويقال: لا رأْيَ لفلانٍ ولا صَيُّورَ، أي لا شيء يَصِيرُ إليه من حزمٍ ولا غيرِهِ. وتصَّيرَ فلانٌ أباه: إِذا نَزَعَ إليه في الشَّبه. وسمِّي كذا كأنه صار إلى أبيه.

ومما شذَّ عن الباب الصِّير، وهو الشَّقّ. وفي الحديث: "مَنْ نَظَرَ في صِيرِ بابٍ بغير إذْنٍ فعينُهُ هَدَر". فأمَّا الصِّير، وهو شيءٌ يقال لـه الصِّحْناة، فلا أحسبه عربيّاً، ولا أحسب العربَ عرفَتْهُ. وقد ذكرهُ أهلُ اللُّغة، ولا معنى له.

(صيف) الصاد والياء والفاء أصلان: أحدهما يدلُّ على زمانٍ، والآخر يدلُّ على مَيْلٍ وعُدول.

فالأوَّل الصَّيف، وهو الزَّمانُ بعد الرَّبيع الآخِر. ويقال للمطر الذي يأتي فيه: الصَّيِّف. وهذا يومٌ صائف، وليلةٌ صائفة. وعاملته مُصايفةً، أي زمانَ الصَّيف، كما يقال مُشَاهَرَة. والصَّيفيُّون: أولاد الرَّجُل بعد كِبَرهِ. وَوَلَدُ فلانٍ صيفيُّون. قال:

إنَّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صيفيُّونْ *** أَفْلَحَ مَنْ كان لـه رِبْعيُّونْ([5])

وأمَّا الآخَر فصاف عن الشيء، إذا عَدَلَ عنه. [وَصَافَ السَّهْمُ عن الهدفِ([6])] يَصِيفُ صَيْفاً، إذا مال، قال أبو زُبَيْد:

كلَّ يومٍ ترميه منها برِشْقٍ *** فمصيبٌ أو صَافَ غيرَ بعيدِ([7])

فأمَّا صائف، في قول أوس:

* تَنَكَّرَ بَعدي من أُمَيْمَةَ صائفُ([8]) *

فاسمُ موضع.

(صيق) الصاد والياء والقاف. يقال فيه إنَّ الصَّيْق الغُبار، وقد فتح رؤبةُ ياءَه فقال: "الصَّيَقْ([9])". ويقال إنَّ الصِّيق الرِّيحُ المنتنة من الدَّوابّ.

(صيك) الصاد والياء والكاف، يقال صاكَ يَصِيكُ، إِذا لَزِمَ ولصِق. قال الأعشى:

ومثلك مُعْجَبَة بالشَّبا *** ب صاكَ العبيرُ بأجسادِها([10])

وقال الخليل: أراد صَئِكَ فليَّن الهمزة. ويقال صَئِكَ الدّمُ، إِذا جَمَد.

واعلم أنَّ الألِف في هذا الباب مُبدَلةٌ؛ فالصَّاب : شجر مُرٌّ، محتملٌ أن يكون من الواو. قال:

إنِّي أَرِقْتُ فَبِتُّ اللَّيْلَ مرتفقاً *** كَأَنّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ([11])

والصَّادُ : قدور النُّحاس، والألف مُبدَلة. قال حسان:

*رأيتَ قُدُورَ الصَّادِ حولَ بُيُوتِنا ([12]) *

ــــــــــــــــــ

([1]) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 77 واللسان (صيح). وصدره:

* وأمست الأرض والقيعان مثرية *.

([2]) للمثقب العبدي، كما في البيان والتبيين (2: 288)، وحواشي الجمهرة (2: 270). وصدره:  * يصيخ للنبأة أسماعه *

([3]) ديوان زهير 96، واللسان (صير).

([4]) يقال صير، بالكسر، وبكسر ففتح.

([5]) الرجز لأكثم بن صيفي، أو سعد بن مالك بن ضبيعة. اللسان (صيف).

([6]) التكملة من المجمل.

([7]) سبق البيت وتخريجه في (رشق).

([8])  مطلع قصيدة له في ديوانه 14. وعجزه: *فبون فأعلى تولب فالمخالف*.

([9]) يعني قوله في ديوانه 106 واللسان (صيق): * يتركن ترب الأرض مجنون الصيق *.

([10]) وكذا في المجمل مادة (صاك). وفي مادة (صيك) "بأجلادها"، كما جاء في اللسان (صيك). ورواية الديوان 51 تطابق رواية المقاييس.

([11]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 104 واللسان (صوب، ذبح، شجر)، وقد سبق في (شجر).

([12]) عجزه في الديوان 370 واللسان (صيد):

* قنابل سحما في المحلة صيما *.

 

ـ (باب الصاد والباء وما يثلثهما)

(صبح) الصاد والباء والحاء أصلٌ واحدٌ مطّرد. وهو لونٌ من الألوان قالوا أصله الحُمْرة. قالوا: وسمِّيَ الصُّبْحُ صُبْحاً لحُمْرَته، كما سمِّيَ المِصْباح مِصباحاً لحُمْرَته. قالوا: ولذلك يقال وجهٌ صَبيحٌ. والصَّباح: نُورُ النَّهارِ. وهذا هو الأصل ثمُ يُفَرَّع. فقالوا: لِشُرْب الغَداة الصَّبوح، وقد اصطَبَحَ، وتلك هي الجاشِرِيَّة. قال:

إِذا ما اصطبحنا الجاشريّة لم نُبَلْ *** أميراً وإن كان* الأميرُ من الأَزْدِ([1])

ويقال: "أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان"، يعنون الأسير المصطَبِح، وأصله أنَّ قوماً أسرُوا رجلاً فسألوه عن حَيِّه فكَذَبَهُمْ وأومَأَ إلى شُقَّةٍ بعيدة، فطعنوهُ فسَبقَ اللّبَنُ الذي كان اصطبحه الدّمَ، فقالوا: "أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان". والمِصباح: الناقة تَبْرُك في معرَّسِها فلا تَنْبَعِثُ حتى تُصْبِح. والتَّصَبُّح: النَّوْم بالغداة. ويوم الصَّباح: يوم الغَارة. قال الأعشى:

به تَرْعُفُ الألفَ إِذ أُرْسِلَتْ  *** غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذا النَّقْعُ ثارا([2])

ويقال أتيتهُ أصبوحةَ كلِّ يومٍ، ولقيتُهُ ذا صَبوح. والمصابيح: الأقداح التي يُصطَبَح بها. ويقال أتانا لصُبْح خامسةٍ وصِبْحِ خامسة.

ومن الكلمة الأولى: الصَّبَح: شدَّة حُمرةٍ في الشعَر؛ يقال أسدٌ أصبَحُ.

(صبر) الصاد والباء والراء أصولٌ ثلاثة، الأول الحَبْس، والثاني أعالي الشيء، والثالث جنسٌ من الحجارة.

فالأول: الصَّبْر، وهو الحَبْس. يقال صَبَرْتُ نفسي على ذلك الأمر، أي حَبَسْتُها. قال:

فَصَبَرْتُ عارفةً لذلك حُرَّةً *** ترسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ([3])

والمصبورة([4]) المحبوسة على الموت. ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل شيءٍ من الدوابّ صَبْراً.

ومن الباب: الصَّبِير، هو الكَفِيل، وإنِّما سمِّي بذلك لأنَّهُ يَصبر على الغرم. يقال صَبَرْتُ نفسي به أَصبُر صَبْراً، إذا كَفَلْتَ([5]) به، فأنا به صبير. وصبرتُ الإنسانَ، إذا حلَّفْتُهُ بالله جَهْدَ القَسَم.

وأمَّا الثاني فقالوا: صُبْر كلِّ شيءٍ: أعلاه. قالوا: وأصبار الإناء: نواحيه، والواحد صُبْر. وقال:

* فملأتها عَلَقاً إلى أصبارِهَا *

وأمَّا الأصل الثالث فالصُّبْرة من الحجارة: ما اشتدَّ وغلُظ، والجمع صِبَارٌ، وفي كتاب ابن دريد([6]): "الصُّبَّارة: قطعةٌ من حديدٍ أو حجر" في قول الأعشى([7]):

منْ مَبْلغ عَمْرَاً بأنَّ المرءَ لم يخْلَق صُبَارَه.

قال ابنُ دُريد: وروى البغداديُّون: "صَبارهْ"، وما أدري ما أرادوا بهذا. قلنا: والذي أراده البغداديُّون ما رُوِيَ أنَّ الصِّبَار ما اشتدَّ وغلُظ. وهو في قول الأعشى:

* قُبيلَ الصُّبح أصواتُ الصِّبَارِ([8]) *

فالذي أراده البغداديون هذا، وتكون الهاء داخلةً عليه للجمع.

قال أبو عُبيد: الصُّبْـرُ: الأرض التي فيها حصباءُ وليست بغليظة، ومنه قيل للحرّة: أمُّ صَبَّار.

ومما حُمِلَ على هذا قول العرب: وقعَ القومُ في أمّ صَبُّور، إذا وقعوا في أمر عظيم.

(صبع) الصاد والباء والعين أصل واحد، ثم يستعار، فالأصل إصبع الإنسان، واحدةُ أصابعه. قالوا: هي مؤنّثة.وقالوا: قد يذكَّر. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "هل أنت إلاّ إصبعٌ دميتِ، وفي سبيل الله ما لقيتِ([9])" هكذا على التأنيث . ويقال: صَبَعَ فلان بفلانٍ، إذا أشار نحوه بإصبعه، مُغتاباً له.

والإصبع: الأثر الحسَن، وهذا مستعارٌ. ومثلٌ يقال: لفلانٍ في ماله إِصبَع، أي أثَرٌ جميل. ويقال للرَّاعي الحسنِ الرِّعْيَة للإِبل، الجميلِ الأَثَر فيها: إن له عليها إصبعاً. قال الرَّاعي يَصِفُ راعياً:

ضعيف العَصَا بادِي العُروقِ ترى لـه ** عليها إِذا ما أجدَبَ النَّاسُ إِصبعا([10])

والصَّبْع: إِراقتُك ما في الإناء من بين إصبعَيك.

(صبغ) الصاد والباء والغين، أصلٌ واحدٌ، وهو تلوين الشَّيء بلونٍ ما. تقول: صبغته أصبغه([11]). ويُقال للرُّطَبة: قد صَبَّغَتْ. فأمَّا قولُه تعالى: صِبْغَةَ الله[البقرة 138] فقال قوم: هي فِطرتُهُ لخلْقِهِ. وقال آخرون: كلُّ ما تُقُرِّب به إلى الله تعالى صِبغة. والأصبغ: الفرس في طرف ذَنَبِه بياض. وذلك دون الأشكل([12])، والأوَّل مشبَّه بالشيء يُصْبَغ طرَفُهُ.

(صبي) الصاد والباء والحرف المعتلّ ثلاثةُ أصولٍ صحيحة: الأول يدلُّ على صغر السّنّ،  والثاني ريحٌ من الرياح، والثالث [الإِمالة([13])].

فالأوّل واحد الصِّبْيةَ والصِّبيان. ورأيته في صباه، أي صغره. والمصْبي: الكثير الصِّبيان. والصَّباء، ممدود الصِّبا، ويمدُّ مع الفتح([14]). أنشد أبو عمرو:

أصبحتُ لا يَحمِلُ بعضي بعضَا *** كأنما كانَ صَبَائي قَرْضَا([15])

ومن الباب: صبا إلى الشّيء يصبُو؛ إذا مال قلبُهُ إليه. والاشتقاق واحد، والاسم الصَّبْوة. وقال العجَّاج في الصِّبا:

* وإنما يأتي الصِّبا الصَّبيُّ([16]) *

والثاني: ريح الصَّبَا، وهيَ التي تستقبل القبلة. يقال صبَتْ تصبُو.

الثالث: قول العرب: صَابيْتُ الرُّمح([17]).

فأمَّا المهموز فهو يدلُّ على خروجٍ وبروز. يقال صبأٍ من دينٍ إلى دين، أي خرج. وهو قولهم: صبأ نابُ البعير، إذا طلعَ. والخارجُ من دينٍ إلى دين صابئٍ، والجمع صابئون وصُبَّاءٌ.

ــــــــــــــــ

([1]) للفرزدق في اللسان (جشر). وليس في ديوانه.

([2]) ديوان الأعشى 40. وقد سبق مع تخريجه في (رعف).

([3]) البيت لعنترة في ديوانه 158 واللسان (صبر).

([4]) في الأصل: "والصبورة"، صوابه في المجمل واللسان.

([5]) في الأصل: " كلفت به"، صوابه في المجمل. وأول العبارة في المجمل: "صبرت بفلان أصبر به صبرا".

([6]) في الجمهرة (1: 260).

([7]) الذي في الجمهرة أنه عمرو بن ملقط الطائي. وكذا صحح نسبة الشعر ابن بري، كما في اللسان. وانظر ديوان الأعشى 111 حيث قصيدة البيت  ولم يرو فيها.

([8]) صدره كما في ديوان الأعشى 244 واللسان (صبر):

* كأن ترنم الهاجات فيها *

([9]) هذا من الحديث الذي وافق وزن الشعر، وليس به.

([10]) أنشده في اللسان (صبع) وقال: "أي حاذق الرعية لا يضرب ضرباً شديداً".

([11]) في الأصل: "يقول لصبغه". ومُضارعه يقال بفتح الباء وكسرها وضمها.

([12]) الأشعل، بالعين المهملة. وفي الأصل: "الأشغل"، تحريف.

([13]) هذه الكلمة مبيض لها في الأصل. والكلام بعد يقتضيها أو يقتضي شبيهها.

([14]) أي إذا مد كان مفتوح الصاد.

([15]) أنشده في المجمل أيضاً، وقال: "وهذا لو قصر لم يضر".

([16]) ديوان العجاج 66. وأنشده في اللسان (19: 173) بدون نسبة.

([17]) فسره في المجمل بقوله: "هيأته للطعن". وفي اللسان: "أملته للطعن".

 

ـ (باب الصاد والتاء وما يثلثهما)

(صتع) الصاد والتاء والعين كلمتان: إحداهما مُخْتلفٌ في تأويلها، والأخرى تردُّدٌ في الشَّيء.‏

قال ابن دريد: "الصَّتَع، أصل بناء الصُّنْتع(1)". ثم اختلف قولُهُ وقولُ الخليل: الصَّـتَع: الشَّابّ الغليظ. وأنشد:‏

* وما وِصال الصَّتَع القُمدِّ(2) *‏

وقال ابن دريد: الصُّنْتع الظَّليم الصّغير الرأس.‏

والكلمة الأخرى: التَّصَتُّع: التردّد في الأمر مجيئاً وذهاباً.‏

(صتم) الصاد والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تمام وقوة. قال ابن دريد(3): الصَّيْتَمة(4): الصَّخَرة. قال: وأَعطيتُهُ ألفاً صَتْماً. وأمَّا الصَّتَم فالشَّاب القويُّ الخَلْق.‏

ـــــــــــــــ

(1) بعده في الجمهرة (2: 18): "النون زائدة. ظليم صنتع: صغير الرأس دقيق العنق".‏

(2) قبله في اللسان (صتع):‏

يا ابنة عمرو قد منحت ودي *** والحبل مالم تقطعي فمدي‏

(3) الجمهرة (2: 19).‏

(4) وكذا في المجمل. وفي اللسان والجمهرة والقاموس: "الصتيمة".‏

 

ـ (باب الصاد والحاء وما يثلثهما)

(صحر) الصاد والحاء والراء أصلان: أحدهما البَرَاز من الأرض، والآخر لونٌ من الألوان.

فالأوَّل الصحراء: الفضاء من الأرض. ويقال أصحر القَوْمُ، إذا بَرَزُوا. ومن الباب قولُهُم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ([1])، إذا لم يكن بينك وبينه سِتْر. والصُّحْرة: الصَّحراء في قول أبي ذؤيب:

سَبيٌّ مِن يَرَاعَتِهِ  نفاه *** أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ([2])

والأصل الآخر: الصُّحْرة، وهو لونٌ أبيضُ مُشربٌ حمرةً. وأتانٌ صحراءُ: في لونها صُحْرة، وهي كُهبةٌ في بياضٍ وسواد. ويقال: اصحارَّ النّبتُ، إذا هَاج؛ وذلك أنَّ لونَهُ يتغيَّر ويختلط.

(صحف) الصاد والحاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انبساطٍ في شيءٍ وسَعَةٍ. يقال إنَّ الصَّحِيفَ: وجهُ الأرضِ. والصَّحِيفة: بَشَرَةُ وجهِ الرجل. قال البَعِيث:

وكلُّ كُلَيْبيٍّ صحيفةُ وجْهِهِ *** أذَل لأقدامِ الرِّجال مِن النَّعلِ

ومن الباب الصَّحيفة، وهي التي يُكتَب فيها، والجمع صحائف، والصُّحفُ أيضاً، كأنَّه جمع صحيف. قال:

لما رأَوْا غُدوَةً جَبَاهَهُمُ *** حنّتْ إلينا الأرحام والصُّحُفُ

والصَّحْفَة: القَصْعة المُسْلنطِحَة. وقال الشَّيبانيّ: الصِّحاف مَناقِعُ صغارٌ تُتَّخَذ للماء، الجمع صُحُف.

(صحل) الصاد والحاء واللام كلمة، وهي بَحَحٌ في الصَّوت. يقال  للأَبحِّ الأصحل، والمصدر الصَّحَل، وهو صَحِلٌ، قال الأعشى:

* صَحِل الصوت أَبَحّ([3]) *

(صحم) الصاد والحاء والميم أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ. فالأَصْحَم: الأغبر إلى السَّواد. وبلدةٌ صَحْمَاءُ: مُغْبَرَّة. واصحامَّت البَقْلة: اخضارَّت. وإنَّما قيل لها ذاك لأنَّها إذا رَوِيت فكأنها سوداء. ولذلك يقال: إدْهامَّتْ.

(صحن) الصاد والحاء والنون أُصَيلٌ يدلُّ على اتّساعٍ في شيء. من ذلك الصَّحْن: وَسْطُ الدَّارِ. ويقولون: جَوْبَة تنجاب في الحَرَّة. وبذلك شُبِّه العُسُّ العظيم فقيل له صَحْن.

ومما شَذَّ عن الباب قولهم: صَحَنْتُ بينَ القومِ، إذا أصلحتَ بينهم. وربَّما قالوا صحنتُهُ شيئاً، إذا أعطيتَهُ. ويقولون: صَحَنَه صَحَناتٍ، أي ضَرَبَه. ضَرَباتٍ. وناقةٌ صَحُونٌ، أي رَمُوح.

(صحو) الصاد والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على انكشاف شيءٍ. من ذلك الصَّحْو: خِلاف السُّكْر. يقال صحا يصحو السَّكْرانُ فهو صاحٍ. ومن الباب: أَصْحَت السَّماءُ فهي مُصْحِيَة. وروي عن أبي حاتم قال: العامّة تظنُّ أنَّ الصَّحو لا يكون إلاَّ ذهابَ الغَيم، وليس كذلك، إنَّما *الصحو ذَهاب البَرْدِ، وتفرُّقُ الغَيم.

ومما شذَّ عن هذا الأصل المِصحاةُ، كالجام يُشرَبُ فيه.

(صحب) الصاد والحاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مقارَنة([4]) شيءٍ ومقاربته. من ذلك الصَّاحب والجمع الصَّحْب، كما يقال راكبٌ ورَكْبٌ. ومن الباب: أصحب فلانٌ، إِذا انقاد. وأَصْحَبَ الرَّجُل، إذا بلغَ ابنُهُ. وكلُّ شيءٍ لاءم شيئاً فقد استصحبه. ويقال للأديم إِذا تُرِكَ عليه شَعَرُه مُصْحَبٌ. ويقال أَصحبَ الماءُ، إذا علاهُ الطُّحْلَب.

ـــــــــــــــــــ

([1]) صحرة بحرة بالتركيب، كما ضبط في المجمل. وقال في اللسان: "وهي غير مجراة.  وقيل لم يجريا لأنهما اسمان جعلا اسماً واحداً". ويقال أيضاً بالتنوين فيهما، كما في اللسان والقاموس. وبضم أولهما أيضاً في لغة.

([2]) ديوان أبي ذؤيب 92 واللسان (صحر).

([3]) البيت من قصيدة للأعشى في ديوانه 159. وهو بتمامه:

فتراه زيما من خلفها  *** ذا رنين صحل الصوت أيح

([4]) في الأصل: "مقاربة" فيكون ما بعده تكراراً.

 

ـ (باب الصاد والخاء وما يثلثهما)

(صخد) الصاد والخاء والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ في حَرٍّ وغيره. فالصَّيْخَد: شدّة الحَرّ. ويقال الصَّيخَد: عين الشَّمْس. واصطَخَدَ الحِرْباءُ: تَصَلَّى بحرِّ الشَّمْسِ. ويومٌ صَخَدان، على فَعَلان(1): شديد الحَرِّ. ويقال: صَخَد النهار يَصْخَد من شدّة الحرّ، وصَخِدَ يَصْخَد(2). والصَّخْرة الصَّيخود: الشَّديدة.‏

ومما يقارب هذا في باب الشِّدّة قولهم: صَخَد الصُّرَد، إِذا صاح صِياحاً شديداً. وكذلك صَخَد الرَّجُل.‏

(صخر) الصاد والخاء والراء كلمةٌ صحيحة، وهي الصَّخْرَة: الحَجَرةُ العظيمة. ويقال صَخْرَةٌ وصَخَرَة.‏

(صخب) الصاد والخاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صوتٍ عالٍ. من ذلك الصَّخَب: الصَّوْتُ والجَلَبَة. وقال بعضُهم: رجلٌ صَخْبَانُ: كثير الصَّخْب. وماءٌ صَخِبُ الآذِيِّ(3)، إِذا كانَ له صوت.‏

(صخم) الصاد والخاء والميم كلمة. يقال: للمنتصب مُصْطَخِم.‏

(صخي) الصاد والخاء والياء كلمة، يقال: صَخِيَ الثَّوبُ يَصْخَى؛ وهو وَسَخٌ ودَرَنٌ، فهو صَخٍ. والاسم الصَّخَى.‏

ــــــــــــــــــ

(1) كذا ضبطت الكلمتان في المجمل. وأجازوا إسكان الخاء عن ثعلب.‏

(2) في الأصل: "وصخد يصخِد يصخَد"، بضبط المضارع الأول بكسر الخاء والثاني بفتحها. وأرى فيه تحريفاً وتكراراً.‏

(3) في الأصل: "وما صخب الأذى".‏

 

ـ (باب الصاد والدال وما يثلثهما)

(صدر) الصاد والدال والرَّاء أصلان صحيحان، أحدُهما يدلُّ على خلاف الوِرْد، والآخر صَدْر الإنسان وغيره.

فالأوّلُ قولُهم: صَدَرَ عن الماءِ، وصَدَرَ عن البِلاد، إذا كان وَرَدَها ثمَّ شَخَصَ عنها.

وقال الأَحْمَر([1]): يقال صَدَرْتُ عن البِلادِ صَدَراً، وهو الاسم، فإن أردْتَ المصدر جزمت الدَّال. وأنشد:

وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحُ موعدَها *** صَدْرَ المطيَّة حتَّى تعرِفَ السَّدَفا([2])

صَدْر المطية مصدر.

وأمَّا الآخر فالصَّدر للإنسان، والجمع صُدور، قال الله تعالى: {ولَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدور} [الحج 46]، ثم يشتقُّ منه. فالصِّدار: ثوبٌ يُغطِّي الرَّأس والصَّدْر. والصِّدَار: سِمةٌ على صدر البعير. والتَّصدير: حبل يُصدَّر به البعير لئلاَّ يُرَدَّ حِمْلُهُ إلى خَلْفه. والمُصَّدر: الأَسَد، سُمِّيَ بذلك لقوّة صَدْرِهِ. والمصدور: الذي يشتكى صَدْرَهُ.

(صدع) الصاد والدال والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انفراجٍ في الشيء. يقال صَدَعْتُهُ فانصدَعَ وتصدَّعَ. وصَدَعْتُ الفلاةَ: قطعتُها. ودليلٌ هادٍ مِصدَع. والصَّدْع: النَّبات؛ لأنه يَصدَع الأرض، [في] قوله تعالى: {وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}  [الطارق 12].

ومن الباب: صَدَع بالحقِّ، إِذا تكلَّمَ به جهاراً. قال سُبحانَهُ لنبيِّه عليه السلام: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر 94]. ويقال تصدَّعَ القَوْمُ، إِذا تفرّقُوا. والصِّدْعَة من الإِبل: قِطعةٌ كالسِّتِّين ونحوِها، كأنَّها انصدعت عن العسكَر العظيم.

ومما شذَّ عن الباب: الصَّدَع، الفتِيُّ من الأوعال.

(صدغ) الصاد والدال والغين أصلان ، أحدهما عضوٌ من الأعضاء، والآخَر يدلُّ على ضَعْف.

فالأوّل الصُّدْغ، وهو ما بين خَطِّ العين إلى أصلِ الأُذُن. يقال صَدَغْت الرّجل، إذا حاذيتَ صُدْغَه بِصُدْغِكَ في المشي. والصِّداغ: سِمَة في الصُّدْغ.

والأصل الآخَر الصَّدِيغ: الرجل الضَّعيف. يقال ما يَصْدَغ نملةً من ضَعْف([3])، أي ما يقتُل. ويقال إنَّ الصَّديغ الولدُ إلى أن يستكملَ سبعةَ أيام([4]).

ومما شذَّ عن البابين قولُهم: صدغتُهُ  عن الشيء، أي كففتُهُ عنه.

(صدف) الصاد والدال والفاء أصلان: [الأوَّل] يدلُّ على المَيْلِ، والثاني عَرَضٌ من الأعراض.

فالأوَّلُ قولهم: صَدَفَ عن الشيء، إِذا مال* عنه وولى ذاهباً. قال الله تعالى: {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفونَ عَنْ آياتِنَا} [الأنعام 158]. والصَّدَف من البعير: أَنْ يميل خُفُّهُ من اليد أو الرِّجْل إلى الجانب الوَحْشيّ([5])؛ وقد صَدِفَ. ويقال للإِبلِ التي تقف عند أعجاز الإِبل على الحوضِ تنتظر انصرافَ الشّاربةِ لتدخُل: هي الصَّوادِف. قال:

* النّاظراتُ  العُقَبَ الصَّوادفُ([6]) *

والصَّدَف: جانب الجَبَل، وإِنّما سُمِّيَ لميْله إلى إحدى الجِهَتين.

وأمّا الآخر فالصَّدَف المَحَارة، هي معروفة.

(صدق) الصاد والدال والقاف أصلٌ يدلُّ على قوّةٍ في الشيء قولاً وغيرَه. من ذلك الصِّدْق: خلاف الكَذِبَ، سمِّيَ لقوّته في نفسه، ولأنَّ الكذِبَ لا قُوَّة له، هو باطلٌ. وأصل هذا من قولهم شيءٌ صَدْقٌ، أي صُلْب.  ورُمْح صَدْقٌ. ويقال صَدَقُوهم القِتالَ، وفي خلاف ذلك كَذَبوهم. والصِّدِّيق: الملازم للصِّدْق. والصَّدَاق: صَدَاقَ المرأة، سُمِّيَ بذلك لقوّته وأنَّه حقٌّ يَلزمُ. ويقال صَدَاقٌ وصُدْقة وصَدُقة([7]). قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتهنَّ نِحْلَةً} [النساء 4]. وقرئت: {صدقاتِهِنَّ([8])}. و[من] الباب الصَّدَقة: ما يتصدَّق به المرءُ عن نفسه وماله. وأمَّا المُصَدِّق فخبّرَنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، عن المفسِّر،عن القُتَيْبِيّ قال: ومما يضَعُهُ النّاسُ غير موضعه قولهم: هو يتصدَّق، إِذا أعطى، ويتصدّقُ إِذا سأل. وذلك غلطٌ، لأن المتصدِّق المُعطي. قال الله تعالى في قصّة من قال: {وَتَصَدَّقْ علينا} [يوسف 88]. وحدَّثَنا هذا الشيخ عن المَعْدَانيِّ عن أبيه، عن أبي مُعاذٍ، عن اللَّيْث، عن الخليل قال: المُطْعِم مُتصَدِّق والسَّائلُ متصدِّق. وهما سواء. فأمَّا الذي في القرآن فهو المعطِي. والمُصَدِّق: الذي يأخذ صَدَقات الغنم. ويقال: هو رجلُ صِدقٍ([9]). والصَّدَاقة مشتقّة من الصِّدق في المودّة. ويقال صَدِيق للواحد وللاثنين وللجماعة، وللمرأة. وربما قالوا أصدقاء، وأصادق. قال:

فلا زِلْنَ حَسْرَى ظُلَّعاً لِمْ حَمَلْنَها  *** إلى بلدٍ ناءٍ قليل الأصادقِ([10])

(صدم) الصاد والدال والميم كلمةٌ واحدةٌ، وهي الصَّدْم، وهو ضَرْب الشَّيءِ الصُّلْبِ بمثله.

(صدن) الصاد والدال والنون أصلٌ ضعيف. يقولون: الصَّيْدَن: الثَّعْلَب.

(صدي) الصاد والدال والحرف المعتل فيه كلمٌ متباعدةُ القياس، لا يكاد يلتقي منها كلمتانِ في أصل. فالصَّدَى: الذَّكَرُ من البُومِ، والجمع أصداء. قال:

فليس الناسُ بعدَكَ في نقيرِ *** وما هم غيرَ أصداءٍ وهامِ ([11])

والصَّدَى: الدِّماغُ نفسُه، ويقال بل هو الموضع الذي جُعِلَ فيه السَّمْع من الدِّماغ، ولذلك يقال: أَصَمَّ اللهُ صَدَاهُ. ويقال بل هذا صَدَى الصَّوْت، وهو الذي يُجيبُك إذا صِحْتَ بقُرْبِ جَبَل. وقال يصف داراً:

صَمَّ صداها وعفا رسمُها *** واستعجمَتْ عن منطقِ السَّائِلِ([12])

والصَّدَى: الرَّجُلُ الحَسَنُ القِيام على ماله، يقال هو صَدَى مالٍ. ولا يقال إلاَّ بالإِضافة. والصَّدَى: العَطَش، يقال رجلٌ صَدٍ وصادٍ، وامرأة صادية. وتصدَّى فُلانٌ للشَّيء يستشرفُهُ ناظراً إليه. والتَّصدية: التَّصفيق باليدين. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيْتِ إلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال 35]. فأمَّا الصَّوادي من النَّخْلِ فهي الطِّوال. ويقال: صاديتُ فلاناً، إِذا دارَيْتَه. وصاديت [فلاناً مُصاداةً: عاملتُهُ بمثل صَنيعه([13])].

وإِذا كان بعد الدَّال همزة تغيَّر المعنى، فيكون من الصَّدَأ صدإ الحديد. يقولون: صاغِرٌ صَدِئٌ من صدأ العار([14]).

(صدح) الصاد والدال والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوت. يقال صدح الدِّيك والغُراب. وكان اللِّحياني يقول: إِنَّهُ لَصَيْدَحٌ، أي مرتفع الصَّوت. ويقولون: ـ وليس هو من هذا القِياس: إنَّ الصُّدْحَة خَرَزة يُؤَخَّذُ بِها. ويقال الصَّدَح: الإِكام([15]). والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) هو خلف الأحمر. وفي الأصل: "الآخر"، صوابه في المجمل.

([2]) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (صدر).

([3]) في المجمل: "من ضعفه".

([4]) في اللسان: "سمي بذلك لأنَّه لا يشتد صدغاه إلا إلى سبعة أيام.

([5]) في الأصل: "من جانب الوحشي"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) أنشده في المجمل واللسان، وسيأتي في (عقب). وقبله في تاج العروس:

* لا ريّ حتى تنهل الروادف *.

([7]) كذا ضبطت الكلمتان في الأصل. وزاد في اللسان والقاموس: "صدقة" بالفتح، وبفتحتين وبضمتين. ويقال أيضاً: "صداق" ككتاب.

([8]) لم تضبط أي كلمة منهما في الأصل. وقد قرأ الجمهور: "صدقاتهن" بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة بإسكان الدال وبضم الصاد، وقرأ مجاهد وموسى بن الزبير وابن أبي عبلة وفياض ابن غزوان بضمهما. تفسير ابن حيان (3: 166).

([9]) كذا ضبط في المجمل بالإضافة. ويقال أيضاً: "رجل صدق". بالوصف، مع كسر الصاد وفتحها.

([10]) لم، أي لماذا. وفي الأصل: "لم يحملنها"، صوابه من المخصص (17: 30)، حيث أنشد البيت. وأوله عنده: "فلا زلن دبرى".

([11]) البيت للبيد في ديوانه 135 واللسان (صدى، نقر). في نقير، أي ليسوا بعدك في شيء. وفي الأصل: "من نقر"، صوابه في الديوان واللسان.

([12]) لامرئ القيس في الديوان 148 واللسان (صدي).

([13]) التكملة من المجمل، وقد بيض لها في الأصل.

([14]) في اللسان: "وفلان صاغر صدئ إذا لزمه صدأ العار واللوم".

([15]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "الأزهري: الصدحان آكام صغار صلاب الحجارة واحدها صدح".

 

ـ (باب الصاد* والراء وما يثلثهما)

(صرع) الصاد والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سقوطِ شيءٍ إلى الأرض عن مراس اثنين، ثم يُحمَلُ على ذلك ويشتقُّ منه. من ذلك صَرَعْتُ الرَّجلَ صَرْعَاً، وصارعتُهُ مصارَعة، ورجلٌ صَرِيع. والصَّريع من الأغصانِ: ما تَهدَّلَ وسقط إلى الأرض، والجمع صُرُع. وإذا جُعِلَتْ من ذلك السَّاقط قَوْسٌ فهي صَرِيع.

وأمَّا المحمول على هذا فقولُهم: هما صِرْعان، يقال إنَّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً. وهذا مَثَلٌ وتشبيه. وكذلك مِصْرَاعا البابِ مأخوذانِ من هذا، أي هما متساويان يقعان معاً. والصَّرعانِ: إبلان يختلفان في المشْي، فتذهب هذه وتجيءُ هذه لكثرتها. قال:

فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملةٍ *** أو بائس جاء معناه كمعناه([1])

ومَصَارع النَّاس: مَساقِطُهم. وقال أبو زيد: أتانا صَرْعَي النَّهار، غُدْوةً وعَشيَّة. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه، من أنَّ الصَّـِرعَين المِثلان. والقياس فيه كله واحد.

(صرف) الصاد والراء والفاء معظم بابِهِ يدلُّ على رَجْع الشيء. من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرْفاً وانصرفوا، إذا رَجَعْتَهم فرَجَعوا. والصَّرِيف: اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به. والصَّرْف في القُرْآنِ: التَّوبة([2])؛ لأنَّه يُرجَع به عن رتبة المذنبين. والصَّرْفة: نجم. قال أهلُ اللّغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها. والصَّرْفة: خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذي يريده منها. قال الخليل: الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم في القِيمة. ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شيءٌ صُرِف إلى شيء، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم، أي رُجِع إليها، إِذا أخذتَ بدلَه. قال الخليل: ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيرفيّ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر. قال: وتصريف الدَّراهِم في البِياعات كلِّها: إنفاقُها. قال أبو عُبيدٍ: صَرْف الكلام: تزيينهُ والزِّيادةُ فيه، وإِنَّما سُمِّيَ بذلك لأنَّه إِذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه. ويقال لِحَدَث الدَّهْر صَرْفٌ، والجمع صُروف، وسمِّي بذلك لأنه يتصرَّف بالناس، أي يقلِّبهم ويردِّدهم. فأمّا حِرْمةَ الشَّاءِ والبقَر والكلاب، فيقال لها الصِّرَاف، وهو عندنا من قياس الباب، لأنَّها تَصَرَّف أي تَرَدّدَ وتُراجِع فيه. ومن الباب الصَّريف، وهو صوت نابِ البعيرِ. وسمِّي بذلك لأنَّه يردِّده ويرَجِّعه. فأمَّا قول القائل:

بَنِي غُدَانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً *** ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ([3])

فقال قومٌ: أراد بالصَّريف الفِضّة. فإن كان صحيحاً فسمِّيت صريفاً من قولهم: صَرَفت الدِّينارَ دراهمَ، ليس له وجهٌ غير هذا.

وممّا أحسَِبه شاذّاً عن هذا الأصل: الصَّرَفَانُ، وهو الرَّصاص. والصَّرَفَانُ في قوله:

* أمْ صرفاناً بارداً شديدا([4]) *

مختلفٌ فيه، فقال قوم هو الرَّصاص. وقال آخَرون: الصَّرَفانُ: جنْس من التَّمر. وأنشدوا:

* أَكَلَ الزُّبد بالصَّرَفان([5]) *

قالوا: ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شيءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر. وأنشدوا:

ولما أتتْها العير قالت أباردٌ *** من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ([6])

ومما شذَّ أيضاً الصِّرْف: شيء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم. قال:

كمَيْتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكنْ *** كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديمُ([7])

وعلى هذا يُحمَلُ قولهم: شرِب الشَّرابَ صِرْفَاً، إذا لم يمزُجْه؛ كأنَّهُ تُرِكَ على لونِهِ وحُمْرَتِه.

(صرم) الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيحٌ مطَّرد، وهو القَطْع. من ذلك صُرْم الهِجران. والصَّريمة: العزيمة على الشيء، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقَةٍ دونَه. والصُّرام: آخر اللَّبَن بعد التغزير، إِذا احتاجَ الرّجل إليه حلبَه ضرورةً. قال بشر:

ألاَ أَبْلِغْ بني سعدٍ * رسولاً  *** ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرامُ([8])

وهذا مَثَلٌ، كأنَّه يقول: قد بُلِغَ من الشر آخِرُهُ، وآخر الشيء عند انقطاعه. ويقال: أكل فلانٌ الصَّيْرَم، وهي الوَجْبَة؛ لأنَّه إِذا أكلها قطع سائر يومه. ويقال صَرَمْتُهُ صَرْماً، بالفتح  وهو المصدر، والصُّرْم الاسم. فأمَّا الصَّريم فيقال إنّهُ اسمُ الصُّبْح واسم اللّيل. وكيف كان فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَصْرِمُ صاحبَهُ ويَنصرِم عنه. قال الله تعالى: {فأَصْبَحَتْ كالصَّرِيم}  [القلم 20]. يقول: احترقت فاسوادَّت كاللَّيلِ. فهذا فيمن قاله إنَّه اللّيل. وأمَّا الصُّبح فقال بشر:

فباتَ يقول أَصبِحْ ليلُ حَتَّى *** تَجَلَّى عن صَريمتِهِ الظَّلامُ([9])

والصَّريم: الرَّمل ينقطع عن الجدَدِ والأرض الصُّلْبة. والصِّرام: وقت صَرْم الأعذاق. وقد أَصْرَمَ النَّخْلُ: حان صِرامُهُ. والصِّرْمة: القطيع من الإِبل نحوٌ من الثَّلاثين. والصِّرَم: القِطَع من السَّحاب، واحدتها صِرْمة. قال النابغة:

وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذي أُرُلٍ *** تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما([10])

والصِّرْم: طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء، فهم أهل صرم. والرَّجُل الصَّارم: الماضي في الأمور كالسَّيف الصَّارم. وناقة مصرَّمة، أي يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس، فذلك أقوى لها؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج. ويقال إنَّ التَّصريم يكون بكَيِّ خِلفَينِ. والصَّرماء: الأرض لا ماء بها. ويقال إنَّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها([11]). فأمّا قوله:

ومَوْماةٍ يَحَارُ الطَّرْفُ فيها *** إِذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ([12])

فإنَّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.

(صري) الصاد والراء والحرف المعتل أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع. يُقال: صَرَى الماءَ يصرِيه، إذا جمعه. وماءٌ صَرىً: مجموع. قال:

رأت غلاماً قد صَرَى في فقرتهْ *** ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ([13])

وكأنَّ الصَّرَاةَ([14]) مشتقَّة مأخوذة من هذا. وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاءِ وغيرِها لاجتماعِ اللبن في أخلافها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم. ومَنْ اشترى مصرَّاةً فهو بآخر النَّظَرَين([15])، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر". ويقال صَرَيْت ما بينهم: أصلحته، وذلك هو القِياس؛ لأنه يجمع الكلمةَ المشتَّتَة. وتقول: صَرَيت الرّجُل، إذا منعتهُ ما يريدُه. قال:

* وليسَ صَارِيَهُ عن ذِكْرِها صارِ([16]) *

والقِياس ذلك؛ لأنَّه إذا مُنع الشيءَ فقد حُبِس([17]) دونه وجُمِعَ عنه ويقولون: صراه الله، كما يقولون: وقاه، أي لا نَشرَ أمرَه، بل جَمَعَ مالَه. وصَرَى فلانٌ [في يدِ فلانٍ، إذا بقيَ([18])] في يده رَهْنَاً محبوساً.

وشذَّ عن الباب الصَّرَاية: الحنظل، في قوله:

* أو صَرَايةُ حَنْظَلِ([19]) *

(صرب) الصاد والراء والباء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبله. وزاد الخليل فيه وصفاً آخر، قال: الصرِيب: اللَّبن الذي قد حُقِنَ: والوَطْب مُصرَّب. وقال ابنُ دُريد: كلُّ شيءٍ أملسَ فهو صرَب. وهذا الذي قاله ابنُ دريدٍ أَقْيَس؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمْغ الصرَب، وينشدون:

أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ *** والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ  والصَّربُ([20])

والصَّمغ فيه مَلاسَة. والذي قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبيِّ إذا احتبسَ بَطْنُهُ: صرَب ليَسْمَن، وذلك عند عَقْدِهِ شَحْمه. والصَّرَْب: اللَّبَن الحامض.

(صرح) الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاسٌ، يدلُّ على ظهور الشَّيء وبُروزه. من ذلك  الشَّيء الصريح. والصَّريح: المحض الحسَب، وجمعه صُرَحاء. قال الخليل: ويجمع الخيلُ على الصرائح. وقال: وكلُّ خالصٍ صريح. يقال هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة. وصرَّحَ بما في نفسه: أَظهَرَه. ويقال كأس صراحٌ، إذا لم تُشَبْ بِمزاج. وصرَّحت الخمرُ، إذا ذهب عنها الزَّبد. قال الأعشى:

كُمَيتٌ تكشَّف عن حُمْرَةٍ  *** إذا صَرَّحَتْ بعد إِزْبادِها([21])

ويقال: جاء به صُِرَاحا، أي جِهارا. ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً، أي كِفاحا. ويقال صرَّح الحقُّ عن مَحْضِه، أي انكشف الأمرُ بعد غُيوبهِ. والصَّرْحة: المكان، ويقال بل هو المَتْن من الأرض. ويقال يومُ مُصرِّح، إذا كان لا سحابَ فيه، وهو في شعر الطِّرِمَّاح([22]). والصَّرح: بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلاً في السَّماء. وكلُّ بناءٍ عالٍ فهو صرْح.

(صرخ) الصاد والراء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوتٍ رفيع. من ذلك الصُّراخ، يقال صَرَخ يَصرُخ، وهو إذا صوّت. ويقال الصَّارخ: المستغيث، والصارخ: المغيث، ويقال بل المُغيث مُصرِخ؛ لقوله تعالى في قصة من قال: {ما أَنَا بِمُصرِخِكم وما أنتم بِمُصْرِخِيَّ}[إبراهيم 22].

(صرد) الصاد والراء والدال أصولٌ ثلاثة: أحدها البرد، والآخر الخلوص، والآخر القِلّة.

فالأوَّل: الصَّرْد: البَرْد، ويومٌ صرِدٌ؛ وقد صرِدَ الرَّجُل. ورجلٌ مِصرادٌ: جَزُوعٌ من البَرْد. والاسم الصَّرَد. قال الشاعر:

نِعْمَ شِعارُ الفَتى إِذا بَرَدَ اللَّيـ *** ـلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ([23])

ومن الباب قولهم: صرِدَ القلبُ عن الشيء، إذا انتهى عنه. وذلك أنَّهُ يسلو عنه ويبرد ويَصرَد. والصُّرَّاد: غَيم رقيق.

وأمَّا الخلوص فالصَّرْد: البَحْت الخالص. ويقال كذِبٌ صرْد. وأُحِبُّك حُبّاً صَرْداً. وشرابٌ صرْد: خالص. قال:

فإنَّ النَّبيذ الصردَ إنْ شُرْبَ وحده *** على غير شيءٍ أوجع الكِبْدَ  جُوعُها([24])

ومن الباب: صرَد السَّهْمُ من الرّميَّة، إِذا نفذَ حَدُّه. ونَصْلٌ صارد. وأنا أصردته، وهو الخلوص من الرَّميَّة.

والباب الثالث: التصريد في السّقْي دون الرِّيّ. وشرابٌ مصرّد، أي مقلَّلٌ. وصرَّدَ له العَطاءَ، إذا قلَّلهُ.

ومما شذَّ عن الباب الصُّرَد: طائر. والصُّرَدَانِ: عِرقانِ تحت اللِّسان.

(صرط) الصاد والراء والطاء وهو من باب الإِبدال، وقد ذكر في السين، وهو الطَّرِيق. قال:

أَكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْري *** وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ ([25])

ـــــــــــــــ

([1]) البيت مع قرين له في اللسان (صرع).

([2]) في الآية 19 من سورة الفرقان: { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بما تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً ولا نَصْرا}.

([3]) البيت في اللسان (صرف) والخزانة (2: 124). بدون نسبة فيهما.

([4]) من الرجز المقول على لسان الزباء. اللسان (صرف).

([5]) قطعة من بيت لعمران الكلبي في اللسان (صرف). وهو بتمامه:

أكنتم حسبتم ضربنا وجلادنا *** على الحجر أكل الزبد بالصرفان

([6]) البيت في المجمل واللسان (صرف).

([7])  لسلمة بن الخرشب الأنماري في المفضليات (1: 38). ونسب في اللسان (صرف) إلى الكلحبة اليربوعي.

([8]) المفضليات (2: 135) واللسان (صرم).

([9]) المفضليات (2: 135). واللسان (صرم).

([10])وكذا في ديوانه 66 ومعجم البلدان (أول). وفي اللسان: "ذي أرك"، تحريف.

([11]) في الأصل: "أرضها" وصوابه في المجمل.

([12]) أنشده المحبّي في جنى الجنتين 20.

([13]) للأغلب العجلي. وقد سبق الكلام عليه وعلى تخريجه في (رد 387).

([14]) الصراة: نهران ببغداد، الصراة الكبرى والصراة الصغرى. ياقوت.

([15]) في اللسان: "فهو بخير النظرين".

([16]) لابن مقبل في اللسان (صري). وصدره: *ليس الفؤاد براء أرضها أبداً*.

([17]) في الأصل: "حين".

([18]) التكملة من المجمل.

([19]) لامرئ القيس في معلقته. والبيت بتمامه:

كأن سراته لدى البيت قائماً *** مداك عروس أو صراية حنظل

([20]) أنشده في اللسان (صر) وإصلاح المنطق 45.

([21]) في ديوان الأعشى 52، واللسان (صرح): "كميتاً".

([22]) يعني قوله في ديوانه 85 واللسان (صرح):

إذا امتل يهوي قلت ظل طخاءة *** ذرى الريح  في أعقاب يوم مصرح

([23]) أنشده الكامل في المبرد 137 ليبسك. وبعده:

زينها الله في الفؤادِ كما  *** زين في عين والد ولد.

([24])  في الأصل: "الصردان يشرب وحده"، صوابه في المجمل واللسان (صرد). وشرب، هي شرب، بالبناء للمجهول سكن منه الراء للضرورة كقوله:  * لو عصر منه البان والمسك انعصر *.

([25]) أنشده في المجمل واللسان (صرط).

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)

فالذي جاء منه على القياس، الذي تقدَّم ذكره. [وأمَّا المنحوت] فقولهم (الصَّعْنب) الصَّغير الرّأس، فهذا مما زيدت فيه الباء، وأصله الصاد والعين والنون، وقد قلناه في الصِّعْوَنّ، ومضى تفسيره([1]).

ومن الباب: (اصْمَقَرَّ) اللَّبنُ، إذا اشتدَّتْ حُموضته. وهذا منحوتٌ من كلمتين. من صقر ومقر. أمَّا مقر فهو الحامض، ومن ذلك يقال سمكٌ ممقور. وأما صقر فمن الخُثورة، ولذلك سمِّيَ الدِّبْس صقراً، وقد مرَّ.

ومن ذلك قولهم: بعير (صلخد([2]))، أي صُلْب، فاللام فيه زائدة، وإنّما هو من صَخَدَ والصَّخْرَة الصَّيْخُود، وقد فسرناه.

ومن ذلك: (الصَِّلْقَم)، وهو الشديد العضّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من صَلَقَ ولَقَمَ، كأنّه يجعل الشَّيءَ كاللُّقمة. والصَّلْق من الأنياب الصَّلَقات، وقد مضى.

ومن ذلك: (الصِّرْداح) و(الصَّرْدَح)، وهي الناقةُ الصُّلْبَة. وهذا مما زِيدت فيه الدَّال. وأصله من الصَّرْح، وهو البناء العالي القويّ.

ومن ذلك كلمةٌ ذكرها ابن دريد([3])، وهي في القياس جيّدة صحيحة. قال: "ناقة صَيْلَخود: صُلْبة شديدة"، وقد فسرناها في الصَّلخد.

ومن ذلك (اصمَعَدَّ) الرَّجل: ذهب في الأرض. وهذا مما زيدت فيه الميم، وإِنَّما هو من أَصْعَد في الأرض، وقد فسَّرناه.

ومن ذلك (صَلْفَع) رأسَه، إِذا حلقه. والفاء فيه زائدة، وهو من الصَّلَع. وقال قومٌ: صلفَعَه، إِذا ضرب عنقَه. وهو قريبٌ، إلاَّ أنَّ الأوّل أَقْيَس.

ومن ذلك قول الأحمر: (صَلْمعتُ) الشيء، إذا قلعتَه من أصله. وقال الفرَّاء: صلْمَعَ رأسَه، إِذا حلق شعره. والميم في الكلمتين زائدة. ويقال إن *(الصَّلْمَعة) و(الصَّلْفعة): الإِفلاس. وهو القياس.

ومن ذلك (الصِّمْرِد): النّاقة القليلة اللَّبن، والميم فيه زائدة، وهو من صرد. وقد قلنا إنَّ التَّصريد: التَّقليل.

ومن ذلك (الصُّمَّلِك): الشديد القُوّة، والكاف فيه زائدة، والأصل الصُّمُلّ.

ومن الباب (الصَّهْصَلِق): الشَّديد الصَّوت الصَّخّاب. يقال امرأة صَهْصَلِق: صخّابة. وهذا منحوتٌ من كَلمتين: من صهل وصلق، وقد ذكرناهما. قال ابنُ أحمر:

صَهْصَلِق الصَّوت إذا ما غَدَتْ *** لم يَطْمَع الصَّقرُ  بها المنكدِرْ([4])

ومن ذلك (المصمئِلَّة): الدَّاهية. والأصل صَمَل، وقد مضى ذكره.

ومن ذلك (الصَّفاريت)، وهم الفُقَراء،  الواحد صِفْريت. قال ذو الرُّمّة:

* ولا خُورٍ صَفَارِيتِ([5]) *

والتاء فيه زائدة، وإنَّما هو الصِّفْر، وهو الخالي.

ومن ذلك (الصَّعْنَبة)، أي تَصَوْمُع الثَّريدة. والباء فيه زائدة، وهو من المُصْعَنّ([6]) والصِّعْوَنّ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (الصَّمْعَرةُ([7]))، وهو ما غلُظَ من الأرض. و(الصَّمْعَريّة) من الحيّات. الخبيثة. و(الصَّمعريُّ): اللئيم. وقياس هؤلاء الكلماتِ واحد، وهي منحوتةٌ من صَمَر ومَعَر. أمَّا صمر فاشتدّ. وأمَّا معر فقلّ نبته وخَيره. وقد ذُكِر في بابه.

ومن ذلك (الصِّمْلاَخ): خَرْق الأُذُن، واللام فيه زائدة، وإنّما هو الصِّماخ، وقد ذكرا. ومن ذلك (الصُّمَالخ): اللبن الخاثر المتلبِّد([8]). فهذا من صلخ وصمل. أمّا صمل فاشتدّ، وأمَّا صَلَخَ فمن الصَّمَم. فكأنَّ اللّبَن إِذا خثُر لم يكنْ له عند صبِّه صَوت.

ومن ذلك (الصِّقَعْل)، وهو التَّمر اليابس([9]). وهذا من الصَّقْل. والعين فيه زائدة، وذلك أنَّه إِذا يَبِسَ صار كالشَّيءِ الصَّقِيل([10]).

ومن ذلك (الصِّلْدمَة): الفَرَس الشَّديدة. وهذه من صَلَد وصَدَمَ. أمَّا الصَّلْد فالشَّديد، وهو من الصَّخْرة الصَّلْد. والصَّدْم من صَدْم الشّيء، وقد مرّ ذكره، فأمَّا (الصِّنْتِيت): وهو السيِّد، فمضى ذكرُهُ؛ لأنَّه من باب الإِبدال، وهو الصِّنْديد.

ومن ذلك (الصَّقْعب): الطّويل من الرِّجال. فهذا منحوتٌ من كلمتين من صَقَب وصَعَب. أما الصَّقْب فالطَّويل، والصَّعب من الصُّعوبة.

ومن ذلك (الصَّلْهب): الرَّجُل الطَّويل، فهذا معنيان: الإِبدال والزِّيادة. أمَّا الإِبدال فالصاد بدل السين، وهو السَّلْهَب. وإِذا كانت الهاء زائدة فهو من السَّلِب، وهو الطَّويل.

وأمَّا الذي وُضع وَضْعاً، وهو غيرُ منقاسٍ عندي، (فالصُّنْبُور) النَّخلة تبقى منفردةً ويَدِقُّ أسفلُها. والصُّنْبور: مَثْعَب الحوض. والصُّنبور: الرَّجل الفَرْد الذي لا ولدَ لـه ولا أخ. والصُّنْبور: القَصَبة التي تكون في الإداوة من حديد أو رَصاصٍ يُشرَب بها. وأمَّا (الصِّنَّبْر) وهو البرد الشديد، فالنون والباء فيه زائدتان، وهو من الصِّرّ.

ومما وُضِعَ وضعاً، ولعله أن يكون كالنَّبَز: (الصَّعافقة)، يقال الذين ليست معهم رؤوس أموال، يحضرون الأسواق فإذا اشترى واحدٌ شيئاً دخَلُوا معه فيه.

(تم كتاب الصاد)

ــــــــــــــــــ

([1]) مادة (صعن). ص 286.

([2]) يقال (صَلْخَد) و(صِلَخْد) و(صِلْخَدّ).

([3]) الجمهرة (3: 403).

([4]) في الأصل: "إذا ما عذب * لم يطمع الصفو"، صوابه في المجمل.

([5]) قطعة من بيت لذي الرُّمة في ملحقات ديوانه 663 واللسان (صفر). وهو بتمامه:

بفتية كسيوف الهند لا روع *** من الشباب ولا خور صفاريت.

([6]) في الأصل: "الصعن"، تحريف.

([7]) وكذا في المجمل. ولم تذكر في اللسان. وذكر في القاموس: "الصمعر".

([8]) في الأصل: "المتكبد"، صوابه في اللسان.

([9]) زاد في اللسان: "ينقع في المخض"،  وأنشد: * ترى لهم حول الصقعل عثيره  *.

([10]) في الأصل: "الصفقل".

 


كتاب الضاد:

ـ (باب الضاد في المضاعف [والمطابق])

(ضع) الضاد والعين في المضاعف أصلٌ واحدٌ صحيحٌ، يدلُّ على الخضوع والضَّعْفِ. يقال تضعضعَ، إِذا ذلَّ وخَضَع. قال أبو ذؤيب:

وتجلُّدِي للشَّامِتِين أرِيهِمُ *** أنِّي لرَيْبِ  الدَّهرِ لا أتضعضعُ([1])

وكلُّ ضعيفٍ ضَعْضَاعٌ، إِذا لم يكن ذا رأيٍ ولا قُوَّةٍ.

(ضغ) الضاد والغين ليس بشيء، ولا هو أصلاً يفرّع منه أو يقاس عليه، لكنَّهم يقولون: إنَّ الضَّغْضَغة: حِكايةُ أكلِ الذئبِ اللحْم. وقال الخليل: الضَّغْضَغة: لوك الدَّ‌رداء. ويقولون: الضَّغَّاغة([2]): الأحمق. والضغيغة: العجينُ *الرَّقيق. وأقاموا في عيشٍ ضغيغٍ، أي خَصيب. وليس هذا كلُّه بشيءٍ وإنْ ذُكِر.

(ضف) الضاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين: أحدهما الاجتماع، والآخر القِلة والضَّعف.

[فأمَّا الأوَّل فهو الضَّفف]، وهو اجتماع النَّاس على الشيءِ. ويقال ماء مضفوف، إذا كثُر عليه الناس. وطعامٌ مضفوف. وفي الحديث: "أنه عليه السلام لم يشبَع من خُبزٍ ولحم إلاَّ على ضَفَف". يراد بذلك كثرةُ الأيدي على الطَّعام. وقال في الماء:

لا يَسْتَقِي في النَّزَحِ المضفوفِ *** إلاَّ مُدَارَاتُ الغُروبِ الجُوفِ([3])

وجانبا النَّهْرِ: ضَفَّتَاهُ، لاجتماعهما عليه، قال الخليل: ناقةٌ ضَفوفٌ، أي كثيرةُ اللَّبنِ لا تُحلَبُ إلاَّ ضَفَّاً. والضَّفُّ: الحَلَب بالكفِّ كلِّها.

وأمّا الآخر فقولُهم: في رأيِ فلانٍ ضَفَفٌ، أي ضَعف. ولقيتُهُ على ضَفَفٍ، أي عَجَلةٍ لم أتمكَّنْ منه.

(ضك) الضاد والكاف أُصَيلٌ صحيح فيه كلمتان: امرأةٌ ضكضاكة ورجل ضكْضاكٌ، يراد به القِصَر واكتنازُ اللَّحم. والكلمة الأخرى: الضَّكْضَكة سُرعة المَشي.

(ضل) الضاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو ضَياع الشيء وذهابُهُ في غيرِ حَقِّه. يقال ضَلَّ يَضِلّ ويَضَلّ، لغتان. وكلُّ جائرٍ عن القصد ضالٌّ. والضَّلاَل والضَّلالَة بمعنى. ورجلٌ ضِلِّيل ومُضلَّل، إذا كان صاحبَ ضَلاَلٍ وباطل. وممّا يدُلُّ على أنّ أصل الضّلاَل ما ذكرناهُ، قولُهم أُضِلّ الميّتُ، إِذا دُفِنَ. وذاكَ كأنَّهُ شيءٌ قد ضاع. ويقولون: ضَلَّ اللَّبَنُ في الماءِ، ثم يقولون استُهْلِكَ. وقال في أُضِلَّ الميّت:

وآبَ مُضِلُّوهُ بعينٍ جَلِيَّةٍ *** وغودِرَ بالجَوْلان حَزمٌ ونائلُ([4])

قال ابنُ السكِّيت: يقال أَضلَلْتُ بعيري، إذا ذهبَ منك؛ وضللت المسجد والدَّارَ، إِذا لم تهتدِ لهما. وكذلك كلُّ شيءٍ مُقيمٍ لا يُهتَدَى لـه. ويقال: أرضٌ مَضِلّة ومَضَلّة. ووقعوا في وادي تُضَُـلِّلَ، إذا وَقعوا في مَضَِلَّة.

(ضم) الضاد والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُلاءَمةٍ بين شيئين. يقال ضَمَمت الشّيءَ إلى الشيء فأنا أضُمُّه ضمّاً. وهذه إِضْمامةٌ من خَيل، أي جماعة. وفرسٌ سَبّاق الأضاميم، أي الجماعات. وإِضمامةٌ من كُتُب مثل إِضْبارة.

ومن الباب: أسدٌ ضَمْضَم وضُماضِمٌ: يضمُّ كلَّ شيءٍ.

(ضن) الضاد والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُخْلٍ بالشيء. يقال ضَنِنْتُ بالشّيءِ أَضَنُّ به ضَنّاً وضَنانةً، ورجلٌ ضَنين. وهذا عِلْقُ مَضَنَّةٍ ومَضِنّة، إذا كان نفيساً يُضَنُّ به. وفلانٌ ضِنِّي مِنْ بين إخواني، إذا كان النّفِيسَ الذي يُضَنُّ به. وربما قالوا ضَنَنْتُ بفتح النون.

(ضأ) الضاد والهمزة كلمة صحيحة، وهي الضِّئْضئُ، وهو الأصل. وفي الحديث: "يخرج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يمرُقون من الدِّين"([5]).

وأمَّا الضاد والحرف المعتل فهو يدلُّ على صِياحٍ وجَلَبَة. من ذلك الضَّوَّة والضَّوْضَاة([6]): أصوات النّاس وجَلَبَتهم. يقال ضَوْضَوْا بلا همز.

(ضب) الضاد والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ عُظْمُه على الاجتماع. قال أبو زيد: أَضَبَّ القومُ إضباباً، إذا تكلّموا جميعاً. ثمّ يُحْمَل على هذا الأصلِ أكثرُ البابِ. من ذلك ضَبَّة الحديد، والجمع ضَبَّات. والضَّبّ: الغِلُّ في القلب. وقد أَضَبَّ على غِلٍّ في صدره، إذا جَمَعَه في صدرهِ. ومنه الضَّبَاب، وهو الذي كأنَّه غبارٌ يجتمع فيَستُر. وهذا يومٌ مُضِبٌّ. وضَبِبَ البلدُ: كثُر ضَبابه.

ومن الباب: التَّضَبُّب، وهو السِّمَن. والضَّبِيبة: سمنٌ ورُبٌّ([7]) يُجمع بينهما، يقال ضَبِّبُوا لصبيِّكم. والضبُّ من دوابِّ الأرضِ معروف، وسمِّي لتجمُّع خَلْقِهِ ولحْمِه؛ والجمع ضِباب: وربَّما شبِّه الطَّلْع به. قال:

أطَافَ بِفُحَّالٍ كأنَّ ضِبابَهُ *** بُطونُ الموالي يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ

يقول: طَلْعُها ضخمٌ كأنَّه ضِبابٌ ممتلئة. ثم شَبَّه تلك الضِّبابَ ببطونِ موالٍ تغدَّوْا فتضَلَّعُوا. ويقال: وقَعْنا في مَضَابَّ مُنْكَرة، أي قِطَعٍ من الأرض كثيرة  الضِّباب. والضُّبَاضِب: الرّجل *القصير السمين. فأمَّا قولهم: ضبَّ النّاقة، فهو مِثل ضَفَّها([8]) إِذا حَلَبَها بالكفّ جميعاً. قال الكسائيّ: فَطَرت النّاقةَ أفطرُها، إذا حلبتَها بطرف أصابعك. وضَبَبْتُها أَضُبُّها ضبّاً، إذا حَلَبْتَها بالكفِّ كلِّها. قال الفرَّاء: هذا هو الضَّفُّ. فأمَّا الضَّبُّ فأنْ تجعل إِبهامك على الخِلْف وأصابعَك على الإبهامِ والخِلْف معاً.

ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم: ناقةٌ ضَبَّاءُ وبعيرٌ أضبُّ، وهو وجعٌ يأخذهما في الفِرْسِن([9]). فأمَّا قولُهم: ضَبّت لِثَتُه دماً، وضبَّت يدُهُ إذا سالت دماً، فليس من هذا الباب، إنّما هو مقلوب من بَضَّ([10])، وقد مرَّ.

(ضج) الضاد والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صِياحٍ بِضَجَر. من ذلك ضجَّ يضِجُّ ضجيجا، وضجَّ القوم ضِجَاجاً. قال أبو عبيد: أَضجَّ القوم إِضجاجاً، إذا جَلبُوا([11]) وصَاحُوا. فإِذا جزعوا من شيءٍ وغُلِبوا قيلَ ضَجُّوا. وقال: الضِّجَاج: المشاغَبة والمشارَّة. قال غيره، الضَّجُوج من الإِبل؛ التي تضجُّ إِذا حُلِبَت.

ومما شذَّ عن هذا الباب: الضَّجاج([12])، وهو خَرَز([13]).

(ضح) الضاد والحاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رقَّةِ شيءٍ بعينه. من ذلك الضَّحضاح: الماء إلى الكَعبَين، سمِّي بذلك لرقّته. والضَّحضحة: تَرقرُقُ الشَّراب. ومنه الضِّحّ، وهو ضَوء الشَّمس إذا استمكَنَ من الأرض. وكان ابنُ الأعرابيِّ يقول:  هو لون الشَّمس. ويقولون: جاء فلانٌ بالضِّحِّ والرِّيح، يُراد به الكَثْرة، أي ما طلَعت عليه الشَّمس وما جَرَتْ عليه الرِّيح. قال: ولا يقال [الضِّيح([14])].

(ضخ) الضاد والخاء ليس بشيء. على أنَّهم يقولون: الضَّخّ: امتداد البَول. والمِضَخَّة: قَصَبةٌ يرمَى بها الماء فيمتدّ.

(ضد) الضاد والدال كلمتان متباينتان في القياس.

فالأولى: الضِّدّ ضِدّ الشيء. والمتضادّان: الشَّيئان لا يجوز اجتماعهما في وقتٍ واحد، كالليل والنَّهار.

والكلمةُ الأخرى الضَّدُّ،  وهو المَلْء، بفتح الضاد، يقال ضَدَّ القِربَة: ملأها، ضَدّاً.

(ضر) الضاد والراء ثلاثةُ أصول: الأوّل خلاف النَّفْع، والثاني: اجتماعُ الشَّيء، والثالث القوّة.

فالأوَّل الضَّرّ: ضدُّ النَّفْع. ويقال ضَرَّه يضُرُّه ضَرّاً. ثمَّ يحمل على هذا كلُّ ما جانَسَه أو قارَبَه. فالضُّرُّ: الهُزال. والضِّرّ: تزوُّج المرأة على ضَرَّة. يقال نكحَتْ فلانةُ على ضِرّ، أي على امرأةٍ كانت قَبْلَها. وقال الأصمعيّ: تزوّجَت المرأةُ على ضُرٍّ وضِرّ. قال: والإِضرار مثلُه، وهو رجلٌ مُضِرٌّ. والضَّرَّة: اسمٌ مشتقٌّ من الضَّرِّ، كأنَّها تضرُّ الأخرى كما تضرُّها تلك. واضطُرَّ فلانٌ إلى كذا، من الضرورة. ويقولون في الشِّعر "الضَّارُورة". قال ابنُ الدُّمينة:

أثيِبِي أخا ضارورةٍ أشفَقَ العِدَى *** عليه وقَلّت في الصديق مَعاذرُهْ([15])

والضَّرِير: المُضَارَّة. وأكثر ما يُستعمَل في الغَيْرة؛ يقال ما أشدَّ ضريره عليها. وشُبِّه الحَجَرانِ للرَّحَى بالضَّرَّتينِ فقيل لهما الضَّرَّتانِ. والضَّرِير: الذي به ضَرَرٌ من ذَهاب عَيْنِه. أو ضَنَى جِسْمِه.

وأمّا الأصلُ الثاني فَضَرَّة الضَّرع: لَحْمتُه. قال أبو عُبيد: الضَّرَّة: التي لا تخلو من اللَّبن. وسمِّيت بذلك لاجتماعِها. وضَرَّةُ الإبهام : اللحم المجتمع تحتَها. ومن الباب: المُضِرّ: الذي له ضَرَّةٌ من مال، وهو من صِفَة المال الكثير. قال:

بِحَسْبِكَ في القومِ أن يَعلموا *** بأنَّكَ فيهم غَنِيٌّ مُضِرّْ([16])

وأمّا الثالث فالضرير: قُوَّة النّفْس. ويقال: فلانٌ ذو ضرير على الشيء، إذا كان ذا صبرٍ عليه ومقاساة، في قول جرير:

* جُرأةً وضَرِيرا([17]) *

ويقال للفرس: أضرَّ على فأس اللِّجامِ، إذا أَزَم عليه.

(ضز) الضاد والزاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّزز، وهو لُصوق الحنَك الأعلى بالأسفل؛ رجلٌ أَضَزُّ.

ـــــــــــــــــــ

([1]) ديوان أبي ذؤيب 3 والمفضليات (2: 222)، واللسان (ضعع).

([2]) هذا اللفظ مما انفرد به في المجمل والمقاييس.

([3]) الرجز في اللسان (ضفف).

([4]) البيت للنابغة، كما أسلفت في حواشي (جول).

([5]) في اللسان: "وفي الحديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقسم الغنائم فقال لـه: اعدل فإنك لم تعدل. فقال: يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".

([6]) والضوضاء، بالهمز أيضاً.

([7]) في الأصل: "وربما"، تحريف. وفي المجمل: "والضبيبة: السمن والرب يجمع بينهما ويؤكل".

([8]) في الأصل: "ضبها" صوابه في المجمل.

([9]) في الأصل: " الفرس"، صوابه في المجمل.

([10]) في الأصل: "بضن".

([11]) يقال جلب، وأجلب، بالتشديد.

([12]) ضبطه في القاموس كسحاب، وفي المجمل بتشديد الجيم. وهذا اللفظ لم يرد في اللسان.

([13]) في القاموس: "خرزة".

([14]) التكملة من المجمل.

([15]) في الأصل: "أتتني"، صوابه في اللسان (ضرر) حيث ورد البيت بدون نسبة. ولم أجد البيت في ديوان ابن الدمينة.

([16]) البيت للأشعر الرقبان الأسدي، جاهلي، يهجو ابن عمه رضوان. اللسان (ضرر).

([17]) قطعة من بيت له في ديوانه 290 واللسان (ضرر). وهو بتمامه:

من كل جرشعة الهواجر زادها  *** بعد المفاوز جرأة وضريرا

 

 

ـ (باب الضاد والطاء وما يثلثهما)

(ضطر) الضاد والطاء والراء كلمةٌ تدلُّ على ضِخَم. ويقولون: ويكون مع ذلك لُؤم. وقال أبو عُبيد: الضَّيطر: العظيم، وجمعه ضَيطارُون وضَياطِرة. وأنشد:‏

تعرَّضَ ضَيطارُو فُعَالةَ دوننا *** وما خَير ضَيطارٍ يقلِّب* مِسْطَحَا(1)‏

ـــــــــــــــ

(1) البيت لمالك بن عوف النصري، كما سبق في حواشي (حمر، سطح)، وفعالة بالضم: كناية عن خزاعة.‏

 

ـ (باب الضاد والعين وما يثلثهما)

(ضعف) الضاد والعين والفاء أصلانِ متباينانِ، يدلُ أحدُهما على خلاف القُوَّة، ويدلُّ الآخر على أن يزاد الشَّيءُ مِثلَه.‏

فالأوَّل: الضَّعف والضُّعف، وهو خلاف القُوَّة. يقال ضَعُفَ يضعُف، ورجلٌ ضعيف وقوم ضُعفاءُ وضِعافٌ.‏

وأمَّا الأصل الآخَر فقال الخليل: أضعفت الشَّيءَ إِضعافاً، وضعَّفتُهُ تضعيفاً، وضاعْفتُهُ مُضاعَفة، وهو أن يُزادَ على أصل الشَّيء فيُجعلَ مثلين أو أكثر. قال غيره: المضعوف الشَّيء المضاعَف. قال أبو عمرو: المضعوف من أضعفْتُ الشَّيء. وذكر أبو عبيدٍ ذلك في باب أفعلتُهُ فهو مفعول. والمضاعَفَة: الدِّرع نُسِجَتْ حَلْقَتينِ.‏

(ضعو) الضاد والعين والواو كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّعة: شجرة، حُذِفت واوُها؛ والجمع ضَعَوات. قال:‏

* متّخِذاً في ضَعَواتِ تَوْلجا(1) *‏

(ضعس) الضاد والعين والسين ليس بشيء. وذكر ابن دُريد أنهم يقولون للحريص النَّهم: ضَعْوَس(2).‏

ـــــــــــــ

(1) البيت لجرير في ديوانه 92 واللسان (ضعا) من رجز يهجو به البعيث المجاشعي.‏

(2) الجمهرة (3: 24) والكلمة لم تذكر في اللسان ولا في القاموس، وبدلها في اللسان: "الضَّعْرَس"، وفي القاموس: "الضَّغْرَس".‏

 

ـ (باب الضاد والغين وما يثلثهما)

(ضغت) الضاد والغين والتاء ليس بشيء([1]).

(ضغث) الضاد والغين والثاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التباسِ الشَّيءِ بعضه ببعض. يقال للحالم: أَضْغَثْتَ الرُّؤيا. والأضغاث: الأحلام الملتبِسة. والضِّغْث: قُبضة([2]) [من([3])] قُضْبان أو حشيش، قال الخليل: أصلٌ واحدٌ. ويقال ناقة ضَغوثٌ، إِذا شَكَكْتَ في سِمَنِها فلمستَ أَبِها طِرْقٌ. والضَّغْثُ كالمَرْس.

(ضغب) الضاد والغين والباء ليس بأصل، بل هو بعضُ الأصوات. يقولون: إنَّ الضَّغيب تضوُّرُ الأرنب إذا أُخِذَت؛ ومثله: الضُّغَاب. والضَّاغب: الذي يختبئ في الخَمَر يفزِّعُ النَّاس.

(ضغم) الضاد والغين والميم أُصَيْلٌ واحد يدلُّ على العَضِّ. يقال: ضَغَمَه. ومنه اشتُقَّ الضَّيغم، وهو الأَسَد. قال أبو عُبيد: الضَّيْغَم الذي يَعَضُّ. والياء زائدة. وذكر ابنُ دُريد: الضُّغَامة: ما ضَغَمْتَه ولفظتَه.

(ضغن) الضاد والغين والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تغطية شيءٍ في ميل واعوِجاج، ولا يدلُّ على خَير. من ذلك الضِّغْن والضَّغْن: الحِقْد. وفرسٌ ضاغن، إِذا كان لا يُعطِي ما عندهُ من الجري إلاّ بالضَّرب. ويقال ضَغِنَ صَدرُ فلانٍ ضِغْنَاً وضَغَناً. وقناةٌ ضَغِنةٌ: عَوجاء. ويقولون: ناقةٌ ذات ضِغْن، عند نزاعها إلى وطَنِها.

فأمَّا الخليل فقال: يقال للنَّحُوص([4]) إِذا وَحِمَتْ فاستعصَتْ على الجأْب: إِنَّها لَذَاتُ شَغْبٍ وضِغْن. ويقال ضَغَنَ فلانٌ إلى الدُّنيا: ركَنَ ومالَ. وضِغْنِي إلى فلانٍ، أي ميلي إِليه. والذي دلَّ على ما ذكرناهُ من تغطية الشيء قولُهم إنَّ الاضطغانَ الاشتمالُ بالثَّوب. قال:

* كأنَّه مضطغِنٌ صَبِيّاً([5]) *

ويقال اضطَغْنتُ الشَّيء تحت حِضْنِي. قال ابنُ مُقْبِل:

إذا اضطغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضها ومِرْفَقٍ كرِيَاسِ السَّيف إِذْ شَسَفا([6])

(ضغط) الضاد والغين والطاء أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على مُزاحَمَةٍ بِشِدة. يقال ضَغَطَهُ، إذا زَحَمَهُ إلى حائط. والضَّغِيط: بئرٌ تُحفَر إلى جنْبِها بئر أخرى فيقل ماؤها. والمَضَاغِط: أَرَضُونَ منخفِضة. وبعيرٌ بهِ ضاغط، وهو لُزوقُ العضُد بالجَنْبِ حَكاًّ حَتَّى يضغط ذلك بعضُهُ بعضاً ويتدلَّى جِلْدُه. قال أبو عبيدٍ: الضَّاغط والضَّبّ شيءٌ واحدٌ، وهو انفتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللَّحم. ويقال: اللَّهمَّ ارفَعْ عنَّا هذه الضَّغطة، يريدون الشدَّةَ والمشقّة. ويقال: أرسلْتُهُ ضاغِطاً على فلان، وهو شِبْه الرّقيبِ يمنعُهُ من الظُّلم.

(ضغز) الضاد والغين والزاء ليس بأصلٍ صحيح، إلاّ أن يأتي به شِعْر. غير أنَّ الخليل ذكر أنَّ الضِّغْز من السِّباع: السيّئ الخُلُق([7]). والله أعلم بالصواب.

ــــــــــــــــــ

([1]) في اللسان:"الضغت: اللوك بالأنياب والنواجذ". وحق هذه المادة واللتين بعدها أن تكون بين مادتي (ضغن) و(ضغط).

([2]) في الأصل وكذا في المجمل: "قضية"، صوابه في اللسان.

([3]) هذه الكلمة من المجمل واللسان.

([4]) النحوص: الأتان الوحشية. وفي الأصل: "النحوض"، صوابه  في المجمل واللسان.

([5]) نسبه في اللسان (ضغن 124)، إلى "العامرية". وقبله:

لقد رأيت رجلاً دهرياً  *** يمشي وراء القومِ سيتهيا

([6]) أنشده في اللسان (ضغن، رأس، شسف)، وقد سبق في (ريس).

([7]) أنشده في اللسان:

فيها الجريش وضغز ما بنى ضئزاً *** يأوي إلى رشف منها وتقليص

 

 


ـ (باب الضاد والفاء وما يثلثهما)

(*ضفن) الضاد والفاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رمْي الشَّيءِ بخفاء. والأصل فيه ضَفَنت بالرّجُل الأرضَ، إِذا رميتَه وضربتَ الأرض به. ومنه ضَفَن البعيرُ برِجْله: خبط بها. وضَفَن بغائِطِه: رمى به. وضَفَن الحِمْلَ على ناقته: حَمَله عليها. وضَفَنَه برِجْله: ضَربه. والقياس في ذلك كلِّه واحد.

ومن الباب: ضَفَنَ إلى القوم، إِذا لجَأَ إليهم فجلس عندهم. وهذا عندي مما ينبغي أن يزاد فيه وصْف، فيقال: "وهم لا يريدونه"، كأنَّه رمى بِنَفسِه عليهم. والدَّليل على هذا قولهم للطفيليّ الذي يجيء مع الضّيف: ضَيْفَن. وهذا فَيْعَل من ضَفَن. وقد سمعتُ ولم أسمعه من عالم، أنَّ الذي يجيء مع الضَّيفن الضَّيْفنَانُ([1])، ولا أدري كيف صحّتُه. والقِياس يُجيزه. قال في الضَّيْفَن:

إذا جاءَ ضيفٌ جاء للضَّيف ضيفنٌ *** فأودى بما يُقرَى الضُّيوفُ الضَّيافنُ([2])

ومن الباب الضِّفَنّ، وهو الأحمق مع عِظَم خَلْق.

(ضفو) الضاد والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سبوغ وتمام. يقال: ثوبٌ ضافٍ، وفرسٌ ضافي السَّبيب، إِذا كان شَعَر ذَنبه وافياً. وفلانٌ في ضَفْو وضَفْوةٍ من عَيْشِه. قال الأخطل([3]):

إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه *** وأعجبَه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ([4])

الخُطْل: المُسترخية الآذان. ورجلٌ ضافي الرأس، أي كثير شَعَر الرأْس، قال:

* إذا استغَثْتَ بضافي الرَّأس نَعَّاق([5]) *

وضَفَْوَى: موضعٌ.

(ضفر) الضاد والفاء والراء أصلٌ صحيح، وهو ضمُّ الشَّيءِ إلى الشَّيءِ نسجاً أو غيره عريضاً. ومن الباب ضَفائِر الشّعَر، وهي كل شَعَر ضُفِر حتى يصيرَ ذُؤابة. ومن الباب قولُهم: تضافَرُوا عليه، أي تعاوَنُوا. وأصله عندي من ضفائر الشعر، وهو أن يتقاربوا حتى كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم قد شدَّ ضفيرتَه بضفيرة الآخر. وهذا قِياسٌ حسَن في المساعدة والمظاهَرة وغيرهما. يقال إنَّ الضفِر: حِقْفٌ من الرّمل. والذي نحفظه في كتاب أبي عُبيدٍ العَقِدة والضَّفِرة الرمل المُنْعَقد. ويقال كِنانةٌ ضَفِرةٌ، أي ممتلئة. وأصلها من تَضافُرِ ما فيها من السِّهام، وهو تجمُّعها. والضَّفيرة،  هي التي يقال لها المُسَنّاة، وسمِّيت بذلك كأنما ضُفِرَتْ ضَفْراً، كالشَّيء يُضَمُّ بعضُهُ إلى بعضٍ نسجاً وغيرَه.

(ضفز) الضاد والفاء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَفْعِ شيءٍ بشيءٍ تلقمه، ثمَّ يُحمَل على ذلك. من ذلك [الضَّفز] : لَقْم البعير. ويقال الضَّفَر: أن تُلقِمه إِيّاه وإن كرِهَه.  والعرب تقول ضَفزْتُهُ حقَّه فما قَبِلَه، أي إِنِّي أكرهتُه عليه. ومن الباب: ضفَزت الفرسَ لجامَه، أي أدخَلتُهُ في فيه. وقد يقال الضَّفْز: الجِماع، وهو قريب من الباب.

(ضفس) الضاد والفاء والسين ليس بشيء، إلاَّ أنَّ ابنَ دُريد ذكر أن الضَّفْس مثل الضَّفْز.

(ضفط) الضاد والفاء والطاء أُصَيلٌ يقولون إنّه صحيحٌ، وأَصلهُ الحُمق والجَفَاء. يقال للأحمق ضَفِيطٌ بيِّن الضَّفَاطة. ويقال: الضَّفَّاط: الذي يُكْرِي الإِبل. والضَّفَّاطة فيما يقال: الإِبل تحمل المتاع. وأحسب أنَّ البابَ كلُّه مما لا يعوَّل عليه.

(ضفع) الضاد والفاء والعين ليس بشيء. على أنَّ الخليل حكى ضَفَع: جَعس. والسلم([6]).

ــــــــــــــــ

([1]) لم يذكر هذا اللفظ في اللسان ولا في القاموس.

([2]) أنشده في اللسان (ضيف، ضفن) بدون نسبة.

([3]) سيأتي في (هدف).

([4]) كذا في الأصل. وفي المجمل: "الهذلي"، وهو الصواب؛ إذا البيت التالي لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، ضفا) كما سبق في حواشي (خطل).

([5]) لتأبطَ شراً من القصيدة الأولى في المفضليات، ويروى أيضاً "نغاق" بالمعجمة وصدره:  * فذاك همي وغزوي أستغيث به *

([6]) كذا وردت هذه الكلمة في الاصل.

 


ـ (باب الضاد والكاف وما يثلثهما)

(ضكع) الضاد والكاف والعين فيه كلمةٌ لا قياسَ لها. يقال رجل ضَوْكَعةٌ، إِذا كان كثيرَ اللَّحم ثقيلاً.‏

(ضكل) الضاد والكاف واللام. يقولون: إنَّ الضَّيْكَل: العُرْيان.‏

 

ـ (باب الضاد واللام وما يثلثهما)

(ضلع) الضاد واللام والعين أصلٌ واحدٌ صحيح مطّرد، يدلُّ على ميل واعوجاج. فالضِّلَع: ضِلَعَ الإِنسان وغيرِهِ، سمِّيت بذلك للاعوجاج الذي فيها. ويقول القائل في وصف امرأة:

هي الضِّلع العوجاءُ لستَ تقيمها *** ألا إنّ تقويمَ الضُّلوع انكسارُها([1])

وقولهم: دابّةٌ ضليعٌ مُجْفَر الجَنْبَين، إِنّما هو عندي من قوّة الأضلاع، واستعير ذلك في كلِّ شيء، حتَّى قيل لكل قويٍّ: *ضليع. وفي حديث عمر لما صَارَعَ الجنّيّ فقال له: "إِنِّي من بينهم لَضليع([2])". والرُّمح الضَّلِع([3]): المائل. قال:

* فَليقُه أجردُ كالرُّمح الضَّلِع([4]) *

ومن الباب: ضَلَعَ فلانٌ عن الحقِّ: مال. ومنه قولهم: كلَّمت فلاناً فكان ضَلْعُكَ عليَّ، أي مَيْلك.

قال ابنُ السِّكّيت: ضَلعت تضلع، إِذا مِلْت، ويقولون في المثل: "لا تنقُش الشَّوكة بالشَّوكة؛ فإِنَّ ضَلْعَها معها".

وأمَّا قولهم: تضلَّعَ الرَّجُل: امتلأَ أكلاً، فهو من هذا، أي إنَّ الشّيءَ من كثرته ملأ أضلاعَه. وأمَّا قولهم حِمْلٌ مُضْلِع، أي ثقيل، فهو من هذا، أي إنّ ثقله يصل إلى أضلاعه. وفلانٌ مُضْطَلِعٌ بهذا الأمر، أي إِنّهُ تَقْوَى أضلاعُهُ على حملهِ. فأمَّا قولُ سُوَيد:

* سَعَةَ الأخلاقِ فينا والضَّلَعْ([5]) *

فأصله من هذا، يريد القوّة على الأمور. قال المفضَّل: الضَّلَع الاتِّساع. وقال الأصمعيّ: هو احتمال الثِّقَلِ والقُوّةِ.

ومن الباب، وهو يقوِّي هذا القياس، قولهم: [هم عليه([6])] ضَلْعٌ واحد، يعنى ميلَهُمْ عليه بالعداوة. والله أعلم بالصَّواب.

ــــــــــــــــ

([1]) البيت لحاجب بن دينار، كما في اللسان (ضلع).

([2]) في اللسان: "وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه صارع جنياً فصرعه عمر ثم قال لـه: ما لذراعيك كأنهما ذراعا كلب؟ يستضعفه بذلك. فقال له الجني: أما إني منهم لضليع".

([3]) في الأصل: "الضليع"، صوابه في المجمل واللسان.

([4]) في الأصل: "فليلقها"، صوابه من إصلاح المنطق 321 واللسان (فلق).

([5]) صدره كما في المفضليات (1: 195)  واللسان (ضلع):

* كتب الرحمن والحمد لـه*

([6]) التكملة من المجمل.

 

ـ (باب الضاد والميم وما يثلثهما)

(ضمد) الضاد والميم والدَّال: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك ضَمَدت الشيءَ أَضْمِده، إِذا جَمَعتَه. والضِّمَاد: العِصابة، يقال ضَمَدت الجُرْح. ويقولون الضَّمْد، بسكون الميم: أن تتَّخذ المرأة صديقين. قال الهذلي:

تريدين كَيْمَا تَضْمُِدِيني وخالداً *** وهل يُجمَع السّيفانِ وَيْحَكِ في غِمْدِ([1])

ويقال شبعت الإبل من ضَمْد الأرض، إِذا شَبعت من الرَّطيب واليبيس، والقديم والحديث. قالوا: ويقول الرجل للغريم: أقضيك من ضَمْدِ هذه الغَنَم، أي من خِيارها ورُذَالها، وكبارها وصغارها. ومن الباب: أَضْمَدَ العرفجُ، إذا تَجوّفَتْه الخوصةُ ولم تَنْدُر منه، أي كانت في جوفه. وهو من هذا، كأنَّها جمعته في جوفها.

ومن الباب الضَّمَد، بفتح الميم، وهو الغَيظ يُجمَع في الصدر ولا يُزاح فيخفّ. قال النابغة:

ومَنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقبةً *** تَنهى الظَّلومُ ولا تقْعُدْ  على ضَمَدِ([2])

يقال ضَمِدَ يَضْمَدْ ضَمَداً. قال أبو بكر([3]):  وفصَل قومٌ بين الغَيظِ والضَّمَد. فقالوا: الضَّمد: أن يغتاظ على من لا يقدر عليه والغيظ أن يغتاظ على من يقدر عليه ومن لا. واحتجُّوا بقول النابغة. والقِياس في هذه الكلمات واحد. ويقال الضَّمَد، بفتح الميم: الغابر من الحقّ. يقال لنا عند فلان ضَمَدٌ، أي غابر حقٍّ،  من مَعْقُلةٍ أو دين. وأصله شيءٌ قد تجمَّع عندهم وبقي.

(ضمر) الضاد والميم والراء أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على دقّةٍ في الشَّيء، والآخر يدلُّ على غَيبةٍ وتستُّر.

فالأوّل قولهم: ضَمَرَ الفرس وغيرُهُ ضموراً، وذلك من خِفّة اللَّحمِ، وقد يكون من الهُزَال. ويقال للموضع الذي تُضمَّر فيه الخيل: المِضْمَار. ورجل ضَمْرٌ: خفيف الجسم. واللؤلؤ المضْطمِر: الذي في وسطهِ بعضُ الانضمام والانضمار([4]).

والآخر الضِّمَار، وهو المال الغائب الذي لا يُرجَى. وكلُّ شيءٍ غابَ عنك فلا تكونُ منهُ عَلَى ثقَةٍ فهو ضِمَارٌ. [قال الشاعر]([5]):

وأَنْضَاءٍ أُنِخْنَ إلى سعيد *** طُروقاً ثم عَجَّلْنَ ابتكارَا

حمِدْنَ مَزارَهُ وأَصَبْنَ منه *** عطاءً لم يكن عِدَةً ضِمارا

ومن هذا الباب: أَضْمَرتُ([6]) في ضميري شيئاً؛ لأنَّه يُغيِّبه في قلبه وصدره.

(ضمز) الضاد والميم والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ في كلام أو إِمساكٍ على شيءٍ بفم وما أشبَهَ ذلك. من ذلك ضَمَز البَعِيرُ: أَمسك عن الجِرّة. والضَّامِز: السّاكت. وقال بشر:

وقد ضَمَزَتْ بِجِرّتها سُلَيْمٌ *** مخافتَنا كما ضَمَزَ الحِمارُ([7])

والضَّمْز: ضرب من الأكل، لأنَّه إِذا أكل أمسَكَ عليه في فمه.  وضَمَز فلانٌ على مالي، أي لزمه([8]).

ومما شذَّ عن هذا الأصل: الضَّمْزَة: الأَكَمة الخاشعة، والجمع ضَمْزٌ.

(ضمس) الضاد والميم والسين ليس بشيء. وذكر ابن دريد كلمةً إن صحَّت فهي من باب الإِبدال. قال([9]): الضَّمْس: المَضْغ. فإن كان كذا *فهو من الضَّمْز.

(ضمن) الضاد والميم والنون أصلٌ صحيح، وهو جَعْل الشَّيء في شيءٍ يحويه. من ذلك قولهم: ضمَّنت [الشيء]، إِذا جعلته في وعائه. والكَفَالة تسمَّى ضَمَاناً من هذا؛ لأنَّه كأنَّه إذا ضمِنَه فقد استوعَبَ ذمّته. والمَضَامِين: ما في بطون الحوامل. ومنه الحديث أنَّه نهى عن المَلاقيح والمَضامين. وذلك أنَّهم كانوا يبيعون الحَبَل([10])، فنَهَى عن ذلك. وأما قولـه: "لكم الضَّامِنة من النَّخْل"، فإنَّه يريد ما تضمّنَتْه قُراهم. فهذا الباب مطّرد.

وأمَّا الضَّمانة، وهي الزَّمانة. والضَّمِن: الزَّمِن، فإنَّهُ عندي من باب الإبدال كأنَّ الضاد مبدلة من زاي. وفي الحديث: "مَنْ اكتتب ضَمِناً بعثَهُ الله تعالى  ضَمِناً"، أي من كتب نفسه من الزَّمْنَى.

(ضمج) الضاد والميم والجيم ليس بشيء، وكذلك ما أشبهه. فأمَّا الضَّمْخ بالخاء فصحيح. يقال تضمَّخ بالطِّيب، وهو متضمِّخ.

ــــــــــــــــ

([1]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 159 واللسان (ضمد).

([2]) البيت في ديوانه 22 واللسان (ضمد).

([3]) أبو بكر بن دريد في الجمهرة (2: 276).

([4]) في الأصل: "الإضمار".

([5]) التكملة من المجمل. والبيتان للراعي في اللسان (ضمر).

([6]) في الأصل: "ضمرت" صوابه في اللسان.

([7]) البيت منسوب إلى بشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 142)، لكنه نُسِب في اللسان أيضاً إلى ابن مقبل، وهذه النسبة الأخيرة غير صحيحة.

([8]) في المجمل: "إذا جمد عليه ولزمه".

([9]) في الجمهرة: (3: 24).

([10]) الحبل والحمل بمعنى، وهو اسم لما تحمل المرأة. قال:

ذا جرأة تسقط الأحبال رهبته *** مهما يكن من مسام مكره يسم.

 

 


ـ (باب الضّاد والنون وما يثلثهما)

(ضني) الضاد والنون والحرف المعتل أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على مرضٍ، والآخر يتردَّد بين مهموزٍ وغيره، ويدلُّ ذلك على شيئين: إمَّا أصلٍ وإِمَّا نِتاج، والأصل والنِّتاج متقارِبان.‏

فالأوّل الضَّنَى في المرض، يقال ضَنِيَ يَضْنَى ضَنَىً شديداً، إِذا كانَ به داءٌ مُخامِر، كلَّما ظنَّ أنَّه قد بَرَأَ نُكِس. وأَضْنَاهُ المرضُ يُضْنيه.‏

وأمَّا الآخر فيقال ضَنَأتِ المرأة ضَنْأً، وهي ضانئة، وأضنأت إذا كثُر ولدها. والضِّنء: الأصل والمعدِن. وفلانٌ من ضِنْءِ صِدق. وأضنأ القومُ، إِذا كثُرت ماشيتُهم. وضَنَأ المالُ: كثر.‏

وأخبرَنا علي بن إبراهيمَ، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عمرو: الضَّنْو الولد ويقال الضِّنو. قال الأمويّ عن أبي المفضّل من بني سلامة: الضَّنْو الولد بالفتح، والضِّنْء: الأصل، مهموز.‏

ومما شذَّ عن هذا كله: أَضْنَأَ فلانٌ من كذا، استحيا منه.‏

(ضنط) الضاد والنون والطاء، يقولون فيه إنَّ الضِّنَاط: الزِّحام الكثير.‏

(ضنك) الضاد والنون والكاف أصلان صحيحان وإن قلَّ فروعُهما فالأوّل الضِّيق، والآخر مرضٌ.‏

فالأوَّل الضَّنْك: الضِّيق. ومن الباب امرأةٌ ضِناكٌ: مكتنِزة اللحم، إذا اكتنَزَ تَضَاغَطَ.‏

والأصل الآخر المضنوك: المزكوم. والضُّنَاك الزُّكام. والله أعلم.‏

 

ـ (باب الضاد والهاء وما يثلثهما)

(ضهي) الضاد والهاء والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مشابهة شيءٍ لشيء([1]). يقال ضاهاه يُضاهِيهِ، إِذا شاكَلَهُ؛ وربما هُمِزَ فقيل يُضاهِئُ. والمرأة الضَّهْياء، هي التي لا تَحِيض؛ فيجوز على تمحُّلٍ واستكراه، أن يقال كأنَّها قد ضاهت الرِّجالَ فلم تَحِضْ.

(ضهب) الضاد والهاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شَيءٍ وما أشبَه ذلك. فمن ذلك اللحم المضَهَّب: الذي يُشْوَى. وقال قومٌ: هو الذي يُشوى ولا يُنضَج. وقال امرؤ القيس:

نَمُشُّ بأعرافِ الجِيادِ أكفَّنا *** إِذا نحن قُمنا عن شواءٍ مُضَهَّبِ([2])

وقالوا: الضَّيْهَب: المكان يُحمَى ليُشوَى عليه اللحم. وقال قومٌ: اللحم المضهّب: المقطّع. وليس هذا بشيء إلاَّ أن يكونَ مقطعاً مشويّاً؛ لأن القياس كذا هو. تقول: ضهّبت القَوْسَ [و] الرُّمح بالنار عند التَّثقيف([3]).

(ضهر) الضاد والهاء والراء ليس بشيء، ولا فيه شاهدُ شعرٍ، لكنهم يقولون: إنَّ الضَّهْرَ: خِلْقَةٌ في الجبل من صخرٍ يخالف جِبِلّته.

(ضهس) الضاد والهاء والسين ليس بشيء. على أنَّ ابنَ دُرَيد([4]) ذكر أن العضَّ بمقدَّم الفم يسمى ضَهْساً، يقال منه ضَهَسَ ضَهْساً. قال: وفي الدُّعاء على الإنسان: "لا تأكُل [إلاّ]  ضاهساً ولا تشربُْ إلاَّ قارساً"، أي إنَّه لا يأكل ما يتكلَّف مضغَه، إِنَّما يَأكل النَّزْر من نبات الأرض. والقارس: البارد، أي لا يشرب إلاّ الماء.

(ضهل) الضاد والهاء واللام * أصلان صحيحان، أحدُهما يدلُّ على قِلّةٍ والآخر على أوبةٍ.

فالأوّل: ضَهَلَت الناقةُ إِذا قلَّ لبنُها. وهي ناقة ضَهُولٌ. وعينٌ ضاهلة: قليلة الماءِ. وفي حديث يحيى بن يَعمر: "إنْ سَأَلَتْكَ ثمنَ شَكْرها وشَبْرِك أنشأتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها". ومن الباب ضَهَلَ الشّرابُ: قلَّ ورقّ.

والأصل الآخر: هل ضَهَل إليكم خَبرٌ، أي عادَ. قال الأصمعي: ضَهَلْتُ إلى فلان: رجعت على وجه المقاتَلة والمغالبة.

وممّا شذَّ عن البابين: أضْهَلَت النّخلةُ: أرطبَتْ.

(ضهد) الضاد والهاء والدال كلمةٌ واحدةٌ. ضَهَدْتُ فلاناً: قهرتُهُ، فهو مضْطَهَدٌ ومضْهُودٌ.

ــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "بشيء".

([2]) ديوان امرئ القيس 88 واللسان (ضهب).

([3]) في المجمل: "ضهبت القوس بالنار والرمح، إذا عرضتهما عليها عند التثقيف".

([4]) في الجمهرة: (3: 25).

 

ـ (باب الضّاد والواو وما يثلثهما)

(ضوأ) الضاد والواو والهمزة أصلٌ صحيح، يدلُّ على نورٍ. من ذلك الضَّوء والضُّوء بمعنىً، وهو الضِّياء والنُّور. قال الله تعالى: {فَلَمَّا أَضَاءَتْ ما حَوْلَهُ} [البقرة 17]. قال أبو عبيد: أَضاءَت النَّارُ وأضاءت غيرَها. وأنشد:

أضاءَت لنا النَّار وجهاً أغـ  *** ـرَّ ملتبِساً بالفؤاد التباسا([1])

(ضوي) الضاد والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هُزَالٍ. يقال غُلامٌ ضاوِيٌّ: مهزول؛ وزنه فاعول. وجاريةٌ ضاوِيّة. وكانت العرب تقول: إذا تقارَبَ نسبُ الأبوين خرج الولدُ ضاويّاً. وجاء في الحديث: "اسْتَغْرِبُوا لا تُضْوُوا([2])". وقال ذو الرُّمَّة:

أخوها أبوها والضَّوَى لا يَضِيرُها *** وساقُ أَبِيها أمُّها عُقِرَتْ عَقْرَا([3])

يقال منه ضَوِيَ يَضْوَى ضَوَىً.

وممّا حُمِلَ على هذا قولُهم: أضويتُ الأمرَ، إذا لم تُحْكِمْه. ويقال: أضوَيْتُهُ إِذا انتقَصتَه([4]) واستضعفته. قال:

* وكيف أضَوَى وبلالٌ حِزْبِي([5]) *

فأمَّا الضَّواة فشيءٌ يقال إنَّه يخرجُ مِنْ حَياء النّاقة قبل أن يخرُجَ الولَد. ويقال الضَّوَاة: ورمٌ يُصِيبُ البعيرَ في رأسه. قال:

* فصارت ضَواةً في لهازِم ضرْزِمِ([6]) *

ومما شذَّ عن هذا الباب: ضَوَيت إليه أضوِي ضُوِيّاً وأوَيت بمعنىً. ويجوز أن يكون من الإِبدال، أن يقام الضَّاد مقام الهمزة.

(ضوج([7])) الضاد والواو والجيم حرف واحد، وهو الضَّوْج: مُنعَطَف الوادي، وجمعه أضواج.

(ضوع) الضاد والواو والعين كلمةٌ واحدة تتفرّع، وهي تدلُّ على التحريك والإِزعاج. يقال ضَاعَني لك الشيءُ يَضُوعُني، إذا حرَّكني. قال:

* ولكنها ريحُ الدِّماء تَضُوعُ([8]) *

وتضوّعَتْ رائحتهُ: نَفَحَتْ. قال:

تَضَوَّعَ مِسكاً بطنُ نَعْمَانَ أنْ مشت *** به زينبٌ في نسوةٍ عَطِرَاتِ([9])

وضَاعَت الرِّيحُ الغُصنَ: ميَّلَتْه. وقال قوم: هذا الأمر لا يَضُوعُني، أي لا يُثْقِلُني، والأقيس أن يقال لا يُحَرِّكُ منِّي ولا أعبأ به. ويقال ضاع يضوع ويَنْضَاع، إذا تضّور. قال:

فُرَيْخَانِ ينضاعانِ بالفجرِ كلَّما *** أحسَّا دَوِيَّ الرِّيح أو صوتَ ناعبِ([10])

قال أبو عبيد عن أبي عمرو: ضاعني الشّيء: أَفْزَعَنِي. وهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الفزع يُزْعِجُهُ ويُقْلِقُهُ.

(ضون) الضاد والواو والنون ليس بشيء. لكنهم يقولون: إنَّ الضَّيْونَ دُوَيْبَّة تشبه السِّنَّوْر.

(ضوض) الضاد والواو والضاد، الضَّوْضاة قد مضى ذِكْرُهُ([11])، والأصل مُضَاعَف.

(ضوط) الضاد والواو والطاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّوِيطة. يقال للعجين إِذا كثُر ماؤُه حتَّى يسترخِيَ: الضَّويطة.

(ضور) الضاد والواو والراء أُصَيْلٌ صحيح وفيه بعض الإِبدال. فالتضوُّر: الصِّياح والتلوِّي عند الضَّرب. ويقال هو التقلُّب ظهراً لبَطن. ويقال الضَّوْر: الجُوع الشديد.

وأمّا الإِبدال فقال الكسائي: لا يَضُورني كذا، بمنزلة لا يَضِيرني. ورجل ضُورَة: ذليل، من هذا.

(ضوز) الضاد والواو والزاء أصلان صحيحان، أحدهما نوعٌ من الأكل، والآخر دالٌّ على اعوجاج.

فالأول ضازَ التَّمْر يَضُوزُهُ ضَوزاً، إِذا أكله بِجَفاء وشِدّة. قال:

فظَلَّ يضُوز التّمر والتّمرُ ناقعٌ *** بوَردٍ كلون الأرجوانِ سَبائِبُه([12])

قال ابنُ دُريد: هو * أن يأخذ التَّمرة في فمه حتّى تلين. ومعنى البيت هو أن يأخذ الدِّية تَمْراً بدلاً عن الدم الذي لونُهُ لونُ الأُرجوان.

والأصل الآخر: القِسمةُ الضِّيزَى.([13])

(ضوب) الضاد والواو والباء شيءٌ يقال ما أدري ما صحّتُه. الضُّوَبانُ: الجَمَل القويّ، ويقال بل الضوبان كاهل البعير.

ــــــــــــــــ

([1]) البيت للنابغة الجعدي في اللسان (ضوأ) وشروح سقط الزند 646.

([2]) وكذا في المجمل. ويروى: "اغتربوا".

([3]) ديوان ذي الرُّمة 175 واللسان (ضوا).

([4]) في الأصل: "انتضته".

([5]) لرؤبة في ديوانه 16 برواية "ولست أضوى"، من أرجوزة يمدح بها بلال بن أبي بردة.

([6]) صدره في اللسان (ضوا): * قذيفة شيطان رجيم رمى بها *.

([7]) وردت هذه المادة وسائر مفرداتها بالحاء، صوابها  الجيم.

([8]) البيت لبشار كما في حماسة ابن الشجري 113. وصدره كما في شروح سقط الزند 700، 708، 857:

* وأسيافكم مسك محل أكفكم  *

وفي الحماسة                * وبيض بها مسك لمس أكفهم  *

([9]) البيت لعبد الله بن نمير الثقفي، كما في اللسان (ضوع)، وإصلاح المنطق 287، والحماسة بشرح المرزوقي 1289.

([10]) لأبي ذؤيب الهذلي في اللسان (ضوع) وإصلاح المنطق 287، وليس في ديوانه.

([11]) في نهاية مادة (ضأ).

([12])البيت بدون نسبة أيضاً في اللسان (ضوز)، والجمهرة (3: 4).

([13]) زاد في المجمل: "الجائرة".

 

ـ (باب الضاد والياء وما يثلثهما)

(ضيل) الضاد والياء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَباتٍ معروف. من ذلك الضَّالُ: السِّدْرُ البَرّيّ.الواحدة ضالة. قال الفرَّاء: أَضَالَت الأرض، وأضْيَلَت، إِذا صارَ فيها الضَّالُ. ويقال إنَّ الضَّالَةَ: بُرَة النّاقة. قال ابنُ ميّادة:

قطعتُ بمِصلالِ الخِشاشِ يردُّها  *** على الكَرْهِ منها ضالةٌ وجديلُ([1])

(ضيح) الضاد والياء والحاء أُصَيلٌ صحيح، وهو اللَّبن الممزوج، وهو الضَّيَاح. يقال ضِحت اللّبن ضَيْحا، وضَيَّحت أكثَر.

(ضير) الضاد والياء والراء كلمةٌ واحدةٌ، وهو من الضَّير والمضَرَّة. ولا يَضِيرني كذا، أي لا يضرُّني. قال الله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضِرْكُم كيدُهم شيئاً([2])}  [آل عمران 120].

(ضيز) الضاد والياء والزاء قد مضى ذكره، وأصله فيما يقال الواو. وقد قيل إنَّه من بَنات الياء، فلذلك ذكرناه هاهنا. فالقِسمة الضّيزى: النّاقصة. يقال ضِزْته حقَّه، إِذا منعتَه. وحكى ناس ضَأَزَه، مهموز. وأنشدوا:

* فَحَقُّكَ مَضْؤوزٌ وأنفُكَ راغمُ([3]) *

ليس في الباب غيرُ هذا.

(ضيع) الضاد والياء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَوت الشّيء وذَهابِه وهلاكه. يقال ضاعَ الشَّيءُ يَضيعُ ضَياعاً وضَيْعَةً، وأَضَعْتُهُ أنا إضاعة. فأمّا تسميتُهم العَقَار ضيعة فما أحسَبُها من اللُّغة الأَصِيلة([4])، وأظنّهُ من مُحْدَث الكلام. وسمعت من يقول: إنَّما سمِّيت بذلك لأنَّها إذا تُرِكَ تعهُّدِها ضاعت.

فإن كان كذا فهو دليلُ ما قلناهُ أنَّه من الكلام المحْدَث. ويقال أَضَاعَ فهو مُضِيعٌ، إِذا كثُر ضِياعُهُ. فأمَّا قول الشَّماخ:

* أعائِشَُ ما لأهلكِ لا أُراهم([5]) *

وبقيت كلمة ليست من الباب وهي من باب الإبدال، حكى ابنُ السِّكيت: تضيَّعت الرِّيح، مثلُ تضوَّعت.

(ضيف) الضاد والياء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على مَيل الشيء إلى الشيء. يقال أَضَفْتُ الشَّيءَ إلى الشَّيء: أمَلْتهُ. وضافت الشمس تَضِيف: مالت؛ وكذلك تضيَّفَتْ، إذا مالت للغروب. وفي الحديث: "أنَّه نَهى عن الصَّلاة إِذا تضيَّفت الشَّمسُ للغروب". وقال امرؤ القيس:

فلمّا دخَلْناه أضفْنا ظُهُورَنا  *** إلى كلِّ حاريٍّ جديدٍ مشَطَّبِ([6])

أي أَسْنَدْنا ظهورَنا. ويقال ضَافَ السَّهم عن الهدف يَضِيف. قال أبو زُبيد:

كلَّ يومٍ ترميهِ منها برِشْق *** فمصيبٌ أو ضافَ غيرَ بعيدِ([7])

والضَّيف منْ هذا، يقال ضِفْتُ الرَّجُل: تعرَّضْت لـه ليَضِيفَني. وأَضَفْتُهُ: أنْزلتُه عليَّ. ويقال ضَيَّفْته مثل أضفْتُهُ، إذا أنزلتَه بك. وفلانٌ يتضيَّفُ النّاسَ، إذا كان يتّبعهم ليُضِيفوه. وهو قولُ الفرزدق:

* وَمَنْ هو يرجو فَضْلَهُ المتضيِّفُ([8])*

والضَّيف يكون واحداً وجمعاً. ويقال أيضاً أضياف وضِيفانٌ. ويقال لناحية الوادي ضِيفٌ، وهما ضِيفانِ. وتَضايَفنا الوادِيَ: أتيناه من ضِيفيه([9]). وكذلك تَضَايَفَ الكلابُ [الصَّيدَ ([10])]، إذا أتوه من جوانبه([11]). قال:

* رِيمٌ تضايَفَهُ كلابٌ أَخْضَعُ([12]) *

والمضاف:  الذي قد أُحِيط به في الحرب. قال:

ويَحمِي المضافَ إِذا ما دعا *** إذا فَرَّ ذو اللِّمّة الفَيْلَمُ([13])

وهو من هذا القِياس. ويقال تضَيَّفُوه، إذا اجتمعوا عليه من جوانبه. قال:

* إذا تضيَّفْن عليه انسلاَّ([14]) *

فأمَّا قول القائل:

لَقىً حملتْه أمُّهُ وهي ضَيفةٌ *** فجاءت بِنَزٍّ للنَّزَالةِ أَرْشَمَا([15])

فهي الضَّيفةُ المعروفة من الضِّيافة. وقال قومٌ: ضافت المرأة: حاضت. وهذا ليس بشيء، ولا مما هو يدلُّ عليه قِياسٌ، ولا وجهَ للشُّغْل به.

فأمَّا قولهم أضاف من الشيء، إذا أشفقَ منه، فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه*، ويمكن أن يتَمَحَّل([16]) لـه بأن يقال أضاف من الشيء، إِذا أشفق منه، كأنَّه صار في الضِّيف، وهو الجانب، أي لم يتوسَّط إِشفاقاً. وهو بعيد، والأولى عندي أن يقال إنَّه شاذّ. والكلمة مشهورة. قال:

* وكانَ النَّكيرُ أن تُضيفَ وتجأرا([17]) *

وقال الهذليّ([18]):               * إذا يغزو تُضِيفُ ([19]) *

أي تشفِق. قال أبو سعيد: ضاف الهمُّ، إِذا نَزَلَ بصاحبه. والقياس أنَّه إذا نزل به فقد مال نحوه.

(ضيق) الضاد والياء والقاف كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على خلافِ السَّعة، وذلك هو الضِّيق والضَِّيقة: الفَقْر. يقال أضاق الرّجلُ: ذهب مالُهُ. وضاقَ، إِذا بخل. وشيءٌ ضَيْقٌ، أي ضَيِّق. والباب كلُّه قياس واحد. فأما قول القائل:

* بضيقَةَ بينَ النَّجْمِ والدّبَرانِ([20]) *

فيقال إنَّ الضِّيقة منزلٌ في منازل القمر. قال أبو عمرو: الضِّيقة هاهنا من الضِّيق.

(ضيك) الضاد والياء والكاف كلمةٌ لا تتفرَّع. يقولون الضَّيَكانُ: مشْي الرَّجُل الكثيرِ لحمِ الفخِذين، فهو ربما يتفحَّج. ويقال هذه إِبلٌ تَضِيك، أي تفرّج أفخاذها من عِظَم ضُروعها.

(ضيم) الضاد والياء والميم أصلٌ صحيحٌ، وهو كالقهر والاضطهاد. يقال ضامه يَضِيمُهُ ضَيْماً. فهو اسمٌ ومصدر. والرجل المَضِيم: المظلوم. وبقيت في الباب. كلمةٌ واحدةٌ، يقال إنَّ الضِّيم، بكسر الضاد: جانب الجبل. قال الهذَليّ([21]):

 

- (باب الضاد والهمزة وما يثلثهما)

(ضأد) الضاد والهمزة والدال أُصَيلٌ قليل الفُروع، يدلُّ على مَرض من الأمراض. قالوا: الضُّؤْد: الزكام، وكذلك الضُّؤْدَة. رجلٌ مَضْؤُود، أي مزكوم. وحُكِيت كلمةٌ أخرى عن أبي زيد، إنْ صحّت، قالوا: ضَأَدْت الرَّجُل ضأداً، إذا خَصمتَه.

(ضأل) الضاد والهمزة واللام أُصَيْلٌ  يدلُّ على ضَعف ودِقَّةٍ في جسم. من ذلك الضَّئيل، وهو الضَّعيف. والفعل منه ضَؤُل يَضْؤُل. ورجل ضُؤَلَةٌ: ضعيف. والضَّئيلة: الحيَّة الدَّقيقة.

(ضأن) الضاد والهمزة والنون أُصَيلٌ صحيح، وهو بعض الأنعام. من ذلك الضأن. يقال أَضْأَنَ الرجلُ، إِذا كَثُرَ ضأنُهُ. والضائنة الواحدة من الضأن. وحكى بعضُهم: فلانٌ ضائن البطنِ: مسترخِيهِ.

ـــــــــــــــــ

([1]) أنشده في اللسان (ضيل).

([2]) من الآية 120 في سورة آل عمران. وهذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي. وقراءة الباقين: (لايَضُرُّكم). إتحاف فضلاء البشر 178.

([3]) صدره كما في اللسان (ضأز):  * إن تنأَ عنا ننتقصك وإن تقم *.

([4]) في الأصل: "الأصلية"، وليس يقولها.

([5]) كذا ورد الكلام مبتوراً. ويستشهدون بهذين البيتين للشماخ:

أعائشَُ ما لأهلكِ لا أراهم *** يُضِيعون السوام مع المُضيعِ

وكيف يُضِيعُ صاحبَ مدفآتٍ *** على أثباجهنَّ من الصَّقيعِ

ولعل بقية الكلام بعدهما عند ابن فارس: "فهذا من الإضاعة بمعنى التضييع".

([6])ديوان امرئ القيس 88 واللسان (ضيف).

([7]) سبق البيت وتخريجه في (رشق، صيف).

([8]) صدره في ديوانه 560:

* وجدت الثرى فينا إذا يبس الثرى *

وفي اللسان (ضيف) كذلك. ومرة أخرى: * ومنا خطيب لا يعاب وقائل *.

([9]) في الأصل: "ضيفه"، وأثبت ما في المجمل.

([10])  التكملة من المجمل.

([11]) جعل للكلاب ضمير العاقل.

([12]) لمتمم بن نويرة في المفضليات: (1: 94) وصدره: * وكأنَّه فوت الجوالب جابئا *

([13]) للبريق الهذلي في اللسان (ضيف، فلم)، من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 22 وشرح السكري للهذليين 110 وسيأتي في (فلم).

([14]) قبله في اللسان (ضيف): * يتبعن عوداً يشتكي الأظلا *.

([15]) للبعيث يهجو جريراً، كما سبق في (رشم) حيث تخريج البيت في الحواشي.

([16]) في الأصل: "يتحمل".

([17]) للنابغة الجعدي، وصدره كما في اللسان (ضيف): * أقامت ثلاثاً بين يوم وليلة *.

([18]) هو أبو ذؤيب الهذلي، والبيت في ديوانه 99.

([19]) البيت بتمامه، كما في الديوان:

وما إن وجد معولة رقوب *** بواحدها إذا يغزو تضيف.

([20]) الأخطل في ديوانه 233 واللسان (ضيق). وصدره:

* فهلا زجرت الطير ليلة جئتها *.

([21]) بدلـه في المجمل:  "وهو في شعر الهذلي: فضيمها". والهذلي الذي عناه هو ساعدة ابن جؤية. وبيته، كما في اللسان (دبب، ضيم)، وديوان الهذليين 207:

وما ضَرَبٌ بيضاء يَسقي دَبوبَها *** دُفَاقٌ فعُروانُ الكَرَاثِ فضِيمُها

 

 

ـ (باب الضاد والباء وما يثلثهما )

(ضبث) الضاد والباء والثاء أصل صحيحٌ يدلُّ على قَبْض. يقال ضبث إِذا قبض على الشَّيء. ويقال ناقةٌ ضَبُوث: يُشَكُّ في سِمَنِها، فتُضْبَث بالأيدي. ويقولون: ضُبِثَ، أي ضُرِبَ. وهو قريب مما ذكرناه.

(ضبح) الضاد والباء والحاء أصلانِ صحيحان: أحدهما صوتٌ، والآخَرُ تغيُّرُ لون من فعلِ نار.

فالأَوَّل قولُهم: ضَبَحَ الثّعلبُ يَضْبَح ضَبْحاً. وصَوْتُهُ الضُّبَاح، وهو ضابح. قال:

دعوتُ ربِّي وهو لا يُخَيِّبُ *** بأنَّ فيها ضابحاً ثعَيلِب

فأمَّا قولُه تعالى: {وَالعَادِيَاتِ ضَبْحاً}  [العاديات 1]. فيقال هو صوتُ أنفاسها، وهذا أقيَسُ، ويقال: بل هو عَدْوٌ فوق التَّقْريب. وهو في الأصل ضَبَع، وذلك أنْ يَمُدّ ضَبْعَيْهِ،  حتى لا يجدَ مَزِيداً. وإن كان كذا فهو من الإِبدال.

وأمَّا الأصل الثاني فالضَّبْح: إحراقُ أعالي العُود بالنار. والضِّبْح: الرَّماد. والحجارة المضبوحة هي قَدَّاحة النّار، التي كأنها محترقة. قال:

* والمرْوَ ذَا القَدَّاحِ مضبوحَ الفِلَق([1]) *

ويقال الانضباح تغيُّرُ اللون إلى السواد.

(ضبد)  الضاد والباء والدال ليس بشيء، وإن كان ما ذكره ابنُ دريد صحيحاً، من أن الضَّبَد الضَّمَد. فهو من باب الإِبدال. قال: يقال أَضْبَدْتُه، إِذا أنت أغضبْتَه([2]).

(ضبر) الضاد والباء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدل على جمعٍ وقُوّةٍ. يقال ضَبرَ الشَّيءَ: جَمَعه، وضَبَر الفرسُ قوائِمَه، إذا جَمَعَها ليَثِب. وفرسٌ ضِبِرٌّ من ذلك. وإضبارة الكُتُب([3]) من ذلك. واشتقاق ضَبَارَة منه، وهو أبو عامر بن ضَبَارة. وناقةٌ *مضبَّرةٌ ومضبورةُ الخَلْق، أي شديدة. وقال في صفة فرس:

مُضَبَّرٌ خَلْقها تضبيراً *** ينشقُّ عن وجهها السَّبيبُ([4])

والضَّبْر : الجماعة. قال الهُذَليّ:

* ضَبْرٌ لباسُهم القَتير مؤلَّبُ([5]) *

وأمَّا الرُّمّانُ الجبليّ فيقال إنَّهم يسمونه الضَّبْر. وقد قلنا إنَّ النباتَ والأماكنَ لا تكادُ تنقاس.

(ضبس) الضاد والباء والسين أُصَيلٌ إنْ صَحَّ فليس إلاَّ في شيءٍ مذمومٍ غير محمود. قال الخليل: الضَّبِيس: الحريص، والضَّبِيس: القليل الفِطنة لا يهتدي لشيء. ويقال الضَّبِيس الجَبان.

(ضبز) الضاد والباء والزاء. يقولون الضَّبْز: شدّة اللَّحظ ولا معنَى لهذا.

(ضبط) الضاد والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ. ضَبَطَ الشَّيء ضَبْطاً. والأضبط: الذي يَعمل بيديه جميعاً. ويقال ناقةٌ ضبطاء. قال:

عُذافرة ضَبْطاء تَخْدِي كأنَّها *** فَنِيقٌ غَدَا يَحوي السَّوامَ السَّوارحا([6])

وفي الحديث: "أنَّه سُئِل عن الأضبط".

(ضبع) الضاد والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معانٍ ثلاثة: أحدها جنسٌ من الحيوان، والآخر عضو من أعضاء الإنسان، والثالث صِفة من صِفة النُّوق.

فالأوَّل الضَّبُع، وهي معروفة، والذكر ضِبْعان، وفي الحديث: "فإذا هو بِضبْعانٍ أَمْدَر([7])"، ثم يستعار ذلك فيُشبَّه السنةُ المجدِبة به، فيقال لها الضَّبُع. وجاء رجلٌ فقال: "يا رسولَ الله، أكلَتْنَا الضَّبُع"، أراد السَّنةَ التي تسميها العرب الضَّبُع؛ كأنَّها تأكلهم كما تأكل الضَّبُعُ. قال:

أبا خُراشةَ أمّا أنتَ ذا نَفَرٍ  *** فإنّ قوميَ لم تأكُلْهم الضَّبعُ([8])

وأمَّا العُضو فضَبْع اليد، واشتقاقها من ضَبْع اليد وهو المدّ. والعرب تقول: ضَبَعتِ الناقة وضَبَّعت تضبيعاً، كأنَّها تمدُّ ضَبْعَيها. قال أَبُو عُبيد: الضَّابِع: التي ترفع ضَبْعَها في سيرها.

ومما يشتقُّ من هذا: الاضطباع بالثَّوب: أن يُدْخِل الثَّوبَ من تحت يده اليمنى فيلقيَه على مَنكِبه الأيسر. ومنه الضِّباع، وهو رفع اليدين في الدُّعاء. قال رؤبة:

* وما تَنِي أيدٍ علَينا تَضَبعُ([9]) *

أي تمد أضباعَها بالدُّعاء. قال ابن السّكّيت: ضَبَعُوا لنا من الطَّريق، إِذا جعلوا لنا قسماً، يَضْبَعون ضَبْعا. كأنَّه أراد أنَّهم يقدِّرونه فيمدُّون أضباعَهم به. وضَبَعت الخيلُ والإِبلُ، إِذا مدَّت أضباعَها في عَدْوِها، وهي أعضادُها([10]). وقول القائل([11]):

* ولا صُلحَ حتَّى تضبعونا ونَضْبَعا ([12]) *

أي تمدُّون أضباعَكم إلينا بالسّيوف ونمدّ أضْبَاعَنا بها إليكم. قال أبو عمرو: ضَبَعَ القومُ للصُّلْحِ، إِذا مالوا بأضباعهم نحوه. وحَكى قومٌ: كنَّا في ضَبْعِ فلانٍ، أي كَنَفِهِ. وهو ذاك المعنى؛ لأنَّ الكَنَفين جناحا الإنسان، وجناحاه ضَبْعاه. [وَضَبَعت الناقةُ تضبع ضَبْعاً وضَبَعةً([13])]، إِذا أرادت الفحل.

(ضبن) الضاد والباء والنون أصلٌ صحيحٌ، وهو عُضوٌ من الأعضاء. فالضَّبْن: ما بين الإبط والكَشْح. يقال أَضطبنته: جعلته في ضِبْني. والضبْنَة([14]): أهل الرّجُل، يضطبِنها. وناسٌ يقولون: المضبون الزَّمِن، وهو عندي من قلب الميم. ومكان ضَبْنٌ : ضيّق. وهذه الكلمةٌ من الباب الأوّل.

(ضبأ) الضاد والباء والهمزة أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو قريبٌ من الاستخفاء وما شاكلَه، من سُكُوتٍ ومِثلِه. قال أبو زيد: أَضْبأَ الرجُل على الشَّيء إِضْباءً، إِذا سَكَتَ عليه، وهو مُضْبِئٌ عليه. وقد أَضْبَأَ على داهية. وضَبَأْت: استخفَيت. ويقال في هذا إِنّما هو أَضْبَى غير مهموز، والأوّل أجود.

قال أبو سعيد: ضبأ يضبَأُ ضَبْأً، إِذا لصِق بالأرض، والمَضْبَأ: الذي يُضْبَأ فيه، أي يختفي. قال الكميت:

* إِذا علا سِطَةَ المضبَأَيْن([15]) *

وسمِّيَ الرَّجُل ضابئاً لذلك. ويقال ضَبَأْتُ إليه، أي لجأت([16]). والضابِئ: الرَّماد([17])، سمِّيَ بذلِكَ لأنَّهُ يَضْبَأُ، كأنَّهُ يَستخفي.

وإِذا ليّنت الهمزةَ تغيَّر المعنى، ويكون من صفات النَّار؛ يقال: ضَبَتْه النَّار، إذا شَوته، تَضْبُوه ضَبْوا. والمَضْباة: خُبز المَلَّة([18]). والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــــــ

([1]) لرؤبة بن العجاج. وقبله في ديوانه 106 واللسان (ضبح):

* يتركن ترب الأرض مجنون الصيق *

([2]) في الجمهرة (1: 244): "ضبدت الرَّجل تضبيداً: ذكرته بما يغضبه". ومثله في القاموس. وفي اللسان: "ضبدته" مخفف الباء.

([3]) في الأصل: "الكب"، صوابه في اللسان.

([4]) البيت لعبيد بن الأبرص، من بائيته المشهورة، انظر ديوانه 9 وشرح التبريزي للمعلقات 310.

([5]) لساعدة بن جؤية الهذلي في ديوان الهذليين: (1: 185)، واللسان (ضبر). وصدره:  * بينا هم يوماً كذلك راعهم *.

([6]) لمعن بن أوس المزني في اللسان (ضبط). وكلمة (غذا) ساقطة من الأصل.

([7]) الأمدر: الذي في جسده لمع من سلحه. ويقال لون له.

([8]) لعباس بن مرداس، كما في اللسان (ضبع). وهو من شواهد النحويين لحذف "كان" بعد أن وتعويض "ما" عنها.

([9]) ديوان رؤبة 177 واللسان (ضبع).

([10]) في الأصل: "وفي أعضادها"، صوابه في المجمل واللسان.

([11]) هو عمرو بن شأس، كما في اللسان (ضبع) والخزانة (3: 599).

([12]) صدره:  * نذود الملوك عنكم وتذودنا *

([13]) التكملة من المجمل.

([14]) بتثليث الضاد ، وكفرحة، كما في القاموس.

([15]) استشهد في المجمل بكلمتي "سطة المضبأين" فقط.

([16]) في الأصل "الجأت"، صوابه في المجمل.

([17]) في الأصل: "الرماة"، صوابه في المجمل واللسان.

([18]) في اللسان : "وبعض أهل اليمن يسمون خبزة الملة مضباة من هذا، قال ابن سيده: ولا أدري كيف ذلك، إلا أن تسمّى باسم الموضع"

 

ـ (باب الضاد والجيم وما يثلثهما)

(*ضجر) الضاد والجيم والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اغتمامٍ بكلام. يقال ضَجِرَ يَضْجَر ضَجَراً. وضجِرت النَّاقةُ: كثر رغاؤها. ويقولون في الشعر: ضجْرَ، بسكون الجيم. قال:

* فإن أهجُهُ يَضْجَرْ كما ضَجْرَ بازلٌ([1]) *.

(ضجع) الضاد والجيم والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على لُصوقٍ بالأرض على جنْب، ثم يُحمَل على ذلك. يقال ضَجَعَ ضُجوعاً. والمرَّة الواحدة الضَّجْعة. ويقال: اضطَجَع يضطجع اضطجاعاً. وضجيعُك: الذي يُضاجِعك. وهو حسن الضِّجْعة كالرِّكْبة.

ومن الباب: ضجَّعَ في الأمر، إِذا قصَّر، كأنَّه لم يقُم بهِ واضطجَعَ عنه. ويقال رجلٌ ضَجُوع، أي ضعيف الرّأي. ورجل ضُجَعَة: عاجزٌ لا يكاد يبرح. والضَّجوع: النَّاقة التي ترعى ناحية. ويقال تضجَّع السحاب، إذا أرَبّ بالمكان. وهو في شعر هذيل. ويقال أكَمَة ضَجُوع، إذا كانت لاصقةً بالأرض. والضجوع: أكمة بعينها. والضَّواجع: موضع في قوله:

* راكسٌ فالضَّواجع([2]) *

والضَّاجعة والضَّجعاء: الغنم الكثيرة، وإنما هو من الباب لأنَّها ترعى وتضطجع. والضَّجُوع: ناقة ترعى ناحيةً وتضطجع وحْدَها.

(ضجم) الضاد والجيم والميم أصلٌ صحيحٌ يدل على عِوَج في الشّيء. فالضَّجَم: العِوَج. يقال تَضَاجَم الأمرُ بالقومِ، إذا اختلف. والضَّجَم: اعوجاجٌ في الأنفِ وأن يميل إلى أحد جانِبي الوجه. وضُبَيْعةُ أضجَمَ: قومٌ من العرب، كأنّ أباهم أَضجم. ويقال الضَّجَم أيضاً اعوجاجُ المَنْكِبَين.

(ضجن) الضاد والجيم والنون، ليس بشيء، إلاَّ أنَّهم يقولون: [الضَّجَن]: جبلٌ معروفٌ. وقد قلنا في هذا. وقال الأعشى:

* كَخَلْقَاءَ مِنْ هَضَباتِ الضَّجَنْ([3]) *

وضَجْنانُ: جبلٌ بتهامة.

ـــــــــــــــ

([1]) للأخطل يهجو كعب بن جعيل، وليس في ديوانه، وعجزه كما في اللسان (ضجر):  * من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه *.

([2]) قطعة من بيت للنابغة في ديوانه 51 واللسان (ضجع). وهو بتمامه:

وعيد أبي قابوس في غير كنهه *** أتاني ودوني راكس فالضواجع

([3]) في الأصل: "بحلقاء"، صوابه في المجمل واللسان والديوان  ص16 وصدره: * وطال السنام على جبلة *.

 


ـ (باب الضاد والحاء وما يثلثهما)

(ضحل) الضاد والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ، وهو الماء القليل وما أشبهه. من ذلك الضَّحْل: الماء القليل، ومكانه المَضْحَل، والجمع مَضاحل. ويقال ضَحِل الماء: رقَّ وقلَّ، وهو من الكلام الفصيح الصحيح. وأتَان الضَّحْل: صَخرة بعضها في الماءِ وبعضُها خارج.

(ضحي) الضاد والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على بُروز الشيء. فالضَّحَاء: امتداد النَّهار، وذلك هو الوقت البارز المنكشف. ثمَّ يقال للطعام الذي يُؤكل في ذلك الوقت ضَحاء. قال:

* تَرَى الثَّوْرَ يمشي راجعاً مِنْ ضَحائِهِ([1]) *

ويقال ضحِي الرَّجلُ يَضْحَى، إذا تعرَّضَ للشَّمْس، وضَحَى مثلُهُ. ويقال اضْحَ يا زيد، أي ابرُزْ للشَّمْس. والضَّحِيَّة معروفة، وهي الأُضْحِيَّة.

قال الأصمعي: فيها أربع لغات: أُضْحِيَّة وإضْحيَّة، والجمع أضَاحِيّ؛ وضَحِيَّة، والجمع ضحايا؛ وأَضْحاةٌ، وجمعها أُضْحىً([2]). قال الفرّاءُ : الأَضْحَى مؤنّثة وقد تذكّر، يُذهَب بها إلى اليوم. وأنشد:

* دنا الأَضْحَى وصَللت اللِّحامُ([3]) *

وإِنما سُمِّيت بذلك لأنَّ الذّبيحة في ذلك اليوم لا تكون إلاَّ في وقت إشراق الشَّمس. ويقال ليلَةٌ إِضحيَانةٌ وضَحْيَاءُ، أي مضيئةٌ لا غيمَ فيها. ويقال: هم يتضحَّوْنَ، أي يتغدَّوْن. والغَداء: الضَّحاء. ومن ذلك حديث سلمة بن الأكوع: "بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم  نتضَحَّى"، يريد نتغدَّى. وضاحية كلِّ بلدةٍ: ناحيتُها البارزة. يقال هم ينزلون الضَّوَاحيَ. ويقال: فعل ذلك ضاحيةً، إِذا فعله ظاهراً بيّناً. قال:

عَمِّي الذي منعَ الدِّينارَ ضاحيةً *** دينارَ نَخَّةِ كلبٍ وهو مشهودُ([4])

وقال:

وقد جزتْكُم بنو ذُبيانَ ضاحيةً *** بما فعلتم ككيل الصَّاع بالصّاعِ([5])

فأمَّا قولُ جرير:

فما شَجَرات عِيصِكَ في قريشٍ  *** بعَشَّات الفُرُوع ولا ضَواحِ([6])

فإنَّه يقول: ليست هي في النَّواحي، بل هي [في] الواسطة. ويقال للسَّماوات كلِّها الضَّواحي. وقال تأبَّطَ شرّاً:

وقُلّةٍ كسِنانِ الرُّمح بارزةٍ *** ضحيانة…………([7])

فهي البارزة للشمس.

قال أبو زيد: ضَحَا الطريق يَضْحُو ضَحْواً وضُحُوّاً([8])، إِذا بدا وظَهَر. فقد دَلَّت هذه الفروعُ كلُّها على صحة ما أصّلناه * في بروزِ الشَّيء ووُضوحه. فأمَّا الذي يُروى عن أبي زيدٍ عن العرب: ضحَّيت عن الأمر([9]) إذا رفقت، فالأغلب عندي أنَّه شاذٌّ في الكلام. قال زَيد الخيل:

لو أنَّ نصراً أصلحَتْ ذاتَ بينِها *** لضحَّت رُويداً عن مصالحها عمرُو([10])

(ضحك) الضاد والحاء والكاف قريبٌ من الباب الذي قبله، وهو دليل الانكشاف والبروز. من ذلك الضَّحِك ضَحِك الإنسان. ويقال أيضاً الضَّحْك([11])، والأوَّل أفصح. والضَّاحكة: كل سنٍّ تبدو من مُقَدَّم الأسنان والأضراس عند الضَّحِك.

قال ابنُ الأعرابيّ: الضَّاحِك من السَّحاب مثلُ العارض، إلاَّ أنَّه إِذا بَرَقَ يقال فيه ضَحِك. والضَّحُوك: الطَّريق الواضح. ويقال أَضْحَكْتَ حوضَك، إِذا ملأتَه حتى يفيض. قال ابن دُريد([12]): الضَّاحك حجرٌ شديد البَرِيقِ يبدو في الجَبَل، أيَّ لونٍ كان. ويقال في باب الضَّحِك: الأُضحوكة ما يُضحِك منه. ورجلٌ ضُحْكة: يُضْحَك منه. وضُحَكَة: يكثر الضَّحَك. فأمَّا الضَّحْك فيقال إنَّه العَسل. ويُنشَد:

فَجاءَ بمزجٍ لم يَرَ الناسُ مثلَهُ *** هو الضَّحْكُ إلاَّ أنَّهُ عملُ النَّحْلِ([13])

ويقال هو البَلَح، قال الشَّيبانيُّ: الطَّلْعُ هو الكافور والضَّحْكُ جميعاً حين ينفتق.

ـــــــــــــــــ

([1]) لذي الرمة في ديوانه 503 واللسان (19: 210). وعجزه:

* بها مثل مشي الهبرزي المسرول *.

([2]) زاد في اللسان: "مثل أرطاه وأرطى" فألفها للإلحاق.

([3]) لأبي الغول الطهوي في اللسان (19: 211)، وإصلاح المنطق 193، 330، 397. وصدره:

* رأيتكم بي الخذواء لما  *.

([4]) أنشده في اللسان (نخخ، ضحا) وسيأتي في (نخ).

([5]) البيت للنابغة، كما في اللسان (ضحا)، وليس في ديوانه. وعجزه في اللسان:

* حقاً يقيناً ولما يأتنا الصدر *.

([6]) ديوان جرير 99 واللسان (ضحا).

([7]) من القصيدة الأولى في المفضليات. وتمام البيت: "في شهور الصيف محراق".

([8]) ويقال أيضاً "ضُحِيَّاً".

([9]) في الأصل: "في الأمر"، صوابه في المجمل واللسان.

([10]) نصر وعمرو ابنا قعين، بطنان من بني أسد، كما في اللسان عند إنشاد البيت.

([11]) ويقال أيضاً: "الضحك"، بالكسر، وبكسرتين.

([12]) في الجمهرة (2: 167).

([13]) لأبي ذؤيب في ديوانه 42 واللسان (ضحك)، وسيأتي في (مزج).

 

ـ (باب الضاد والخاء وما يثلثهما)

(ضخم) الضاد والخاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على عِظَمٍ في الشَّيء. يقال هذا ضَخْمٌ وضُخَامٌ. ويقال: إنَّ الأضخومة شيءٌ تعظِّم به المرأة عجيزتها.‏

 

ـ (باب الضاد والراء وما يثلثهما)

(ضرز) الضاد والراء والزاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال إنَّ الضِّرِزّة: المرأة القصيرة اللئيمة.

(ضرس) الضاد والراء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قوّةٍ وخشونة وقد يشِذُّ عنه ما يخالفه. فالضِّرْس من الأسنان، سمِّي بذلك لقوّته على سائر الأسنان. ويقال ضَرَسَه يَضْرُسُهُ، إذا تناوله بضِرْسِه. وقال:

إِذا أنتَ عاديتَ الرّجالَ فلا تكن *** لهم جَزَرَاً واجرَحْ بنابك واضْرُسِ

والضِّرْس: ما خَشُنَ من الآكام. ويقال: تضارَسَ البِناء، إذا لم يستَوِ. وقال بعضُهم: ضَرّستْ فلاناً الخطوبُ. ويقال بئرٌ مضروسة: مطوّية بحجارة. وناقة ضَروسٌ: تَعَضُّ حالِبَها. ورجل ضَرِسٌ: صعب الخُلق. ويقال أضرَسه الأمر، إِذا أقلقه. والمضرَّس: ضربٌ من الرَّيْط، وكأنَّه سمِّي بذلك لأنَّه فيه صوراً كأنَّها أضراس. والضَّرَس: خَورٌ في الضِّرْس.

وممّا شذَّ عن الباب وقد يمكن أن يُتمحَّل لـه قياسٌ: الضِّرْس: المَطْرة القليلة، والجمع ضُروس.

(ضرع) الضاد والراء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لينٍ في الشَّيء. من ذلك ضَرَعَ الرجل ضَراعةَ، إذا ذلَّ. ورجلٌ ضَرَعٌ. ضعيف: قال ابنُ وَعْلة:

أناةً وحلماً وانتظاراً بهم غداً *** فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ([1])

ومن الباب ضَرْعَ الشّاة وغيرِهِ، سمِّيَ بذلك لما فيه من لِين. ويقال: أضْرَعَت النّاقة، إذا نَزَلَ لبنُها عند قرب النَّتاج. فأمَّا المضارعة فهي التشابُه بين الشيئين. قال بعض أهلِ العلمِ: اشتقاق ذلك من الضَّرْع، كأنهما ارتضعا من ضَرعٍ واحد. وشاةٌ ضَرِيعٌ: كبيرة الضَّرْع، وضريعةٌ أيضاً. ويقال لناحِل الجسمِ: ضارع. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ابني جعفر: "مالي أراهما ضارعَين؟".

ومما شذَّ عن هذا الباب: الضَّريع، وهو نبتٌ. وممكنٌ أن يُحمَل على الباب فيقال ذلك لضَعْفِهِ، إِذا كان لا يُسمِنُ ولا يُغنِي من جوع. وقال:

وتُرِكْن في هَزْم الضَّريع فكُلُّها *** حدباءُ داميةُ اليدينِ حَرودُ([2])

(ضرف) الضاد والراء والفاء شيءٌ من النَّبْت. يقال إنَّ الضِّرف من شجرِ الجبال، الواحدة ضِرْفة.

قال الأصمعيّ:  يقال فلانٌ في ضِرْفَة خيرٍ، أي كَثْرَة.

(ضرك) الضاد والراء والكاف * كلمةٌ واحدةٌ لا قِياسَ لها. يقال: الضَّريك: الضَّرير، والبائس السيِّئ الحال.

(ضرم) الضاد والراء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حرارةٍ والتهاب. من ذلك الضِّرَام من الحطب: الذي يلتهب بسرعة. قال:

ولكن بهذَاكِ اليَفَاعِ فأوقِدِي *** بجزل إِذا أوقَدْتِ لا بِضِرامِ([3])

ويقال ضَرِم الشَّيء: اشتدّ حرُّه.

ومن الباب فرس ضَرِم: شديد العَدْو. والضَّرِيم والضِّرام: اشتعال النَّار. ومما شذَّ عن الباب فيما يقولون، أنَّ الضَّرِم فَرْخ العُقاب. ولعلّه أن يكون ذلك اسمَهُ إِذا اشتدَّ جُوعه، فكأنَّه يضطرم.

(ضري) الضاد والراء والحرف المعتل أصلان: أحدهما شبه الإغراء بالشَّيء واللَّهَج به، والآخر شيء يستر.

فالأوّل قولُ العرب: ضَرِيَ بالشَّيءِ، إذا أُغْرِيَ به حتى لا يكاد يصبِر عنه. ويقال: لهذا الشَّيء ضَرَاوة: أي لا يكاد يُصبَر عنه. والضَّارِي من أولاد الكلاب، والجمع الضِّراء، وسمِّي ضارياً لأنَّه يَضْرَى بالشَّيء. والضِّرو: الضَّاري. ومن الباب: [الضَّارِي، و([4])] هو العِرق السائل. وقد ضَرَا يَضْرُو ضَرْوَاً، كأنَّه لهجَ بالسَّيَلان.

قال الخليل. الضَّرْو: اهتِزازُ الدَّمِ عند خروجه من العِرق.

وأمَّا الأصل الآخر فالضَّرَاء: مَشْيٌ فيما يُوارِي من شجرٍ أو غيرِهِ. يقال: هو يمشي له الضَّرَاء، إِذا كان يُخاتِلهُ أو يُخادِعه.

ومن الباب الضِّرْو: شجر، لأنَّه يستُر بورَقِهِ.

(ضرب) الضاد والراء والباء أصلٌ واحدٌ، ثم يُستعار ويحمل عليه. من ذلك ضَرَبت ضرباً، إِذا أوقعت بغيرك ضرباً. ويستعار منه ويشبَّه به الضَّرب في الأرض تجارةً وغيرها من السَّفر. قال الله تعالى: {وإِذا ضَرَبْتُم في الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} [النساء 101]. ويقولونَ إِن الإسراع إلى السَّير أيضاً ضرب. قال:

فإنَّ الذي كنْتُم تحذرونَ  *** أَتَتْنا عيونٌ به تَضْرِبُ([5])

والطَّير الضَّوارِب: الطَّوالِب للِرِّزق. ويقال رجلٌ مِضْربٌ: شديد الضَّرْب. ومن الباب: الضَّرْب: الصِّيغة. يقال هذا من ضَرْب فلان، أي صيغته؛ لأنَّه إِذا صاغَ شيئاً فقد ضربه. والضَّريب: المِثْل، كأنَّهما ضُرِبَا ضَرْباً واحداً وصِيغا صياغةً واحدة. والضَّرِيب الصَّقِيع: كأن السماء ضربت به الأرض. ويقال للذي أصابه الضريب مضروب. قال:

ومضروبٍ يَئِنُّ بغيرِ ضربٍ *** يُطاوِحُهُ الطِّرافُ إلى الطِّراف

والضَّريب من اللبن: ما خُلِطَ مَحْضه بحقينه، كأنَّ أحدَهما قد ضُرِبَ على الآخر. والضَّرِيب: الشَّهْد، كأنَّ النَّحل ضربه. ويقال للسجِيَّة والطبيعة الضريبة، كأنَّ الإنسان قد ضُرِبَ عليها ضرباً وصيغ صِيغة. ومَضْرَب السّيف ومَضْرِبه: المكان الذي يُضرَب به منه. ويقال للصِّنْف من الشيء، الضَّرْب، كأنه ضُرب على مثالِ ما سواه من ذلك الشيء. والضّريبة: ما يُضرَب على الإنسان من جزيةٍ وغيرها. والقِياس واحد، كأنَّه قد ضُرِبَ به ضَرْبَاً. ثم يتّسعون فيقولون: ضَرَبَ فلانٌ على يدِ فلان، إذا حَجَرَ عليه، كأنَّه أرادَ بَسْطَ يدَه فضرب الضاربُ على يده فقبض يدَه. ومن الباب ضِراب الفَحل النّاقة.

ويقال أضْرَبْت النّاقةَ: أنْزَيت عليها الفحل. وأضرب فلان عن الأمر، إذا كفَّ، وهو من الكفّ، كأنَّه أراد التبسُّط فيه ثم أضرب، أي أوقع بنفسه ضرباً فكفها عما أرادت.

فأمَّا الذي يُحكى عن أبي زيد، أنَّ العرب تقول: أَضْرَبَ الرَّجُل في بيته: أقامَ، فقياسُهُ قياس الكلمة التي قبلها.

ومن الباب الضَّرَب: العَسَلُ الغليظة، كأنَّها ضَرِبت ضَرْبَاً، كما يقال نَفَضَت الشيء نَفْضَاً، والمنفوض نَفَض. ويقال للموكَّل بالقِداح: الضَّرِيب. وسمِّيَ ضَريباً لأنَّهُ مع الذي يضربُها، فسمِّي ضريباً كالقعيد والجليس.

ومما استُعير في هذا الباب قولهم للرَّجُل الخفيف الجسم: ضَرْب، شُبِّه في خفّته بالضَّرْبة([6]) التي يضربُها الإنسان. قال:

أنا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذي تعرفونه *** خَشَاشٌ كرأس الحيّة المتوقِّدِ([7])

والضَّارب: المتَّسَع في الوادي، كأنَّهُ نَهْجٌ يَضْرِبُ في الوادِي ضَرْباً.

(ضرج) الضاد والراء والجيم أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على تفتُّح الشيء. تقول العرب: انضرجت عن البَقْل لفائِفُهُ، إِذا انفتحت. والانشقاق كله انضراج. قال:

* وانضرجَتْ عنه الأكاميم([8]) *

ويقال تضرَّجَ البَرْق: تشقَّق. وعينٌ مضروجةٌ: واسعة الشَّقّ. ويقال إن الإضريج من الخيل: الكثير العرق الجواد، وذلك من الباب لأنَّه كأنَّه يتفتح بالعرق تفتُّحاً. وعَدْو ضريج: شديد. ومن الباب تضرَّج بالدم.

ومما شذّ عن الباب الإضريج: أكسيةٌ تتخذ من أجود المِرعِزَّى، ويقال هو الخَزّ.

(ضرح) الضاد والراء والحاء أصلان: أحدُّهما رمْي الشّيء، والآخَر لونٌ من الألوان.

فالأوَّلُ قولهم: ضرَحت الشَّيءَ، إِذا رَميتَ به. والشيء المُضْطرَح: المرميّ. والفَرس الضَّروح: النَّضوح برجلهِ. وقوسٌ ضَروح: شديدةُ الدَّفْعِ للسَّهمِ. والضَّرِيح: القبرُ يُحْفَرُ من غير لَحْدٍ، كأنَّ الميت قد رُمِيَ فيه.

وأمّا الآخَر فالأبيض من كلِّ شيء، يقال لـه المَضْرَحيّ. والصَّقْر مضرحيٌّ، والسيِّد مضرحيّ.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت من أبيات نسبت في حماسة البحتري 104 إلى عامر بن مجنون الجرمي. وفي حماسة ابن الشجري 70 لكنانة بن عبد ياليل. قال: وتروى للحارث بن وعلة الشيباني. وسيأتي في (غمر).

([2]) لقيس بن عيزارة الهذلي في اللسان (ضرع)، وقصيدته في شرح السكري للهذليين 115.

([3]) البيت في اللسان (ضرم) بدون نسبة، ونسبه الزمخشري في أساس البلاغة إلى حاتم الطائي، وليس ديوانه.

([4]) استأنست في هذه التكملة بما ورد في المجمل من قوله: "والضاري: العرق السائل".

([5]) نسب في اللسان (ضرب) إلى المسيب، وهو المسيب بن علس.

([6]) في الأصل: "بالضريبة".

([7]) البيت لطرفة من معلقته المشهورة.

([8]) لذي الرّمة في ديوانه 584 واللسان (ضرج، كمم)، وهو بتمامه:

مما تعالت من البهمى ذوائبها  *** بالصيف وانضرجت عنه الأكاميم

 

ـ (باب الضاد والزاء وما يثلثهما)

(ضزن) الضاد والزاء والنون أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على الضَّغْطِ والمزاحَمة. يقولون للذي يُزاحِمُ أباه في امرأته: ضَيْزَن. قال أوس:‏

* فكلكم لأبيهِ ضَيزَنٌ سَلِفُ(1) *‏

ويقال الضَّيْزَن: العدوّ. وإذا اتَّسع قَبُّ البَكَرة فضُيِّق بخشبةٍ فذلك هو الضَّيْزن. والضَّيزن: الذي يُزاحِم عند الاستقاء والإيراد.‏

ـــــــــــــــــ

(1) إنشاد البيت كما في الديوان 17 واللسان (ضزن):‏

والفارسية فيهم غير منكرة *** فكلهم لأبيه ضيزن سلف‏

وانظر أدب الكاتب 282 والاقتضاب 384 والبيان (3: 256).‏

 

ـ (باب  ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)

من ذلك الضِّرغام: الأسد، فهذا منحوتٌ من كلمتين: من ضغم، وضرم. كأنَّه يلتهب حتَّى يَضْغَم. وقد فسَّرنا الكلمتين. ويقال ضَرْغَم الأبطالُ بعضُهم بعضاً في الحرب.

من ذلك (الضُّبَارِك) و(الضِّبْراك)، وهو الرّجلُ الضخْم. وهذا مما زِيدت فيه الكاف، وأصله من الضَّبْر وهو الجمْع؛ وقد مضى.

ومن ذلك (الضَّرْزَمة)، وهو شدّة العضّ. وأفْعَى (ضِرْزِمٌ): شديدة العضّ. وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من ضرز، وهو أن يشتدَّ على الشيء. وقد فُسِّر.

ومن ذلك (الضّفندد)، وهو الضَّخْم، والدال فيه زائدة. وهو من الضفن. ومنه (الضِّبَطْر)، وهو الشديد. وهي منحوتةٌ من كلمتين، من ضبط وضطر.

ومنه (الضَّيْطَر)، وقد مضى ذكره([1]).

ومنه (الضُّبارِم): الأسد، والميم فيه زائدة، وهو من الضَّبر.

ومنه (الضَّبْثَم)، وهو الشديد، وهو ممّا زِيدت فيه الميم، وهو من ضَبَث على الشيء، إِذا قَبَضَ عليه.

ومن ذلك (الضَّبَغْطَى): كلمة يفزّع بها، وهو ممّا زِيدت فيه الباء، وهو من الضَّغْط.

ومن ذلك (الضَّبَنْطَى): القويّ، وقد زيدت فيه النون، وهو من ضبط.

ومن ذلك (المُضْرَغِطُّ): الضَّخم، والغضبان. وهو أيضاً ممّا زيدت فيه الراء.

ومن ذلك (الضِّرْسامة) وهو اللئيم، والميم فيه زائدة، وهو من الضّرس.

ومما وُضِعَ وضعاً ولا أظنُّ له قياساً (الضَّمْعَج)، وهو الضَّخمة من النوق، ولا يقال ذلك للبعير. وامرأةٍ ضَمعجٌ: ضخمة.

ومن ذلك (الضُّغْبُوس)، وهو الرَّجُل الضَّعيف. قال جرير:

قد جَرّبت عَرَكِي في كلِّ مُعْتَرَكٍ *** غُلْبُ الليوث فما بالُ الضَغابيسِ([2])

والضَّغابيس: صِغار القِثّاء، وفي الحديث: "أنَّه أُهديت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضَغَابيس". والسين فيه زائدة، والدليل على ذلك قولُهم للذي يأكلها كثيراً ضَغِْبٌ.

ومن ذلك (اضمحلَّ) الشَّيء: ذهب. واضمحلَّ السحاب: تقشع.

ومن ذلك (الضِّفْدِع([3]))، وهي معروفة.

ومن ذلك ما رواه الكسائيّ: (اضبَأكّت) الأرض و(اضمأكّت)، إِذا خَرَجَ نَبْتُها.

ومن ذلك (الضِّئبِل)، وهي الدَّاهية.

*ويقال (اضْفَأَدَّ)، إِذا انتفخَ من الغضب، اضفئداداً. والله أعلم.

(تم كتاب الضاد)

ـــــــــــــــــ

([1]) انظر مادة (ضطر) ص 361.

([2]) ديوان جرير 324.  واللسان (ضغبس).

([3]) فيه لغات، كزبرج، وجعفر، وجندب، ودرهم. وهذا الأخير أقل، أو مردود.

 


كتاب الطاء:

ـ (باب الطاء في المضاعف والمطابق)

(طع) الطاء والعين ليس بشيء. فأمَّا ما حكاه الخليل، من أن الطَّعطعة حكاية صوت اللاطع فليس بشيء.

(طف) الطاء والفاء يدلُّ على قِلّةِ الشيء. يقال: هذا شيءٌ طفيف. ويقال: إِناءٌ طَفَّانُ، أي ملآن. والتَّطْفِيف: نقص المكيال والميزان. قال بعض أهل العلم: إِنّما سمِّي بذلك لأنَّ الذي ينقصه منه يكون طفيفاً. ويقال لِمَا فوق الإِناء الطَِّفَاف والطُّفافة. فأمَّا قولهم: طفّفت بفلانٍ موضعَ كذا، أي رفعتُهُ إليه وحاذيته([1]). وفي الحديث: "طَفَّفَ بي الفرسُ مسجدَ بني فلان([2])" فإنَّه يريد وثَب حتى كاد يساوي المسجد ـ فهذا على معنى التشبيه بطَفاف الإناء وطَفافته. والقياس واحد.

ومما شذَّ عن الباب قولهم: أطفَّ فلانٌ بفلان، إذا طَبَن له وأراد ختله. ومنه استطفَّ الأمرُ، إِذا أمكنَ وأُكْمِلَ([3])، وهذا من باب الإبدال، وقد ذكر في بابه.

(طل) الطاء واللام يدل على أصولٍ ثلاثة: أحدها غضاضة الشَّيء وغضارَته، والآخَر الإشراف، والثالث: إِبطال الشَّيء.

فالأول الطّلّ: وهو أضعف المطر، إِنّما سمِّي به لأنَّه يحسِّن الأرض. ولذلك تسَمّى امرأة الرَّجل طَلّته.

قال بعضهم: إنَّما سمِّيت بذلك لأنَّها غضّةٌ في عينه [كأنّها] طَلّ. ومن الباب في معنى القلَّة، وهو محمولٌ على الطّلّ، قولهُم: ما بالنّاقة طُلّ، أي ما بها لبن، يراد ولا قليلٌ منه. وضُمَّت الطاء فرقاً بينه وبين المطر.

والباب الآخر: الطّلَل، وهو ما شَخَص من آثار الديار. يقال لِشَخْصِ الرَّجل طَلَلُهُ. ومن ذلك أَطَلَّ على الشَّيء، إذا أَشْرَفَ. وطَلَل السَّفِينة: جِلالها، والجمع أطلال. ويقال: تَطَالَلْت، إِذا مددتَ عنقَكَ تنظُرُ إلى الشيءِ يبعُد عنك. قال:

كَفَى حَزناً أنِّي تطاللت كي أرَى  *** ذُرى عَلَمَيْ دَمْخٍ فما يُريَانِ([4])

وأمّا إبطال الشيء فهو إطلال الدِّماء، وهو إبطالها، وذلك إِذا لم يطلب لها. يقال طُلَّ دمه فهو مطلول، وأُطِلّ فهو مُطَلّ، إِذا أُهْدِر.

ومما شذَّ عن هذه الأصول، وما أدري كيف صحّته قولهم: إنَّ الطِّلَّ([5]): الحيَّة. والطَّلاَطِلَة: داءٌ يأخذ في الصُّلْب.

(طم) الطاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تغطيةِ الشَّيءِ للشَّيءِ حتى يسوّيهِ به، الأرض أو غيرها. من ذلك قولهم طمَّ البئر بالتراب: ملأها وسَوَّاها. ثم يحمل على ذلك  فيقال للبحر الطِّمُّ، كأنَّه طَمَّ الماءُ ذلك القرار. ويقولون: "له الطِّمّ والرِّم". فالطِّمّ: البحر، والرِّمّ الثَّرَى. ومن ذلك قولهم: طَمَّ الأمر، إِذا علا وغَلَبَ، ولذلك سُمِّيت القيامة: الطَّامَّة. فأمَّا قولهم: طَمَّ شَعَره، إذا أخذَ منه، ففيه معنى التَّسويَة وإنْ لم يكن فيه التغطية.

ومن الباب: الطِّمْطِم: الرجل الذي لا يُفصح، كأنَّه قد طُمَّ كما تُطَمّ البئر. ومما شذَّ عن هذا الأصل شيءٌ ذكرهُ ابنُ السكّيت، قال: يقال طَمَّ الفرسُ إذا عَلا. وطمَّ الطّائرُ إذا علا الشجرة.

(طن) الطاء والنون أصلٌ يدلُّ على صوت. يقال: طنَّ الذباب طنيناً. ويقولون: ضرب يدَه فأطنّها، كأنَّه يُراد به صوتُ القَطْع.

ومما ليسَ عندي عربياً قولهم للحُزمة من الحطب وغيرِه: طُنّ. ويقولون: طَنَّ، إذا مات، وليس بشيء.

(طه) الطاء والهاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال للفرسِ السريع: طَهطاهٌ.

(طأ) الطاء والهمزة، وهو يدلُّ على هَبْط شيءٍ. من ذلك قولهم: طأطأ رأسَه. وهو مأخوذٌ *من الطَّأْطاءِ، وهو منهبطٌ من الأرض. وهو في قول الكُميت([6]).

(طب) الطاء والباء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على عِلمٍ بالشيء ومَهارَةٍ فيه. والآخر على امتدادٍ في الشيء واستطالة.

فالأول الطِّبّ، وهو العلم بالشيء. يقال رجلٌ طَبٌّ وطبيب، أي عالم حاذق. قال:

فإنْ تسألوني بالنِّسَاءِ فإنّني  *** بصيرٌ بأدواء النِّساءِ طبيب([7])

ويقال فحلٌ طَبٌّ، أي ماهر بالقِرَاع. ويقال للذي يتعهّد موضِعَ خُفِّه أَينَ يَطَأُ به: طَبٌّ أيضاً. ولذلك سمِّيَ السِّحْر طِبّاً؛ يقال مطبوب، أي مسحور. قال:

فإنْ كنت مطبوباً فلا زِلْت هكذا  *** وإِنْ كُنت مسحوراً فلا برأ السِّحرُ

وأمَّا الذي يقال في قولهم: ما ذاك بِطِبِّي، أي بدهري، فليس بشيء، إِنَّما معناهُ ما ذاك بالأمر الذي أَمْهَرُه، ما ذاك بالشيء الذي أقتلُهُ علماً([8])، كما جاء في الحديث: "فما طهوي إذاً([9])". وقد ذكرناه في بابه.

وأمَّا الأصل الآخَر: فالطِّبَّة: الخِرْقَة المستطيلة من الثَّوب، والجميع طِبَب. وطِبَب شُعاع الشَّمْس: الطَّرَائق الممتّدة تُرَى فيها حين تطلُع. والطِّبابة: السَّير بين الخُرْزَتين. والطِّبّة: مستطيل من الأرض دقيقٌ كثير النَّبات.

ومن ذلك قولُهم: تلقَى فلاناً عن طِبَبٍ كثيرةٍ، أي ألوان كثيرة.

(طث) الطاء والثاء ليس بشيء. ويزعمون أنّ الطَّثَّ لُعْبَةٌ بِخشبةٍ تدعى المِطَثَّة.

(طح) الطاء والحاء قريبٌ من الذي قبله على أنّهم يقولون: الطَّحُّ: أن تسحَجَ الشيء بِعَقِبك([10]). ويقال طَحْطَح بهم، إِذا بَدّدهم. وطَحْطَحَهم: غَلَبَهم.

(طخ) الطاء والخاء ليس [له] عندي أصلٌ مطرد ولا منقاس. وقد ذُكِرَ عن الخليل: طَخْطَخَ السَّحابُ: انضمَّ بعضه إلى بعض. والطَّخْطخة: تسوية الشَّيء. وهذا إِنَّما يُحتاج في تصحيحه إلى حُجّة، فأمَّا الحكاية في هذا الباب فيقال إنّ الطّخْطَخَة الضَّحك؛ والحكايات لا تُقاس.

ومما يقرب من هذا في الضَّعف قولهم: إنَّ المتطَخطِخ: الضعيف البصر. وقالوا أيضاً: والطُّخوخ: سوء الخُلُق والشَّراسَة.

(طر) الطاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حِدّة في الشيء واستطالةٍ وامتدادٍ من ذلك قولهم: طرَّ السِّنَان، إِذا حدّده. وهذا سنان مطرور، أي محدَّد. ومن الباب الرّجل الطَّرير: ذو الهَيْئَة، كأنَّه شيءٌ قد طُرَّ وجُلِيَ وحُدِّدَ. قال:

ويُعجِبك الطّريرُ فتبتليه *** فيُخلِفُ ظنَّك الرجلُ الطّريرُ([11])

ومن الباب فَتَىً طارٌّ: ط‍رَّ شاربُهُ. والطُّرَّةُ: كُفّة الثَّوب. ويقال: رمى فأطَرَّ، إِذا أنفَذ. وكلُّ شيء حُسِّن فقد طُرَّ، حتى يقال طَرّ حوضَه([12])، إذا طيّنه. والطُّرَّة من الغيم: الطريقة المستطيلة. والخُطَّة السّوداء على ظهر الحمار طُرَّة. وطُرَّة النهر: شَفيرُه. وطَرَّ النّبتُ، إِذا أنبت؛ وهو مِنْ طَرّ شاربُهُ. قال:

منّا الذي هو ما إنْ طَرَّ شاربُهُ *** والعانسون ومنّا المُرْدُ والشِّيبُ([13])

فأمَّا الطَّرّ الذي في معنى الشَّلّ([14]) والطَّرد، فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّ مَنْ طرد شيئاً وشَلّه فقد أَذْلَقه حتى يحتدّ في شَدِّهِ وعَدْوِه. فأمَّا قول الحطيئة:

غَضِبْتُم علينا أن قتلْنا بخالدٍ *** بني مالِكٍ ها إنَّ ذا غَضَبٌ مُطِرّ([15])

فقال أبو زيد: الإطرار الإِغراء. وهذا قريبُ القِياسِ من الباب، لأنَّه إِذا أغراه بالشَّيءِ فقد أَذْلَقه وأحدَّه. وقال آخَرون: المُطِرُّ: المدِلّ. والأوّل أحسن وأقيس. ويقال الغضب المطرّ الذي جاء من أطرار الأرض، أي هو غضب لا يُدرى من أين جاء. وهو صحيح؛ لأنَّ أطرار الأرض أطرافها وطرف كلِّ شيءٍ: الحادّ منه.

(طس) الطاء والسين ليس أصلاً. والطَّسُّ لغةٌ في الطَّسْت.

(طش) الطاء والشين أُصَيلٌ يدلُّ على قِلّةٍ في مَطَر، ويجوز أن يُستعار في غيرهِ أصلاً. من ذلك الطّشّ، وهو المطر الضَّعيف. وقال رؤبة:

* ولا نَدَى وَبْلِكَ بالطَّشيشِ([16]) *

والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــــ

([1])  وكذا في المجمل، وفي اللسان: "دفعته" بالدال.

([2]) في المجمل واللسان: "بني زريق".

([3]) في المجمل: "إذا استقامَ وأمكن".

([4]) لطهمان بن عمرو الكلابي، كما سبق في حواشي (دمخ). وأنشده في اللسان في (طلل).

([5]) يقال أيضاً بفتح الطاء، كما في اللسان (طلل 432).

([6]) في ديوانه (2: 22). وأنشده في اللسان والجمهرة (3: 285) بدون نسبة :

منها اثنتان لما الطأطاء يحجبه *** والأخريان لما يبدو به القبل

([7]) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه 131 والمفضليات (3: 192).

([8]) في الأصل: "أقله علما".

([9]) انظر ما سيأتي في (طهي). وفي اللسان (طها): "وقيل لأبي هريرة: أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: وما كان طهوي ـ أي ما كان عملي ـ إن لم أحكم ذلك".

([10]) في الأصل: "يعقل"، صوابه في المجمل واللسان.

([11]) البيت من أبيات رويت في الحماسة: (2: 20). منسوبة إلى العباس بن مرداس. وذكر في اللسان (طرر) أن البيت يروى أيضاً للمتلمس.

([12]) في الأصل: "خوصته" ، صوابه في المجمل واللسان.

([13]) البيت لأبي قيس بن رفاعة. اللسان (عنس)، وشرح شواهد المغني 244. وسيأتي‎‎‎‎‎‎‎ في (عنس).

([14]) في الأصل: "الشك"، تحريف.

([15]) ديوان الحطيئة 49 واللسان (طرر) وإصلاح المنطق 320.

([16]) في اللسان :              * ولا جدا نيلك بالطشيش *.

وفي الديوان: 78:          * وما جدا غيثك بالطشوشِ *.

 

ـ (باب الطاء والعين وما يثلثهما)

(طعم) الطاء والعين والميم أصلٌ مطَّرد منقاسٌ في تذوُّقِ الشَّيء. يقال طَعِمْتُ الشيءَ طَعْماً. والطَّعام هو المأكول. وكان بعضُ أهلِ اللّغةِ يقول: الطَّعام هو البُرُّ خاصّة، وذكر حديث أبي سعيد([1]): "كُنّا نُخرج  صدقةَ الفِطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صاعاً من طعامٍ أو صاعاً من كذا([2])". ثم يُحمَلُ على باب الطعام استعارةً ما ليس من باب التذوُّق، فيقال: استطعَمَني فلانٌ الحديثَ، إذا أرادكَ على أن تحدِّثه. وفي الحديث: "إذا استطعَمَكم الإمامُ فأطْعِمُوه"، يقول: إذا أُرْتِجَ عليه واستَفْتَح فافتحُوا عليه. والإطعام يقع في كل ما يُطعَم، حتَّى الماء. قال الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}  [البقرة 249]. وقال عليه السلام في زمزم: "إنّها طَعامُ طُعْم، وشِفاء سُقْم"، وعِيب خالدُ بن عبد الله القسريّ بقوله: "أطعِمُوني ماءً"، وقال [بعضهم] في عيبه بذلك شعراً([3])، وذلك عندنا ليس بعيب، لما ذكرناه. ويقال رجلٌ طاعم: حسن الحال في المَطْعَم. وقال الحُطيئة:

دَعِ المَكارمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها *** واقْعُدْ فإنّك أنتَ الطَّاعُم الكاسِي([4])

ورجلٌ مِطْعامٌ: كثير القِرَى. وتقول: هو مُطعَم، إذا كان مرزوقاً. والطُّعْمة: المأكُلة. وجَعَلْتُ هذه الضيعة لفلانٍ طعمة. فأما قول ذي الرُّمّة:

وفي الشِّمال من الشِّريان مُطعمة *** كبداءُ في عَجْسِها عطفٌ وتقويمُ([5])

فإنَّه يروى بفتح العين "مُطعَمة": أنَّها قوسٌ مرزوقة. ويروى: "مُطعِمة"، فمن رواها كذا أراد أنّها  تُطعِمُ صاحبَها الصَّيد.

ويقال للإصبع الغليظة المتقدِّمة من الجارحة مُطعِمة؛ لأَنَّها تُطعمه إذا صادَ بها.  ويقولون إنَّ المطَعَّم من الإبل: الذي يوجد في مُخِّه طَعم الشحم من السِّمَن. ويقال للنَّخلة إذا أدركَ ثمرُها: قد أطعَمَتْ. والتَّطعُّم: التذوُّق. يقال: "تَطَعَّمْ تَطْعَم"، أي ذُق الطعام تشتَهِهِ وتأكُلْه. ويقال: فلانٌ خبيث الطُّعمة، إذا كان رديء الكسب. ويقال: اُدْنُ فاطْعَم، فيقول: ما بي طُعْم،  كما يقال من الشَّراب: ما بي شُرْب. ويقال شاةٌ طَعوم، إذا كان فيها بعضُ السِّمن.

(طعن) الطاء والعين والنون أصلٌ صحيحٌ مطَّرد، وهو النَّخْس في الشَّيءِ بما يُنْفِذُهُ، ثمّ يُحْمَل عليه ويستعار. من ذلك الطَّعْن بالرُّمح. ويقال تطاعن القوم واطَّعَنوا، وهم مطاعينُ في الحرب. ورجلٌ طَعّان في أعراض الناس. وفي الحديث: "لا يكون المؤمن طعَّاناً"، وحَكَى بعضُهم: طعنتُ في الرَّجُل طَعَناناً لا غير، كأنَّهُ فَرَقَ بينه وبين الطَّعَن بالرُّمح. وقال:

وأَبَى ظاهرُ الشَّناءَةِ إلاَّ *** طَعَناناً وقولَ ما لا يُقالُ([6])

وطعن في المفازة: ذهب. وقال بعضهم: طعن بالرُّمح يطعُن بالضمِّ، وطعن بالقول يطْعَن، فتحاً([7]).

ـــــــــــــــــــ

([1]) هو أبو سعيد الخدري، سعد بن مالك بن سنان، الإصابة 2189.

([2]) الذي في المجمل واللسان: "أو صاعاً من شعير".

([3]) انظر الحيوان (2: 267 ـ 268 / 4: 323 / 6: 390).

([4]) ديوان الحطيئة 54 واللسان (طعم).

([5]) ديوان ذي الرِّمة 587 والمجمل واللسان (طعم).

([6]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في اللسان (طعن) وليس في ديوانه. ورواية اللسان: "وأبى المظهر العداوة" وهي رواية الصحاح والمحكم والمخصص (6: 87 / 12: 170).  ورواية التّهذيب: "وأبى الكاشحون يا هند إلاَّ".

([7]) في الأصل: "طعن بالرمح يطعن ويطعن بالقول"، صوابه من المجمل.

 

ـ (باب الطاء والغين وما يثلثهما)

(طغي) الطاء والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح منقاس، وهو مجاوَزَة الحدِّ في العِصيان. يقال هو طاغٍ. وطَغَى السّيلُ، إذا جاء بماءٍ كثير. قال الله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الماءُ} [الحاقة 11]، يريد والله أعلم خروجَه عن المقدار. وطَغَى البحر: هاجت أمواجُه. وطغى الدَّمُ: تبيَّغَ. قال الخليل: "الطُّغْيان والطُّغْوان لغة. والفعل منه طَغَيْتُ وطَغَوت.‏

وممّا شذَّ عن هذا الأصل قولهم إنَّ الطَّغْيَة: الصَّفاة المَلْساء.‏

(طغم) الطاء والغين والميم كلمةٌ ما أحسبها من أصل كلام العرب. يقولون لأوغاد الناس : طَغَام.‏

 

ـ (باب الطاء والفاء وما يثلثهما)

(طفق) الطاء والفاء والقاف كلمةٌ صحيحة. يقولون: طفِقَ يفعل كذا كما يقال ظلَّ يفعلُ. قال اللهُ تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحَاً بالسُّوقِ والأعناقِ} [ص 33]، {وَطَفِقا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف 22].

(طفل) الطاء والفاء واللام أصل صحيحٌ* مطّرد، ثم يقاس عليه، والأصل المولود الصغير؛ يقال هو طِفْلٌ، والأنثى طِفلة. والمُطْفِل: الظَّبْية معها طِفْلُها. وهي قريبة عهدٍ بالنِّتاج. ويقال طَفَّلْنا إبلَنا تطفيلاً، إذا كان معها أولادُها فرفَقْنا بها في السَّير. فهذا هو الأصل. ومما اشتُقَّ منه قولهم للمرأة الناعمة: طَفْلة، كَأنَّها مشبَّهة في رُطوبتها ونَعمتها بالطِّفلة، ثم فرق بينهما بفتح هذه وكسر الأولى. ومن الباب أو قريب منه: طِفْل الظَّلام، وهو أوَّلُه، وإِنَّما سمِّيَ طِفلاً لقلَّته ودقته؛ وذلك قبل مجيء مُعظَم الليل. قال لبيد:

فتدلَّيْتُ عليه قافلاً *** وعلى الأرضِ غَياياتِ الطَّفَلْ([1])

ويقال: طَفَلَ اللَّيل: أقبل ظلامُهُ. وأمَّا قول القائل:

* لوَهْدٍ جادَه طَفَلُ الثُّريّا([2]) *

(طفو) الطاء والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح، وهو يدلُّ على الشَّيء الخفيف يَعلُو الشَّيء. من ذلك قولهم طَفَا الشَّيءُ فوق الماء يطفو طَفْوَاً وطُفُوَّاً، إذا علاهُ ولم يرسُب، وحتَّى يقولوا: طَفَا الثَّور فوقَ الرَّمْلة.

ومن الباب: الطُّفْية، وهي خُوصة المُقْلِ، وسمِّيت بذلك لأنها تَعظم([3]) حتى تغطِّيَ الشجرة. وفي كتاب الخليل: الطُّفْية: حيَّة خبيثة. وهذا عندنا غلطٌ إنما الطُّفية خُوصة المقل، والجمع طُفْيٌ، ثم يشبَّه الخطُّ الذي على ظهرِ الحيَّة بها. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحيَّات: "اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَر". ألا تَراهُ جعله ذا طُفيَتَيْنِ، لأنَّهُ شبَّهَ الخطَّينِ اللذين على ظهره بذلك. وقال الهُذَ ليّ في الطُّفْي:

عفت غيرَ نُؤْيِ الدارِ ما إنْ تُبينُه *** وأقطاعِ طُفْيٍ قد عفَتْ في المعاقِلِ([4])

فأمَّا قولُ القائل:

* كما تَذِلُّ الطُّفَى مِنْ رُقْيَةِ الرَّاقي([5]) *

فإنه أراد ذوات الطُّفَى. والعرب قد تتوسَّع بأكثر من هذا. كما قال:

* إذا حملتُ بِزَّتِي على عَدَسْ([6]) *

أراد: على التي يقال لها عَدَسْ؛ وذلك زْجرٌ للبغال.

فإذا هُمِزَت كان في معنى آخر، يقال طَفِئَت النار تَطْفَأُ، وأنا أطفَأْتُها. فأمَّا الطَّفاء مثل الطَّخاء، وهو السَّحابُ الرَّقيقِ، فهو من الباب الأول، كأنَّه شيءٌ يطفو.

(طفح) الطاء والفاء والحاء. وهو شبيهٌ بالباب الذي قبله. يقال الطُّفَاحة: ما طَفَحَ فوق الشَّيءِ يُطْبَخُ من زُبْدٍ أو غيره، ثمَّ يُحْمَلُ عليهِ  فيسمَّى كلُّ شيءٍ عَلاَ شيئاً فغطَّاهُ طافحاً. يقال طَفَحَ النهرُ: امتلأ. طَفَحَ السَّكرانُ من ذلك، فهو طافح. وطفَّحت الرِّيح القُطنةَ في الهواء، إذا سطعَت  بها.

(طفر) الطاء والفاء الراء كلمةٌ صحيحةٌ، يقال طَفَر: وثَب.

(طفس) الطاء والفاء والسين، يقولون طفس: مات، والطَّفَس الدَّرَن.

(طفن) الطاء والفاء والنون ليس بشيء. على أنهم يقولون: الطُّفَانِيَة نعتُ سَوءٍ في الرّجل والمرأة. والله أعلم بالصواب.

 

([1]) سبق البيت وتخريجه في (1: 167) مادة (أيي).

([2]) أنشده في المجمل واللسان (طفل 429). والكلام بعد مبتور، تقديره: "فالطفل هنا المطر". وفي المجمل قبل إنشاد البيت: "والطفل مطر. قال".

([3]) في الأصل: "تعلم".

([4]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 140 واللسان (طفا). ورواية الديوان واللسان: "عفا غير نؤى الدار"، يعود الضمير إلى "طلل" في بيت قبله. وفي الديوان أيضاً: "ما إن أبينه".

([5]) صدره في اللسان (طفا): * وهم يذلونها من بعد عزتها *.

([6]) انظر اللسان (عدس).

 

ـ (باب الطاء واللام وما يثلثهما)

(طلم) الطاء واللام والميم أصلٌ صحيحٌ، وهو ضَربُ الشَّيءِ بِبَسْط الشيء المبسوط. مثال ذلك الطَّلْم، وهو ضَربُكَ خُبْزَة المَلَّة بيدك تنفُضُ ما عَليها من الرَّماد. وما أقرَبَ ما بين الطّلْم واللَّطْم. والدَّليلُ على ذلك قول حسّان:

* تُطَلِّمهن بالخُمُر النِّساءُ([1]) *

فإنَّ ناساً يرونه كذا، وآخرونَ يرونه: "تلطِّمُهنَّ". وذلك دليلٌ على أن المعنى واحد. ويقال إنَّ الطلْمة الخُبْزَة، وإِنِّما سمِّيت بذلك تُلْطَم.

(طله) الطاء واللام والهاء ليس عندي بأصل يفرع منه، ولا قياسه بذلك الصَّحيح، لكنهم يقولون: طَلَهَ في البلاد، إذا ذهب، يَطْلَه طَلْهاً. ويقولون الطُّلْهة: القليل من الكلام. ويقال الطُّلْهة: الأسمال من الثِّياب؛ يقال: تَطَلَّهْ هذا [الخَلَق([2])]  حَتَّى تَسْتَجِدَّ غيرَه.

(طلي) الطاء واللام والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على لطْخ شيءٍ بشيءٍ، والآخر على شيءٍ صغيرٍ كالولدِ للشَّيءِ.

فالأوَّلُ طَليْتُ الشَّيءَ بالشَّيء، * أَطْليه. [واطَّليتُ([3])]  بالشَّيءِ أَطَّلِي به. والطِّلاء: جنسٌ من الشَّراب، كأنَّه ثَخُنَ حتَّى صارَ كالقَطِران الذي يُطلى به. والمِطلاء: أرضٌ مِئْناثٌ، والجمع المَطَالِي، وهو من القِياس وذلك أنَّها قد طُليتْ بشيءٍ حتَّى لانت.

ومن الباب: كلامٌ لا طَلاَوَةَ لَـه، إذا كان غثّاً([4])، كأنَّه إذا كان خلاف ذلك فقد طُلِيَ بشيءٍ يُحلِّيهِ. وبأسنانهِ طَلِيٌّ وطِلْيَانٌ. وقد طَلِيَ فوه يَطْلَى طَلاً، وهي الصُّفْرَة، كأنها طُلِيَتْ به.

والأصل الآخر الطِّلْوَة: ولد الوحشيّة الأنثى، والذكر طِلاً. ويقولونَ الطِّلْو: الذِّئْب، ولعله أن يكون ولده؛ لما ذكرناه.

ثم يَشتَقّ من هذا فيقال للحبْل الذي يشدُّ به الطِّلاَ طِلْوَة. كذا قال ابن دريد([5]). فأمَّا أحمد بن يحيى ثعلب فأنشدني عنه القَطَّان:

ما زال مذْ قُرِّف عنه جُلَبُه *** له من اللّؤم طَلِيٌّ يجْذبُه([6])

قال الفرّاء: طَلَيْتُ الطِّلا وطَلَوْتُهُ،  إِذا ربطتَهُ بِرِجْله.

وقد بقي في الباب ما يبعُد عن هذا القِياس، إلاَّ أنَّهُ في بابٍ آخر. قال الشَّيباني: الطّلاَ: الشَّخص؛ يقال إنَّه لجميل الطَّلا. وأنشد:

وخدٍّ كمَتْنِ الصُّلَّبيِّ جَلَوْتَه *** جميلِ الطَّلاَ مستشرِبِ الوَرْسِ أكحلِ([7])

فهذا إن صحَّ فهو عندي من الإِبدال، كأنَّه أراد الطَّلَل ثم أبدل إحدى اللامين حرفاً معتلاً. وهو من باب: "تقضِّي البَازِي([8])" وليس ببعيد. ومنه أيضاً الطُّلْيَة والجمع الطُّلَى: الأعناق. وإنَّما  سمِّيت كذا لأنَّها شاخصةٌ، محمولة على الطَّلا الذي هو الشَّخْص.

(طلب) الطاء واللام والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاء الشَّيء. يقال طلبتُ الشيء أطلبه طَلَبَاً. وهذا مَطْلَبِي، وهذه طَلِبَتِي. وأَطلبتُ فلاناً بما ابتغاهُ، أي أسعفته به. وربما قالوا أَطْلَبْتُهُ، إذا أحوجتَهُ إلى الطَّلَب. وأَطْلَبَ الكلأ:  تباعد عن الماء، حتّى طلبه القوم، وهو ماء مُطْلِب. قال ذو الرّمّة:

[أَضَلَّهُ راعيا كَلْبيَّةٍ صَدَرَا *** عن مُطْلِبٍ قاربٍ وُرَّادُهُ عُصبُ([9])]

(طلح) الطاء واللام والحاء أصلانِ صحيحان، أحدهما جنسٌ من الشجر، والآخر بابٌ من الهزال وما أشبهه.

فالأوّل الطَّلْح، وهو شجرٌ معروف، الواحدةُ طَلحة، وذو طُلُوحٍ: مكان، ولعلَّ به طَلْحَاً. ويقال إِبل طَلاَحَى وطَلِحة، إِذا شَكَتْ  عن أكل الطَّلْح.

والثاني: قولهم ناقةٌ طِلْح أسفارٍ، إِذا جهَدَها السَّير وهَزَلَهَا؛ وقد طَلِحَتْ. والطِّلْح؛ المهزول من القِرْدان. قال:

إذا نام طِلْحٌ أشعثُ الرّأس خلفَها *** هداه لها أنفاسها وزفيرُها([10])

ومن الباب الطَّلاح: ضدُّ الصَّلاح، وكأنَّه من سوء الحال والهُزَال.

(طلخ) الطاء واللام والخاء ليس بشيء، وذكروا فيه كلمةً كأنَّها مقلوبة. قال الخليل: الطَّلْخ: اللَّطْخ([11]) بالقَذَر. ويقال الغِرْيَن الذي يبقى في أسفل الحوض.

(طلس) الطاء واللام والسين أصلٌ صحيح، كأنَّه يدلُّ على ملاسة. يقال لفخِذ البعيرِ إِذا تساقطَ عنه شعره: طِلْس. ومنه طَلسْت الكتابَ([12])، إِذا محوته، كأنَّك قد مَلّسته([13]). فأمَّا الذّئب الأطلس فيقولون الأغبر، والقياس يدلُّ على أنَّه الذي قد تمعَّط شعره، فإِنْ كان ما يقولونه صحيحاً فكأنَّهُ من غُبْرته قد أُلبس طيلساناً. والطَّيْلَسان بفتح اللام صحيح([14])، وفيه يقول الشاعر:

وليلٍ فيه يُحسَبُ كلّ نجمٍ *** بدَا لكَ من خَصَاصَة طَيلسانِ([15])

 (طلع) الطاء واللام والعين أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على ظهورٍ وبُروز، يقال طلعت الشمس طُلوعاً ومَطْلَعاً. والمَطْلِع: موضع طلوعها. قال الله تعالى: {حَتَّى مَطْلَِعِ الفَجْر} [القدر 5]. فمن فتح اللام أراد المصدر، ومن كسر أراد الموضع الذي تطلعُ منه. ويقال طَلَعَ علينا فلانٌ، إذا هجم. وأَطْلَعْتُك على الأمر إِطْلاعاً. وقد أطلعتُك طِلْعَهُ. والطِّلاع: ما طَلعت عليه الشمس من الأرض. وفي الحديث: "لو أنَّ لي طِلاَعَ الأرض ذهباً". ونَفْسٌ طُلَعَةٌ: تتطلَّعُ للشيء. وامرأةٌ طُلَعَةٌ، إذا كانت تكثر الاطّلاع. والطَّلْع: طَلْعُ النّخلة، وهو الذي يكونُ في جوفه الكافُور، وقد أطلعت النخلة. وقوس طِلاَعُ الكفِّ، إذا كان عَجْسها* يملأ الكفّ. قال أوس:

كَتُومٌ طِلاَعُ الكفِّ لا دونَ مِلْئِها *** ولا عَجْسُها عن موضِعِ الكفِّ أفضلا([16])

ومن الباب:  استطلعتُ رأيَ فلانٍ، إذا نظرتَ ما الذي يَبْرُزُ إليك منه. وطَلْعة الإنسان: رؤيته؛ لأنَّها تطلُع، ورمى فلان فأَطْلَعَ وأشْخَص، إذا مرَّ سهمُه برأسِ الغَرَض. وطليعة الجيش: من يطَّلِع طِلْعَ العدوّ، والمُطَّلَع: المأْتَى؛ يقال أين مُطَّلع هذا الأمر، أي مأْتاه. فأمَّا قوله عليه السَّلام: "لافتدَيْتُ به من هول المُطَّلع"([17]). ومن الباب الطُّلَعاء: القيء؛ يقال أطْلَع: إذا قاء.

(طلف) الطاء واللام والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إهانة الشَّيء وطَرْحه، ثم يُحمَل عليه. فالطَّلَف: الهَدَر من الدِّماء. وكلُّ شيء لم يُطْلَب فهو هَدَر. قال:

حَكَمَ الدّهرُ علينا إنه  *** طَلَفٌ ما نال منا وجُبارُ([18])

والمحمول عليه الطَّلَف: العطاء، ولا يُعطى الشَّيءُ حتّى يكون أمره خفيفاً عند المعطِي. يقال أَطْلَفَني وأَسْلَفَني. فالطَّلَف: العطاء. والسَّلَف: ما يُقتضَى. والطَّلَف: الهيِّن. قال:

وكلُّ شيءٍ من الدُّنيا نُصَاب به *** ما عِشت فينا وإنْ جلَّ الرُّزَى طَلَفُ([19])

والطَّليف والطَّلَف متقاربان. وقولهم إنَّ الطَّلَفَ الفَضْل، ليس بشيء، إلا أن يراد أنَّه الفاضل عن الشيء، لما ذكرناه.

(طلق) الطاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ مطّرد واحد، وهو يدلُّ على التَّخلية والإرسال. يقال انطلقَ الرّجل ينطلق انطلاقاً. ثمَّ ترجع الفروع إليه، تقول أطْلَقْتهُ إطلاقاً. والطِّلْق: الشيء الحلال، كأنَّه قد خُلِّيَ عنه فلم يُحظَر.

ومن الباب عَدَا الفرس طَلَقاً أو طَلَقين. وامرأة طالقٌ: [طَلَّقها زوجُها]([20])، وطالقةٌ غداً. وأطلَقْتُ النّاقةَ من عِقالها وطَلّقتها فطلَقت. ورجل طَلْق الوَجه وطليقُه، كأنَّه منطلق. وهو ضدُّ الباسر؛ لأنَّ الباسر الذي لا يكاد يَهَشّ ولا ينفسِحُ ببشاشة. وأهل اليمن يقولون: أبسر المركب، إذا وقف([21]). ويقال طَلَقَ يدَه بخير وأطْلَقَ بمعنى. وأنشد ثعلب:

اُطْلُقْ يديك تنفعاكَ يا رجُلْ *** بالرَّيث ما أرويتَها لا بالعَجَلْ([22])

والطَّالق: النّاقة تُرسَل ترعى حيث شاءت. ويقال للظَّبْي إذا مرَّ لا يُلوِي على شيء: قد تَطلَّق. ورجل طَِلْق اللسان وطَلِيقُه. وهذا لسانٌ طلق ذلق([23]).

وتقول: هذا أمرٌ ما تَطَلَّقُ نفسي له، أي لا تنشرح له. ويقال طُلِّق السَّليم، إذا سكن وجعُه بعد العِداد. قال:

* تطلِّقه طَوْراً وطوْراً تُرَاجِعُ([24]) *

فأمَّا قوله:

* كما تعتري الأهوالُ رأسَ المطلَّقِ([25]) *

فإنه يُروى كذا بفتح اللام: المطلَّق، وهو الذي طُلِّق من وجع السّمّ.

ومن النّاس([26]) من يرويه "المطلِّق" بكسر اللام، فمعناه أنَّهم يسمُّون الرَّجلُ الذي يريد أن يُسابِقَ بفرسه المطلِّق، فالأهوالُ تعتريه، لأنَّه لا يدري أَيَسْبِق أم يُسْبَق.

قال الشيباني: الطالق من [الإِبل]([27]) التي يتركُها الراعي لنفسه، لا يحلبها على الماء. يقال: استطلق الرّاعي لنفسه ناقةً. وليلة الطَّلَق: [ليلةَ]([28]) يخلِّي الرَّاعي إِبلَه إلى الماء. وهو يتركها مع ذلك ترعى ليلتَئذ. يقال أطلقْتُها حتَّى طَلَقَتْ طَلَقاً وطُلوقاً، وهي قبل القَرَب وبعد التحويز.

ــــــــــــــــ

([1]) صدره كما في ديوانه 5 واللسان (طلم، مطر): * تظل جيادنا متمطرات*.

وفي الأصل: "تلطمهن"، صوابه في المجمل.

([2]) التكملة من المجمل.

([3]) التكملة من المجمل.

([4]) الطلاوة مثلثة الطاء، وفي الأصل: "إذا كان غبا"، صوابه في المجمل.

([5]) في الجمهرة: (3: 117).

([6]) في الأصل: "عنه حبله له من الطلى يجذبه"، وتصحيحه من المجمل.

([7]) عجزه في المجمل، وهو بتمامه في اللسان (طلى).

([8]) أي تقضضه. أنشد في اللسان (قضض) للعجاج: * تقضِّيَ البازي إذا البازي كسر*.

([9]) البيت ساقط في الأصل، وإثباته من الديوان 30 واللسان (طلب).

([10]) للحطيئة في ديوانه 100 واللسان (طلح).

([11]) في الأصل: "واللطخ بالقدر"، صوابه في المجمل.

([12]) يقال بتشديد اللام وتخفيفها.

([13]) في الأصل: "طلسته".

([14]) الحق أنه فارسي معرب من "تالسان".

([15]) في الأصل: "يحسب فيه"، ولا يستقيم به الوزن.

([16]) ديوان أوس 21 واللسان (طلع). وسيأتي في (عجس).

([17]) الكلام بعده مبتور. وفي اللسان: "يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت".

([18]) للأفوه الأودي في ديوانه 9 مخطوطة الشنقيطي واللسان (طلف).

([19]) أنشده في المجمل أيضاً بهذا الضبط.

([20]) التكملة من المجمل.

([21]) كذا وردت هذه العبارة.

([22]) البيت في اللسان (طلق). قال:" ويروى: أَطْلِقْ".

([23]) هذان يقالان وكل منهما ككتف وصرد، وبضمتين.

([24]) للنابغة في ديوانه 52،  واللسان (طور). وصدره:

* فبت كأني ساورتني ضئيلة *.

([25]) صدره في اللسان (طلق):  * تبيت الهموم الطارقات يعدنني *.

([26]) في الأصل: "ومن الباب".

([27]) التكملة من المجمل.

([28]) التكملة من المجمل.

 

ـ (باب الطاء والميم وما يثلثهما)

(طمن) الطاء والميم والنون أُصَيْلٌ بزيادة همزة. يقال: اطمأنَّ المكان يطمئنّ طمَأنينة. وطامنت مِنه: سَكَّنت.

(طمي) الطاء والميم والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على علو وارتفاع في شيءٍ خاص. يقال طما البحرُ يطمو ويَطْمِي لُغتان، وهو طامٍ، وذلك إذا امتلأ وعلا. ويقال طَمَى الفرسُ، إذا مرَّ مُسرِعاً. ولا يكون ذلك إلاَّ في ارتفاع.

(طمث) الطاء والميم والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مسِّ الشيء. قال الشَّيباني: الطَّمْث في كلام العرب المسُّ، وذلك في كلِّ شيء. يقال: ما طَمَث ذا المرتعَ قبلنا أحد. قال: وكلُّ شيء يُطمث. ومن ذلك الطَّامث *وهي الحائض. طَمِثَتْ وطَمَثَتْ. ويقال طَمَثَ الرَّجُل المرأةَ: مسَّها بجماع. وهذا في هذا الموضع لا [يكونُ] بجماع وحدهُ([1]). قال الله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ} [الرحمن 56 و74]، قال الخليل: طمثْتُ  البعير طَمْثاً، إذا عقلتهُ([2]). ويقال: ما طمث هذه الناقةَ حَبْلٌ قط. أي ما مسَّها. وأمَّا قول عديّ:

* أو طَمْثِ العَطَنْ([3]) *

فقال قوم: الطَّمْث: الدَّنَس.

(طمح) الطاء والميم والحاء أصل صحيح يدلُّ على علوٍّ في شيء. يقال طَمَحَ ببصرهِ إلى الشيء: علا. وكلُّ مرتفعٍ طامح. وطمَح ببوله. إذا رماه في الهواء. قال:

طويلٍ طامحِ الطّرف *** إلى مَفْزَعَةِ الكَلْبِ([4])

ومن الباب طَمَحات الدّهر: شدائِدُه.

(طمر) الطاء والميم والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنيين: أحدهما الوثب، والآخر وهو قريبٌ من الأوَّل: هَوِيّ الشَّيء إلى أسفل.

فالأوَّل: طَمَرَ: وثَب؛ فهو طامر. ويقال للفرسِ طِمِرٌّ، كأنَّهُ الوثّاب. وطامرُ بن طامرٍ: البرغوث.

والأصل الآخر طَمَرَ، إِذا هَوَى. والأمر المطمِّر: المهلك. والأمور المُطَمِّرات: المهلكات. وطمارِ([5]): مكان يُرْفَع إليه الإنسان ثم يُرْمَى به. قال:

إلى رجلٍ قد عَقَرَ السَّيْفُ وجهَه *** وآخرَ يَهوي من طَمَارَِ قتيلِ([6])

ومن الباب: طمرت الشَّيءَ: أخفيتُه. والمطمورة: حفرةٌ تحتَ الأرض يُرمى فيها الشيء.

ومن الباب: طَمَرت الغِرارةَ، إِذا ملأْتَها؛ كأنَّ الشيءَ قد رُمِيَ بها.

ومما شذَّ عن الباب الطِّمْر: الثّوب الخَلَق. وقولهم إنَّ المِطْمَر زِيجٌ للبنَّاء، فهو ممّا أعلمتك أنَّه لا وجهَ للشُّغلِ به.

(طمس) الطاء والميم والسين أصلٌ يدلُّ على محوِ الشيء ومسحِهِ. يقال طَمَسْتُ الخَطَّ، وطَمست الأثرَ. والشيءُ طامسٌ أيضاً. وقد طَمَسَ هو بنفسهِ.

(طمش) الطاء والميم والشين  لا قياسَ له، ولولا أنَّه في الشَّعر لكان من المشكوك فيه؛ لأنّه لا يُشِبه كلامَ العربِ. على أنَّهم يقولون: ما أدري أيُّ الطمْشِ هو؟ أيْ أيُّ النّاس والخلْقِ هو. قال:

* وَحْشٌ ولا طَمْشٌ من الطُّمُوش([7]) *

(طمع) الطاء والميم والعين أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على رجاءٍ في القلبِ قويٍّ للشَّيء. يقال طَمِعَ في الشيءِ طَمَعاً وطَمَاعة([8]) وطماعِيَة. ولَطَمُعْتَ يازيد([9]) كما يقولون: لَقَضُو القاضي. هذا عند التعجُّب. ويقال امرأةٌ مِطْماعٌ، للتي تُطمِع ولا تُمْكِن.

(طمل) الطاء والميم واللام أُصَيْلٌ يدل على ضَعَةٍ وسَفالٍ. وأصله الذي يبقى في أسفل الحوضِ من الماء القليل والطِّينِ، يقال لذلك الطَّمْلَة. يقال اطُّمِلَ ما في الحوضِ، وقد اطَّمَلَهُ، إذا لم يترك فيه قَطْرَة([10]). ثم يحملون على هذا فيقولون للمرأة الضَّعيفة: طِمْلَة، وللرجل اللصّ طِمْل. ويقولون: إنَّ الطِّمْل: الفاحش. والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "إلا بجماع وحده". والمفهوم من صنيع اللسان أن الطمث الافتضاض بالتدمية، أي جماع البكر.

([2]) في الأصل: "علقته"، صوابه من المجمل واللسان.

([3]) قطعة من بيت له في اللسان (طمث). وهو بتمامه:

طاهر الأثواب يحمي عرضه *** من خنـثى الذمة أو طمث العطن

([4]) لأبي دواد الإيادي، كما في الحيوان (2: 168)، واللسان (طمع). وحقق البكري في التنبيه أنه لعقبة بن سابق الهزاني. انظر شرح الحيوان (2: 168). وسيأتي في (فزع).

([5]) طمار، بفتح الطاء، مثل قطام بالبناء على الكسر، ويقال أيضاً بالإعراب مع منعه من الصرف. وضبط هذه الكلمة غامض في اللسان والقاموس. انظر معهما معجم البلدان في رسمه.

([6]) لسليم بن سلام الحنفي، يقوله في مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وهانئ بن عروة المرادي. انظر اللسان (طمر)، ومعجم البلدان. وقبله فيهما:

فإن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري  *** إلى هانئ في السوق وابن عقيل

([7]) لرؤبة كما سبق في (حشر 66).

([8]) في الأصل: "ولا طماعة". وكلمة "لا" مقحمة، ليست في المجمل.

([9])  في الأصل: "وأطمعت يا زيد"، وفي المجمل: "وقال بعضهم: لطمع الرجل بضم الميم تعجباً، وكذلك لقضو القاضي".

([10]) في الأصل: "وطرة"، صوابه من المجمل واللسان.

 

ـ (باب الطاء والنون وما يثلثهما)

(طني) الطاء والنون والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على مرضٍ من أمراضِ الإِبل. يقال طَنِيَ البعير، إذا التصقت رئتُهُ بجنْبِهِ فمات، يَطْنَى طَنَى. ويقال ما طَنِيتُ بهذا الأمر، أي ما تعرَّضْتُ له، كأنَّه يقول: ما لصق بي ولا تلطَّخت به.

وأمَّا المهموز فليس من الباب في البناء، لكنه في المعنى متقارب. يقولون: إنَّ الطِّنْءَ: الرِّيبة. قال:

كأنَّ على ذي الطِّنْءِ  عَيْناً رَقِيبةً  *** بِمقْعَده أو منظرٍ وهو ناظرُ([1])

وإِنما سميت بذلك لأنَّ الريبة مما يلطَّخ ويتلطَّخ به.

ومما شذَّ عن الباب الطنْء: المنزل، وقد يهمز([2])، وهو يبعد عن الذي ذكرناه بعداً.

ومما شذَّ أيضاً قولهم: تركته بِطنْئِهِ، أي بِحُشاشةِ نفسِه.

(طنب) الطاء والنون والباء أصلٌ يدلُّ على ثَبات الشَّيء و تمكنه في استطالة. من ذلك الطُّنُب: طُنُبُ الخِيام، وهي حبالُها التي تشدّ *بها. يقال طَنَّبَ بالمكان: أقام. والإطْنابة: المِظلّة، كأنَّها إفْعالة من طَنَبَ؛ لأنها تثبت على ما تُظلِّله([3]). والإِطْنابة: سيرٌ يشدُّ في طَرَف وترِ القَوْسِ.

ومن الباب قولهم: أطنب في الشيء إذا بالغ، كأنَّهُ ثبت عليه إرادةً للمبالغة فيه. ويقولون: طَنِبَ الفَرَسُ، وذلك طول المَتن وقوَّته، فهو كالطُّنُب الذي يمدُّ ثم يثبَّتُ به الشيء. وكذلك أَطَنَبَت الإِبل، إذا تَبِعَ بعضُها بعضاً في السيرِ. وأطنبت الرِّيح إِطْناباً، إذا اشتدّت في غُبار. ومعنى هذا أن ترتفع الغَبَرة حتى تصير كالإطنابة، وهي كالمظلَّة.

(طنخ) الطاء والنون والخاء كلمةٌ إن صحت. يقولون طَنِخ، إذا بَشِم، ويقال إذا سَمِن.

(طنف) الطاء والنون والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوْرِ شيءٍ على شيء. يقولون الطُّنُف: حَيد في الجبَل  يطنّف به. ويقولون الطُّنُف: إفريز الحائط.  والطنف([4]): السُّيور. فأمَّا الطَّنَف في التُّهَمَة فهو من المقلوب، كأنَّه من النَّطَف، وقد ذكرناه في بابه.

ومما شذَّ عن الباب شيءٌ حُكيَ عن الشيباني، أن الطنف الذي يأكل القليل([5]). يقال ما أَطْنَفه.

ــــــــــــــــ

([1]) صدره في اللسان (طنأ) برواية: "عينا بصيرة".

([2]) كذا وردت  هذه العبارة.

([3]) في الأصل: "على ما تظلل به".

([4]) هذا يقال بفتحتين وبضمتين.

([5]) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.

 

ـ (باب الطاء والهاء وما يثلثهما)

(طهي) الطاء والهاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين إمّا على معالجة شيء، وإما على رِقّة.

فالأول: علاج اللحم في الطَّبْخ. والطَّاهي: فاعل، وجمعه طُهاة. قال:

فَظَلَّ طُهَاةُ اللّحْمِ من بين مُنْضِجٍ *** صَفِيفَ شِواءٍ أو قديرٍ مُعَجَّلِ([1])

وقال أبو هريرة في شيء سُئِلَ عنه: "فما طَهْوِي إذاً ـ أي ما عملي ـ إن لم أحْكِمْ ذلك". وحكى بعضُهم طَهَت الإِبلُ تَطْهَى، إذا نَفَشَت باللَّيلِ ورعت، طَهْياً([2])، كأنَّها في ذلك تُعالجُ شيئاً. قال:

ولسنا لباغي المُهْمَلاتِ بقِرْفةٍ *** إذا ما طَهَى بالليلِ منتشراتُها([3])

والأصل الآخر الطَّهَاء، وهو غيم رقيق، وطُهَيَّةُ: حيٌّ من العرب، ومن ذلك اشتُقَّ. والنسبة إليهم طَهَوِيّ وطُهْوِيّ([4]).

(طهر) الطاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على نقاءٍ وزوالِ دَنَسٍ. ومن ذلك الطُّهْر: خلاف الدَّنَس. والتطهُّرُ: التنـزُّه عن الذمِّ وكلِّ قبيح. وفلانٌ طاهر الثِّياب، إذا لم يدنَّس. [قال]:

ثيابُ بني عوفٍ طَهَارَى نقيّةٌ  *** وأوجُهُهمْ عند المَسَافرِ غُرّانُ([5])

والطَّهور: الماء. قال الله تعالى: وأَنْزَلْنَا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً[الفرقان 48]. وسمعتُ محمّد بن هارونَ الثَّقَفِي يقول: سمعتُ أحمد بن يحيى ثعلباً يقول: الطَّهور: الطاهر، في نفسه، المُطَهِّرُ لغيرهِ.

(طهش) الطاء والهاء والشين ليس بشيء. وذُكِرتْ كلمةٌ فيها نظر، قالوا: الطَّهْش: فَساد العمل.

(طهف) الطاء والهاء والفاء كالذي قبله. على أنَّهم يقولون: الطَّهَْفَ طعامٌ يتَّخذ من الذُّرة، ويقال هي أعالي الصِّلِّيان. ويقولون: الطُّهافة: الذُّؤابة. وكلُّ ذلك كلام.

(طهل) الطاء والهاء واللام كلمةٌ إنْ صحَّت. يقولون طَهِلَ الماء: أَجَنَ. والطهْلِئة([6]): الطين الذي يَنْحَتُّ منَ الحوضِ في الماءِ.

(طهم) الطاء والهاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على شيءٍ في خَلْقِ الإنسان وغيرهِ. فحكى أبو عبيدة أنَّ المُطَهَّم: الجميل التامّ الخَلْق من الناس والأفراس. وقال غيره: المَطَهَّم: المكلْثَم المجتَمِع. وهذا عندنا أصحُّ القولين؛ للحديث الذي رواه عليٌّ عليه السلام في وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لم يكن بالمطهَّم ولا المكلْثم"، وحكيت كلمةٌ إن صحّت، قالوا: تطهَّمْتُ الطَّعامَ: كرهته.

ــــــــــــــــــ

([1]) لامرئ القيس في معلقته.

([2]) وطهوا، بالفتح، وطهوا على فعول.

([3]) للأعشى في ديوانه 62 والمجمل واللسان (طها). وفي الأصل: "ولست"، تحريف. وفي الحيوان: (5: 434): "إذا ما طما".

([4]) ويقال أيضاً طهوي، بالفتح، وبالتحريك.

([5]) لامرئ القيس في ديوانه 115 واللسان (طهر، غرر).

([6]) في الأصل: "والطهيلة"، صوابه في المجمل واللسان.

 

ـ (باب الطاء والواو وما يثلثهما)

(طوي) الطاء والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إدراج شيءٍ حتَّى يدرَج بعضُه في بعض، ثم يحمل عليه تشبيهاً. يقال طويت الثَّوبَ والكِتاب طَيّاً أطويه. ويقال طَوَى الله عُمر الميّت. والطَّوِيّ: البئر المطوية. قال:

فقالت له: هذا الطَّوِيُّ  وماؤه *** ومحترقٌ من يابسِ الجِلْدِ قاحِلُ([1])

ومما حمل على هذا الباب قولهم *لمن مضى على وجهه: طوى كَشْحَه. وأنشد:

وصاحبٍ لي طوى كشحاً فقلتُ لـه *** إنَّ انطواءَكَ عنِّي سوف يَطْوِيني([2])

وهذا هو القِياس؛ لأنَّه إذا مضى وغاب عنه فكأنه أُدرج.

ومن الباب أطواء النّاقة، وهي طرائقُ شحم جنبيْها. والطَّيَّانُ: الطَّاوِي البطن. ويقال طوِيَ؛ وذلك أنَّه إذا جاع وضَمُر صار كالشَّيءِ الذي لو ابتُغِيَ طيُّه لأمكن. فإنْ تعمَّدَ للجوُع قال: طَوَى يَطْوِي طَيَّاً، وذلك في القياس صحيح، لأنَّه أدرج الأوقاتَ فلم يأكلْ فيها، قال الشاعر([3]) في الطَّوَى:

ولقد أبيتُ على الطَّوَى وأظلُّهُ *** حتَّى أنالَ به كريمَ المأكلِ

ثم غَيَّرُوا هذا البناءَ أدنى تغييرٍ فزال المعنى إلى غيرهِ فقالوا: الطَّاية([4])؛ وهي كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على استواءٍ في مكان. قال قوم: الطَّاية: السَّطْح. وقال آخرون: هي مِرْبَد التَّمر. وقال قوم: هي صخرةٌ عظيمة في أرضٍ ذات رمل.

(طوب) الطاء والواو والباء ليس بأصل؛ لأنَّ الطوب فيما أحسب هذا الذي يسمى الآجُرّ، وما أَظُنُّ العربَ تعرفه. وأمَّا طُوبَى فليس من هذا، وأصله الياء، كأنها فعلى من الطِّيب، فقلبت الياء واواً للضمَّة.

(طوح) الطاء والواو والحاء ليس بأصل، وكأنه من باب الإِبدال. يقال طاحَ يَطيح. ثم يقولون: طاحَ يَطُوح، أي هَلَكَ.

(طود) الطاء والواو والدال أصلٌ صحيح، وفيه كلمةٌ واحدةٌ. فالطَّود: الجَبَل العظيم. قال الله سبحانه: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيْمِ} [الشعراء 63]. ويقولون: "طَوَّدَ في الجبل، إذا طَوَّف، كأنه فعل مشتقٌّ من الطود.

(طور) الطاء والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو الامتداد في شيءٍ من مكانٍ أو زمان. من ذلك طَوَار الدَّار، وهو الذي يمتدُّ معها من فِنائِها. ولذلك [يقال] عدا طَوْره، أي جاز الحدَّ الذي هو له من دارِهِ. ثم استعير ذلك في كل شيء يُتعدَّى. والطُّور: جبلٌ، فيجوز أن يكون اسماً عَلَمَاً موضوعاً، ويجوز أن يكون سمِّي بذلك لما فيه من امتدادٍ طولاً وعَرضاً. ومن الباب قولهم: فعل ذلك طَوْراً بعد طَوْر. فهذا هو الذي ذكرناه من الزَّمان، كأنَّه فَعَلَه مَدَّةً بعد مدة. وقولهم للوحشيِّ من الطَّير وغيرها طُورِيّ وطُورانيٌّ، فهو من هذا، كأنَّه توحَّشَ فعدا الطَّورَ، أي تباعد عن حدِّ الأنيس.

(طوس) الطاء والواو والسين ليس بأصل، إنّما فيه الذي يقال لـه الطَّاوُوس. ثم يشتقّ منه فيقال للشَّيء الحسن: مُطوَّس. وحُكيَ عن الأصمعيّ: تطوَّست المرأةُ: تزينَت. وذكر في الباب أيضاً أنَّ الطَّوْس: تغطيةُ الشّيء. يقال طُسْته طَوْساً، أي غطَّيته. قالوا: وَطَوَاس([5]): ليلةٌ من ليالي المَُِحَاق.

(طوع) الطاء والواو والعين أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على الإصحابِ والانقيادِ. يقال طاعَه يَطُوعه،  إذا انقاد معه ومضى لأمره. وأطاعه بمعنى طاعَ له. ويقال لمن وافَقَ غيرَه: قد طاوعه.

والاستطاعة مشتّقةٌ من الطَّوع، كأنها كانت في الأصل الاستطواع، فلما أسقطت الواو جعلت الهاء بدلاً منها، مثل قياس الاستعانة والاستعاذة.

والعرب تقول: تطاوَعْ لهذا الأمر حتى تستطيعَه. ثم يقولون: تطوَّعَ، أي تكلَّف استطاعتَه، وأمَّا قولهم في التبرُّع بالشيء: قد تطوَّعَ بهِ، فهو من الباب لكنَّه لم يلزمه، لكنَّه انقاد مع خيرٍ أحبَّ أن يفعله. ولا يقال هذا إلاَّ في باب الخير والبِرّ. ويقال للمجاهِدَةِ الذين يتطوَّعون بالجِهاد: المُطَّوِّعة، بتشديد الطاء والواو، وأصله المتطوّعة، ثم أدغمت التاء في الطاء. قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المؤمِنِينَ}  [التوبة 79]، أراد ـ والله أعلم ـ المتطوِّعين.

(طوف) الطاء والواو والفاء أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوَران الشيء على الشيء، وأن يُحفَّ به. ثم يُحمل عليه، يقال طاف * به وبالبيت يطوف طَوْفَاً وطَوَافاً، واطَّاف به، واستطاف. ثم يقال لما يدور بالأشياء ويُغَشِّيها من الماء طُوفان. قال الخليل: وشبَّه العجّاج ظلامَ الليلِ بذلك، فقال:

* وعمَّ طُوفانُ الظَّلاَمِ الأثْأَبَا([6]) *

و"غَمَّ" أيضاً. ومن الباب: الطَّائف، وهو العاسُّ. والطَّيْفُ والطَّائف: ما أَطافَ بالإنسان من الجِنَّان. يقال طاف واطَّاف. قال الله تعالى: {إِذا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} ([7]) [الأعراف 200]، و(طائِفٌ) أيضاً. قال الأعشى:

وتُصْبِحُ عن غِبِّ السُّرَى وكأنَّما *** ألمَّ بها من طائفِ الجنِّ أولَقُ([8])

ويقولون في الخيال: طافَ وأطافَ. ويُرْوَى:

أنَّى أَلَمَّ بكَ الخيالُ يُطيف *** وطوافه بك ذِكرةٌ وشُعوف([9])

ويروى: "ومطافه لك ذِكرة وشُغوف". فأمَّا الطائفة من النّاس فكأنَّها جماعةٌ تُطِيفُ بالواحد أو بالشيء. ولا تكاد العرب تحدُّها بعدَدٍ معلومٍ، إلاَّ أن الفقهاء والمفسِّرين يقولون فيها مرّة: إنَّها أربعةٌ فما فوقها، ومرَّة إنَّ الواحد طائفةٌ([10])، ويقولون: هي الثَّلاثة، ولهم في ذلك كلامٌ كثير، والعربُ فيه على ما أعلمتك، أنّ كلَّ جماعةٍ يمكن أن تحُفَّ بشيء فهي عندهم طائفة، ولا يكاد هذا يكون إلاَّ في اليسير هذا في اللغة والله أعلم. ثم يتوسَّعون في ذلك من طريق المجاز فيقولون: أخَذْتُ طائفةً من الثَّوبِ، أي قطعة منه، وهذا على معنى المجاز، لأنَّ الطَّائفة من النَّاس كالفِرقة والقِطعة منْهم. فأمَّا طائفُ القوسِ [فهو] ما يلي أَبْهَرها.

(طوق) الطاء والواو والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبلَه. فكلُّ ما استدار بشيء فهو طوق. وسمِّي البِناءُ طاقاً لاستدارته إذا عُقِدَ. والطَّيلَسان طاقٌ، لأنَّه يدور على لابِسه. فأمَّا قولهم أطاق هذا الأمر إِطاقةً، وهو في طَوقه، وطوَّقْتُكَ الشَّيءَ، إذا كَلَّفْتُكَه([11]) فكلُّه من الباب وقياسِه؛ لأنَّه إِذا أطاقَه فكأنَّه قد أحاط به ودار به من جوانبه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم: طاقةٌ من خيط أو بَقْل، وهي الواحدة الفَردةُ منه، وقد يمكن أن يتمحَّل فيقاس على الأوَّل، لكنَّه يبعُد.

(طول) الطاء والواو واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَضْلٍ وامتداد في الشيء. من ذلك: طالَ الشَّيءُ يطُولُ طُولاً. قال أحمد بن يحيى ثعلبٌ: الطُّول: خلاف العَرض. ويقال طاوَلْت فلاناً فطُلْتُه، إذا كنتَ أطوَلَ منه. وطال فلاناً فلانٌ، أي إنه أطول منه. قال:

إنَّ الفرزدقَ صخرةٌ ملمومةٌ *** طالت فليس تنالها الأوعالا([12])

وهذا قياسٌ مطَّرد في كلِّ ما أشبه ذلك، فيقال للحبل الطِّوَل؛ لطوله وامتداده. قال طرفة:

لعمرُكَ إنَّ الموتَ ما أخطأ الفتى *** لكالطِّوَل المُرخَى وثِنياهُ في اليدِ([13])

ويقولون: لا أكلِّمه طَوَالَ الدَّهر. ويقال جملٌ أطوَلُ، إذا طالت شفتُهُ العليا. وطاولَني فلانٌ فطُلْتُه، أي كنت أطولَ منه. والطُّوَال: الطَّويل. والطِّوَال: جمع الطَّويل. وحكى بعضهم: قَلانِسُ طِيال([14])، بالياء. وأمرٌ غير طائلٍ، إذا لم يكن فيه غَناء. يقال ذلك في المذكَّر والمؤنث. قال:

* وقد كلَّفُوني خُطَّةً غيرَ طائِلِ([15]) *

وتطاولتُ في قِيامي، إذا مددتَ رِجليكَ لتنظر. وطوِّلْ فرسَك، أي أَرْخِ طويلتَه في مرعاه([16]). واستطالُوا عليهم، إذا قتلوا منهم أكثر ممَّا قتلوا.

(طوط) الطاء والواو والطاء كلمتان إن صحَّتا. يقولون: إنَّ الطَّوطَ القطْن. والطوط: الرَّجلُ الطَّوِيل.

ـــــــــــــــــــ

([1]) البيت لمزرد بن ضرار، من مقطوعة في الحيوان (2: 18-19).

([2]) في اللسان (طوي): "هذا عنك يطويني".

([3]) هو عنترة. وفي ديوانه 181، أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشد هذا البيت، فقال: "ما وصف لي أعرابيٌّ قط، فأحببت أن أراه إلا عنترة".

([4]) جعلت في اللسان في مادة (طي)، وفي القاموس في (طوى).

([5]) كذا ضبط في المجمل، ومثله في القاموس، إذ ضبطه كسحاب. وفي اللسان ضبط بالضم ضبط قلم.

([6]) للعجاج، في ديوانه 74 واللسان (طوف).

([7]) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ويعقوب. وقراءة الباقين: "طائف". إتحاف فضلاء البشر 234، وهي الآية 200 من سورة الأعراف.

([8]) ديوان الأعشى  147، واللسان (طوف، ولق).

([9]) نسب في اللسان (طيف) إلى كعب بن زهير، وهو في ديوانه 113 طبع دار الكتاب.

([10]) في الأصل: "طائفة فما فوقها". والكلمتان الأخيرتان مقحمتان.

([11]) في الأصل: "كلفته"، صوابه في المجمل.

([12]) البيت لسنيح بن رياح الزنجي، كما في اللسان (طول). وانظر حواشي الحيوان: (7: 205).

([13]) البيت من معلقته المشهورة.

([14]) في اللسان: "ابن جني: لم تقلب إلا في بيت شاذ، وهو قوله:

تبين لي أن القماءة ذلة  *** وأن أعزاء الرجال طيالها".

([15]) أنشد هذا العجز في اللسان (طول). والطائل يقال للذكر والأنثى.

([16]) وهذا أيضاً نص الجوهري في الصحاح. قال أبو منصور: "ولم أسمع الطويلة بهذا المعنى من العرب، ورأيتهم يسمونه الطول".

 

ـ (باب الطاء والياء وما يثلثهما)

(طيب) الطاء والياء والباء أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على خلافِ الخَبيث. من ذلك الطيِّب: ضدّ الخبيث. يقال سبيّ طِيبَةٌ، أي طيِّبٌ. والاستطابة: الاستنجاء؛ لأنَّ الرجل يطيِّب نفسَه مما عليه من الخُبث بالاستنجاء. ونهى رسول الله * صلى الله عليه وآله أن يَستَطِيب الرَّجُل بيمينه. والأطيبانِ: الأكل والنِّكاح. وطَيْبَة([1]) مدينة الرسول صلى الله عليه وآله. ويقال: هذا طعام مَطْيَبةٌ للنَّفْس. والطَّيِّب:الحلال، والطَّاب: الطِّيب: قال:

مُقابَلَ الأعراقِ في الطَّابِ الطَّابْ *** بين أبي العاص وآلِ الخطّابْ([2])

 

(طيخ) الطاء والياء والخاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تلطّخٍ بغير جميل. قالوا طاخَ يَطِيخُ وتَطيَّخ، إذا تلطَّخ بالقبيح. وقالوا: الطِّيخ: الخِفَّة، وهو بمعنى الطَّيش، قال الحارث:

[فاتركوا الطَّيْخ والتَّعدّي وإمَّا *** تتعاشَوا ففي التَّعاشِي الدَّاءُ([3])]

(طير) الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في الهواءِ. ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرعة. من ذلك الطَّير: جمع طائر، سمِّيَ ذلك لما قُلناه. يقال طارَ يَطير طَيَراناً. ثمَّ يقال لكلِّ مَنْ خفَّ: قد طار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيرُ النَّاسِ رجلٌ مُمْسِكٌ بِعِنان فرسِهِ في سبيل الله، كلَّما سمِعَ هَيْعَةً طار إليها". وقال:

* فَطِرْنَا إليهم بالقنابل والقَنَا *

ويقال مِنْ هذا: تَطَايَرَ الشَّيءُ : تفرَّق. واستطار الفجر: انتشر. وكذلك كلُّ منتشِر. قال الله تعالى: {يَخَافُونَ يَوْمَاً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الدهر 7]. فأمَّا قولهم: تطيَّر من الشيء، فاشتقاقه من الطَّيرِ كالغراب وما أشبهه. ومن الباب: طائر الإنسانِ، وهو عمَلُهُ. وبئر مُطارَةٌ، إذا كانت واسعة الفم. قال:

* هُوِيُّ الرِّيح في جَفْرٍ مُطارِ([4]) *

ومن الباب : الطَّيْرة: الغضَب، وسمِّي كذا لأنَّه يُستطَار له الإنسان. ومن الباب قولهم: خذ ما تطَايَرَ من شعر رأسك، أي طال. قال:

* وطارَ جِنّيُّ السَّنَامِ الأَطْوَلِ([5]) *

(طيس)  الطاء والياء والسين كلمةٌ واحدة. قال:

* عددتُ قومِي كعَديدِ الطَّيْسِ([6]) *

أراد به العدد الكثير.

(طيش) الطاء والياء والشين كلمةٌ واحدة، وهي الطَّيْش والخِفَّة. وطاشَ السَّهم من هذا، إذا لم يُصِبْ، كأنَّه خَفَّ وطاشَ وطار.

(طين) الطاء والياء والنون كلمةٌ واحدة، وهي الطِّين، وهو معروف. ويقال طيَّنْت البيتَ، وطِنت الكتابَ. ويقال طانَه الله تعالى على الخَيْر، أي جَبَله. وكأَنَّ معناه، والله أعلم، من طِنت الكتاب، أي ختمته؛ كأنَّه طبعه على الخير وختم أمرَهُ بهِ.

ـــــــــــــــــــــ

([1]) يقال أيضاً طيبة، بتشديد الياء، وطابة، والمطيبة، بتشديد الياء المفتوحة.

([2]) الرجز لكثير بن كثير النوفلي، يمدح به عمر بن عبد العزيز. وقبله:

* يا عمر بن عمر بن الخطاب *.

وذاك أن أم عمر بن عبد العزيز، هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وأبوه عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص.

([3]) موضع البيت بياض في الأصل، وأنشد في المجمل الكلمتين الأوليين من البيت.

([4]) صدره في المجمل واللسان (طير): * كأن حفيفها إذ بركوها *.

([5]) لأبي النجم، كما في المجمل، وهو من أم الرَّجز، مجلة المجمع العلمي بدمشق 1347. والرواية فيها وفي الحيوان (6: 185): "وقام جنى السنام الأميل".

([6]) لرؤبة بن العجاج في ملحقات ديوانه 175 واللسان (طيس). وبعده:

* إذا ذهب  القوم الكرام ليسي  *.

 

ـ (باب الطاء والباء وما يثلثهما)

(طبخ) الطاء والباء والخاء أصلٌ واحد، وهو الطَّبخ المعروف، يقال طَبَخت الشَّيءَ أطبُخه طَبْخاً، وأنا طابخ، والشَّيء مطبوخ وطَبِيخ. والطُّبَّخ: جمع الطَّابخ. وقول العجّاج:

* والله لولا أن تَحُشَّ الطُّبَّخُ([1]) *

أراد به الملائكة الموكَّلين بالنَّار. ويقال لسَمائمِ الحرِّ: طبائخُه. وطابخة: لقبُ رجلٍ من العرب، لأنَّه طبخ طَبْخَاً فسمِّي بذلك. ويقال الطُّبَاخَة: ما فار من رُِغوة القِدر إذا طبخت، وهي الطُّفَاحة والفُوَارة. ويقال للحُمَّى الصَّالبِ: طابخ.

ومما يُحمَلُ على هذا، ولعلّه أن يكون من الكلام المولَّد، قولهم: ليس به طَُباخٌ([2])، للشّيء لا قُوَّةَ له، فكأنهم يريدون ما تناهى بَعدُ ولم ينضَج.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم، وهو من صحيح الكلام، لفَرخ الضبّ: مُطَبِّخ، وذلك إذا قوي. يقولون: هو حِسْل، ثم مطبِّخ، ثم خُضَرِمٌ، ثم ضَبّ.

(طبس) الطاء والباء والسين ليس بشيء. على أنهم يقولون: الطَّبَسانِ: كُورتان. وهذا وشِبهه ممَّا لا معنى لذكره؛ لأنَّه إِذا ذكر ما أشبه كلُّه حُمِلَ على كلام العرب ما ليس هو منه. وكذلك قول من قال([3]): إنَّ التَّطبيس: التَّطبين([4]).

(طبع) الطاء والباء والعين أصلٌ صحيح، وهو مثلٌ على نهايةٍ ينتهي إليها الشيء حتى يختم عندها يقال طبَعت على الشيء طابَعاً. ثم يقال على هذا طَبْعُ الإنسان وسجيَّتُه. ومن ذلك طَبَعَ اللهُ على قَلْب الكافر، كأنَّه ختم عليه حتى لا يصل إليه هُدىً ولا نُور، فلا يوفَّق لخير. ومن ذلك أيضاً طبْع السَّيف والدِّرهم، وذلك إذا ضربه حتى يكمّله. والطَّابع: الخاتم يُختَمُ به *. والطَّابِع: الذي يَختِم.

ومن الباب قولُهم لملْءِ المِكيال طَبع. والقياسُ واحدٌ؛ لأنه قد تكامل وخُتم. وتطبَّع النَّهر، إذا امتلأ؛ وهو ذلك المعنى. وكذلك إذا حُمِّلت النّاقة حِمْلَها الوافِيَ الكاملَ، فهي مطبَّعة. قال:

أينَ الشِّظاظانِ وأيْنَ المِرْبَعَهْ *** وأيْنَ وَسْقُ النَّاقَةِ المطبَّعهْ([5])

قال ابنُ السكِّيت: الطِّبع: النَّهر، والجمع: الطِّباع. قال:

فتولَّوْا فاتراً مشيُهم *** كروايا الطِّبْع همَّتْ بالوَحَلْ([6])

ولعلَّ الذي قالُوه في وصف النّهر، أن يكون ممتلئاً، حتى يكون أقيس.

ومما شذَّ عن هذا الأصل وقد يمكن أن يُقارَب بينهما، إلاَّ أنَّ ذلك على استكراه، قولهم للدَّنَس: طَبَع. يقال رجلٌ طَبِعٌ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استَعيذوا بالله من طمَعٍ يَهدِي إِلَى طَبَعٍ". وقال:

له أكاليلُ بالياقوت فَصَّلَها *** صَوَّاغُها لا ترى عَيْبَاً ولا طَبَعا

ومن هذه الكلمة قولهم للرجل إذا لم ينفُذْ في الأمر: قد طَبِعَ.

(طبق) الطاء والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ واحد، وهو يدلُّ على وضع شيء مبسوط على مِثله حتى يُغطِّيَه. من ذلك الطَّبَق. تقول: أطبقْت الشيءَ على الشيء، فالأول طَبَق للثاني؛ وقد تطابَقَا. ومن هذا قولهم: أطبَقَ الناسُ على كذا، كأنَّ أقوالهم تساوَتْ حتى لو صُيِّرَ أحدُهما طِبْقاً للآخر لَصَلح. والطَّبَق: الحال، في قولـه تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق}  [الانشقاق 19]. وقولهم: "إحدى بناتِ طَبَق" هي الدّاهية، وسمّيت طَبَقاً، لأنَّها تعمُّ وتشمل. ويقال لما علا الأرضَ  حتى غطَّاها: هو طَبَق الأرض([7]). ومنه قول امرئ القيس يصف الغيث:

ديمةٌ هطلاءُ فيها وَطَفٌ *** طَبَقُ الأرضِ تَحَرَّى وتَدُرّْ([8])

وقولهم: طَبَّق الحقَّ، إذا أصابه، من هذا، ومعناه وافقه حتى صار ما أراده وَفْقاً للحقّ مطابِقاً لـه. ثم يُحمَل على هذا حتى يقال طبَّقَ، إذا أصاب المَفْصِل ولم يخطئْه. ثم يقولون: طَبَّقَ عُنقَه بالسيف: أبانَها.

فأمَّا المُطابقة فمشْى المقيَّد، وذلك أن رجليه تقعانِ([9]) متقاربتين كأنَّهما متطابقتين. ومنه قول الجَعْدِيّ:

* طِباقَ الكِلاَبِ يَطَأْنَ الهَرَاساَ([10]) *

والطبَق: عظمٌ رقيق([11]) يفصل بين الفَقارتَين. ويد طَبِقة، إذا التزقَتْ بالجنْب. وطابقت بين الشيئين، إذا جعلتَهما على حَذْوٍ واحد. ولذلك سمَّينا نحن ما تضاعف من الكلام مرَّتين مُطابَقاً. وذلك مثل جَرجَر، وصَلْصَل، وصَعْصَع. والطَّبَق: الجماعة من الجراد؛ وإنما شبِّه ذلك بطبَقٍ يغطِّي الأرض. ويقالَ وَلدت الغنمُ  طبقاً وطبقةً، إذا ولد بعضُها بعد بعض. والقياس في ذلك كله واحد.

فأمَّا قولهم للعييِّ من الرِّجال: الطَّبَاقاء، وللبعير لا يُحسن الضِّرَابَ طَباقاءُ، فهو من هذا القِياس، كأنَّه سُتر عنه الشَّيءُ حتى أطبق فصار كالمغطَّى. قال جميل:

طَبَاقاءُ لم يشهد خُصوماً ولم يَقُدْ *** رِكاباً إلى أكوارها حين تُعْكَفُ([12])

(طبل) الطاء والباء واللام ثلاث كلمات ليست لها طَُِلاَوَةُ كلامِ العرب، وما أدري كيف هي؟ من ذلك الطَّبل الذي يُضْرَب. ويقولون إنَّ الطّبل: الخَلْق([13]). والثالثة الطُّوبالة، ولولا أنها جاءت في بعض الشِّعر ما كان لذكرها معنىً، وما أحسبها في غير هذا البيت:

نَعَاني حَنَانهُ، طُوبالةً *** تُسَفُّ يبيساً من العِشْرِقِ([14])

ويقال هي النَّعْجة.

(طبن) الطاء والباء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثباتٍ. ويقال اطبأنَّ، إذا ثبت وسكَن، مثل اطمأنَّ، ويقولون: طَبَنت النار: دفنتُها لئلا تَطفَأ،  وذلك الموضعُ الطَّابون. ويقال طابِنْ هذه الحَفيرةَ: طاطئْها. ويقولون: إنَّ الخير في بني فلانٍ كثابت الطَّبْن، أي هو تليدٌ قديم.

ومن الباب الطَّبَن، وهو الفِطْنة؛ وذلك قياس الباب، لأنَّ في ذلك كالثَّبات في العِلمِ به.

(طبي) الطاء والباء والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على استدعاء شيء. من ذلك قولهم اطَّبى * بَنُو فُلانٍ فلاناً إذا خالُّوه وقَبَِلوه. وربما قالوا: طَبَاه واطَّباه، إذا دعاه، فإنْ حُمِلَ الطَّبيُ([15]) من أَطْبَاء النَّاقة، وهي أخلافها، على هذا وعلى أنَّه يُطَّبَى منه اللبن، لم يبعُد.

وذُكر أن العرب تقول: هذا خِلْفٌ طِبِيٌّ، أي مُجيب([16]).  فإن كان هذا صحيحاً فهو يدلُّ على صحَّة القياس الذي قِسْناه.

ــــــــــــــــ

([1]) ديوان العجاج 14 واللسان (طبخ). وبعده:

* بي الجحيم حيث لا مستصرخ *.

([2]) في اللسان: "وجد بخط الأزهري طُباخ بضم الطاء، ووجد بخط الإيادي طَباخ بفتح الطاء". وضبط في الأصل والمجمل بفتح الطاء.

([3]) هو الخليل كما صرح بذلك في المجمل.

([4]) التطبين، بالنون، كما في الأصل والمجمل والقاموس. لكن في اللسان:"التطبيق" بالقاف.

([5]) سبق البيتان في (ربع، شظ).

([6]) البيت للبيد في ديوانه 17،  طبع فينا 1881 وإصلاح المنطق 9 واللسان (طبع).

([7]) في الأصل: "طباق الأمر".

([8]) ديوان امرئ القيس 143، واللسان (طبق).

([9]) في الأصل: "يقسمان"، تحريف.

([10]) سيأتي في (هرس). وصدره في اللسان (طبق، هرس): * وخيل يطابقن بالدارعين *.

([11]) في المجمل: "دقيق" بالدال.

([12]) اللسان (طبق) والبيان والتبيين (1: 110)، بشرح محقق المقاييس.

([13]) شاهده ما أنشده في اللسان:

قد علموا أنا خيار الطبل  *** وأننا أهل الندى والفضل

([14]) البيت لطرفة في ديوانه 16 واللسان (طبل، حنن)، والمجمل (طبل). وذكر في (حنن)، أن "حنانة" اسم راع. وطوبالة منصوب على الذم، أي أذم طوبالة، عنى بذلك حنانة. وبعد البيت:

فنفسك فانع ولا تنعني  *** وداو الكلوم ولا تبرق

([15]) الطبي، بكسر الطاء وضمها.

([16]) في اللسان والقاموس: "مجيَّب"، بضم الميم وتشديد الياء المفتوحة، ولا وجه له، فإن المجيب  بمعنى المقور والأجوف، وقد أثبت الضبط الصحيح من نسخة المجمل، ومن تهذيب الصحاح، وهو من الإجابة  كما يدل عليه ما سبق. وفي الصحاح "مجبب".

 

ـ (باب الطاء والثاء وما يثلثهما)

(طثر) الطاء والثاء والراء أُصَيل صحيح يدلُّ على غَضارةٍ في الشَّيء وكثرةِ ندى. يقولون: فلان في طَثْرة من العَيش، أي في غَضارة. قالوا: واشتقاقه من اللبن الطاثر، وهو الخاثر. ويشبَّه بذلك فيقال للحَمْأة طَثْرة، وقياسُه ما ذكرناهُ(1). وسمِّيَ طَثْرَة من العَرب.‏

ومما شذَّ عن الباب وما ندري كيف صحَّةُ هذا، قولهم: إنَّ الطَّيْثار: البعوض. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــــــ

(1) في الأصل: "ويأخذ ما ذكرناء"، وقد اقتبست تصحيحه من مألوف عباراته.‏

 


ـ (باب الطاء والجيم وما يثلثهما)

(طجن(1)) يقولون في الطاء والجيم والنون: إنَّ الطَّاجَن(2): الطَّابَق(3). وهو كلام، والله أعلم.‏

ــــــــــــــــــ

(1) الكلام من أول الباب إلى هنا مبيض لـه في الأصل، وأثبت ما يقتضيه الكلام وما هو ثابت في المجمل أيضاً.‏

(2) ضبطه في القاموس كصاحب، وزاد في تاج العروس: "وكهاجر". وضبط في الأصل والمجمل بفتح الجيم لا غير.‏

(3) الطاجن والطابق معربان كما في القاموس، وضبط الطابق في المجمل بفتح الباء، وفي القاموس: "كهاجر وصاحب". قلت: أما الطاجن، فهو معرب من اليونانية "تيكانون" كما في الألفاظ الفارسية 111 نقلاً عن فرنكل 67. وفي الجمهرة (3: 357): الطيجن. الطابق، لغة شامية وأحسها سريانية أو رومية. انظر المعرب 221. وأما الطابق، فهو معرب "تابه" بالفارسية كما في المصادر السابقة، ومعجم استيجناس.‏

 

ـ (باب الطاء والحاء وما يثلثهما)

(طحر) الطاء والحاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الحَفز والرَّمْي والقذْف. يقولون: طَحَرَتِ العينُ قَذاها، إذا قذَفَتْ به. يقال طَحَرتْ عينُ الماء العِرمِضَ، إذا رمت به. وقوس مِطحَرٌ، إذا حَفَزت سَهْمَها فرمت به صُعُداً. وحربٌ مِطحرةٌ: زَبُون. والطَّحِير: النَّفَس العالي، وسمِّيَ بذلك لأنَّ صاحبه يَطحَر. قال الكميت:

بأهازيجَ من أغانيِّها الجُـ *** ـشِّ وإتباعها  الزَّفيرَ الطَّحِيرَا([1])

فأمَّا المُطْحَر من النِّصال، فهو المُطوَّل المسال([2]). قال الهُذَليّ([3]):

* من مُطْحَراتِ الإِلالِ([4]) *

(طحل) الطاء والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لونٍ غير صافٍ ولا مُشرقٍ. من ذلك الطُّحْلة، وهو لون الغُبْرة. ويقال رمادٌ أطحل، وشرابٌ أطحل، إذا لم يكن صافياً. والطِّحال معروف، وممكنٌ أن يكون سمِّيَ بذلك لكُدْرَةِ لونه. ويقال طَحِلَ الماء: فسد وتغيَّر.

(طحم) الطاء والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ  يدلُّ على تجمُّع وتكاثف. من ذلك الطّحمة([5]) من النَّاس، وهي الجماعة الكثيفة. وطُحْمة اللَّيل وطَحْمَتهُ، وطُحْمة السَّيل وطَحمته: مُعْظَمه. قال الخليل: طَحْمَة الفتنة: جَوْلَةُ النَّاس عندها. ويقال للرَّجُل الشَّديد العِراك: طُحَمَة. والباب كلُّه واحد.

(طحن) الطاء والحاء والنون أصلٌ صحيحٌ، وهو فتُّ الشيء ورَفْتُهُ([6]) بما يدور عليه من فوقِهِ. يقال طَحَنَتِ الرَّحَى طَحْناً. والطّحْن: الدَّقيق. ويقولون: "أسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً". والجعجعة: صوت الرَّحَى. ومن الباب: كتيبةٌ طَحُونٌ: تطحَنُ ما لَقِيَت. ويقال للأضراسِ الطَّواحِن.

ومن الباب الطُّحَن([7]): دويْبَّة تغيِّب نفسَها في ترابٍ قد سوَّتْهُ وأدارته.وَطَحَنتِ الأفعى، إذا تلوَّت([8]) مستديرة.

(طحو) الطاء والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على البسط والمدِّ. من ذلك الطَّحْو وهو كالدَّحْو، وهو البَسْط. قال الله تعالى: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا([9])}، أي بَسَطها، وقال تعالى في موضع آخر: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا([10])}، ويقال طحا بك هَمُّكَ يطحو، إذا ذَهَبَ بك في الأمر ومدَّ بك فيه. قال علقمة:

طحا بك قلبٌ في الحِسانِ طَروبُ *** بُعَيدَ الشَّبابِ عَصْرَ حان مشيبُ([11])

والمُدوِّمة الطَّواحِي: النُّسور تستدير حول القَتْلَى. وقال الشَّيْبَاني: طَحَيْت: اضطجَعْت. والطَّاحِي: الجمع الكثير، وسمِّيَ بذلك لأنَّهُ يجرُّ على الشيء، كما يسمَّى جرَّاراً. قال:

* من الأَنَسِ الطاحِيْ عليكَ العَرمْرَمِ([12]) *

والله أعلم.

ـــــــــــــــــ

([1]) في الهاشميات ص 93 أبيات من هذا الوزن والروي.

([2]) كذا وردت الكلمة في الأصل، وليست في المجمل.

([3]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي؛ وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي  79.

([4]) البيت بتمامه فيها:

فلما رآهن بالجلهتين  *** يكبون في مطحرات الإلال.

([5]) الطحمة مثلثة الطاء، ولكن يفهم من صنيعه بعد أنه يعرف فيها لغتين فقط: الضم والفتح، وهما ما نص عليه صاحب اللسان. أما صاحب القاموس فيروي اللغات الثلاث.

([6]) الرفت: الدق والكسر. وفي الأصل: "ورقته"، تحريف.

([7]) ويقال أيضاً: "الطحنة".

([8])في الأصل: "تولت".

([9]) الآية 6 من سورة الشمس.

([10]) الآية 30 من سورة النازعات.

([11]) ديوان علقمة  131 والمفضليات (2: 191).

([12]) لصخر الغي الهذلي من قصيدة في شرح السكري للهذليين 21 ونسخة الشنقيطي 91. وصدره:  *وخفض عليك القول واعلم بأنني *.

 

ـ (باب الطاء والخاء وما يثلثهما)

(طخف) الطاء والخاء والفاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الشَّيء الرَّقيق. من ذلك الطَّخَاف، وهو الغَيم الرَّقيق. والطَّخْف كالهَمِّ يغشَى القلب.‏

(طخر) الطاء والخاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خفّةٍ في شيء. من ذلك * الطَّخَارير: المتفرِّقون، يشبَّه بذلك الرَّجُل الخفيف الخَطَّاف.‏

(طخي) الطاء والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظُلْمة وغِشاء، من ذلك الطَّخْوة والطَّخْية: السَّحابة الرَّقيقة. والطَّخْياء: اللَّيْلة المُظْلمة. ويقال ظلام طاخٍ. ومن الباب: وَجَدَ على قلبه طَخَاء، وهو شبه الكَرْب. ويقال: كَلَّمَني كلمةً طَخْياء، أي أعجَميّة.‏

(طخم) الطاء والخاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سوادٍ في شيء. من ذلك الطُّخْمَة: سوادٌ في مقدَّمِ الأنفِ. يقال كبشٌ أطْخَمُ، وأسدٌ أطخَم. والله أعلم بالصواب.‏

 

ـ (باب الطاء والراء وما يثلثهما)

(طرز) الطاء والراء والزاء كلمةٌ يظنُّ أنَّها فارسيّةٌ معرّبةٌ، وهي في شعر حَسَّان:

بَيضُ الوُجوهِ كريمةٌ أحسابُهُمْ *** شمُّ الأنوفِ من الطِّرَازِ الأوّلِ([1])

ويقولون: طِرْزُه، أي هيئَتُه.

(طرس) الطاء والراء والسين فيه كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. يقولون الطِّرْس: الكتاب الممحُوّ. ويقال: كلُّ صحيفةٍ طِرس. ويقولون:  التَّطرُّس: أن لا يَطعَمُ الإنسانُ ولا يشربَ إلاَّ طيّباً.

(طرش) الطاء والراء والشين كلمةٌ معروفةٌ، وهي الطَّرَش، معروف([2]). وقال أبو عمرو: تطرَّش([3]) النَّاقِهُ من المرض، إذا قام وقعَد.

(طرط) الطاء والراء والطاء كلمةٌ. يقولون الأطرط: الدَّقيق الحاجبين؛ وقد طرِطَ.

(طرف) الطاء والراء والفاء أصلان([4]): فالأوَّل يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرفهِ، والثاني يدلُّ على حركةٍ في بعض الأعضاء.

فالأوَّل طَرَفُ الشيء والثوب والحائط. ويقال ناقةٌ طَرِفَة: ترعى أطرافَ المرعَى ولا تختلطُ بالنُّوق.

وقولهم: عينٌ مطروفة، من هذا؛ وذلك أن يصيبَها طَرَف شيءٍ ثوبٍ أو غيره فتَغْرَوْرِقَ دمعاً. ويُستعار ذلك حتى يقال: طَرَفَها الحُزْن.

فأمَّا قولُهم: هو كريم الطَّرَفين، فقال قومٌ: يُراد به([5]) نَسَب الأب والأمّ.  ولا يُدْرَى أيُّ الطَّرَفين أطول، هو من هذا. وجمع الطَّرَف أطراف. قال:

وكيف بأطرافي إذا ما شَتَمْتَنِي *** وما بعدَ شَتْمِ الوالدينِ صُلُوح([6])

ويقال إنَّ الطِّرَاف: ما يُؤخَذ من أطراف الزَّرع([7]).

ومن الباب: الطَّوَارِف من الخِباء، وهي ما رفعتَ من جوانبه لتنظُر، فأمَّا قولهم: جاء فلانٌ بطارفةِ عينٍ فهو من الذي ذكرناه في قولهم: طُرِفت العين، إذا أصابَها طَرَف شيءٍ فاغرورَقَتْ. وإذا كان كذا لم تكد تُبْصِر. فكذلك قولهم: بِطارِفةِ عينٍ، أي بشيءٍ  تَتَحيَّر له العينُ من كَثْرتهِ.

ومن الباب قولُهم للشيء المستحدَث: طريف؛ وهو خلافُ التَّليد، ومعناه أنَّهُ شيءٌ أُفِيدَ الآنَ في طَرَف زمانٍ قد مضى. يقولون منه اطَّرَفْتُ الشيءَ، إذا استحدثتَه، أطَّرِفه، اطِّرَافاً.

ومن الباب: الرَّجُل الطَّرِف: الذي لا يثبُت على امرأةٍ ولا صاحب. وذلك القياسُ؛ لأنَّه يطلُب الأطراف فالأطراف. والمرأة المطروفة، يقولون إنَّها التي لا تثبُت على رجلٍ واحدٍ، بل تَطّرِف الرِّجال. وهو قولُ الحُطيئة:

* بَغَى الودَّ من مطروفة الوُدِّ طامِحِ([8]) *

ومن الباب الطِّرف: الفرس الكريم، كأنَّ صاحبَه قد اطّرَفه. وللمطَّّرَف فضلٌ على التَّليد.

وأمَّا الأصل الآخر فالطَّرْف، وهو تَحريك الجفون في النَّظَر. هذا هو الأصل ثم يسمُّون العينَ الطَّرْف مجازاً. ولذلك يسمَّى نجمٌ من النُّجُوم الطَّرْفة([9])، كأنَّه فيما أحسب طرْفُ الأسَد. قال جرير:

إنَّ العيونَ التي في طَرْفِهَا مرضٌ *** قَتَلْنَنَا ثم لم يُحْيِينَ قتلانا([10])

فأما الطِّرَاف فإنه بيتٌ من أَدَم، وهو شاذٌّ عن الأصلين اللذين ذكرناهما.

(طرق) الطاء والراء والقاف أربعة أصول: أحدها الإتيان مَسَاءً([11])، والثاني الضَّرْب، والثالث جنسٌ من استرخاء الشيء، والرابع خَصْف شيء على شيء.

فالأوَّلُ الطُّرُوق. ويقال إنَّه إتيان المنزلِ ليلاً. قالوا: ورجلٌ طُرَقَةٌ، إذا كان يَسْرِي حتى يطرُقَ أهلَهُ ليلاً. * وذُكِرَ أنَّ ذلك يقال بالنَّهار أيضاً، والأصل اللَّيل. والدَّليل على أنَّ الأصلَ اللَّيل تسميتُهم النَّجم طارقاً؛ لأنَّه يَطلُعُ ليلاً. قالوا: وكلُّ  من أتى ليلاً فقد طَرَق. قالت:

* نحنُ بناتُ طارق([12]) *

وهو قول امرأةٍ. تريد: إنَّ أبانا نجمٌ في شرفه وعلوّه([13]).

ومن الباب، والله أعلم: الطَّريق، لأنه يُتَوَرَّدُ. ويجوزُ أن يكون من أصلٍ آخَر، وهو الذي ذكرناه من خَصْف الشيء فوق الشيء.

ومن الباب الأوَّل قولهم: أتيتُه طَرْقَتين، أي مَرَّتين([14]). ومنه طارِقةُ الرَّجُل، وهو فَخِذه التي هو منها؛ وسمِّيت طارقة لأنها تطرُقه ويطرُقها. قال:

شكوت  ذَهابَ طارقتي إليه *** وطارِقَتِي بأكناف الدُّرُوبِ([15])

والأصل الثَّاني: الضَّرْب، يقال طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً. والشيء مِطْرَق ومِطْرَقة. ومنه الطَّرْق، وهو الضَّرْب بالحصى تكهُّناً، وهو الذي جاء في الحديث النَّهْيُ عنه، وقيل: "الطَّرْق والعيافة والزَّجر من الجِبت([16])". وامرأةٌ طارقةٌ: تفعل ذلك؛ والجمع الطَّوارق. قال:

لعمرك ما تَدْرِي الطَّوَارِقُ بالحصى *** ولا زاجراتُ الطيرِ ما الله صانعُ([17])

والطرْق: ضرب الصُّوف بالقضيب، وذلك القضيبُ مِطرَقةٌ. وقد يفعلُ الكاهن ذلك فيطرُق، أي يخلط القُطْنَ بالصُّوفِ إذا تكهَّنَ. ويجعلون هذا مثلاً فيقولون: "طَرَقَ وماشَ". قال:

عاذلَ قد أولِعتِ بالتّرْقيشِ *** إليَّ سِرّاً فاطرُقي ومِيشِي([18])

ويقال: طرَقَ الفحلُ الناقةَ طَرقاً، إذا ضربها. وطَروقةَ الفَحل: أنثاه. واستطرقَ فلانٌ فلاناً فَحَلَه، إذا طَلَبَه منه ليضربَ في إبله، فأطْرَقَه إِيّاه، ويقال: هذا النَّبْل طَرْقَةُ رجلٍ واحد، أي صِيغة رجلٍ واحد([19]).

والأصل الثالث: استرِخاء الشيء. من ذلك الطَّرَق، وهو لِينٌ في ريش الطائر. قال الشاعر:

..................... *** ..................([20])

ومنه أطْرَق فلانٌ في نَظَره. والمُطْرِق: المسترخِي العَين. قال:

وما كنتُ أخشَى أن تكون وفاتُه *** بكفَّيْ سَبَنْتَى أزرقِ العَينِ مُطْرِقِ([21])

وقال في الإطراق:

فأطرَقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو يَرَى  *** مَساغاً لِناباه الشجَاعُ لصَمَّما([22])

ومن الباب الطِّرِّيقة، وهو اللِّين والانقياد. يقولون في المثل: "إنّ تحت طِرِّيقَته لَعِنْدَأْوَةً". أي إنّ في لِينه بعضَ العُسر أحياناً. فأمَّا الطَّرَق فقال قوم: هذا اعوجاجٌ في الساق من غير فَحَج. وقال قوم: الطّرَق: ضَعف في الرُّكبتين. وهذا القول أَقْيَسُ وأشبه لسائر ما ذكرناهُ من اللِّينِ والاسترخاء.

والأصل الرابع: خَصْفُ شيء على شيء. يقال: نعلٌ مُطارَقة، أي مخصوفة. وخُفّ مُطارَق، إذا كان قد ظُوهِر لـه نعلان. وكلُّ خَصْفةٍ طِراق. وتُرسٌ مُطرَّق، إذا طورِق بجلدٍ على قَدْره. ومن هذا الباب الطِّرْق، وهو الشحم والقُوّة، وسمِّي بذلك لأنّه شيءٌ كأنّه خُصِف به. يقولون: ما به طِرْق، أي ما به قُوّة. قال أبو محمد عبد الله بن مسلم: أصل الطِّرْق الشّحم؛ لأنّ القوّة أكثر ما تكون [عنه([23])]. ومن هذا الباب الطَّرَق: مَناقع المياه؛ وإِنَّما سمِّيت  بذلك تشبيهاً بالشيء يتراكبُ بعضهُ على بعض. كذلك الماء إذا دام تراكب. قال رؤبة:

* للعِدِّ إذْ أخْلفَه ماءُ الطَّرَقْ([24]) *

ومن الباب، وقد ذكرناه أوَّلاً وليس ببعيد أن يكون من هذا القياس: الطَّريق؛ وذلك أنَّه شيءٌ يعلو الأرضَ، فكأنَّها قد طُورِقَتْ به وخُصِفت به. ويقولون: تطارَقَت الإِبلُ، إذا جاءت يتبع بعضُها بعضاً. وكذلك الطَّرِيق، وهو النَّخْل الذي على صفٍّ واحد، وهذا تشبيهٌ، كأنَّه شُبِّه بالطَّرِيق في تتابُعه وعلوّه الأرض. قال الأعشى:

ومِنْ كلِّ أحوَى كجِذْعِ الطَّريقِ *** يزينُ الفِناءَ إذا ما صَفَنْ([25])

ومنه [ريشٌ([26])] طِراق، إذا كان تطارق بعضه فوقَ بعض، وخرج القومُ مَطارِيقَ، إذا جاؤوا مُشاةً لا دوابَّ لهم، فكأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَخْصِف بأثر قدَميه أثَر الذي تقدَّم. ويقال: جاءت الإِبلُ على طَرْقَة واحدة، وعلى خُفٍّ واحد؛ وهو الذي ذكرناه من أنَّها *تَخصف بآثارها آثارَ غيرها. واختضَبت المرأةُ طَرْقَتينِ، إذا أعادت الخِضاب، كأنَّها تَخصِف بالثَّاني الأوَّل. ثم يشتقُّ من الطَّريق فيقولون: طَرَّقت المرأةُ عند الوِلادة، كأنَّها جَعلتْ للمولودِ طريقاً. ويقال ـ وهو ذلك الأوَّل ـ لا يقال طَرَّقت إلاَّ إذا خرج من الولد نصفُه ثمَّ احتبَس بعضَ الاحتباسِ ثمَّ خرج. تقول([27]): طرّقت ثم خلَصت.

وممّا يُشْبِه هذا قولُهم طَرَّقت القطاة، إذا عَسُر عليها بيضُها ففحصت الأرضَ بجُؤجُئِها.

(طرم) الطاء والراء والميم أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على تراكُمِ شيءٍ. يقولون: الطُّرَامة([28]): الخُضْرَة على الأسنان. ويقولون: الطِّرْم([29]): العَسَل. والطِّرْيَم: السَّحاب الغليظ.

(طري) الطاء والراء والحرف المعتلُّ أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على غضاضةٍ وجِدّة. فالطَّرِيّ: الشيء الغَضّ؛ ومصدره الطَّرَاوة والطَّراءة، ومنه أَطْرَيْتُ فلاناً، وذلك إذا مدحتَهُ بأحسنِ ما فيهِ.

فإذا هُمِزَ قيل طرَأَ فلانٌ، إذا طلع. وأحسَِب هذا من باب الإبدال، وإنّما الأصل دَرَأ وقد ذُكِر.

(طرب) الطاء والراء والباء أُصَيْلٌ صحيحٌ. يقولون: إنَّ الطّرَب خِفّة تُصيب الرَّجُلَ من شدةِ سرور أو غيره. ويُنشدون:

وقالوا قد طرِبْتَ فقلتُ كلاَّ *** وهل يبكي من الطَّرَبِ الجليدُ

وقال نابغة بني جعدة:

وأُراني طَرِبَاً في إِثْرِهمْ *** طرَبَ الوالهِ أو كالمُخْتَبَلْ([30])

قالوا: وطرَّب في صوته، إذا مدَّه. وهو من الأوَّل. والكريم طَروبٌ. ومما شذَّ عن هذا الباب المَطَارِب؛ وهي طرقٌ ضيِّقة متفرِّقةٌ. وأراها([31]) من باب الإبدال، كأنها مدارب، مشتقة من الدَّرْب.

وأمَّا قولهم في الطُّرْطُبّ، إنَّه الثَّدي المسترخِي، وكذلك الطَّرْطَبَة: صوت الحالب بالمِعزى، فكلُّه وما أشبهه كلام.

(طرث) الطاء والراء والثاء كلمةٌ صحيحةٌ، وهي الطَُّـَرثُوث([32])، وهي نبْت.

(طرح) الطاء والراء والحاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نَبْذ الشَّيءِ وإِلقائِهِ. يقال طَرَحَ الشَّيْءَ يطرحُه طرحا. ومن ذلك الطَّرَح، وهو المكان البعيد([33]). وطَرَحتِ النَّوَى بفلانٍ كلَّ مَطرَحٍ، إذا نأتْ به ورمت به. قال:

أَلِمَّا بميٍّ قبل أن تطرَحَ النَّوى  *** بنا مَطْرَحاً أو قبل بينٍ يُزِيلُها

ويقال فحل مِطْرَحٌ؛ بعيدُ موقع الماءِ في الرَّحِم. ومن الباب: نخلةٌ طروحٌ: طويلة العَراجين. وسَنامٌ إطريحٌ: طويلٌ. وقوسٌ طَروح: شديدة الحفْزِ للسَّهم. والقياس في كلِّه واحد.

(طرد) الطاء والراء والدال أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على إبعاد. يقال طردْتهُ طرداً. وأَطْرَدَه السُّلطانُ وطَرَّدَه، إذا أخرجه عن بلده. والطَّرْد: معالجة أخْذ الصّيد. والطرِيدة: الصَّيْد. ومُطارَدَة الأقرانِ: حملُ بعضِهم على بعض؛ وقيل ذلك لأنَّ هذا يَطْرُد ذاك. والمِطْرَد: رمح صغير. ويقال لمحَجّة الطَّريق مَطْرَدَة([34]). ويقال: اطَّرد الشَّيء اطراداً، إذا تابَعَ بعضُه بعضاً، وإِنما قيل ذلك تشبيهاً، كأنَّ الأوَّل يطرُدُ الثَّاني. ومنه قولُه:

أتعرِف رسماً كاطِّراد المذاهبِ  *** لعمرةَ وحشَّا غيرَ موقفِ راكبِ([35])

ومُطَّرَدُ النَّسيم: الأنْف. أنشدَنا علي بن إبراهيم القَطَّان، عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيّ:

وكأنَّ مُطّرَدَ النَّسيم إذا جَرَى  *** بعد [الكلالِ خليَّتَا زُنبورِ([36])

واطرَدَ] الأمر: استقام. وكلُّ شيءٍ امتدَّ فهذا قياسُهُ. يقال طرِّدْ سَوْطَكَ: مدِّدْه. والطَّرِيد: الذي يُولَد بعد أخيه، فالثَّاني طريدُ الأوَّل. وهذا تشبيه، كأنَّه طرَدَه وتَبِعه([37])، وطريدٌ بمعنى طارِد.

ـــــــــــــــــ

([1]) ديوان حسان  310 واللسان  (طرز).

([2]) الطرش: الصمم، وقيل أهونه . وقيل هو مولد. يقال في الوصف منه أطرش وأطروش، بضم الهمزة والراء فيهما، كما في اللسان.

([3]) هذه الكلمة في القاموس، ولم ترد في اللسان.

([4]) في الأصل: "أصول". وليس كذلك.

([5]) في الأصل:"فقال قومٌ أراد قوم أراد به".

([6]) البيت لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في اللسان (طرف). وأنشده في (صلح). بدون نسبة، وكذا في إصلاح المنطق 124. وقد سبق في (صلح)

([7]) هذا المعنى لم يذكر في اللسان، وذكر في القاموس. وفي المجمل: "مأخوذ" بدل "يؤخذ".

([8]) وكذا إنشاده في المجمل والصحاح. وفي الديوان 63 واللسان (طمح، طرف): "مطروفة العين". وصدره:

* وما كنت مثل الكاهلي وعرسه *.

([9])وكذا في المجمل والقاموس. وفي اللسان (طرف)، والأزمنة والأمكنة: (1: 191، 318): "الطرف" بدون هاء. قال المرزوقي: "وأما الطرف فكوكبان يبتدان الجبهة بين يديها، يقولون: هما عين الأسد".

([10]) ديوان جرير 595، والعمدة (1: 135). ويروى: "في طرفها حورٌ"، كما في زهر الآداب (4: 215). والأغاني (7: 37). والبيت من المائة المختارة في الأغاني (7: 35).

([11]) في الأصل: "مكاناً".

([12]) الرجز لهند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي كما في اللسان (طرق). وبعده:

لا ننثني لوامق *** نمشي على النمارق

المسك  في المفارق *** والدر في المخانق

إن تقبلوا نعانق *** أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

 

([13]) وقد يكون أيضاً أنها تعتز بأبيها طارق الإيادي.

([14]) في القاموس: "وأتيته طرقين وطرقتين، ويضمان".

([15]) لابن أحمر، كما في اللسان (طرق) وكذا جاءت رواية البيت في المجمل، وفي اللسان: "إليها" موضع "إليه".

([16]) في اللسان: "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: الطرق والعيافة من الجبت".

([17]) البيت للبيد في ملحقات ديوانه 55 طبع 1881 واللسان  (طرق) وبعده في الديوان:

سلوهن إن كذبتموني متى الفتى  *** يذوقُ المنايا أو متى الغيث واقعُ

([18]) لرؤبة بن العجاج، في ديوانه 77 واللسان (رقش، طرق، ميش). وسبق في (رقش).

([19]) يقال سهام صيغة، أي صنعة رجل واحد. في المجمل: "صنعة رجل واحد"، وفي القاموس: "وهذا طرقة رجل، أي صنعته".

([20]) بياض في الأصل: وشاهده في اللسان:

سكاء مخطومة وريشها طرق *** سود قوادمها صهب خوافيها

وانظر الحيوان (5: 579) والأغاني (7: 151).

([21]) لمزرد بن ضرار أخي الشماخ، يرثي عمر بن الخطاب، كما في اللسان (طرق، سبت). وجعله أبو تمام في الحماسة (1: 454) في مقطوعة للشماخ، وليست في ديوانه. على أنَّه روي من شعر منسوب للجن. زهر الآداب (4: 107). وقال أبو محمد الأعرابي إنه لجزء أخي الشماخ، وهو الصحيح. حواشي اللسان (سبت). وقد سبق البيت في ص 162، من هذا الجزء.

([22]) البيت للمتلمس في ديوانه 2 مخطوطة الشنقيطي والحيوان (4: 263)، وحماسة البحتري  15 ولباب الآداب 393 وأمثال الميداني (1: 395). وبالبيت يستشهد النحويون على إلزام المثنى الألف في أحوال الإعراب الثلاث عند بعض القبائل. انظر الخزانة (3: 337). وقد أخذه عمرو بن شأس فقال: (انظر معجم المرزباني 213):

فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى  *** مساغاً لنابيه الشجاع لقد أزم

([23]) التكملة من اللسان (طرق 92).

([24]) وكذا إنشاده في المجمل واللسان. والوجه: "إذ أخلفها"، كما في الديوان، 104. وقبله:

* قواربا من واحف بعد العبق *.

([25])ديوان الأعشى 17 ورواية البيت وسابقه في الديوان:

هو الواهب المائة المصطفا *** ة كالنخل زينها بالرجن

وكل كميت كجذع الخضاب *** يزين الغناء إذا ما صَقن

([26]) التكملة من اللسان (طرق 88).

([27]) في الأصل: "يقول".

([28]) في الأصل: "الطّرامية"، صوابه في المجمل واللسان.

([29]) يقال بكسر الطاء وفتحها، ويقال طويم أيضاً كدرهم. وفي الأصل: "الطّرام"، صوابه في المجمل واللسان.

([30]) أنشده في اللسان (خبل) بدون نسبة. وقبله في (طرب):

سألتني أمتي عن جارتي *** وإذا ما عيّ ذو اللب سأل

سألتني عن أناس هلكوا *** شرب الدهر عليهم وأكل

([31]) في الأصل: "وأرى".

([32]) شاهده ما أنشده في إصلاح المنطق 45 واللسان (طرث):

أرض عن الخير والسلطان نائية *** والأطيبان بها الطرثوث والصرب

([33]) شاهده قول الأعشى في ديوانه 161 واللسان (طرح):

يبتني المجد ويحتاز النهى  *** وترى ناره من ناء طرح

وفي اللسان:

تبتني الحمد وتسمو للعلا *** ونرى نارك من ناء طرح

([34]) ذكرت في القاموس، بفتح الميم وكسرها، ولم تذكر في اللسان. وقد ضبطت في المجمل بفتح الميم كما أثبت.

([35]) لقيس بن الخطيم في ديوانه 10 واللسان (طرب) . وقصيدة البيت في جمهرة أشعار العرب 123 ـ 125 في القصائد المذهبات.

([36]) التكملة إلى هنا من المجمل واللسان (طرد). وبقية التكملة من اللسان (طرد 257). وقد ضبط  "مطرد" في اللسان بكسر الراء، وهو خطأ، وإنما هو مكان اطراد النسيم، وهو الأنف. والضمير في "جرى" للفرس.

([37]) في الأصل: "كأنه طرده ربيعه".

 

 


ـ (باب الطاء والزاء وما يثلثهما)

هذا بابٌ يضيقُ الكلام فيه، على أنهم يقولون الطَّزِع؛ الرَّجُل لا غَيْرة له. والله أعلم.‏

 

ـ (باب الطاء والسين وما يثلثهما)

(طست) الطاء والسين والتاء ليس بشيء، إلاَّ الطَّسْت، وهي معروفة.‏

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)

(طسأ) الطاء والسين والهمزة كلمةٌ واحدةٌ. يقولون: طَسِئَتْ نفسي فهي طَسِئة.‏

(طسل) الطاء *والسين واللام فيه كلمات، ولعلَّها أن تكون صحيحة غير أنَّها لا قِياس لها. يقولون: الطَّسْل: اضطراب السَّراب. والطَّيْسَل: الكثير، يقال ماءٌ طَيْسَل. ويقولون: الطَّيْسَل: الغُبار.‏

(طسم) الطاء والسين والميم كلمةٌ واحدةٌ. يقال: طَسَمَ، مثل طَمَسَ. وطََسْم: قبيلةٌ من عاد.‏

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)‏

من ذلك (الطَّلَنْفح)، وهو السَّمِين. وهذا إنِّما هو تهويلٌ وتقبيحٌ، والزائد فيه اللام والنون، وهو من طفح، إذا امتلأَ. ومنه السَّكران الطَّافح، وقد مرَّ.‏

ومن ذلك (الطُّحْلب)(1)، معروف. والباء فيه زائدة، وإنّما هو من طَحَل، وهو من اللَّون. وقد ذكرناه.‏

ومن ذلك (طَحْمَر)، إذا وَثَب، والحاء زائدة، وإِنَّما هو طمر.‏

ومن ذلك (طَرْمَحَ) البناء: أطاله. ومنه اسم الطِّرِمّاح. والأصل فيه الطَّرَح، وهو البعيدُ والطَّوِيل، وقد فسرناه.‏

ومن ذلك (طَرْفََشَتْ) عينُه: أظلَمَتْ. والشّين زائدة، وأصله من طُرِفَت: أصابها طَرَفُ شيءٍ فاغرورقَتْ، وعند ذلك تُظْلِمُ، وقد مرَّ.‏

ومن ذلك (الطلخف(2)): الشديد. واللام زائدة، وهو الطَّخَف، وهو الشِّدَّة(3).‏

ومن ذلك (الطُّلْخُوم)، وهو الماء الآجِن(4). والميم زائدة، وإنما هو من الطّلْخ، وقد ذكرناه.‏

ومن ذلك الشَّباب (المُطْرَهِمّ(5)). وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله مُطَهَّمٌ، وقد مضى.‏

ومن ذلك قولهم: ما في السماء (طَحْرَبة(6))، أي سحابة، والباء زائدة، كأنَّه شيءٌ يَطْحَر المطرَ طَحْراً ، أي يدفعُه ويرمِي به.‏

ومن ذلك الرَّغِيف (الطَّملَّس): الجافّ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: طَلَسَ وطَمَسَ، وكلاهما يدلُّ على ملاسةٍ في الشيء.‏

ومما وُضِعَ ولا يكاد يكون له قياس: (الطَّفَنَّش): الواسع صُدورِ القَدَمين.‏

و(طَرسَم) الرَّجُّل: أطرق.‏

و(الطِّرْفِسَانُ): الرَّملة العظيمة.‏

(والطّثْرَج) فيما يقال: النَّمْل(7). قال:‏

* أَثْرٌ كآثارِ فِراخ الطَّثْرَجِ(8) *‏

و(طَلْسَم) الرَّجُلُ: كرَّه وجهَه.‏

ويقولون: (الطِّلْخام): الفِيل(9).‏

و(اطْرَخَمَّ): تَعَظَّمَ.‏

ويقولون: (الطُّمْرُوس): الكذَّاب. و(الطُّرْمُوس) خُبز المَلَّة؛ و(الطِّرْمِساء): الظلمة. ويجوز أن تكون هذه الكلمة مما زيدت فيه الرَّاء، كأنَّها من طَمَس.‏

ويقولون: (طَرْبَلَ) الرَّجُل، إذا مدَّ ذُيولَه.‏

وكلُّ الذي ذكرناه مما لا قياس له، وكأنَّ النّفس شاكّة في صحّته(10)، وإن كنّا سمعناه. والله أعلم بالصواب.‏

(تم كتاب الطاء)‏

ــــــــــــــــــ

(1) بضم الطاء مع ضم اللام وفتحها، ويقال أيضاً، كزبرج، وهو الخضرة تعلو الماء المزمن.‏

(2) يقال بكسر الطاء مع فتح اللام خفيفة أو مشددة، ويقال بفتح الطاء واللام أيضاً.‏

(3) لم يذكر ابن فارس ولا غيره من أصحاب المعجمات هذا المعنى في مادة (طخف).‏

(4) والطلخوم أيضاً، العظيم الخلق.‏

(5) قال ابن أحمر:‏

أرجى شباباً مطرهما وصحة *** وكيف رجاء المرء ما ليس لاقيا‏

(6) يقال بفتح الطاء والراء، وكسرهما وضمهما.‏

(7) في الأصل: "فيما يقال له الرمل"، صوابه من المجمل واللسان.‏

(8) لمنظور بن مرثد الأسدي، وكلمة "فراخ"، من المجمل واللسان. وقبله في اللسان:‏  *والبيض في متونها كالمدرج*.‏

(9) قيده في اللسان بأنه الفيل الأنثى، وكذا في القاموس.‏

(10) في الأصل: "وكأن النفس شاكلة في صحته".‏

 

كتاب الظاء:

ـ (باب الظاء وما معها في المضاعف والمطابق([1]))

(ظل) الظاء واللام أصلٌ واحد، يدلُّ على ستر شيءٍ لشيءٍ، وهو الذي يُسمَّى الظّلّ. و[كلمات] البابِ عائدةٌ إليهِ. فالظِّل: ظِلّ الإنسان وغيرِه، ويكونُ بالغداةِ والعَشيّ، والفيءُ لا يكون إلا بالعشيّ.  وتقول: أَظلَّتْني الشَّجرة. وظِلٌّ ظليل: [دائمٌ([2])]. واللَّيل ظِلٌّ([3]). قال:

قد أَعْسِفُ النّازحَ المجهولَ مَعْسِفُه *** في ظل أخضَرَ يدعو هامَهُ البومُ([4])

يريدُ في سترِ ليلٍ أخضر. وأظَلَّكَ فلانٌ، كأنَّه وقاكَ بِظلِّه، وهو عزُّه ومَنَعَتُهُ. والمِظَلَّةُ معروفة. وأَظَلَّ يومُنا: دامَ ظِلُّه، ويقال إنَّ الظُّلَّة: أوّلَ سحابةٍ تُظِلّ.  والظُّلَّة: كهيئةِ الصُّفَّةِ. قال الله تعالى: {وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ}  [الأعراف 170].

ومن الباب قولهم: ظلَّ يفعل كذا، وذلك إذا فعله نهاراً. وإنما  قلنا إنّه من الباب لأنَّ ذلك شيءٌ يخصّ به النهار، وذلك أن الشيء يكون له ظلٌّ نهاراً، ولا يقال ظلَّ يفعلُ كذا ليلاً؛ لأنّ الليلَ نفسه ظِلّ.

ومن الباب،  وقِياسُهُ صحيح: الأَظَلّ، وهو باطنُ خُفِّ البعيرِ. ويجوز أن يكون كذا لأنَّه يستُر ما تحتَه، أو لأنَّه مُغَطَّى بما فوقه. قال:

* في نَكِيبٍ مَعِرٍ دامِي الأَظَلّ([5]) * .

فأمَّا قول الآخر([6]):

* تشكو الوَجَى من أَظْلَلٍ* وَأَظلَلِ *

فهو الأظلّ، لكنه أظهر التَّضْعِيفَ ضرورة.

(ظن) الظاء والنون أُصَيْل صحيحٌ يدلُّ على معنينِ مختلفين: يقين وشكّ.

فأمَّا اليقين فقولُ القائل: ظننت ظناً، أي أيقنتُ. قال الله تعالى: {قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ}  [البقرة 249] أرادَ، والله أعلم، يوقِنون. والعربُ تقول([7]) ذلك وتعرفه. قال شاعرهم([8]):

فقلت لهم ظُنُّوا بأَلَْفَيْ مُدَجَّجٍ  *** سراتُهم في الفارسيِّ المُسَرَّدِ([9])

أراد: أيقِنُوا. وهو في القرآن كثير.

ومن هذا الباب مَظِنَّة الشيء، وهو مَعْلَمه ومكانُه. ويقولون: هو مَظِنَّةٌ لكذا. قال النَّابغة:

* فإنَّ مَظِنَّة الجهلِ الشَّبابُ([10]) *

والأصل الآخر: الشَّك، يقال ظننتُ الشيءَ، إذا لم تتيقّنْه، ومن ذلك الظِّنَّة: التُّهْمَةَ. والظَّنِين: المُتّهم. ويقال اظَّنَّنِي([11]) فلانٌ. قال الشاعر:

ولا كُلُّ من يَظَّنُّنِي أنا مُعْتِبٌ *** ولا كُلُّ ما يُرْوَى عليَّ أَقُول([12])

وربَّما جُعلت طاء، لأنَّ الظَّاء أُدغمت  في تاء الافتعال. والظَّنُون: السَّيِّئُ الظنّ. والتَّظَنِّي: إِعمال الظَّنّ. وأصل التظَنِّي التظنُّن. ويقولون: سُؤت به ظنَّاً وأسأْت به الظّنّ، يدخلون الألف إذا جاؤوا بالألف واللام. والظَّنُون: البِئر لا يُدرَى أَفيها ماءٌ أمْ لا. قال:

ما جُعِلَ الجُدُّ الظُّنُونُ الذي  *** جُنِّبَ صَوبَ اللّجِبِ الماطرِ ([13])

والدَّيْن الظَّنُون: الذي لا يُدرى أيقضى أم لا. والباب كلُّه واحد.

([ظب)  الظاء والباء] ما يصحُّ منه إلاَّ كلمةٌ واحدةٌ، يقال ما به ظَبْظَابٌ، أي مابه قَلَبَة، قال ابن السكِّيت: ما به ظبظابٌ([14])، أي ما به عيبٌ ولا وَجع. قال الراجز:

* بُنَيَّتي ليس بها ظبظابُ([15]) *

ويقولون: الظَّباظِب: صليل أجواف الإِبل([16]) من العطش؛ وليس بشيءٍ؛ وقيل: هو تصحيف، وهو بالطّاء. فأمَّا الذي في الكتاب الذي للخليل: أنَّ الظَّابَّ السِّلْف([17]) فأراه غلط على الخليل. لأنَّ الذي سمعناه الظَّأْب، بالتخفيف، وقد ذُكر في بابه.

(ظر) الظاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على حَجَرٍ محدَّد الطَّرَف. يقولون: إنَّ الظُّرَر: حجرٌ محدَّد صُلب، والجمع ظِرَّانٌ([18]). قال:

بِجَسْرَةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجيةٍ *** إذا توقَّدَ في الدّيمومةِ  الظُرَرُ([19])

وأظرَّ الرَّجُل: مَشَى على الظرَار. ويقولون: "أَظِرِّيَ إِنَّك ناعلة". يقولون: امْشِي على الظُّرَر، فإنَّ عليك نَعلين، يُضرَب مثلاً لمن يُكلَّف عملاً يقوَى عليه. ويقال المَظَرّةُ: الحجر يُقدح به، ويقال بل هو حجرٌ يُقطع به شيءٌ يكون في حياة النّاقةِ كالثُؤلول. ويقال أرضٌ مَظَرَّةٌ: كثيرة الظُّرَر.

ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: اظْرَوْرَى([20])، أي انتفخ. والله أعلم.

ــــــــــــــــــ

([1]) بدلـه في الأصل: "باب الظاء واللام وما يثلثهما"، وهي عبارة ناسخ غافل، أثبت مألوف عبارته في مثل هذا.

([2]) في المجمل: " والظل الظليل: الدائم" وبه استأنست في إثبات هذه الكلمة.

([3]) في الأصل: "والظل ظل"، صوابه في المجمل. وفي اللسان: "وسواد الليل كله ظل" وانظر ما سيأتي في س 13.

([4]) لذي الرمة، كما سبق في حواشي (يوم).

([5]) للبيد في ديوانه 11 وصوابه روايته: "بنكيب"  كما في اللسان والديوان. وصدره:

* وتصك المرو لما هجرت *.

([6]) هو العجاج. ديوانه 47 واللسان (ظلل).

([7]) في الأصل: "يقولون".

([8]) هو دريد بن الصمة. الأصمعيات 32 ليبسك واللسان (ظنن).

([9]) البيت وما قبله، كما في الأصمعيات:

وقلت لعارض وأصحاب عارض *** ورهط بني السوداء والقوم شهدى

علانية: ظنوا بألفي مدجج *** سراتهم في الفارسي المسرد

وهما كما في الحماسة: (1/ 336):

نصحت لعارض وأصحاب عارض *** ورهط بني السوداء والقوم شهدى

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج *** سراتهم في الفارسي المسرد

([10]) البيت أول بيت في مقطوعة له بالديوان 14. وكذا أنشده في اللسان (ظنن). وصدره:

* فإن يك عامر قد قال جهلا *

([11]) اظن، بوزن افتعل، أصلها اظتن، قلبت التاء ظاء معجمة ثم أدغمت في نظيرتها. ومثله "اظلم" في قول القائل:

هو الجواد الذي يعطيك نائله *** عفواً ويظلم أحياناً، فيظلم

([12]) أنشده في اللسان (ظنن) والمخصص (12: 319). وفي المجمل: "ولا كل من يروى".

([13]) البيت للأعشى، كما سبق في (جد 407).

([14]) في إصلاح المنطق 426: "مابه وذية ولا ظبظاب".

([15]) إصلاح المنطق 426 واللسان (ظبب).

([16]) في المجمل فقط: "أجواف البقر".

([17]) السلف، بالكسر: واحد السلفين، وهما زوجا الأختين، وفي الأصل: "السليف"، محرف.

([18]) نظيره في الجموع: جرذ وجرذان، وصرد وصردان.

([19]) البيت للبيد في ديوانه 38 طبع 1880 واللسان (ظرر، نجل).

([20]) حق هذه الكلمة أن تكون في (ظرا) المعتل، كما صنع اللسان والقاموس، ومثله "اقلولى" في (قلو)، و"اعرورى"، في (عري)، و"احلولى"، في (حلو).

 

ـ (باب الظاء والعين وما يثلثهما)

(ظعن) الظاء والعين والنون أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على الشُّخوص من مكانٍ إلى مكان. تقول: ظَعَنَ يظعَن ظَعْناً وظَعَنَاً، إذا شَخَصَ. قال الله سبحانه: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ(1)}. والظَّعينة، ممَّا يقال فيه(2) فقال قوم: هي المرأة، وقال آخرُونَ: الظَّعائِنُ الهوادِجُ، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وهذا أصحُّ القولين؛ لأنَّه من أدوات الرَّحِيل. والظَّعُون: البعير الذي يُعَدُّ للظَّعْن. ومن الباب الظِّعَان، وهو الحبل الذي يُشَدُّ به القَتَبُ على البعيرِ، وسمِّيَ بذلك ظِعَاناً(3)لأنه أحدُ أدواتِ السَّير والظّعن. قال:‏

له عُنقٌ تُلوِي بما وُصِلَت به *** وَدفَّانِ يشتفّان كلَّ ظِعَانِ(4)‏

ـــــــــــــــ

(1) الآية 80 من سورة النحل، قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، بإسكان العين، والباقون بفتحها، إتحاف فضلاء البشر 285.‏

(2) في الأصل: "والظعنة امرأة يقال فيه".‏

(3) في الأصل: "وسمي بذلك قاما".‏

(4) البيت لكعب بن زهير في اللسان (شفف). وهو بدون نسبة في (ظعن). وقد سبق في (دف، شف).‏

 

ـ (باب الظاء والفاء وما يثلثهما)

(ظفر) الظاء والفاء والراء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدُهما على القَهر والفَوز والغَلَبة، والآخر على قُوَّةٍ في الشيءِ. ولعلَّ الأصلين يتقاربان في القياس.‏

فالأوّل الظَّفَر، وهو الفَلْج والفَوْز بالشَّيء. يقال ظَفِرَ يظفَرُ ظَفَراً. والله تعالى أَظْفَرَه. وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح 24]. ورجل مُظَفَّر.‏

والأصل الآخَر الظُّفْرُ ظُفْرُ الإنسان(1). ويقال ظَفَّرَ في الشَّيء، إذا جعل ظُفْره *فيه. ورجلٌ أظفَرُ، أي طويل الأظفار، كما يقال أَشْعَر أي طويل الشَّعر. ويقال للمَهِين: هو كَليل الظُّفر. وهذا مَثلٌ. قال طَرفة:‏

لا كليلٌ دالفٌ من هَرَمٍ *** أَرْهَبُ اللّيلَ وَلا كَلُّ الظّفُرْ (2)‏

ويقال ظَفَّرَ النَّبتُ تظفيراً، إذا طَلَعَ. وذاك أن يَطْلُع منه كالأظفار بقوّة. وأمّا قولهم في الجُلَيدة تغشى العَين ظَفَرة، فذلك على طريق التَّشبيهِ. ويقال ظُفِرت العينُ، إذا كان بها ظفَرة. قال أبو عُبيدٍ: وهي التي يقال لها ظُفْر.‏

ومن الباب ظُفْر القَوس، وهما الجزءان اللذان يكون فيهما الوَتَر في طرفَيْ سِيَتَي القَوس. وربَّما قالوا الظَّفَرة: ما اطمأنَّ من الأرض وأنبَت(3). وهذا أيضاً تشبيه. والأظفار: كواكِبُ صغار(4)، وهي على جهة الاستعارة. فأمَّا ظَفَارِ، وهي مدينةٌ باليمن، فممكن [أن تكون] من بعض ما ذكرناه، والنسبة إليها ظَفَارِيٌّ. والله أعلم.‏

ــــــــــــــــ

(1) يقال بضمة وبضمتين، وبالكسر أيضاً، وقرئ به شاذاً.‏

(2) ديوان طرفة 66 واللسان (ظفر).‏

(3) في الأصل: "متن من الأرض نبت"، صوابه من المجمل واللسان.‏

(4) يقال لـها "أظفار الذئب". كما في الأزمنة والأمكنة (3: 374). وفي الأصل: "الصغار"، صوابه في المجمل واللسان.‏

 

ـ (باب الظاء واللام وما يثلثهما)

(ظلع) الظاء واللام والعين أُصَيْلٌ يدلُّ على مَيْل في مَشي([1]). يقال: دابَّةٌ بِهِ ظَلْعٌ، إذا كانَ يَغمِز فيميل([2]). ويقولون: هو ظالع، أي مائلٌ عن الطَّريقِ القويم. قال النابغة:

أتُوعِدُ عبداً لم يخُنْكَ أمانةً  *** وتَتْرُكَ عبداً ظالماً وهو ظالعُ ([3])

(ظلف) الظاء واللام والفاء أصل صحيحٌ يدلُّ على أدنى قوّةٍ وشِدّة. من ذلك ظِلْف البَقرة وغيرِها. ورُبَّما استُعير للفرسِ. قال:

* وَخَيلٍ تَطَأْكُمْ بأظلافها([4]) *

وإذا رميتَ الصَّيْدَ فأصبتَ ظِلفه قلت: قد ظَلَفْتُهُ، وهو مظلوف. والظّلف([5]) والظَّليف: كلُّ مكانٍ خَشِن. وقال الأمويّ: أرضٌ ظَلِفَةٌ: غليظة لا يُرَى أثرُ مَنْ مشَى فيها، بيِّنة الظَّلَف. ومنه أُخذ الظَّلَف في المعيشةِ.

وقول الناس: هو ظَلِفٌ عن كذا، يراد التشدُّد في الورع والكَفُّ، وهو من هذا القياس.

وأمَّا حِنْو القَتَب فسمِّيَ ظَلِفة لقُوَّتِه وشدَّته. ويقال أخذ الجزورَ بظَلَفها وظَلِيفتها، أي كلّها.

(ظلم) الظاء واللام والميم أصلانِ صحيحانِ، أحدهما خلافُ الضِّياء والنور، والآخَر وَضْع الشَّيءِ غيرَ موضعه تعدِّياً.

فالأوَّل الظُّلْمة، والجمع ظلمات. والظَّلام: اسم الظلمة؛ وقد أظْلَمَ المكان إظلاماً. ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم: لقيته أوَّلَ ذِي ظُلْمة([6]). قال: وهو أوَّلُ شيءٍ سَدَّ([7]) بصرَك في الرُّؤْية، لا يشتقُّ منه فِعل. ومن هذا قولهم: لَقيته أدنى ظَلَمٍ ([8])، للقريب. ويقولونه بألفاظٍ أُخَرَ مركبةٍ من الظاء واللام والميم، وأصل ذلك الظُّلمة، كأنَّهم يجعلون الشَّخْصَ ظُلْمَةً في التشبيهِ، وذلك كتسميتهم الشَّخصَ سواداً. فعلى هذا يُحمل الباب، وهو من غريب ما يُحمل عليه كلامُهم.

والأصل الآخَر ظلَمَه يظلِمُه ظُلْماً. والأصل وضعُ الشَّيْءِ [في] غير موضعه؛ ألا تَراهم يقولون: "مَنْ أشْبَهَ [أباه] فما ظَلَمَ"، أي ما وضع الشَّبَه غيرَ موضعه. قال كعب:

أنا ابنُ الذي لم يُخْزِني في حياته *** قديماً ومَنْ يشبهْ أباهُ فما ظلمْ([9])

ويقال ظَلَّمت فلاناً: نسبتُه إلى الظُّلم. وظَلَمْتُ فلاناً فاظَّلَم وانظلم([10])، إذا احتملَ الظُّلْم. وأُنشد بيت زُهَير:

هو الجوادُ الذي يُعطيك نائلَهُ *** عَفْواً ويُظْلَمُ أحياناً فَيَظَّلِمُ([11])

بالظاء والطاء. والأرض المظلومة: التي لم تُحفَر قطُّ ثمَّ حفرت؛ وذلك التُّرابُ ظَليم. قال:

فأصبح في غَبْراءَ بعد إِشاحةٍ *** على العيشِ مردودٍ عليها ظليمُها([12])

وإِذا نُحِرَ البعيرُ من غيرِ عِلَّةٍ فقد ظُلِمَ. ومنه قوله:

عادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ وكان بها  *** هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاَّمون للجُزُرِ([13])

والظُّلاَمة: ما تطلبه من مَظْلِمَتك عند الظَّالم. ويقال: سقانا ظَلِيمَةً طيِّبة. وقد ظَلَمَ وطْبَه، إِذا سَقَى منه قبل أن يروبَ ويُخرِج زُبَده. ويقال لذلك اللَّبن ظليمٌ أيضاً. قال:

وَقائِلةٍ ظلمتُ لكم سِقائي *** وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّليمُ

والله أعلم بالصَّواب.

ــــــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "يدل على شيء".

([2]) في الأصل: "فميل".

([3]) ديوان النابغة 55 والمجمل واللسان (ظلع).

([4]) أنشد هذا الشطر في المجمل واللسان (ظلف). وفي كل منهما قبل الإنشاد: "واستعاره عمرو بن معد يكرب للأفراس فقال".

([5]) ضبط في المجمل بالكسر، وفي اللسان والقاموس بفتح الظاء وكسر اللام.

([6]) ويقال أيضاً: "أدنى ذي ظلم"، بالتحريك أيضاً.

([7]) في الأصل: "مد"، صوابه في المجمل واللسان.

([8]) في الأصل: "القريب".

([9]) سبق إنشاده في (شبي). والذي في ديوان كعب 65 طبع دار الكتب:

أنا ابن الذي لم يخزني في حياته *** ولم أخزهِ حتى تغيب في الرجم

أقول شبيهات بما قال عالماً  *** بهن ومن يشبه أباه فما ظلم

([10]) في الأصل: "وأظلم". صوابه في اللسان.

([11]) ديوان زهير 152 واللسان (ظلم).

([12]) يعني حفرة القبر يرد عليها ترابها بعد الدفن. والبيت في اللسان (ظلم).

([13]) البيت لابن مقبل في اللسان (دور، ظلم)، ودار: اسم موضع.

 

ـ (باب الظاء والميم وما يثلثهما)

(ظما) الظاء والميم والحرف المعتل والمهموز أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ذبولٍ وقلّة ماء. من ذلك: الظَّمَا، غيرمهموز: قلّة دم اللِّثة. يقال امرأةٌ ظمياء اللثاث. وعينٌ ظمياء: رقيقة الجَفن. ثم يحمل عليه فيقال ساقٌ ظمياء: قليلة اللحم.‏

ومن المهموز: الظَّمَأ، وهو العطش، تقول: ظمئت أظمأ ظمَا. فأما الظِّمْء فما بين الشَّربتين. والقياس في ذلك كلِّه واحد. ويقولون: رمحٌ أظْمَى: أسمر رقيق. وإنما صار كذلك لذهاب مائه.‏

 

ـ (باب الظاء والنون وما يثلثهما)

(ظنب) الظاء والنون والباء كلمةٌ صحيحةٌ، وهو العظم اليابس من ساقٍ وغيره، ثم يتمثَّل به فيقال للجادِّ في الأمر: قد قرع ظنبوبَه. وقول سلامةَ بنِ جندل:‏

كُنَّا إِذا ما أَتَانا صارخٌ فزع *** كان الصُّراخُ له قَرعَ الظَّنابِيبِ (1)‏

فقال قومٌ: تقرع ظنابيب الخيل بالسِّياط ركضاً إلى العدوِّ. وقال قوم: الظُّنْبوب: مسمار جُبَّة السِّنَان، أي إِنَّا نركِّب الأسنّة.‏

ـــــــــــــــ

(1) ديوان سلامة بن جندل 11، والمفضليات (1: 122)، واللسان (ظنب، فزع).‏

 

ـ (باب الظاء والهاء وما يثلثهما)

(ظهر) الظاء والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قوّةٍ وبروز. من ذلك ظَهَرَ الشيءُ يظهرُ ظهوراً فهو ظاهر، إذا انكشفَ وبرزَ. ولذلك سمِّيَ وقت الظُّهرِ والظَّهيرة، وهو أظهر أوقات النّهار وأَضْوَؤُها. والأصل فيه كلّه ظهر الإنسان، وهو خلافُ بطنه، وهو يجمع البُروزَ والقوّة. ويقال للرِّكاب الظَّهر، لأنَّ الذي يَحمِل منها الشيءَ ظهورُها. ويقال رجلٌ مظهَّر، أي شديد الظَّهْر. ورجلٌ ظَهِر([1]): يشتكي ظهره.

ومن الباب: أظهرْنا، إذا سرنا في وقت الظُّهْرِ. ومنه: ظهرتُ على كذا، إذا اطلَّعتَ عليه. والظَّهِير: البعير القويّ. والظَّهيرِ: المُعين، كأنَّه أسندَ ظَهْرَه إلى ظهرك. والظُّهور: الغَلبة. قال الله تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِين} [الصف 14]. والظَّاهرة: العين الجاحظة. والظِّهار: قولُ الرَّجل لامرأته: أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أُمِّي. وهي كلمةٌ كانوا يقولونها، يريدونَ بها الفراق. وإِنَّما اختصُّوا الظَّهْر لمكان الرُّكوب، وإلاَّ فسائر أعضائِها في التَّحريمِ كالظَّهْرِ. والظُّهار من الرِّيش: ما يظهر منه في الجَناح. والظِّهريُّ: كلُّ شيءٍ تجعله بظَهْرٍ ، أي تنساه، كأَنَّكَ قد جعلتَه خلف ظهرِكَ ، إِعراضاً عنه وتركاً لـه. قال الله سبحانه: {وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود 92]. وقد جعل فلانٌ حاجتي بظهرٍ، إذا لم يُقْبِل عليها، بل جعلها وراءه. وقال الفرزدق:

تميمَ بنَ بدر لا تكوننَّ حاجتي *** بظهرٍ فلا يَخْفَى عليكَ جوابُها([2])

ومن الباب: هذا أمرٌ ظاهرٌ عنك عارُهُ. أي زائل، كأنَّهُ إذا زالَ فقد صارَ وراء ظهرك. وقال أبو ذؤيب:

وعَيَّرَها الواشون أنِّي أحبُّها *** وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها([3])

ويقولون: إنَّ الظَّهَرَة([4]): متاع البيت. وأحسب هذه مستعارة من الظَّهر أيضاً؛ لأنَّ الإنسان يستظهِر بها، أي يتقوَّى ويستعين على ما نابَه. والظَّاهرة: أن ترِدَ الإِبلُ كلَّ يومٍ نصفَ النَّهار. ويقولون: سلكْنا الظًَّهْر: يريدون طريقَ البَرِّ، وذلك لظهورهِ وبروزه. ويقولون: جاء فلانٌ في ظَهْرَته وناهضتِهِ، أي قومه. وإِنّما سُمُّوا ظَهْرَةً لأنَّه يتقوَّى بهم. وقريشُ الظَّواهِر سُمُّوا بذلك لأنهم ينزلون ظاهرَ مكة. قال:

* قُريشِ البطاحِ لا قريشِ الظَّواهِرِ([5]) *

وأقران الظَّهْر: الذين يجيئون من ورائك.

وحكى ابن دريد([6]): "تظاهر القوم، إذا تدابَرُوا، وكأنَّه من الأضداد".

وهذا المعنى الذي ذكره ابن دريد صحيح؛ لأنَّه أراد أنَّ كلّ واحدٍ منهما أدبَرَ عن صاحبهِ، وجعل ظهرَهُ إليهِ. والله أعلم.

ـــــــــــــــــــ

([1]) في اللسان والقاموس: "ظهير"، والصواب ما أثبت من الأصل مطابقاً ما ورد في مجالس ثعلب

218 س 2 وصحاح الجوهري (ظهر).

([2]) في اللسان (ظهر): "فلا يعيا علي جوابها". وفي الأغاني (19: 36): "فلا يخفى علي". وفي ديوان الفرزدق 95:

تميم بن زيد لا تهونن حاجتي  *** لديك ولا يعيا علي جوابها

([3]) ديوان أبو ذؤيب 31 واللسان (ظهر).

([4]) الظهر، بالتحريك، وفي الأصل: "الظهيرة"، صوابه في المجمل والقاموس واللسان.

([5]) لأبي خالد ذكوان، مولى مالك الدار. انظر معجم البلدان (2: 213). حيث أنشد له:

فلا شهدتني من قريش عصابة  *** قريش  البطاح لا قريش الظواهر

ولكنهم غابوا وأصبحت شاهدا *** فقبحت من مولى حفاظ وناصر

وقد سبق إنشاد البيت في (بطح).

([6]) في الجمهرة (2: 379).

 

ـ (باب الظاء والهمزة وما يثلثهما)

(ظأر) الظاء والهمزة والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على العطف والدنُوّ. من ذلك الظِّئر. وإِنّما * سمِّيت بذلك لعَطْفها على من تُربيِّه. وأظَّأَرت لولدي ظِئْرا، كما مرَّ في اظَّلم بالظَّاء. والظُّؤُور من النُّوق: التي تعطف على البَوّ. وظأَرَنِي فلانٌ على كذا، أي عطَفَني. والظَّؤَار تُوصَفُ به الأثافيّ، كأنَّها متعطِّفة على الرَّماد([1]). والظِّئار: أن تُعالَج النَّاقة بالغِمامةِ في أنفها لكي تَظْأَر. وقولهم: "الطَّعْن يَظْأَر([2])"، أي يَعطِف على الصُّلح. ويقال ظِئر وظُؤَار، وهو من الجمع الذي جاءَ على فُعال، وهو نادر.

(ظأب) الظاء والهمزة والباء كلمتان متباينتان: إحداهما  الظّأب، وهو سِلْف الرَّجُل. والأُخرى الكلام والجَلَبَة([3]). قال:

يَصُوعُ عُنوقَها أَحوَى زنيمٌ *** له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَريمُ ([4])

(ظأم) الظاء والهمزة والميم من الكلام وَالجَلبَة، وهو إبدال. فالظَّأْم والظأب بمعنىً. والله أعلم. 

ــــــــــــــــــ

([1]) من شواهده قوله:

سفعاً ظؤاراً حول أورق جاثم *** لعب الرياح بتربه أحوالا

([2]) ويروى أيضاً : "الطعن يظئره". ويقال ظأره، وأظأره.

([3]) زاد في المجمل: "ولا أدري أمهموز هو أم لا".

([4]) البيت للمعلى بن جمال العبدي، كما في اللسان (صوع، ظأب)، ويروى لأوس بن حجر. انظر

ديوانه 25.

 

ـ (باب الظاء والباء وما يثلثهما)

(ظبي) الظاء والباء والحرف المعتل كلمتان، إحداهما الظَّبْي، والأخرى ظُبَةُ السيف، وما لواحدةٍ منهما قياس. فالظَّبْي: واحدُ الظِّباء، معروف، والأنثى ظَبية، وقد يُجمع على ظُِبىً. وإذا قَلَّتْ فهي أظْبٍ. و[أمَّا ما] جاء في الحديث: "إذا أتيتَهُم فاربِضْ في دارِهمْ ظَبْيَاً". فإنّه يقول: كن آمِناً فيهم كأنَّك ظَبْيٌ آمن في كِناسِه لا يرى أنيساً. ويقولون: به داءُ ظبْيٍ. قالوا: معناه أنَّه لا داءَ به، كما لا داءَ بالظبْي. قال:

لا تَجهَمينا أمَّ عمروٍ فإِنَّنا *** بنا داءُ ظبيٍ لم تَخُنْهُ قوائمُه([1])

والظَّبْيَة على معنى الاستعارة: جَهازَ المرأة، وحياءُ النَّاقة. والظَّبْية: جِرَاب صغير عليه شَعر. وكلُّ ذلك تشبيه.

وأمَّا الأصلُ الآخَر فالظُّبَة: حَدُّ السيف، ولا يُدرى ما قياسُها، وتجمع على ظُبِين وظُباتٍ. قال قومٌ: هو من ذواتِ الواو، وهو من قولنا ظَبَوْت. وهذا شيءٌ لا تدُلُّ عليه حُجّة. وقال في جمعِ ظِبةٍ ظِبين:

يرى الرَّاؤونَ بالشَّفَرات منها *** كَنَارِ أبي حُباحِبَ والظُّبينا([2])

ـــــــــــــــــــ

([1]) لعمرو بن الفضفاض الجهني ، كما سبق في حواشي (3: 490).

([2]) للكميت، كما في اللسان (ظبا) برواية: بالشفرات منا وقود.

 

ـ (باب الظاء والراء وما يثلثهما)

(ظرف) الظاء والراء والفاء كلمةٌ كأنَّها صحيحة. يقولون: هذا وعاء الشيء وظَرْفُه، ثمَّ يسمُّون البراعةَ ظَرْفاً، وذكاءَ القَلْبِ كذلك. ومعنى ذلك أنّه وعاءٌ لذلك. وهو ظريفٌ. وقد أظْرَفَ الرَّجُلُ. إذا وَلَد بنين ظُرَفاء. وما أحسبُ شيئاً من ذلك من كلام العرب.‏

(ظرب) الظاء والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شيءٍ ثابتٍ أو غير ثابت مع حِدَّةٍ. من ذلك الظِّرَاب، وهو جمع ظَرِب، وهو النّابت من الحجارة مع حدَّة في طرَفه. ويقال: [إنَّ الأظراب: أسناخُ الأسنان. ويقال: بل(1)] هي الأربعة خلف النَّواجذ. وأمَّا ابنُ دريد(2) فزعم أنَّ الأظراب في اللّجام: العُقَد التي في أطراف الحديدة. وأنشد:‏

* بادٍ نواجذُهُ على الأظرابِ (3) *‏

ويقال: إنَّ الظُّرُبَّ: القصير اللَّحيم، وهذا على التَّشبيهِ. قال:‏

* لا تَعْدِلِيني بظُرُبٍّ جَعْدِ(4) *‏

والظَّرِبانُ: دُوَيْبَّة(5).‏

ـــــــــــــــ

(1) التكملة من المجمل.‏

(2) في الجمهرة (1: 263).‏

(3) للبيد بن ربيعة في ديوانه 145. ونسب أيضاً إلى عامر بن الطفيل خطأ في اللسان (ظرب). وصدره:‏ * ومقطع حلق الرحالة سابح *.‏

(4) قبله في اللسان (ظرب):‏

يا أم عبد الله أم العبد *** يا أحسن الناس مناط عقد‏

وبعده في (عدد):‏ *كز القصيرى مقرف المعد *.‏

(5) جاءت هذه العبارة بعد كلمة "شيئاً" في الباب التالي، وبهذه الصورة: "والظربان دويبة، من باب الظاء والراء والباء".‏

 

ـ (باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ظاء)

لم نجد إلى وقتنا شيئاً(1).‏

تم كتاب الظاء، والله أعلم بالصواب‏

ـــــــــــــــــــ

(1) أورد من هذا الباب في المجمل: "الظيان: ياسمين البر".‏

 

مراجع التحقيق والضبط

يضاف إلى المراجع المثبتة في نهاية الجزأين السابقين:‏

ـ إصلاح المنطق، لابن السكيت. طبع دار المعارف 1368 القاهرة.‏

ـ الأصمعيات، للأصمعي. طبع دار المعارف 1367 القاهرة.‏

ـ الألفاظ الفارسية لأدّي شير. طبع الكاثوليكية 1908 م. بيروت.‏

ـ أوضح المسالك، لابن هشام. طبع التجارية 1354 القاهرة.‏

ـ أيمان العرب، للنجيرمي. طبع السلفية 1343 القاهرة.‏

ـ بقية أشعار الهذليين. طبع 1884 برلين.‏

ـ البيان والتبيين، للجاحظ، بتحقيق عبد السلام هارون. طبع لجنة التأليف 1367.‏

ـ ديوان عروة بن الورد، من مجموع خمسو دواوين. طبع الوهبية 1293 القاهرة.‏

ـ ديوان كعب بن زهير، رواية السكري. طبع دار الكتب 1368.‏

ـ شرح الحماسة للمرزوقي. طبع لجنة التأليف 1372هـ.‏

ـ شرح شواهد الألفية للعيني، بهامش خزانة الأدب للبغدادي. طبع بولاق 1299.‏

ـ شروح سقط الزند، بتحقيق لجنة إحياء آثار أبي العلاء. طبع دار الكتب.‏

ـ الفصيح لثعلب. طبع السعادة 1325 القاهرة.‏

ـ قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام. طبع السعادة 1355 القاهرة.‏

ـ لباب الآداب، لأسامة بن منقذ. طبع الرحمانية 1354 القاهرة.‏

ـ مجالس ثعلب، بتحقيق عبد السلام هارون. طبع المعارف 1367 القاهرة.‏

ـ مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1347.‏

ـ مفاتيح العلوم، للخوارزمي. طبع محمد منير 1342 القاهرة.‏

ـ الموشح، للمرزباني. طبع السلفية 1343 القاهرة.‏

ـ نقد الشعر، لقدامة. طبع الجوائب 1302 القسطنطينية.‏

ـ الهاشميات، للكميت. طبع شركة التمدن 1330 القاهرة.‏

 

 

 

 

 

 

آيات ورد فيها "العرش" ويسبحون واشتقاقاتهم

  العرش آيات ورد فيها "العرش " ويسبحون واشتقاقاتهم   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِ...